Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 7

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد هلل رب الع المين حم دا دائم ا اب دا ‪ ،‬وأش هد أن ال إل ه إال هَّللا وح ده ال‬

‫شريك له ‪ ،‬وأش هد أن محم دا عب ده ورس وله أرس له باله دى ودين الح ق ليظه ره على ال دين كل ه ول و ك ره‬
‫المشركون‪.‬‬
‫اللهم صل على محمد وآل محمد كما تال كتابك وبلغ رس االتك وعم ل بطاعت ك وص دع ب أمرك‪ .‬اللهم‬
‫صل على محمد وآل محمد وأكرمه كرامة تبدو فضيلتها على جمي ع الخالئ ق ‪ ،‬وابعث ه المق ام المحم ود ال ذي‬
‫وعدته إنك ال تخلف الميعاد ‪.‬‬
‫أوصيكم عباد هَّللا ونفسي بتقوى هَّللا‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫﴿َو ْلَتُك ن ِّم نُك ْم ُأَّم ٌة َي ْد ُع وَن ِإَلى اْلَخ ْي ِر َو َي ْأُمُر وَن ِباْلَمْع ُر وِف َو َي ْن َهْو َن َع ِن اْلُم نَك ِر َو ُأْو َلئَك ُه ُم اْلُم ْف ِلُح وَن *‬
‫َو َال ُتُك وُنوْا َك اَّلِذيَن َت َفَّر ُقوْا َو اْخ َت َلُفوْا ِمن َبْع ِد َم ا َج آَء ُه ُم اْلَبِّي َن ـاُت َو ُأْو َلئَك َلُهْم َع َذ اٌب َع ِظ يٌم﴾‬
‫تمثل مسألة "األمر بالمعروف" و "النهي عن المنكر" غطاءا وقائيا إجتماعيا لحماية الجماعة‬
‫وصيانتها‪ ،‬إذ تقول (ولتكن منكم ُامة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم‬
‫المفلحون)‪.‬‬
‫ألن فقدان "األمر بالمعروف" و "النهي عن المنكر" يفسح المجال للعوامل المعادية للدين وللوحدة‬
‫اإلجتماعية بأن تنخرها من الداخل‪ ،‬وتأتي على كّل جذورها كما تفعل األرضة‪ ،‬وأن تمزق وحدة اُألمة‬
‫وتفرق جمعها‪ ،‬ولهذا فالبّد من مراقبة مستمرة ورعاية دائمة لهذه الوحدة‪ ،‬وال يتم ذلك إَّال باألمر بالمعروف‪،‬‬
‫والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫وهذه اآلية تتضمن دستورًا أكيدًا لألمة اإلسالمية بأن تقوم بهاتين الفريضتين دائمًا‪ ،‬وأن تكون أمة‬
‫آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر أبدًا ألن فالحها رهن بذلك‪( :‬وأولئك هم المفلحون)‪.‬‬

‫"بسم اهلل الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف يا بن الحنفية أن‬
‫الحسين يشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬جاء بالحق من عند الحق‪ ،‬وأن الجنة والنار حق‪ ،‬وأن‬
‫الساعة آتية ال ريب فيها‪ ،‬وأن اهلل يبعث من في القبور‪ ،‬وأني لم أخرج أش ار وال بط ار وال مفسدا وال ظالما إو نما خرجت لطلب‬
‫االصالح في أمة جدي صلى اهلل عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر‪ ،‬وأسير بسيرة جدي وأبي علي ابن أبي‬
‫طالب عليه السالم فمن قبلني بقبول الحق فاهلل أولى بالحق‪ ،‬ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي اهلل بيني وبين القوم بالحق وهو‬
‫خير الحاكمين‪ ،‬وهذه وصيتي يا أخي إليك وما توفيقي إال باهلل عليه توكلت إو ليه أنيب‪.‬‬
