Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫ملخص جاك دريدا (البنيوية)‬

‫مقدمة‬
‫يعد التفكيك أهم حركة ما بعد بنيوية في النقد األدبي فضًال عن كونها الحركة األكثر إثارة للجدل أيض ‪ً,‬ا ‪ .‬وربم‪,,‬ا‬
‫ال توجد نظرية في النقد األدبي قد أثارت موجات من اإلعجاب وخلقت حالة من النفور واالمتع‪,,‬اض مثلم‪,,‬ا فع‪,,‬ل‬
‫التفكي‪,,‬ك في الس‪,,‬نوات األخ‪,,‬يرة ‪ .‬فمن ناحي‪,,‬ة نج‪,,‬د أن بعض أعم‪,,‬دة النق‪,,‬د ( مث‪,,‬ل ج‪ .‬هيليس ميل‪,,‬ر وب‪,,‬ول دي م‪,,‬ان‬
‫وجيفري هارتمن وهارولد بلوم ) هم رواد التفكي‪,,‬ك على الص‪,,‬عيدين النظ‪,,‬ري والتط‪,,‬بيقي على ال‪,,‬رغم من تب‪,,‬اين‬
‫أسلوبهم وحماسهم ‪ ،‬ومن ناحية أخرى نجد أن الكثير من النقاد ال‪,,‬ذين ينض‪,,‬وون في خان‪,,‬ة النق‪,,‬د التقلي‪,,‬دي يب‪,,‬دون‬
‫سخطهم على التفكيك الذي يعدونه سخيفًا وشريرًا ومدمرًا ‪ .‬ولم يخل أي مرك‪,,‬ز فك‪,,‬ري في أوروب‪,,‬ا وأمريك‪,,‬ا من‬
‫الجدل في قيمة هذه النظرية الجديدة في النقد ‪.‬‬
‫يمكن الق‪,,‬ول إن النظري‪,,‬ة التفكيكي‪,,‬ة بحاج‪,,‬ة إلى الكث‪,,‬ير من التحليالت الجدي‪,,‬دة ‪ ،‬ألن مث‪,,‬ل ه‪,,‬ذه النظري‪,,‬ة المعق‪,,‬دة‬
‫والشائكة تستعصي على التعريف ‪ .‬وعلى العكس من ذلك بإمكان المرء محاولة تفس‪,,‬ير المص‪,,‬طلحات األساس‪,,‬ية‬
‫التي شكلها دريدا لتدمير النقد التقليدي وتسهيل فعل التفكيك‪ .‬ويخبرنا داري‪,,‬دا أن س‪,,‬لطة اللغ‪,,‬ة ليس‪,,‬ت متأتي‪,,‬ة من‬
‫س‪,,‬لطة األدب وال من نس‪,,‬ق اللغ‪,,‬ة ألن س‪,,‬لطة اللغ‪,,‬ة ‪ ،‬ش‪,,‬أنها في ذل‪,,‬ك ش‪,,‬أن س‪,,‬لطة الموس‪,,‬يقى والرس‪,,‬م والنحت‬
‫والطقوس ‪ ...‬إلخ ‪ ،‬بل هي متأتية من حس بدائي أص‪,,‬يل بش‪,‬يء مفق‪,‬ود وغ‪,‬ائب ‪ ،‬وتوجي‪,‬ه إدراك اإلنس‪,‬ان بع‪,‬د‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ومن خالل سعي دريدا إلى عرض األساس الميتافيزيقي الذي يرتكز عليه فهمنا للغة ‪ ،‬ومحاولة تحري‪,,‬ر فهمن‪,,‬ا‬
‫من الميتافيزيقا ‪ ،‬شرع دريدا في إطاحة األديان عن عروشها في ممالك اللغة ‪ .‬وينبغي التأكيد عند هذه النقط‪,,‬ة‬
‫تحديدًا أن دريدا ال يوحي بأي شيء مهول ‪ ،‬فهو يتبنى منهج البحث الحر في مجال المعرفة ‪ ،‬ويحاول تحري‪,,‬ر‬
‫الذهن من الضغوط والضوابط التي فرضت عليه باسم ال‪,,‬رب أو األدي‪,,‬ان ‪ .‬وي‪,,‬دفعنا دري‪,,‬دا ‪ ،‬بق‪,,‬وة ‪ ،‬إلى إع‪,,‬ادة‬
‫التفكير بالمصدر أو الحقيقة من خالل عرض ال‪,,‬ذهن على الحري‪,,‬ة الجدي‪,,‬دة في البحث ‪ ،‬وله‪,,‬ذا الس‪,,‬بب تنط‪,,‬وي‬
‫جداالت دريدا وحججه على مضامين روحية‪.‬‬

‫لقد استند مفهوم الكتابة الجديد الذي صاغه دريدا إلى ثالث كلمات معق‪,,‬دة ج‪,,‬دًا ‪ ،‬هي ‪ :‬االختالف ‪difference‬‬
