Professional Documents
Culture Documents
مجلة الباحث - العدد 37 دجنبر 2021 - المدير المسؤول ذ. محمد القاسمي
مجلة الباحث - العدد 37 دجنبر 2021 - المدير المسؤول ذ. محمد القاسمي
(
)
صدق اهلل العظيم
فهرسة العدد
71 من مراقبة الحدود إلى تسيير الحدود :تصور جديد للتعاون األمني األ ورومغربي.......................................
337 خـصوصية الـعقوبات زمن انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد ..............................................."11
فالعدد السابع والثالثون ( ) 37من هذا الصرح غني بمقاالت وأبحاث في مجال
القانون والعدالة ،ألفها أساتذة التعليم العالي ودكاترة وممارسين وباحثين في أسالك
الدكتوراه من المغرب وبعض الدول العربية الشقيقة ،ستشكل بال شك أو أدنى ريب
إضافة للخزانة القانونية الرقمية ،ومادة علمية يعتمدها الفقيه والمتخصص والباحث
وكل مهتم بالتأليف في الشأن القانوني والقضائي المغربي والمقارن سواء في القانون
العام أو الخاص على حد سواء...
فالشكر الجزيل لكل من ساهم من قريب أو بعيد في تأليف وصياغة بنيان هذا
ال عدد ،والشكر الجزيل للجنة العلمية وللجنة التنقيح والمراجعة اللغوية والنشر ،وفي
انتظار اصدار العدد 38يناير ،0200تفضلوا بقبول أسمى عبارات التقدير واالحترام؛
والسالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته...
الشفعة ،32لتهديد الخاضع لواجبات التسجيل وحثه على التوصل إلى حل
توافقي حول الواجبات التكميلية.
إن حق الشفعة لفائدة الدولة امتياز يسمح لإلدارة الضريبية بالحلول محل
املفوت له العقار أو الحقوق العينية العقارية ،عندما تقدر بناء على سلطتها
التقديرية بأن ثمن البيع املصرح به أو التصريح التقديري لقيمة هذه املمتلكات
ناقص ،وأن أداء الواجبات املفروضة بناء على تقدير اإلدارة لم يتأت الحصول
عليه باملراضاة ،وذلك مقابل تعويض يتمثل في دفع مبلغ الثمن املصرح به
وواجبات التسجيل املؤداة ورسوم املحافظة العقارية في حالة وجودها و %5من
مبلغ الثمن املصرح به.
وقد حددت املادتان 341و 832من املدونة العامة للضرائب شروط ومسطرة
ممارسة اإلدارة الضريبية لسلطتها التقديرية في شفعة العقار موضوع التفويت
لفائدة الدولة (املبحث األول) .غير أن توفر اإلدارة الضريبية على إجراء موازي
والحقوق العينية العقارية فقط .4وهذا الحصر من شأنه عدم توسع اإلدارة
الضريبية في محل حق الشفعة لفائدة الدولة.5
ويجب أن تكون هذه العقارات والحقوق العينية العقارية التي تكون موضوع
الشفعة لفائدة الدولة موضوع نقل رضائي ،وبالتالي فقد تم استبعاد النقل
الجبري للملكية (البيع باملزاد العلني) .6وهذا ش يء منطقي باعتبار أن البيوع
الجبرية ال يمكن إخفاء الثمن فيها فضال عن أنها تتم تحت إشراف السلطة
القضائية.7
كما اشترط املشرع في املادة 341من املدونة العامة للضرائب أن يكون نقل
امللكية بين األحياء ،بمعنى استبعاد نقل امللكية بسبب املوت (اإلرث).8
كما سوى املشرع بين حالة نقل امللكية بعوض أو بغير عوض باستثناء الهبات
بين األصول والفروع ،وعليه فإن الهبة لغير األصول والفروع تكون تحت إمكانية
ممارسة اإلدارة الضريبية لحق الشفعة لفائدة الدولة.9
وأعطى املشرع لوزير املالية أو الشخص املفوض له ذلك سلطة تقديرية واسعة
فيما يخص مدى تناسب القيمة التجارية للعقار مع الثمن املصرح به أو التصريح
التقديري ،ويتجلى ذلك من خالل استعماله لعبارة "إذا بدا له".10
لألداء الحبي للواجبات املفروضة بناء على تقدير اإلدارة الضريبية مقابل
تخفيض متفق عليه ،يضمن في عقد الصلح الذي يضع حدا نهائيا لكل منازعة
يمكن أن يتقدم بها الخاضع للضريبة الحقا.
أما إذا امتنع املشتري عن أداء الواجبات املفروضة بناء على تقدير اإلدارة
الضريبية ،فتقدم اإلدارة الضريبية آنذاك على اتخاذ مقرر الشفعة لفائدة
الدولة.
وال يمكن أن يفسر امتناع املشتري عن أداء الواجبات املفروضة بناء على تقدير
اإلدارة الضريبية ،في جميع األحوال برغبته في التملص من الوفاء بالتزاماته
الضريبية بدون وجه حق ،وإنما يمكن أن يفسر بأسباب غير خطيرة مثل العجز
عن الوفاء الفوري باملبالغ املطلوبة أو اقتناعه بأن تقدير اإلدارة الضريبية للقيمة
التجارية للعقار وقت التفويت مبالغ فيه وال يستند على أي أساس ورغبته في
املنازعة في هذا التقدير.
ويجب على اإلدارة الضريبية مطالبة الخاضع للضريبة بأداء الواجبات على
أساس الثمن التقديري املحدد من طرفها بشكل رضائي ،إال أن هذا الشرط يعتبر
في جوهره شرطا ذي طبيعة مسطرية وإجرائية ،يتعين على اإلدارة الضريبية
سلوكه قبل االنتقال ملمارسة حق الشفعة لفائدة الدولة وفقا لإلجراءات املحددة
في املادة 832من املدونة العامة للضرائب.
املطلب الثاني :اإلجراءات املسطرية املتبعة في ممارسة حق الشفعة الضريبية
أحالت املادة 341من املدونة العامة للضرائب على املادة 832من نفس
املدونة ،باعتبارها هي التي تحدد اإلجراءات املسطرية التي يتعين على اإلدارة
الضريبية سلوكها ملمارسة حق الشفعة لفائدة الدولة ،وهي إجراءات مسطرية
يترتب عنها مجموعة من اآلثار القانونية ،كما يترتب عن اإلخالل بها مجموعة من
النتائج قد تؤدي إلى إبطال مسطرة الشفعة لفائدة الدولة.
فإذا الحظ مفتش الضرائب املكلف بالتسجيل وجود نقصان في الثمن ،يقوم
بمراسلة الخاضع لرسم التسجيل ألداء الواجبات التكميلية املتمثلة في الفرق
بين الثمن املصرح به وبين القيمة التجارية للعقار املقدرة من قبل مفتش
الضرائب املكلف بالتسجيل ،ويمنحه في ذلك أجل 31أيام من تاريخ توصله بهذا
اإلنذار من أجل أداء الرسوم التكميلية تحت طائلة ممارسة حق الشفعة لفائدة
الدولة.
ولم ينص املشرع املغربي على األجل املمنوح لألطراف بين تاريخ توجيه اإلدارة
الضريبية لإلشعار من أجل أداء الرسوم التكميلية وممارستها لحقها في الشفعة
لفائدة الدولة ،وترك ذلك للسلطة التقديرية لإلدارة الضريبية ،والتي قامت
بوضع أجل 31أيام 19بدون أية مراعاة لظروف كل حالة على حدة أو املبالغ
الضخمة التي قد يصعب على املشفوع منه تدبيرها خالل تلك املدة.
و قد ذهبت الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض في قرارها املؤرخ في 8135/31/12
بهذا الخصوص إلى أنه" :20بالرجوع إلى مقتضيات املادتين 341و 832من املدونة
العامة للضرائب التي نظمت حق الشفعة في املادة الضريبية ،يتضح أن املشرع
ولئن لم يحدد األجل الذي يتعين على اإلدارة منحه للملزم (املشتري) من أجل
أداء الواجبات التكميلية املقدرة من طرفها ،واكتفى بالتنصيص على أنه يصار
إلى اتخاذ قرار الشفعة إذا لم يتأت الحصول على الواجبات املفروضة بناء على
تقدير اإلدارة باملراضاة ،إال أن قبول املنازعة التي يبديها املعني باألمر في كيفية
ممارسة اإلدارة لسلطتها التقديرية في هذا الشأن وعدم كفاية األجل املمنوح له
من أجل األداء يتوقف بداية على إثبات قيامه بأداء الواجبات املطلوبة منه وعدم
االعتداد به من جانب اإلدارة لوروده خارج األجل املحدد ،ال أن يكتفي فقط
باإلثارة املجردة للدفع بعدم كفاية األجل دون أن يقرنه باألداء حيث يسقط حقه
في طلب إلغاء مقرر الشفعة إذا لم يقم الدليل على وقوع األداء املذكور كشرط
مسبق إلثارة املنازعة".
وفي حالة عدم حصول اإلدارة الضريبية على املصاريف التكميلية باتفاق بينها
وبين املفوت له ،آنذاك تلجأ اإلدارة الضريبية في مرحلة الحقة ملمارسة حقها في
الشفعة لفائدة الدولة.
لكن قبل ذلك ،تراسل اإلدارة الضريبية وزارة املالية في شخص الوزير املكلف
باملالية تخبره بعدم التوصل لحل مع األطراف وتضمن فيه جميع املعلومات
املتعلقة باملوضوع ،وتدعوه إلصدار مقرر الشفعة لفائدة الدولة.
لقد أعطى املشرع املغربي لإلدارة الضريبية الحق في ممارسة الشفعة لفائدة
الدولة خالل أجل 6أشهر كاملة 21ابتداء من تاريخ تسجيل التفويت 22بإدارة
التسجيل.
وقد أخذ املشرع بعين االعتبار حاالت نقل امللكية املبنية على شرط واقف،
ونص على أن األجل املذكور ال يسري إال من تاريخ تسجيل تحقق هذا الشرط،
واملشرع هنا كان دقيقا ذلك أن العبرة في احتساب األجل هو تاريخ التسجيل سواء
بالنسبة للتفويت التام أو التفويت املبني على شرط واقف ،وليس بتاريخ تحقق
التفويت أو تحقق الشرط ،ألن اإلدارة الضريبية لن تكون على علم بذلك إال بعد
تسجيله لدى إدارة التسجيل.23
كما تولى املشرع في املادة 832من املدونة العامة للضرائب تحديد األشخاص
الذين يتوجب تبليغهم بمقرر الشفعة لفائدة الدولة وفق اإلجراءات املنصوص
عليها في املادة 832من املدونة العامة للضرائب ،وهم:
-كل طرف من أطراف العقد الناقل للملكية ( البائع و املشتري الذي مورست
الشفعة ضده )؛
-قاض ي التوثيق املختص بالنسبة للعقود املحررة من طرف العدول واملتعلقة
بعقارات غير محفظة؛
-املحافظ على األمالك العقارية التابع له موقع العقار بالنسبة للعقارات
املحفظة أو التي هي في طور التحفيظ.
كما نص البند IIIمن املادة 832من املدونة العامة للضرائب على أن املفوت
له املنزوعة منه األمالك يتسلم خالل الشهر املوالي لتبليغه مقرر الشفعة لفائدة
الدولة مبلغ الثمن املصرح به أو القيمة التجارية املثبتة ،إضافة إلى واجبات
التسجيل املؤداة والرسوم املدفوعة إلى املحافظة العقارية ،وكذا مبلغ يحتسب
على أساس %5من الثمن املصرح به أو القيمة التجارية املثبتة يمثل تكاليف
العقد القانونية واملصاريف.
وفي حالة عدم األداء داخل األجل املعين ،يترتب بحكم القانون لفائدة املفوت
له املنزوعة منه األمالك ،وبمجرد انصرام األجل املذكور ،فوائد محسوبة على
أساس املقدار القانوني املعمول به في القضايا املدنية.
ولقد كان املشرع املغربي مجحفا في حق الخاضع للضريبة املنزوع ملكيته عن
طريق الشفعة الضريبية ،ألنه كان عليه أال يكتفي بتغريم اإلدارة الضريبية فقط،
وإنما النص على بطالن املسطرة بمجرد فوات أجل أداء الثمن ،وذلك حتى يشكل
ضمانة ولو نسبيا للممارس ضده حق الشفعة الضريبية على غرار ما هو معمول
به بالنسبة للشفعة في املادة العقارية ،حيث أن إيداع الشفيع للثمن
مبررا ما لم يكن يراعي التوازن العادل بين ضرورات املصلحة العامة ومتطلبات
حماية حق الفرد في امللكية الخاصة.
وال يمكن القول بأن هذا التوازن العادل قد تمت مراعاته ،عندما يغيب
التناسب بين أهمية الهدف وبين خطورة الوسيلة املستعملة من أجل تحقيق
هذا الهدف (املطلب األول) ،وكذلك عند عدم احترام الرقابة القضائية على
مقرر الشفعة الضريبية ملعايير الدعوى العادلة (املطلب الثاني).
املطلب األول :إخالل حق الشفعة الضريبية بالتناسب العادل بين الهدف
والوسيلة
ال يتوفر التناسب بين الهدف املتمثل في تحسين شروط أداء ضريبة التسجيل،
والوسيلة املتمثلة في حق الشفعة الضريبية ،عندما يتبين من جهة الطابع
االنتقائي لحق الشفعة الضريبية (الفقرة األولى) ،ومن جهة ثانية عندما ينتفي
التعويض العادل عن فقدان ملك مكتسب في غياب نية الغش (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :الطابع االنتقائي لحق الشفعة الضريبية
نصت الفقرة األولى من املادة 341من املدونة العامة للضرائب على أنه:
"بصرف النظر عن حق املراقبة املنصوص عليه في املادة 839أدناه ،يجوز للوزير
املكلف باملالية أو الشخص الذي يفوض إليه ذلك أن يمارس ،لفائدة الدولة،
حق الشفعة."...
وهكذا ،فعندما تعاين اإلدارة الضريبية أن ثمن البيع املصرح به ال يناسب
القيمة التجارية للعقارات وقت التفويت ،يكون لها مطلق الحرية في اختيار
اللجوء إلى إحدى املسطرتين التاليتين:27
-مسطرة حق الشفعة الضريبية املنصوص عليها في املادة 341من املدونة
العامة للضرائب التي يمكن أن تؤدي إلى حرمان الخاضع للضريبة من ممتلكاته،
في غياب مسطرة تمكنه من االطالع على األسباب القانونية والواقعية التي تستند
إليها اإلدارة الضريبية لدعم إدعائها بنقصان الثمن املصرح به ومناقشة موقف
اإلدارة الضريبية وإبداء أوجه دفاعه قبل اتخاذ مقرر الشفعة ضده؛
-أو مسطرة حق املراقبة املنصوص عليها في املادة 839من املدونة العامة
للضرائب التي تلزم اإلدارة الضريبية بسلوك مسطرة تصحيح ثمن البيع املصرح
به التي تمكن الخاضع للضريبة من إبداء أوجه دفاعه أمام اإلدارة الضريبية ثم
أمام اللجنة املحلية لتقدير الضريبة قبل فرض الواجبات في حدود ما أقرته
اللجنة املحلية لتقدير الضريبة وتحصيلها وفقا لإلجراءات املنصوص عليها في
مدونة تحصيل الديون العمومية.
وهذا ،ما أكده قرار محكمة النقض املؤرخ في 8135/19/81الذي جاء في
حيثياته" :28حيث صح ما نعته الطاعنة على القرار املطعون فيه ،ذلك أن املشرع
أكد في املادة 341املحتج بخرقها "بأنه بصرف النظر عن حق املراقبة املنصوص
عليه في املادة ،839يجوز للوزير املكلف باملالية أو الشخص الذي يفوض إليه
ذلك أن يمارس ،لفائدة الدولة ،حق الشفعة ...إذا بدا له أن ثمن البيع املصرح
به أو التصريح التقديري ال يناسب القيمة التجارية للعقارات وفق التفويت وأن
أداء الواجبات املفروضة بناء على تقدير اإلدارة لم يتأت الحصول عليه
باملراضاة" ومؤدى ذلك أنه يجب التمييز بين حق املراقبة املنصوص عليه في املادة
839وحق الشفعة املنصوص عليه في املادة 341فاألمر يتعلق بمسطرتين
مختلفتين ،يجوز لإلدارة أن تمارس املسطرة التي تريد منهما بشروط محددة ،وفي
نازلة الحال مارست اإلدارة املسطرة املنصوص عليها في املادة 341التي ال تشترط
إال أن ال يتأتى أداء الواجبات املفروضة بناء على تقدير اإلدارة باملراضاة وهو ما
حصل فعال".
وهذا ،يبين الطابع االنتقائي لحق الشفعة الضريبية ،ذلك أن اإلدارة الضريبية
يمكن أن تختار ممارسة حق الشفعة الضريبية ضد خاضع معين وأن تختار
سلوك مسطرة التصحيح ضد خاضع آخر على الرغم من كونها تشك في نقصان
ثمن التملك الذي صرح به كل منهما ،وال يورد النص أي ضوابط أو معايير يمكن
االحتكام إليها ملعرفة نطاق تطبيق كال املسطرتين ،وهذا يعني أن اإلدارة الضريبية
تمارس سلطة تقديرية مطلقة ال رقابة للقضاء اإلداري عليها في انتقاء الخاضعين
للضريبة الذين تمارس ضدهم حق الشفعة الضريبية ،وبالتالي فهي من ناحية
تحرمهم من جميع الضمانات القانونية التي يتمتع بها غيرهم من املفوت لهم
الذين اختارت اإلدارة الضريبية أن تسلك في مواجهتهم مسطرة تصحيح الثمن
املصرح به ،كما أنها من ناحية أخرى تجردهم من ممتلكاتهم وال تكتفي بفرض
وتحصيل الواجبات املفروضة بناء على القيمة التجارية الحقيقية للعقار وقت
التفويت.
وبالتالي ،يكون الخاضعين لهذه املسطرة قد تحملوا عبئا استثنائيا ،لم يتحمله
غيرهم ممن تعتقد اإلدارة الضريبية أنهم صرحوا بثمن بيع يقل عن القيمة
التجارية الحقيقية للعقارات وقت التفويت.
وعليه ،يتبين أن املادة 341من املدونة العامة للضرائب تترك ممارسة حق
الشفعة للسلطة التقديرية لإلدارة الضريبية الش يء الذي يخول لها انتقاء
الخاضعين للضريبة بكيفية تعسفية وانتقائية.
الفقرة الثانية :انتفاء التعويض العادل عن فقدان ملك مكتسب في غياب نية
الغش
يتبين الطابع املجحف للتعويض الذي يفترض أن يحصل عليه املفوت له
املنزوعة أمالكه في إطار مسطرة الشفعة الضريبية ،من خالل تقدير مبلغ
التعويض ،حيث ال يحصل املشتري سوى على ثمن البيع املصرح به وتكاليف
العقد القانونية واملصاريف املقدرة في نسبة جزافية ال تتعدى %5من الثمن
املصرح به ،29علما أن الفقرة الثانية من البند IIمن املادة 65من املدونة العامة
للضرائب 30قدرت جزافيا تكاليف العقد القانونية واملصاريف في نسبة %35من
ثمن التملك ما عدا إذا أثبت الخاضع للضريبة أن املصاريف املذكورة تقدر بمبلغ
أعلى عندما يتعلق األمر بفرض الضريبة على األرباح العقارية على من قام بتفويت
عقاره طوعا أو جبرا ،وهذا يبين أن املشرع في املدونة العامة للضرائب في حالة
ممارسة حق الشفعة الضريبية ضد املشتري ،لم يكتف فقط بتقدير ضعيف
جدا للنسبة الجزافية التي تمثل تكاليف العقد القانونية واملصاريف ،وإنما حرمه
أيضا من حقه في الحصول على مبلغ أعلى في حالة إثباته أن املصاريف املذكورة
تقدر بمبلغ أعلى.
إضافة إلى ذلك ،فاملشتري محروم من حق استرداد املبالغ التي يستطيع أن
يثبت أنه تحملها قبل الشفعة الضريبية.
ويقبض املفوت له املنزوعة منه األمالك خالل الشهر املوالي لتبليغ مقرر
الشفعة الضريبية مبلغ التعويض ،31وفي حالة عدم األداء داخل األجل املعين،
يترتب بحكم القانون لفائدة املفوت له املنزوعة منه األمالك ،وبمجرد انصرام
الشهر املوالي لتبليغ مقرر الشفعة الضريبية ،فوائد محسوبة على أساس املقدار
القانوني املعمول به في القضايا املدنية.32
وهذا ،يعني أن املفوت له املنزوعة منه األمالك بمجرد تبليغ مقرر الشفعة
الضريبية عمليا ال يفقد فقط أمالكه ،وإنما من املحتمل جدا أيضا أن ال يقبض
مبلغ التعويض طيلة فترة زمنية قد تقصر وقد تطول ،فال هو يحتفظ بحيازة
أمالكه وال هو يسترد أمواله التي دفعها مقابل تملك العقار ،علما أن اإلدارة
الضريبية نفسها تؤكد بأن ثمن التملك املصرح به زهيد مقارنة إلى األثمنة التي
كانت سائدة في السوق في تاريخ التفويت.
و إن كانت تحسب للمشرع إخضاعه للعقار املمارس بشأنه الشفعة الضريبية
للبيع باملزاد العلني ،33إال أنه تحسب عليه أنه لم يحدد أي أجل لإلدارة الضريبية
للقيام بهاته العملية مما يفتح الباب أمام اإلدارة الضريبية لتأجيل البيع باملزاد
العلني لعدة سنوات إلى حين ارتفاع ثمن امللك ،الش يء الذي يمكنها من تفادي
افتضاح واقعة أن الثمن املتفق عليه في عقد البيع لم يكن يشوبه أي نقصان
في الثمن وأنه كان مطابق للقيمة التجارية الحقيقية للعقار وقت التفويت.
كما أن عدم تحديد أجل معقول إلجراء املزاد العلني ال يحول فقط دون إمكانية
التحقق من كون ثمن التملك املصرح به كان مطابقا للقيمة التجارية للعقار
وقت تفويته ،وإنما يجعل اإلدارة الضريبية تقوم بممارسة املضاربات العقارية
أيضا.34
إال أن ما يالحظ هو أن املشرع أغفل اإلشارة إلى الجزاء القانوني الذي يتعين
ترتيبه في حالة اإلخالل بهذا املقتض ى – بيع العقار من جديد عن طريق املزاد
العلني ،-ومدى إمكانية مطالبة املفوت له املنزوعة منه األمالك بإلغاء مقرر
الشفعة الضريبية واملطالبة ببطالن مسطرتها ،ألنها تكون قد حادت عن الهدف
والغاية املتوخاة منها.35
وهكذا ،فال توجد أية ضمانات تحول دون أن ينقلب حق الشفعة الضريبية
إلى مصادرة فعلية ألمالك املفوت له املنزوعة منه األمالك.36
وطبقا للفقرة الرابعة من املادة 832من املدونة العامة للضرائب ،فبمجرد
تبليغ مقرر الشفعة داخل األجل القانوني ،تحل الدولة محل املفوت له املنزوعة
منه األمالك فيما يرجع للمنافع والتحمالت الخاصة بالعقد ابتداء من يوم نقل
امللكية ،بحيث تعتبر هي املشترية من البائع مباشرة وأي تصرف يكون قد أقدم
عليه املشتري يكون الغيا وكأن لم يكن ،ذلك أن مقرر الشفعة الضريبية يسري
بأثر رجعي لكون املشرع قد نص على أن الدولة تحل محل املفوت له من يوم
نقل امللكية .37ويشطب عليها إذا سبق إدراجها في الدفاتر العقارية.38
ويبدو أن املشرع لم يعر أي اهتمام في هاته املادة إلى حقوق الغير خصوصا إذا
كان هذا الغير حسن النية وهذا املقتض ى خطير جدا ،ويعتبر هذا االتجاه خروجا
عن املبادئ املقررة في ميدان الشفعة.
فاملفوت له يعتبر مالكا بين فترة انتقال امللكية إليه وتاريخ تبليغه بمقرر
الشفعة الضريبية ،ويجب أن تعتبر تصرفاته خالل هاته الفترة صحيحة ألنها
مبنية على حسن نية وصادرة من مالك .وأن اإلبطال يجب أن ينصرف إلى
التصرفات الالحقة لتبليغ مقرر الشفعة الضريبية ألنها تعتبر مبنية على سوء
نية.
لهذا ،فإن االتجاه الذي سار فيه املشرع في هذا املجال يعتبر ذا طابع تحكمي
مخالف للقواعد العامة املعمول بها في مجال الشفعة.
فحلول الدولة محل املفوت له يكون بالنسبة للحقوق فقط وليس التزاماته
تجاه البائع ،بحيث يبقى املفوت له ملتزما في مواجهة املفوت بااللتزامات املضمنة
في العقد.
املطلب الثاني :غياب الطابع العادل للدعوى القضائية ضد مقرر الشفعة
الضريبية
قبلت الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض (املجلس األعلى سابقا) الطعن من أجل
تجاوز السلطة ضد مقرر الشفعة الضريبية في قرارها املؤرخ في ،393292/12/33
مما يعني أنها اعتبرت أن األمر يتعلق بمنازعة ذات طبيعة إدارية ،وهو نفس الحل
الذي أقرته في قرار حديث لها مؤرخ في ،8135/19/81والذي جاء في حيثياته:40
"حيث أثارت الطاعنة عدم اختصاص املحكمة اإلدارية نوعيا بالبت في الطلب
ألن النزاع ينصب حول شفعة العقار والبت في املنازعة من اختصاص القضاء
العادي.
لكن حيث إن األمر ال يتعلق بدعوى شفعة عقار مبيع التي يمارسها الشريك
الذي له حق الشفعة وإنما بالطعن باإللغاء في مقرر إداري بشفعة العقار املبيع
لعدم كفاية رسوم التسجيل املؤداة على عقد البيع وعدم تحصيل الرسوم
التكميلية املفروضة بناء على تقدير اإلدارة ،فإن الدفع ال أساس له ويتعين رده".
وعليه ،يكون القضاء اإلداري املغربي هو الجهة املختصة نوعيا في البت في
املنازعة في قانونية مقرر الشفعة الضريبية.
كما استقر االجتهاد القضائي املغربي على أن املنازعة في قانونية مقرر الشفعة
الضريبية ،تندرج في إطار طلبات اإللغاء بسبب تجاوز السلطة ،سواء قبل إحداث
املحاكم اإلدارية ،عندما كانت الغرفة اإلدارية باملجلس األعلى سابقا (محكمة
النقض حاليا) تبت كدرجة ابتدائية ونهائية في الطعن من أجل تجاوز السلطة،
حيث لم تتردد الغرفة اإلدارية في قبول الطعن من أجل تجاوز السلطة ضد مقرر
الشفعة الضريبية في قرارها املؤرخ في .413292/12/33وهو نفس التوجه الذي
سارت عليه الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض بعد إحداث املحاكم اإلدارية،
عندما أصبحت تبت في طلبات النقض املرفوعة ضد القرارات الصادرة عن
محاكم االستئناف اإلدارية من أجل تجاوز السلطة ،في قرارها املؤرخ في
.428135/19/81
وفيما يخص نطاق الرقابة القضائية على مقرر الشفعة الضريبية ،فقد اعتبر
املجلس األعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) ،قبل دخول قانون إجبارية تعليل
القرارات اإلدارية حيز النفاذ ،في قراره املؤرخ في ،3292/12/33أن قابض
التسجيل وحده من يرجع له تقدير كفاية ثمن البيع املصرح به أو القيمة التجارية
املثبتة من عدمه ،بحيث تصبح تقديرات قابض التسجيل لثمن التملك مهما
كانت متعسفة محصنة ضد أي رقابة قضائية ،مادام أن القاض ي لم يكتف فقط
باعتبار الخبرة إجراء داخليا ،وإنما لم يكلف نفسه أيضا مشقة التحقق من
واقعة نقصان الثمن التي يدعيها قابض التسجيل ،وإنما سلم بها على الرغم من
منازعة املنزوعة أمالكه فيها.
وهكذا ،جاء في حيثياته ،ما يلي" :43حيث إن الخبرة التي قامت بها إدارة
التسجيل في نطاق مقتضيات الفصل 18تشكل إجراء داخليا يلتجئ إليه قابض
التسجيل إذ يرجع له وحده في نطاق الفصل 18أن يقدر هل مبلغ ثمن البيع
املصرح به أو القيمة التجارية املثبتة غير كاف .ولهذا فليس من الواجب على
اإلدارة أن تستدعي املعني باألمر للحضور وقت إجراء الخبرة املذكورة".
وقد سارت محكمة النقض في نفس التوجه ،حتى بعد دخول قانون إجبارية
تعليل القرارات اإلدارية حيز النفاذ ،44ففي قرار حديث صادر عن محكمة النقض
بتاريخ ، ،8135/19/81اعتبر أن اإلدارة الضريبية تتمتع بسلطة تقديرية في
ممارسة حق الشفعة الضريبية ،عندما يبدو لها بأن الثمن املصرح به ال يتناسب
مع القيمة التجارية للعقار وقت إبرام العقد ،وهي غير ملزمة بإثبات عدم تناسب
القيمة املصرح بها في عقد البيع مع القيمة التجارية للعقار .
وهكذا ،جاء في حيثياته ،ما يلي" :45وملا كان املشرع قد استعمل عبارة إذا بدا
للوزير أن القيمة املصرح بها ال تتناسب مع القيمة التجارية للعقار ،فذلك يعني
أن األمر يتعلق بسلطة تقديرية لإلدارة في ممارسة الحق املذكور ،وقد مارسته
بعدما بدا لها بأن الثمن املصرح به ال يتناسب مع القيمة التجارية للعقار وقت
إبرام العقد ومحكمة االستئناف التي حملت اإلدارة عبء إثبات عدم تناسب
القيمة املصرح بها في عقد البيع مع القيمة التجارية للعقار حملت النص ما ال
يطيق ولم تبين من أين استقت ضرورة إثبات اإلدارة عدم التناسب بينهما ،فجاء
قرارها ناقص التعليل على النحو ينزل منزلة انعدامه وخرقت املقتضيات
القانونية املحتج بخرقها القانون 21.11املحدثة بموجبه محاكم االستئناف
اإلدارية وعرضت قرارها للنقض".
يتبين لنا من خالل هاتين النازلتين ،أن املنزوعة أمالكه محروم من حقه في
الدعوى العادلة ،ذلك أن تحصين تقدير اإلدارة الضريبية للقيمة التجارية للعقار
وقت التفويت ضد كل رقابة قضائية يؤدي بالضرورة إلى حرمان الطاعن من كل
إمكانية لتقديم منازعة معقولة في تقديرات اإلدارة الضريبية املتعلقة بنقصان
الثمن ،وهو األمر الذي يدفع الخاضعين للضريبة املهددين بنزع ملكيتهم بموجب
مسطرة حق الشفعة الضريبية إلى صرف النظر عن ممارسة حقهم في الدعوى
وقبول دفع واجبات التسجيل التكميلية والغرامات وفوائد التأخير مهما كانت
ظاملة ،لتفادي فقدان أمالكهم نتيجة ملمارسة اإلدارة الضريبية لحقها في الشفعة
في مواجهتهم.
وفي األخير ،تظهر املمارسة أن جميع مقررات الشفعة الضريبية التي صدرت
سواء قبل أو بعد دخول قانون تعليل القرارات اإلدارية حيز النفاذ ،تكتفي
باالدعاء بأن ثمن الشراء املصرح به يقل عن القيمة التجارية الحقيقية للملك،
دون اإلشارة إلى عناصر املقارنة التي تم االستناد عليها لالستدالل على نقصان
الثمن املصرح به.
خاتم ــة:
تجدر اإلشارة إلى أنه بعد إلغاء فرنسا لحق الشفعة الضريبية سنة 3226على
إثر إدانة املحكمة األوربية لحقوق اإلنسان لهذه اآللية ،لم يعد لحق الشفعة
الضريبية مثيل في األنظمة الضريبية للبلدان األوربية ،بل وفي جميع البلدان
املتقدمة .بل وحتى على مستوى دول العالم الثالث ،لم يقدم سوى عدد قليل
من البلدان على استنساخ حق الشفعة الضريبية عن القانون الفرنس ي ،نذكر
منها إلى جانب املغرب كال من تونس والجزائر ،وإذا كانت تونس قد سبقت إلى
إلغاء حق الشفعة الضريبية جميع بلدان العالم الثالث التي استنسخت هذا
النظام عن التشريع الفرنس ي وذلك منذ دخول املادة 9من القانون رقم 22-91
الئحة املراجع:
* الكتب:
-عبد الغني خالد ،املسطرة في القانون الضريبي املغربي ،دار النشر املغربية،
الدار البيضاء.8118 ،
-محمد شكيري ،القانون الضريبي املغربي :دراسة تحليلية ونقدية ،منشورات
املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،الرباط.8115 ،
-فاطمة الزهراء دحماني ،حق الشفعة لفائدة الدولة –املجال الضريبي
نموذجا ،-دار اآلفاق املغربية للنشر والتوزيع ،الدار البيضاء.8135 ،
-هشام املراكش ي ،حق الشفعة لفائدة الدولة في املجال الضريبي :دراسة في
املادتين 341و 832من املدونة العامة للضرائب ،منشورات مجلة املنارة
للدراسات القانونية واإلدارية ،سلسلة البحوث الجامعية ،العدد .8136 ،31
* املقاالت:
-توفيق زيداني ،إستعمال حق الشفعة لفائدة الخزينة في مجال الجباية
العقارية ،مجلة الباحث للدراسات األكاديمية ،العدد .8136 ،2
-حسن املولودي ،ممارسة حق الشفعة في املادة الجبائية بين النص القانوني
واالجتهاد القضائي ،دفاتر املجلس األعلى ،عدد .8133 ،36
-سفيان صابر ،الشفعة الضريبية وضمانات امللكية العقارية الخاصة ،مجلة
القانون املغربي ،العدد .8132 ،19
-عبد هللا اإلدريس ي ،ممارسة إدارة الضرائب لحق الشفعة الضريبية بين
السلطتين التقديرية واملقيدة ،املنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد خاص
.8132
-محمد بيصة ،حق الشفعة لفائدة الدولة وحقوق اإلنسان ،م.م.إ.م.ت ،عدد
مزدوج .8131 ،25-24
-محمد خيري ،حق الشفعة لفائدة الدولة :املادة 341من املدونة العامة
للضرائب املضمنة بقانون املالية لسنة ،8119مجلة املحاكم املغربية ،عدد ،338
.8112
* التقارير:
-تقرير لجنة املالية والتنمية االقتصادية حول مشروع قانون املالية رقم
42.12للسنة املالية .8131
* القوانين:
-املدونة العامة للضرائب املحدثة بموجب املادة 5من قانون املالية رقم 41.16
للسنة املالية 8119الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 3.16.818بتاريخ 31
ذي الحجة 13( 3489ديسمبر ،)8116املنشور بالجريدة الرسمية عدد 5429
بتاريخ 33ذو الحجة ( 3489فاتح يناير ،)8119ص.1.
-القانون رقم 11.13بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات املحلية
واملؤسسات العمومية بتعليل قراراتها اإلدارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم 3.18.818بتاريخ 38جمادى األولى 81( 3481يوليو ،)8118املنشور
بالجريدة الرسمية عدد 5182بتاريخ 1جمادى اآلخرة 38( 3481أغسطس
،)8118ص.8828.
-قانون عدد 91لسنة ،3222مؤرخ في ،3222/12/14يتعلق بالتبسيط في
اإلجراءات الجبائية والتخفيض في نسب األداء ،الرائد الرسمي للجمهورية
التونسية ،العدد 64لسنة .3222
* القرارات القضائية:
-قرار املجلس األعلى عدد 148الصادر بتاريخ 33غشت 3292في امللف اإلداري
عدد ،49584منشور بمجلة القضاء والقانون ،عدد .3292 ،382
-قرار محكمة النقض بتاريخ 8135/19/81تحت عدد 3/3913في امللف
اإلداري عدد ،38/3/4/35غير منشور.
-47نبيل صقر وصابر جميلة ،األحداث في التشريع الجزائري ،موسوعة الفكر القانوني ،دار الهدى للطباعة والنشر ،8002
ص .28
العالم املعاصر ،سواء املتقدمة منها أو النامية ،فهي تعرض مستقبل أجيالها
للخطر ،وقد عمدت الدول املختلفة على وضـع تشريعات خاصة بصغار السن
من مرتكبي الجرائم (األحداث) تختلف عن تلك املقررة للبالغين من املجرمين،
نظرا ألن حرية االختيار واإلدراك والتمييز عند الحدث تختلف عنها لدى اإلنسان
البالغ ،وهناك اهتمام بالغ لدى دول العالم بظاهرة انحراف األحداث ملا تتصف
به من خطورة مزدوجة؛ فهي من جهة لها تأثير سلبي ومدمر على األحداث أنفسهم،
حيث يغدون طاقات معطلة ال تفيد منهم مجتمعاتهم بش يء بل يشكلون عبء
عليها ،ومن جهة أخرى فهم يضرون بمجتمعاتهم ملا ينتج عن جرائمهم من أضرار
تلحق باألشخاص واألموال ،باإلضافة إلى ما تشكله ظاهرة انحراف األحداث من
هدم وتدمير للطاقات الخالقة املتمثلة في عنصر الشباب(.)48
وهكذا فإن النطاق املوضوعي ملعاملة الحدث الجانح عقابيا في هذه الدراسة
التي أتى بها املشرع تجاه الحدث التدابير( )49والعقوبات()50 ارتكز على دراسة
الجانح والوقوف على مدى فعاليتها ،حيث عمل املشرع املغربي على مواجهة
جنوح األحداث من خالل وضع أساليب التقويم واإلصالح املتمثلة في مجموعة
على اعتبارها هي األصل، باألولوية()51 من التدابير االحترازية التي يتم تطبيقها
-48قيس جبارين ،تقرير حول جنوح األحداث في التشريعات الفلسطينية ،سلسلة التقارير ( ،)6الهيئة المستقلة لحقوق المواطن،
رام اهلل ،تشرين الثاني ،8882ص 2و.8
-49التدابير االحت ارزية أو الوقائية هي وسيلة للحماية والوقاية لمنح خطورة المجرم أي منع احتمال عودته إلى ارتكاب جريمة
في المستقبل.
-50العقوبة هي الجزاء الجنائي الذي يفرضه المجتمع بواسطة هيئاته القضائية على مرتكبي الجرائم لردعهم وردع غيرهم بما
تباشره العقوبة من تهديد وارهاب نفس المجرم ونفس الكافة .ومن هنا يتضح أنه بينما أن الوظيفة األصلية للعقوبات هي وظيفة
أخالقية جوهرها الردع ،فإن الوظيفة األساسية للتدابير هي وظيفة نفعية مضمونها الدفاع عن المجتمع ضد خطورة المجرم
لمنع ارتكابه جرائم جديدة .انظر :يسر أنور علي وآمال عبد الرحيم عثمان ،أصول علمي اإلجرام والعقاب ،ج ،8علم العقاب،
دار النهضة العربية ،ط ،8882 ،86ص 55و 56و .25
-51كذلك بالنسبة للمشرع الفرنسي يسير في اتجاه تقرير أولوية التدبير على العقوبة ،وعموما ما يستفاد من المادة 8من قانون
8فبراير ،8895حيث أعطت لمحاكم األحداث بأن تجنح للحكم بتدابير الحماية والمساعدة والتعليم ،وقد ربط المشرع أفضلية
التدبير على العقوبة بما تراه المحكمة من ظروف الحال وشخصية الجاني انظر :
.Merle et Vitu ; Traité de droit criminel ; Tome 1 ; éd Cujas ; Paris ; 1974 ; p 747 -
(املطلب األول) ،ثم العقوبات التي تأتي كاستثناء في قضايا األحداث وذلك من
خالل تطبيقها وفق منهج يساير خصوصية الحدث ومتطلبات إصالحه( ،املطلب
الثاني).
املطلب األول :القضاء بالتدابير كخيار إلصالح الحدث الجانح وتأهيله
إذا كان املشرع أثناء وضعه ملجموعة من التدابير( )52لم يقتصر على األحداث
ما بين 38و 32سنة ،إذ جعلها ممكنة التطبيق أيضا على من هم دون سن 38
سنة ،فإن اإلشكاليات التي تتبادر إلى أذهان الفقه تتعلق بطبيعة هذه التدابير،
هل هي مجرد جزاءات تقويمية مجردة من عنصر اإليالم املقصود؟ أم أنها
عقوبات حقيقية نص عليها القانون في مجال خاص؟ أم هي في النهاية تدابير
مختلطة تجمع بين الصفتين العقابية والتربوية في نفس الوقت؟(.)53
التهذيبية()54 وفي ظل هذه االختالفات سنعمل على توضيح أنواع التدابير
املقررة للحدث الجانح (فقرة أولى) ،على أن نقف على الطبيعة القانونية لهذه
التدابير (فقرة ثانية).
-52سنعمل على دراسة تدابير الحماية أو التهذيب الواردة بالمواد 962و 920من ق.م.ج المغربي.
-53علي محمد جعفر ،حماية األحداث المخالفين للقانون والمعرضين لخطر االنحراف ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
والتوزيع ،ط ،8009 ،8ص 080و .088
-54وردت تدابير الحماية أو التهذيب بالمادة 928من ق.م.ج وفق الترتيب التالي "يمكن للمحكمة أن تتخذ في شأن الحدث
واحدا أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب اآلتية:
8ـ تسليم الحدث ألبوية أو للوصي عليه أو للمقدم عليه أو لكافله أو لحاضنه أو شخص جدير بالثقة أو للمؤسسة أو
للشخص المكلف برعايته؛
8ـ إخضاعه لنظام الحرية المحروسة؛
0ـ إيداعه في معهد أو مؤسسة عمومية أو خاصة للتربية أو التكوين المهني ومعدة لهذه الغاية؛
9ـ إيداعه تحت رعاية مصلحة أو مؤسسة عمومية مكلفة بالمساعدة؛
5ـ إيداعه بقسم داخلي صالح إليواء جانحين أحداث ال يزالون في سن الدراسة؛
6ـ إيداعه بمؤسسة معدة للعالج أو للتربية الصحية؛
7ـ إيداعه بمصلحة أو مؤسسة عمومية معدة للتربية المحروسة أو للتربية اإلصالحية.
يتعين في جميع األحوال أن تتخذ التدابير المشار إليها أعاله لمدة معينة ال يمكن أن تتجاوز التاريخ الذي يبلغ فيه عمر
الحدث ثمان عشرة سنة ميالدية كاملة"..
-55للتوسع في ماهية علم العقاب واهتماماته .يراجع :يسر أنور علي وآمال عبد الرحمان عثمان( ،م .س) ،ص 8وما بعدها.
La politique criminelle désigne ainsi L’ensemble des procédés susceptibles d’être proposés -56
au législateur, ou effectivement utilisés par celui-ci a un moment un pays donné , pour
combattre la criminalité (voir Roger Merle et André Vêtu, « traité de droit criminel, Problèmes
)généraux de la Science criminelle, Droit pénal ». Editions Cujas, Paris 6eme éd, 1984, p 97.
-57لطيفة اشويردي ،إدماج الحدث الجانح بالسجن ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في القانون الخاص ،كلية
الحقوق فاس ،السنة الجامعية ،8008 – 8002ص .00
-58وضع المشرع مجموعة من التدابير وجعلها تتخذ كتدابير مؤقتة بموجب أوامر قضائية ،وهي تختلف عن تدابير الحماية
والتهذيب التي تطبق بموجب أحكام وق اررات نهائية ،ويتضح ذلك من خالل الفقرة األولى واألخيرة من المادة 977ق.م.ج.
الفقرة -8يمكن للقاضي في قضايا الجنح أن يصدر "أمرا" يخضع بمقتضاه الحدث لواحد أو أكثر من تدابير نظام الحراسة
المؤقتة - . ...الفقرة األخيرة -تنفذ هذه التدابير المؤقتة رغم كل طعن وتكون قابلة دائما لإللغاء.
-59رشيد النووي ،التفريد العقابي لألحداث الجانحين بين النظرية والتطبيق ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في
القانون الخاص ،كلية الحقوق فاس ،السنة الجامعية ،8002 – 8007ص .50
-60إذا كان األمر يتعلق بمخالفة يرجع للمادة 962ق.م.ج ،أما في حال الجنحة فتطبق المادة ،920واذا تعلق األمر بجناية
فيتم تطبيق المادة 980من قانون المسطرة الجنائية.
-61إن منهج تطبيق التدابير الحمائية يأخذ بعين االعتبار انعدام المسؤولية (أقل من 88سنة) أو نقصانها (أكثر من 88سنة
والى حدود 82سنة).
-62يعد التوبيخ من التدابير األصلية في مادة المخالفات بالنسبة لألحداث ما بين 88و 82سنة وقد نص عليه المشرع بالمادة
962ق.م.ج " في حالة ثبوت المخالفة يمكن للقاضي أن يقتصر إما على توبيخ الحدث ،أو الحكم بالغرامة المنصوص عليها
قانونا ".
أما بالنسبة لألحداث أقل من 88سنة فقد استبدل المشرع مصطلح التوبيخ بمصطلح التنبيه – في حالة ارتكاب جنحة -وذلك
بالمادة 920ق.م.ج 8 ..." :ـ إذا كان عمر الحدث يقل عن 88سنة كاملة ،فإن المحكمة تنبهه وتسلمه"...
* -وقد عرفت المادة 808من قانون الطفل المصري رقم 886لسنة " 8002التوبيخ هو توجيه اللوم والتأنيب إلى الطفل
على ما صدر منه وتحذيره بأال يعود إلى مثل هذا السلوك مرة أخرى".
-63إن تدبير التسلم يصدر في حق الحدث أقل من 88سنة في حالة ارتكابه لمخالفة وذلك بنص المادة 962ق.م.ج "...
في حالة ثبوت المخالفة ... ،ال يتخذ في حق الحدث الذي لم يبلغ 88سنة من عمره ،سوى التسليم ألبويه أو .".....كذلك
في حالة ثبوت ارتكابه لجنحة المادة (/920ف )8هذا ويصدر تدبير التسليم في حق الحدث الذي يبلغ من العمر 88والى
حدود 82سنة في حالة ارتكابه أي جريمة كيفما ما كان نوعها بموجب المادة 928ق.م.ج (ف .)8
-64يصدر تدبير الحرية المحروسة في حق الحدث الذي تجاوز 88سنة من عمره بموجب المادة ( 920ف )8و 980ق.م.ج
التي تحيل على المادة 928ألنها تتضمن كل تدابير الحماية أو التهذيب بما فيها تدبير الحرية المحروسة.
-65انظر في ذلك :أكرم نشأت إبراهيم ،الحدود القانونية لسلطة القاضي الجنائي في تقدير العقوبة ،دار الثقافة ،8882ص
- .007عمر الفاروق الحسني ،انحراف األحداث ،المشكلة والمواجهة ،دون دار النشر ،ط ،8885 ،0ص .860
-66أحمد سلطان عثمان ،المسؤولية الجنائية لألطفال المنحرفين ،دراسة مقارنة ،المؤسسة الفنية ،القاهرة ،8008ص .876
-67أنظر في هذا الصدد:ـ عبد الفتاح بيومي حجازي ،المعاملة الجنائية واالجتماعية لألطفال ،دراسة متعمقة في قانون الطفل
المصري مقارنة بقانون األحداث اإلمارتي ،دار الكتب القانونية ،دار شتات للنشر والبرمجيات ،مصر ،المجلة الكبرى ،8007
ص .898
ـ فوزية عبد الستار ،المعاملة الجنائية لألطفال ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،8888ص .802
ـ محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات ،القسم العام ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،8870ص .808
-68كثي ار ما يعمد قضاة األحداث إلى إرفاق تدبير التوبيخ بتدبير آخر ،كما توضح األحكام التالية:
-الحكم الصادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط بتاريخ 8080/08/87في ملف رقم " 8008/078/89حيث تمت إدانة
الحدث من أجل ما النسب إليها ومعاقبتها بالتوبيخ وتسليمها ألولياء أمرها مع إخضاعها لنظام الحرية المحروسة لمدة 0أشهر.
غير منشور .وفي حكم آخر صادر عن المحكمة االبتدائية بالروماني بتاريخ 8006/8/0في ملف رقم " 8005/98حيث تمت
مؤاخذة الحدثين من أجل ما نسب إليهما ومعاقبتهما بالتوبيخ مع تسليمهما لوليهما القانوني وتحميل هذين األخيرين صائر
الدعوى .غير منشور( .أورد هذه األحكام :إبراهيم يوسات ،حماية األحداث الجانحين في ضوء قانون المسطرة الجنائية والعمل
يحققه من تقويم ،فقد تبنته عدة قوانين مقارنة سواء العربية منها( ،)69أو
متفقين بذلك على كون األحداث بعد توبيخهم سيشعرون بالخطأ الغربية()70
الذي اقترفوه ،ويدركون في ضوء هذا التدبير خطورة فعلهم على املجتمع
ويشفقون من وطأة الجزاء الذي ينتظرهم إذا عادوا إلى الجنوح( .)71إلى جانب
تدبير التوبيخ فقد منح املشرع لقاض ي األحداث إمكانية تسليم الحدث إلى وليه
أو إلى أشخاص حددهم باملادة 423ق.م.ج ،وهو ال يعني أن القاض ي يطلق سراح
الحدث وإنما يمكن اعتباره كتدبير حمائي( ،)72بل اعتبره بعض الفقه تدبيرا مقيدا
للحرية ألنه يفترض خضوع الحدث إلشراف ورقابة متسلمة واستجابته لتوجيهه،
بتربيته وتحسين سيرته(،)74 التزامه()73 وذلك حتى يستطيع من تسلمه أن ينفذ
فالتسليم يتم بصفة مبدئية إلى األبوين – وبغض النظر عن نوع الجريمة(،-)75
القضائي ومؤسسات التنفيذ ،بحث لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال،
الرباط ،السنة الجامعية ،8088 – 8088ص .06
-69القانون المصري رقم 886لسنة ( 8002المادة ،)808القانون اليمني رقم 86لسنة ( 8887المادة )06والقانون العراقي
رقم 76لسنة ( 8820المادة .)78
-70القانون اليوغسالفي في (المادة ،)78القانون الروماني (المادة ،)808انظر في ذلك :فوزية عبد الستار ،مرجع سابق،
ص ،802 – 807
ـ كذلك أشار إلى ذلك قانون األحداث الجانحين الفرنسي ( )8895/8/8في المادة /88ف.8
Art 21-2 « Toute fois, les mineurs de Treize ans ne pouvant faire l’objet que d’une
admonestation ».
-71فوزية عبد الستار ،مرجع سابق ،ص .802
-72فيصل اإلبراهيمي ،السلطة التقديرية لقاضي األحداث بين التدابير والعقوبة ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة
في القانون الخاص ،كلية الحقوق فاس ،السنة الجامعية ،8002 – 8007ص .89
-73اتجهت بعض القوانين إلى ترتيب مسؤولية جنائية عن عدم التزام متسلم الحدث بواجب رعايته وتربيته ،وذلك كما هو
الشأن في قانون الطفل المصري (المادة )888التي تنص على أنه "يعاقب بغرامة ال تقل عن مائتين جنيه وال يتجاوز ألف
جنيه من سلم إليه طفل وأهمل في أداء أحد واجباته واذا ترتب على ذلك ارتكاب الطفل جريمة أو تعرضه للخطر ...فإذا كان
ذلك ناشئا عن إخالل جسيم بواجباته تكون العقوبة الحبس مدة ال تقل عن ثالثة أشهر وال تجاوز سنة وغرامة ال تقل عن ألف
جنيه وال يتجاوز 5ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".
-74فوزية عبد الستار ،مرجع سابق ،ص .888
-75يتم اللجوء لتدبير التسليم بغض النظر عن الجريمة (مخالفة ،جنحة ،جناية) المرتكبة من طرف الحدث ،هذا التوجه يؤكده
القرار الصادر عن غرفة الجنايات االستئنافية بفاس عدد 06/89أ بتاريخ ،8006/08/89غير منشور ،حيث قررت الهيئة
تسليم كل من الحدثين لوليه القانوني رغم ارتكابهما لجناية هتك عرض قاصر بالعنف.
-76حسن الجوخدار ،قانون األحداث الجانحين ،دار الثقافة ،ط ،8888 ،8ص .86
-77هذا التوجه الذي اعتمده المشرع المغربي يتفق مع المادة 08من اتفاقية حقوق الطفل 8828والتي دعت إلى "عدم فصل
الطفل عن والديه على كره منهما إال عندما تقرر السلطات المختصة ....أن هذا الفصل ضروري لصون مصالح الطفل
الفضلى".
-78يعكس هذا التدبير – التسليم -الدور المحوري لألسرة باعتبارها مؤسسة اإلصالح األولي في التربية والحماية وترسيخ القيم
األخالقية واالجتماعية في الحدث واعداده بالطرق المالئمة لمواجهة الحياة االجتماعية (انظر في ذلك :فيصل اإلبراهيمي،
مرجع سابق ،ص .)89
-79نظم هذا التدبير بموجب قانون المسطرة الجنائية من خالل المواد من 986إلى ،500وقد اختلفت التشريعات حول
المصطلح الذي يعطى لهذا اإلجراء ،حيث أن التشريع العراقي – قانون رعاية األحداث – أطلق عليه تدبير مراقبة السلوك (م
،)27أما قانون الطفل المصري فسماه االختبار القضائي (المادة 808ف ،)6في حين التشريع السوري أخذ بمصطلح الحرية
المراقبة (م ،)09وقد عرف المشرع السوري الحرية المراقبة بالمادة 88من قانون األحداث الجانحين بكونها "مراقبة سلوك
الحدث والعمل على إصالحه بإسداء النصح له ومساعدته على تجنب السلوك السيئ وتسهيل امتزاجه بالمجتمع" ،وهو بذلك
يكون يتفق مع أهداف الحرية المحروسة الموضحة في المادة 987ق.م.ج المغربي.
-80يعهد في دائرة كل محكمة استئنافية إلى مندوب أو عدة مندوبين دائمين والى مندوبين متطوعين باإلشراف والتتبع التربوي
لألحداث الجاري عليهم نظام الحرية المحروسة (م 8/986ق.م.ج).
81
- JEAN CHAZAL ; L’enfant délinquant : que Sais je ; éd Peuf 9eme ed 1993 ; p 88.
-82علي محمد جعفر ،حماية األحداث المخالفين للقانون والمعرضين لخطر االنحراف ،مرجع سابق ،ص .002
83
; - (J) Chazal et (J) Gazier; caractère et exécution des décisions rendues par le Juge des enfants
dans : problèmes contemporains de procédure pénale; Recueil d’études en hommage à louis
hugueney ; paris ; sirey ; 1964 ; p 269.
-84هذا ما يتضح من خالل الحكم الصادر في الملف الجنحي أحداث رقم 88/09عن المحكمة االبتدائية بتازة بتاريخ
8088/00/80والذي جاء فيه "ونظ ار لدرجة إجرام الحدث ولوضعيتها االجتماعية ولكونها لم تصل بعد للسن التي تمكنها من
إدراك خطورة األفعال بشكل يقين ،"....حكم غير منشور.
-85إحصائيات صادرة عن مديرية الشؤون الجنائية والعفو سنوات 8002و 8008و.8080
-86إذا رجعنا إلى إحصائيات و ازرة الشباب والرياضة فإننا نجد تدبير الحرية المحروسة قد صدر في حق 8206حدث (طور
التربية) سنة ،8080أما خالل سنة 8088فقد صدر في حق 825حدث (طور التربية) .وهو ما يوضح مدى اهتمام قضاة
األحداث بهذا التدبير لما قد يحققه من نفع على الحدث ،خصوصا في الجنح والمخالفات التي ال تنم عن خطورة كبيرة ،وذلك
لما قد يقوم به المندوب (مندوب الحرية المحروسة الرسمي أو المتطوع) من أعمال وتوجيهات تجاه الحدث ،وأولياء أمره ليتمكنوا
من تربيته وارجاعه لجادة الصواب.
-87إحصائيات صادرة عن النيابة العامة لدى المحكمة االستئناف – شعبة اإلعالميات واإلحصاء بفاس ،منشور على الموقع
الرسمي للمحكمة ،www.cafes.ma .تاريخ االطالع .8088/80/88
-88المادة 928من ق.م.ج البنود .7 – 6 – 5 – 9 – 0والمادة 808من قانون الطفل المصري البند ،7كذلك المادة 9
من قانون األحداث السوري البنود (ج – هـ).
ليعاد إلى املجتمع عضوا صالحا ونافعا له ،فقد يحدث في الواقع أال يفلح أي
تدبير من تدابير إعادة التربية مع الحدث ،ما لم يقترن بالخوف من التدبير في حد
ذاته ،لذلك ينبغي أن تتوفر في هذه التدابير صفتي السجن واملدرسة ،ومن
الطبيعي أن ال يفرض هذا التدبير إال في الحاالت الصعبة( ،)89هذا ويهدف اإليداع
ومهنية()91 إلى تحقيق العملية اإلصالحية( )90من خالل برامج تعليمية وتثقيفية
من شأنها أن تمحو النزعة اإلجرامية الكامنة في نفسية الحدث ،وبالتالي مواجهة
عوامل الفساد واإلجرام ،وهو ما يشكل عملية بحث في أعماق الحدث
واستكشاف للقدرات واملواهب الكامنة فيه حتى يتم صقلها وتطويرها ،ثم
توجيهها نحو مجاالت الحياة الشريفة( ،)92هذا ما لم يمنع القضاة من إصدار هذا
التدبير حتى في الجنايات ،ففي قرار صادر عن غرفة الجنايات االبتدائية عدد
8116/22بتاريخ 8116/16/5قضت املحكمة بإيداع الحدث بمركز حماية
الطفولة عبد العزيز بن إدريس بفاس إلى حين بلوغه سن 32سنة من أجل جناية
الضرب والجرح بالسالح املؤدي إلى عاهة مستديمة(.)93
ولتجاوز األفعال الناتجة عن حالة األحداث ذوي النزعات املرضية والبدنية
والنفسية خول املشرع املغربي لقاض ي األحداث ،املستشار املكلف باألحداث،
إمكانية وضع الحدث بمؤسسة طبية أو للتربية الصحية مؤهلة لهذا الغرض(،)94
-89عبد الرحمان مصلح الشرادي ،انحراف األحداث في التشريع المغربي والقانون المقارن ،مطبعة األمنية ،ط ،8008 ،8ص
.808
-90محمد العروصي ،الحدث الجانح بين التدابير التهذيبية والعقوبة ،مجلة الملف ،ع ،88يونيو ،8088ص .80
-91هذا ما يترجم ما جاء في المادة 02من اتفاقية حقوق الطفل ،والمادة 78من قواعد الحد األدنى لمعاملة السجناء ،وكذا
القاعدة 89و 86من قواعد بكين ،باإلضافة للقاعدة 98من قواعد األمم المتحدة بشأن حماية األحداث المجردين من حريتهم
ثم المبدأ 80من مبادئ الرياض التوجيهية لسنة .8880
-92انظر في هذا الصدد - :محمد أفقير ،واقع التوجيه التربوي والمهني بمراكز حماية الطفولة ،بحث لنيل دبلوم المعهد الملكي
لتكوين األطر ،8826 -8825 ،ص .89
-نبيل صقر وصابر جميلة ،مرجع سابق ،ص 889
-93قرار غير منشور ،أورده فيصل اإلبراهيمي ،مرجع سابق ،ص .82
-94عبد الرحمان مصلح الشرادي ،مرجع سابق ،ص .896
وال يقف األمر عند هذا الوضع وإنما يمتد إلى حالة الحدث النفسية أو سلوكه
العام ،وفي هذه الحالة ال يمنع القاض ي من االستعانة بأهل الخبرة من األطباء
قبل إصدار األمر باإليداع على أن ال يتجاوز ثالثة أشهر بمركز مقبول مؤهل
لذلك(.)95
وإذا رجعنا للواقع العملي فإن حاالت التطبيق القضائي لهذا التدبير تبقى نادرة
باملقارنة مع تدبير اإليداع بمؤسسة تربوية (خصوصا مراكز حماية الطفولة)،
حيث وصلت نسب اإليداع باملؤسسات الطبية خالل سنوات 8112و8112
و )96(8131إلى أقل من %1,5مقارنة مع تدبير اإليداع بمراكز التربية والتي وصلت
سنة 8112إلى %33,4وسنة 8112إلى %38,1أما نسبة 8131فسجلت نسبة
،%34,81وهي نسب منخفضة بالنظر ألهمية هذه التدابير إذا ما تم تفعيلها
بشكل جيد.
وهذا إن دل على ش يء فإنما يدل على أن اللجوء إلى تلك املؤسسات أو املراكز
ال يوجد ما يفعله على أرض الواقع بالنظر للتكلفة املالية التي تحتاجها هذه
التدابير باإليداع في املؤسسات واملعاهد وغيرها( ،)97مما يبقى التساؤل مطروحا
عن فلسفة املشرع في التعامل مع الحدث وعن غايته من إقراره هذه التدابير إذا
لم يتم تفعيلها واقعيا.
وهنا ال يمكن أن نفوت الفرصة للقول بأن جل هذه التدابير تمت معالجتها في
الشريعة اإلسالمية وتأكيدها من لدن الفقه اإلسالمي الذي أعطى األولية
للتأديب عن العقاب( ،)98وهذا الطرح هو ما نهل منه الفقه النوازلي في معالجة
قررها الفقه( .انظر في هذا الصدد :حسن محمد األمين ،إجرام األحداث ومحاكمتهم في الفقه اإلسالمي ،دراسة مقارنة ،رسالة
لنيل درجة الماجستير في الفقه اإلسالمي ،جامعة أم القرى ،كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية8902 –8907 ،ه،ص ).082
-99وفي هذا الشأن سئل الشيخ أبو الحسن اللخمي عن بعض ضوابط التأديب وفق النازلة التالية" - :سئل الشيخ أبو الحسن
اللخمي :عن معلم صبيان ضرب أحدهم ثالثا أو أقل أو أكثر فمات ،فهل يقاد منه؟ وهل للضرب محل يعده كاألرجل والظهر
أم ال؟ وكيف لو ضربه ضربة على العمامة فمات أو أصاب طرف السوط عينه ففقأها هل يقتص منه أم ال؟ فأجاب :األدب
غير محصور وليس كل الصبيان سواء من القوة والضعف فمنهم من يخاف فيرده أقل الضرب ،ومن جرمه أشد من غيره
فيكون أشد ،فحال الصبيان مختلف ،فيوقع به من العقوبة ما يستحقه مما ال يخاف معه موت وال مرض ،فإن قدر موته فال
قود فتحسن الدية على العاقلة ،وان أصاب عينه فعليه ديتها"( .راجع - :فتاوى الشيخ أبي الحسن اللخمي القيرواني – جمع
وتحقيق وتقديم حميد بن محمد لحمر ،دار المعرفة الدار البيضاء ،د.ت.ن .ص .800وكذلك - :فتاوى البرزلي ،جامع مسائل
األحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام ،لإلمام الفقيه أبي القاسم بن أحمد البلوي التونسي المعروف بالبرزلي ،تقديم
وتحقيق محمد الحبيب الهيلة ،دار الغرب اإلسالمي ،ج ،6ط ، 8008 ،8ص .)26
-100فتاوى البرزلي ،مرجع سابق ،ص .886
-101وهي باألساس تدابير الحماية أو التهذيب التي تتفق على مستوى الصياغة إلى حد كبير مع أساليب التأديب في الشريعة
والفقه اإلسالمي.
قانونية منظمة ،وأيضا تماثل املصالح التي يعتدى عليها والتي تتطلب التدخل
التخاذ إجراء معين ،هذا باإلضافة إلى أن التدابير يوقعها القضاء على إثر أحكام
أو أوامر قضائية مضبوطة مما يدل على أنها تشترك مع العقوبات في خضوعها
ملبدأ الشرعية ومبدأ التدخل القضائي(.)106
وينتصر مارك أنسل لهذا االتجاه ،إذ يرى أن الدفاع االجتماعي الحديث يضم
العقوبات ،بمعناها القائم على املسؤولية األدبية والتهذيب ،والتدابير االحترازية
أيضا وال يرى أي فارق أساس ي بينهما ،فالعقوبة نفسها لها خاصية التهذيب(،)107
وفي هذا الصدد يقول" :إن الذي يهم الدفاع االجتماعي ليس هو اسم الجزاء
وإنما هو مضمونه الذي يجب أن يتجه إلى عالج املحكوم عليه ،فإذا تسنى التقدم
في مجال فحص الشخصية وفي التوصل إلى نظام عقابي يصلح املجرم ،فإن
التفرقة بين العقوبة والتدبير مجرد مجاز أو مسألة مدرسية تخلو من حقيقة
ذاتية"(.)108
وارتباطا بمذهب مارك أنسل نجد أن الدكتور أحمد فتحي سرور يقول..." :
وهكذا أصبحت العقوبة كالتدبير االحترازي من حيث االستناد إلى مذهب الدفاع
االجتماعي ،والسياسة الجنائية ال تسترشد فيما تأمر باتخاذه إال بمدى فعالية
الجزاء على الفرد أن يخضع له على ضوء ما تبين من فحص شخصيته ،وعلى
هذا األساس فال أهمية للتمييز بين العقوبة والتدابير االحترازية في السياسة
الجنائية الحديثة طاملا أن االثنين يعتبران من تدابير الدفاع االجتماعي"(.)109
-106انظر في هذا الصدد -:عبد اهلل سليمان ،النظرية العامة للتدابير االحت ارزية ،دراسة مقارنة ،المؤسسة الوطنية للكتاب،
الجزائر ،8880 ،ص .800
-يسر أنور علي وآمال عبد الرحيم عثمان ،مرجع سابق ،ص .880 – 888
-أحمد لطفي السيد ،أحمد لطفي السيد :المدخل لدراسة الظاهرة اإلجرامية والحق في العقاب ،الجزء الثاني ،د.د.ن–8008 ،
،8000ص .886
-107عبد الحكم فودة ،جرائم األحداث في ضوء الفقه وقضاء النقض ،دار المطبوعات الجامعية اإلسكندرية ،8887ص
.896
108 eme
- Ancel Marc ; La défense sociale nouvelle ; 2 éd Paris 1966 ; p 144.
-109أحمد فتحي سرور" :أصول السياسة الجنائية" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،8878 ،ص .880
وقد أخذت محكمة النقض املصرية بهذا الرأي واستقر عليها قضاؤها ،وفي
هذا املعنى قضت بأن الجزاءات التقويمية املقررة لألحداث ،وإن كانت لم تذكر
باملواد 2وما يليها من قانون العقوبات املبينة ألنواع العقوبات األصلية والتبعية،
إال أنها في الواقع عقوبات حقيقية نص عليها القانون لصنف من الجناة هم
األحداث ألنه رآها أكثر مالئمة وأعظم أثر في تقويم أخالقهم( ،)110وإذا كان القانون
لم ينص عليها في باب العود ولم يعدها من قبيل السوابق ،فإن ذلك ال يفقدها
صفتها ،بل كل ما أراده من ذلك هو أال يكون لها أثر س يء في مستقبل هؤالء
األحداث(.)111
أما الرأي الذي يأخذ باختالف العقوبات-التي جوهرها الردع -عن التدابير-
التي تهدف إلى العالج والتهذيب -يتجه فيه فريق من الفقه معزز باالتجاهات
الحديثة سواء في القانون الدولي أو السياسة الجنائية املعاصرة إلى أن األصل
في التدابير املطبقة في مجال معاملة األحداث الجانحين ،أنها تدابير تربوية
تستهدف إصالحهم وتقويمهم وإعادة تنشئتهم ،ومن تم ال تعتبر من قبيل العقوبات
أو التدابير الوقائية(.)112
-وقد اعتبر البعض أن التدابير ال تخرج من نطاق العقوبات ،فلها -أي لتلك التدابير -صفة الجزاء ووظيفة العقوبة ،فهي
مقررة لمصلحة الحدث ومصلحة المجتمع معا ،وفي الحكم بها معنى اإلدانة غاية ما في األمر أن هذه التدابير تمثل نوعا
خاصا من العقوبات مقررة لصنف محدد من الجناة ،ولهذا يعبر عنها المشرع بمصطلح العقوبات الخاصة باألحداث والمقصود
بها محض التهذيب واإلصالح ومن أجل ذلك كانت أخف من العقوبات العادية المقررة في القانون( ،راجع في ذلك :نبيل صقر
وصابر جميلة ،مرجع سابق ،ص .)85 – 89
-110مدحت الدبيسي ،محكمة الطفل والمعاملة الجنائية لألطفال في ضوء القانون رقم 886لسنة 8002المعدل للقانون رقم
88سنة 8886بشأن األطفال ،المكتب الجامعي الحديث ،8088 ،ص .08
-111نبيل صقر وصابر جميلة ،مرجع سابق ،ص .85
= -112انظر في هذا الصدد :نفس المرجع السابق ،ص .89
= -نجاة جرجس جدعون ،جرائم األحداث في القانون الدولي والداخلي ،دراسة مقارنة ،منشورات زين الحقوقية ،8080 ،ص
.098
-وكانت محكمة النقض المصرية اتجهت في أول األمر إلى اعتبار التدابير من طرق التربية وليست عقوبات بالمعنى المقصود
في قانون العقوبات استنادا إلى أنها ليست داخلة ضمن البيان الرسمي للعقوبات األصلية والتبعية كما هو مقرر في ذلك
القانون( .يراجع في ذلك :مدحت الدبيسي ،مرجع سابق ،ص .)00
كما أن هناك من الفقه من اتجه إلى أن التدابير التي توقع على األحداث
الجانحين يمكن أن تحتمل الصفتين – العقوبة والتدبير -معا وذلك حتى تواجه
بها الخطيئة باإلضافة إلى الخطورة اإلجرامية(.)113
وفي نظرنا فإن تحديد الطبيعة القانونية للتدابير الصادرة في حق األحداث
الجانحين ،تنطلق من غايتها ،حيث إذا كانت هذه التدابير الصادرة في حق الحدث
تتجه إلى تركه في وسطه الطبيعي ،مع ما يرافق ذلك من توجيهات فاألمر في هذه
الحالة يتعلق بتدبير وليس فيه ما يمكن إعطاءه صبغة العقوبة ،أما إذا كان
التدبير يهدف إلى وضع الحدث في مكان مغلق أو شبه مغلق -مع ما تعرفه هذه
املؤسسات من ممارسات ونظام وطرق معاملة قاسية نوعا ما -فاألمر هنا يعد
عقوبة من نوع خاص ،موجهة إلى فئة خاصة وتنفذ في مؤسسات خاصة.
بعد عرض مختلف التدابير التي قررها املشرع في حق الحدث الجانح ،ثم
الوقوف على طبيعتها القانونية( ،)114من حيث أنها تدابير تربوية ال تحمل معنى
الردع واإليالم أم أنها صورة خاصة لنوع من العقوبات التي تطبق على صنف
من املذنبين ،سنقوم بدراسة مراحل تدرج املسؤولية ومدى تأثيرها على إيقاع
العقوبات في حق الحدث الجانح ،وذلك ضمن مطلب يحمل عنوان (منهج
العقوبات املقررة للحدث الجانح).