‫نص الشبهة‪:‬‬
‫من المالحظ أن اإلمام الحسين عليه السالم قال في أثناء خروجه من المدينة كالما‪ ،‬وأثناء خروجه من‬
‫مكة كالما آخر‪ ،‬وفي الطريق‪ ..‬غيره وهكذا في كربالء؟ كيف تفسرون تعدد لحن هذه الكلمات؟ والمعاني‬
‫المختلفة فيها؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫مع التنبيه على دقة مالحظة السائل‪ ،‬ونظرته الفاحصة نقول‪:‬‬
‫نعم يالحظ المتأمل‪ ،‬أن هناك تعددا في طريقة إجابات اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬ولعل في النقاط التالية ما يلقي‬
‫بضوء على السبب‪:‬‬
‫من المعلوم أن مستويات السائلين لإلمام الحسين عليه السالم تتفاوت وتختلف‪ ،‬فمن الحكمة أن‬ ‫‪.1‬‬
‫تكون األجوبة على (قدر عقولهم) فليس معقوال أن يجيب شخصا قد تربى على التخاذل‪ ،‬وآثر‬
‫الحياة الدنيا‪ ،‬بأنه ال بد من الثورة على الظالمين‪ ،‬وأمر اإلسالم أعز من أمر الشخص وحياته‪ .‬ولو‬
‫أجابه بذلك النحو لما وافق الحكمة‪ .‬وإنما ينبغي أن يقرب له الهدف الذي ينشده بمقدار ما يستطيع‬
‫ذلك الشخص تعقل وإدراك الكالم الحسيني‪.‬‬

‫إن النصوص التي تركها اإلمام الحسين عليه السالم من خالل محاوراته أو تلك التي ابتدأ بها‬ ‫‪.2‬‬
‫الناس‪ ،‬تنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫قسم يمكن اعتباره وثائق أساسية تمثل العناوين الرئيسة لكامل نهضته وحركته‪ ،‬وتلقي الضوء على‬
‫كل تفاصيلها‪ .‬وهي بمثابة (الروايات الحاكمة) في تعبيرات الفقهاء‪ ،‬التي تقوم بالشرح والتفسير‬
‫لغيرها‪ ،‬ولو خالفتها غيرها فإن هذه الروايات الحاكمة‪ ،‬هي التي تتقدم‪ ،‬بغض النظر عن نسبة باقي‬
‫الروايات إليها‪.‬‬
‫هنا أيضا في النهضة الحسينية نحن نجد بعض الكلمات له صلوات هللا عليه بمثابة هذه الروايات‬
‫الحاكمة‪ ،‬وخطابات أو وصايا هي التي تفسر مجمل حركته‪.‬‬
‫وهناك قسم من كلماته‪ ،‬ال تعبر عن هذا المعنى المتقدم‪ ،‬وإنما ربما قيلت في جواب من لم يشأ‬
‫اإلمام عليه السالم أن يخبره بتفاصيل أهدافه‪ .‬والخطأ الذي قد يقع فيه مؤرخون أو قراء للسيرة هو‬
‫الخلط بين القسمين من الكلمات‪ ،‬فيقيسون نهضة الحسين بمقياس الكلمات من القسم الثاني مع أنها‬
‫ال ينبغي أن تقاس إال بالنحو األول‪.‬‬
‫إن هناك عدة عوامل يمكن الحديث عنها في النهضة الحسينية‪ ،‬وكل واحد من هذه العوامل كان‬ ‫‪.3‬‬
‫يتطلب نوعا من رد الفعل‪ ،‬والتوجيه الخطابي والثقافي‪ ،‬وكان اإلمام عليه السالم بحسب تقديره‬
‫للظرف يجيب بالنحو المناسب‪.‬‬
‫فقد كان من عوامل النهضة الحسينية ‪ :1‬رفض البيعة ليزيد‪ ،‬واستجابته لدعوة أهل الكوفة بأن يقدم‬
‫إليهم‪ ،‬واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫وهذه العوامل بينها ترتب في األهمية‪ ،‬فاألمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان أهم العوامل‪ ،‬جميعا‬
‫وقد حدد اإلمام عليه السالم في بداية خروجه هدفه بأنه يريد هذا األمر‪ ،‬وبقي هذا العامل على قوته‬
