Professional Documents
Culture Documents
ACL_Volume 18_Issue 18_Pages 365-428
ACL_Volume 18_Issue 18_Pages 365-428
Abstract:
The Problem of Divinity in Proclus
The theme of our research is Proclus’ concept about divinity, its
qualities, its levels, and its role in the existence of the world and taking care
of its existents. We use in our research the analytical, comparative and
critical method.
The importance of this research represents in firstly in the importance
of the character we study, we mean Proclus himself; as he was the person
who put the final formulation of the Neoplatonism which effected the
philosophies of the middle ages. The second reason for our choice of this
theme due to scarcity of Arabic writings about Proclus. The third reason for
our interest about this theme is to clarify the fabrication aspect in Proclus’
thought; as we evaluate his thoughts and show the authenticity and
contradictions in his doctrine.
We arrive after searching in our theme to the following results:
1-Proclus believed in one god and meanwhile in many gods that overflowed
from this one god; beginning from the henads, then the mind, then the soul,
and finally the many creator gods.
2- The one god, and the many gods were characterized by eternity,
rationality, and transcendence over the world and its existents. The first
manufacturer didn’t plan to originate the many gods, and these many gods
also didn’t have any plan for the creation of the world and its existents, but
everything happened by overflowing; we mean in an involuntarily manner
from the cause which create, whether this cause was the One or the henads or
the many gods themselves. This concept negates the idea of manifacturing
which Proclus adopted about the existence of the world and its existents from
the One.
3- We find contradiction in Proclus’ concept about the relation of the One or
the many gods towards the world after its creation; as Proclus spoke about
divine providence supervised every event in the world, whether big or small,
and this mean that there were connection betweem the One or many gods and
the world. But we saw that Proclus emphasized from the other side the
trancendance of the One and the many gods over the sensible things, So how
can the One or the many gods took care of the world and meanwhile they
?didn’t have any relation with the world and its existents
4- The source of contradiction in Proclus’ opinions about divinity and the
existence of the world due to his gathering between Plato and Aristotle
concepts about the divinity and the presence of the world. So Proclus
hesitated between the negation of the activity of the One, as Aristotle’s first
unmoved mover, and the active participating of the divine mind in creating
the world, as was the case with Timaeus’ divine maker.
ملخص:
366
جيهان السيد سعد الدين
اآللهة المختلفة وهذا في حد ذاته ينفي فكرة الصنع التي تبناها برقلس في تصوره لكيفية
إيجاد العالم المحسوس وموجوداته عن الواحد.
تناقضا عند برقلس في تصوره عن عالقة الواحد أو اآللهة العديدة بالعالم بعد
ا 3ـ نجد
إيجاده؛ فبرقلس يتحدث عن عناية إلهية مراقبة لكل كبيرة وصغيرة داخل الكون ،وهذا
يعني وجود اتصال بين الواحد أو اآللهة الكثيرة والعالم ،ولكننا نراه من ناحية ثانية يؤكد
على تعالي الواحد واآللهة العديدة ومفارقتها للمحسوسات فكيف يعتني الواحد أو اآللهة
الكثيرة بالعالم وهم ًل عالقة لهم ًل بالعالم وًل بما به من موجودات وظواهر؟
5ـ إن مصدر التناقض في آراء برقلس سواء عن األلوهية أو وجود العالم ،والعناية به
ناشئ عن جمعه بين تصورى كل من أفالطون وأرسطو حول اإللوهية ووجود العالم.
فبينما يتبنى تصور أرسطو عن اإلله الواحد العاقل الذي ًل عالقة له بالعالم والذي يعد
مع ذلك علة لوجود العالم المحسوس وما يحدث داخله من تغيرات ،نراه يتحدث عن
صانعا ـ كاألب الصانع في تيمايوس .فبرقلس يتردد بين
ا هذا اإلله الواحد بوصفه إلهاا
نفي الفاعلية عن الواحد ـ كما كان حال المحرك األول األرسطي ،وبين المشاركة
اإليجابية للعقل اإللهي الصانع في إيجاد العالم ـ كما كان حال صانع تيمايوس.
المقدمة:
إن موضوع بحثنا هو تصور برقلس(*)1عن األلوهية ،وصفاتها ،ودرجاتها،
ووظيفتها في وجود العالم والعناية بموجوداته .وترجع أهمية هذا البحث أواًل إلى أهمية
اعتمادا على ما أورده مارينوس فإن برقلس قد ولد في القسطنطينية عام 410م .ونشأ في
ا = و
أكسانثوس ، Xanthusوتلقى تعليمه األولى بها .انظر طارق عبد المحسن :مرجع سابق ،ص4
قاضيا يدعى باتريكيوس Patriciusشجعه على السفر لإلسكندرية من أجل دراسة ا وكان والده
القانون .وهناك درس برقلس باإلضافة إلى القانون البالغة ،واللغة ،والرياضيات ،والفيزياء ،والفلك،
والفلسفةSee Rosan; Op. Cit., p.12 .
درس برقلس الفلسفة على يد أوليمبيودورس .Olympiodorusانظر سماح عبد الغنى
حسن :الفلسفة الدينية واألخالقية في األفالطونية المحدثة بعد أفلوطين ـ فورفوريوس ـ يامبليخوس ـ
نموذجا ـ رسالة دكتوراه غير منشورة ـ كلية اآلداب ـ جامعة المنصورة ـ 2017ـ ص249
ا أبرقلس
تمهيدا لدراسة فلسفة أفالطون .وبعد استكمال دراسته للفلسفة في
ا وقد درس فلسفة أرسطو بوصفها
اإلسكندرية لم يرغب برقلس في تدريس الفلسفة بها ،وانما اتجه إلى أثينا .وكان عمره وقتذاك يقارب
العشرين .وهناك تعلم على يد كل من بلوتارخوس ، Plutarchusوسيريانوس . Syrianus
See Rosan; Op. Cit., p.12
لقب برقلس بديادوخس Diadochusأي الخليفة ،حيث خلف أستاذه سيريانوس في رئاسة األكاديمية
See Ibid.,p.11 األفالطونية في أثينا.
اهدا
هذا عن حياته أما سماته الشخصية فكان برقلس ز ا
See Zeller, E., A History of Eclecticism in Greek Philosophy, Transl. by: Alleyne,
S. F., Spottiswoode & Co., London, 1883, p.307.
ودائم اًلحتفاء بجميع الديانات الوثنية؛ فلم يقتصر على الصلوات لدين معين بعينه بل لألديان
جميعا .وقد توفى برقلس في أثينا عام 485م.
ا
انظر محمد جمال الكيالنى :برقلس شاراحا ألفالطون ـ مجلة كلية اآلداب ـ جامعة القاهرة ـ مجلد 72ـ
عدد 2ـ أبريل 2012ـ ص149
يمكن تصنيف مؤلفات برقلس الفلسفية إلى :كتب ،وشروح وتعليقات ،ومقاًلت ،وترانيم أو تراتيل .من
أهم األعمال الفلسفية التي ألفها برقلس كتاب " مبادئ اإللهيات ،" Elements of Theologyوكتاب
" اإللهيات األفالطونية ." The Theology of Platoانظر سماح عبد الغنى حسن :مرجع سابق ـ
ص257 ،254
أما ثالث كتب برقلس فهو كتاب " مبادئ الطبيعيات " Elements of Physicsوهو يشبه "مبادئ
اإللهيات" في كونه كتب بالطريقة الهندسية القائمة على القضايا والبراهين.
=Rosan; Op. Cit.,p.50
368
جيهان السيد سعد الدين
= وهناك كتاب رابع مهم لبرقلس وهو كتاب " اإليضاح في الخير المحض " وهو ترجمة عربية
ألجزاء من األصل اليوناني من كتاب "مبادىء اإللهيات" .وهذه الترجمة لم تكن ترجمة حرفية
تلخيصا مع بعض اإلضافات .طارق عبد المحسن :مرجع سابق،
ا لألصل اليوناني ،بل كانت
ص54
ولبرقلس مقاًلت ت صنف ضمن مؤلفاته الفلسفية ،وهى تتضمن آرائه عن العناية اإللهية ،والقدر،
والشر .وهذه المقاًلت هى" :في العشرة شكوك الخاصة بالعناية اإللهية" ،و"في العناية"" ،وفي القدر"،
" وفي الشرور وقيامها بأنفسها"See Rosan; Op. Cit.,p.38 .
متابعا لالتجاه
ا شروحا وتعليقات على بعض الفالسفة كأرسطو؛ إذ إنه كانا وقد قدم برقلس
السائد في مدرسة أثينا الذي اعتقد بوجود اتفاق بين آراء كل من أفالطون وأرسطو.
See Furley, David, Routledge History of Philosophy, Vol. II, Routledge, London,
2005, p.361
ورغم اهتمام برقلس بأرسطو ،إًل إن الجانب األكبر من شروحه وتعليقاته كانت مركزة على محاورات
أفالطون؛ فشرح وعلق على كثير من محاورات أفالطون كألقبيادس األولى ،وجورجياس ،وأقراطيلوس،
وفيدون ،وفايدروس ،وبارمنيدس ،وثياتيتوس ،والجمهورية ،والسوفسطائي ،وفيليبوس ،وتيمايوس.
وتتضمن هذه التعليقات عرض لفلسفة برقلس الخاصة.
See Vogel C. J; Greek Philosophy, Vol. III, E. J. Brill, Netherlands,1959, p.565
ويعد برقلس من أهم زعماء األكاديمية في القرن الخامس الميالدى؛ حيث تولى رئاسة المدرسة بعد
وفاة سيريانوس عام 427م .ونجح في رئاسته لألكاديمية طيلة خمسين عاما حتى وفاته .وقد حاول
المزج بين فلسفتي أفالطون وأرسطو .انظر محمد جمال الكيالنى :مرجع سابق ،ص ،149طارق
عبد المحسن :مرجع سابق ـ ص2
وقد أخذت المبادئ األفالطونية المحدثة مع برقلس صورتها النهائية.
See Zeller; Op. Cit., p.310
369
مشكلة ال لوهية عند برقلس
الصورة األخيرة للمذهب األفالطوني المحدث بوجه عام .أما السبب الثالث ًلهتمامنا
بموضوع البحث فهو إيضاح الجانب التلفيقي في فكر برقلس؛ أي تقييم آرائه وبيان ما
له وما عليه خاصة في جانب كان له أثره في الفالسفة المسلمين والمسيحيين نعني
الفيض ،ووجود العالم ،والعناية به وبموجوداته.
أما عن المنهج الذي استعنا به في بحثنا فهو المنهج التحليلي المقارن النقدي.
وقد آثرنا أن نطلق على جملة هذه المناهج المستخدمة في البحث لفظ منهج وليس
نظر لتكاملها ،واستخدامنا لها فى جزئيات بحثنا المختلفة.
مناهج؛ اا
عددا من التساؤًلت ويمكن ايجازها فيما يلي:
يثير البحث ا
1ـ هل آمن برقلس بإله واحد أم بآلهة عديدة؟
2ـ ما هى صفات ذلك اإلله أو تلك اآللهة العديدة عند برقلس؟
3ـ هل كان لإلله الواحد عند برقلس نفس منزلة اآللهة العديدة أم أن برقلس وضع
اآللهة في درجات مختلفة؟
4ـ كيف وجد العالم عن تلك اآللهة؟
5ـ ما عالقة اإلله أو اآللهة بالعالم بعد وجوده؟
تلفيقيا؟ وما هى التناقضات التي وجدت في آرائه
ا توفيقيا أم
ا 6ـ هل كان برقلس فيلسوفاا
عن األلوهية والعالم؟
وسنبدأ بحثنا ببيان تصور برقلس عن الواحد بوصفه أساس عملية الفيض أو اإليجاد.