‫واألث ر ‪ trace‬والكتاب ة األص لية [األولى] ‪ .arche - writing‬وس‪,,‬نحاول تفس‪,,‬ير ك‪,,‬ل مص‪,,‬طلح من ه‪,,‬ذه‬
‫المصطلحات الثالث بالقدر الممكن‪ ،‬وسنبين الكيفية التي تؤدي بها هذه المصطلحات إلى فعل التفكيك‪.‬‬

‫الكالم والكتابة‪ :‬الكتابة األصلية‬ ‫‪-1‬‬


‫ومن الج‪,,‬دير بال‪,,‬ذكر أن "الكتاب‪,,‬ة" و "الكالم" كلمت‪,,‬ان محوريت‪,,‬ان يمكن أن يب‪,,‬دأ بهم‪,,‬ا فهمن‪,,‬ا ‪ .‬وتتمت‪,,‬ع هات‪,,‬ان‬
‫الكلمت‪,‬ان بدالل‪,‬ة خاص‪,,‬ة في المف‪,‬اهيم التقليدي ة للغ‪,‬ة‪ ،‬إذ أن ه‪,‬ذه المف‪,‬اهيم (التقليدي‪,‬ة) تنص على أس‪,‬بقية الكالم‬
‫وأولويته على الكتابة‪ ،‬وإن الكلمة المنطوقة "ص‪,,‬وت" ‪ phone‬كلم‪,,‬ة غ‪,,‬ير خارجي‪,,‬ة وله‪,,‬ا الق‪,,‬درة على المح‪,,‬و‬
‫الذاتي‪ .‬كما ُتعرف الكلمة المنطوقة بأنها صورة صوتية (سمعية) وظيفتها هي استحضار المفه‪,,‬وم ال‪,,‬ذي تمثل‪,,‬ه‬
‫الصورة الصوتية‪ .‬وتتالشى الكلم‪,,‬ة المنطوق‪,,‬ة أو الص‪,,‬ورة الص‪,,‬وتية في س‪,,‬يرورة استحض‪,,‬ار المفه‪,,‬وم‪ ،‬وله‪,,‬ذا‬
‫السبب فإنها بوصفها داًال تطفئ نفسها في سيرورة التدليل على المدلول الذي يك‪,,‬ون ه‪,,‬و األك‪,,‬ثر أهمي‪,,‬ة من أي‬
‫شيء آخ‪,,‬ر‪ .‬وال يمكن تص‪,,‬ور ه‪,,‬ذا الم‪,,‬دلول إال من خالل الص‪,,‬ورة الص‪,,‬وتية ال‪,,‬تي هي ال‪,,‬دال‪ .‬ومن الممكن أن‬
‫نالحظ هنا أن ثمة شيئا أشبه بالثالوث في هذه العالقة ‪ :‬الذهن اإلنساني ‪ ،‬الدال (الصورة الصوتية ) ‪ ،‬الم‪,,‬دلول‬
‫(المفهوم) ‪.‬‬
‫أما الكتابة في المفاهيم التقليدية‪ ،‬فهي دال الكلمة المنطوقة … وهكذا فإن " الكلمة المكتوبة هي دال الدال وتعد‬
‫ثانوية بالنسبة إلى الكلمة المنطوقة " وال يمكن أن تقوم الكلمة المكتوبة بأي شيء عدا تمثي‪,,‬ل الكلم‪,,‬ة المنطوق‪,,‬ة‬
‫في حين أن الكلمة المنطوقة هي الدال ‪ .‬فإذا أردت أنا استحضار مفه‪,,‬وم " زه‪,,‬رة " ينبغي لي عندئ‪,,‬ذ أن أنط‪,,‬ق‬
‫صوت " زهرة " (َزْهَر ة) ‪ ،‬والدال هو هذه الصورة الصوتية أو الصورة السمعية ‪ .‬لكني حينما أكتب كلم‪,,‬ة "‬
‫زهرة " فما علّي سوى تمثيل الصورة الصوتية من خالل بنية كتابية ‪ . graphic structure‬وال ترتبط هذه‬
‫الصورة الكتابية بأية ص‪,,‬لة ب‪,,‬المفهوم ‪ ،‬ب‪,,‬ل أن الص‪,,‬ورة الكتابي‪,,‬ة ال تس‪,,‬تطيع تمثي‪,,‬ل المفه‪,,‬وم ألنه‪,,‬ا بني‪,,‬ة مرئي‪,,‬ة‬
‫للصورة الصوتية غير المرئية فحسب ‪ ،‬أنها شيء أشبه بالطيف ‪ .‬وهي ثانوية بالنس‪,,‬بة إلى الص‪,,‬ورة الص‪,,‬وتية‬
‫ومن الممكن إهمالها‪ ،‬بل ال بد من إهمالها ‪.‬‬
‫يؤك‪,,‬د دري‪,,‬دا أن مفه‪,,‬ومي الكالم والكتاب‪,,‬ة التقلي‪,,‬ديين " يحيالن إلى خ‪,,‬ارج المع‪,,‬نى" ‪ ، logocentric‬وه‪,,‬ذا‬