‫ودفعه إلى األخير‪ ،‬بعدما تعطلت العوامل األخرى‪ ،‬فإنه بعدما ظهر للجميع أن دعوة أهل الكوفة ليست‬
‫بتلك الصورة‪ ،‬وإن كان الحسين عليه السالم ليس بعيدا عنها‪ ،‬ولكنه لم يكن ليستطيع أن يغفل آالف‬
‫الرسائل الواردة إليه من قبلهم‪ ،‬بما كان يقوله آخرون أنهم لن يفوا ولن يستمروا ولن يصمدوا وبالتالي‬
‫فإن عليه أن ال يعطيهم غير األذن الصماء‪ .‬هذا لم يكن صحيحا‪ ،‬وإنما استجاب اإلمام عليه السالم إلى‬
‫بيعة أهل الكوفة وطلبهم منه أن يقدم عليهم‪.‬‬
‫ولكن هذا العامل لم يكن العامل األساس‪ ،‬فقد أشار عليه الكثيرون ومنهم ناصحون له بأن ال يذهب‬
‫إليهم‪ ،‬ولم يكن أيضا بالذي يعزب عنه الرأي‪.‬‬
‫كما أن عامل رفض البيعة لم يكن العامل األساسي وإن كان أهم من عامل بيعة أهل الكوفة‪ ،‬إال أنه‬
‫كان يمكن له أن يتخلص من البيعة باللجوء إلى اليمن أو االحتماء بالحرم أو غير ذلك مما أشار عليه‬
‫به عدد من الصحابة‪.‬‬
‫والخطأ هو عندما تختلط هذه األمور فيظن البعض أن الحسين إنما خرج استجابة لكالم أهل الكوفة‪،‬‬
‫فُخ دع بهم !! بينما هو يقول أنه إنما خرج لطلب اإلصالح ولألمر بالمعروف‪.‬‬
‫وقد تحدث اإلمام عليه السالم عن كل واحد من العوامل على حدة‪ ،‬وفي بعض الحاالت كان يجمع‬
‫عاملين في الحديث‪ .‬كما سيأتي‪.‬‬
‫من األمثلة على العناوين العامة وهي بمثابة األصول األصيلة للثورة الحسينية ما يلي من الكلمات‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ما قاله الحسين عليه السالم في جواب الوليد بن عتبة بن أبي سفيان عندما دعاه إلى مبايعة يزيد أراد‬
‫اإلمام عليه السالم أن ينهي اللقاء بنحو (دبلوماسي) فقال له كالما قبله الوليد وهو (ان مثلي ال يعطي بيعته‬
‫سرا‪ ،‬وانما احب ان تكون البيعة عالنية بحضرة الجماعة‪ ،‬ولكن إذا كان من الغد ودعوت الناس الى البيعة‬
‫دعوتنا معهم فيكون أمرنا واحدا)‪ .‬وكان يمكن أن ينتهي اللقاء بهذا النحو‪ ..‬ولكن دخول مروان بن الحكم على‬
‫الخط اضطر اإلمام الحسين عليه السالم أن يكشف آخر سطر في صفحة موقفه‪( :‬أيها االمير ! أنا اهل بيت‬
‫النبوة ومعدن الرسالة ومختلف المالئكة ومحل الرحمة وبنا فتح هللا وبنا ختم‪ ،‬و يزيد رجل فاسق شارب خمر‬
‫قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق‪ ،‬ومثلي ال يبايع لمثله‪ ،‬ولكن نصبح وتصبحون وننتظر وتنتظرون أينا أحق‬
‫بالخالفة والبيعة)‪.‬‬
‫وهذه الكلمات التي قالها في التالي تختلف اختالفا كبيرا عن ما قاله في البداية‪ ،‬ففي البداية كان يريد انهاء‬
‫األمر وديا من دون‪ ،‬إعالن موقف صريح وكان الوليد بن عتبة راغبا في حل األمور بذلك النحو‪ .‬فلم يكن‬
‫يريد االصطدام مع الحسين عليه السالم‪ ،‬لكن فيما بعد جرت األمور بنحو جعل الحسين عليه السالم يضع‬
‫األمر في إطاره العقيدي‪ ،‬والسياسي الصريح‪ ،‬وقال موقفه بأن (مثلي ال يبايع مثله) معلال ذلك بأنه (أهل بيت‬
