Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 219

‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪1‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ثقب أسود‬
‫خواطر نثرية‬

‫مروة أحمد حلمي‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪2‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫العنواف‪ :‬ثقب أسود‬


‫النوع األدبي‪ :‬خواطر‬
‫المؤلف‪ :‬مروة أحمد حلمي‬
‫قوة السرد‪ :‬كتابات إبداعية‬
‫المدقق اللُغوي‪ :‬الكاتب بنفسو‬
‫ُ‬
‫اللغة‪ :‬فصحى‬
‫التنسيق الداخلي واإلخراج الفني‪ :‬رمضاف سلمي برقي‬
‫تصميم الغُبلؼ‪ :‬رمضاف سلمي برقي‬
‫سنة النشر‪2020 :‬‬
‫الحالة‪ :‬حصرياً‬
‫رقم الطبعة‪1 :‬‬
‫رقم الكتاب بالدار‪77 :‬‬
‫_________________________________________‬

‫تم النشر بواسطة دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‪2020‬‬


‫الدار غير مسؤولة عن أفكار ال ُكتّاب الواردة بإبداعاتهم؛ ال ُكتّاب وحدىم‬
‫المسؤولوف عنها‪.‬‬

‫الموقع الصفحة الجروب‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪3‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫••بسم ا﵀ الرحمن الرحيم••‬

‫﴿ربنا ال تزغ ق لوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب﴾‬

‫••صدق ا﵀ العظيم••‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪4‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫الفهرست‬

‫مقدمة ‪7 ...........................................................‬‬
‫لم نكن ندرؾ ‪8 ....................................................‬‬
‫ألحاف صوفى‪21 ....................................................‬‬
‫ليتو ما رأى‪23 ......................................................‬‬
‫بين بين ‪25 .........................................................‬‬
‫غير الذي كاف‪27 ...................................................‬‬
‫كل شيء‪12 .....................................................‬‬
‫أنا ُ‬
‫عازؼ الناى‪12 .....................................................‬‬
‫ُ‬
‫أين ُكنا؟‪16 .........................................................‬‬
‫كما لم أكن‪21 .....................................................‬‬
‫سيمفونيةُ الحب والوداع‪24 .........................................‬‬
‫أسود ‪27 ......................................................‬‬
‫ثقب َ‬
‫ٌ‬
‫كوني حياة‪34 ......................................................‬‬
‫العب الكماف‪36 ...................................................‬‬
‫ُ‬
‫نبتة أقحواف برية‪38 .................................................‬‬
‫مشاعل النور‪41 .....................................................‬‬
‫َ‬
‫ويبقى األمل‪44 .....................................................‬‬
‫َرؼ ناقص ‪48 ......................................................‬‬
‫اطرؽ الباب‪51 .....................................................‬‬
‫وحدي في سكوف الليل‪54 ..........................................‬‬
‫صندو ُؽ الذكريات‪57 ...............................................‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪5‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ىروب قاتل ‪62 .....................................................‬‬


‫ٌ‬
‫ِ‬
‫ناصية الحلم ‪63 ...............................................‬‬ ‫على‬
‫ميت على ِ‬
‫قيد الحياة‪65 ............................................‬‬ ‫ٌ‬
‫حالة صمت‪68 .....................................................‬‬
‫شخص آخر ‪72 ....................................................‬‬
‫ٌ‬
‫خ ال يهدأ‪75 ...................................................‬‬ ‫صرا ٌ‬
‫ُ‬
‫الحرب‪82 ...................................................‬‬ ‫إِعبل ُف َ‬
‫م ِ‬
‫شاع ٌر ُمبَعثَػ َرة‪82 ...................................................‬‬ ‫َ‬
‫لن أىتم‪85 .........................................................‬‬
‫لحن الحياة ‪222 ...................................................‬‬
‫شاطئ التيو‪224 ....................................................‬‬
‫ُ‬
‫خناجر قاتلة‪228 ...................................................‬‬
‫غيبوبة الحياة‪223 ..................................................‬‬
‫متاىة الموت‪212 ..................................................‬‬
‫أشباح الخوؼ‪213 .................................................‬‬
‫إنتقاـ سراب ‪218 ..................................................‬‬
‫من حيث ال أريد ‪223 ..............................................‬‬
‫داخل بيت الصمت ‪232 ...........................................‬‬
‫حكاية جديدة‪235 .................................................‬‬
‫حرية ‪241 ..........................................................‬‬
‫ألجل بقائك ‪247 ..................................................‬‬
‫مدينة مهجورة‪252 .................................................‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪6‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫حياة واحدة‪257 ...................................................‬‬


‫ومتي ستشرؽ أنت؟؟ ‪263 ..........................................‬‬
‫كلمات لم تكتب بعد ‪268 .........................................‬‬
‫أوراؽ الخريف ‪273 ................................................‬‬
‫حرب باردة ‪277 ...................................................‬‬
‫صرخات صامتة ‪282 ...............................................‬‬
‫وعاء األماني ‪286 ..................................................‬‬
‫خياؿ جامح‪122 ...................................................‬‬
‫ىوة األمل‪124 .....................................................‬‬
‫في تلك الغرفة المظلمة‪128 ........................................‬‬
‫دخاف عابر‪122 ....................................................‬‬
‫منتصف الطريق‪125 ................................................‬‬
‫نبذة عن المؤلِّفة‪128 ...............................................‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪7‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫مقدمة‬

‫مفكرتنا الصغيرة والتى نحتفظ داخلها بكل ما يعترينا من أفكار ومشاعر شتى‪.‬‬

‫حب و كراىية‪ ،‬حزف وفرح‪ ،‬ضحك وبكاء‪ ،‬خوؼ وأماف‪ ،‬يأس وأمل‪ ،‬أفكارنا‪،‬‬

‫خططنا‪ ،‬وأحبلـ يقظتنا‪ ،‬ومانخفى ومانعلن‪ .‬تلك المفكرة الصغيرة ماىى إال‬

‫ثقب أسود يحتوينا بكل ما لدينا من تغيرات تعترينا من وقت آلخر‪ ،‬ولذلك‬

‫قررت أف يكوف االسم‪( :‬ثقب أسود)‬

‫مروة أحمد حلمي‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪8‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫لم نكن ندرؾ‬

‫ونرانا كما لم نكن ندرؾ من قبل‪..‬‬

‫ونبصر دواخلنا على أمل باىت‪،‬‬

‫نرى ما نرى‪،‬‬

‫ونتجاوز عما نرى‪،‬‬

‫كأننا لم نرى‪،‬‬

‫وكأف العمى قد أصاب عينا القلب‪،‬‬

‫و القلب يهوى العمى ويحتضن الظبلـ‪،‬‬

‫والظبلـ حالك‪،‬‬

‫معتم ال يدخلو النور‪،‬‬

‫ال يراه‪ ،‬وال يسمعو‪،‬‬

‫كمثل الذي أطفىء قناديلو المشتعلة‪،‬‬

‫والقلب ىوى الظبلـ‪،‬‬

‫لكن ظبلمو يغريو‪ ،‬يخدعو‪،‬‬

‫بحب عابر غير مرئي المبلمح‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪9‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫يزين لو مرآى الهوى بنجم بعيد المناؿ‪،‬‬

‫يفرش لو طريق حب من حرير شفاؼ على شفا جرؼ ىار‪،‬‬

‫ولو أنو سعى لقنديلو القديم‪،‬‬

‫لرأى مالم يراه وما أعماه‪،‬‬

‫ولوجد أف ظبلمو يندثر ويخفى‪،‬‬

‫وينهار معو جسر الهوى فى حفرة الظبلـ‪....‬‬

‫ولو أنو رأى ما تجاوز عن رؤيتو لكاف النور مسكنو و حماه‪،‬‬

‫لوجد شمسو تبتلع ظلمتو‪،‬‬

‫وتسري أنوارىا على جدراف قلبو تحفر مكانها داخلو‪...‬‬

‫فالقلب ىوى العمى واحتضن الظبلـ‪،‬‬

‫والظبلـ حالك‪،‬‬

‫معتم ال يدخلو النور‪،‬‬

‫ال يراه‪ ،‬وال يسمعو‪،‬‬

‫فنرانا كما لم نكن ندركنا‪،‬‬

‫ونبصر دواخلنا بظبلمنا‪،‬‬

‫فنرى ما نرى‪،‬‬

‫ونتجاوز عما نرى‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪11‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كأننا لم نرى‪......‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪11‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ألحاف صوفى‬

‫كألحاف ناى صوفى‪،‬‬

‫تسري ألحانو بين المحبين‪،‬‬

‫كجرياف الماء فى جدوؿ صاؼ‪...‬‬

‫ألقانى ذىابا وإيابا‪،‬‬

‫أسير ببطء ىادئ منتشرا بين أرجاء الكوف الواسع‪،‬‬

‫تميل ألحانو بين جنبات الحياة‪،‬‬

‫تدور بين أركاف الكوف‪،‬‬

‫تنتشر بين الجموع‪،‬‬

‫تسافر للبعيد وال تعود‪،‬‬

‫تهاجر لبلد غريب وال تبقى بين من ألف روح نايها‪....‬‬

‫‪ -‬إلى أين يا لحن ناى المحبين؟‬

‫‪ -‬إلى ماىو أبعد من غير ذلك يا عشق أصاب قلب المريد‪...‬‬

‫‪ -‬أإلى ناى آخر تبغى اللقاء أـ إلى رحاب األنس والرفقة بعاشق غير الذي‬

‫كاف؟‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪12‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫‪ -‬ما كاف لنا أف نهجر من أبقانا فى رحاب أنسو و رفقة حبو‪ ،‬ما كاف لنا أف‬

‫نرجو قربا غير ذاؾ الذي رجونا قربو‪...‬‬

‫‪ -‬أمللت البقاء إلى جوار أنيسك؟‬

‫‪ -‬ما مللنا لقاءكم‪ ،‬وال نريد ابتعادكم‪ ،‬كم من لقاء نبغى بو َريِّا ما زادنا إال ظمأ‬

‫فى قربكم‪...‬‬

‫‪ -‬إلى أين مسعاؾ و بغيتك؟‬

‫‪ -‬إلى أرض غير ذات األرض‪ ،‬يشدو بها لحن الناي ويسرى فى جداولها‪،‬‬

‫نحيي بها أرواحا مزقت وتآكلت حزنا وألما‪...‬‬

‫‪ -‬نخشى نسياف يصيب قلب نايك وصوت ألحانو‪ ،‬نخاؼ أف نبقى فى عداد‬

‫الذكريات‪....‬‬

‫‪ -‬سكنتم قلب ناينا وروح ألحانو‪ ،‬حفرتم عشق روحكم على جدراف قلبنا‪،‬‬

‫وألفت روحنا جماؿ روحكم فأنى يصيب قلبنا نسيانكم‪ ،‬وكيف لكم أف تبقوا‬

‫فى عداد ذكرياتنا!!!‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪13‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ليتو ما رأى‬

‫أنا ىو‪،‬‬

‫ىو ذاؾ الذي ترآى لو فرأى‪،‬‬

‫فعاد وكأنو لم يرى‪،‬‬

‫فترآت لو‪،‬‬

‫كنور الشمس فى أوؿ الصباح‪،‬‬

‫فعاد ليرى‪،‬‬

‫ورأى‪ ،‬وليتو ما رأى‪....‬‬

‫أنا شاعر الليل التائو فى ظبلـ البشر‪،‬‬

‫وشاعر الصباح المتيم فى شمس العشق‪...‬‬

‫أنا نور التائهين السائرين بغير ىدى‪،‬‬

‫أنا شمس السماء التى عادت إلى رحاب األنس والصفا‪...‬‬

‫شاعر الصباح والمساء‪،‬‬

‫يدوي صوتو كجرياف الماء فى نهر عشق صاؼ‪،‬‬

‫يروي عطشى الهوى‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪14‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫يترؾ آثار صداه على جدراف القلوب‪ ،‬ىامسا بأذف من ذاب لفرط الحب‬

‫والجوى‪،‬‬

‫أنا نور صباح آت ليضيء شمس العشق على أرض الهوى‪،‬‬

‫أنا قمر السماء‪ ،‬وشهاب مار على طريق ماض ليس لو نهاية وال مضمار سير‪،‬‬

‫أنا ىو‪ ،‬كل شيء عبر ومضى‪،‬‬

‫وجاء وسكن‪ ،‬وعاد وذىب‪،‬‬

‫أنا ىو ذاؾ الذي ترائى لو فرأى‪،‬‬

‫فعاد وكأنو لم يرى‪،‬‬

‫فعاد ليرى‪،‬‬

‫ورأى‪ ،‬وليتو ما رأى‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪15‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫بين بين‬

‫ىو بين بين‪،‬‬

‫بين البر والبحر‪،‬‬

‫بين السماء واألرض‪،‬‬

‫بين عطش وري‪،‬‬

‫ىو بين حلم صاعد للسماء السابعة كطائر حر طليق الجناحين‪،‬‬

‫وبين حجر ساقط أسفل قاع األرض‪،‬‬

‫ىو بين موت وحياة‪،‬‬

‫راقد مستلق على فراش الموت ال يوجد لو سوى أنفاس أخيرة‪،‬‬

‫ويحيا آمبل فى حياة أطوؿ ببعض تلك األنفاس القليلة‪،‬‬

‫ىو سائر الليل التائو فى ظبلـ الحب‪،‬‬

‫ونور الصباح المتيم بجماؿ قطرات الندى ع الورد‪،‬‬

‫و بداية الحكاية وروايتها‪،‬‬

‫ونهاية قصة لم تبدأ بعد‪،‬‬

‫ما بين يأس وأمل تولد كلماتو المتواترة بغية الوصوؿ إلى الطريق‪،‬‬

‫فهو المهزوـ حبا فى عشق نجمة تؤلألت ليبل في السماء‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪16‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ىو انتصار الحب ذاتو على يأس الكلمات‪،‬‬

‫ىو فراشة راقصة على غمازتيها حن تراه‪،‬‬

‫وكتماف الهوى المنساب من بين الكلمات ‪،‬‬

‫ىو سفر طويل غائب فى طريق بعيد عن أرض الهوى ‪،‬‬

‫وعودة الحياة إلى روح راحت أنفاسها تبحث عن ملجأ لها ليعيدىا للحياة‪.‬‬

‫بين البر والبحر‪،‬‬

‫بين السماء واألرض‪،‬‬

‫بين عطش وري‪ ،‬بين موت وحياة‪،‬‬

‫وىزيمة وانتصار‪ ،‬وسفر وعودة‪،‬‬

‫فهو دائما بين بين‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪17‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫غير الذي كاف‬

‫أنا كائن غير الذي كاف‪،‬‬

‫أنا السائر فى طريق ليس كطريق وال واد‪،‬‬

‫أنا غير من كاف‪،‬‬

‫أنا لست من سيكوف‪،‬‬

‫ولكن أنا ىو أنا الذي أصبحت عليو أنا‪....‬‬

‫فى زمن غير زمنكم‪،‬‬

‫و واد غير واديكم‪،‬‬

‫أنا طائر الصباح المحلق فوؽ السحاب األبيض‪،‬‬

‫يطوؼ فى األفق عاليا‪،‬‬

‫ويذىب أبعد‪ ....‬وأبعد‪ ....‬وأبعد‪،‬‬

‫أنا طائر المساء العائد إلى غصن شجرتو ليعانق الليل أجفانو‪،‬‬

‫و يريح أجنحتو من عناء السفر الطويل ‪...‬‬

‫سائرين على خطانا وال ترانا أعين من نلتقيهم خلسة فى الطريق‪،‬‬

‫ذاىبوف إلى طريق غير طريقنا المعتاد‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪18‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كى نعيد اكتشاؼ ما كنا نخفيو عنا وعن اآلخرين‪...‬‬

‫لكننا نخفى ونتخفى‪،‬‬

‫نخفينا وال نرانا‪،‬‬

‫ويرونا دوف أف نخفي آثارنا عنا وعنهم‪.‬‬

‫يرونا من حيث ال نراىم‪،‬‬

‫ونراىم من حيث ال يرونا ‪...‬‬

‫وتأخذنا أيديهم إلى طريق طويل‪،‬‬

‫وال نعود إلى ذات الطريق‪...‬‬

‫نقص حكايات قديمة‪،‬‬

‫ونرسم فى سفرنا لوحات جديدة‪،‬‬

‫نكتب قصصا أخرى‪،‬‬

‫نعود لنرويها‪ ،‬حكايات ال تنتهى و أبطالها يبقى ذكرىم و ال يموت صدى‬

‫صوتهم‪...‬‬

‫فنسير حاملين معنا ما نريد من داخلنا‪،‬‬

‫وال يرى اآلخروف سوى ما رسم على خارجنا‪...‬‬

‫فها نحن على ذات الطريق نواصل رسم معالمنا و كتابة روايتنا‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪19‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كل شيء‬
‫أنا ُ‬

‫أنا البداية‪،‬‬

‫وأنا النهاية‪،‬‬
‫أنا كل ٍ‬
‫شيء عاب ٍر ٍ‬
‫وباؽ‬ ‫ُ‬
‫أنا النفس الساكن فى الداخل‪،‬‬

‫وأنا الهواء‪،‬‬

‫شيء ٍ‬
‫بعيد لم تمتد إليو أيديكم‪،‬‬ ‫أنا كل ٍ‬
‫ُ‬
‫وجدتموه منكم قريب‪،‬‬ ‫وكل ٍ‬
‫شيء‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫السكوف والهدوء‪،‬‬ ‫ملك‬
‫أنا ُ‬
‫ِ‬
‫العواصف واألعاصير‪،‬‬ ‫وملك‬
‫ُ‬

‫الحلم الضائع بين المودعين‪،‬‬


‫ُ‬ ‫أنا‬

‫قبل الغائِ ِ‬
‫ب والبعيد‪...‬‬ ‫أنا المست ُ‬
‫وأنا الماضي السحيق‪...‬‬

‫وأنا الحاضر اآلف وسط معمعة الحياة‪...‬‬

‫شمسي تعانِ ُق سماءاً صافيةً‪،‬‬

‫ينير قلوباً حائرًة‪،‬‬


‫وقمري ُ‬
‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪21‬‬
‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫حراس النور‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ونجومى‬

‫أمن وأماف‪،‬‬ ‫طواؿ ِ‬


‫الليل ٌ‬ ‫تبقى َ‬

‫ذاؾ الذي فيو أنتم‪...‬‬


‫غير َ‬
‫آخر َ‬
‫عالم ٌ‬
‫أنا ٌ‬
‫حياةٌ أخرى غير حياتكم‪...‬‬
‫أنا كل ٍ‬
‫شيء مضى‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وكل ٍ‬
‫شيء ٍ‬
‫آت‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وكل ما لم ِ‬
‫يأت بعد‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أنا البداية‪،‬‬

‫وأنا النهاية‪،‬‬

‫أنا الحياة‪،‬‬

‫ِ‬
‫أعتاب الماضي‪،‬‬ ‫الحلم المنسي على‬ ‫وأنا‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وصاالت السف ِر الطويل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫محطات القطار‬ ‫والوداع فى‬
‫ِ‬ ‫أنا زىرةُ ِ‬
‫الحب‬

‫أنا كل ٍ‬
‫شيء عابر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وكل ما ىو ٍ‬
‫باؽ‪،‬‬

‫ِ‬
‫الصوت الهادىء‪،‬‬ ‫أنا َملِ ُ‬
‫ك‬

‫ك الصدى بع َد ِ‬
‫النداء األخير‪...‬‬ ‫وملِ ُ‬
‫َ‬

‫فدعوني وشأنى وحيداً‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪21‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫مالِ ٌ‬
‫ك لكل ماىو لى فى زم ٍن ٍ‬
‫بعيد عن زمانكم‪،‬‬

‫ووطن غير وطنكم‪،‬‬

‫دعونى أرانى فى ِ‬
‫عزلة ُملكى‪،‬‬

‫ِ‬
‫حجاب عُزلتى‪،‬‬ ‫وأراكم من ِ‬
‫وراء‬

‫ال تتعجلوا موتى‪،‬‬

‫وال تتعجلوا ذىابي‪،‬‬

‫وال تتعجبوا بقائي‪،‬‬

‫فأنا بين بين‪،‬‬

‫ماض غائب‪،‬‬ ‫ِ‬


‫أعتاب ٍ‬ ‫منسي على‬
‫لم ٌ‬ ‫ح ٌ‬
‫ٍ‬
‫مستقبل بعيد‪،‬‬ ‫أبواب‬ ‫ٍ‬
‫وباؽ على ِ‬

‫فارثوا كلماتى وأىيلوا عليها الثرى‪،‬‬

‫بأنفاس من زمهري ِر ِ‬
‫الريح المتعاقب‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫وودعوا ىوائي‬

‫ودثِروا ُملكى ٍ‬
‫بتاج النا ِر على ثراي‪،‬‬

‫لعل ِ‬
‫دؼء النار يُحيي سكو َف أنفاسي‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪22‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫عازؼ الناى‬
‫ُ‬

‫ىناؾ فى ىذا الفرا ِغ الفسيح‪،‬‬

‫يقف الشريد‪،‬‬
‫ُ‬

‫غريباً وحيداً‪،‬‬

‫ممسكاً الناى الخشبى‪،‬‬

‫يمؤلُ الفرا َ‬
‫غ من حولو‪،‬‬

‫يعزؼ ألحاناً صامتة‪،‬‬


‫ُ‬

‫تسري ببل انقطاع‪،‬‬

‫فى ُك ِل اتجاه‪،‬‬

‫وإلى ُك ِل األنحاء‪،‬‬

‫ببل توقف‪،‬‬

‫وال يتوقف ىو‪،‬‬

‫شريدةٌ ألحانُو‪،‬‬

‫تائهةً‪...‬‬

‫مترددة‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪23‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ِمثلِو تماماً‪...‬‬

‫تسعى ببل ىدؼ‪،‬‬

‫ال يسمعو سوى الفراغ‪،‬‬

‫وال يسعو غيره‪،‬‬

‫تذىب وتجيء‪...‬‬

‫وتعود إليو مرة أخرى‪،‬‬

‫ألحا ٌف وحيدةٌ كوحدةِ عا ِزفها الشريد‪...‬‬

‫صامتة‪،‬‬

‫وىناؾ‪،‬‬

‫تحيا فتاةٌ أعالى ٍ‬


‫جبل بعيد‪...‬‬

‫كشرود عا ِز ِ‬
‫ؼ الناى‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫شريدةٌ‬

‫تستمع أللحانِو القادمة من بعيد‪،‬‬


‫ُ‬
‫تسري إليها كل ٍ‬
‫يوـ وليلة‪،‬‬

‫تنتظرىا فى ٍ‬
‫لهفة وترقب‪....‬‬

‫تجدىا مصاحبةً لقهوة الصباح‪،‬‬

‫ِ‬
‫المتساقط على ِ‬
‫أوراؽ الشجر‪،‬‬ ‫مع ِ‬
‫رائحة الندى‬
‫ٍ‬
‫بهدوء وانسياب‪،‬‬ ‫وفى المساء تمر‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪24‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وتجيب عليها بحوا ِر صمتها المتوات ِر األحداث‪...‬‬


‫ُ‬
‫تحملُها األلحا ُف‪،‬‬

‫على بِ ِ‬
‫ساطها لتعود إليو‪،‬‬

‫ٍ‬
‫بحديث فيو الكثير والكثير‪...‬‬ ‫بصمت ٍ‬
‫مليء‬ ‫ٍ‬ ‫محملةً‬
‫تذىب كل ٍ‬
‫يوـ وليلة‪،‬‬

‫ِ‬
‫الجباؿ البعيدة‪،‬‬ ‫ؼ الناى وفتاةِ‬
‫ما بين عا ِز ُ‬

‫باؿ ألحانِك تائهةَ الطريق؟‬


‫تقوؿ ىى‪ :‬ما ُ‬

‫محمل بالكثير؟‬
‫ٌ‬ ‫باؿ صمتُك‬
‫ويقوؿ ىو‪ :‬ما ُ‬

‫كثير من قليلى يرتدى عباءةَ صمت ويسري مع تيو ألحانك‪...‬‬


‫تقوؿ ىى‪ٌ :‬‬
‫يقوؿ ىو‪ :‬وكثير ألحانى يحمل ِ‬
‫إليك تيو أشجانى‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شماؿ ٍ‬
‫بارد بعيد‪...‬‬ ‫ىائج فى ٍ‬
‫ليلة عاصفة قادمة من ٍ‬ ‫تقوؿ‪ :‬ألحانُك كبح ٍر ٍ‬

‫الشمس فى ِ‬
‫أوؿ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كدؼء نوِر‬ ‫ٍ‬
‫دافيء يسرى إلى‬ ‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫ويقوؿ ىو‪ :‬صمتُك‬

‫الصباح‪...‬‬

‫‪-‬تقوؿ‪ :‬كبلنا بعي ٌد عن اآلخر‪...‬‬

‫قريب من اآلخر‪...‬‬
‫‪-‬يقوؿ‪ :‬بل كبلنا ٌ‬

‫تتساءؿ بعجب‪ :‬كيف ولم أراؾ ولم ترانى؟‬


‫ُ‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬فيجيب‪ :‬إنو لقاء بين روحى و روحك على بِ ِ‬


‫ساط ألحانى‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪25‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫الصباح مع ندى زىوِر الخريف‪...‬‬


‫ِ‬ ‫أنفاس‬
‫ُ‬ ‫صوت‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬فتخبره‪ :‬نايُك ىو‬

‫ٍ‬
‫ىاديء على شاط ِئ بح ِر الربيع‪...‬‬ ‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫‪ -‬فيقوؿ ىو‪ :‬وصمتُ ِ‬
‫ك ىو‬

‫واختتمت قولها‪ :‬يا صاحب الناى الشريد‪،‬‬

‫تبقى وحيداً البتعادؾ عن ِ‬


‫الزيف والخداع‪،‬‬

‫الناس ألحانَك‪،‬‬
‫ىجر ُ‬
‫فأصبحت وحيداً بينهم‪....‬‬

‫مكتفياً بنايك الحزين‪...‬‬

‫مكنوف ِ‬
‫روحو الثائرة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫إال إنو مازاؿ يشدو بما فى‬

‫عن تيو ٍ‬
‫قلب‪،‬‬

‫ِ‬
‫وشرود الطريق‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪26‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أين ُكنا؟‬

‫أين ُكنا؟‬

‫وأين بقينا؟‬

‫ومتى انعزلنا عن ِ‬
‫أنفسنا‪،‬‬

‫انعزلنا وراء جدا ٍر من حج ٍر صلب‪،‬‬

‫ال نرى وراءه ما ينتظرنا‪،‬‬

‫عبور عليائِو‪...‬‬
‫نرغب َ‬
‫وال ُ‬
‫أين ُكنا؟‬

‫وكيف أصبحنا؟‬

‫ىا نحن نبقى مع ِوحدتِنا‪،‬‬

‫لمتِنا‪...‬‬
‫فى ظُ َ‬
‫ِ‬
‫الضوء داخلنا‪،‬‬ ‫ىج‬
‫ىا نحن نحاوؿ أف نُبقي على َو ِ‬

‫روح وتجيء تائِهة‪،‬‬


‫ىا ىى الروح تَ ُ‬
‫باؽ الحياةِ وحدىا‪،‬‬
‫تسري فى مضما ِر ِس ِ‬

‫يقاوـ ضع َفو‪،‬‬
‫النور ُ‬
‫ىا ىو ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪27‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫الريح‪،‬‬
‫ويحارب َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالبقاء مشتعبلً‪،‬‬ ‫غب‬
‫وير ُ‬
‫ِ‬
‫المتآكلة‪،‬‬ ‫األرواح‬
‫ِ‬ ‫ىا ىى الحياة تسير مختالةً بين‬

‫تحتفى بانتصا ِرىا المؤقت‪،‬‬

‫تمشي واثقةً على ِ‬


‫جثث الضحايا‪،‬‬

‫ِ‬
‫األنفاس األخيرة‪،‬‬ ‫ال ترى ما تبقى من‬

‫بوىج ِ‬
‫ضوء ضعيف‪،‬‬ ‫أنفاس التزاؿ متشبثةً ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الخفاء‪،‬‬ ‫تحاوطو من كل اتجاهِ فى‬

‫كى ال يُنتَزع عُنوةً وغدراً‪...‬‬

‫تسير ٍ‬
‫ببطء ببل صوت‪،‬‬ ‫ُ‬
‫تبتع ُد فى َخفاء‪،‬‬

‫تهرب إلى البلشيء البعيد‪،‬‬


‫ُ‬

‫أين ُكنا؟؟‬

‫وكيف أصبحنا؟!!‬

‫وإلى أين وصلنا؟!!!‬

‫ال ندرى؟!!!‬

‫سنظل فى ىذا المضما ِر الطويل؟‬


‫ُ‬ ‫إلى متى‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪28‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ِ‬
‫السباؽ الدائر؟‬ ‫إلى أين سينتهي بنا ىذا‬

‫نص ُل لنِهايتو؟‬
‫متى وكيف ِ‬

‫متى نصبح قادرين على التحرِر من ِ‬


‫قيود الحياة؟‬

‫تنفس ىواءاً بارداً بعيداً جداً عنها؟‬


‫ومتى نستطيع َ‬
‫ومتى تُصبح ِ‬
‫أرواحنا أكث ِر قو ًة وىدوءاً؟‬ ‫َ‬

‫أين ُكنا؟‬

‫وكيف سنصبح اآلف؟‬

‫إلى أين ذىبنا؟‬

‫وأى طريق سلكنا؟‬

‫الخطى‪،‬‬
‫تائهين ُ‬
‫َ‬
‫سالكين درباً غريباً ليس ٍ‬
‫بطريق لنا‪،‬‬ ‫َ‬
‫آخذين معنا نوراً خافتاً‪،‬‬
‫َ‬
‫بين أضلُعنا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خبئناه َ‬
‫داخل صدورنا وحاوطناه ُخفية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حفظناه‬
‫َ‬
‫ض بسرعة‪،‬‬
‫نَرُك ُ‬

‫وبقوة‪،‬‬

‫نبتعد ونتخ ُذ طرقاً جديدةً بعيدة‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪29‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ِ‬
‫البلشيء البعيد‪،‬‬ ‫خلف‬
‫لهث َ‬
‫نَ ُ‬
‫ٍ‬
‫لحظات أخرى‪،‬‬ ‫نتوقف‬

‫أنفاسنا المعدودةَ‪،‬‬ ‫ِ‬


‫ط َ‬ ‫نلتق ُ‬

‫ونخرج زفيراً‪،‬‬ ‫نَسحب ِ‬


‫داخلُنا شهيقاً‬
‫ُ‬ ‫ََ ُ‬
‫زفير‪،‬‬
‫شهي ٌق ٌ‬
‫زفير‪،‬‬
‫وشهي ٌق ٌ‬
‫دقائق قليلة‪،‬‬
‫األنفاس ُ‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫نحب ُ‬
‫تعبث داخلنا‪،‬‬
‫نتركها ُ‬

‫نغمض أعيُننا على َمهل‪،‬‬


‫ُ‬

‫وتدور‪،‬‬
‫ُ‬ ‫معا ِر ُؾ ُ‬
‫تدور‬

‫بين منتص ٍر وغير مهزوـ‪،‬‬

‫بينى وبينى‪،‬‬

‫ال انتصار وال انهزاـ‪،‬‬

‫زفير ٍ‬
‫أنفاس ىاربة‪،‬‬ ‫ونيرانها ُ‬
‫فلقد أتينا ىا ىنا‪،‬‬

‫وتركنا ىناؾ‪،‬‬

‫ِ‬
‫متنفس ىواء‪...‬‬ ‫وسعينا نبحث عن‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪31‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫فأين ُكنا؟‬

‫وإلى أين وصلنا؟‬

‫وكيف أصبحنا؟‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪31‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كما لم أكن‬

‫إننى ىنا‪...‬‬

‫مازلت فى االنتظار‪،‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫لغد قريب‪،‬‬

‫ِ‬
‫محطات الطريق‪،‬‬ ‫كمل‬
‫يُ ُ‬
‫بعض فُ ِ‬
‫تات األمل الذي يتأرجح يُمنةً ويساراً‪...‬‬ ‫ويعيش على ِ‬
‫ُ‬

‫إننى ىنا وال ِز ُ‬


‫لت ىنا‪...‬‬

‫أكو ُف كما أكوف‪...‬‬

‫أحمل معى مشكاةِ نوِر الصباح‪،‬‬

‫أسير ٍ‬
‫ببطء على الطريق ‪...‬‬ ‫ُ‬
‫وحدي‪،‬‬

‫ِ‬
‫عبلمات ىداي‪...‬‬ ‫أرس ُم‬
‫ُ‬

‫ط بيدى قصةَ حياة‪...‬‬


‫َخ ُ‬
‫أُ‬

‫وأسعى إلى ما أُريد‪...‬‬

‫أمضى إلى مسعاى‪...‬‬

‫أصيرأنا‪...‬‬
‫وأحلم أف ُ‬
‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪32‬‬
‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫إننى ىناؾ ولست ىنا‪...‬‬

‫نصف ُحلمى يمضي معى‪،‬‬


‫ُ‬

‫ويصاحبنى فى سفرى الطويل‪...‬‬

‫ونِص ُفو اآلخر ىناؾ فى النهاية‪،‬‬

‫مكث في ِ‬
‫ساحة االنتظار‪...‬‬ ‫مازاؿ يَ ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بدؼء اللقاء‪...‬‬ ‫يحلم‬
‫والزاؿ ُ‬
‫َ‬

‫يرسم صورتُو فى ُمخيلتِو‪،‬‬


‫اؿ ُ‬ ‫ماز َ‬

‫اللقاء يا صاحبى؟‬
‫كيف يكوف َ‬
‫روح أف يلتقيا فى ِ‬
‫نهاية المطاؼ‪...‬‬ ‫لنصفى ٍ‬ ‫كيف‬
‫ّ‬
‫طويل فى ٍ‬
‫طريق مزدحماً بالمغريات‪...‬‬ ‫بعد ٍ‬
‫فراؽ ٍ‬

‫شغف اللقاء؟‬
‫أخبرنى كيف يكو ُف ُ‬

‫أيكوف لقاءاً دافئاً ُمب ِهجاً مكلّبلً بِ ِ‬


‫تعب ما فات؟‬

‫أـ يكو ُف لِقاءاً عابراً بين غريبي ِن التقيا عند ِ‬


‫مفترؽ الطرقات؟‬

‫البعض بعد ِ‬
‫طوؿ الغياب؟‬ ‫ُ‬ ‫أيعرؼ كبلىما‬
‫ُ‬

‫أتسائل حقاً‪...‬‬
‫ُ‬
‫كنت من قبل أنا؟‬
‫أصبح أنا كما ُ‬
‫ُ‬ ‫ىل‬

‫أصبحت أنا كما لم أكن من قبل أنا؟‬


‫ُ‬ ‫أـ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪33‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫الزلت ىنا وفى طريقى إلى ىناؾ …‬