‫مصطلٌح مهٌم آخر يستعمله دريدا ليعني به ما هو متجه ميتافيزيقيًا أو ما هو متجه الهوتيًا ‪ .‬ولكي نك‪,,‬ون أك‪,,‬ثر‬
‫دقة نود أن نوضح أن مفهومي الكالم والكتابة قد شكلتهما واشترطتهما وتحكمت بهما الميتافيزيق‪,,‬ا ‪ .‬والح‪,,‬ق إن‬
‫هذا "التمركز حول اللوغوس" هو "تمركز حول الصوت" ذلك االعتقاد الذي يرى أن الصوت يقارب الواق‪,‬ع‬
‫المتعالي ‪ .transcendental‬ونجد في نظرية دريدا أن التمركز حول اللوغوس والتمركز حول الصوت هما‬
‫مصطلحان مختلفان يمثالن ظاهرة واحدة وهي‪ :‬النشوء الميت‪,,‬افيزيقي لمفه‪,,‬وم الكالم والفهم ‪ .‬ويرك‪,,‬ز التمرك‪,,‬ز‬
‫حول اللوغوس والتمركز حول الص‪,,‬وت على الص‪,,‬وت ألن ه‪,,‬ذين المفه‪,,‬ومين يتول‪,,‬دان من االعتق‪,,‬اد القائ‪,,‬ل أن‬
‫الصوت يتوسط بين العقل اإلنساني والواقع المتعالي ‪.‬‬

‫لقد مّيز (روسو) الذي أشبعه دريدا دراسة وتمحيصا ونقدا‪ ،‬بين نوعين من الكتابة‪ :‬كتابة حسنة طبيعية وكتابة‬
‫سيئة‪ ،‬فاحشة وقبيحة‪ .‬الكتابة األولى تتصل بالذات اإللهية باعتب‪,‬ار أنه‪,‬ا "خ‪,‬ط إلهي في القلب وال‪,‬روح"‪ ،‬يش‪,‬دد‬
‫روسو على أن الكالم هو أصل اللغة‪ .‬ولكن لدريدا فيما تقدم رأي آخر‪ ،‬فهو ي رى أس بقية للكتاب ة على الكالم‬
‫مستلهما من روسو نفسه‪ ،‬ومجيبا عليه‪ ،‬بقوله "إذا ك انت الكتاب ة خط يرة ومقلق ة فألنه ا بدئي ة وتدش ينية‬
‫بالمعنى األكثر فتوة للكلمة"‪ ،‬معتبرا أن الكتابة تقطن أصل الكالم‪ ،‬وأن "الكالم األصلي كتابة"‪.‬‬
‫وقد استلهم دريدا أيض‪,,‬ا‪ ،‬من إدمون‪,,‬د هوس‪,,‬ول كي‪,,‬ف أن الظ‪,,‬واهر ال‪,,‬تي تنطب‪,,‬ع في ال‪,,‬وعي على ش‪,,‬كل ماهي‪,,‬ات‬
‫ومعيشات وعي حاضرة‪ ،‬هي كتابة أولية سابقة على الكالم المنطوق‪ ،‬ولكن يجب التنبه إلى ع دم فص لها عن‬
‫وجودها الحقيقي المتحقق في الخارج أو في المخيل ة إذ ال يمكنن ا أن ننس اها ألنه ا المس وغ الوج ودي له ا‬
‫وعليه فإن الكتابة المبحوث عنها ‪-‬يقول دريدا‪ -‬موجودة قبل الكالم وداخل الكالم‪.‬‬

‫ويرى دريدا أن ثمة عنصرًا آخ‪,‬ر ه‪,‬و " التمرك‪,‬ز ح‪,‬ول الكتاب‪,‬ة " ‪ ،graphocentrism‬ومن الممكن أن نب‪,‬دأ‬
‫الق‪,,‬ول ب‪,,‬أن الكتاب‪,,‬ة ‪ writing‬كتابي‪,,‬ة ‪ ، graphic‬وأن الج‪,,‬رافيم ‪ grapheme‬ه‪,,‬و ح‪,,‬رف في األبجدي‪,,‬ة أو أن‪,,‬ه‬
‫مجموع الح‪,‬روف أو المجموع‪,‬ات الحرفي‪,‬ة ال‪,‬تي من الممكن أن تش‪,‬ير إلى الف‪,‬ونيم ‪ ( phoneme‬ال‪,‬ذي يمكن‬
‫تعريفه بأنه أصغر وحدة كالم تميز ملفوظا م‪,,‬ا أو كلم‪,,‬ة م‪,,‬ا من ملف‪,,‬وظ آخ‪,,‬ر أو كلم‪,,‬ة أخ‪,,‬رى في اللغ‪,,‬ة) ‪ .‬وإذا‬
‫علمنا أن الكتابة كتابية لذا يمكن القول أن الجرافيم ‪ ،‬تبعًا إلى ما يذكره المفهوم التقليدي ‪ ،‬دال صرف يقصد به‬
‫أن وحدة الكتابة ليس لها أية صلة عدا كونها تمثل الصورة الصوتية ‪ .‬وله‪,,‬ذا الس‪,,‬بب يمكن الق‪,‬ول أن المقص‪,,‬ود‬