املطلب الثاني :منهج العقوبات املقررة للحدث الجانح
ارتبطت العقوبة ارتباطا وثيقا بالظاهرة اإلجرامية ،فقد أدت في العصر القديم
دور االنتقام من الجاني ،ومع مرور األيام وتقدم البشرية ،اختلفت النظرة إلى
العقوبات ،ولم تعد تقتصر على االرتباط بخطورة الفعل اإلجرامي ،بل أخذت
شخصية املتهم وظروفه دورا تتزايد أهميته مع التطور العلمي الحديث ،فمن يتم
توقيع العقوبة عليه ال يعتبر مجرما ،وإنما هو ضحية عوامل خارجية وداخلية
محيطه به ويتأثر بها فتدفعه إلى ارتكاب الجريمة ،لذلك تدرج املشرع باملسؤولية
والعقوبة للحدث بتدرج السن فوضع الجزاءات على قدر مسؤوليتهم على أن
يكون الهدف اإلصالح والتهذيب وتجنب الحدث العوامل اإلجرامية ،ووضع
عقوبات مخففة له ،لذلك سوف تقتصر دراستنا في هذا املقام على بيان مراحل
تدرج املعاملة العقابية للحدث الجانح (الفقرة األولى) ومن ثم العقوبات الجنائية
املقررة للحدث الجانح (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :مراحل تدرج املعاملة العقابية للحدث الجانح
بالسن وجودا ونقصا وعدما ،حيث تنتفي في الجنائية()115 ترتبط املسؤولية
أول مراحل العمر ،ثم تنشأ ناقصة في املرحلة الالحقة ،وتتدرج إلى أن تكتمل
باكتمال األهلية عند بلوغ سن الرشد الجنائي ،لذا فمن الطبيعي أن تختلف
التشريعات القانونية في تصنيفها ملراحل الحداثة تبعا الختالف وتباين الظروف
واألحوال الطبيعية ،واالجتماعية والحضارية السائدة في كل مجتمع ،ولهذا سوف
نشير إلى التقسيم الذي ساد في أغلب النظم الجنائية ملراحل الحداثة ،وهو
التقسيم الذي يصنف هذه املراحل تبعا لتقسيم ثنائي يضم مرحلة انعدام
املسؤولية وهي املرحلة األولى من العمر ،ثم مرحلة املسؤولية الجنائية املخففة
أو الناقصة ،ففي املراحل األولى أعفى املشرع الصغير من كل مسؤولية جنائية
النعدام اإلدراك والتمييز لديه وحرية االختيار(.)116
-115تعرف المسؤولية الجنائية بأنها "االلتزام بتحمل تبعة األفعال اإلجرامية ،والخضوع من ثم للجزاءات الجنائية المقررة لها"
وهي بذلك تعبر عن حالة الشخص وصالحيته بتحمل تبعة سلوكه المخالف للقاعدة التجريمية( ،انظر في ذلك :عادل يحي
قرني علي ،النظرية العامة لألهلية الجنائية ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،8000 ،ص 8و ).8
-وللتوسع أكثر في نظرية المسؤولية الجنائية راجع :محمد كمال الدين إمام ،المسؤولية الجنائية أساسها وتطورها دراسة مقارنة
في القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،ط .8880 ، 8
-116المبدأ في القانون الجنائي هو إقامة المسؤولية الجنائية على أساس أخالقي ،أي على الخطأ بحيث نجده يشترط للمساءلة
الجنائية أن يكون اإلنسان سليم العقل (الفصل 808من القانون الجنائي المغربي) ،وأن يكون كذلك عامل اإلرادة أي مختا ار
لها غير مكره أو مجبر على إتيانها (الفصل 809ق.ج.م) أما إذا فقد اإلنسان إدراكه أو كان غير مميز أو انتفت إرادته،
وفي هذا السياق ،تنص أغلب التشريعات العربية( )117على أنه ال مسؤولية على
من لم يتم السنة السابعة من العمر وقت ارتكاب الجريمة ،وإذا ما ارتكب الطفل
جريمة قبل هذا السن فال توقع عليه أية تدابير أو عقوبات ،كما ال يجوز إقامة
الدعوى العمومية عليه ،والعلة في ذلك أن الحدث غير املميز لم يتوافر له اإلدراك
السليم لالختيار بين الخير والشر ،والغالب أنه ال يقدر على ارتكاب جريمة ما في
هذا السن ،وإذا حصل وارتكب أي فعل فإن هذه التشريعات تعتبره غير مسؤول
جنائيا ،ألن هذه األخيرة ال تقوم إال إذا توافر الخطأ لدى الجاني ،وهذا الخطأ ال
محل لبحثه في حال انعدام األهلية( ،)118أما مشرعنا املغربي فقد رفع بشكل كبير
مرحلة انعدام التمييز وحددها في سن اثني عشرة سنة( ،)119وهذه نقطة إيجابية
تميز بها مشرعنا في الوقت الذي تسعى فيه بعض التشريعات إلى الرفع هي األخرى
من مرحلة انعدام التمييز التي ال تتطلب تحريك املتابعة الجنائية(.)120
هذا وقد أثير خالف بين النظم القانونية الجنائية في مختلف الدول حول وضع
حد أدنى لبدء املسؤولية الجنائية( )121وتدرجها تصاعديا حسب تقدير درجة نمو
ملكتي اإلدراك والتمييز لدى الحدث ،فهناك فريق من الفقهاء يتجه إلى تحديد
سن معينة كحد أدنى تبدأ بعده مساءلة الحدث جنائيا ،بحيث ال يتخذ ضد
امتنعت مسؤوليته الجنائية كليا( .انظر في ذلك :محمد السراحني ،تأمالت في المسؤولية الجنائية لألحداث في التشريع الجنائي
المغربي ،مجلة المعيار ،ع ،08يونيو ،8002ص .)888
-117قانون األحداث السوري (المادة ،)8قانون معدل لقانون األحداث األردني ،رقم 58لسنة ( 8008المادة 8والمادة.)88
-118لحسن فضل اهلل ،دور المؤسسة السجنية في إعادة تأهيل الحدث الجانح – دراسة مقارنة ،بحث لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية الحقوق فاس ،السنة الجامعية ،8006 – 8005ص .00
-119الفصل 852من القانون الجنائي المغربي ،والمادة ،952ق.م.ج ،المغربي.
-120نجد تشريعات ترفع سن عدم المسؤولية الجنائية إلى عشر سنوات ،منها قانون رعاية األحداث اليمني ،وتعديالته رقم
( )86سنة ( 8887المادة )06والمادة ( )2/888من قانون العقوبات الفرنسي بموجب (المادة )88من قانون 8دجنبر .8008
(انظر :محمود سليمان موسى ،اإلجراءات الجنائية لألحداث الجانحين -دراسة مقارنة ،-دار المطبوعات الجامعية اإلسكندرية
،8002ص .)800
-121في بعض الدول يتم تقسيم مرحلة انعدام المسؤولية الجنائية إلى مرحلتين ،المرحلة األولى ال يجوز اللجوء فيها ألي إجراء
أو إصدار أي تدبير وحددها غالبا في عمر أقل من 7سنوات ،أما المرحلة الثانية فهي من 7إلى 88سنة وفيها يمكن اللجوء
لبعض التدابير من أجل تجاوز ما قد يظهر من خطورة إجرامية (سلوكات غير سوية) ،من هذه التشريعات نجد قانون الطفل
المصري (المادة )89وقانون األحداث السوري (المادة .)0
الحدث الذي تقل سنه عن ذلك أي إجراء وال يكون محال إلنزال أية عقوبة أو
تدبير في حالة اقترافه سلوك معين يصبغ عليه القانون صفة اإلجرام ،إذ تضع
الدول في اعتبارها قابلية الحدث ،في هذه السن ،للتربية واإلصالح( ،)122بينما
يميل اتجاه آخر إلى عدم تحديد هذا السن مسبقا ألن خصوصية كل حدث
تختلف من شخص إلى آخر وينبغي االعتماد على معايير علمية لتقييم الشخصية
الجانحة لدى الحدث لتحديد سن التمييز واإلدراك ،دون اللجوء إلى النصوص
القانونية لوحدها ،حسب املصلحة الالزم تحقيقها للطفل انطالقا من التطورات
الفيزيولوجية والنفسية( ،)123ولعل هذا التوجه هو الذي أخذ به املشرع املغربي
عندما ترك مرحلة انعدام املسؤولية في أقل من 38سنة دون وضع سن ال يمكن
اللجوء دونها ألي إجراء كيفما كان ،وكيفما كانت الجريمة املرتكبة ،حيث بقي
الحدث الذي لم يجاوز 38سنة محط تدبير التنبيه أو التسليم في حالة ارتكابه
لجنحة أو مخالفة ،أو إحدى التدابير املنصوص عليها في املادة 423ق.م.ج إذا
تعلق األمر بجناية.
هذا وسار الفقه والتشريع الفرنسيين في نفس االتجاه ،حيث يذهبان إلى إقامة
قرينة قانونية قاطعة غير قابلة إلثبات العكس على امتناع املسؤولية الجنائية
دون الثالثة عشرة سنة( ،)124وبذلك ال يجوز توقيع أية عقوبة عليه في هذه
املرحلة( ،)125إنما يقتصر األمر على اتخاذ تدابير تهذيبية وتعليمية وكذا تدابير
التكوين املنهي واإليداع في مؤسسات مساعدة الطفولة أو املؤسسات ذات الطابع
-122أحمد سلطان عثمان ،المسؤولية الجنائية لألطفال المنحرفين – دراسة مقارنة ،-المؤسسة الفنية للطباعة والنشر القاهرة
،8008ص .85
123
- Chahid Slimani ; La politique criminelle en matière de délinquance ; Mémoire de D.E-S-A.
Faculté de sciences Juridiques Fes ; année universitaire 2002 – 2003, p 44.
-انظر كذلك :باسم عبد الرحمن الغويري ،االتجاهات المستحدثة في المعاملة العقابية لألحداث ،بحث لنيل درجة الماجستير
في الحقوق ،قسم القانون العام – جامعة مؤته ،8088 -ص 80و .88
-124عادل يحيى قرني علي ،مرجع سابق ،ص .898
-125كانت الشريعة اإلسالمية السباقة إلى إفراد معاملة عقابية خاصة بالحدث الجانح وذلك انطالقا من مراحل نضجه وادراكه.
وملدة قصيرة في حق أحداث قد يصل عمرهم إلى 38أو 31سنة وارتكبوا جنح
بسيطة ،وهو ما يهددهم في استقرارهم ونموهم السليم ،ومن ثم نشير إلى ضرورة
نهج السبيل الذي اتخذه املشرع املصري حينما جعل تطبيق العقوبة غير وارد
إذا كان عمر الحدث ال يتجاوز 35سنة كيفما كانت الجريمة املرتكبة( ،)135ومن
ثم سيتم تخفيض عدد األحداث املودعين في السجون واملؤسسات اإلصالحية،
وهو نفس التوجه الذي ينبغي اعتماده في املادتين 428و 421من ق.م.ج.
ومن هذا املنطلق ،فإنه إذا كانت هناك من إمكانية لتطبيق عقوبات سالبة
للحرية ولو بصفة استثنائية على الحدث الجانح ،فإن السؤال يبقى مفتوحا حول
مضمون وماهية هذه العقوبات املخفضة ،وذلك لتوضيح الرؤية بشأن العقوبة
السالبة للحرية املتخذة في حق الحدث.
الفقرة الثانية :العقوبات الجزائية املقررة في حق الحدث الجانح
لقد أصبح توقيع العقوبة السالبة للحرية على الحدث أمرا واردا ومحتمل
الوقوع ولو بشكل استثنائي ما دامت إجراءات الحماية أو التهذيب ال تجدي نفعا
في تأهيل الحدث الجانح نظرا لخطورته اإلجرامية ،ولكن هذا ال ينفي إتباع
أسلوب مغاير ومعايير محددة من أجل اتخاذ مثل هذا اإلجراء ،حيث البد من
اللجوء إلى التخفيف بإعمال الظروف واألعذار املخففة للعقاب كصغر السن،
الذي أعطى تدرجا للمسؤولية الجنائية ،وبالتالي العقوبة ال توقع إال بقدر توافر
ملكتي الوعي واإلدراك.
2ـ إذا كان الحدث يتجاوز عمره 88سنة يمكن أن يطبق في حقه إما تدبي ار أو أكثر من بين تدابير الحماية أو التهذيب
المنصوص عليها في المادة 928بعده ،أو بإحدى العقوبات المقررة في المادة ،928أو تكمل هذه العقوبات بواحد أو أكثر
من تدابير الحماية أو التهذيب.
"........................
-135المادة 808من قانون الطفل المصري تنص على أنه "يحكم على الطفل الذي لم يتجاوز سنه 85سنة ميالدية كاملة –
إذا ارتكب جريمة -بأحد التدابير اآلتية" :التوبيخ ،التسليم ،اإللحاق بالتدريب المهني ،اإللزام بواجبات معينة."... ،
وفي هذا اإلطار ،فإذا كان صغر السن يشكل عذرا مخففا للعقوبة ،فإنه في
بعض الحاالت قد يجتمع هذا العذر إلى جانب أعذار أخرى حددها القانون
وتطبق على الجميع بدون استثناء ،فلمن تعطى األولوية في التطبيق؟ وهل من
املمكن الجمع بينهما لتقرير تخفيض العقوبة؟
وهكذا ،فقد أثار موضوع الجمع بين عذر صغر السن وأعذار أخرى نقاشا فقهيا
واسعا في بعض القوانين املقارنة حول مدى جواز أو عدم جواز الجمع بينهما،
خصوصا الفقه املصري الذي يغلب فيه الرأي املتجه إلى عدم جواز الجمع بين
عذر صغر السن وظروف الرأفة( ،)136أما الفقه الفرنس ي فيرى جواز الجمع بين
عذر صغر السن واألعذار األخرى وذلك يعود حسب اعتقادهم إلى عمومية ظروف
الرأفة ،حيث يمكن أن يستفيد منها األحداث والبالغون واملجرمون املبتدئون
وحتى العائدون إلى اإلجرام(.)137
وتبعا لذلك ،فإنه إذا كانت هناك من خالفات على مستوى الفقه املقارن ،فإن
املشرع املغربي حسم هذا التوجه بإمكانية الجمع بين عذر صغر السن وظروف
التخفيف وذلك بمقتض ى الفصل 363من القانون الجنائي الذي أعطى
الصالحية للقاض ي عند تحديد العقوبة أن يراعي توافر األعذار القانونية املرتبطة
بارتكاب الجريمة واملخفضة للعقوبة ،ثم يراعي األعذار القانونية املتعلقة
بشخصية الجاني واملخفضة للعقوبة ،على أن يراعي كمرحلة أخيرة الظروف
القضائية املخفضة للعقوبة(.)138
-136عمر الفاروق الحسني ،انحراف األحداث -المشكلة والمواجهة ،د.د.ن ،ط ،8885 ،8ص 085و .086
-علي محمد جعفر ،األحداث المنحرفون ،مرجع سابق ،ص .888
-137انظر في هذا الصدد -:فيصل اإلبراهيمي ،مرجع سابق ،ص .59
-مراد دودوش ،حماية الطفل في التشريع الجنائي المغربي جانحا وضحية – دراسة مقارنة ،-بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة ،كلية الحقوق بفاس ،السنة الجامعية ،8000 – 8008ص .99
-138وفي هذا الصدد نجد الفصل 868من القانون الجنائي يتحدث عن الحدث بشكل صريح ،حيث ينص على أنه إذا كان
الجاني حدثا وقرر القاضي أن يطبق عليه عقوبة بمقتضى المادة 928من ق.م.ج ،فإن تخفيض العقوبة أو تبديلها المقررين
في تلك المادة يراعي في تحديدها العقوبة الواجب تطبيقها على المجرم البالغ حسب مقتضيات الفصل 868ق.ج.
وفي هذا الصدد سار العمل القضائي على تأكيد الجمع بين عذر صغر السن
وظروف التخفيف ،حيث جاء في قرار صادر عن غرفة الجنايات االبتدائية بفاس
عدد 12/3أ بتاريخ )139(8131/13/32أنه " وحيث اقتض ى نظر املحكمة استبدال
التدابير الواردة في املادة 423من قانون املسطرة الجنائية بعقوبة حبسية
لخطورة األفعال املرتكبة مع جعلها موقوفة التنفيذ لحداثة سنهما وعدم
سوابقهما القضائية بعد تمتيعهما بظروف التخفيف لظروفهما
االجتماعية"(.)140
وأخذا بعذر صغر السن وظروف التخفيف فقد قرر املشرع املغربي عقوبات
مختلفة حسب نوع الجريمة ،فجعلها تتدرج بين الغرامة والعقوبات السالبة
للحرية ،حيث نجده في املادة 463ق.م.ج يقرر "في حالة ثبوت املخالفة يمكن
للقاض ي أن يقتصر إما على توبيخ الحدث أو الحكم عليه بالغرامة املنصوص
عليها قانونا."...
ونالحظ من خالل صياغة املادة 462أن املشرع جعل من تدبير التوبيخ وعقوبة
الغرامة( )141األنسب في حالة ارتكاب املخالفة ،إال أنه ما يستوقفنا هنا هو عدم
التنصيص على استثنائية الغرامة بالنسبة للحدث في حال ارتكابه مخالفة ،وذلك
كما فعل بالنسبة للجنح( ،)142حيث تنص املادة 428ق.م.ج على أنه " يمكن
للمحكمة بصفة استثنائية أن تعوض أو تكمل التدابير املنصوص عليها في املادة
السابقة بعقوبة حبسية أو مالية."...
ويتبين من خالل اطالعنا على اإلحصائيات الصادرة عن وزارة العدل لسنة
8112و 8112و ( )143(8131جدول )8أن نسبة اللجوء لعقوبة الغرامة تتراوح
بين %5و %2من مجموع التدابير.
كما أنه باطالعنا على بعض األحكام نجد أم مبلغ الغرامة املحكوم بها على
الحدث يصل إلى 3111درهم( )144وفي نظرنا يبقى املبلغ مرتفع بالنسبة للحدث.
ونظرا لعدم جدوى هذه العقوبة على مستوى الواقع( ،)145وغياب الوسائل
القانونية املالئمة والكفيلة بااللتزام بتنفيذها يمكن التخلي عليها في قضايا
-أما المشرع األردني في قانون األحداث لسنة 8008لم يحدد الشخص الذي تنفذ عليه الغرامة ،بل ترك الباب مفتوحا أمام
القاضي للحكم على الحدث أو وليه .المادة ( 88د) – 8و"إذا اقترف المراهق جنحة أو مخالفة جاز للمحكمة أن تفصل في
الدعوى على الوجه اآلتي :بالحكم عليه أو على والده أو وصيه بدفع غرامة ."...هذا وقد تجاوز المشرع األردني الحكم بالغرامة
إلى تعويضها باالعتقال إذا امتنع المراهق أو الفتى عن دفع الغرامة ،وذلك بمعدل يوم عن كل دينار على أن ال تتجاوز مدة
االعتقال الشهرين (المادة 89قانون األحداث األردني).
-142الفقرة السادسة من المادة 920ق.م.ج .التي تحيل بدورها على المادة 928التي تنص على استثنائية عقوبة الغرامة
المتخذة في حق الحدث المقترف لجنحه.
-143كذلك إذا اطالعنا على إحصائيات محكمة االستئناف بفاس يظهر لنا أن نسبة اللجوء لعقوبة الغرامة ال تتجاوز نسبة
( %8راجع الموقع الرسمي للمحكمة .(www. Cafes.ma
-144حكم جنحي عدد 05/898صادر عن المحكمة االبتدائية بتازة بتاريخ ،8005/08/80غير منشور .وقاضي األحداث
في هذا الحكم لم يحدد على من سينفذ هذا الحكم .وعلى العكس من ذلك فإن الحكم الصادر في ملف عدد 88/98عن نفس
المحكمة بتاريخ ( 8088/08/89حكم غير منشور) نجد قاضي األحداث بعد تحديد الغرامة المالية التي قدرها ( 88060لفائدة
إدارة الجمارك) جعل ولي الحدث ملزم بأداء هذه الغرامة تحت طائلة اإلجبار في سنة حبسا نافذا عند عدم األداء ،وفي هذا
الحكم ما يمس بمبدأ شخصية العقوبة .وفي المقابل هناك من اعتبر بأنه يمكن أن تبقى هذه العقوبة معلقة دون أن يخضع
الحدث ألي إجراء الذي من المفترض أن يخضع له من أجل استئصال ما تنم عليه شخصيته من خطورة( .انظر في ذلك
محمد الحبيب الشريف ،شرح مجلة حماية الطفل ،مركز الدراسات القانونية والقضائية ،و ازرة العدل ،تونس ،8887ص .)858
-145وفي هذا الصدد يقول بعض الفقه:
« Mais malheureusement l’amende n’a aucune fonction d’éducation ou de resocialisation. Il
s’agit seulement d’un rôle préventif individuel et général ….. cette peine n’a aucune influence
; sur sa personnalité aucune Traitement ne lui est appliqué ». (Chahid slimani, « criminologie
Avec étude du cas particulier de la délinquance Juvénile et son Traitement au Maroc » ,
.(oumayma, Sidi Brahim Fes, 2011 ; p 267 – 268 Imprimerie
-146المادة 888من قانون الطفل المصري لسنة ،8002وفيها المشرع يشير إلى إمكانية اللجوء لظروف الرأفة المنصوص
عليها في المادة .87هذه الظروف التي اعتبرها بعض الباحثين غير ذي جدوى في الجرائم التي تكون عقوبتها اإلعدام أو
السجن المؤبد أو المشدد ،بل تبقى فعالية هذه المادة واردة إذا كانت الواقعة معاقب عليها بالسجن المؤبد أو المشدد إذ يجوز
استبدالها بعقوبة السجن وفقا للمادة ،87وبالتالي يجوز استبدالها مرة أخرى بالحبس أو تدبير اإليداع( .راجع في ذلك :مدحت
الدبيسي ،مرجع سابق ،ص .)95
-147هذه العقوبة رغم قساوتها إال أن القضاء المغربي يلجأ إليها دون أي تخفيض أو مراعاة لظروف الحدث وشخصيته ،إذ
نجد في القرار عدد 8005/80أ الصادر عن غرفة الجنايات االستئنافية بفاس بتاريخ 8005/08/85أن المحكمة أيدت القرار
القاضي ب 85سنة ضد حدث متهم بجريمتي القتل العمد مع سبق اإلصرار ،والضرب والجرح المؤدي إلى عاهة مستدامة،
غير منشور ،وهو القرار الذي تم تأييده من المجلس األعلى في ق ارره رقم 80/882المؤرخ في ،8007/06/80غير منشور،
مما يدل على النظرة العقابية السائدة ،وغياب روح اإلصالح والتهذيب تجاه األحداث ،بل يتم استحضار قيمة الجريمة وخطورتها
فقط .دون مراعاة وضعية شخص لم تكتمل لديه بعد مدارك التمييز واإلدراك ،كما ال يعقل أن يتسمر الحدث في السجن لهذه
المدة ،بعدما يكون قد استفاد خالل مدة معينة من تكوين علمي أو مهني باإلضافة إلى تهذيب نفسي ،وهو ما يستدعي من
المشرع التدخل إليجاد حل لهذه اإلشكالية خصوصا عن طريق تدخل قاضي األحداث بعد زيارته لألحداث داخل السجون،
حيث يجب أن تعطى له الصالحية بإصدار ق اررات باإلفراج متى تبين له أن سلوك الحدث جيد وأنه مستعد لالندماج االجتماعي
بشكل طبيعي.
أو السجن املؤبد أو السجن ملدة 11سنة( .)148أما إذا كانت الجريمة املرتكبة
تستوجب عقوبة الحبس أو السجن فإن العقوبة املقررة في القانون يتم تخفيض
مقدارها األقص ى واألدنى إلى النصف (املادة / 428ف.)8
وإذا رجعنا لإلحصائيات الصادرة عن وزارة العدل سيتضح لنا قيمة ونسبة
اللجوء لهذه العقوبات من قبل القضاء املغربي(.)149
إحصائيات خاصة بالعقوبات الصادرة في حق األحداث ونسبها املؤوية لسنوات
8112و8112و .8131
(الجدول رقم )8
8131 8112 8112 السنوات
النسبة العدد النسبة العدد النسبة العدد العقوبـات
% % %
%4,25 281 %6,41 3869 %6,34 إيداع في مؤسسة سجنية 3128
%5,93 3165 %5,25 3353 %5,15 253 عقوبة حبسية نافدة
%2,23 3648 %9,41 3461 %6,52 عقوبة حبسية موقوفة 3391
التنفيذ
%5,11 224 %2,81 3634 %9,42 3111 غرامـة ماليـة
32641 32623 39522 املجمــوع
-148المادة ( 980الفقرة األخيرة) ق.م.ج تنص على "غير أنه إذا كانت العقوبة األصلية المقررة للجريمة هي اإلعدام أو
السجن لمدة ثالثين سنة ،فإن الغرفة تستبدلها بعقوبة تتراوح بين 80و 85سنة سجنا" .وقد اعمل بعض الفقه المغربي منهجا
نعتبره سليما في تطبيق المادة ،980وذلك عندما ذهب إلى إمكانية تطبيق الفصل 897ق.ج ،كفصل يتعلق بالظروف
االجتماعية سواء كان الفاعل راشدا أو حدثا ،بعد إعمال المادة 980ق.م.ج ،وذلك بإخضاع عقوبة 80سنوات كحد أدنى في
المادة إلى الفقرة 0من الفصل 897ق.ج التي تنص على "إذا كان الحد األدنى للعقوبة المقررة هو عشر سنوات سجنا فإنها
تطبق السجن من 5إلى 80سنوات أو عقوبة الحبس من 8إلى 5سنوات" ،وبالتالي تكون العقوبة واجبة التطبيق ال تخرج
عن 5سنوات ،وهي المدة الكافية في نظرنا الكتساب الحدث ما يكفي من الخبرات العلمية والمهنية ما تؤهله لالندماج في
المجتمع( .انظر في ذلك :رشيد مشقاقة ،تعليق على قرار قضائي ،مجلة الشارة عدد مزدوج 0و 9مطبعة األمنية ،الرباط ،ط
،8080 ،8ص 000وما بعدها).
-149إحصائيات صادرة عن مديرية الشؤون الجنائية والعفو (تمت اإلشارة إليها سابقا).
-150إذا اطلعنا على اإلحصائيات الصادرة عن محكمة االستئناف بفاس سيتجلى لنا أن نسبة اللجوء للعقوبة تتراوح بين %82
و %86خالل سنوات 8002و 8008و ( 8080انظر موقع المحكمة السالف ذكره).
الئحة املراجع:
إبراهيم يوسات ،حماية األحداث الجانحين في ضوء قانون املسطرة الجنائية
والعمل القضائي ومؤسسات التنفيذ ،بحث لنيل دبلوم املاستر في العلوم
القانونية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،الرباط ،السنة
الجامعية .8138 – 8133
إحصائيات صادرة عن النيابة العامة لدى املحكمة االستئناف – شعبة اإلعالميات
واإلحصاء بفاس ،منشور على املوقع الرسمي للمحكمة ،www.cafes.ma .تاريخ
االطالع .8138/31/33
إحصائيات صادرة عن مديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل املغربية،
سنوات 8112و 8112و.8131
إحصائيات محكمة االستئناف بفاس ،املوقع الرسمي للمحكمة ،www. Cafes.ma
تاريخ االطالع .8131/11/4
أحمد سلطان عثمان ،املسؤولية الجنائية لألطفال املنحرفين – دراسة مقارنة،-
املؤسسة الفنية للطباعة والنشر القاهرة .8118
أحمد سلطان عثمان ،املسؤولية الجنائية لألطفال املنحرفين ،دراسة مقارنة،
املؤسسة الفنية ،القاهرة .8118
أحمد فتحي سرور ،أصول السياسة الجنائية ،دار النهضة العربية ،القاهرة.3298 ،
أحمد لطفي السيد :املدخل لدراسة الظاهرة اإلجرامية والحق في العقاب ،الجزء
الثاني ،د.د.ن.8111 –8118 ،
أكرم نشأت إبراهيم ،الحدود القانونية لسلطة القاض ي الجنائي في تقدير العقوبة،
دار الثقافة .3222
باسم عبد الرحمن الغويري ،االتجاهات املستحدثة في املعاملة العقابية لألحداث،
بحث لنيل درجة املاجستير في الحقوق ،قسم القانون العام – جامعة مؤته.8133 -
بدر محمد غاري السيحاني ،العالقة بين عدم التكيف االجتماعي وانحراف األحداث
– دراسة تطبيقية على األحداث املودعين بدار املالحظة االجتماعية بمنطقة
القصيم ،بحث استكماال ملتطلبات الحصول على درجة املاجستير في برامج مكافحة
الجريمة ،املعهد العالي للعلوم األمنية ،املركز العربي للدراسات األمنية والتدريب،
الرياض .3225
حسن الجوخدار ،قانون األحداث الجانحين ،دار الثقافة ،ط.3228 ،3
حسن محمد األمين ،إجرام األحداث ومحاكمتهم في الفقه اإلسالمي ،دراسة مقارنة،
رسالة لنيل درجة املاجستير في الفقه اإلسالمي ،جامعة أم القرى ،كلية الشريعة
والدراسات اإلسالمية3412 –3419 ،ه.
رشيد النووي ،التفريد العقابي لألحداث الجانحين بين النظرية والتطبيق ،بحث
لنيل دبلوم الدراسات العليا املتخصصة في القانون الخاص ،كلية الحقوق فاس،
السنة الجامعية .8112 – 8119
رشيد مشقاقة ،تعليق على قرار قضائي ،مجلة الشارة عدد مزدوج 1و 4مطبعة
األمنية ،الرباط ،ط .8131 ،3
عادل يحي قرني علي ،النظرية العامة لألهلية الجنائية ،دراسة مقارنة ،دار النهضة
العربية.8111 ،
عبد الحكم فودة ،جرائم األحداث في ضوء الفقه وقضاء النقض ،دار املطبوعات
الجامعية اإلسكندرية .3229
عبد الرحمان مصلح الشرادي ،انحراف األحداث في التشريع املغربي والقانون
املقارن ،مطبعة األمنية ،ط.8118 ،3
عبد الفتاح بيومي حجازي ،املعاملة الجنائية واالجتماعية لألطفال ،دراسة
متعمقة في قانون الطفل املصري مقارنة بقانون األحداث اإلمارتي ،دار الكتب
القانونية ،دار شتات للنشر والبرمجيات ،مصر ،املجلة الكبرى .8119
عبد هللا سليمان ،النظرية العامة للتدابير االحترازية ،دراسة مقارنة ،املؤسسة
الوطنية للكتاب ،الجزائر.3221 ،
علي محمد جعفر ،األحداث املنحرفون – عوامل االنحراف ،املسؤولية الجزائية،
التدابير ،دراسة مقارنة ،املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،ط،3.
.3224
علي محمد جعفر ،حماية األحداث املخالفين للقانون واملعرضين لخطر االنحراف،
املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،ط .8114 ،3
عمر الفاروق الحسني ،انحراف األحداث ،املشكلة واملواجهة ،دون دار النشر ،ط
.3225 ،1
فتاوى البرزلي ،جامع مسائل األحكام ملا نزل من القضايا باملفتين والحكام ،لإلمام
الفقيه أبي القاسم بن أحمد البلوي التونس ي املعروف بالبرزلي ،تقديم وتحقيق
محمد الحبيب الهيلة ،دار الغرب اإلسالمي ،ج ،6ط.8118 ،3
فتاوى الشيخ أبي الحسن اللخمي القيرواني – جمع وتحقيق وتقديم حميد بن
محمد لحمر ،دار املعرفة الدار البيضاء ،د.ت.ن.
فوزية عبد الستار ،املعاملة الجنائية لألطفال ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية،
القاهرة .3222
فيصل اإلبراهيمي ،السلطة التقديرية لقاض ي األحداث بين التدابير والعقوبة،
بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املتخصصة في القانون الخاص ،كلية الحقوق
فاس ،السنة الجامعية .8112 – 8119
قيس جبارين ،تقرير حول جنوح األحداث في التشريعات الفلسطينية ،سلسلة
التقارير ( ،)6الهيئة املستقلة لحقوق املواطن ،رام هللا ،تشرين الثاني .3222
لحسن فضل هللا ،دور املؤسسة السجنية في إعادة تأهيل الحدث الجانح – دراسة
مقارنة ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص ،كلية
الحقوق فاس ،السنة الجامعية .8116 – 8115
لطيفة اشويردي ،إدماج الحدث الجانح بالسجن ،بحث لنيل دبلوم الدراسات
العليا املتخصصة في القانون الخاص ،كلية الحقوق فاس ،السنة الجامعية 8112
– .8112
محمد أفقير ،واقع التوجيه التربوي واملنهي بمراكز حماية الطفولة ،بحث لنيل
دبلوم املعهد امللكي لتكوين األطر.3226 -3225 ،
محمد الحبيب الشريف ،شرح مجلة حماية الطفل ،مركز الدراسات القانونية
والقضائية ،وزارة العدل ،تونس .3229
محمد السراحني ،تأمالت في املسؤولية الجنائية لألحداث في التشريع الجنائي
املغربي ،مجلة املعيار ،ع ،12يونيو .8112
محمد العروص ي ،الحدث الجانح بين التدابير التهذيبية والعقوبة ،مجلة امللف ،ع
،32يونيو .8138
محمد كمال الدين إمام ،املسؤولية الجنائية أساسها وتطورها دراسة مقارنة في
القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية ،املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
والتوزيع ،ط .3221 ، 8
كما اقترن بإعادة النظر في مفهوم الحدود في حد ذاتها ،فالحدود الراهنة التي تنشئها
البنى االجتماعية واألطر املعرفية ،هي نتاج ظهور جماعات أمنية جديدة التي تعمل
على أقلمة حدود جديدة بين الداخل والخارج ،نتيجة لذلك يعرف االتحاد األوربي
ككيان جغرافي ،حدوده حسب مدركاته وممارساته ملجاالت األمن الخاصة به ،الش يء
الذي أدى إلى ظهور خطاب جديد ال يفرق بين األمن الداخلي واألمن الخارجي ،حيث
يتميز هذا الخطاب بنظرته املوسعة ملفهوم األمن ،بما يتضمنه هذا األخير من قضايا
الطاقة ،حقوق اإلنسان ،مسالة الهجرة ،أما بالنسبة لدول جنوب املتوسط ،فقد
أصبحت التهديدات غير دولية املصدر ،تهديدات هجينة تثير مخاوف كبيرة بسبب
أشكالها املتعددة وطبيعتها املستعصية الفهم ،نظرا اللتباس معالم وهوية الفواعل
على الحرب غير املتوازنة ،فضال عن طبيعتها العابرة لألوطان في أغلب األحيان ،كما
أصبحت هذه التهديدات الهجينة خاصة الهجرة غير النظامية السبب الرئيس ي في
االضطرابات على حدود هذه الدول ،نتيجة ضعف الدولة أو غيابها ،151لذلك طغت
إلى السطح مسالة تامين الحدود باعتبارها معادلة بسيطة ،ألنها تقتض ي وجود
طرفين مقتدرين ،يتفقان على تأمين حدودهما املشتركة ،أي وجود دولتين تسعى كل
ومن أجل التعامل مع هذه التهديدات األمنية خاصة الهجرة غي النظامية ،وجه
االتحاد األوربي نشاطه حول تسيير الحدود كحل يفرضه القرب الجغرافي لجيرانه
الجنوبيين خاصة املغرب باعتباره مصدر تهديد في املنطقة ،وبذلك يعتبر تسيير
الحدود ضمانا لألمن الداخلي الخاص باالتحاد األوربي ،كما أصبح يعنى بإدارة
الحدود بشكل أكثر دقة من ذي قبل ،153حيث تدعى أيضا عمليات تسيير الحدود هذه
باسم "جهاز التحكم عن بعد" ،154بحكم أنها تعمل على نقل محل الحكم أيضا بعيدا
عن اإلقليم املشترك ،مما يعتبر محركا لبلدان العالم الثالث وخاصة املغرب نحو
-151اما حجيج" ،نحو قوة اورو-متوسطية للشرطة وتسيير الحدود" ،مجلة دفاتر السياسة والقانون ،العدد الثاني عشر
جانفي 5102
152
-Sarah Wolff « border management in the Mediterranean ;internal ، external and
ethical challenges” Cambridge review of international affairs 2 (June 2008) page 254
153
-A. zolborg ، « the archeology « remote control » ; in a. fahrmeir، O. faron and p.
weil (eds); migration control in the north Atlantic world (new York; berghahn books،
2003)، page 195،196
154
-Sandra lavenex، “ the external face of Europeanization”; third countries and
international organizations.in . Thomas faist and andandreasette (eds). The
Europeanization of national policies and politics of immigration between autonomy and
the European union (new York; PALGRAVE MACMILLAN; 2007) page 247
مراقبة الحدود من خالل تبني مبدأ البعد الثالث لألمن .155فهل من شأن هذا
قوة دفاعية –أمنية مشتركة لكل من املغرب واالتحاد األوربي؟ إن اإلجابة على هذه
يتميز التعاون األورومغربي في مجال تسيير الحدود بشبكات مكثفة تعمل على
تجميع املعلومات وتبادل أفضل املمارسات ،وهي شبكة تعنى بتفعيل أنشطتها وكاالت
تطبيق القانون كفواعل محورية في مجال تسيير الحدود ،156حيث نجد أن االتحاد
األوربي نشط في إدراج مثل هذا النوع من التعاون إلى جانب التعاون القضائي،
الدول األعضاء في االتحاد بتدشين عمليات تعاون مع املغرب تسهر على إنجازها
155
-Alice hills، « Towards a rationality of democratic border management » in marina
caparini and otwinmarenin (eds) borders and security governance; managing borders
in a globalised world (geneva; genevacentre for the democratic control of Armed forces
DCAF،2006)، page 33.
-156كما هو الحال بالنسبة لالوروبولواالوروجيستوالسيبولوالفرونتكس التي تمت اإلشارة إليهم في القسم األول
157-تجدر اإلشارة هنا إلى خطورة هامة على مستوى االنجازات في هذا الحقل األمني ،ففي ،0111انضم الدرك
الملكي المغربي إلى جمعية قوات الشرطة والدرك االورو-وطني برتبة عسكرية (وهي جمعية فرنسية-ايطالية-
برتغالية تأسست عام http://www.fiep-asso.org/. )0111
يعتبر املغرب بالنظر إلى موقعه الجغرافي املتميز ،ذو أهمية كبرى بالنسبة
لالتحاد األوربي عند تعزيز التعاون في مجال الشرطة في إطار قضايا الهجرة ،فهو
مفترق طرق بالنسبة للمهاجرين ،لذلك أصبح بلد لعبور املهاجرين غير النظاميين
سبتة ومليلية من املنطق السائد لدى الجانب األوربي بضرورة التدخل في إدارة
وتسيير ظاهرة الهجرة ،فاملغرب يعد من األوائل املندمجين ضمن مبادرات التعاون
بين فرنسا وإسبانيا حول املؤتمر اإلوروإفريقي الذي إنعقد في يونيو.158 8116
حيث أكدت الورقة االستراتيجية اإلقليمية أن القضايا التي طغت إلى السطح
في اآلونة األخيرة مثل الهجرة ،تتطلب تطوير العالقات وتمتين الروابط بين سياسات
كل من االتحاد األوروبي وشركائه املتوسطيين ،في سياق تعميق الحوار وتعزيز
االتصاالت بين بلدان ضفتي املتوسط ،حيث تمكن االتحاد من تمويل بعض املشاريع
إذا كانت بعض املشاريع تهدف إلى دمج بعض املهاجرين ،فان اختصاص هذه
إنجاز النشاطات الخاصة بإدارة وتسيير الحدود ،وفي هذا اإلطار قدم مشروع
" "seahorseالذي يديره الحراس اإلسبان املدنيين ،ملنع الهجرة غير النظامية إلى
7 February 2006.، Brussels،158- Confidential interview; Moroccan mission to the EU
جزر الكناري ،بالتعاون مع الدول التي تعتبر مصدرا أو معبرا للمهاجرين غير
إال أن هذا املشروع تم استبداله منذ حلول 8119ببرنامج دقيق ومحدد في إطار
التعاون مع البلدان الثالثية في مجال الهجرة واللجوء ،159وهو املجال التي تم توجيهه
نحو مفهوم "طرق املهاجر" ،في حين وضعت تدفقات وموجات الهجرة اآلتية من
الضفة الجنوبية للمتوسط ،كأولوية هامة ضمن السياسة األوربية للهجرة في
املنطقة املتوسطية ،حيث خصص لها غالف مالي قدر ب 34مليون أورو ،حيث يؤكد
من جهة أخرى أعلن االتحاد األوربي في إطار محاربة الهجرة غير النظامية
على إطالق املفاوضات فيما يتعلق بإعادة تسليم املهاجرين كمسالة أولوية في
االتفاقيات األوربية لترحيل املهاجرين مع املغرب ،أدى إلى عقد اجتماع لتسع دورات
تفاوضية على األقل ،لكن في الوقت الحاضر لم يتم إنهاء إي اتفاقية ،في حين طالب
املغرب مقابل انصياعه للطلبات وللقرارات األوربية بالعديد من الطلبات بدوره ،من
بينها تسهيل الحصول على التأشيرة مرفقة بزيادة معتبرة من األموال املخصصة
للتنمية االجتماعية -االقتصادية ،كما أنه طالب باملزيد من األموال ليتم التعامل مع
كمعبر ألوربا.
في توضيح وتفصيل ما يسمى ب "املقاربة الشاملة" حول الهجرة التي طاملا دعا إليها
االتحاد األوربي ،منذ قمة هامبتون في نوفمبر ،8115حيث تشكل هذه املقاربة
إرضاء كل من طلبات االتحاد األوربي وطلبات البلدان الشريكة ،وبتعبير آخر ،تحاول
هذه املقاربة الشاملة إحداث توازن بين رغبة االتحاد في جعل البلدان الشريكة تعمل
وتنشط أكثر ملحاربة الهجرة غير النظامية ،وبين طلبات البلدان الشريكة املتعلقة
بتقديم العون لها من قبل االتحاد ،وهذا بفتح قنوات الهجرة النظامية وتسهيل
واالقتصادية.161
لم يكن الخطاب املحاط بالحاجة إلى مقاربة شاملة ومتوازنة بخصوص
الهجرة ،تجديدا وال ابتكارا داخل االتحاد األوربي ،بل يعنى فقط بتقديم تفصيل
لإلجراءات التطبيقية لسياسة الهجرة ،أما من ناحية إصدار الوثائق الخاصة بهذه
” promoting the rule of low in the ENP –strategies or normative ،161- Nicolewichmann
”page13، 2007،politiqueeuropéenne 22،power EU
السياسة ،فقد تطورت هذه املقاربة الشاملة بسرعة مدهشة خالل السنوات
األخيرة ،حيث تمثلت الوثيقة األولى في إبالغ املفوضية املتبع بإمضاءات لقرارات
املجلس األوربي ملحكمة هامبتون ،162حيث تركز هذه الوثيقة بشكل دقيق على
على أن هناك سنة واحدة لتطبيق املقاربة ،163وهو اإلعالن الذي يرسم بيان ميزانية
السنة األولى من تطبيق املقاربة الشاملة حول الهجرة ،كما تتوجب العملية املعنية
بتفصيل املقاربة الشاملة بتبني إعالنين ،األول حول الهجرة الدائرية circulaire
الشرقي 165في ماي ،8119حيث أسفر اإلبالغ الخاص بالهجرة الدائرية وإبرام عقود
الشراكة حول الهجرة على إدراج قائمة تخص التنازالت التي يطلع إليها االتحاد
162
- European commission ; “communication on priority actions for responding to the
challenges of migrations ; first follow-up to Hampton court »،
COM621،brusseks،30.11.2005.
163
- European commission، «the global approach to migration on year on :towards
comprehensive European migration policy »،COM 375 final، Brussels ; 30.11.2006.
164
- European commission، “communication on circular migration and modality
partnership between the European union and partner countries” ، COM 248 ،final،
Brussels، 16.05.2007.
165
- European commission ; “ communication on applying the global approach to
migration to the eastern and south eastern regions neighboring the European
union” ;COM 247 final،brussels، 16.05.2007.
الحدود وتبادل املعلومات ،كما يعدد هذا اإلعالن االلتزامات القابلة للتطبيق التي
في هذا السياق يوص ي اإلعالن بتحسين قنوات الهجرة النظامية نحو االتحاد
األوربي ،واملعنية بالدرجة األولى بالعمال املوسميين ومن ذوي الكفاءة العالية،
مؤسسا بذلك اآلليات الالزمة ملراقبة ومجاراة األشغال التي دخلت حيز التطبيق
وكذلك مقتضيات األعمال ،مدعما بذلك بناء اإلمكانيات املتعلقة بالهجرة وتلك
الخاصة بإصدار تأشيرات الدخول املتعدد لفئات معينة من األشخاص ،وفي هذا
الصدد يمكن القول أن عالقة اإلتحاد األوربي مع املغرب فيما يتعلق بقضايا الهجرة
بدأت تحرز تقدما ملحوظا وإن كان نسبيا في إطار املقاربة الشاملة ،حيث بإمكاننا
أن نلمس التزاما واضحا من جانب املغرب لتكثيف التعاون مع االتحاد األوربي
ملحاربة الهجرة غير النظامية ،وهذا من خالل استمرار املفاوضات للتوقيع على
االتفاقيات األوربية لترحيل املهاجرين على أمل أن ينظم إلى ترتيبات أعمال التعاقد
نفسه بتقديم املساعدة التقنية وبناء القدرات لدى هذه البلدان وتسهيل الحصول
على التأشيرة وعقد شراكات حول قابلية تحرك األشخاص فقط مع البلدان التي
تحرز التقدم األكبر في خطط عمل سياسة الجوار األوربية فيما يتعلق بنقل قضايا
وتسيير هؤالء للهجرة غير النظامية في إطار برنامج الحماية اإلقليمي ،الذي يحاول
تسهيل الحركة بين االتحاد وشركائه بما فيهم املتوسطيين ،كما أنه يقدم تشجيعات
في امليدان العلمي من أجل إدارة الحدود ،وبشكل عام تتميز املفاوضات بشأن الهجرة
غير النظامية بمزيج مميز من الحوافز املادية وترقية وتحسين املهارات الناعمة.
ثانيا :تأثير البعد األوربي على قانون الهجرة املغربي والتعاقد البنيوي األمني
بدا تصنيف قضايا الهجرة في اغلب دول املجموعة األوربية من أهم القضايا
األمنية التي ما فتئت تتطور إال بتصعيد السياسات املناوئة للظاهرة،من تضييق على
نظام التأشيرات وطرد فردي وجماعي وتوسيع نظام اإلقصاء وتفعيل مراقبة وتسيير
الحدود وصوال إلى تجريم املهاجرين غير النظاميين داخل وخارج الحدود األوربية.166
لعل أكبر اإلنجازات التي تصب في األمن األوربي لحد اآلن فيما يخص إمكانية
بلورة سياسة عامة أمنية متعلقة بالهجرة في املتوسط ،املتعلقة بقضايا الهجرة في
املنطقة ،هي تبني دول الجنوب في أواخر 8112قانون تجريم الهجرة الذي يعكس
بوضوح مدى مخاوف الهجرة في سياسة العالقات الخارجية األوربية ،167مع ضرورة
166
Laura feliumartinez، « les migrations en transit au Maroc : attitudes et comportement
de la sociétécivile face au phénomène »،l’année du Maghreb (paris : cnrsEdition،
2009)، page 345
-167صادق االتحاد األوروبي يوم األربعاء 01يونيو ، 5111والقاضي بترحيل األشخاص المقيمين في االتحاد
األوروبي في شكل غير قانوني ،وكان النواب األوروبيين قد صادقوا على مشروع قانون يضع حدا أدنى من المعايير
المشتركة لترحيل األشخاص المقيمين في االتحاد األوروبي في شكل غير قانوني ،وأثار هذا المشروع انتقاد اليسار
والمنظمات غير الحكومية ،حيث ينص القانون على إمكان إبعاد المهاجرين أو احتجازهم لفترة ال تتجاوز 01شهرا،
تبني وجهة نظر أكثر شمولية ملوضوع الهجرة ،رغم التباين في مواقف دول الجنوب
بخصوص قانون التجريم ،ولكي يحقق االتحاد األوربي هدفه األول واملتمثل في
السيطرة على حركات الهجرة داخل الدول املصدرة لها ،ويضمن عودة املهاجرين إلى
بلدانهم ،فإن هذه املقاربة أدت إلى تصدير التأشيرة (املراقبة) للدول الخارجية
لالتحاد وسياسات الهجرة غير النظامية إلى بلدان العالم الثالث ،وهي سياسات تبدو
متزايدة في طرحها وتطبيقاتها حتى تتبناها أكثر هذه البلدان بقوانينها املتشددة التي
فاملغرب لم يكن بمنأى عن هذه التطورات األمنية التي لم تقده إلى تبني قانون
تجريم املهاجرين غير النظاميين فحسب ،وإنما الحرص أكثر على تكثيف نشاطاته في
إطار تطبيق هذا القانون وتقديم نفسه كمتعاون حقيقي لسياسات اإلتحاداألوربي
األراض ي املغربية وبذلك تفاقم األمن الداخلي ،إلى وضع السلطات املغربية آليات
جديدة لتسيير الظاهرة وهي آليات ذات طابع قيدي كما أنها تزيد من صرامة الشروط
ونفيهم لخمس سنوات بعد اإلبعاد .ولم يقر القانون ترحيل قاصرين ،وشهدت الكتلة االشتراكية التي ترفض المشروع
انقساما كبيرا ،في حين أيد االشتراكيون األلمان واإلسبان والبريطانيون التوصل إلى تسوية ،وتمت المصادقة على
النص الذي جاء ثمرة توافق بين الدول األعضاء السبعة والعشرين ،ب 763صوتا مقابل ، 516وامتناع 011نواب
عن التصويت ،وذلك بفضل تحالف بين المحافظين والليبراليين والمناهضين لالتحاد األوروبي ،في ظل انقسام الكتلة
االشتراكية ،كما تم رفض تعديالت اقترحها معارضو المشروع مرات عدة بفارق أكثر من مئة صوت .انظر
الموقع http://www.infomigrants.net/ar/post/1783/تاريخ التصفح 5103/15/50
op cite 345، « les migrations en transit au Maroc،168- Laura feliumartinez
التي بمقتضاها يتم دخول وإقامة وخروج األجانب من املغرب ،حيث عقد البرملان
املغربي سنة 8111دورة استثنائية حول اثنين من مشاريع القوانين ،اللذين تبناهما
املجلس الوزاري ،يتعلق األول بمكافحة اإلرهاب والثاني فيعنى باألجانب املتواجدين
باملغرب ،إال أن النصين تم وضعهما وفقا للمنطق األمني السائد ،حيث تمت
املصادقة وبدون نقاش على القانون 11.18املتعلق بدخول وإقامة األجانب في
باإلضافة إلى كون القانون رقم 11.18يهدف إلى تجديد وتوحيد وكذلك تفعيل
الخارجية ،فهو يعمل أيضا على أقلمة تعريف الجرائم والجنايات ،وكذلك العقوبات
والجزاءات املتعلقة بالهجرة غير النظامية ،حيث أن هذا القانون الذي يحتوي على
52مادة موزعة إلى ثالث عناوين وسبعة فصول ،يحدد شروط الدخول إلى اإلقليم
املغربي كما يخول لإلدارة الحق في إمكانية رفض دخول كل أجنبي بإمكانه أن يشكل
خطرا على األمن الداخلي والخارجي للبلد ،على خالف الخطاب الرسمي فالقانون
رقم 11.18يحتوي على عدد كبير من اإلجراءات القمعية ،فهو ال يضمن حقوق
املهاجرين وال يحدد اإلجراءات التي من شانها أن تحمي هؤالء املهاجرين ،170كما أن
بعض املواد التي تعمل على تجريم املهاجرين والتأسيس ملعاقبة املهاجرين غير
169
» - « entrée et séjour des étrangers au Maroc، émigration et immigration irrégulier
publication de la remald،serie textes et documents. n 123 ; rabat، 2005.
170
- Laura feliu martinez ; op cit، page 348
النظاميين ،وهو األمر الذي أدى باألستاذ بلكندوز إلى التأكيد على أن "هؤالء
املهاجرين غير النظاميين يعاملون اآلن كمجرمين حقيقيين تماما كما هو الحال
بالنسبة لإلرهابيين وتجار املخدرات" ،171كما ينص على عقوبة السجن التي قد تصل
إلى عشر سنوات لكل من يتورط في ملف التهجير السري ،172وتم التأكيد على هذا
التوجه من خالل خطاب امللك محمد السادس يقول فيه" :وإدراكا منا لخطورة هذه
الظاهرة املنافية لكرامة اإلنسان واملؤثرة سلبا على عالقات التعاون وحسن الجوار،
فقد اتخذ املغرب تشريعات عصرية صارمة لتجريم ومحاربة العصابات املتاجرة
اللتزاماته الثنائية واإلقليمية والدولية "...وارتباطا بنفس املوضوع ،يرى املغرب أن
قبل كل ش يء ،وقد أكد وزير الخارجية والتعاون الطيب الفاس ي الفهري هذا األمر في
اجتماع للجنة الخارجية والدفاع الوطني بمجلس املستشارين قائال" :أن املغرب لن
يكون دركياألوربا لحمايتها من زحف التصحر ،واالتجار الدولي بالبشر ،والهجرة غير
الخطيرة تهدد امن واستقرار املغرب بالدرجة األولى ،فاملغرب يدافع عن مصلحته كما
171
- Abdelkrim belguendouz، « EU-Maroc-Afrique migrante، politique européenne de
voisinage »، barrage aux sudistes ; rabat، 2005، page 91
-12-55 172جواد الفرخ" ،التعاون الثنائي المغربي -األوربي في المجال األمني" ،تاريخ التصفح
http://jaoudelfarkh.maktoobbog.com/category/5101
هو الشأن بالنسبة ألوربا ،لذلك سيشارك في تدبير األزمات ،وسيطور شراكته من
إن العدوى األمنية التي انتقلت إلى قانون 11.18الخاص باألجانب ،تبدو
واضحة بشكل خاص في بعض النقاط املشتركة ،مثل إمكانية نص املادة 43على
وضع األجانب تحت طارئ "خاص" بدون الحاجة إلى تحديد ال األهداف وال الدوافع
وراء ذلك.174
من جهة أخرى إن املقاربة التي تلغي الحدود بين الداخل والخارج والتي
تعمل على تنظيم سياسة الجوار األوربية كما يوضحه ظهور بعد العدالة والشؤون
الداخلية ،تشكل عامال بنيويا في سياسة االتحاد األوربي تجاه البلدان الشريكة،
األمنية التي ينظر لها ويعمل على تطبيقها اإلتحاد األوربي ،175هي اآلن تظهر في املغرب
الذي يرحب باستقبال املفهوم األوربي للقضايا األمنية في املتوسط وعلى رأسها
قضية الهجرة غير النظامية ،كما أن املغرب يجتهد في االستجابة لسياسة اإلتحاد
الذي يعمل على مناولتها في هذا املجال ،حيث تحرص السلطات املغربية في هذا
الصدد على زيادة ارتفاع عدد املوقوفين واملطرودين بشكل دقيق ،وهذا بهدف
اإلعالن عن فعالية اآلليات الجديدة وكذا النتائج الجيدة وراء تطبيق هذه
رغم أن السلطات املغربية تؤكد بأن هذه اإلجراءات املتخذة في مجال الشرطة
تتم وفقا الحترام الضمانات التي يحددها القانون ،إال أن املغرب في واقع األمر يكون
مشترك في تعاقد بنيوي بخصوص محاربة ظاهرة الهجرة بما يصب في مصالح الدول
األوربية بالدرجة األولى ،إال أن هذه األمننة بخصوص التعاقد البنيوي األمني
املنطقة،فهذه الظاهرة ال يمكن لها أن تنظم من منظور أمني فحسب ،وإنما في حاجة
أيضا إلى املعالجة بوسائل أخرى ذات بعد إنساني ترتكز على احترام كرامة املهاجر
خاتمة:
صدر عن الزيارة التي قامت بها نائبة رئيس الحكومة االسبانية ماريا تري از فيرنانديز دي فيغا للرباط يومها 176
الثالث.
عمل االتحاد األوربي والدول األعضاء على نهج سياسة جديدة تتمثل في تطبيق
سياسة التعاون فيما بينها وبين الدول املصدرة للهجرة من الضفة الجنوبية
للمتوسط ومنها املغرب ،هدفه إشراك هذه الدول في عملية مراقبة التدفقات
الهجروية ولعب دور الحارس الذي يحمي الحدود الخارجية لدول االتحاد عبر
اتفاقياتأقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ذات طبيعة أمنية ،مقابل الحصول على
الرهان األمني "تحول الهجرة من ظاهرة اجتماعية إلى ظاهرة تهدد أمن الطرفين"،
والتحدي اإلنساني "كل املواثيق الدولية املتعلقة بحقوق اإلنسان تنص على احترام
الئحة املراجع:
اما حجيج" ،نحو قوة اورو-متوسطية للشرطة وتسيير الحدود" ،مجلة دفاتر
التصفح-88
العبارة وجود ال في النصوص القانونية وال الدستورية 177،إذ ظهرت ألول مرة في متن
« إن الحفاظ على النظام العام ،واحترام حرية الغير وحماية الطابع التعددي
دستورية»178. للتيارات االجتماعية -الفكرية ،هي أهداف ذات قيمة
-177يوسف حاش ي :في النظرية الدستورية ،ابن النديم للنشر والتوزيع ،منشورات الحبلي الحقوقية ،الطبعة األولى،
بيروت ،9002ص.893 ،
178 - C. Cons. DC 141.82 ; 27.juillet 1982, in : François Luchaire : « Brèves remarque sur une création du
conseil constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle », Revue Français de Droit Constitutionnel, n°
64, 2005/04, p. 675
اعتبر املجلس الدستوري الفرنس ي في قرارات الحقة أن حقوق :حماية النظام العام،
الحق في عيش حياة عائلية طبيعية ،حماية الصحة العامة ،احترام حرية الغير،
مكافحة التهرب الضريبي ،إمكانية كل فرد الحصول على سكن الئق ،واملحافظة على
السياس ي العام ،التوازن املالي ،وسهولة فهم والوصول إلى القاعدة القانونية،
املساواة القانونية بين الرجل واملرأة في الولوج إلى الوكاالت والوظائف االنتخابية....
دستورية179. هي أهداف ذات قيمة
(املحكمة الدستورية حاليا) قد بلور هذه العبارة وإن بصيغة مختلفة قليال عن
« األهداف الدستورية» ،وكان ذلك في أولى قراراته بعيد دخول دستور اململكة
« 179- De Montalivet (P) : Les objectifs de valeur constitutionnelle », C.C.C., n° 20, Juin, 2006, p. 4, en ce sens,
voir aussi, Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur
constitutionnelle », op.cit., p. 676 et S.
هنري روسيون" :املجلس الدستوري" ،ترجمة ،محمد وطفة ،املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،9000 ،
ص20 .
حيث اعتبر كل من :تعميم الطابع النواب180، التنظيمي رقم 89.33املتعلق بمجلس
السياسية ،والسعي إلى تحقيق مبدإ املناصفة بين الرجال والنساء ،وتشجيع تكافؤ
الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف االنتخابية وتوسيع وتعميم مشاركة
دستورية.
تأسيسا على ما سبق ،يتبين أن الفضل في ظهور هذه العبارة يعود إلى كال
املجلسان ،سواء في فرنسا أو املغرب ،غير أن مجاالت استعمالها يختلف ،إذ يالحظ
أن املجلس الدستوري الفرنس ي ،عمم هذه العبارة على مختلف امليادين ،إذ طالت
لكن ،إذا كان الفضل يرجع في بروز هذا املفهوم «األهداف ذات القيمة
-180قرار املجلس الدستوري رقم ،300.9000الصادر في 01من ذي القعدة 08 ( 0389أكتوبر ،)900ج.ر ،.عدد
،1230بتاريخ 00أكتوبر ،9000ص1033 .
بداية نشير إلى أن القضاء الدستوري الفرنس ي واملغربي لم يقدما تعريفا ملفهوم
األهداف ذات القيمة الدستورية أو األهداف الدستورية ،إال أن هذا لم يمنع الفقه
الدستوري من التصدي لهذا املفهوم ،خاصة الفرنس ي منه ،وبالتالي ،فكيف تعامل
الفقه مع هذا املفهوم؟ وهل اعتمد الرأي بصورة توافقية حوله؟ هذا ما سنحاول
يكاد يجمع الفقه حول صعوبة تحديد تعريف جامع مانع ملفهوم األهداف ذات
القيمة الدستورية .وفي هذا السياق؛ أشار الوفد الفرنس ي في املؤتمر السابع للمحاكم
الدستورية األوروبية املنعقد في لشبونة عام 3229أن « ظهور األهداف ذات القيمة
الدستورية كان لغرض تجنب منح الطابع املطلق للمبادئ ذات القيمة
الدستورية . »181أما األستاذ B. Faureفقد تساءل في البداية عما إذا كانت األهداف
والقانونية الفرنسية؟ وقال إنها « تشكل أنماط الترابط بين املبادئ الدستورية
عرف األهداف ذات القيمة الدستورية « بكونها النتيجة الالزمة لتنفيذ حق معترف
181 - Cons. Const. « Le contrôle de constitutionnalité des normes juridiques par le Conseil constitutionnel »,
rapport présenté par la délégation française à la VIIe conférence des Cours constitutionnelles européennes
(Lisbonne, 26−30 avr. 1987), RFD adm. 1987, p. 851, souligné par : de Montalivet (P) : « Les objectifs de
valeur constitutionnelle », op.cit., p. 1
182 -Faure (B) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle : une nouvelle catégorie juridique ? », R.F.D.C., n°
به دستوريا من أجل البحث عن فعالية أكثر للحقوق األساسية ،وهي بذلك بمثابة «
بينها.»183
أو مبادئ دستورية ،تسمح للمشرع إضفاء بعض االستثناءات على املبادئ الدستورية
الصريحة ،وهي بهذا املعنى ،موجهة إلى املشرع أكثر من اإلدارة ،ألن هذه األخيرة من
الصعب أن تقرر هذه االستثناءات بدون ترخيص من املشرع .» 184في حين نجد الفقيه
الدستورية ،غير أنها في نظر الفقيه «ال تشكل قواعد وإنما هي بمثابة توجيهات،
والقصد منها تعيين تطبيق القواعد الدستورية ،وهذا التعيين يمكن أن يكون إلزاميا،
وهي في نهاية التحليل ال تشكل قواعد في حد ذاتها ،وبالتالي من الصعب وضعها في
الدستورية املتناقضة ،وعالوة على ذلك ،ينبغي على املشرع أال يقيد املبادئ
183- La jurisprudence du Conseil constitutionnel, n° 342, in : Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une
création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur constitutionnelle », op.cit., p. 681
184 - Jan (P) : Les Petites Affiches du 26 septembre 2002, cité par : Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une
الدستورية بواسطة هذه األهداف دون أن يقدم ضمانات تعادلها .»186وتقريبا في
األهداف ذات القيمة الدستورية أداة للتوفيق بين املبادئ الدستورية ،وموجهة
أما األستاذ األفراد»187. للمشرع ،ولكن ال يمكن االحتجاج بها أمام القضاء من قبل
على هدف أو عدة أهداف ،إذا كان املجلس الدستوري يعترف لبعض أهداف القانون
بالقيمة الدستورية ،فذلك لغرض التوفيق بين املبادئ والحقوق الدستورية ،وإدخال
استثناءات على هذه األخيرة .ولتبرير العالقة الترابطية بين املبادئ ذات القيمة
الدستورية واالستثناءات الواردة عليها ،كان الزما االعتراف لها باألساس الدستوري.
تطبيق بعض القواعد واملبادئ الدستورية الصريحة ،بشرط أال يحل هذا الهدف
محل القاعدة الدستورية أو املبدأ الدستوري الذي قيده ،وأال يقيده بشكل سافر.
ويضيف األستاذ "لوشير" أن الهدف ليس قاعدة بحد ذاتها ،وإنما دائما ما يرتبط
بالقاعدة أو املبدأ الدستوري ،بمعنى آخر؛ أن الهدف يرتبط بقاعدة أو مبدأ دستوري
186 Favoreu (L) et Philip (L) : Les grandes décisions, n° 36, cité par : Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une
Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur
constitutionnelle », op.cit., p. 681
وفي نفس املعنى ال يعتبر األستاذ هنري روسيون املبادئ ذات القيمة الدستوري حقوقا أساسية وذلك لسبب بسيط
وهو أنها ليست معايير ،انظر مرجعه:
هنري روسيون :املجلس الدستوري ،م.س ،.ص20 .
صريح ،وهو موجه في الغالب إلى املشرع وليس لإلدارة التي ال تملك سلطة خاصة
الدستورية»188. النتقاص من املبادئ
وعليه؛ فقد كانت هذه أهم اآلراء الفقهية التي صيغت حول ماهية األهداف
ذات القيمة الدستورية ،ورغم ذلك بقي هذا املفهوم غامضا ،وخصوصا في ظل غياب
تعريف قضائي دستوري ،ألن الزاوية التي تم من خاللها التطرق إلى هذا املفهوم،
تتمثل في الوظيفة التي تؤديها هذه األهداف ،والتي يمكن إجماالها- ،من خالل هذه
اآلراء الفقهية -بكونها أداة لتقييد الحقوق واملبادئ الدستورية األساسية أو للتوفيق
إن السؤال املطروح في هذا الصدد يتمثل في ما مدى اعتبار األهداف ذات
الدستوري هو مصدرها؟
في هذا السياق؛ يذهب جانب من الفقه الدستوري إلى اعتبار األهداف ذات
القيمة الدستورية بمثابة قواعد غير مكتوبة ،وأنها من خلق املجلس الدستوري.189
غير أن هذا املوقف مردود عليه ،ذلك لسبب بسيط ،هو أن معظم األهداف ذات
القيمة الدستورية التي سبقت اإلشارة إليها أعاله ،سواء في فرنسا أو املغرب تم
188 - Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur
constitutionnelle », op.cit. p. 689
189 - De Montalivet (P) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle », op.cit., p. 2
اإلشارة إليها بشكل صريح في النصوص الدستورية ،أو مضمنة في هذه النصوص،
فعلى سبيل املثال ،نجد أن هدف « إمكانية حصول كل فرد على سكن الئق» قائم
على أساس الفقرة األولى من ديباجة دستور ،3246التي تشكل جزء ال يتجزأ من
لهدف «الحق في الحصول على العمل» فهو مضمون بموجب الفقرة الخامسة من
ديباجة دستور ،3246ومن جهة أخرى ،نجد هدف « حماية النظام العام» و
« واحترام حرية الغير» منصوص عليهما في إعالن حقوق اإلنسان واملواطن لعام
3922الفصلين 8و 4وهدف « مكافحة التهرب الضريبي» يجد سنده في الفصل 31من
بمقتض ى الفصل 33من إعالن عام ،3922وهذا نفس الش يء بالنسبة لألهداف ذات
األخرى190. القيمة الدستورية
ذات الش يء في املغرب ،فاألهداف الدستورية التي أشار إليها املجلس الدستوري
املغربي في قراره السابق ورادة بشكل صريح في فصول دستور ،8133فهدف «تعميم
السياسية» ،منصوص عليه في الفصل 6من الدستور ،وكذلك هدف « السعي نحو
تحقيق مبدإ املناصفة بين الرجال والنساء» يجد أساسه في الفصل 32من الدستور،
-190ملزيد من التفاصيل حول هذا املوضوع أنظر على سبيل املثال كل من:
Luchaire (F) : « Brèves remarque sur une création du conseil constitutionnel : L’objectif de valeur
constitutionnelle », op.cit. Et, Pierre de Montalivet : « Les objectifs de valeur constitutionnelle », op.cit. Et
Faure (B) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle : une nouvelle catégorie juridique ? », op.cit.
وهدف «تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف االنتخابية» يجد
أساسه في الفصل 11من الدستور ،أما هدف « توسيع وتعميم مشاركة الشباب في
11من الدستور.
بصيغة أخرى ،هي شرط فعال لتطبيق القواعد واملبادئ الدستورية .وعليه؛ فإن
تكريس األهداف ذات القيمة الدستورية يمكن إرجاعه إلى حرص املشرع الدستوري
على ضمان فعالية بعض «الحقوق والحريات الدستورية» ،وهي بذلك ليست من
خلق القضاء الدستوري ،(ex nihilo) 191فدور هذا األخير كما قلنا سلفا يمكن من
جهة ،في خلق هذه «التسمية» أي هو صاحب تسمية «األهداف ذات القيمة
الدستورية» ،ومن جهة ثانية ،يصنفها ضمن مجموعة من« القواعد» يطلق عليها
-191في هذا اإلطار يقول األستاذ Faureإن ليس هناك مجال للمقارنة بين املبادئ العامة للقانون اإلداري واألهداف
ذات القيمة الدستورية ،ألن األولى تم خلقها من منطلق عدم كفاية ونقص القواعد املكتوبة ،وهي من خلق إرادة
القاض ي اإلداري ،وهذا التعارض في األساس ،هو الذي يوضح ضعف عدد األهداف ذات القيمة الدستورية باملقارنة
مع املبادئ العامة للقانون .أنظر:
Faure (B) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle : une nouvelle catégorie juridique ? », op. Cit., p. 57
على هذا األساس ،يمكن القول أن األهداف ذات القيمة الدستورية هي « قواعد
واملبادئ الدستورية األصلية ،من أجل تبرير القيود أو االستثناءات املفروضة على
والتوفيق بين املبادئ الدستورية ،تقوم األهداف ذات القيمة الدستورية بتحديد
سلوك املشرع إزاء رصد أهداف القانون ،وهي بذلك يمكن أن تؤدي وظيفة املنع أو
اإللزام أو الترخيص.192
ويجد هذا املنع تبريره في كون أن هذه األهداف شرط لضمان فعالية الحقوق
والحريات الدستورية التي ال يمكن تجاهلها .وعالوة على ذلك ،يمكن للقاض ي
الدستوري أن يلزم املشرع أثناء تحديد أهداف القانون بغية تحقيق بعض األهداف
ذات القيمة الدستورية ،وبالتالي ،إذا لم يلتزم املشرع بهذه األهداف ،فإنه سيقع
« 192- De Montalivet (P) : Les objectifs de valeur constitutionnelle », op.cit. p.5
193 - Faure (B) : « Les objectifs de valeur constitutionnelle : une nouvelle catégorie juridique ? », Op. Cit.,
p.92
تحت طائلة عدم الدستورية ،وذلك على أساس عدم االختصاص السلبي للمشرع-
أي االمتناع ،-وفي األخير يمكن للقاض ي الدستوري أن يرخص للمشرع بتقييد ممارسة
بعض الحقوق والحريات األساسية باسم تحقيق األهداف ذات القيمة الدستورية،
الدستورية194. ألن ممارسة هذه الحقوق تقتض ي توفيقها مع األهداف ذات القيمة
وألجل ذلك ،فاألهداف الدستورية مدعوة لتحديد سلوك املشرع ،خاصة عند
إعداد القانون ،وذلك سواء باملنع أو باإللزام أو الترخيص ،على اعتبار أن هذه
األهداف ال يمكن بلوغها إال بتدخل املشرع عن طريق سن تدابير قانونية ،التي من
شأنها أن تحقق تلك األهداف ،وتجدر اإلشارة في هذا اإلطار إلى أن رقابة القاض ي
الدستوري تنصب أساسا على هذه التدابير التشريعية وليس على النتائج ،ألن املشرع
غير مقيد بتحقيق نتائج محددة سلفا ،وهذا ما يعطي الحرية للمشرع في اختيار نوعية
بالعودة إلى الحالة املغربية ،تبين أن األهداف الدستورية التي تطرقنا إليها أعاله
أتاحت للقاض ي الدستوري دعم املشرع في أهدافه ،وذلك عن طريق إضفاء الطابع
الدستوري على التدابير التشريعية التي اختارها املشرع لبلوغ أهدافه ،واملتمثلة في
بالذكر النساء والشباب ،عبر تمتيعهم بمقتضيات قانونية خاصة ،من قبيل تخصيص
الدائرة االنتخابية الوطنية النتخابات مجلس النواب ،وتقسيمها إلى جزأين ( 61
« 194- De Montalivet (P) : Les objectifs de valeur constitutionnelle », op.cit., p.6
باإلضافة إلى منع كل من سبق أن ترشح في مجلس النواب برسم الدائرة االنتخابية
الوطنية وكل شخص سبق انتخابه عضوا في املجلس املذكور برسم نفس الدائرة
وإحداث على صعيد النفوذ الترابي لكل جماعة أو مقاطعة دائرة االنتخابية196،
وذلك من أجل تحسين تمثيلية النساء إضافية197، انتخابية تسمى دائرة انتخابية
داخل مجالس الجماعات ،وإحداث كذلك دائرتين انتخابيتين على صعيد كل عمالة
بغية تشجيع تكافؤ الفرص بين للنساء198، أو إقليم مقاطعات تخصص إحداهما
النساء والرجال في ولوج الوظائف االنتخابية في أفق تحقيق املناصفة التي تسعى
وبالتالي ،يتبين أن التدابير القانونية التي اتخذها املشرع قصد بلوغ أهدافه،
تنطوي على معامالت خاصة وإجراءات تمييزية ،تتعارض في العمق مع مجموعة من
املبادئ الدستورية ،كمبدأ املساواة ،وحضر ومكافحة كل أشكال التمييز ،ومبدأ حرية
االنتخاب والترشح ،وهي بذلك تشكل استثناءات على املبادئ الدستورية املذكورة،
رغم اعتراف املجلس الدستوري لها بالقيمة الدستورية ،إال أن هذا األخير نبه املشرع
بالطابع االستثنائي واملؤقت واملحدود لهذه التدابير ،حيث ينبغي توقف العمل بها
-195املادة 98من القانون التنظيمي رقم 90.00املتعلق بمجلس النواب ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ،رقم
0.00.091الصادر بتاريخ 03أكتوبر ،9000ج.ر ،.عدد ،1230بتاريخ 90نوفمبر .9000
-196املادة 01من القانون التنظيمي رقم 90.00املتعلق بمجلس النواب ،مرجع سابق.
