Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 7

‫ُنسفْت فيه شامخاُت الهضاِب‬ ‫أُّي يوٍم دهى الهدى بمصاِب‬

‫خيِر َس ْف ٍر من رهطِه والّص حاِب‬ ‫يوَم ساَر الحسيُن من طيبَة في‬

‫َن من الليِل يرتدِي بإهاِب‬ ‫هجَر الداَر قد سرى كابِن ِعمرا‬

‫ُر عسراُه من خالِل الَّس حاِب‬ ‫يقطُع الوعَر مثل ما يقطُع البْد‬

‫مثل رملى وزينٍب ورباِب‬ ‫بنساء كأن صبرها الشّم‬

‫طلعْت في هوادٍج كالقباِب‬ ‫ونجوم من صبَي ٍة وصغاٍر‬

‫ِم قصور ملثمة األعتاِب‬ ‫تتهادى بها هواٍد كآطا‬

‫ـِه إلى دار ُنزحٍة واغتراِب‬ ‫هو أَّم يوم فَّر من حرم اللـ‬

‫َن يجوُب الُدجى بأرِض خراِب‬ ‫تترامى به القفاُر كحيرا‬

‫أبصنعاء أم بروِس الشعاِب؟‬ ‫ليس يدري يأوي إلى أي أرٍض‬


‫َلَّم ذكرى لُس نٍة وكتاب‬ ‫ترك الجواَر جواَر جِّد هاٍد‬

‫(فائزي)‪:‬‬
‫وّي اه صفوه من هله شّي الة أحمال‬ ‫حّم ْل اضعونه من المدينة بوعلي وشال‬

‫وّي اه صفوة من هله شّدت على الخيل‬ ‫حّم ْل اضعونه من المدينه وشال بالليل‬

‫تنادي ابجمعنه انعود لو يتبّد ل الحال‬ ‫وزينب تعاين للوطن وادموعها تسيل‬

‫قبل المصيبه بالهضم والذل تحّس ين‬ ‫ليٍش يا زينب عندك رجال وتخافين‬

‫تالي العشيره حسين ظّل متوسّد رمال‬ ‫اشلون حاِلك لو مشوا كلهم عن حسين‬
‫كلهم نشامه واخوِتك حلوين االطباع‬ ‫وانتي تِّن خين األهل والكل على القاع‬

‫يحمي الخيَم في كربال ويرِّد االنذال‬ ‫لكن يا زينب ما نهض للحرم فّز اع‬

‫َو َم ا َأْر َس ْلَن ا ِمن َقْب ِلَك ِإَّال ِر َج اال ُّن وِحى ِإَلْي ِهْم َفْس َئُلوا َأْه َل الِّذ ْك ِر ِإْن َكْنُتْم َال َت ْع َلُموَن ‪43‬‬
‫المعنى اإلجمالي لالية‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫انه كانت جماعة من المشركين يقولون لماذا لم تكن لدى النبي (ص) قوة خارقة بحيث يستطيع ان يستصلح سلوكهم وايمانهم‬
‫يدخلهم الجنة مباشرة من دون حاجة الى ان نتكّلف نحن العناء واالختيار‪.‬‬
‫فأنزل هللا تعالى االيات الكريمة حول هذا األمر مخاطبا النبي (ص)‪:‬‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى هللا عليه وسلم‪ :‬وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلى أمة من األمم‪ ،‬للدعاء إلى توحيدنا ‪،‬‬
‫واالنتهاء إلى أمرنا ونهينا‪ ،‬إال رجاال من بني آدم نوحي إليهم وحينا ال مالئكة‪ ،‬يقول‪ :‬فلم نرسل إلى قومك إال مثل الذي كنا‬
‫نرسل إلى من َق بلهم من األمم من جنسهم وعلى منهاجهم‬
‫ثم انتقل مخاطب ( َف اْس َأُلوا َأْه َل الِّذ ْك ِر ) يقول لمشركي قريش‪ :‬وإن كنتم ال تعلمون أن الذين كنا نرسل إلى من قبلكم من األمم‬
‫رجال من بني آدم مثل محمد صلى هللا عليه وسلم وقلتم‪ :‬هم مالئكة‪ :‬أي ظننتم أن هللا كلمهم قبال فاسألوا أهل الذكر ‪ ،‬وهم الذين‬
‫قد قرءوا الكتب من قبلهم‪ :‬التوراة واإلنجيل‪ ،‬وغير ذلك من كتب هللا التي أنـزلها على عباده‪.‬‬
‫ومعنى الذكر‪" :‬الذكر"‪ :‬بمعنى العلم واِإل طالع‪ ،‬و"أهل الذكر" له من شمولية المفهوم بحيث يستوعب جميع العالمين والعارفين‬
‫في كافة المجاالت‪.‬‬
‫وِإذا فّس ر البعض كلمة "أهل الذكر" في هذا المورد بمعنى (أهل الكتاب)‪ ،‬فهو ال يعني حصر هذا المصطلح بمفهوم معين‪ ،‬وما‬
‫تفسيرهم في واقعة ِإّال تطبيق لعنوان كلي على أحد مصاديقه‪.‬‬
‫المصداق األبرز واألسمى‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫وقد ُيتساءل فيما ورد عن اِإلمام علي بن موسى الرضا(عليه السالم) في كتاب (عيون أخبار الرضا(عليــه الســالم))‪ :‬أّن علمــاًء‬
‫في مجلس المأمون قالوا في تفسير اآلية‪ِ :‬إنما ُعني بذلك اليهود والنصارى‪ ،‬فقال الرضا(عليه السالم)‪" :‬سبحان هّللا وهــل يجــوز‬
‫ذلك‪ ،‬إَذ ًا يدعونا إلى دينهم ويقولون‪ :‬إّن ه أفضل من اِإلسالم‪ "...‬ثّم قال‪" :‬الذكر رسول هّللا ونحن أهله"(‪.)6‬‬