الواحد:
إن الواحد ًل يمكن وصفه أو التعبير عنه( " .)1إنه أعلى من الصفات 7أ وليس يبلغه
المنطق ( )...وال يقع تحت الحس"(1.)2فال الحواس تدركه ،وًل العقول تحيط به(2.)3وقد
1ـ انظر برقلس :اإليضاح في الخير المحضـ تحقيق وتقديم :د.عبد الرحمن بدوى :األفالطونية
المحدثة عند العرب ـ وكالة المطبوعات ـ الكويت ـ 1977ـ ب20 ،21ب ،ص23 ،22
See Clark, Dennis; The Gods as Henads in Iamblichus, in The International
Journal of the Platonic Tradition, 4, Koninklijke Brill, Leiden, 2010, p.69 =
370
جيهان السيد سعد الدين
؛4)5(" و"إله اآللهة،"وأطلق عليه العديد من األسماء فهو " إله الكل3،)4(أله برقلس الواحد
والواحد عند برقلس متعال فهو "فوق كل عقل وكل5.)6( "نظر لكونه " علة كل اآللهة
اا
وهو " ال يعد8.)9(" " وعن كل الموجودات7،)8(" و" منفصل عن كل جوهر6.)7(" وجود
لذا10.)11("إنما هو" وراء الجوهر ويسمو عليه في الشرف والقوة9.)10(" جوهر في ذاته
ًا
1 .)13(فهو الوجود األول الذي يسبق كل وجود11،)12("فإنه "أسمى من كل الموجودات
= إن برقلس بعدم وصفه للواحد قد استكمل ما يسمى بالالهوت السلبي الذي بدأه أفالطون ـ في
.محاورة بارمنيدس ـ واستكمله فيما بعد أتباع المذهب األفالطوني المحدث وعلى األخص أفلوطين
106 ص، مرجع سابق:طارق عبد المحسن
9 ،8 ص،أ7 ،ب6 ،5 ب، مصدر سابق:ـ برقلس2
3-See Proclus The Theology of Plato, The Prometheus Trust, England, 1995, B.II,
Ch.IV, p.145, Ch.VI, p.151, Ch.VIII, p.158
4-See Proclus; Elements of Theology, Transl. By: Thomas Taylor, The
Prometheus Trust, England, 1998, prop. CXIII, p.62, Whittaker, Thomas; The
Neoplatonists, Cambridge University Press, London, 1918, p.172
5- Rosan; the Philoso. Of Proclus,p.125, See Proclus; The Theology of Plato, B. I.,
Ch.X, p.74
.إن فكرة تسمية الواحد بإله اآللهة ليست من ابتكار برقلس بل سبقه إليها أستاذه يامبليخوس
Clark; Op. Cit.,p.67
6- Proclus; Ibid., B. II, Ch.X, p.164, See Ibid., B.IV, Ch.1, p.236
7-Ibid., B. II, Ch. IV, pp.145, See Ibid., B. III, Ch1, p.176, Rosan; Op. Cit., p.12
8-Proclus;Ibid.,B.II,Ch.II,p.139,See Ibid., B.II, ,Ch.IV,p.148,Ch.V,p.149 ,Ch. VII,
p.155, Ch.XII, p.169
9- Ibid., B. III, Ch. I, p.173, See Ibid., B. III, Ch.1, p.176, B. IV,Ch.XII, p.255
10- Ibid., B. II, Ch. II, p.139, See Ibid., B. II, Ch. IV, pp.145,146
11- Ibid., B. II, Ch. IV, pp.145,146
12- Ibid., B. II, Ch. VII, p.154, See Ibid., B. I, Ch.3, p.58, B. II, Ch. IV, p.145, Ch
V, p.150, Ch. VII, p.156, Ch. VIII, p.158, Ch. X, p.64, Proclus; Elements of
Theology, prop. XLIV, p.27,Riel,Gerd Van; Proclus on Matter and Physical
Necessity in Riccardo, Chiaradonna& Franco, Trabattoni (editors); Physics and
Philosophy of Nature in Greek Neoplatonism, Koninklijke Brill, Netherlands, 2006,
p.250
371
مشكلة ال لوهية عند برقلس
وحتى2، ) 14 ( والواحد برغم كونه يتسم بالفاعلية إًل أنه ثابت ًل يتغير
، وتصدر الموجودات عنه دون حركة،عند الفيض يظل كما هو دون تغيير
وبالرغم من ذلك ف إن الواحد بوصفه العلة الساكنة للحركة " ي ملك ف ي ذاته
3 ) 15 (
. " قوة ال نهائية
فهو " أعلى وأرفع من5.)17(فليس له بداية زمنية وًل نهاية4،)16(والواحد خالد
1 )19( 6 )18(
" تاما فقط
وهو ليس ا. "الزمان ومن الشياء الزمانية" ؛ وذلك لكونه " ال مادي
3.)21(وكامل2،)20(" بل هو فوق التمام
13-Proclus; The Theology of Plato, p.1, B. II, Ch.VIII, p.159, Proclus; Elements of
Theology, prop. XXIV, p.17
20 ص، ب18 ، 19 ب، مصدر سابق: ـ انظر برقلس14
Opsomer, Jan; Integration of Aristotelian Physics in Neoplatonic Context in
Riccardo & Franco; Op. Cit., p.208, Proclus; Theology.of.Plato, B. III, Ch. XI,
p.206, Finamore, John & Kutash, Emilie;
Proclus on the Psyche in D’Hoine, Pieter & Martijn, Marije (editors); All from
One, Oxford University Press, England, 2017, pp.124,125.
15- Proclus; Arguments in Proof of the eternity of the World in The Fragments,
Transl. by: Thomas Taylor, J. Moyes, London, 1825, p.8 See Vogel, C. J; Greek
Philosophy, Vol. III., pp.570,571,572
16- See Proclus; The Theol. of Plato, B.II, Ch.II, p.136,Proclus;
Elements of Theology,prop.CV,p.68
27 ص، أ24 ،26 ب،26 ص،ب23 ،25 ب، اإليضاح فى الخير المحض:برقلس
17-Opsomer, Jan; Op. Cit., p.200, See Also Rosan;the Philoso. Of Proclus,
pp.102,108, Proclus; Theology of Plato, B. III, Ch. XI, p.206, Whittaker;
Neoplatonists, pp.168,172, Vogel, G. J.; Greek Philosophy, Vol.III, p.570,
5 ص، أ3 ،2 ب، وانظر المصدر السابق،28 ص،أ25 ،28 ب، مصدر سابق:ـ برقلس18
Proclus; Elements of Theology, prop. LI, p.29
.إن الزمان عند برقلس ـ كما كان عند أفالطون في تيمايوس وأفلوطين ـ صورة متحركة من األبدية
See Smith,Andrew; Eternity and time in Gerson, The Cambridge Companion to
Plotinus,pp.197,210
ويوجد، والزمان كم متصل.فالزمان أزلي أبدي؛ حيث إنه هو مقياس حركة السماوات التى تعد أزلية
= Rosan; Op. Cit., p.186 .داخل العالم المادى
372
جيهان السيد سعد الدين
ميز برقلس بين الدهر والزمان " فالدهر فوق الزمان .أما ( )...ما قبل الدهر فهو العلة
= ولقد ّ
الولى ( )...وأما ما مع الدهر فهو العقل ( )...وأما ( )...ما بعد الدهر وفوق الزمان فهى
النفس(3 )...ب لنها علة الزمان" برقلس :مصدر سابق ،ب3 ،2أ ،ب ،ص5
19- Proclus; Theol. of Plato, B. II, Ch. II, p.136, See Proclus; Elements of
Theology, prop. LXXX, p.46
20ـ برقلس :مصدر سابق ،ب20 ،21ب ،ص23 ،22
21- See Proclus; El. of Theol., prop. XXV, p.17, prop. XXVII, p.19, prop. XLIV,
p.27, prop. XLV, p.28.
22ـ برقلس :مصدر سابق ،ب20 ،20أ ،ص ،22انظر المصدر السابق ،ب23 ،22أ ،ص.24
See Proclus; Ibid., prop. XII, XIII, XX, pp.8,9,13, Proclus; Theology of Plato, B.II,
Ch.VII, p.154
23- Proclus; The Theol. of Plato, B.II, ChVII, pp.156,157
24ـ برقلس :مصدر سابق ،ب 18 ،19ب19 ،أ ،ص ،21 ،20وانظر المصدر السابق ،ب،23
21ب22 ،أ ،ص24
Proclus; Ibid., B. II, Ch.VIII, p.158, Ch.IX, p.163, D’Hoine, Pieter; Platonic
Forms and the Triad of Being,Life and Intellect in D’Hoine& Martijn;All from
One,p.106
25- Proclus; Elements of Theology, prop. LXXX, p.46
26 -See Rosan; The Philoso. of Proclus, pp.79,80
373
مشكلة ال لوهية عند برقلس
374
جيهان السيد سعد الدين
3 ص، ب،أ1 ،1 ب، وانظر المصدر السابق،4 ص، ب،أ2 ،1 ب، المصدر السابق:ـ برقلس34
35-See Proclus; Theology of Plato, B. II, Ch.III, p.139, B.7, Ch.XLIX ,p.627,
Opsomer, Jan; Proclus on Demiurgy and Procession in Wright, M.R.; Reason and
Necessity, Duckworth and the Classical Press of Wales, U.K., 2000,,p.113
36- Rosan; Op. Cit., See Proclus; Elements Of Theol., prop. VIII, p.5, prop. IX,
p.6, prop. CXIII, p.62, Proclus; Theol. of Plato, B.II, Ch.II.,p.137, Ch.VII, p.157,
Ch.VIII, p.158, Ch.IX, p.163, Ch.X, p.164, B.IV,Ch.7, p.247
وهو يعد في،إن أرسطو وأفلوطين قد سبقا برقلس في جعلهما الواحد العلة الساكنة الموجدة لكل حركة
.اآلن نفسه غاية لكل ما دونه من موجودات
37-Proclus; Ibid., B.II, Ch.I, p.133, See Ibid., B.II, Ch.2, p.139, B.IV, Ch.XXXV,
p.296, Proclus; Elements of Theology, prop. VIII, p.5, prop. LXII, p.35,
Whittaker; Neoplatonistspp.165,169
38-Proclus; Elements of Theology, prop. XL, p.25, See Ibid., prop. CXIII, p.62,
prop. CXVI, p.63
39-Proclus; Theol. of Plato, B.II, Ch.III, p.139, See Proclus; Ibid., B.I, Ch.XIV,
p.91, B.II, Ch.VII, p.154, Proclus; Elements of Theology, prop. XX, p.13.
40- Proclus; The Theol. of Plato, B.II, Ch.VIII, p.158B. III, Ch1, p.176, See
Proclus; Elements of Theology, prop. XLVII, p.28, prop. XCIX, p.55
41-Proclus; Theol. of Plato, B.II, Ch.II, p.135, See Ibid.; B.I, Ch.X, p.74
42-Ibid., B.III, Ch.I, p.177,See Proclus; Elements of Theology, prop. XIII, pp.8,9
375
مشكلة ال لوهية عند برقلس
376
جيهان السيد سعد الدين
بالنسبة للموجودات التي تفيض من الواحد فإن أولها سلسلة اآلحاد أو الهينادز
،Henadesثم يأتي العقل ،ثم األقنوم الثالث وهو النفس.
الهينادز وعالقتها بالواحد:
إن الهينادز هى أول ما يفيض عن الواحد عند برقلس أي أنها أول كثرة بعد
الواحد(1.)55وتقوم الهينادز بدور الوسيط بين الواحد والموجودات األدنى منها فهى التي
علية يرتبط مع المبدأ
تربط الموجودات مع الواحد المتعالي؛ ذلك أن أى حد في سلسلة ّ
فمثال العقول ترتبط بالعقل اإللهي ،والهينادز ترتبط بالواحد( 2.)56والهينادز
األعلى منه :ا
تشارك الواحد في تعاليه على كل وجود ،وفي امتالكه لطاقة خالقة ًل
متناهية(3،)57فهى بمنزلة "صورة (من الواحد) وستنتج كل الشياء"(4.)58ورغم تأكيد
برقلس على أن الهينادز ـ كالواحد ـ ًل يمكن وصفها أو معرفتها(5،)59إًل إنه وصفها
بالعديد من الصفات أولها اإللوهية.
إن الهينادز آلهة أدنى في المرتبة من اإلله األول(6.)60وكل حد من حدود سلسلة
الهينادز يعين طبقة من اآللهة؛ فهناك اآللهة التي تكمل ،واآللهة التي تحتوي ،واآللهة
378
جيهان السيد سعد الدين
التي تحفظ(1.)61واذا كانت الهينادز آلهة فإنها تعد خالدة(2.)62والهينادز اإللهية متدرجة
بعضها أكثر عمومية ،وبعضها اآلخر أكثر خصوصية .والهينادز األكثر خصوصية
قد وجدت من الهينادز األكثر عمومية(3)63والتي تعد قريبة من الواحد(4.)64ورغم كثرة
عدد الهينادز لكثرة األنواع المشاركة بها ،فإنها مع ذلك تعد محدودة في
عددها(5.)65وتعد الهينادز مصدر وحدة أي واحد من الموجودات الكثيرة التي تفيض
(6 )66
. عنها
أما عن عالقة الهينادز بالعقل والنفس فإن الهينادز ستنقل طاقتها إلى األقانيم
المختلفة ،ومن ثم تصبح تلك األقانيم إلهية :في البداية تنقل الهينادز اإللهية طاقتها
للعقل ،ومن خالل العقل تكون حاضرة في النفس ،ومن خالل النفس فإنها تعطي
صدى طبيعتها الفريدة حتى للجسم(7.)67فالهينادز ترأس سلسلة من الموجودات التي
تعتمد عليها من خالل قوتها المنتجة(8.)68إن برقلس بتأكيده على مشاركة كل
الموجودات للهينادز ،وحضور الهينادز في كل الموجودات إنما يطبق مبدأ الكل في
(1)69
العلية للهينادز من ناحية أخرى .وتتجلى فاعلية
الكل من ناحية ،ويبرز الفاعلية ّ
الهينادز في فيضه العقل.
العقل وايجاد العالم عند برقلس:
لقد فاض العقل عن الواحد()70؛2ذلك أن العقل فاض عن الهينادز التي تعد هى
ذاتها معلولة للواحد .والعقل " له صورة الواحد "(3،)71فهو شبيه به ،ومحتفظ
بخصائصه ،وبينه وبين الواحد مثل ما بين الضوء والشمس من تشابه(4.)72وللعقل
(5 )73
. "جوهر ، Essenceوقوة ، Powerوطاقة " Energy
69ـ إن مبدأ الكل في الكل أو المبدأ القائل بأن " كل األشياء توجد في كل األشياء" يعني أن األشياء
األبدية موجودة على نحو زمانى في األشياء الزمانية ،واألشياء الزمانية موجودة بالقوة في األشياء
Rosan; Op. Cit., p.96 لال لوجودها.