-197املادة 038من القانون التنظيمي رقم 12.00املتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية ،الصادر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم ،0.00.008بتاريخ 21نوفمبر ،9000ج.ر ،.عدد 5997مكرر ،بتاريخ 22نوفمبر .9000
-198املادة 09من القانون التنظيمي رقم 12.00املتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية ،مرجع سابق
بمجرد تحقيق األهداف التي بررت اللجوء إليها .الش يء الذي أدى باملجلس الدستوري
التصريح في موضع أخر بعدم دستورية بعض املقتضيات التي ترمي إلى تخصيص
نسبة مسبقة ألحد الجنسين في العضوية باملحكمة الدستورية ،199معتبرا ذلك من
جهة أولى أمرا مخالفا ملبدأ املساواة بين الجنسين في تقلد الوظائف العمومية ،ومن
ناحية ثانية ،أن العضوية باملحكمة الدستورية أحاطها املشرع الدستوري بشروط
صارمة وجوهرية 200،وهي شروط ال تسمح بتخصيص نسب مسبقة سواء تعلق األمر
بالرجال أو النساء ،ومن جهة ثالثة ،أن إمكانية ضمان تحسين تمثيلية النساء في
يفيد هذا التعليل األخير ،أنه وإن كان املشرع في إطار األهداف الدستورية يملك
حرية اختيار نوعية التدابير القانونية التي يرتضيها سبيال لبلوغ أهدافه ،فإنها باملقابل،
هي وسيلة بيد القاض ي الدستوري للتأثير على أهداف املشرع ،وذلك سواء عن طريق
-199قرار املجلس الدستوري رقم ، ،238.03الصادر بتاريخ 91يوليوز ،9003ج.ر ،.عدد ،9130بتاريخ 00غشت
،9003ص9803 .
-200أنظر الفصل 080من دستور 9000
-201في نفس السياق أبطل املجلس الدستوري بعض مقتضيات النظام الداخلي للمجلس االقتصادي واالجتماعي
والبيئي املحال عليه بتاريخ 03فبراير ،9001حينما نصت على تخصيص مقعدين في مكتب هذا املجلس ومقعد رئيسة
لجنة ومقعد مقرر لجنة أخرى للنساء ،معلال ذلك ،بأن التدابير التي ترمي إلى تشجيع تمثيلية تشجيع تكافؤ الفرص بين
الرجال والنساء ،تقتصر فقط على الوظائف االنتخابية الوطنية ومجالس الجماعات الترابية ،أما دون سواها فيتعين
على الفئات املمثلة داخل املجلس ترشيح النساء والرجال معا لهذه املناصب ،انظر قرار رقم ،213.01الصادر بتاريخ
09مارس ،9001ج.ر ،.عدد ،9839بتاريخ 09مارس ،9001ص0932 ،
العضوية باملحكمة الدستورية -أو الترخيص له باتخاذ تدابير قانونية متعارضة مع
املبادئ الدستورية.
الئحة املراجع:
يوسف حاش ي :في النظرية الدستورية ،ابن النديم للنشر والتوزيع ،منشورات
نهايتها بحيث يحرص على تقويم سلوكه من خالل ترشيد تصرفاته كما سبق اإلشارة
إلى ذلك ،وقاية من مختلف األضرار التي قد تلحق به من جراء عدم االنضباط لتلك
القواعد املسطرة شرعا كإجراءات رقابية وحمائية لذاته ،ألن الخضوع لهذه األخيرة
فالرقابة الذاتية للفرد املسلم باعتباره مستهلكا تضمن تفادي الوقوع في
عن تغير نمط العيش ""،فالتغيير الذي طال بنية االستهالك لدى املغاربة شكل ولو
بكيفية نسبية مؤشرا مهما على تطور املستوى املعيش ي ونمط العيش ،فقد تقلصت
اليوم حصة اإلنفاق الغذائي ،بينما مثلت سنوات الستينات مرحلة الوفرة
االستهالكية لدى الساكنة .أما املصاريف األخرى املرتبطة بالتجهيز والترفيه ،فقد
عرفت تضاعفا ملحوظا ،كما أن تحسين املستوى العام للمعيشة والذي واكبه تطور
التمدرس ،قد أدى خاصة في املدن إلى الركون إلى نوع من االستهالكية ...ومن زاوية
االستهالك العام لألسر ،تم تسجيل حصول تحسن في مستوى نفقات كل فرد ،مع
مراعاة ما عرفت هذه النفقات من تغيير ،ذلك أنه وبغض النظر عن ما هو قائم
لحد اآلن من سلوكات االستهالك الذاتي واإلنتاج املنزلي واملبادالت غير النقدية فإن
معدل اإلنفاق لكل فرد قد ارتفع .وفي غياب معطيات حول مداخيل األسر ،فإن
مستوى عيشها يظل موضوع مقاربة غير مباشرة عن طريق معرفة حجم استهالكها،
إال أن هذا التطور قد تقلص بفعل التدني الذي عرفته القدرة الشرائية لألسر
«« un individu est surendetté dès lors qu’il est âgé d’au moins 18 ans, que lui seul et/ou l’un des
membres majeurs de la solidarité budgétaire à laquelle il appartient sont redevables de dettes et que
la capacité de remboursement de cette solidarité budgétaire, c’est-à-dire le revenu subsistant après
déduction des dépenses incompressibles assurant un niveau de vie décent à la solidarité budgétaire et
aux éventuelles personnes dont elle a la charge, devient inférieure de manière durable à la dépense à
» effectuer pour satisfaire l’ensemble des engagements.
REBIERE (N) « Les surendettés Définition, dénombrement, caractéristiques et dynamique de la sous-
population : application au cas français » , Th Doctorat UNIV MONTESQUIEU – BORDEAUX IV, 2006
p : 20.
203
تقرير الخمسينية المعنون "المغرب الممكن ،إسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك" ،مطبعة دار النشر المغربية ،الدار
البيضاء ،5116 ،ص .72 :
و االستدانة كما هو معلوم منهي عنها في الشريعة االسالمية بدليل قول الرسول
صلى هللا عليه وسلم "" أعوذ باهلل من الكفر و الدين '' فقال رجل يا رسول هللا
204 أتعدل الكفر بالدين؟ ’ قال نعم '''
و جاء في حديث اخر عن الرسول صلى هللا عليه وسلم "" ال تخيفوا أنفسكم
بعد أمنها "" قالوا وماذاك يارسول هللا؟ قال "" الدين"" 205كما أوص ى النبي عليه
الصالة و السالم رجال "" أقل من الذنوب يهن عليك املوت وأقل من الدين تعش حرا
206 ""
و هكذا غالبا ما قد يقع املستهلك إثر تصرفاته القانونية التي يبرمها ،في موقف
غير عادي وهو أن يصبح مدينا للمنهي وبالتالي يكون مطالبا بسداد دينه في األجل
املحدد في العقد 207أو في القانون وإال اعتبر في وضعية تماطل التي تناولها ق.ل.ع
و قد عمل بعض الدارسين على وضع معايير موضوعية و داتية لتوضيح ماهية المديونية المفرطة بحيث عبر عن دلك بقوله:
« les critères offrant une vision extensive du surendettement sont traditionnellement subdivisés en
deux groupes (dont les intitués paraissent quelque peu source à confusion mais conservés ici en
raison de leur usage courant) :
- Les critères dits objectifs : sous entendu définis mathématiquement ou quaifiant un évènement
précis. Le premier de ces critères venant à l’esprit est l’incident de paiement….En matière
immobilière, on considère par exemple qu’il y a surendettement si l‘endettement dépasse trois
années de revenus.
- Les critères dits subjectifs : la sous popuation des surendettés pourrait être définie comme
l’ensemble des individus qui se considèrent comme surendettés. Ce serait une caractérisation
de type auto-identification….on pourrait également déterminer qu’un individu est surendetté si
le renboursement de ses dettes le fait vivre au dessous d’un niveau de vie acceptable ».
REBIERE (N) Th, op.cit, p : 18-19.
204رواه النسائي و الحاكم
205رواه احمد و ابو داود
206رواه البيهقي
207
انظر في هدا االتجاه قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 5111/ 1151بتاريخ 5111/05/51منشور بالموقع
االلكتروني www.cabinetbassamat.ma :الدي جاء فيه " حيث تتمسك الطاعنة بخرق الحكم المستأنف لمقتضيات الفصلين 571
املغربي في الفصول من 854إلى ،869إذ اعتبر أن املدين يكون في حالة مطل إذا
تأخر عن تنفيذ التزامه كليا أو جزئيا من غير سبب معقول 208أو بمجرد حلول األجل
و بناء عليه للدائن الحق في إجبار املدين املماطل على تنفيذ االلتزام مادام
تنفيذه ممكنا ،فإن لم يكن ممكنا جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد وله الحق في
و 160من ق ل ع ،حين اقتصر على الحكم على المستأنف عليه بأداء قسط من الدين و الحال أن استحقاق الطاعنة لمجموع الدين المبين
في المقال االفتتاحي للدعوى مستمد من شروط العقد ،و كذا حين شمل الدين بالفوائد القانونية من تاريخ الطلب عوض الفوائد االتفاقية
المحددة بمقتضى العقد في سعر 05 %من تاريخ قفل الحساب ،و بأن التعويض المحكوم به ابتدائيا ال يغطي حجم الضرر الالحق بها.
و حيث أن الثابت من عقد القرض المبرم بين المستأنفة و المستأنف عليه أن هذا األخير تم منحه قرضا بمبلغ 221.111011درهم و انه
تم االتفاق على أدائه على شكل أقساط عددها 16قسطا بمبلغ 1.161031درهم لكل قسط شامل للفوائد بنسبة % 00سنويا.
و حيث أن الثابت من الحكم المستأنف أن محكمة الدرجة األولى اقتصرت في الحكم على المستأنف عليه أدائه مبلغ القرض و المحدد في
مبلغ 221.111011درهم دون الفوائد االتفاقية إضافة إلى مبلغ القرض المحكوم به ابتدائيا و التي وجب فيها مبلغ 61.211011درهم،
الشيء الذي يتعين معه تبعا لذلك رفع مبلغ الدين المحكوم به من قبل أصل الدين إلى مبلغ 601.211011درهم ".
ينص الفصل 522ق ل ع على ما يلي " يصبح المدين في حالة م ْ 209
َطـل بمجرد حلول األجل المقرر في السند المنشئ لاللتزام.
- 5تصريحا بأنه إذا انقضى هذا األجل فإن الدائن يكون حرا في أن يتخذ ما يراه مناسبا إزاء المدين.
ويجب أن يحصل هذا اإلنذار كتابة ،ويسوغ أن يحصل ولو ببرقية أو برسالة مضمونة أو بالمطالبة القضائية ولو رفعت إلى قاض غير
مختص ".
و تطبيقا لهدا النص قضى المجلس األعلى بما يلي " :حيث إنه لما كان الوعد بالييع المؤرخ في 5116/05/56تحت ما أسماه بالشروط
الواقفة تضمن التزامات متبادلة بين الطرفين المتعاقدين فالبائع تحمل التزامات الحصول على رخصة السكنى وتحيين الرسم العقاري
والحصول على رفع اليد من كل التكاليف المتقل بها العقار المبيع ،والمشتري يتحمل التزام أداء الثمن بكل الوسائل المتاحة ،وكل هذه
االلتزامات المتقابلة اتفق الطرفان المذكوران على تنفيذها معا داخل أجل ينتهي 17/7/70لكنهما توانيا عن تنفيذها األمر الذي يعتبر
تنازال ضمنيا منهما عن هذا األجل بحيث يصبح غير محدد المدة وال يكون أي من الطرفين في حالة مطل إال إذا أنذر من جديد من لدن
الطرف اآلخر من أجل تنفيذ التزامه بأجل بقي بدون جواب ومحكمة االستئناف لما استجابت لطلب المطعون ضده الرامي إلى إتمام
إجراءات البيع تكون قد طبقت مقتضيات الفصل 522من قانون االلتزامات والعقود الذي يستلزم مطل المدين لرفع الدعوى لكنها لم
تتعرض في قرارها إلى ما إذا كان الطا عن (المدين) كان متماطال قبل مباشرة دعوى المطعون ضدها في تنفيذ التزامه من عدمه فكان
قرار ناقص التعليل ومعرضا للنقض" .
قرار المجلس األعلى رقم 2370صادر بتاريخ 53دجنبر 5100ملف ع 1615/1/7/2010منشور بالموقع االلكتروني
www.cabinetbassamat.com
التعويض في الحالتين 210ألن التعويض يستحق إما بسبب عدم الوفاء بااللتزام وإما
بسبب التأخر في الوفاء به وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب املدين.211
و هكذا يصبح املستهلك أمام حالة عدم تنفيذ التزامه التي تعرضه
للمسؤولية 212إذ يترتب التماطل إما بتعمد املستهلك في عدم نيته االلتزام بما قام به
وإما عن غير قصد وجهله وعدم اقتصاده في االستهالك وفق املقاصد الشرعية التي
ففي قرار للمجلس األعلى 213نجد ما يلي " :بناء على الفصول 854و 855و852
من قانون االلتزامات والعقود بان املدين يصبح في حالة مطل بمجرد حلول االجـل
إذا أصبح تنفيذ االلتزام غير ممكن إال في جزء منه ،جاز للدائن أن يطلب إما تنفيذ العقد بالنسبة إلى الجزء الذي مازال ممكنا ،وإما فسخه
وذلك مع التعويض في الحالتين.
وعالوة على ذلك تطبق القواعد المقررة في األبواب المتعلقة بالعقود الخاصة.
ال يقع فسخ العقد بقوة القانون ،وإنما يجب أن تحكم به المحكمة ".
211
ينص الفصل 567ق ل ع على ما يلي " يستحق التعويض ،إما بسبب عدم الوفاء بااللتزام ،وإما بسبب التأخر في الوفاء به وذلك
ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب المدين ".
212
يعتبر أحد الفقهاء المغاربة أن مطل المدين هو مرادف لعدم تنفيذ العقد ويتخذ صورة له بقوله :
"L'hypothèse de l'inexécution apparaît ainsi comme une anomalie, comme une hypothèse pathologique
contraire à la norme, aux engagements pris, à la parole donnée : le débiteur n'a pas fait ce qu'il devait
faire, il n'a pas respecté ses engagements et le créancier n'a pas obtenu ce qu'il attendait du contrat.
L'inexécution est aussi attentatoire au droit notamment à la force obligatoire du contrat… car la force
obligatoire n'aurait aucune signification si les contractants pouvaient se dérober impunément à leurs
obligations. Le créancier de l'obligation inexécutée doit donc disposer de moyens lui permettant d'agir
contre le débiteur défaillant ou récalcitrant et de fait, le droit met à sa disposition divers moyens pour
faire face à cette situation".
- AZZIMAN (O) : op.cit, p : 259.
213
بتاريخ 71أبريل 7811ملف ع 81077منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة قرار رقم 7711
المدنية بمناسبة الدكرى الخمسينية لتأسيسه مركز النشر و التوثيق 7001ص . 758
املتفق عليه التنفيذ االلتزام ويكون للدائن في هذه الحالة الحق بين اجباره على
التنفيذ العيني مادام ممكنا وبين طلب الفسخ ،اما اذا كان التنفيذ غير ممكن فال
حيث يعيب الطاعن القرار بخرق القانون لكون املحكمة قضت عليه باتمام
البيع وبرفض طلب الفسخ املضاد دون ان تلتفت الى حالة املطل التي كان عليها
املشتري وان الوعد بالبيع ينص على وجوب اداء باقي الثمن في اخر شهر يوليوز 3295
وان املشتري لم يؤد بقية الثمن وان الفصل 854من قانون االلتزامات والعقود ينص
على ان املدين يكون في حالة مطـل اذ تاخر في تنفيذ التزامه كال او بعضا كما ان
الفصل 852منه يخول للدائن الحق في حال املطل ان يطلب فسخ العقد وان هذا
حقا لقد تبين صحة ما نعاه الطاعن من ان العقد املبرم بينه وبين املدعي
املشتري ينص على وجوب اداء بقية الثمن في متم شهر يوليوز 3295وطبقا للفصلين
854و 855فان هذا املشتري اصبح في حالة مطل بمجرد عدم اداء بقية الثمن في
االجل املتفق عليه من دون ضرورة سابق انذار وان الفصل 852املوالي للفصلين
املذكورين يعطي للبائع في هذه الحالة الحق في ان يطلب اما تنفيذ االلتزام مادام
ذلك ممكنا او الفسخ اما اذا اصبح التنفيذ غير ممكن فال يبقى له اال طلب الفسخ
وان املحكمة اختلط عليها الحال بين هذه املقتضيات التي تبيح الفسخ جزاء املطل
ولو لم يكن هناك شرط فاسخ وبين الفسخ الشرطي املنصوص عليه في الفصل 861
الذي يقع في هذه الحالة بقوة القانون ملجرد معانية تحقق واقعة الشرط الفاسخ
واعتبرت ان البائع لم يطالب بفسخ العقد في حين انه طلبه ،وقالت بانه كان على
البائع ان ينفذ التزامه وانه ملا لم يفعل فـان التزامات املشتري توقفت نحوه في حين
انه ملا كان العقد يلزم املشتري بان يدفع اوال فان الفصل 115من قانون املسطـرة
املدنية يمنع عليه ان يدفع بعدم التنفيذ بل هو يجبر على التنفيذ اوال في االجل
املتفق عليه تحت طائلة فسخ العقد ثم يطالب فيما بعد بتنفيذ االلتزام املقابل و
أن املحكمة ملا بتت في الدعوى على هذا النحو تكون قد خرقت احكام القانون وبنت
و في نفس السياق قضت املحكمة التجارية بالدار البيضاء 214بما يلي " :حيث
إن الطلب يرمي إلى الحكم على املدعى عليه بأداء مبلغ 822.211,31درهم مع الفوائد
األقص ى.
و حيث دفع املدعى عليه بأن الدين املتخلذ بذمته ينحصر في مبلغ 392.382,69
درهما وأنه ال يمانع في أدائه بل أنه على استعداد ألداء األقساط الحالة مع االستمرار
في أداء األقساط املتبقية لغاية استنفادها وذلك بالفوائد املتفق عليها.
و حيث إنه بالرجوع إلى العقد الرابط بين الطرفين فإنه ينص على أن الدين
214حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 2001/10164صادر بتاريخ 13نونبر 5110ملف ع 1973/01منشور بالموقع
االلكتروني www.cabinetbassamat.ma
و حيث إن املدعى عليه يقر أنه غادر العمل مما يجعل الدين قد أصبح حاال
وبالتالي فإن تمسكه باالستمرار في أداء الدين في اآلجال والفائدة املتفق عليها ال ترتكز
و حيث إن الدين ثابت بمقتض ى كشف حسابي يتوفر على حجية ويوثق
بالبيانات الواردة به طبقا للفصل 316من ظهير 16/19/21ولم يكن محل منازعة
من طرف املدعى عليه مما يجعل املديونية ثابتة في ذمته ويتعين الحكم عليه باألداء.
و حيث إن املدعى عليه لم يؤد ما بذمته رغم توصله باإلنذار املوجه له مما
و حتى في فرضية مديونية الفرد املسلم وعدم احترامه لتلك الضوابط الشرعية
املحددة في اإلنفاق واالستهالك ،فإن اإلسالم كان حكيما ورؤوفا بهذا األخير ،ودعا
الطرف اآلخر إلى مراعاة ظروفه ومركزه ومنحه فرصة إضافية لتحمل التزاماته
التعاقدية وتنفيذها كما تم االتفاق على ذلك في العقد املبرم بينهما طبقا ملا يسمى
فقها "نظرية امليسرة" التي تجد دليلها الشرعي في القرآن الكريم من خالل قوله تعالى
ُ ُ
نف ْق ذو َس َع ٍة ِمن َس َع ِت ِه َو َمن ق ِد َر ُ
:فنظرة إلى ميسرة 215.و قوله تعالى أيضا{ِ :لي ِ
َّ َ َ ْ ْ ُ ُ َ ْ ُ ْ َّ َ ُ َّ ُ ُ َ ُ َّ
الل ُه َن ْف ًسا إ َّال َما َآت َ
اها َس َي ْج َع ُل الل ُه َب ْع َد ِ علي ِه ِرزقه فلي ِ
نفق ِمما آتاه الله ال يك ِلف
ُع ْس ٍر ُي ْس ًرا}.216
والقوة الطارئة217 عند التطرق إلى املقتضيات العامة املرتبطة بحاالت الظروف
القاهرة 218واإلكراه البدني فضال عن التدكير بمبدأها في الفصل 382ق.ل.ع " ال
يسوغ للقاض ي أن يمنح أجال أو أن ينظر إلى ميسرة ،ما لم يمنح هذا الحق بمقتض ى
االتفاق أو القانون.
إذا كان األجل محددا بمقتض ى االتفاق أو القانون ،لم يسغ للقاض ي أن يمدده،
أن يفي الشخص في األحوال العادية بالعقد املتفق عليه مع الطرف اآلخر بحيث
يكون ملزما وغير معفى من املسؤولية غير أنه بحكم ظروف خارجة عن إرادته ،يصبح
مدينا وال يستطيع معها الوفاء وتنفيذ االلتزام بسبب إرهاقه رغم ما قد يحمله ذلك
و من هنا بدأت اتجاهات فقهية وقضائية 219تدعو إلى تعديل العقد بناء على
القواعد اإلسالمية والعرفية التي يمكن أن تدخل في إطار نظرية العذر ،أو الجائحة.
وقد اشار اليها القانون 31.08في املادة 149 220بشكل حصري عند معالجته لالمهال
219انظر على سبيل المثال قرار محكمة االستئناف بالدار البيضاء رقم 0011صادر بتاريخ 0116/16/17منشور بمجلة القانون المغربي
ع 07يوليوز-غشت 0113الدي جاء فيه " وحيث إن نظرية الظروف الطارئة تؤكد أنه ليس هناك ما يمنع من اللجوء إلى القضاء طلبا
لتطبيق حكم الظروف الطارئة.
حيث إن مطل المدين تسبب للدائن في خسارة يجب أن تعوض ،ذلك أن سعر الفرنك الفرنسي يعرف ارتفاعا أو انخفاضا وبالتالي فإنه من
العدالة االستجابة لالستئناف الفرعي وذلك بتحويل أصل الدين يوم التنفيذ على أساس السعر الذي تكون عليه العملة الفرنسية.
وحيث إن الفوائد يجب أن يتم احتسابها لكل سنة وعلى ضوء القيمة الحقيقية للفرنك الفرنسي من خالل كل سنة إذ ال يعقل احتسابها على
أساس سعر يوم التنفيذ سواء ارتفع الفرنك الفرنسي أو انخفض.
وحيث يجب بناء على ذلك تأييد الحكم االبتدائي في مبدإ األداء لكن بما يوازي المبلغ المطلوب بالعملة الوطنية يوم التنفيذ ".
220
و المالحظ أن المادة 011من القانون رقم 70.11تم نقلها حرفيا من الفصل L313-12من دونة االستهالك الفرنسية الدي نص
على ما يلي:
Art L313-12 .C.Cons. « L'exécution des obligations du débiteur peut être, notamment en cas de
licenciement, suspendue par ordonnance du juge d'instance dans les conditions prévues aux articles
1244-1 à 1244-3 du code civil. L'ordonnance peut décider que, durant le délai de grâce, les sommes
dues ne produiront point intérêt.
En outre, le juge peut déterminer dans son ordonnance les modalités de paiement des sommes qui
seront exigibles au terme du délai de suspension, sans que le dernier versement puisse excéder de plus
de deux ans le terme initialement prévu pour le remboursement du prêt ; il peut cependant surseoir à
statuer sur ces modalités jusqu'au terme du délai de suspension ».
للقرض بقوله "" :بالرغم من احكام الفقرة 2من الفصل 243من الظهير الشريف
يمكن والسيما في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة ان يوقف
تنفيذ التزامات املدين بأمر من رئيس املحكمة املختصة ويمكن أن يقرر في االمر على
ان املبالغ املستحقة ال تترتب عليها فائدة طيلة مدة املهلة القضائية.
يجوز للقاض ي عالوة على ذلك ان يحدد في االمر الصادر عنه كيفيات اداء
املبالغ املستحقة عند انتهاء أجل وقف التنفيذ دون أن تتجاوز املبالغ املستحقة عند
انتهاء اجل وقف التنفيذ دون ان تتجاوز الدفعة االخيرة االجل االصلي املقرر لتسديد
القرض بأكثر من سنتين غير أن له أن يؤجل البت في كيفيات التسديد املذكور الى
و في اعتقادي كان األحرى أن يتم تعميم هذا املقتض ى على كافة العقود
االستهالكية عوض تقييد نطاق تطبيقه بجعله استثنائيا يهم القرض فحسب .ومع
ذلك أرى أنه ال مانع أبدا من االلتجاء الى القاعدة القانونية املنصوص عليها في
الفصل 243ق ل ع بالنسبة للتصرفات التعاقدية االخرى مادام أنها وردت بصيغة
عامة بحيث اكدت على مايلي " إذا لم يكن هناك إال مدين واحد ،لم يجبر الدائن
على أن يستوفي االلتزام على أجزاء ،ولو كان هذا االلتزام قابال للتجزئة ،وذلك ما لم
مع ذلك ،يسوغ للقضاة ،مراعاة منهم ملركز املدين ،ومع استعمال هذه السلطة
في نطاق ضيق أن يمنحوه آجاال معتدلة للوفاء ،وأن يوقفوا إجراءات املطالبة ،مع
حالها"221. إبقاء األشياء على
بيد أن الواقع التطبيقي ،ونظرا للثغرات التي تكتنف الفصول املنظمة لنظرية
لذلك نادى البعض 222بإعادة النظر في صياغة الفصل 811ق.ل.ع الذي أجده
اقتراحا جيدا بواسطة إضافة فقرة جديدة على النحو اآلتي " :االلتزامات التعاقدية
املنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها وال يجوز إلغاؤها
و مع ذلك ،إذا طرأت حوادث استثنائية لم يكن بإمكان الطرفين توقعها عند
إبرام العقد بحيث يصبح تنفيذ االلتزام سببا يهدد أحد املتعاقدين بخسارة فادحة،
جاز للمحكمة عندئذ وبعد املوازنة بين مصلحة الطرفين أن ترد االلتزام املرهق إلى
221
أما في القانون العربي ،فقد نص عليها القانون المدني المصري في المادة 013التي تنص على أن " العقد شريعة المتعاقدين ،فال
يجوز نقضه وال تعديله إال باتفاق الطرفين ،أو لألسباب التي يقررها القانون.
ومع ذلك إذا طرأت حوادث استئنافية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ االلتزام التعاقدي ،وأن لم يصبح
مستحيال ،صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخس ارة فادحة ،جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد
االلتزام المرهق إلى الحد المعقول .ويقع باطال كل اتفاق على خالف ذلك ".
أما القانون المدني الجزائري أشار اليها في الفصل 0في فقرته الثالثة 13بقوله " غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في
الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ االلتزام التعاقدي ،وان لم يصبح مستحيال ،صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز
للقاضي تبعا للظروف وبعد مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد االلتزام المرهق إلى الحد المعقول ،ويقع باطال كل اتفاق على خالف ذلك
".
222
عبد هللا خالد عيد " :نظرية القوة القاهرة بين الفقه والقانون" ،م.س ،ص .066 :
الحد املعقول أو أن تقض ي بفسخ العقد ما لم يدرأ الدائن هذا الفسخ بعوضه
تعديال لشروط العقد يتفق مع مبدأ العدالة ويقع باطال كل اتفاق على خالف ذلك".
للمستهلك املدين في االلتزام ،أن القضاء املغربي ال يزال يرفض االعتداد بها .وقد
أجمل البعض 223أسباب الرفض بالقول " :لم نقف على اجتهاد قضائي أقر نظرية
الظروف الطارئة ،ذلك أن القاض ي املغربي مثل نظيره الفرنس ي يرفض بشدة الحكم
ثالثا :تغليب جانب االستقرار في املعامالت ولو على حساب العدالة العقدية
رابعا :اهتمام الفقه بالنظرية واقتناعه بضرورة التأثير على االجتهاد القضائي
أما اإلكراه البدني فهو مصطلح حديث نسبيا تداولته العديد من املؤلفات
القانونية والفقهية ،يجد جذوره األصلية في القانون الروماني ثم بدأ يتطور في
الشرائع األخرى بما فيها الشريعة اإلسالمية .و يقصد به "حبس املحكوم عليه مدة
223جميلة العماري " :مدخل إلى القانون المقارن" ،م.س ،ص .33 :
عينة يحددها الحكم الصادر به طبقا ملقتضيات القانون املنظم لهذا اإلجراء القهري
اإلكراه البدني على الفرد املسلم املدين .لكن أمام عدم تمييز الحكم الشرعي الوارد
في هذا اإلطار بين الشخص املوسر واملعسر ،ثار نقاش فقهي مذهبي 225يمكن تلخيصه
بالنسبة للمدين املوسر :أجاز املذهب الحنفي والحنبلي حبس املدين ،في حين
بالنسبة للمدين املعسر :يرى الحنابلة والشافعية أن حالة إعسار املدين ال
تحول دون حبسه حتى يثبت نفاذ ماله .أما املالكية فيعتقدون أنه يجب التمييز بين
حالتين :األولى وهي حالة املدين املعسر غير املعدم التي يجوز فيها عدم حبسه إلى
أن يوسر الثانية وهي حالة املدين املعسر املعدم التي يجب فيها بالضرورة عدم
حبسه.
فعلى غرار التشريعات املقارنة األخرى ،أخذ املغرب بتطبيق مسطرة اإلكراه
البدني منذ زمن غير بعيد خاصة مع بداية الستينيات عندما أصدر ظهيرا يؤطر هذه
81فبراير .3263
224
حسن الرميلي " :اإلكراه البدني على ضوء التشريع المغربي والمقارن" ،نشر البديع ،مراكش ،ط ،5111 ،5ص 71
225للتوسع في هذه اآلراء الفقهية ،راجع :حسن الرميلي :م.س ،ص .11-77 :
ومباشرة بعد مصادقة الدولة املغربية على االتفاقية الدولة املتعلقة بحقوق
اإلنسان وبالحقوق املدنية والسياسية ،أصبح هذا الظهير محط انتقاد من لدن
الفقهاء .فاملادة 33من االتفاقية الدولية املتعلقة بالحقوق املدنية والسياسية أثارت
فعلى مستوى الفقه واألكاديميون ،انكبت جل الدراسات على تبيان مدى عدم
مشروعية تطبيق مسطرة اإلكراه البدني طبقا للظهير املذكور أعاله مقارنة مع
االتفاقيات املصادقة عليها من طرف املغرب في مجال حقوق اإلنسان مما جعل
أما بخصوص القضاء ،لوحظ تذبذب في املواقف ،ويمكن التمييز هنا بين
مرحلتين :
املرحلة األولى :عرفت اتجاها ما بين التقييد واإلطالق ،فقبل دستور ،3228
لم يكن املغرب يعترف بشكل واضح بسمو االتفاقيات على القوانين الداخلية.
وانعكس هذا الوضع على األحكام والقرارات الصادرة عن الجهاز القضائي على
في هذه الفترة ،اتسمت بعض األحكام الصادرة عن القضاء بالتشديد ويظهر
ذلك جليا مثال في حكم املحكمة االبتدائية بالرباط الذي قض ى برفض طلب إطالق
سراح املكره بدنيا بعلة عدم التنصيص في التشريع املغربي على سمو االتفاقية
226
لحسن بيهي وهشام عبودي " :اإلكراه البدني في الديون التعاقدية بين اإلبقاء واإللغاء" ،مجلة القانون المغربي ،ع ،5112 ،1ص
.77:
الدولية على مقتضيات القانون الداخلي وكذا ال يوجد ما يفيد ترجيح األخذ
و في الفترة ذاتها ،وعلى عكس االتجاه أعاله ،كرست املحاكم املغربية مبدأ سمو
االتفاقيات الدولية على القانون الداخلي املغربي وأمرت بتطبيق املادة 33من
من األحكام والقرارات بتكريس االتفاقية مع االعتراف بحجيتها وقوتها القانونية مثال
و أمام هذا الوضع الغامض واالختالف السائد بين األوساط العلمية والفقهية
والقضائية ،عمل املشرع على حسم املسألة عن طريق إصدار ظهير جديد ،يتعلق
227أمر استعجالي عن المحكمة االبتدائية بالرباط صادر بتاريخ 51نونبر ،0116ملف ع 17/212منشور بمجلة رسالة المحاماة،
ع ،1أبريل ،0113ص .010 :
أنظر أيضا في نفس االتجاه :
-حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط بتاريخ 57أبريل ،0111ملف مدني ع 0111/011/1منشور بمجلة اإلشعاع ،ع،1
دجنبر ،0111ص .513 :
-حكم صادر عن نفس المحكمة بتاريخ 06أبريل ،0111ملف تجاري ع ،11/1منشور بمجلة اإلشعاع ،ع ،1دجنبر ،0111ص :
.035
228محمد الكشبور " :قراءة في قرار المجلس األعلى المؤرخ في 56شتمبر 5111حول تطبيق المادة 00من المعاهدة الدولية بشأن
الحقوق المدنية والسياسية" ،مجلة المناهج ،ع 7و ،5117 ،1ص .001 :
و من مستجدات هذا اإلطار التشريعي تمييزه بين وجهين بالنظر إلى مبدأ تطبيق
مسطرة اإلكراه البدني على الشخص املدين مباشرة :هما الشق املدني واآلخر
التجاري .فبالنسبة للمادة املدنية ،تم إلغاء تطبيق مسطرة اإلكراه البدني بصفة
العميق الذي تعرضت له القيم التاريخية املجتمعية وهي نتاج االنتقال من األصالة
إلى املعاصرة والحداثة .وهذا ما عمل على تشخيصه تقرير الخمسينية 229بقوله :
"وبالفعل ،فقد كان املغاربة يستمدون أهم قيمهم من الحضارة العربية اإلسالمية...
إن هذا النظام الذي ترسخ عبر الزمن وتغذى باستمرار من الداخل ،قد تأثر
بإسهامات خارجية ،وبالتفاعالت التي أقامها املجتمع مع محيطه .إال أنه ،وعلى غرار
الخزان التقليدي للقيم باملغرب ،ووضع على املحك نظام التمثالت واملرجعيات
االجتماعية بصفة عامة .وخالل العقدين األخيرين فرضت العوملة وتطور اإلعالم
تفاديا الشكالية املديونية و املديونية املفرطة وهو املتجسد في امكانية التسديد املبكر
103 قبل حلول أجل الدفع القانوني أو املتفق عليه مع املنهي بحيث جاء في املادة
انه "" يجوز للمقترض بمبادرة منه ان يقوم بأي وقت ودون تعويض بالتسديد230
املبكر ملبلغ القرض املمنوح له كله أو بعضا منه ويعتبر كل شرط مخالف لذلك يعد
ال تطبق أحكام الفقرة االولى على عقود االيجار ما عدا اذا كانت هذه العقود
Si le contrat de prêt comporte une clause aux termes de laquelle, en cas de remboursement par
anticipation, le prêteur est en droit d'exiger une indemnité au titre des intérêts non encore échus, celle-
ci ne peut, sans préjudice de l'application de l'article 1152 du code civil, excéder un montant qui,
dépendant de la durée restant à courir du contrat, est fixé suivant un barème déterminé par décret.
Pour les contrats conclus à compter de la date d'entrée en vigueur de la loi n° 99-532 du 25 juin 1999
relative à l'épargne et à la sécurité financière, aucune indemnité n'est due par l'emprunteur en cas de
remboursement par anticipation lorsque le remboursement est motivé par la vente du bien immobilier
faisant suite à un changement du lieu d'activité professionnelle de l'emprunteur ou de son conjoint, par
." le décès ou par la cessation forcée de l'activité professionnelle de ces derniers
231
" d’un point de vue psychologique et cognitif, le consommateur malin n’est pas passif face aux
dispositifs de persusion, mais actif. Il traite de l’information et du sens ».
Collectif : « le consommateur malin face à la crise, le cadrage du client et les marges de manœuvre
du consomateur », T 1, l’Harmattan, 2013, p : 18.
الئحة املراجع:
أسامة عبد الرحمان " :نظرية العذر وآثارها على االلتزام التعاقدي" ،أطروحة
محمد الكشبور " :نظام التعاقد ونظريتا الظروف الطارئة والقوة القاهرة"،
-محمد بونبات " :نظرية الظروف الطارئة بين األخذ والرد في املغرب" ،سلسلة
رشوان حسن رشوان أحمد " :أثر الظروف االقتصادية على القوة امللزمة
محمد الكشبور " :نظريتا القوة القاهرة والظروف الطارئة" ،مطبعة النجاح
-فاطمة أسحاق " :آثار القوة القاهرة على االلتزام العقدي في القانون املغربي
واملقارن" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون املدني ،كلية الحقوق ،الدار البيضاء،
.8116-8115
خالد عبد هللا عيد " :نظرية القوة القاهرة بين الفقه والقانون" ،أطروحة لنيل
مقـدمـة:
منح دستور 8133امتيازات دستورية جديدة وإمكانيات حقيقية من شأن
حصيلة فرق املعارضة البرملانية باملحدودية الذي كانت تعاني منه الترسانة القانونية
ً
املؤطرة للعمل البرملاني عموما ،من حيث الصالحيات واإلمكانات الدستورية
ً ً
املمنوحة للمعارضة البرملانية خارج دائرة املقاربة العددية التي تمنح تفوقا دائما
التمثيلية .
في هذا السياق ،ينبغي التأكيد أن املغرب شهد منذ انطالق أول تجربة دستورية
ً ً
تطورا مضطردا في االرتقاء بالترسانة القانونية املؤطرة الشتغال مختلف املؤسسات
وفي مقدمتها املؤسسة التشريعية والتي حظيت بنصيب وافر من هذه االصالحات
ً
بمناسبة التعديل الدستوري األخير لسنة ،8133علما أن عملية اقرار االمكانات
والضمانات الدستورية استغرقت فترة زمنية طويلة بالنظر لحالة التنازع التي طبعت
مسار العالقة بين املؤسسة امللكية وبعض القوى السياسية ،كما أن آثار هذه
االصالحات بقي جد محدود ولم يسعف املغرب في االنتقال إلى نظام سياس ي
ً
ديمقراطي حقيقي ،خصوصا أن الرهان اقتصر على مدخل االصالح الدستوري دون
اتخاذ اجراءات مصاحبة قادرة على اعادة تشكل البنية املؤسساتية في اتجاه الرفع
الفرق البرملانية
من فعاليتها ونجاعتها ،لعل أبرزها عدم اإلشتغال على تطوير دور ِ
واملجموعات النيابية وغير املنتسبين في النهوض بعمل مجلس النواب واالرتقاء
املبكر للتجربة الدستورية املغربية والتي انطلقت سنة ،2333268حيث بقيت حقوقها
جد محدودة ودون حماية قانونية .وفي سياق تصحيح مسار هذه الوضعية كان
-232ظهير شريف رقم 0.00.20صادر في 90من شعبان 92(0389يوليو )9000بتنفيذ نص الدستور ،الجريدة الرسمية ،عدد 1293مكرر 93 -شعبان
80(0389يوليو.)9000
-233ظهير شريف بإصدار األمر بتنفيذ الدستور املغربي لسنة 0299بتاريخ 00رجب 03/0839دجنبر .0299الجريدة الرسمية عدد 9909مكرر 99.رجب
02(0839دجنبر.)0299
السعي نحو البحث عن توازن داخلي بين األغلبية واملعارضة خارج املقاربة العددية،
من أجل تجاوز إكراهات مقتضيات الديمقراطية التمثيلية التي تجعل من قاعدة
التمثيل النسبي أحد أهم أدوات توزيع الحقوق واالستفادة من االمكانات الدستورية
بين األغلبية واملعارضة البرملانية ،األمر الذي من شأنه منح هذه األخيرة مكانة خاصة
إن استحضار تطور املمارسة البرملانية ببالدنا خالل العقود الخمس املاضية وما
واكبها من تراكمات مهمة ليس فقط على مستوى أداء البرملان ملهمته التشريعية
واالقتصادية واالجتماعية التي عرفتها بالدنا خالل تلك املرحلة .هذا األمر يفرض علينا
الوقوف عند أبرز املستجدات التي حملها دستور 8133واألنظمة الداخلية التي
الفرق
أطرت اشتغال مجلس النواب خالل الفترة التشريعية ( )8136 -8133لفائدة ِ
البرملانية واملجموعات النيابية (املبحث األول) .تم الوقوف على دور مساهمة الرقابة
في تفعيل حق احالة قضايا خالفية مع الحكومة أو أغلبيتها البرملانية على القاض ي
بوظائفها الدستورية (املطلب األول) .إن هذه املكانة الخاصة التي حظيت بها ِ
الفرق
وتمكينها من شروط الرفع من جاهزيتها واالرتقاء بنجاعة أدائها ،وهو األمر الذي تم
اقراره على مستوى مواد األنظمة الداخلية ( ،)8139 – 8131 – 8138األمر الذي
الفرق البرملانية
يفرض التعرف على أهم املستجدات التي حملتها لفائدة عمل ِ
(املطلب الثاني).
والتصويت على القوانين ،أو التعبير عن مواقفها خالل الجلسات العامة والتي
الفرق البرملانية بأنها إطارات سياسية للعمل البرملاني ،لها وظائف محددة في تجميع أصوات أعضاء البرملان ،وتوفير أدنى حد
-234عرف عبد االاله فونتيرِ ،
الفرق البرملانية ،هو أحد عناصر امليثاق القائم
من توحيد الرؤية بينهم ،ويضيف أن عنصر االلتزام السياس ي واالنتـماء الحزبي الذي يعتبر أساس تشكيل ِ
بين الناخبين ،والعضو البرملاني الذي تـم انتخابه على أساسه ،أنظر :عبد االاله فونتير ،العمل التشريعي باملغرب ،اصوله التاريخية ومرجعياته
الدستورية ،دراسة مقارنة تأصيلية وتطبيقية ،الجزء الثالث ،سلسلة دراسات وأبحاث جامعية ،9003- 3ص .009
يستـمدون نيابتهم من األمة 235".وهي نفس الصيغة التي جاء بها القضاء الدستوري
وضمنها مجلس النواب في نظامه الداخلي حيث اعتبر " الفرق واملجموعات البرملانية
األداة الرئيسية لتنظيـم مشاركة النواب ـ هيئات وأفراد ـ في أشغال املجلس طبقا
236". ألحكام الدستور وهذا النظام الداخلي
ً
عرف املغرب على مدار التجربة الدستورية ابتداء من دستور ،3268ومرورا
ً ً
بدساتير 3291و 3298ووقوفا عند دستوري 3228و ،3226تقييدا لحقوق املعارضة
السياسيين بتقوية هذا الدور ،كاملذكرة التي تقدمت بها الكتلة الديمقراطية
ً
لإلصالحات الدستورية لسنة ،3228مطالبة بتقوية دور املعارضة البرملانية في مجال
الرقابة والتشريع ،حيث ورد في مذكرتها أن أحزاب الكتلة الديمقراطية " تعتقد أن
تدعيم الحياة النيابية يقتض ي توفير آليات جديدة ملمثلي األمة ،وذلك في ميدان
-235تعريف القضاء الدستوري للفرق البرملانية وقد ورد ذلك في القرار " رقم 09-392الصادر في 00ربيع االول 3( 0388فبراير )9009الجريدة الرسمية
عدد 9090بتاريخ 09فبراير." 9008
-236مجلس النواب ،املادة ،13النظام الداخلي ملجلس النواب بعد صدور قرار املحكمة الدستورية رقم 91/00بتاريخ 80أكتوبر ، 9000منشورات مجلس
النواب .
-237يمكن تعريف املعارضة البرملانية أنها االمتداد التنظيمي والتمثيلي لحزب سياس ي داخل املجلس النيابي ،لم تسعفه نتائج املشاركة االنتخابية التشريعية
ً ً
التواجد ضمن األغلبية البرملانية (اختيارا /اضطرارا) ،ومن تم االنتماء إلى ِفرق املعارضة البرملانية وفق إجراءات مسطرية شكلية وموضوعية.
ممارسة حق املراقبة على الحكومة وفي ميدان تقوية العمل النيابي وحقوق األقلية
النيابية" . 238إال أن املشرع الدستوري لم يستجب إال لبعض هذه املطالب ،بالنظر
الختالل موازين القوى لفائدة املؤسسة امللكية .رغم ذلك فقد شكلت املعارضة أحد
بصمت على مجهود مقدر في تاريخ تطور التجربة الدستورية املغربية التي انطلقت
مع دستور ،3268إلى آخر تعديل دستوري لسنة ،8133إال أنه ُسجل فارغ كبير على
امتداد هذا املسار من حيث تأطير وضعيتها داخل فضاء املؤسسة التشريعية بوضع
قانوني خاص ،يتجاوز االرتهان ملنطق األغلبية واألكثرية ،واالنتقال إلى اقرار حقوق
ً
تفضيلية تكسبها حقوقا ،تمكنها من الرفع من نجاعة أدائها ،وتحريرها من ضغط
ً ً
مخرجات الديمقراطية التمثيلية التي تمنح هامشا متواضعا من االمكانات
ً
والضمانات لألقلية البرملانية للتأثير في صناعة القرار البرملاني عموما.
مجموعة من الحقوق الخاصة؛ والتي تتخذ شكل امتيازات تقتصر عليها دون غيرها،
ً ً
حيث أصبحت مكونا أساسيا في مجلس ي البرملان ،تشارك في وظيفتي التشریع واملراقبة
العاشر ،239وفي سياق تقوية وظيفتها التشريعية نص الفصل األخير على حقها في
. https://www.maghress.com/oujdia/9149-238
ّ ّ
-239ينص الفصل العاشر على ما يلي :تتمثل فیما یلي :حریة الرأي والتعبير واالجتماع - ،التوفر على حيز زمني في وسائل اإلعالم الرسمية تناسب تمثيليتها،
-االستفادة من التمويل العمومي وفق مقتضيات القانون - ،املشاركة الفعلية في مسطرة التشریع ،السيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال
مجلس ي البرملان - ،املشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي السيما عن طريق ملتمس الرقابة ،ومساءلة الحكومة ،واألسئلة الشفوية واللجان النیابیة
ّ
لتقص ي الحقائق - ،املساهمة في اقتراح وانتخاب األعضاء املترشحين لعضوية املحكمة الدستورية - ،الحصول على تمثيلية مالئمة في األنشطة الداخلية ملجلس ي
أساس في املجلسين ،وتشارك في وظيفتي التشريع واملراقبة" .في نفس املنحى يؤكد
الفصل 28على (ما يلي)" :يخصص يوم واحد على األقل في الشهر لدراسة املقترحات
ومن بينها تلك املقدمة من قبل املعارضة .ويقصد بحق االقتراح ذلك العمل الذي
يضع األسس األولى للتشريع ويحدد مضمونه ،240وهو ما يعني تخويل املعارضة
تحديد كيفيات ممارسة فرق املعارضة لهذه الحقوق ،حسب الحالة ،بموجب قانون
تنظيمي أو قوانين أو بمقتض ى النظام الداخلي لكل مجلس من مجلس ي البرملان ،إال
أن املشرع البرملاني قرر ادراجها ضمن مقتضيات األنظمة الداخلية للسنوات على
التوالي 8138و 8131و 8139وهو ما أتاح للنواب صالحية حصرية في تنظيم طريقة
ً
عملهم بعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية والتي يتعاظم تأثيرها من خالل صالحياتها
البرملان - ،حق ترؤس اللجنة املكلفة بالتشريع بمجلس النواب ولجنة أخرى على األقل - ،التوفر على وسائل مالئمة للنهوض بمهامها املؤسسية - ،املساهمة
الفاعلة في الدبلوماسية البرملانیة للدفاع عن القضايا العادلة للوطن ومصالحه الحیویة -املساهمة في تأطير وتمثيل املواطنات واملواطنين من خالل األحزاب
ً ً
املكونة لها طبقا ألحكام الفصل 7من هذا الدستور) - ، ( 2011ممارسة السلطة عن طریق التناوب الدیمقراطي ،محلیا وجهويا ووطنيا في نطاق أحكام الدستور.
أنظر :الوزارة املكلفة بالعالقات مع البرملان واملجتمع املدني" ،حصیلة عمل الحكومة في عالقتها مع البرملان :السنة األولى من الوالية التشريعية التاسعة
ینایر/أكتوبر" ، 2012اململكة املغربیة - 2012 ،ص ص .80-89
- 240أم كلثوم جمال الدين ،القانون البرملاني املغربي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد األول ،وجدة ،9009 – 9001ص .988
مقتضيات النظام الداخلي ،241فسح املجال ملكونات املجلس القيام بمراجعاته إن
اقتضت الضرورة لذلك ،وفق الضوابط القانونية املنظمة لذلك .242كما أن مسطرة
تعديل النظام الداخلي قصد تجويده تعد أسهل مقارنة بتغيير قانون تنظيمي .إال أن
بعض االجتهادات اعتبرت تنظيم مجال املعارضة البرملانية بواسطة مقتضيات النظام
أو مجموعات نيابية أو نائب غير منتسب ،حيث يؤكد النظام الداخلي لسنة 8131
املنصوص عليه أعاله في أي وقت .ينشر التصريح باالنتماء إلى املعارضة وكذا سحبه
-241نص الفصل العاشر من دستور 9000على " تحدد كيفيات ممارسة فرق املعارضة لهذه الحقوق ،حسب الحالة ،بموجب قوانين تنظيمية أو قوانين
أو بمقتض ى النظام الداخلي لكل مجلس من مجلس ي البرملان ".
-242املادة 039من النظام الداخلي لسنة " 9009يشكل املجلس عند الحاجة لجنة تسمى لجنة النظام الداخلي يعهد إليها بالنظر في مقترحات التعديالت
املتعلقة بالنظام الداخلي للمجلس " .
بالجريدة الرسمية " .إنه إجراء مسطري يتميز بالوضوح واألهمية في عملية اكتساب
الذي أطر اشتغال الوالية 2448139 66ضمن مقتضيات النظام الداخلي لسنة
نيابية وكل نائب غير منتسب اختار املعارضة رئيس مجلس النواب كتابة ويتم اإلعالن
عنه في الجلسة العمومية املوالية لهذا االشعار" .وهو نفس اإلجراء الذي نصت عليه
املادة 41من النظام الداخلي لسنة ،8131مع اضافة أن حق اشعار اختيار املعارضة
ال يقتصر فقط على الفرق بل يشمل كذلك املجموعات النيابية وكل نائبة أو نائب
غير منتسب ،ويمكن اجمال الحقوق الخاصة بفرق املعارضة البرملانية في دستور
-243إن التصريح السياس ي ليس بأمر جديد على العمل البرملاني ،إذ تم اقراره في أول نظام داخلي لسنة 0298في الفصل الثامن عشر من الباب الخامس
ً ً ً ً
الفرق بعد أن تضع لدى مكتب املجلس تصريحا سياسيا موقعا عليه من طرف أعضائها ،ومصحوبا للنظام الداخلي ملجلس النواب لسنة : 0298يتم تكوين ِ
بالئحة النواب املنخرطين فيها ،ويشار في هذه لالئحة كذلك إلى اسم رئيس الفريق ،وبعد كل هذه اإلجراءات تنشر املستندات برمتها في الجريدة الرسمية.
انظر :محمد بتيس ،املوسوعة البرملانية ،املسار البرملاني املغربي ،من النشأة إلى االنتقال الديمقراطي ،املجلد األول ،الجزء األول ،الطبعة األولى ،مطبعة
املعارف الجديدة ،الرباط ،سنة،9000ص.908
-244النظام الداخلي النظام الداخلي لسنة ،9000قرار املحكمة الدستورية في رقم 00/91الصادر يوم االثنين 00من صفر 0382املوافق ل ـ 80أكتوبر
.9000
ً
-245تمت االشارة إلى مضامين الفصل العاشر سابقا:
الفصل :90املعارضة مكون أساس ي في املجلسين ،وتشارك في وظيفتي التشريع واملراقبة ،طبقا ملا هو منصوص عليه خاصة في هذا الباب.
الفصل :92عدد اللجان الدائمة واختصاصها وتنظيمها ،مع تخصيص رئاسة لجنة أو لجنتين للمعارضة ،على األقل ،مع مراعاة مقتضيات الفصل 00
من هذا الدستور.
الفصل :39يخصص يوم واحد على األقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين ،ومن بينها تلك املقدمة من قبل املعارضة.
نص الفصل 62من دستور 8133على تخويل النظام الداخلي بصفة خاصة
النظام الداخلي لسنة 8131من خالل مقتضيات املادة األربعون ( ،)41حيث نصت
هذه األخيرة على ضرورة اشعار " كل رئيس فريق نيابي رئيس مجلس النواب باختياره
املعارضة ويتم اإلعالن عن ذلك في الجلسة العمومية املوالية لهذا اإلشعار" ،إن
التقيد "بالتصريح السياس ي " .اشعار يترتب عنه مباشرة االستفادة من حقوق
8131و " 8139تستفيد فرق املعارضة بمجلس النواب من الحقوق املنصوص عليها
عمل املشرع البرملاني على التقيد بمالحظات قرارات املجلس الدستوري في شأن
املتعلقة بحقوق املعارضة البرملانية ،حيث اعتبر قرار املجلس أن ما تضمنته هذه
املواد 41و 43و 48و ،45من " حقوق لفرق املعارضة بمجلس النواب ليس فيه ما
املنتسبين ألي فريق أو مجموعة نيابية املنتمين للمعارضة" .246األمر الذي يفيد أن
االنتساب الى املعارضة البرملانية ،حيث نصت املادة 66من النظام الداخلي لسنة
8139على أن اشعار رئيس املجلس لم يعد يقتصر فقط على رئيس كل فريق بل
يمكن أن يشمل كل مجموعة نيابية وكل نائبة أو نائب غير منتسب اختار املعارضة.
ً
عالوة على ذلك نص نفس الفصل على حق املعارضة البرملانية سحب (التصريح/
اإلشعار) في أي وقت ،دون االشارة إلى طريقة سحبه ،فراغ عالجه نص قرار املجلس
يعد " النظام التصريحي" ،تعبير عن اختيار سياس ي إرادي واعي ملوقع املعارضة
البرملانية ،أمر سوف يمكن من فرز خريطة سياسية واضحة داخل املؤسسة
التشريعية مبنية على أساس تنوع في املقاربات البرنامجية لصياغة وتدبير مجمل
الفرق البرملانية
السياسات العمومية ،إن التقيد بالتصريح السياس ي من طرف ِ
-246القرار 08-293الصادر بتاريخ 99أغسطس ،9008بشأن النظام الداخلي ،ملجلس النواب املراجع في فاتح أغسطس. 9008
-247املادة ) 99الفقرة األخيرة (ليس فيها ما يخالف الدستور مع مراعاة مالحظات املحكمة الدستورية)القرار رقم 80/00بشأنها ":حيث إن ما نصت عليه
الفقرة األخيرة من هذه املادة من أنه" يمكن للفرق وللمجموعات النيابية والنواب غير املنتسبين املنتمين للمعارضة أن يسحبوا التصريح املنصوص عليه أعاله
في أي وقت "ليس فيه ما يخالف الدستور ،مع مراعاة أن يتم سحب التصريح كتابة ،طبقا لقاعدة توازي األشكال
واملجموعات النيابية وغير املنتسبين يخولهم االستفادة من حقوق املخولة لهم في
رئاسة لجنتين دائمتين :نص الفصل 62من دستور 8133في فقرته الخامسة
على" تخصيص رئاسة لجنة أو لجنتين للمعارضة ،على األقل" .وهو األمر الذي
نص عليه الفصل العاشر من دستور 8133على تحديد رئاسة اللجنة املكلفة
لتحديد باقي اللجان وهو األمر التي تم إغفاله على مستوى اقراره في النظاميين
تبقى اختيارية ،رغم أن املمارسة العملية خالل الوالية التشريعية التاسعة ،
تفيد أن املعارضة تستفيد من رئاسة أكثر من لجنة .248األمر الذي يؤكد أن
يحدد " عدد اللجان الدائمة واختصاصها وتنظيمها ،حيث يتم تخصيص
-248حصيلة أشغال مجلس النواب للسنتين التشريعيتين 9009-9000و ،9008-9009الجزء األول :هياكل مجلس النواب ،منشورات مجلس النواب،
العدد ،38ص ص .090 -008
مقتضيات الفصل 31من هذا الدستور" ،حيث نجد املعارضة البرملانية تترأس
إمكانية تشكيل لجان تقص ي الحقائق :عمل املشرع الدستوري على تخفيض
نصاب تفعيل مسطرة تشكيل اللجان النيابية لتقص ي الحقائق ،249وهو ما
يشكل فرصة للمعارضة البرملانية من أجل تفعيل هذه اآللية الرقابية املهمة
سياق تعزيز موقعها الرقابي من خالل عمل لجان تقص ي الحقائق فقد نصت
لفرق املعارضة.
ً
-249نص دستور 9000في مادته 90على نصاب ثلث أعضاء مجلس النواب من أجل تشكيل لجان تقص ي الحقائق أي 089عضوا ،عوض نصاب األغلبية
في دستور ،0229أي بانخفاض يقارب ،%90على اعتبار أن مجلس النواب من 821عضو ينتخبون باالقتراع العام املباشر عن طريق االقتراع بالالئحة
حسب تنص عليه املادة األولى من القانون التنظيمي رقم 90.00املتعلق بمجلس النواب الصادر بتاريخ الصادر بتاريخ 03أكتوبر ،9000عدد 1230بتاريخ
00أكتوبر ،9000ص .1018
بين أهم اآلليات الرقابية التي يستعين بها البرملان في تقييم السياسات
" يجوز للجان الدائمة أن تكلف ،بناء على طلب من رئيسها بعد موافقة
مكتب اللجنة أو رئيس فريق أو ثلث أعضاء اللجنة ،عضوا أو أكثر من
تشريعي معين ،أو موضوع يهم املجتمع ،أو يتعلق بنشاط من أنشطة الحكومة
يحد من تواضع حصيلة تفعيلها .ومن أجل ضمان فعالية املعارضة البرملانية
من موقع اشتغال اللجنة املكلفة باملهام االستطالعية فقد نص على مجموعة
-250تنص املادة 93من النظام الداخلي لسنة " 9000يحال تقرير اللجنة رفقة تقرير املهمة االستطالعية على مكتب املجلس الذي يقوم بدراسة التخاذ
قرار رفعه إلى الجلسة العامة " .في حالة رفع تقرير اللجنة إلى الجلسة العامة ملناقشته ،يمكن للحكومة من حضور الجلسة لإلجابة عن التساؤالت
واالستفسارات بمناقشة التقرير املذكور".
وفي سياق ضمان تضمين مالحظاتها ضمن تقرير اللجنة في حالة ما إذا
الحظت عدم تسجيلها فقد تم التنصيص على أنه يحق لكل فريق أن
املحكمة الدستورية نصاب أغلبية ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس
مكتب كل مجلس .املالحظ إن نصاب ثلثي األعضاء يعتبر نصاب تعجيزي وال
ً
-251ورد في خطاب امللك محمد السادس بمناسبة تقديم الدستور الجديد ،الرباط 00 ،يونيو 9000على أنه " وتأكيدا ملبدأ سمو الدستور والقانون،
تم االرتقاء باملجلس الدستوري إلى "محكمة دستورية " ،ذات اختصاصات واسعة ،تشمل ،عالوة على صالحياته الحالية ،مراقبة دستورية االتفاقيات
ً
الدولية ،والبت في املنازعات بين الدولة والجهات ،وتعزيزا للديمقراطية املواطنة ،تم تخويل هذه املحكمة صالحية البت في دفوعات املتقاضين بعدم
دستورية قانون تبين للقضاء أن من شأنه املساس بالحقوق والحريات الدستورية ،أنظر :الدستور الجديد للملكة املغربية ،9000املجلة املغربية لإلدارة
املحلية والتنمية ،عدد ،939مطبعة املعارف الجديدة ،الرباط ،ط ،0سنة ،9000ص .300
ً
-252طبقا ألحكام الفصل 080من الدستور ،ينتخب مجلس النواب ،عند تشكيل املحكمة الدستورية ألول مرة ،ثالثة أعضاء من بين املترشحين الذين
يقدمهم مكتب مجلس النواب.
الفرق واملجموعات النيابيةِ قبل من للترشيح املقترحة يتلقى مكتب املجلس األسماء
يعلن املكتب عن أسناء املترشحين قبل جلسة االنتخاب.
يتم التصويت على كل مرشح على حدة.
يتم التصويت باالقتراع السري وبأغلبية ثلثي أعضاء املجلس.
تستطيع األغلبية البرملانية الحصول عليه ،األمر الذي يوحي إلى أن غاية
املشرع من ذلك وهو محاولة بناء توافقات بين األغلبية واملعارضة .األمر الذي
أكثر من ِفرق املعارضة تقديم اقتراحات ملكتب املجلس بهدف تعزيز دور
حضور املعارضة.
منصب أمين ال يترشح لهما إال نائبة أو نائب من املعارضة لعضوية في مكتب
ً
مجلس النواب وذلك تفعيال ملقتضيات املادتين 46و 34ومن النظام الداخلي
ً
العضوية في لجنة مراقبة صرف امليزانية :يخصص وجوبا منصب رئيس أو
مقرر لجنة صرف امليزانية لعضو ال يترشح فيه إال نائب أو نائبة من املعارضة
ً
وذلك طبقا ملقتضيات (املادة )49من النظام الداخلي لسنة .8131
الحق في وسائل العمل :نصت (املادة )42من النظام الداخلي لسنة 8131
تفعيل وأجرأة ذلك ،نصت املادة 86من النظام الداخلي لسنة 8131على
أن "يخصص يوم واحد على األقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين ،ومن
األسئلة الكتابية والشفوية :تنص املادة 324من النظام الداخلي لسنة 8131
على إجراءات تنظيمية تخص توجيه أسئلة شفهية أو كتابية إلى رئيس
بالقطاعات الحكومية .حيث " تحدد باتفاق مع الحكومة جلسة واحدة كل
شهر لألسئلة املتعلقة بالسياسة العامة املوجهة إلى رئيس الحكومة ،وتقدم
ً
األجوبة عنها خالل الثالثين يوما املوالية إلحالة األسئلة على رئيس الحكومة
األسبوعية لألسئلة الشفهية في مدة ال تقل عن ساعة ونصف وال تزيد عن
عن خمس الحصة االجمالية لجلسة األسئلة الشفهية .ويعطى الحق في
التعقيبات االضافية على التوالي للنائبات والنواب غير املنتمين إلى الفريق أو
ابتداء من املعارضة إذا كان واضع السؤال ينتمي إلى األغلبية ،ومن األغلبية
إذا كان واضع السؤال ينتمي إلى املعارضة ،مع مراعاة حقوق النواب غير
األسئلة الشفهية التي تليها مناقشة :تنص املادة 324من النظام الداخلي
بحيث تنظم املناقشة بالتناوب بين األغلبية واملعارضة وعلى أساس قاعدة
التمثيل النسبي.
االستفادة من وسائل االعالم :يسهر مكتب املجلس وفق املادة 329من النظام
حول السياسة العامة ،بحيث ال يمكن أن يتعدى عددها اثنان .فإذا تعلق
األمر بوحدة املوضوع يتم طرح السؤال في حدود دقيقة واحدة لكل من
األغلبية واملعارضة .كما تفتح مناقشة واحدة في شكل تعقيبات تعطى فيها
الكلمة بالتناوب بين فرق األغلبية وفرق املعارضة واملجموعات النيابية( مع
توزيع الحيز الزمني لألسئلة الشفهية الشهرية :تنص املادة 819من النظام
الشفهية الشهرية املوجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة ،بحيث
قوية ،حيث شكل لها الدعم املالي أحد مصادر تمتين عملها ،وجعله يندرج
ضمن جهود بناء دولة الحق والقانون ،وهكذا أصبحت ميزانية الدولة املغربية
ً ً
تحدد مبلغا ماليا كدعم سنوي لألحزاب ،253ولتحديد كيفية توزيع هذا
الدعم ،جرى اعتماد املشاركة في االنتخابات كشرط أولي البد منه ليستفيد
الحصول على نسبة من عدد األصوات والتي تخول لك الظفر بمقاعد في
-253ينص الفرع الثاني (املادة ،)89الذي ينظم عملية الدعم السنوي املمنوح لألحزاب السياسية على منح "تمنح الدولة لألحزاب السياسية املؤسسة بصفة
قانونية دعما سنويا للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها ،و ذلك وفق القواعد اآلتية بعده :بحيث تخصص حصة سنوية جزافية لجميع األحزاب
السياسية املشاركة في االنتخابات العامة التشريعية و التي غطت نسبة 00في املائة على األقل من عدد الدوائر االنتخابية املحلية الخاصة بانتخابات
أعضاء مجلس النواب ،توزع بالتساوي فيما بينها؛ انظر :ظهير شريف رقم 0.00.099صادر في 93من ذي القعدة 99( 0389أكتوبر ، )9000بتنفيذ القانون
التنظيمي رقم 92.00املتعلق باألحزاب السياسية.
-254املادة 89من القانون التنظيمي 92.00املتعلق باألحزاب السياسية " تخصص حصة سنوية جزافية لجميع األحزاب السياسية املشاركة في االنتخابات
العامة التشريعية و التي غطت نسبة 00في املائة على األقل من عدد الدوائر االنتخابية املحلية الخاصة بانتخابات أعضاء مجلس النواب ،توزع بالتساوي
فيما بينها "؛ وأيضا املادة : 89يراعى في توزيع مبلغ مساهمة الدولة املشار إليها في املادة 83أعاله عدد األصوات التي يحصل عليها كل حزب على الصعيد
الوطني و عدد املقاعد التي يفوز بها كل حزب على الصعيد نفسه ،املرجع السابق.
3268على إحداث غرفة دستورية باملجلس األعلى ،بعد ذلك تم إحداث املجلس
الدستوري 256مع مراجعة 14شتنبر ،3228ولم يشرع العمل به حتى عام ،3224وهو
ً
ما أكدته الحقا مراجعة 31شتنبر ،3226ليتوج هذا املسار بإحداث املحكمة
ُ
الدستورية التي نص عليها الفصل 382من دستور " 8133تحدث محكمة دستورية
" ،والتي تم تنصيبها بتاريخ 4أبريل ،8139وقد ُ
اعتبرت كذلك ألنها تتمتع بنفس
الضمانات واالجراءات التي توجد لدى القضاء العادي ،مع بعض الخصوصيات التي
تنفرد بها عنها من قبيل عدم قابلية قراراتها للطعن كما نص على ذلك الفصل 311
من الدستور " :ال تقبل قرارات املحكمة الدستورية أي طريق من طرق الطعن ،وتلزم
-255املادة 89من القانون التنظيمي 92.00املتعلق باألحزاب السياسية "يخصص دعم سنوي لألحزاب السياسية التي حصلت على نسبة 1في املائة على
األقل من عدد األصوات املعبر عنها في االنتخابات املشار إليها أعاله ،و يوزع هذا املبلغ على أساس عدد املقاعد و األصوات التي حصل عليها كل حزب
سياس ي خالل نفس االنتخابات".