‫وتتلخص اِإلجابة بقولنا‪ِ :‬إّن اِإلمام قال ذلك لمن كان يعتقد أن تفسير اآلية منحصر بمعــنى الرجــوع ِإلى علمــاء أهــل الكتــاب في‬
‫كل عصر وزمان‪ ،‬وبدون شك أّن ه خالف الواقع‪ ،‬فليس المقصود بالرجوع ِإليهم على مر العصور واألّيام‪ ،‬بل لكــل مقــام مقــال‪،‬‬
‫ففي عصر اِإلمام علي بن موسى الرضا(عليه السالم) البّد من الرجوع ِإليه على أساس إّنه مرجع علماء اِإلسالم ورأسهم‪.‬‬

‫وبعبارة ُأخرى‪ :‬إذا كانت وظيفة المشركين في صدر اِإلسالم لدى سؤالهم عن األنبيـاء السـابقين وهـل أّن هم من جنس البشـر هي‬
‫الرجوع ِإلى علماء أهل الكتـاب ال ِإلى الّن بي(صــلى هللا عليـه وآلـه وســلم)‪ ،‬فهــذا ال يعــني أن على جميـع النـاس في أي عصــر‬
‫ومصر أن يرجعوا ِإليهم‪ ،‬بل يجب الرجوع ِإلى علماء كل زمان‪.‬‬

‫ذكرت الّر وايات الكثيرة المروية عن أهل البيت(عليهم السالم) أّن "أهل الذكر" هم األئّمة المعصومون(عليهم السالم)‪ ،‬ومن هذه‬
‫الّر وايات‪:‬‬
‫وقال آخرون في ذلك ما حدثنا به ابن وكيع ‪ ،‬قال ‪ :‬ثنا ابن يمان ‪ ،‬عن [ ص‪ ] 209 :‬إسرائيل ‪ ،‬عن جابر ‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون ) قال ‪ :‬نحن أهل الذكر ‪.‬‬
‫روي عن اِإلمام علي بن موسى الرضا(عليه السالم) في جوابه عن معنى اآلية أّن ه قال‪" :‬نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون"(‬
‫‪.)2‬‬
‫وعن اِإلمام الباقر(عليه السالم) في تفسير اآلية أّن ه قال‪" :‬الذكر القرآن وآل الّر سول أهل الذكر وهم المسؤولون"(‪.)3‬‬
‫وفي روايات ُأخرى‪ :‬أَّن "الذكر" هو الّن بي(صلى هللا عليه وآله وسلم)‪ ،‬و"أهل الذكر" هم أهل البيت(عليهم السالم)(‪.)4‬‬