‫أ ِ‬
‫ُكم ُل مسعاى الطويل‪،‬‬

‫كض‪،‬‬
‫كض وأر ُ‬
‫كض وأر ُ‬
‫أر ُ‬

‫فأستريح وأىدأ‪،‬‬
‫َ‬ ‫أتعب‪،‬‬
‫ُ‬
‫وأىروؿ سعياً‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أعود‪ ،‬فأمشي‬
‫ُ‬

‫كض ثانية‪...‬‬
‫وأعود ألر َ‬
‫ُ‬

‫إلى ىناؾ‪،‬‬

‫حيث أكوف فأصبح أنا‪،‬‬

‫كما لم أكن من قبل أنا‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪34‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫سيمفونيةُ الحب والوداع‬

‫حيث البلشيء‪...‬‬
‫وىناؾ ُ‬

‫وقيثارتى معى‪،‬‬

‫لحن الوداع‪،‬‬
‫أعزؼ َ‬
‫ُ‬

‫ما بين النهرين‪...‬‬

‫وما بين القم ِر والشمس‪...‬‬

‫أسفل شجرةِ الصفصاؼ‪،‬‬


‫ُ‬
‫أعزؼ ألحا َف الهوى للتائهين‪...‬‬
‫ُ‬

‫أواج ِعهم بلح ٍن ىادىء‪،‬‬


‫أمر على َ‬

‫فقيثارتى ىى أفيو ُف السامعين‪،‬‬

‫تسري األلحا ُف منها‪،‬‬

‫ِ‬
‫كجرياف الماء‪،‬‬

‫سقيا لعطشى الهوى والحنين‪...‬‬

‫تسير بِبِ ٍ‬
‫طء‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫جنبات الطريق‪،‬‬ ‫بين‬

‫ِ‬
‫‪...‬البعيد‪،‬‬ ‫‪...‬البعيد‪ِ ...‬‬
‫البعيد‬ ‫ِ‬ ‫إلى ِ‬
‫بعيد‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪35‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تحملُك معها كبِ ِ‬


‫ساط األمير‪،‬‬

‫تتأرجح بك األلحا ُف‪،‬‬


‫ُ‬
‫أعلى وأسفل‪،‬‬

‫إلى اليمي ِن وإلى اليسار‪...‬‬

‫كموج بح ٍر ىادىء‪،‬‬
‫ِ‬

‫أمواج جارفةٌ غارقة‪،‬‬


‫تتبعُها ٌ‬

‫داخل بح ٍر عميق‪،‬‬
‫تسحبُك إلى ِ‬

‫تارةٌ موجةٌ ىادئةٌ وأخرى غاضبة‪...‬‬

‫وىناؾ حيث البلشيء‪،‬‬

‫داخل بح ِرىا‪،‬‬
‫َ‬
‫وسحرىا‪،‬‬ ‫غموض الحياةِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫جميلة واثقة‪،‬‬ ‫تسير ِ‬
‫ببطء‬ ‫ُ‬
‫ترى قتبلىا وراء ُخطواتِها‪،‬‬

‫صوت ألحا ُف قيثارةُ الحب والوداع‪....‬‬


‫ُ‬ ‫صرعى‬

‫وىنا على ِ‬
‫قارعة الطريق‪،‬‬

‫أسفل شجرة الصفصاؼ‪،‬‬

‫ط الهوى‪....‬‬
‫تنساب من معزوفتى خيو ُ‬
‫ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪36‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تحيط المكا َف ذىاباً وإياباً‪،‬‬

‫قبلت الروح‪،‬‬ ‫وتعود إلى قيثارةِ ِ‬


‫الحب فتغدو كنا ِ‬ ‫ُ‬

‫حيث البلشيء‪،‬‬
‫ىنا وىناؾ ُ‬

‫فما بين النهرين‪،‬‬

‫ِ‬
‫والشمس والقمر‪،‬‬

‫سيمفونيةُ الحب والوداع‪......‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪37‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أسود‬
‫ثقب َ‬
‫ٌ‬

‫واآلف‪...‬‬

‫وىا نحن ىنا‪،‬‬

‫ِ‬
‫الطريق نفسو‪،‬‬ ‫على‬

‫خطوات متعثرة‪،‬‬
‫ٌ‬

‫وقد ُخضنا التجربة‪،‬‬

‫الىى بالصعبة‪،‬‬

‫وال بالهينة‪،‬‬

‫كِدنا نقع فى الش ِرؾ على حي ِن غفلة منا‪،‬‬

‫ِ‬
‫غيابات الجب‪،‬‬ ‫القلب يهوي فى‬ ‫وكاد‬
‫ُ‬
‫العاـ‪،‬‬
‫مر ُ‬

‫خريف صغيرة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وكأنو ورقَةَ‬

‫ما لبثت وقتاً طويبلً‪،‬‬

‫حتى ذبلت وبَػ ُهتت ألوانُها‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪38‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ِ‬
‫الهواء وال الرياح‪،‬‬ ‫فسقطت ولم تتحمل قوةَ‬

‫سقطت متطايرًة ببل ىدؼ‪،‬‬

‫طواؿ الرحلة‪،‬‬
‫الرياح ىى قائدىا َ‬
‫ُ‬ ‫كانت‬

‫سارت مع التيار ِ‬
‫بنفس المضمار‪،‬‬

‫تظن أنها ستبقى أرضاً‪،‬‬


‫كانت ُ‬
‫مثل األخريات‪،‬‬
‫َ‬
‫سها المشاةُ على الطريق‪،‬‬
‫يدى ُ‬
‫َ‬

‫ولكنها كانت غيرىم‪،‬‬

‫لم تكن أبداً مثلهم‪،‬‬

‫ولن تكوف مثلهم‪،‬‬

‫نفسها ممزقةً‪،‬‬
‫وفجأةً وجدت َ‬
‫أثناء سي ِرىا مع التيار‪،‬‬

‫وانتهت‪....‬‬

‫وكذلك انتهت القصة‪،‬‬

‫وقد أغلقت صفحاتِها‪،‬‬

‫أتر َؾ لها الفرصةَ لبلكتماؿ‪،‬‬


‫ولم ُ‬
‫الكتاب‪،‬‬
‫َ‬ ‫أغلقت‬
‫ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪39‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أوتيت من قوة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بكل قسوة‪ ،‬وبكل ما‬

‫ُىمش‪،‬‬
‫لم أعد أري ُد أف أ َّ‬

‫لم أعد أُري ُد الخوؼ‪،‬‬

‫السكوف‪،‬‬
‫لم أعد أُري ُد ُّ‬

‫عاـ َمليءٌ بالذكريات‪....‬‬


‫ٌ‬

‫وم ُرىا‪،‬‬ ‫يختلِ ُ‬


‫ط ُحلوىا ُ‬

‫تكتَ ِش ُ‬
‫ف ذاتَك فيو‪،‬‬

‫ترى َمخا ِوفَ َ‬


‫ك‪،‬‬

‫راءت أماـ عينيك على حي ِن غَفلة‪،‬‬


‫وقد تَ َ‬
‫تراىا وقد تَ َم َّكنَت ِمنك‪،‬‬

‫ٍ‬
‫بأغبلؿ من حديد‪،‬‬ ‫تك‬
‫تك وقيَ َد َ‬
‫ألج َم َ‬
‫َ‬

‫اآلف تراىا جيداً‪،‬‬

‫وتَعيها بوضوح‪،‬‬

‫تراىا وىي تقف أمامك‪،‬‬

‫كالمرأةِ المجنونة‪،‬‬

‫مشعثةَ الشعر‪،‬‬

‫مزريةَ الهيئة‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪41‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تَرفَ ُع ِذراعيها أمامك كالجناحي ِن األسودين‪،‬‬

‫عنك‪،‬‬
‫ب ُرؤيةَ الحقيقةَ َ‬ ‫ِ‬
‫تَحج ُ‬
‫ك بِهيستيريا مخيفة‪،‬‬
‫ضح ُ‬
‫وتَ َ‬

‫حش كاس ٍر ُمخيف‪،‬‬


‫كو ٍ‬
‫ظه ُر أنيابُها َ‬
‫فتَ َ‬

‫ض ِح َكةٌ ِشريرةٌ َمجنونَةٌ ُمتَػ َق ِط َعة‪،‬‬


‫َ‬

‫ص ِعقت‪،‬‬
‫اآل َف وقد ُ‬

‫ذُ ِىلت‪،‬‬

‫حاصراً‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تَج َد َؾ ُم َ‬

‫زداد‪،‬‬ ‫المخا ِو ُ‬
‫ؼ وتَ ُ‬ ‫تَكبَػ ُر َ‬
‫حتى تُصبِ َح ىالة كبيرة‪،‬‬

‫ٍ‬
‫لحظات‪،‬‬ ‫تتحوؿ فى‬

‫تشعر‪،‬‬
‫دوف أف َ‬

‫تُحا ِوطُ َ‬
‫ك من جميع االتجاىات‪،‬‬

‫توغل‪،‬‬
‫تنتشر وت ُ‬
‫ُ‬
‫تَنتَبِوُ لها‪،‬‬

‫ِ‬
‫ج سريعاً‪،‬‬
‫خر َ‬ ‫تُحا ِو َؿ أف تَج َد َ‬
‫الم َ‬
‫ِ‬
‫بالخبلص‪،‬‬ ‫ب‬
‫تَرغَ ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪41‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ِ‬
‫الهروب منها‪،‬‬ ‫ولكن عقلك ال يج ُد لك سوى‬

‫وقد ُش َّل تفكيرهُ‪،‬‬

‫وتَػبَ َخ َرت ُحلولُو‪،‬‬

‫بوؿ الحرب‪،‬‬
‫قرعُ فيو طُ ُ‬
‫وقلبُك تُ َ‬
‫نجرة‪،‬‬ ‫صعوداً للرئتي ِن ثم َ‬
‫الح َ‬ ‫ج منو ُ‬
‫وتخر ُ‬
‫ُ‬
‫لديك اختناقاً َرىيباً‪،‬‬
‫ث َ‬ ‫فتُ ِ‬
‫حد ُ‬

‫التنفس‪،‬‬
‫َ‬ ‫تستطيع‬
‫ُ‬ ‫الهواء قد خبل من َحولِك فبل‬
‫َ‬ ‫وكأ َف‬

‫تَرتَ ِع ُد ُرعباً‪،‬‬

‫ك فقدت السيطرةَ‪،‬‬
‫أطرافُ َ‬

‫وسارت داخلَها قشعريرةٌ باردةٌ‪،‬‬

‫ص ُد َع َرقاً‪،‬‬
‫وتَػتَػ َف َ‬
‫ِ‬
‫الحرب داخلك‪،‬‬ ‫بوؿ‬
‫أما طُ ُ‬

‫ك‪،‬‬
‫َس َ‬
‫تصل إلى َرأ َ‬
‫جيجها حتى َ‬
‫ض َ‬ ‫فيَعلو صوتَها و َ‬

‫المزعج‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وتزداد ويعلو صوتُها‬
‫ُ‬

‫ضجيجاً‪،‬‬ ‫تكاد تَن َف ِج ُر أُذنَ َ‬


‫يك َ‬ ‫ُ‬

‫لهوةٍ كبيرةٍ واسعة‪،‬‬


‫ك سوى أنها تحولت َ‬
‫َمام َ‬
‫ال ترى أ َ‬

‫حوؿ نفسها ببل نهاية‪،‬‬


‫تدور َ‬
‫ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪42‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫دور‪،‬‬
‫دور وتَ ُ‬
‫دور وتَ ُ‬
‫ظل تَ ُ‬
‫تَ ُ‬
‫ك باستمرار‪،‬‬ ‫حوؿ نَ ِ‬ ‫كل ٍ‬
‫دور معها بِ ِ‬
‫فس َ‬ ‫ىدوء َ‬ ‫فتَ ُ‬
‫وـ َمغناطيسياً‪،‬‬
‫كأنك ُمنَ ٌ‬
‫و َ‬
‫ِ‬
‫بالتعب واإلجهاد‪،‬‬ ‫شعر‬
‫فتَ َ‬
‫ك ِ‬
‫داخلها‪،‬‬ ‫وتَ ِج َد ما يجذبُ َ‬

‫إنَّو لثُقباً أ َ‬
‫َسو ٌد‪،‬‬

‫للداخل بقوةٍ وسرعة‪،‬‬


‫َ‬ ‫ك‬
‫يختَطَُف َ‬
‫َ‬

‫ب‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫فأنت نائ ٌم‪...‬تائوٌ‪ُ ....‬م َتع ٌ‬

‫خائِ ٌ‬
‫ف من ِ‬
‫كل شيء‪...‬‬

‫قب أَسوداً رىيباً‪،‬‬


‫ك ثُ ٌ‬
‫حتى صار خوفُ َ‬

‫لك‪،‬‬ ‫يبتلع كل ما رآه ِ‬


‫داخ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ك أنت أيضاً‪،‬‬
‫ويبتلعُ َ‬

‫فيعتَ ِقلُ َ‬
‫ك‪...‬‬

‫ك‪،‬‬
‫لمخاوفَ َ‬ ‫ِ‬
‫وتُصب ُح أسيراً َ‬
‫سخر منك بِ ٍ‬ ‫ٍ ٍ‬
‫جنوف وىيستيريا‪،‬‬ ‫تحولت من َعجوٍز َشمطاء َكريهة تَ َ ُ‬
‫والتى َ‬
‫الهروب‪،‬‬ ‫تستطيع‬ ‫قب قَ ٍ‬
‫ميء ال‬ ‫إلى ثُ ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫ال يدعُ لك الفرصةَ‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪43‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫َمر َؾ‪،‬‬ ‫اُعتُِق ُ‬


‫لت وانتهى أ ُ‬
‫فاتيح أَس ِر َؾ‪....‬‬ ‫وقد َسلَّ ُ‬
‫مت لو َم ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪44‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كوني حياة‬

‫سيري فى ِ‬
‫درب الحياة‬

‫مصابيح من نور‪...‬‬ ‫وخذي ِ‬


‫معك‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫رعى‪....‬‬
‫ص َ‬ ‫ِ‬
‫آخذ ًة معك قلوباً َ‬

‫للخائفين التائهين‪...‬‬
‫َ‬ ‫وكوني َمبلذاً‬
‫أشرؼ على فُ ِ‬
‫قداف الحياة‪....‬‬ ‫َ‬ ‫كوني حياةَ لمن‬

‫النفس‪...‬‬
‫َ‬ ‫كوني‬

‫والروح‪...‬‬
‫َ‬
‫الدؼء‪،‬‬
‫َ‬ ‫التمس‬
‫َ‬ ‫كوني شمساً لمن‬

‫كوني حياة‪...‬‬

‫كك ور ِ‬
‫ائك مافات فلم يعُد‬ ‫واتر ِ‬

‫المآل َف خوفاً‪...‬‬ ‫ِ ِ‬
‫يُجدي صراعُك َ‬
‫عنك‪...‬‬ ‫كل ٍ‬
‫شيء ِ‬ ‫دع ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الخضراء بين األيائِ ِل‪...‬‬ ‫المروج‬
‫ِ‬ ‫وامض ِ‬
‫بطريق‬ ‫ِ‬

‫ك‪...‬‬
‫روح َ‬
‫تحيا ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪45‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ٍ‬
‫شمس ساطعةً‪...‬‬ ‫وتُضيءُ كنوِر‬

‫ٍ‬
‫مشتعل‪...‬‬ ‫ِ‬
‫كضوء نا ٍر‬ ‫زىرةٌ ساطعةٌ مصفرةٌ‬

‫بريحاف جمالِها ‪...‬‬


‫ِ‬ ‫الروح‬
‫تحيا ُ‬
‫الجماؿ فيها‪...‬‬
‫ُ‬ ‫يحيا‬

‫يذىب وإليها يعود‪...‬‬


‫ُ‬ ‫منها‬

‫ريحانات عابرة؛‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫النساء‬ ‫فكل‬

‫وأنت و ِ‬
‫حدؾ زىرةُ أوركيدا شامخة‪....‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والجماؿ الساحر‪....‬‬ ‫يا زىرةُ ِ‬
‫الحب‬

‫طوؿ الطريق‪...‬‬ ‫ِ‬


‫بعطرؾ الملكى على ِ‬ ‫جودى‬
‫ّ‬
‫للخائفين التائهين‪...‬‬
‫َ‬ ‫كوني مبلذاً‬

‫النفس‪...‬‬
‫َ‬ ‫كوني‬

‫والروح‪...‬‬
‫َ‬
‫كوني حيا ًة لمن ال حيا َة لو‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪46‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫العب الكماف‬
‫ُ‬

‫كبلعب الكماف‪،‬‬

‫ك آلتى‪...‬‬ ‫اُ ِ‬
‫مس ُ‬

‫اعزؼ على أوتا ِرىا لحناً جديداً‪...‬‬


‫ُ‬

‫ال ىو بالسعيد وال ىو بالحزين‪....‬‬

‫ِ‬
‫جنبات الحياة‪....‬‬ ‫ِ‬
‫بالبقاء ساكنة بين‬ ‫لحن يغرينى‬
‫ٌ‬

‫ال يدعُ أحداً إال ويمر من طريق الروح عابراً‪...‬‬

‫ِ‬
‫اآلذاف إال وىي مرىفةَ السمع لما سيأتى من بعده‪...‬‬ ‫ال يدعُ‬

‫ربما يأتى من بعده شيئاً ال نهائي من األلحاف‪،‬‬

‫نسى‪...‬‬
‫نسى ولكن ال يُ َ‬
‫قد تُ َ‬
‫ي ِ‬
‫صمت األفواهُ والحناجر‪....‬‬‫ُ‬

‫بأرواح المارَة القادمين من أعالى الشماؿ‪...‬‬


‫ِ‬ ‫يسكن‬
‫ُ‬
‫حتى ىناؾ‪....‬‬

‫ِ‬
‫الجنوب‪،‬‬ ‫فى أقصى‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪47‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫األرواح قبل القلوب‪....‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خبللو عابراً‬ ‫يمر من‬

‫ِ‬
‫الرقراقة الهادئة ‪....‬‬ ‫ونتمايل أللحانِو‬ ‫نستمع‬ ‫ىانحن‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫تَحملُنا معها‪،‬‬

‫طيات نغماتِها‪،‬‬
‫بين ِ‬

‫تطير بنا إلى أعالى الجباؿ‪،‬‬


‫ُ‬
‫ِ‬
‫الودياف‪...‬‬ ‫ِ‬
‫السهوؿ مخترقةَ‬ ‫وتمرعلى‬

‫ىا نحن ىنا‪....‬‬

‫لحن الحياة‪...‬‬
‫حيث يوج ُد ُ‬ ‫فى ٍ‬
‫عالم ال نهائي ُ‬

‫عالم ال شيءٌ فيو سوى الخياؿ‪...‬‬


‫ٌ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪48‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫نبتة أقحواف برية‬

‫نبتةُ أُقحوا ٌف برية‬

‫َخرجت من بين الثنايا الصخرية‬

‫سفح الجبل‬
‫أعلى ِ‬

‫زىور الحياة‬
‫أجمل ُ‬
‫ُ‬ ‫فغدت‬

‫أندرىا‬
‫فهى ُ‬
‫وأقواىا‬

‫وأطيبُها ِعطر‪ ،‬قويةٌ روحها‪...‬‬

‫وجلَد‬
‫بأس َ‬
‫ذات ٌ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫بجماؿ غريب‬ ‫غريك‬
‫تُ َ‬

‫تعهده في األُخريات‬
‫لم َتر مثلَو ولن َ‬
‫أيا أُقحوانة ِ‬
‫الحب البرية‪،‬‬

‫عطر الحب‪،‬‬
‫ليفوح منك َ‬
‫َ‬
‫لينشر السبلـ‬
‫َ‬
‫ليعم الحياة‬
‫َّ‬

‫قلوب المحبين‬
‫ويس ُك َن َ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪49‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ويعبر ما بين القارات‪ ....‬واقفاً ع الثغور‪،‬‬


‫َ‬
‫ومشياً فى الطرقات‪...‬‬

‫وىناؾ‪،‬‬

‫على الطر ِيق اآلخ ِر‪ ،‬بين المسافرين‪...‬‬

‫بين المودعين ألحبائِهم‪...‬‬

‫ِ‬
‫محطات القطار‪...‬‬ ‫االنتظار فى‬ ‫وبين الذين أرى َقهم‬
‫ُ‬
‫ليفوح ِعطر حب ِ‬
‫ك بين الجميع‪...‬‬ ‫َ ُ َُ‬

‫ءوس الجميبلت‪...‬‬ ‫ِ‬


‫وتكوف زىرتُك‪ ،‬ىى زينةُ ُر ُ‬
‫الحبيب لحبيبتو‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يهديها‬

‫يزين بها ِ‬
‫سواد ُخصبلتِها قبل الوداع‪...‬‬ ‫ُ ُ‬
‫أيا أُقحوانة ِ‬
‫الحب البرية‪،‬‬

‫كوني شعاراً وذكرى المحبين‪،‬‬

‫صاؿ ٍ‬
‫دائم بينهم‪...‬‬ ‫ِ‬
‫وعطرؾ رسالةَ ِو ٍ‬
‫ُ‬
‫كوني َأمبلً قبل الوداع‪،‬‬

‫بعهد ِؾ عند اللقاء‪...‬‬ ‫ِ‬


‫وأوؼ ِ‬

‫ِ‬
‫وأفيض عليهم بنسائم الحياة‪...‬‬

‫األنواع أنتى يا أقحوانة الحب؟‬


‫ِ‬ ‫فأى‬
‫ُّ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪51‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أأنتى حوريةُ بح ٍر ساحرة؟‬

‫أـ أنك فراشةُ ِ‬


‫الحب الصادقة؟!‬

‫ِ‬
‫أراؾ تتحولين‪....‬‬

‫تارةٌ حوريةُ بح ٍر ساحرة‪،‬‬

‫منار باألكاذيب‪...‬‬ ‫بقاع بح ٍر ٍ‬


‫مظلم َ‬ ‫تجذب فريستَها ِ‬
‫ُ‬
‫وتارةٌ فراشةَ ِ‬
‫الحب الصادقة‪،‬‬

‫تجذبُها نيرا ُف شمس الربيع‪،‬‬

‫فتحتر َؽ وتتبلشى بها‪....‬‬

‫فأيهما انتى؟؟؟!!!‬

‫ساحر جاذب‪....‬‬
‫عطر ٌ‬‫يفوح منك ٌ‬
‫ُ‬
‫يغمر الساحات‪،‬‬
‫ُ‬
‫ويخدر العقوؿ‪،‬‬
‫ُ‬
‫ويسحر القلوب‪...‬‬
‫ُ‬
‫فترى المشاةُ سائرين نياماً‪...‬‬

‫لوداع المسافرين ألحبائِهم‪...‬‬ ‫ِ‬


‫ساحات االنتظار مؤلى ِ‬ ‫وترى‬

‫ِ‬
‫ُقحوانات أنتى‪،‬‬
‫فأى األ‬
‫ُّ‬

‫يا أفيو َف العاشقين‪.......‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪51‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫مشاعل النور‬
‫َ‬

‫النور في حياتنا‪...‬‬
‫ونحلم دائماً بأف نحظى ببعض َ‬
‫ُ‬
‫يحلم بو يتخللو‪...‬‬
‫جميعنا ُ‬
‫الظبلـ الذي بداخلنا من جميع جوانبو‪...‬‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫يتسلل ٍ‬
‫ببطئ ورويّة‪ ،‬حتى يلُ ُ‬ ‫ُ‬
‫أتمنى أف يداىمنى على حين غفلة منى‪،‬‬

‫ويصبح لو كالدرع الواقي من ىذا الظبلـ الدامس‪...‬‬


‫ُ‬ ‫يلمس قلبي‪،‬‬
‫َ‬ ‫أف‬

‫أرواحنا الميتةَ تشتاؽ لرؤيتو عبلجاً لمرضها العضاؿ‪...‬‬


‫ُ‬

‫وكأنني أراه يقترب منا‪،‬‬

‫أرواحنا بهدوء‪...‬‬ ‫ِ‬


‫يتلمس أيدينا‪ ،‬يعان ُق َ‬
‫ُ‬
‫وتصبح أكثر بهجةً وجماالً‪...‬‬ ‫ِ‬
‫بالدؼء واألماف‪ ،‬فتشر َؽ حياتُنا‬ ‫يغمرنا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫معظمنا يتخطاه وال يراه أمامو‪....‬‬

‫ِ‬
‫وظبلمو‪....‬‬ ‫يحاوؿ اإلقتراب منو وال يم ُد إليو يديو لينتشلَو من ِ‬
‫بؤسو‬ ‫ُ‬ ‫ال‬
‫َ‬

‫ىناؾ على مرمى بص ِرنا‪،‬‬

‫نقترب منها‪،‬‬
‫َ‬ ‫توج ُد شعلةٌ صغيرة بعيدة‪ ،‬ما إف‬

‫حتى نجدىا وقد مؤلت حياتنا‪،‬‬

‫ِ‬
‫السحيقة التي ألقينا بأنفسنا داخلها‪...‬‬ ‫داخل الهوةِ‬
‫شلتنا من ِ‬
‫وانت َ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪52‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫األمل لؤلعلى‪،‬‬ ‫نحاوؿ الخروج ونرمى ِ‬


‫بحباؿ ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ب رياحاً عاتية‪...‬‬ ‫ِ‬
‫الطريق ُته ُ‬ ‫نتشبث بها‪ ،‬نصع ُد إليها وفي منتصف‬
‫ُ‬

‫ونلتف حولها‪ ،‬ونحميها‪...‬‬


‫ُ‬ ‫نم ُد أيدينا لشعلتِنا الصغيرة‬

‫ك فى ِ‬
‫ظبلمك وحيداً ضعيفاً‪....‬‬ ‫تُحاوؿ تلك العاصفة اختطافها منك لتترَك َ‬
‫فإما أف تستسلم لها وإما أف تحارب من أجل ِ‬
‫نفسك‪...‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تلك الشعلة الصغيرة ماىي إال النور في حياتك‪....‬‬

‫تنير لك طريقك‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫شعلةٌ من نا ٍر‬


‫تتمسك بها بقوة‪ُ ،‬‬
‫ُ‬

‫أخطائك وىفواتَك‪....‬‬
‫َ‬ ‫فتجعلك ترى‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لملمة شتاتِك‪...‬تنير أفكارؾ ‪...‬وتبحث عن ذاتك‪....‬‬ ‫تساع ُدؾ على‬

‫يقتصر عليك وحدؾ‪....‬‬


‫ُ‬ ‫إنو اآلف بين يديك ال تجعلو‬

‫ليصل إلى بقية البشر اآلخرين‪...‬‬


‫َ‬ ‫بل اجعلو يمتد‬

‫اقترب منهم‪ ،‬أضئ مشاعلهم‪...‬‬

‫واألمل والحب‪....‬‬
‫َ‬ ‫فيروا في حياتهم السعاد َة‬

‫علمهم كيف يحافظوف عليو ويحاربوف من أجلو‪،‬‬

‫أرواحهم‪...‬‬
‫وإال انطفئت َ‬

‫األبيض الوضاء‪ ،‬أقبل علينا بخيرؾ‪...‬‬


‫ُ‬ ‫النور‬
‫أيها ُ‬
‫التف حولنا بقوة‪.....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪53‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫القلوب واألرواح‪...‬‬
‫ُ‬ ‫اغمرنا بدفئك وحرا ِرتك‪ ،‬فتحيا‬

‫ونرسم على ضوئك آماالً نراىا ونلمسها بأيدينا‪...‬‬


‫ُ‬
‫ِ‬
‫عواصف الدنيا وأعاصيرىا القوية‪...‬‬ ‫ُكن لنا درعاً واقياً من‬

‫ُكن لنا شعلة مضيئة ال تنطفئ ‪....‬‬

‫ونضئ بها مشاعل اآلخرين‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪54‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ويبقى األمل‬

‫أمل يراودنا‪...‬‬
‫ويبقى ىنالك دوماً ٌ‬
‫ويداعب قلوبًنا‪....‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القلوب التي ماتت يأساً وألماً‪،‬‬ ‫ِ‬
‫إلحياء تلك‬ ‫يرسلُو اهلل إلينا‬

‫أحبلمها سريعاً‪...‬‬
‫ُ‬ ‫وغادرتها‬

‫اليأس حتى تراىا فقدت رونقها‪....‬‬


‫ما إف يتخللها ذلك ُ‬
‫وباعت سعاد َة القلب لؤللم بثم ٍن بخس‪....‬‬

‫تسير في الطرقات تائهة‪....‬‬


‫ثم تراىا ُ‬
‫ىائمةً على وجهها‪...‬‬

‫ال تدري أين تذىب‪ ،‬فقدت حياتها بهجتها‪...‬‬

‫ىناؾ الكثير من الناس يعيش ببل أمل‪...‬‬

‫يصبح ببل حياة‪،‬‬

‫وببل روح‪ ،‬مساكين‪.....‬‬

‫ال يجدوف من يُحيي لديهم تلك الروح مرة أخرى‪...‬‬

‫يستسلموف سريعاً للبؤس والحزف‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪55‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ببل تفكير‪...‬‬

‫ويضع فيها القيود واألغبلؿ‪،‬‬


‫ُ‬ ‫يمدوف إليو بأيديهم‬

‫تجعلُهم عاجزين عن الحر ِ‬


‫كة وعن العمل‪...‬‬

‫يضع الغشاو َة على أعينهم‪....‬‬


‫ُ‬

‫فبل يستطيعوف رؤيةَ الحق وتمييزه عن الباطل‪..‬‬

‫تلك الغشاوة تجعلهم عاجزين عن رؤية أي شئ على مرمى بصرىم‪...‬‬

‫يكمم أفواىهم‪،‬‬

‫فبل يسمع لهم صوت‪ ،‬ال يتحدثوف بما يرغبوف‪...‬‬

‫وال يبثوف حزنهم ألحد‪،‬‬

‫ال يستطيعوف حتى الهمس‪....‬‬

‫إنو اإلختيار األسوأ على اإلطبلؽ‪....‬‬

‫أف نترؾ اليأس يضع قيوده علينا باستسبلـ منا‪،‬‬

‫وببل أيَّة مقاومة‪....‬‬

‫حينما يُغلَ ُق باباٌ يفتح اهلل لنا أبواباً أخرى‪...‬‬

‫ولكننا ال نراىا بسبب تلك الغشاوة التي وضعناىا على أعيننا‪...‬‬

‫فنصدر بذلك على أنفسنا أشد األحكاـ قسوة‪،‬‬

‫وأكثرىا يأساً‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪56‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫نحكم على أنفسنا باإلعداـ‪....‬‬


‫ُ‬
‫إعداـ روحنا دوف أف نشعر بذلك‪...‬‬

‫نتخلى عن الحلم‪،‬‬

‫يتخلل إلى القلب‪...‬‬


‫َ‬ ‫ونترؾ الحز َف‬
‫ُ‬

‫العقل عن مبادئ التفكي ِر السليم‪....‬‬


‫ويتخلى ُ‬
‫ذاىب إليو بقدميك‪ ....‬تستعجل موتك‬
‫ٌ‬ ‫ذاىب إلى حتفك‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فتصبح وكأنك‬

‫سريعا‪....‬‬

‫الموت ببل حلم‪ ،‬ببل أمل تعيش من أجلو‪.....‬‬

‫البؤس يتخلل إلى قلبك أبداً‪....‬‬


‫ُ‬ ‫تترؾ‬
‫إيَّاؾ وأف َ‬

‫دع قلبك مفتوحاً فقط‪ ،‬لتزورؾ األحبلـ من ٍ‬


‫وقت آلخر‪...‬‬

‫األمل يسكن قلبك دائما‪ ،‬وال تجعل لليأس عليو سبيبلً‪....‬‬


‫واجعل َ‬
‫فبل ييأس من روح اهلل إال القوـ الكافروف‪...‬‬

‫حلم ويودعنا‪...‬‬
‫ما إف يغادرنا ٌ‬
‫الحلم التالي‪ ،‬الذي يجعلنا أكثر أمبلً وبهجةً‪...‬‬
‫ُ‬ ‫حتى يأتينا‬

‫ويمدنا بالقوة ويُثري حياتنا‪...‬‬

‫وليكن لديك حسن ظن باهلل العزيز الجبار‪....‬‬

‫القادر على رفِعك لؤلفضل ويجبر الخواطر دوماً ببعث األمل في قلوبنا‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪57‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ويعوضنا خير بأفضل مما كنا نأمل ونتمنى‪....‬‬

‫ال تدع حياتك تتوقف عند ٍ‬


‫باب واحد‪....‬‬

‫وقد أُغلِ َق في وجهك بقسوة‪...‬‬

‫بل اطرؽ األبواب األخرى‪...‬‬

‫حاوؿ أف تفتحها كلها‪....‬‬

‫يغادرؾ أمل يأتيك اآلخر ليسري عنك‪....‬‬


‫حتى ما إف ُ‬
‫اطرؽ جميع األبواب‪،‬‬

‫كي يبقى ىنالك دوماً أمل‪.....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪58‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫َرؼ ناقص‬

‫ونحمل معنا بعض األحبلـ‪...‬‬


‫ُ‬ ‫تمر بنا األياـ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫حقيقة واقعة‪....‬‬ ‫نرغب في تحويلها إلى‬
‫ُ‬
‫العمر على ٍ‬
‫أمل واحد‪،‬‬ ‫ويمر بنا ُ‬
‫ُ‬
‫أف تصبح شيئاً ملموساً يزين حياتنا بجمالِو ِ‬
‫ورونقو‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫سحابة بيضاء‪...‬‬ ‫نبني قصوراً شامخةً على‬

‫نُزينها ونجملها ونزرعُ على أعتابِها شجرًة صغيرة‪....‬‬

‫تلك الشجرة نضع فيها كل جهودنا وتعبنا على ٍ‬


‫أمل واحد‪،‬‬

‫أف توِر ُؽ تلك الشجرةَ وتصبح مثمرةٌ نتاجاً لسعينا الحثيث وراء الحلم‪....‬‬

‫ثم ال نلبث ونجد تلك الشجرة المثمرة أنتجت ثماراً غير التي كنا نحلم بها‪...‬‬

‫خضراء مورقةً وال مبهجة‪....‬‬


‫َ‬ ‫وليست ناضجة‪ ،‬وأوراقها ليست‬

‫فنجد أنفسنا مجبورين على أف نقتلع تلك الشجرة من جذورىا‪...‬‬

‫نجتذىا اجتذاذاً قاسياً‪....‬‬

‫الحنين مرة أخرى لنفس الحلم الفاشل‪،‬‬


‫ُ‬ ‫كي ال يعود بنا‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪59‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫والذي يجعلنا بعد ىذا الفشل القاتل لدينا الرغبة في اإلنتقاـ‪....‬‬