األبدية؛ حيث إن األشياء األبدية حاوية لها ،وتعد ع ا
وقد استمد برقلس أصول مذهبه القائل بأن الكل في الكل من يامبليخوس.
70ـ انظر برقلس :اإليضاح في الخير المحض ،ب4 ،4ب ،ص ،6ب16 ،16ب ،ص ،18ب،22
22أ ،ص23
Proclus;Op. Cit.,,B.I,Ch.XIII,p.89, Whittaker;Op. Cit.,p.172
71-Proclus;El. Of Theol.,prop.CLX,p.86,See Ibid.,prop.CXII,p.61,Proclus;Theol.
of Plato,B.III,Ch.XVI,p.218
72ـ طارق عبد المحسن :مرجع سابق ،ص136
73- Proclus; El. Of Theol., prop.CLXIX,p.90
لقد سبق العديد من الفالسفة برقلس في التأكيد على عقالنية اإلله منهم إكسينوفان الذي صرح بكون
خالدا.
عقال ا
اإلله ا
See Xenophan; Fr.24 quot. from Freeman, Kathleen; Ancilla to the Presocratic
Philosophers, Alden press, Oxford, 1948, p.23
ونجد أفالطون يتحدث في تيمايوس عن اإلله الصانع العاقل ،ويحذو حذوه أرسطو في حديث عن
عقال يعقل ذاته .ومن بعد أرسطو أكد الرواقيون على فكرة
المحرك األول غير المتحرك الذي يعد ا
اإلله العاقل المعتني بكل صغيرة وكبيرة داخل العالم .انظر ديوجنيس الئرتوس :حياة مشاهير
الفالسفة ـ ج 2ـ ترجمة :د.إمام عبد الفتاح إمام ـ مراجعة :د.إبراهيم محمد حمدي ـ المركز القومى
للترجمة القاهرة ـ 2008ـ ك 7ـ 149 ،147 ،135
380
جيهان السيد سعد الدين
)...( وقد وصف برقلس العقل بالعديد من الصفات أولها األلوهية " فالعقل
وهو يشتمل على كل األشياء على نحو عقلي ثابت ًل.لذا فإنه ًل مادي1،)74("إله
أو تلك الموجودة بعده ـ فأما الموجودة قبله فتوجد به،يتغير ـ سواء تلك الموجودة قبله
وأما الموجودات التي ستأتي بعده فإنها توجد به عن طريق،عن طريق المشاركة
فهو فوق الزمان؛ إذ إنه يحاذى الدهر بخالف3،)76(والعقل خالد2.)75(تضمنه لعللهم
4 )77(
. "النفس التي تعد " علة الزمان
) إلى شيء...( ال يحتاج،" قائم بنفسه5،)78(" والعقل " جوهر بسيط
ولكن فاعليته ًل تعني أي نوع من التغيير8،)81(وفعاًل
ا
7 )80(
، " كامال 6 )79(
ً وهو " يعد. "آخر
ويعد "العقل محرًكا10.)83( ولكنها ليست ًل نهائية،للعقل قوة9.)82(أو الحركة في ذاته
74-Proclus; Theol. of Plato, B.II, Ch.IV, p.146, See Ibid., B. I, Ch.XIII, p.89, B.III,
Ch.I, p.178, Proclus; Elements of Theology, prop. CXXIX, p.70, prop. CXXXIV,
p.73, prop. CLX, prop. CLXI, p.86, prop. CLXXIX, p.97.
23 ص،أ22 ،22 ب، مصدر سابق:برقلس
75-See D’Hoine, Pieter; Platonic Forms and the Triad of Being, Life and Intellect,
p.105
76-See Proclus; Theol. of Plato, B.I, Ch.XI, p.79, Ch.XXVII, p.122, B.III, Ch.XVI,
p.219, B.5, Ch.XXXIX, p.391, Proclus; El. Of.Theol., prop. CLXIX, p.90, prop.
CLXXII, p.92, Finamore & Kutash; Proclus.on.tthe. Psyche, p.123
5 ص،ب3 ،2 ب، مصدر سابق:ـ برقلس77
28 ص،ب24 ،27 ب، انظر المصدر السابق،16 ص،أ15 ،14 ب،ـ المصدر السابق78
Proclus; Theol. of Plato,B.I,Ch.XIX,p.107
16 ص،أ15 ،14 ب، المصدر السابق:ـ برقلس79
80-Proclus; The Theol. of Plato, B.III, Ch2, p.184, See Ibid., B.III, Ch.XIII, p.210,
Proclus; El. of Theol., prop.CLX, p.86
81-See Proclus; Theol.of Plato, B.I, Ch.XVIII, p.105, Russi, Chiara, Causality and
Sensible Objects in Riccardo & Franco; Physics, p.160, D’Hoine, Pieter; Op. Cit.,
p.106
82- See Opsomer, Jan; The Integration of Aristotelian Physics in a Neoplatonic
Context, p.207
17 ص،ب15 ،15 ب، اإليضاح فى الخير المحض: ـ انظر برقلس83
381
مشكلة ال لوهية عند برقلس
غير متحرك "(1.)84وهو " علة كل شىء متحرك "(2.)85و" العقل ( )...أسمى من
الجسام "(3،)86وًل يختلط بها(4.)87وتشارك فيه األشياء التي لها القدرة على
(5 )88
. التفكير
(6 )89
، وللعقل درجات عند برقلس " فالعقل الول ( )...ينتج عقوًال أخرى "
تيبا تناز اليا(8.)91فثمة (7 )90
مرتبطة بعضها باآلخر ارتباط العلة بالمعلول ،فالعقول مرتبة تر ا
عقل أول كما أن هناك عقواًل ثواني ،والعقول الثواني تفيض عن العقل األول .والعقل
األول هو "القائد لكل كثرة العقول"(9.)92وعلى ذلك فإن العقول مرتبة على النحو اآلتى:
أواًل العقول اإللهية ،ثم عقل العالم المتضمن داخل نفس العالم ـ ـ الذي يعد لذلك علة
كل فاعليات النفس ـ ثم العقول اإلنسانية(10.)93والعقول العليا هى األعلى من حيث
العلية وتمتلك الصور بطريقة أكثر عمومية ،بينما العقول األدنى تمتلك الصور
الفاعلية ّ
التي تمتلكها العقول التي تسبقهم ولكن بطريقة أكثر خصوصية .وتحتوي العقول العليا
على صور أقل في الكمية.
ويتسم العقل بالمعرفة " فكل عقل بالفعل فإنه يعقل ذاته ،ذلك أنه عاقل
معا ( )...فإذا علم ذاته علم سائر 13ب الشياء التى تحته لنها منه ،إال
ومعقول ً
84- Proclus; El. of. Theol., prop. XX, p.13, See.Proclus; Ibid., prop. CLXXII, p.92,
prop.XCIII, p.104, Proclus; Theol. of. Plato, B.I, Ch.XVIII, p.105, B.II, Ch.VII,
p.165
85-Proclus; Theol. of Plato,B.II,Ch.VII,p.165
86- Proclus; El. Of Theol., prop.CLXXI,p.92
87- See Proclus; Theol. of Plato,B.I,Ch.XVIII,p.105
88- Whittaker; The Neoplatonists,p.177
89-Proclus;Elements of Theol.,prop.CLX,p.86,See Proclus;Theol. of
Plato,B.5,Ch.XVIII,p.341.
90- See Proclus; El. Of Theol., prop.CLXXIX,p.97
91ـ انظر برقلس :مصدر سابق ،ب17 ،18ب ،ص20 ،19
92-Proclus; Ibid., prop. CLXVI, p.88, See Whittaker; Neoplatonists, p.171
93- See Proclus; El. of Theol., prop. CXI, p.61, Rosan; The Philosophy of Proclus,
p.158
382
جيهان السيد سعد الدين
أنها فيه بنوع عقلى "(1.)94فالعقل يعقل ذاته ،ويعقل " ما فوقه وما تحته ،ويعلم أن ما
فوقه علة له ،وما تحته معلول منه "( "2.)95والعقول السمى تتضمن على نحو كلي
(3 )96
. تلك الشياء تتضمنها(العقول) الدنى منهم على نحو جزئي "
صورا"("4.)97
ً أما عن عالقة العقل بالمعقوًلت فيرى برقلس أن " كل عقل مملوء
وبالرغم من أن كل عقل يعد كثرة إال أنها تعد كثرة موحدة"(5،)98فهو يتضمن كل
الصفات الجزئية المميزة في عالمنا داخل ذاته ،ولكن في صورتها الخالدة
والثابتة(6.)99ويكون وجودها داخله باإلمكان أو بالقوة( .)100ويعد العقل علة كل األشياء
فى العالم .وهو يعرف كل األشياء فى نفس الوقت .ومعرفته هى فاعليته ،وموضوعات
معرفته ليست األشياء الخاصة بالعالم المادى ،ولكن الصور أو المثل الموجودة بالقوة
384
جيهان السيد سعد الدين
الشياء الالمادية المعقولة "( "1.)107فكل الشياء تتقدم من العقل ،وكل العالم ()...
جاء من العقل "(2.)108ورغم إيجاد العقل للعالم فإنه " ساكن (ُ )...ينتج ما ينتجه
بمجرد وجوده"(3.)109لقد تبنى برقلس فكرة سكون العقل ،ولكنه يتحدث عنه في الوقت
نفسه بوصفه علة فاعلة .فوفقاا لبرقلس إنتاج الحقيقة األدنى يعد بال شك من تأثير
كمال العقل ،وًل يتم بتدخل مقصود من جانب العقل .إن القوة اإلبداعية للعقل ناتجة
من تأمل المثل التي يتضمنها العقل على نحو أبدى( 4.)110ولكن السؤال الذي ًل يمكن
تجنبه هو كيف يمكن لصانع ساكن أن يوجد موجودات هم ذواتهم متحركون؟
لقد اعتقد برقلس أنه يمكنه حل هذه المشكلة وتيسير اًلنتقال من علة ساكنة للمعلول
المتحرك عن طريق إدراج عدد ًل نهائي من المتوسطات بين العلة الساكنة والمعلوًلت
المتحركة.
إن الصانع يوجد كل شيء من خالل توسط بعض األشياء " فهو يوجد الشياء
الفانية من خالل اآللهة الصغرى"(5.)111فصانع برقلس ينخرط فى إيجاد الموجودات
األدنى إما مباشرة أو من خالل وسائط .فالعقول الفردية تعد متوسطات؛ ذلك أن العقول
موحدا داخل العقل غير المشارك ،وتنقل كل الصفات المحتواه
ا الفردية تقسم ما كان
وجودا
ا داخله بصورة عامة وباإلمكان إلى األشياء الفردية المختلفة والموجودة
فعليا(6.)112وكما أن العقل بداية وجود موجودات العالم فإنه يعد غاية لها؛ فالعقل غير
ا
(7 )113
. المشارك هو هدف لعودة كل شىء موجود تحته خاصة النفس
386
جيهان السيد سعد الدين
122-Proclus;The.Theol..of.Plato,B.I,Ch.XIII,p.86, See.Proclus;El.of
Theol., prop.XX, p.13, Wildberg; Op.Cit.,p.126,Vogel, G. J.; Greek
Philosophy,Vol.III,p.567
إن كالم برقلس هذا عن النفس يذكرنا بما قاله أفالطون عنها فى محاورة فايدروس بوصفها المحركة
لذاتها .انظر أفالطون :فايدروس ـ ترجمة وتقديم :د.أميرة حلمى مطر ـ الطبعة األولى ـ دار المعارف
القاهرة ـ 1986ـ 245ج ،د.
123-Proclus,In Tim.,III,335,17-23 quot. from Finamore,Kutash,Proclus on the
Psyche,pp.125,126
124-Proclus;The Theology of Plato,B.I,Ch.XIII,p.89,See Ibid., B.I, Ch.XIII, p.89,
B.7, Ch.XXV, p.544, Ch.XXXVI, p.581, Proclus; El.of.Theol., prop.CXXIX, p.70,
prop. CLXXXIII, p.99, prop.CCII, p.109.