‫وفي تفاسير وكتب أهل السّن ة روايات تحمل نفس المعنى أيضًا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ما في الّت فسير األثنى عشري‪ :‬روي عن ابن عباس في تفسير هذه اآلية‪ ،‬قال‪ :‬هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين‬
‫(عليهم السالم) هم أهل الذكر والعقل والبيان(‪.)5‬‬
‫فهذه ليست هي المّرة اُألولى في تفسير الّر وايات لآليات القرآنية ببيان أحد مصاديقها دون أن تقيد مفهوم اآلية المطلق‪.‬‬
‫وكما قلنا ف‪" -‬الذكر" يعني كل أنواع العلم والمعرفة واِإلطالع‪ ،‬و"أهل الذكر" هم العلماء والعارفون في مختلف المجاالت‪،‬‬
‫وباعتبار أن القرآن نموذج كامل وبارز للعلم والمعرفة أطلق عليه اسم "الذكر"‪ ،‬وكذلك شخص الّن بي(صلى هللا عليه وآله وسلم)‬
‫فهو مصداق واضح لل‪" -‬ذكر" واألئّمة المعصومون باعتبارهم أهل بيت الّن بوة ووارثو علمه(صلى هللا عليه وآله وسلم)‬
‫فهم(عليهم السالم) أفضل مصداق ل‪" -‬أهل الذكر"‪.‬‬

‫هل المراد من قوله تعالى‪َ﴿ :‬فاْس َأُلوا َأْه َل الِّذ ْك ِر ِإْن ُكْنُتْم اَل َت ْع َلُمون﴾ هو سؤال أهل العلم الشرعي‬
‫فقط‪ ،‬أو يشمل أهل كّل علم يحتاج إليه اإلنسان في حياته؟‬
‫ج‪ /‬أرشدنا الشرع الشريف إلى اللجوء إلى ذوي الخبرة وأهل االختصاص كٍّل في‬
‫تخّصصه‪ ،‬وسؤال أهل الِّذ ْك ر إذا َخ ِفي علينا شيء؛ فقال تعالى‪َ﴿ :‬فاْس َأُلوا َأْه َل الِّذ ْك ِر ِإْن ُكْنُتْم اَل‬
‫َت ْع َلُمون﴾ [النحل‪.]43 :‬‬
‫والمراد بأهل الِّذ ْك ر‪ :‬هم أهل التخصص والعلم والخبرة في كل فٍّن وعلٍم ؛ وفي ذلك يقول الَّز َّج اج‬
‫في "معاني القرآن وإعرابه" (‪ ،201 /3‬ط‪ .‬عالم الكتب) عند كالمه على هذه اآلية وَأَّن ه ليس‬
‫المراد منها سؤال طائفٍة معينة‬

‫وعلى هذا فإّن "مسألة التخصص" لم يقررها القرآن الكريم ويحصرها في المسائل الدينية بل هي شاملة لكل المواضيع والعلوم‬
‫المختلفة‪ ،‬ويجب أن يكون من بين المسلمين علماء في كافة التخصصات للرجوع ِإليهم‪.‬‬
‫وينبغي التنويه هنا ِإلى ضرورة الرجوع ِإلى المتخصص الثابت علمه وتمكنه في اختصاصه‪ ،‬باِإلضافة ِإلى توفر عنصر‬
‫اِإلخالص في عمله فهل يصح أن نراجع طبيبًا متخصصًا ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬غير مخلص في عمله؟!!‬
‫ولهذا وضع شرط العدالة في مسائل التقليد ِإلى جانب اِإلجتهاد واألعلمية‪ ،‬أي البّد لمرجع التقليد من أن يكون تقيًا ورعًا‬
‫باِإلضافة ِإلى علميته في المسائل اِإلسالمية‪.‬‬

‫كيف امكننا تطبيق هذا المورد على أهل البيت (ع)؟ بوساطة قاعدة الجري واالنطباق‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫المراد من الجري واالنطباق هو إسقاط وتطبيق مفاد آيٍة من آياِت القرآن نزلْت في شأٍن من الشؤون على شأٍن آخر لم يكن قد‬
‫وقع في عصر النِّص أو لم يكن منشًأ للنزول ولكَّن ه واجٌد لذات الخصوصَّيات التي اقتضت نزول اآلية في ذلك الشأن‪.‬‬
‫وكذلك يكون الجرُي واالنطباق في إسراء اآليات النازلة في ُأَّمٍة من األمم أو فرٍد أو فئٍة الى ُأمٍة أو فرٍد أو فئٍة ُأخرى تحمل‬
‫ذات الخصوصَّيات التي كان يَّت صف بها َم ن نزلت فيهم تلك اآليات وكانت منشًأ لمدحها أو ذِّمها إَّياهم‪.‬‬