‫اإلنتقاـ من عجزنا وعدـ قدرتنا‪...‬‬


‫ُ‬

‫إنو يُشعرنا دائماً بالضعف‪....‬‬

‫وىم ال طائِ َل منو‪،‬‬


‫ضيع وقتنا وأعمارنا ىباءاً وراء ٍ‬
‫يُشعرنا بأننا نُ َ‬

‫بفعل شدةِ حرارة الواقع السئ‪....‬‬ ‫ٍ‬


‫وأحبلـ تتبخر ِ‬ ‫وراء أفكا ٍر‬

‫ِ‬
‫ألحبلـ البشر‪...‬‬ ‫واقع م ِ‬
‫حط ٌم‬ ‫ٌُ‬

‫بالمناسبة ىل الواقع ىو الذي يحطمنا؟!!!‬

‫أـ أف أحبلمنا ىي التي تصبح غير مناسبة لو فيكسرىا ويحطمها بقسوة؟!!‬

‫سؤاؿ من دوف فائدة‪!!...‬‬

‫وليست لو إجابة لدي‪!!...‬‬

‫الم َحطَّم‪....‬‬
‫أندب ُحلمي ُ‬
‫ال أريد أف ُ‬

‫ولكني لدى القدرة على تحطيم ىذا الحاجز‪...‬‬

‫حاجز الخوؼ الذي كلما راودني يجعل لدي الرغبة في تخطي عقبات كثيرة ‪.‬‬
‫ُ‬

‫حيث‬ ‫ِ‬
‫منتصف الطر ِيق‪ ،‬فارجع إلى ُ‬ ‫هت في‬
‫سأعمل بالمقولة التي تقوؿ‪":‬وإف تُ ُ‬

‫بدأت‪ ،‬وابدأ من جديد"‪....‬‬

‫رت إحدى معاركي‪!!...‬‬ ‫ِ‬


‫خس ُ‬

‫هم‪...‬‬
‫ال يُ ّ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪61‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كن إلى ِ‬
‫جانب الحائط‪،‬‬ ‫المهم ّأال أر ُ‬

‫كالطفل الصغي ِر الذي يبكي على ِ‬


‫ضياع حلواه‪....‬‬ ‫ِ‬

‫ألف ٍ‬
‫طريقة وطريقة‪،‬‬ ‫حسناً‪ ،‬يمكنني إيجاد ِ‬

‫ِ‬
‫لرسم معالمي وخارطة طريقي مرة أخرى‪...‬‬

‫حقائق عن نفسي كنت أجهل قيمتها ‪....‬‬

‫فليتوقف ُك ِل ىذا‪!!!...‬‬
‫َ‬ ‫من اآلف‬

‫ولنبدأ العمل من جديد على ترميم الجزء المهجور‪،‬‬

‫والذي سكنتو الفئرا ُف داخلنا وداخل عقولنا‪...‬‬

‫ولتعلم جيداً‪،‬‬
‫َ‬
‫تحصل على ِ‬
‫كل ٍ‬
‫شئ في الحياة‪.....‬‬ ‫َ‬ ‫أنك لن‬
‫َ‬

‫ىناؾ بعض األشياء التي يجب أف تبقى ناقصةً وغير مكتملة‪...‬‬

‫ِ‬
‫األحبلـ قابلةً ألف تصبح حقيقة في ىذا العالم‪....‬‬ ‫كل‬
‫ليست ُ‬

‫حلم كامل أحيانا‪ ...‬ىناؾ دائماً‬


‫بشر كامل‪ ،‬وال ٌ‬
‫فبل يوجد حياةٌ كاملة‪ ...‬وال ٌ‬
‫ِ‬
‫األرفف‬ ‫نترؾ بعض األحبلـ على ِ‬
‫جانب أحد‬ ‫شيء ناقص‪ ...‬شئ يجعلنا َ‬

‫نضع فيو البقيةَ الباقيةَ من أحبلمنا الناقصة ‪...‬‬


‫الخاصة بنا‪ُ ...‬‬

‫يسمى رؼ ناقص‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪61‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫اطرؽ الباب‬

‫دعونا نبدأ بدايةٌ جديدة مع أنفسنا دوف ٍ‬


‫لوـ أو عتاب ‪...‬‬

‫يتسلل منها إلى قلوبنا المظلمة‪...‬‬


‫ُ‬ ‫النور‬
‫بدايةٌ جديدة ترى َ‬
‫ونطر ُؽ من خبللها األبواب‪...‬‬

‫سم ُع طرقاتُنا ‪...‬‬


‫ستجاب لنا وتُ َ‬
‫َ‬ ‫ولنصبر عليها حتى يُ‬
‫َ‬
‫ال ترحلوا يأساً وتسرعاً إف تأخر عليكم‪،‬‬

‫بل ظلوا ىناؾ على عتبتِو منتظرين‪....‬‬

‫الحصوؿ عليو يجب عليكم أف تدفعوا ثمنو‪،‬‬


‫َ‬ ‫وكل ٍ‬
‫شيء تحبوف‬

‫ثمن ىو العمل والصبر والحب في سبيل الوصوؿ إليو‪....‬‬


‫وال ُ‬
‫فلنصبر حتى يُفتَ ُح لنا الباب‪...‬‬

‫يقولوف إف الحياةَ ليست ورديةَ كما تتصوروف‪ ،‬فلم ال نجعلها نحن كذلك؟‬

‫رسم معالم طر ِيقكم‬ ‫أنتم من تسيئو َف استخداـ عقولِكم وأنتم من ِ‬


‫تخطئوف في ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وتحديد وجهتِكم‪...‬‬

‫ٍ‬
‫بشكل دقيق‪،‬‬ ‫وجهتُو محددةٌ‬
‫الطريق معروؼ و َ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫مفرغة ال تعرفوف بدايتها من نهايتها‪،‬‬ ‫ولكنكم ظللتم تدوروف في ٍ‬
‫حلقة‬

‫وجهتهم وىم ال يدركوف أنهم ضلُّوا‪...‬‬


‫ُ‬ ‫تتخبطوف فيها كالسكارى الذين ضلُّوا‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪62‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وىذا ىو حالنا‪...‬‬

‫تصر على مرافقتنا رغماً عنا‬ ‫ِ‬


‫ىناؾ الكثير من العقبات التي ستقابلنا وأحياناً ُ‬
‫ولكن‪،‬‬

‫يظل لدينا أىم شئ في الوجود‪...‬‬

‫البعض يدركو واآلخر يراه ويتمسك بو بكل قوة والبعض اآلخر ال يكاد يراه‬

‫لكثرة الضباب على عينيو‪،‬‬

‫وىناؾ من تركو وىناؾ من يبحث عنو‪....‬‬

‫باب األمل في اهلل ‪...‬‬


‫يظل لدينا ُ‬
‫ِ‬
‫األبواب المغلقة‪،‬‬ ‫الباب موجو ٌد وسط العديد من‬
‫ىذا ُ‬

‫والتي نظ ُل نطرؽ أبوابها كلها دوف أف تستجيب لنا بتاتاً‪،‬‬

‫ولكن ىذا الباب ٌ‬


‫محاؿ أف يهجرنا‪...‬‬

‫بحث شاقة‪...‬‬ ‫لنعود إليو ونطرقَو بعد ِ‬


‫رحلة ٍ‬ ‫يظل أمامنا َ‬
‫وإف ىجرناه ال قدر اهلل ُ‬
‫فاصبر حتى يُفتَ ُح لك الباب‪،‬‬

‫فإف باب األمل في اهلل مهما تأخر في اإلستجابة في النهاية يستمع إليك ويفتح‬

‫لك‪،‬‬

‫ِ‬
‫بالترحاب والسعادة‪،‬‬ ‫ويستضيفك ويستقبُلك‬
‫َ‬

‫فبل تيأس‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪63‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أمامك الباب ولديك المفتاح‪....‬‬

‫الباب وال تستعجل‪....‬‬


‫اطرؽ َ‬‫وإف لم يكن لديك المفتاح ُ‬
‫الباب وإف تأخر‪،‬‬
‫اطرؽ َ‬‫ُ‬
‫اطرؽ الباب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأنخ مطاياؾ على عتبتو‪ُ ....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪64‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وحدي في سكوف الليل‬

‫ِ‬
‫سكوف الليل‪،‬‬ ‫وحدي في‬

‫وأطالع جمالَها‪....‬‬ ‫أراقب حر ِ‬


‫كات النجوـ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ىناؾ في األعلى أج ُد روحي‪،‬‬

‫ِ‬
‫الجماؿ الساحر‪....‬‬ ‫وتتآلف مع ىذا‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الهدوء‬ ‫تتعانَ ُق مع ىذا‬

‫إف روحي كالفراشة‪،‬‬

‫تتأرجح بين زىوِر الربيع‪،‬‬


‫ُ‬
‫تنتقل من زىرةٍ إلى زىرة‪،‬‬
‫ُ‬
‫وتصع ُد لؤلعلى ليبلً تتنزهُ بين النجوـ‪،‬‬

‫سها وتُصاحبُها‪،‬‬ ‫ِ‬


‫تُجال ُ‬
‫وتنفرد بها وكأف العالم لها وحدىا‪...‬‬
‫ُ‬

‫النجوـ لها مبلذاً من ىذا الضجيج ‪....‬‬


‫َ‬ ‫تج ُد‬

‫تبتع ُد لتج َد الرفقةَ والهدوء‪....‬‬

‫تنعزؿ وحدىا في ٍ‬
‫جنة عالية‪،‬‬ ‫ُ‬

‫خاص بها‪،‬‬
‫مكا ٌف ٌ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪65‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ِ‬
‫المتلصصة وتطفبلتِهم‪....‬‬ ‫بعيداً عن أعي ِن البش ِر‬

‫ال أعلم لماذا نشتا ُؽ كثيراً إلى الوحدةِ والهدوء؟‬

‫المتواصل ِ‬
‫داخل أرواحنا؟‬ ‫ِ‬ ‫الضجيج‬
‫ِ‬ ‫لماذا نج ُد فيها راحتَنا بعيداً عن‬

‫الضجيج الذي ال يهدأُ وال يناـ‪...‬‬


‫ِ‬ ‫ىذا‬

‫بنصل السكي ِن وتغرزهُ داخل قلبك‪،‬‬


‫يجعلُك وكأنك ممسكاً ِ‬

‫ت صوتَو‪ ،‬ومع ذلك ال يه َدأ‪...‬‬ ‫كي تُ ِ‬


‫سك َ‬

‫تخور قواؾ‪...‬‬
‫يظل يتردد داخل روحك حتى َ‬
‫بل ُ‬
‫بالصمم من أث ِر قوةِ صدى الصوت‪....‬‬
‫ِ‬ ‫ستصاب‬
‫َ‬ ‫وتشعر وكأنك‬
‫َ‬
‫يخبرؾ دائماً بأنك إنساف‪....‬‬
‫ىذا الصوت الذي َ‬
‫لحم ٍ‬
‫ودـ‪،‬‬ ‫بشر من ٍ‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫ضعيف‪ ،‬ىش‪...‬‬

‫ال ٌ‬
‫حوؿ لك وال قوة‪ ،‬يركن دائماً إلى نفسو وإلى شرىا‪....‬‬

‫ياح العاتية‪،‬‬
‫مهب الر ِ‬ ‫ِ‬
‫الضعيفة في ِ‬ ‫ِ‬
‫كالريشة‬ ‫روحو‬
‫يترؾ َ‬
‫ُ‬
‫والتي ال تُبقي وال ت َذر‪ ،‬وال تعتِ ُق أحداً أبداً إال وىو ممز ٌؽ عن آخره‪،‬‬

‫الصوت الذي ِ‬
‫بداخلو‪....‬‬ ‫روحو وُك ِم َم‬
‫ُ‬ ‫وقد انطفأت ُ‬

‫كن أبداً إلى نفسك‪...‬‬


‫ال تر ُ‬
‫تترؾ لها قلبَك‪....‬‬
‫وال ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪66‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وقل دائما‪:‬‬

‫َّ ِ‬
‫"اللهم ال تكلني إلى نفسي أبداً طرفَة عي ٍن وال َ‬
‫أقل من ذلك"‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪67‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫صندو ُؽ الذكريات‬

‫أصبحت األياـ تمر سريعاً‪....‬‬

‫ِ‬
‫عقارب الساعة‪...‬‬ ‫أشعر ِ‬
‫ببطئ‬ ‫في حين أنني ُ‬
‫األياـ دوف أف ندري‪،‬‬
‫تمر بنا ُ‬
‫ُ‬
‫وأجمل أوقاتِنا مع أحبائِنا‪....‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لحظات عم ِرنا‬ ‫وتسر ُؽ من أحلى‬

‫قطعك‪،".‬‬ ‫ِ‬
‫كالسيف إف لم تقطعوُ َ‬ ‫الوقت‬
‫ُ‬ ‫يقوؿ المثل الشهير‪" :‬‬
‫ُ‬

‫السيف الحاد يمرر نصلَو على ِرقابِنا كل يوـ‪....‬‬


‫َ‬ ‫وأنا أرى‬

‫يمزقُنا إرباً ويتركنا ويذىب دوف ٍ‬


‫كلمة واحدة‪....‬‬

‫تمر أسعد لحظاتنا سريعاً‪،‬‬


‫ُ‬
‫يعود مرًة أخرى‪،‬‬ ‫ِ‬
‫انطلق في الفضاء ولن َ‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫وكأنها صارو ٌ‬
‫ِ‬
‫الذكريات السعيدة‪....‬‬ ‫وتظل في حي ِز‬
‫ُ‬
‫اللحظات وأصعبها تمر بنا ٍ‬
‫ببطء شديد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫في حين أف أسوأَ‬
‫َ‬

‫وكأننا نُعاقَب بطوؿ تلك اللحظات‪،‬‬

‫وتظل معنا حتى تكاد تكوف أسلوباً للحياة‪...‬‬


‫ُ‬
‫اللحظات السعيدةِ ِ‬
‫بفارغ الصبر‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ننتظر‬
‫أصبحنا ُ‬
‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪68‬‬
‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫لحظات ٍ‬
‫سيئة قد مررنا بها ‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫حتى‬

‫حتى نعيش حياتنا‪،‬‬

‫وىمومنا ‪....‬‬
‫َ‬ ‫أوجاعنا‬
‫َ‬ ‫فرحنا وتُنسينا‬
‫ونسر ُؽ أوقاتاً قصيرةً سعيدةً تُ ُ‬

‫تلك ىي حياتنا‪ ،‬قصيرًة غير مكتملة‪......‬‬

‫ِ‬
‫صندوؽ ذكرياتك‪،‬‬ ‫ظ بلحظاتِها داخل‬
‫تحتف ُ‬

‫تعود لتُلقي نظرةً عليها مرة أخرى وثالثة ورابعة حتى ال تنساىا‪...‬‬
‫كي َ‬

‫صندو ُؽ ذكرياتنا ىو الشئ الوحيد الذي نملُكو في حياتنا‪،‬‬

‫بحب ورضا‪...‬‬ ‫معايشة ِ‬


‫أيامنا القصيرةِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫والذي يجعلنا لدينا القدرة على‬

‫ٍ‬
‫بشكل سريع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الجميلة‬ ‫ِ‬
‫اللحظات‬ ‫يجعلنا نصبِر على ِ‬
‫سرعة مروِر تلك‬ ‫َ‬
‫ونتحمل نصل السيف الحاد القاسي‪،‬‬
‫َ‬
‫يذبحنا ببل رحمة‪ ....‬وببل شفقة‪...‬‬
‫الذي ُ‬
‫ِ‬
‫الوقت القاط ِع الذي يسر ُؽ منا أجمل ما لدينا‪ ،‬وأحلى ما عندنا‪...‬‬ ‫سيف‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اللحظات القصيرة‪،‬‬ ‫أعمارنا ماىي إال لحظةٌ من تلك‬
‫ُ‬
‫درؾ ضياعها إال بعد فوات األواف‪....‬‬
‫والتي ال ن ُ‬

‫سر َؽ مني‪....‬‬ ‫ِ‬


‫سأسر ُؽ لحظات حياتي قبل أف تُ َ‬
‫وأُخفيها بعيداً في صندوقي الخاص‪ ...‬صندوؽ الذكريات‪.‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪69‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ىروب قاتل‬
‫ٌ‬

‫شعور يرادونا من ٍ‬
‫آف آلخر‪...‬‬ ‫ٌ‬

‫تسيطر على عقولِنا بشدة‪....‬‬


‫ُ‬ ‫رغبةٌ ملحةٌ‬
‫ِ‬
‫باإلختفاء خوفاً من العقاب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األطفاؿ الصغا ِر الذين يرغبوف‬ ‫تجعلُنا مثل‬

‫ونهرب منو كل يوـ‪...‬‬


‫َ‬ ‫فنجري‬

‫نهرب‪ ،‬حتى الهرب نفسو‪،‬‬

‫ِ‬
‫واإلختفاء بعيداً عنو‪ ،‬حتى ال يراودنا مرة أخرى‪...‬‬ ‫ِ‬
‫بالهرب منو‬ ‫نرغب‬
‫ُ‬
‫يالو من شعوٍر قاتل‪...‬‬

‫عذاب مؤلم‪...‬‬
‫ٌ‬

‫كل ما ىو كائ ٍن في حياتك‪،‬‬


‫تهرب وتبتع َد عن ِ‬
‫الرغبةُ الملحةُ في أف َ‬
‫ِ‬
‫وتأنيب ضميرؾ‪...‬‬

‫بينك وبين نفسك‪....‬‬ ‫تشعر أف الصراع يحتدـ كل ٍ‬


‫يوـ وكل ٍ‬
‫ليلة َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫بينك وبين عقلك وقلبك‪...‬‬

‫صراعٌ دائم‪...‬‬

‫تذىب ضحيتو أنت وتذىب معك نفسك وأحبلمك وروحك‪...‬‬

‫داخلك من ٍ‬
‫أحبلـ ورغبات‪...‬‬ ‫َ‬ ‫تكاب َد ليبلً ونهاراً حفاظاً على ما تبقى‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪71‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫روحك من ىذا الصراع الداخلي كل يوـ‪،‬‬


‫َ‬ ‫تتعب‬
‫ُ‬
‫تشعر فيو أنك أصبحت جسداً ببل روح‪ ،‬وببل قلب‪...‬‬
‫حتى يأتي اليوـ الذي َ‬
‫الوىم والضياع‪...‬‬ ‫ِ‬
‫طرقات ِ‬ ‫ِ‬
‫المشرد في‬ ‫ِ‬
‫كالطفل‬ ‫فتج ُد نفسك بعدىا‬

‫ٍ‬
‫عبلمات واضحة‪،‬‬ ‫تائِوٌ في ٍ‬
‫طريق ٍ‬
‫مظلم ليس لو‬

‫دليل يرشده‪...‬‬
‫وال يوجد معو ٌ‬
‫وس ِر َؽ منو عقلَو وقلبَو‪...‬‬ ‫اُختُ ِط َ‬
‫ف فجأةً ُ‬

‫وىذا ما تفعلو بنا رغبةُ الهروب‪...‬‬

‫تسرقُنا من أنفسنا دوف أف ندري‪...‬‬

‫تتخط ُفنا واحداً تلو اآلخر‪...‬‬

‫تُ َك ِم ُم فرحتَنا وسعادتَنا بقوة داخلنا ‪....‬‬

‫فتشعر وكأنك مصاباً باإلختناؽ الشديد‪،‬‬


‫َ‬
‫لتتنفسو‪...‬‬
‫َ‬ ‫وكأنك لم تعد تجد الهواءَ‬
‫ويصوب السبلح إلى رأسك وىو يهتف بقوة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫يهددؾ‬
‫وكأف ىناؾ من ُ‬

‫تستسلم وإما أف نقتلك"‪...‬‬


‫َ‬ ‫"إما أف‬

‫الوقت ذاتِو‪ ،‬وتتساءؿ داخلك‪:‬‬


‫ِ‬ ‫فتصيبَك الحيرة والخوؼ في‬

‫استسلم وإما أقتل؟!"‬


‫َ‬ ‫"إما أف‬

‫وما الفرؽ بين ِ‬


‫القتل واإلستسبلـ؟‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪71‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ليس ىناؾ أي ٍ‬
‫فرؽ بينهما‪....‬‬

‫كبلىما مسا ٍو لآلخر‪...‬‬

‫جريمةٌ واحدةٌ في ِ‬
‫حق النفس‪،‬‬

‫ولكن القاتل مختلف‪....‬‬

‫ِ‬
‫بالهروب‪،‬‬ ‫القاتل ىي نفسك الر ِ‬
‫اغبة‬ ‫ُ‬
‫والتي دائماً تحاصرؾ من الداخل بقوة‪...‬‬

‫تبني داخل عقلك أسواراً من األوىاـ والمخاوؼ‪...‬‬

‫فتجعلك كالسجين‪...‬‬

‫ِ‬
‫باإلستسبلـ والتنا ِزؿ عن أحبلمك‪...‬‬ ‫إجبارؾ‬
‫تحاوؿ َ‬
‫تقتل نفسك بقسوةِ دوف أف تشعر‪...‬‬ ‫وتجعلك بهذا الحصا ِر ِ‬
‫الدائم َ‬
‫وتغرزىا بقوةٍ في ِ‬
‫قلب ُحلمك ببل رحمة‪...‬‬ ‫تمت ُد ي ُدؾ إلى السكي ِن ُ‬

‫وببل ىوادة‪...‬‬

‫تشعر وكأنك منوماً مغناطيسياً وليس لديك أي قدرة على التفكير‪،‬‬


‫ُ‬
‫وال قدرة إنقاذ نفسك‪...‬‬

‫مهمتو على ِ‬
‫أكمل وجو‪...‬‬ ‫وحينها ستُدرؾ أف ىروبَك قد أدى َ‬

‫ترؾ لك حريةَ اإلختيا ِرمن بين اثنين‪...‬‬


‫َ‬

‫كبلىما مر‪...‬كبلىما قاتل‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪72‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫للروح واألنفاس‪...‬‬
‫وقابض ِ‬
‫ٌ‬

‫شعور مميت‪...‬‬
‫إنو ٌ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪73‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ِ‬
‫ناصية الحلم‬ ‫على‬

‫ىناؾ بعض األشخاص غير الجديرين بأحبلمهم‪...‬‬

‫ٍ‬
‫بشراسة وقوة‪...‬‬ ‫ىناؾ من يقاتل ألجل ِ‬
‫حلمو‬ ‫ُ‬
‫تجعلُو أكثر تطلعاً وطموحاً ليعلو إلى ما يرغب‪،‬‬

‫وإلى ما يريد‪...‬‬

‫أما غير الجدي ِر ِ‬


‫بحلمو‪،‬‬

‫أرض المعركة‪،‬‬ ‫ِ‬


‫للنزوؿ إلى ِ‬ ‫الذي ال يرى في نفسو القوةَ‬

‫فإنو سرعا َف ما يودع حلمو‪...‬‬

‫َّيت بو قلبَك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫األمس الذي من َ‬ ‫حلم‬
‫‪...‬واقع اليوـ ىو ُ‬
‫ُ‬ ‫ويترَكو ويذىب بعيداً‬

‫روحك‪...‬‬ ‫َّ‬
‫وغذيت بو َ‬
‫لتجتمع في ِ‬
‫سبيل خدمة ىذا الحلم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫قواؾ الداخلية‬
‫واستنفرت بو َ‬
‫َ‬

‫والذي تراه أنت على مرمى بص ِرؾ‪،‬‬

‫يلوح لك من بعيد‪...‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بصوت عاؿ‪...‬‬ ‫يُنادي عليك‬

‫ِ‬
‫أعتاب عقلك تجعلك أقرب إلى الجنوف‪...‬‬ ‫يترؾ لك رسائل كل ٍ‬
‫يوـ على‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫تساعدؾ في اإلقتراب من حلمك أكثر‪،‬‬
‫َ‬ ‫األساليب والطر َؽ التي‬
‫َ‬ ‫تجعلك تجد‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪74‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وتقطع المسافة الطويلة التي تراىا على مرمى بصرؾ‪...‬‬

‫الناس مجنوناً‪،‬‬
‫سيراؾ ُ‬
‫والبعض اآلخر سيراؾ أبلهاً وىناؾ من سيخبرؾ أنك تجري وراء سراب‪...‬‬

‫يضعو َف أمامك الفتةَ (أحبلـ يقظة)‪،‬‬


‫َس َ‬

‫َسيجبَرونَك على رؤيتها كل يوـ‪،‬‬

‫وكل ليلة‪...‬‬

‫ىدفهم الوحيد ىو جعلك تتنازؿ عن معركتِك بكل سهولة‪،‬‬

‫تتخلى عن ِ‬
‫روحك ونفسك‪،‬‬

‫أرض ُحلُ ِمك‪...‬‬


‫وسيسعوف فساداً في ِ‬

‫ىذا ىو ىدفهم‪...‬‬

‫إف لم ِ‬
‫تعط لنفسك القوة فبل تنتظرىا من أحد‪...‬‬

‫خاص بك‪،‬‬
‫شئ ٌ‬‫حلمك ىو ٌ‬
‫يطر ُؽ أبواب قلبك كل ٍ‬
‫يوـ‪ ،‬بل كل ساعة‪...‬‬ ‫َ َ‬

‫الجني الجسد‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫يسكن‬
‫ُ‬ ‫تشعر بو وكأنو يسكنك‪ ،‬كما‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بشكل مختلف‪...‬‬ ‫ولكن‬

‫روحك‪،‬ال تسمح لها بمغادرتِك وإال‪...‬‬


‫باإلنفصاؿ عن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألحبلمك‬ ‫ال تسمح‬

‫الروح فينا‪...‬‬
‫ماتت ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪75‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ميت على ِ‬
‫قيد الحياة‬ ‫ٌ‬

‫جدد ىوا ُؤؾ‪ ،‬وافتح نواف َذ األحبلـ‪...‬‬

‫يتنفس الحرية‪...‬‬
‫َ‬ ‫عقلك‬
‫َ‬ ‫افتح النافذةَ على مصراعيها‪ ،‬ودع‬

‫روحك تعيش كما ىي‪...‬‬


‫دع َ‬

‫من أجل الحلم الذي ُخلِ َقت ألجلو‪ ،‬ال تقيدىا بقيود من حديد‪...‬‬

‫ِ‬
‫تشاؤمك وحبيسةَ داخل جسدؾ‪...‬‬ ‫ال تجعلها سجينةَ‬

‫بل حررىا وفُك قيدىا ودعها ترى النور‪...‬‬

‫الطعاـ غذاءُ الجسد‪...‬‬


‫ُ‬ ‫األحبلـ ىي غذاءُ الروح كما‬
‫َ‬ ‫إف‬

‫تحرمها من غذائِها وتقتُلها جوعاً وعطشاً‪...‬‬


‫فبل ُ‬

‫إنك ال تقتل روحك فقط‪،‬‬

‫ولكنك تقتل نفسك‪...‬‬

‫ترتكب جريمةً نكراءَ في ِ‬


‫حق روحك‪...‬‬ ‫ُ‬
‫أنفاسها وتخنقها بقوةٍ وقسوة‪...‬‬ ‫ِ‬
‫تُ َكم َم َ‬

‫تلبث أف تلفظ أنفاسها‪،‬‬


‫وتقاومك ىي بكل ما أوتيَت من قوة‪ ،‬ولكن ال ُ‬
‫ُ‬

‫وتُ َتر َؾ وحيداً‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪76‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ببلحلم‪...‬‬

‫جس ٌد ببل روح‪...‬‬

‫عقل ببل أفكار‪...‬‬


‫ٌ‬
‫وقلب فارغ ببل حياة‪......‬‬
‫ٌ‬
‫وتصبح وكأنك ميت‪ ...‬ال تدري أين أنت؟‬

‫ولماذا ُو ِج َ‬
‫دت؟‬

‫ال تدري ماذا تفعل؟‬

‫تسير في الطرقات ىائماً على وجهك‪...‬‬

‫تائهاً‪ ...‬غريباً عن دنياؾ‪...‬غريباً عن عالمك‪...‬‬

‫ميت فعبل‪...‬‬
‫ال تدري بأنك ٌ‬

‫يؤنس وحدتك بدالً عن روحك الغائبة‪...‬‬


‫تمشي وحيداً ال تجد من َ‬
‫الناس وتسمعُهم‪،‬‬ ‫َّ‬
‫تُكل ُم َ‬
‫ولكنهم ال يسمعونك‪...‬‬

‫بل ال يدروف بوجودؾ‪!!...‬‬

‫وتسأؿ نفسك لم ال يسمعوني؟‬

‫لم ال يتحدثوف إلي؟‬

‫تدرؾ بعد ذلك بأنهم ال يرونك‪...‬‬


‫ثم ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪77‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫فتدرؾ أنك أيضاً ال ترى صورتك‪...‬‬


‫ُ‬ ‫فتذىب وترى نفسك في مرآتِك‬

‫الذىوؿ وتتساءؿ‪...‬‬
‫َ‬ ‫ويصيبُك‬

‫ما الذي حدث؟‬

‫مجرد فكرًة ىائمةً في‬


‫صوت روحك‪ ،‬وتدرؾ أنك ُ‬
‫َ‬ ‫تسمع‬
‫ُ‬ ‫فتدرؾ أنك ال‬

‫الهواء‪...‬‬

‫روحك قد ماتت‪...‬‬
‫وأف َ‬

‫واختفت صورتُك‪...‬‬

‫ميت على ِ‬
‫قيد الحياة‪!!...‬‬ ‫وبُ َح صوتُك‪ ...‬وأصبحت ٌ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪78‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫حالة صمت‬

‫أبواب قلبي المغلقة‪...‬‬


‫حالةٌ غريبةٌ تقرعُ َ‬

‫فراغ كبير‪...‬‬
‫أدور في ٍ‬
‫تجعلني ُ‬
‫تسحبُني إليها بقوة‪...‬‬

‫وتضعف إرادتي‪...‬‬
‫ُ‬ ‫تسلبني قوتي‬

‫ط بين زوايا الفراغ المحيط بي‪...‬‬


‫تجعلني أتخب ُ‬

‫ذلك الصمت المفاجئ الذي أصبح كالمعتقل‪...‬‬

‫كئيب‪ ...‬كريو‪،‬‬
‫رىيب‪ٌ ...‬‬
‫معتقل ٌ‬
‫ٌ‬
‫س قلبي داخلو دوف أف أدري‪...‬‬ ‫ِ‬
‫أحب ُ‬
‫أصبحت أشتهي العزلةَ عن الناس وعن كل من حولي‪...‬‬

‫البقاء وحيدةً‪،‬‬
‫أشتهي َ‬
‫صامتة‪،‬‬

‫أي شئ‪...‬‬
‫صفو ىدوئي ُّ‬
‫يعكر َ‬
‫ال ُ‬
‫ال يعكرىذا الصفو سوى ضجيج البشر‪...‬‬

‫أىرب من ىذا الضجيج داخل ِ‬


‫معتقل السكوت‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪79‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫بعيداً عنهم‪...‬‬

‫أنفاسي تخرج مرىقةً من معتقل سكوتي‪،‬‬

‫غاضبة بدوف كلمات وببل صوت‪...‬‬

‫رائحة صمتي حز ٌف‪ ،‬ولكن دوف أي ٍ‬


‫رغبة في البكاء‪...‬‬ ‫يفوح من ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ألقرب األقربين‪...‬‬ ‫يوج ُد فائدةٌ من البوح‬
‫فبل َ‬

‫ىناؾ فقط رغبة في التحرر من ىذا المعتقل الخانق‪...‬‬

‫ببل جدوى‪...‬‬

‫لم أعد أج ُد مبلذاً أخر سوى الكتماف‪...‬‬

‫وتلك ىي عادتي والتي ستقتلني يوماً ما‪...‬‬

‫الصمت حالةٌ غريبة تجتاح اإلنساف‪،‬‬


‫ُ‬
‫ِ‬
‫إعتزاؿ كل من حولو‪...‬‬ ‫برغبة ٍ‬
‫عارمة في‬ ‫يشعر وقتها ٍ‬

‫ِ‬
‫والبقاء وحيداً‪،‬‬

‫بعيداً عن ىذا العالم‪...‬‬

‫فهو ال يجد من يستمع إليو في معتقلو الصامت‪...‬‬

‫الصراخ ليستنجد بمن في الخارج‪...‬‬


‫َ‬ ‫ال يستطيع‬

‫البكاء لم يعد لو فائدة‪...‬‬


‫َ‬ ‫حتى‬

‫فلقد ىربت الدموعُ وتركتو وحيداً ىي االخرى‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪81‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫فراغ الصمت‪...‬‬
‫وأصبحت روحي تائهةٌ داخل ِ‬

‫تدور حوؿ نفسها‪...‬‬


‫ُ‬
‫تبحث عن ذاتها‪...‬‬
‫ُ‬

‫تحاوؿ أف تعيد لقلبي الحيا َة مرًة أخرى‪...‬‬


‫ُ‬

‫فلقد أصبح غائباً عن الوعي‪،‬‬

‫وروحي تخشي أف يموت‪...‬‬

‫سأصبح حينها ببل قلب‪،‬‬

‫ببل نبض‪،‬‬

‫وببل حياة‪...‬‬

‫وصمت دائم‪...‬‬
‫ٌ‬ ‫شارؼ على الرحيل‪،‬‬
‫َ‬ ‫وقلب قد‬
‫روح تائهة‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫إنساف حائ ٍر ال يجد مهرباً من ىذا الحبس الجبرى‪...‬‬ ‫اجتمعت كلها في‬

‫ِ‬
‫الصمت التي التفت حولو بقوة‪...‬‬ ‫ال يستطيع التحرِر من شر ِ‬
‫نقة‬

‫فيشعر وكأنو مقيداً رغماً عنو‪،‬‬

‫أنفاسو تتباطأ‪،‬‬

‫ونبض قلبو يتوقف‪،‬‬


‫ُ‬

‫فكره وعقلُو‪...‬‬
‫ويغيب ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الموت‪،‬‬ ‫أقرب ما يكو ُف من‬
‫فيصبح َ‬
‫ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪81‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وأبعد ما يكو ُف عن الحياةِ‪،‬‬

‫والسبب حالة صمت‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪82‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫شخص آخر‬
‫ٌ‬