‫بالتمركز حول الكتابة هو انتقال األهمية من الكالم إلى الكتابة ‪ ،‬وهو يمثل قلبًا للمفهوم التقليدي القائل بأولوي‪,,‬ة‬
‫الكالم أو الكلمة المنطوقة على الكتابة أو الكلمة المكتوبة ‪.‬‬
‫ل قد أطلق دريدا تسمية " الكتابة األصلية " على الفرق بين مفهوم الكتابة هذا ومفهوم الكتابة المبت‪,,‬ذل الض‪,,‬يق ‪.‬‬
‫وتعمل الكتابة األصلية في التعبيرات الكتابية وغير الكتابي‪,,‬ة ‪ .‬والكتاب‪,,‬ة بمعناه‪,,‬ا الض‪,,‬يق تع‪,,‬د كتابي‪,,‬ة ‪graphic‬‬
‫تعتمد مفهوم الجرافيم الذي هو في حقيقته دال صرف ‪ .‬أما في النظرية التفكيكية التي حدد دريدا أبعادها ‪ ،‬فق‪,,‬د‬
‫أصبح لصفة الكتابية معنى مختلف‪ً,‬ا عن المع‪,‬نى ال‪,‬ذي ك‪,‬ان مت‪,‬داوًال في االس‪,‬تعمال التقلي‪,‬دي ‪ .‬ويمكن الق‪,‬ول أن‬
‫الشكل الكتابي ‪ graphe‬هو " أثر متمأسس‪.‬‬
‫وقد أصبح لتوجه النظرية التفكيكية نحو التمركز حول الكتابة داللة تض‪,,‬مين واس‪,,‬عة بس‪,,‬بب األث‪,,‬ر المتمأس‪,,‬س‪،‬‬
‫ولهذا السبب فإن التغيير الذي أحدثه دري‪,,‬دا لم يكن تغي‪,,‬يرا باألهمي‪,,‬ة ال‪,,‬تي تمت‪,,‬ع به‪,,‬ا مفه‪,,‬وم الكالم على مفه‪,,‬وم‬
‫الكتابة‪ ،‬قدر تعلق األمر بالفهم التقليدي لهذه المص‪,,‬طلحات ‪ .‬إذ ي‪,,‬وحي التمرك‪,,‬ز ح‪,,‬ول الكتاب‪,,‬ة ‪ ،‬ب‪,,‬المعنى ال‪,,‬ذي‬
‫حدده دريدا‪ ،‬بالتوجه الذي يسلكه الفهم على نحو يدفع الذهن إلى تصور وظيفة األثر في أن‪,,‬واع التعري‪,,‬ف كله‪,,‬ا‬
‫التي تسير الوعي أو اإلدراك ‪ .‬فاألثر يب‪,,‬دي عمل‪,,‬ه في ص‪,,‬ورة الب‪,,‬ورتريت (الص‪,,‬ورة الشخص‪,,‬ية) ‪ ،‬والملص‪,,‬ق‬
‫الجداري (البوستر) واسم الَع َلم ‪ ،‬واإليماءة والكلم‪,,‬ة المنطوق‪,,‬ة والكلم‪,,‬ة المكتوب‪,,‬ة ‪ ،‬وغيره‪,,‬ا ‪ .‬ويمث‪,,‬ل التمرك‪,,‬ز‬
‫حول الكتابة اإلدراك الجديد لوظيفة األثر ‪ .‬فأنا حينما أتصور ص‪,,‬ورة شخص‪,,‬ية يب‪,,‬دأ ذه‪,,‬ني أو إدراكي بالعم‪,,‬ل‬
‫رغبة مني في فهم داللة هذه الصورة ‪ ،‬وتعد عملية اشتعال الذهن غير مادية ‪ .‬فالذهن يتحرك بحث ‪ً,‬ا عن ش‪,,‬يء‬
‫بعيد عما موجود في الص‪,,‬ورة (بمع‪,,‬نى البحث عن ش‪,,‬يء خّل ف بص‪,,‬ماته الش‪,,‬بحية على الص‪,,‬ورة) ‪ ،‬وتل‪,,‬ك هي‬
‫وظيفة االختالف ‪ .‬في حين أن البصمة الشبحية هي األثر ‪ .‬ألن األثر بذاته غ‪,‬ير موج‪,‬ود ( ‪. )GO, p. 167‬‬
‫ويمكن تعريف التمركز حول الكتابة بأن‪,,‬ه ه‪,,‬ذا اإلدراك الحس‪,,‬ي الجدي‪,,‬د ب‪,,‬أن ش‪,,‬يئًا م‪,,‬ا ‪ ،‬ش‪,,‬يئًا غائب‪ً,‬ا ‪ ،‬ق‪,,‬د ت‪,,‬رك‬
‫بصماته ( بصماته الشبحية ) على الموضوعات التي تخلق حركات معينة في الذهن (وتلك البصمات الش‪,,‬بحية‬
‫هي األثر) ‪.‬ويبدأ األثر بالعمل من خالل االختالف واإلرجاء (االختالف ‪ +‬اإلرجاء = االخـ" ت " الف)‪.‬‬