‫النبوة بنا فتح هللا وبنا يختم‪ ..‬بينما يزيد رجل فاسق شارب خمر‪.)..‬‬
‫‪ 2‬ـ وصية اإلمام الحسين عليه السالم ألخيه محمد بن الحنفية تعتبر من األصول التي تكشف عن أغراض‬
‫وأهداف الحسين من ثورته المقدسة‪ ،‬فقد كتب (بسم هللا الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحسين بن على بن‬
‫أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفية‪ :‬أن الحسين يشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأن‬
‫محمدا عبده ورسوله‪ ،‬جاء‪ ،‬بالحق من عند الحق‪ ،‬وأن الجنة والنار حق‪ ،‬وأن الساعة آتية ال ريب فيها‪ ،‬وأن‬
‫هللا يبعث من في القبور‪ ،‬وأني لم أخرج أشرا‪ ،‬وال بطرا‪ ،‬وال مفسدا‪ ،‬وال ظالما‪ ،‬وإنما خرجت لطلب‬
‫اإلصالح في امة جدي‪ ،‬أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر‪ ،‬وأسير بسيرة جدي وأبي على بن أبي‬
‫طالب عليهما السالم‪ ،‬فمن قبلني بقبول الحق فاهلل أولى بالحق‪ ،‬ومن رد على هذا أصبر حتى يقضي هللا بيني‬
‫وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين‪ ،‬وهذه وصيتي يا أخي إليك وما توفيقي إال باهلل عليه توكلت وإليه‬
‫انيب)‪.‬‬
‫وهذه الوثيقة التاريخية‪ ،‬التي يحصر فيها عليه السالم هدف ثورته بـأنه إنما خرج لطلب اإلصالح‪ ،‬واألمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬والسير بسيرة جده وأبيه‪ ..‬من أهم الوثائق التأريخية التي حفظت للثورة‬
‫سطوعها وصفاءها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ من المواضع التي جمع فيها الحسين عليه السالم بين أكثر من عامل للحديث عن دعوة أهل الكوفة‪ ،‬وبين‬
‫أصل األمر بالمعروف والنهي عن المنكر كمسؤولية ما نقله المؤرخون من ان الحسين عليه السالم خطب‬
‫أصحابه و أصحاب الحر بالبيضة فحمد هللا وأثنى عليه‪ ،‬ثم قال‪( :‬أيها الناس‪ ،‬ان رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وآله وسلم قال‪( :‬من رأى سلطانا جائرا مستحال لحرم هللا‪ ،‬ناكثا لعهد هللا‪ ،‬لسنة رسول هللا‪ ،‬يعمل في عباد هللا‬
‫باإلثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل وال قول‪ ،‬كان حقا على هللا أن يدخل مدخله)‪ .‬أال وان هوالء قد لزموا‬
‫طاعة الشيطان ‪ ،‬وتركوا طاعة الرحمن‪ ،‬واظهروا الفساد‪ ،‬وعطلوا الحدود‪ ،‬واستأثروا بالفئ‪ ،‬وأحلوا حرام هللا‪،‬‬
‫وحرموا حالل هللا‪ ،‬وأنا أحق من غير‪ .‬قد أتتني كتبكم‪ ،‬وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم ال تسلموني وال‬
‫تخذلوني‪ ،‬فان تممتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم‪ ،‬فأنا الحسين بن علي‪ ،‬وابن فاطمة بنت رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وآله‪ ،‬نفسي مع أنفسكم‪ ،‬وأهلي مع أهليكم‪ ،‬فلكم في اسوة‪ ،‬وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم‪ ،‬وخلعتم بيعتي‬