‫أجلس وحدي صامتةً في ىذا الجو الهادئ‪...‬‬

‫ِ‬
‫نسمات الهواء الرقيقة ليبلً‬ ‫ظبلـ الليل وتداعبُني‬
‫يغمرني فيو ُ‬
‫ُ‬
‫بعد ٍ‬
‫يوـ ٍ‬
‫شاؽ ومتعب‪...‬‬

‫تداعب أنفي رائحةُ الزىور‪...‬‬


‫ُ‬
‫تجعلني أشعر بالراحة‪ ،‬رائحتها النقية تشعرني بالسعادة‪...‬‬

‫العالم لي وحدي‪...‬‬ ‫ٍ‬


‫يحيط بي السكو ُف من كل اتجاه وكأف َ‬
‫إزعاج من أحد‪...‬‬
‫يش فيو دوف ٍ‬
‫أع ُ‬
‫ودوف ِ‬
‫تطفل البشر‪...‬‬

‫علي‪...‬‬
‫األفكار في عقلي‪ ،‬ويختلُط األمر ّ‬
‫ُ‬ ‫تتزاحم‬
‫ُ‬
‫أشعر أحياناً وكأنني مشتتةُ الذىن‪...‬‬

‫ال أدري بأي ش ٍئ أبدأ‪...‬‬

‫أي خطوةٍ ِ‬
‫أتخ ُذىا لصالحي‪...‬‬ ‫أو ُّ‬

‫ثم يصاب عقلي بعد ىذا بالتز ِ‬


‫احم والخموؿ‪،‬‬

‫احم األفكار‪...‬‬ ‫ِ‬


‫الخموؿ وتز ِ‬ ‫ويجد لديو رغبةُ التوقف ىروباً من ىذا‬

‫يرغب بالهرب بعيداً عني‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪83‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كي ال يواجهني‪ ،‬وال يساعدني‪...‬‬

‫أشعر بو يتخاذؿ ويتركني‪...‬‬

‫وكأنو غريباً عني وليس جزءٌ مني‪...‬‬

‫تجد نفسك مضطراً ِ‬


‫للبقاء وحيداً أحياناً كثيرة‪،‬‬

‫كي تختلي بعقلك وقلبك وروحك‪،‬‬

‫تحاسب نفسك في عزلتك أحياناً‪...‬‬

‫وأحياناً أخرى تصاحبها وتبث لها حكاياؾ‪...‬‬

‫إف العزلةَ بعيداً عن عالم البشر المعتاد يجعلك شخصاً آخر‪...‬‬

‫تبتعد ىناؾ في ٍ‬
‫مكاف ٍ‬
‫خاص بك وحدؾ‪،‬‬

‫ال يعلم عنو أحد‪...‬‬

‫وتبدأ تعتاد على وحدتك ىذه‪...‬‬

‫وتستأنسها وتألفها‪...‬‬

‫ِ‬
‫الوحيد القادر على تعريتك عن كل ما يدور حولك‪،‬‬ ‫إف الوحد َة ىي الشعوِر‬

‫وعن كل ما يعتمل داخلك‪...‬‬

‫ِ‬
‫غموضك وأسرا ِرؾ‪ ،‬التي لم تبُح بها ألحد‪...‬‬ ‫يجعلك تكشف عن‬

‫وتجلس لتعاتب روحك‪...‬‬

‫وتنظف قلبك‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪84‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وترتب أفكارؾ المشتتة داخل عقلك‪...‬‬

‫وتخرج لتصبح شخصاً آخر‪...‬‬

‫غريب‪...‬‬

‫ال تعرؼ سوى حقيقةً واحدة‪...‬‬

‫وىي أنك لست كالبقية‪...‬‬

‫وسوؼ تظل غريباً عن ىذا العالم‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪85‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫خ ال يهدأ‬
‫صرا ٌ‬
‫ُ‬

‫ىناؾ ٌ‬
‫سؤاؿ يراوني دائماً‪...‬‬

‫ىل أكتب وأستمر كما أنا يومياً؟ أـ ال؟‬

‫على أف أتوقف؟‬
‫يجب ّ‬
‫ىل ُ‬
‫أـ أ ِ‬
‫ُكم ُل ما بدأت؟‬

‫ِ‬
‫والتردد من اإلستمرار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالخوؼ‬ ‫دائم‬
‫إحساس ٌ‬
‫ٌ‬ ‫يراودني‬

‫بالرغم من ذلك أعود مرة أخرى لقلمي ومذكراتي‪...‬‬

‫ألكتب من أجلي‪...‬‬ ‫حاجة ٍ‬


‫ماسة‬ ‫أشعر بأني في ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫تموت من الداخل‪...‬‬
‫َ‬ ‫أكتب ِ‬
‫ألجل روحي‪ ...‬حتى ال‬ ‫ُ‬
‫أكتب لكي أخرجها من سجنِها ِ‬
‫وحبسها اإلنفراضي‪،‬‬ ‫َ‬
‫أكتب ِ‬
‫ألجل قلمي‪...‬‬ ‫والذي قُيدت داخلو‪ُ ...‬‬
‫ويتح َجر‪...‬‬
‫حبره َ‬
‫حتى ال ينفذ ُ‬
‫يصبح لَيناً وطَيعاً بين أناملي‪...‬‬
‫َ‬ ‫كي‬

‫طع ِة الطي ِن اللينة‪...‬‬ ‫ِ‬


‫َكق َ‬
‫خ ٍ‬
‫عاؿ‪...‬‬ ‫صرا ٌ‬
‫وج ُد ُ‬
‫فبداخلي يُ َ‬

‫يصمت أبداً‪...‬‬
‫ُ‬ ‫خ ال يهدأ وال‬
‫صرا ٌ‬
‫ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪86‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أفشل دائماً في في إِسكاتِو وتَ ِ‬


‫كميمو‪...‬‬ ‫ُ‬
‫ص ُم أُذُناي‪...‬‬
‫اخ يَ ُ‬
‫الصر ُ‬
‫يكاد ُ‬
‫ُ‬

‫كت قلمي وأوراقي وحيدةً‪...‬‬


‫يكاد يقتُػلُني إذا تر ُ‬
‫ُ‬

‫يُهددني دائماً‪...‬‬

‫صل بي إلى ِ‬
‫حد الجنوف‪...‬‬ ‫ِ‬
‫يَ ُ‬
‫يستكين إال حينما‬
‫ُ‬ ‫صوت قلبي‪...‬قلبي الذي ال يهدأُ وال‬
‫ُ‬ ‫إِنَّو‬

‫ُتابع الكتابة‪...‬‬ ‫أ ِ‬
‫ك بقلمي وأوراقي وأ ُ‬
‫ُمس ُ‬

‫الهدوء والسكينة‪...‬‬
‫َ‬ ‫ال أري ُد لروحي سوى‬

‫اخ القلب حتى تَشتَ ِع َل النيرا ُف في روحي‪،‬‬


‫صر ُ‬
‫فما إف يَعلو ُ‬

‫مستغيثةً بعقلي كي يُطفأَ تلك النيراف التي اشتعلت داخلي‪،‬‬

‫تكاد تحيلني رماداً‪...‬‬


‫ُ‬

‫وال أري ُد أف أصبح في نهاية المطاؼ ىباءاً منثوراً‪...‬‬

‫برغم أف قلمي ال يطع أوامري أحياناً كثيرة‪...‬إال إِنَّو يحافظ على أسراري‬

‫وخباياي‪...‬‬

‫َبوح بها على الورؽ‪،‬‬


‫حتى ال أ ُ‬
‫ِ‬
‫كالكتاب المفتوح والمباح لكل الناس‪...‬‬ ‫فتصبح‬

‫ط والضيق‪...‬‬
‫تابة ُمذكراتي يصيبُني اإلحبا َ‬ ‫ِ‬
‫َنقطع عن ك ِ‬
‫حين أ ُ‬
‫َ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪87‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وتضيق على األرض بما َر ُحبَت‪...‬‬


‫ُ‬

‫فأُصبِ ُح وحيد ًة‪...‬‬

‫وقد اعتزلني قلمي وتَرَكني ألنني َى َجرتُو‪...‬‬


‫َحك لو حكاياي ِمثل ُك ِل ٍ‬
‫يوـ وليلة‪...‬‬ ‫ث لو َشكواى‪ ،‬ولم أ ِ‬
‫َ‬ ‫ولم أعد أَبُ ُ‬

‫وال أَىدأُ حتى أَتصالَ ُح أنا وقلمي وأوراقي‪...‬‬

‫ص على آال أَبتَ ِع ُد عنهما مرةً أُخرى‪...‬‬ ‫ونَ ِ‬


‫عاىدةً َجديدةً تَػنُ ُ‬
‫عق ُد سوياً ُم َ‬

‫هجراني‪...‬‬
‫كي ال يَ ُ‬

‫هج ُرني أيضاً معهما َكلِماتي‪...‬‬


‫فَػتَ ُ‬

‫اإللحاح على عقلي؟‬


‫ُ‬ ‫ولكن لما ُك ُل ىذا‬

‫ِ‬
‫الصاد ِر من قلبي؟‬ ‫راخ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ل َم ُك ُل ىذا ُ‬
‫لِم ُكل ىذا ا ِإلشتَ ِ‬
‫عاؿ داخلي؟‬ ‫َ ُ‬
‫اؿ الذي ال يَنطَِفأ‪...‬‬
‫ىذا ا ِإلشتَع ِ‬

‫راخ إلى َكلِ ٍ‬


‫مات على ِ‬ ‫ِ‬
‫سر َدىا قَػلَمي‬
‫وحكايا يُ َ‬
‫الوَرؽ‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫إال حينما أُتَرج ُم ىذا ُ‬
‫الص ِ‬

‫على لِساني‪...‬‬

‫دت من َش ٍ‬
‫يء َوحيد‪،‬‬ ‫ولكنني تَأَ َك ُ‬

‫اخ َسيَظَ ُل دائماً داخلي‪...‬‬


‫الصر ِ‬ ‫أ َّ‬
‫َف ىذا ُ‬
‫ي ِ‬
‫شع ُل النيرا َف في روحي‪ ،‬وأَنَّو لن يَه َدأ‪...‬‬‫ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪88‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫رح َل عني أَبَداً‪...‬‬


‫ولن يَ َ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪89‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫إِعبل ُف َ‬
‫الحرب‬

‫ياع‪...‬‬ ‫َكاد أَشعُ ُر بِ َ‬


‫الض ِ‬ ‫أ ُ‬

‫شديد‪...‬‬ ‫أَشعُر باإلختِ ِ‬


‫ناؽ ال َ‬ ‫َُ‬

‫ب بِ ُ‬
‫الحريَّة‪...‬‬ ‫أَرغَ ُ‬
‫ك َكما أَنت‪...‬‬
‫جعلَ َ‬ ‫عالم آخ ٍر غَ َير ىذا ِ‬ ‫أُري ُد ا ِإل ِ‬
‫نطبل َؽ إلى ٍ‬
‫العالم الذي يَ َ‬

‫لك وال ُوجو ٌد لك‪...‬‬


‫قيمةٌ َ‬
‫ال َ‬
‫الضياع‪...‬‬
‫عالم َ‬ ‫ىذا ِ‬
‫العالم ىو ُ‬

‫مام ِة ُ‬
‫الخبث‪...‬‬ ‫ِ ِ‬
‫عالم َمليءٌ َىوا ُؤهُ بِغُبا ِر ال َفساد وق َ‬
‫ٌ‬
‫عالم متَػلَو ٌف ِ‬
‫كالحرباء‪...‬‬ ‫ٌُ‬

‫نازِؿ‪...‬‬ ‫ؼ سوى ا ِإل ِ‬


‫حباط والتَ ُ‬ ‫ال يَع ِر ُ‬

‫فار َؽ الحياة‪...‬‬ ‫ِ‬


‫كالميت الذي َ‬
‫عيش َ‬‫فهو يَ ُ‬

‫ب َح ُقها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يعيش َدور ال َ ِ‬


‫ضحية التي اُغتُص َ‬ ‫َ ُ َ‬

‫وماتت َمقتولَةٌ بِ ُك ِل ذُ ٍؿ َ‬
‫وضعف‪...‬‬

‫فاع عن ُحقوقِها َّ‬


‫الشرعية‪...‬‬ ‫دو َف ِ‬
‫الد ِ‬

‫ك في الحياة‪...‬‬
‫ب َح َق َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وفي نَ ِ‬
‫الوقت يَغتَص ُ‬
‫فس َ‬
‫يك حريَّةَ ِاإل ِ‬
‫نطبلؽ‪...‬‬ ‫ك ويُ َح ِرُـ َعلَ َ ُ‬
‫َحبلم َ‬
‫نك أ َ‬‫ب ِم َ‬
‫ويَسلُ ُ‬
‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪91‬‬
‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ياع أَولى بِ ُ‬
‫الهجراف‪...‬‬ ‫عالم يُري ُد ِاإلستِمر َار في ىذا َ‬
‫الض ِ‬ ‫ٌ‬
‫عالم حاقِد‪!...‬‬ ‫ِ‬
‫الحواج ِز ىو ٌ‬
‫ك َ‬ ‫ض ُع أَ َ‬
‫مام َ‬ ‫عالم يَ َ‬
‫ٌ‬
‫ال يستَ ِح ُق ِم ِ‬
‫نك ا ِإلستِمر َار فيو‪...‬‬ ‫َ‬

‫الش َف َقةَ َعلى حالِ ِو‪،‬‬ ‫ال يَستَ ِح ُق ِم َ‬


‫نك سوي َّ‬

‫وض ِ‬
‫ياعو‪...‬‬ ‫َ‬

‫وسلوكِ َ‬
‫ك َعنوُ دائِماً‪...‬‬ ‫ك ُ‬‫فَ ُكن ُمختَلِ َفاً َعنوُ‪ ،‬وتَػ َرفَّ َع بِأَخبلقِ َ‬

‫العالم الضائِع‪....‬‬
‫ك ىذا ُ‬
‫وسيستَ ِ‬
‫هجنُ َ‬ ‫َ‬

‫َفعالَك‪...‬‬ ‫ِ‬
‫وسيستَهج ُن أ َ‬
‫َ‬

‫ك َعنوُ‪...‬‬
‫واختَبلفَ َ‬

‫ض ا ِإلختَ َ‬
‫بلؼ والتَ َميُز‪...‬‬ ‫فهو يَبغَ ُ‬

‫ال يُ ِحبُوُ‪...‬‬

‫ال يَرغَبُوُ‪...‬‬

‫صاص ا ِإل ِ‬
‫حباط‪،‬‬ ‫بل يَقتُػلُوُ بَِر ِ‬

‫ومدافِ ُع ِ‬
‫القيل والقاؿ‪...‬‬ ‫َ‬

‫رب دائِماً‪...‬‬
‫الح ِ‬ ‫َسيَعلِ ُن َعلَ َ‬
‫يك َ‬

‫المطلوب‪....‬‬
‫ك‪ ،‬وىذا ىو َ‬
‫جهتَ َ‬
‫رت ُو َ‬ ‫ِألَنَّ َ‬
‫ك غَيَّ َ‬

‫ك‪...‬‬
‫جهتَ َ‬
‫غَير ُو َ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪91‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫رب دائِماً‪...‬‬
‫الح ُ‬
‫يك َ‬
‫ولتُعلَ َن َعلَ َ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪92‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫م ِ‬
‫شاع ٌر ُمبَعثَػ َرة‬ ‫َ‬

‫أماـ أَوراقِنا‪...‬‬ ‫أنا وقلمي نَِق ُ‬


‫ف حائرين َ‬
‫ناسبةً نُػعبِر بِها ع َّما في ِ‬
‫داخلِنا‪،‬‬ ‫ث عن َكلِ ٍ‬
‫مات ُم ِ َ َ ُ َ‬ ‫بح ُ‬
‫نَ َ‬

‫وال نَ ِجد‪...‬‬

‫مات ِ‬
‫داخلي قد َج َّ‬
‫ف َمنبَػعُها‪...‬‬ ‫َف ال َكلِ ِ‬
‫وَكأ َّ‬

‫َى َج َرتني وتَػ َرَكتني دو َف أَف أَشعُر‪...‬‬

‫رؼ لِسانى‪...‬‬
‫َج ُدىا تَجم َدت َعلى طَ ِ‬
‫ََ‬
‫أِ‬

‫روج‪...‬‬
‫الخ َ‬
‫ال تُري ُد ُ‬

‫ويُحا ِو ُؿ قَػلَمي انتِزاعُها بِقوة‪...‬‬

‫اج ُع أَصابِعي َعن كِتابَِة ما أُريد‪...‬‬ ‫ِ‬


‫الوقت تَػتَر َ‬
‫ُمعظَ ُم َ‬
‫حتى ىي أَيضاً تَخو ُف ثَِقتي بِها‪،‬‬

‫عض األ ِ‬
‫َحياف‪...‬‬ ‫لي أ ِ‬
‫َوام ُرىا بِ ِكتابَِة ما تُري ُد ىي في بَ ِ‬ ‫وتُملي َع َّ‬
‫دو َفَ أف تَعبأَ بِم ِ‬
‫شاعرى‪،‬‬ ‫َ َ‬
‫َي اعتِبا ٍر لَِرغباتي وأَوجاعي‪...‬‬
‫دو َف أ َّ‬

‫ف َكلِماتي حائَِرًة‪....‬‬
‫تَِق ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪93‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ال تَ ِج ُد َمن يُػ َو ِجوَ َسبيلَها‪،‬‬

‫ج تائِ َهةً‬
‫خر ُ‬
‫ب‪ ،‬وتَ ُ‬
‫ذى َ‬
‫َين تَ َ‬
‫ال تَرى إلى أ َ‬
‫ِ‬
‫غاضبَةً‪ُ ،‬مبَعثَػ َرة‪...‬‬

‫وح بِما في داخلي‪...‬‬ ‫أَشعُر بِ ِ ِ‬


‫الرغبَة ب َع َدِـ البَ َ‬
‫ُ َ‬
‫الكتما ُف علَى م ِ‬
‫شاعري‪،‬‬ ‫سيطَر ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َواحتَ َل قَلبي‪،‬‬

‫ِ‬
‫فَأَصبَ َح لساني ُملَّجماً‪ ،‬ال يُري ُد َ‬
‫الحديث‪....‬‬

‫غيرة‪...‬‬ ‫ٍ‬
‫ص َ‬ ‫س َمةُ أَنا إلى أَجزاء َ‬
‫ُم َق َّ‬
‫تلك األ ِ‬
‫َجزاء التى ال تُري ُد أَف تَػتَ َج َم َع َم َرةً أُخرى‪...‬‬ ‫َ‬

‫ث عنها ُجزءٌ ُجزء‪...‬‬


‫َبح ُ‬ ‫ِ‬
‫بين أَجزائي‪ ،‬أ َ‬
‫حائ َرةٌ َ‬
‫أُحا ِو ُؿ لَملَ َمتي بِ َّ‬
‫شتى الطُُرؽ‪...‬‬

‫صِ‬
‫ف الطَريق‪...‬‬ ‫ش َر َدةَ في ُمنتَ َ‬
‫الم َ‬
‫ث َعن َروحي ُ‬
‫َبح َ‬
‫أ َ‬

‫افتَػ َرقَت عني َسريعاً‪،‬‬

‫وتَػ َرَكتني َوحي َدةً بِبل ُمرافِ ٍق‪،‬‬

‫وبِبل َ‬
‫صديق‪...‬‬

‫تاى ِة ال ُدنيا َوحدي‪،‬‬


‫َدور في َم َ‬
‫أ ُ‬
‫تاىةٌ َكبيرةٌ ِ‬
‫شاس َعة‪...‬‬ ‫َم َ َ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪94‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ش َر َدة‪...‬‬
‫الم َ‬
‫ث فيها عن بَعضى ُ‬
‫ابح ُ‬
‫َ‬

‫بِبل َجدوى‪...‬‬

‫ب علينا أ ََّال نَلتَقي َسويّاً‪َ ...‬وَكأَنَّها أَحبَت اإلبتَ َ‬ ‫ِ‬


‫عاد َعنّى‪،‬‬ ‫وَكأَنَّوُ ُكت َ‬
‫وتَػتَػ َرَكني ُم َنه َكةً‪ُ ...‬م َتعبَة‪،‬‬

‫بِم ِ‬
‫شاع ِر ُمبَعثَػ َرة‪...‬‬ ‫َ‬
‫وح كالحج ِر ِ‬
‫الصام ِ‬
‫ت الذي يِتَأَلَ ُم وال يَػتَ َكلَم‪...‬‬ ‫ا ِإلنسا ُف بِبل َر ٍ َ َ‬

‫ال يَ ِج ُد من يَستَ ِم ُع إِليو‪...‬‬

‫بات ِمن ُك ِل إِتجاهٍ ويػتَػلَقاىا في ص ٍ‬


‫مت وقوة‪...‬‬ ‫الض َر ُ‬
‫تَأَتيو َ‬
‫َ‬ ‫ََ‬

‫خ ُمستَغيثاً‪...‬‬
‫صر َ‬
‫ودو َف حتى أَف يَ ُ‬
‫الضرب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‪...‬‬ ‫سوةَ َ َ‬
‫خ‪ ،‬يَػتَ َح َّم َل قَ َ‬ ‫وألَنَّهم َو َجدوهُ صامتاً‪ ،‬ال يَ ُ‬
‫صر ُ‬

‫ظَنّوه َح َج َراً بِبل َر ٍ‬


‫وح‪...‬‬

‫بِبل حياةٍ‪ ....‬وبِبل م ِ‬


‫شاعر‪....‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪95‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫لن أىتم‬

‫أَتَسائَ ُل دائِماً‪...‬‬

‫ما الذي َح َّل بي فَ َجأَةً؟‬

‫شع ُرني بِأَنَّني أَصبَحت ال َشيء‪...‬‬ ‫ٍ‬


‫لي لَ َحظات تُ َ‬
‫أَحياناً تَأَتي َع َّ‬

‫أَختَػنَ ُق بِ ِش َدةٍ ِمن ىذا الشعوِر‪...‬‬

‫ال أ ِ‬
‫ُحبُو‪ ،‬ال أُري ُد ا ِإلستِمرا ِر فيو‪...‬‬

‫ش ِ‬
‫كل طَبيعي‪...‬‬ ‫َف أَحيا بِ َ‬
‫أُري ُد أ َّ‬

‫َوحدي‪ ،‬بَعيداً َعن ُك ِل ِمن ُىم َحولي‪...‬‬

‫وج ُد َمن يَستَ ِح ُق‪...‬‬


‫قاء َم َعهم البَتَّةً‪ ،‬فَبل يُ َ‬
‫ال أُري ُد البَ َ‬
‫وليس ىناؾ م َفر ِمن الب ِ‬
‫قاء َم َعهم‪...‬‬‫َ‬ ‫ٌَ‬ ‫َ‬
‫ش ِر معظَمهم متَػلَ ِونو َف ِ‬
‫كالحرباء‪...‬‬ ‫ِ‬
‫الحياة‪ ،‬والبَ َ ُ َ ُ‬
‫غير َ‬
‫الحياةُ َ‬
‫أَصبَحت َ‬

‫ص ِة بِالغَنَ ِم القاصية‪...‬‬ ‫يحومو َف حولِك ِ‬


‫كالذ ِ‬
‫المتَػ َربِ َ‬
‫ئاب ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫دو َف أَف تَدري‪...‬‬

‫ك ُمراقَباً‪ُ ،‬متابَعاً منهم‪...‬‬


‫فس َ‬ ‫ِ‬
‫تَج ُد نَ َ‬
‫ومن أ ِ‬
‫َحبلمك‪...‬‬ ‫نك‪ِ ،‬‬
‫سخروا ِم َ‬
‫ك ال َدوائَِر كي يَ َ‬
‫يَػتَػ َربَصوف بَ َ‬

‫ك َوآمالَك‪...‬‬
‫َحبلم َ‬ ‫ِ‬ ‫صرفاتِ َ‬ ‫ِ‬
‫ك ويَ َحطموف أ َ‬ ‫كي يَستَهجنوا تَ ُ‬
‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪96‬‬
‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫سوةٍ ونَ َذالَة‪...‬‬ ‫دى َ ِ ِ ِ‬


‫سوؾ بأَقدامهم ب ُك ِل قَ َ‬ ‫كي يَ َ‬

‫واإلستِسبلـ‪...‬‬
‫ذاب واألَلَ ِم ِ‬
‫الع ِ‬ ‫ِ‬
‫فَبل تَرى منهم سوى َ‬
‫ص ِ‬
‫فوؼ َحياتِهم‪...‬‬ ‫ك لِ ِ‬ ‫انض ِ‬
‫ك‪ ،‬مقابِل ِ‬‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫يُجبِ ُرونَ َ‬
‫مام َ‬ ‫ك على ا ِإلستسبلـ ُمقاب َل َحيات َ ُ َ‬
‫َحياتُهم التى تَراىا كالمياهِ الراكِ َدة‪...‬‬

‫ال فائِ َدةُ ِمنها فهي ال تَػتَ َج َدد‪...‬‬

‫وال تُثير أَمواجاً عاتيةً‪ ،‬قاسيةً تُج ِد ُد بحر حياتَهم وتُغ ِر ُؽ ِ‬


‫شاطئَو‪...‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫تراىا وَكأنها َخلَت من جمي ِع م ِ‬
‫باى ِج الحياة‪...‬‬ ‫َ‬

‫َبواب بِيوتِهم‪،‬‬
‫أحبلمهم ُم َقي َدةٌ‪ُ ،‬م َعلَ َقةٌ على أ ِ‬
‫ُ‬

‫مام ِة‪ ...‬تَ َخلَصاً ِمنها‪...‬‬


‫الق ِ‬
‫ناديق ِ‬
‫ص ِ‬ ‫أو أُلقيَت في َ‬
‫راء ِ‬
‫القاحلَة‪...‬‬ ‫عيد في الصح ِ‬
‫ك سراباً‪ ،‬كالذي تَراه يػتَحر َؾ من ب ٍ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫يروف حياتَ َ َ‬

‫لقد تعبت منهم‪!...‬‬

‫َظه ُر بوجهين دائماً‪...‬‬ ‫ِ‬


‫َكرهُ أَف أَكو َف مثلَهم‪ ،‬أ َ‬
‫أ َ‬
‫الدور المسرحي كثيراً‪...‬‬
‫ت ىذا َ‬
‫أَم َق ُ‬
‫ِ‬
‫الدائم منو‪...‬‬ ‫ِ‬
‫بالخوؼ‬ ‫تشعر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال يُشع َر َؾ باألماف أبداً‪ُ ،‬‬
‫كل ِ‬
‫ىؤالء الذين عايشتَهم‪!...‬‬ ‫أتعجب من ِ‬
‫ُ‬
‫كيف يستطيعوف إتقا َف ظُهوِرىم بأكث ِر من وجو‪!...‬‬

‫يتبادلوف أمامك عدةَ أَقنِعةَ دوف أف تُ ِ‬


‫بلحظ‪...‬‬ ‫َ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪97‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ِ‬
‫نوؾ في ظهرؾ‪...‬‬
‫يطع َ‬
‫دد‪ ،‬ومن ورائك َ‬
‫والتو َ‬ ‫يُظ ِهروف لك َ‬
‫الم َحبَةَ َ‬
‫كيف سولت لهم أنفسهم ىذا الفعل الدنئ؟‬

‫أال يشعروف بالخزي والعار‪!...‬‬

‫إلي ‪...‬‬
‫األقرب ّ‬
‫ُ‬ ‫حينما كنت طفلةٌ صغيرة كنت ال أدري من ىم‬

‫وحينما كبرت ونضجت أدركت أنو لن يوجد قربنا أحد‪...‬‬

‫بعد كل تلك السنوات أيقنت أنني لم أكن أعرؼ شيئاً عن الناس‪،‬‬

‫وال عن ِ‬
‫النفاؽ وال الكذب‪...‬‬

‫رس الوجوه من حولي‪...‬‬


‫أستطيع أف أت َف َ‬
‫ُ‬ ‫اآلف‬

‫أشعر بما يعتَ ِم ُل داخلهم‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫أقرأُ عيونَهم بسهولة‪ُ ،‬‬
‫أتوقع سلوكهم وردودىم‪...‬‬
‫ُ‬

‫أرى الحب أـ الكراىية في كبلمهم‪ ...‬أقرأ الكذب في عيونهم‪...‬‬

‫ِ‬
‫األقنعة كل يوـ‪...‬‬ ‫ط‬
‫يتوالى سقو ُ‬

‫األقنعة الكاذبة التي يُزينوف بها وجوىهم‪....‬‬

‫في عيونهم يظهر كل ما يرغبوف أف يتحدثوا بو‪،‬‬

‫لسانهم يخبرني شيئاً‪...‬‬

‫وعيونهم شيئاً أخر‪...‬‬

‫تصيبُني الصدمةُ في كثي ِر من أعرفهم إال أنني أشعر بالراحة‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪98‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ألنني أشعر بما يدور داخل نفسهم‪...‬‬

‫األعماؿ بالنيات‪ ،‬ولكل امر ٍئ ما نوى"‪...‬‬


‫ُ‬ ‫"إنما‬

‫األعلم بنوايا البشر‪...‬‬


‫ُ‬ ‫اهلل وحده ىو‬

‫ولكن سقوط كثير من االقنعة الكاذبة تظهر النوايا السيئة مبكراً‪...‬‬

‫ِ‬
‫الكذب يُشككوف دائماً بنواياؾ‪...‬‬ ‫وكثيراً من ىؤالء من أصحاب‬

‫لم يعد يهمني آرائَهم وال ما يظنونو بي‪...‬‬

‫أكترث لهم‪...‬‬
‫َ‬ ‫لن‬

‫عرض الحائط‪...‬‬ ‫سأض ِر ُ‬


‫ب بهم َ‬

‫وأضعهم على ىامش صفحات حياتي‪...‬‬

‫ولن أىتم‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪99‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫لحن الحياة‬

‫وأسبح في بحر الخياؿ‪...‬‬


‫ُ‬ ‫ُغمض عيناي‪...‬‬
‫أ ُ‬

‫وأذىب حيث أريد‪...‬‬


‫ُ‬ ‫ُبحر فيو‬
‫أ ُ‬
‫إلى أكثر األماكن بعداً‪...‬‬

‫وحيث أكثرىا جماالً وىدوءاً‪...‬‬

‫المستطاع عن عالمي‪...‬‬
‫ِ‬ ‫اإلبتعاد قدر‬
‫َ‬ ‫أري ُد‬

‫أذىب إلى عا ٍلم أخ ٍر ٍ‬


‫جديد وغريب‪...‬‬ ‫ُ‬
‫عالم الواقع وأتعبني بشده‪...‬‬
‫أرىقني ُ‬
‫أرغب بالسفر ‪...‬‬
‫ُ‬
‫سفر طويل بعيد ال أعود منو‪....‬‬

‫أرغب ِ‬
‫بعيش حياة الترحاؿ‪...‬‬

‫بلد إلى ٍ‬
‫بلد‪...‬‬ ‫رحالةٌ أنا من ٍ‬

‫ومن ٍ‬
‫مدينة إلى أخرى‪...‬‬

‫ىواء روحي‪ ...‬وأتنفس بعيداً عن ىنا‪...‬‬


‫أجدد َ‬
‫ُ‬

‫أمتطي فرسي كما كاف يفعل الرحالةُ في قديم الزماف‪...‬‬

‫وأسرعُ بو إلى وجهتي التي أرغبها‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪111‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وأخلف من ورائي غباراً‪...‬‬

‫غبارا يودع المكاف الذي تركتو وابتعدت عنو‪...‬‬

‫يتمخطر فرسي ماشياً يقودني إلى أكثر األماكن جماالً‪...‬‬


‫ُ‬

‫وحينما نصل إلى وجهتنا سويّاً‪ ،‬يتهادى فرحاً في ُخطواتِو وىو يتمايل يمنةً‬

‫ويساراً‪...‬‬

‫أذىب إلى أكثر المناطق ىدوءاً‪...‬‬

‫بصرؾ وعقلُك وقلبُك قد تعلق بها‪...‬‬


‫أكثرىا روعةً وجماالً يجعل ُ‬
‫أجلس على حشائشها أنظر لسمائِها أتابع حركةَ السحب‪...‬‬

‫وتلفحني برقة ‪....‬‬ ‫ِ‬


‫نسمات ىوائها الرقيقة‬ ‫تداعبُني‬
‫ُ‬

‫مسحورة بهذا الهدوء الباعث للراحة النفسية‪...‬‬

‫ٍ‬
‫مساحات شاسعة من األراضي الخضراء تمتلئ جميعها بأشجار الزىور‬ ‫أرى‬

‫ذات األلواف الخبلبة الرائعة‪...‬‬

‫حفيف الشجر ِ‬
‫جراء اصطدامو بالرياح‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ال أسمع سوى‬

‫شعرؾ ِ‬
‫بقرب الجنة‪...‬‬ ‫ِ‬
‫تنبعث من زىورىا رائحة الريحاف والعطر روائح تُ ُ‬
‫سافرت بوجداني ‪ ...‬أبتعدت بعقلي وروحي بعيداً عن واقع البشر‪...‬‬

‫ألتمس حياة غير الحياة‪...‬‬

‫أشاىد عالم غير العالم الباعث على الملل الذي نحياه‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪111‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أحادث أناساً غريبوف‪...‬‬


‫ُ‬

‫وأسمع لهم‪...‬‬
‫ُ‬ ‫أتعرؼ عليهم‬
‫ُ‬

‫أجالس العجائز وكبار السن‪ ،‬نساءاً ورجاالً‪...‬‬

‫أستمع إلى حكاياىم‪،‬‬

‫إلي أوجاعهم‪ ...‬وأفراحهم‪...‬‬


‫يبثوف ّ‬
‫يفتحوف لي قلوبهم المغلقة‪ ...‬وأنا أستمع إليهم‪...‬‬

‫وأىديهم حبي ووقتي للتعبير عما في أنفسهم‪...‬‬

‫وكسر الحواجز بيننا‪...‬‬

‫أرى أطفاؿ المدينة يمرحوف وحدىم‪...‬‬

‫إلي يديو وجذبني إليو بإلحاح‪،‬‬


‫طفل صغير‪ ،‬مد ّ‬
‫شاىدني ٌ‬
‫كي أشاركهم ألعابهم الصغيرة‪...‬‬

‫تلك األلعاب التي ىجرتها منذ أف كنت طفلة‪ ،‬بحجة أنني نضجت وكبرت‪...‬‬

‫أالعب األطفاؿ ونتجاذب أطراؼ الحديث‪....‬‬


‫ُ‬
‫يجلسوف حولي عند شاطئ البحر‪،‬‬

‫أروي لهم قصصاً وحكايا قديمة ال زالت عالقةً في ذىني منذ أف كنت طفلة‬

‫صغيرة‪...‬‬

‫ال زالت أذكرىا جيدا‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪112‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وأشتا ُؽ لسماعها مرة أخرى‪...‬‬