125-Proclus; The Theol. of Plato, B.7, Ch.XXXVI, p.581, See Ibid., B.IV, Ch.XIX,
p.266, Proclus; El. of Theology, prop. CLXXXVI, p.101, Vogel, G. J.; Greek
Philosophy, Vol.III, p.567
126-See Proclus;Elements of Theology,prop.CLXXXVII,p.101,
prop.CXCII,p.104,prop.CXCVI,p.106
127- Ibid.,prop.CXCIX,p.107
128- See Whittaker; The Neoplatonists, p.180
ترجع فكرة العود األبدي إلى المدرسة الرواقية التي كانت تعتقد أن العالم الحي العاقل ًل يفنى بل
ينتهي بحريق هائل يتم من خالله تطهير العالم من ما به من شرور ليعاد ميالده بصورته السابقة
التي كان عليها قبل الحريق من جديد .والنفس اإلنسانية العاقلة عندهم ًل تفنى هى األخرى بموت=
387
مشكلة ال لوهية عند برقلس
ساكنة" ( 1. ) 129وا ذا هبط ت " أ ي نفس جزئية ف إ نها تهبط كلية ،فال يوجد
( 2 ) 130
. جزء منها يبقى ف ي العلى ،وجزء آخر يهبط"
نفوسا كثيرة تفيض من تلك
ا وكما أن هناك عقواًل كثيرة فهناك كذلك
العقول(3.)131ويوجد ترتيب تنازلي للنفوس عند برقلس مثلما كانت هناك درجات من
العقول .فالنفس لها ثالث مراتب هى :النفوس اإللهية ،والنفوس البشرية ،والنفوس
الحيوانية(4.)132و"النفوس اإللهية تنتج النفوس الجزئية"(5.)133وتعد "النفوس
تماما كما أن اآللهة هم قادة كل ً اإللهية( )...قادة النفوس الخرى
الموجودات"(6.)134والنفوس تتدرج من ناحية الكمال ،ومن ناحية القوة والتأثير؛ " فكل
(7 )135
. نفس تقبل من العقل قوة أكثر فهى على التأثير أقوى"
أما فيما يخص عالقة النفس بالجسم فيرى برقلس أن " من الجرام الطبيعية ما
لها نفس ( )...ومنها ما هى أجرام طبيعية فقط ال نفس لها"( "8.)136فليست كل
(1 )137
. الطبائع المادية متمتعة بوجود النفس"
=الجسد بل يتجدد وجودها مرة أخرى داخل العالم في نفس الجسد التي كان فيه قبل الموت .وتتضمن
تناقضا أًل وهو إذا كان الهدف من اًلحتراق الكلي للكون هو تطهيره
ا فكرة العود األبدي لدى الرواقية
فأين التطهير إذا كان الكون سيعاد ميالده مرة ثانية بالصورة التي كان عليها قبل حدوث الحريق؟
129- Proclus; Elements of Theology,prop.CCVII,p.112
130- Ibid.,prop.CCXI,p.113
يختلف برقلس هنا عن أفلوطين الذى أكد أن النفس تظل على صلة بالعالم المعقول الذي وردت منه،
طا بمصدره األعلى.
فجزء منها يظل على الدوام مرتب ا
131-See Ibid., prop. CCIII, p.109
132-See Proclus; The Theol. of Plato, B.7, Ch.XLVI, p.615, Whittaker; Op.Cit.,
p.178
133-Proclus; Ibid.,B.7, Ch.XXX,p.559, See Rosan; Op. Cit.,p.113
134-Proclus;El. of Theology, prop.CCII,p.109, See Also Ibid., prop. CCIV,p.110
135ـ برقلس :كتاب اإليضاح فى الخير المحض ،ب5 ،4ب ،ص8
136ـ المصدر السابق ،ب18 ،18أ ،ص20 ،19
388
جيهان السيد سعد الدين
يؤكد برقلس على وجود " نفس إلهية عاقلة فى العالم "(1،)146وهى القائدة للنظام
(2 )147
معا ،وتوجه الكل
في العالم ،وتعد مصدر الوحدة داخله؛ حيث تربط الموجودات ا
تجاه الخير(3.)148ومن ثم فهى من تحقق الكمال للكون .وكما كانت النفس موجدة
لموجودات العالم بما فاض عليها العقل فإنها تدبر العالم بالقوة التي لها من العقل "
فالعقل اإللهي ( )...يدبر الشياء التي تحته ( )...ويفيض العلم على الشياء التى
تحته "(4.)149وبعد أن أوضحنا رأى برقلس في النفس ،وصفاتها ،ودورها في وجود
العالم ،والعناية به ،فسوف نوضح فيما يلي رأى برقلس في الطبيعة.
الطبيعة عند برقلس:
إن الطبيعة أدنى من العقل والنفس ،وهى آخر حقيقة ًل مادية سابقة على
(5 )150
. العالم المادى ،وهى " آخر العلل التي تشكل هذا العالم المادي المحسوس "
فبعد "النفوس اإللهية ( )...تأتي الطبيعة التي هى منقسمة فى الجسام وغير
(6 )151
. منفصلة عن المادة "
وتعمل الطبيعة كوسيط بين النفس والعالم المادي .ففى حين تكون النفس
تماما ومنفصلة عن المادة ،فإن الطبيعة تعد ـ جز ائيا ـ كامنة في المادة وغير
متعالية ا
منفصلة عنها(7.)152إن " الطبيعة هى علة الحركة والسكون لكل الجسام ،وهى كامنة
390
جيهان السيد سعد الدين
في الشياء سواء المتحركة أو الساكنة "( 1.)153واذا كانت الطبيعة فاضت من النفس
فإن لها دور في وجود العالم المحسوس ،ولكن ينبغي أًل يغيب عن أذهاننا أنها تنتج
األشياء ًل عن قصد وتخطيط ،وانما ـ كما كان حال العقل والنفس ـ على نحو
(2 )154
. تلقائي
بدءا من الهينادز،
بعد أن أوضحنا الدرجات الالمادية التي تفيض عن الواحد ا
مرور بالعقل ،فالنفس ،فالطبيعة ،فإننا سنكمل فيما يلي الموجودات الالمادية األخرى
اا
التي فاضت عن الواحد وكان لها دور في وجود عالمنا ،ونقصد بها اآللهة.
اآللهة وايجاد العالم عند برقلس:
اعتقد برقلس في أن كل اآللهة تأتي من الواحد(3.)155فالواحد يعد " إله كل
اآللهة"(4.)156ومع ذلك فإن "اآللهة تختلف عن الواحد الذي ( )...تشبهه ،وتشارك
(5 )157
. فيه"
ورغم إيمان برقلس بأن " كل إله في ذاته يفوق الوصف والمعرفة "(6،)158إًل أنه
وصف اآللهة بصفات عديدة أولها الخلود .إن اآللهة خالدة(7،)159فهى " لم
تولد"(8)160ولن تفنى ـ وهى ًل مادية(9،)161وكاملة(10.)162و" كمال اآللهة ( )...يعد
مختلفًا عن كمال الموجودات ( )...التابعة لهم؛ فالمذكورة أوالً (اآللهة) تعد في
الحقيقة تامة بذواتها ( )...أما الخيرة (الموجودات) فتكتسب الكمال نتيجة
كل من أسمى وجودها"(2،)164وتعد في "متعالية للمشاركة"(1.)163واآللهة
(4 )166
. الموجودات(3،)165و" ال تمتزج بشىء"
هينادا
ا ويؤكد برقلس على وجود كثرة من اآللهة ،وكل إله سمته الوحدة حيث يعد
كامال بذاته(5.)167ومع ذلك فإن " كثرة اآللهة ال تعد النهائية "(6.)168وهناك درجات
ا
من اآللهة فليست كلها في مرتبة واحدة(7.)169وهى تتصل ببعضها من خالل حدود
وسيطة(8.)170فأما " اإلله القريب من الواحد فهو يعد أكثر كلية ،واإلله البعيد عن
الواحد أكثر جزئية ( )...وقد وجدت اآللهة الكثر جزئية من اآللهة الكثر
كلية"(9.)171و" توجد صفات مختلفة تخص اآللهة المختلفة ،فتوجد آلهة تشكل الكون
اسا يحافظون على النظام
وتعطي الصور للموجودات ( )...وآلهة آخرون يعدوا حر ً
وترابط الشياء"(10.)172وأما "اآللهة التابعة فموجودين مسبقًا في اآللهة السمى()...
(11 )173
. سموا"
وهم ال يملكون كل القوى الخاصة باآللهة الكثر ً
163-Ibid., prop.CLIII,pp.82,83
164-Ibid., prop. CXVIII, p.64, See Ibid., CXXIII, p.67, Clark; Op.Cit., pp.59,63,
Proclus; Theol. of Plato, B.5, Ch.XXXIX, p.392, Marijie; Op. cit.,p.65
165-See Proclus; El. Of Theol., prop.CXXIII, p.67,Theol. of Plato, B.I, Ch.XVIII,
p.103, B.7, Ch.XLII, p.603
166- Proclus; Elements of Theol., prop.CXXVI,p.69
167-See Ibid., prop. LXIV, p.37, prop. CXVIII, p.64, prop.CLXVI, p.89
168-Ibid., prop.CXLIX,p.80
169- See Proclus; Theol. of Plato, B.II, Ch.VII, p.156
170 -See Proclus; Elements of Theol., prop. CXXXII, p.72
171- Ibid.., prop.CXXVI,p.69, See Vogel, C. J.; Gr. Philos.,Vol.III, p.575
;172- Proclus; On the First Alcibiades of Plato, 30 quot. From Gregory
Neoplatonists, p.171
173- Proclus; Elements of Theol., prop.CL,p.81
392
جيهان السيد سعد الدين
وأما اآللهة األرضية " فهى تستمد من (( )...اآللهة السماوية) كمالها ()...
ونظر لن اآللهة التى تحكم عالم الصيرورة
ًا وهم يتبعون اآللهة السماوية ()...
تماما كما تعود
ً مستمدة مباشرة من اآللهة السماوية ،فإنهم يعودون إليهم ()...
اآللهة السماوية لآللهة فوق السماوية الذين فاضوا منهم مباشرة ( )...وبعض
(اآللهة الرضية) ( )...قريبة لآللهة السماوية ( )...وتوجد ملوك لآللهة ( )...تحكم
كل الشياء هم :فانس ،Phanesوالليل ،Nightوأورانوس ،Uranusوكورونوس
،Coronosوزيوس ،Zeusوديونيسوس )...(Dionysusوقد جاءت كل تلك الملوك
(من الواحد) من خالل متوسطات ( )...لتمنح النظام لألشياء الموجودة (على
قابال للمشاركة "(2.)175هذا عن صفات (1 )174
الرض)" .و" كل إله باستثناء الواحد يعد ً
اآللهة عند برقلس فكيف أوجدت اآللهة عالمنا؟
" لوجود كل شىء البد من وجود مادة ،وعلة فاعلة "(3.)176فبالنسبة للعلة
الفاعلة فإن اآللهة " توجد كل الطبائع"(4،)177فهى " تحتوي على كل الشياء وتنتج كل
الشياء "(5.)178ولكن قبل أن نوضح كيفية إيجاد اآللهة للعالم فإننا سنعرض تصور
برقلس عن المثل؛ إذ إنها هى العلل الصورية التى لوًلها ما وجدت الموجودات
المحسوسة.
المثل:
(1 )179
احدا في العقل
صور من المثل .والمثال الذي كان و ا
اا إن الموجودات تعد
اإللهي يتعدد في األفراد(2.)180وللمثل وجود موضوعى عند برقلس ـ كما كان حالها
علال لألشياء"("3.)181وكل المثل تنتج الشياء التالية
بالنسبة ألفالطون " .فالمثل تعد ً
(5 )183 (4 )182
. علال فاعلة
عليها بمجرد وجودها " .فالمثل عند برقلس تعد ا
ولقد حصر برقلس ـ كما فعل أفالطون في محاورة السفسطائى ـ عدد المثل في
" خمسة أجناس تتكون منها كل الشياء :الجوهر ،والسكون ،والحركة ،والتشابه،
مشابها لذاته ،وفي
ً واالختالف .فكل شيء يجب أن يكون له جوهر( )...ويكون
(6 )184
الوقت نفسه مختلفًا عن اآلخرين " .
وقد وصف برقلس المثل بعدد من الصفات منها أنها ًل مادية(7.)185ولذلك فإنها
ثابتة ًل تتغير ،وخالدة(8.)186وهذا يعني أنها متعالية(9،)187أي أنها منفصلة عن
األشياء(10.)188والمثل عامة؛ حيث توجد مثل لكل الصفات الجزئية المميزة الموجودة
(11 )189
. في العالم المادى ،وتوجد كذلك مثل للعالقات بين األشياء
394
جيهان السيد سعد الدين
وللمثل درجات؛ فكما أنه يوجد تدرج بين الموجودات فى العالم المحسوس ،فكذلك
الحال بالنسبة للعلل المثالية الموجدة للمحسوسات( .)190فأما المثل األكثر عمومية فهى
التي تشارك بها كل الموجودات ،واألكثر خصوصية هى تلك المثل التي يشارك فيها
قائدا لسلسلة معينة"(2.)192ورغم أن لكل مثال (1 )191
بعض األفراد " .وكل مثال يعد ً
فرديته ،فإن المثل ترتبط بعضها باآلخر .والمثل ًل توجد الموجودات المحسوسة
بمفردها بل ًلبد من وجود علة فاعلة لذا فإننا سنوضح عالقة العقل بالمثل.
عالقة العقل بالمثل:
موضوعا للتفكير ،وهو موجود في العقل .والعقل يتضمن
ا إن كل مثال فردي يعد
كل تنوعات العالم الفعلي داخله كوجود بالقوة(3.)193فالمثل أفكار للعقل
(5 )195 (4 )194
تميز كل المثل في العقل
اإللهي .والعقل هو القوة المنتجة لكل األشياء .ويتم ّ
اإللهي وفقاا لصفاتها الخاصة ،فكل مثال يعد وحدة يتبعها سلسلة من المشاركين .ولكل
(6 )196
. تميزه عن كل المثل األخرى الموجودة داخل العقل
مثال خاصية مميزة ّ
191- Riel, Gerd Van; Proclus on Matter and Physical Necessity, p.244
192-Proclus; Theol. of Plato,B.III,Ch.XXII,p.232
193-See Ibid.,B.III,Ch.IX,p.203,Martijn,Marije&Gerson,Lloyd;Proclus’ System
in All from One,pp.59,60
لم تكن مسألة وجود المثل داخل العقل من ابتكار برقلس بل سبقه أفلوطين في التأكيد على وجود
المثل داخل العقل اإللهيSee D’Hoine,Pieter;Op. Cit.,pp.99,102 .