‫من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر‪ ،‬لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم ! والمغرور من اغتر بكم‪،‬‬
‫فحظكم أخطأتم‪ ،‬ونصيبكم ضيعتم ومن نكث فانما ينكث على نفسه وسيغني هللا عنكم‪ ،‬والسالم عليكم ورحمة‬
‫هللا وبركاته)‪.‬‬
‫وأما القسم الثاني من كلماته عليه السالم‪ ،‬والتي كانت أشبه بدفع الجواب‪ ،‬والحديث مع الطرف المقابل بما‬
‫يقنع به‪ ،‬فهي كثيرة‪ :‬منها‪.‬‬
‫ما قاله اإلمام الحسين عليه السالم للمسور بن مخرمة الذي (نصح) الحسين بأنه‪ :‬اياك ان تغتر بكتب اهل‬
‫العراق أويقول لك ابن الزبير‪ :‬الحق بهم فانهم ناصروك‪ .‬اياك ان تبرح الحرم فانهم ان كانت لهم بك حاجة‬
‫فسيضربون اليك آباط االبل حتى يوافوك فتخرج في قوة وعدة‪ .‬فجزاه الحسين عليه السالم خيرا وقال‪:‬‬
‫استخير هللا في ذلك‪.‬‬
‫فإن طريقة الحسين عليه السالم في نهضته لم تكن قائمة على االستخارة‪ ،‬هذا بناء على أن مقصود اإلمام هو‬
‫االستخارة المعروفة‪.‬‬
‫ومثله كالمه عليه السالم مع أبي بكر(عمر) ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي‪ ،‬الذي قال له‪:‬‬
‫يا ابن عم ان الترحم نظارتي عليك وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك ؟‬
‫قال‪ :‬يا أبا بكر ما أنت ممن يستغش والُ يتهم فقل‪ .‬قال‪ :‬قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك وأنت تريد‬
‫أن تسير إليهم وهم عبيد الدنيا فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك و يخذلك من انت احب إليه ممن ينصره‬
‫فاذكرك هللا في نفسك‪.‬‬
‫فقال له الحسين عليه السالم‪ :‬جزاك هللا يا بن عم خيرا فقد اجتهدت رأيك ومهما يقضى هللا من أمر يكن‪.‬‬
‫فقال أبو بكر‪ :‬انا هلل عند هللا نحتسب أبا عبد هللا‪.‬‬
‫وهكذا قوله لعبد هللا بن مطيع العدوي‪ ،‬الذي استقبله في طريق مكة فقال أين تريد أبا عبد هللا جعلني هللا‬
‫فداك ؟ ! قال‪( :‬أما في وقتي هذا أريد مكة‪ ،‬فإذا صرت إليها استخرت هللا تعالى في أمري بعد ذلك)‪ .‬فقال له‬
‫عبد هللا بن مطيع‪ :‬خار هللا لك يا ابن بنت رسول هللا فيما قد عزمت عليه‪ ،‬غير أني أشير عليك بمشورة‬
‫فاقبلها مني‪ .‬فقال له الحسين عليه السالم‪( :‬وما هي يا ابن مطيع ؟) قال‪ :‬إذا أتيت مكة فاحذر أن يغرك أهل‬
‫الكوفة‪ ،‬فيها قتل أبوك‪ ،‬وأخوك بطعنة طعنوه كادت أن تأتي على نفسه‪ ،‬فالزم الحرم فأنت سيد العرب في‬
‫دهرك هذا‪ ،‬فوهللا لئن هلكت ليهلكن أهل بيتك بهالكك والسالم‪ .‬وروى الدينوري‪ :‬أن اإلمام عليه السالم قال‬
‫البن مطيع‪( :‬يقضي هللا ما احب)‪.‬‬
‫ـ ويمكن أن نصنف أيضا إجاباته القائلة بأنه رأى رسول هللا صلى هللا عليه وآله‪ ،‬وأنه أمره بأمر‪ ،‬ال بد أن‬
‫يمضي إليه لما أخبره الرسول‪ .‬في هذا الجانب‪ .‬وليس معنى ذلك أنه لم يكن الخبر حقيقيا‪ ،‬ولكنه بهذه الطريقة‬