‫ثم نعود للعب مرة أخرى‪ ،‬ولكن على الشاطئ‪...‬‬

‫تداعب المياه أصابع أقدامنا‪....‬‬

‫أنها دعوة خاصة من الشاطئ لزيارة أمواجو ندخل بأجسامنا إليو‪...‬‬

‫نغوص داخلو‪ ،‬نحاوؿ سبر أغواره العميقة‪....‬‬


‫ُ‬

‫نرغب في حل لغزه‪ ....‬وكشف أسراره الغامضة‪...‬‬

‫ِ‬
‫بمياىو الناعمة‪....‬‬ ‫يغمرني الشاطئ‬
‫ُ‬
‫يغرقني بقوة ويشدني إليو‪...‬‬

‫أحس بطعم الماء المالح في فمي‪...‬‬

‫إلي‪...‬‬
‫وكأنو يخبرني أنا ىنا يا عزيزتي‪ ...‬تعالي ّ‬
‫وكوني عروساً تزين البحر بجمالها وتزيده بهجة بعنفواف شبابها‪...‬‬

‫تعالي أحميك من تلك الحياة‪...‬‬

‫أغير لك مفهومك عن الدنيا‪...‬‬

‫سترين دنيا غير التي تحييها مع البشر‪...‬‬

‫تسبحين داخلي بحرية تامة ببل ٍ‬


‫خوؼ وال وجل‪...‬‬

‫تجدد أمواجي ىواء روحك‪ ...‬وتنعم أنفاسك بالسكوف والراحة‪...‬‬

‫بعيداً عن ىذا العالم‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪113‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ىذا العالم الذي ال ترين فيو سوى مشاىد مكررة يوـ‪ ،‬وكل ليلة‪...‬‬

‫تسمعين فيها نفس األحاديث‪...‬‬

‫وتطالعين وجوه البشر أنفسهم ببل إختبلؼ‪...‬‬

‫وببل تجديد‪...‬‬

‫ولكن لدي يا صغيرتي‪...‬‬

‫سوؼ تستمعين إلى لحن آخر‪....‬‬

‫لحن ينبض بالحب والسعادة‪...‬‬

‫لدي‪...‬‬
‫سم ُع إال ّ‬
‫ال يتوقف صوتو‪ ...‬وال يُ َ‬
‫يعزؼ كل يوـ صوتاً جديداً تسمعينو‪...‬‬

‫مختلف عما سبقو من ألحاف أخرى‪...‬‬


‫ٌ‬ ‫صوت‬
‫ٌ‬

‫لحن شاطئي‪...‬‬
‫ُ‬
‫صوت أعماقي‪...‬‬
‫ُ‬ ‫ىو‬

‫لحن الحياة‪...‬‬
‫إنو ُ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪114‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫شاطئ التيو‬
‫ُ‬

‫ىذا الحلم الذي يراودني دائماً‪،‬‬

‫علي النوـ‪....‬‬
‫ويحرـ ّ‬
‫ّ‬
‫يجذبني إليو بقوة‪ ....‬قوة غير طبيعية وكأنني منومة مغناطيسية‪...‬‬

‫علي من بعيد‬
‫ينادي ّ‬
‫يخبرني حلمي دائما بأنو معي يطر ُؽ أبواب قلبي بقوة‪...‬‬

‫ذات يوـ ترؾ لي رسالة قائبلً‪:‬‬

‫ِ‬
‫بنفسك‪ ...‬فمن ذا الذي‬ ‫"يجب ِ‬
‫عليك أف تثقي بنفسك دائماً‪ ،‬فإف لم ِ‬
‫تثق‬

‫سيثق ِ‬
‫بك‪"....‬‬

‫أخشى عليو من الضياع في ِ‬


‫مفترؽ الطرؽ‪....‬‬

‫أحاوؿ حمايتَو‪ ،‬لكي اليتركني ويرحل‪....‬‬

‫لحظات ضعف ‪...‬‬


‫ُ‬ ‫أحياناً تراودني‬

‫تجعلني أعتقد بأني ليس لدي القدرة على أف أفعل شيئاً‪،‬‬

‫تجعلني مصابةً بحالة من البل مباالة تجاه نفسي وتجاه حلمي‪...‬‬

‫تلك الحالة التي تدمرنا دوف أف نشعر‪...‬‬

‫نتركها تمكن من قلوبنا‪ ،‬فتُػغَلِفها باإلحباط والتوىاف‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪115‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وتجد نفسك حائراً بين عدةِ طرؽ‪...‬‬

‫ال تدري أيها األفضل‪...‬‬

‫وال تعرؼ أَيُّها تختار‪...‬‬

‫وال أيها أحب لك من األخرى‪...‬‬

‫ِ‬
‫الضفة األخرى‪...‬‬ ‫ترى نفسك خائفاً من عبور‬

‫ِ‬
‫للجانب اآلخر من الشاطئ‪...‬‬ ‫الضفة المواجهة‬

‫يقف الجميع أمامو قبل العبوِر إلى ضفة‬ ‫ِ‬


‫الشاطىء المرعب الذي ُ‬ ‫ذلك‬

‫الحلم‪....‬‬

‫وال ينجو منو أحد‪....‬‬

‫ِ‬
‫بخطافو الخاص‪،‬‬ ‫ال ينجو منو سوى من تعلق‬

‫الخطاؼ الذي يذكره دائماً بما يريد وبما يرغب‪....‬‬

‫خطاؼ األمل في شاطىء التيو‪ ،‬ولكنو ال يكفي وحده لعبوره‪...‬‬

‫يجب أف تتقن السباحة‪ ،‬لتتمكن من العبور‪...‬‬

‫وعندما تتمكن من الوصوؿ إلى بُغيتُك‪،‬‬

‫عليك أف تحمد اهلل على وصولك سالماً بدوف غرؽ‪...‬‬

‫وبدوف استسبلـ لتيا ِر اليأس في ذلك الشاطىء‪...‬‬

‫جميعنا لديو القدرة على فعل الشىء الذي يريده ويرغبو ولكنا ال نحاوؿ‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪116‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫نعتقد دائما بأنو ليس في استطاعتنا فعلها‪...‬‬

‫لذلك نستسلم ونترؾ بسهولة‪،‬‬

‫بيد أننا لو حاولنا‪ ...‬لفعلنا‪....‬‬

‫ىاؾ ىو الخوؼ‪ ....‬قابعاً في داخلك وأع َد لك العُدة‪...‬‬


‫َ‬

‫س َد عليك منافذ الضوء‪...‬‬


‫ليَ ُ‬
‫ك الواقي‪،‬‬ ‫فأع َد لو ما استطعت من قوة وال تجعلو يتمكن من ِ‬
‫درع َ‬ ‫ِ‬

‫فيغرز نصل سيفو في قلبك بقسوة‪...‬‬

‫اإلجابو الوحيدة على الخوؼ ىي محاربتو‪ ...‬واإلنتصار عليو‪...‬‬

‫ليس من أجل اآلخرين‪ ،‬ولكن من أجلك ‪ ....‬ومن أجل حلمك الذي صار‬

‫قطعةً من روحك‪...‬‬

‫تعيش ألجلو‪،‬‬

‫فإيّاؾ واإلستهزاء بو‪...‬‬

‫إيّاؾ وىجره‪ ،‬وإال أصبحت كالريشة الضعيفة في مهب الريح العاتيو‪...‬‬

‫ستصبح كالغريق‪،‬‬

‫غري ٌق في شاطىء مليئاً بالخوؼ‪ ...‬تتجاذبُك االمواج فيو من كل اإلتجاىات‬

‫‪....‬‬

‫ال تستطيع حينها السباحة فأنت ال تتقنها‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪117‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وال يوجد لديك الخطاؼ لتتعلق بو‪...‬‬

‫تأخذؾ دوامة التوىاف بين ذراعيها‪...‬‬

‫وتضمك إليها بقوة قاتلة‪،‬‬

‫وتنزؿ بك إلى األعماؽ‪....‬‬


‫ِ‬
‫شاطىء التيو‬ ‫إلى أعماؽ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪118‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫خناجر قاتلة‬

‫أجلس وحدي بعد آذاف الفجر‪...‬‬

‫أتأمل السكوف الهادىء من حولي‪....‬‬

‫ألقي نظرة سريعة على تاريخ اليوـ‪ ،‬أجد أنو قد مر شهر منذ آخر مرة قد قررت‬

‫فيها‬

‫عدـ اإلىتماـ بأي شىء‪...‬‬

‫أجد أف الوقت يمر سريعا دوف أف نشعر‪...‬‬

‫وتمضي بنا األياـ سريعا‪...‬‬

‫تأخذ معها أشياء كثيرة‪ ،‬تسرؽ منا أجمل اللحظات وأىنأىا‪....‬‬

‫تجبرنا على التخلي عنها‪،‬‬

‫نجد أنفسنا وكأننا صرنا كالمنزؿ الفارغ‪،‬‬

‫ببل أثاث فجأة‪...‬‬

‫ال نجد ما يريحنا وال يبهجنا‪....‬‬

‫تصبح أرواحنا كالمنازؿ المهجورة من الداخل‪...‬‬

‫برغم أنها مزينة من الخارج‪...‬‬

‫تحتاج أرواحنا لبعض األلواف المبهجة كي نلطخ بها أنفسنا ونلوف حياتنا‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪119‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫حينما أتطلع إلى مفكرتي الصغيرة‪،‬‬

‫علي ولكن لم أشعر بها‪...‬‬


‫أحداث كثرة ّ‬
‫ٌ‬ ‫أرى أنو مرت‬

‫ولم أعشها كما ينبغي‪،‬‬

‫وىناؾ أحداث رغبت بأنها لم تحدث قط‪،‬‬

‫ولكنها حدثت وانتهي األمر‪...‬‬

‫كل صفحة في تلك المفكرة الصغيرة تذكرني بحدث خاص‪...‬‬

‫بأشياء لم أكن أىتم بها‪...‬‬

‫ولم أعلم بأنها ستغيرني إلى شخص آخر‪....‬‬

‫على‪ ...‬لم أعد أعرفو‪...‬‬


‫شخص جديد ّ‬
‫لم أعد الشخص الذي كنتو في الماضي‪،‬‬

‫لن أعود إلى سابق عهدي‪...‬‬

‫أشعر بأنني أصبحت أكبر نضجا‪ ....‬وأكثر قوة وأكبر عقبلً‪...‬‬

‫وأشد عناداً مما سبق‪...‬‬

‫أحيانا أشتاؽ لنفسي القديمة فيما مضى‪،‬‬

‫ولكنني اآلف لم أعد أرغب بذلك‪...‬‬

‫كنت ضعيفة‪ ...‬ىشة‪ ،‬مستسلمة لقيود الحياة من حولي‪...‬‬

‫ال أعبأ بما أريد وما أحب‪ ...‬ال أىتم لذاتي وال بقوتي‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪111‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أما اآلف‪....‬‬

‫فلم يعد حتى العالم من حولي يستحق مني أدنى اىتماـ‪...‬‬

‫االىتماـ الوحيد الذي أكنو لروحي وألحبلمي ولذاتي وشخصي فقط‪...‬‬

‫إف الدنيا ال تساوى عند اهلل جناح بعوضو‪،‬‬

‫بكل ما فيها من زخارؼ وملذات‪...‬‬

‫بكل ما فيها من وسائل للراحة والسعادة‪...‬‬

‫كذلك العالم من حولي ال يساوي شيئا‪...‬‬

‫إف الدنيا بما فيها أصبحت ال تُغني وال تُ ِ‬


‫سم ُن من جوع‪....‬‬

‫إنها ليست سوى دار شقاء ونصب‪...‬‬

‫وإبتبلء وحزف‪ ...‬إنها ليست سوى طبق فاكهة‪،‬‬

‫خارجها ناضج وداخلها أصابو العطب والعفن‪....‬‬

‫كذلك آراء العالم والناس من حولي ليست لها أي قيمة‪...‬‬

‫من استمع للناس خسر دنياه وآخرتو‪،‬‬

‫من حارب رضا اهلل ألجل رضاىم نالو الشقاء وعدـ الرضا‪...‬‬

‫ومن حارب رضا الناس ألجل اهلل ربح دنياه وآخرتو‪...‬‬

‫أف عقوؿ الناس ليست مهيأة للجديد من األفكار‪،‬‬

‫في ىذا الزماف تلوثت العقوؿ بمبيدات األخبلؽ‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪111‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫حينما تختلط بالناس من حولك تجد رغبة عارمة في اعتزالهم وتركهم لما ىم‬

‫فيو‪...‬‬

‫تجد نفسك تشعر بغربة قاسية‪ ...‬مريرة‪،‬‬

‫ألنك وحدؾ‪ ...‬ال تجد من يشاركك إىتماماتك وأحبلمك‪....‬‬

‫ال تجد من يشبو أخبلقك‪...‬‬

‫تجدىم حولك بأفكار ومعتقدات عقيمة‪....‬‬

‫ال أصل لها والفصل‪...‬‬

‫تجد األرواح من حولك وقد تملكها شيطاف الحقد واليأس‪،‬‬

‫ترى الوجوه العابسة صباحا‪،‬‬

‫ببل حمد هلل على نعمة عودة الحياة‪...‬‬

‫وببل ابتسامة شكر او حب‪...‬‬

‫وكأنها انتزعت او سرقت منهم‪...‬‬

‫أصبح العالم ممل وحبط‪...‬‬

‫الكل مهتم لشأنو فقط دوف اآلخر‪...‬‬

‫ىجروا الحب‪ ...‬وباعوا أحبلمهم بثمن بخس‪...‬‬

‫أصبحت األحبلـ لديهم عديمة الفائدة‪...‬‬

‫وضعوىا على أرفف عقولهم‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪112‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ونسجوا حولها خيوط العنكبوت فقيدتهم‪...‬‬

‫تجمعت األتربة في عقولهم وحوؿ رفوؼ أحبلمهم‪...‬‬

‫فعبست وجوىهم‪...‬‬

‫واآلف يحاولوف جعلي مثلهم‪...‬‬

‫عابسة‪ ...‬محبطة‪ ...‬ببل حلم وببل ىواء أتنفسو‪...‬‬

‫تأتيني الخناجر القاتلة من كل اتجاه‪...‬‬

‫توجو إلى قلبي مباشرة‪،‬‬

‫ومنها مايقترب من عنقي‪ ...‬ليفصلني عن بقية جسدي‪...‬‬

‫فأصبح ببل عقل مفكر‪...‬‬

‫وببل قلب يشعر‪ ...‬يريدوف جعلي نسخة منهم‪...‬‬

‫عقبل وقلبا وروحا‪ ...‬كاإلنساف اآللي‪ ،‬ينفذ ما يقاؿ‪ ....‬ويكرر ما يسمع‪...‬‬

‫ال يرغبوف بالحياة‪ ...‬وال يشتهوف الحلم‪...‬‬

‫لن أسمح لهم بفصلي عن روحي‪ ...‬لن أترؾ لهم الفرصة لتلويث عقلي‬

‫وأفكاري‪ ...‬فليذىب العالم بآرائو وأفكاره إلى الجحيم‪...‬‬

‫ولتنعمي ياروحي بجنة الوحدة والعزلة‪...‬‬

‫بعيداً عن خناجرىم القاتلة‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪113‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫غيبوبة الحياة‬

‫أجلس تحت ضوء القمر‪...‬‬

‫أبث لو أشجاني‪...‬وحدي ىنا‪...‬‬


‫أتحدث إليو‪ُ ،‬‬

‫أرغب بالعودة‪ ،‬ولكن إلى أين؟‬

‫ال أدري‪...‬‬

‫دائما ما أكوف في حيرةٍ من أمري‪...‬‬

‫ال أحسن اإلختيارأحيانا‪...‬‬

‫جميع الطرؽ أمامي‪ ...‬ولكنها مجهولة‪...‬‬

‫ال أعرفها‪ ...‬وأخاؼ عبورىا وحدي‪...‬‬

‫إال إنني أجدني أتشجع وأرمي بخوفي وراء ظهرى‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪114‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫لم يعد يهمني الخوؼ أبداً‪...‬‬

‫لم يعد يمثل لي شيئاً‪...‬‬

‫أنو ليس سوى حاجز ىش ال حوؿ لو وال قوة‪...‬‬

‫نبنيو نحن بأيدينا داخل عقولنا‪...‬‬

‫ىروبا من مستقبلنا‪ ...‬واستسبلما لحاضرنا‪...‬وتقييداً لحياتنا‪...‬‬

‫حياتنا التي أصبحت كالقهوة‪...‬‬

‫إنها بالفعل تُشبِ ُهها في ِ‬


‫كل شيء‪،‬‬

‫تُشبِ ُهها في لونها البني الشديد ال ترى لها معالم محددة‪...‬‬

‫ويأتي عليها الهواء فينثرىا بعيداً وىي جافة في الفضاء الشاسع‪...‬‬

‫ولها نفس المرارة‪...‬‬

‫مرارة المذاؽ واأللم والحزف‪...‬‬

‫ورائحتها النفاذة الذكية التي تخدعك بها‪،‬‬

‫فتجعلك تدمنها بشدة وال تستطيع اإلفبلت منها‪....‬‬

‫ال أريد أف أصبح مثل بقية الناس‪،‬‬

‫حياة اللهو والعبث ال أحبها‪...‬‬

‫كما أف حياة البلشيء ال تعجبني‪...‬‬

‫أريد أف أحيا كما أرادني اهلل ‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪115‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أف تعيش وأنت تعرؼ مبلمح طريقك‪،‬‬

‫طريق الحق والخير ‪...‬‬

‫ال أف تبقى في الدنيا وكأنك غير موجود البتة‪....‬‬

‫وتعيش ببل وجهة‪ ....‬ببل ىدؼ‪...‬ببل مبلمح‪.‬‬

‫كل الطرؽ متساوية لديك ال قيمة لها‪....‬‬

‫كبقية البشر‪...‬‬

‫يعيشوف وىم على حافة الموت‪...‬‬

‫ٍ‬
‫غيبوبة مزمنة‪...‬‬ ‫يحيوف كاألموات في‬

‫غير مدركين لذلك الوىم القاتل‪....‬‬

‫ال يستيقظوف إال وىم على شفا حفرة الموت الحقيقي‪...‬‬

‫وىم يعضوف أصابع الندـ والحسرة على ما فاتهم‪....‬‬

‫أوفاتهم شيء؟!‬

‫نعم‪ ،‬كل شيء‪ ...‬إنها الحياة نفسها التي فاتتهم‪...‬‬

‫جاءوا إليها وقد فقدوا روح المغامرة فيها‪،‬‬

‫فقدوا روح العناد مع شيطانها‪...‬‬

‫أضاعوا بهجة األمل والحب‪....‬‬

‫أنظر إلى كل تلك البيوت من حولي‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪116‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أراقبها‪ ...‬ال أرى داخلها سوى أموات‪،‬‬

‫ال يعرفوف طعماً للحياة‪...‬‬

‫حياتهم ال أريدىا أف تشملني‪ ،‬برغم أنهم يجذبونني من ذراعي بقوة‪...‬‬

‫يأخذوني مكرىة إلى حافَّتِهم الخطرة‪...‬‬

‫حافة الموت القاتلة‪...‬يريدوف أخذي معهم‪،‬‬

‫كي أبقي مثلهم‪ ...‬مأساة جديدة ‪...‬‬

‫ال يحبوف اإلختبلؼ‪ ...‬كارىوف ألف يسطع بينهم نور جديد‪...‬‬

‫أو شمعة مضيئة‪ ....‬يحاولوف إخمادىا‪،‬‬

‫بدال من التماس الدؼء واألماف ‪....‬‬

‫يرغبوف كما ىم بالبقاء في الظبلـ‪...‬‬

‫عقولهم ال زالت ُملبَّ َدة بالغيوـ‪....‬‬

‫مليئة بأحجار الفكر الهداـ‪ ،‬ال يريد البناء وال البقاء ألحد‪...‬‬

‫ال يريدوف سوء أف تصبح مثلهم‪،‬‬

‫كي تناؿ رضاىم وبركاتهم اللعينة‪....‬‬

‫فسأضرب ببركاتهم ورضاىم عرض الحائط ‪...‬‬

‫وليحرؽ رضاىم بماء من نار حارقة‪...‬‬

‫أريد أف أخبركم شيئاً ىاماً وىو‪:‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪117‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫"ال شأف لكم بي‪ ...‬فيذىب رأيكم وحياتكم إلى الجحيم‪ ....‬ال أىتم لكم‪،‬‬

‫فأنتم لن تعيشوا معي‪ ،‬ولن تنفعوني بشيء خيراً كاف أو شراً‪ ،‬فمهما فعل‬

‫اإلنساف لن يرضي جميع الناس‪...‬‬

‫وسيظل دائما في نظرىم مخطئا ومستهجنا‪ ،‬ألنو غريب عنو بأفكاره ومعتقداتو‬

‫وميولو‪...‬‬

‫إنكم مجتمع منغلق على ذاتو وعلى أفكاره‪ ،‬ال يرغب بالتغيير‪...‬‬

‫خاصة لو كانت امرأة‪ ،‬فهو يشعر بالخطر لمعرفتو بأنها ستكوف سبب ىذا‬

‫التغير في المجتمع‪ ،‬إف تفتح عقلها وذىنها للواقع الذي تعيش فيو‪ ...‬تريدونها‬

‫منغلقة على ذاتها‪ ،‬ترفضوف أف تكوف ما ترغب ىي بنفسها‪ ،‬تجعلونها بذلك‬

‫أقرب ما تكوف إلى الموت وأبعد ما تكوف عن الحياة‪...‬‬

‫وأنا أرفض أف أكوف كما تريدوف أنتم‪ ،‬سأكوف كما أريد أنا وكما أرغب‪...‬‬

‫فأنتم موجودين على ىامش صفحات حياتي‪ ،‬ال أعيركم أي اىتماـ‪ ،...‬ألنكم‬

‫لستم سوى مجرد بشر عاديين‪ ،‬ولدتم لتعيشوا كاألنعاـ التي ال تفكر وال‬

‫تتكلم‪ ...‬تعيش فقط كي تأكل وتسمن وتتزاوج وتنجب وتموت أو لتذبح أحيانا‬

‫أخرى‪ ....‬ال يهمكم كيف تعيشوف‪ ...‬ولماذا وجدتم‪ ،‬والترفع أصواتكم إال‬

‫لعبلمات اإلستهجاف واإلمتعاض للشىء الجديد‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪118‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ترفضوف تغيير عقولكم‪ ،‬وطريقة تفكيركم السلبية‪...‬سعداء أنتم بدواـ الشكوى‬

‫والشعور باأللم‪....‬‬

‫إذا فابقوا كما أنتم‪ ،‬ال فائدة لكم سوى أف تبقوا على حافة الموت‪....‬‬

‫في غيبوبة مزمنة تسمي‬

‫غيبوبة الحياة‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪119‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫متاىة الموت‬

‫ىناؾ دائماً شيئا ما داخلنا‪...‬‬

‫يدفعنا دفعا إلى قلب الموازين‪...‬‬

‫يجعل لدينا الرغبة ؼ تغيير جزء خاص بنا‪...‬‬

‫يدفعنا إلى الخارج‪،‬‬

‫خارج محيطنا العادي‪...‬‬

‫وبعيداً عن بقية الناس‪ ...‬يجعلنا ننقلب رأساً على عقب‪...‬‬

‫وال نعود للوراء أبداً مرة أخرى‪...‬‬

‫إنو ينبش داخل قلوبنا‪...‬‬

‫ويعيث فساداً في أرواحنا البريئة‪...‬‬

‫ننسى أنفسنا ونضيع داخل متاىة كبيرة‪...‬‬

‫غريبةٌ علينا ال نعرؼ بدايتها من نهايتها‪....‬‬

‫هب علينا الضباب‪....‬‬


‫يَ ُ‬
‫كثيف مليءٌ بأشي ٍاء مزعجة‪...‬‬
‫ضباب ٌ‬
‫ٌ‬

‫يتخلل عقولنا وأفكارنا‪ ،‬ونصبح كالتائهين‪...‬‬

‫ال نجد من يرشدنا ويأخذ بأيدينا إلى بر األماف‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪121‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫بعيداًعن ىذا العالم‪ ...‬وخارج تلك الحياة‪...‬‬

‫تبدأ حياتنا داخل ذلك القطار‪ ،‬يركب فيو الجميع‪....‬‬

‫وما إف نركبو حتى نتمنى أف تواتينا اللحظة التي نتركو ونذىب‪...‬‬

‫أتعرفوف لماذا؟!‬

‫ألنو قطار البلعودة‪...‬‬

‫ال يعود للماضي مرة أخرى‪ ،‬أنما يأتيك وال ينتظرؾ‪...‬‬

‫ٍ‬
‫بشغف قاتل‪....‬‬ ‫بل أنت الذي تنتظره‬

‫تتمني ركوبو‪ ...‬ليسير بك إلى نقطة ببل رجوع‪...‬‬

‫إنو ال ينتظر أحدا تأخر عن موعده‪...‬‬

‫ينطلق سريعاً جداً‪ ،‬وال يسمح ألحد بالوقوؼ أمامو واعتراض مسيرتو‪...‬‬

‫فمصيره الموت‪...‬‬
‫ُ‬ ‫ومن يعترضو‬

‫لما ال يتركنا القطار نرحل بسهولة؟‬

‫لما ال يدعنا ويتوقف حينما نريد نحن ذلك‪ ....‬ال جينما يريد ىو؟‬

‫جميعنا حائر في أمره‪ ،‬متوجس خيفة‪....‬‬

‫إننا داخل متاىة شاسعة‪ ،‬مخيفة‪...‬‬

‫مليئة بالخطاطيف‪....‬‬

‫يقف القطار أمامها فجأة ويفتح لنا األبواب على مصراعيها‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪121‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫يدعونا للخروج منو والوقوؼ على بابها‪...‬‬

‫ىناؾ ناحية الباب وبجانبو تجد ما يجذبك إليها بقوة‪....‬‬

‫تجد نفسك مفتونا بجماؿ الواجهة المزيف‪ ....‬مسحوراً‪....‬‬

‫ومجبور على عبور البوابة‪...‬‬

‫وعندما تعبره يغلق عليك وحدؾ‪....‬‬

‫تجد نفسك وحيداً‪ ...‬تسير بخطى ٍ‬


‫بطيئة داخل طرقها‪...‬‬

‫تجذبك الخطاطيف لؤلسفل‪ ،‬تحاوؿ اإليقاع بك‪...‬‬

‫تتغير النفوس داخلها‪....‬‬

‫وتشعر بأنك لست أنت الشخص الذي كنتو في يوـ من األياـ‪،‬‬

‫بل شخص جديد عليك‪...‬‬

‫بروح مخطوفة‪ٍ ...‬‬


‫وقلب متحج ٍر صامت‪....‬‬ ‫ٍ‬

‫لم تعد تدري أين أنت؟ وال سبب وجودؾ في ىذا الطريق‪....‬‬

‫تصا ِدفُك أشياءاً أكثر غرابة‪...‬‬

‫لم تكن تتوقع حدوثها‪،‬‬

‫فاجىءُ بنفسك ممزقاً عن آخرؾ‪...‬‬


‫تُ َ‬

‫وجسدؾ ينزؼ‪ ....‬وأنفاسك متقطعة‪...‬‬

‫ك القوى والجسد‪....‬‬
‫ُم َنه َ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪122‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تريد الخروج في أقرب وقت‪...‬‬

‫وتقابل ىناؾ من ىم على شاكلتك‪...‬‬

‫أجسا ٌد مزقتها خطاطيف المتاىة اللعينة‪....‬‬

‫أرواح تائهةٌ‪...‬وتنزؼ في كل مكاف‪....‬‬


‫ٌ‬

‫وتدرؾ أف الجميع ىنا‪ ،‬واقعوف في نفس المعاناة‪....‬‬

‫ضحايا قطار حياتهم‪ ...‬ولسوء اختياراتهم‪...‬‬

‫عقولهم غير مدركة لما ىم فيو‪...‬‬

‫احهم ممزقةٌ وقلوبُهم ُمتَ َح ِج َرة‪...‬‬


‫قواىم ُم َنه َكةٌ ‪ ،‬أور ُ‬
‫ِ‬
‫المتاىة القاتلة‪....‬‬ ‫ِ‬
‫لسيوؼ‬ ‫وقد سلَّموا ِرقابَهم‬

‫إنها متاىة الموت‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪123‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أشباح الخوؼ‬

‫نسير كل يوـ في نفس الطريق‪..‬‬

‫نقف ىناؾ‪ ،‬عند مفترؽ الطرؽ‪...‬‬

‫تتشابو كلها فيم بينها وال يعرؼ الفرؽ إال من من يرغب بالمرور‪...‬‬

‫من يعرؼ خارطة الطريق‪...‬‬

‫طريق يجعلو قادر على تحمل المشاؽ التي ستصادفو‪.....‬‬

‫أسير كل يوـ إلى نفس المكاف‪...‬‬

‫أجلس على أرجوحتي‪ ...‬أفكر في األياـ الماضية‪،‬‬

‫تمر بنا السنوف واألياـ‪،‬‬

‫ويتغير معها حالنا وأفكارنا ‪...‬‬

‫تتبدؿ معها مبلمحنا وأحبلمنا‪...‬‬

‫تلك األحبلـ التي لم تكن تفارقنا في صغرنا‪،‬‬

‫وتتزايد يوما بعد يوـ‪ ....‬ونبني لها قصورا عالية فوؽ السحاب‬

‫نهرب إليها من واقعنا‪....‬‬

‫ونجد فيها سلونا من ىمومنا‪....‬‬

‫أحبلمنا ىي عالمنا الخاص‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪124‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫نسافر إليو‪ ....‬يرحب بنا جميعا وال يلفظ أحدا منا‪...‬‬

‫نبوح إليو بما نريد‪،‬‬

‫ونسر إليو بأسرار ال يعلم عنها أحد‪...‬‬

‫تلك األحبلـ التي تشبو جرس اإلنذار‪،‬‬

‫ىذا الجرس الذي يرف في ساعة الخطر‪....‬‬

‫تلك الساعة التي تأتينا وتغمرنا وتكمم أفواىنا حينما نتخلى عما نريد‪...‬‬

‫إنو يصدر صوتا مزعجا‪....‬‬

‫ىذا الصوت الذي يذكرؾ دائما بأنك على حافة اإلنهيار‪...‬‬

‫يوقظك من سباتك العميق‪،‬‬

‫يجبرؾ على إعادة التفكير فيما أضعت من أيامك الماضية‪....‬‬

‫تجد أنك تتهرب دائما من أحبلمك‪....‬‬

‫يصيبك شيءغريب ال تدري ما ىو؟؟‬

‫وتجد الخوؼ على أعتاب بابك‪....‬‬

‫يرافقك في الطريق‪....‬‬

‫سيطر على إرداتك‪ ،‬وكمم أنفاسك‪....‬‬

‫وتحاوؿ مقاومتو بقوة وشراسة‪....‬‬

‫ال يريد ىذا الخوؼ أف تقاتل من أجل حلمك‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪125‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫يريدؾ ىناؾ‪،‬‬

‫قابع مع غيرؾ‪ ...‬معتكف في نطاؽ راحتك الممل‪....‬‬

‫يجعلك سجين مع ألواف كثيرة من البشر‪...‬‬

‫ىؤالء البشر الذين كانوا مثلك في أحد األياـ‪،‬‬

‫يقاتلوف بشراسة‪،‬‬

‫ولكن تخللهم الملل وركنوا الدعة واإلستكانو‪...‬‬

‫أنا ال أرى الخوؼ سوى أشباح‪....‬‬

‫أشباح سوداء تطاردنا في كل مكاف‪،‬‬

‫في عقولنا وأحبلمنا‪...‬‬

‫ال تأتينا إال ونحن نتخذ القراراألصعب في حياتنا‪...‬‬

‫تأتينا من خلف األبواب المغلقة داخلنا‪...‬‬

‫تتخلل أروقة سعادتنا بهدوء ودوف أف نشعر‪....‬‬

‫وعلى حين غفلة منا‪....‬‬

‫تحاوؿ جذبنا بقوة إليها‪ ،‬ونحن نحاوؿ الهرب منها‪...‬‬

‫لتدخل علينا حياتنا وتنزعها علينا فجأة‪،‬‬

‫تطاردنا‪ ،‬وتتخطفنا الواحد تلو األخر بسرعة‪...‬‬

‫تقترب منهم وتنهيهم عن بكرة أبيهم‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪126‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫حتى ال يتبقى منهم شيء‪...‬‬

‫ثم يأتي دروؾ‪،‬‬

‫وتذىب معك في نفس الطريق‪ ....‬تعترضك رغما عنك‪...‬‬

‫تلتف حولك‪ ...‬تناديك وتمشي إليها كالمسحور‪...‬‬

‫ثم ما إف تقترب منك حتى تمزؽ أحبلمك بقسوة‪...‬‬

‫تنزع عليك راحة بالك‪ ...‬وتسمم عقلك وافكارؾ‪....‬‬

‫حتى تمتص روحك وتحاوؿ نزعها من بين أضلعك‪.....‬‬

‫فتصبح ببل روح‪...‬‬

‫وببل حلم‪....‬‬

‫وحينئذ تحملك معها إلى معتقلك الخاص‪...‬‬

‫معتقل الراحة والهدوء‪...‬‬

‫بعيدا عن حياة التنافس والعمل والنمو‪...‬‬

‫فتصبح بعيدا عن حياتك‪..‬‬

‫وتحيا حياة أخرى‪ ،‬غريبة عنك وتجبر على أف تعتاد عليها‪....‬‬

‫وتظل معك دائما‪ .....‬تراقبك‪....‬‬

‫حتى تسترد نفسك وروحك مرة أخرى ‪....‬‬

‫حتى ال تقاتلها وال تهرب منها وتحقق ما تريد‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪127‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ستحاربك ‪....‬‬

‫وإنت حاوؿ آال تسلم لها روحك وأحبلمك فإف أشباح الخوؼ قاتلة‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪128‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫إنتقاـ سراب‬

‫وكأنني أجرى وراء سراب ال يراه سواي‪،‬‬

‫يكاد يختفي من أمامي‪....‬‬

‫أشعر بو يتركني ويرحل‪....‬‬

‫يبتعد عني ويسافر بعيدا دوف أف يأخذني معو‪...‬‬

‫ال أريد البقاء وحيدة‪...‬‬

‫وال أحب السراب الكاذب‪....‬‬

‫تركتو حتى أصبح سرابا ويكاد يختفي من أمامي‪...‬‬

‫بعد أف كاف واضحا كضوء الشمس يبهر األعين من شدة ضوئو اللماع‪....‬‬

‫ويبقي الحلم سرابا إذا لم ترويو بماء العمل والحب والصبر والمثابرة‪...‬‬

‫وكأنو صار جزء منك‪،‬‬

‫ال يرغب في تركك سالما‪ ،‬يهدد سبلمك الداخلي‪...‬‬

‫ال يدعك وشأنك‪...‬‬

‫وكأنو يرغب في في اإلنتقاـ‪...‬‬

‫أنك تركتو وحيدا دوف أف تعيره أي اىتماـ‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪129‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ال أدري أضائعة أنا بين جنبات سرابي المحيطة بي؟؟‬