‫‪ -2‬االختالف واالرجاء‪:‬‬
‫اعتبر دري‪,,‬دا أن ال‪,,‬دال ال ي‪,,‬دل دائم‪,,‬ا على الم‪,,‬دلول وهم‪,,‬ا ليس‪,,‬ا واح‪,,‬دا أو وجهين لعمل‪,,‬ة واح‪,,‬دة‪ ،‬واالختالف «‬
‫‪ »Différence‬مص‪,,‬طلح مش‪,,‬تق من الالتيني‪,,‬ة ‪ differre‬ول‪,,‬ه معني‪,,‬ان في الفرنس‪,,‬ية واإلنكليزي‪,,‬ة؛ ‪ differ‬و‬
‫‪ defer‬يشير األول إلى حركة مميزة ومفهومة مكانّيا‪ ،‬ويشير الثاني إلى حركة تأجيل وتريث في الزمن‪.‬‬
‫انطالقا من ذلك‪ ،‬ابت‪,,‬دع دري‪,,‬دا مص‪,,‬طلح «‪ »Différance‬بح‪,,‬رف «‪ »A‬ب‪,,‬دال من «‪ »E‬المس‪,,‬تمد من لفظ‪,,‬ة «‬
‫‪ »Différence‬التي تعني اختالف‪ ،‬معتبرا إّن هذا من شأنه أن يسمح باستحضار ال‪,,‬دالالت األخ‪,,‬رى المخالف‪,‬ة‬
‫للمعنى األّو ل من اللفظة السابقة ‪ ،Différence‬فتكون الداللة الجدي‪,,‬دة لعب‪,,‬ارة «‪ »Différance‬منطوي‪,,‬ة على‬
‫اإلرجاء والخالف واإلخالف معا‪ ،‬من خالل األثر «‪ .»A‬حيث يجب النظر إلى لفظة ‪ Différance‬على أنها‬
‫سلسة من الحروف التي من الممكن أن ُينظر إلى كل حرف واحد منه‪,,‬ا بمع‪,,‬زل عن ب‪,,‬اقي الح‪,,‬روف األخ‪,,‬رى‪،‬‬
‫وليس كتصور أو مفهوم‪.‬‬
‫إّن تفكيك اللفظة األولى وفقا لهذه الطريقة في التأويل لهو عملية خلخلة وتصّد ع للمعنى األحادي المزع‪,,‬وم في‬
‫الكلم‪,‬ات‪ ،‬إذ إن كلم‪,‬ة االختالف ‪ Différence‬تبقى تع‪,‬ني االختالف إلى أن نص‪,‬ل إلى ح‪,‬رف «‪ »E‬ونس‪,‬تبدله‬
‫بحرف «‪ ،»A‬حينها يدخل اإلرجاء‪ ،‬وهذا يحيلنا إلى عدم إمكاني‪,,‬ة التمرك‪,,‬ز ح‪,,‬ول الص‪,,‬وت‪ ،‬ألن اللف‪,,‬ظ هن‪,,‬ا أو‬
‫الدال ال يدل على المعنى المقصود أو المدلول‪ .‬وباالنطالق من كّل ما من ش‪,,‬أنه أن يش ‪ّ,‬تت ويق‪ّ,,‬و ض باآلث‪,,‬ار «‬
‫‪ »Les traces‬العالقة بهذا المعنى المزعوم‪ ،‬سيكون أّو ل ما تقّوضه هذه الخلخل‪,,‬ة النقدي‪,,‬ة ه‪,,‬و االدع‪,,‬اء القائ‪,,‬ل‬
‫بمركزية الوظيفة التعبيرية للغة‪ ،‬والبّين أّن هذا الزعم مجرد فرض مسبق ال يق‪,,‬در على الص‪,,‬مود أثن‪,,‬اء تفكي‪,,‬ك‬
‫التصور اللساني للعالمة اللغوية كما أّسس له دسوسير‪ .‬والواقع أّن غرضه األساسي من هذه العملي‪,‬ة التفكيكي‪,‬ة‬
‫هو أن يمّك ن تقويض هذه الخلخلة القدرة على َم ْح و تلك اآلثار العالقة بالمعنى األّو ل المزعوم للكلمة أو العالمة‬
‫بعد إبرازها وكشفها‪ .‬ولذلك‪ ،‬أصبح تفكيك اآلثار العالقة بالعبارات والعالمات اللسانية وغير اللسانية ممارس‪,,‬ة‬
‫تفكيكية لعملية تخصيب مستمرة للكلمات والنصوص‪ ،‬ومن ثّم إبراز االختالفات التي تقبع فيها‪ ،‬ورف‪,,‬ع الحجب‬
‫عن اله‪,,‬وامش ال‪,,‬تي توج‪,,‬د ب‪,,‬داخلها‪ .‬ويمكن توض‪,,‬يح م‪,,‬ا ذكرن‪,,‬اه بالمث‪,,‬ال اآلتي‪ :‬فنحن نم‪,,‬يز بين كلم‪,,‬تي ‪three‬‬