‫يقطع النزاع مع أشخاص مثل ابن عباس أو ابن الحنفية بحيث ال مجال مع ذلك للحديث عن األفضل‬
‫واألحسن‪..‬‬
‫إننا نالحظ التركيز في بعض األماكن كان على كلمات بعينها‪ ،‬باعتبار أن السامعين أقرب إلى فهم تلك‬
‫المفردات والمعاني‪ ،‬فمثال هو عليه السالم في المواجهة العسكرية مع الجيش القادم من الكوفة يركز على أنهم‬
‫هم الذين دعوه‪ ،‬وطلبوه‪ ،‬وهذا أبلغ في االحتجاج ‪ .2‬انظر مثال إلى خطبته في الجيش المعادي يوم عاشوراء‪:‬‬
‫قال عليه السالم‪:‬‬
‫فتبا لكم أيتها الجماعة وترحا أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في‬
‫أيمانكم‪..‬‬
‫ولعل هذه الخطبة كانت نهاية نقطة التحول الذي حدث عند الحر الرياحي‪ ،‬وهو نفسه عندما خطب في جيش‬
‫الكوفة بعد انتقاله إلى معسكر الحسين عليه السالم ركز على هذه النقاط أيضا فقال‪ :‬يا أهل الكوفة ألمكم الهبل‬
‫والعبر إذ دعوتموه حتى إذا أتاكم أسلمتموه وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه أمسكتم‬
‫بنفسه وأخذتم بكظمه وأحطتم به من كل جانب فمنعتموه التوجه في بالد هللا العريضة حتى يأمن ويأمن أهل‬
‫بيته وأصبح في أيديكم كاألسير ال يملك لنفسه نفعا وال يدفع ضرا وحألتموه ونساءه وصبيته وأصحابه عن‬
‫ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني وتمرغ فيه خنازير السواد وكالبه وهاهم قد‬
‫صرعهم العطش بئسما خلفتم محمدا في ذريته ال أسقاكم هللا يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتنزعوا عما أنتم عليه‬
‫من يومكم هذا في ساعتكم هذه ‪.3 4‬‬
‫واخر دعوانا ان الحمد هلل رب العالمين ‪.‬‬
‫ِبْس ِم ِهَّللا الَّر ْح َم ِن الَّر ِحيِم َو اْلَعْص ِر ِإَّن اِإْلْن َس اَن َلِفي ُخ ْس ٍر ِإاَّل اَّلِذيَن َآَم ُنوا َو َع ِم ُلوا الَّص اِلَح اِت َو َت َو اَص ْو ا ِب اْلَح ِّق‬
‫َو َت َو اَص ْو ا ِبالَّص ْب ِر ‪.‬‬
‫جعلنا هللا وإياكم ممن تسعهم رحمته ويشملهم عفوه ورأفته ‪ ،‬وأستغفر هللا لي ولكم‪.‬‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ .‬الَح ْم ُد ِهلل اَّلِذي َهدانا ِلهذا َو ما ُك نا ِلَن ْه َت ِد َي َلْو ال َأْن َهداَن ا ُهللا‪.‬‬
‫ِّل‬ ‫ْل‬ ‫َأ‬
‫الّلُهَّم َص ِّل َع لى ُمَح َّم ٍد َع ْب ِدَك َو َر ُسوِلَك َو ِميِنَك َو َص ِفِّي َك َو َح ِبيِبَك َو ِخَيَر ِتَك ِم ْن َخ ِقَك َو حاِفِظ ِس ِّر َك َو ُم َب ِغ‬
‫ِر ساالِتِك َأْف َض َل َو َأْح َس َن َو َأْج َمَل َو َأْك َمَل َو َأْز كى َو َأْن مى َو َأْط َيَب َو َأْط َهَر َو َأْس نى َو َأْك َث َر ماَص َّلْيَت َو باَر ْك َت‬
‫َو َت َر َّح ْم َت َو َت َح َّنْن َت َو َس َّلْمَت َع لى َأَح ٍد ِم ْن ِع باِدَك َو َأْن ِبياِئَك َو ُرُس ِلَك َو َص ْف َو ِتَك َو َأْه ِل الَك راَمِة َع َلْي َك ِم ْن َخ ْلِقَك ‪،‬‬
‫الّلُهَّم َو َص ِّل َع لى َع ِلٍّي َأِميَر الُم ْؤ ِمِنيَن َو َو ِص ِّي َر ُسوِل َر ِّب العاَلِميَن َع ْب ِدَك َو َو ِلِّي َك َو َأِخي َر ُسوِلَك َو ُحَّج ِتَك َع لى‬