‫أـ أنني لم أعد أمتلك تلك القدرة على استعادتو مرة أخرى؟؟‬

‫إف الحلم يشبو القمر في كل شيء‪...‬‬

‫يبدأ صغيرا كالهبلؿ األبيض‪،‬‬

‫ثم يكبر معك كل يوـ طالما تفكر فيو وتحاوؿ الوصوؿ إليو‪....‬‬

‫ثم يكبر ويصبح مكتمبل كالبدر المنير في ليلة ظلماء‪...‬‬

‫حتى يصبح الحلم في كامل قوتو‪،‬‬

‫وما إف تبتعد عنو فيبدأ بالتناقص والتخاذؿ‪....‬‬

‫ويتأخر عليك في السطوع تماما كالقمر‪،‬‬

‫الذي ما إف يبدأ يتناقص حتى ينعدـ ظهوره مرة أخرى‪...‬‬

‫ويختفي فجأة من حياتك‪ ،‬حتى تأتيك لحظة ىى من أشد اللحظات إيبلما‬

‫ووجعا‪....‬‬

‫اللحظة التي تتذكر فيها أنو كاف لديك حلم‪...‬‬

‫وتركتو يختفي من حياتك‪....‬‬

‫ما أصعب تلك اللحظات وما أوجعها‪...‬‬

‫ينتابك حزف شديد على ما فاتك‪...‬‬

‫ال تستطيع استرجاعو‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪131‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وال يمكنك التفكير بغيره‪...‬‬

‫وقتها تشعر بأنك كالمنبوذ ‪....‬‬

‫مطرود من جنتك‪ ....‬تخليت عنو فتخلى عنك‪...‬‬

‫انسحب من حياتك في صمت وتحوؿ إلى سراب‪...‬‬

‫خياؿ‪ ...‬بقايا حلم كالذي يأتيك في منامك‪...‬‬

‫ال تكاد تراه حقا‪..‬‬

‫ولكنك تشعر بو يقلب كيانك‪...‬‬

‫يشعرؾ بالذنب حينما تراه أصبح ملكا لمن ال يستحقو‪....‬‬

‫كثير منا تضيع منهم أحبلمهم بتلك الطريقة‪،‬‬

‫وتذىب بعيدا ألشخاص أخرين ال يستحقوا أف يمتلكوا ما كنا نرغب بو‪....‬‬

‫ولكننا نستحق ىذا العقاب النفسي المؤلم‪...‬‬

‫عقابا يؤرؽ مضاجعنا‪....‬‬

‫يجعلنا مجرمين في حق أنفسنا‪...‬‬

‫تركت جنتك‪...‬بدوف رعايو‪،‬‬

‫ببل ماء وببل بذرة تنبت فيها‪ ،‬فأصبحت جرداء قاحلة‪....‬‬

‫فجاء غيرؾ وبذر فيها حبوب وبذور فاسده فأنبتت براعم شرسة‪...‬‬

‫وعشعشت فيها الحشرات والطفيليات‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪131‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫التي أفسدت وسممت تربتها الخصبة‪....‬‬

‫وعاشت بها الحيات والثعابين القاتلو‪،‬‬

‫وتفاجئ بها تخرج من جحرىا‪ ...‬تتحرؾ صوبك‪،‬‬

‫تنفذ ما أمرتها بو أرض جنتك سابقا‪،‬‬

‫وىو اإلنتقاـ منك ومن خذالنك إياىا‪...‬‬

‫فترى نفسك محاصر‪...‬‬

‫وال ترى سبيل للخروج من ىذا المأزؽ‪...‬‬

‫ذلك الذي وضعت نفسك فيو بإىمالك وكسلك واستسبلمك‪....‬‬

‫ترى الثعابين تأتيك من كل مكاف‪...‬‬

‫تقتحم عليك حياتك عنوة‪...‬‬

‫تزحف نحوؾ بمكر‪....‬‬

‫تنتظر وجبتها الشهية منك‪...‬‬

‫ترغب بابتبلعك‪،‬‬

‫وانت ال حوؿ لك والقوة‪.....‬‬

‫ثم تبتعد عنك وتتركك وتذىب من حيث جاءت‪...‬‬

‫أصابتك بالرعب فقط‪...‬‬

‫أصابتك بالندـ‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪132‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ألنك تركت جنة أحبلمك مبلذا وجحورا لثعابين اإلنتقاـ‪...‬‬

‫إنها لن تبتلعك‪...‬‬

‫ولكنها ستتركك على قيد الحياة‪....‬‬

‫معذب‪ ....‬خائف‪...‬‬

‫مستاء من كل شىء حولك‪...‬‬

‫ومن نفسك‪...‬‬

‫تعاقبك علي تخاذلك‪ ...‬وتشعرؾ بخيبتك‪...‬‬

‫تجعلك تجرع مرارة الفشل كل يوـ‪...‬‬

‫وترى بعينك عقاب ىوأشد األنواع قسوة وألما وعذابا‪..‬‬

‫أنها قسوة الحلم حينما تتحوؿ إلى رغبة في اإلنتقاـ منك‪ ...‬إنتقاـ سراب‪.‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪133‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫من حيث ال أريد‬

‫ال أحب األشياء غير المكتملة‪...‬‬

‫وال أريدىا أف تشكل جزءً من حياتي‪،‬‬

‫ال أرغب بوجودىا من األساس‪...‬‬

‫ولن أسمح بها أبدا‪....‬‬

‫سأبدأ من حيث ال أريد‪،‬‬

‫سأبدأ من حيث يكمن منبع ىروبي وابتعادي‪...‬‬

‫إلى أف يحين وقت انتهائي‪...‬‬

‫ال أريد الرحيل وجعبتي فارغة‪،‬‬

‫بل أرغب في مؤلىا حتى تفيض وتفيض‪،‬‬

‫وتغرؽ العالم من حولي‪...‬‬

‫سأفتح صفحة جديدة في كتاب روحي‪،‬‬

‫كي أسطر فيو تاريخا جديدا‪ ،‬يمؤل الدنيا نورا وضياء‪...‬‬

‫يجعل كل من يراه ويسمع بو في حيرة من أمره‪...‬‬

‫يقف قلمي حائرا بين كلماتي أيها يختار‪،‬‬

‫وأيها يكتب‪ ،‬ال يدري‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪134‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫يصعب عليو األختيار‪...‬‬

‫يرغب في التراجع إلى الوراء‪...‬‬

‫وأحاوؿ أنا جذبو بقوة لؤلماـ كي يبقى معي‪...‬‬

‫أنا وىو‪ ،‬على وتيرة واحدة‪..‬‬

‫وإلى األماـ دائما‪...‬‬

‫أحيانا تنساب مني الكلمات كالماء العذب السلس‪....‬‬

‫وأحيانا أخرى تغلق على نفسها الباب‪،‬‬

‫وتحكم إغبلقو كي ال تخرج من سجنها اإلنفرادي‪...‬‬

‫ىذا السجن الذي تعتقل فيو نفسها‪....‬‬

‫وال تدري أنها تعتقلني معها‪...‬‬

‫وتقيدني‪ ....‬فأصبح أسيرة أفكاري التي ال ترغب بالحرية‪...‬‬

‫وأظل أنا أستغيث بقوة‪...‬‬

‫وأضرب األرض بقدمي‬

‫أقطع المسافات ذىابا وإيابا‪...‬‬

‫أريد الخروج من ىذا األسر الذي يكاد يقتلني ويغتاؿ روحي‪...‬‬

‫أمسك بقلمي وكلي رغبة قوية في بدء الحرب على ذاتي‪...‬‬

‫أغير على معتقل أفكارى بأسلحتي الخاصة‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪135‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أحاوؿ كسر ىذا الباب الذي حبست كلماتي وراءه‪....‬‬

‫ىروبا من قلمي وورقتي‪...‬‬

‫أناشدىا الخروج والتحرر من ىناؾ‪....‬‬

‫أدعوىا للسبلـ‪،‬‬

‫سبلـ داخلي من أجل روحي المنهكة‪...‬‬

‫وجسدي الممزؽ‪...‬‬

‫إنني أنزؼ من الداخل‪ ،‬ليس دما‪...‬‬

‫ولكن حزنا وألما على ما فاتني‪،‬‬

‫وما أضعتو بيدي من أحبلـ ومن حياة رسمتها على ورقة رسم صغيرة‪...‬‬

‫ووضعتها على بابي أكتب عليها‪:‬‬

‫"أرغب أف أكوف أنا ىي أنا التي أعتز بها‪،‬‬

‫ال أريدني شخصا آخر غير الذي تمنيتو لنفسي في أحد األياـ"‪.....‬‬

‫وأحلم بأف أصير نجما عاليا في السماء‪...‬‬

‫بعيدا عن أيدي المتطفلين‪....‬‬

‫تحدثني روحي وتخبرني‪" :‬سيغضب الجميع ويتذمر"‪...‬‬

‫أجيبها‪" :‬ومالي وماؿ الجميع‪ ،‬ال أعبأ بغضبهم‪ ...‬بل فليستشيطوا غضبا‬

‫علي‪...‬‬
‫ّ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪136‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫فواهلل ال أبالي بهم وال بحياتهم"‪...‬‬

‫لنرحل يا روحي إلى مكاف آخر‪...‬‬

‫مكاف يحترـ فيو صمتنا‪،‬‬

‫مكاف يقدس عزلتنا وىدوئنا‪....‬‬

‫ويكوف خاليا من جميع البشر‪...‬‬

‫خاليا من ضجيجهم وتطفلهم المزعج‪...‬‬

‫مكاف ال يوجد فيو سوى الحجر‪...‬‬

‫حجر صامت ال يتكلم‪...‬‬

‫ولكنو يشعربكل ما حولو‪...‬‬

‫حجر أملس ناعم نستمد منو قوانا وىيبتنا‪...‬‬

‫يستمع لنا ولكلماتنا الصامتة‪،‬‬

‫كلمات ال نتفوه بها‪..‬‬

‫ولكن تخرج على ىيئة أنفاس متقطعة‪،‬‬

‫ممزقة‪ ....‬حزينة‪،‬‬

‫ويستقبلها بترحاب وشوؽ مع فنجاف قهوة ساخن‪،‬‬

‫يبث داخلنا الدؼء واألماف‪....‬‬

‫ويساعدنا على ترتيب أفكارنا‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪137‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ونرمم الجزء المهجور داخلنا‪...‬‬

‫ونعود كي ننهي ما بدأناه مرة أخرى‪....‬‬

‫كي نغلق كتاب ال يريد أف ينتهي‪،‬‬

‫ويبقى داخلو سر حياتنا ومنبع قوتنا‪....‬‬

‫ويترؾ الجميع فاغر فاه دىشة واستنكارا‪....‬‬

‫يتركهم حائرين‪...‬‬

‫ونرسم نحن ابتسامة نصر على ثغرنا الصغير‪...‬‬

‫فلقد أصبحنا ما نريد‪...‬‬

‫ودوف أف يتوقع اآلخروف‪...‬‬

‫أصبحنا نملك حقنا في حياة غير الحياة‪....‬‬

‫ونتنفس ىواءا غير ىوائهم‪...‬‬

‫فلقد أصبحنا غير ما يتمنوف لنا‪...‬‬

‫وابتعدنا عن حياة ال نرغبها‪،‬‬

‫وال نريد أف نحياىا‪،‬‬

‫ذىبنا لنكمل نهاية غير مكتملة‪...‬‬

‫كنا قد بدأناىا لتونا‪...‬‬

‫وتوقفنا على أعتابها حائرين نتسآؿ‪..‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪138‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أنكمل من حيث بدأنا أف نبقى‪....‬‬

‫أمازلنا نتهرب وال نريد‪....‬‬

‫فأجابتني روحي‪:‬‬

‫ىيا بنا فلنكمل ما بدأنا؛ من حيث ال تريدين؟‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪139‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫داخل بيت الصمت‬

‫واختفيت أنا داخل بيت الصمت الحزين‪....‬‬

‫أطفئ من حولي شموع القيل والقاؿ‪...‬‬

‫وأضىء شموعي أنا‪...‬‬

‫شموع تضيء قلبي وروحي‪،‬‬

‫شموع األمل والحياة‪...‬‬

‫والتي أطفأتها أمطار الشتاء الباردة‪،‬‬

‫نكاية وغدرا‪...‬‬

‫أشعل النار داخلي انتقاما ممن أراد ىدمي‪،‬‬

‫نارا أحرؽ بها من أراد أف يطفيء شمعتي‪...‬‬

‫إنها ال تبقي وال تذر‪....‬‬

‫وال ترحم من أراد النيل منها‪...‬‬

‫وترسل الدؼء لكل من استقى النور وأحياىا‪...‬‬

‫سأبقى امرأة من حجر‪...‬‬

‫حجر ثابت ال يتزحزح من كمانو إال لؤلماـ دائما‪...‬‬

‫امرأة ال تهتم إال بم يبقي نورىا ساطعا‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪141‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كلما مرت على مدينة تشعل األضواء فيها‪،‬‬

‫وترحل تاركة خلفها عبلمات اإلستفهاـ‪...‬‬

‫وأكوف ذات قوة يرتعب منها الخوؼ‪...‬‬

‫وال يستطيع اإلقتراب منها‪ ،‬ال يجرؤ على كسرىا‪..‬‬

‫وال على ذبحها‪...‬‬

‫بل ال يجد عليها سبيبل‪...‬‬

‫ولن يطفيء مطر الشتاء نور قلبها‪....‬‬

‫بل سيبقى نارا تستعر وتشتعل ليبل ونهارا‪...‬‬

‫ىا أنا ذا يا من تأمل في إخماد قوتي‪...‬‬

‫إف كنت تجرؤ على اإلقتراب فتعاؿ‪...‬‬

‫إف كنت تقدر عليها دوف أف تصيبك نارىا‪....‬‬

‫وأنا أشك في ذلك‪....‬‬

‫فأنت لست سوى حاقد على نورىا الوىاج‪....‬‬

‫ىذا النور الذي ال تحتملو قوى الظبلـ داخلك‪....‬‬

‫فيهرب خوفا وارتياعا من عدوى نورىا‪....‬‬

‫ستبقى شموعى مشتعلة دائما‪...‬‬

‫وارسم على ضوء نارىا أحبلما‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪141‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تلك األحبلـ التي رافقتني في صغري حتى كبرت‪...‬‬

‫والزالت تنتظرني وتقف على أبواب قلبي‪...‬‬

‫أحلم داىما باليوـ الذي أصير فيو قمرا عاليا في سماء الدنيا البعيدة‪....‬‬

‫يشتهي الجميع الوصوؿ إليو وال يستطيعوف‪...‬‬

‫وارسم أحبلمي على زىور الكاميليا‪،‬‬

‫فيبعثرىا الهواء حينما تمتزج أحبلمي برائحة زىورىا‪....‬‬

‫ولن أسمح ألحد بقطف زىورىا‪....‬‬

‫تلك الزىور التي غرستها بداخلي‪،‬‬

‫وسقيتها بماء روحي ‪....‬‬

‫فنبتت وترعرعت حتى فاح عبيرىا‪،‬‬

‫وزينت عالمي بربيع ال يرحل وال ينتهي‪...‬‬

‫وأفتح نوافذ األمل داخلي على مصراعيها‪،‬‬

‫فتأتيني الفراشات الصغيرة تتأرجح على أوراؽ زىوري بفرح وسعادة‪...‬‬

‫يأتي علينا الليل كغطاء ناعم يحمينا من برودتو ووحدتو‪...‬‬

‫على ضود القمر أجلس وحدي‪،‬‬

‫مع أوراقي وقلمي أسجل كلمات تشتعل كالنيراف‪....‬‬

‫تتفجر من داخلي‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪142‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تلك النيراف التي أشعلتها داخل قلبي‪،‬‬

‫والتي ال تهدأ إال مع كلماتي المنسابة مع حبر قلمي‪.....‬‬

‫أزين بها أوراقي‪.....‬‬

‫وأضيء بها شموعي‪ ...‬وأخمد بها األصوات الساخرة من حولي‪...‬‬

‫وتكوف كالقناديل المعلقة في سمائي‪....‬‬

‫تشعل النور لكل من سألني إيّاه‪....‬‬

‫تشعل الحب والسعادة لكل من يبحث عنها‪...‬‬

‫ال أريد أف أضيع بين غيوـ الظبلـ‪...‬‬

‫وىذا الباب الذي أغلقو على نفسي‪،‬‬

‫سوؼ أحطمو بكل ما أوتيت من قوة‪،‬‬

‫لن أصيح ‪ ....‬ولن أصرخ باكيو أف فشلت في إستخداـ مفتاحو‪....‬‬

‫لن أبوح ألحد بما في داخلي‪،‬‬

‫ولن أطلع أحد على أسراري‪...‬‬

‫فتلك الخفايا قلبي أحق بها وأولى‪....‬‬

‫أراني أحلم بأف أبقى كما أنا‪....‬‬

‫بعيدا‪...‬‬

‫عن عالم ال يهتم سوى أف يبقى كما ىو‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪143‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تائو في ملكوت عريض‪...‬‬

‫ليس لو أوؿ وال آخر‪...‬‬

‫أعتزؿ عنو بمعزؿ خاص‪...‬‬

‫بيت ال يعرؼ طريقو الناس‪....‬‬

‫ارسم على جدرانو لوحات خاصة‪....‬‬

‫وعلى ضوء شموعو ليبل أبقى وحدي مع روحي‪،‬‬

‫نتجاذب أطراؼ أحاديث طويلة‪،‬‬

‫ونحكي ذكريا مضت‪...‬‬

‫ونجهز حفل استقباؿ يليق باألياـ القادمة‪...‬‬

‫وفي الصباح يتسسل إلينا ضوء النهار يضيء لنا قلوبنا‪...‬‬

‫ويحي ما قد مات داخلها‪...‬‬

‫وتستقي منو الزىور غذائها ورونقها‪،‬‬

‫حتى تترعرع تحت نوره وتزىر‪....‬‬

‫لن أبقى كثيرا داخل بيت الصمت الحزين‪...‬‬

‫فقد أضاء نوره واشتعل داخلو‪...‬‬

‫وأصبحت جدرانو لوحات أحبلمي‪..‬‬

‫وعلى بابو كتبت عليو‪:‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪144‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫"سيبقى النور داخلي يحييني‪....‬‬

‫ينير ما تبقى في عمري ويبقيني‪...‬‬

‫على قيد الحياة دوف أف يفنيني‪"...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪145‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫حكاية جديدة‬

‫في ظبلـ الليل الحالك‪...‬‬

‫وعلى ضوء المصباح الخافت‪،‬‬

‫يقف كبل منا أنا وقلمي أماـ أوراقي نتابع حالتنا اليومية‪...‬‬

‫نفند أوراؽ حياتنا ونعيد لها الترتيب من جديد‪...‬‬

‫كي ال تبقى مبعثرة‪ ....‬وتائهة عن بعضها البعض‪...‬‬

‫ال أحب أف أتركني وأنا بتلك الفوضى العارمة‪...‬‬

‫أرتب أجزائي التي بعثرتها الفترة الماضية‪...‬‬

‫ألملمني بشتى الطرؽ‪...‬‬

‫وأجمعني على ىيئة صفحات‪،‬‬

‫تجتمع كلها فتكوف مفكرة صغيرة‪....‬‬

‫مفكرة مليئة باألحداث‪...‬‬

‫عامرة بما ال يخطر على باؿ أحد‪...‬‬

‫يتسآؿ حولها كل من يقرأىا‪...‬‬

‫وتبقى دائما لغز محير أماـ قارئها‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪146‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ىنالك صفحات في مفكرتي الصغيرة يجب على التخلص منها‪...‬‬

‫ألبدأ من جديد على صفحة بيضاء‪،‬‬

‫وأسطر نهايتها كما أرغب‪...‬‬

‫يجب علينا أحيانا أف نعيد التفكير في بقاء بعض الصفحات في حياتنا‪....‬‬

‫ىناؾ بعض الصفحات التي ال قيمة لها‪...‬‬

‫وىناؾ صفحة سطرت عليها ذكريات‪،‬‬

‫حجرت قلوبنا وأنهكت أرواحنا‪...‬‬

‫ويوجد صفحات أخرى‪،‬‬

‫قد رممت األجزاء المحطمة داخلنا‪...‬‬

‫وضمدت جروحنا العميقة‪...‬‬

‫لست أنا التي تبقي على صفحاتها المملة القديمة‪...‬‬

‫أحب دائما أف تنبض صفحاتي بالحياة‪...‬‬

‫تشعرني بالبهجة حين أعاود قرائتها مرة أخرى‪...‬‬

‫تدخل على قلبي نبض جديد‪...‬‬

‫وعلى روحي ىواء صاؼ أتنفسو‪...‬‬

‫وتجعل اآلخرين غير قادرين على حل لغزىا‪...‬‬

‫وزينت ىامشها أحلى األمنيات‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪147‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وأزيل من داخلها تلك األحبلـ القديمة‪....‬‬

‫والتي لم يعد منها فائدة‪...‬‬

‫أقلب صفحاتي حتى أصل إلى صفحة جديدة بيضاء‪...‬‬

‫خالية ال يوجد بها نقطة حبر واحدة‪...‬‬

‫وأبدأ من جديد‪،‬‬

‫حكاية جديدة لم تبدأ بعد‪...‬‬

‫أسطرىا على أوراؽ جديدة وبقلم جديد‪...‬‬

‫أسطر ذكريات جديدة تنسيني األياـ القديمة‪...‬‬

‫أحرؽ داخلها تلك الذكرى القديمة‪...‬‬

‫وألقى بها في جحيم الماضي البعيد‪...‬‬

‫أنساىا والأعود لها أبدا‪...‬‬

‫لن أفتح لها أبوابي مرة أخرى‪...‬‬

‫وقد أغلقت عليها جميع األبواب والنوافذ‪....‬‬

‫أوصد أبوابي وأحكم إغبلقها بقوة‪،‬‬

‫وأخبىء سلسلة مفاتيحها معي وحدي‪....‬‬

‫ولن أسلمها ألحد‪...‬‬

‫وأبدأ في سرد روايتي الجديدة‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪148‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أحرر فيها أحبلمي األسيرة من قيود الكتماف‪...‬‬

‫أحبلـ تبقى مختفية وبعيدة عن أيدي البشر‪...‬‬

‫بعيدا عن ىؤالء الصغار الذين ال يؤمنوف باإلحبلـ‪...‬‬

‫كفروا بها ويرغبوف أف تكفر بحلمك أيضا‪...‬‬

‫أبتعد عنهم واتركهم كما ىم‪...‬‬

‫كن مؤمنا بروحك وبنفسك وبحلمك‪،‬‬

‫وابتعد عن كل ما يعكر صفوؾ‪...‬‬

‫تنساب روحك داخل الحلم‪...‬‬

‫تمتزج معو‪ ،‬وتتلوف بو‪...‬‬

‫وتبدأ في كتابة روايتك الخاصة‪...‬‬

‫رواية يظل صداىا يتردد داخلك كل يوـ وكل ليلة‪....‬‬

‫تحملك إلى عالم أخر‪،‬‬

‫عالم خاص غير الذي تحياه‪...‬‬

‫إنو عالم راقي‪ ،‬تتجدد فيو الحكايات كل يوـ‪....‬‬

‫وتسرد فيو الكثير من الذكريات‪...‬‬

‫وتجدد لديو مئات اللوحات‪،‬‬

‫لوحات أحبلـ ألناس تركوا عالم ال ينصت لهم‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪149‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وال يفهمهم‪....‬‬

‫قيدىم‪ ،‬وسجنهم داخل صندوؽ الماضي األليم‪...‬‬

‫إال إنهم لم يقبلوا الحياة داخلو ولم يستغيثوىا أبدا‪،‬‬

‫أحرقوا صندوؽ الماضي بما فيو من ذكريات‪،‬‬

‫لم تترؾ لهم سوى سراب ىائم وعجز دائم‪...‬‬

‫وقوة الجذب ناحية الموت‪...‬‬

‫تركوه بما فيو وودعوا ذكرياتو‪...‬‬

‫أشعلوا النيراف فيها وتخلصوا منها إلى األبد‪...‬‬

‫لم يعودوا في حاجة لها‪...‬‬

‫بدأوا في سرد حكاياتهم الخاصة‪...‬‬

‫إنها تلك الرواية الجميلة التى يحملها كل منا داخل روحو‪...‬‬

‫يغب الجميع في سردىا بشوؽ شديد‪...‬‬

‫ولكنها تبقى قيد الكتماف إلى أف تتحرر من صندوؽ الماضي البعيد‪...‬‬

‫اقترب من نفسك‪...‬‬

‫صادؽ روحك‪ ....‬واشعر تجاىها بالحب والثقة‪....‬‬

‫افعل ما تمليو عليك‪ ....‬وابتعد عن كل ما يحطمك‪...‬‬

‫ال تجعلها تتمزؽ حزنا وألما‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪151‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫بل أسعدىا وأدخل عليها السرور والفرح دائما‪....‬‬

‫أجمع اجزائك المحطمة‪،‬‬

‫ورممها جيدا وأغلق عليها حتى ال يعبث بها المتطفلوف مرة أخرى‪...‬‬

‫مزؽ تلك الصفحات القديمة التي تذكرؾ بكل ماىو سيء وحزين‪...‬‬

‫وابدأ من جديد على صفحة بيضاء ناصعة‪،‬‬

‫وتصالح مع روحك‪....‬‬

‫تسامح مع قلبك‪.....‬‬

‫وابدأ حكايتك الجديدة‪......‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪151‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫حيرة‬

‫والروح حائرة ما بين القلب والعقل‪...‬‬

‫تذىب وتجيء بينهما‪...‬‬

‫وال تدري في أي طريق تسير‪...‬‬

‫إلى أين تسيري أيتها الروح التائهة؟‬

‫إلى أين يأخذؾ الطريق؟‬

‫أسير على غير ىدى‪ ،‬إمامي طريق وال أكاد أراه‪....‬‬

‫أعماني الضباب‪ ،‬وأحاطني من كل اتجاه‪...‬‬

‫يكاد يخنق أنفاسي‪...‬‬

‫فبل ىواء داخلي وال حياة‪...‬‬

‫أشعر وكأنني أصبحت في مفترؽ الطرؽ‪،‬‬

‫ال أعرؼ إلى أين أسير؟‬

‫وكيف أكمل طريقي؟‬

‫أصابتني الحيرة‪ ،‬والخوؼ داىمني‪...‬‬

‫والتردد زحف إلى أعماؽ قلبي‪...‬‬

‫وأي شيء‪....‬‬
‫بدأت أشعر بالضعف حياؿ كل شيء ّ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪152‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ىل أنا في في منتصف الطريق أـ لم أبدأ طريقي بعد؟؟‬

‫أـ ماذا؟ لم أعد أعرؼ؟‬

‫ولكني أعرؼ شيئا واحدا‪،‬‬

‫وىو أنني لم أعد أعرؼ ما أريد‪ ...‬وأصبت بمرض النسياف‬

‫لقد حدت عن طريقي‪،‬‬

‫وأضعت خارطتي‪ ،‬لم أعد أرى الوجهة وال عبلماتها‪...‬‬

‫أجلس على قارعة الطريق‪....‬‬

‫أطالع وجوه الناس ويطالعوف وجهي‪....‬‬

‫حفظت وجوىهم وىم أيضا حفظوا مبلمح وجهي‪...‬‬

‫ىناؾ الكثير من الضجيج داخل عقلي‪ ،‬يؤلمني‪....‬‬

‫يكاد يجعلني أرغب في تهشيم رأسي إلى مائة قطعة صغيرة‪...‬‬

‫كي أتخلص من ىذا الضجيج المزعج‪...‬‬

‫لم أعد أنا كما كنت‪...‬‬

‫أصبحت شخصا آخر‪،‬‬

‫يرتدي قناع الكذب على نفسو‪...‬‬

‫جعلت نفسي في حالة يرثى لها‪...‬‬

‫مسكينة أيتها النفس‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪153‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫لقد شقيتي بهذا القناع الكاذب المنافق‪...‬‬

‫الروح ينتابها األلم الشديد‪...‬‬

‫إنها منهكة‪ .....‬متعبة من كل شيء حولها‪....‬‬

‫اذىب وحدي إلى طريق ببل معالم‪....‬‬

‫ببل وجهة ‪ ...‬ببل خارطة‪...‬‬

‫وحدي ىناؾ أسجل أفكاري على ورقة بالية‪،‬‬

‫كي ال أضيع تائهة في بحر الحياة العريض‪...‬‬

‫إنو ذلك البحر المميت‪...‬‬

‫الذي ما إف تبحر فيو حتى تجد روحك غريقة داخلو‪...‬‬

‫تحتاج إلى من يشدىا إلى الخارج‪....‬‬

‫تناشدؾ أف تنقذىا من الغرؽ‪...‬‬

‫إنها روحك‪،‬‬

‫ترغب بالحياة خارج تلك الحياة‪...‬‬

‫تسبح ضد تيارىا‪...‬إنها على وشك الغرؽ‪،‬‬

‫ستذىب ضحية ألخطائك المتكررة‪،‬‬

‫ولن تجد من يرشدؾ إلى الطريق المنشود‪...‬‬

‫ستصبح حينها غريبا‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪154‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ببل روح‪ ،‬ببل حياة‪....‬‬

‫ال تعرؼ ماذا تريد؟ وال ترغب بشيء‪،‬‬

‫تشعر وكأنك أصبحت كالجماد‪.....‬‬

‫موضوع على إحدى األرفف البعيدة‪،‬‬

‫تشاىد من بعيد‪....‬‬

‫يتحدثوف عنك‪ ،‬ويشيروف إليك بسبابتهم‪،‬‬

‫يقولوف لم نعد في حاجة إليو‪،‬‬

‫لقد صار ببل فائدة‪...‬‬

‫ترادوىم فكرة التخلص منك في كل مرة‪...‬‬

‫حتى يقرروا بالفعل نهايتك‪،‬‬

‫تمتد أيديهم إليك‪،‬‬

‫يحملونك ثم يلقوف بك إلى أبعد مكاف قدر المستطاع‪....‬‬

‫تخلصا منك فتسقط مهشما إلى قطع صغيرة‪....‬‬

‫مدمرا عن آخرؾ‪،‬‬

‫وتأتيك الرياح وتنثر أجزائك المحطمة‪....‬‬

‫وتبعثرىا بعيدا‪،‬‬

‫ولن تجد من يلملم بقاياؾ الضائعة‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪155‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫فلقد دمرت روحك‪،‬‬

‫وىشمت إلى قطع صغيرة‪...‬‬

‫وتاىت بقاياىا مع ذرات الرياح‪...‬‬

‫فتصبح وحيدا‪ ،‬غريبا عن نفسك‪...‬‬

‫ال يعلم أحد بما يدور في داخلك‪ ،‬ال يشعروف بك‪....‬‬

‫يطرقوف عليك وكأنك مسمار من حديد‪،‬‬

‫كي يجبروؾ على البقاء كما أنت‪...‬‬

‫كي يضعوا عليك ختم رضاىم‪ ،‬تهشمك مطرقتهم بقوة‪...‬‬

‫تدرؾ أنك لم تكن سوى زجاج ضعيف رقيق‪،‬‬

‫يرسموف عليك أحبلمهم وآمالهم ىم‪...‬‬

‫دوف اإلىتماـ بما تريده أنت‪...‬‬

‫ال يقدروف رغباتك‪ ،‬وال يشعروف بروحك‪...‬‬

‫فأنت ال شيء بالنسبة لهم على األطبلؽ‪...‬‬

‫إنهم يروف سعادتهم ىم‪...‬‬

‫يملوف عليك أوامرىم كي تنفذىا بحذافيرىا‪...‬‬

‫ويحملونك النتائج وحدؾ‪...‬‬

‫تجد نفسك في منتصف الطريق حائرا بينهم وبين نفسك‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪156‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ال تدري أي طريق تتبع‪ ،‬وال أي وجهة تأخذ‪...‬‬

‫تصيبك الحيرة والدىشة من موقفك الغريب‪،‬‬

‫تشعر بأنك فاقد كل شيء‪،‬‬

‫فاقد لنفسك‪ ،‬لحلمك‪...‬‬

‫تيهك يجعلك في حالة سيئة‪،‬‬

‫تجبرؾ على الركوع أماـ أسوأ اإلختيارات‪...‬‬

‫تجبرؾ على اإلستسبلـ‪،‬‬

‫إنو أسوأ شعور قد يواتيك لحظة مرورؾ بمنتصف الطريق الذي تنوي اتباعو‪...‬‬

‫إنو من أبشع اللحظات التي قد يفكر بها العقل‪،‬‬

‫ويرغب القلب في اتباعها‪،‬‬

‫وتقاومها الروح بقوة‪ ،‬ويصبح داخلك صراع‪....‬‬

‫صراع مخيف‪ ،‬قاتل يستنزؽ طاقتك وروحك وقوتك‬

‫صراع مع اإلستسبلـ المر‬

‫صراع مع التيو‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪157‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ألجل بقائك‬

‫ومازلت أحلم بشيء ليس لي‪...‬‬

‫ومازاؿ الحلم يراودني في صحوتي ومنامي‪.....‬‬

‫أحلم بأشياء كثيرة‪...‬‬

‫أكسر بها قواعد الحياة ومللها‪...‬‬

‫ومازلت أحلم‪،‬‬

‫رغما عن الحياة‪ ...‬رغما عن نفسي ‪ ....‬ورغما عن الجميع ‪.....‬‬

‫سيظل الحلم كالسيل‪...‬‬

‫سيبل يغرقني وال يقتلني‪....‬‬

‫يبدأ كالمطر المتساقط في ليلة باردة فيدفئها‪...‬‬

‫ويزداد ويزداد حتى يمؤل الكوف من حولي‪...‬‬

‫تسمع صوتو وكأنو لحن قديم تشتاؽ إليو‪...‬‬

‫إنو يتناغم مع دقات قلبك ‪...‬‬

‫وكأنو ىوائك الخاص الذي تتنفسو‪...‬‬

‫إنو غذاء روحك‪ ،‬وحياتك الحاضرة والقادمة‪....‬‬

‫إنو ماضيك الذي ال يمكنك أف تنساه‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪158‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫إنو أنت‪...‬‬