‫[وتعني ثالثة] و ‪[ tree‬تعني شجرة] في الكالم والكتابة ‪ ،‬فهما مختلفتان تمام‪ً,‬ا وتكش‪,‬فان عن هويتهم‪,‬ا ‪ .‬ويع‪,‬د‬
‫هذا االختالف إحدى الق‪,,‬وتين الموج‪,,‬ودتين في ك‪,,‬ل عالم‪,,‬ة ‪ .‬أم‪,,‬ا الق‪,,‬وة األخ‪,,‬رى في العالم‪,,‬ة فهي ق‪,,‬درتها على‬
‫اإلرجاء ‪ ،‬أي قابليتها على التأجيل ‪ .‬فعلى سبيل المثال إن كلمة " وردة " في قصيدة ما ال تبدأ بكش‪,,‬ف المع‪,,‬نى‬
‫إال حينما ندرك أنها ليست تلك الوردة التي نراها في الواقع ‪ ،‬بل أن لها ش‪,,‬يئًا آخ‪,,‬ر ‪ ،‬ذل‪,,‬ك الش‪,,‬يء ال‪,,‬ذي ينبغي‬
‫اكتشافه ‪ .‬ولهذا السبب فإن العالمة نصفها واف والنصف اآلخ‪,‬ر غ‪,‬ير واٍف ‪ ،‬وه‪,‬ذه الحقيق‪,‬ة ض‪,‬رورية لبداي‪,‬ة‬
‫فهمنا إال إنها غير كافية بسبب نقصها ‪ .‬وعلى خالف ما أكد سوسير فإن العالمة هي ليست " الدال ‪ +‬الم‪,‬دلول‬
‫" بل هي " االختالف ‪ +‬اإلرجاء " ‪ .‬حيث يرى سوسير أن العالمة اتحاد في حين يراها دريدا اختالف‪ .‬وبم‪,,‬ا‬
‫إن العالمة غير وافية وناقص‪,‬ة ل‪,‬ذلك ينبغي أن تفهم على إنه‪,‬ا " تحت الش‪,‬طب [ المح‪,‬و] " ‪under erasure‬‬
‫وهو مصطلح صاغه دريدا ليشير إلى عدم كفاية العالمات ونقصها ‪ .‬فهي مكتوب‪,,‬ة لكنه‪,,‬ا م‪,,‬ع ذل‪,,‬ك مش‪,,‬طوبة ‪،‬‬
‫فنحن نشطبها لنشير إلى نقصها ‪ .‬ولهذا السبب تحمل كل عالم‪,,‬ة ه‪,,‬ذه اإلش‪,,‬ارة عليه‪,,‬ا ‪ .‬وينبغي أال نأخ‪,,‬ذ فك‪,,‬رة‬
‫تشطيب العالمة على نحو حرفي ‪ ،‬بل على نح‪,,‬و إيح‪,,‬ائي فق‪,,‬ط ‪ .‬فه‪,,‬ذه الش‪,,‬طبة ت‪,,‬وحي بنقص العالم‪,,‬ات وع‪,,‬دم‬
‫كفايتها ‪ ،‬بل عدم قطعيتها ‪ .‬إذ ال توجد عالمة يمكن أن نق‪,‬ول عنه‪,‬ا انه‪,‬ا دال لش‪,‬يء أزلي ‪ ،‬فهي ال تتمت‪,‬ع بأي‪,‬ة‬
‫قيمة مطلقة ‪ ،‬كما إنها ال تحيل أي شيء متعاٍل ‪ ..‬فالعالمة سياقية ‪ ، contextual‬وهي تخلق سراب المدلول ‪،‬‬
‫وإن جل ما تستطيع القيام به أنها ترسلنا بحثًا عما تحتاج هي إليه وتذكرنا بما هو غير كائن فيها ‪.‬‬

‫مرآة االختالف المرجئ‪ ،‬الغائب ينتج الحاضر‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫إن الخاصية األساس في اإلختالف المرجئ عند دريدا هي إنتاج الهّويات والخلق‪ ،‬إن‪,,‬ه يق‪,,‬وم بوظيف‪,,‬ة واض‪,,‬حة‬
‫هي اإلنتاج؛ فاالختالف المرجئ ينتج‪ .‬أنه يخلق أو على األصح ُيمِّك ن الخلق من أن يحدث‪ .‬أنه ُيعير نفس‪,,‬ه إلى‬
‫ع‪,,‬دد م‪,,‬ا من الب‪,,‬دائل غ‪,,‬ير المترادف‪,,‬ة‪ ،‬ويج‪,,‬د دري‪,,‬دا أن أفض‪,,‬ل مث‪,,‬ال على دور االختالف واإلرج‪,,‬اء في إنت‪,,‬اج‬
‫الهويات هو »المرآة «التي يتّم طالؤها بالقصدير الفض‪,,‬ي من الخل‪,,‬ف‪ ،‬لتق‪,,‬وم ب‪,,‬دور اإلنعك‪,,‬اس‪ ،‬ورغم أن ه‪,,‬ذا‬