194ـ انظر برقلس :اإليضاح في الخير المحض ،ب11 ،9أ ،ص13 ،12
195-Costa, Cristina; Plotinus and Later Platonic Philosophers on the Causality of
the first Principle, In Gerson, Lloyd; The Cambridge Companion to Plotinus,p.371
196- D’Hoine, Pieter; Op. Cit., p.110, See Proclus; El. Of Theol.,
prop.CLXXVI,p.95
395
مشكلة ال لوهية عند برقلس
197 Costa, Cristina; Op. Cit., p.365, See Proclus; Theol. of. Plato, B.II, Ch.VII,
p.154, B.VI, Ch.IV, p.405 Proclus; Argument(15) in Proof of the Eternity of the
World,p.70
سبق أفالطون برقلس فى التأكيد على أن عالقة المثل بالمحسوسات هى محاكاة الصور المحسوسة
لألصول ـ أى للمثل.
See Plato; Timaeus,Transl. with Commentary by: Francis Macdonald Cornford,
in Plato’s Cosmology, Kegan Paul Trench Co., London, 1937,
28a,29a,30c,39c,48e,50d,52a, Aristotle; Metaphysics, B. I, Ch.6,988a
ولقد تابع أفلوطين أفالطون في اعتقاده بمحاكاة العالم المحسوس للمثل ،وهذا يعني إيمانه بتعالى
المثل ،وفي الوقت نفسه ارتباط تلك المثل بالمحسوسات .انظر أفلوطين :التاسوعات ـ ت 2ـ ف،4
،4 ،12ت 5ـ ف 1ـ 4 ،10
198-See Rosan; The Philosophy of Proclus, p.96
199-See Opsomer, Jan; The Natural World, p.158
200-See Proclus; Elements of Theology, prop. XXXVI, pp. 23,24
& 201-See Proclus; The Theology of Plato, B.I, Ch.XIII, p.85, Dillon, John
Gerson, Lloyd;Neoplatonic Philosophy,Hackett Publishing
Company,U.S.A.,2004,p.272
396
جيهان السيد سعد الدين
الالزمة لوجود أي شيء مادى(1.)202وقد سماها برقلس ـ كما فعل أفالطون في
تيمايوس ـ المكان(2.)203إن المكان يعد مجرد إمكانية أو وجود بالقوة يمكن أن يصبح
وجودا بالفعل .ومما ًل ريب فيه أن فكرة الوجود بالقوة والوجود بالفعل هى من األفكار
ا
األرسطية التي تأثر بها برقلس.
وكما وصف برقلس الواحد ،والعقل ،والنفس ،فإنه يصف المادة بعدة صفات.
()204
، إن أول صفة تتصف بها المادة هى قدرتها على استقبال كل الصور والكيفيات
فالمادة عند برقلس ـ كما كانت عند أفلوطين .ـ غير محددة ،بال أى كيفية ،أو كمية ،أو
شكل(3،)205ولكنها قادرة على اتخاذ أشكال متعددة من خالل ارتباطها بالصورة .ويؤكد
برقلس على أن " المادة غير محدثة وال فانية "()206؛ 4فهى سابقة في الوجود على
وجود العالم وما فيه من موجودات .وتعد متحركة ولكن على نحو غير منتظم(5.)207إن
مادة برقلس تتصف بصفات قابل أفالطون كما تحدث عنه في محاورة " تيمايوس"
قديما ،وغير محدد من ناحية الشكل والصفات ،ويتحرك حركة
ا الذي كان
(6 )208
مضطربة .
ميز برقلس ثالثة أنواع202ـ ربط برقلس ـ كأفالطون ـ بين الضرورة والقابل .ووفقاا لدامسقيوس ّ
للضرورة :الضرورة اإللهية الصادرة من قبل الواحد ،والضرورة المادية ،والضرورة التي تفرضها علينا
القوى الخارجية تجبرنا على فعل أشياء لم نكن لنختارها بحريتنا.
Riel, Gerd Van; Proclus on Matter and Physical Necessity, pp.235,236
203- See Plato; Tim.,52a,d, Aristotle; Physica, Transl. by: R. P. Hardie, R. K.
Gaye,under the editorship of:W. D. Ross,in The Works of Aristotle,Vol.II,The
Clarendon press,Oxford,1947,B.IV,Ch.2,209b11-16
205-Wildberg; AWorld of Thoughts,,p.135 ,See Riel, Gerd Van; Ibid.,pp.240, 245
;206-Proclus; Argument (14) in Proof of the Eternity of the World p.58,Riel,Gerd
Ibid, pp.239,247,248
207-See Proclus;On the Existence of Evils,38,1ff. in Sorabji,Richard;The
Philosophy of the Commentators,Vol.2, Bristol Classical Press, London,2012, p.107
Marijie; Proclus,p.60
208-See Plato;Tim.,46e,69b,c,Riel,Gerd Van; Op. Cit., pp.231,238,248
397
مشكلة ال لوهية عند برقلس
ولكي يشكل العقل الصانع الموجودات المتنوعة من المادة عليه أن يقنع المادة ـ
كما قال أفالطون في تيمايوس ـ بطاعته " ،فالصانع يضع مادته المالئمة ()...
جاعال إياها مالئمة لهدفه"(1.)209والصورة عند برقلس هى ما يحدد المادة(2.)210والمادة
ً
يمكن أن تفصل عن الصورة في العقل فقط.
وكما كان للمثل درجات ،فللمادة كذلك درجات عند برقلس .فأما المادة األولية
فإنها تفتقر ألي نوع من التحديد فليس لها صورة ،أو كيفية .وأما المادة الثانية فهى ـ
على عكس المادة األولى ـ مركبة؛ إذ إنها اتحاد من الالمحدود ـ المادة األولى ـ مع
جسما .وتعكس المادة الثانية األجناس الخمسة العليا الموجودة
ا الحد ،ولذلك فهى تعد
في "السفسطائى"؛ فلها وجود ،واختالف ،وذاتية ،وحركة ،وسكون .ويتحدث برقلس في
تحديدا
ا بعض نصوصه عن مستوى ثالث للمادة .إن المادة الثالثة عند برقلس تعد أكثر
من المادة الثانية حيث شكلت من اتحاد الصورة بالمادة فنشأت مثلثات يمكن اعتبارها
(3 )211
.
أجساما مالكة لصفات محددةا
وبالنسبة لعالقة المادة بأوجه النقص الموجودة في الطبيعة أو الشر بصفة عامة،
(4 )212
. خير وانما هى حيادية
شر وًل اا
فإن برقلس يرى أن المادة فى حد ذاتها ليست اا
(5 )213
وهى تعد ضرورية من أجل كمال الكون ككل .
الخير ـ الذي يعد علة كل
ّ وبعد أن أوضحنا درجات الفيض من الواحد
وجود(6،)214و" مبدأ كل الشياء"(7،)215والوجود األول الذي يسبق كل وجود(1،)216و"
398
جيهان السيد سعد الدين
فإننا3ـ )218(
"ذلك أن " كل الشياء تأتى منه بتوسط العقل والنفس2)؛217("العلة لكل كثرة
اما علينا قبل أن نستطرد فى بيان كيفية إيجاد الصانع للعالم وموجوداته عند
نرى لز ا
والنموذج ما هم إًل، والمادة، أن نعرض لتصوره عن العلية؛ حيث إن الصانع،برقلس
.علل
:العلية
) ويرتبط مجيئه...( يؤكد برقلس أن " أى شىء يوجد يجب أن يأتى من علة
5 )220( 4 )219(
تيبا
والعلل مرتبة تر ا، " ) سابقة على المعلول...( و" العلة. " بغاية ما
،وكلما اقتربت المعلوًلت من العلة األولى ـ الواحد ـ كانت أقل فى الكمية6.)221(هرميا
ا
عددا
ً والعلة " لعدد أكبر من المعلوالت تعد أفضل من تلك التى تنتج.وأكثر عمومية
7 )222(
. " أقل من المعلوالت
و" تعد العلة المنتجة بكل االعتبارات أسمى وأفضل من الشيء المنتج (أي
ولذلك فهى9،)224(" تاليا عليها
ً كماال وقوة مما يأتي
)223(
ً " فالعلة أكثر8، " )المعلول
،21 ب،19 ص،ب17 ،17 ب،12 ص،ب10 ،8، اإليضاح في الخير المحض:=انظر برقلس
23 ،22 ص،ب20
216-See Proclus; Ibid., prop. XXIII, p.16,Theol. of Plato, B.II, Ch.IV, pp.145
217-Proclus; Theol. of Plato ,B.II, Ch.VI, p.151, See Ibid., B.I, Ch.X,
p.74, B.III, Ch1, p.176,Ch.VIII,p.158, Proclus, a Solution of Ten
Doughts against Providence in The Fragments, p.32
218-Proclus; The Theology of Plato, B.I,Ch.XIII,p.89
219-Proclus, On The Existence of Evils,50,1-41 quot. From Sorabji,The Philos. Of
Comm.,Vol.2,p.101
220-Proclus;Elements of Theology,prop.LVIIp.33,See Dillon,Neoplatonic,p.274
221- Riel, Gerd Van; Proclus on Matter and Physical Necessity, p.248
222-Proclus; Elements of Theology, prop.LX,p.35, See Ibid., prop.LVII,p.33
223-Ibid., prop.7, p.5, See Also Ibid., prop. XI,p.7, prop. XVIII, p.12, prop.
XXVIII, p.19, prop. LX, p.35, prop. XXXVI,LVII p.24,33, Proclus; Theology of
Plato, B.II, Ch.5, p.149, Ch.X, p.164, B.III, Ch.1,176, B.6, Ch.XI, p.422, B.7,
Ch.IX, p.494, Bos & Meijer, On Proclus & his Influence,p.72
224- Proclus; Elements of Theology, prop.LVII,p.33,See Sorabji, Op. Cit.,p.153
399
مشكلة ال لوهية عند برقلس
400
جيهان السيد سعد الدين
يشير إلى اتحاده بها ،وخروجه منها يعبر عن اختالفه عنها ،وعودته إلى علته يعبر
عن سعيه تجاه خيره الخاص(1.)234فالعلة من ناحية هى مصدر وجود النتيجة ،ومن
ناحية أخرى هى هدف وغاية للنتيجة .فالبقاء في العلة ،واًلنفصال عنها ،والعودة إليها
هو المسار الدائري للنتيجة(2.)235والعلل عند برقلس ًل تسير في سلسلة ًل نهائية،
فيجب أن يوجد محرك أول غير متحرك يعد المحرك األول لكل الموجودات .وهذا
(3 )236
. المصدر الساكن هو بداية الحركة وغايتها في نفس الوقت
وبالنسبة ألنواع العلل اتبع برقلس أفالطون وأرسطو فى تصنيفه للعلل إلى أربع
علل هى:العلة الصورية ،والعلة المنتجة أو الفاعلة ،والعلة الغائية ،والعلة
المادية(4.)237والعلل الحقيقية عند برقلس هى العلل الالمادية ،أما العلل المادية فإنها
علال مساعدة فحسب()238؛5ذلك أن المادة مجرد إمكانية أو وجود بالقوة ،وعند
تعد ا
برقلس "كل شيء بالقوة يتحول إلى شيء آخر بالفعل من خالل شيء موجود
(1 )239
. بالفعل"
وبعد أن أوضحنا تصور برقلس عن العلية فإننا سنبين رأيه عن العناصر؛ إذ
إنها هى المادة التى سيشكل منها العالم وموجوداته؛ فالعالم ًل يأتى من المادة األولى
مباشرة ،بل من المادة بعد أن تشكل فى صورة عناصر.
العناصر:
إن العناصر األربعة عند برقلس هى الوحدات البنائية للعالم األرضى ،وقد
أشكاًل
ا أوجدهم الصانع األول بمعاونة الثالوث الصانع .وإليجاد العناصر فرض الصانع
هندسية على المادة ،فشكل العناصر على صورة مثلثات ثالثية األبعاد .والعناصر
أخير األرض .فأما النار
تتقدم فى نظام محدد :أواًل تأتى النار ،ثم الهواء ،ثم الماء ،و اا
فإنها ضرورية لكي يكون جسم العالم مر ائيا ،واألرض ضرورية لتعطي العالم المادي
صالبة وتجعل جسم العالم مدراكا باللمس .أما الهواء والماء فإنهما يعمالن
=See Plato; Phaedo,in the Dialogues of Plato,Transl. into Eng. By; Jowett, With
an Introd. by: Raphael Demos, Vol.I, Random House, New York, 1937,99b,Tim.,
46e,68e,69c
239- Proclus; Argument(3) in Proof of the eternity of the World,p.39
إن نص برقلس هنا يذكرنا بكالم أرسطو في كتابه "الميتافيزيقا " (.)Arist.,Metaph.,B.IX, Ch.8,1049b
وهذا النص إن دل على شيء إنما يدل على مدى تأثر برقلس بأفكار أرسطو.
يميز برقلس بين ثالثة أوجه للقوة فى كل شىء؛ فما يسمى القوة باإلمكان Potential Powerتعد سابقة
على األشياء الموجودة ،وهى القوة التى يجب أن تحوزها األشياء لكى توجد .وكل شىء يحوز قوة باإلمكان ما
عدا الواحد .وأما القوة الداخلية Internal Powerفهى ما يملكها الشىء داخل ذاته وتمكنه من أن يستمر
فى الوجود .وأما القوة الخارجية External powerفهى ما يؤثر بها شىء فى شىء آخر ،وهى أساس
مبدأ العلية .وهى مملوكة لكل شىء باستثناء المادة .وتعد القوة الداخلية أهم قوة بالنسبة للشىء فى ذاته .أما
القوتان اآلخريان للشىء فأما أنها تسبقه أو تتلوه ،وتربطه بشىء آخر.