-256اشتغل املجلس الدستوري منذ تنصيبه في 90مارس 0223في ظل دستوري 0229و 0229واملرحلة االنتقالية من دستور 9000إلى عشية تنصيب
املحكمة الدستورية بتاريخ 3أبريل 9000مدى ثالثة وعشرين عاما أصدر خاللها 0009قرارا منها 91قرارا ،يتعلق بالنظام الداخلي لكل من مجلس النواب
ومجلس املستشارين .أنظر :اشتغل املجلس الدستوري منذ تنصيبه في 90مارس 0223في ظل دستوري 0229و 0229واملرحلة االنتقالية من دستور
9000إلى عشية تنصيب املحكمة الدستورية بتاريخ 3أبريل 9000مدى ثالثة وعشرين عاما أصدر خاللها 0009قرارا منها 91قرارا ،يتعلق بالنظام
الداخلي لكل من مجلس النواب ومجلس املستشارين ،أنظر :رشيد املدور ،القضاء الدستوري واألنظمة الداخلية للبرملان ،9009 – 0298 ،سلسلة الحوار
العمومي ،الطبعة األولى ،9009ص .0
-257الفقرة األخيرة من الفصل 088من دستور .9000
عرف مسار تطور الرقابة الدستورية باملغرب تعاقب هيئات على مستوى
مباشرة هذه املهمة ،فمن غرفة دستورية تابعة للمجلس األعلى ،إلى مجلس دستوري
مستقل عن جسم القضاء العادي ،ثم دسترة محكمة دستورية باختصاصات أوسع
مع دستور .8133باملوازاة مع ذلك ،تم االرتقاء بصالحيات هذه الهيئات بشكل
مضطرد ،فمن رقابة دستورية على القوانين التنظيـمية واألنظمة الداخلية ملجلس ي
البرملان (رقابة إجبارية) ،إلى رقابة دستورية على القوانين العادية (رقابة اختيارية)
َُ
لتتوج بالدفع بعدم الدستورية 258التي تسمح لألفراد وألول مرة الولوج إلى العدالة
املهمة؛ من قبيل اختيار رئيس املحكمة دستورية فقد نص الفصل 311على أن "
ً
يعين امللك رئيس املحكمة الدستورية من بين األعضاء الذين تتألف منهم" ،خالفا
ملا كان منصوص عليه في دستور 3226من خالل الفصل ،92الذي ينص على أن
" يختار امللك رئيس املجلس الدستوري من بين األعضاء الذين يعينهم " .بينما
دساتير 3268و 3291و 3298فإن رئيس الغرفة الدستورية 259هو الرئيس األول
للمجلس األعلى ،تم مع دستور 3228أصبح رئيس املجلس الدستوري شخص معين
من طرف امللك .كما أن اختصاصه الجديد في مجال املصادقة على املعاهدات
-258ينص الفصل 088من دستور 9000فهو ينص على أنه" تختص املحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون أثير أثناء النظر
في قضية ،وذلك إذا دفع أحد األطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يـمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور"
-259مارست الغرفة الدستورية اختصاصاتها منذ تنصيبها أول مرة بتاريخ 00ديسمبر 0298بمعية اللجنتين الدستوريتين املؤقتتين في ظل الدساتير الثالثة
( 0299و 0200و )0209واملرحلة االنتقالية من دستور 0229وذلك ملدة أكثر من ثالثين سنة ،وأصدرت خاللها 390مقررا ،منها 01مقررا خاصا بمراقبة
القانون الداخلي لكل من مجلس النواب ومجلس املستشارين ،أنظر :رشيد املدور ،مرجع سابق ،ص .0
الدولية خاصة تلك املتعلقة بحقوق اإلنسان من شأنه أن يقوي مركزه ويفسح
ً ً
املجال واسعا أمامه ليرتاد آفاقا غير معهودة من ذي قبل وفي نفس السياق ،سيشهد
موضوع حماية حقوق اإلنسان والنهوض بحرياته األساسية طفرة نوعية وتحوال
منقطع النظير في املستقبل القريب بفضل التفعيل األمثل للمقتض ى الدستوري غير
260. املسبوق وهو الدفع بعدم دستورية القوانين
شكل عنصر املزاوجة بين التعيين واالنتخاب أحد أبرز مستجدات منهجية
انتقاء أعضاء املحكمة الدستورية في دستور ، 8133وهو األمر الذي نصت عليه
ً
الفقرة األولى من الفصل " 311تتألف املحكمة الدستورية من اثني عشر عضوا،
يعينون ملدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد ،ستة أعضاء يعينهم امللك ،من بينهم
عضو يقترحه األمين العام للمجلس العلمي األعلى ،وستة أعضاء ُينتخب نصفهم
من قبل مجلس النواب ،وينتخب النصف اآلخر من قبل مجلس املستشارين من بين
املترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس ،وذلك بعد التصويت باالقتراع السري
وبأغلبية ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس" .كما عمل املشرع الدستوري
املقعد البرملاني في الحالة التي يتم فيها تغيير االنتماء السياس ي أو الفريق البرملاني،261
وكذا املساهمة في ي262 األمر الذي من شأنها الحد من ظاهرة الترحال السياس
-260حميد اربيعي ،قراءة في قرارات املجلس الدستوري الصادرة في ظل الدستور الجديد ،املجلة املغربية لالدارة املحلية والتنمية ،عدد رقم ،23
سنة .9008ص.033
-261القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية
-262أي أن أي أم الدستور لم يعد وثيقة سياسية تعبر عن توافق أطراف معينة بل وثيقة قانونية ملزمة يستوجب احترامها عقوبة قانونية ،أنظر :محمد
أتركين ،الدستور والدستورانية من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدارالبيضاء ،ط،9000 ،0ص.03
استعادة رمزية الوفاء لالنتماء السياس ي الذي بموجبه النائب نال استحقاق التمثيل
النيابي .وفي سياق التدقيق في شروط اختيار أعضاء املحكمة تم التنصيص على
املؤهالت التي ينبغي أن تتوفر عليها تلك الشخصيات واملتمثلة في " تكوين عال في
مجال القانون ،وعلى كفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية ،والذين مارسوا مهنتهم ملدة
بموجب قوانين تنظيمية ،كما تم إضافة نوعا جديدا من الرقابة و هي الرقابة البعدية
حيث منحها حق النظر في كل دفع بعدم دستورية قانون أثير أثناء النظر في قضية
معروضة أمام املحاكم ،عالوة على الحق في البت في دستورية االلتزامات الدولية
كذلك 264. للمغرب ومراقبة صحة املراجعات الدستورية التي تتم عن طريق البرملان
احتفظت املحكمة الدستورية واملجلس الدستوري بنفس عدد أعضاء في اثنا عشر
ً
عضوا ،حيث انطلقت تجربة الغرفة الدستورية للمجلس األعلى بخمسة أعضاء
فقط (الرئيس وقاض ي من الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى وأستاذ بكليات الحقوق،
وعضوين يعين أحدهما رئيس مجلس النواب ،واآلخر رئيس مجلس املستشارين،
وذلك في مستهل مدة النيابة أو أثر كل تجديد جزئي) .وقد أكد دستور 3298على أن
" ثالثة أعضاء يعينهم في مستهل مدة النيابة رئيس مجلس النواب بعد استشارة فرق
املجلس " .إن منطق االستشارة يحيل بشكل مباشر على البحث عن ضرورة التوافق،
األمر الذي من شأنه ضمان فرص ملختلف مكونات املجلس التمثيل في الغرفة
تعتبر مهمة الحفاظ على سمو القواعد الدستورية وظيفة أساسية مسندة إلى
القانونية املكتوبة ،بموازاة مع وجود تراتبية أخرى للهيئات املشرفة مباشرة على إنتاج
مختلف هذه األشكال القانونية كالبرملان والحكومة ،265كما شكل االجتهاد القضائي
وتأويل غير ديمقراطي لحقوقها ،من هنا تكمن أهمية االجتهاد القضائي في االنتصار
ً ً
للقواعد القانونية مضمونا وشكال .وبالنظر إلى أن املؤسسة التشريعية اختارت
أوجب دستور 8133في فصله 318إحالة النظام الداخلي ملجلس النواب ،266قبل
الشروع في تطبيقه على املحكمة الدستورية للبث في مطابقته للدستور .أي أن
politiques et in : revue marocaine des sciences Adil Moussebbih, « la justice constitutionnelle au Maroc : Evolution et perspective », -265
.Rabat, Juin 2012, p 241 sociales, N° 3, V : 5, Edit : Top press-
-266أن دسترة إجبارية إحالة النظام الداخلي للبرملان إلى القضاء الدستوري ،لم تتـم إال بموجب دستور ،0229وتكرست في دستور 0229بالفصل " 02
...تحال القوانين التنظيـمية قبل إصدار األمر بتنفيذها ،والنظام الداخلي ملجلس النواب قبل الشروع في تطبيقه إلى املجلس الدستوري ليبت في مطابقتها
للدستور "،أنظر :الحبيب الدقاق ،العمل التشريعي للبرملان ،مقاربة نقدية للقانون البرملاني واملمارسة باملغرب ،اطروحة لنيل دكتوراه الدولة في
الحقوق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية9002 ،اكدال الرباط ،السنة الجامعية 9000ـ ،9009ص .810
القاض ي الدستوري قد حول الدستور إلى عمل قضائي ،ويتم الحد من السياسة
استقواء للحكومة بأغلبيتها البرملانية .ومن أجل إبراز ذلك سوف نعمل على تقديم
البرملانية على اعتبار أن طبيعة الوثيقة الدستورية تتسم بطابع التجريد والعموم
وعدم الخوض في التفاصيل ،268إال أن اجتهاد املجلس الدستوري من خالل النظر في
الفرق
سؤال استحقاق مكانة املعارضة البرملانية؛ هل هو موقع تحوزه فقط ِ
ً
البرملانية؟ استطاع القاض ي الدستوري أن يقدم لنا جوابا لذلك من قراره في شأن
َ
املادة 41حيث اعتبر أن ما " ورد في هذه املادة من تخويل حقوق معينة ل"فريق "أو
" ِفرق "من املعارضة ليس فيه ما يخالف الدستور ،مع مراعاة أن الفصل العاشر من
ْ
الدستور ،وإن استخدم في فقرتيه الثالثة واألخيرة عبارة" ِفرق املعارضة "إال أنه
استعمل في فقرتيه األولى والثانية عبارة" املعارضة "بصيغة اإلطالق مما يستفاد منه
أن الحقوق املخولة للمعارضة ،وكذا الواجبات الواقعة على عاتقها بموجب هذا
وخاصة في الفصل العاشر منه ،إذ حاول تقديم تعريف وظيفي وليس داللي مما وسع
من مجال استفادة األقلية البرملانية في مختلف الحقوق الخاصة باملعارضة البرملانية
ً
وخصوصا املجموعات النيابية وغير املنتسبين .هذا التعريف يمكن األقلية البرملانية
تعزز هذا التحديد مع قرار املجلس الدستوري خالل نظره في مطابقة النظام
الداخلي لسنة 8131ملقتضيات الدستور ،حيث اعتبر أن ما ورد في شأن املادة 35
الفرق واملجموعات النيابية التي تختار االنتماء إلى املعارضة تقدم تصريحا
" من أن ِ
مكتوبا بذلك إلى رئيس املجلس ،وأن هذا التصريح يمكن أن يسحب في أي وقت ،وأن
ذلك كله ينشر في الجريدة الرسمية ،ليس فيه ما يخالف الدستور ،طاملا أن هذا
-269القرار رقم ،09-392الصادر في 03فبراير 9009بشأن النظام الداخلي ملجلس النواب لسنة .9009الجريدة الرسمية عدد 9090بتاريخ 08فبراير
.9009
اإلجراء ينطبق أيضا على النواب غير املنتسبين ألي فريق أو مجموعة نيابية "270؛ وهو
ً
ما يجعل حق االستفادة من حقوق املعارضة البرملانية انطالقا من التقيد بإجراء
وغير املنتسبين .أمر يستفاد منه أن املعارضة البرملانية ال تقتصر فقط على ال ِفرق
وموضوعية.
شأن املواد 51و 53و ، 54تأمين مشاركة املعارضة البرملانية ضمن مكونات مجلس
النواب في " املنظمات واملؤتمرات ،وتشكيل الوفود ،واملشاركة في لجان نيابية خارج
مقر مجلس النواب ،وفي مجموعات األخوة والصداقة البرملانيةَ ،
يتعين أن تشمل
املجموعات النيابية ،ومع مراعاة ذلك فليس في هذه املواد ما يخالف الدستور .271إنها
البرملانية ،وما ما يجعل خبرتها متواضعة ويرهن مستوى مشاركتها في التدبير الحكومي
إن عدم ادراج املجموعات النيابية ضمن مكونات املعارضة البرملانية في مجال
الدبلوماسية البرملانية ،يعد أحد مبررات اعتبار املادة 50غير مطابقة للدستور:
-270القرار 08-293الصادر بتاريخ 99أغسطس ،9008بشأن النظام الداخلي ،ملجلس النواب املراجع في فاتح أغسطس. 9008
-271القرار رقم ،09-392الصادر في 03فبراير 9009بشأن النظام الداخلي ملجلس النواب لسنة .9009الجريدة الرسمية عدد 9090بتاريخ 08فبراير
.9009
مراعاتها تمثيل املجموعات النيابية ،تفتقر إلى بيان كيفية مساهمة فرق املعارضة
في نفس السياق ،فإن عدم استفادة املجموعات النيابية من الحقوق التي
الدستوري في اعتبار مادة غير مطابقة للدستور ،وهو ما يفسر قراره في شأن املادة
19من النظام الداخلي لسنة " 8138حيث إنه ،بناء على أن الدستور أقر ،في فصليه
الفرق النيابية ،يجعل الفقرة األخيرة من املادة املذكورة غير مطابقة للدستور" .273
ِ
كذلك موقف املجلس الدستوري في شأن املواد 40و 41و 42و : 45حيث إن ما
تضمنته هذه املواد من حقوق ِلفرق املعارضة بمجلس النواب ليس فيه ما يخالف
الدستور ،شريطة أن يشمل كذلك املجموعات النيابية والنواب غير املنتسبين ألي
االرتقاء بالوظيفة الرقابية للمعارضة البرملانية :إن السعي نحو تأمين حق
ً
املعارضة البرملانية في ممارسة الوظيفة الرقابية بعيدا عن أي تأويل مخل بحقها
الدستوري ،فرض على املجلس الدستوري اعتبار ما تضمنه النظام الداخلي في
للمعارضة دون تحديد لتلك النسبة مخالف للدستور الذي يستفاد من فصله
العاشر ،أن إسهام املعارضة النيابية في العمل النيابي ينبغي أن ال يقل عن نسبة
تمثيليتها 275" ،؛ وهو ما يعتبر حماية قانونية مهمة للمعارضة البرملانية في ممارستها
ضبط وسائل االشتغال :نص قرار املجلس الدستوري رقم 38 /282على أن
؛وهو تحول نوعي في طبيعة الرقابة الدستورية التي اتسعت لتشمل التنصيص على
اآلليات الكفيلة لضمان حقوق مكونات مجلس النواب وخاصة منها حقوق املعارضة
البرملانية ،وهو األمر الذي اقره املجلس الدستوري في شأن املادة 160من النظام
الداخلي لسنة ،8131حيث اعتبر أن أما ما ورد فيها من أن مكتب املجلس يقوم
-274القرار 08-293الصادر بتاريخ 99أغسطس ،9008بشأن النظام الداخلي ،ملجلس النواب املراجع في فاتح أغسطس. 9008
-275القرار رقم ،09-392الصادر في 03فبراير 9009بشأن النظام الداخلي ملجلس النواب لسنة ،9009الجريدة الرسمية عدد ،9090بتاريخ 08فبراير
.9009
بتسجيل األسئلة الشفوية الجاهزة في جدول األعمال دون بيان لألساس الذي توزع
ملجلس النواب يبين كيفية ممارسة فرق املعارضة لحقوقها ،وألن عدم تضمين النظام
وقصد تحصين هذا الحق ،دعا قرار املجلس الدستوري رقم 31/284في شأن املادة
88من النظام الداخلي لسنة 8131إلى أن عدم بيان كيفية استفادة أحد مكونات
املعارضة البرملانية ،حيث نص مضمون القرار على ما يلي " :لئن كانت الفقرة األخيرة
من هذه املادة أشارت إلى أنه" يراعى في هذا التوزيع حقوق املجموعات النيابية" ،فإن
الفقرة األولى من نفس املادة بتنصيصها على أن مكتب املجلس يحدد املوارد املالية
املخصصة لدعم األنشطة للفرق النيابية تكون أغفلت بيان حقوق املجموعات
النيابية في تلك املوارد املالية وطريقة توزيعها ،وهو ما يعد غير مطابق للدستور الذي
حقوق تفضيلية لفائدة املعارضة البرملانية :لقد أثار موضوع توزيع التوقيت
ً ً
املؤسسة مكونات بين كبيرا خالفا واألغلبية املعارضة بين
تخضع ملبدأ التوازن املقرر في الفقرة الثانية من الفصل األول من الدستور بما
ينطوي عليه ذلك من املساواة بينهما وتمتعهما بنفس الحقوق ،األمر الذي يترتب
عنه ضرورة توزيع الحصة الزمنية اإلجمالية املخصصة ألسئلة النواب وأجوبة
الحكومة ،مناصفة بينهما .وذلك ألن قاعدة التمثيل الديمقراطي يأسس على نتائج
ً
االنتخابات ،وفقا ألحكام الفصل الثاني وللفصلين 33في (الفقرة األولى) و 49في
ً
(الفقرة األولى ) من الدستور؛ تقتض ي مبدئيا أن تؤول لألغلبية حصة زمنية تفوق
تلك التي تؤول للمعارضة ،فإن املكانة التي حرص الدستور على تخويلها للمعارضة،
ال سيما بموجب الفصلين 31و 62منه تبرر ،فيما يخص مناقشة موضوع يتصل
بالسياسة العامة للحكومة يتولى رئيسها اإلجابة عنها ،العدول عن القاعدة املذكورة
بشكل استثنائي ومنح املعارضة نفس الحصة الزمنية املمنوحة لألغلبية .لذلك قرر
الحصة الزمنية املخصصة ملجلس النواب مناصفة بين األغلبية واملعارضة ليس فيه
-276القرار رقم 08-293في شأن املادة .900الصادر بتاريخ 99أغسطس ،9008بشأن النظام الداخلي ،ملجلس النواب املراجع في فاتح أغسطس. 9008
تحريك مسطرة الطعن أمام املحكمة الدستورية ،وذلك من أجل تیسير مهمة
والقوانين التنظيمية والقوانين الداخلية الجاري بها العمل ،وذلك بعدما كشفت
املمارسة على صعوبة إن لم تكن استحالة توفر النصاب القانوني للطعن في دستوریة
مجموعة من القوانين العادیة في إطار الدساتير السابقة .إن معطيات الجدول التالي
8136
تطبيق
املنازعات النظام
األنظمة القوانين
الداخلي االنتخابية القوانين
الداخلية التنظيمية
ألعضاء البرملان ألعضاء
البرملان
https://cour-constitutionnelle.ma
االنتخابية ألعضاء البرملان ،277إذا بلغت 312إحالة بنسبة تقدر ، % 53.48وهو رقم
يؤشر على طبيعة انشغال املؤسسات الحزبية التي لها امتداد تنظيمي داخل مجلس
النواب خاصة املعارضة البرملانية باملنازعات االنتخابية ،278وذلك من أجل الرفع من
ً ً
عدد نوابها بالبرملان املغربي ،ايمانا منها أن هذا األمر سوف ينعكس ايجابا على
-277هيمنة االحاالت التي تندرج ضمن الطعون االنتخابية حول املجلس الدستوري إلى قاض ي انتخابي بامتياز ،ذلك أن الطعون التي أحيلت عليه منذ
ً
إحداثه بمقتض ى املراجعة الدستورية لسنة 0229حطمت أرقاما قياسية مقارنة بمجاالت تدخله األخرى .وهي نفس املالحظة التي يمكن تسجيلها مع
تطبيق مقتضيات دستور 92يوليو .9000أنظر :حميد اربيعي ،قراءة في قرارات املجلس الدستوري الصادرة في ظل الدستور الجديد ،املجلة املغربية
لالدارة املحلية والتنمية ،عدد رقم ،23سنة .9008ص.01
--278إذا رجعنا إلى االحصائيات نجد أنه إلى حدود 9000أي ما يقارب 00سنة من وجود املجلس الدستوري كمؤسسة مستقلة ،سنجد أنه
من أصل 390قرار متخذ من طرف املجلس الدستوري 933قرار يخص النزاعات االنتخابية ،أي ما يعادل تقريبا %30من القرارات كلها
تعالج النزاعات االنتخابية ،مما يجعل القاض ي الدستوري قاض ي انتخابي بامتياز ،أنظر :بلفقيه عبد الحق ،مرجع سابق .ص.80
حالة االنتماء إلى صفوف األغلبية ،أو الرفع من وزنها السياس ي في التأثير على القرار
أو الحاالت التي أول فيها الدستور أثناء وضع يده على امللف ،فإن القاض ي الدستوري
لم تتح له الفرصة ،في العديد من تمارين التأويل ،للتدخل لحل نزاعات الفاعلين
التأويلية ،هل يعكس ذلك رغبة للفاعلين في ترك قواعد اللعب أسيرة العالقات
ً
السياسية وميزان القوى القائم؟ أم عدم ثقة في القضاء الدستوري ،خصوصا أمام
" التسييس " املتزايد ملنطوق قراراته ،وتقديمها على أنها تخدم الحكومة وليس
البرملان ،األغلبية وليس املعارضة؟ أم ألن وظيفة حراسة الدستور ليست مخولة
إن تواضع اإلحالة على القضاء الدستوري من طرف املعارضة البرملانية ساهم
في تواضع اجتهادات الرقابة الدستورية خالل الوالية التاسعة مثال (،)8136-8133
ويعزى هذا األمر إلى ''أن املنازعات الدستورية ،في هذه املرحلة ،لم تكن إال في حالة
عدم الوصول إلى التراض ي بين مختلف الفرقاء السياسيين املتمثلة داخل البرملان
"280وهو األمر الذي لن يمكن الرقابة الدستورية من الرفع من وتيرة ومنسوب تحصين
الخبرة القانونية للمعارضة البرملانية جعلت من االحاالت التي تقدمت لم تسهم في
-279محمد أتركين ،مباحث في فقه الدستور املغربي ،دار النشر املعاصرة ،الطبعة االولى ،يونيو ،9090ص .999
-280عبد املنار اسليمي " مناهج عمل القاض ي الدستوري :دراسة سوسيو قضائية'' ،منشو ا رت املجلة املغربية لإلدارة املحلية و التنمية ،سلسلة ''
مؤلفات و أعمال جامعية ''عدد ، 65الطبعة األولى ،ص .08
املعارضة البرملانية على تقديم عريضتين للطعن في عدم دستورية بعض مواد من
النظام الداخلي ملجلس النواب املصادق عليه في فاتح أغسطس ،8131وذلك بعد
الدستوري التصريح بعدم دستورية مجموعة من املواد في الطعن األول ( 34و 14و
43و 52و 61و 64و 316و 332و 322و 815و 816و 819و )881وفي الطعن الثاني
املواد 32و 88و 14و 29من نفس النظام الداخلي .وحيث أن الفصل 62يؤكد في
فقرته األولى "على أنه يضع كل من املجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت إال
أنه ال يجوز العمل به إال بعد أن تصرح املحكمة الدستورية بمطابقته ألحكام هذا
الدستور".
إن من بين مؤشرات ضعف فعالية املعارضة البرملانية ،عدم قدرتها على تفعيل
صالحياتها ،ويتجلى ذلك في عدم تحقق عنصر اليقظة املستمرة من أجل مراقبة
والطعن كلما بدى لها ذلك ،لكن حصيلتها خالل الوالية التاسعة تبدو واضحة من
املوجهة للمحكمة الدستورية .وهو ما يرهن عمل املعارضة البرملانية لحالة من
الضعف التي استمرت رغم االمكانات الدستورية التي وضعت رهن إشارتها في دستور
الفرق البرملانية ،وإن إقدامها على تحريك آليات مراقبة مدى دستورية بعض
اشتغال ِ
مواد النظام الداخلي ،عليه أن يقابل من املحكمة الدستورية بتفاعل ايجابي
ً
خصوصا أن مقتضيات الفصل 62من دستور 8133لم تحدد مسطرة معينة أو
ً ً
نصابا ينبغي التقيد به لتحريك مسطرة املراقبة ،لذلك اعماال للتأويل الديمقراطي
كان يتوجب على املحكمة قبول الطعن من الناحية الشكلية من أجل إقرار مساهمة
الفرق البرملانية بما فيها املجموعات النيابية في تطوير النظام الداخلي من خالل
ِ
مالحظاتهم .وقد اصدر املجلس الدستوري بشأن عريضتي الطعن املذكورتين ،قرارين
وقد صرح عضو املجلس الدستوري سابقا رشيد املدور أنه قد " حان الوقت
إلتاحة الفرصة أمام جميع األطراف املعنية باألنظمة الداخلية للمجالس البرملانية
في أن تبدي مالحظاتها إلى القضاء الدستوري بمناسبة فحصه لتلك األنظمة
الداخلية ،وذلك على نحو ما هو مقرر بالنسبة للقوانين العادية التي تحال للبث في
إن فتح املجال للفرق النيابية لتقديم طعونها في مقتضيات النظام الداخلي ،
بغض النظر عن مدى توفرها على النصاب املنصوص عليه في الفصل 318من
ً ً ً
الدستور ،يعد تأويال إيجابيا في سياق دعم موقع مكانة البرملانية خاصة ألجل تمكينها
من األدوات واآلليات التي تتيح لها االشتغال وجعل مخرجات النظام الداخلي
ً ً
تنضبط للقانون نصا وروحا .وكذا اتاحة الفرصة للمجلس الدستوري للمساهمة في
تعميق االختيار الديمقراطي على مستوى مختلف البنيات املؤسسية وفي مقدمتها
ً ً
املؤسسة التشريعية .علما أن املعارضة البرملانية واملجموعات النيابية تشكل مكونا
من مكونات مجلس النواب ،مما يعطيها املشروعية في تقديم طعنها في النظام
ً
الداخلي للمجلس ،خصوصا وأن الفصل 62من الدستور لم يحدد مسطرة معينة
ً ً
أو نصابا معينا إلبداء وجهة نظر املجموعات النيابية في دستورية النظام الداخلي
املذكور .
إن حرص اجتهادات القضاء الدستوري على توسيع مكونات املعارضة البرملانية
(الفرق ،املجموعات النيابية ،غير املنتسبين) ،يعتبر خطوة جد مهمة ،لم يقابله نفس
ِ
االهتمام في ممارسة مهامها الرقابية ،إذ أن املادة 42تنص على أنه "يمكن للجان
-281رشيد املدور ،النظام الداخلي ملجلس النواب – دراسة وتعليـق ،-منشـورات مجلـس النـواب ،الطبعـة األولـى 0399ه 2005م ،مطبعة طوب بريس.
ص.931
313من الدستور تنص على تخصيص جلسة سنوية من قبل البرملان ملناقشة
وتقييمها يتم من قبل مجلس ي البرملان في جلسات عمومية تعقد في نفس الفترة وليس
في نطاق اللجان البرملانية الدائمة ،مما يكون معه ما تضمنته هذه املادة من إمكان
تقييم السياسات العمومية في إطار اللجان الدائمة مخالفا للدستور .وهو ما اعتبر
ً
تقليصا من مساحات الوظيفة الرقابية التي يمكن للفرق البرملانية املساهمة من
خاللها في تقييم السياسات العمومية .ومن تم الحد من سلطة مجلس النواب في
خاتمة :
في ختام هذا املقالة ،نخلص إلى أن املعارضة البرملانية تعد لبنة أساسية في
بناء أنظمة سياسية معاصرة من خالل مساهمتها في توازن نسقه وتجويد مخرجات
خالل مرحلة الوالية التشريعية التاسعة والتي تعد والية التأسيسية ()8136-8133
بعد املصادقة على دستور ،8133وكذا الوالية التشريعية العاشرة (،)8183 -8136
والتي تعتبر والية الستكمال ورش تنزيل الدستور؛ على تقوية وتحصين املركز القانوني
للمعارضة البرملانية ضمن اشتغال مجلس النواب خاصة واملؤسسة التشريعية عامة
،حيث مكنت عملية مراقبة القضاء الدستوري من تحديد الكيفيات والضوابط في
النظام الداخلي التي تمكن مجلس النواب من تنظيم أشغاله وممارسة االختصاصات
إن جزء من أسباب ضعف االحالة البرملانية لقضايا خالفية على أنظار القاض ي
الدستوري مرتبطة بالعائق القانوني املتعلق باقتصار االحالة على رئيس الحكومة أو
رئيس ي مجلس البرملان دون أن يتسع هذا الحق ليشمل مكونات املجلسين خاصة
املعارضة البرملانية ،لذلك حان الوقت إلتاحة الفرصة أمام جميع األطراف املعنية
بمناسبة فحصه لتلك األنظمة الداخلية ،وذلك على نحو ما هو مقرر بالنسبة
للقوانين العادية التي تحال للبث في مطابقتها للدستور ،وأخص بالذكر من األطراف،
والتسويات بين الفرقاء السياسيين على حساب االنتصار للقواعد الدستورية جاء
كنتيجة منطقية الستمرارية االشتغال النسق السياس ي بمنهجية ايالء أهمية وأولوية
للعامل السياس ي على حساب العامل القانوني ،ألن اتساع مجال االحالة البرملانية
ً
على القضاء الدستوري خاصة من طرف فرق املعارضة البرملانية املعنية أساسا
ً
بالدور الرقابي ،سوف ينعكس ايجابا على مستوى جودة مخرجات االجتهاد القضائي
ً ً
كما وكيفا .
في األخير ،إن من شأن اجتهادات القاض ي الدستوري باعتباره فاعل أساس ي في
النظام الدستوري املغربي خاصة بعد املصادقة على دستور ،8133والذي أسس
ملرحلة انتقال من الدساتير السياسية إلى دساتير صك الحقوق والحريات .فقد شكل
االمكانات والضمانات الدستورية وكذا مقتضيات النظام الداخلي والتي تخول لها
تجاوز ادعاء ضعف حصيلتها بسبب ضعف الصالحيات القانونية ،مما يخولها
ممارسة وظائفها ومحاولة تقديم بدائل ناجعة من شأنها تعزيز مسار دمقرطة الدولة
واملجتمع .وهو اختيار سوف يتعزز معه الطلب على دور ومساهمة الرقابة الدستورية
مع شرط تحقق قناعة الفاعلين بأهمية التأويل الدستوري للنص الذي تنقله
ً
ممارسة الفاعل السياس ي عموما من طابع الجمود إلى مستوى الحكامة البرملانية.
.3أم كلثوم جمال الدين ،القانون البرملاني املغربي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
8113ـ.8118
.2محمد أتركين ،مباحث في فقه الدستور املغربي ،دار النشر املعاصرة ،ط،3
يونيو .8181
.2محمد بنيس ،املوسوعة البرملانية ،املسار البرملاني املغربي ،من النشأة إلى
الدستور الجديد ،املجلة املغربية لالدارة املحلية والتنمية ،عدد رقم ،22سنة
.8131
عبد املنار اسليمي " مناهج عمل القاض ي الدستوري :دراسة سوسيو .31
.41
.1ظهير شريف بإصدار األمر بتنفيذ الدستور املغربي لسنة 3268بتاريخ 39
32(3128دجنبر .)3268
11(3418يوليو.)8133
.8138
النظام الداخلي ملجلس النواب كما أقره مجلس النواب في جلسته .33
2012.
املختصة لحماية األمن والنظام في املجتمع ،يشكل مجاال مناسبا وخصبا لتقييد
حريات األفراد وذلك تحت ذريعة الحفاظ على النظام العام ،حيث تملك إدارة
الضبط سلطة تقديرية لتحقيق ذلك الهدف ،والتساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو
هل تخضع اإلدارة في تدخالتها لضوابط وقيود تحد من سلطاتها وتضمن عدم
إذا كانت اإلدارة بإصدارها لقرارات الضبط اإلداري تهدف إلى حماية النظام
العام ،وذلك بتقنين وتنظيم ممارسة األفراد لحرياتهم ،فهي ملزمة بمراعاة الحدود
والضوابط املرسومة لها من طرف القانون .فإذا كان مفهوم النظام العام واسع وغير
محدد من الناحية القانونية ،فإن ذلك ال يجب أن يكون وباال على حريات وحقوق
األفراد ،لذلك فإن كل تدبير ضبطي من شأنه املساس بحرية فردية يجب أن يندرج
ضمن األعمال املخالفة للقانون .ويشكل تقيد إدارة الضبط بمبدأ املشروعية
ضمانة مهمة للحقوق والحريات ،ذلك أن املبدأ يمثل في الدولة املعاصرة أهم
الضمانات الجدية لألفراد في مواجهة السلطة العامة ،فهو يساهم في إخضاع الدولة
للقانون من خالل وجود مبادئ عليا تسمو على الدستور وتشريعات الدولة وتسبق
في وجودها وجود الدولة نفسها ،كما تظهر قيمته وأهميته أيضا في مجال حماية
الحريات والحقوق ،فالتأكيد على مبدأ املشروعية وضمان تطبيقه يعد أحد
الضمانات الالزمة الحترام الحريات وكفالتها ويتحقق ذلك بالتصدي ألي تجاوز يقوم
التي تقيد من سلطات الضبط اإلداري ،باعتبارها الهدف الرئيس ي لكل القرارات
املرتبطة بمجال الشرطة اإلدارية ،إال أن غياب التحديد الدقيق ملفهوم النظام العام
من الناحية القانونية ،وكذا ما يميزه من مرونة وتطور ،يمنح لسلطات الضبط
اإلداري هاشما مهما من حرية التصرف مما يعرض حقوق وحريات األفراد للخطر
واالنتهاك في أية لحظة ،الش يء الذي يتطلب ضرورة تقييد السلطة التقديرية لإلدارة
بصدد تكييفها للحاالت املهددة للنظام العام والوسائل الكفيلة بمواجهتها ،كما
يستدعي االمر تقييد اإلجراءات والقرارات الضبطية بقيود أخرى ال تقل أهمية
مرتبطة أساسا بطبيعة الحرية والظروف املحيطة بها .وهذا ما سنعالجه ضمن
املبحث األول :فكرة النظام العام وانعكاساتها على سلطات الضبط اإلداري
أوال :املفهوم
وقد أجمع أغلب الفقهاء على صعوبة وضع به282. بصدد تحديد حاالت املساس
تعريف جامع مانع للنظام العام ،نظرا لتغيره ومرونته وارتباطه بتغير ظروف املكان
والزمان .وذهب البعض إلى إضفاء طابع سلبي على فكرة النظام العام من خالل
تعريفه على أنه حالة واقعية تعارض حالة واقعية أخرى هي الفوض ى
واالضطرابات 283.وذهب الفقيه هوريو في نفس االتجاه من خالل ربطه للنظام العام
فلم يعطي االهتمام إال للمظهر املادي ى284. بالحالة الواقعية املناهضة للفوض
مفهوم موسع يشمل كافة صور النظام العام ،املادي واألدبي واالقتصادي ،بل يمتد
282
YELLES CHAOUCHE (B) : "La liberté de communication et l'ordre public", Université d'Alger, Revue
Algérienne des sciences juridiques économiques et politiques, Vol. 36, n°1, 1998 p : 28.
283عادل أبو الخير " :الضبط اإلداري وحدوده" ،مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب ،ص .858 :
284محمد شريف إسماعيل عبد المجيد " :سلطات الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية" ،دراسة مقارنة ،رسالة الحصول على
الدكتوراه في الحقوق ،جامعة عين شمس ،8878ص .56 :
ليغطي كافة صور النشاط االجتماعي 285.ونجد أن الفقيه ،Bernardقد خرج عن
اتفاق أغلب الفقهاء حول فكرة أن النظام العام مفهوم واسع وغير محدد ،واعتبر
أن ذلك يؤدي إلى التشكيك في جدوى دراسة املفهوم في أساسه 286.وقد اعتبر البعض
أن فكرة النظام العام هي فكرة قانونية محايدة وثابتة ال تتغير بتغير غايات املجتمع،
وبالتالي فهي تختلف عن فكرة الخير املشترك التي تختلف من دولة ألخرى حسب
فيها287. الفلسفة السائدة في املجتمع واالعتبارات السياسية املتدخلة
القضاء اإلداري بدوره لم يحدد تعريفا دقيقا للنظام العام وأحال في ذلك إلى
التعريف الفقهي ،فقد قررت الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة
الفرنس ي أن النظام العام –كما يعرفه الفقهاء -هو األساس السياس ي واالجتماعي
واالقتصادي والخلقي الذي يقوم عليه كيان الدولة ،أو بعبارة أخرى هو مجموعة
القواعد القانونية التي تنظم املصالح التي تهم املجتمع مباشرة أكثر مما تهم الفرد288.
يكون النظام العام ماديا ،بيد أنه ما لبث أن عدل عن هذا املوقف ،واتجه في تحول
كبير إلى التوسع في تحديد مدلول النظام العام ،بحيث يتسع ليشمل األخالق واآلداب
285منيب محمد ربيع " :ضمانات الحرية في مواجهة سلطات الضبط اإلداري" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة عين
شمس ،ص .68 :
286
BERNARD (P) : "La notion d'ordre public en droit administratif", éd. 1962, p:230.
287صبري محمد السنوسي " :االعتقال اإلداري بين الحرية الشخصية ومقتضيات النظام العام" ،8886 ،ص .89 :
288وديع البقالي :النظام العام والحريات ،مجلة القانون المغربي ،عدد 8086 ،08ص .878 :
التي تتماش ى وتقاليد وأعراف املجتمع 289.وسار االجتهاد القضائي في املغرب على نفس
املنوال290.
وعموما ،يمكن القول أن فكرة النظام العام تهدف أساسا إلى املحافظة على
األسس والقيم السائدة في املجتمع ،فهي تختلف باختالف املجتمعات كما تختلف
داخل املجتمع الواحد وذلك باختالف ظروف الزمان واملكان أيضا .ولهذا نجد أن
ثانيا :الخصائص
يستهدف النظام العام املحافظة على القيم واملثل العليا في املجتمع ،فهو يمثل
مجموعة من القواعد والنظم التي تقوم على ضبط السلوك االجتماعي وبالتالي ال
يجوز لألفراد انتهاكها 291.وما يضفي أكثر الصفة اآلمرة على النظام العام أنه يهدف
الحفاظ على كيان املجتمع ،وذلك من خالل التوفيق بين ممارسة الحريات وضرورات
الحياة االجتماعية .خاصة وأن حماية الحريات تتبع للنظام العام 292.فحماية هذا
وحرياتهم293. األخير يعد ضرورة لضمان ممارسة األفراد لحقوقهم
289عبد المنعم محفوظ " :عالقة الفرد بالسلطة :الحريات العامة وضمانات ممارستها ،دراسة مقارنة" ،المجلد الثالث ،الطبعة األولى،
ص .887 :
290ويتضح ذلك من خالل اجتهادات الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى التي تأخذ بالمفهوم المادي واألدبي للنظام العام.
291
BERNARD (P) : op.cit, p : 42.
292
Ibid, p : 75.
293
LUCHAIRE (F) : "La sûreté : Droit de l'homme ou sabre de M. Prud'homme ?", RDP, LGDJ, 1989, p :
630.
الشك أن املشرع يقوم بدور هام في التعبير عن النظام العام وإرساء قواعده،
لكن ال يعني ذلك أنه يستطيع فرض النظام العام الذي يريده بالقوة ،ذلك أن األخير
ليس نتاج النصوص القانونية وحدها .وإنما املصدر املباشر للنظام العام يتمثل في
ولذلك كان للتقاليد واألعراف املحلية قيمتها الكبرى في تكوين قواعد النظام
العام294.
كما أن القضاء يلعب دورا مهما في تحديد مضمون النظام العام مستمدا إياه
من واقع القضية املطروحة عليه .فنظرا ألن النظام العام مفهوم غير محدد بشكل
دقيق ويتسم بالعمومية والغموض ،فإن القاض ي اإلداري باعتباره منشئا للقواعد
ومفسرا لها ،فإنه يتكفل بتحديد مضمون معين لهذا املفهوم ،بصدد النظر في
املنازعات التي يكون فيها النظام العام بمثابة إشكالية في القضية .والقاض ي هنا ال
يضع تعريفا محددا ودقيقا للمفهوم حتى ال يقيد نفسه مستقبال فيما يعرض عليه
من منازعات.
إن النظام العام فكرة مرنة ومتطورة ،فهي تتغير باختالف ظروف الزمان
واملكان ،ولذلك فهي ال تتفق مع النصوص القانونية الجامدة ،فطبيعة النظام العام
القانونية قدرة على التكيف والتأقلم مع واقع الحياة 295.فما يعتبر من النظام العام
في دولة ال يعتبر كذلك في دولة أخرى ،وكذلك تختلف مكونات النظام العام من
مجتمع آلخر وأحيانا داخل نفس املجتمع ،فما كان يعتبر من النظام العام في وقت
معين في مجتمع ما قد ال يكون كذلك في الوقت الحاضر داخل نفس املجتمع .كما
أن نطاق النظام العام يختلف باختالف النظام واملذهب السائدين في الدولة،
فمضمون النظام العام في دولة ذات نظام شمولي حيث تقيد الحريات ليس هو في
دولة ديمقراطية تحترم حقوق وحريات أفرادها .هذا دون إغفال تأثير تزايد تدخل
الدولة في مختلف األنشطة االقتصادية واالجتماعية على نطاق النظام العام ،بحيث
يتسع هذا األخير ليشمل أمورا كانت ال تعتبر من النظام العام في إطار الدولة الحارسة
ثالثا :العناصر
اتفق أغلب الفقه على أن النظام العام بمفهومه املادي يتضمن ثالثة
األمن العام :ويقصـد به اطمئنان األفراد والجماعات على أنفسهم وأموالهم من
خطر االنتهاكات التي يمكن أن تقع في األماكن العمومية ،ومنع كل ما من شأنه تهديد
295
BERNARD (P) : op.cit, p : 227.
أمن واستقرار البلد 296.فهو عنصر النظام العام الذي يتضمن غياب األخطار التي
ويعد مصطلح األمن العام األقرب إلى مفهوم النظام العام ،حيث يتم استعماله
في أحيان كثيرة للداللة على هذا األخير ،باعتباره مرادفا له .فباإلضافة إلى األمن
العام يتم استعمال مفاهيم شبيهة به للداللة على النظام العام بمفهومه الواسع
فاألمن العام يعد تعبيرا الدستوري297. كاألمن الوطني والوحدة الترابية والنظام
واضحا عن املفهوم األمني للنظام العام ،فهذا األخير تملك إدارة الضبط اإلداري
الديمقراطي للنظام العام الذي يعمل أكثر على خلق التوازن بين متطلبات األمن
الحريات298 والنظام وممارسة
واملياه واملطاعم وجميع املحالت التي يرتادها األفراد والتي يمكن أن تشكل خطرا على
صحتهم ،ويندرج في نطاق حماية الصحة العامة أيضا الحمالت العمومية لإلرشاد
296ثورية لعيوني " :القانون اإلداري المغربي" ،دار النشر الجسور ،وجدة ،الطبعة الثانية ،8888ص.825:
297
YELLES CHAOUCHE (B) : op.cit, p : 39.
298
BURDEAU (G) : "Les libertés publiques", 4 ème éd., LGDJ, Paris, 1972, p : 32.
إلى إقالق راحة املواطنين كالضوضاء الناتج عن أبواق السيارات ومكبرات الصوت
وهكذا ،فإن األمن العام والصحة العامة والسكينة العامة تدخل ضمن
العناصر التقليدية للنظام العام ،لكن هناك من يضيف عناصر أخرى إلى هذه
العناصر ،فنظرا للتطور الذي تعرفه املجتمعات الحديثة وازدياد تدخل الدولة في
مختلف مجاالت الحياة ،أصبحت العناصر التقليدية غير كافية ملواجهة مختلف
صور اإلخالل بالنظام العام ،لذا فإن عناصر جديدة تنضاف إلى فكرة النظام العام.
إن امتداد فكرة النظام العام ،جاء نتيجة ملرونته وقابليته للتطور والتغير
للتكيف مع مختلف املستجدات والظروف الزمانية واملكانية .فلم يعد مفهوم النظام
العام يقتصر كما قلنا على عناصره التقليدية املتمثلة في األمن العام والسكينة
العامة والصحة العامة ،ولم يعد يحيل فقط إلى انعدام الفوض ى ،فانتقل من
املفهوم التقليدي الذي يحكمه الهاجس األمني الضيق إلى مفهوم أكثر اتساعا يغطي
مجاالت لم تكن تندرج ضمن العناصر التقليدية السابقة .وقد كان التساع دور
الدولة كما سبق وأن أشرنا ،وتدخلها في مجاالت أوسع من األمن والدفاع والخارجية
وليس النظام العام املادي واملحسوس ،املناقض للفوض ى واالضطرابات ،وذلك كون
ويفرض النظام العام الخلقي ،حماية اآلداب العامة واألخالق الحميدة من
اإلخالل بها ،واملالحظ أنه ال يوجد مفهوم دقيق ومحدد لآلداب أو األخالقيات أو ما
شابههما .حيث يختلف مفهومها بحسب العادات والتقاليد املتعارف عليها في
الفردية301. املجتمع ،وكذا مدى تقبل هذا األخير للتصرفات
كان هناك في السابق شبه إجماع على أن تهديد النظام العام الذي يبيح لإلدارة
التدخل وفقا لسلطات الضبط اإلداري ينبغي أن يكون تهديدا ماديا .ولذلك لم يكن
من الجائز استعمال هذه السلطات لحماية املشاعر أو األخالق أو األمور األدبية
واملعنوية عموما إال إذا تبين أن األمر يؤدي إلى املساس املادي بالنظام العام 302.وقد
كرس االجتهاد القضائي ذلك التوسع في فكرة النظام العام ليشمل النواحي املعنوية
كاألخالق واآلداب ،وقد اعتبر القضاء الفرنس ي العديد من الحاالت منافية للنظام
300
YELLES CHAOUCHE (B) : op.cit, p : 41.
301ربيع محمد منيب :م.س ،ص .75 :
302محمد مرغيني خيري ":الوجيز في القانون اإلداري المغربي" ،الجزء الثاني ،مطبوعات دار المغرب .8872ص .807 :
العام األدبي كعرض املطبوعات املخلة باآلداب العامة عالنية ،وارتياد القاصرين
واملالهي...إلخ303. لبعض املحالت
إن اآلداب العامة أو حسن اآلداب يقصد بها مجموعة األسس األخالقية التي
يقوم عليها نظام املجتمع والتي يعتبرها األفراد أنها واجبة االتباع في عالقاتهم ولذلك
ال يباح الخروج عليها عن طريق االتفاقات الخاصة املخالفة .وملا كانت فكرة اآلداب
العامة تشمل مجموع املصالح والقواعد األخالقية التي يقوم عليها نظام الجماعة،
فهي تتصل بنظام املجتمع وتمس كيانه ولذلك فإن هذه الفكرة تندرج ضمن فكرة
يمكن أن نعرف النظام العام االقتصادي بشكل عام على أنه تدخل الدولة في
األنشطة االقتصادية.
بالنظريات االقتصادية واالجتماعية في لحظة معينة ،الش يء الذي يشكل خطرا على
سياسية304. حريات األفراد ،خاصة مع توظيف القانون واملفاهيم القانونية ملصالح
303
Voir : WALINE (M) : "Précis de droit administratif", éd. Montchristien, Paris, 1969., p : 440.
304
BERNARD (P) : op.cit, p : 40.
التخاذ من التدابير ما تراه مناسبا لحماية النظام العام االقتصادي األمر الذي يشكل
في كثير من األحوال مساسا بحرية املبادرة وما تكفله لألفراد من حرية التجارة
لقد أثيرت مشكلة املحافظة على جمالية املدن من طرف الفقه الفرنس ي ومدى
اعتباره من عناصر النظام العام التي تبرر تدخل سلطات الضبط اإلداري للمحافظة
عليها .فاعتبر جانب من الفقه أن مسألة املحافظة على جمال الرونق والرواء ال تبرر
ذلك التدخل إال إذا تالقت بصورة ما مع أحد عناصر النظام العام التقليدية،
كاملحافظة على الصحة العامة مثال وما يستتبعه من العناية بالبيئة ومحاربة التلوث.
في حين نجد جانب من الفقه ال يشترط ذلك التالقي معتبرا املحافظة على جمالية
اإلداري307. املدن عنصرا من عناصر النظام العام التي تبرر تدخل سلطات الضبط
وكان مجلس الدولة الفرنس ي يشترط وجود نصوص قانونية صريحة العتبار
لحمايته308. املحافظة على جمال الرونق من النظام العام ويبرر تدخل السلطات
305
YAHYA (M) : "La notion d'autorité entre le droit et la politique au Maroc", Thèse, Université
Mohamed V, Rabat, 1998, p : 101.
306
LEMASURIER (J) : "Vers un nouveau principe général du droit", Le principe "Bilan-Caut-Avantages",
Mélanges WALINE (M) : "Le juge et le droit public", Tome II, Paris, LGDJ, Juillet 1974, p : 551.
307عادل أبو الخير :م.س ،ص .806 :
308
CE 4 Mai 1828, Leroy, Rec. 178.
لكن بعد ذلك عدل من موقفه 309.وبالتالي أضحت اإلجراءات التي تتخذها سلطة
السلطة310. الضبط اإلداري العتبارات الجمال ال يشوبها انحراف في استعمال
إن االمتداد والتوسع في فكرة النظام العام الشك أن له انعكاسات سلبية كثيرة
على مجال ممارسة الحقوق والحريات الفردية ،ألن ذلك التوسع واكبه تشديد
وامتداد للقيود والعراقيل املفروضة على تلك املمارسة مما يجرد األفراد من الكثير
من حقوقهم وحرياتهم بدعوى تهديدها للنظام العام بمفهومه الواسع سواء املادي
أو املعنوي .فعندما تصبح األخالق واآلداب مندرجة ضمن مفهوم النظام العام ،فإن
كل ما من شأنه املساس بها يشكل إخالال بهذا األخير .ومع أن مفهوم اآلداب العامة
أو األخالق الحميدة أو ما شابههما تعتبر أفكارا عامة ونسبية تختلف من مجتمع آلخر،
فإن مسألة تقدير حاالت املساس بها يعود للسلطات اإلدارية املعنية ،الش يء الذي
سيوسع من نطاق السلطة التقديرية لإلدارة في هذه الحالة ،وقد كانت هذه األخيرة
تحظى أصال بهامش كبير من الحرية في تقدير مفهوم النظام العام التقليدي .وهكذا
ففي الوقت الذي ينتظر فيه الفرد التقليص من نطاق السلطة التقديرية لإلدارة في
املجال الضبطي أساسا ،يجد نفسه أمام إدارة ضبطية تتسع سلطاتها أكثر فأكثر مع
التطور الذي طرأ على النظام العام ،وفي مثل هذا الوضع ليس بوسعنا إال التشكيك
309
CE 23 octobre 1936, Union parisienne des syndicats de l'imprimerie, Rec. 966.
310
CE 2 Août 1924 Leroux, Rec 780.
CE Mars 1941, Cie nouvelle des chalets de commodités, Rec. 44.
.
في كل ما يقال حول الرغبة في تحسين العالقة بين السلطة والفرد وتحقيق التوازن
والتوافق من خاللها.
لكن باملقابل نجد أن هناك جانب إيجابي لتوسع وتطور فكرة النظام العام
يتمثل في تعزيز وتقوية الحماية الفعالة للنظام العام واملصلحة العامة على حد
سواء ،من خالل ردع كل من سولت له نفسه املساس باألخالق واآلداب السائدة في
املجتمع مما يضمن احترام تقاليده وأعرافه وعقيدته .فالنظام العام بمفهومه
الش يء الذي سيساهم في القضاء على الكثير من املمارسات والظواهر الدخيلة على
املجتمع ،والتي في غياب تدخل فعال من قبل السلطات الضبطية سيشجع من
ألن الفهم الخاطئ لتلك الحرية أو ذلك الحق سيؤدي إلى اإلضرار بحقوق وحريات
اآلخرين .ولذا فإن شمول النظام العام للجانب األخالقي سيساهم في التصدي لكل
من يستغل الحقوق والحريات بشكل خاطئ لتمرير أفكار وممارسات ال عالقة
الحريات
املطلب األول :دور مبدأ املشروعية واملصلحة العامة في ترشيد قرارات الشرطة
االدارية
بمهامها ال تكون متمتعة إزاءها بسلطة مطلقة في اتخاذ ما تشاء من قرارات حتى ولو
كانت متمتعة بسلطة تقديرية في التصرف بشأن مسألة معينة ،بحيث تكون خاضعة
ملبدأ املشروعية الذي يحدد إطار وحدود تحركات السلطات اإلدارية في مختلف
فإذا كانت اإلدارة بإصدارها لقرارات الضبط اإلداري تهدف إلى حماية النظام
العام ،وذلك بتقنين وتنظيم ممارسة األفراد لحرياتهم ،فهي ملزمة بمراعاة الحدود
والضوابط املرسومة لها من طرف القانون ،311.لذلك فإن كل تدبير ضبطي من شأنه
املساس بحرية فردية يجب أن يندرج ضمن األعمال املخالفة للقانون ،فسلطات
اإلدارة في املجال الضبطي يجب أن تتقيد بضرورة احترام الحريات األساسية لألفراد
القوانين312. والتي تضمنها مختلف
إن الضبط اإلداري يعد امليدان الذي يبرز فيه الصراع بين السلطة والحرية
بشكل جلي 313،األمر الذي يتطلب البحث عن كيفية تحقيق التوافق بين الطرفين
املتعارضين أي بين متطلبات النظام العام وممارسة الحريات 314.وهنا يلعب مبدأ
املشروعية دورا محوريا في إحداث ذلك التوافق من خالل الضمانات التي يوفرها
لألفراد في ممارسة حقوقهم وحرياتهم ،وما يضعه من ضوابط وحدود يتوجب على
311الحسن سيمو " :الرقابة القضائية على قرارات الضبط اإلداري" ،م.م.إ.م.ت ،عدد ،89يوليوز-شتنبر ،8882ص .85 :
312حسن صحيب " :القضاء اإلداري المغربي" ،م.م.إ.م.ت ،سلسلة "مؤلفات وأعمال جامعية" ،عدد ،8002-20ص .000 :
313
OUAZZANI CHAHDI (H) : "Le juge administratif et les droits de l'homme", Remald, série "Thèmes
actuels", n°47, 2007, p : 11.
314
EL YAAGOUBI (M) : "Le droit administratif marocain", Tome 1, 1987, p: 177.
السلطات اإلدارية مراعاتها والخضوع لها فيما تتخذه من تدابير وإجراءات للمحافظة
على النظام العام بصوره املختلفة .حيث أن تلك اإلجراءات ال تكون مشروعة إال
فعال وكان هذا األخير يواجه تهديدا واقعيا315. إذا كانت تستهدف حماية النظام العام
إن الخضوع ملبدأ املشروعية أمر ضروري في ميدان الضبط اإلداري الذي تكون
القرارات اإلدارية املتخذة في صدده األكثر مساسا بالحقوق والحريات واألشد قساوة
عليها بالنظر لطبيعة عمل الشرطة اإلدارية التي تلتزم بحماية النظام العام الذي
يمنح لها حرية التصرف التخاذ كافة اإلجراءات والتدابير املمكنة والكفيلة بمواجهة
ما يصب في صالح املصلحة العامة والحريات على حد سواء ،من خالل الحرص على
حماية النظام العام واملحافظة عليه دون التفريط في حقوق وحريات األفراد من
إن احترام مبدأ املشروعية ،يفرض على سلطات الضبط اإلداري ضرورة
استهداف املصلحة العامة من وراء قراراتها واملتمثلة في هذه الحالة في حماية النظام
العام وكل ما من شأنه املساس واإلخالل به ،وبالتالي يمنع عليها استغالل صالحياتها
في تحقيق أهداف أخرى غير التي حددها املشرع .فاإلدارة تكون أحيانا ملزمة بتحقيق
315
DE LAUBADERE (A), VENEZIA (J.C), GAUDMET (Y) : "Traité de droit administratif", Tome 1, 14ème
édition, 1994, p : 800.
هدف محدد من وراء إجراءاتها الضبطية كحماية الصحة العامة ،فإذا ما استهدفت
تحقيق هدف آخر ولو كان مندرجا ضمن إطار املصلحة العامة كحماية عنصر آخر
للنظام العام كالسكينة العامة أو األخالق الحميدة ،فإن قراراتها تكون مفتقدة
للمشروعية وتكون معرضة لإللغاء ،وذلك وفقا لقاعدة تخصيص األهداف .أما في
حالة عدم التخصيص فإن اإلدارة تلتزم بحماية النظام العام ،وكل خروج عليه
لتحقيق أغراض شخصية أو حزبية أو فئوية ...إلخ ،يكون معها اإلجراء املتخذ غير
مشروع.
املجاالت ومنها ميدان الضبط اإلداري ،نجد أن استهداف املصلحة العامة من وراء
تلك التصرفات يعتبر في الحد ذاته قيدا فعاال لسلطة اإلدارة التقديرية .فبالرغم من
عمومية وشساعة مفهوم املصلحة العامة ،إال أنه يبقى عنصرا مؤثرا في تحديد نطاق
اختصاصات اإلدارة وتوجيه اختياراتها .كل قرار من قراراتها إال ويكون هدفه وغايته
الوحيدة هو تحقيق املصلحة العامة سواء بتخصيصها أم بدون ذلك .واألمر ينطبق
بالتالي على قرارات الضبط اإلداري التي ال تغيب املصلحة العامة عن هدفها ،وإن
كانت هذه األخيرة يعبر عنها بصيغ مختلفة بحسب اختالف مجاالت تواجدها .وهكذا
فإن تحقيق املصلحة العامة في مجال الضبط اإلداري يتحقق باملحافظة على النظام
العام بمختلف صوره .وبالتالي نصل إلى خالصة مفادها أن مبدأ املشروعية يرتبط
بشكل وثيق بفكرة املصلحة العامة ،فكل عمل إداري لن يتسم باملشروعية ما لم
يستهدف تحقيق املصلحة العامة 316.وقياسا على ذلك فإن إجراءات الضبط اإلداري
ال تكون مشروعة إال إذا كانت تهدف حماية النظام العام الذي يعتبر بدوره جزءا
لكن بالرغم من تلك القيود والضوابط التي تؤطر تحركات السلطات الضبطية
لحماية النظام العام ،إال أن ذلك ال يعني بحال من األحوال عدم املساس بالحريات
الفردية وتقييدها إن استدعت الظروف ذلك .ومعنى ذلك أن مبدأ املشروعية ال
يهدف فقط حماية حريات وحقوق األفراد ،وإنما أيضا وجد لحماية مصالح املجتمع
والدول ومتطلباتهما املتمثلة في النظام العام واملصلحة العامة .وبالتالي فإن البحث
عن تحقيق التوافق بين السلطة والفرد ليس معناه إطالق الحريات دون قيد أو رادع
وعلى حساب حماية النظام العام الذي هو في األخير أحد الضمانات التي تمكن
األفراد من ممارسة حرياتهم بالشكل املطلوب وفي أحسن الظروف واألحوال ،وهنا
سلطة الضبط إلى الحق في األمن للمواطنين ،علما أن هذا األخير يضمن من طرف
املادية ،يعد حقا طبيعيا للفرد ،فهو عنصر مالزم للحرية التي ال يمكن تصور
316
TRUCHET (D) : "Les fonctions de la notion d'intérêt général dans la jurisprudence du conseil d'Etat",
LGDJ, Paris, 1977, p : 87.
317
REDOR (M-J) : "L'ordre public : Ordre public ou ordres publics, ordre public et droits fondamentaux",
Actes du colloque de Caen des 11 et 12 mai 2000. Droit et justice : Collection dirigée par Pierre Lambert,
2001, p : 309.
هذه تعد النتيجة الحتمية إلطالق ممارسة الحريات دون قيود وفي غياب تدخل من
وتنظيمها319. املشرع واإلدارة لتقنينها
لهذا ،فالتوافق الذي نتغياه في هذا الصدد ،هو ذلك الذي يكفل حماية النظام
العام دون املساس بحق األفراد في ممارسة حرياتهم في نطاق ما يسمح به القانون
ودون املساس بحريات اآلخرين وبالنظام العام .فصحيح أن السلطة ليس من السهل
أن تتخلى عن قساوتها واستعالئها ونظرتها الحذرة اتجاه ممارسة بعض الحريات ذات
الطابع السياس ي .وفي نفس الوقت ليس من السهل تغيير النظرة السلبية لألفراد
اتجاه السلطة والتي يشوبها الشك والخوف وعدم الثقة .هذه الصورة يلخصها لنا
األستاذ بارتالند راصل بقوله" :320في عالم في منتهى التعقيد والخطورة تصبح كل
الفوض ى والدمار ،ومع ذلك فهذه الفضائل –من وجهة نظر الفرد الذي يحتاج إلى
التلقائية والتمجيد -تعني موتا روحيا ومطردا ،وكيف يمكن التوفيق بين االثنين؟".
إن املصلحة العامة تشكل قيدا فعاال على التصرفات اإلدارية وإطارا لتحركاتها،
ففي املجال الضبطي ،نجد أنه بالرغم من السلطات التقديرية الواسعة التي تحظى
بها الشرطة اإلدارية بالنظر لحساسية وأهمية مجال الضبط اإلداري ،إال أن هدف
318حيث غياب الظروف المواتية لممارسة الحريات األساسية :فكيف يمكن ممارسة حرية التجول مثال في ظل االنفالت األمني وغياب
االستقرار.
319
DREVELLE (D) : "Du besoin de sécurité à la doctrine de la sécurité in : Variation autour de l'idéologie
de l'intérêt général", Vol. 1, PUF, 1978 p : 80.
320بارتراند راصل " :السلطة والفرد" ،ترجمة لطيفة عاشور ،8889 ،ص .88 :
املصلحة العامة يقلص من نطاق تلك السلطات ويلزم اإلدارة بتفادي االنحراف في
قراراتها واالعتداء على الحقوق والحريات ،مما يجنب األفراد الكثير من حاالت
البعيدة عن املصلحة العامة .أما حاالت املساس بالحقوق والحريات الفردية الناتجة
عن اإلجراءات الضبطية التي تستهدف حماية النظام العام ،فهي بدورها كثيرة وإن
لم تكن بالخطورة التي تميز اإلجراءات الضبطية التعسفية والغير املشروعة .فاإلدارة
املواطنة والحريصة فعال على املصلحة العامة لن تفرط في املصالح الخاصة لألفراد،
بل ستعمل على البحث عن كيفية حماية النظام العام واملحافظة عليه مع السماح
إن مسألة انتهاك اإلدارة للحقوق والحريات الفردية ،نجدها مرتبطة بنوعية
تلك اإلدارة وعالقتها باملحيط ومدى رغبتها في تحسين تلك العالقة وردم الهوة
املوجودة من خاللها ،فإذا كانت اإلدارة مواطنة وتشاركية وديمقراطية وتسعى فعال
وراء املصلحة العامة ،فإنها لن تعمد إلى استغالل سلطاتها التقديرية لإلضرار
بمصالح جمهورها ،وإنما على العكس من ذلك ستحرص على تلك املصالح وتحافظ
عليها قدر املستطاع وهي بصدد اتخاذ قرار في مسألة معينة .ففي موضوعنا املرتبط
بالضبط اإلداري فإن السلطات املعنية يجب أن تحرص على الحقوق والحريات
الفردية مثل حرصها على النظام العام من خالل حمايته واملحافظة عليه .أما إذا
كانت اإلدارة بخالف ذلك ،وتفتقد لروح املواطنة وااالنفتاح والتشاور ،فإنها ستتخذ
من املصلحة العامة والنظام العام املبرر والذريعة للتغطية على تصرفاتها التعسفية
في حق األفراد ،وسوف تستغل كل فرصة أمامها لتوسيع سلطتها التقديرية وتوظيفها
للتضييق على ممارسة الحقوق والحريات وليس بهدف حماية النظام العام وتحقيق
املصلحة العامة.
تمثل الحرية مصدرا للكثير من الحدود والقيود التي تفرض على سلطات
في تنظيمها إلى حد التحريم املطلق ،فاإلدارة ال تملك تعطيل ممارسة الحرية إال إذا
كانت الوسيلة الوحيدة الكفيلة بحماية النظام العام ،ويكون ذلك اإلجراء بصفة
مؤقتة .فالهدف الذي يجب أن يشغل السلطة الضبطية ليس هو كيف تحافظ على
النظام العام ،بل كيف تسمح بممارسة الحرية دون املساس بالنظام العام ،فهي
يقوم جوهر هذه القاعدة على محورين متالزمين ،األول مقتضاه أن اإلدارة
تترخص في تحديد مضمون الخلل أو االضطراب الذي قد يلحق النظام العام .والثاني
مفاده التزام جهة الضبط بترك الحرية لألفراد في اختيار وسائل تفادي هذا الخلل.
وقد تفرض مقتضيات املصلحة العامة عدم تطبيق القاعدة في بعض الحاالت
مثال321. الخاصة كاالستعجال
-1اختالف موقف السلطة باختالف قيمة الحرية والظروف املرتبطة بها :
ومعنى ذلك أنه كلما كانت قيمة الحرية بالنسبة للفرد هامشية ،كلما توسعت
سلطة اإلدارة إزاءها ،والعكس صحيح .فالحريات ليست بنفس الدرجة من األهمية
والقيمة ،فهناك حريات أساسية وأخرى ثانوية ،أو لنقل حريات من الدرجة األولى
وهي األكثر حماية وأخرى من الدرجة الثانية وهي األقل حماية ،فمثال حرية التمثيل
الحريات فيما بينها ،ومن ثم يجب على اإلدارة املفاضلة بينها لتغليب أوالها بالرعاية
والحماية ولذا فإن التضييق من نطاق حرية معينة يصبح مشروعا متى كان من أجل
أكثر أهمية323. توفير حرية أخرى
بحسب ما إذا كانت الحرية التي بصدد التنظيم منصوص عليها تشريعيا أم ال ،كما
تختلف باختالف الظروف املكانية والزمانية وكذلك درجة أهمية الحرية وما إذا كانت
أساسية أم ثانوية.
في حالة وجود نصوص تشريعية خاصة في شأن تنظيم حرية ما فإن السلطات
العمومية يجب أن تلتزم بما ورد فيها من قيود ،وبالتالي فإن كل إجراء تتخذه اإلدارة
متجاوزة به تلك النصوص ينطوي على تجاوز للسلطة ،كما يتعين تفسير القيود
في حالة غياب نصوص تشريعية خاصة بتنظيم ممارسة الحريات ،فإن ذلك ال
يعني أن اإلدارة تملك سلطة مطلقة في التصرف كما تشاء وحسب رغباتها وأهوائها.
وإنما تكون لها سلطة تقديرية تختلف ضيقا واتساعا بحسب اختالف ظروف املكان
والزمان املحيطة بممارسة الحرية .وتكون مقيدة في ذلك بقيود مرتبطة بعضها
واملالحظ أن سلطة اإلدارة في حالة غياب نص تشريعي تكون أوسع نطاقا منها
في حالة وجود النص ،ينطبق األمر على الحريات املنصوص عليها دستوريا في غياب
اإلضراب324. قوانين تنظيمية تتناولها بالتفصيل كما هو الشأن بالنسبة لحق
بتغير ظروف املكان والزمان املحيطة بممارسة الحرية .وهنا يتوجب التفريق بين ما
324
EL YAAGOUBI (M) : "Le droit administratif marocain", Tome 1, 1987, p : 178.
إذا كانت القيود التي تفرضها اإلدارة بصدد ممارسة األفراد لحرية ما مؤقتة ومحددة
بفترة زمنية ،أو قيود أبدية وغير محددة زمنيا .حيث يتوجب أن تكون سلطة اإلدارة
في الحالة األخيرة أضيق وأخف وطأة من سلطتها في الحالة األولى .وكذلك يجب
نهارا325. التمييز بين ما إذا كانت القيود التي تفرضها إدارة الضبط ستطبق ليال أم
ونالحظ ذلك من خالل اختالف تعامل اإلدارة مع الحريات فيما إذا كانت تمارس في
امللك الخاص أو الطريق العام أو املرفق العام .ويتضح ذلك من مدى سلطة اإلدارة
إزاء االجتماعات الخاصة ،واالجتماعات العامة بمعناه الضيق وإزاء التظاهر في
الطريق العمومي ،حيث تتسع تلك السلطة في مواجهة الحالتين األخيرتين وتضيق في
األولى326. مواجهة الحالة
إضافة إلى القيود املرتبطة بطبيعة الحرية ،هناك قيود متعلقة باإلجراءات
ومعنى ذلك أن يكون ذلك اإلجراء هو األكثر ضرورة وفعالية وتأثيرا ،وأن
يستهدف القضاء على املخاطر الحقيقية التي قد تلحق بالنظام العام ،وليس مجرد
التهديد البسيط الذي ال يرخص لإلدارة مشروعية اتخاذ اإلجراء ،كما يفترض في هذا
تفاديه :
ومفاد هذه القاعدة أنه إذا كان االضطراب قليل األهمية فال يجب التضحية
بكامل الحرية أو التشديد في تقييدها .كما ال يجوز التضحية بحرية أساسية خشية
اإلخالل بممارسة حرية ثانوية أو أدنى منها .وتعد فكرة التناسب من بين العناصر
األكثر حساسية في تحديد مدى توسع سلطات الضبط وقسوتها ،كما تتجلى أهميتها
كونها تحقق نوعا من التوازن بين متطلبات الحفاظ على النظام العام وممارسة
الحريات327.
ومفاده أنه إذا كان القيد الوارد على ممارسة الحرية ضروريا ،فإن اإلجراء
الضبطي يجب أن يطبق على كافة األفراد املتماثلين في األوضاع واملراكز القانونية.
فمبدأ املساواة يجب أن يكون أساس كل تنظيم قانوني ملمارسة الحقوق والحريات.
وبمراعاة هذه الضوابط والقيود من طرف سلطات الضبط اإلداري فإنه سيتم
التخفيف من حدة الصراع بين الحرية والسلطة ،خاصة إذا التزمت هذه األخيرة
سلطات الضبط عند الشك تغليب الحرية وإيثارها 328،كما يجب عليها أال تستغل
الفراغ التشريعي بصدد تنظيم ممارسة حريات معينة لتوسع من سلطاتها ،وفي حالة
وجود نصوص تشريعية مقيدة ملمارسة حرية ما ،وجب تفسير تلك النصوص تفسيرا
ضيقا.
وهكذا ،يتضح أن عالقة السلطة بالحرية تتأثر بعوامل وظروف ،فأحيانا تتسم
بالصراع والصدام مما يوسع من نطاق الهوة القائمة بينهما ،وأحيانا أخرى تكون
األقرب إلى التوافق .وتعد سلطة اإلدارة التقديرية العنصر الذي يحدد نوعية
العالقة وطبيعتها ،فكلما اتسع نطاقها بصدد مسألة معينة وإال كان لذلك انعكاسا
سلبيا على عالقة السلطة بالحرية بالنظر لالستغالل الس يء من طرف اإلدارة لتلك
السلطة في الغالب .وفي املقابل ،كلما كان االختصاص املقيد هو الغالب على
صالحيات اإلدارة وسلطاتها إال وقلت حاالت انحرافها وتعسفها على حقوق وحريات
األفراد .وبالتالي فتحقيق التوافق بين السلطة والفرد وتحسين العالقة بينهما يمر عبر
إن ميدان الضبط اإلداري يشهد احتكاكا دائما بين السلطة واالفراد ،ونجد أن
ظروف كثيرة تتدخل في تحديد طبيعة العالقة بينهما من خالل دورها في توسيع
سلطة اإلدارة التقديرية أو التقليص منها ،هذه السلطة التي تتأثر كما أشرنا بظروف
الزمان واملكان ،كما تختلف في مداها بين حالة وجود النص أو غيابه .وهكذا نجد
أن ممارسة األفراد لحقوقهم وحرياتهم في أوقات وأماكن محددة تتم في ظروف أفضل
بكثير من ممارستهم لها في أوقات وأماكن أخرى .كما أن وجود نص قانوني ينظم تلك
املمارسة يوفر لألفراد ضمانات أقوى وحرية أكبر من حالة عدم وجود النص.
لكن ،ومع ذلك ،فإن تقدير املصلحة العامة وحاالت تهديد النظام العام ودرجة
الخطورة املحتملة ،يجعل إدارة الضبط تحتفظ بحرية التصرف واتخاذ اإلجراء
املناسب ملواجهة ذلك التهديد .وهذا ما يتيح لها اختيارات كثيرة وذلك في جميع
األحوال حتى التي تبدو فيها اإلدارة مقيدة كحالة وجود النص املنظم للحرية أو
ممارستها في أماكن خاصة مثال .فمادام أن األمر يتعلق بالنظام العام فإن التضحية
-329املادة 82من اتفاقية حقوق الطفل س نة -9:” 9121تعرتف ادلول الاطراف حبق الطفل يف التعلمي وحتقيقا ل ألعامل الاكمل لهذا احلق
تدرجييا وعىل اساس تاكفؤ الفرص تقوم بوجه خاص مبا ييل :أأ) جعل التعلمي الابتدايئ الزاميا ومتاحا جماان للجميع؛ب) تشجيع تطوير ش ىت اشاكل
التعلمي الثانوي سواء العام او املهين ،وتوفريها وااتحهتا مجليع الاطفال واختاذ التدابري املناس بة مثل ادخال جمانية التعلمي وتقدمي املساعدة املالية عند
احلاجة الهيا؛ج) جعل التعلمي العايل بش ىت الوسائل املناس بة متاحا للجميع عىل اساس القدرات؛د) جعل املعلومات واملبادئ الارشادية الرتبوية
واملهنية متوفرة مجليع الاطفال ويف متناوهلم؛هـ) اختاذ تدابري لتشجيع احلضور املنتظم يف املدارس والتقليل من معدالت ترك ادلراسة -8.تتخذ ادلول
الاطراف اكفة التدابري املناس بة لضامن ادارة النظام يف املدارس عىل حنو يمتىش مع كرامة الطفل الانسانية ويتوافق مع هذه االتفاقية - 3.تقوم
ادلول الاطراف يف هذه االتفاقية بتعزيز وتشجيع التعاون ادلويل يف الامور املتعلقة ابلتعلمي واخاةة دهدف الاسهام يف القضاء عىل اجلهل والامية
يف مجيع احناء العامل وتيسري الوةول اىل املعرفة العلمية والتقنية واىل وسائل التعلمي احلديثة وتراعى بصفة خاةة احتياجات البدلان النامية يف هذا
الصدد.