‫الطالء الذي يشّبهه دري‪,‬دا ب‪,‬االختالف واإلرج‪,‬اء ال يش‪,‬كل الغاي‪,‬ة من الم‪,‬رآة إال أن‪,‬ه ينتجه‪,‬ا‪ ،‬وبدون‪,‬ه ال يوج‪,‬د‬
‫انعكاس وال نشاط مرآوي وال تأملي‪ ،‬وهو ال مكان له‪ ،‬وال هو طرف في لعبة الوميض االنعكاسي ‪ .‬إذن‪ ،‬نجد‬
‫أن الغياب الذي يمكن تتبعه من خالل األثر عن دريدا هو ال‪,‬ذي ينتج الحض‪,‬ور‪ ،‬ويفك‪,‬ك ك‪,‬ل حكم مس‪,‬بق عقلي‬
‫وميتافيزيقي محدد ومقيد في بنية ثابتة‪ ،‬ومن خالل الت‪,‬وّتر ال‪,‬دائم في النص ال‪,‬ذي يحي‪,‬ل دائم‪,‬ا إلى خارج‪,‬ه من‬
‫خالل أثر الغائب‪.‬‬

‫‪ -3‬األثر‪:‬‬
‫ينطلق دريدا من أن نسيج اآلثار‪ ،‬يشير بصورة ال نهائية إلى أش‪,‬ياء غ‪,‬ير نفس‪,‬ها‪ ،‬إلى آث‪,‬ار اختالف‪,‬ات متع‪,‬ددة‪،‬‬
‫وهذا ما تؤكده طبيعة اللغة االختالفية‪ .‬وتظهر هذه االختالف‪,,‬ات بين العناص‪,,‬ر أو ب‪,,‬األحرى تنتجه‪,,‬ا أو تجعله‪,,‬ا‬
‫تنبثق بوص‪,,‬فها ك‪,,‬ذلك‪ ،‬وتش‪,,‬كل نصوص‪,,‬ا وسالس‪,,‬ل ونظم آث‪,,‬ار‪ .‬ه‪,,‬ذه السالس‪,,‬ل وه‪,,‬ذه النظم ال يمكن أن تتح‪,,‬دد‬
‫معانيها إال في نسيج هذا األثر أو البصمة‪ .‬إن ما هو كائن في العالمة يحرك ال‪,,‬ذهن باتج‪,,‬اه م‪,,‬ا ه‪,,‬و غ‪,,‬ير ك‪,,‬ائن‬
‫فيها ‪ ،‬ولهذا السبب فإن ما هو موجود في العالمة يحمل أثر ما هو غير موجود فيها ‪ ،‬وتس‪,,‬تطيع العالم‪,,‬ة أس‪,,‬ر‬
‫الذهن ألن بمقدورها أن تذكرنا بما هو غير موجود فيها ‪ ،‬وتستطيع عبر هذا التذكير تحف‪,‬يز ال‪,‬ذهن ودفع‪,‬ه إلى‬
‫الحركة ‪ .‬وهك‪,,‬ذا نق‪,,‬ول أن العالم‪,,‬ة أث‪,,‬ر ‪ ،‬وتحم‪,,‬ل في أثره‪,,‬ا ق‪,,‬وتين هم‪,,‬ا االختالف واإلرج‪,,‬اء ‪ .‬ل‪,,‬ذا ص‪,,‬ار من‬
‫الضروري أن يتغير مفهوم الكتابة مع ظهور مصطلحي " االختالف " و " األثر" إذ ما عاد باإلمك‪,,‬ان اإلبق‪,,‬اء‬
‫على تعريفها بأنها "الحرف" و "النقش المحسوس" و "الجسد والمادة" الخارجية بالنسبة إلى العق‪,,‬ل ‪ .‬حيث إن‬
‫األثر يرتبط ‪-‬لدى دريدا‪ -‬ارتباطا وثيقا بمفاهيم االختالف والكتاب‪,,‬ة والحض‪,,‬ور‪ ،‬ف‪,,‬االختالف ال يمكن أن يظه‪,,‬ر‬
‫بدون األثر‪ ،‬وفي هذا األثر الخالص يكمن اإلرجاء نفسه‪ .‬يقول دريدا في هذا الس‪,‬ياق‪" :‬إن األث‪,‬ر ه‪,‬و اإلرج‪,‬اء‬
‫الذي يفتح الظهور والداللة‪ .‬وهو ال‪,,‬ذي يرب‪,,‬ط الحي بغ‪,,‬ير الحي بوج‪,,‬ه ع‪,‬ام‪ .‬وه‪,,‬و أص‪,,‬ل لك‪,,‬ل تك‪,,‬رار‪ ،‬وأص‪,,‬ل‬
‫المثالية‪ ،‬ولكنه ليس مثاليا أكثر منه واقعيا‪ ،‬وليس معقوال أكثر منه محسوسا‪ ،‬وليس داللة شفافة أكثر منه طاقة‬
‫معتمة‪ ،‬وال يمكن ألي مفهوم ميتافيزيقي أن يصفه‪.‬‬
‫إن اإلحساس بالغياب و التوق للحضور هو الكتابة األصلية ‪ ،‬أما بصمات ذلك الحض‪,,‬ور الغ‪,,‬ائب ال‪,,‬ذي ندرك‪,,‬ه‬
‫في كل مكان فهو األثر‪ .‬واألثر ينبثق من قلب النص كقوة تنتعش وتتشكل بها الكتابة‪ ،‬وإن كان سحرا ال ُيدرك‬