‫ىذا الصوت الذي يتردد صداه داخلك‪...‬‬

‫كصوت الرعد ساعة العاصفة‪...‬‬

‫يمر أماـ عينك كالبرؽ‪،‬‬

‫فترغب بقوة في اتباع إشارتو‪....‬‬

‫يجعلك تتشجع في إتخاذ األولى‬

‫يترؾ لك عبلمات وإشارات خاصة بك ال يشعر بها سوى قلبك أنت‪...‬‬

‫وال يفهمها غيرؾ‪...‬‬

‫صدى صوتو يتردد داخل عقلك بقوة‪....‬‬

‫يجافيك النوـ كل يوـ وكل ليلة‪....‬‬

‫يجعل لديك عرقا نابضا بالحياة‪،‬‬

‫حياة أخرى ال يراىا وال يحياىا سواؾ‪...‬‬

‫إنو شمسك التي تطل عليك بنورىا كل صباح‪،‬‬

‫وقمرؾ الساطع ليبل‪،‬‬

‫الذي تبثو شكواؾ وتأتمنو على سرؾ‪...‬‬

‫إنو نجمك العالي الذي ال يمكن ألحد أف يلمسو ‪.....‬‬

‫حلمك ىو مبلكك الحارس‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪159‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫يحميك من كل شيء‪...‬‬

‫يرسل عليك ىالة بيضاء تلتف حولك‪،‬‬

‫نوره يخترؽ قلبك وعقلك‪ ،‬فبل ترى شيء سواه‪....‬‬

‫فهو ترياؽ عقلك الذي يتلقى األفكار السامة من حولو في كل لحظة‪...‬‬

‫فيجعل لديو القدرة على مجابهة تلك السموـ الفكرية التي يتعرض لها‪...‬‬

‫يمكنو من خوض المعركة الكبرى‪...‬‬

‫معركة أكوف أو ال أكوف‪...‬‬

‫وأصبحت المسألة لديك حياة أو موت‪....‬‬

‫إما إف تحيا سليم العقل والروح والقلب‪،‬‬

‫وإما أف تموت تحت أقدامهم كالبقية‪....‬‬

‫إما أف تستسلم وتترؾ حلمك يتبلشى‪،‬‬

‫وإما أف تحارب ألجلو‪....‬‬

‫إنها حرب قائمة ألجل بقائك حيا وسط الحياة‪...‬‬

‫إنها معركة قائمة ال تنتهي‪......‬‬

‫لن يحظى بنصرىا سواؾ‪.....‬‬

‫إيّاؾ واإلنهزاـ فيها‪،‬‬

‫إنها معركة ألجل البقاء حرا‪ ،‬حيا‪.....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪161‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ىو صراع يحتاج إلى نفس طويل‪ ،‬وصبر شديد‪....‬‬

‫كي تحظى بنتيجة تعبك‪....‬‬

‫كي تحصد ثمار جنتك‪....‬‬

‫يتطلع إليها الجميع في تساؤؿ وذىوؿ‪ ،‬كيف صارت؟!!‪...‬‬

‫ومتي نضجت؟؟؟؟‬

‫تلك ىي الغاية الكبرى‪...‬‬

‫اجمع شتات أمرؾ‪ ،‬ابحث داخلك عما تريد‪...‬‬

‫اكتبو على ورقة كي تراه صباح ومساء‪....‬‬

‫فبل يغيب عنك أبدا‪...‬‬

‫أبدأ الدخوؿ في المعركة الكبرى‪....‬‬

‫واستعد لها جيدا بكل ما لديك من قوة‪....‬‬

‫ال تدع الفرص تهرب من بين يديك‪...‬‬

‫أو أصنع لنفسك فرصة تجدىا جاثية أمامك‪،‬‬

‫طوع أمرؾ‪...‬‬

‫ابني عالمك الخاص‪...‬‬

‫بعيدا عن كل ىؤالء الفاسدين‪....‬‬

‫خارج نطاؽ حدودىم‪ ،‬وبعيدا عن تفاىاتهم‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪161‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كن فريدا‪ ،‬مثيرا للحيرة والدىشة‪...‬‬

‫مختلفا بأفكارؾ وحياتك‪...‬‬

‫مختلف حتى في الحلم الذي ترغب بو عن بقية الناجحين‪...‬‬

‫اقترب من حلمك كل لحظة‪...‬‬

‫ألقي عليو ولو نظرة‪...‬‬

‫أرويو بروحك وتعبك وإيمانك‪....‬‬

‫أو اجعلو منيرا كالقمر في ليلة التماـ‪،‬‬

‫ينير لك دربك‪ ،‬ويستقي منو االخروف الهدى‪....‬‬

‫ال تبق بعيدا عنو فيهجرؾ ويبتعد عنك مبلكك الحارس‪...‬‬

‫فتخسر معركتك الكبرى‪.....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪162‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫مدينة مهجورة‬

‫أسافر داخلي‪...‬‬

‫حيث توجد مدينة أخرى مهجورة‪...‬‬

‫أذىب إليها‪ ،‬وأعبر طرقها وحدي‪...‬‬

‫أختلي بروحي على شاطئها كلما أردت اإلبتعاد عمن حولي‪....‬‬

‫ىناؾ على تلك الصخرة البعيدة أجلس‪ ،‬أتطلع إلى الشاطئ‪....‬‬

‫أشاىد أمواجو وىي تتكسر على صخوره‪...‬‬

‫أرى قاربي يرسو في مينائو الصغير‪....‬‬

‫أبحر فيو وأذىب في نزىة قصيرة ىادئة‪...‬‬

‫ثم أعود‪،‬‬

‫أعود ألبقى وحدي على شاطىء مدينتي المهجورة‪...‬‬

‫أمشي في طرقاتها أتأمل الفراغ من حولي‪...‬‬

‫بيوتها فارغة‪...‬‬

‫صامتة ال يوجد داخلها أحد‪،‬‬

‫ال تسمع سوى صوت واحد‪....‬‬

‫صوت السكوف‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪163‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫يتخلل المدينة بهدوء وأماف‪...‬‬

‫ال يجد ما يقف في طريقو‪،‬‬

‫وال يجد ما يمنعو من اإلستمرار في مؤل الفراغ‪..‬‬

‫إنو يتسع وينتشر ويبسط سيطرتو في الحاؿ‪....‬‬

‫تساقط في أوؿ أياـ الخريف‪....‬‬


‫أرى أوراؽ الشجر ّ‬
‫كانت زاىية ومورقة قبل أف تبهت ويذىب عنها لونها البراؽ‪...‬‬

‫إنها تمؤل أرض المدينة‪،‬‬

‫تسقط بكثرة وبسرعة‪...‬‬

‫تزداد الرياح قوة في بداية المساء‪،‬‬

‫ويعم الجو برودة غريبة تسري في جميع أنحاء جسدي‪...‬‬

‫أذىب إلى أرجوحتي وأجلس عليها وأنا أفكر وأتأمل‪...‬‬

‫إنني أبدو كاألشجار في الخريف‪....‬‬

‫تتساقط أوراقي الذابلة بكثرة‪،‬‬

‫وال تجد لديها القدرة على التماسك واإلستمرار في البقاء على الفروع‪.....‬‬

‫أرغب في نسياف كل شيء ‪....‬‬

‫أريد العودة ألبدأ من جديد‪...‬‬

‫علي أبواب مدينتي‪،‬‬


‫أغلق ّ‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪164‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تشتد الرياح قوة‪ ،‬وتنذر بقدوـ عاصفة قريبة‪...‬‬

‫يهيج البحر غاضبا ويرسل أمواجو على الشاطىء‪...‬‬

‫تتآكل مدينتي شيئا فشيئا‪...‬‬

‫يرغب البحر في ابتبلع كل شيء أمامو‪...‬‬

‫شاطئي الرملي‪ ،‬الطرقات‪ ،‬الحدائق‪....‬‬

‫كل شيء‪...‬‬

‫حتى ىذا السكوف سينتهي‪...‬‬

‫أوراؽ الخريف ستطفو على سطح البحر‪...‬‬

‫طوفاف شديد يهاجمني من الداخل‪...‬‬

‫يغرؽ كل شيء أمامو‪...‬‬

‫يحطم اإلشجار‪ ،‬يغرؽ البيوت‪...‬‬

‫حتى أنا‪ ،‬انطلقت ورائي األمواج‪،‬‬

‫تمسكني من قدمي بقوة‪ ،‬تشدني إلى الداخل‪...‬‬

‫أتطلع إلى مدينتي الغريقة بنظرة وداع أخيرة‪...‬‬

‫أترؾ الطوفاف يبتلع كل شيء أمامو‪..‬‬

‫حتى أنا‪...‬‬

‫ال أقاوـ‪ ،‬وال أتحرؾ قيد أنملة‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪165‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أرفع يداي وأغمض عيناي ببطء‪،‬‬

‫أحس بالماء يرتفع حتى يصل إلى عنقي‪...‬‬

‫أترؾ الماء يغمرني‪ ،‬ويأخذني إلى أعماقو‪...‬‬

‫أدع روحي تنجرؼ مع التيار وتتوحد معو‪،‬‬

‫حتى تصير ىي التيار نفسو‪ ،‬فبل تخشاه مرة أخرى‪....‬‬

‫أصبح داخلي طوفاف غاضب من كل شيء‪....‬‬

‫طوفاف ال تهدأ أمواجو العاتية‪....‬‬

‫يجرؼ معو كل شيء وكل ما يقابلو في الطريق‪...‬‬

‫ال يدع شيئا إال ويبتلعو‪...‬‬

‫ال أريد أف أصبح كالماء الراكد في البحيرة المغلقة‪،‬‬

‫ال تجد لها مصبا ترغب في الوصوؿ إليو وال منبعا يغذيها ويشد من أزرىا‪...‬‬

‫ال أريد سوى أف أكوف بحرا‪،‬‬

‫بحرا ال يعرؼ لو نهاية‪،‬‬

‫يحبو الجميع ويخشوف موجو في الوقت ذاتو‪...‬‬

‫يبحروف داخلو وال يتوصلوف لشيء‪...‬‬

‫تظل دائما غامضا‪...‬‬

‫يسافر داخلك الناس وال يعرفوف نهايتك‪.....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪166‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أو كن كالمدينة المهجورة‪،‬‬

‫يسافر إليها الناس يرغبوف في استكشافها‪...‬‬

‫وتظل روحك الساكنة داخلها مصدر خوؼ لهم‪...‬‬

‫لكل من يحاوؿ اإلقتراب منها منها بالسوء‪...‬‬

‫ال يعرفوف تحركاتها وال يسمعوف سوى ىمساتها المخفية‪...‬‬

‫فبل يستطيعوف الخبلص من شبحك‪...‬‬

‫فبل يقتربوف منك أبدا‪...‬‬

‫بل كن ماتريد في وجو ماال تريد‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪167‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫حياة واحدة‬

‫أنا لست سوى كلمات‪...‬‬

‫كلمات على ورؽ‪...‬‬

‫أكتبها بيدي ويمليها على صمتي‪...‬‬

‫أغلق عيني بألم شديد‪...‬‬

‫أكتب أوجاعي على ورؽ‪...‬‬

‫أبكي وأفرح على ورؽ‪....‬‬

‫وأفكر على ورؽ‪...‬‬

‫حتى شعرت بأنني أصبحت مجرد كلمات على ورؽ‪...‬‬

‫وكأف الحياة تخلو أمامي من جميع األشياء‪...‬‬

‫إنها تبقى دائما فارغة باىتة في عيناي‪...‬‬

‫ال يضيء ظبلمها الدامس سوى بسمة أمل‪،‬‬

‫أو شرارة حلم ترغب فى نشر الضوء من حولي‪...‬‬

‫تمر بنا األياـ كل يوـ‪...‬‬

‫إنها األحداث نفسها والمواقف عينها‪...‬‬

‫ال شيء جديد‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪168‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫يجافينا النوـ أحيانا خوفا من الغرؽ في غيبوبة ال ندري منتهاىا‪...‬‬

‫وأحيانا أخرى نهرب إليو خوفا من الحياة نفسها‪...‬‬

‫نسعى دائما ألف نبقى على قيد حياة نعلم أنها زائلة‪...‬‬

‫ولكننا نخفي األمر عن أنفسنا ونتناساه‪،‬‬

‫أمبل في أف نحظى ببعض الراحة والهدوء‪...‬‬

‫الجميع من حولي أراىم يدوروف في حلقة مستمرة‪،‬‬

‫ال تدري بدايتها من نهايتها‪...‬‬

‫أصابهم التعب والنصب‪،‬‬

‫وىا أنا أوشك أف أصبح مثلهم‪...‬‬

‫تركت نفسي لدائرة مجهولة تدور وتدور دوف أف تتوقف‪...‬‬

‫أنها كالمفرمة تأخذنا على حين غرة من ودوف أف نشعر‪...‬‬

‫تعتصر أجسادنا وأرواحنا داخلها‪،‬‬

‫فتجعلنا ممزقين إلى قطع صغيرة‪...‬‬

‫إنها لم ترحم كل من اقترب منها‪...‬‬

‫تتصيد أناس بأعينهم‪....‬‬

‫تجذبهم إلى طريق مليء بالشوؾ والحصى‪...‬‬

‫أجد نفسي دائرة معهم في نفس الحلقة المستمرة ببل نهاية‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪169‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أرغب في الهرب منها‪..‬‬

‫أنهكتني بشدة أنها تعتصرني بقوة‪..‬‬

‫تمتص روحي فتكاد تخرج عنوة من بين أضلعي‪....‬‬

‫كم أرغب في فصل إحدى حلقاتها عن بعضها البعض‪...‬‬

‫كي أتمكن من الخروج ‪....‬‬

‫أريد أف أبقى خارج تلك الدوامة الطاحنة‪...‬‬

‫إنها تطحن أرواحنا داخلها‪...‬‬

‫ولكن الخروج منها سيكلفنا الكثير من الوقت‪،‬‬

‫إننا في حاجة ألف تلتئم الجروح التي خلفها التعب‪...‬‬

‫في حاجة ألف نلتقط أنفاسنا‪....‬‬

‫ونسترد ما تبقى لنا من قوة‪...‬‬

‫نريد أف نعيد ترتيب أفكارنا وثوابتنا مرة أخرى‪...‬‬

‫نعيد بناء أنفسنا واىتماماتنا بشكل أفضل من ذي قبل‪...‬‬

‫حتى أحبلمنا أيضا يجب أف يكوف لها نصيب من التجديد والتغيير‪...‬‬

‫تلك البداية ستمكنني من كسر حواجز كثيرة‪....‬‬

‫حواجز تتراكم أمامي على الطريق‪،‬‬

‫ولم أستطع عبورىا من قبل‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪171‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ولكن على األقل يمكنني تحطيم تلك الموانع المستقرة في حياتي‪،‬‬

‫بكل قوة‪ ،‬وبكل ىدوء‪...‬‬

‫أو حتى أتمكن من حرقها‪...‬‬

‫فتصبح رمادا أسودا تذروه الرياح‪...‬‬

‫فبل يرى منو شيء‪ ،‬وال يبقى بعده شيء‪....‬‬

‫إنها حياة واحدة‪...‬‬

‫وطريق واحد‪،‬‬

‫فإما أف تغتنم لحظاتك وتسيطر على مجريات األمور‪...‬‬

‫وإما فلتصبح كالطاحونة التي تلتف حوؿ نفسها بشكل آلي‪،‬‬

‫فتصدر أصواتا مزعجة وال يهتم أحد بما أصابها من تعب أوعطب داخلها‪...‬‬

‫ستظل الحواجز تظهر الواحدة تلو األخرى‪،‬‬

‫وكأنها ترفض تركنا وشأننا‪...‬‬

‫إنها ال تريد لنا الوصوؿ‪...‬‬

‫ال يبقى لك سوى أف تتضرع هلل وحده‪...‬‬

‫كي يمنحك القوة لتتخلص منها‪...‬‬

‫كي تبقى ثابتا أكثر أماـ العاصفة القادمة‪....‬‬

‫فتستطيع الوصوؿ لغايتك قبل أف يداىمك الوقت‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪171‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫احذر أف يداىمك وأنت ال تشعر ‪...‬‬

‫ملهي عنو‪...‬‬
‫إيّاؾ أف تتركو يتملص منك وأنت ّ‬
‫ستدرؾ أنك أضعت فرص كثيرة أمامك بعد فوات األواف‪...‬‬

‫سترى نفسك ببل أى شيء‪...‬‬

‫فارغ تماما كالحياة التي تحياىا‪ ،‬ويحياىا غيرؾ‪...‬‬

‫ستبدأ عمليات التضليل بعيدا عن خط السير المراد‪....‬‬

‫ستلهو كثيرا بعيدا عما تريد‪،‬‬

‫وبعيدا عن حلمك‪...‬‬

‫بعيدا عن حياتك التي ترغب بها أنت‪...‬‬

‫وىذا ما شعرت بو أنا‪....‬‬

‫ألهو كثيرا وأبتعد عما أريد‪....‬‬

‫تضيع الكثير من الفرص‪...‬‬

‫ويضيع معها الحلم‪،‬‬

‫فتذىب معو الروح‪...‬‬

‫لذلك أبقي دائما أرواقي قريبة مني‪،‬‬

‫كي أذكر نفسي‪ ،‬أحاسبها‪....‬‬

‫أخرجها من ىذا المأزؽ اللعين‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪172‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كي تكسر ذلك الحاجز الذي يسد طريقها على مرمى البصر‪....‬‬

‫إنها حياة واحدة‪،‬‬

‫لن تتكرر ولن تعود‪....‬‬

‫فاغتنم أيامك قبل فوات األواف‪....‬‬

‫وقبل الندـ‪.....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪173‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ومتي ستشرؽ أنت؟؟‬

‫إلى متى؟!!‬

‫إلى متى سنبقى واقفين في ساحة اإلنتظار؟!!‬

‫ماذا تنظر حتى تبدأ ما تريد فعلو؟؟‬

‫سيسبقك اآلخروف‪ ،‬وستندـ على مافاتك‪...‬‬

‫ماذا تنتظر؟؟‬

‫مالذي يبقيك كما أنت في مكانك؟‬

‫ال تريد أف تتحرؾ لؤلماـ ولو لقيد أنملة‪...‬‬

‫ماذا لديك كي تقدمو لنفسك‪ ،‬وللعالم‪....‬‬

‫إلديك اختراع او انتاج جديد‪...‬‬

‫ماذا لديك؟‬

‫ىل جاءؾ اليوـ الذي تواترت فيو أفكار كثيرة على عقلك‪،‬‬

‫وال تدري أيّا منها ستختار‪....‬‬

‫ىل شعرت يوما بأف ىناؾ رغبة ما في إدىاش كل من حولك‪.....‬‬

‫ىل راودؾ حلمك عن نفسك لدرجة تقودؾ إلى الجنوف‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪174‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وكأنك تراه رأي العين وقد تحقق واكتمل‪....‬‬

‫أـ أنك وصلت في ممنتصف الطريق‪،‬‬

‫وىنا تسلل الملل إلى روحك التدري‪:‬‬

‫أتكمل الطريق أـ تعود من حيث أتيت أـ تبقى كما أنت؟!!!‬

‫حسنا أؤكد لك أف ىذا ىو اإلختيار األصعب‪....‬‬

‫إنو أسوأ خيار توضع أمامو ويصاحبو أسوأ شعور على اإلطبلؽ‪...‬‬

‫بعدما وجدت نفسك وقد قطعت نصف المسافة الطويلة‪،‬‬

‫يباغتك الملل والتعب‪....‬‬

‫وتغادرؾ السعادة التي كنت تشعر بها أثناء الطريق‪...‬‬

‫الجميع تأتي عليو لحظات صعبة من الملل والتعب‪،‬‬

‫تأتينا تلك اللحظات فتراودنا عن أنفسنا‪،‬‬

‫كي نستسلم وندع الراية تسقط‪....‬‬

‫في تلك اللحظات‪ ،‬ارفع يديك وتضرع إلى اهلل أف يرزقك القوة والصبر‪....‬‬

‫ادعوه أف يرزقك حب ما تفعل‪،‬‬

‫ال ألجل أحد وال ألجل نفسك فقط‪....‬‬

‫بل ألجلو ىو في المقاـ األوؿ‪...‬‬

‫اخلص جميع أعمالك هلل‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪175‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫فيرزقك حبها وحب فعلها وجميل ثوابها‪...‬‬

‫اخلص العمل لوجو اهلل وحده‪،‬‬

‫فأنت في حاجة إلى ماينقذؾ من شر نفسك وشيطانها‪،‬‬

‫ذلك الشيطاف الخفي الذي يوسوس إليك دائما باإلستسبلـ‪.....‬‬

‫ال تقبل بحياة أخرى رتيبة لم تكن تتمناىا لنفسك يوما‪....‬‬

‫وال تقبل بحياة اليوجد فيها أي معنى لوجودؾ وال لروحك‪...‬‬

‫حتى ال تدع نفسك سائرا كالنائم الذي لم يعد يرى إلى أين يسير‪...‬‬

‫ويتحسس خطاه بحذر شديد ويسقط في حفرة سحيقة في نهاية المطاؼ‪....‬‬

‫لكن افتح عينيك جيدا‪....‬‬

‫وأبصر طريقك الذي ترغب بالسير فيو‪....‬‬

‫إنو طريقك وحدؾ الذي اخترتو لتبدأ حياة أخرى ‪.....‬‬

‫حياة تشعر فيها بطعم الحياة ‪....‬‬

‫حياة تشرؽ فيها شمسك بنور جديد‪...‬‬

‫نور ينبثق من بين عينيك‪....‬‬

‫ويثير الدؼء على من حولو‪...‬‬

‫يموت ببطء ذلك الذي ليس لديو القدرة على أف يحلم‪،‬‬

‫وال القدرة على أف يختار طريقا خاصا بو‪.....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪176‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫إنها حياتنا وكل شيء فيها جا ٍر باختيارنا‪......‬‬

‫وتبقى دائما لدينا حرية االختيار‪،‬‬

‫ومادامت موجودة‪ ،‬توجد الروح وتوجد الحياة‪....‬‬

‫ويوجد الحلم الذي يداعب قلوبنا برفق‪...‬‬

‫فالحياة إما أف تكوف مغامرة جريئة أو ال شيء‪...‬‬

‫ليكن عقلك صافيا‪ ،‬وقلبك مليء بالنور‪....‬‬

‫تهم باتباعو‪،‬‬
‫يضيء لك طريقا ّ‬
‫أو لتكمل ما تبقى من رحلتك‪...‬‬

‫إيّاؾ وأف تترؾ أذنك لكلمات الناس‪....‬‬

‫ال تدع أحد يخبرؾ بأنك لن تستطيع فعل شيء مما تبغي‪...‬‬

‫فهم عندما يفشلوف في تحقيق ما يريدوف يستسلموف بسرعة‪،‬‬

‫ثم يأتوف إليك على عجلة من أمرىم‪،‬‬

‫كي تترؾ الساحة أنت أيضا‪...‬‬

‫وتترؾ رايتك تسقط في الوحل‪،‬‬

‫وينطفيء نورؾ‪ ،‬وتغيب شمسك التي كادت أف تشرؽ‪...‬‬

‫أيقظ داخلك الحياة من جديد‬

‫وسل نفسك دائما‪ :‬ماذا أفعل كي أبقى في المقدمة؟؟‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪177‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وماذا فعلت كي أصل إليها؟‬

‫اجعل من نفسك شمسا تشرؽ كل صباح على الدنيا‪...‬‬

‫ومثاال يراه اآلخروف‪ ،‬وشمسهم المضيئة دائما‪...‬‬

‫ال تكوف ظبل ألحد وال تابعا ألحد‪،‬‬

‫كن نفسك‪ ،‬كن حرا في اختيار احبلمك‪...‬‬

‫ال تكن نسخة مكررة من ىؤالء البشر فتصبح مثلهم‪،‬‬

‫كالسائرين نياما‪....‬‬

‫فليكن لك ضوءاً براقاً‪...‬‬

‫يخترؽ القلوب واألرواح‪...‬‬

‫كن شمسا بعيدة المناؿ عن أيدي الحمقى وسارقي األحبلـ‪...‬‬

‫تحرقهم بنيراف عزمك وثباتك‪،‬‬

‫المهم آال تقف في منتصف الطريق متفرجاً‪...‬‬

‫أف تكمل ما بدأتو وال تتوانى لحظة عن تصميمك‪...‬‬

‫وسل نفسك دائما‪ :‬متى ستشرؽ شمسك؟‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪178‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كلمات لم تكتب بعد‬

‫وطوى الزماف صفحتي في كتاب لم أقرأه بعد‪...‬‬

‫صفحات فارغة‪ ،‬بيضاء لم تلوث بالحبر بعد‪....‬‬

‫لم تكتب فيو كلمة واحدة‪،‬‬

‫ولم أذرؼ عليو دموعي‪....‬‬

‫أنظم سطوره‪ ،‬وأحدد ىوامشو‪....‬‬

‫وبجانبي قهوتي الدافئة‪ ،‬تبث داخلي الحرارة‪،‬‬

‫وتمنحني الهدوء المنشود‪...‬‬

‫ذلك الكتاب المغلق الذي طواه زماني‪...‬‬

‫أقدمو على فتحو وأسطر فيو كلمات ولم تقرأ بعد‪.....‬‬

‫أضع داخلو مجموعو صور‪،‬‬

‫ذكريات متحركة‪ ،‬أرى فيو خطواتي واسترجع أيامى الماضية‪...‬‬

‫وأسجل فيو الذكريات القادمة لم تحدث‪....‬‬

‫أىرب بها بعيدا عن ىذا العالم‪....‬‬

‫أغلق علينا الباب‪...‬‬

‫أنا وذكرياتي فقط‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪179‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كل لحظة تمر تبقى ذكرى داخلنا‪...‬‬

‫تتحرؾ وكأنها ال زالت تحدث في الحاضر‪...‬‬

‫وكأنها نافذة نطل منها على ماضينا الفائت الذي ال نرغب بهجرانو وال‬

‫نسيانو‪...‬‬

‫ىناؾ ما يسعدنا فيها‪...‬‬

‫وىناؾ ما يجعلنا نغلقها كي ال نتذكرىا مرة أخرى‪...‬‬

‫ذكرياتنا ىي كتب فارغة داخلنا من السطور ومن الكلمات‪...‬‬

‫ال ترى داخلها سوى مجموعة الصور‪...‬‬

‫تلقى نظرة عليها وتتباطأ في قلب الصفحة‪،‬‬

‫حتى تتحرؾ داخلك من جديد وكأنها أوؿ مرة تحدث‪...‬‬

‫وكأنك تشعر بنفس المشاعر القديمة ألوؿ مرة‪...‬‬

‫يتجدد معها كل شيء‪...‬‬

‫المشاعر واألحبلـ واألوقات واألشخاص‪...‬‬

‫أحيانا يواتيك شعورا بأف تبيد كل الطرؽ الؤدية إلى ذكرياتك القديمة‪...‬‬

‫وتبدأ بوضع الجديد منها عندما ترغب‪...‬‬

‫وتنظمها وترتبها وتنتقي منها ما شئت‪...‬‬

‫ىا أنت تغلق كتاب الذكريات وتضعو على الرؼ القديم‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪181‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫بجانب بعض الكتب القديمة أو وحده لن تفرؽ كثيرا‪...‬‬

‫تبعده عنك لبعض الوقت‪...‬‬

‫حتى إذا ما شعرت بالحنين من جديد‪،‬‬

‫عدت إليو مرة أخرى‪...‬‬

‫كي تتذكر وتعيش الحدث نفسو من جديد‪...‬‬

‫لماذا نشعر دائما بالحنين إلى الذكريات القديمة؟‬

‫لماذا نعود ونتذكرىا مرة أخرى وثالثة ورابعة؟‬

‫لماذا تسمى ونحن نعيش داخلها كل يوـ؟‬

‫أىو الحنين مرة أخرى؟‬

‫أـ الرغبة في أال نبتعد عن حياتنا القديمة؟‬

‫ال أعلم؟ وال أجد جوابا شافيا؟‬

‫لماذا إذف نعتقل أرواحنا داخل كتب مغلقة تحيط بها خيوط العنكبوت على‬

‫أرفف مهجورة‪...‬‬

‫تأتينا ليبل على ضوء شموعنا الفاتر‪...‬‬

‫وتنتقل من حدث إلى حدث وتتواتر علينا ببطء فتترؾ األثر القديم ذاتو‪...‬‬

‫تفتح األبواب القديمة‪ ،‬وتبدأ في سحبنا إليها‪...‬‬

‫إنها تبدأ كاألشباح البيضاء التي تأتيك وأنت جالس وحدؾ في الظبلـ الحالك‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪181‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تخترؽ عليك عزلتك ببل إذف وببل مقدمات‪...‬‬

‫تناديك باستمرار وتتجاىلها دوما‪...‬‬

‫حتى تستسلم وتذعن لها وتسلم لها روحك‪ ،‬فتسحبك داخلها‪...‬‬

‫وتغلق ورائك الباب كي ال تعود وتخرج من ىناؾ فتظل أسيرا للذكريات‬

‫القديمة‪...‬‬

‫أما أنا فقد أصبحت أسيرة ذكريات لم تأت بعد‪...‬‬

‫أضع صورىا كما أريد أنا وكما أرغب أف تصبح‪...‬‬

‫كلماتها لم تكتب بعد على الورؽ ولكنها أصبحت صورا مجسدة‪،‬‬

‫تعبر عن روح اختفت بعيدا عن ىذا الحاضر‪...‬‬

‫لم تعد كما كانت في الماضي‪...‬‬

‫أغلقت كتابها القديم ووضعتو على رؼ بعيد كي ال أعود وألقي نظرة عليها مرة‬

‫أخرى‪...‬‬

‫ولكني فتحت كتاب جديد‪،‬‬

‫ال يطل على ماض وال حاضر ولكنو يفتح نوافذ جديدة وبعيدة عن كل شيء‪...‬‬

‫يطل منها روائح الربيع البعيدة‪...‬‬

‫وتخترؽ صفحاتو شمس ال يغيب نورىا‪...‬‬

‫أجمل مافيها أننا لسنا مجبروف على أف نعيش داخل حطاـ الماضي البعيد‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪182‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫بل تختار ذكراؾ بحرية وكما تريد‪...‬‬

‫وتختار معها كل شيء يخصها‪...‬‬

‫تختار المكاف واألشخاص واألحباب ومشاعرؾ حتى أوقاتك وأحبلمك‪...‬‬

‫تكوف حرا في صفحاتها‪....‬‬

‫وتصبح ىي أسيرة تخطيطك وطوع أمرؾ‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪183‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫أوراؽ الخريف‬

‫أتانا الخريف يحمل معو برودة الشتاء‪...‬‬

‫وال زاؿ يحتفظ ببعض حرارة الصيف الماضي‪...‬‬

‫تتساقط معو أوراؽ الشجر في نعومة‪،‬‬

‫حاملة معها الهدوء وبعض الدؼء‪...‬‬

‫وترى الحياة أمامك وكأنها تلونت بذلك اللوف الباىت الذي يبعث على الراحة‬

‫والسكوف‪...‬‬

‫الخريف‪...‬‬

‫ىو السعادة الدافئة قبل برودة الشتاء القاسية‪،‬‬

‫تتابع فيو اللحظات السعيدة قبل أف يفتح صندوؽ الذكريات القديمة‪....‬‬

‫تختفي ألواف الصيف من أوراؽ الشجر المتساقط‪...‬‬

‫إنها تتساقط من أغصاف شجرتي‪...‬‬

‫لتعود مرة أخرى فتورؽ من جديد‪...‬‬

‫مع الخريف تبدأ في اإلبتعاد عن كل ما يثير إزعاجك‪....‬‬

‫تختفي وتبقى وحدؾ‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪184‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تنعزؿ عن الجميع وتبقى مع قهوتك الدافئة وموسيقاؾ الهادئة‪...‬‬

‫ويرافقك كتاب شيق يقلب حياتك رأسا على عقب‪...‬‬

‫ذلك ىو الخريف‪ ،‬مع بدايتو أشعل النيراف من جديد‪...‬‬

‫فتتجدد معها أحبلمي وأمنياتي‪...‬‬

‫وأغلق بها صفحات من الماضي‪...‬‬

‫أثير الدؼء فيسري داخلي من رأسي حتى أخمص قدماي‪...‬‬

‫فيشمل كل عضو من أعضاء جسدي‪،‬‬

‫حتى يجد طريقو إلى قلبي ويصبح مأواه ومسكنو الدائم‪...‬‬

‫فبل تتخللو برودة الشتاء القادـ‪..‬‬

‫وأحلم دائما بالرحيل بعيدا‪....‬‬

‫أرغب بأف اعتزؿ ىذا العالم من حولي‪...‬‬

‫علي فصل الخريف‪...‬‬


‫تأتيني تلك الرغبة دوما كلما مر ّ‬
‫اإلبتعاد والبقاء وحدي تحت ضوء القمر الفضي‪...‬‬

‫أشاطره أسراري ويمنحني ضوئو البلمع األماف والدؼء‪...‬‬

‫مع مجيء الخريف تتجدد أحبلـ الصبا وتلتمع داخلك كنجوـ الليل‬

‫الهاديء‪...‬‬

‫وينبض قلبك جراء األمل الساري في عروقك‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪185‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ومشاعر شتى تجتاح ذلك القلب الهاديء‪...‬‬

‫وىناؾ تبقى حرا‪...‬‬

‫في عزلتك‪ ،‬في أفكارؾ‪...‬‬

‫وتبقى منسيا بعيدا عن المتطفلين‪ ،‬تتساقط فوقك أوراؽ الخريف في رقة‬

‫وعذوبة‪...‬‬

‫وأنت ممدد على الحشائش الخضراء‪...‬‬

‫تداعبك نسمات ىوائو البارد برفق وحناف‪...‬‬

‫فينساب داخلك كبحر ىاديء ال يعكر صفوه شيء‪،‬‬

‫ويرافقك السبلـ الداخلي فجأة‪...‬‬

‫فتجد نفسك ال ترى سوي كل ماىو ىاديء وجميل‪...‬‬

‫وتجد أنك قد اكتفيت من وجود جميع الناس‪ ،‬ولم تعد بحاجة لمزاحمتهم‬

‫على دنياىم المملة‪...‬‬

‫وال رغبة لك في مشاركتهم الطريق ذاتو‪...‬‬

‫ليس انطواءا وال خوفا‪...‬‬

‫لكنك اآلف أصبحت حرا عنهم‪ ،‬ومختلف في كل شيء‪...‬‬

‫رغبت في اإلبتعاد عن سير القطيع‪....‬‬

‫وأف يكوف لك طريقك وحدؾ‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪186‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ذلك ىو الخريف‪ ،‬حرية اإلبتعاد عن البشر‪،‬‬