-330الفصل 38من دس تور اململكة املغربية لس نة ”:8199التعلمي ا ألسايس حق للطفل وواجب عىل الارسة واجملمتع”
في هذا السياق يعد التعليم عن بعد أو التعليم الرقمي أو التعليم اإللكتروني
هو أحد أساليب التعليم الحديثة التي انتشرت عبر العالم خالل األعوام األخيرة بعدد
يعتمد فيه على استخدام تقنيات التواصل واالتصال باإلنترنت ،وتتم فيه التفاعالت
عبر املنتديات واألقسام االفتراضية وتقسيم الدورات إلى وحدات تتضمن أشرطة
مصورة ومواد مقروءة تحمل كميات وافرة من املعلومات التربوية ،ومن أبرز مميزاته
أنه يساهم في تقليص املسافة واختزال الوقت وال يحتاج إلى وجود مدرس بالقرب
من املتعلمين والطلبة في املكان نفسه .في هذا الصدد ومباشرة بعد تسجيل بالدنا
ألول إصابة بجائحة فيروس كورونا املستجد التي اجتاحت العالم ،بادرت الحكومة
الهادفة إلى محاصرة العدوى والحفاظ على صحة وسالمة املواطنين واملواطنات.
تحاول الدراسة الوقوف عند تجربة املغرب في التعليم عن بعد زمن جائحة
كوفيد ،32وذلك برصد اإلجراءات التي اتخذتها الدولة في شخص الوزارة الوصية
عن القطاع ،مبرزة اإلكراهات التي اعترضتها في هذه الجائحة .وبالتالي يمكن
االنطالق في مقاربة هذا املوضوع من خالل طرح إشكال محوري يتجلى في قياس
حدود نجاح تجربة نمط التعليم عن بعد ببالدنا في زمن جائحة كورونا.19 -
وسريعة ،وقد عملت الدول على بذل الكثير من الجهد ملواكبة هذه التطورات بما
ينعكس إيجابا على تجويد املرافق العامة ،ولبلوغ هذا الهدف كان من الواجب أوال
ترسيخ الدور القيادي لليونسكو في األوساط الدولية املعنية بالتعليم ،وذلك من
خالل تعزيز الحركة العاملية للتعليم بين الجميع ،وتكثيف الجهود الرامية إلى تقديم
املشورة فيما يخص السياسات وبناء القدرات بالتعاون مع الدول األعضاء .331هذه
عموما ،وقطاع التربية والتعليم بشكل خاص ،إذ يمكننا-وبنظرة سريعة -أن نتتبع
كيف تطور التعليم عن بعد في السنوات املاضية ،وكيف تأثرت إيجابا الخطط
-331محمد الهادي ،التعلمي االلكرتوين عرب ش بكة االنرتنيت ،ادلار املرصية اللبنانية ،القاهرة ،ط ،8112 ،9ص .981
البعض أحد الطرق الحديثة في نقل املعلومة ،والذي يعتمد على البعد املكاني بين
مصدر املعلومة الذي في العادة يكون املعلم ومتلقي املعلومة وهو الطالب.
وسنحاول من خالل هذه الفقرة تحديد مفهوم التعليم عن بعد (أوال) ،ثم بعد
عرفه هوملبرج Holmbergeفي عام 3299على أنه ذلك النمط من التعليم الذي
يشمل مختلف املكونات األساسية لكافة املستويات التعليمية والتي ال تخضع فيها
ولكن يحدد مكانه الوسائل التقنية من مواد مطبوعة ووسائل إلكترونية ،بحيث
لوجه332. تحقق االتصال بين األستاذ واملتعلمين دون االتصال وجها
ويعرفه نيجل Negilبأنه "التعليم الذي يسمح للمتعلم باختيار متى يتعلم
وكيف يتعلم وأين يتعلم وماذا يتعلم ضمن الحدود املتاحة ."333كما تعرفه اليونسكو
-332
بأنه "عملية تربوية يتم فيها كل أو أغلب التدريس من شخص بعيد في املكان والزمان
من خالل ما سبق نخلص إلى أن هذه التعاريف تطرح مسألة في غاية من
األهمية وهي العالقة بين املعلم واملتعلم ،هذه العالقة التي تتصف في فصول
الدراسة التقليدية بأنها عبارة عن تفاعل مباشر ما بين املعلم واملتعلم ،بحيث يحدد
املعلم أهداف الدرس ويعد محتواه ،ويستخدم أسلوب التدريس املناسب مع طالبه
سنقتصر في هذه الجزئية للبحث بداية في الفرق بين التعليم عن بعد والتعليم
عبر اإلنترنيت ،ثم بعد ذلك ننتقل لذكر الفروقات بين التعليم الطارئ عن بعد
والتعليم اإللكتروني.
يعد موقع الطالب وأسلوب التعلم االختالف الرئيس بين التعليم عن بعد
والتعليم اإللكتروني ،ففي التعليم اإللكتروني يمكن للطالب أن يكون مع املعلم في
أما التعليم عن بعد فإنه يتضمن الفصل بين الطالب واملعلم ،إذ يمكن أن يضمن
وقت335. الوصول إلى املادة التعليمية من أي مكان في العالم وفي أي
اإللكتروني336 ب -التعليم عن بعد الطارئ والتعليم
نموذج ممنهج للتخطيط والتصميم الذي يعتمد على ثمانية أبعاد شاملة تحدد
فيهدف إلى إيجاد حل مؤقت للتدريس بما يمكن تجهيزه بشكل سريع بحيث يمكن أن
ال يمكن إنكار أن التحول إلى التعليم عن بعد سيمكن الطالب من التمتع
بمهارات فكرية عالية وقدرة على التوصل للحلول في أسرع وقت ممكن ،هذا االنتقال
-335هديل رسور ،الفرق بني التعلمي عن بعد والتعلمي االلكرتوين ،اترخي النرش 82عشت ،8191اترخي الاطالع ،83/19/8198
/https://hyatok.com
-336اعمتدت ةياغة التعلمي عن بعد الطارئ ألن ا ألخطار النامجة عن كوفيد 91أأدت ابلعديد من املؤسسات اىل الغاء الفصول ادلراس ية احلضورية
مبحارضات تلقى عرب االنرتنيت .اذن فالتعلمي عن بعد يندرج يف تدابري اس تثنائية وقتية ستنقيض وسزتول ابنهتاء دوافعها الرتباطها بقانون الطوارئ
الصحية.
يعتبر مبدأ استمرارية املرافق العمومية في أدائها لنشاطها بانتظام وإطراد من
املبادئ الكالسيكية التي تحكم سير املرافق العمومية بمختلف أنواعها ،ويقتض ي
ذلك بأن تقوم املرافق بتقديم خدماتها على سبيل الدوام واالستمرار دون انقطاع أيا
كانت الظروف التي تواجهها .فدوام سير املرافق العمومية هو دوام للدولة باعتبارها
استمرارية املرفق العام في فصله 354الفقرة األولى "يتم تنظيم املرافق العمومة على
أساس املساواة بين املواطنات واملواطنين في الولوج إليها ،واالنصاف في تغطية التراب
الدولة واستمراريتها" .أي أن امللك يسهر على استمرارية أداء جميع املرافق واإلدارات
للمواطنين338. واملؤسسات العمومية لخدماتها
وملواجهة حالة الطوارئ الصحية الناتجة الوبائية جراء انتشار وباء كوفيد 32
في جميع أرجاء العالم بادرت اململكة املغربية في شخص وزارة التربية الوطنية
والتكوين املنهي والتعليم العالي والبحث العلمي توقيف الدراسة بجميع األقسام
والفصول انطالقا من يوم االثنين 36مارس 8181حتى إشعار آخر بما في ذلك رياض
الجامعية التابعة لوزارة التربية الوطنية والتكوين املنهي والتعليم العالي والبحث
العلمي ،سواء منها العمومية أو الخصوصية ،وكذا مؤسسات تكوين األطر غير
التابعة للجامعة واملدارس ومراكز اللغات التابعة للبعثات األجنبية وكذا مراكز
اللغات ومراكز الدعم التربوي الخصوصية .ولكنها في نفس الوقت نبهت إلى أن
إال أن االشكال الحقيقي الذي طرح هو تمثل في الوصول إلى املوقع اإللكتروني،
فالتحديات التقنية الخاصة بالبنى التحتية وضعف شبكات االتصال ،وعدم توافر
تحسين جودة التعليم عن بعد ،كمكمل للتعليم الحضوري .كما أوص ى بإجراء
تعتبر املدن الذكية توجها ناشئا في أواسط صناع السياسات في مختلف أنحاء
العالم لتجاوز هذه املعضلة .فغالبية سكان عالم اليوم يعيشون في املدن ،ومن أجل
ذلك يعد استيعاب وتطبيق مفاهيم املدينة الذكية أمرا ال غنى عنه لضمان مستوى
-340خضعت مؤسسة اجمللس الاقتصادي والاجامتعي والبييئ لتطور ملحوظ بعد احلرب العاملية ا ألوىل ،اذ يعترب المنوذج الفرنيس املثال الرائد
يف هذا اجملال ،حيث رامكت فرنسا العديد من التجارب منذ س نة ،9182اذ مت احداث أأول هيئة اقتصادية واجامتعية بطلب من النقاابت العاملية،
وذكل مضن تيار فكري ينادي برضورة متثيل القوى الاقتصادية والاجامتعية داخل البنيات الس ياس ية والادارية لدلوةل .ولقد متت دسرتة هذه
املؤسسة يف دس تور امجلهورية الرابعة س نة 9195ودس تور امجلهورية اخلامسة س نة ،9122ونظرا لتعاظم املقاربة البيئية يف اخلطاب الس يايس
وادلويل ،فقد تبىن التعديل ادلس توري لس نة 8112التسمية احلالية ويه اجمللس الاقتصادي والاجامتعي والبييئ.
وعىل غرار هذا المنوذج ،برز اجمللس الاقتصادي والاجامتعي يف التجربة املغربية مع املراجعة ادلس تورية لس نة ،9118بيد أأنه مل يمت تفعيهل مع
هذه املراجعة-رمغ فتح عدة أأوراش تمنوية شهدها مغرب التسعينيات ،-اذ بقيت املسأأةل الاجامتعية معلقة ليتكرس حضور هذا اجمللس مع ادلس تور
املعدل لس نة ،9115تدشينا لبناء ،عالقة جديدة يف تعاطي ادلوةل واجملمتع املغريب مع القضااي الاسرتاتيجية للبدل ،حيث تقوم عىل أأساس االنصات
اىل اجملمتع وارشاكه يف ةياغة لك القرارات الاسرتاتيجية .وهو البعد اذلي حاول املرشع ادلس توري اقراره يف ادلس تور املغريب اجلديد لس نة 8199
بتقوية ماكنة هذه املؤسسة داخل الهرم املؤسسايت لدلوةل ،اذ متت اعادة تنظميها مكؤسسة دس تورية يف الباب احلادي عرش منه ،حتت امس اجمللس
الاقتصادي والاجامتعي والبييئ يف التناول الس يايس ادلويل والوطين ،مؤطرا بثالثة فصول (من الفصل 929اىل .)923
للمزيد من املعلومات حول اجمللس الاقتصادي والاجامتعي والثقايف والبييئ راجع:
-خادل الغازي ،الاطار البنيوي والوظيفي للمجلس الاقتصادي والاجامتعي والبييئ بفرنسا ،اجملةل املغربية لالدارة الحملية والتمنية ،سلسةل ،مواضيع
الساعة ،عدد ،8111 ،59ص .911
-341اجمللس الاقتصادي والاجامتعي والبييئ يدعو اىل حتسني جودة التعلمي عن بعد ،اترخي النرش 7نومفرب،8181 ،اترخي الاطالع ،19/83/8189
/https://alislah.ma/majlisechami
متميز من املعيشة للسكان ،فالتفكير اإلبداعي والتعاون فيما بين كل الجهات املعنية،
واألفكار العلمية يمكن أن يحقق املنافع املنشودة للمدن بما في ذلك القدرة على
استيعاب الطفرة الكبيرة في عدد السكان بكفاءة وفعالية ،وتعزيز النمو االقتصادي،
واالرتقاء بمستوى رفاهية سكان املدينة ،إال أنه ال يوجد تعريف موحد ملفهوم
"املدينة الذكية" ،فمشاريع املدن الذكية تكون عادة جزءا من برنامج عام لتحديث
الذكية" ظهر في املؤتمر األوروبي الرقمي سنة ،3224وفي سنة 3226دشن األوروبيون
مشروع املدينة الذكية في عدد من املدن تبنت السلطات األوروبية مدينة أمستردام
هلنسكي342. كمدينة رقمية تلتها مدينة
بأنها مدينة "املعرفة" أو مدينة "رقمية" أو مدينة "إيكولوجية" تعتمد خدماتها على
البنية التحتية لتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت ،مثل أنظمة مرور ذكية تدار أليا،
وخدمات إدارة األمن املتطورة وأنظمة تسيير املباني واستخدام عدادات للفوترة.343
أما االتحاد األوروبي فيعرف املدن الذكية بأنها تلك املدن التي تجمع املدينة
متكاملة أكثر استدامة ،ويشمل ذلك ابتكارات تطبيقية وتخطيطا أفضل واستخداما
-342حنان النحاس ،المدن الذكية دراسة للمفهوم واألسس ،تاريخ النشر 01يوليوز
،8102تاريخ االطالع /https://www.maroclaw.com ،82/10/8180
-343ماريتا فارجاس،المدن الذكية بين الحلم والحقيقة،مجلة بيئة المدن،المدن
الذكية المستدامة ،مركز البيئة للمدن العربية،العدد الثامن ماي ،8102ص.10
ذكيا لتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت ...ومن ثم يمكن تعريفها بأنها املدينة التي
تحقق أداء جيدا في جميع هذه املجاالت من خالل تفاعل مشترك بين القطاع
ومن املدن التي نهجت مسار بناء مدن متطورة ،أساسها االستعانة بكل ما هو
املشروع إلى تشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحقيق ستة أهداف
“ذكية” في مجاالت تشمل :الحياة الذكية ،النقل الذكي ،املجتمع الذكي ،االقتصاد
الذكي ،الحكم الذكي ،والبيئة الذكية .إذ تعتمد على ثالثة مبادئ أساسية
والتعاون345. هي:االتصاالت ،االندماج،
ترتكز على ست نقاط أساسية تتمثلي في اآلتي :جعل اللندنيين في صميم الرؤيا؛النفاذ
إلى البيانات املتاحة؛ رفع نسبة البحث والتكنولوجيا واملواهب اإلبداعية في لندن؛
التجمع من خالل الشبكات؛ تمكين لندن من التكيف والنمو؛ وتعزيز التعاون بين
املدينة346. اللندنيين وحكومة
أما املغرب فينبغي التأكيد على أن رهان التحول إلى املدن الذكية في أفق 8186
يبقى متوقفا على العمل على توفير سياسات وتشريعات في خدمة التعليم عن بعد،
على اعتبار أن هذا النوع من التعليم يعتبر من أهم التطبيقات التي تتيحهااملدن
الذكية.
املجاالت اآلتية:
املستهدفين وعزلتهم؛
املعزولة.
-346نفس املرجع.
تضمنت فقرات تدل على ضرورة وأهمية االستعانة بالتعليم عن بعد باعتباره
والتكوين (التعلم عن بعد ،التعلم مدى الحياة…) بهدف إتاحة الفرصة ألكبر عدد
وأنظمة االتصال وما توفره من خدمات وتطبيقات من قبيل التبادل اآلني للمعلومات
الرقمية347.. واألفكار ،واملؤتمرات عن طريق الفيديو ،والتعلم عن بعد واملكتبات
إذ يلزم الحكومة أن تتخذ جميع التدابير الالزمة واملناسبة لتمكين مؤسسات التربية
ووسائط التدريس والتعلم والبحث في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ،وال
-347وزارة الرتبية الوطنية ،امليثاق الوطين للرتبية والتكوين ،ادلعامة العارشة ،املادة.991 :
وتحسين مردوديتها؛
املجال؛
الحضوري348. .1تنمیة وتطویر التعلم عن بعد،باعتباره مكمال للتعلم
الشك أن التعليم عن بعد فرض نفسه بقوة كبيرة نتيجة جائحة كورونا ،لكن
هذا االنتقال يتطلب كذلك مرونة كبيرة في التعامل مع املتعلمين،إضافة إلى الحاجة
إلى فريق لوجستي يواكب املعلمين من خالل طرق تفكير إبداعية تساعدهم على
من هذا املنطلق نرى أن التطرق إلى التجارب املقارنة في هذا الشأن من شأنه
أن يعطينا رؤية استشرافية ملستقبل التعليم عن بعد باملغرب من خالل الوقوف
على االيجابيات التي تزخر بها هذه التجارب ،بغية الحدو حدوها مستقبال ،وهو
يعد التعليم عن بعد أحد املفاهيم والتقنيات الحديثة للتعلم بكافة مستوياته،
وقد أصبح هذا النوع من التعليم ركنا مهما لالقتصاد املعرفي ،349ومن الجدير بالذكر
-348قانون – اطار رمق 29.95يتعلق مبنظومة الرتبية والتكوين والبحث العلمي ،الباب اخلامس ،املادة.33 :
-349اقتصاد املعرفة هو الاقتصاد املعمتد عىل ةناعة وتداول وتقيمي املعرفة؛ حيث تقل فيه الأمهية املرتتبة عىل تاكليف العامةل ،كام ال يس تخدم
املفاهمي التقليدية لالقتصاد ،مثل الندرة يف املواد ،ويعرف اقتصاد املعرفة بأأنه نوع من أأنواع الاقتصاد اذلي يعمتد منوه عىل نوعية ومكية املعلومات
املتاحة ،والقدرة عىل الوةول اليه.
أن التعليم عن بعد ،أو ما يسمى أحيانا التعلم اإللكتروني أو التعلم عبر اإلنترنيت ال
يعني تدريس املناهج وتخزينها على أقراص مدمجة ،ولكن جوهر التعليم عن بعد هو
النمط التفاعلي ،حيث يعني وجود مناقشات متبادلة بين الطلبة وبعضهم ،والتفاعل
مع املحاضر .فهناك دائما معلم يتواصل مع الطالب ،ويحدد مهامهم واختياراتهم.350
وفي هذا اإلطار يمكن استعراض بعض التجارب الناجحة في هذا املجال.
ونتيجة تزايد اإلقبال على الدورات الدراسية املقدمة عبر نظام التعليم عن
بعد ،فقد شجع ذلك جامعات أمريكية مرموقة -مثل :استانفورد ،وبيركلي،
على تقديم دورات تعليمية عبر اإلنترنت ألولئك الذين يفضلون هذه الطريقة وال
-350اميان خفري ،جتارب "التعلمي عن بعد" الحتواء ا ألزمات العاملية ،اترخي النرش ا ألحد 92مارس ،8181اترخي الاطالع ،83/19/8189
/https://futureuae.com
-351نفس املرجع.
والتكوين في أوروبا والعالم الفرنكفوني ،وهو مؤسسة وطنية عامة ذات طابع إداري
تحت إشراف وزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي ،ويعتمد املناهج الرسمية،
وتعترف السلطات بالشهادات التي يمنحها املركز ،لذلك تتعامل معه الكثير من
مؤسسات التعليم املهتمة باملناهج الفرنسية ،وتتلخص مهام املركز كما أشار إليها
تقنيات االتصال الحديثة واعتماد تكنولوجيا التعليم ،وضمان مسار تعليمي لكل
فتتمثل في: املركز353 فرد بما يناسبه مهما كان وضعه .أما استراتيجيات
-املرونة في توفير التعليم عن بعد ،فاملركز يوفر دروسا كاملة معتمدا على
-توفير املادة التعليمية على شكل رقمي ليسهل اقتناؤها واستخدامها على
-352عبد اجلود بكر،قراءات يف التعلمي عن بعد،دار الوفاء دلنيا الطباعة والنرش ،الاسكندرية،ط ،9س نة ،8119ص .2
-353نفس املرجع ،ص .5
-354املقصود دها هو الاس تفادة من لك وسائل التكنولوجيا احلديثة خلدمة العملية التعلميية.
لدعم وتطوير شبكة من مؤسسات برامج اللغة الفرنسية في الخارج وذلك لضمان
استمرارية عروض املدرسة الفرنسية في جميع السياقات بما في ذلك في حالة وجود
أزمات.
لقد بدأت مرحلة بناء التعليم عن بعد في ماليزيا من عام 3221من خالل
مشروع الحاسوب التعليمي ،فقد تم توزيع حواسيب على ستين مدرسة وإعدادية
على مستوى ماليزيا كاملة لكنه لم يكن ذو جدوى حاله حال كثير من التجارب املثيلة
في كثير من دول العالم ،وأعادت ماليزيا الكرة في عام 3226فكانت النتائج أفضل
ومازالت البنية التحتية اإللكترونية للتعليم في ماليزيا تتطور وإن كان بشكل بطيء.
لكن عند الحاجة لهذه املعدات في فترة جائحة كورونا كانت األرضية التعليمية
قد أخذت زخرفتها وأصبح يمكن االستعانة بها لتحقيق االستمرارية البيداغوجية.
وما يثير الدهشة في التجربة املاليزية هو أنه بالرغم من وجود املعدات التعليمية
التكنولوجية إال أن الفعالية والنجاح الظاهر يعود بدرجة أولى لفرسان املعرفة،
بحيث قرر املتعلمون أن ينجحوا في اختبار كورونا على حساب أوقات راحتهم وأوقات
فضاء355. أسرهم فلم يعد للدرس وقت بل أوقات ولم يعد للتدريس فصل بل
-355عبد الرحمي أأةليح،التعلمي عن بعد يف زمن كوروان...التجربة املالزيية،اترخي النرش ،91/12/8181اترخي الاطالع ،89/19/8189
/https://www.aljazeera.net
خاتمة:
لقد أكدت جائحة كوفيد ،32بما ال يدع مجاال للشك أن التعليم عن بعد لم
يعد ترفا ،بل أصبح ضرورة وشرطا ملواجهة الطوارئ خصوصا مع ما يتهدد العالم
من أوبئة قد تفرض على الدول مزيدا من التباعد والعزل ،ذلك أن أغلبية األبحاث
تؤكد على أن التعليم عن بعد سيكون حاضرا بقوة في املستقبل القريب باعتباره
أحد الشروط الالزمة لولوج مجتمع املعرفة ،وعليه فاململكة املغربية أصبح لزاما
عليها تطوير تجربة التعليم عن بعد وتوسيع قاعدة املستفيدين منها،األمر الذي
سيساهم في تحقيق دمقرطة التعليم وتكافؤ الفرص وهذا لن يتأتى إال إذا تم:
-تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص ،وتوفير خدمات اإلنترنيت في
اإلنترنيت بهدف تأمين الوصول املجاني إلى جميع الخدمات التعليمية من خالل
تطبيق تقنية white listingعلى عناوين هذه الخدمات ،ليتكرس التعليم عن بعد
حقا للجميع.
الئحة املراجع:
عبد الرحيم الهرنان ،ملف شامل ومحكم عن التعليم عن بعد ،تاريخ النشر
هديل سرور ،الفرق بين التعليم عن بعد والتعليم اإللكتروني ،تاريخ النشر 82
حنان النحاس ،املدن الذكية دراسة للمفهوم واألسس ،تاريخ النشر 31يوليوز
استطاعت من خالله بناء حضارات مشرقة واقتصاديات قوية بالتركيز أساسا على
فمسألة إصالح التعليم عموما ،والتعليم العالي على وجه الخصوص تعتبر
عملية طويلة األمد ،تتطلب تحديد األهداف ومراقبة تطبيقها ،وأخذ العبرة من
تجارب اآلخرين واالستناد على ممارسات صحيحة ،وال يوجد حرج ألي شخص أو أمة
إذا اتبعوا أساليب نجحت عند غيرهم ،فلقد قامت الواليات املتحدة بنقل أساليب
األفضل فيما يتعلق بكل منطقة ،شريطة أن ال يكون الهدف هو نسخ التجارب ،وإنما
وقد حققت العديد من الدول طفرة تعليمية كبيرة ،ومنها اليابان وعدد من
دول شمال أوروبا ،وأبرزها فنلندا ودول أخرى مثل سنغافورة ،فهذه الدول سبقت
إلى فلسفة التعليم املعنية باإلبداع ونشر قيم التقدم ،وإذا كانت النماذج الثالثة
لفنلندا وسنغافورة واليابان بعيدة عن الواقع املغربي ،فهناك نماذج أخرى يمكن
محاكاتها ،ولنا في التجربة املاليزية في إصالح التعليم أكبر الدروس .لقد نجحت ماليزيا
فيما فشلت فيه دول كثيرة ،خاصة ما يتعلق بالتوفيق بين التفوق العلمي والنهضة
االقتصادية وبين الحفاظ على الهوية اإلسالمية ،وهذا ما جعلها في التعليم تجربة
فريدة وجديرة بالدراسة واإلقتداء واالستلهام ،وهو األمر الذي يمكن من خالله
التساؤل حول حدود نجاح النظام التعليمي بماليزيا في بلورة نموذج تربوي قائم على
وناجحة .وقبل التطرق إلى مضامين وفحوى التجربة املاليزية في قطاع التعليم ،نرى
أنه من الضروري التذكير بأهم مبررات اختيارنا لهذه التجربة ،وتركيزنا عليها دون
قدرة التجربة اإلصالحية بماليزيا على التوفيق بين التفوق العلمي والنهضة
وتعتبر التجربة املاليزية من التجارب الناجحة القليلة التي يجب النظر لها بعمق،
ودراستها بشكل مستفيض ،لعلنا نجد ما يمكن أن نستفيد منه ونطبقه على
إن الحديث عن نظام التعليم في ماليزيا ،يمثل قصة النجاح التي عاشها هذا
ً
البلد اآلسيوي ،على اختالف املشارب املشكلة له ،معتمدا في ذلك على اإلرادة القوية
والتخطيط الدقيق املنظم ،فبعد أن كان هذا البلد يعاني من تبعات الصراعات
العرقية ،ومخلفات سنوات االستعمار ،استطاع بفضل نظامه التعليمي املتميز أن
-356المغرب حصل على استقالله سنة 8856فيما حصلت ماليزيا على استقاللها بعد ذلك بسنة واحدة وبالضبط في 08
غشت .8857
-357بلغ عدد سكان ماليزيا حسب إحصاء 8089حوالي 00مليون نسمة ،في حين بلغ تعداد الساكنة بالمغرب 00,8
مليون نسمة حسب اإلحصاء العام لسنة .2014
يحقق الوحدة الوطنية ،والنمو االقتصادي الكبير ،من خالل االستثمار أساسا في
فقد نجحت ماليزيا في تأسيس نظام تعليمي قوي ،ساعد على تلبية حاجاتها
من القوة العاملة عالية التكوين ،من خالل املساهمة في عملية التحول االقتصادي
كما تبنت ماليزيا مقاربة ذكية تقوم على التوظيف الفعال للتعليم لبلوغ مرحلة
االقتصاد املعرفي القائم على تقنية املعلومات واالتصال ،وقد تداخلت مجموعة من
العوامل املؤثرة في بلورة النظام التعليمي املاليزي ،وفي وضع األسس الكفيلة بحسن
بإدارته وتطويره.
البريطاني ،الذي استهدف نشر الثقافة اإلنجليزية ،وإعداد فئة من املواطنين َيدينون
الواليات ،وشجعوا أفراد الشعب على االلتحاق بها ،على اعتبار أن من سيلتحق بها
سيتولى أعلى املناصب في البالد ،وكانت املناهج التعليمية في هذه املدارس تشبه إلى
حد كبير مناهج التعليم في املدارس اإلنجليزية في بريطانيا ،وقاموا كذلك بإلغاء اللغة
مختلفة إلصالح التعليم ،يدعم من خاللها كيانه ووجوده ،ويهادن بها القوى الوطنية
املطالبة بالتحرر ،وقد تكررت محاوالت اإلصالح والتطوير في هذه املرحلة حتى سميت
بمرحلة التطوير والتغيير ،أو كما عرفها البعض بالعهد التجديدي ،وذلك من خالل
-358التعليم والتنافسية في ماليزيا ،أحمد محمد نبوي ،مجلة العلوم التربوية العدد األول ،الجزء ،10يناير ،7102ص
.65
-تقرير "وين – وو" فقد ُشكلت لجنة ضمت الدكتور ( وين –وو ) الخبير املاليزي
ً ُ
في التعليم لدى األمم املتحدة ،وطلب من هذه اللجنة أن تضع تقريرا عن
التعليم الصيني بماليزيا ،بعدما اعترض الصينيون بشدة على بتقرير "برنيس"
ً ً
ورفضوه رفضا تاما بحجة أن تنفيذ مقترحات هذا التقرير سيؤدي إلى القضاء
املدارس الوطنية كما هي ،وأن يتم التعليم فيها باللغة املاليوية مع وجود اللغة
اإلنجليزية كلغة ثانية ،وجعل اللغة الهندية أو الصينية لغة ثالثة ،كما أوصت
اللجنة باإلبقاء على املدارس الصينية والهندية سواء الحكومية منها أو العامة
-تقرير التعليم لسنة 3254وهو التقرير الذي حث على ضرورة توحيد النظام
التعليمي في البالد ،وإيجاد مدارس لجميع األجناس حتى يتسنى تعليم أبناء
كما أكد التقرير على ضرورة إنشاء املدارس الثانوية الحديثة واملدارس
من التجربة البريطانية واليابانية في هذا املجال ،حيث أخذت النافع واملفيد
آسيا ،ويعتمد إلى حد كبير على إنتاج النفط واملطاط واألخشاب والقصدير ،إلى
جانب عدة أنواع من املحاصيل الزراعية ،مما جعلها دولة محدودة الدخل،
ولتحقيق أهداف ماليزيا في التغيير ،كان البد من توظيف التعليم في عمليات الحراك
ً ً ً ً
االقتصادي تحت شعار (ازرع تعليما قويا تحصد اقتصادا قويا) ،وقد ركزت البالد
بشكل كبير على التعليم الفني واملنهي في جميع املراحل الدراسية ،باإلضافة إلى
والجامعات.
-تحول اقتصاد البالد من قطاع زراعي تقليدي إلى قطاع صناعي ،جعلها تفكر
في إيجاد نظام تعليمي قوي يساعد على تلبية الحاجة املتزايدة إلى قوة العمل
املاهرة؛
البشري؛
-تبني الحكومة املاليزية للخطة الطموحة بهدف الوصول بماليزيا إلى مجتمع
التعدد جعل البالد تفكر في إيجاد حلول للتخلص من املشاكل املتولدة عن ذلك
باستمرار ،وتوصلت إلى أن يقوم التعليم على أساس التنوع خالل املرحلة االبتدائية،
وقد كانت الوحدة املستقبلية للشعب املتعدد األعراق أهم وأكبر تحديات
ُ
املسؤولين املاليزيين ،لذا فقد شكلت لجنة في عام ُ 3256عهد إليها بوضع سياسة
تعليمية تهدف إلى تنمية الشعور الوطني في التعليم ،وأدى ذلك إلى صدور قانون
التعليم سنة ،3259والذي ألزم جميع املدارس االبتدائية باستعمال اللغات املاليزية
الثانوية للغة املاليزية واإلنجليزية بصفة مؤقتة فقط ،باإلضافة إلى التأكيد على
يضاف إلى كل ذلك أن فلسفة التربية في ماليزيا استندت إلى الفلسفة اإلسالمية
الوزراء األسبق الدكتور (مهاتير محمد) دوره العظيم في نهضة ماليزيا الحديثة ،وله
ً
أيضا تأثيره الكبير على السياسة التعليمية املاليزية.
ويتضح مما سبق مدى تأثير العوامل السابقة ،وإسهامها في جعل ماليزيا تمتلك
ً ً ً
نظاما تعليميا قويا ساعدها على تلبية الحاجة من قوة العمل املاهرة ،كما أسهم
هذا النظام بفعالية كبيرة في عملية التحول من قطاع زراعي تقليدي إلى قطاع
صناعي حديث ،يوظف التعليم اليوم كأداة حاسمة لبلوغ مرحلة االقتصاد املعرفي
إدارة التعليم في ماليزيا مركزية قومية ،ويشكل هذا القطاع أحد أهم
أربع مستويات:359
تتولى وزارة التربية بماليزيا املسؤولة األولى في عملية ترجمة السياسة التعليمية
ً
إلى خطط وبرامج ومشروعات تربوية وفقا للطموحات واألهداف القومية املرسومة،
ً
وتضع الوزارة أيضا اإلرشادات الخاصة بتنفيذ وإدارة برامج التعليم على املستوى
-359زكي أحمد عبد الفتاح" ،التربية المقارنة ونظم التعليم" ،دار الوفاء للطباعة والنشر ،الطبعة األولى ،اإلسكندرية ،7112
ص .62
الفيدرالي/املركزي ،ويرأس وزارة التربية بماليزيا وزير للتربية يعاونه اثنين من الوكالء
إلى جانب املدير العام املكلف بإدارة الشؤون اإلدارية بالوزارة ،والسكرتير العام
للتعليم املسؤول عن األمور اإلدارية بالوزارة ،وتتبع وزارة التربية املاليزية نظام
اللجان في إجراءاتها التخاذ القرار ،وتعد لجنة التخطيط التربوي أعلى جهاز التخاذ
ً
القرار ويرأسها وزير التربية .وتتكون وزارة التربية املاليزية من ( )81قسما ( )38منها
تتوفر ماليزيا على 34والية ،يوجد في كل واحدة منها إدارة للتعليم يرأسها مدير
الوالية ،وتتحدد الوظيفة اإلدارية الرئيسية إلدارة التعليم على مستوى الوالية في
تنظيم وتنسيق وإدارة املدارس داخل املجال الترابي للوالية ،وتدبير املوظفين والهيئة
التعليمية والشؤون املالية وتطوير املباني ،وتتولى هذه اإلدارة أيضا مسؤولية
اإلشراف على تنفيذ البرامج التعليمية في الوالية وصياغة وتنفيذ خطط التطوير
التربوي بالوالية .وتزود هذه اإلدارة وزارة التربية املاليزية باملعلومات الكاملة عن السير
وتشكل حلقة الوصل بين املدرسة وإدارة التعليم في الوالية ،وتساعد هذه املكاتب في
يتولى املدير إدارة األعمال اليومية باملدرسة ويعينه في ذلك مساعد واحد،
وتتحدد واجبات املدير بشكل أساس ي في إدارة املدرسة بشكل عام ،واإلشراف على
ً
تطبيق املناهج الدراسية وفقا لسياسة التعليم الوطنية وبرامج التعليم ،عالوة على
ً
إشرافه على األنشطة املنهجية املصاحبة وتعزيزها وقيادة املدرسة مهنيا ،ويوجد في
كل مدرسة في ماليزيا جمعية لآلباء واملعلمين ،حيث تقدم هذه الجمعيات الدعم
واملساعدة في إدارة املدرسة ،تساعد على تعزيز التعاون بين املدرسة واملجتمع.
للدراسات املاليزية.
الجهل والتخلف ،حيث خضعت لوطأة االستعمار الغربي ملدة خمسمائة عام ،بداية
بداية الحراك املجتمعي نحو النهضة مع ظهور حركات التجديد واإلصالح ملواجهة
االنتشار الكبير للجهل واألمية ،ويبقى أهم البرامج اإلصالحية هو "مشروع ماليزيا
"8181باعتباره برنامجا إصالحيا شامال ،وضعه رئيس الوزراء املاليزي "مهاتير محمد"
والذي دعا فيه أن تصل ماليزيا ألعلى درجات التقدم الشامل مع حلول سنة
،3608181من خالل وضع التعليم العالي والبحث العلمي على رأس أولويات هذا
ارتكز "مشروع ماليزيا "8181الذي وضعه رئيس الوزراء مهاتير محمد على
ميدان التربية والتعليم ،باعتباره قطاعا محوريا ومحركا لكل القطاعات األخرى،
حيث وضع التعليم العالي والبحث العلمي على رأس األولويات ،فقامت الحكومة
املاليزية بزيادة املخصصات املالية للتعليم ،والذي أصبحت توجه له حوالي 84في
-360محمد صادق إسماعيل ،التجربة الماليزية "مهاتير محمد والصحوة االقتصادية" ،العربي للنشر والتوزيع 7102 ،ص
.722
املائة من إجمالي النفقات الحكومية ،ويتم إنفاق هذه املبالغ على بناء املدارس
ومنح قروض ملواصلة التعليم العالي داخل وخارج البالد وتشجيع مشاريع البحث
العلمي.361
يتميز النظام التعليمي بماليزيا بتوفره على مرحلة تعليمية فريدة ،تعرف بمرحلة
التعليم قبل الجامعي أو برنامج امتحان القبول في الجامعات ،362وهو عبارة عن
صفوف وأقسام تحضيرية مصممة بشكل خاص لتمكين الطالب الجدد من تقديم
االمتحانات التي تعقدها جامعات معينة لتحقيق متطلبات القبول بها ،ومدة
الدراسة في هذا البرنامج تتراوح ما بين سنة إلى سنتين حسب الجامعة التي تقدم
البرنامج ،وهذه املرحلة هي مرحلة انتقائية ،حيث تختار طالبها من املتفوقين من بين
خريجي املرحلة الثانوية الدنيا ،أما غير املتفوقين أو الذين يحصلون على درجات أقل
إلى العراقيل واملشاكل التي قد تواجه الطلبة الجدد ،وصعوبة أو بطئ اندماجهم في
الحياة الجامعية ،لذلك يتم إعداد الطلبة املاليزيين لاللتحاق بالجامعات الوطنية
-361عبد الحفيظ الصاوي" ،قراءة في التجربة التنموية الماليزية" ،عدد ،95سنة ،8080الكويت.
-362الصالح فائقة سعيد" .التعليم في دول جنوب شرق آسيا" ،سلسلة نظم التعليم في العالم ،الطبعة األولى ،و ازرة التربية
والتعليم البحرين 0111 ،ص .88
ُوي َوجه الطالب في مستوى الثانوية العليا إلى تحصيل املزيد من مواد
التخصص ،السيما التعليم التقني واملنهي ،وتعتبر اللغة الصينية و اللغة التاميلية
مواد اختيارية إضافية في هذه املرحلة ،وتصنف هذه املواد االختيارية تحت أربعة
مجموعات هي :
العلوم اإلنسانية؛
املواد املهنية؛
التكنولوجيا والعلوم؛
التربية اإلسالمية.
وتدرس مادة الجغرافيا والتربية الفنية كمواد اختيارية ضمن مجموعة العلوم
ً
اإلنسانية ،كما تشمل املهارات الحياتية عددا مهما من املواد االختيارية ،مثل مبادئ
املحاسبة والعلوم الزراعية واالقتصاد املنزلي ،وهي املواد التي تقع ضمن مجموعة
-3التعليم العالي:
الوطنية واملعاهد العليا ،باإلضافة إلى فروع للجامعات األجنبية ،وتتوفر ماليزيا على
+فروع الجامعات األجنبية على أرض ماليزيا مثل جامعة موناش املاليزية،
َلت َمتعهم بالدعم املالي من الحكومة ،بينما طالب الجامعات الخاصة يدفعون
املصاريف كاملة.
وتوفر الجامعات املاليزية العديد من وسائل الدعم املالي للطلبة املاليزيين ،ألجل
مساعدتهم على استكمال تعليمهم العالي في بلدهم ،من خالل توفير القروض
َ
واملنح الدراسية على صعيدي القطاعين العام والخاص.
الطالبية ِ
-363الصالح فائقة سعيد" .التعليم في دول جنوب شرق آسيا" مرجع سابق ،ص . 82
ويقدم القطاع الخاص واملنظمات غير الحكومية املاليزية الدعم املالي لقطاع
التعليم العالي عن طريق منح دراسية ،أو قروض طالبية أو مساعدات مادية.
وباملقابل هناك الكثير من مؤسسات التعليم العالي التي توفر برامج اإلعفاء من
-8البحث العلمي:
شهد البحث العلمي بماليزيا طفرة كبيرة وذلك تفعيال ملضامين "مشروع ماليزيا
"8181من أجل جعلها دولة صناعية كبرى ،وقد ركزت وزارة التعليم العالي بماليزيا
على إستراتيجية للبحث العلمي بمراكز البحوث على مستوى الجامعات ،وخصصت
دعما ماليا للبحوث العلمية في كل املجاالت ،وسعت الرؤية التي وضعتها ماليزيا إلى
تحقيق التميز في التعليم والبحث العلمي املبدع ،وتلبية حاجات املجتمع ،والسعي
نحو الوصول إلى آخر املستجدات التقنية وتطبيقها على نحو يتيح االرتقاء بجودة
وما يميز املنظومة التربوية بماليزيا أن البحث العلمي ليس تابعا لوزارة التعليم
العالي ،بل يخضع لوصاية وزارة العلوم والتكنولوجيا ،وقد ارتقت مخصصات
البحث العلمي من 651مليون دوالر سنة 8118إلى 2,6مليار دوالر سنة ،3648131
رغبة من الدولة في إرساء أسس قوية لتنمية اقتصادية كبيرة يلعب فيها التعليم
والبحث العلمي دورا محوريا ،وهكذا فإن 62.6باملائة من تلك النفقات تصرف على
-364القنصلية الماليزية ،النظام التربوي الوطني ،الدليل اإلرشادي للدراسات الماليزية ( ،باللغة اإلنجليزية )5117 ،م.
البحوث التطبيقية ،و 81باملائة على البحوث العلمية ذات الطبيعة التجريبية ،فيما
والبد من اإلشارة هنا ،أن هناك قطاعات معينة تستفيد من قدر كبير من
وبفضل الشراكة املتينة التي تجمع بين الدولة املاليزية والقطاع الخاص،
وأيضا بفضل قوة هذا األخير ،فإن 65.6باملائة من نفقات تمويل البحث العلمي
ويظهر جليا أن الحكومة املاليزية كانت موفقة في تقوية العالقة بين مراكز
البحوث والجامعات وبين القطاع الخاص ،بحيث فتحت املجال الستخدام أنشطة
البحث العلمي لخدمة األغراض التجارية ،ومن ثم لم تعد مطالبة بدعم األنشطة
البحثية بمفردها ،بل يشاركها في ذلك مؤسسات القطاع الخاص ،وبذلك قضت على
أصبحت التجربة املاليزية اليوم نموذجا ناجحا ويصدر إلى باقي دول العالم،
-365مارك براي" .التعليم في آسيا تمويل التعليم العالي األنماط واالتجاهات واالختيارات" ترجمة :أحمد عطية ،مجلة مستقبليات
التربية ،العدد رقم ( ، )002مكتبة التربية الدولية جنيف سنة .5111
واالقتصادية ،والتي ساعدت مجتمعة على نجاح التجربة وريادتها على املستوى
التعليمي الدولي.
ساعدت مجتمعة على تحقيق ما تم التخطيط له ،وهذه العوامل منها ما هو سياس ي
وما هو اقتصادي:
وتتجلى في املناخ السياس ي املستقر الذي تعرفه ماليزيا ،إذ كان حاسما في تهيئة
أسس عرقية ،وهو األمر الذي جعل سياسة ماليزيا توصف بالديموقراطية في جميع
األحوال .إن هذا العامل له ارتباط وثيق بسابقه ،ويتحدد في دور الدولة في النشاط
في األحزاب املاليزية املتعددة ،والتي توفر أوسع مشاركة ممكنة للمواطنين في مناقشة
النووية ،وقيادتها لحملة واسعة أثمرت عن توقيع دول جنوب شرق آسيا العشر
املشكلة ل "تجمع األسيان" في العام 3225م على وثيقة إعالن منطقة جنوب شرق
آسيا منطقة خالية من السالح النووي ،وهو األمر الذي مكن من توجيه التمويل
ً
املتوفر للتنمية بشكل أساس ي بدال من اإلنفاق على التسلح وأسلحة الدمار الشامل.
ينضاف إلى ما سبق انتهاج ماليزيا لسياسة تنموية تركز بدرجة كبيرة على االعتماد
على سكان البالد األصليين الذين يمثل املسلمون غالبيتهم .كما أنها وضعت رؤية
مستقبلية للتنمية والنشاط االقتصادي منذ االستقالل وحتى اآلن ،من خالل خطط
متتابعة ومتكاملة كل خمس سنوات منذ االستقالل وحتى اليوم ،الش يء الذي مكنها
من الولوج املبكر والسلس إلى القرن الواحد والعشرين ،من خالل التخطيط ملاليزيا
.8181
التحتية ،والتي هي سبيل االقتصاد إلى نمو مستقر ،وهو األمر الذي ساهم في الرفع
من ترتيب ماليزيا ،لتصبح ضمن دول االقتصاد الخمس األولى في العالم في مجال
قوة االقتصاد الوطني .باإلضافة إلى تحسن املؤشرات االجتماعية لرأس املال البشري
املاليزي ،من خالل تحسين األحوال املعيشية والتعليمية والصحية للسكان ،سواء
كانوا من املواطنين املاليزيين أو من املهاجرين ،وهو األمر الذي ساعده تنوع في البنية
لقد تعاملت الحكومة املاليزية بحذر شديد مع االستثمار األجنبي املباشر حتى
منتصف الثمانينيات ،ثم سمحت له بعد ذلك بالدخول ،ولكن وفق شروط تصب
بشكل أساس ي في صالح االقتصاد الوطني ،كعدم منافسة الصناعات الوطنية من
طرف السلع التي ينتجها املستثمر األجنبي ،والسماح للشركات األجنبية التي يصل
رأس مالها أو يتجاوز 8مليون دوالر باستقدام خمسة أجانب فقط لشغل بعض
الوظائف في الشركة ،وذلك من أجل فسح املجال أمام الطاقات الوطنية ،مع إلزامية
أن تقوم هذه الشركات األجنبية بتصدير 51باملائة على األقل من جملة ما تنتجه؛
تمثل التجربة التعليمية والتنموية بماليزيا نموذجا ناجحا يمكن االقتداء به،
خاصة من لدن املجتمعات العربية املسلمة ،ويرجع نجاح التجربة املاليزية إلى تحديد
الدولة الدقيق ألولوياتها ،بحيث وضعت التعليم والبحث العلمي على رأس أولوياتها،
ومن ثم خصصت أكبر قسم من امليزانية لتدريب وتأهيل العنصر البشري والتربية
والتعليم ومحو األمية وتعليم اللغات والبحوث العلمية وإرسال عشرات اآلالف من
-االعتماد على الذات في بناء التجارب التنموية ،وقد تحقق ذلك بفضل
-التنمية البشرية ورفع كفاءة رأس املال البشري ،فاإلنسان هو عماد التنمية؛
-التوزيع العادل واملتوازن للتنمية على جميع مناطق البالد ،وعدم االهتمام
املشتركة بما يؤدي إلى قوة واستقالل هذه الكيانات في املحيط الدولي.
وخالصة القول ،فإن نجاح أي نظام تعليمي ،يجب أن يعتمد في املقام األول
على التخطيط املرتكز على تطوير الطاقات البشرية وترقية ملكاتها الفكرية ومهاراتها
وبه يبدأ التطوير وإليه ينتهي التنفيذ ،ولعل ما حققته ماليزيا من نمو اقتصادي
فاستفادت من تجاربها.
وخالصة القول؛ لقد استطاعت ماليزيا خالل فترة زمنية لم تتجاوز عقدين من
-366مهاتبر محمد" .طبيب في رئاسة الوزراء" ،مذكرات الدكتور مهتير محمد ،ترجمة وتحقيق أمين األيوبي ،الشبكة العربية
لألبحاث والنشر ،7102 ،ص .712
من دولة زراعية تعتمد على إنتاج وتصدير املواد األولية ،واستهالكية لكل ما ينتجه
الخارج ،إلى دولة من أهم دول العالم املنتجة واملصدرة للتكنولوجيا ،بحيث يساهم
القطاع الصناعي بنحو 21باملائة من الناتج املحلي اإلجمالي ،كما انتقل دخل الفرد
ً
من 311دوالر سنويا في عام 3223عندما تسلم مهاتير محمد الحكم إلى 36ألف دوالر
ً ً
سنويا ،وانتقل االحتياطي النقدي من 1مليارات إلى 22مليارا ،ووصل حجم
الصادرات إلى 811مليار دوالر ،367وهو األمر الذي أهل ماليزيا لتحتل مكانة متميزة
نعتقد أن الوقت قد حان لتبني مقاربات وآليات موازية جديدة ،كاالنفتاح على بعض
كل ذلك سيساهم حتما في تأهيل الجامعة املغربية وجعلها قادرة على مواجهة
التحديات الخارجية ،والولوج السلس "لجامعة املستقبل" ،وهي التحديات التي نجد
على رأسها مواجهة التنافس الدولي بين الجامعات العاملي في ظل عوملة التعليم
باإلضافة إلى تحدي ولوج مجتمع املعرفة وتقليص الفوارق الرقمية بين الجامعات
املغربية ونظيراتها العاملية ،يضاف إلى كل ذلك تحديات على املستوى الداخلي من
-367تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج اإلنمائي لألمم المتحدة لعام .8008
قبيل مساهمة الجامعة املغربية في عملية التحول الديمقراطي للمجتمع املغربي ،ثم
تحدي استحضار مقومات الجودة في جميع الخدمات التي تقدمها الجامعة املغربية
الئحة املراجع:
زكي أحمد عبد الفتاح" ،التربية املقارنة ونظم التعليم" ،دار الوفاء للطباعة
والنشر ،الطبعة األولى ،اإلسكندرية .8114
محمد صادق إسماعيل ،التجربة املاليزية "مهاتير محمد والصحوة
االقتصادية" ،العربي للنشر والتوزيع.8134 ،
الصالح فائقة سعيد" .التعليم في دول جنوب شرق آسيا" ،سلسلة نظم التعليم
في العالم ،الطبعة األولى ،وزارة التربية والتعليم البحرين.3222 ،
مارك براي" .التعليم في آسيا تمويل التعليم العالي األنماط واالتجاهات
واالختيارات" ترجمة :أحمد عطية ،مجلة مستقبليات التربية ،العدد رقم (، )335
مكتبة التربية الدولية جنيف سنة .8111
مهاتبر محمد" .طبيب في رئاسة الوزراء" ،مذكرات الدكتور مهتير محمد ،ترجمة
وتحقيق أمين األيوبي ،الشبكة العربية لألبحاث والنشر.8134 ،
الدمار الكبير الذي أفرزته ،تبلورت لدى املجتمع الدولي فكرة إنشاء جهاز قضائي
ملحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية؛ من قبل املنظمات العاملية ومن خالل االتفاقيات
الدولية وبعض توصيات األمم املتحدة ،وبناء على ما سبق فقد تم تشكيل محاكم
368براهيني صفيان :مذكرة لنيل شهادة الماجستير في عنوان دور المحكمة الجنائية الدولة في مكافحة الجرائم الدولية ،سنة 7100
ص.02 :
وعليه ،يمكن القول بأن املجتمع الدولي عرف صنفين من املحاكم الدولية
املؤقة محاكم جنائية دولية عسكرية والتي أسست على يد املنتصرين بعد الحرب
العاملية ،ومحاكم جنائية دولية خاصة التي أنشأت بموجب قرارات مجلس األمن.
للمجرمين ،إذ أنها تنظر في الجرائم بأثر رجعي وضمان ردع مرتكبي الجرائم الدولية
املنصوص عليها في القانون أو النظام األساس ي لها ،وتكمن أهمية إنشاء املحاكم
الجنائية الدولية املؤقتة سواء العسكرية أو الخاصة في تعزيز األمن الدولي العام
وأيضا ملحاربة جميع أشكال العنف والقهر ضد اإلنسانية جمعاء وعدم اإلفالت من
العقوبة.
وعلى ذلك فإن دراستنا لهذا املوضوع تنطلق من إشكالية رئيسية نتساءل من
خاللها عن ماهية نطاق اختصاص القضاء الجنائي الدولي املؤقت؟ والتي تفرعت
منها مجموعة من اإلشكاليات الثانوية التي تكمن في ماهية ظروف نشأة املحاكم
(املبحث الثاني).
سنقسمها إلى ثالث مطالب ،حيث سنخصص املطلب األول ملحكمة ليبزج 3232بينما
في أعقاب الحرب العاملية األولى شكلت الدول املتحالفة واملنتصرة في الحرب
االعتداء وجرائم الحرب ،وخلصت اللجنة إلى تحديد تلك املسؤولية مقررة أنه
بالنسبة لشن الحرب مسؤولية أدبية لعدم وجود قانون دولي سابق يجرمها ويضع
العقوبات الجنائية لها ،فرأت سدا لهذا النقص وضع جزاء جنائي عن مثل هذه
األفعال في املستقبل.370
وانتهت أعمال اللجنة في مؤتمرها املنعقد سنة 3232إلى إبرام معاهدة السالم
في باريس التي نصت على إنشاء محكمة جنائية دولية ملحاكمة قيصر أملانيا غليوم
الثاني ،وقد ضمت اللجنة في عضويتها ممثلين اثنين عن كل دولة من الدول الخمس
369يوسف صبرينة ،االختصاص القضائي في تجريم بعض األفعال بين المجال المحفوظ للدول والتوجه المعاصر نحو العالمية ،مذكرة
لنيل شهادة الماجستير فرع القانون الدولي العام ،صفحة .01
370محمد محي الدين عوض ،دراسات في القانون الدولي الجنائي ،مجلة القانون واالقتصاد ،صفحة 21و .61
إيطاليا ،اليابان).
املالحظ أن تشكيل محكمة ليبزج جاء النص عليه في معاهدة فرساي لسنة
املحكمة ،وإعماال لنص هاتين املادتين تم تشكيل محكمة مؤقتة من خمس قضاة
-االختصاص املوضوعي:
االختصاص الزماني:
حدد اختصاص محكمة ليبزج بالنظر في الجرائم املرتكبة أثناء الحرب العاملية
األولى.
371علي يوسف الشكري ،الخصائص المشتركة للمحاكم الدولية المؤقتة ،المختار للعلوم اإلنسانية العدد الثالث طبعة 7115 ،ص.028 :
372عبد الواحد الفار ،دور محكمة نورمبرج في تطوير فكرة المسؤولية الجنائية الدولية ،مجلة دراسات قانونية ،جامعة أسيوط 2سنة
0112ص.61 :
األحكام والعقوبات:
تعترف بحق الدولة املتحالفة واملتعاونة بتقديم األشخاص املتهمين بارتكابهم أفعاال
مخالفة لقوانين وأعراف الحرب للمثول أمام املحكمة العسكرية 373مما يعني أنه
-4األحكام والعقوبات
بموجب الئحة محكمة ليبزج يحق للمحكمة الحكم بالبراءة أو اإلدانة ،وتراوحت
األحكام التي أصدرتها ما بين ثالثة أشهر وأربع سنوات لكن لم يقض أي منهم مدة
محكوميته كاملة.374
ويالحظ أنه قد وجدت بعض العوائق والصعوبات التي واجهت املحكمة في
سبيل مباشرة اختصاصاتها ،كما ترتبت عليها نتائج غير مرضية وتشمل اآلتي:
هرب بعض املتهمين خارج حدود أملانيا (غليوم الثاني) ،ومن ثم صعوبة
محاكمتهم ،وأيضا وجود صعوبات تتعلق بكيفية إحضار الشهود أمام املحكمة،
باإلضافة إلى عدم التناسب بين األفعال اإلجرامية الشديدة والعقوبات التي قامت
تم بدء اإلعداد ملحاكمة مرتكبي جرائم الحرب العاملية الثانية من دول املحور
منذ تصريح سان جيمس في 31يناير 3248الذي انتهى بالتوقيع على اتفاقية تشكيل
لجنة األمم املتحدة لجرائم الحرب (UNWCC)Kحيث استطاعت هذه األخيرة تجميع
ثم بعد ذلك عقد مؤتمر موسكو في 11أكتوبر 3241الذي خلص إلى تحديد
الجرائم املرتكبة من طرف األملان على أقاليم البالد املحتلة ،حيث فرق بين طائفتين
من املجرمين أوال :املجرمين الذين ارتكبوا جرائم على إقليم دولة معينة يحاكم
هؤالء األشخاص طبقا لقانون هذه الدولة ،حتى لو ضبطوا على إقليم دولة أخرى،
فوجب تسليمهم لتلك الدولة ملحاكمتهم وثانيا :فئة كبار املجرمين الذين ليس
لجرائمهم حدود جغرافية معينة ،بل انعكست آثار أفعالهم على أكثر من دولة
ومباشرة بعد نهاية الحرب العاملية الثانية واستسالم األملان ،عقد مؤتمر في
لندن انتهت أعماله إلى إنشاء محكمة عسكرية دولية بتاريخ 2غشت 3245أنيطت
376عبد الواحد الفار ،دور محكمة نورمبرغ في تطوير فكرة المسؤولية الجنائية الدولية ،مجلة دراسات قانونية ،ع ،02طبعة .0116
377بوهراوة رفيق ،اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية قسطنطينة 7102ص.06 :
بها مهمة محاكمة كبار مجرمي الحرب ،378وتم اختيار برلين مقرا لها ،إال أنها عقدت
كل جلساتها بمدينة نورمبرغ بسبب الدمار الذي شهدته مدينة برلين.
قضاة أصليين وأربع قضاة احتياطيين ،حيث تتولى كل دولة من الدول األربع
(الواليات املتحدة ،بريطانيا ،االتحاد السفياتي ،فرنسا) تعيين قاض ي ونائب له من
بين مواطنيها.
االختصاص املوضوعي
الدولية.
-جرائم الحرب :األفعال التي تخالف قوانين وعادات الحروب :قتل األسرى،
378علي يوسف الشكري – الخصائص المشتركة للمحاكم الدولية المؤقتة ،المختار للعلوم اإلنسانية العدد الثالث طبعة 7115ص 01
379علي عبد القادر القهوجي ،القانون الدولي الجنائي ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى ،لبنان ،7110 ،ص.722 :
تسيطر على الرايخ األملاني "اإلمبراطورية األملانية" ،381مجلس وزراء الرايخ ،هيئة
ورؤساء الحزب النازي ،منظمة (SchtzStaffel) S.Sأي وحدات وقائية مهمتها حماية
منشورين تحت لواء منظمة إجرامية ارتكبت جرائم دولية ،وليس بصفتهم
الشخصية.
االختصاص الزماني:
في جرائم الحرب وجرائم ضد السالم وجرائم ضد االنسانية املرتكبة من دول املحور
األوربية خالل الحرب العاملية الثانية ،وبالتالي فالنطاق الزماني تحدد في فترة الحرب
العاملية الثانية.
380أيت يوسف صبرينة ،االختصاص القضائي في تجريم بعض األفعال بين المجال المحفوظ للدول والتوجه المعاصر نحو العالمية،
مذكرة لنيل بحث الماجستير ،فرع القانون الدولي العام ،7102ص.20 :
381الموسوعة اإللكترونيةhttps:// ar.wikipedia.org//
382الموسوعة اإللكترونيةhttps:// ar.wikipedia.org//
االختصاص املكاني:
لم يتم تحديد نطاق مكاني الختصاص محكمة نورمبرغ ،بل ميز قانونها األساس ي
فقط بين االختصاص املنعقد للمحاكم الوطنية للدول املحتلة من طرف دول
املرتكبة على إقليمها فقط ،والثانية تختص في الجرائم التي ليس لها حدود جغرافية
معينة.
-4األحكام والعقوبات:
فيما لم يحاكم متمهمان واحد النتحاره قبل املحاكمة والثاني لظروفه الصحية.383
وأدانت أعضاء أربع منظمات من بين املنظمات السبع املتهمة وهي :منظمة
(SchtzStaffel) S.Sأي وحدات وقائية مهمتها حماية أودلف هتلر) ،ومنظمة S.D
-محكمة سياسية وال تلتزم الحياد نظرا لتشكيلتها املكونة من قضاة الحلفاء
املنتصرة384....
عرف القرن العشرين ارتكاب أبشع جرائم الحرب واإلبادة الجماعية ،وذلك
بسبب تطور التقنيات الحربية وزيادة قدرة الدول في منظوماتها الحربية ،وإلقاء
القنبلتين النوويتين على هيروشيما ونكازاكي في سنة ،3245مما أدى إلى خراب وهالك
وتوقيع جزاء عادل على موجرمي الحرب الكبار في اليابان ،وقد أنشأت هذه املحكمة
وفي نفس اليوم تمت املصادقة من طرف الجنرال على الئحة التنظيم اإلجرائي
للمحكمة ،وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يوجد اختالف جوهري بين الئحة محكمة طوكيو
384محمد بوبوش ،باحث جامعي في العالقات الدولية بالرباط ،مقال "محاكمات نورمبرغ...في ذكراها" منشور على
موقع http://www.marocdroit .com
385علي عبد القادر القهوجي القانون الدولي الجنائي ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى ،لبنان ،7110 ،ص.722 :
386من المالحظ أن إنشاء هذه المحكمة ،لم يعتمد على اتفاق ،ويعود ذلك لعدم رغبة الواليات المتحدة أن يكون لالتحاد السوفياتي أي
تأثير على إجراءات سير المحكمة.
تشكل محكمة طوكيو من أحد عشر قاضيا يمثلون إحدى عشر دولة (الواليات
نيوزلندا-الفلبين-الهند) بينهم عشر دول حاربوا اليابان ودولة واحدة حيادية هي
الهند ،وقد تم تعيين رئيس املحكمة من طرف القائد األعلى لجيوش الحلفاء.387
* االختصاص املوضوعي:
لقد تم تحديد نطاق اختصاص املحكمة منذ إنشائها بحيث نصت املادة
االختصاص الشخص ي
االختصاص الزماني:
387محمود شريف بسيوني ،المحكمة الجنائية-نشأتها ونظامها األساسي مع دراسة لتاريخ لجان التحقيق الدولية والمحاكم الجنائية السابقة،
،7117الطبعة الثانية ،ص.21-28 :
388أحمد بلقاسم "نحو إرساء نظام جنائي دولي"المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية ،جامعة الجزائر ،رقم 2الجزء
،26جزائر ،0112ص .0012
املحكمة تختص بمتابعة األشخاص الذين ارتكبوا جرائم ما بين 3يناير 3282
ويرجع سبب االختصاص الزماني للمحكمة ملا قبل الحرب العاملية الثانية إلى
قيام اليابان بالعديد من الحروب وتعذيب أسرى الحرب واملساجين وقيامها بتجارب
االختصاص املكاني:
األقص ى.
-4األحكام والعقوبات:
بدأ العمل في محكمة طوكيو في 1مايو 3246إلى غاية فاتح نوفمبر 3242وقد
أصدرت في مجمل أحكامها ،سبعة أحكام باإلعدام ،ستة عشر حكم بالسجن املؤبد،
وقد تم توجيهه عدة انتقادات لهذه املحكمة أولها أنها لم تنشأ بموجب معاهدة
دولية ولكن بناءا على قرار القائد األعلى للحلفاء في الشرق األقص ى ،ثانيها أن القضاة
في تشكيلتها يمثلون دولهم ،فهو ليس قاضيا مستقال ،وبذلك كانت املحكمة مسيسة
389محمود شريف بسيوني ،المحكمة الجنائية -نشأته ا ونظامها األساسي مع دراسة لتاريخ لجان التحقيق الدولية والمحاكم الجنائية السابقة،
،7117الطبعة الثانية ،ص.21 :
وقد أثر هذا االختبار على عدالة األحكام التي أصدرها هؤالء األعضاء ،ثالثهما أن
تنفيذ العقوبات الصادرة عن املحكمة كان محكوما بإرادة القائد األعلى للحلفاء،
إضافة إلى املحاكم الجنائية الدولية العسكرية املؤقتة التي تطرقنا لها في
املبحث السابق ،هناك محاكم جنائية دولية خاصة مؤقتة التي سنتناولها في هذا
جمهوريات هذا االتحاد الستقالل بنفسها ،لكن هذا التوجه لم يرق لجمهوريتي
صربيا والجبل األسود اللتين كانتا ترغبان في اإلبقاء على شكل من أشكال اإلتحاد
من هنا ثارت املنازعات املسلحة بين الصرب والكروات واملسلمين في جمهورية
البوسنا والهرسك ،وكان هذا الصراع في بدايته عبارة عن حرب أهلية ما لبثت أن
تحولت إلى صراع دولي أثر تدخل صربيا والجيل األسود ملساندة صرب البوسنة.390
ونتيجة لعدم التكافؤ من حيث القوة بين طرفي النزاع ،فقد ارتكب الصرب
الفضائع في مواجهة املسلمين فأبادوا القرى وقتلوا املدنيين األبرياء وشردوا آالف
علي يوسف الشكري :القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،طبعة ،7118الصفحة .25 390
السكان ومارسوا أشد أنواع التعذيب الجسدي والنفس ي من اغتصاب النساء وقتل
بحقوق اإلنسان وما تم ارتكابه من جرائم دولية ،فقد أصدر مجلس األمن في 36
أكتوبر 3228القرار رقم 921والذي أنشأ بموجبه لجنة الخبراء الخاصة بالتحقيق
الدولي اإلنساني.392
غشت 3224شغل املدعي العام مكتبه وأطلق القضاة على املحكمة اسم
جهاز االدعاء العام :يتكون هذا الجهاز من املدعي العام وموظفي املكتب.
قلم املحكمة :هو جهاز أنيط به مهمة إدارة املحكمة وتقديم الخدمات لها.
391المساعد علي يوسف الشكري ،عميد كلية الحقوق جامعة الكوفة ،مقال -الخصائص المشتركة للمحاكم الجنائية الدولية الصفحة .061
392عصام عبد الفتاح مطر :القضاء الجنائي الدولي :مبادئه ،فواعده الموضوعية واإلجرائية ،دار الجامعة الجديدة ،الصفحة .22
393محمود شريف بسيوني :المحكمة الجنائية نشأتها ونظامها األساسي 7117الصفحة .66
االختصاص املوضوعي:
القتل ،انتهاك قوانين وأعراف مثل استخدام أسلحة سامة وغيرها ،جريمة إبادة
الجنس البشري394.....
بالرجوع إلى النظام األساس ي ملحكمة يوغوسالفيا نجد أنه اقتصر اختصاص
-االختصاص الزماني
يوغوسالفيا بالنظر إلى الجرائم الواقعة على اإلقليم اليسوغوسالفي من يناير 3223
إلى .3958113
-االختصاص املكاني
-4األحكام والعقوبات
394علي يوسف الشكري :عميد كلية الحقوق جامعة الكوفة ،مقال –الخصائص المشتركة للمحاكم الجنائية الدولية الصفحة .066
- 395محمود شريف بسيوني ،المحكمة الجنائية نشأتها ونظامها األساسي ،7117 ،ص.55 :
- 396علي يوسف الشكري :عميد كلية الحقوق جامعة الكوفة ،مقال –خصائص المشتركة للمحاكم الجنائية الدولية ،ص.066 :
في اعتقادهم ال تحقق اإلصالج وأن تحقق الردع ،ولم تنص الئحة املحكمة إال على
عقوبات السحن.397
بسبب املجازر وأعمال القتل والتشريد التي وقعت في إقليم رواندا ،إثر النزاع
القبلي بين قبيلتي والهوتو ،أصدر مجلس األمن سنة 33224قراره رقم 215القاض ي
بإنشاء لجنة التحقيق ،للتأكد من وجود مجازر وإبادة للجنس البشري في تلك
الدولة ،وبعد أن ثبت للجنة قيام تلك االنتهاكات الخطيرة للقانون الدولي اإلنساني،
قدمت تقريرا مفصال ملجلس األمن عن األوضاع في هذا البلد اإلفريقي ،وبناء عليه
رواندا ،بحيث يكون مقر املحكمة بمدينة أورشا بتنزانيا ،وذلك من أجل البت في
تتألف املحكمة الجنائية الدولية برواندا ،من ثالث أجهزة هي دوائر للمحكمة
ومكتب املدعي العام وقلم املحكمة وعدد من القضاة منهم 36قاضيا دائما إضافة
- 397لالطالع أكثر على مضمون المحاكمات بالتفصيل وتواريخها يرجى زيارة الموقع اإللكتروني للمحمكمة اليوغوسالفية:
http://www..icty.org/fr
- 398روان صالح روان ،الجريمة الدول ية في القانون الجنائي الدولي ،مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه ،جامعة منتوري قسطنطينة ،كلية
الحقوق ،7118ص.276 :
إلى التشكيلة القضائية ،أربعة قضاة خاصين كحد أدنى ،ويتوزع القضاة على دوائر
املحكمة الثالث ودائرة االستئناف التي يتألف أعضائها من سبع قضاة يشترك خمسة
منهم في النظر في كل حالة استئناف منفردة ،ويقوم قلم املحكمة باملهام اإلدارية
-االختصاص املوضوعي
-الجرائم ضد اإلنسانية
غير اإلنسانية للمقاتلين النظاميين والبروتوكول اإلضافي الثاني امللحق بها عام 3299
-االختصاص الشخص ي
نص النظام األساس ي على االختصاص الشخص ي في املادة الخامسة منه ،بحيث
يكون للمحكمة الدولية اختصاص على األشخاص الطبيعيين ،كما أقر النظام
- 399هاتف محسن كاظم الركابي ،مدى مراعاة قانون المحكمة الجنائية الدولية لمعايير القانون الجنائي الدولي ،مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه،
األكاديمية العربية في الدنمرك ،7100ص.27 :
األساس ي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا من خالل مادته السادسة على ضرورة
-االختصاص الزماني
نص النظام األساس ي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا ،على أن هذه
بمعنى ال يمكن للمحكمة أن تنظر في الجرائم التي حدثت قبل هذا التاريخ وال بعده.
-االختصاص املكاني
التي وقعت في حدود الدولة على أن يمتد هذا االختصاص غلى الدول املجاورة إذا
-4األحكام والعقوبات
تجدر اإلشارة إلى أن املحكمة الجنائية الدولية أصدرت أولى أحكامها في سبتمبر
322ضد جون بول أكاييسو عمدة بلدة تابا برواندا ،402والذي واجه في بداية
1من اتفاقية جنيف لسنة ،3242اتخذت شكل القتل والتعذيب واملعاملة القاسية،
وفي وقت الحق أضاف املدعي العام ثالث تهم تتعلق بجرائم ضد اإلنسانية ،وانتهاكات
- 400خياطي مختار ،دور القضاء الجنائي الدولي في حماية حقوق اإلنسان ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير ،القانون األساسي والعلوم
السياسية فرع القانون الدولي العام ،7100ص 016 :و .015
- 401محمد صالح روان ،مرجع سابق ،ص.276 :
- 402خياطي مختار ،مرجع سابق ،ص.016 :
وفي سبتمبر ،3222أدت املحكمة أماييسو بارتكابه تسع جرائم ،حكم عليه
إضافة إلى محاكمة أكاييسو ،تم متابعة جان كامباندا والذي كان يشغل
منصب رئيس الحكومة املقتة برواندا بارتكابه جرائم إبادة جماعية ،والذي أقر بدوره
بأنه مذنب فيما يتعلق بست تهم ذات صلة بالجرائم املذكورة كسابقة العتراف متهم
أمام محكمة جنائية دولية بارتكابه ألعمال إبادة جماعية ،ومثل أكاييسو فإن
من املقبول بصفة عامة أن الحرب بسيراليون ،ترجع إلى 81مارس من سنة
،3223عندما قامت قوات الجبهة املوحدة الثورة بدخول سيراليون قادمة من
ففي 11نوفمبر 3226تم إبرام اتفاق أبيدجان للسالم ،وهو أول اتفاق سالم
بين حكومة سيراليون والجبهة املوحدة الثورية ،غير أن هذا االتفاق ما لبث أن تم
www.un.org/law.avl- 403
نقضه ،وذلك بسبب استئناف األعمال القتالية بين الطرفين وعلى نطاق واسع وقد
سجلت هذه الفترة حدوث انتهاكات جسيمة للقانون اإلنساني الدولي ومنها على وجه
لألطفال.