‫قاعدة الجري واالنطباق‪:‬‬


‫الروايات فيه تتحدث عن نزول ولكن ليس نزوال تاريخيا بل نزول حكمي‪.‬‬
‫فما المقصود من قاعدة الجري واالنطباق؟ المراد منها هو انطباق الفاظ القران واياته على غير ما نزل فيه (كأسباب نزول)‬
‫يعني ان انطباق االية ال يقتصر على سبب نزولها بل يشمل غيره‪.‬‬
‫وبتعبير اخر‪ :‬عد الشيء مصداقا من مصاديق االية رغم عدم نزولها فيه‪.‬‬
‫وبتعبير ثالث‪ :‬تنزيل االية على واقع خارجي ال مجرد نزوٍل تاريخي‪.‬‬
‫فاالية كما انطبقت على الذين نزلت فيه زمن النبي‪ ،‬فلها قابلية لالنطباق على اخرين في كل زمان‪.‬‬
‫فيقال‪ :‬هذا جري‪ ،‬أو هذا انطباق‪ ،‬او هذا جري وانطباق‪.‬‬

‫سبب تسميتها بهذا االسم‪ُ( :‬م هَم ل في هذه المحاضرة)‬ ‫‪-‬‬


‫نعم‪ ،‬كالم‪ :‬لماذا عبرت القاعدة بتعبير الجري؟ هذا تعبير روائي‪ ،‬ومن اصطلح هذا االصطالح هو العلماة الطباطبائي‪ ،‬اذ قال‪:‬‬
‫العالمة‪ :‬أقول‪ :‬وفي هذه المعاني روايات أخر‪ ،‬وهذه األخبار من قبيل الجري‪ ،‬وعد المصداق لآلية‪ ،‬واعلم أن الجري و (كثيرا‬
‫ما نستعمله في هذا الكتاب) اصطالح مأخوذ من قول أئمة أهل البيت عليه السالم‪.‬‬
‫ففي تفسير العياشي عن الفضيل بن يسار قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السالم عن هذه الرواية‪ ،‬ما في القرآن آية إال ولها ظهر‬
‫وبطن وما فيها حرف إال وله حد‪ ،‬ولكل حد مطلع ما يعنى بقوله ظهر وبطن؟ قال؟ ظهره تنزيله وبطنه تأويله‪ ،‬منه ما مضى‬
‫ومنه ما لم يكن بعد‪ ،‬يجري كما يجري الشمس والقمر‪ ،‬كلما جاء منه شئ وقع الحديث‪( .‬فهذه المفاهيم القرانية تحققت في زمن‬
‫النبي ص النه كان لها أسباب نزول‪ ،‬ولكن لم تنتِه‪ ،‬فكل زمن لها مصاديق‪ ،‬نفس االحداث تتكرر في كل زمن‪ ،‬والتاويل هو‬
‫تطبيق تلك المفاهيم على تلك المصاديق في كل زمان)‬
‫وفي هذا المعنى روايات أخر‪ ،‬وهذه سليقة أئمه أهل البيت فإنهم عليه السالم يطبقون اآلية من القرآن على ما يقبل ان ينطبق‬
‫عليه من الموارد وان كان خارجا عن مورد النزول‪ ،‬واالعتبار يساعده‪ ،‬فان القرآن نزل هدى للعالمين يهديهم إلى واجب‬
‫االعتقاد وواجب الخلق وواجب العمل‪ ،‬وما بينه من المعارف النظرية حقائق ال تختص بحال دون حال وال زمان دون زمان‪،‬‬
‫وما ذكره من فضيلة أو رذيلة أو شرعه من حكم عملي ال يتقيد بفرد دون فرد وال عصر دون عصر لعموم التشريع‪.‬‬