‫سعادة غامرة ومشاعر دافئة حياؿ كل شيء جميل حولك‪...‬‬

‫نشتاؽ لفصل الخريف كي يغمرنا بهذا الدؼء وينثر من حولنا أوراقو‬

‫المتساقطة‪...‬‬

‫فيبقى لنا جانب خاص بنا وحدنا‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪187‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫حرب باردة‬

‫ألوذ بالفرار بعيدا‪....‬‬

‫أمزؽ صفحاتي وأكسر أقبلمي‪...‬‬

‫أراني أتعجل الوصوؿ سريعا لطريقي‪.....‬‬

‫أطفىء القناديل القديمة‪.....‬‬

‫ذات الضوء الباىت‪....‬‬

‫على باب غرفتي‪...‬‬


‫أغلق ّ‬
‫أجلس وحدي مع نفسي قليبل‪...‬‬

‫يدور داخلي الكثير والكثير‪...‬‬

‫أنقسم إلى عدة أشخاص‪....‬‬

‫بل إلى عدة نساء‪...‬‬

‫ىناؾ أكثر من امرأة تعيش داخلي‪...‬‬

‫وتتحرؾ معي دوف أف أشعر بذلك‪...‬‬

‫لكل واحدة منهن طريق مختلف عن األخرى‪...‬‬

‫ولكل واحدة أيضا شخصية تختلف عني تماما‪...‬‬

‫ولكن يبقى االسم واحد والجسد واحد‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪188‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وكأني إسفنجة تنقسم إلى عدة قطع‪...‬‬

‫ولكن ال يرى تلك القطع أحد وال يشعر بها‪.....‬‬

‫تبقى معي تلك القطع وتزداد انقساما كل يوـ‪...‬‬

‫يبقى دائما داخلي الكثير وال أستطيع التفوه بو‪....‬‬

‫أحبسو‪ ،‬أكسره‪...‬‬

‫أغلق عليو بمفتاح صدأ‪.....‬‬

‫ولن أسمح لو بالخروج وال حتى بكسر باب الحبس‪...‬‬

‫وسيبقي ىكذا دائما‪....‬‬

‫لكني ومع ذلك أفتش عن أولئك الناس داخلي‪....‬‬

‫في؟؟؟‬
‫أيهم األقرب إلى؟ أيها تعبر عني وتظهر ّ‬
‫ال أعلم‪....‬‬

‫أذىب برحلة قصيرة وأجالس كل واحدة منهن على حدا‪.....‬‬

‫أتعرؼ عليهن‪....‬‬

‫وجدت المرأة األولى تعشق المغامرات والسفر‪...‬‬

‫روحها دافئة‪ ،‬ال تكترث لما حولها من ىموـ‪...‬‬

‫ترى نفسها ملكة على عرش الحياة‪...‬‬

‫تنتقل من مكاف آلخر أينما تريد وبأريحية تامة‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪189‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫تعشق الجماؿ الذي تراه روحها قبل عينيها‪...‬‬

‫أي جماؿ شكلي‪...‬‬


‫ليس ّ‬
‫ولكن ذلك الجماؿ الروحي النابع من حولها ومن داخلها‪....‬‬

‫ذلك الجماؿ الذي يرسم السعادة داخل قلبك وعلى وجهك‪....‬‬

‫وىناؾ امرأة أخرى‪...‬‬

‫تصرخ مكبلة اليدين‪ ،‬تجثو على ركبتيها‪...‬‬

‫تريد الفرار بأقصى سرعة لديها‪....‬‬

‫ال تريد البقاء‪ ،‬تحبس نفسها دائما‪...‬‬

‫ففي داخلها غرفة مغلقة ال يعلمها أحد‪...‬‬

‫غرفة ال تفتح أبدا‪...‬‬

‫وال يعلم سرىا بشر‪....‬‬

‫يحيط بها الصمت الدائم‪ ،‬وحزف دفين‪...‬‬

‫ولكن ببل رغبة في البكاء‪ ،‬فلقد تبلدت مشاعرىا‪....‬‬

‫وأصبحت كالحجر‪...‬‬

‫حجرا صامتا ال يشعر وال يتكلم‪،‬‬

‫محطم إلى قطع صغيرة من الداخل‪...‬‬

‫ولكن من الخارج يبدو صحيحا جميبل‪ ،‬ال يوجد بو خطأ واحد‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪191‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫فبل أحد يشعر باأللم الذي يعتري صاحبو‪...‬‬

‫أما المرأة الثالثة‪....‬‬

‫فهي امرأة عنيدة‪ ،‬قوية‪....‬‬

‫ترغب في أف تصبح ذاتها‪...‬‬

‫ال ترى أمامها سوى طريقها الخاص الذي رسمت لوحتو بيدىا‪....‬‬

‫امرأة ال تخشى أبدا تيار الحياة المناقض لطريقها‪...‬‬

‫ال تلقي باال بما سيقاؿ وال لئلنتقادات التي تنتظرىا‪....‬‬

‫وال تقارف نفسها باألخريات‪....‬‬

‫وإنها تقارف نفسها بما أصبحت عليو منذ عاـ‪،‬‬

‫وكيف ستقبل الطريق العاـ القادـ‪...‬‬

‫لديها من الصبر والثبات ما يفتقد إليو الكثيروف‪....‬‬

‫إنها ال تتبع سوى قلبها‪....‬‬

‫وصوت ضميرىا الكائن داخلها‪..‬‬

‫لديها اإلستعدادات الكاملة لمواجهة العواصف القادمة ناحيتها‪...‬‬

‫تقوؿ لنفسها دائما‪:‬‬

‫"لست أنا التي تبقي كالريشة الضعيفة في مهب الرياح‪ ،‬بل أنا الرياح نفسها‪،‬‬

‫والتي يخشاىا الجميع"‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪191‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ىذه أنا تجتمع لدي عدة شخصيات ‪....‬‬

‫وجوه متعددة داخل جسد واحد‪،‬‬

‫تبقى دائما في صراع بين بعضهم البعض‪....‬‬

‫أى منهن تريد الظهور؟‬

‫أي واحدة منهن ترغب في السيطرة على البقية‪....‬‬

‫فالمرأة القوية ترغب في تحرير الصامتة الضعيفة والتي سجنت داخل نفسها‪...‬‬

‫والمغامرة ترغب في بث الدؼء والجماؿ في روح المرأة القوية‪،‬‬

‫كي تكتمل صورتها وحيويتها‪...‬‬

‫بينما المرأة السجينة تحلم بإغراؽ كل منهما في تيار الصمت اللعين‪...‬‬

‫وبحر الحزف الدفين‪...‬‬

‫وتبقى الحرب قائمة داخلي‪...‬‬

‫وأحيانا تميل كل منهن إلى السبلـ المؤقت‪...‬‬

‫ولكن في النهاية تبقى ىناؾ حرب باردة ال تريد اإلنتهاء‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪192‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫صرخات صامتة‬

‫أتطلع إلى النجوـ الساطعة ليبل‪...‬‬

‫أراقب حركاتها‪...‬‬

‫إلي في غضب وعتاب‪...‬‬


‫وىي تنظر ّ‬
‫ال ترغب بحديثي الصامت معها‪...‬‬

‫أتراىا لفظتني أخيرا؟ أـ أنها ملت صحبتي؟‬

‫أـ أدارت ظهرىا لي وأشاحت بنورىا بعيدا عني؟‬

‫وىاقد ابتعد قمري أيضا‪...‬‬

‫مل صحبتي مثل نجومي؟‬


‫أتراه ّ‬
‫أتراه لم يعد يرغب بسماع حكاياي؟‬

‫ىا أنا أصبحت وحدي ليبل‪...‬‬

‫لم تعد ىناؾ نجمة ترغب في مجالستي‪...‬‬

‫ولم أجد القمر ساطعا ككل ليلة كنت أنتظره‪،‬‬

‫ألوؿ مرة بدأت أشعر بأف دنياى فارغة من كل شيء‪...‬‬

‫أشعر بغصة شديدة تتملكني بقوة‪...‬‬

‫وىاقد خرجت نجومي عن صمتها الثقيل‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪193‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ذلك الصمت البارد المؤلم‪...‬‬

‫لتخبرني أشياء كثيرة كنت أنتظرىا‪...‬‬

‫تقوؿ لي‪ " :‬أخرجي ما في جعبتك من ألم ودموع‪ ،‬ضعي حزنك على جناحي‬

‫طائر‪،‬‬

‫أرسليو إلينا ودعينا نمزقو‪ ،‬أو نحرقو فننتهي منو"‪...‬‬

‫ما بك أصبحت أكثر صمتا وعزلة عنا؟‬

‫اختفيت مدة طويلة من الزممن بعيدا‪،‬‬

‫ولم تعودي تخبرينا بخباياؾ‪....‬‬

‫ىجرتي جلستنا مدة طويلة من الزمن‪،‬‬

‫وعندما عدت إلينا‪ ،‬وجدناؾ مثقلة بالهموـ‪...‬‬

‫يختبيء وراء عينيك الكثير والكثير‪ ،‬وتمتليء بها الدموع‪...‬‬

‫أين كنت؟ ولما ابتعدت؟‬

‫أقوؿ لها‪ :‬ال أعلم أين كنت؟ ال أعلم سوى شيء واحد‪...‬‬

‫ىو أنني أصبحت شاردة‪ ،‬في واد بعيد يابس‪...‬‬

‫أىيم فيو وحدي‪ ،‬وال أعرؼ ليلو من نهاره‪...‬‬

‫فلقد تساوت لدي جميع األوقات‪...‬‬

‫وتساوت لدي جميع األشياء‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪194‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫جميلها وقبيحها‪ ،‬ال أدري أفضلها من سيئها‪...‬‬

‫وأصبحت الروح ممزقة القوى‪،‬‬

‫كل يوـ ينهار فيها جدار جديد‪...‬‬

‫ىناؾ سكين بارد يمزقها بقسوة‪ ،‬دوف أف يأبو أللمها‪...‬‬

‫وال يستمع لصراخها الصامت‪...‬‬

‫وال لبكائها المستمر‪...‬‬

‫أصبحت أشعر أنني أتبلشي‪ ،‬أختفي‪...‬‬

‫ولم يعد ىناؾ وجودا لروحي‪...‬‬

‫ولم تعد تشعر بذلك الدؼء السابق‪...‬‬

‫حتى كلماتي‪ ،‬ترغب في أف تتوقف وتهجرني‪...‬‬

‫أصبحت تتشابو فيما بينها‪،‬‬

‫تريد اإلنسحاب عن أطراؼ لساني‪،‬‬

‫وىاىي تنسحب ببطء‪ ،‬فتبتعد وتتركني‪...‬‬

‫ويصبح قلمي ببل صديق يتابع أخباره‪...‬‬

‫وأظل أنا مقيدة داخل سجني الداخلي‪ ،‬وتغادرني مشاعري‪،‬‬

‫وأحزاني وأفراحي‪...‬‬

‫فأبقى كحجر موضوع في منتصف الطريق يرتطم بكل من يمر بو‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪195‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ثم يحطم بمطرقة حديدية‪ ،‬فيصبح مئات القطع الصغيرة‪...‬‬

‫تلك القطع تبكي في صمت وال يسمع لها أنين‪...‬‬

‫تبكي وال تنهمر لها دموع‪...‬‬

‫ال تجد سوى أف تشكو هلل ضعفها وقلة حيلتها‪،‬‬

‫وينتابها ذلك األلم الذي يوخز صدرىا بقوة‪،‬‬

‫لقد اختفيت داخل حجرة مظلمة‪...‬‬

‫وأغلق عليها الباب جيدا‪ ،‬وال تسمح ألحد بأف يطرؽ على ىذا الباب‪...‬‬

‫لقد أصبح عالم خاص بها وحدىا‪...‬‬

‫عالم ينعدـ فيو الشعور بجميع األشياء‪،‬‬

‫وسيطرت عليها حالة من الحزف والجمود والبرود التاـ‪...‬‬

‫فأصبحت صرخاتها صامتة‪،‬‬

‫غير مسموعة وال يشعر بها أحد‪...‬‬

‫فهي صرخات صامتة‪.....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪196‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وعاء األماني‬

‫وأصبح وعاء األمنيات فارغا‪...‬‬

‫ولم أعد أجد ما أمؤله بو‪...‬‬

‫لم يعد ىناؾ لدي من شيء ألضعو فيو‪...‬‬

‫انتهى كل شيء‪...‬‬

‫واختفت األمنيات خلف الجباؿ الشاىقة البعيدة‪...‬‬

‫آخذة في اإلبتعاد وأنا أنتظرىا‪...‬‬

‫علي بنور يغمرني‪...‬‬


‫أنتظرىا لتشرؽ ّ‬
‫وينسيني أحبلمي القديمة‪...‬‬

‫ولكنها خذلتني وابتعدت عني‪...‬‬

‫نسيتني وتركتني وحيدة في صحراء الحزف وأنا انتظر نورىا‪...‬‬

‫ذلك النور الذي رافقها ونسيني ىو اآلخر‪...‬‬

‫وىاجرت أمنياتي بعيدا عني‪...‬‬

‫أبحث عنها جاىدة‪ ،‬ببل جدوى‪...‬‬

‫أحاوؿ اقتفاء أثرىا‪ ،‬وال أجدىا‪...‬‬

‫كانت كزىرة ربيع يفوح عبيرىا‪ ،‬واختفى معها العبير الفواح‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪197‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫كي ال أتبعها‪ ،‬وال أستطيع الوصوؿ إليها‪...‬‬

‫كم أنا سيئة الحظ‪...‬‬

‫كم أنا سيئة الحظ‪ ،‬فبل أجد مخرجا وال مهربا‪،‬‬

‫ال أجد ما يرشدني إلى ما أريد‪...‬‬

‫ضللت الطريق‪ ،‬وال أرى سوى السراب أمامي‪...‬‬

‫تركت األمنيات ىاربة مبتعدة تطير كنسر جارح‪...‬‬

‫تعاقبني باإلبتعاد‪ ،‬وأنا أىيم على وجهي بحثا عنها في الفراغ‪،‬‬

‫وال أجد شيء منها‪ ،‬ذعبت ولم تعد‪...‬‬

‫ذىبت بعيدا وقبل أف تذىب رافقها جزء مني‪ ،‬اختطفتو معها‪...‬‬

‫دوف أف تخبرني واختفت معها نجومي خلف الظبلؿ‪...‬‬

‫واختفت معهم الروح‪...‬‬

‫فلم تعد تجد لها مكانا بين الناس‪...‬‬

‫لم تعد تشعر بالحياة‪ ،‬إنها تطلع لحياة أخرى ومكاف غير ذاؾ المكاف‪...‬‬

‫وذاكرة فارغة تماما‪...‬‬

‫ولكن تظهر النجوـ الواحدة تلو األخرى‪،‬‬

‫ترحب بي في عالمها‪....‬‬

‫تمد لي يدىا‪ ،‬فتلمس روحي بحناف‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪198‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫فتنتابها بعض السعادة الغامرة لهذا الترحيب واإلستقباؿ‪...‬‬

‫فتثير في جسدي قشعريرة دؼء لذيذة‪...‬‬

‫فأنا لم أعد وحدي‪...‬‬

‫مازالت نجومي تصحبني معها وترحب بي في عالمها‪...‬‬

‫حتى وإف اختفت وراء الظبلؿ لبعض الوقت‪...‬‬

‫تلقي عليّر بنورىا الفضي‪ ،‬وتدفئني بتجمعها حولي‪...‬‬

‫وأستقي منها كلماتي بعد كل حديث يدور بيننا‪...‬‬

‫وحدنا ودوف أف يسمعنا بشر‪ ،‬فأنسى أمنياتي الهاربة‪...‬‬

‫وأحطم ذلك الوعاء الفراغ منها‪،‬‬

‫وأكف عن مطاردة ذلك السراب الكاذب الذي يحوـ حولي كلما وجدني‬

‫وحيدة‪...‬‬

‫في ىدوء ساكن تخبرني النجوـ بأف أكف عن كل ىذا‪،‬‬

‫وال أنظر ورائي أبدا أف أدع ذلك الوىم الساكن داخلي‪...‬‬

‫وأفسح المكاف ألشياء أخرى أفضل منو‪...‬‬

‫أفسح المكاف لقصيدة شعر‪ ،‬أو معلقة خالدة‪...‬‬

‫وال أترؾ داخلي فارغ للحشرات والهواـ‪،‬‬

‫يغمرني كتاب أسمع صوت كاتبو يتردد بعد آالؼ السنوات‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪199‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫يؤنس وحدتي ويجدد الحياة داخلي‪،‬‬

‫وتتنفس الروح ىواء غير الهواء‪ ،‬وأسافر معو إلى زماف غير الزماف‪...‬‬

‫أعيش في كل البلداف‪ ،‬أقوـ بكل الثورات‪...‬‬

‫وأسجن وأعذب وأىرب وأتحرر من مكاف إلى مكاف‪..‬‬

‫علي وأحاوؿ فهمي ومصاحبتي‪...‬‬


‫أبحر داخلي أتعرؼ ّ‬
‫لعلي أنير الضوء داخل روحي‪،‬‬

‫لعلي بهذا الضوء أزيل عني ظبلـ الحزف‪ ،‬وأمسح على القلب بأكف الحناف‪...‬‬

‫لعل الروح تجد الدؼء داخل ذلك النور‪...‬‬

‫لعل جدارالصمت ينهار ويسقط‪...‬‬

‫ولعل األمنيات تجدد ثوبها البالي مرة أخرى‪،‬‬

‫إلى كالعروس في ليلة زفافها‪ ،‬فتطمئن إليها الروح‪...‬‬


‫فتخرج ّ‬
‫وينكسر ذلك الوعاء الفارغ والذي لم تعد منو فائدة وال رجاء‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪211‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫خياؿ جامح‬

‫وحدؾ‪...‬‬

‫في ىذا الهدوء‪ ،‬في خيمة السكوف‪...‬‬

‫تخاطب روحك‪ ،‬تتحدث إليها وتبثها أسرارؾ مثل األصدقاء القدامى‪...‬‬

‫تستمع إليك بحب وتتفهم أوجاعك‪،‬‬

‫تعزؼ لك على أوتار الحنين ألحاف لم تسمعها قط‪...‬‬

‫وتسمعك أناشيد حلم ال يزاؿ يحتفظ بو قلبك ويناـ تحت خيمتو‪...‬‬

‫ويحتمي في كنف النجوـ ليبل‪...‬‬

‫ويصبح كالوردة في الصباح‪،‬‬

‫يتفتح بإشراؽ ويستقي من الشمس نورا ودفئا‪...‬‬

‫يظللك كسحابة بيضاء فوؽ رأسك تحميك‪...‬‬

‫وتنهمر عليك أحيانا ببعض األمطار الخفيفة‪...‬‬

‫فتثير لديك تيراف الذكرى القديمة‪...‬‬

‫تأخذؾ روحك بعيدا حيث تحلق بك في السماء‪...‬‬

‫تحملك على جناحيها‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪211‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫فتخرجك من ىذا العالم إلى عالم أخر‪،‬‬

‫عالم الخياؿ‪...‬‬

‫السرى‪...‬‬
‫ّ‬ ‫تخبرؾ روحك بمكانو‬

‫فتحملك إليو وتضعك فيو‪ ،‬تقوؿ لك إحدى النصائح‪:‬‬

‫" إف سئمت تفاصيل الواقع‪ ،‬فعش خياال يسعدؾ"‪...‬‬

‫إف الخياؿ يصبح ملجأ ومأوى التائهين ومنزؿ الهاربين‪...‬‬

‫كالبحر الهائج الذي تبحر فيو ولكن ببل خوؼ‪...‬‬

‫نغرؽ داخلو لكن ببل موت‪...‬‬

‫نرى فيو كل ما نرغب‪ ،‬نعيش معو لحظات جميلة مخدرة لبعض الوقت‪...‬‬

‫إف لحظات الخياؿ لهي أجمل لحظاتنا‪...‬‬

‫فهي تأتينا كما نريد نحن‪ ،‬ال كما تريد ىي‪...‬‬

‫تترؾ لنا حرية اإلختيار‪...‬‬

‫اختيار اللحظات‪ ،‬األياـ‪ ،‬المشاعرو المكاف‪...‬‬

‫حتى البشر نختارىم كما نريد ‪...‬‬

‫نجدد معها أحداث حياتنا‪ ،‬ونرسم على أرضو طرقا أخرى نسير فيها‪...‬‬

‫نبني ىناؾ مدنا ونسافر إليها‪...‬‬

‫كلما شعرنا بالرغبة في اإلبتعاد والسفر‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪212‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫يجعلنا نرى النور داخل أرواحنا‪،‬‬

‫نشعل بو مصابيح القلوب المظلمة‪ ،‬فنوقظ بو المارد النائم داخلنا‪...‬‬

‫فلنطلق العناف لخيالنا‪....‬‬

‫تستعمرنا حالة ركود تحتل قلوبنا‪...‬‬

‫الخياؿ ىو ذلك الشيء الوحيد الذي لم يغادرنا منذ طفولتنا‪...‬‬

‫ويداعبنا في شبابنا وكبرنا‪...‬‬

‫الخياؿ يجعلنا كالطفل الصغير الذي يلهو بالحياة دوف كلل وال ملل‪...‬‬

‫دوف أف يحمل ىما وال يعرؼ حقدا وال حزنا‪...‬‬

‫ال يرى أمامو سوى سعادتو التي بين يديو ويحملها في قلبو‪...‬‬

‫طفل ال ينتظر األعياد بفارغ الصبر كي يفرح ويلهو‪،‬‬

‫فخيالو يجعلو يرى الحياة ذات بهجة وجماؿ ال يراه الكبار‪...‬‬

‫إنو يجعلنا نتحرر من قيود الواقع الممل إلى جنة األحبلـ السعيدة التي نزرعها‬

‫كما نريد‪...‬‬

‫ال تجعل ما تبقى من طفولتك حبيس داخلك‪...‬‬

‫بل استمتع باللحظات الباقية من عمرؾ‪،‬‬

‫ال تترؾ عقلك وقلبك يحتلو الشيب المبكر بحجة سنة الحياة‪ ،‬وأف الوقت قد‬

‫فات والزمن تغير‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪213‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫بل دع الخياؿ الجامح يغمرؾ ويغرقك داخلو‪...‬‬

‫حتى تصبح جزءا منو ويصبح جزءا منك‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪214‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ىوة األمل‬

‫األمل سيء أحيانا‪....‬‬

‫سيء للغاية‪،‬‬

‫وبشدة‪...‬‬

‫تتمايل تبعا لرياحو الهوجاء‪...‬‬

‫نترؾ أنفسنا ألمواجو العاتية‪...‬‬

‫فتتقاذفنا إلى عمق بحر الغدر‪،‬‬

‫على حين غرة‪،‬‬

‫دوف شفقة منها وال رحمة منو‪...‬‬

‫أىذا ىو مصيرنا األخير‪،‬‬

‫أـ ىى أفكارنا الواىية‪...‬‬

‫وأحبلـ يقظتنا الكاذبة‪...‬‬

‫فيالها من ىوة عميقة‪،‬‬

‫تلك الهوة التى تسحبنا إلى داخلها‪،‬‬

‫فى حين أننا نقاوـ‪،‬‬

‫ونحارب السقوط فيها‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪215‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫إلى أين المصير‪...‬؟‬

‫ندور وندور ندور فى حلقة مفرغة‪،‬‬

‫دوف راحة وىدوء‪...‬‬

‫تعبنا‪،‬‬

‫واشتد األلم‪...‬‬

‫وصار الوجع أقوى من كل مرة‪...‬‬

‫صرنا ببل قدرة على المواجهة‪...‬‬

‫وببل قوة على المجابهة لما ىو آت‪...‬‬

‫فإلى أين مصيرنا‪...‬؟‬

‫وإلى أين مطافنا‪...‬؟‬

‫ومتى نجد أنفسنا وقد صرنا ببل وجع وتعب‪...‬‬

‫ببل صراع داخل الجسد‪،‬‬

‫تدور فيو الدوائر بين عقل قاس‪،‬‬

‫وقلب ساكن‪...‬‬

‫متى يصبح الهدوء عنواف لنا؟‬

‫متى تصبح الراحة رايتنا؟‬

‫ومتى ال يغدر بنا أملنا؟‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪216‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ككل مرة يأتى فيها إلينا‪...‬‬

‫نبقى صامدوف وال نستطيع‪....‬‬

‫نسعى للمواجهة‪،‬‬

‫ونحن ضعفاء ببل مقاومة‪...‬‬

‫فبل نحن قادروف على البقاء أقوياء‪....‬‬

‫وال الحياة سترأؼ بحالنا‪...‬‬

‫إننا كاذبوف‪...‬‬

‫والحياة كاذبة‪....‬‬

‫كذبنا على أنفسنا بأمل صنعناه‪....‬‬

‫بأيدينا وصدقنا كذبتنا‪....‬‬

‫والحياة تتزين لنا بأبهى حلة‪،‬‬

‫وتتمايل لنا خطواتها‪،‬‬

‫كالحية الرقطاء فتفتننا بذكاء ودىاء‪...‬‬

‫فنغرؽ فى بحار غدر عاتية‪...‬‬

‫وال ندرى لمصيبتنا إال حين‪...‬‬

‫نفشل فى إنقاذ أنفسنا من الغرؽ‪...‬‬

‫ىا نحن ىنا‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪217‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫داخل البحر غارقين‪...‬‬

‫كلما صعدنا وسبحنا كى نصل للسطح‪...‬‬

‫تسحبنا السفل القاع‪...‬‬

‫كلما صرنا أقرب للنجاة نجد أنفسنا أبعد ما نكوف عنها‪....‬‬

‫ىا نحن ىنا‪...‬‬

‫داخل قاع الظبلـ‪،‬‬

‫ببل رفيق يؤنسنا‪،‬‬

‫وببل روح تدفئنا ونحيا بها‪...‬‬

‫سنبقى ىكذا‪...‬‬

‫كالريشة فى مهب الريح‪....‬‬

‫وكالغريب الراغب فى النجاة وال يستطيع‪...‬‬

‫ولكن إلي متى‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪218‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫في تلك الغرفة المظلمة‬

‫فى تلك الغرفة المظلمة‪،‬‬

‫ما من شيء ىناؾ‪،‬‬

‫وال معك سواؾ‪،‬‬

‫أنت ىنا وحدؾ‪،‬‬

‫فى ركن منزو‪،‬‬

‫بعيداً عن أعينهم‪،‬‬

‫وقريباً من نفسك‪،‬‬

‫أنت ىنا‪...‬‬

‫ومعك الخوؼ‪،‬‬

‫يجالسك طواؿ الليل‪،‬‬

‫يجثو أمامك‪،‬‬

‫يتخذ وضعية القرفصاء‪،‬‬

‫وجهو بوجهك‪،‬‬

‫ملصقا رأسو برأسك‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪219‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ينقل إليك سواد مشاعره إلى نقاء قلبك‪،‬‬

‫وأنت‪...‬‬

‫أنت راكد فى استسبلـ مخيف‪،‬‬

‫تارؾ روحك لشبح خوفك‪،‬‬

‫تتآكل ببطء شديد بين الثانية واآلخرى‪،‬‬

‫أنت ىنا أسير‪،‬‬

‫ىا ىو خوفك يمد يده إليك‪،‬‬

‫ينزع سبلمك‪،‬‬

‫ويعيث فى الروح فساداً‪،‬‬

‫ويغيب أمانك‪،‬‬

‫ىاىو خوفك يحيك خيوطا حولك كبيت العنكبوت‪،‬‬

‫وأنت مازالت كالماء الراكد ببل حراؾ‪،‬‬

‫ال زالت تخشى مد يدؾ ودفع ىذا الهراء بعيدا‪،‬‬

‫ال زالت تترؾ الغمامة السوداء على عينيك‪،‬‬

‫والزاؿ صوتك حبيسا‪،‬‬

‫إلى أين المبلذ يا صاحبي؟!‬

‫كيف الخبلص من ظبلمنا؟‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪211‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ومتى نخرج من ثقبنا األسود؟‬

‫من يسحبنا خارجو‪،‬‬

‫من ينتشلنا من دائرتو؟!‬

‫من يبقى معنا رغم ظلمتنا؟؟‬

‫كيف نوقف مدارىا؟‬

‫متى نلملم ما تبقى منا؟‬

‫وكيف نرمم تكسرات الروح؟!!‬

‫ال نرى سوانا‪....‬‬

‫ونحن قابعاف وحدنا‪،‬‬

‫منزوياف فى ركن بعيد‪،‬‬

‫مبحوح صوتنا‪...‬‬

‫ومنكفئاف على أرواحنا المهشمة‪....‬‬

‫نتشبث فى خفاء بما تبقى منا‪....‬‬

‫لنحمي أنفسنا مما ممزؽ داخلنا‪....‬‬

‫ال يزاؿ خوفنا مائل علينا‪،‬‬

‫يثقل على روحنا‪...‬‬

‫قابض عليها بين يديو فى شراىة شرسة‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪211‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫ينخرىا بأظافره‪،‬‬

‫كسكين حاد النصل‪،‬‬

‫كلما حاولت التحرؾ قبض عليها أكثر وأكثر‪....‬‬

‫وكلما حاولت دفعو نخرىا أكثر‪،‬‬

‫فتجد نفسك مضطراً ألف تستسلم‪...‬‬

‫مضطرا ألف تبقى كما أنت‪،‬‬

‫كي ال يتحرؾ النصل الحاد داخلك‪،‬‬

‫كى تبقى كما أنت مرغما‪،‬‬

‫فى تلك الغرفة المظلمة‪...‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪212‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫دخاف عابر‬

‫ثم ماذا؟‬

‫نتأرجح يمينا ويساراً‪...‬‬

‫ال ندري أيهما أحب‪...‬‬

‫أنبقى كما نحن‪....‬‬

‫أـ نسافر للبعيد‪....‬‬

‫كأرجوحة نذىب للخلف تارة‪....‬‬

‫ولؤلماـ تارة أخرى‪...‬‬

‫ال نستطيع اتخاذ قراراً واضحاً‪...‬‬

‫نقف حائرين وسط األرض ساكنين‪...‬‬

‫تمر علينا األياـ مرور الكراـ‪...‬‬

‫غير آبهين لها‪،‬‬

‫تنادينا‪،‬‬

‫تصرخ علينا‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪213‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫صممت آذانى عن تلك النداءات الصارخة‪،‬‬

‫وىي‪،‬‬

‫ملتنى وتركتنى‪...‬‬

‫تناسيتها فنسيتنى‪،‬‬

‫أىملتها ففقدت بريق لمعانها‪...‬‬

‫قالت لى ذات مرة‪...‬‬

‫لقد ناديتك حتى بح صوتى‬

‫صرخت عليك فصممت اذانك عني‬

‫أىملتني فتركتك وذىبت الي من يهتم المري‬

‫فبل تسالنى لم ذىبت بعيدا عني‬

‫ىا أنت ذا تقف حائراً وسط الطريق‬

‫ال صاحب لك وال رفيق‬

‫وحيدا عاجزا التدري ىل مررت بالزماف‬

‫اـ مر ىو بك من خبللك من بعيد‬

‫ىذا انتقاـ الزماف لمن َس َك َر اذانو عن النداء‬

‫قل لي كيف صرت االف‬

‫كيف أصبحت بعد الهزيمة يا صاحبي‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪214‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫انظر لنفسك في مراة الحياة‬

‫وأخبرني ماذا ترى‬

‫من يقف االف‬

‫أقف أماـ مرآتى ألنظر كيف صرت بعد انسحابي‬

‫أرى خياال من دخاف عابرا دخاف خفيف ال يرى‬

‫أتحدث لذاتي‬

‫أسالها اين انا‬

‫أين ذىبت صورتي‬

‫ال أجد ‪.‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪215‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫منتصف الطريق‬

‫توقفت فى المنتصف‪،‬‬

‫ابتعدت قليبل‪،‬‬

‫وشردت كثيرا‪،‬‬

‫وال أدرى‪،‬‬

‫أين أنا اآلف‪،‬‬

‫تائهة وسط الطريق‪،‬‬

‫ابتغي نورا يضيء من بعيد‪،‬‬

‫ألغادر ثكناتى‪،‬‬

‫وأرحل إلى زمن آخر ومكاف آخر‪...‬‬

‫أثور على مياىي الراكدة‪،‬‬

‫ألبتعد عن كل ما يعيق رحلتى‪،‬‬

‫تساءلت داخلى‪،‬‬

‫ىل أذىب ألعالى الشماؿ‪،‬‬

‫لشواطىء البحار البعيدة‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪216‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫انتظر سفن الرحيل وحيدة؟‬

‫أـ أذىب ألقصى الجنوب وسط الغابات والمروج الخضراء الغريبة‪،‬‬

‫ماذا يحدث داخلى؟‬

‫لماذا أريد الفرار للبعيد؟‬

‫انقسم لعدة قطع صغيرة‪،‬‬

‫كلها تريد شيئا غير الذي تريده األخرى‪،‬‬

‫أغمض عيناى‪،‬‬

‫استند برأسي على الحائط‪،‬‬

‫وأحاوؿ أف احلم‪،‬‬

‫بشيء جديد بعيد‪،‬‬

‫شيء مختلف غير ما كنت أريد‪،‬‬

‫أحاوؿ استعادة شغفى‪،‬‬

‫أحاوؿ بث الدؼء فى روحى‪،‬‬

‫كى تبقى مشتعلة كالجمرة الحارقة‪،‬‬

‫أحاوؿ أف أبقى أنا كما أنا‪،‬‬

‫أحلم وأريد وابتغى دوف أف أتوقف‪،‬‬

‫رحلة طويلة‪،‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪217‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫وطريق أطوؿ‪،‬‬

‫وحرب ضروس‪،‬‬

‫تحتاج إلى كل قوة وشراسة‪...‬‬

‫إنها حرب منتصف الطريق‪....‬‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪218‬‬


‫مروة أحمد حلمي‬ ‫ثقب أسود‬

‫نبذة عن المؤلِّفة‬

‫اسم الكاتب‪ :‬مروة أحمد حلمي‬

‫الدولة‪ :‬مصر‬

‫الدراسة ‪ :‬بكالوريوس التربية للطفولة المبكرة جامعة االسكندرية‪ ،‬باحثة‬

‫دراسات عليا (ماجستير) كلية التربية للطفولة المبكرة جامعة االسكندرية‪.‬‬

‫األعماؿ السابقة‪:‬‬

‫‪ -‬ال توجد‬

‫دار قصص وحكايات للنشر اإللكتروني‬ ‫‪219‬‬

You might also like