ثم في 6يناير ،3222وهو التاريخ الذي شنت فيه الجبهة املوحدة الثورية عملية
عسكرية للسيطرة على فريتاون ،واتسمت هذه الفترة ،بأخطر انتهاكات حقوق
وأمام األوضاع املذكورة ،تم إبرام اتفاق بين حكومة سيراليون واألمم املتحدة
بخصوص إنشاء محكمة خاصة من أجل مقاضاة األشخاص األكثر مسؤولية ،عن
االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني الدولي وجرائم أخرى خاضعة لقانون
سيراليون.
املحكمة تتشكل من دوائر ،وتتألف من دائرتي محاكمة ودائرة االستئناف ،ثم من
املحكمة تتشكل من دوائر وتتألف من دائرتي محاكمة ودائرة االستئناف ،ثم من
-االختصاص املوضوعي
الجماعي ،وعمليا اإلعدام بدون محاكمة ،والتشويه على نطاق واسع ،وبوجه خاص
بثر األيدي واألذرع واألرجل والشفاه وغيرها من أعضاء الجسد ،واالعتداء الجنس ي
-االختصاص الشخص ي
- 404المادة 00من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بسيراليون.
- 405مقتطف من تقرير األمين العام حول إنشاء المحكمة الجنائية الدولية بسيراليون.
األكبر من املسؤولية عن ارتكاب الجرائم ،األمر الذي يفهم منه على أنه إشارة إلى
حصر عدد املتهمين فيمن لديهم سلطة آمرة وربطه بمدى فداحة الجريمة وحجمها.
وتجدر اإلشارة كذلك إلى أن املسؤولية تشمل كذلك األطفال الذين تتراوح
أعمالهم بين 35و 32سنة وبرر امتداد االختصاص لهؤالء ،يكمن في مدى فداحة
-االختصاص الزمني
لسيراليون فإن املحكمة تختص بالنسبة للجرائم السالفة الذكر ،ابتداء من 1.1
نوفمبر ،4073226مع وجوب اإلشارة إلى أن االختصاص الزمني ترك مفتوحا إلى حين
للجرائم التي لم تبت فيها املحكمة للمحاكم الوطنية وذلك بعد التصرف في أصول
االختصاص املكاني
بالرجوع إلى مقتضيات املادة 3من النظام األساس ي للمحكمة الجنائية الدولية
لسيراليون ،يتضح أن للمحكمة اختصاصا على كافة الجرائم املرتكبة على أراض ي
سيراليون.409
سيراليون الوطنية ،ولها أسبقية عليها ،ونتيجة لذلك فلها السلطة في أن تطلب من
أي محكمة وطنية التنازل لها عن اختصاصها .410على أن هذه األسبقية مقصورة
املفترضين عن الهجوم واالعتداء الذي وقع في 34فبراير /شباط 8115الذي أدى إلى
اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ومقتل وجرح أشخاص آخرين،
وقد شكلت بناء على طلب من الحكومة اللبنانية تقدمت به إلى األمم املتحدة في 31
- 409راجع المادة 0من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية بسيراليون.
- 410راجع الفقرة الثانية من المادة 8من النظام األساسي للمحكمة الجنائي الدولية بسيراليون.
- 411مقتطف من تقرير األمين العام حول إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاص بسيراليون.
- 412النظام األساسي لمحكمة لبنان ،الصفحة األولى.
-مكتب الدفاع.
-قلم املحكمة
واملحكمة هيئة قضائية مستقلة تضم قضاة لبنانيين ودوليين ،وهي ليست
محكمة تابعة لألمم املتحدة وال جزءا من النظام القضائي اللبناني ،غير أنها تحاكم
-االختصاص املوضوعي
جريمة مقتل رئيس الوزراء اللبناني األسبق رفيق الحريري ومقتل أو إصابة
أشخاص آخرين.413
-االختصاص الشخص ي
مالحقة األشخاص املسؤولين عن الهجوم الذي أدى إلى مقتل رئيس الوزراء اللبناني
http://www.stl-tsl.org - 413
األسبق رفيق الحريري ،وكذلك مسؤولية كل شخص ساهم فيه كشريك أو تنظيمه
-االختصاص الزماني
كل الهجمات التي وقعت في لبنان في الفقرة ما بين 3تشرين األول /أكتوبر
-االختصاص املكاني
-4األحكام والعقوبات
سرد املدعي العام نورمان فاريل في تصريح تمهيدي مراحل عملية االنفجار في
مصطفى بدر الدين وجميل عياش أعدا ونفذا اعتداء 34شباط ،أما املتهمان أسد
وأكد أن األدلة مفصلة مع تعمق في جوانب محددة منها ،مشيرا إلى أنها تنقسم
إلى 1فئات ،ولفت أيضا إلى أن "منفذي الجريمة تركوا أدلة لتضليل التدقيق
خاتمة:
وختاما نود الوقوف على بعض املالحظات التي ميزت فترة سيادة املحاكم
الجنائية الدولية فيما يتعلق بالبت في الجرائم ذات الطابع الدولي ،وهي مالحظات
-غلبت الطابع السياس ي وعدم الحياد على أحكام وقرارات املحاكم الجنائية
-فشل معظم املحاكمات في توقيع الجزاء املناسب على مقترفي جرائم الحرب
-إهدار املحاكم الجنائية الدولية لعدة مبادئ قانونية هامة منها ،مبدأ شرعية
التجريم والعقاب ،ثم مبدأ عدم رجعية القوانين وكذلك اعتبار األحكام الصادرة منها
-املحاكم الجنائية الدولية املؤقتة تعتبر أول تطبيق لفكرة القضاء الجنائي
بالنسبة لألفراد ،مع ضرورة متابعة جميع األشخاص بمعزل عن صفاتهم الرسمية.
ولعل أهم مميزات املحاكم الدولية املؤقتة تكمن في التمهيد لفكرة إنشاء
املحكمة الجنائية الدولية الدائمة ،والتي اعتمدت بدورها وبشكل كبير على تجارب
املحاكم الجنائية الدولية املؤقتة وعلى اجتهاداتها وأيضا على أنظمتها األساسية في
نشأتها
املراجع املعتمدة:
-3الكتب:
-عصام عبد الفتاح مطر ،القضاء الجنائي الدولي ،مبادئه ،قواعده املوضوعية
-8الرسائل واألطروحات
-براهيني صفيان ،مذكرة لنيل شهادة املاجستير ،في عنوان دور املحكمة
.8131
-آيت يوسف صبرينة ،االختصاص القضائي في تجريم بعض األفعال بين املجال
املحفوظ للدول والتوجه املعاصر نحو العاملية ،مذكرة لنيل بحث املاجستير فرع
الثانية.
-علي يوسف الشكري ،القضاء الجنائي الدولية في عالم متغير ،دار الثقافة
-محمد صالح روان ،الجريمة الدولية في القانون الجنائي الدولي ،مذكرة لنيل
-هاتف محسن كاظم الركابي ،مدى مراعاة قانون املحكمة الجنائية الدولية
ملعايير القانون الجنائي ،مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه ،األكاديمية العربية في
الدنمارك .8133
-خياطي مختار ،دور القضاء الجنائي الدولي في حماية حقوق اإلنسان ،مذكرة
لنيل شهادة املاجستير ،القانون األساس ي والعلوم السياسية فرع القانون الدولي
العام .8133
-1املقاالت واملحاالت
-محمد محي الدين عوض ،دراسات في القانون الدولي الجنائي ،مجلة القانون
واالقتصاد.
-عبد الواحد الفار ،دور محكمة نورمبرغ في تطوير فكرة املسؤولية الجنائية
-أحمد بلقاسم ،نحو إرساء نظام جنائي دولي ،املجلة الجزائية للعلوم القانونية
العميقة لترسيخ ديمقراطية القرب ،وإطالق وانجاز مشاريع تنموية كبرى وطنية
وجهوية ومحلية تضع املواطن في جوهر عملية التنمية ،وتقوم على سياسة تعاقدية
على تطوير أنماط الحكامة الترابية في إطار وحدة الدولة وسيادتها في اتجاه ترسيخ
الديمقراطية املحلية ،وفي مقدمتها الجهوية وذلك بإشراك تام للسكان في تدبير
والجهوية وان كانت لها مجموعة من املقومات والشروط املتعارف عليها عامليا
فيه وورشا يحظى باألولوية وموضوع عدد من اإلصالحات ،وهكذا سجل تطور
ملموس فيما يتعلق باإلطار القانوني واملوارد املالية والبشرية على مدى أزيد من
أربعين عاما ،سعيا إلى تعزيز استقاللية الهيئات املنتخبة ،في سبيل جعل الالمركزية
كرنولوجي ألهم املحطات التي مرت منها الالمركزية ببالدنا انطالقا من البناء
األول) ،وقوفا عند أهم اإلختالالت التي تعاني منها اإلدارة الترابية باملغرب (املبحث
الثاني).
الحكامة الترابية في املغرب ،عبر تبيان كيفية انعكاس خاصية مركزية الدولة على
صيرورة البناء املؤسساتي والقانوني للجماعات الترابية يجب أن تتم من خالل مزج
في عهد الحماية أو في فترة االستقالل ،وفي هذا الصدد شكل امليثاق الجماعي املؤرخ
في 81يونيو 3261أول نص ذي طابع عام ،وقد سبقه نصان ينظمان انتخاب
املجالس البلدية ويرسمان الحدود الترابية للجماعات .واحدث الظهير املؤرخ في 38
واألقاليم.
مهمة في مسلسل الالمركزية وتعزيز الصرح املؤسساتي باملغرب وهي املكتسبات التي
كرستها املراجعة الدستورية لسنة 3228و (3226املطلب األول) قبل أن يعمد املشرع
إلى تعزيز هذا املسار من خالل سن مجموعة من القوانين التي تؤطر الحياة املحلية
فكرة الجهوية لم تكن وليدة الصدفة فقد عرفها املغرب منذ قدم التاريخ ،غير
أن الحديث عن تجربة واعية تعبر عن تنظيم جهوي حقيقي لم تبدأ إال بعد صدور
ظهير ،3293الذي مثل منعطفا حاسما انتقلت معه الجهة من مجرد مفهوم تقليدي
إلى كيان قانوني ومؤسساتي( ،الفقرة األولى) .وقد شكلت هذه املرحلة بداية
التأسيس ملفهوم الجهة التنموية الذي لم تكتمل معامله إال بعد االنتقال إلى مرحلة
الرشد القانوني الذي تبلور عن طريق دسترة الجهة والرقي بها إلى جماعة ترابية (
الفقرة الثانية).
حاول مغرب ما بعد االستقالل أن يجد لنفسه مكانا في ركب التقدم ،فاتخذ
من التنمية االقتصادية هدفا أساسيا وقد كان اإلطار اإلقليمي أول وسيلة
استخدمت من اجل الوصول إلى تنمية ترابية وبالتالي تحقيق تنمية اقتصادية ،إال
لهذا توجهت أنظار مختلف املهتمين بالحقل اإلداري نحو الجهة ،فاتخذوا منها
وسيلة جديدة تتالءم واختيارات إعداد التراب والتنمية املجالية ،وهذا ما أكده ظهير
36يونيو ،3293إذ عرفت الفقرة الثانية من الفصل الثاني من الظهير الجهة بكونها
إطارا اقتصاديا تدرس في املشاريع وتنجز فيه البرامج من اجل تحقيق تنمية منسجمة
بين مختلف أنحاء التراب الوطني" ومعنى هذا أن الجهوية أداة لتحقيق التنمية
وإمكاناته وكيفية تدبيرها وكذا بالنظر إلى طبيعة الدولة وتوفيقها بين مطالب املجتمع
املدني والحفاظ على وحدة الدولة ،وألجل ذلك منحت الجهات االقتصادية مجموعة
يعد الباعث االقتصادي أهم باعث ألحداث الجهة كبنية ثالثة في بناء صرح
إداري محلي في املغرب سنة ،3293إال أن أولوية هذا الباعث ال ينفي وجود بواعث
-الدوافع االقتصادية:
تبنى املشرع املغربي الجهوية كسياسة ملواجهة اإلختالالت التي خلفها املستعمر
من خالل تحويل وتركيز النواة االقتصادية للمغرب في الساحل األطلس ي .وإلعادة
التوازن تدخلت الدولة عبر وسيلة التقسيم الترابي وتطوير الالمركزية لوضع حد
لهذه اإلختالالت.
على الجماعات الترابية األخرى القيام بها وال بوسع الحكومة املركزية ممارستها
بفعالية .وعليه أصبح املنظور الحديث لفكرة الجهوية ينظر إليه من الزاوية
-الدوافع اإلدارية:
إن اتساع مجاالت وتدخالت اإلدارة في الدولة املعاصرة جعل التنظيم اإلداري
إن إقرار الجهة كوحدة ترابية في إطار تنظيم اإلدارة املحلية ،يدخل إجماال في
اإلصالح اإلداري ،فتأهيل هياكل اإلدارة املركزية ومصالحها الخارجية وسيلة ال غاية
في حد ذاته ،والدافع اإلداري من إقرار الجهة هو تقليص دور الدولة في بعض
-الدوافع األمنية:
إذا كانت الجهوية املتبناة سنة 3293بدافع تقريب اإلدارة إلى املدارين و إشراك
السكان املحليين في تدبير مشاكلهم بشكل جعل منها آلية تدبيرية ،وأداة من أدوات
التشريع بالعمل التنموي ،فان ذلك ال ينفي بل يستحضر الهاجس األمني الذي كان
له حضور كبير في إقرار الجهوية ،حيث تم إحالل الجهة محل اإلقليم كدائرة أوسع
كما أن هاجس الحفاظ على الوحدة الوطنية شكل احد الدوافع في تبني
السياسة الجهوية ،حيث إن تكوين وحدات جماعية يساهم فيها الجميع تمتص
طموح النخب املشاركة في اتخاذ القرار على مستويات اكبر من املجالس الجماعية
واإلقليمية األمر الذي يحافظ على تماسك املجتمع ويؤسس لروح ورغبة العيش
املشترك.
عمل ظهير 36يونيو 3293على وضع الجهة في إطارها القانوني والوظيفي من
خالل اعتماده لسبع مناطق جهوية اقتصادية في البالد ،وكذلك هيكلة مجالسها،
بما أن جهة 3293كان يغلب عليها الطابع االستشاري ،واعتبرت كإطار للعمل
االقتصادي هدفه تحقيق التوازن في االقتصاد الوطني ،كان من الالزم أن تتوفر على
هيكلة تمكنها من أداء مهامها.لذا فان الظهير نص على أن تقام في كل جهة هيئة
استشارية تضم:
-أعضاء منتخبون (تنتخب املجالس اإلقليمية املكونة للجهة 5ممثلين عنها في
املجالس الجهوية)
-ممثلو اإلدارة وهم عمال العماالت واألقاليم الداخلة في نفوذ الجهة ورؤساء
حصرها كالتالي:
تهم املنطقة.
-التقدم بكل مقترح يهم تنفيذ املشاريع االقتصادية واالجتماعية من شأنه ان
-وهكذا يتبين لنا إن الجهة في إطار الجهوية االقتصادية ليست هيئة تقريرية
يمكن لها اتخاذ تدابير وقرارات ،بل هي إطار استشاري صرف يتولى مهمة
.
وبالرغم من إن جهات ظهير 3293لم ترق إلى مصاف الجماعات الترابية ،وال
تعتبر مؤسسة دستورية ،فانه ال يمكن أن ننكر الدور الرائد الذي قام به هذا الظهير،
إذ انه استطاع أوال وأخيرا التأسيس ملفهوم جديد للجهة أال وهو الجهة
االقتصادية.وذلك ألجل الدفع بعجلة الديمقراطية املحلية وإزالة الفوارق بين جهات
ومنذ أول دستور شاهدته البالد في 34دجنبر ،3268تم التنصيص على وجود
الجماعات الترابية ،غير انه لم يتم التنصيص على اعتبار الجهة جماعة ترابية،ورغم
ما شكله دستور 3268من أهمية بالغة في الحياة السياسية إال انه لم يدم طويال
للحكامة الترابية
الترابية ببالدنا ،حيث تم االرتقاء بالجهة إلى مؤسسة دستورية تتمتع بالشخصية
املعنوية وباالستقالل املالي واإلداري ،وهكذا أصبحت للجهة قاعدة دستورية تستمد
منها وجودها ألول مرة على هذا املستوى ،مما جعل الجهة في مقدمة املؤسسات
هي الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات الحضرية والقروية وال يمكن إحداث
أي جماعة إال بقانون" .بذلك يكون دستور 3228قد أرس ى ركائز الديمقراطية
والجماعات الحضرية والقروية ،وال يمكن إحداث إي جماعة ترابية أخرى إال بقانون.
ديمقراطيا طبق شروط يحددها القانون -الفصل :318يمثل العمال الدولة في
العماالت واألقاليم والجهات ،ويسهرون على تنفيذ القوانين ،وهم مسؤولون عن
تطبيق قرارات الحكومة كما أنهم مسؤولون ،لهذه الغاية ،عن تدبير املصالح املحلية
التمثيلي ،مثلها مثل األحزاب السياسية والنقابات والغرف املهنية ،وذلك في إطار
مجلس املستشارين كمؤسسة دستورية تمارس السيادة بصفة غير مباشرة وفقا
للفصل الثاني من الدستور ،وفي نفس السياق نص الفصل 1من دستور 31شتنبر
إن الحكامة الترابية كمفهوم يجب إن تكون لها مرجعية قانونية لدواعي الثبات
واالستمرار ،حيث إن االستناد إلى إطار قانوني يعطي الشرعية للحكامة بعدما كانت
القوانين املنظمة لالمركزية باملغرب خاصة وان الجماعات الحضرية والقروية تعرف
العديد من التعديالت القانونية ،حيث اصدر املشرع املغربي قانونين جديدين قانون
رقم 92.11املتعلق بالتنظيم الجماعي والذي أدخلت عليه تعديالت جديدة واردة في
القانون رقم ( 39.12الفقرة األولى) ،دون إن ننس ى باقي الجماعات الترابية املنظمة
إن تحليل ما يقارب 42سنة من ممارسة الالمركزية الترابية باملغرب يثير بقوة
مسألة جوهرية ،وهي إن نمط الحكامة الترابية ما يزال يبحث عن ذاته ،فتوزيع
االختصاصات بين الدولة والجماعات الترابية كان موضوع عدد من اإلصالحات التي
أطرت عمل الوحدات الترابية ،وذلك عبر أربع حقب تاريخية رئيسية وهي -3261
.416 8112-8118-3296قصد تمكين هذه األخيرة من التدبير األمثل للشأن املحلي
416
1-Abdelatif Aghnouch.histoire politique du maroc afrique.orient.casablanca 1987.
وسنحاول خالل هذه الفقرة إبراز أهم مظاهر الحكامة الترابية في امليثاق
إذا كان ظهير 11شتنبر 3296قد شكل في أوانه قفزة نوعية في مجال تدبير
ولتفادي االختالالت التي عرفها ظهير ،3296تم التفكير بإصدار قانون جديد
القرب ويؤسس ملرجعية الحكامة الجيدة ،ويضع إطارا لتدبير فعال للشأن املحلي من
خالل عدة مستجدات تهم نظام املنتخب ،وسلطة الوصاية ،واالختصاصات ،ونظام
تسيير الجماعات.
اعتبارا ألهمية العنصر البشري في إنجاح أي تجربة جماعية ،ونظرا لكونه حجر
الزاوية في كل تدبير جيد للشأن املحلي ،ولتجاوز بعض االختالالت التي أفرزتها تجربة
417نم تخصيص الباب الثالث من الميثاق الجماعي 70.88للنظام األساسي للمنتخب (المواد 16إلى .)34
مهام رئاسة املجلس الجماعي واقتصارها على األعضاء الذين يحسنون القراءة
والكتابة.
النتداب عمومي.
ممارسته ملهامه...
إليها.
-تقوية وسائل الرقابة عبر اللجوء إلى قضاء املحاكم املالية،وفي نفس االتجاه
يتيح امليثاق الجماعي الجديد إمكانية اللجوء إلى املجلس الجهوي للحسابات فيما
.1االستقالل املحلي:
لقد حاول امليثاق الجماعي الجديد تعزيز استقاللية الجماعات الترابية من
إلجالء الغموض الذي كان يحول دون تحمل املجالس املنتخبة ملسؤولياتها .األمر
الحضرية والقروية
الحضرية والقروية حيث سيتم ألول مرة فصل اختصاصات املجلس الجماعي عن
اختصاصات رئيس املجلس الجماعي ،فالرئيس يمثل الجهاز التنفيذي ،أما املجلس
الجماعي فهو يعتبر الجهاز التداولي ،وهذا التوزيع من شأنه توضيح املسؤوليات بين
الجهازين.
* االختصاصات الذاتية:
املشرع املغربي عمل على توزيع هذه االختصاصات على سبعة ميادين أساسية
:
يتعلق بصالحيات لها طابع محلي من شأن تحويلها إلى املجالس الجماعية ترسيخ
بأهمية إسنادها للهيئات املنتخبة وذلك حين توفرها على الوسائل الالزمة للنهوض
بها تطبيقا للمبدأ الذي أقرته املادة 41من امليثاق الجماعي والقاض ي بان أي نقل
لالختصاص يجب أن يواكبه نقل موازي للموارد التي كانت مرصودة لها بميزانية
الدولة.
* االختصاصات االستشارية:
وهذه االختصاصات أصبحت أكثر وضوحا ودقة مما يتيح للجماعات بإبداء
والثقافية للجماعة.
عمل امليثاق الجماعي وباقي أشخاص القانون العام ،ووعيا من املشرع بأهمية
االنفتاح على القطاع الخاص خول املشرع للجماعات الترابية الحق في إبرام عقود
مع الشركات الخاصة لتدوير بعض مرافقها في عدة مجاالت ( النقل ،التطهير ،توزيع
املاء والكهرباء )..وذلك بالطريقة التي تراها مناسبة (الوكالة املستقلة ،الوكالة
االمتياز)420. املباشرة ،التدبير املفوض،
إذا كان التخطيط االستراتيجي واملنهج التشاركي أهم ركائز الحكامة الترابية فان
إذا كانت املادة 11من ظهير 3296نصت ألول مرة على صالحية املجلس
الجماعي في وضع مخطط للتنمية االقتصادية حسب توجيهات املخطط الوطني ،وهو
ما كرسته أحكام املادة 16من امليثاق الجماعي 92.11فان املادة 16من قانون
39.12قضت بما يلي :يدرس املجلس الجماعي ويصوت على مشروع مخطط للتنمية،
يحدد املخطط الجماعي األعمال التنموية املقرر انجازها ملدة 6سنوات في أفق
تنمية مستدامة وفق منهج تشاركي ،يأخذ بعين االعتبار على الخصوص مقاربة النوع.
ويمكن تحبين املخطط ابتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز التنفيذ ،ويعمل
به إلى غاية السنة األولى من االنتداب املوالي التي يتم خاللها إعداد املخطط الجماعي
يعتبر املخطط الجماعي للتنمية من املفاهيم الجديدة التي جاء بها امليثاق
الجماعي الجديد لسنة ،8112ولذلك فان إعداد املخطط الجماعي للتنمية يجب ان
يراعي دمج عدد من املبادئ نصت عليها املادة 16من امليثاق الجماعي:
عرف املخطط الجماعي بأنه مقاربة تشاركيه تسعى إلى دفع الفاعلين املحليين
إلى تحديد أهدافهم التنموية التي يتطلب تنفيذها تعبئة املوارد املحلية أوال ثم موارد
الشركاء ثانيا ،ويعتبر التخطيط الجماعي استراتيجيا الن األهداف املسطرة نابعة من
القرار السياس ي املحلي؛ الذي يتخذ خيارات ذات طبيعة هيكلية ترهن مستقبل
ويوصف املخطط أيضا بأنه تشاركي ألنه يشرك كافة الفعاليات السياسية
التقليدية...
* التنمية املستدامة:
ترتكز التنمية املستدامة التي يسعى املخطط إلى تحقيقها على إدماج ثالثة
مرتكزات:
اإلنصاف والتماسك االجتماعي بما في ذلك قضايا الولوج إلى الخدمات واملرافق
األساسية...
-مرتكز بيئي يرمي إلى الحفاظ على البيئة واملوارد الطبيعية وتحسينها
* املقاربة التشاركية:
أن يكون عليه مستقبل الجماعة وعلى إعطاء أهمية كبيرة لتمثيلية الساكنة ذات
إن إدماج مقاربة النوع االجتماعي في إعداد املخطط الجماعي للتنمية يسمح
بإدماج انشغاالت وتجارب النساء والرجال والفتيات والفتيان في بلورة وانجاز وتتبع
وتقييم املخطط الجماعي ،حتى يستفيد منها الجميع ،وتمكينهم من الولوج بالتساوي
إلى الخدمات واملرافق العمومية ،والتحليل املعتمد على النوع االجتماعي يأخذ بعين
واألقاليم.
مر التنظيم اإلقليمي من عدة محطات أساسية ،إذ يعود أول نص قانوني
منظم العماالت واألقاليم إلى 38شتنبر 3261وهو القانون الذي عمر طويال ،رغم ما
افرزه من سلبيات لم تساير تطور املغرب .ولتجاوز هذا الجمود ومواكبة اإلصالحات
التي طالت باقي الجماعات الترابية ،وحتى ال تبقى العماالت واألقاليم مؤسسات
متجاوزة تقع على هامش التحوالت العميقة التي عرفها املغرب ،بادر املشرع إلى
421 إصدار القانون 92.11املنظم العماالت واألقاليم بتاريخ 1أكتوبر .8118
خدمة الحكامة الترابية ويرمي إلى تأهيل وضع الجماعة الوسيطة ،بإدخال تغييرات،
عميقة همت تحسين نظام املنتخب وعقلنة تسيير املجلس وتوسيع اختصاصات
مجالس العماالت واألقاليم التخفيف من نظام الوصاية ،وكذا دعم آليات التعاون
والشراكة422.
تعد إدارة الشأن العام املحلي بواسطة مجالس منتخبة انطالقا من أهمية
العنصر البشري أساسا لتجسيد الحكامة الترابية ،ملا تنطوي عليه من بعد من
مضمون ديمقراطي من جهة ،والسمو بالعمل الجماعي إلى درجة الفعالية واملر دودية
وجودة الخدمات من جهة ثانية ،لذلك فان املشرع ومن خالل القانون 92.11ادخل
421احمد حضراني ،محاضرات في اإلدارة المحلية ،مطبعة سجل ماسة ،مكناس .2811
422كريم الحرش مغرب الحكامة والتطورات ،المقاربات والرهانات ،مطبعة طوب بريس ،الرباط .2811
تدبير الشأن املحلي وإلرساء سياسة جديدة للتدبير ،تم إعطاء اختصاصات مهمة
فمن خالل املادة 16من القانون املنظم العماالت واألقاليم ،فان املجلس
مقاوالت وشركات االقتصاد املختلط ،وكل األعمال التي تتعلق بإنعاش التشغيل،
إرادة الدولة في جعل توافقات حول الرؤى في التدبير املحلي ال يكون هناك تنازع في
إلى جانب مجلس العمالة أو اإلقليم يلعب العامل أو الوالي دورا محوريا في
التدبير املحلي سواء على املستوى االقتصادي و االجتماعي ،حيث تقوم بإبرام
423الباب الثالث من قانون 71.88المتعلق بتنظيم العماالت واالقالبم المواد ( 17إلى .)34
حيث أصبح التعاقد من أهم لبنات الحكامة الترابية ،والجديد الذي جاء به قانون
تنظيم العماالت واألقاليم ،وهي إلزامية اطالع رئيس مجلس العمالة أو اإلقليم من
قبل الوالي أو العامل على تنفيذ مقررات املجلس وذلك بطريقة منتظمة وهذا يوحي
بوجود حكامة إدارية تعطي لرئيس مجلس العمالة أو اإلقليم مراقبة قرارات
.1التخفيف من الوصاية.
في إطار حكامة تدبير الشأن املحلي على مستوى العماالت واألقاليم عمل
للقضاء اإلداري.
تتضح العالقة التالزمية بين الجهوية والحكامة الترابية ،عند إدراك أن أي
سياسة جهوية ال يمكن إن تحقق أهدافها إال من خالل النهوض باملجال الترابي ،عبر
عرف املغرب تطورا تدريجيا على مستوى تدبير الشأن املحلي الجهوي،
أبعاد خاصة على مستوى اإلدارة املحلية من خالل إدماج الجهة في الحياة السياسية
لم يكن وضع اإلطار الدستوري للجهة كافيا بل شكل خطوة أساسية في بلورتها
التكريس الدستوري للجهة يعني أن هذه األخيرة مثل باقي الجماعات الترابية
ثاني ــا :مجاالت تدخل الجهة في ضوء قانون 49.26الصادر بتاريخ 8ابريل :3229
إذا كانت فكرة خلق جهات اقتصادية التي جاءت مع ظهير 36يوليو 3293
شكلت النواة األولى للجهة في بداية املغرب املستقل ،فان األمور تغيرت مع قانون
49.26الن الجهة أصبحت فضاء ال يقتصر على أكل ما هو اقتصادي محض بل
تتعداه إلى ما هو سياس ي أو إداري باإلضافة إلى جوانب اجتماعية وثقافية ،تنبئ بان
الجهة بالفعل تلعب دورا كبيرا في تعزيز الالتركيز اإلداري واالقتصادي ،وهذا لدليل
على االتجاه نحو الحكامة الترابية التي تالمسها عبر عدة مجاالت.
ففي املجال السياس ي ،تعتبر ذلك الفضاء الذي يتيح للساكنة املحلية املشاركة
في اتخاذ القرارات التي تهم شانهم وذلك عبر منتخبيهم الجهويين ،إضافة إن املجالس
الجهوية تمد مجلس املستشارين بالطرق الالزمة وجعله أداة إلنعاش املمارسة
التشريعية.
وذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية للمجالس الجهوية ،فمن خالل املادة 6
من القانون املذكور التي تقر بان املجلس الجهوي ،يبث بمداوالته في قضايا الجهة
جوانب تنم عن الرقي بالجهة كفاعل في الحكامة املحلية ،ومن أمثلة ذلك صالحياتها
وخاصة الجانب املتعلق بتدبير االستثمار ،حيث ثم خلق املراكز الجهوية لالستثمار
ملهمتين ،األولى تتعلق بإحداث شباك لتقديم املساعدة على إنشاء املقاوالت والثانية
العملية التي مازالت عائقا أمام تكريس املبادئ العامة للحكامة الترابية ،وذلك رغم
املحلية.
إن نجاح الحكامة الترابية ال يتوقف فقط على حجم املهام املمنوحة
للمجالس واملسؤولية املنوطة بها ،بل إن هذا النجاح يتوقف باألساس على نطاق
فاالستقالل املالي املعلن عنه من قبل املشرع واقع الجماعات الترابية ،فمن
جهة موارد الجماعات ترتبط بالدولة في جزء كبير منها ،ومن جهة ثانية فان املوارد
الخاصة بتأطير الجماعات الترابية تظل دون املستوى املطلوب.إضافة إلى أن
املستوى الثقافي للمنتخب وضعف تكوينه قد ينعكس سلبا على مصير الالمركزية
باإلضافة إلى أن سياسة التقسيم املعمول بها منذ االستقالل ،لم تعمل في
حقيقة األمر إال على تكريس التبعية ،وذلك من خالل خلق وحدات محلية ضعيفة
اإلمكانيات تعتمد بشكل واسع على مساعدات وإعانات الدولة للقيام بمهامها ،زيادة
على تدخل السلطة املركزية والتوسع في رقابتها ،والتي تتداخل اختصاصاتها وتتنازع
مع مهام الجماعات الترابية .وهنا تطرح مسألة اتخاذ القرارات التي تصاغ دائما
حسب طبيعتها الى سياسية وقانونية من جهة أولى (املطلب األول) وإدارية ومالية من
الشأن املحلي ،الش يء الذي يعيق تطوير منظومة الحكامة الترابية (الفقرة األولى).
املالحظ آن الوعي كآلية لتدبير وإعداد التراب ومحاربة الفوارق املجالية ظل
خاضعا ملنطق تقنوقراطي مركزي ،راهن على تحقيق تنمية قطاعية مجالية بوثيرة
مرتفعة ،معتبرا املجتمع بامليدان الذي تطبق فيه القرارات الفوقية ،كل هذا حال
السعيدي مزروع فاطمة ،اإلدارة المحلية الالمركزية بالمغرب،ط األولى ،مطبعة النجاح،الدار البيضاء2883 424
دون تحقيق سياسة تصحح الفوارق املجالية ،كان نتيجتها بروز تفاوتات كبيرة بين
لألعيان للقيام بدور الوساطة ،وبذلك نجد المركزية السلطة قوامها "إعادة املركزة"
لصالح ممثلي األمة ،كذلك مستوى كفاءة املنتخب في ممارسة مهامه ال تمكنه من
يرتضون تدخل اكبر ألعوان الدولة ،ويصعب عليهم االنتقال من وضعية امللتمس
في استحضار الهاجس األمني في التسيير املحلي ،حيث أن القراءة املتأنية للمقتضيات
السلطة اللبنة األساسية لهذا النظام املركزي ،مراعيا كون الالمركزية املراقبة
فبعدما قرر املشرع في وقت سابق العمل باإلدارة املركزية بغية إشراك ممثلي السلطة
من الناحية القانونية والعملية في تدبير شؤون الجماعات املحلية ،فان تدهور
األوضاع ستدعوه إلى تبني نظام الالمركزية و ليصبح رجال السلطة تبعا لذلك
يشرفون إضافة إلى مهمة املحافظة على النظام العام واألمن ،على تسيير وتنشيط
محورية على اعتبار أنها تمثل إرهاصا من اإلرهاصات الكبرى نحو تطوير مجتمع ما،
وتكتس ي دراسة النخبة املحلية أهمية بالغة العتبارات عدة نذكر منها على سبيل
املثال ال الحصر ،أن النخبة تعد صلة وصل رئيسية بين املجتمعات املحلية واملجتمع
الشامل .ذلك أن النخبة املحلية تشكل إحدى الوسائط الرئيسية التي تلجأ إليها
السلطات املحلية واملركزية والنخبة املحلية للتأثير على املجتمعات املحلية كما أن
العكس قد يحصل عندما تلجأ املجتمعات املحلية إلى وساطة النخبة املحلية للتأثير
على بعض أفعال النخبة الوطنية وعلى بعض قرارات السلطتين ،املحلية واملركزية،
بل وأحيانا ملواجهة هاتين األخيرتين ،هذا باإلضافة إلى احتاللها مكانة إستراتيجية
املحلية .فهي بذلك تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الحياة السياسية في البالد
من خالل التأثير على املواطنين ،الش يء الذي ينعكس باإليجاب أو بالسلب على درجة
إن هذه العالقة الجدلية ،تفرض من قبل ذلك تناول أهم مفاهيم هذا املوضوع
والسياسية وحتى الدينية الش يء الذي يجعلها شريحة محظوظة ومقبولة ،بل يمكنها
من شغل مراكز النفوذ والسيطرة في مجتمع معين .3فالنخبة املحلية تظل أقلية
إستراتيجية تملك السلطة وتتوفر على إمكانيات الفعل والقدرة على التأثير والحكم.
ألسباب مختلفة ،أن تؤثر في سلطة القرار على املستوى الوطني أو املحلي كما في
مقدورها التدخل في عملية توزيع منافع الدولة ،وقد يرتبط نفوذها بشبكات اإلتباع
واألصدقاء ذوي النفوذ السياس ي ،وتضم هذه الشبكات كال من األحزاب السياسية
والنقابات والجمعيات املهنية واملصالح الخاصة إلى جانب األسر الكبرى والقبائل
لتشمل املعارضة املؤسساتية نظرا الحتوائها اليوم على شبكة قوية من األعيان دون
أن ننس ى املثقفين أو األثرياء أو هما معا .فيبقى التساؤل مشروعا حول مدى النضج
السياس ي والحزبي لهذه النخب حتى تكون قادرة على تدبير امثل للمجال في ظل مغرب
يتطلع لتطوير أنماط الحكامة الترابية؟ كما أن دور النخب املحلية واملسؤوليات التي
يتعين عليها تحملها يستوجب عليها التمتع بمستوى معرفي يمكنها من ممارسة مهامها
االنتدابية ،فهنا كذلك يمكن التساؤل حول توفر هذه النخب على املستوى املعرفي
املذكور؟
السياس ي ،هذا األخير الذي من املفترض أن تلعبه األحزاب السياسية ،إال أن محاولتها
واقتصرت على بعض الندوات لبعض األحزاب ،3ما يجعل االنتماء السياس ي
للنخب متقلب وضبابي ،ويفسر عجزا للتنظيمات السياسية والحزبية بشكل خاص
عن القيام بالتزاماتها الدستورية املتمثلة في التنظيم والتمثيل الشعبي ،هذا العجز
فالنخب القوية املؤهلة ذات الوعي السياس ي تولد لنا أحزاب قوية ومؤطرة ،ويجعلنا
نتجاوز شكلية هذه املجالس املحلية املنتخبة ،إلى مجالس فعالة ،إن املجالس
الوظيفية ،األمر الذي يشجع املركز على فرض وصايته ، 8هذه األخيرة التي تعتبر
الوطنية للجماعات الترابية منذ السبعينات تقريبا ،هذه املناظرات التي كانت عبارة
عن حلقات دراسية يتوقف من خاللها املنتخبون على ثغرات الالمركزية ومستلزمات
النهوض بها ،ما يتيح أمامهم فرصة للتكوين الضروري ملمارسة مهامهم االنتدابية.
التداولية مما يشكل عقبة أمام تسيير هذه املجالس ،فكيف للمنتخبين ذوي املستوى
التعليمي املتواضع أو املنعدم أحيانا ،أن يحللوا الوثائق ذات الطبيعة التقنية ،ومما
ال شك فيه أن عدم اشتراط املشرع ملستوى تعليمي ومؤهالت علمية في املنتخبين
يغلب عليها الطابع التقني الدقيق ،ال يمكن لذوي القدرات املعرفية املتواضعة
وعلى العموم فان محدودية التكوين املعرفي يسقط املجالس أمام صورتين،
إما مجالس تعيش خلال في تدبير الشأن املحلي ،وإما تدخل سلطات الوصاية للقيام
ال يشكك احد في كون الترسانة القانونية املنظمة لإلدارة املحلية باملغرب
تعد مكسبا هاما في تقوية وتعزيز الصرح الديمقراطي املحلي ،من خالل إقرار
مجموعة من املبادئ والقواعد التي تؤسس للحكامة الترابية وتضبط سير املؤسسات
والشراكة...
إال أن وجود إطار قانوني ال ينفي أن الواقع العملي ال زال يؤشر عن كون
اإلشكاالت التنموية.
أن االنتظارية والعجز اللذين يتسم بهما تدبير الشأن املحلي ببالدنا ،تعود في
الترابية وخاصة فيما يتعلق بتحديد وتوزيع اختصاصات هذه األخيرة اتجاه الدولة
ومؤسساتها وهيأتها املختلفة ،يعتبر سببا رئيسيا إلشكالية تداخل االختصاص بين
املتعلقة باالنتخابات الجماعية والرسوم املحلية وبعض النصوص التي همت الحالة
املحلية.3
هذا التقاعس والقصور الواضحين للمشرع ،يعني من جهة غياب رؤية واضحة
لدى ممثلي األمة الدوار كل من الدولة والجماعات الترابية ،ومن جهة ثانية فتح الباب
في وجه السلطة التنفيذية للتدخل بشكل واسع ومثير من خالل املناشير والدوريات
األمر الذي يجعل من الصعب وضع حد فاصل بين تدخالت ومسؤوليات الجماعات
وامليادين.8
إن تداخل االختصاصات بين الدولة والجماعات الترابية يرجع لعدة أسباب
املتعلقة بتحديد اختصاصاتها ،األمر الذي يجعل من الصعب وضع حد فاصل بين
القطاعات وامليادين.
فعلى سبيل املثال القانون رقم 92.11في املادة 15منه نجد صياغة " :يفصل
املجلس بمداوالته في قضايا الجماعة ،ولهذه الغاية يتخذ التدابير الالزمة لضمان
فيها عبارة " :يفصل مجلس العمالة أو اإلقليم بمداوالته في قضايا العمالة أو اإلقليم
بينما تنص املادة 6من القانون املنظم للجهة على " :يبث املجلس الجهوي
بمداوالته في قضايا الجهة ولهذه الغاية يقرر التدابير الواجب اتخاذها لضمان
يتضح من خالل هذه املواد الثالثة أنها جاءت بصيغ عامة تعوق تحديد
لكل جماعة محلية أمكانية التدخل بال حدود في كل املجاالت والقطاعات ومن أكثر
من جهة.لكن على الرغم من هذه الصيغ التي تضمنتها النصوص التشريعية املنظمة
في هذا اإلطار يمكن القول ،أن املجال االجتماعي يعرف العديد من مظاهر
تداخل االختصاصات سواء تعلق األمر بمجال الصحة أو التعليم أو السكن ،حيث
أن الدولة والجماعات الترابية تقوم بنفس املشاريع التنموية وتخطط لنفس
التجهيزات االجتماعية ،مما يساعد على ازدواجية األعمال املنجزة والوقع السلبي
لهذه األعمال على الساكنة ،وهو ما يستدعي أن ينبني توزيع االختصاصات ما بين
الدولة ومختلف الجماعات الترابية على مبدأ تنظيم التعاون والتعاضد بين الفاعلين
يبدو انه رغم االيجابيات التي تضمنتها القوانين املنظمة للجماعات الترابية،
إال أنها تبقى غير كافية ،فالوصاية ال زالت مفروضة بقوة ،وخصوصا وصاية املالءمة
التي تمارس باملصادقة آو عدم املصادقة ويمكن القول بأنها فيتو دائم االحتمال
الجماعات الترابية مسؤوليتها الكاملة في تدبير شؤونها املحلية وال يتأتى ذلك إال
إن تعثر نظام الحكامة الترابية ،ليس بالضرورة تعثرا طبيعيا أو من قبيل
الصدفة ،بقدر ما هو نتيجة معيقات مرتبطة بالبناء اإلداري من جهة (الفقرة األولى)
يشكل التقطيع الترابي احد الحدود اإلدارية التي تعرقل تطور الحكامة الترابية
باملغرب ،ذلك أن املعايير التي اعتمدت في هذا التقسيم غلب عليها هاجس املراقبة
واألمن أكثر مما راعت تحقيق التوازن واالنسجام بين مختلف مكونات املجال املغربي
بدوافع عديدة تنطوي على مجموعة من األهداف ،فهناك العامل اإلداري املتجسد
في رغبة الدولة في تقريب اإلدارة من املواطنين وتوسيع نطاق املشاركة في إدارة
الشؤون املحلية ،وهناك العامل الديمغرافي املرتبط برغبة الدولة في تحقيق تناسب
ما بين اإلطار الجغرافي للوحدة املحلية واملعطيات الديمغرافية لهذه الوحدة ،ثم
هناك العامل االقتصادي املتمثل في سعي الدولة إلى الرفع من املستوى املعيش ي
ومهما كان دور هذه العوامل في خلق الوحدات الترابية التي تسعى الدولة إلى
في نفس اإلطار ،تتمثل إستراتيجية الدولة من وراء التقسيم الترابي في إيجاد
تأطير سياس ي -امني أكثر فعالية ،فسياسة التقسيم شكلت بالنسبة للدولة وسيلة
فعالة للحفاظ على وحدثها الترابية وضمان سيطرة عامة على مجموع التراب
الوطني ،عن طريق رجال السلطة الذين يوجدون على رأس كل التقسيمات اإلدارية،
والذين يلعبون دورا أساسيا بخصوص عملية ضبط األمن واملحافظة على النظام،
التقريرية فان عدم توفرها على اطر إدارية ملمارسة هذه االختصاصات يفرغ الحكامة
الترابية من مضمونها.
املوظف الجماعي:
إذا كانت إرادة املشرع من خالل إعالنه عن خلق وظيفة عمومية جماعية
تهدف إلى تعزيز املوارد البشرية للجماعات وعقلنه تسييرها ،وذلك من خالل تكريس
السلطة التسلسلية لرئيس املجلس الجماعي ،إضافة إلى تحديد الوضعية القانونية
للموظف الجماعي ،من خالل تشبيه وضعيته بوضعية موظفي الدولة رغبة منه في
ورغم مرور حوالي أكثر من ربع قرن من التجربة ،تبقى بعيدة عن االستجابة ملتطلبات
الالمركزية ،خاصة أمام ضعف املوارد املالية للجماعات وقلة خبرة املنتخب الجماعي
في مجال التدبير ،األمر الذي جعل الجماعات تكتفي فقط بتسيير شؤون موظفيها
إن السلطة التي أعطيت للجماعات خاصة في مجال توظيف املوارد البشرية
كان لها تأثيرات سلبية على اإلدارة الجماعية ،حيث عرفت هذه األخيرة تضخما كبيرا
خاصة على مستوى الفئات الدنيا ،باإلضافة إلى اختالالت على مستوى التوزيع
الجغرافي للموظفين...
إن مشاكل املوارد البشرية باإلدارة الجماعية ارتبطت بشكل أساس ي بغياب
تلك النظرة التدبيرية لدى املسؤولين بالجماعات ،حيث غابت املخططات التي على
أساسها يتم تحديد االحتياجات من املوارد البشرية باإلضافة إلى غياب العناصر
االختصاصات واملسؤوليات وال يساير تطور الجماعات .وقد امتدت هذه االختالالت
إلى منظومة تقييم األداء ،وذلك باقتصارها على تقييم أداء املوظفين من املستحقين
منهم للترقي ولم يمتد إلى تقييم كل برامج ومخططات الجماعات ،مما أصبح يتسم
باملحدودية ،نفس األمر بالنسبة ملنظومة التحفيز باإلدارة الجماعية حيث أنها لم
تساير التطورات االقتصادية واالجتماعية مما كان له تأثير سلبي على سلوك
املوظفين الجماعيين.
مجموعة من العيوب والنقائص ،والتي ترجع باألساس إلى حدود تشريعية وتنظيمية
تشكل أزمة االستقالل والتمويل املحلي احد ابرز املعيقات املوضوعية التي
تعيق عمل الوحدات الترابية في القيام بمهامها التنموية على الخصوص ،وحيث
فان املمارسة املحلية أفرزت مجموعة من الظواهر املالية السلبية التي شكلت عائقا
إذا كانت الجماعات الترابية تتمتع من الناحية القانونية باالستقالل املالي ،فان
هذا االستقالل ال يعتبر عمليا استقالال مطلقا ،بل يبقى نسبيا ،لكون االستقالل
املطلق يعني ممارسة الجماعات الترابية لنشاطها املالي في استقالل تام عن الدولة
فإمدادات الدولة عرفت تزايدا كبيرا نظرا للخصاص املالي للجماعات الترابية
إن سياسة اإلمدادات ترهن الوحدات الترابية بالسياسة املالية العامة للدولة،
عدم كفاية املوارد املالية الذاتية إحدى الهموم املحلية التي تشغل جميع
واالستقالل املالي فإنها تبقى عاجزة عن تحقيق المركزية فعلية في ظل الضعف املالي
الذي تعاني منه ،كذلك محدودية التجربة املحلية باملغرب على الصعيد املالي بسبب
تأخر النصوص املالية وضعف املوارد الذاتية وإضافة أن اإلمكانيات املالية املخولة
للجهة ما زالت ضعيفة على مستوى املوارد الذاتية بحيث نجدها عبارة عن رسوم
خاتمة:
فتح الدستور الجديد طريقا واسعا نحو املغرب املوحد للجهات القائم على
توزيع جديد وديمقراطي للصالحيات بين الدولة والجهات على أساس مجموعة من
التشاركية.
إال أن التنزيل السليم لكل هذه املبادئ املعلن عنها في الوثيقة الدستورية يبقى
رهين صدور القانون التنظيمي الذي أحال عليه الفصل 346من دستور .8133
الئحة املراجع:
النجاح،الدار البيضاء.8111
ملكية وكاس ،الحكامة املحلية على ضوء امليثاق الجماعي ،92.11رسالة دبلوم
الدراسات العليا املعمقة في القانون العام ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم
األولى .8115
والتي استمرت في تصاعد مضطرد ،حيث أصبحت من املعضالت التي يبدو أنها
تستعص ي على الحل وذلك بسبب التزايد الكبير لعدد العربات وتشابك حركات السير
على الطرق.
فقد حصدت حرب الطرقات هاته -وال زالت تحصد-الكثير من األرواح وتخلف
ومن أجل مواجهة هذه املعضلة التي تشكل عائقا كبيرا أمام التنمية في املجالين
االقتصادي واالجتماعي ،حرصت الدولة على تعبئة جميع إمكانياتها املادية والبشرية
بحمالت التحسيس والتوعية باملخاطر الناجمة عنها وذلك عبر جميع الوسائل
وعالوة على ذلك ،فقد عملت بالخصوص على وضع اآلليات القانونية الالزمة
عن طريق خلق مؤسسات ولجان ذات اختصاصات متنوعة في املجال وذلك بوضع
توجهات استراتيجية وترسانة قانونية متطورة لردع وزجر املخالفات لقانون السير
التي يعتبر العنصر البشري املتسبب األول فيها من أجل تحقيق السالمة الطرقية.
إال أن هذه الترسانة القانونية بقيت غير كافية وكان البد من مراجعتها وتطويرها
وفي هذا السياق ،جاء القانون 15.58بمثابة مدونة السير على الطرق في إطار
اإلصالحات التشريعية التي عرفتها وال زالت تعرفها بالدنا من أجل تعزيز الترسانة
القانونية بغاية الوقاية من جهة والزجر من جهة ثانية لفرض احترام قانون السير
وااللتزام بقواعد السير العام على الطرق املفتوحة للسير العمومي وإعادة تأهيل
السائقين بعد ارتكابهم لبعض مخالفات قانون السير وذلك من خالل ما جاء به من
إجراءات مسطرية وموضوعية وأخرى تقنية وعملية أكثر حداثة وتقدما في مجال
إثبات الجرائم.
ولقد أناط املشرع املغربي بكل املتدخلين املعنيين بتطبيق أحكام املدونة
اختصاصات دقيقة ورصد لها آليات محددة لضبط املخالفات ملقتضياتها .ومن بين
ذلك القضاء ،سواء النيابة العامة من خالل تحريكها للدعوى العمومية –حيث
تعتبر الطرف الرئيس ي الذي يرجع إليه حق تحريك الدعوى العمومية باسم املجتمع
-أو قضاء الحكم – باعتباره الجهة التي خول لها القانون صالحية إصدار األحكام في
الدعوى املعروضة أمامها ،حيث جعل لهاتين الجهتين القضائيتين دورا محوريا في
غير أنه ورغم ما تضمنته مدونة السير من إجراءات ومساطر مفصلة ،ورغم
وجود مجموعة من النصوص التنظيمية التي تهدف إلى التطبيق السليم ألحكامها،
فإن الجهاز القضائي بشقيه املتمثلين في النيابة العامة وقضاء الحكم واجه صعوبات
في تطبيقها بسبب اإلشكاليات التي تطرحها .ولتدارك القصور امللحوظ في بعض
املقتضيات القانونية التي تضمنتها مدونة السير ،والذي أفرزه التطبيق العملي لها،
جاء القانون رقم 366.34بشأن تغيير وتتميم القانون رقم 58-15املتعلق بمدونة
السير ،حيث تم إدخال عدة تعديالت تروم سد الفراغ التشريعي القائم .ويشمل هذا
القانون مجموعة من املستجدات الهامة التي طالت أحكام مدونة السير ،خاصة
ورغم كل هذه التعديالت فقد بقي هذا التشريع بحاجة إلى ما يكمله من تفسير
وتأويل ،وهو الدور املنوط بالعمل القضائي الذي عرف تطورا مهما على مدى العشر
فلالجتهاد القضائي دور بالغ األهمية واآلثار في مجال القانون ،ال يكاد يقل في
أهميته عن دور التشريع نفسه .فهو الذي يضفي على القانون طابعه العملي الحي
و" إذا كان التشريع يعبر عن اختيارات األمة ومصالحها العامة ،فإن االجتهاد
القضائي يتميز بكونه يضمن استمرارية القواعد التشريعية ،من خالل مالءمتها مع
الوقائع والنوازل .فالتشريع بما يتميز به من عمومية وتجريد ال يضع إال حلوال
وسطى ،وال يخصص حلوال فردية لكل النزاعات ،وهذا ما يجعل من االجتهاد
القضائي مصدرا مستقال ومساويا لباقي مصادر القانون ،فهو يخصص القاعدة
القانونية ،ويقوم بتحيينها ،إذ بدونه ال يتمكن التشريع من التوفيق بين خاصيتي
من خالل تطبيق النصوص القديمة بروح جديدة ،كما أنه يساهم في تفسير
النصوص الغامضة ويكمل الناقص منها فيصير االجتهاد القضائي مصدرا مباشرا
للقانون".
وهكذا ،قد يجتهد القاض ي من خالل النصوص التشريعية التي يلزم تطبيقها
أو من خارج هذه النصوص .فعند تطبيق النصوص التشريعية ،يضطر القاض ي إلى
أن يجتهد في حالتين أساسيتين :في حالة غموض النص أو إبهامه من جهة ،وفي حالة
فغموض النص يعني أن هذا األخير ليس له معنى واضح محدد ،وإنما يحتمل
أكثر من تأويل وعلى القاض ي في هذه الحالة أن يجتهد في فهم النص وتحديد معناه.
وهو حين يفعل ذلك إنما يحدد الحكم الذي يتضمنه هذا النص .ولذا ،قد تختلف
وأما النقص في النص فيقع عندما يتعرض املشرع لبعض املسائل مباشرة
ويغفل في الوقت نفسه مسائل أخرى فال يبين أحكامها .ويتمثل دور القاض ي في هذه
الحالة في استخالص الحلول املناسبة للمسائل التي سكت عنها املشرع مستعينا في
ولذلك ،فقد "أصبح االجتهاد القضائي مطلبا حقوقيا بالنظر إلى ما يكفله من
توحيد للحلول القضائية وتوقعها على نحو يرسخ األمن القانوني ،الذي يهدف إلى
تمكين املواطن بدون جهد مضني من تحديد ما هو مباح وما هو محظور بمقتض ى
وتهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على بعض من أهم توجهات العمل
القضائي بخصوص بعض اإلشكاليات املطروحة في مجال تطبيق أحكام مدونة السير
على الطرق والتعديالت الطارئة عليها ،سواء على مستوى محكمة النقض أو محاكم
املوضوع.
الجنائي.
عندما توبع املطلوب من أجل جنحتين مختلفتين وهما السكر العلني البين
فإنه ال مجال لتطبيق مقتضيات الفصل 332من القانون الجنائي ما دام األمر يتعلق
قيام جنحة السياقة في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول مشروطة بتولي
إن املادة 321من مدونة السير تعاقب كل شخص يسوق مركبة وهو في حالة
سكر أو تحت تأثير الكحول مما يستلزم القول بأن اإلدانة تبقى مشروطة بتولي
السياقة مع وجود السائق في إحدى الحالتين ،وهو ما ينتفي في نازلة الحال ،وبالتالي
فإن املحكمة ملا صرحت ببراءة املطلوب من السياقة في حالة سكر على أساس أن
التهمة غير ثابتة بدليل إنكاره ومحضر الضابطة القضائية املتضمن أن السيارة كانت
متوقفة ولم تكن في حالة سير مما يجعل قرارها مؤسسا ومعلال تعليال كافيا.
السياقة في حالة سكر :اعتراف املتهم بحالة السكر يغني عن إثبات الحالة
عن طريق التحقق من نسبة الكحول في الدم أو من خالل الهواء املنبعث من
املحكمة ملا أيدت الحكم االبتدائي القاض ي بالبراءة من أجل السياقة في حالة
سكر على اعتبار أن السياقة في تلك الحالة غير ثابتة بالنظر لعدم التحقق من نسبة
اعترف اعترافا قضائيا أمام النيابة العامة باحتسائه كمية من الخمر ثم ركب سيارته
وفي طريقه وقعت الحادثة مما تكون معه املحكمة بعدم مناقشتها ملا نسب إليه
بتعديله بحذف عقوبة توقيف رخصة سياقة املتهم بعلة أنه ال مبرر لها بالنظر
لطبيعة األفعال املنسوبة للمتهم وظروفه االجتماعية وكونه يحتاج إلى رخصة
السياقة في عمله والحال أنها ال تملك سلطة الخيار في تطبيق املقتضيات املذكورة،
رخصة سياقة أجنبية غير صالحة لسياقة السيارات داخل املغرب :تعتبر
بتأمين املسؤولية املدنية عن العربات ذات محرك ،واملضمنة بقرار وزير املالية
رخصة السياقة عدم قيام الضمان ،فإنها لم تشترط في تلك الرخصة أن تكون
صادرة عن السلطات املغربية ،وإنما جاءت مطلقة غبير مقيدة ،وهو ما يحمل على
القول وبالنتيجة بأن مخالفة مقتضيات قرار وزير األشغال واملواصالت الصادر
بتاريخ ،3291/11/16والذي حدد على سبيل الحصر البلدان التي تكون رخصة
السياقة املسلمة فيها صالحة لسياقة السيارات داخل املغرب ،إنما تشكل مخالفة
لقانون السير ،وال أثر لها على قيام الضمان ،وذلك بغض النظر عن الدولة املصدرة
لرخصة السياقة ما دام أن الحصول على هذه األخيرة تتحقق به قرينة الدراية
بالسياقة.
رخصة السياقة املسلمة من دولة أجنبية :اتفاقية جينيف تمنح للدول حق
إن املحكمة ملا أيدت الحكم االبتدائي فيما قض ى به من إلغاء رخصة السياقة
األجنبية املسلمة للطاعن بدولة إيطاليا أو بأية دولة أجنبية والحال أن اتفاقية
الفصل 84منها ،وكدا التعديالت املدخلة عليها تعطي الحق للدول املتعاقدة في
سحب رخصة السياقة الوطنية أو الدولية إذا ارتكب في أراضيها مخالفة لقانونها
الوطني املتعلق بالسير وليس إلغائها كما ذهب إليه القرار املطعون فيه ،مما تكون
معه املحكمة ملا قضت بما ذكر لم تجعل لقضائها أساسا من القانون وجعلته عرضة
رخصة السياقة املؤقتة :انتهاء صالحيتها ال يعني عدم التوفر على رخصة
السياقة
ما دام الطالب كان يقود سيارته وهو حاصل على رخصة سياقة مؤقتة صالحة
ملدة 61يوما لغاية استبدالها بالرخصة اإللكترونية ،فإنه يتوفر فعال على رخصة
السياقة وال يدخل في خانة الفقرة األولى من املادة 342من مدونة السير .واملحكمة
ملا قضت بإدانته من أجل املخالفة املنسوبة إليه استنادا إلى انتهاء صالحية رخصة
السياقة في حين أن املادة املشار إليها تتحدث عن عدم التوفر على رخصة السياقة
ال عن انتهاء صالحيتها يكون قرارها قد جاء مشوبا بسوء التعليل املوازي النعدامه
ومعرضا للنقض.
نصت املادة 9من مدونة السير على ضرورة الحصول على رخصة سياقة
مناسبة لصنف الدراجة واعتبرت أن تطبيق هذه املقتضيات يتوقف على صدور
اعتبره واجب التنفيذ من يوم صدوره وأن ما ذهب إليه القرار ال يرتكز على أساس
ويعرضه للنقض .ولو أن املادة 9املذكورة كما تم تغييرها نصت على كون الدراجة
ثالثية العجالت بمحرك من العربات التي ينبغي توفر سائقها على رخصة سياقة
سارية الصالحية ومسلمة من اإلدارة طبقا للمادة األولى من القانون ذاته ،فإن
تطبيق املقتض ى املذكور معلق على تحديد الكيفيات واآلجال املتعلقة به وفقا ملا
تنص عليه املادة الخامسة من نفس القانون ،وهو األمر الذي لم يكن محققا وقت
الحادثة ،واملحكمة مصدرة القرار املطعون فيه ملا اعتبرت ضمان شركة التأمين
للحادث يظل قائما وما أثارته بهذا الخصوص يكون غير مؤسس استنادا للمقتضيات
-القرار عدد
بظروف التشديد :االكتفاء بتوقيف رخصة السياقة دون إلزامية الخضوع لتكوين
خاص في التربية على السالمة الطرقية فيه خرق ملقتضيات مدونة السير
املحكمة ملا قضت بإدانة املتهم من أجل جنحتي القتل والجرح غير العمديين
الناتجين عن حادثة سير وعدم احترام مسافة األمان والتجاوز املعيب ،بعد تبني علل
وحيثيات الحكم االبتدائي الذي اكتفى بتوقيف رخصة سياقة املطلوب دون أن ينص
على العقوبة اإلضافية األخرى املتمثلة في إلزامية خضوع املطلوب لتكوين خاص في
لئن كانت املادة 358من مدونة السير التي توبع املطلوب طبقا ملقتضياتها
تشترط لإلدانة من أجل قيادة مركبة تتطلب سياقتها الحصول على رخصة سياقة
أن يكون السائق قد صدر في حقه مقرر قضائي حائز لقوة الش يء املقض ي به أو قرار
السادسة من املادة 882من نفس املدونة توقف رخصة السياقة بقوة القانون إذا
لم يتم أداء الغرامة التصالحية والجزافية داخل أجل 35يوما من اليوم املوالي
لتسليم رخصة السياقة للعون محرر محضر املخالفة وذلك في حالة عدم األداء
الفوري ملبلغ تلك الغرامة ،مما يفض ي إلى القول بأن ذلك التسليم يترتب عنه في
هذه الحالة اآلثار القانونية لتوقيف رخصة السياقة من طرف اإلدارة املنصوص
بالعقوبات اإلضافية
عندما تقض ي املحكمة باإلدانة من أجل الجرح الخطأ الناتج عن حادثة سير
واقتران ذلك بمخالفة عدم احترام حق األسبقية ،أي تحقق إحدى الحاالت
املنصوص عليها في الفقرة الثانية من املادة 69من مدونة السير ،ومعاقبتها بالغرامة،
فإنها لم تطبق العقوبات اإلضافية املتمثلة في توقيف رخصة السياقة من ستة أشهر
إلى سنة وإلزامية الخضوع على نفقة املدان إلى تكوين خاص في التربية على السالمة
الطرقية املنصوص عليها في الفقرة الثالثة من املادة 362من املدونة املذكورة ،مما
الجرح الخطأ الناتج عن حادثة سير مقرون بالسياقة خرقا ملقرر قضائي بسحب
رخصة السياقة :االقتصار على عقوبة إضافية واحدة فيه خرق للقانون وغير خاضع
للسلطة التقديرية
املحكمة رغم إدانتها للمطلوب من أجل الجرح الخطأ الناتج عن حادثة سير
املقرون بالسياقة خرقا ملقرر قضائي بسحب رخصة السياقة املنصوص عليها وعلى
عقوبتها األصلية في املادة 369من مدونة السير ،فإنها قضت بعقوبة إضافية واحدة
تتمثل في توقيف رخصة السياقة ملدة ستة أشهر دون العقوبة اإلضافية األخرى
املتمثلة في الخضوع على نفقته لتكوين خاص في التربية على السالمة الطرقية رغم
أنها ال تملك أية سلطة بخصوصها ومن قبولها استئناف النيابة العامة الذي ينشر
الدعوى أمامها ،مما تكون معه قد خرقت مقتضيات املادة 362من مدونة السير
األدنى متى قرروا تمتيع املحكوم عليه بظروف التخفيف بشرط التعليل .ومن تم
فإن األثر القانوني ملنح الظروف املخففة ال يمكن أن يمس العقوبات اإلضافية عند
نظر املحكمة في جنحة الجروح غير العمدية وقطع خط متصل .واملحكمة مصدرة
القرار املطعون فيه تكون قد خرقت القانون ملا اكتفت بتأييد الحكم االبتدائي الذي
قض ى فقط على املطلوب بغرامتين ماليتين بعلة تمتيعه بظروف التخفيف والحال
أن إدانة املطلوب من أجل الجروح غير العمدية يقتض ي وجوبا األمر بتوقيف رخصة
املدان ملدة ثالثة أشهر على األكثر وإلزامه بالخضوع على نفقته لتكوين خاص في
التربية على السالمة الطرقية إعماال ملقتضيات الفقرة األولى من املادة 362من
مدونة السير.
اإلدانة من أجل الجروح غير العمدية الناتجة عن حادثة سير املترتب عنها عاهة
مستديمة واملقرونة بعدم احترام عالمة قف تستوجب أوال إلغاء رخصة السياقة مع
املنع من اجتياز امتحان الحصول على رخصة جديدة خالل مدة من سنة إلى سنتين
وثانيا إلزامه بالخضوع على نفقته لتكوين خاص في التربية على السالمة الطرقية،
واملحكمة املطعون في قرارها ملا قضت ،تأييدا منها للحكم االبتدائي فيما تعلق منه
بالعقوبات اإلضافية ،فقط بتوقيف رخصة سياقة املطلوب ملدة سنة بقضائها على
تنعدم به لديه نية التملص من املسؤوليتين املدنية والجنائية وبالتالي جنحة الفرار.
اعتبرت محكمة النقض ان املحكمة مصدرة القرار عندما قضت بإلغاء الحكم
ببراءته من ذلك بعلة انه التحق بمصلحة الدرك امللكي لإلخبار قد اساءت تطبيق
مفهوم محاولة التملص من املسؤولية الجنائية و املدنية لكون جنحة الفرار تتحقق
حسب املادة 328من مدونة السير بمجرد عدم توقف السائق عقب ارتكاب الحادثة
و التسبب فيها و ان املتهم عندما قام بصدم الضحية و استمر في السير و ان توجهه
للدرك ال يعد مبررا للقول بانتفاء الجنحة مادام قد فوت على الضابطة اجراء
املعاينات الالزمة لتحديد مسؤولية كل طرف فيها على ضوء حالة االمكنة و تموقع
املركبتين.
لقضاة املوضوع ،انتهت محكمة النقض إلى أن استخالص ثبوت الجريمة او عدم
ثبوتها من الوقائع يرجع لقضاة املوضوع بما لهم من كامل السلطة التقديرية ،وال
الفرار عقب ارتكاب حادثة وعدم التوقف بمكان الحادثة :محاولة التملص
وجدت على بعد كيلومترين من مكان الحادثة متوقفة في إحدى األزقة وذلك بعد
قيام رجال الضابطة القضائية بتحرياتهم لضبط مرتكب الحادثة ،وأنه بعد العثور
عليها قام السائق بااللتحاق بمخفرهم فإنه ال مجال لنفي توافر العناصر التكوينية
القتل غير العمدي -السياقة في حالة سكر -الفرار :عقوبات أصلية وإضافية
في حالة ما إذا تسبب السائق في حادثة سير نتج عنها قتل غير عمدي واقترن
هذا الفعل بالسياقة في حالة سكر وبالفرار يجب على املحكمة إلغاء رخصة سياقة
السائق مع املنع من اجتياز امتحان الحصول على رخصة جديدة خالل سنتين إلى
أربع سنوات مع إلزامية خضوعه على نفقته لتكوين في التربية على السالمة الطرقية
طبقا ملقتضيات املادة 391من مدونة السير واملحكمة ملا قضت بعقوبة املطلوب من
أجل القتل غير العمدي الناتج عن حادثة سير والسياقة في حالة سكر وتحت تأثيره
والفرار والتملص من املسؤولية الجنائية إال أنها اقتصرت على توقيف رخصة
سياقته ملدة سنة واحدة فقط تأييدا منها للحكم االبتدائي تكون قد خرقت
ملا كان الثابت من مضمون القرار املطعون فيه أن املطلوب في النقض أدين
من أجل التسبب في حادثة سير نتج عنها قتل غير عمدي والفرار عقب ارتكاب الحادثة
طبقا للمواد 29و 28و 391و 328و 326من مدونة السير وعدم مالءمة السرعة
لظروف الزمان والسير ،فإن املحكمة املطعون في قرارها ملا قضت بتوقيف رخصة
ً
السياقة للمطلوب ملدة سنة واحدة تأييدا منها للحكم االبتدائي دون مراعاتها
للمقتضيات أعاله ،تكون قد خرقت املادة املومأ إليها آنفا فيما يخص العقوبة
اإلضافية حين لم تقض سوى بتوقيف رخصة السياقة .والحال أن املادة 398من
نفس املدونة تستوجب إلغاء الرخصة املذكورة ،لذلك تكون املحكمة بقضائها
بخالف ذلك ،قد أساءت تطبيق القانون وعرضت قرارها للنقض واإلبطال.
القتل غير العمدي :إلزامية توقيف رخصة السياقة والخضوع لتكوين خاص في
وهو من األفعال املنصوص عليها وعلى عقوبتها في املادة 398من مدونة السير ،فإنها
لم تقض عليه سوى بعقوبة إضافية واحدة تتمثل في توقيف رخصة السياقة ملدة
سنة دون العقوبة اإلضافية األخرى املتمثلة في الخضوع على نفقته لتكوين خاص
في التربية على السالمة الطرقية والحال أن العقوبتين اإلضافيتين املذكورتين ال
صياغة نص املادة 391من نفس املدونة ،وبقضائها على هذا النحو تكون قد خرقت
القانون.
يجب لزوما أن توجد وثيقة الفحص التقني على متن املركبة أثناء سيرها على
الطريق العمومية ،وهو ما يفض ي إلى القول بأن سائق املركبة وإن لم يكن مالكها
يبقى مطالبا باإلدالء بشهادة املراقبة التقنية متى تمت مطالبته بها في إطار ما
تقتضيه أحكام مدونة السير على الطرق بشأن العقوبات والتدابير اإلدارية ومعاينة
املخالفات ،األمر الذي يكون معه القرار املطعون فيه عندما انتهى إلى التصريح ببراءة
املطلوب من انعدام شهادة الفحص التقني قد جاء مشوبا بسوء التعليل املوازي
بمقتض ى املادة 324في فقرتها 83من مدونة السير ،فإنه يحظر على الراجلين
دخول الطريق السيار ،وأن املرور بها يقتصر على العربات املجهزة بمحرك آلي ،وعلى
األشخاص الوارد حصرهم في املادة 351من املرسوم املتعلق بتطبيق مدونة السير
والذين ال يندرج ضمنهم الهالك وهو ما يتعين معه القول بأن دخول الهالك بالطريق
السيار ليال وإقدامه على عبوره خالفا ملا يقتضيه القانون يشكل سببا خارجيا أدى
باملطلوب إلى ارتكاب الحادثة بسبب استحالة تجنبها ماديا وهو ما يشكل أحد
األسباب املبررة التي تمحو الجريمة عمال بمقتضيات املادة 384من القانون الجنائي
وتأسيسا على ذلك ،ملا قضت املحكمة املطعون في قرارها ببراءة املتهم من أجل القتل
الثابتة لديها بناء على سلطتها التقديرية في تقييم األدلة املعروضة عليها ،والتي ال
تمتد إليها رقابة محكمة النقض ما لم يقع تحريف أو تناقض مؤثران ،وهو ما لم يثر
ولم يالحظ من خالل مضمون القرار املطلوب نقضه ،ومن تم تكون املحكمة املصدرة
لذلك القرار استعملت سلطتها اآلنفة الذكر ملا حملت سائق املركبة املؤمن عليها من
طرف الطالبة نصف مسؤولية الحادثة مراعاة لألخطاء الصادرة من طرفه ،واملتمثلة
في الوقوف املعيب ،وعدم استعمال املثلث الدال على العطب ،وعدم استعمال
الضوء األحمر الخلفي املشير للتوقف ليال ،فجاء قرارها بذلك مؤسسا ومعلال تعليال
كافيا.