Rosan; The Philoso., of Proclus,p.67
402
جيهان السيد سعد الدين
علة فاعلة"(1.)248وهو يعمل على مادة موجودة مسبقاا تمثل إمكانية وجود الموجودات
المادية المحسوسة.
يرى برقلس أن الصانع الكلي ينتج كل شىء ـ حتى الموجودات الجزئية والفانية.
إنه يوجد الموجودات الفانية بتوسط اآللهة الصغرى ،وهو يوجد الموجودات بالتفكير
فيها فحسب .فاآللهة الصغرى هى علة الموجودات الفانية .أما الصانع الكلي فهو العلة
البعيدة للطبيعة الفانية(2.)249إن الصانع الكلي عقل يفكر على نحو ًل زماني ،وبطريقة
ثابتة كما هو حال محرك أرسطو غير المتحرك .وهو يوجد بصورة ساكنة وغير زمانية ـ
أى ًل تدخل فى إطار الزمان ـ ـ فيكفي وجوده إليجاد األشياء ،فهو يوجد بدون القيام
بأي فعل.
ومما ًل ريب فيه إن إيجاد الصانع للموجودات يستلزم وجود نموذج ينقله الصانع
ونظر ألن الصانع األول أو
اا للموجودات األدنى منه من خالل سلسلة من الوسائط.
الكلى ـ زيوس ـ هو مصدر القوى المبدعة للصناع األدنى منه ،فإنه من الصحيح القول
إنه محدث كل شيء.
وبالرغم من أن الصانع الكلى هو اإلله الموجد للعالم ،إًل إنه ليس العلة الوحيدة
لوجود العالم .فتوجد مبادىء متعددة صانعة .إن الصنع يعد عملية معقدة تدار من قبل
كثرة من الصناع .فالصانع الكلى ـ وهو ذلك الذى سماه أفالطون فى " تيمايوس" باألب
الصانع ،وسماه برقلس زيوس ـ ينتج الكليات الخالدة .أما جزئيات العالم فقد وجدت من
قبل قوى صانعة أدنى من الصانع الكلي()250؛3فيوجد ثالثة من الصناع يساعدوا
250-See Proclus; Theol. of Plato, B.6, Ch.VI, p.408, B.VII, Ch.XVI, p.515,
Ch.XVII, pp.519,520 Ch.XLVIII, p.624
إن فكرة إله أعلى عاقل هو علة وجود موجودات العالم ويأتي بعده آلهة عديدة لم تكن من ابتكار
برقلس بل نراها عند إكسينوفان الذي يقول فى إحدى شذراته "يوجد إله واحد السمى بين اآللهة=
404
جيهان السيد سعد الدين
زيوس في إيجاد العالم وموجوداته .ويتكون هذا الثالوث من زيوس الثاني ،وبوسيدون
،Poseidonوبلوتو 1.)251(Plutoوهؤًلء اآللهة الثالثة يقسموا العالم بينهم ،ويعدون
(2 )252
.رموز للوجود ،والحياة ،والعقل
اا
واذا كان الصانع األول زيوس يعد محدثاا بطريقة كلية ،فإن الثالوث الذي يترأسه
يوجد الموجودات الجزئية(3.)253فأحد اآللهة الصانعة في الثالوث يوجد الموجودات
الكلية بطريقة جزئية ،وآخر يوجد الموجودات الجزئية بطريقة جزئية .فالتمييز األكثر
جوهرية بين الصناع عند برقلس إنما هو تمييز بين طريقتين لإليجاد؛ الكلي والجزئي.
فالطريقة الكلية تماثل تلك التي يقوم بها الصانع في " تيمايوس" ،وأما اإليجاد الجزئي
فإنه يماثل المرحلة الثانية للصنع في " تيمايوس " ،وهى تلك التي تقوم بها اآللهة
4
الصغرى(.)254
وبالنسبة للصنع الجزئي فقد نظم على نحو مماثل ،نعني كل صانع يتبعه ثالوث
من الصناع ،واإلله الذي يقود الصناع الجزئيين هو ديونيسوس .ولم يحدد برقلس بدقة
أحيانا مستوى ثالث من الصنع وهو صنع
ا ما يفعله الصناع الجزئيين .ويذكر برقلس
=والبشر ،ال يشبه الفانين ال في الشكل وال في العقل .فهو يرى بكليته ،يفكر بكليته ،ويسمع
بكليته .وهو يحكم كل الشياء بال مشقة بقوة عقله"
Xenophan;Fr.23 quot. from Freeman;Ancilla to the Presocratic Philosophers,p.23
251-See Proclus; Ibid.,B.6,Ch.VIII, p.414
252-See Opsomer, Jan; Op. Cit.,p.120
253- Opsomer, Jan; The Natural World,p.146
ترتد فكرة الثالوث الصانع إلى أسطورة محاورة " جورجياس" التى روت أن زيوس ،وبوزايدون
،Poseidonوبلوتو Plutoقسموا ملك أبيهم بينهم
See Plato; Gorgias, Transl. By:R.M. Lamb, William Heinemann, LTD., London,
1953,523a.
وقد تبنى سريانوس Syrianusـ أستاذ برقلس ـ فكرة الثالوث الصانع ،وسار على دربه برقلس.
254- Opsomer, Jan; Proclus on Demiurgy and Procession , p.119
405
مشكلة ال لوهية عند برقلس
أدونيس Adonisالذي ينتمى لعالم الصنع الجزئي ،ويعد مسئواًل عن الميالد واعادة
الميالد بالنسبة للعالم األرضي.
وقد رأى برقلس أنه توجد علل صانعة أخرى باإلضافة إلى الصناع الجزئيين،
(1 )255
أيضا علة صانعة
وهم المالئكة ،والديمونات .والنفس أو الطبيعة يمكن أن تعد هى ا
(2 )256
تنقل القوى التى تستقبلها من الصانع إلى العالم المادي .
ولقد قدم برقلس في كتابه " إلهيات أفالطون " صورة أخرى لكيفية وجود العالم؛
إذ يرى أن العالم وجد عن طريق أربع علل" :األب فقط ،" Father aloneثم " األب
أخير
والموجد ،" Father and Creatorثم " الموجد واألب ،"Creator and Fatherو اا
" الموجد فقط ."Creator aloneفأما األب فهو ـ كما قال برقلس ـ الذي يصل الوحدة
والخيرية من الواحد إلى كل فئات الموجودات .وأما " األب والموجد" فيشير إلى النموذج
الخالد الذي سيرجع إليه الصانع في تنظيمه للعالم .وأما " الموجد واألب " فقد قيل كونه
علة كون الكون ككل مشابهاا لنموذجه وهو يماثل العقل الصانع في " تيمايوس" .وأما "
الموجد فحسب" فيشير إلى اآللهة الصغرى الذين يوجدون العالم بكل موجوداته
(3 )257
. المحددة
وبعد عرضنا آلراء برقلس عن وجود العالم ودور اآللهة في إيجاده فإننا نرى أنه
رغم تشابه برقلس مع أفالطون في تصوره لوجود إله صانع يندرج تحته العديد من
الصناع الذين يتمون إيجاد العالم بما فيه من موجودات كثيرة مستعينين بالمادة
ومحاكين للمثل أو العلل النموذجية ،فإن الصانع األفالطوني واآللهة المحدثة في
"تيمايوس" تتميز بالفاعلية بينما آلهة برقلس الصانعة آلهة ساكنة لم تخطط لوجود
العالم وموجوداته بل إن مجرد وجودها كان العلة لوجود موجودات العالم .وًل ندري
257-See Proclus; Theol. of Plato, B.III, Ch.XVI, p.218, B.6, Ch.VII, p.411, B.7,
Ch.XLVIII, p.624, Riel, Gerd Van; Op. Cit., pp.248,249
406
جيهان السيد سعد الدين
258-Proclus; The Theol.of Plato, B.III, Ch.III, p.189, See Ibid., B.III, Ch.VII,
p.199, Ch.X, p.204, Ch.XV, pp.213,214.
لم يكن برقلس أول من قال من الفالسفة بأن نشأة الموجودات هى نتاج لفرض الحد على الالمحدود،
فقد سبقه إلى هذا القول كل من فيثاغورث وأفالطون .ففيثاغورث قد أرجع نشأة الموجودات إلى
األعداد التي وجدت من الواحد الذي جاء بدوره من مبادىء أبسط منه هى الالمحدود والمحدود.
See Arist.; Metaphy., B.A,Ch.8,989b34,B.N,Ch.3,1091a13,Phys.,B.III,Ch.4,203a4
ويقول أرسطو إنه يوجد لدى الفيثاغوريين عشرة مبادىء ترجع لمبدأى الالمحدود والمحدود ،وقد رتبها
الفيثاغوريون فى عمودين متقابلين .فأما العمود األول فيندرج تحت الالمحدود الزوجي ،والكثرة
واألنثى ،والشر ،والظلمة .وأما العمود الثانى فيندرج تحت المحدود الفردي ،والواحد ،والذكر ،والخير،
See Arist., Metaph.,B.A,Ch.5,986a22 والنور.
ثم جاء أفالطون من بعد فيثاغورث وأكد فكرة نشأة الموجودات بفرض الحد على الالمحدود وذلك في
محاورتيه فيليبوس ،وتيمايوس
See Plato, Philebus, Transl. by: R. Hackforth in Plato's Examination of Pleasure,
Cambridge University press, 1949, 23c ,28c, d,30a,31a, Tim.,29d-30c.
259 -See Proclus; The Theol. of Plato, B.III, Ch.XXI, p.228
260-Rosan; the Philoso. Of Proclus, p.126
261-Proclus; Ibid.,B.III, Ch.XVI, p.217
407
مشكلة ال لوهية عند برقلس
تحديدا
ا اإلناث"(1.)262وكل موجودات العالم مكونة منهما؛ فكل شيء جزئي يملك
بوصفه مال اكا لصفات مميزة ،ويحوز ًل نهائية متمثلة في القابل أو المادة(2.)263إن
(3 )264
مميز عن غيره . الصورة هى الحد الذي يحدد المادة الالمحدودة ،ويجعل الشيء اا
وللعالم صفات عند برقلس وأول تلك الصفات الثبات .فهو يتسم بالثبات؛ ذلك إنه
صورة من عالم المثل .و"إذا كانت علة الكون ساكنة ( )...فإنه من الضروري أن
ناتجا عن علة ساكنة"(4.)265وقد يرى البعض أن القول
يكون الكون ثابتًا بوصفه ً
بثبات العالم مخالف للواقع ،ولكن برقلس كأفالطون يرى أن العالم ككل بأجناسه ثابت،
أما الموجودات الجزئية أو األفراد فتلك هى المتغيرة(5.)266ويتصف العالم عند برقلس
بالخلود فهو " لم ُيولد ( )...ولن يفنى ( )...وفقًا لإل رادة اإللهية للصانع "()267؛ 6اا
نظر
(7 )268
أبديا مثل علته .
ألن "الشيء الذي سيصنع من قبل علة أبدية سيكون ا
ولقد قدم برقلس الكثير من الحجج التى يدعم بها قوله بقدم العالم منها قوله
تماما كما أن الشمس
"إن صانع العالم موجود خالد ( )...والعالم يجب أن ُيوجد معه ً
التي تنتج الضوء يوجد الضوء معها ،ولن يكون الضوء ال سابق وال الحق
408
جيهان السيد سعد الدين
للشمس"(1.)269ونجد كذلك قوله " إن الصانع لن يفنى الكون ،حيث إن ( )...فناء ما
قد تم تركيبه على نحو جميل ( )...يأتى من شخص شرير .ومن الشياء التي ال
شريرا .فلذلك فإنه من المستحيل أن يفنى الكون ()...
ً الخير يصبح
يمكن إدراكها أن ّ
خالدا "(2.)270وفي موضع ثالث نراه يقول " :إن كان كل
وهكذا فإن ( )...الكون يعد ً
ما يفسد فإنما يفسد من شيء غريب عنه يدخل عليه ،ويفسد إلى شيء غريب()...