‫َخ ْلِقَك َو آَيِتَك الُك ْبرى َو الَّن َب أ الَع ِظ يِم ‪َ ،‬و َص ِّل َع لى الِّص ِّد يَقِة الَّط اِهَر ِة ِفاِط َم َة َس ِّيَدِة ِنساِء العاَلِميَن ‪َ ،‬و َص ِّل َع لى‬
‫ِس ْب َط ي الَّر ْح َمِة َو ِإماَم ي الُهدى الَح َس ِن َو الُح َس ْي ِن َس ِّيَدْي َش باِب َأْه ِل الَج َّن ِة ‪َ ،‬و َص ِّل َع لى َأِئَّمِة الُمْس ِلِميَن َع ِلِّي ْب ِن‬
‫الُح َس ْي ِن َو ُم َح َّمٍد ْب ِن َع ِلٍّي َو َج ْع َفِر ْب ِن ُم َح َّمٍد َو ُموسى ْب ِن َج ْع َفٍر َو َع ِلٍّي ْب ِن ُموسى َو ُم َح َّمٍد ْب ِن َع ِلٍّي َو َع لٍّي ْب ِن ُم َح َّمٍد‬
‫َو الَح َس ِن ْب ِن َع ِلٍّي َو الَخ َلِف الهاِدي الَم ْهِدي ‪ُ ،‬ح َج ِجَك َع لى ِع باِدَك َو ُاَم ناِئَك ِفي ِبالِدِك َص الًة َك ِثيَر ًة داِئَم ًة ‪، .‬‬
‫الّلُهَّم َو َص ِّل َع لى َو ِلِّي َأْم ِر ِك القاِئِم الُم َؤ َّم ِل َو الَع ْد ِل الُم ْن َت َظ ِر َو ُح َّفُه ِبَمالِئَك ِتَك الُم َقَّر ِبيَن َو َأِّي ْد ُه ِبُروِح الُقُد ِس يا َر َّب‬
‫العاَلِميَن ‪ ،‬الّلُهَّم اْج َع ْلُه الَّد اِع َي ِإلى ِكتاِبَك َو القاِئَم ِبِديِنَك اْس َت ْخ ِلْف ُه ِفي اَألْر ِض َك ما اْس َت ْخ َلْف َت اَّلِذيَن ِم ْن َقْب ِلِه َم ِّك ْن‬
‫َلُه ِد يَن ُه اَّلِذي اْر َت َض ْي َت ُه َلُه َأْب ِد ْلُه ِم ْن َب ْع ِد َخ ْو ِفِه َأْم نا َي ْع ُبُد َك الُيْش ِر ُك ِبَك َش ْيئًا‪.‬‬
‫اللهم اغفر به ذنوبنا‪ ،‬وأنر به قلوبنا‪ ،‬واجمعنا به على الحق والهدى‪ ،‬وأنقذنا ببركته من الضالل والردى‪.‬‬
‫اللهم أرنا في آل محمد ما يأملون وفي أعدائهم ما يحذرون‪.‬‬

‫السؤال‪ :‬ما هي شروط األمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟‬


‫الجواب‪ :‬من شروط وجوب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو احتمال التأثير‪ ،‬فإذا لم يحتمل التأثير‬
‫بأن كان الفاعل ال يبالي باألمر والنهي فقد ذكر المشهور سقوط األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬ولكن‬
‫سماحة السيد يحتاط احتياطًا وجوبّي ًا بإظهار الكراهة فعًال أو قوًال بأن ُيظهر استياَء ه من فعل المنكر‪.‬‬
‫اللهم عجل لوليك الفرج‪ .‬اللهم اكتبنا من سعداء الدارين‪.‬‬
‫َر ِّب اْج َع ْل َه َذ ا َب َلًد ا َآِم ًن ا َو اْر ُز ْق َأْه َلُه ِمَن الَّث َمَر اِت‪ .‬وكذلك سائر بلد المسلمين‪.‬‬

‫اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات االحياء منهم واالموات تابع اللهم بيننا وبينهم‬
‫بالخيرات انك مجيب الدعوات‪.‬‬
‫ِبْس ِم ِهَّللا ال َّر ْح َم ِن ال َّر ِحيِم * إن هللا ي أمر بالع دل واإلحس ان وإيت اء ذي الق ربى‪ ،‬وينهى عن الفحش اء والمنك ر‬
‫والبغي‪ ،‬يعظكم لعلكم تذّك رون‪.‬‬
‫صدق هللا العلي العظيم‪.‬‬
‫وصّل اللهم على محمد واله الطاهرين‪.‬‬

You might also like