املحكمة مصدرة القرار املطعون فيع ملا قضت على املطلوب في النقض بغرامة
نافذة قدرها 111درهم من اجل مخالفة عدم استعمال حزام السالمة في إطار املادة
326من مدونة السير ،وهي مخالفة من الدرجة الثالثة يعاقب عليها القانون بغرامة
من 111إلى 611درهم ،وال تدخل ضمن الحاالت التي أوجب فيها املشرع توقيف
وقضت بإرجاع رخصة السياقة إليه لنفس العلة أعاله لم تخرق أي مقتض ى قانوني
الئحة املراجع
" -تعميم االجتهاد القضائي :مساهمة في خدمة العدالة" ،ذ .محمد عبد النباوي،
بلدنا العزيز حفظه هللا ورفع عنه هذا الوباء ،أعلنت اململكة املغربية عن حالة
الطوارئ الصحية بهدف الحد من انتشار الفيروس بين املواطنين املغاربة ،وقد جاء
هذا القرار تناسبا وتطبيقا ملبادئ ومقتضيات الوثيقة الدستورية والتي تنص على
واجب الدولة في حماية الصحة العامة والحق في الحياة "الفصلين 81و 83من
الدستور املغربي" ،429وتم بناء على ذلك إصدار مرسوم بقانون رقم 4308.81.82نشر
- 429ينص الفصل 02من الدستور على أنه" :الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان .ويحمي القانون هذا الحق".
- 2المرسوم بقانون رقم 0.02.0.0الصادر في 02رجب 1441الموافق ل 02مارس ،0202المتعلق بسن أحكام خاصة
بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها ،جريدة رسمية عدد 8286مكرر بتاريخ 0.رجب 1441الموافق ل 04
مارس ،0202ص.1620 :
حددت مجموعة من األفعال واعتبرتها جرائم ،وخلفت على مرتكبيها عقوبات زجرية
كان الهدف منها تحقيق الردع بغية انضباط الجميع للمقتضيات التي تضمنها
املرسوم بقانون وبالتالي الحد من انتشار فيروس كوفيد 32والقضاء عليه نهائيا
وإعالن اململكة خالية من هذا الفيروس ،األمر الذي لم يتحقق لحدود كتابة هذه
ينصرف معنى الردع إلى تلك التدابير واإلجراءات املرصودة من قبل املشرع
والهادفة على وجه العموم لتقرير نظام عقابي مثالي ،سعيا للحد من الظاهرة
اإلجرامية وما تخلفه هذه األخيرة من تهديد ألمن وسالمة حياة الجماعة من جهة،
وما قد تخلفه من مساس وانتهاك للحياة الفردية من جهة ثانية ،وقد عرف الردع
تبعا لهذا املعنى تطورا كبيرا شمل جميع الجوانب املرتبطة به خاصة تلك املتصلة
بالغايات واألهداف التي رصدت لتحقيق أغراض العقوبة ،وما صاحب ذلك من
وسائل وبرامج وأنظمة عالجية وتقويمية يخضع لها املحكوم عليه ملواجهة الخطورة
اإلجرامية الكامنة بداخله والحد من عوامل اإلجرام املحيطة به على النحو الذي
يمكن من تأهيله اجتماعيا وذلك بأن تبنت التشريعات العقابية عدة أنظمة والتي
من شأنها أن تزيد من فعالية السياسة العقابية وتيسر لها تحقيق أهدافها.
حيث كشف التطور الحديث الذي لحق بالسياسة الجنائية عن مبدأ هام وهو
مبدأ التناسب ويتوجه مضمون هذا املبدأ إلى املشرع وينبه إلى ضرورة مراعاة
التناسب بين إيالم العقوبة الجنائية والجريمة التي تقررت لها هذه العقوبة وظهر
بموازاته مبدأ املساواة في العقاب كرد فعل ضد نظام عدم املساواة الذي اتسمت
به اإلدارة الجنائية في النظم القديمة ،لكن املساواة في القانون الجنائي أدت إلى عدم
املساواة بين أناس مختلفين؛ ألن العقاب وإن كان واحدا في االسم فإنه يختلف في
الحقيقة باختالف النوع والسن والظروف ،وغير ذلك من األحوال ،فالشكلية التي
اتسم بها االتجاه املحافظ كادت تقض ي على املبررات التي من أجلها نودي بمبدأ
الشرعية ،وذلك بالنزول بالقاض ي إلى مستوى اآللة في تطبيقه للقانون بحرمانه من
أي سلطة تقديرية ،وهذا بطبيعة الحال ،يضر بمبدأ املساواة أمام القانون الذي
الواقعية التي أحاطت بارتكاب الجريمة ومن تم فإن املساواة الحقيقية هي املساواة
وحيث أن التجريم والعقاب البد وأن يخضع لقاعدة عامة مفادها "الضرورة
والتناسب" ،فإذا كان معيار الضرورة واضح وال خالف حوله وهو ما تعيشه اإلنسانية
من أزمة صحية بسبب جائحة كورونا أرخت بظاللها على جميع املجاالت ،فإن معيار
التناسب يبقى محط تساؤل ويثير نقاشات متعددة ومختلفة تنصب أساسا عن مدى
تناسب العقوبات املقررة بمقتض ى املرسوم بقانون حالة الطوارئ الصحية وتطبيق
القضاء لهذه املقتضيات مع األفعال املجرمة باالرتكاز على فلسفة العقاب واحترام
لإلجابة على هذه اإلشكالية سنتناول املوضوع وفق خطة دراسية ثنائية تعتمد
املحور الثاني :قراءة في أحكام قضائية صدرت خالل فترة الحجر الصحي .
وهذا املرسوم بقانون حدد مبررات اللجوء إلى إعالن حالة الطوارئ الصحية
واإلجراءات املتبعة من أجل اإلعالن عنها وتمديدها ،كما أنه حدد صالحيات الشرطة
اإلدارية التي تم تأهيل السلطات العمومية التخاذها في سبيل مواجهة تفش ي الوباء،
- 431المرسوم بقانون رقم 0.02.0.0الصادر في 02رجب 1441الموافق ل 02مارس ،0202المتعلق بسن أحكام خاصة
بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها ،جريدة رسمية عدد 8286مكرر بتاريخ 0.رجب 1441الموافق ل 04
مارس ،0202ص.1620 :
إن األصل في تشريع القوانين يعود للبرملان بوصفه سلطة تشريعية (الفصلين
91و 93من الدستور) ،إال أن الحكومة تتقاسم معه ممارسة السلطة التشريعية
من خالل اصدار مراسيم القوانين في مجال القانون سواء بمقتض ى الفقرة الثالثة
من الفصل 91أو بموجب الفصل 23منه ،وهو ما يثير تساؤالت حول السلطة التي
لها الحق في التشريع وتجريم األفعال وخصوصا تحديد العقوبات الخاصة بهذه
الجرائم علما أن هذه العقوبات كما هي واردة في املادة 4من املرسوم بقانون تمس
على مخالفة أحكام الفقرة السابعة بالحبس من شهر إلى ثالثة أشهر وبغرامة تتراوح
بين 111و 3111درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين ،وذلك دون اإلخالل بالعقوبة
الجنائية األشد".
يتضح من خالل هذه املادة أن املشرع املغربي اعتمد نفس السياسة الجنائية
املتبعة في الظروف العادية رغم أن األمر يتعلق بظرف صحي استثنائي يتمثل في
انتشار فيروس كوفيد 32وتهديده لألمن الصحي بالبلد ،ومع ذلك فاملشرع اتبع نظام
وتتميز هذه العقوبة بأنها جنحة ضبطية معاقب عليها بالحبس أو بالغرامة
بحيث يمكن للقاض ي االختيار بين الحبس أو الغرامة أو الجمع بينهما تبعا لسلطته
التقديرية في تفريد العقاب طبقا للفصل 343من القانون الجنائي مراعيا في ذلك
ولم يلزم املشرع املحكمة أن تعلل تفريد العقاب بل أوجب عليها الفصل 55
من القانون الجنائي في حالة جعل العقوبة موقوفة أن تعلل ذلك ،وكذا في حالة
وتكون املحكمة غير ملزمة ببيان عدم منح ظروف التخفيف للمتهم متى ارتأى
نظرها ذلك لكون ذلك يخضع للسلطة التقديرية ملحكمة املوضوع وال رقابة في ذلك
ملحكمة النقض.432
كما أشارت املادة الرابعة من املرسوم بقانون حالة الطوارئ الصحية ،أن هذه
العقوبة املخصصة لخرق أحكام الطوارئ يراعى فيها عدم وجود عقوبة جنائية لفعل
أشد وفقا لعناصر املتابعة ،ويقصد بالعقوبة الجنائية األشد أي عقوبة أشد سواء
أكانت جنحة تأديبية أو جنائية ألن عبارة الجنائية وردت هنا ليس بمنطق الجناية
بالرجوع للقانون الفرنس ي نجده قد ركز أساسا على العقوبات املالية ،حيث تم
فقرات نصت على عقوبات ملخالفة أحكام قانون الطوارئ الصحية ،وقد نصت على
املعاقبة بغرامة 315أورو عن مخالفة التدابير املشار إليها أعاله ،وفي حالة العود
- 432قرار محكمة النقض عدد 820بتاريخ ،0218/5/4في الملف الجنحي عدد ،15-5042منشور بنشرة قرارات محكمة
النقض الغرفة الجنائية ،الجزء السادس والعشرون ،ص.122:
يحكم بغرامة تتراوح بين 3511و 1111أورو ،أما إذا تكررت املخالفة ألكثر من ثالث
مرات خالل الثالثين يوما ،فتكون العقوبة هي الحبس ملدة ستة أشهر وغرامة 1951
أورو ويحكم بعقوبة تكميلية إذا ارتكبت املخالفة باستعمال عربة وذلك بسحب
رخصة السياقة ملدة ال تزيد عن ثالث سنوات ،وفي حالة مخالفة األوامر بالتسخير
وقد اعتمدت فرنسا على غرار عدد من الدول األوروبية مقاربة تعتمد على
التدرج في العقوبة من الغرامة إلى الرفع منها ثم النص على العقوبة الحبسية كعقوبة
مشددة ،وبمقارنة التشريع املغربي في هذا الصدد نالحظ أن املرسوم بقانون حالة
الطوارئ الصحية لم يكن موفقا في إعمال مبدأ تفريد العقاب ،حيث أنه اعتمد
الغرامة والعقوبة الحبسية كأساس لعقاب مخالف مقتضيات حالة الطوارئ ،بل
أكثر من ذلك أشار إلى أنه باإلمكان اللجوء إلى القانون الجنائي إذا ما تطلب األمر
ذلك وبهدف تشديد العقاب أي الحكم بعقوبات أشد ،وهذا التوجه يزيد من تكريس
أزمة العقوبات السالبة للحرية ويعمق من أزمة السجون التي تعاني من االكتظاظ
وما يؤدي إليه ذلك من استفحال الجريمة وتنامي ظاهرة العود إلى اإلجرام ،فقد
يرتكب شخص ما جريمة بسيطة تتمثل في عدم ارتداء الكمامة الواقية أو الخروج
بدون ترخيص السلطات املعنية في ظل حالة الطوارئ الصحية ،ويحكم عليه بعقوبة
سالبة للحرية فيلتقي في السجن بمجرمين أكثر خطورة فيتعلم منهم ويتأثر بهم ليصبح
مستقبال محترفا لإلجرام فكان حريا باملشرع املغربي وتالفيا لتلك النتائج الوخيمة
على منظومة العدالة وعلى املجتمع كله أن يكتفي بالغرامات كعقوبات مخصصة
لخرق حالة الطوارئ الصحية ،وأن يعتمد أساليب أخرى لردع مخالفي مقتضيات
الحجر الصحي ،كسحب رخصة السياقة أو حجز املركبات التي يتم بواسطتها خرق
أحكام قانون الطوارئ الصحية وغيرها ،وحتى إن تم اللجوء إلى العقوبات السالبة
للحرية فكان من األجدر جعلها تسري في أضيق الحدود ومرتبطة بالعود إلى خرق بنود
حالة الطوارئ.
ورد في بالغ عن رئاسة النيابة العامة "أن النيابات العامة بمحاكم اململكة
تابعت منذ دخول املرسوم بقانون املذكور حيز التنفيذ بتاريخ 84مارس 8181إلى
غاية يوم الخميس 18أبريل 8181على الساعة الرابعة زواال ،ما مجموعه 4215
شخصا قاموا بخرق حالة الطوارئ الصحية ،من بينهم 114أحيلوا على املحكمة في
حالة اعتقال ،كما كانت النيابات العامة قد تابعت 861شخصا منهم 41شخصا في
حالة اعتقال ،من اجل مخالفة بعض مقتضيات القانون الجنائي ،منذ إعالن
السلطات العمومية لحالة الحجر الصحي بتاريخ 81مارس وإلى غاية 81مارس من
هذه السنة ،ليصل بذلك مجموع املتابعين في هذا اإلطار إلى 5122شخصا."434
وبتأمل هذه اإلحصائيات الرسمية يتبين أنه خالل مدة عشرة أيام تم تقديم ما
وبلغت نسبة املتابعين في حالة اعتقال ،%6.23وهذا يعيد طرح إشكالية االعتقال
االحتياطي واملساوئ التي تترتب عنه وتمس باملتهم وأسرته ويزيد الوصم االجتماعي
الطين بلة.
عالوة على ما ذكر فإن هذا الكم الهائل من املتابعات ،سواء في حالة اعتقال
أو في حالة سراح ،بسبب خرق حالة الطوارئ الصحية سيشكل ضغطا هائال على
مختلف مصالح الشرطة القضائية وعلى القضاء ملعالجة ملفاتهم ،ويطرح تحدي
للمتهمين وتخضع لألجل املعقول للمحاكمة كمبدأ دستوري منصوص عليه في
الفصل 381من الدستور ،435زد على ذلك إصدار عقوبات حبسية قصيرة املدة كما
هو منصوص عليه في املادة 4من القانون بمرسوم حالة الطوارئ الصحية لن تجدي
- 434الموقع الرسمي للنيابة العامة www.presidenceministrepublic.ma :اطلع عليه بتاريخ ،0202/5/02 :على
الساعة.12:22 :
- 435ينص الفصل 102من الدستور المغربي على أنه" :لكل شخص الحق في محاكمة عادلة ،وفي حكم يصدر داخل أجل
معقول.
حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم".
في بالغ مشترك ،صدر بتاريخ 6أبريل 8181على إلزامية وضع الكمامات الواقعية
بالنسبة لجميع األشخاص املسموح لهم بالتنقل خارج مقرات السكن في الحاالت
االستثنائية املقررة سلفا ،وذلك ابتداء من يومه الثالثاء سابع أبريل .8181
وقد تم االستناد في هذا على املرسوم بقانون رقم 8.81.828الصادر بتاريخ 81
مارس ،8181املتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن
عنها ،والذي منح السلطات الحكومية املكلفة بتدبير حالة الطوارئ الصحية اتخاذ
اإلجراءات املناسبة لحماية صحة وأمن املواطنين ،والسهر على تطبيق كافة التدابير
الواجب اتخاذها خالل فترة الحجر الصحي ،ويتم اتخاذ تلك التدابير بموجب مراسيم
تبعا لذلك أصدرت رئاسة النيابة العامة دورية بتاريخ 19أبريل 8181وتتعلق
بمخالفة "حمل الكمامات" خالل فترة الحجر الصحي ،وقد جاءت هذه الدورية
بعدما تم اعتبار عدم حمل "الكمامات الواقية" من طرف األشخاص املسموح لهم
بمغادرة مساكنهم ألسباب خاصة ،يشكل جنحة يعاقب عليها بمقتض ى املادة الرابعة
من املرسوم بقانون رقم ،8.81.828وهذه الجنحة تعتبر منفصلة عن جنحة خرق
تدابير الحجر الصحي املتعلق بعدم مالزمة مكان اإلقامة ،أو خرق غيرها من التدابير
بمناسبة حالة الطوارئ الصحية بواسطة بالغ مشترك صدر من وزارة الداخلية،
والصناعة واالستثمار والتجارة واالقتصاد الرقمي ،هذا البالغ لم يتم اإلعالن عنه
من أجل االطالع عليه إال في وقت متأخر من يوم 6أبريل ليلزم جميع املواطنين
املغاربة بوضع الكمامة الواقية ابتداء من يوم 9أبريل ،8181وهذا الوقت لم يكن
كافيا ووصف البالغ باملتسرع في اإللزام بهذا املقتض ى عموما ،وما زاد اإلشكال
تعقيدا هو عدم توفر الكمامات الواقية بالصيدليات واملتاجر وهو ما يجعل تطبيق
هذه املقتضيات غير ذي منطق وال يتماش ى وواقع الحال ،فكان من األولى توفير
الكمامات الواقية بمختلف املحالت التجارية والصيدليات أوال ثم إعطاء مهلة كافية
ال تقل عن يومين حتى يستطيع املواطن اقتناء الكمامة وبعد ذلك يمكن جعل عدم
وضع الكمامة مخالفة ،أقول مخالفة حسب رأيي وليس جنحة كما ورد في الدورية؛
ألن فعل ارتداء الكمامة الواقية من غيره ال يشكل خطرا كبيرا يهدد املجتمع،
خصوصا إذا ما قرنا ذلك بتصريح سابق لرئيس الحكومة يؤكد فيه أنه ال داعي
الرتداء الكمامات وأن من يجب عليه وضعها هو الشخص الصاب بالفيروس فقط
،وما صاحب ذلك من تضارب في اآلراء من طرف املختصين في املجال الطبي حول
- 436المملكة المغربية ،رئاسة النيابة العامة ،الدورية تتعلق بمخالفة "حمل الكمامات" خالل فترة الحجر الصحي ،صادرة
بتاريخ 6أبريل ،0202ص 1 :و .0
طريقة انتشار فيروس كورونا ومدى فعالية استعمال الكمامة في الحد من انتشار
الفيروس ،وبناء عليه كان من األجدى اعتبار عدم وضع الكمامة الواقعية مخالفة
واالقتصار في معاقبة مخالفي هذا األمر على الغرامات وذلك أقص ى ما كان يلزم
كعقوبة مخصصة لهذا املقتض ى ،إال أن الدورية ،أحالت على العقوبات الواردة في
تتراوح بين شهر وثالثة أشهر والغرامة التي تتراوح بين 111و 3111درهم أو بإحدى
هاتين العقوبتين ،وهو ما ال يتناسب بتاتا مع مخالفة وضع الكمامة الواقعية ،ثم إن
اإلحالة على املرسوم بقانون وهذا األخير تضمن أيضا إحالة على القانون الجنائي
املرسوم بقانون 8.81.828في اتخاذ اإلجراءات الالزمة للحفاظ على سالمة وأمن
املواطنين وذلك بموجب مراسيم أو مقررات تنظيمية وإدارية ،أو بواسطة مناشير
وبالغات (املادة الخامسة من املرسوم بقانون) ،ومن خالل املقتض ى السالف الذكر
واملتعلق بمخالفة وضع الكمامة الواقية يتضح أن الحكومة لها الحق حسب هذا
السياق في أن تجرم ما شاءت من األفعال وأن تحدد العقوبات كما تريد وذلك
بواسطة منشور فقط ،وهذا ما يطرح بشكل قوي اإلشكال املتعلق بالشرعية،
خصوصا وأن سلطة التشريع في األصل تعود للبرملان أما الحكومة فلها هذه
الصالحية بشكل استثنائي ،واالستثناء ال يجب التوسع في تفسيره وال يجب أن يتنافى
مع املبادئ العامة وأال يمس بالحقوق والحريات التي يكفلها الدستور املغربي
الصحية كما يبدو من املادة 4فإن الضابطة القضائية قد كانت صارمة في تطبيق
بنود املرسوم بقانون ويتجلى ذلك من خالل عدد املتابعين ،وما صاحب ذلك من
إسراف في اللجوء إلى االعتقال ويظهر ذلك من خالل اإلحصائيات السالفة الذكر
وما يزيد األمر تعقيدا هو توقف املحاكم عن العمل بالشكل العادي كما هو معروف
في األيام قبل انتشار فيروس كورونا ،اللهم الحل الذي ابتدع ملحاولة تصريف قضايا
املتابعين في حالة اعتقال والذي يتمثل في املحاكمة عن بعد وما يطرحه هذا األمر
أيضا من إشكاالت تتعلق أساسا بمبدأ الشرعية ومدى احترام ضمانات املحاكمة
العادلة ،ليبقى املتابعون في حالة سراح غير معروف تاريخ محاكمتهم وهو ما يجعلنا
املحور الثاني :قراءة في أحكام قضائية صدرت خالل فترة الحجر الصحي
بتطبيق مقتضيات خرق حالة الطوارئ الصحية املرتبطة بانتشار فيروس كورونا
لظروف التشديد في الحاالت التي عرفت تجاوز وعدم االنضباط لبنود وما جاء به
4378181واملتعلق بضبط أحد عشر شخصا وهم يتواجدون بمحل خاص باألنترنيت
ولم يكونوا يتوفرون على رخصة التنقل الخاصة ،حيث تمت متابعة شخصين منهم
في حالة اعتقال وأن أحدهما حسب ما جاء في الحكم تنازل عن حقه في الدفاع وبعد
التأمل طبقا للقانون قضت املحكمة ابتدائيا علنيا وحضوريا في حق املتهم األول
والحكم على املتهم األول والثاني بالحبس النافذ ملدة شهرين اثنين وغرامة نافذة
قدرها 3111درهم والحكم على باقي املتهمين بالحبس املوقوف التنفيذ ملدة شهرين
اثنين وغرامة نافذة قدرها 3111درهم مع تحميلهم الصائر تضامنا وتحديد مدة
بفلسفة العقاب والظروف التي فرضتها حالة انتشار وباء كورونا وما يجب مراعاته
- 437حكم في ملف جنحي تلبسي عدد ،8080/299الصادر بتاريخ ،8080-09-08 :عن المحكمة االبتدائية بفاس ،غير منشور.
من مبادئ قانونية ،وحيث إن متابعة شخصين في حالة اعتقال كان من األولى عدم
اللجوء إلى االعتقال ومتابعة الجميع في حالة سراح ،نظرا ملا في االعتقال من مساس
بالحرية أوال ،ثم إن دخول الشخص ملؤسسة العقاب ومخالطة مجرمين محترفين
قد يجعل منه مجرما خطيرا في حين أنه مبدئيا خرق حالة الطوارئ وهو األمر الذي
يمكن النظر إليه من زاوية الشخص ودوافع ارتكابه لهذا الخرق بأنه ال يشكل خطورة
بمعنى غياب الخطورة اإلجرامية لدى الشخص ،رغم ما يمكن أن يقال من جهة
أخرى على أن فعل خرق حالة الطوارئ الصحية أي الجريمة تشكل خطرا بالغا على
األمن الصحي للمجتمع ،وهو ما يبرر التشدد في معاقبة املخالفين ،إال أن هذا األمر
لم يثبت في وقائع القضية أنه تحققت هذه النتيجة ليبقى الحكم املتشدد الصادر
معاقبا ملا يحتمل أن يحدث وليس ما وقع بالفعل وهو ما يطرح السؤال عن مدى
صحت مبرراته أوال وعن تحقيقه ألغراض العقوبة ثانيا ،علما أن السجون تعاني
اكتظاظا وهو ما يسهل أمر جعل كل من دخل إليها بمناسبة جريمة بسيطة أن يصير
من عتاة املجرمين ،كما أن العقوبات السالبة للحرية قصيرة املدة ال تصلح لتحقيق
التأهيل واالندماج اللذين يعتبران أهم أغراض وأهداف السياسة العقابية الحديثة.
ولعل ما جاء في الحكم بخصوص أحد املتابعين في حالة اعتقال أنه تنازل عن
حقه في الدفاع أي أن محاكمته كانت بدون مؤازرة محامي ،وهذا األمر يضع ضمانات
املحاكمة العادلة على املحك ،وهو ما يؤدي أيضا إلى التساؤل عن شرعية العقوبة،
خصوصا وأن املحكمة قضت بعقوبات سالبة للحرية ،فكان على املحكمة تعيين
محام ،في إطار املساعدة القضائية ملؤازرة املتهم احتراما لضمانات املحاكمة العادلة
االختصاص للبت في القضية ،438مع إحالة مقيم الدعوى العمومية على من له حق
النظر ،معتمدة في ذلك على املادة 121من قانون املسطرة الجنائية والتي تنص على
أنه "إذا لم يكن للفعل وصف جنحة أو مخالفة تدخل ضمن اختصاص املحكمة،
فإنها تصرح بعدم اختصاصها وتحيل الطرف الذي أقام الدعوى العمومية على من
له حق النظر".
وبالرجوع لوقائع القضية نجد أن فعل السرقة ارتكب من طرف شخصين قاما
بسرقة كبش ووضعاه بصندوق سيارة لشخصين آخرين ،وعند ضبطهما قامت
عناصر الشرطة بتفتيش صندوق السيارة الخلفي لتجد بداخله كيس به كبش من
الحجم الكبير ومبلغ مالي بحوزة أحد املتهمين بقيمة 1381درهم ،فباإلضافة لظرف
التعدد ،وبما أن هذا الفعل ارتكب في زمن الطوارئ الصحية ،بمناسبة انتشار
فيروس كورونا املستجد "كوفيد ،"32األمر الذي اعتبرته املحكمة كارثة ،وأعطت
- 438حكم جنحي رقم ،02-0122-4.5صادر بتاريخ ،2./24/0202عن المحكمة االبتدائية بالقنيطرة غير منشور.
لهذا الفعل املرتكب من طرف هؤالء تكييفا يجعل من هذا الجرم خارج اختصاص
الجنائي وبالضبط عبارة "أو أي كارثة أخرى" حيث جعلت املحكمة من انتشار فيروس
كوفيد 32باملغرب كارثة يمكن معها تطبيق مقتضيات الفصل 531من القانون
ال بد من اإلشارة بداية إلى أن جائحة كورونا شكلت خطرا على سكان
املعمور ،وتسببت في أزمة صحية أثرت بدورها على مختلف القطاعات واملجاالت
األخرى فأصبحت أزمة عامة ،مما دفع باململكة املغربية إلى إصدار مرسوم بقانون
رقم 8.81.828يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن
عنها ،حيث تم فرض الحجر الصحي وإلزام املواطنين بالبقاء في محل سكناهم وعدم
مغادرته إال للضرورة القصوى في محاولة لحصر انتشار الفيروس والقضاء عليه
نهائيا ،وبسبب ذلك هناك من اعتبر أن هذا الوضع أصبح معه من املتعذر على
األشخاص حماية ممتلكاتهم كما أن الوضعية املادية ألغلب األسر املغربية التي ال
تتوفر على دخل قار أصبحت متأزمة ،وهو ما يستدعي ويؤكد طرح املحكمة في جعل
انتشار فيروس كوفيد 32ظرف تشديد لتصير معه السرقة املرتكبة في ظل حالة
وتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن مواد وفصول القانون الجنائي تمس بشكل
مباشر حقوق وحريات األفراد وتتضمن قواعد زجرية يغلب عليها طابع الشدة
عبارات ومفاهيم فضفاضة وواسعة ،مما يترتب عنه مساسا خطيرا بحقوق األفراد،
إذا ما ارتبط ذلك بسوء فهم مقتضيات القانون الجنائي أو التوسع في تفسير ما جاء
في فصوله ،وهو ما يتناقض مع طبيعة القانون الجنائي ،والتي تعتمد باألساس مبدأ
الشرعية أي "ال جريمة وال عقوبة إال بنص قانوني" ثم االرتكان في تطبيق القانون
على عدم التوسع في تفسير عباراته ومصطلحاته بهدف عدم املس بحقوق الناس
التي لم يحرمها القانون وكذلك من أجل تفادي تشديد العقاب في غير محله وال في
نازلته ،ألن أمر تجريم سلوكات وأفعال األفراد من صلب اختصاصات السلطة
التشريعية.
هذه األخيرة لم تكن موفقة في صياغة نص قانوني جنائي واضح ودقيق كما هو
عليه األمر في الفصل 531من القانون الجنائي والذي يتضمن عبارة "أو أي كارثة
أخرى" الش يء الذي جعل الباب مفتوحا على مصراعيه من أجل االجتهاد في تفسير
وإدخال النازلة موقع الحال في مفهوم الكارثة وبالتالي إيجاد مصوغ قانوني لتشديد
العقاب ،وهو ما نجده غير سليم ويذكرنا بقانون "كل ما من شأنه" الذي ثارت بشأنه
أقالم الكثير من املتخصصين في املادة الجنائية حتى تم استبعاد هذه العبارة من
القانون الجنائي املغربي لنجد أنفسنا أمام عبارة أخرى شبيهة إلى حد كبير بعبارة
"كل ما من شأنه" ،و حتى اذا قبلنا جدال بالخوض في تفسير مصطلح "كارثة" فإنه
البد من الرجوع في ذلك إلى األصل ،أي القانون الفرنس ي ،هذا األخير نجده استعمل
مصطلح" "Troubleوهذا املصطلح يعني االضطراب ،أي عدم استتباب األمن ،وحالة
من الفوض ى العامة ،ومصطلح االضطراب يساير إلى حد كبير سياق الفصل 531
من القانون الجنائي املغربي ،ألنه هو ما يحصل و يحدث في أوقات الحريق أو
الفيضان أو االنفجار أو التمرد أو الغرق أو االنهدام ،حيث يكون األمن غير مستتب
وحيث أن الدولة قائمة ،بل أصبحت أكثر حذرا وتواجدا في الشوارع وجميع
األمكنة من أجل مراقبة مدى التزام املواطنين بالحجر الصحي ،كما أن فعل السرقة
موضوع القضية تم ضبطه بالسرعة املطلوبة ،فإن هذا ينفي ما اعتبره البعض من
أن حالة الحجر الصحي تجعل الناس غير قادرة على مراقبة وحماية ممتلكاتها ،وحيث
أن هذا األمر واجب أوال على الدولة من خالل السلطات املكلفة باستتباب األمن
والحفاظ على املصالح ورعاية املواطنين في كل مناحي حياتهم ،عالوة على ما قيل
فإننا نعتبر أنه من املستحسن أن يتجه القاض ي في تفسير نصوص القانون الجنائي،
إذا ما كان لذلك لزوم ،في منحى حماية حقوق املتهم وصيانة حقوق الدفاع ،بناء
على مجموعة من املبادئ الجنائية مثل املبدأ العام الذي يقض ي بأن "كل ما ليس
محرم فهو مباح" ،وكذلك مبدأ "تفسير الشك لصالح املتهم" ،باإلضافة إلى أن "تبرئة
لقد شدد املشرع العقوبة للسرقة املرتكبة أثناء هذه الحوادث نظرا ملا تكشف
عنه من خطورة واضحة ،فالجاني بدل أن يؤدي ما يفرضه عليه واجب التضامن
حالة االضطراب والفوض ى وعجز الضحية عن حماية ملكه ،فيقوم بالنهب و االثراء
والجشع على حساب الضحايا املذعورين من هول الكارثة وآالمها ،وال شك أن هذا
والعلة من تشديد العقوبة في حالة وقوع السرقة وقت الكوارث تبرز من خالل
األمثلة التي مثل بها املشرع للكوارث في الفقرة ما قبل األخيرة من الفصل 531من
القانون الجنائي ،حيث قرر تشديد عقوبة السرقة التي تقع في أوقات الحريق ،أو
االنفجار ،أو االنهدام ،أو الفيضان أو الغرق أو التمرد أو أية كارثة أخرى ،حيث يسود
الناس فيها االضطراب والخوف على حياتهم فيبحثون عن سبل النجاة بأنفسهم
وأبنائهم ،قبل التفكير في املال أووسائل حمايته من اللصوص ،أو ان هم فكروا فيه
يتأطر بالفصول من 343إلى 368من القانون الجنائي املغربي ،واملثير للجدل في هذه
الفصول هو الفصل 441363الذي ينص على أنه "في حالة اجتماع أسباب التخفيف
- 439أحمد الخمليشي ،القانون الجنائي الخاص ،الجزء الثاني ،مكتبة المعارف للنشر والتوزيع ،الطبعة الثانية ،سنة ،1.28
ص.282 :
- 440عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي المغربي ،القسم الخاص ،الطبعة الثانية ،سنة ،022.ص.282 :
- 441الفصل 181من القانون الجنائي المغربي.
وأسباب التشديد ،يراعي القاض ي في تحديد العقوبة مفعول كل منها على الترتيب
التالي:
-حالة العود.
ومن خالل هذا الفصل يتضح أن املشرع أعطى األولوية للظروف املشددة
بنوعيها في التطبيق ،وقيد بذلك السلطة التقديرية للقاض ي الجنائي بحيث جعل
الظروف القضائية املخففة آخر ما يتم األخذ به عند النظر في القضية من أجل
تقدير العقوبة ،إال أن هذا القول ال يعفي القاض ي من مسؤولية تحديد عقوبة عادلة
كفيلة بتحقيق غايات ومرامي علم العقاب واستحضار ما تعاني منه املنظومة
وعموما فإن املحكمة -أو القاض ي -ال يمكنها بأي حال من األحوال أن تتجاهل
الكيفية التي ارتأى املشرع نهجها عند اعمال األسباب املخففة للعقوبة أو األسباب
املشددة لها ،وال كيفية إعمال هذه األسباب املختلفة في حالة اجتماعها وتنوعها ما
وتجدر اإلشارة أيضا إلى أن املشرع نهج سياسة تشديد العقوبة في حالة العود
إلى الجريمة وهو ما تؤكده الفصول 355و 359و 352من القانون الجنائي ،حيث
أن العقوبة السالبة للحرية قد تصل لضعف العقوبة املقررة للجريمة في حالة
العود ،والذي نريد اإلشارة إليه في هذا الصدد هو عالقة تشديد العقوبة بإصالح
الجاني واإلقالع عن ارتكاب الجرائم ،فإذا كانت العقوبة السالبة للحرية لم تفلح عند
ارتكاب املجرم لجريمته األولى فكيف لها أن تفلح في ردعه عند معاودة إتيان الجريمة؟
العادل بين العقوبة وبين ظروف الجاني والجريمة ،ألنه ال يعرف املجرمين
بأشخاصهم ،ويستحيل عليه أن يحصر ظروفهم ،أو أن يتنبأ بكل االعتبارات التي
تحقق العدالة الجنائية ،لذلك فمن املناسب أن يمنح القاض ي سلطة تقديرية ألنه
ومن خالل بحثه في الوقائع والظروف واملالبسات التي أحاطت بالجريمة واملجرم،
يكون وحده القادر على تحديد نوع العقوبة املناسبة ومقدارها ساعيا من وراء ذلك
بعضهما بعضا ،فإذا كان العمل القضائي ال يتصور بغير عمل تشريعي سابق يستند
- 442عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي المغربي ،القسم العام ،الطبعة الثامنة ،سنة ،0212ص.2.8 :
- 443نوفل عبد هللا الصفو ،بحوث في القانون الجنائي المقارن ،المكتبة العصرية للنشر والتوزيع ،مصر ،الطبعة األولى:
،0212ص.022 :
إليه ويستمد منه حدوده وقواعده ،فإن العمل التشريعي الذي ال يكمله عمل قضائي
ويمكن القول أن التجريم سلطة أصيلة للمشرع وتحديد العقوبة يجب أن
يكون بشكل واضح ودقيق ال يترك مجاال للغموض أو كثرة االحتماالت ،كما يجب على
القضاء إعمال النص التشريعي بما يتوافق ومبادئ العدالة وتحقيقا ألغراض
العقوبة ،وهذا ال يتأتى إال من خالل االنطالق في ذلك من فلسفة العقاب ونظرية
وباملناسبة ،فمعظم الفقه الجنائي أصبح يتبنى اتجاها موسعا لنطاق الحد من
التجريم والعقاب ،بحيث يجب أن ال يقتصر ذلك على القانون الجنائي وإنما يجب
أن يمتد لكافة القوانين املتضمنة للنصوص الجنائية بإلغائها أو الحد من تجريمها،
والحد يشمل العقاب بتخفيضه وذلك بالنزول من حالة الجناية إلى الجنحة أو من
الجنحة للمخالفة ،أو تقرير نظام عقابي آخر قد يكون القانون املدني أو اإلداري أو
التوفيق بينهما ،أو على األقل التوسيع من الحاالت التي يعطي فيها املشرع للقاض ي
صالحية تخفيض العقوبة في الحد األدنى املقرر لها قانونا أو االعتماد تشريعيا و
قضائيا على بدائل العقوبات السالبة للحرية كالعمل لفائدة املنفعة العامة أو
تهذيب وإصالح الجاني وإعادة ادماجه داخل املجتمع وبالتالي الحد من انتشار
- 444محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات اللبناني ،القسم العام ،دار النقري للطباعة ،بيروت ،سنة ،1.65ص.688 :
الجريمة والعود إليها وهذا هو الغرض الذي يصبو إليه كل مجتمع من خالل القانون
الجنائي.
صفوة القول ،أن حالة الطوارئ الصحية تتعلق بموضوع حيوي يتصل
األساسية من جهة أخرى ،لذا فانه يتعين على الحكومة وكل املتدخلين في هذا الصدد
مراعاة و محاولة املوازنة بين حماية املصلحة العامة وبين صيانة الحقوق والحريات
في احترام ملبادئ وقواعد العدالة واإلنصاف ،والتشبع بثقافة حقوق اإلنسان وتقدير
املواثيق واملعاهدات الدولية التي صادق عليها املغرب واعتبرتها الوثيقة الدستورية
تسمو على القوانين الداخلية ،بناء عليه يمكن تقديم مجموعة من التوصيات لها
توخي الدقة والوضوح في التشريع سواء ما تعلق بالقانون الجنائي أو -
باملرسوم بقانون حالة الطوارئ الصحية ،حيث وجب أن يكون النص واضحا ويدفع
وفتح قنوات تواصلية تكون كفيلة بالحد من خرق القوانين الجاري بها العمل.
اإلسراع بإخراج مشروعي القانون الجنائي واملسطرة الجنائية إلى حيز -
الوجود ،ملا فيهما من حماية أكبر للحقوق والحريات ،ولتضمنهما حلوال ملجموعة من
التوجه نحو اقرار واعتماد بدائل العقوبات السالبة للحرية ،كالعمل -
االهتمام بمبدأ تفريد العقاب وتجويد النصوص الجنائية بناء على -
وضع مدونة للصحة العامة تكون كفيلة بمواجهة واحتواء ما استجد -
احترام مبدأ قرينة البراءة مهما كانت الظروف ،وبغض النظر عن -
أفعال مباحة في خانة األفعال املجرمة ،رغم عدم تجريمها من طرف املشرع بنص
واضح ودقيق.
احترام قاعدة الشك يفسر لصالح املتهم و جعل األحكام القضائية -
استحضار القاعدة الفقهية التي تقول بأن تبرئة مئة متهم خير من ادانة -
بريء واحد.
الجزئية ،بما يجعلها أكثر دقة وأكثر انضباطا لحقوق االنسان واملواثيق الدولية
والوثيقة الدستورية املغربية ،كما يجب أن يصاحب هذا تشبع القضاة بثقافة
-دستور اململكة املغربية لسنة ،8133الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم -33-23
املتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها ،جريدة
-اململكة املغربية ،رئاسة النيابة العامة ،الدورية تتعلق بمخالفة "حمل الكمامات"
-عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي املغربي ،القسم العام ،الطبعة الثامنة،
سنة .8132
-عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي املغربي ،القسم الخاص ،الطبعة
-أحمد الخمليش ي ،القانون الجنائي الخاص ،الجزء الثاني ،مكتبة املعارف للنشر
-محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات اللبناني ،القسم العام ،دار النقري
-نوفل عبد هللا الصفو ،بحوث في القانون الجنائي املقارن ،املكتبة العصرية للنشر
-قرار محكمة النقض عدد 618بتاريخ ،8136/5/4في امللف الجنحي عدد ،35-5841
منشور بنشرة قرارات محكمة النقض الغرفة الجنائية ،الجزء السادس والعشرون.
في إطار تجسيد وترجمة مخطط البرنامج الحكومي ،حيث تتناول مجموعة من
445السياسة العمومية للدولة من منظور المعهد العالي للدراسات العمومية الفرنسي هو " مجموع الق اررات واألعمال والتدخالت
المتخذة من قبل الفاعلين المؤسساتيين واالجتماعيين ألجل إيجاد الحلول لمشكل جماعي ما".
وتجدر اإلشارة إلى أن السياسات العمومية للدولة :هي التي تنقسم إلى 3أصناف حسب مستجدات دستور المملكة لسنة
.2811
-السياسة العمومية الوطنية :هي التي تصدر عن مخطط البرنامج الحكومي ويتم تداولها داخل مجلس الحكومة تحت رئاسة
رئيس الحكومة حسب الفصل 12من دستور . .2811
-السياسة العمومية القطاعية :هي التي تصدر عن القطاعات الحكومية ويتم تداولها داخل مجلس الحكومة تحت رئاسة
رئيس الحكومة حسب الفصل 12من دستور .2811
-السياسة العمومية الترابية :بالعودة للوثيقة الدستورية التي يمكن اعتبارها وثيقة أو دستور للسياسات العمومية ،فإننا
نجدها تشير في مناسبات عديدة إلى مفهوم السياسات العمومية وماله من عالقة مباشرة بها ،إال أن اإلشارة إلى السياسات
العمومية الترابية لم ترد بهذا المعنى إال في الفصل 137من الوثيقة الدستورية التي تنص على أنه "تساهم الجهات
الترابية األخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة ،وفي إعداد السياسات الترابية ،من خالل ممثيلها في مجلس
ً والجماعات
املواضيع ذات الصلة بمنظومة العدالة ببالدنا ،بما في ذلك السياسة الجنائية في
الشق املتعلق باآلليات الوقاية والزجرية ملكافحة الجريمة والتصدي لها السياسة
الحقوقية في مجال تحقيق ضمانات املحاكمة العادلة للمتهم ،هذا فضال عن
السياسة األمنية سواء االستيباقية القائمة على تفكيك الخاليا اإلجرامية بشكل
استباقي من طرف املكتب املركزي لألبحاث القضائية قبل وقوع الجريمة أو بعد
المستشارين" ،كما أن بالعودة للقانون التنظيمي للجهات المؤرخ بموجب الظهير الشريف رقم 1.15.03صادر في 28من
رمضان 7( 1436يوليو ) 2815بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111.14المتعلق بالجهات ،منشور بالجريدة
الرسمية عدد 0836بتاريخ 0شوال 38 ( 6380يوليو ،)3662ص ،0032:سوف نجد بأنها ال تتضمن ضمن
مقتضياتها ما يشير إلى السياسات العمومية الترابية بصفة عامة أو الجهوية بصفة خاصة شأنها شأن باقي
القوانين التنظيمية المنظمة للجماعات الترابية ،فهي ال تحتوي على تعبير السياسات العمومية الترابية ،وانما فقط
على برنامج التنمية الجهوية ،حسب مضمون المادة 38من القانون التنظيمي للجهات ،111111والذي ينبغي
أن يواكب التوجهات اإلستراتيجية لسياسة الدولة ،حيث أن هذه الوثيقة يجب أن تعد تحت إشراف رئيس الجهة
واعتمادا على مقاربة تشاركية ،مع ضمان التقائيتها مع التوجهات االستراتيجية والسياسية للدولة ومع التصميم
الجهوي إلعداد التراب ،وذلك بالتنسيق مع والي الجهة بصفته ممثل السلطة المركزية ومنسق المصالح الالمتمركزة
لإلدارة المركزية ،والتي تنص على مايلي :يضع مجلس الجهة ،تحت إشراف رئيس مجلسها خالل السنة األولى
من مدة انتداب المجلس ،برنامج التنمية الجهوية وتعمل على تتبعه وتحيينه وتقييمه.
يحدد برنامج التنمية الجهوية لمدة ست سنوات األعمال التنموية المقرر برمجتها أو إنجازها بتراب الجهة ،اعتبا ار
لنوعيتها وتوطينها وكلفتها ،لتحقيق تنمية مستدامة و وفق منهج تشاركي وبتنسيق مع والي الجهة بصفته مكلفا
بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة المركزية
يجب أن يتضمن برنامج التنمية الجهوية تشخيصا لحاجيات وامكانيات الجهة وتحديدا ألولوياتها وتقييما لمواردها
ونفقاتها التقديرية الخاصة بالسنوات الثالث األولى وأن يأخذ بعين االعتبار مقاربة النوع.
يتعين أن يواكب برنامج التنمية الجهوية التوجهات اإلستراتيجية لسياسة الدولة وأن يعمل على بلورتها على
المستوى الجهوي وأن يراعي إدماج التوجهات الواردة في التصميم الجهوي إلعداد التراب ،وااللتزامات المتفق
بشأنها بين الجهة والجماعات الترابية األخرى وهيئاتها والمقاوالت العمومية والقطاعات االقتصادية واالجتماعية
بالجهة .يتم تفعيل برنامج التنمية الجهوية ،عند االقتضاء ،في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين".
وتطبيقا ألحكام المادة 38من القانون التنظيمي للجهات صدر مرسوم يحدد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية
وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور إلعداده"
العادي أو التلبس ي سواء تلقائيا وإما بناء على تعليمات وتكليف من النيابة العامة
املختصة باعتبارها الجهة املشرفة على أعمال ضباط الشرطة القضائية ،بحيث
تكون الغاية منه إعداد ملف كامل عن الجريمة املدعى ارتكابها ومرتكبيها.
في مجال منظومة العدالة ببالدنا ،وذلك بالتنسيق والتناغم والتكامل مع باقي
واحترام ملبدأ الفصل بين السلط في النظام الدستوري املغربي الذي يقوم على
الفصل املرن حسب الفقرة الثانية من الفصل 3من دستور 8133التي تنص على
مايلي :يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط ،وتوازنها وتعاونها،
القضاء املغربي في تطبيق القوانين سواء تعلق األمر بقضاة األحكام أو بقضاة النيابة
للقضاء بابا خاصا لدرجة أن القضاء انتقل من وظيفة إلى سلطة قضائية مستقلة،
محمد عبد النبوي،السياسة الجنائية بالمغرب ،مجلة المحاكمة ،عدد 14فبراير/أبريل ،2810ص.13: 446
فإن اإلشكالية املركزية واملحورية تتمثل فيما يلي:هل السياسة القضائية هي سياسة
عمومية أم قطاعية؟
وتحت هذه اإلشكالية الرئيسية تتفرع عنا التساؤالت التالية :ما هي السياسة
القضائية من منظور
والتنظيمية ؟
والتنموي للبالد ،فإن املشرع املغربي بادر إلى تنظيم السلطة القضائية في في صلب
دستور 8133الذي ارتقى بمكانة القضاء من وظيفة إلى سلطة قضائية مستقلة،
وعليه ،سوف نتطرق إلى السياسة القضائية ملا قبل دستور 8133في املطلب األول
عبارة عن سياسة قطاعية وليست سياسة عمومية بحكم أن املشرع املغربي لم ينص
على مصطلح السياسات العمومية ،هذا فضال عن أن القضاء كان شأنا قضائيا
فئويا ومهنيا وليس مجتمعيا ،حيث أصبح وظيفة في يدي السلطة الحكومية املكلفة
بالعدل في شخص وزير العدل الذي يترأس املجلس األعلى للقضاء والنيابة العامة
معا.
وتجدر اإلشارة إلى أن الدساتير املغربية السابقة 3268و 3291و 3298و 3228و3226
في الباب السادس على أن القضاء عبارة عن هيئة قضائية مستقلة عن السلطتين
والتنفيذية447. التشريعية
العدل بشكل مستقل وفردي ،خالفا ملا هو منصوص عليه في السياسة القضائية ملا
والتنظيمية
447قواري مجدوب ،مبدأ استقاللية القضاء في الدساتير المغاربية ،مجلة دساتير السياسة والقانون ،العدد، 15
جوان ،2816ص 381:و.382
الفصل بين السلط القائم على التعاون والتوازن وتكريس األمن القضائي الذي
هو جزء ال يتجزأ من األمن القانوني ،وذلك في إطار من التناغم والتكامل مع املعايير
امللكية الحكيمة والبصيرة من خالل عدة خطب ملكية التي أشارت في أكثر من
مناسبة إلى توطيد استقاللية السلطة القضائية ،وخاصة مضمون الخطاب امللكي
وفي هذا املضمار ،تدخلت السلطة أكتوبر 448.8131 التشريعية الثامنة املؤرخ في 2
الحكومة املكلفة بالعدل لوضع ميثاق إصالح منظومة العدالة سنة 8131والذي
ركز بشكل واضح على أهمية تكريس استقاللية السلطة القضائية عن السلطتين
448الظهير الشريف رقم 1.11..1صادر 72من شعبان 7. )1347يوليوز )7111المتعلق بتنفيذ نص
الدستور ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 4.93مكرر بتاريخ 28شعبان 41 )1347يوليوز،) 7111
ص.4911:
السلطة الحكومية املكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة املؤرخ في
11غشت .8139
8133نجد أن املشرع املغربي أشار إلى املفهوم الجديد للسلطة الذي هو مذهب في
الحكم ويسري على مبدأ الفصل بين السلط ،فهو يندرج ضمن آليات الحكامة
الجيدة .وينبغي التذكير إلى أن تحديث السلطة القضائية مرتبط أساسا باملفهوم
الجديد للسلطة التي تعتمد على هامش من املبادرة والحرية في اتخاذ القرار القضائي
وفي نفس السياق ،عندما نستحضر مقتضيات الباب السابع الذي عنوانا
رئيس السلطة القضائية ،وإنما اكتفى باإلشارة إلى املجلس األعلى للسلطة القضائية
الذي له صالحية اإلشراف على الحياة املهنية للقضاة ،حيث إن الدستور لم يضع
وحيث إنه من جهة أخرى ،السلطة الحكومية املكلفة بالعدل هي التي تضع السياسة
القضائية أو الجنائية ولها اإلشراف على التسيير اإلداري واملالي للمحاكم ولها أيضا
سلطة اإلشراف على باقي املهن الحرة املساعدة للقضاء ،في حين أن املجلس األعلى
املهنية للقضاة ،كما أن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض هو الرئيس الفعلي
كما أن السياسة العامة449. للنيابة العامة وله مهمة اإلشراف على قضاة النيابة
الجنائية ما هي إال تعبير واضح عن توجهات السلطة الحكومية املكلفة بالعدل من
خالل رسم الوسائل الضرورية ملجابهة الجريمة والتصدي لها ،وذلك عبر وضع
اآلليات الزجرية والوقائية ،وهي وجه من أوجه السياسة القضائية التي تندرج ضمن
السياسة العمومية التي تترجم البرنامج الحكومي الذي يتضمن الخطوط الرئيسية
للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجاالت النشاط الوطني ،وباألخص
أمام مجلس الحكومة تحت رئاسة رئيس الحكومة حسب الفصل 28من الدستور
نفسه .وتجدر اإلشارة إلى أن السياسة الجنائية هي سياسة عمومية تتداخل فيها
449ياسمين صالحي ،مفهوم السياسة العامة والسياسات العمومية والسياسات القطاعية في ضوء دستور ،1122
بدون دار الطبع ،بدون سنة النشر،ص :من 2إلى .5
أصبح شأنا مجتمعيا أو عاما ،وذلك من خالل استحضار مراحل السياسة الجنائية
من حيث وضعها وتنفيذها وتقييمها حسب الفصل 335من ذات الدستور.
وفي املقابل نجد أن قرار املحكمة الدستورية رقم 228/36 :املؤرخ في 35مارس
8136ذهب على خالف السلطة الحكومية املكلفة بالعدل ،والذي ينص على ما
العمومية ،من خالل سن قواعد وقائية وزجرية ملكافحة الجريمة ،حماية للنظام
املخولة إلى السلطة التشريعية التي يعود إليها أيضا تقييم هذه السياسة ،طبقا
ألحكام الدستور؛ وحيث إنه ،تأسيسا على كل ما سبق بيانه ،واعتبارا لكون عمل
النيابة العامة يعد دستوريا عمال قضائيا ،ومع مراعاة الصالحية املخولة للسلطات
الدستورية املختصة في وضع ومراجعة السياسة الجنائية على ضوء املمارسة ،فإن
ـ ال يمكن إسنادها إال لجهة تنتمي إلى هذه السلطة ،مما يكون معه ما تضمنته
املادة 85املذكورة من وضع قضاة النيابة العامة تحت سلطة ومراقبة الوكيل العام
للملك لدى محكمة النقض ،مطابقا للدستور؛" ،في حين أن دستور 8133جعل
91من هذا الدستور الذي تنص على ما يلي":يصوت البرملان على القوانين،
العمومية"450. ويراقب عمل الحكومة ،ويقيم السياسات
الحكومية املكلفة بالعدل منذ وضعها ومرورا بتنفيذها ووصوال إلى تقييمها ،وذلك
عن طريق االلتقائية والتنسيق مع جميع السياسات العمومية األخرى ،إال أن
كما أن املشرع املغربي لم يبين بشكل واضح عالقة الوكيل العام للملك لدى
بنقل اختصاصات السلطة الحكومية املكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى
محكمة النقض وسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة املؤرخ في 11غشت
-كيف يمكن أن يساءل ويحاسب وزير العدل على وضع السياسة الجنائية وهو
450مداخلة محمد البغدادي في موضوع حول السياسة الجنائية بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في ندوة
وطنية عن بعد في موضوع حول السياسة القضائية على ضوء المستجدات التشريعية من تنظيم مركز الكفاءات
لألبحاث والدراسات عبر منصة zoomفي الصفحة الرسمية للمركز في فايس بوك بتاريخ يوم السبت 6مارس
.2821
كيف يمكن أن يساءل ويحاسب الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض على
والتنظيمية
والبرامج الحكومية ذات الصلة بمنظومة العدالة ببالدنا ،حيث تقوم السلطة
الحكومية املكلفة بالعدل بتدبير قطاع العدالة بمعية املجلس األعلى للسلطة
القضائية و النيابة العامة في ما يتعلق باإلشراف على املسار املنهي للقضاة وترأس
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أعضاء النيابة العامة ،خاصة وأن املشرع
املغربي عمد على وضع هيئة مشتركة بين السلطة الحكومية املكلفة بالعدل واملجلس
للسلطة القضائية
القضائية في الشق املتعلق باملجلس األعلى للسلطة ورئاسة النيابة العامة ومحاكم
اململكة بما في ذلك قضاة األحكام وقضاة النيابة العامة ،فالسلطة القضائية بقدر
ما هي مستقلة عن الجهازين التشريعي والتنفيذي ،فإنها جزء ال يتجزأ سلطة الدولة،
فالقضاء مؤتمن سمو دستور اململكة ،وسيادة قوانينها ،وحماية حقوق والتزامات
املواطنة .ومن خالل مراجعة الفقرة األولى من املادة 54من القانون التنظيمي
املغربي نص على مايلي":تحدث هيئة مشتركة 451بين املجلس والوزارة املكلفة بالعدل
املنتدب للمجلس والوزير املكلف بالعدل ،كل فيما يخصه ،بما ال يتنافى واستقالل
القضائية452". السلطة
تتكون من قضاة األحكام وقضاة النيابة العامة وباقي مكونات العدالة أي كافة
451قرار مشترك للرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية ووزير العدل رقم 863263صادر في 68من
شوال 68( 6336يونيو )3662بتحديد تأليف واختصاصات الهيئة المشتركة بين المجلس األعلى للسلطة
القضائية والوزارة المكلفة بالعدل بشأن التنسيق في مجال اإلدارة القضائية ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 0823
بتاريخ فاتح ذي القعدة 63( 6336يوليو )3662؛ ص.4805 :
452الظهير الشريف رقم 6260236صادر في 63من جمادى اآلخرة 33( 6388مارس )3660المتعلق بتنفيذ
القانون التنظيمي رقم 666268المتعلق بالمجلس األعلى للسلطة القضائية ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 0320
بتاريخ 0رجب 63( 6388أبريل ، )3660ص.8638 :
كذلك نصت املادة 68من القانون ذاته على العدالة453. املهنيون واملهنيات
العامة للدولة تحت فصل يحمل عنوان "ميزانية املجلس األعلى للسلطة القضائية".
كما نصت املادة 61من هذا القانون على ما يلي ":الرئيس املنتدب للمجلس هو اآلمر
بصرف اعتماداته وله أن يفوض ذلك ،وفق األشكال والشروط املنصوص عليها في
وباالطالع إلى الفقرة األولى من املادة 83من مشروع مسودة قانون التنظيم
القضائي املغربي رقم 12.35املؤرخ سنة 8132نجد أن املشرع املغربي نص على ما
يلي":تتولى وزارة العدل اإلشراف اإلداري واملالي على املحاكم بتنسيق وتعاون مع
املسؤولين القضائيين بها بما ال يتنافى واستقالل السلطة القضائية" .وكما نصت
الفقرة الثانية من نفس املادة من نفس املشروع قانون التنظيم القضائي املغربي
باملحكمة،وضبط عمل
453الظهير الشريف رقم 6260236صادر في 63من جمادى اآلخرة 33( 6388مارس )3660المتعلق بتنفيذ
القانون التنظيمي رقم 660268المتعلق بالنظام األساسي للقضاة ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 0320بتاريخ
0رجب 63( 6388أبريل ،)3660ص.8606 :
454وتجدر اإلشارة إلى أن الكاتب العام للمحكمة الذي حل محل رئيسي مصلحة كتابة الضبط ومصلحة كتابة النيابة
العامة:هو جهازي خضع لسلطة الوزارة الوصية على قطاع العدل وبالتالي يضرب في صميم مبدأ استقاللية مؤسسة
هيئة كتابة الضبط العاملين بها،ويساعد في ذلك رؤساء مصالح كتابة الضبط
باملحكمة" .وفي نفس املادة ،نصت الفقرة الثالثة من نفس املشروع على ما
يلي":يخضع الكاتب العام للمحكمة إداريا لسلطة ومراقبة وزير العدل ،ويمارس
باملحكمة455". مهامه تحت السلطة املباشرة للمسؤولين القضائيين
وبالرجوع إلى املادة 53من ظهير املسطرة الجنائية املغربي ،456نجد أن
السلطة الحكومية املكلفة بالعدل هي الجهاز الرئيس ي واملباشر على قضاة النيابة
العامة في شخص الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ولدى محاكم االستئناف
ومحاكم االستئناف التجارية وفي شخص الوكيل امللك لدى املحاكم االبتدائية ،حيث
تنص على مايلي ":يشرف وزير العدل على تنفيذ السياسة الجنائية ،ويبلغها إلى
الوكالء العامين للملك الذين يسهرون على تطبيقها457.بالرجوع إلى مقتضيات املادة
وتنظيم وزارة العدل نصت على مايلي:تناط بوزارة العدل مهام إعداد وتنفيذ سياسة
القضاء لما له من سلطة على الموظفين ولما له من سلطة تنقيط عملهم ،لكن هذه النقطة لم يحسم فيها النقاش فيها
الممارسين والباحثين والمختصين وكافة الفاعلين خارج منظومة العدالة.
455مشروع مسودة قانون التنظيم القضائي رقم .41.14
( 4أكتوبر )7117بتنفيذ القانون رقم 456الظهير الشريف رقم 1.17.744صادر في 74من رجب 1374
77.11المتعلق بالمسطرة الجنائية،منشور بالجريدة الرسمية عدد 4121بتاريخ 72ذي القعدة 1374
(41يناير،)7114ص.414 :
457الحسن بيهي ،مفهوم السياسة الجنائية في ضوء مفهوم المادة 51من قانون المسطرة الجنائية ،بدون دار
الطبع ،بدون سنة النشر،ص.1:
الحكومة في ميدان العدالة .تمارس وزارة العدل الصالحيات املخولة لها وفقا
ألحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ،ال سيما ما يتعلق
وتصريف العدالة؛
نصت املادة 9من املرسوم التنظيمي ذاته على ما يلي ":تناط بمديرية
الجنائية؛
تتبع ومواكبة القضايا التي لها عالقة بالجريمة املنظمة وبالجرائم ذات
458المرسوم التطبيقي رقم 2.18.318صادر في 7جمادى األولى 11( 1432أبريل )2811المتعلق بتحديد
اختصاصات وتنظيم وزارة العدل ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 2236بتاريخ فاتح جمادى اآلخرة 2( 6383ماي
،)3666ص23383 :
تتبع وتقييم األنشطة املكلفة بها ورفع تقرير دوري بذلك إلى الوزير".
كما أنه بالرجوع إلى املادة 3قانون رقم 11.39يتعلق بنقل اختصاصات
السلطة الحكومية املكلفة بالعدل إلى الوكيل للملك لدى محكمة النقض بصفته
رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة املؤرخ في 11غشت
8139نجد املشرع املغربي ينص على مايلي":تطبيقا ملقتضيات املادة 85من القانون
التنظيمي رقم 316.31املتعلق بالنظام األساس ي للقضاة يمارس الوكيل العام للملك
لدى محكمة النقض ،بصفته رئيسا للنيابة العامة ،سلطته على قضاة النيابة
العامة التابعين له بمختلف محاكم اململكة.وفي هذا اإلطار يمارس قضاة النيابة
العامة مهامهم واختصاصاتهم املنصوص عليها في التشريعات الجاري بها العمل تحت
التسلسليين459". سلطة وإشراف ومراقبة رئيس النيابة العامة ورؤسائهم
كما نصت املادة 8من القانون نفسه على ما يلي" :يحل الوكيل العام للملك
لدى محكمة النقض ،بصفته رئيسا للنيابة العامة ،محل وزير العدل في ممارسة
االختصاصات املوكلة لهذا األخير املتعلقة بسلطته وإشرافه على النيابة العامة وعلى
قضاتها ،بما في ذلك إصدار األوامر والتعليمات الكتابية القانونية املوجهة إليهم طبقا
للنصوص التشريعية الجاري بها العمل .وعالوة على االختصاصات املوكلة إليه
بموجب النصوص التشريعية الجاري بها العمل ،يحل الوكيل العام للملك لدى
محكمة النقض ،بصفته رئيسا للنيابة العامة ،محل وزير العدل في:
459الظهير الشريف رقم 6268282صادر في 3ذي الحجة 86( 6383أغسطس )3668بتنفيذ القانون رقم
88268المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة،منشور بالجريدة الرسمية عدد
0062بتاريخ 38ذو الحجة 63( 6383سبتمبر )3668ص.2622 :
-تتبع القضايا املعروضة على املحاكم التي تكون النيابة العامة طرفا
فيها.
وفي ذات السياق ،نصت املادة 5من هذا القانون على مايلي ":تسجل
االعتماد املرصودة لرئاسة النيابة العامة في امليزانية العامة للدولة .الوكيل العام
للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة هو اآلمر بصرف
االعتمادات ،وله أن يفوض ذلك وفق األشكال والشروط املنصوص عليها في القوانين
واألنظمة الجاري بها العمل".وبالرجوع إلى الفقرة األولى من املادة 53-8من مشروع
مسودة قانون املسطرة الجنائية املغربي نجد أن املشرع املغربي ينص على ما
يلي":يبلغ وزير العدل كتابة املضامين العامة للسياسة الجنائية التي تضعها الحكومة
إلى رئيس الحكومة "...وكما نصت نفس املادة في فقرتها الثانية من نفس املشروع
على مايلي":يشرف رئيس النيابة العامة على تنفيذ السياسة الجنائية وفقا
للقانون،ويعمل على إحاطة وزير العدل علما باإلجراءات والتدابير املتخذة بشأن
تنفيذها" .وفي ذات السياق نصت الفقرة الثالثة من نفس املادة من املشروع على
مايلي":يحيل وزير العدل إلى رئيس النيابة العامة ما يصل إلى علمه من جرائم ليتخذ
بشأنها ما يراه مالئما،ويجب إشعاره باإلجراءات والتدابير املتخذة في شأنها ".وفي نفس
املادة نصت الفقرة الرابعة من نفس املشروع على مايلي":يرفع رئيس النيابة
العامة،460تقريرا سنويا إلى املجلس األعلى للسلطة القضائية وكذا إلى وزير
العامة461". العدل حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة
وباالطالع إلى الفقرة األولى من املادة 83من مشروع مسودة قانون التنظيم
القضائي املغربي رقم 12.35املؤرخ سنة 8132نجد أن املشرع املغربي نص على ما
يلي":تتولى وزارة العدل اإلشراف اإلداري واملالي على املحاكم بتنسيق وتعاون مع
وكما نصت الفقرة الثانية من نفس املادة من نفس املشروع قانون التنظيم
القضائي املغربي على ما يلي":يتولى الكاتب العام للمحكمة 462مهام التسيير والتدبير
بها،واإلشراف على موظفي هيئة كتابة الضبط العاملين بها،ويساعد في ذلك رؤساء
مصالح كتابة الضبط باملحكمة" .وفي نفس املادة ،نصت الفقرة الثالثة من نفس
للمحكمة إداريا لسلطة ومراقبة وزير العدل ،ويمارس مهامه تحت السلطة
باملحكمة463". املباشرة للمسؤولين القضائيين
460تم تعويض وزير العدل بالوكيل العام للملك لدى محكمة النقض حسب دستور المملكة 7111والقانون
التنظيمي المتعلق بالمجلس األعلى للسلطة القضائية سنة .7119والمادة األولى من مشروع مسودة قانون
المسطرة الجنائية المغربي.
461مشروع مسودة قانون المسطرة الجنائية المغربي.
462وتجدر اإلشارة إلى أن الكاتب العام للمحكمة الذي حل محل رئيسي مصلحة كتابة الضبط ومصلحة كتابة النيابة
العامة:هو جهازي خضع لسلطة الوزارة الوصية على قطاع العدل وبالتالي يضرب في صميم مبدأ استقاللية مؤسسة
القضاء لما له من سلطة على الموظفين ولما له من سلطة تنقيط عملهم ،لكن هذه النقطة لم يحسم فيها النقاش فيها
الممارسين والباحثين والمختصين وكافة الفاعلين خارج منظومة العدالة.
463مشروع مسودة قانون التنظيم القضائي رقم .41.14
وفي ذات االتجاه ،نالحظ أن محاكم اململكة تتكون من ثالث رؤوس وهي رئيس
املحكمة ورئيس وكيل امللك ورئيس هيئة كتابة الضبط سواء على الصعيد محاكم
الدرجة األولى أو محاكم الدرجة الثانية في ظل ظهير التنظيم القضائي الحالي املؤرخ
في 35يوليوز 4643294أو الكاتب العام للمحكمة في ظل مشروع قانون رقم 12.35
464الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.330بتاريخ 24جمادى الثانية 15( 1314يوليوز )1174يتعلق
بالتنظيم القضائي للمملكة ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 3228بتاريخ 26جمادى الثانية 17( 1314يوليوز
،)1174ص .2827:
الخاتمة:
وترتيبا على ما تقدم ،يتضح أن بالرجوع إلى املادة األولى من املرسوم التنظيمي
املتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة العدل ،نجد أن املشرع املغربي يخول
للسلطة الحكومية املكلفة بالعدل مهام ووظائف في مجال قطاع العدل ،كصياغة
دستور اململكة حيث يقض ي بأن" :اإلدارة موضوعة تحت تصرفها" ،أي الحكومة
التي لها سلطة على اإلدارة العمومية عامة واإلدارة القضائية خاصة.
وبالتالي ،فإن االقتراحات التي يجب الخروج بها في هذا الصدد ،هي كالتالي:
يجب الحسم في مسألة العمل اإلداري والعمل القضائي داخل اإلدارة -
ضرورة خلق آليات تنزيل السياسة القضائية بين الوزارة الوصية على -
ضرورة وجود قنوات الوصل بين الوكيل العام للملك لدى محكمة -
تفعيل دور الجمعية العمومية للمحاكم في مجال توزيع القضايا بدال -
الباب املخصص للسلطة القضائية حتى يكون مالئما ملشروع قانون الذي تم
الئحة املراجع
املقاالت
الحسن بيهي ،مفهوم السياسة الجنائية في ضوء مفهوم املادة 53من قانون
34فبراير/أبريل .8132
النصوص القانونية
الدستور
القانون التنظيمي
القانون العادي
الحكومية املكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
.8189:
)8133
القرارات التنظيمية
قرار مشترك للرئيس املنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية ووزير العدل
.4805
الخطب امللكية
.8112
الندوات
سيرورة العمل داخل املقاولة ،كسلطة اإلشراف وسلطة التوجيه وكذا سلطة
غير أن هذه السلط لن يكون لها أي أثر إذا لم يتم تدعيمها ببعض العقوبات
التأديبية التي يمارسها املشغل في مجال اختصاصاته 465في إطار السلطة التأديبية
-أسماء الشرقاوي ،الرقابة على سلطات المشغل في القانون المغربي -أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص سنة 8080:ص.78
.465
التي خولها له املشرع ،وذلك لكون األجير بالرغم من إطالعه وعلمه باألوامر
والتعليمات الصادرة عن املشغل ومع ذلك فإنه يعمد إلى خرقها و مخالفتها.
السلطة التأديبية بأنها سلطة قانونية ،موضوعها الفقه466 وقد عرف أحد
فرض قاعدة سلوكية على األجراء الدين يشتغلون في مشروع من املشاريع ،وذلك
عن طريق جزاءات محددة توقع على املخل بهذه القاعدة التي تتبلور في شكل أوامر
وتعليمات للمشغل ،قد تكون عامة موجهة لجميع األجراء ،أو للبعض منهم ،وقد
ونظرا ملا تمثله السلطة التأديبية من خطورة على مبدأ إستقرار العالقة
ومن بين هذه الضمانات ،نجد مبدأ التدرج في توقيع العقوبات التأديبية
الذي أقره املشغل ضمن املادة 12من مدونة الشغل التي نصت على أنه " :يتبع
حيث أصبح املشغل ملزم بإحترام الترتيب التشريعي الوارد ضمن املادة 19من
املدونة ،التي نصت على مجموعة من العقوبات التأديبية التي يكون من حق
466
-عبد اللطيف خالفي :الوسيط في مدونة الشغل –الجزء االول-عالقات الشغل الفردية-الطبعة االولى 8009ص.980
املشغل توقيعها على األجير املرتكب لبعض األخطاء الغير جسيمة واملتمثلة في
سواء تلك التي جاءت بها مدونة 467 اإلخالل بإلتزاماته القانونية أو التعاقدية
الجماعية .
وبالتالي ،فهل مبدأ التدرج في العقوبة كضمانة جاءت بها مدونة الشغل.
للعقوبات التأديبية ؟ وكيف تعامل القضاء مع تأويل ما نص عليه هذا املبدأ من
هذه األسئلة سنحاول مقاربتها من خالل محورين :املبحث االول :األخطاء الغير
الجسيمة والعقوبات التأديبية املوجبة لها من خالل مدونة الشغل .املبحث الثاني:
واالجتهاد القضائي.