‫هل هذه القاعدة ضرورية؟‬ ‫‪-‬‬


‫المصِّح ح لعملية الجري واإلنطباق‪:‬‬
‫والمصَّح ح لعملَّية الجري واالنطباق هو أَّن القرآن الكريم كتاُب هدايٍة وليس كتابًا تاريخَّي ًا غرضه التوثيق لبعض األحداث‬
‫والوقائع أو التوصيف لسلوٍك اجتماعي أو الحكم على فرٍد أو فئٍة بالكفر أو الفسوق أو النفاق أو اإليمان‪ ،‬وإذا كان ذلك واحدًا‬
‫من أغراضه فال يتعَّدى كونه غرضًا ثانوَّي ًا‪ ،‬وأَّما الغرُض الجوهرُّي فهو اعتماد ذلك الحكم او التوصيف أو تلك الوقائع وسائَل‬
‫للتبصير والهداية‪.‬‬
‫فمَّم ا ورد في ذلك ما ُر وي عن أبي عبد هللا (ع) قال‪" :‬إَّن القرآن حٌّي لم يُم ت‪ ،‬وإَّن ه يجري كما يجري الليُل والنهاُر وكما‬
‫تجري الشمُس والقمُر ‪ ،‬ويجري على آخِر نا كما يجري على أوِلنا"(‪.)1‬‬

‫فحينما يوِّصف القرآُن الكريم في بعض آياته لسلوٍك اجتماعي كانت تسلُك ه ُأمٌة من األمم ثم ُيخبر عن المصير الذي آل إليه‬
‫أمُرها نتيجَة ذلك السلوك فإَّن غرَض ه تطبيق مفاد هذه اآليات على واقع أِّي ُأَّمٍة تقُف على هذه اآليات‪ ،‬فإْن وجدت نفسها منَط َب قًا‬
‫لذلك التوصيف فهي معنَّية من تلك اآليات‪ ،‬وعليه سيكون مآلها ذات المصير الذي وقع لتلك األمة إال أْن تثوب إلى رشِدها‬
‫وتسعى من أجل التغيير لواقِعها‪.‬‬
‫ومن هنا كان التوصيُف لسلوِك تلك اُألَّمة ‪-‬والتوثيق لما كان قد وقع عليها‪ -‬منشًأ للتبصير والهداية‪ ،‬ولو كان الغرُض من نزول‬
‫تلك اآليات هو مجَّر د التوصيف والتوثيق لما صَّح إسقاطها على واقع تلك اُألَّمة‪ ،‬وبهذا ال يكون القرآن من هذه الحيثَّية منشًأ‬
‫للهداية‪.‬‬
‫وهكذا حينما ُيحِّذ ر القرآن مثًال من المنافقين المعاصرين لزمن النِّص بعد التوصيف لخصوصَّياتهم النفسية والسلوكَّية فإِّن‬
‫غرَض ه هو التحذير من كِّل فئٍة واجدٍة لذات الخصوصَّيات‪ ،‬وعليه فإَّن كَّل فئٍة مَّت صفٍة بتلك الِس مات والخصال فهي مقصودة من‬
‫ذلك الخطاب ونستطيُع اْن ُنسقط عليها عنواَن المنافقين‪.‬‬
‫نماذج من الجري والتطبيق أجراها األئمة (ع)‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫قوله تعالى‪َ﴿ :‬و ُنِر يُد َأن َّن ُمَّن َع َلى اَّلِذيَن اْس ُتْض ِع ُفوا ِفي اَأْلْر ِض َو َن ْج َع َلُهْم َأِئَّم ًة َو َن ْج َع َلُهُم اْلَو اِر ِثيَن ‪َ /‬و ُنَم ِّك َن َلُهْم ِفي اَأْلْر ِض َو ُنِر ي‬
‫ِفْر َع ْو َن َو َه اَم اَن َو ُج ُنوَد ُه َم ا ِم ْن ُهم َّما َك اُنوا َي ْح َذ ُروَن ﴾(‪.)7‬‬
‫سياق اآليتين كان حديثًا عن موسى وفرعون وهامان والمستضعفين من بني إسرائيل‪ ،‬واشتملت كٌّل منهما على وعٍد إلهي‬
‫بهالك فرعون وهامان وجنودهما والتمكين للمستضعفين من بني إسرائيل في األرض وجعلهم الوارثين لها واصطفاء أئمٍة لهم‬
‫يكونون منهم‪ ،‬وظاهُر اآلية األولى أَّن الوعد اإللهَّي ال يختُّص بُأَّمٍة دون أخرى‪ ،‬وأَّن إرادة هللا قد تعَّلقت بالتمكين للمستضعفين‬
‫في األرض واصطفاء أئمٍة منهم‪.‬‬
‫وإذا رجعنا إلى الروايات الواردة عن أهل البيت (ﻉ) والتي تصَّد ت لبيان معنى اآليتين نجد عددًا منها قد طَّبق مثل قوله تعالى‪:‬‬
‫﴿َو َن ْج َع َلُهْم َأِئَّم ًة ﴾ على اإلمام المهدِّي (ع) وبعضها أفاد اَّن المعنَّي من قوله‪َ﴿ :‬و ُنِر يُد َأن َّن ُمَّن َع َلى اَّلِذيَن اْس ُتْض ِع ُفوا ِفي اَأْلْر ِض‬
‫َو َن ْج َع َلُهْم َأِئَّم ًة َو َن ْج َع َلُهُم اْل َو اِر ِثيَن ﴾ هم أئمُة أهل البيت (ﻉ) فهم المستضعفون الذين مَّن هللا تعالى عليهم وجعلهم أئمًة ومنَح هم‬
‫الوراثة لألرض‪.‬‬
‫فمن هذه الروايات‪ :‬ما رواه الصدوق في معاني األخبار بسنده عن مفَّض ل بن عمر قال‪ :‬سمعُت أبا عبد هللا (ع) يقول‪" :‬إَّن‬
‫رسوَل هللا (ص) نظر إلى علٍّي والحسن والحسين (ﻉ) وبكى وقال‪ :‬أنتم المستضعفون بعدي"‪ ،‬قال المفَّضل‪ :‬فقلُت ‪ :‬ما معنى‬
‫ذلك يا ابن رسول هللا؟ قال (ع)‪" :‬معناه إَّن كم األئمة بعدي إَّن هللا عَّز وجل يقول‪َ﴿ :‬و ُنِر يُد َأن َّنُمَّن َع َلى اَّلِذيَن اْس ُتْض ِع ُفوا ِفي‬
‫اَأْلْر ِض َو َن ْج َع َلُهْم َأِئَّم ًة َو َن ْج َع َلُهُم اْل َو اِر ِثيَن ﴾ فهذه اآلية جارية فينا إلى يوم القيامة"(‪.)8‬‬