وحيث إنه ال يوجد شيء خارج الكل وال شيء غريب عنه (يدخل إليه) ( )...فهو
(3 )271
. غير فاسد"
والعالم المحسوس عند برقلس كائن حي له جسم ،وله نفس(4)272عاقلة(5.)273وهو
احدا ( )...لمشاركته في الواحد"(6.)274وهو كل
يتصف بالواحدية؛ حيث يعد " و ً
متناسق كامل منظم()275؛7فلكل شيء في العالم مكانه ،وكل شيء مرتبط بكل شيء
آخر سواء على نحو مباشر أو غير مباشر .وهناك تدرج بين موجودات العالم ،فليست
كلها في مرتبة واحدة؛ حيث إن العالقات بين الموجودات الطبيعية داخل العالم تعد
صور من المثل التي
اا انعكاسا للعالقات بين عللها ،طالما أن األشياء الطبيعية تعد
ا
(1 )277 (8 )276
تتصف هى ذاتها بالهرمية .وللعالم عند برقلس شكل كروي .وهو يتحرك "
(2 )278
. حركة مالئمة للجسم الكروي ،أي الحركة الدائرية"
ولكن رغم إيمان برقلس بوجود النظام في العالم واطراد أحداثه ،فإنه لم ينكر
وجود المصادفة .فأحداث المصادفة أو األحداث اًلتفاقية من وجهة نظره هى تلك
(4 )280
. "التى ال توجد وفقًا للعقل ،وال وفقًا لغاية محددة"(3.)279وتبدو لنا وكأنها بال علة
وللنظام داخل العالم سمات معينة أولها الوجود الذي يملكه كل شيء جزئى ،أما
السمة الثاني ة المميزة للنظام داخل الكون فهى القوة أو الحياة أو النشاط والفاعلية .وأما
السمة الثالثة المميزة للنظام داخل الكون فهى العقل(5.)281و" الوجود سابق على
=إن برقلس في إيمانه بحيوية العالم وسيره وفقاا للنفس العاقلة ،وفي القول بواحديته ،وانتظام ظواهره،
سائر على درب كل من أفالطون وأفلوطين اللذين دافعا عن صفات أمينا اا
وتدرج موجوداته يعد تلمي اذا ا
العالم تلك.
277-See Opsomer, Jan; Integration of Aristotelian Physics in Neoplatonic Context,
p.200
278- Proclus; Argument(13) in Proof of the eternity of the World, pp.60,61
279-Proclus; The Theol. of Plato, B.II, Ch.2, p.139
280-See Proclus;In Tim.,1,262,6-9 quot. from Sorabji, The Philos. Of
Commentators, Vol.2, p.127
لقد أرجع أفالطون أحداث المصادفة إلى المادة ـ المتحركة حركة عشوائية ـ والتي يحاول العقل
الصانع السيطرة عليها إًل أن سيطرته ًل تكون سيطرة تامة .أما أرسطو فإذا كان قد أقر بإنه ًلبد من
وجود علة لكل شىء يحدث فى العالم ،فإنه لم ينكر وجود اًلستثناءات وأحداث المصادفة.
See Arist.,Phys., B.II,Ch.5,197a32-35,Ch.6,197a36-b15
فألحداث المصادفة علل عند أرسطو ولكننا ًل نستطيع تحديدها.
See Arist.,Metaph.,B.V,Ch.XXX,1025a, B.XI,Ch.8,1065a32-35
وقد سبق ديمقريطس أرسطو في التأكيد على وجود علل لألحداث التي ننسبها للمصادفة ،وهو يرى
أن ردنا األحداث للمصادفة إنما هو راجع لجهلنا وعدم قدرتنا على تحديد العلل التي أدت لتلك
األحداث .انظر ريكس ورنر :فالسفة األغريق ـ ترجمة :عبد الحميد سالم ـ الهيئة المصرية العامة
للكتاب ـ 1985ـ ص184
281- Rosan;The Philosophy of Proclus, pp.109,110, See Proclus; The Theol. of
Plato, B.III, Ch2, p.184
410
جيهان السيد سعد الدين
الحياة ،والحياة سابقة على العقل "(1.)282ويعد الوجود السمة األساسية التي تحوزها
كل الكائنات في العالم بينما " ال تشارك كل جزئيات الكون ال في الحياة ،وال في
العقل"(2.)283ويعد الوجود عند برقلس " أعلى طبيعة مؤلهة "(3.)284وهو " علة كل
(4 )285
. الشياء التالية عليه"
اسما آخر هو :البقاء،
ولقد أعطى برقلس لثالوث الوجود ،والحياة ،والعقل ا
والتقدم ،واًلرتداد(5.)286وترتبط فكرة الفيض عند برقلس بفكرة الثالوث؛ فأي موجود يبقى
في األصل ،وينبثق خارج األصل ،ثم يرتد أو يعود إلى األصل .فكل معلول كامن في
علته ،وخارج عن علته ،ويعود إليها مرة ثانية(6.)287إذا كنا قد عرضنا فيما تقدم صفات
العالم عند برقلس ،فإننا سنبين فيما يلي أقسام العالم عنده.
أقسام العالم عند برقلس:
إن " الصانع بعد صنعه للعالم قسمه إلى قسمين :السماء والرض "( 7.)288فأما
السماء عند برقلس فإنها مكونة من األجرام السماوية التي تعد أول األشياء التي وجدت
في العالم(8،)289وعددها ًل يحصى(9.)290وتتكون األجرام السماوية بصورة أساسية عند
برقلس من عنصر النار إًل أن هذا ًل يعني أنها ًل تتضمن العناصر
;282-Proclus; El. of Theology, prop. CI, p.56, See Ibid., prop. CLXI, p.86, Proclus
The Theology of Plato, B.IV, Ch.1, p.236, Ch.3, p.241, B.V, Ch.XXXVIII, p.388,
283- Proclus; The Theology of Plato, B.I, Ch.XIV,p.91
284- Proclus; Elements of Theology, prop. CXXXVIII,75, See Whittaker; The
Neoplatonists, p.173
285- Proclus; Theol. of Plato, B.III, Ch.IX, p.203, See Proclus; Elements of
Theology, prop.CI, p.56
286-See Proclus;The Theology of Plato, B.IV,Ch.1,p.235
287ــ طارق عبد المحسن :ميتافيزيقا برقلس ،ص61
288-Proclus; Ibid, B.7, Ch.II, p.468
289-See Rosan;Op.Cit.,p.187
290- See Proclus; Theology of Plato, B.7, Ch.XVI, p.516
411
مشكلة ال لوهية عند برقلس
األخرى(1.)291وتتسم السماء بالصالبة لوجود عنصر األرض بها .ولكن يجب مراعاة
فمثال عنصر
أن العناصر الموجودة في السماء تختلف عن حالتها هنا على األرض؛ ا
النار الذي في السماء يختلف عن النار التى نجدها هنا على األرض .إنها نار ًل
(2 )292
. ماديةً ،ل تفنىً ،ل تدمر األشياء باًلحتراق ولكنها تضيء فحسب
ومن صفات األجرام السماوية كذلك عند برقلس الخلود فهى " لم تولد ولن
تفنى"()293؛3وذلك لخلود علتها الموجدة لها أي اآللهة الصانعة .وتتسم األجسام
السماوية عند برقلس كذلك بكونها ًل تتغير(4،)294فهى ًل تتحرك على نحو عشوائي
وانما لحركاتها غاية ،ولذا فحركتها تتسم باًلنتظام(5.)295وكل جسم سماوى يتحرك في
دائرته وفقاا لدورة زمانية محددة(6.)296فحركات األجرام السماوية تعد دورات متكررة؛
(7 )297
حيث إن نهاية دورة تعد البداية للتالية عليها وهكذا إلى ما نهاية .
412
جيهان السيد سعد الدين
نفوس ا
ً تملك " حية،وهى بكونها تتسم السماوية واألج رام
موجهة" ( 1، ) 298وهذه النفوس بداخلها عقول .وتتصف األج رام السماوية
بالخيرية ،ولذلك فهم " يعدو ن علل الخير ( )...الذ ي يتقدم منهم إلى
( 2 ) 299
ونظرا ألبدية األج رام السماوية ،وثب اتها ،وانتظام حركاتها،ا . العالم"
( 3 ) 300
. عقالنيتها فإنها تعد كاملة
والعالم السماوى مقسم إلى :ك رة النجوم الثوابت والكواكب .فأما ك رة
النجوم الثوابت فهى تعد المبدأ الذ ي تشتق منه ك رات الكواكب السبعة .وأول
ثالوث من الكواكب فيتألف من :ساتورن ، Saturnجوبيتر ، Jupiterومارس
، Marsوهم يمثلون على التوالى الوجود ،والذاتية ،والغيرية .وأما الثالوث
وأخيرا
ا الثان ي فمكون من :الشمس ،وفينوس ، Venusوعطارد ، Mercury
نجد القمر .وتعد الشمس هى المركز الذ ي تدور حوله الدوائر السبعة
( 4 ) 301
. الخاصة بالكواكب
ولقد تحدث برقلس عن الكواكب بوصفها آلهة ،إ ذ يقول فى أحد
النصوص " :تنقسم اآللهة إلى آلهة سماوية ،وآلهة أرضية .بالنسبة
لآللهة السماوية ( )...فإن لها عالقة بالواحد ( )...والثالوث تحت هذا
الواحد يتكون من ساتورن ،وجوبيتر ،ومارس .فأما الول من هؤالء فهو
298- Proclus; Theology of Plato, B.I, Ch.XIII, p.86, See Ibid., B.III,
;Ch.II, p.183, Proclus; On the Parmenides of Plato,1043,9 - 1045,25
1047,26-1050,31 quot. from Gregory; Neoplatonists,p. 164
299- Proclus; Theology of Plato, B.7, Ch.XX, p.525, See Ibid., B.VII,
Ch.XV, p.509
300-See Ibid., B.VI, Ch.IV, p.405, B.VII, Ch.XIV, p.508
301-Rosan;Op.Cit,pp.187,188
يسير برقلس على خطى أفالطون فى تحديد عدد الكرات السماوية بثمانية ،وفى القول بتبعية كرات
الكواكب لكرة النجوم الثوابت ،وفي تأكيده للحركة الدائرية لألجرام السماوية.
See Steel, Carlos; The divine Earth, p.272
413
مشكلة ال لوهية عند برقلس
يعد علة رابطة ،وال ثانى علة التناسق (أو ال نسجام) ،والثالث علة
اال نفصال ( )...وفيما يتعلق باآللهة الرضية فإن القمر يعد علة كل
ميالد وفساد .وبين هؤالء نجد ( )...والشمس هى الصانع ة للحواس ()...
وعقال ()...
ً وفينوس هى علة الرغبات" ( 1. ) 302فأما ساتورن فهو يعد " أبً ا
مملوء بكل المعقوالت " ( 2. ) 303وأ ما جوبيتر فقد تحد ث عنه برقلس بوصفه
"الصانع للعالم والذى يمده بالخلود" ( 3، ) 304والنظام .وهو يعد "القائد لكل
الشياء " ( 4. ) 305وأما القمر فإن له " عالقة بالنشأة ف ي الطبيعة ( )...وهو
يعد علة اال نسجام بين الطبائع الرضية " ( 5، ) 306والقمر يتبع ف ي حركته
( 6 ) 307
. ك رات الكواكب األخرى
وأما الشمس فإن لها مكانة مميزة بين األجرام السماوية فهى " تسمو على كل
اآللهة الخرى ( )...وتعد مل ًكا للكون "(7.)308وهى " مصدر وجودنا ( )...ويعتمد
عليها كل الوجود"(8،)309وهى التى " توجد الزمان( )...الذي يقيس حركة
الجسام( )...وضوء الشمس يعطي الجمال للعالم"(9.)310كما أنها مصدر الخير
(10 )311
. للمحسوسات
302-Proclus; Theol. of Plato, B.7, Ch.II, pp.467,468, See Ibid., B.6, Ch.XV,
pp.437,438, B.VII, Ch.XV, pp.509, 510, Ch.XVI, pp.515,516, Ch.XX, p.525,
Ch.XXVII, p.550, Ch.XXXVII, p.584,Proclus; On the Parmenides of Plato,1043,9-
1045,25; 1047,26-1050,31 quot. from Gregory; Neoplatonists, p.164
303 -Proclus;Theology of Plato, B.5, Ch.V, p.314, See Ibid., B.5, Ch.VI, p.314,
Ch.IX, pp.319, B.6, Ch.VIII, p.414
304Ibid.,B.V,Ch.XXV,p.360,See.Ibid.,B.5,Ch.XXII,p.351,Ch.XXIII,pp.354,355,B.
6,Ch.VIII,pp.414,415
305-Ibid., B.5,Ch.XXII,p.350, See Ibid.,B.6,Ch.VIII,pp.414,415
306- Ibid.,B.VII,Ch.XV,p.509
307-Martijn, Marije; Proclus on Nature,p.44
308- Proclus; Theology of Plato ,B.V,Ch.XX,p.346
309- Ibid., B.7,Ch.XVI,p.516
310-Ibid.,B.VII,Ch.XV,pp.510,511
311-See Ibid., B.II,Ch.VII,p.154
414
جيهان السيد سعد الدين
وأما فينوس " فهى علة الجمال في الطبائع المحدثة ( )...فوظيفتها الساسية
تكمن في إشاعة النظام ،واالنسجام ،والوحدة بين الموجودات الرضية "( 1.)312وبعد
أن أوضحنا فيما تقدم وجهة نظر برقلس في السماء ،فإننا سنتناول فيما يلي تصور
برقلس عن القسم اآلخر من العالم.
بالنسبة لبرقلس ينبغى أًل نخلط بين األرض بوصفها مركز الكون وبين عنصر
أساسا من عنصر األرض ـ فهو
ا األرض ـ إن األرض التي نعيش عليها قد تكونت
أيضا العناصر األخرى(2.)313و" الرض ()...
العنصر الغالب فيها ـ ولكنها تتضمن ا
مركز الكون ( )...وهى صانعة الليل والنهار والحارسة لهما "(3.)314وهى تبقى ساكنة
في وسط الكون(4،)315وبالرغم من ذلك فأنها تبدأ كل أنواع الحركات والتغيرات داخلها.