‫بحس‪ ،‬ولكنه يتحرك من أعمق أعماق النص متسربا من داخ‪,,‬ل مغ‪,,‬اوره‪ ،‬ليش‪,,‬عل طاقات‪,,‬ه بالفعالي‪,,‬ات الملتهب‪,,‬ة‪،‬‬
‫مؤثرا بذلك على كل ما حوله دون أن تستطيع يٌد مسه‪ .‬حيث أن "هناك في كل نص ميتافيزيقي (أث‪,,‬ر) موش‪,,‬وم‬
‫يحيلن‪,,‬ا إلى نص آخ‪,,‬ر حاض‪,,‬ر بغياب‪,,‬ه‪ ،‬وأن وش‪,,‬مة ه‪,,‬ذا األث‪,,‬ر على النص الميت‪,,‬افيزيقي ال يمكن أن ت‪,,‬درك إال‬
‫(كمحو) لألثر نفسه‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك فإن هذا المحو يخلف أثره في النص‪ .‬إن‪,,‬ه لف‪,,‬ظ تض‪,,‬اد ينط‪,,‬وي على‬
‫قوة للخلخلة والتفكيك عملت الميتافيزيقا على الدوام على الحط من أحد معانيه‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫الظاهر مّم ا سبق أّن الكتابة في ظّل فلسفة االختالف هذه‪ ،‬لهي اس‪,,‬تراتيجية نقدي‪,,‬ة لتفكي‪,,‬ك ميتافيزيق‪,,‬ا الحض‪,,‬ور‬
‫القاضية باعتبار اللغ‪,‬ة مق‪,‬والت وق‪,‬والب للتفك‪,‬ير العقلي‪ .‬ويس‪,‬تتبع تق‪,‬ويض مركزي‪,‬ة الص‪,‬وت والكالم في ه‪,‬ذه‬
‫الفلس‪,,‬فة االختالفي‪,,‬ة تق‪,,‬ويض مركزي‪,,‬ة العق‪,,‬ل من حيث ه‪,,‬و لوغ‪,,‬وس الكالم المش‪,,‬حون بالص‪,,‬وت وبال‪,,‬دالالت‬
‫واإلش‪,,‬ارات العقلي‪,,‬ة والتمّثلي‪,,‬ة المش‪,,‬بعة بميتافيزيق‪,,‬ا الحض‪,,‬ور‪ .‬إن‪,,‬ه ال يمكن للكتاب‪,,‬ة هن‪,,‬ا أن تك‪,,‬ون مفهوًم ا أو‬
‫موض‪,,‬وًعا لممارس‪,,‬ة منهجّي ة مح ‪ّ,‬د دة‪ ،‬كم‪,,‬ا أّنه‪,,‬ا ال يمكن أن تع‪,,‬رف كموض‪,,‬وع للدراس‪,,‬ة المنهجي‪,,‬ة‪ ،‬بالت‪,,‬الي‬
‫فالنحويات‪ ،‬أو ما يمكن إّن يسّم ى أيضا بعلم الكتابة‪ ،‬لن يكون علًم ا إطالًق ا ب‪,,‬المعنى التقلي‪,,‬دي ال‪,,‬ذي نع‪,,‬رف ب‪,,‬ه‬
‫العلم‪ .‬ولكن خالًفا لذلك‪ ،‬الكتابة هنا لعبة تدمير إمكان قيام أي نسق تص‪ّ,,‬وري لل‪,,‬دال والم‪,,‬دلول للعالم‪,,‬ات‪ ،‬إّنه‪,,‬ا‬
‫لعبة تأويل ال نهائي للعالمة حّد تقويضها وخلخلتها‪ .‬كم‪,‬ا ان أهم المش‪,‬كالت ال‪,‬تي واجهت دري‪,‬دا في مش‪,‬روعه‬
‫هذا‪ ،‬هي هروبه الدائم من تعريف محدد لالختالف المرجئ مما اضطره الى االستدالل عليه ب‪,,‬التلميح والس‪,,‬لب‬
‫أو النفي‪ .‬فبمقتضى هذه الممارسة النقدية‪ ،‬تغدوا االختالفات الثانوية في البنية الداخلي‪,,‬ة للنص‪,,‬وص اس‪,,‬تراتيجية‬
‫فّعالة لتوزيع الداللة المزعومة وتشتيتها‪ .‬وفي هذه الحالة ال تع ‪ُّ,‬د لفظ‪,,‬ة "االختالف" تص‪ّ,,‬وًرا كم‪,,‬ا ق‪,,‬د يمكن أن‬
‫يفهم للوهلة األولى من منطلق تمّثلي للغ‪,‬ة‪ ،‬وال هي بمفه‪,‬وم خ‪,‬اص بدري‪,‬دا‪ ،‬وإّنم‪,‬ا هي مج‪ّ,‬رد عالم‪,‬ة مفتوح‪,‬ة‬
‫الداللة‪ ،‬يمكن تأويلها باستمرار حسب تغّير النصوص مّم ا يجعلها غير قابلة للترجمة إطالًقا‪.‬‬

You might also like