‫‪6‬ـ قوله تعالى‪﴿ :‬اْلَم اُل َو اْلَب ُنوَن ِز يَن ُة اْلَح َياِة الُّد ْن َي ا َو اْلَب اِقَي اُت الَّصاِلَح اُت َخ ْيٌر ِع ْن َد َر ِّب َك َث َو ابًا َو َخ ْيٌر َأَم ًال﴾ (الكهف‪.)46 :‬‬
‫قال العّالمة‪« :‬وقد ورد من طرق الشيعة‪ ،‬وأهل السّنة‪ ،‬عن النبّي (صّلى هللا عليه وآله وسّلم)‪ ،‬ومن طرق الشيعة عن أئّمة أهل‬
‫البيت (عليهم السالم)‪ ،‬عّد ٌة من الروايات‪ ،‬أّن الباقيات الصالحات التسبيحات األربع‪ :‬سبحان هللا‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال إله إّال هللا‪ ،‬وهللا‬
‫أكبر‪.‬‬
‫وفي أخرى أّنها الصالة‪.‬‬
‫وفي أخرى موّدة أهل البيت‪.‬‬
‫وهي جميعًا من قبيل الجري‪ ،‬واالنطباق على المصداق»[‪.]11‬‬

‫هل هذا االمر نظري فقط ام عملي أيضا نستفيد منه في قراءتنا للقرآن الكريم؟‬ ‫‪-‬‬

‫إذا مر االنسان على آية فيها مدح للمؤمنين فإنه يتساءل‪ :‬هل هو مشمول فيها؟‬
‫عذاب فإنه البد أن يتأمل سبب جريان العذاب عليه ويسأل‪ :‬هل السبب االجتماعي يرد عليه أم ال؟ فإن المكلف يستغفر هللا‬
‫تعالى من ذنوبه ويكف عنها لئال يقع فيما وقع فيه اآلخرون‪.‬‬
‫وكذلك عن المؤمنين أشخاصا‬
‫وكذا المنافقين أشخاصا‬
‫وأما الحسين عليه السالم فإنه خرج من دار اإلمارة إلى مسجد جّد ه رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم فأتى قبره‬
‫وقال‪" :‬السالم عليك يا رسول هللا‪ ،‬أنا الحسين بن فاطمة‪ ،‬فرخك وابن فرختك‪ ،‬وسبطك الذي خلفتني في أّم تك‪ ،‬فاشهد عليهم‬
‫يا نبي هللا أنهم خذلوني ولم يحفظوني‪ ،‬وهذه شكواي إليك حتى ألقاك" ولم يزل راكعًا وساجدًا حتى الصباح‪.‬‬