ولألرض شكل كروي مماثل لذلك الخاص بكل الكون .وهى كائن حي مكون من
جسم ونفس عاقلة ،والنفس هى التي توجهها وتشيع النظام بها(5.)316واألرض " تغذى
وتحافظ على أجسادنا ( )...وتُكمل نفوسنا من نفسها ،وتوقظ العقل فينا وفقًا
لعقلها( )...إنها مسئولة عن كل تركيبنا "(6.)317فهى أم وحاضنة لكل الكائنات الحية
النامية عليها.
وبالنسبة لعالقة السماء باألرض عند برقلس فإن لألرض دور رئيس في النظام
الفلكى؛ فحركات الكرات السماوية ـ الكواكب والنجوم ـ الدائرية تعد ممكنة ًلرتباطها
فحسب بالمركز الثابت للكون ـ األرض.
واذا كان الواحد وما فاض عنه من آلهة صانعة أوجدوا العالم عند برقلس ،فإن
دور فى العناية به ،وهذا هو ما سنوضحه فيما يلي.
لهم اا
العناية اإللهية بالعالم ووجود الشر:
بعيدا عن كل الشياء ،فإنه حاضر بالنسبة لكل
ً إن " الواحد رغم كونه
الشياء"(1.)318إنه " القائد لكل الشياء"(2،)319وهو " علة الوجود وحفظ
(4 )321
. الوجود"(3.)320و" الواحد ( )...يعرف كل الشياء ( )...فال شيء يخفى عليه"
" فتوجد عناية إلهية بكل الشياء "()322؛5نعنى " بالكليات والجزئيات ،أى بال زلى
(7 )324
. والفانى"(6.)323و" كل الموجودات ( )...مترابطة بفضل الواحد"
ورغم نصوص برقلس التى تؤكد عناية الواحد بالعالم إًل أن هذه العناية ليست
نابعة من التفكير اإللهي بالعالم " ،فالعلة الولى تدبر الشياء المبتدعة كلها من غير
416
جيهان السيد سعد الدين
أن تحيط بها "(1.)325وكما أن وجود الموجودات ًل يتم مباشرة عن طريق الواحد ،وانما
دور في وجود العالم وموجوداته،
كان للعقل اإللهي ،والنفس اإللهية ،واآللهة الصانعة اا
فكذلك العناية اإللهية تنتقل من الواحد إلى الموجودات اإللهية األدنى منه وتتنزل منها
إلى العالم وما فيه من موجودات .وتتسم كل أشكال العناية اإللهية بالعالم عند برقلس
بنفس سمة عناية الواحد بالعالم؛ نعنى أنها عناية ًل تتم بناء على تخطيط لما سيحدث
وانما هى تحدث على نحو ًل إرادى وتلقائى كما كان الحال مع الفيض.
وتنتقل العناية بالعالم من الواحد إلى العقل ،فالعقل مدبر لجميع األشياء التي
تحته بالقوة اإللهية التي فيه ،وهو يمسك جميع األشياء التي تحته ويحيط بها؛ فالعقل
يحيط بالنفس ،والنفس تحيط بالطبيعة .والعناية بالعالم تنتقل من العقل للنفس اإللهية
التي تحكم وتقود كل األشياء.
وبالنسبة لآللهة فيرى برقلس أنها تعرف األشياء التي تتغير على نحو غير
متغير ،فلديها معرفة ًل زمانية باألشياء الزمانية(2.)326ولذا فإن "اآللهة ( )...تسيطر
سيطرة دائمة على العالم ( )...لتمنح النظام لألشياء الموجودة (على
الرض)"(3.)327و"كل إله له وجوده ،وله عناية إلهية مراقبة لكل الشياء"("4،)328
فاآللهة قادة لنا"(5.)329وكما كانت عناية الواحد بالعالم تشمل الكليات والجزئيات فكذلك
اآللهة لديها معرفة مسبقة بكل األشياء(1.)330وهى تعرف األشياء المادية والالمادية
على نحو " ال مادي ( )...فهى تعلم على نحو عقالنى الشياء غير
المعقولة"(2.)331وتقدم اآللهة " الخير لكل الشياء "(3،)332ويرجع اًلختالف بين
األشياء فى خيريتها إلى األشياء ذاتها وقدرتها على استقبال الخير؛ فاآللهة تعطى
تماما كما تهب الشمس الضوء لكل الموجودات دون
الخير لكل األشياء بالتساوى ا
(4 )333
محاباة .
واذا كان برقلس قد تحدث عن عالقة اآللهة بصفة عامة بالعالم المحسوس فإنه
تحدث عن اآللهة السماوية أو األجرام السماوية وعالقتها بالعالم بعد وجوده؛ فرأى أن
330- See Proclus; Theol. of Plato, B.6, Ch.VIII, p.415, El. of Theol., prop. CXXIV,
p.67, See Steel; Op. Cit., p.242
331 Proclus; Prov.,16,63,1-64,4 quot. from Sorabji, The Philos. Of Commentators,
Vol.2, pp. 76
دافع األرسطي و ن عن أن اإلله يعرف فحسب األشياء الخالدة والضرورية وليس األشياء
الزمانية .وقد أيد أفلوطين القول بأن الواحد ف ي الحقيقة ينتج كل ش ي ء ــ سواء
الضروري أ و اًلتفاق ي ــ ولكنه ليس لديه معرف ة مسبقة بما ينتجه .وقد ربط برق لس
وجهتى الن ظر هاتين عن طريق مبدأ " كل األشياء موجودة ف ي كل األشياء" .فاإلله
يعلم كل األشياء ــ على حد سواء الضروري واًلتفاق ي ،الخالد والزمان ي ،ولكن اإلله
يعرف األشياء ا لزمانية بطريقة خالدة؛ حيث إن هذا يالئم سموه ،فكل ش ي ء ف ي
المعرفة المسبقة للواحد يعد ضروريا ا وخالدا ا .
Rosan; The Philosophy of Proclus,p.128
332- Proclus; Theolgy of Plato, B.I, Ch.XX, p.110, See Ibid., B.I, Ch.XVII,
pp.99,100,102, Ch.XVIII, pp.103,104, Proclus; El. of Theol., prop.CXXII,
pp.66,67, prop.CXLV, p.79
333-See Proclus; Theology of Plato, B.1, Ch.XVII , p.102
خيرة ،وتسبب الخير للموجودات األدنى ،ولذا
لقد سبق يامبليخوس برقلس في القول بأن كل اآللهة ّ
فهى تنتج األنظمة األدنى منها عن طريق الفيض دون أن تفقد هى أى شىء خاص بوجودها
Steel;Op. Cit.,p.244
418
جيهان السيد سعد الدين
وفقًا للديمون اإللهي الذي يصل بينهم وبين اإلله الخاص بهم( )...أما ديمون
(1 )341
. اإلنسان ( )...فإنه يحكم النفس العاقلة "
وتحتل الديمونات مكانة " وسط بين اآللهة (والبشر) ( )...أي بين الطبائع
اإللهية والفانية "(2.)342وقد ركبت الديمونات " من صفات اآللهة والبشر ،ولكن
الجانب اإللهي في الديمونات هو ال كبر"(3.)343وهم يعدون همزة الوصل بيننا وبين
اآللهة فالديمونات " تحكم الطبيعة ،وتكمل النظام في العالم "( "4.)344إن الديمون
(5 )345
.
قائدا لحياتنا "
يحرك ،ويحكم ،وينظم كل أمورنا ( )...إنه يعد ً
ولكن إذا كانت هناك عناية إلهية بالعالم ـ من وجهة نظر برقلس ـ فما هو
مصدر الشرور والنقص البادى في الطبيعة؟ وهل تتعارض أوجه القصور تلك في
الطبيعة مع وجود العناية اإللهية الشاملة؟
إن مشكلة الشر والسؤال كيف يوجد شر في عالم محكوم بالعناية اإللهية
نظر ألن وجود الشر جعل بعض الناس ينكرون وجود عناية
شغلت اهتمام برقلس؛ اا
(6 )346
ميز برقلس بين نوعين منفصلين من
إلهية حاكمة للعالم واألمور اإلنسانية .ولقد ّ
الشرور :فأما النوع األول فهو الشر األخالقى وهذا راجع إلى هيمنة النفس غير العاقلة
على النفس العاقلة .وأما النوع اآلخر من الشر فهو الشر الطبيعي .بالنسبة للشر
420
جيهان السيد سعد الدين
الطبيعى فإن برقلس يرى أنه "ليس له علة لحدوثه ،أو ما ُيسمى علة فاعلة ()...
(فالشرور) غير مقصودة ( )...وليس لها سبب ،وهى غير محددة ،وال توجد علة
واحدة تؤدى إليها "(1.)347فالشر من وجهة نظر برقلس يحدث بالمصادفة؛ لكونه غير
مخطط لوجوده أو غير مقصود.
وًل يوجد في الحقيقة عند برقلس شر بمعزل عن أي خير؛ فأي شر طبيعي
يوجد من أجل خير العالم المادي ككل ،ولذلك فهو ًل يمكن أن يعتبر في الحقيقة
شر( "2.)348فكل شيء ُينتج من أجل الخير"(3.)349وًل يوجد شئ يعد اا
شر على نحو اا
مطلق ،وانما ما يوجد هو صور فقط من الشرور الجزئية والنسبية .فحدوث الشر ًل
يرجع لنقص في المبادىء السامية ولكن لضعف المتلقى أو المتقبل ـ نعني األشياء
المادية.
ويؤكد برقلس أن " الشر ال يأتي من اآللهة "(4.)350كما أنه ًل يرجع إلى النفوس
(5 )351
. اإللهية ،وًل المالئكة ،وًل الديمونات ،وًل حتى المادة
واذا كانت العناية اإللهية هى المتحكمة في العالم وأحداثه عند برقلس ،إًل إنه قد
تحدث كذلك عن القدر بوصفه قوة " تحرك الكون "(6.)352فما هو تصور برقلس عن
تمييز بينهما؟
ًا القدر؟ وهل القدر هو ذاته العناية اإللهية عنده أم أن هناك
347- Proclus; On the Existence of Evils,50,18 quot. from Sorabji,The Philos. Of
Commentators,Vol.2, p.102
348-Rosan; The Philosophy of Proclus, p.129,See Proclus; Theology of Plato,
B.1,Ch.XVII ,p.100
349 Proclus; On the Existence of Evils,50,18quot.from.Sorabji,Op.Cit.,Vol.2,p.102
350Proclus;Theol.of.Plato,B.VII,Ch.XXXVII,p.587,See.Ibid.,B.I,Ch.XVII,p.101,
Ch.XX,p.110
351 -Steel;Op. Cit.,p.245
352- Proclus; Op. Cit., B.5,Ch.XXV,p.360
421
مشكلة ال لوهية عند برقلس
422
جيهان السيد سعد الدين
جاهدا للعودة مرة أخرى إلى علته .ورغم ذلك فإن برقلس لم يوضح كيف
ا إًل إنه يسعى
يمكن للمعلول الذي جاء بصورة عفوية غير مقصودة عن علته ـ والذي يشبه علته في
فاقدا للتخطيط والقصدية في الفعل ـ أن يخطط هو ذاته من أجلكونه هو اآلخر ا
اًلرتداد أو العودة مرة ثانية إلى العلة؟
تناقضا عند برقلس في تصوره عن عالقة الواحد أو اآللهة العديدة بالعالم
ا أيضا
4ـ نجد ا
بعد إيجاده؛ فبرقلس يتحدث عن عناية إلهية مراقبة لكل كبيرة وصغيرة داخل الكون،
وهذا يعني وجود اتصال بين الواحد أو اآللهة الكثيرة والعالم ،ولكننا نراه من ناحية ثانية
يؤكد على تعالي الواحد واآللهة العديدة ومفارقتها للمحسوسات فكيف يعتني الواحد أو
اآللهة الكثيرة بالعالم وهم ًل عالقة لهم ًل بالعالم وًل بما به من موجودات وظواهر؟
5ـ إن مصدر التناقض في آراء برقلس سواء عن األلوهية أو وجود العالم ،والعناية به
ناشيء عن جمعه بين تصورى كل من أفالطون وأرسطو حول األلوهية ووجود العالم.
فبينما يتبنى تصور أرسطو عن اإلله الواحد العاقل الذي ًل عالقة له بالعالم والذي يعد
مع ذلك علة لوجود العالم المحسوس وما يحدث داخله من تغيرات ،نراه يتحدث عن
صانعا ـ كاألب الصانع في تيمايوس ـ أي أنه يتسما هذا اإلله الواحد بوصفه إلهاا
بالفاعلية والتخطيط لما يريد إيجاده .وبينما العالم وجد عند أرسطو لمجرد وجود المحرك
األول غير المتحرك الذي تصبو األشياء التي دونه للوصول إليه ،ومن ثم تبدأ حركة
األجرام السماوية لعشقها له ،وتلك الحركة بدورها تؤثر في وجود موجودات العالم ،نرى
برقلس يتحدث عن الفيض العفوى غير المقصود وكأنه صنع للعالم ـ أي تشكيل يقوم
به اإلله أو اآللهة الصانعة للمادة وفقاا للمثل من أجل إيجاد الموجودات .فبرقلس يتردد
بين نفي الفاعلية عن الواحد ـ كما كان حال المحرك األول األرسطي ،وبين المشاركة
اإليجابية للعقل اإللهي الصانع في إيجاد العالم ـ كما كان حال صانع تيمايوس.
424
جيهان السيد سعد الدين
425
مشكلة ال لوهية عند برقلس
426
جيهان السيد سعد الدين
427
مشكلة ال لوهية عند برقلس
428