‫لقد كان الحسين عليه السالم يعلم أن ساعة فراقه جّده ومدينة جده قد أزفت‪ ،‬وهذه الساعات تمّر سريعًا‪ ،‬فهو عليه السالم يريد‬
‫أن يتزّو د من الصالة والدعاء وزيارة قبر جّده صلى هللا عليه وآله وسلم‪.‬‬

‫وفي الليلة الثانية‪ ،‬وهي الليلة األخيرة للحسين عليه السالم بالمدينة‪ ،‬حيث قضاها أيضًا بجوار قبر جّده صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم‪ ،‬حيث وقف أمام القبر الشريف حزينًا كئيبًا يناجي ربه عند قبر المصطفى صلى هللا عليه وآله وسلم‪ :‬اللهم أن هذا قبر‬
‫نبّي ك محمد‪ ،‬وأنا ابن بنت محمد‪ ،‬وقد حضرني من األمر ما قد علمت‪ ،‬اللهم إني أحُب المعروف وأنكر المنكر‪ ،‬وأنا أسألك يا‬
‫ذا الجالل واإلكرام بحق هذا القبر ومن فيه‪ ،‬إّال ما اخترت لي ما هو لك رضا ولرسولك رضا"‪.‬‬

‫ثم جعل يبكي عند القبر‪ ،‬حتى إذا كان قريبًا من الصبح‪ ،‬وضع رأسه على القبر فأغفى‪ ،‬فإذا هو برسول هللا قد أقبل في كتيبة من‬
‫المالئكة عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفه‪ ،‬فجاء وضّم الحسين إلى صدره‪ ،‬وقّبل بين عينيه وقال‪" :‬حبيبي يا حسين‪،‬‬
‫كأني أراك عن قريب مرمًال بدمائك‪ ،‬مذبوحًا بأرض كربالء‪ ،‬بين عصابة من أمتي‪ ،‬وأنت في ذلك عطشان ال ُتسقى‪ ،‬وظمآن‬
‫ال ُتروى‪ ،‬وهم في ذلك يرجون شفاعتي‪ ،‬ما لهم ال أنالهم هللا شفاعتي‪...‬‬

‫فجعل الحسين عليه السالم في رؤياه ينظر إلى جّده ويقول‪:‬‬

‫"يا جّده‪ ،‬ال حاجة لي في الرجوع إلى الدُنيا فخذني إليك وأدخلني معك في قبرك‪.4"...‬‬

‫علّن ي يا جُّد من بلوى زماني استريح‬ ‫ضّم ني عندك يا جداه في هذا الضريح‬

‫فعسى طود األسى يندك بين الدكتين‬ ‫ضاق بي يا جُّد من ُرْح ِب الفضا كل فسيح‬

‫إنما الدنيا أعدت لبالء النبالء‬ ‫أنت يا ريحانة القلب حقيق بالبالء‬

‫فاتخذ درعين من حزم وعزم سابغين‬ ‫لكن الماضي قليل بالذي قد أقبال‬

‫يودعه والدمع يهمل من العين‬ ‫(نصاري) وصل ويلى قبر جّده وبكى حسين‬

‫يجدي مفارقك غصبًا عليه‬ ‫هوى فوق الضريح وصاح صوتين‬

‫تراني الضيم شفته عقب عيناك‬ ‫يجدي بوسط لحدك ضمني وياك‬

‫تروح وتنذبح بالغاضريه‬ ‫يقّله يا حبيبي وعدك إهناك‬


‫وتبقه أعلى األرض مطروح عريان‬ ‫تروح وتنذبح يحسين عطشان‬

‫وال تبقه من ظلوعك بقّي ه‬ ‫يظل جسمك لصد الخيل ميدان‬

‫عفت العيش عالذله وأبيته‬ ‫(أبو ذّي ة)‪ :‬اقّض ي بالحزن يومي وابيته‬

‫بليل وظِّلت دياره خلّي ه‬ ‫شال حسين عن داره وبيته‬

You might also like