467
-عبد اللطيف خالفي م.س ص.950:
املبحث األول :االخطاء الغير الجسيمة والعقوبات التأديبية املوجبة لها من
مدونة الشغل.
إن تحريك السلطة التأديبية للمشغل بإعتباره رئيس املؤسسة ،يكون كل
مادعت الضرورة لذلك وهو رهين بإرتكاب بعض األجراء ملخالفات مهنية تعتبر
كأخطاء مهنية أو باألحرى أخطاء تأديبية يتم تحديد طبيعتها من طرف املشغل
قبل توقيع الجزاء التأديبي على األجير املخطئ .لهذا فلدراسة موضوع األخطاء
املوجبة للعقوبات التأديبية .يستدعي منا أوال دراسة االخطاء التأديبية ضمن
إن الخطأ التأديبي يكاد يكون ،ذلك الخطأ الناتج عن عدم القيام بعمل ،وذلك
عن طريق االمتناع ،أو القيام بعمل مخالف ألوامر وتعليمات املشغل والقواعد
العامة املتعلقة بتنظيم العمل في املؤسسة ،ويكون أي إخالل بهذه القواعد بمثابة
إن املشرع املغربي وعلى غرار العديد من التشريعات املقارنة كالتشريع املصري
وهكذا فإن جانب من الفقه املصري 468يرى أن الخطأ التأديبي ،هو إنحراف
في سلوك العامل داخل مجتمعه الصغير الذي يشكله املشروع الذي يشتغل فيه،
اعتبر أن الخطأ التأديبي ،عبارة عن إخالل أن جانب آخر من الفقه املصري469 كما
األجير بالقيام بالواجبات التي يقتضيها حسن إنتظام وإستمرار العمل باملنشأة.
أما الفقه التونس ي ،فقد عرف جانب منه 470الخطأ التأديبي بأنه "عبارة عن
بأن الخطأ التأديبي لألجير هو كل إخالل بالقواعد ي471 ورأى الفقه الفرنس
السارية في الشركة بما فيها القواعد غير املكتوبة ،والتي تفرض على كل واحد سلوكا
كما أكد جانب من الفقه الفرنس ي أيضا ،472بأن الخطأ التأديبي هو كل مخالفة
غير مبررة لألوامر والتعليمات والقواعد العامة املتعلقة بتنظيم العمل في املؤسسة.
468محمود جمال الدين زكي :قانون العمل ،مطبعة جامعة القاهرة ،الطبعة الثالثة 8820ص .828
469
-علي عوض حسن :الفصل التأديبي ،في قانون العمل -دراسة مقارنة -دار الثقافة للطبع والنشر ،القاهرة 8875ص 05و808
470
فريدة العبيدي :السلطة التأديبية لصاحب العمل ،دار شتات للنشر والبرمجيات ،مصر ،طبعة .8002ص .98
Bernard Teyssie: Droit du travail "relations individuelles du travail" 2ème édition – litec 1992 p 383.-471
472
- Rivero Savatier: Droit du travail 1991, p 191.
Camerlynch – Caen: Droit du travail, 15ème édition 1990 p 454.
فقد اعتبر أن الخطأ هو كل فعل ناتج عن الجزائري473 أما بخصوص الفقه
قصد أو إهمال ،يمس النظام املعمول به في املؤسسة ،ومن شأنه إلحاق أضرار بها
أو بالعاملين بها ،أو يشكل خرقا إللتزامات العامل املهنية تجاه صاحب العمل.
أما فيما يخص الفريق املغربي ،فإن جانبا من الفقه 474عرف الخطأ التأديبي
بأنه" كل مخالفة غير مبررة ألوامر وتعليمات املشغل ،أو كل مخالفة ترتكب داخل
املؤسسة أو خارجها ،والذي يترتب عنها مسؤولية األجير تجاه مشغله ،مما يشكل
فقد عرف الخطأ التأديبي بكونه" مخالفة املغربي475 أما جانب آخر من الفقه
والتنظيمي".
بأنه كل مخالفة غير مبررة ألوامر وتعليمات املشغل. آخر476 وعرفه فقه
أن الخطأ التأديبي ،إخالل األجير املغربي477 وأضاف جانب آخر من الفقه
أجميله سليمان :التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري -عالقة العمل الفردية ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات
.473الجزائرية ،طبعة ،8008ص 808
.474عبد اللطيف خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،الطبعة االولى ،8009ص 988
475دنيا مباركة :ضمانات توقيع العقوبات التأديبية في ظل مدونة الشغل الجديدة ص ..80
إدريس فجر :مساهمة ما في دراسة نظرية :أسباب انقضاء عقد العمل-أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق-جامعة الحسن الثاني عين
.476الشق الدار البيضاء ص 29نوقشت سنة 8888
.477محمد عابي :رقابة القضاء على فصل األجير ،طبعة 8882الدار البيضاء ،ص 806
بأنه ارتكاب األجير فعال من شأنه اإلخالل بنظام آخر478 كما عرفه فقه
املؤسسة وحسن سير العمل بها وإعاقة أغراضها أو مخالفة األجير ألوامر صاحب
أن الخطأ التأديبي :هو إخالل األجير الباحثين479 املؤسسة.كما رأى بعض
بالواجبات التي يقتضيها حسن نظام املقاولة وإستمرار العمل بها أو عرقلة األهداف
التي قامت ألجلها ،ومن خالل التعاريف السابقة الذكر يمكن لنا أن نستخلص
تعريف للخطأ التأديبي على أنه إرتكاب مخالفة من طرف األجير ناتجة عن إخالله
بالتزامات عقدية أو مهنية أو لعدم اإلمتثال لتعليمات املشغل ،والذي نتج عنه
يمكن لنا إعطاء مقاربة ملفهوم الخطأ الغير الجسيم من خالل بعض
تعريف هذا الخطأ في مدونة الشغل ،وهذا ما سوف نحاول أن نتطرق إليه ضمن
إن املشرع املغربي وكغيره من التشريعات األخرى املقارنة ،لم يعطي تعريفا
للخطأ الغير الجسيم ،وإنما إكتفى بتحديد آثاره على مستوى العقوبات التأديبية،
478بشرى العلوي الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي ،طبعة ،8007ص .09
-479أحمد لنصار الضمانات التشريعية والقضائية لحماية األجير من الفصل التعسفي ،الطبعة األولى ،يونيو ،8082ص -.88
الواجبة التطبيق على األجير إذا ما أرتكب ذلك الخطأ ،ومن ثمة فإن وجود الخطأ
غير الجسيم املبيح لتأديب األجير مسألة تندرج ضمن السلطة التقديرية ملحكمة
املوضوع.
والخطأ الغير الجسيم ،يصدر عن األجير على شكل مخالفة خفيفة لاللتزامات
التي تفرضها عالقته باملشغل ،بحيث ال يكون هناك أي إضرار باملقاولة ،وحسن
سير العمل بها ،وال ينطوي على أية جسامة ،وهذا ما يفتح املجال للمشغل من
أجل إعمال سلطته التأديبية وذلك بإصدار عقوبات تأديبية ال ترقى إلى درجة
الفصل من العمل.
كما أن مدونة الشغل ،لم تنص على نماذج للخطأ غير الجسيم ،ولم تذكر عدد
حاالته وبعض صوره ،خالفا ملا نصت عليه في املواد 12و 41منها التي جاءت فيها
نماذج وصور من األخطاء الجسيمة ولو أنها ذكرت على سبيل املثال ،بإ ستثناء
بعض الحاالت التي يمكن إستنباطها من خالل املواد الواردة ضمن مدونة الشغل.
فمثال املادة 2في فقرتها األولى نصت على أن األجير يكون مرتكبا لخطأ تأديبي
غير جسيم في حالة إقدامه على املس بالحريات والحقوق املتعلقة باملمارسة
النقابية داخل املقاولة وفقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل في هذا اإلطار،
بل نصت املدونة على عقوبات تأديبية في حق األجير املرتكب لهذه األخطاء من املادة
38في فقرتها الثالثة واملتمثلة في التوقيف عن العمل ملدة سبعة أيام وفي حالة
تكرار األجير لنفس املخالفة خالل السنة ،فإنه يتم توقيفه ملدة 35يوما.
غير أن تكرار نفس املخالفة للمرة الثالثة ،يعرض األجير للفصل نهائيا من
الشغل ،واملالحظة التي يمكن اإلشارة إليها هنا أن مدونة الشغل لم تتطرق إلى
اإلجراءات املسطرية التي تتعلق بتوقيع هذه العقوبة كما فعلت في املواد 19و12
وكذا ضمن املواد 68و61و 64منها ،حيث حددت كيفية ممارسة هذه اإلجراءات
التأديبية.
وعلى خالف هذه املقتضيات ،فإنه يبقى للمشغل كامل السلطة في تحديد
طبيعة الفعل املرتكب وتكييفه كخطأ تأديبي غير جسيم أم ال ،مع األخذ بعين
االعتبار أن السلطة تبقى خاضعة لرقابة القضاء وذلك طبقا للمادة 48من م .ش
في فقرتها األخيرة والتي جاء فيها أنه" :تخضع ملراقبة السلطة القضائية ،القرارات
والقضاء طبقا لهذه املادة وبحكم السلطة التقديرية التي يتمتع بها ،فإنه يمكن
له تحديد نوع األخطاء املرتكبة من طرف األجير املخطئ ،وهل يدخل في خانة
األخطاء الغير الجسيمة أم األخطاء الجسيمة ،وذلك بالنظر إلى ظروف العمل
باملقاولة ،وطبيعة النشاط املزاول فيها ،وحجم الضرر الذي ألحقه الخطأ
باملقاولة ،ومدى تأثيره على سير العمل فيها ،ولذلك فإن القرارات واألحكام التي
تصدرها محاكم املوضوع ،ال تكون عليها رقابة ملحكمة النقض إال من حيث
التعليل.
فالخطأ يمكن إعتباره جسيما في إحدى املقاوالت ،وقد ال يكون كذلك في
مقاوالت أخرى.
ومن خالل ما سبق ،يمكن لنا أن نستخلص أن التمييز بين الخطأ الجسيم
والخطأ الغير الجسيم يرجع في األساس إلى السلطة التقديرية للمحكمة طبقا ملا
وهذا يعني أن املشرع أعطى سلطة واسعة ومفتوحة للقضاء من أجل تقدير
جسامة األخطاء من عدمه ومدى تأثيره على وثيرة العمل باملقاولة وحسن السير
بها ،وكذلك حجم الضرر الذي لحق املقاولة لكن شريطة أن يكون تعليل القاض ي
الخطأ الغير الجسيم بأنه ذلك الخطأ الذي ال يصل الفقه480 لقد عرف بعض
إن الخطأ يمكن أن يكون بعدم احترام املقتضيات القانونية أوعدم التقيد
بالنظام الداخلي أو االتفاقية الجماعية أو عقد الشغل أو نتيجة إهمال وتقصير أو
عدم إحتياط 481األجير أثناء مزاولته لعمله ،أو إنطالقا من الوصف أو التكييف
املحدد من طرف املشغل للخطأ الذي يوقع على األجير بعض العقوبات التأديبية
. 480إدريس فجر :دور القضاء في حماية األجير ،مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية ،العدد 88لسنة ،8880ص 88
. 481محمد بنحساين :القانون االجتماعي المغربي ،عالقات الشغل الفردية والجماعية ،الجزء األول ،ص 886
الخفيفة حسب الضرر أو االضطراب الذي يصيب املقاولة ،مع تقييد املشغل
ش482. باحترام مبدأ التدرج في العقوبة طبقا للمادة 12من م.
ولقد عرف الخطأ الغير الجسيم بعض الباحثين 483بأنه" :كل مخالفة مخلة
كما عرفته بعض الباحثات ،بأنه كل خطأ تأديبي يرد في صورة مخالفة النظام
الذي يقتضيه حسن سير العمل ،أو أنه كل فعل يصدر عن األجير من شأنه اإلخالل
بنظام املقاولة وحسن سير العمل بها أو إعاقة أهداف املقاولة ،أوهو كل فعل يدل
على مخالفة أوامر رئيس املقاولة دون أن يستتبع ذلك عقوبة الطرد ،إال حالة
وفي نظرنا "إن الخطأ الغير الجسيم ،هو فعل مرتكب من األجير ،بحيث ينتج
عنه إضطراب في سير العمل باملقاولة ولكنه لم يؤثر على استمرارية العمل وعلى
العالقة الشغلية.
إن املشرع املغربي لم يحدد أية الئحة ولو على سبيل املثال لألخطاء الغير
الجسيمة
". 482تنص المادة 02من م .ش ،على أن "يتبع المشغل بشأن العقوبات التأديبية مبدأ التدرج في العقوبة.
محمد بوعزيز :السلطة التأديبية لرئيس المؤسسة في قطاع الشغل الخاص بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون
. 483الخاص لسنة ،8829ص 898
أو البسيطة ،كما فعل بالنسبة لألخطاء الجسيمة والتي أوردها ضمن املادة
12من م .ش على سبيل املثال ،ولقد أحسن صنعا عندما لم يحدد الئحة لألخطاء
الغير الجسيمة ألنه يصعب حصر كل األفعال التي تعتبر أخطاء تأديبية ،كما أن
وصف الخطأ الجسيم أو غير الجسيم يتعلق بطبيعة النشاط املزاول في املقاولة،
ويختلف من مقاولة ألخرى ،فما يمكن اعتباره خطأ جسيما في إطار نشاط معين،
ال يعتبر كذلك في نشاط آخر 484لهذا فإن املشرع املغربي قد أعطى سلطة تقديرية
واسعة ومفتوحة للقضاء في هذا املجال من أجل تكييف األخطاء املرتكبة من طرف
وهذا يرتبط بجسامة الخطأ وخطورته ،وكذا مدى تأثيره على السير الحسن
والعادي للمقاولة ،فالخطأ الذي ال يعد جسيما يمكن إعتباره غير جسيم.
وفي هذا االتجاه ،فإننا سنقوم بسرد بعض النماذج من االخطاء التي قام
القضاء بتكييفها.
فمثال جاء في قرار ملحكمة االستئناف بالدار البيضاء" : 485حيث إنه وعلى فرض
أن ما قام به األجير من إرتداء جوارب املشغلة التي تصرح بواسطة ممثلها أثناء
جلسة البحث بأن األجير ال علم له ما إذا كانت صالحة أو غير صالحة وأن الشاهد
شاهد األجير وهو خارج من املسجد يرتدي الجوارب ،فإنها ال ترقى إلى درجة الخطأ
الزهرة أنوار :مقال منشور بمجلة القضاء المدني ،سلسلة دراسات وأبحاث المنازعات االجتماعية ،الجزء األول ،العدد ،88ص 22
. 484و28
. 485القرار عدد – 809ملف عدد 8005/5058بتاريخ 85ماي 8006صادر عن محكمة االستئناف بالدار البيضاء.
الجسيم بل كان على املشغلة أن تحترم التدرج في العقوبة املنصوص عليها في
كما جاء في قرار صادر عن محكمة النقض" : 486أن رفض األجير السائق غسل
كما جاء في قرار صادر عن محكمة النقض" : 487إن رفض األجير ارتداء البذلة
املخصصة للعمال ال يعتبر خطأ جسيما وإنما بسيطا يستوجب عند وقوعه تطبيق
الصادر عن املستأنف عليها في حق مشغلها "أنت كذاب أنت منافق" ليس من
وفي قرار آخر ملحكمة النقض 489جاء فيه أن "إن تفوه األجير بكلمة "أسكت"
في حق املدير ال ترقى إلى درجة الخطأ الجسيم بمفهوم املادة 12من مدونة الشغل".
من خالل دراسة القرارات الواردة أعاله يمكن لنا أن نستخلص أن تحديد نوع
الخطأ املرتكب من طرف األجير نتيجة لعدم التزامه باملقتضيات القانونية التي
يفرضها قانون الشغل أو لعدم امتثاله ألوامر وتعليمات املشغل يبقى من
إختصاص املشغل في إطار سلطته التأديبية غير أن هذه السلطة ليست مطلقة
ولكن تمارس تحت مراقبة القضاء الذي يملك سلطة تقديرية تمكنه من تمييز
االخطاء عن بعضها وال رقابة ملحكمة النقض على محاكم املوضوع إال من ناحية
التعليل.فاألخطاء التي ال ترقى إلى مصاف األخطاء الجسيمة فهي تعد أخطاء غير
فإذا بلغ الخطأ التأديبي درجة كبيرة من الجسامة إلى درجة أنه سبب اضطرابا
في املقاولة واثر بشكل كبير على حسن سير العمل بها ،وكذلك سبب ارتباكا واضحا
في العالقة الشغلية بين املشغل واألجير ،فإنه يعتبر بمثابة خطأ جسيم يستلزم
فصل األجير املرتكب لهذا الخطأ من عمله وبدون تعويض ،أما إذا كان الخطأ
املرتكب ال يشكل جسامة كبيرة وال يؤثر عن العالقة الشغلية وحسن سير العمل
باملقاولة فهو يعتبر فقط خطأ غير جسيم أو بسيط يستوجب تطبيق العقوبات
الواردة في املادة 19من مدونة الشغل مع التدرج في العقوبة طبقا للمادة 12من
املدونة.
إن عنصر التبعية الذي يميز عقد الشغل عن العقود االخرى يستلزم وفاء
االجير بإلتزاماته املهنية وأي إخالل بها يعرضه لعقوبات تأديبية تختف من حيث
درجة الخطورة والتي تكون من توقيع املشغل بإعتباره مالكا للسلطة التأديبية.
ولدراسة هذه العقوبات التأديبية فإننا سوف نعرفها اوال ضمن الفقرة االولى
من هذا املطلب ثم بعد ذلك نتعرف على أنواعها من خالل الفقرة الثانية.
إن مدونه الشغل ،قد تحاشت إعطاء تعريف للعقوبة التأديبية ،كما فعلت
بالنسبة لألخطاء التأديبية وتركت املجال للفقه واالجتهاد القضائي وأكتفت فقط
بالتنصيص ضمن املادتين 19و 12منها على الجزاءات التأديبية التي يتخذها
التي يمكن إنزالها على األجراء في حالة إرتكابهم لخطأ منهي أو مخالفة مخلة باآلداب
وذلك ما جاء مفصال ضمن الفصل السادس من هذا الظهير ،وبالنظر إلى كون
تعريف العقوبات التأديبية أو الجزاء التأديبي يكتس ي أهمية جوهرية ،ألنه يحدد
أعطت تعريفا للجزاء التأديبي ،حيث نجد أن املشرع الفرنس ي أورد تعريفا للعقوبة
التأديبية ضمن املادة 3-3113 :Lمن مدونة الشغل الفرنسية بكونها "كل إجراء
عدا املالحظات الشفوية ،الذي يتخذه املشغل ،بعد إرتكاب األجير فعال يعتبر بمثابة
خطأ تأديبي من طرفه سواء كان لهذا اإلجراء ،التأثير الفوري أوال على بقاء األجير
.490محمد سعيد بناني ،عالقات الشغل للفردية -الجزء الثاني -المجلد الثاني -المرجع السابق ص822
باملقاومة ،أو على مهنته ،أو مستقبله املنهي ،أو مستحقاته أو األجر الذي يتقاضاه ".
ولقد ذهبت مجموعة من التشريعات املقارنة في نفس إتجاه املشرع املغربي 491
فبالنسبة لقانون الشغل املوريتاني 492فلم يتطرق إلى تعريف الجزاء التأديبي
وإنما إكتفى فقط بإسناد مهمة توقيع الجزاءات التأديبية لرئيس املؤسسة طبقا
أو النظام الداخلي طبقا للمادة 319من املدونة ،كما أنه في حالة عدم وجود
فإن املشرع املوريتاني أعطى كامل الصالحية لرئيس املؤسسة لتسليط الجزاء
الخطأ493. التأديبي على العامل املخطئ وذلك حسب جسامة
أما املشرع املصري فقد إكتفى بالتنصيص على ضرورة وضع الئحة تنظيم
العمل والجزاءات التأديبية من طرف صاحب العمل ضمن املادة 52من قانون
العمل املصري رقم 38لسنة ،8111كما إشترط في الفعل الذي تجوز مسائلة
العامل عنه تأديبيا أن يكون ذا صلة بالعمل ،وهذا ما نصت عليه املادة 52من
491
Art 1331-1- Constitue une sanction toute mesure autre les observations verbales Prise par l’em payeur
à la suite d’un agissement du salarie considéré par l’employeur comme fautif que cette mesure soit de
mature à affecter l’immédiatement ou hop la présence du satané dans l’entreprise sa camérè ou sa
rèmunération.
.492ـ القانون رقم 087 - 8009صادر بتاريخ 06يوليو 8009المتعلق بمدونة الشعل الموريتانية
. 493المادة 880من مدونة الشغل الموريتاني -
وبالنسبة ملجلة الشغل التونسية فلم تتطرق هي كذلك إلى تعريف العقوبات
التأديبية ،بل نصت فقط على شروط وكيفية إنهاء عقد الشغل في حالة إرتكاب
اآلجير لخطأ فادح ،ضمن الفصل 34في فقرته الرابعة ( ،)34-4حيث أعطت أمثلة
لألخطاء التي يمكن إعتبارها فادحة والتي بموجبها يتم فصل األجير وإنهاء عقد
شغله.
أما التشريع الجزائري :فإنه لم يتطرق املشرع إلى موضوع العقوبات التأديبية
وفيما يخص الفقه ،فإن جانب من الفقه املغربي ،494عرف العقوبة التأديبية
بأنها:
تلك التي ينزلها املشغل على األجير نتيجة إرتكابه خطأ غير جسيم.
كما عرفها فقه أخر :495بكونها العقوبة التي يوقعها رب العمل على العامل
املخل بأحد التزاماته ،كما أنها تشكل حقا لرب العمل في محاسبة األجير على
عرف العقوبة التأديبية بأنها العقوبة التي الفقه496 كما أن جانب أخر من
يوقعها املشغل على األجير جراء مخالفة وقعت منه داخل محل الشغل ،أو متعلقة
.494ـ بشرى العلوي :الفصل التعسفي لآلجير على ضوء العمل القظائي ،طبعة 8007ص 09
495سيد محمود رمضان :الوسيط في شرح قانون العمل -دار الثقافة والتوزيع 8006ص 872
496محمود جمال الدين زكي ،قانون العمل المصري مطبعة جامعة القاهرة -الطبعة الثالثة 8820ص .829
به وإن وقعت خارج محل الشغل ،متى كانت هذه املخالفة قد صدرت عنه عمدا
ولقد عرفه بعض الباحثين املصريين 497كذلك بأن الجزاء التأديبي عبارة عن
رد فعل للخطأ التأديبي ،فهو يرتبط بهذا الخطأ ويدور معه وجودا وعدما.
وأضاف بعض الفقه املصري" 498بأن العقوبة التأديبية عبارة عن الجزاء الذي
يوقعه صاحب العمل على أحد عماله إلقترافه خطأ يلحق إضطرابا بالعمل".
من خالل التعاريف التي تم ذكرها أعاله ،يمكن لنا أن نستخلص على أن إعطاء
تعريف واضح ومدقق وشامل ملفهوم العقوبات التأديبية له أهمية بالغة وذلك
ألن توقيع الجزاء التأديبي على األجير املخطئ يكون له تأثير كبير على الحياة املهنية
لهذا األجير وعلى معنوياته أثناء مزاولته لعمله داخل املقاولة ،كما يتسبب في
خدش صورته أمام زمالئه والتأثير على سمعته ،وفقدانه لبعض اإلمتيازات التي
كان يتمتع بها قبل إرتكابه للخطأ التأديبي ،وهذا ما يعرقل أحيانا مساره املنهي لهذا
فإن أغلب التشريعات املقارنة تجنبت إعطاء تعريف واضح وشامل وبشكل جد
محدد ملفهوم العقوبات التأديبية وذلك لصعوبة حصره في مجال واحد أو على
أيمن عبد العزيز :قيود السلطة التأديبية لصاحب العمل في قانون العمل رقم 888لسنة ( 8000دراسة مقارنة) -أطروحة لنيل درجة -
497الدكتوراه في الحقوق -بجامعة عين شمس كلية الحقوق -القاهرة .
498محمد حلمي مراد :قانون العمل والتأمينات اإلجتماعية ص .067
وكذلك بعض الفقه غير أن هذه التعاريف تبقى فضفاضة وصعبة الفهم وغير
كما أنها أغفلت بعض الفئات وأعطت تعريفا بشكل عام دون ذكرها وهي
الفئات املحمية والتي خصتها مجموعة من التشريعات ومن ضمنها التشريع املغربي
بحماية خاصة ،وبإجراءات تأديبية ومسطرية خاصة بها ،وهذا ما يوضح الطابع
القضائي ،حتى تكون هناك مجموعة من التعاريف لعلها تحيط بهذا املفهوم من
جميع جوانبه ،وكذا تشمل جميع الفئات املعنية بالجزاء التأديبي بل وتشكل
إن عنصر التبعية القانونية الذي يحكم و يؤطر العالقة الشغلية بين املشغل
واألجير ،يقتض ي خضوع هذا األخير لسلطات املشغل والتي تفترض أن يؤدى عمل
األجير تحت إشراف وتوجيه ورقابة املشغل ،وهذه العناصر يصعب تحقيقها ،
وكذلك ال يمكن أن تعطي فعاليتها إال إذا كانت تمارس تحت سلطة تأديبية تمكن
املشغل من توقيع وفرض عقوبات تأديبية على األجراء املخلين بااللتزامات املهنية
وهذه السلطة التي تعطي الحق للمشغل لتوقيع جزاءات تأديبية ،تكون
مقيدة بما هو وارد في الئحة الجزاءات التأديبية املنصوص عليه قانونيا ورغم أن
املشروع املغربي لم يعطي تعريفا للعقوبات التأديبية كتشريعات أخرى مقارنة ،
ولم يعرف كذلك الخطأ الغير الجسيم ،بل اكتفى فقط على التنصيص على الئحة
للعقوبات التأديبية ونظم تدرجها بحيث يكون توقيعها فقط على األجراء الذين
يقترفون األخطاء الغير الجسيمة أو البسيطة ولقد نصت املادة 19من مدونة
-3اإلنذار
-8التوبيخ
-4التوبيخ الثالث أو النقل إلى مصلحة أو مؤسسة أخرى عند االقتضاء ،مع
تطبق العقوبتين الواردتين في الفقرتين 1و 4من هذه املادة ،مقتضيات املادة
68أدناه.
وعند استقراءنا لهذه املادة يتبين لنا من الوهلة األولى ،أن املشرع املغربي
إستهلها بكلمة "يمكن" والتي تشير إلى أن املشغل له حرية االختيار بأن يوقع العقوبة
على األجير املرتكب لخطأ غير جسيم أو أن يتغاض ى عن ذلك ،فهو غير ملزم
بتطبيق مقتضياتها ألنها بالنسبة له تعتبر مجرد رخصة من املشرع ،من حقه أن
املرتكب للخطأ ذو سمعة حسنة وكفاءة عالية ومحترمة ،ومساره املنهي خالي من
العقوبات التأديبية ،و يساهم بشكل فعال في النمو االقتصادي للمقاولة ،يكون
من املمكن تراجعه على توقيع جزاءات تأديبية على هذا األجير ،ألن ذلك من
شأنه التأثير عليه ،وعلى مساره املنهي ووضعه داخل املقاولة وسيحول دون تحفيزه
كما يمكن لنا أن نستخلص من مقتضيات هذه املادة كذلك بأن العقوبات
الواردة ضمنها جاءت على سبيل الحصر وليس على سبيل املثال ،وهذا التحديد
القانوني لها يمنع املشغل من توقيع غير هذه العقوبات الواردة في املادة 19أعاله
،وهو نفس التوجه الذي اعتمده املشرع املصري في قانون العمل املصري 499ضمن
املادة 61منه والتي حدد من خاللها القانون املصري أنواع العقوبات التأديبية التي
يجوز توقيعها على العامل ،حيت أن املشغل اليستطيع الخروج عن هذه الالئحة
،أو توقيع جزاءا تأديبيا غير منصوص عليه في الئحة تنظيم العمل و الجزاءات ،
القانون500. طبقا ملا أورده املشرع املصري كذلك ضمن املادة 52من هذا
أما املشرع املوريتاني فقد أجاز لرئيس املؤسسة أن يسلط حسب جسامة
الخطأ إنذارا أو توبيخا أو توقيفا عن العمل ملدة ال تفوق ثمانية أيام أو فصال
املوريتانية501. بإخطار أو بدون إخطار ضمن املادة 331من مدونة الشغل
وبالرجوع إلى املشروع املغربي ،وتحديدا املادة 19من مدونة الشغل ،فان
إلى عقوبات ذات الفقه502 العقوبات التأديبية الواردة ضمنها صنفها جانب من
كما أن املادة 16من مدونة الشغل قد نصت على أنه ال تعد بعض األمور من
النقابي ،أو ممارسة مهمة املمثل النقابي ،املساهمة في أنشطة نقابية خارج أوقات
الشغل ،طلب الترشيح ملمارسة مهمة مندوب اإلجراء ،أو ممارسة هذه املهمة،
تقديم شكوى ضد مشغل ،أو املشاركة في دعاوى ضده ،العرق أو اللون أو الجنس
تنص المادة 58من قانون العمل المصري وتحدد الئحة الجزاءات المقررة لها مما هو منصوص عليه في المادة 60من هذا القانون
500وبما يحقق تناسب الجزاء من المخالفة .
501قانون رقم 087-8009صادر بتاريخ 06يوليو .8009
502الوسيط في مدونة الشغل الجزء األول –عالقات الشغل الفردية .الطبعة األولى 8009ص:905عبد اللطيف خالفي.
ولدراسة أنواع العقوبات التأديبية فإننا سنتناول ضمن الجزء األول من هذه
الفقرة العقوبات التأديبية املعنوية ،على أن نتطرق ضمن الجزء الثاني لدراسة
العقوبات املهنية.
يقصد بالعقوبات املعنوية هي تلك التي ال يكون لها تأثير مباشر على مركز األجير
داخل املقاولة وحياته املهنية ،أو تلك العقوبات التي تهدف املس بالجانب املعنوي
والنفس ي لألجير ،أوهي العقوبات التي إما ال يكون لها تأثير مباشر على مركز األجير
املتخذ لإلجراء التأديبي في حقه وإما تكون مقدمة إلتخاذ إجراءات تأديبية أشد
ومن خالل استقراءنا للمادة 19من مدونة الشغل يتبادر إلى ذهننا منذ الوهلة
األولى ،أن املشرع املغربي قد استجاب لآلراء الفقهية التي كانت تنادي بإلغاء
503 العقوبات املالية التي كان ينص عليها الفصل 31من قرار 81أكتوبر 3242
بشأن النظام النموذجي امللغى وذلك للحفاظ على الطابع الحمائي ،الذي يتميز به
قانون الشغل ،و هذا األمر يعتبر من بين املستجدات التي جاءت بها مدونة الشغل.
-3اإلنذار
ويقصد باإلنذار ،تنبيه األجير إلى املخالفة التأديبية التي إرتكبها وتحذيره من
املصري505 تكراراها تحت طائلة تعرضه لعقوبة أشد 504،كما عرفه بعض الفقه
بأنه تحذير العامل فيما يختص باإلخالل بواجبات عمله كي ال يتعرض لتوقيع
كما أن املشرع الفرنس ي عرف اإلنذار بأنه العقوبة األخف التي ينص عليها
عرفته املادة L122-40 :من نفس املدونة في صيغتها القديمة بأن اإلنذار يعتبر
وبالرجوع إلى املادة 19من مدونة الشغل املغربية نجد أن اإلنذار يتصدر الئحة
العقوبات التأديبية التي يمكن للمشغل أن يوقعها على األجير عند إرتكابه لخطأ
تأديبي غير جسيم ،وهذا جاء عكس مانص عليه النظام النموذجي امللغى ل81
أكتوبر ، 3242الذي لم يشر إلى اإلنذار ضمن العقوبات التي جاءت محددة في
أجورهم والذي نص في فصله السادس على أنه " يمكن في حالة إرتكاب خطأ توجيه
غير أن املشرع املغربي لم يوضح ما إذا كان هذا اإلجراء التأديبي يجب أن يكون
كتابيا أو شفويا ،والواقع أنه يجب أن يوجه اإلنذار إلي األجير كتابة وذلك إذا ما
رجعنا إلى ما تضمنته املادة 61من م.ش "يسلم مقرر العقوبات التأديبية الواردة
ضمن املادة 19أو مقرر الفصل إلي األجير املعني باألمر يدا بيد مقابل وصل أو
بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل ،داخل أجل ثمانية وأربعين ساعة
وهذه اإلجراءات القانونية ال يمكن التأكد من احترامها إال إذا كان اإلجراء
-8التوبيخ.
د عبد الرحمان حموش سلطة المشغل التاديبية في ضوء مضمونة الشغل وقضاء محكمة النقض –مقال منشور بمجلة العلوم القانونية
.506العدد الثالث سنة 8080ص-72
يعتبر التوبيخ عقوبة معنوية تأتي في الدرجة الثانية بعد اإلنذار إذا ما راعينا
بأنه عقوبة تأديبية على ما سبق أن أنذر عليه 507 ولقد عرفه بعض الفقه
األجير ،وتمادى مع ذلك في اقترافه ،ويقصد به ليس فقط تحذير األجير من العودة
إلى ما اقترفه من مخالفة تأديبية وإنما إفصاح املشغل عن عدم الرضا عن سلوكه
التوبيخ بإعتباره عقوبة تأديبية اشد من اإلنذار يوقعها كما عرف فقه أخر508
املشغل على األجير ،ويعتبر كذلك مظهرا من مظاهر التبعية التي تربط املشغل
باألجير ،وتكشف عما للمشغل من حق الرقابة واإلشراف على األجير فيما يتعلق
بأداء عمله.
وفي تعريف أخر لبعض األستاذات الباحثات 509أن التوبيخ هو اللوم املوجه
من طرف املشغل لألجير ،يستنكر من خالله العمل املرتكب من طرفه وينبهه في
نفس الوقت الى عواقب هذا العمل املخالف لألنظمة والقانون ،والذي قد يكون
بعد توقيع العقوبات املعنوية على اإلجراء الذين يخالفون تعليمات املشغل في
إطار املقتضيات القانونية املتعلقة بالشغل أو إعتمادا على عنصر التبعية الذي
يميز عقد الشغل عن العقود األخرى ،والتي تتكون من اإلنذار والتوبيخ باعتبارها
عقوبات خفيفة ،وفي حالة معاودة األجير ارتكاب أخطاء أخرى من نفس الصنففان
املشغل يلجأ إلى توقيع عقوبات أخرى أشد من األولى ويتعلق األمر بالعقوبات
يتعلق األمر بعقوبة من الدرجة الثالثة يوقعها املشغل على األجير إذا أخل
بإلتزاماته تجاه املقاولة املشغلة دون أن يصل إلى درجة الخطأ الجسيم ويمكن
لهذه العقوبة أن تكون على شكل توبيخ ثاني بعدما أن توصل األجير بالتوبيخ األول،
كما أنه يبقى من حق املشغل أن يلجا إلى توقيف األجير املرتكب لخطأ غير جسيم
ملدة 12أيام بشكل مؤقت مع حرمانه من األجر خاللها طبقا ملا نصت عليه مدونة
الفصل السادس منه وهي جاءت مرتبة كذلك في الدرجة الثالثة من الئحة
العقوبات التأديبية حيت سماها املشرع طردا مؤقتا عن العمل وقيدها كذلك
-التوبيخ األول.
-التوبيخ الثالث أو النقل إلى مصلحة أخرى أو مؤسسة أخرى مع مراعاة سكنى
االجير.
و املشرع ملا إعتبر التوبيخ الثاني وقارنه بالتوقيف عن العمل ملدة 12أيام يكون
قد ضرب عرض الحائط قاعدة مهمة التي نص عليها املشرع ضمن املادة 12من
م.ش وهي مبدأ التدرج الذي ال يستقيم مع هذا املقتض ى ،هذا من جهة أولى أما
من جهة ثانية فان الخيار الذي أقرته مدونة الشغل هو خيار غير منطقي على إعتبار
أنه يساوي بين عقوبة معنوية وعقوبة مهنية واألجدر أن يقارن باألحرى بين
لألجير510. عقوبتين من نفس النوع حتى ال يكون ذلك مؤثر على الوضع املادي
وعلى عكس ما جاءت به مدونة الشغل بخصوص التوبيخ األول حيث أنها لم
تحدد مسطرة خاصة بتوقيع هذه العقوبة فان التوبيخ الثاني إشترطت لتوقيعه
-510عبد القادر بوبكري :حدود السلطة التأديبية للمشغل على ضوء مدونة الشغل والعمل القضائي طبعة 8086ص 50
511 تطبيق مسطرة تأديبية خاصة وهي التي نصت عليها املدونة ضمن املادة 68
منها ،ويتعلق األمر بمسطرة االستماع إلى األجير قبل توقيع العقوبة التأديبية عليه،
وهي تعتبر من بين املستجدات كذلك التي جاءت بها مدونة الشغل ،على عكس
النظام النموذجي امللغى لسنة 3242الذي لم ينص على هذا اإلجراء التأديبي الذي
يعتبر من الضمانات التي خولها املشرع لألجير من أجل إضفاء الطابع الحمائي
ولقد أخضعت املادة 19من املدونة هذه العقوبة التأديبية ملسطرة اإلستماع
حيت نصت ضمن الفقرة األخيرة منها على انه "تطبق على العقوبتين الواردتين في
وفي رأينا بأن الجدوى من تطبيق مسطرة االستماع إلى األجير على هاتين
اإلجراءات املسطرة تدفع في غالب األحيان املشغل للتراجع عن العقوبة التي كان
يعزم توقيعها على األجير ،وذلك إذا ما تبين له أن املبررات التي أعطاها هذا األخير
صحيحة ومنطقية من جهة أولى أما من جهة ثانية فإن هذه اإلجراءات بكونها تتميز
املشغل يفضل في غالب األحيان إنذار األجير شفويا أو تطبيق بعض اإلجراءات
-نصت المادة 68من م.ش على انه (يجب قبل فصل األجير أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه باالستماع إليه من طرف المشغل أو
من ينوب عنه بحضور مندوب اإلجراء او الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره االجير بنفسه .وذلك داخل اجل ال يتعدى ثمانية أيام
511ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه.
اإلدارية التي ال تدخل ضمن العقوبات التأديبية وتساهم في مساعدة األجير على
عدم الرجوع إلى إرتكاب هذا الخطأ ،كتغيير فرقة العمل التي يتواجد فيها هذا األجير
أو اقتراح عليه االستفادة من حصص التكوين املستمر لصقل قدراته املهنية
وكفاءاته وذلك من أجل مساعدته على التغلب على ظروف العمل الصعبة ،أو غير
ذلك من اإلجراءات التي تحول دون توقيع عقوبات عليه ،خصوصا إذا تبين
للمشغل أن هذا األجير ذو أخالق عالية وسلوك جيد وله قابلية لتغير سلوكه .
أما فيما يخص عقوبة التوقيف عن العمل فان املشرع حددها في الفصل 19
من املدونة وأجاز ذلك ملدة ال تتعدى ثمانية ( )12أيام عن املخالفة الواحدة كما
أنه ال يجوز توقيف األجير ملدة مفتوحة .وهذا التوقيف عن العمل يكون مصحوبا
بحرمان األجير من األجر خالل هذه املدة وإن كان املشرع ال ينص صراحة على ذلك
ولكن األمر مادام يتعلق بعقوبة تأديبية وأن األجير هو الذي كان سببا في هذه
ولقد نص املشرع املصري خالفا للمشرع املغربي مدة الوقف عن العمل في
خمسة أيام من الخصم من األجر طيلة مدة التوقيف .من خالل املادة 63من قانون
كما أن املشرع األردني حدد فترة التوقيف عن الشغل في ثالثة أيام مع الخصم
وفي مدونة الشغل املوريتانية نص املادة 331منها على التوقيف ملدة ثمانية
( )12أيام وسار بذلك في نفس اتجاه املشرع املغربي ،و أما املشرع الفرنس ي فقد
تطرق ملوضوع التوقيف عن العمل ضمن املادة L.1332-2حيث فرق فيها بين
التوقيف التأديبي الذي تكون له مدة محددة وفقا ملا هو متضمن في النظام
املوافق ملدة هذا التوقيف عن الشغل التي تعرف كذلك توقف عقد الشغل طيلة
هذه املدة ،مادام األمر يتعلق بعقوبة تأديبية وأن األجير هو الذي كان سببا فيها
الذي ال يعتبر االحتياطي512 فإنه ال يستحق خالل مدة توقيفه أجرا وبين التوقيف
عقوبة تأديبية وإنما إجراء مسطري في إنتظار إحالة األجير املخطئ على لجنة
ونصت هذه املادة بالنسبة ملندوب اإلجراء حيث ال يتم منعهم من مزاولة
ومن خالل ما سبق يمكن أن نستخلص أن العقوبات الواردة ضمن املادة 19
في فقرتها الثالثة والتي تتعلق بالتوبيخ الثاني أو التوقيف عن العمل ملدة ()12
ثمانية أيام ،تعتبر من ناحية الترتيب كعقوبة من الدرجة الثالثة التي يوقعها
املشغل على األجير املخل بالتزامات املهنية في إطار الخطأ الغير الجسيم.
512
La mise à pied à titre de conversation
غير أننا نعيب عن املشرع املغربي ما نصت عليه هذه املادة حيث جعل التوبيخ
الثاني مساويا للتوقيف عن العمل ملدة 12أيام وهذا يجعل هذا اإلجراء التأديبي
غير منطقي من ناحية كونه ال يحترم مقتضيات املادة 12التي تتعلق بإتباع مبدأ
التدرج في توقيع العقوبات التأديبية ،والذي يقتض ي من جهة نظرنا توقيع التوبيخ
الثاني وجعله ضمن الدرجة الثالثة من العقوبات التأديبية وإتباعه بالتوبيخ الثالث
كمرتبة رابعة تم بعد ذلك التوقيف عن العمل كدرجة خامسة وهذا من شأنه أن
يكفل حماية لألجير وضمانه له من تعسف املشغل أو لجوئه الى إختيار العقوبة
األشد عند تخييره بين التوبيخ الثاني والتوقيف عن الشغل ملدة 12أيام .
وبهذا فان املشغل حتما أو في غالب األحيان سيلجأ إلى توقيف األجير بدال من
توبيخه وذلك لحرمانه من األجر املوافق ملدة التوقيف مما سيؤثر عن الوضعية
املادية لألجير حيث سوف تمس مصدر رزقه وأجرته الشهرية التي يعتمد عليها في
عول أسرته.
-8التوبيخ الثالث ،أو النقل إلى مصلحة أو مؤسسة أخرى عند االقتضاء مع
التي تمس نوع أو مكان عمل األجير ،عندما يقوم املشغل بتغيير مكان عمله سواء
من مصلحة إلى أخرى ،أو من مؤسسة إلى أخرى 513 ،وفي هذه العقوبة أجاز املشرع
للمشغل خيارين بين التوبيخ الثالث كعقوبة معنوية وبين النقل إلى مصلحة أخرى
أو مؤسسة أخرى كعقوبة مهنية واألجدر أن يكون الخيار بين عقوبتين من نفس
وفي هذا اإلطار فان املشغل سوف لألجير514، النوع حتى ال يتأثر الوضع املادي
يتوجه إلى عقوبة التوبيخ وذلك من أجل استكمال هذه العقوبات داخل السنة
ومن املالحظ أن في هذه العقوبات أصبح املشغل ال يقتصر فقط على توقيع
العقوبات املعنوية ،وإنما أصبح من حقه إتخاذ عقوبات أشد تنتقل من درجة
العقوبة املعنوية إلى عقوبة تصيب األجير في صفته املهنية أو عمله 516 ،مما يهدد
األجير بعدم االستقرار في شغله أو مكانه أو إلى توقف عقد الشغل ملدة معينة كما
نصت على ذلك املادة 19من مدونة الشغل .وإذا استمر هذا األجير العنيد في
فان ذلك إقتراف األخطاء التأديبية وإستمر في االنتهاكات املتكررة لنظام الشغل517
يعرضه لعقوبة هي األقس ى ضمن الئحة العقوبات التأديبية ويتعلق األمر بالفصل
وإذا ما الحظنا بدقة الئحة العقوبات التأديبية نجد أن املشرع كلما زادت درجة
خطورة العقوبة التأديبية إال ونص على تطبيق مسطرة االستماع إلى األجير وهذا
إن ذل على ش يء فإنما يدل على أنه كفل مسطرة تأديب األجير بضمانات أثناء
-514دنيا مباركة :ضمانات توقيع العقوبات التأديبية في ظل مدونة الشغل – مجلة القصر ،عدد ،89،8006ص .82
خالد ايت عالل :حدود السلطة التأديبية للمشغل تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية الحقوق ،وجدة
515السنة الجامعية 8006/8005ص.08
-516محمد سعيد بناني :قانون الشغل بالمغرب – عالقات الشغل الفردية – دار النشر المغربية طبقة -8828ص . 806
517ميمون الوكيلي – المقاولة بين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشغل ص :28
ممارسة العقوبات التأديبية عليه وذلك بإجراءات مسطرية ،كالتي جاءت بها
مقتضيات املادة 68من مدونة الشغل الخاصة بمسطرة التأديب أو االستماع إلي
األجير ،وذلك من أجل إعطاءه الفرصة للدفاع عن نفسه باالستماع إليه من طرف
الذي يختاره بنفسه ،وذلك داخل أجل اليتعدى 12أيام من التاريخ الذي تبين
واملدونة من خالل هذا اإلجراء تكون قد ساوت بين هذه الحالة وحالة الخطأ
الجسيم املوجب للفصل عن العمل واملنصوص عليه ضمن املادة 12من مدونة
بنقل األجير من مؤسسة إلى أخرى وخصوصا إذا كانت املؤسسة األخرى املراد نقل
األجير إليها تتموقع في مدينة أخرى غير املدينة التي يعمل بها األجير املرتكب للخطأ
التأديبي.
وفي هذا اإلطار فان املادة 19إشترطت في هذه العقوبة مراعاة مكان سكنى
األجير ،يعني أن ال يكون املكان الجديد الذي تم فيه تنقيل األجير بعيدا عن محل
سكناه ،أو إذا اقتض ى الحال توفير له وسيلة للتنقل عبرها الى مكان عمله الجديد،
ولإلشارة كذلك فان أي عقوبة يوقعها املشغل على األجير مهما كانت درجتها إال
وسوف تؤثر ال محالة على مساره املنهي ،حيث تكون مسجلة في ملفه الخاص وهذا
أو من بعض االمتيازات التي قد يحصل عليها زمالئه في العمل ،ويفقد مكانته بين
إن مبدأ التبعية القانونية الذي يعتبر املميز األساس ي لعقد الشغل ،يقتض ي
عدم اإلخالل من طرف األجراء باإللتزامات القانونية أو إالتفاقية 518التي جاءت بها
مدونة الشغل أو مضمنة في عقد الشغل أو في إطار القانون الداخلي للمقاولة أو
ضمن إتفاقية الشغل الجماعية ،والتي من شأنها أن تضمن حسن سير العمل
وتحقيق األهداف التي وضعت من أجلها املقاولة ،وأي إخالل بهذه االلتزامات
يعرض األجير لعقوبات تأديبية يتم توقيعها عليه من طرف املشغل باعتباره مالكا
للسلطة التأديبية وكذا سلطة التوجيه واإلشراف واملراقبة ،غير أن مرونة العالقة
الشغلية هنا تكتس ي أهمية أساسية ،فاملبدأ أن األجير ال يقوم بأداء عمل محدد
دائما وإنما ينبغي أن يضع طاقته الشغلية رهن إشارة املشغل ،وهذا ما يفسر
مبدأ أن األجير يؤدي مهمته بصفة شخصية 519وهذا ما يوقعه أحيانا في ارتكاب
عبد اللطيف خالفي :الوسط في مدونة الشغل الجزء األول –عالقات الشغل الفردية ص 999:
قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل –الجزء الثاني طبعة 8007المجلد األول :محمد سعيد بناني 886
أخطاء عمديه أو غير مقصودة أو بسبب إهماله وتقصيره ويؤذي هذا إلى تعرضه
التي تحقق حماية األجير ،يمكن أن تسبق أو تصاحب توقيع هذه العقوبات
على العقوبات التأديبية التي جاءت على سبيل الحصر،وفي هذا الصدد نصت
-3اإلنذار
-8التوبيخ
519ص-060
-4التوبيخ الثالث آو النقل إلى مصلحة ،أو مؤسسة أخرى عند االقتضاء مع
تطبق على العقوبتين الواردتين في الفقرتين ()1و ( )4من هذه املادة مقتضيات
ومن خالل إستقراءنا لهذه املادة يتبين أن الئحة العقوبات التأديبية املنصوص
عليها غير إلزامية ،بحيث أن املشرع استهلها بعبارة " يمكن" التي تعني بان املشغل
عنها520. غير ملزم بتطبيق هذه العقوبات وبإمكانه االستعاضة
وذلك في رأينا إما اعتبارا ملساره املنهي أو لكفاءته العالية أو لظروفه العائلية أو
جانب من الفقه 521حينما إعتبر أن تطبيق العقوبات املضمنة باملادة 19من مدونة
الشغل أعاله هي مجرد رخصة للمشغل بإمكانه أن يستعملها أوأن يتغاض ى عنها
وأكد كذلك على أن العقوبات التأديبية واردة على سبيل الحصر ضمن مدونة
الشغل.
كما أشار إلى أنه يمكن تخفيفها ال تشديدها تطبيقا للقواعد العامة لقانون
الفقه522 الشغل التي تراعي مصلحة األجير على وجه الخصوص وأكد جانب من
520عمر تيزاوي –مدونة الشغل بين متطلبات المقاولة وحقوق األجراء –مطبعة سليكي إخوان –طنجة –يونيو 8088ص -
521محمد الكشبور –إنهاء عقد الشغل طبعة 8002ص- 890
-522أدريس فجر :مساهمة في دراسة نظرية أسباب انقضاء عقد العمل ص 886-885
كذلك بأنه يتعين على املشغل التقيد بقاعدة "ال عقوبة إال بنص " ومن تم ال يجوز
وهذا هو االتجاه الذي سار عليه املشرع املصري الذي حدد الئحة للجزاءات
التأديبية التي يجوز للمشغل توقيعها على العامل وحصرها في ثمانية عقوبات
غير أنه في بعض الحاالت يعمد املشغل إلى توقيع عقوبات تأديبية أخرى غير
تلك املنصوص عليها قانونا ومن بين هذه العقوبات نجد التخفيض في مبلغ
الدرجة524. املكافآت املالية أو حرمان األجير منها بكاملها،أو التدحرج من
وفي رأينا يجب على القضاء في إطار رقابته على السلطة التأديبية للمشغل الحد
مع هذه املمارسات التي من شأنها أن تقلل من الحماية الخاصة باألجراء باعتبارهم
القانونية املنصوص عليها ضمن مدونة الشغل فيما يتعلق باحترام مبدأ التدرج في
بإجراءات قانونية ومسطرية تحول دون تعسف املشغل في توقيعها ومن شأنها
الشكلية والضوابط األساسية التي يجب على املشغل إحترامها أثناء توقيعه
اإلجراءات تعتبر من الضمانات التي يبقى هدفها هو حماية األجير وتحقيق العدالة
في العقاب ،وهي ضمانات تعتبر من املستجدات التي جاءت بها املدونة حيث نصت
ضمن املادة 19في فقرتيها األخيرتين على ضرورة إحترام مسطرة االستماع إلى األجير
ولقد نصت املادة 68على أنه يجب قبل فصل األجير أن تتاح له فرصة الدفاع
عن نفسه باالستماع إليه من طرف املشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب
األجراء أو املمثل النقابي الذي يختاره األجير بنفسه كما يستشف من قراءة املادة
19من م.ش في بدايتها والتي نصت على أنه يمكن للمشغل إتخاذ إحدى العقوبات
التأديبية.
كما نص املشرع على منع معاقبة األجير على الخطأ اليسير آو الغير الجسيم
مرتين وكرس بذلك مبدأ وحدة العقوبة على الخطأ التأديبي الوحيد.
ومن بين الضمانات الحمائية املتعلقة بتأديب األجير املخطئ ،ما نصت عليه
املادة 12من مدونة الشغل التي قيدت املشغل باحترام مبدأ التدرج في توقيع
أن مبدأ التدرج في إنزال العقوبات الفقه525 وفي هذا الصدد إعتبر بعض
التأديبية الواردة بالترتيب ضمن املادة 19من م.ش يعتبر كضمانة أساسية بالنسبة
لألجراء خصوصا الذين تكثر أخطاؤهم من أجل إتخاذ جميع االحتياطات الالزمة
لتقويم سلوكهم بمجرد تلقي الجزاء على املخالفة األولى أو الثانية كما يعتبر
ولقد رأى فقه أخر 526أن املشغل ليس حرا في اتخاذ الجزاء التأديبي الذي يشاء
إلى أن تقييد سلطة املشغل في توقيع اإلجراء 527 ولقد أشار بعض الفقه
التأديبي باحترام مبدأ التدرج معناه ،أنه ملزم بعدم اللجوء إلى العقوبة األشد إال
بعد إستنفاذ العقوبة األخف ،حيث على املشغل أن يبدأ في حالة إرتكاب األجير
للمخالفة األولى بإنذاره وفي الثانية بتوبيخه وفي الثالثة بتوبيخه للمرة الثانية أو
توقيفه عن العمل ملدة ال يجب أن تتعدى ثمانية أيام و في الرابعة بتوبيخه للمرة
الثالثة أو نقله إلى مصلحة أو مؤسسة أخرى عند االقتضاء مع مراعاة سكنى
األجير528
-525عمر تيزاوي،مدونة الشغل بين متطلبات المقاولة وحقوق األجراء ،مطبعة سليكي إخوان-طنجة-يونيو،8088ص.972
-محمد بنحاسين :القانون االجتماعي المغربي عالقات الشغل الفردية والجماعية –الجزء األول الطبعة 8088ص886:
526
كما ذهبت بعض الباحثات 529إلى القول بأن األصل أن املشغل يلزم باحترام
اإلجراءات املحددة قانونا وذلك عند إتخاذه قرارا بمعاقبة األجير املخطئ ،وإن
إغفال تطبيقها أو عدم إحترامها يترتب عنه سقوط الحق في التمتع بالسلطة
التأديبية على األجير بناءا على املقتضيات التي جاءت بها املادة 12من مدونة
الشغل.
وعلى خالف ما أشار إليه هذا الجانب من الفقه فقد ذهب بعض الفقه أالخر
530إلى اإلشارة إلى أنه من الصعب من الناحية العملية أن يتقيد املشغل بمبدأ
التدرج في توقيع العقوبات التأديبية عن جميع هذه األخطاء مهما كانت درجتها .
وأن إختالف األخطاء البسيطة التي يرتكبها األجير من حيث الدرجة ،هو السر في
كون العقوبات تختلف مستوياتها أيضا.وأنه مهما كان التنصيص على إحترام مبدأ
التدرج في العقوبة ضمن املادة 12من املدونة وذلك يعني في رأيه أن األمر ينطبق
على األخطاء التي يرتكبها األجير عدة مرات ،أو إذا كان األمر يرتبط بأخطاء متماثلة
من حيث درجة الخطورة ،فاملهم هو مالئمة العقوبة للخطأ الغير الجسيم املرتكب
من طرف األجير فإذا كانت العقوبة التي تم توقيعها عليه عند ارتكابه للخطأ لم
تحقق املقصود منها وهو الردع و التحذير من عدم الرجوع إلى ارتكاب هذا الخطأ
،ففي هذه الحالة يمكن للمشغل أن يلجا إلى عقوبة أخطر تم إلى أخطر منها وهكذا
فريد اليوموري حدود السلطة التأديبية للمشغل قراءة في المادتين 07و 08من مدونة الشغل .مقال منشور
529بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد 880-888ماي –غشت من -8085-8089
530محمد سعد جرندي الدليل العلمي لمدونة الشغل-الجزء األول -ص889:
كما أشار بعض الباحثين 531إلى انه لضمان احترام مبدأ التدرج في العقوبة
يجب حصر العقوبات التأديبية املنصوص عليها قانونا وال يجوز للمشغل إقرار
ولقد ذهب حد الفقه 532إلى القول بأن املشرع رغم فرضه ملبدأ التدرج في
العقوبات من خالل املادة 12من مدونة الشغل .ونظرا لكونه يستعجل الوصول
إلى حالة الفصل فقد خالف هو نفسه مبدأ التدرج.حينما نص على أنه بإمكان
املشغل بعد إستنفاذ العقوبات الواردة ضمن املادة 19من م.ش داخل سنة أن
يفصل األجير ،مما قد يدفع باملشغل أيضا إلى تطبيق تلك العقوبات داخل السنة
وبالتالي يصبح من حقه أن يفصل األجير دون أي تعويض وفي هذا االتجاه ذهب
بعض الفقه 533إلى القول بأنه بإمكان املشغل أن يخلق بعض املشاكل والعراقيل
توقيع العقوبات التأديبية على هذا األجير و سيصل بذلك إلى استنفاد جميع
العقوبات املنصوص عليها ضمن املادة 19من مدونة الشغل داخل السنة،ويكون
عبد القادر بوبكري :حدود السلطة التأديبية للمشغل على ضوء مدونة الشغل والعمل القضائي –دراسة مقارنة -الطبعة8086:ص 62
531وما يليها
532عمر تيزاوي م.س ص -920
- Abdallah Boudahrain : le droit du travail au Maroc Tome 2 1er édition 2005 p172 Almadariss -
533
CASABLANCA
بالتالي للمشغل الحق في فصل األجير بدون تعويض بحيث يكون الفصل في هذه
الحالة مبررا.
و بالنظر إلى ما جاءت به املادة 12من املدونة حيث أعطت إلى املشغل الحق
في فصل األجير رغم ارتكابه ألخطاء غير جسيمة وذلك في حالة استنفاذ جميع
العقوبات املنصوص عليها ضمن املادة 19من م.ش داخل السنة وهذا ما اعتبره
بعض الفقه 534بان هذا املقتض ى يدفع املشغل إلى تطبيق تلك العقوبات على األجير
ألبسط األسباب قد استنفادها داخل السنة وبالتالي يصبح من حقه فصل األجير
دون أي تعويض لذا فان األمر يتطلب مراقبة صارمة من القضاء للتأكد من جدية
وإعتبر جانب أخر من الفقه 535بان اإلمكانية املتاحة للمشغل لفصل األجير
بعد استنفاد جميع العقوبات املنصوص عليها ضمن املادة 19من م.ش تكتس ي
خطورة كبيرة الن املشغل يكون في متناوله أن يخلق عقوبات تأديبية ليصل إلى
األعداد األربعة داخل السنة ،ليتأتى له فصل األجير بدون تعويض ويكون بذلك
قد صنع الحجة بيده،وهو ما يمكنه إدخاله في باب التعسف في استعمال الحق.
إلى القول بان الضمانات التي جاءت بها مدونة 536 وذهب بعض الباحثين
الشغل تبقى غير كافية لحماية األجير ما دام املشرع لم يحدد طبيعة الخطأ غير
الجسيم الش يء الذي يتيح للمشغل صالحية واسعة في كيفية تحديد طبيعة
وفي رأينا ،إن إحترام مبدأ التدرج في توقيع العقوبات التأديبية يجب أن يطبق
عن طريق مالئمة العقوبة للخطأ الغير الجسيم املرتكب من طرف األجير،حتى
التبقى هناك فرصة للمشغل لخلق عقوبات تأديبية وتوقيعها على األجير ألبسط
األسباب وذلك بغية إستنفاذ جميع العقوبات املنصوص عليها ضمن املادة 19
من املدونة تحت إصرار املشغل ورغبته املستعجلة في إبعاده عن املقاولة بكل
الوسائل املتاحة له وبالتالي الوصول إلى فصل األجير من الشغل بدون تعويض،
وهي كأخطر عقوبة تأديبية يمكن أن يتعرض لها األجير في مساره املنهي خصوصا
وأن املادة 19من م.ش أتاحت الفرصة للمشغل إلختيار العقوبات الواردة في
الترتيب الثالث والرابع بين التوبيخ الثاني والتوبيخ الثالث عوض التوقيف أو
النقل وبذلك سيختار العقوبة األسهل من بينهما حتى يتأتى له اإلسراع في
جاء في قرار ملحكمة النقض تحت عدد 8824بتاريخ 32أكتوبر 8136في امللف
اإلجتماعي عدد.8136537/3/5/982:
على أنه "طبقا للمادتين 19و12من مدونة الشغل ،فإن املشغل ملزم بإتباع
مبدأ التدرج في العقوبة ،وال يسوغ له فصل األجير من العمل إال بعد إستنفاذ
العقوبات الوارد النص عليها باملادة،19داخل أجل سنة ،وإال أعتبر الفصل من
كما جاء في قرار ملحكمة النقض تحت عدد 823في امللف االجتماعي
"ثبوت إرتكاب األجير لخطأ جسيم ،ال يلزم املشغل بتطبيق مبدأ التدرج في
العقوبة وال يبرره قضاء األجير مدة طويلة في خدمة املشغل ،واملحكمة ملا ثبت
لديها إرتكاب األجير لخطأ جسيم ومع ذلك إعتبرت قرار فصله من عمله كان تعسفيا
بعلة أنه على املشغلة تطبيق مبدأ التدرج في العقوبة ،نظرا لكون األجير قض ى مدة
-537قرار لمحكمة النقض -الغرفة اإلجتماعية -منشور بنشرة قرارات محكمة النقض عدد 85ص 57ومايليها-
من خالل هذا القرار يتضح بأن مبدأ التدرج في توقيع العقوبات التأديبية
ينطبق على األخطاء الغير الجسيمة املرتكبة من طرف األجير ،وأنه في حالة إرتكاب
األجير لخطأ جسيم فإن املشغل يصبح غير ملزم بإتباع التدرج في إنزال الجزاء
التأديبي وفق التراتبية املنصوص عليها ضمن املادة 19من مدونة الشغل.
كما جاء في حكم صادر عن املحكمة اإلبتدائية بفاس تحت عدد 312بتاريخ
رقم53835/3513/266: 8136/13/32:في امللف اإلجتماعي
غير جسيمة ومخالفة ملقتضيات القانون الداخلي للمؤسسة املشغلة طبقا ألحكام
املادة 19من مدونة الشغل شريطة التقيد باملقتضيات القانونية املنصوص عليها
في املادة 68من املدونة وإتباع مبدأ التدرج املنصوص عليه في املادة 12من نفس
املدونة".
املادة 19من مدونة الشغل في نطاق سلطته التقديرية في معاقبة أجرائه في حالة
التأديبية إال في حالة ثبوت خرق املشغلة للمقتضيات القانونية املنصوص عليها في
مدونة الشغل".
-حكم منشور بكتاب نمادج من العمل القضائي للمحكمة اإلبتدائية بفاس-الجزء الثاني-المادة اإلجتماعية ص 888ومايليها أورده محمح
538بفقير ضمن كتاب مدونة الشغل والعمل القضائي المغربي –الجزء االول-الطبعة 8080:ص.882
"للمشغل صالحية إختيار العقوبة املناسبة للخطأ املرتكب وهو غير ملزم بإتباع
مبدأ التدرج في العقوبات ،فهو صاحب السلطة التأديبية التي ال يحد منها سوى
"أن املشغلة لها صالحية إختيا ر العقوبة التي تعتبرها مناسبة للفعل املرتكب،
وهي غبر ملزمة بإ تخاد نفس العقوبة في مواجهة العمال الذين إرتكبوا نفس الفعل
مادامت تستند في قرارها على أسباب مهنية صرفة وبعيدة عن أي معايير تمييزية
على أساس العرق أوالدين أو الجنس أواإل نتماء النقابي أو السياس ي".
من خالل دراستنا لهذه القرارات ،يمكن أن نستخلص بأن املادة 12من مدونة
الشغل قد خلقت تضاربا في قرارات اإلجتهاد القضائي ملحكمة النقض ،في إطار
الرقابة القضائية للسلطة التأديبية للمشغل التي نصت عليها املادة 48من املدونة
من حيث تطبيق مقتضياتها فبعضها أعطى الحق للمشغل و الصالحية في إتخاد
539قرار لمحكمة النقض منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة 8087ص.20
-540قرار منشور بمجلة قضاء محكمة النقض العدد 20ص 065ومايليها.
العقوبات التأديبية وال يجب أن يراعي في ذلك إال مالئمة العقوبة للخطأ التأديبي،
وبعضها أقر بأن املشغل ملزم بإحترام مبدأ التدرج في توقيع هذه العقوبات مما
يبين بشكل واضح بأن املشرع قد ترك ثغرة في مقتضيات املادة 12من املدونة
حيث أصبح فهم مدلول هذا اإلجراء التأديبي صعبا ،مما أثر على تطبيقه على
أرض الواقع ،خصوصا وأن مبدأ التدرج يعتبر من القواعد الجوهرية التي جاءت
للسلطة التاديبية.
خاتمة:
إذا كانت السلطة التأديبية التي يتمتع بها املشغل ،تمكنه من توقيع ما يراه
مناسبا من عقوبات تأديبية على األجراء عند إرتكابهم لبعض األخطاء الغير
الجسيمة ،فإن املشرع لم يترك للمشغل الحرية املطلقة في توقيع هذه الجزاءات
بل قيدها بإجراءات مسطرية كانت من بين املستجدات التي جاءت بها مدونة
املشغل أثناء ممارسته للسلطة التأديبية بحيث تعتبر من بين الضمانات التي
ألزمت املادة 12املشغل بإحترام التراتبية أثناء توقيعه للجزاءات التأديبية على
بعض األجراء املخليين بالإللتزامات املهنية امللقاة على عاتقهم ،ومعنى ذلك أن
املشغل ال يلجأ إلى إنزال العقوبة التأديبية األشد خطورة إال بعد توقيع
العقوبة األخف ،غير أن تأويل مانصت عليه مقتضيات هذه املادة بخصوص
مبدأ التدرج يعرف بعض الصعوبات في التقيد بهذا املبدأ من طرف املشغلين
كما أنه خلق جدال كبيرا في أوساط اإلجتهاد القضائي الذي عرف تضاربا في األراء
وهذا في رأينا يرجع باألساس إلى عدم تحديد املشرع لتعريف الخطأ الغير
الجسيم ودرجة خطورته ،بحيث يصعب عمليا تطبيق مبدأ التدرج في العقوبات
وذلك راجع إما لصعوبة فهمه أو صعوبة تأويله بطريقة سليمة من طرف املشغل
الش يء الذي يجعله يتعسف في إستعمال هذا الحق في غالب األحيان ،وال يبقى
آنذاك لألجير سوى اللجوء إلى القضاء بحيث سيكون هو املالذ األخير بالنسبة
إليه من أجل إبطال العقوبة التأديبية املوقعة عليه ،أو حصوله على التعويض.
ومن هذا املنطلق فإننا ندعوا املشرع إلى تعديل مقتضيات املادة 12من املدونة
بمقتضيات أوضح إلزالة اللبس الذي يعتري هذه املادة مع تحديد الئحة لألخطاء
الغير الجسيمة و العقوبات املناسبة لها وذلك لسد الباب أمام املشغل ومنعه من
التعسف في تطبيق العقوبات التأديبية وتكريسا للمبدأ الحمائي الذي يميز قانون
الشغل.
حاجة اإلنسان إلى مسكن يليق به وبأفراد أسرته ،نتيجة النمو الديموغرافي
السريع ،وقد أدى التسارع نحو إنجاز املباني الضخمة واألشغال العمومية إلى فتح
أوراش كبرى على الصعيد الوطني لتغطية الطلب الداخلي املتزايد في هذا املجال،
مما دفع بعض املهندسين املعماريين ومقاولي البناء إلى ابتكار طرق جديدة في تنفيذ
ويقوم بأعمال البناء والتشييد ،غالبا أشخاص مهنيون ،مما يعني تعدد
وإذا كان الضمان كأصل عام هو االلتزام بتعويض الغير عما لحقه من تلف
العشرين ،نتيجة عوامل املضاربة واألساليب املستعجلة والحديثة التي يتم بها
تشييد املباني ،حيث أن املنعشين العقاريين واملقاولين يسعون إلى تحقيق أكبر قدر
ممكن من الربح وفي مدة زمنية بسيطة542،ويترتب عن هذا ظهور عيوب في البناء
وكذا سهولة تعرض املباني للتهدم ،مما قد يشكل هذا خطورة على أرواح الناس،
كل هذا دفع املشرع املغربي وباقي التشريعات املعاصرة إلى وضع نظام خاص
العشري ،وجعل املشرع هذا األخير من النظام العام ،حيث ال يجوز لألطراف
-541محمد لشقار " :الحماية القانونية للمشتري في عقود اقتناء السكن " دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع –
الرباط ، -الطبعة األولى ،8088ص .808
-542فاطمة متميز " :المسؤولية المعمارية للمقاول بين أزمة النص و متطلبات االصالح " مطبعة األمنية -الرباط-
طبعة ، 8080ص .88
رب العمل أو من ينوب عنه بوكالة ،وبالتالي عدم إمكانية قيام هذا الضمان في
الفترة التي تسبق التسلم ،وقد حدد املشرع املغربي اإلطار العام لهذا الضمان في
نص الفصل 962من قانون االلتزامات والعقود والذي جاء فيه ":املهندس
إذا حدث خالل العشر سنوات التالية إلتمام البناء أو غيره من األعمال التي نفذاها
أو أشرفا على تنفيذها إن انهار البناء كليا أو جزئيا ،أو هدده خطر واضح باالنهيار
املهندس املعماري الذي أجرى تصميم البناء ولم يشرف على تنفيذ عملياته،
تبدأ مدة العشر سنوات من يوم تسلم املصنوع ،ويلزم رفع الدعوى خالل
الثالثين يوما التالية ليوم ظهور الواقعة املوجبة للضمان ،وإال كانت غير مقبولة".
لكن التطورات األخيرة في مجال البناء التي تستدعي تدخل بعض املتدخلين
اآلخرين ،تم توسيع نطاق الضمان العشري خاصة في جانب األشخاص امللزمين
كل هذا يستدعي منا األمر التطرق الى األشخاص املسؤولون بالضمان
الثاني).
واملقاول هما أولى األطراف املسؤولة تجاه املستفيدين بالضمان ،إال أن هناك
أطراف أخرى مسؤولة تختلف من تشريع آلخر ،حيث أصبح املسؤول بالضمان
يتجاوز النطاق الشخص ي وكذا من يرتبط مع رب العمل بعقد مقاولة ،ليمتد على
أشخاص ال تربطهم عالقة تعاقدية مع رب العمل ،لذا سوف نحاول الوقوف أوال
على املسؤولين بالضمان الرتباطهم بعقد مقاولة وثانيا على املسؤولين بهذا
الضمان بصرف النظر عن عقد املقاولة ،وأخيرا على مدى إمكانية امتداد هذا
باقي التشريعات العربية األخرى منها التشريع املصري في املادة 653من القانون
املدني املصري ،وكذا التشريع الجزائري في املادة 554من القانون املدني الجزائري.
-3املقاول:
املقاول هو الشخص الذي يعهد إليه بتشييد املباني وإقامة املنشآت الثابتة
األخرى ويستوي أن تكون املواد التي أقام بها املنشآت قد أحضرها من عنده أو
كما أنه ليس ضروريا لاللتزام بالضمان أن يكون من قام بالعمل مقاول
واحد ،بل يجوز لرب العمل التعاقد مع عدة مقاولين ،فيعهد إلى أحدهم مثال بدق
األساسات وإلى آخر بأعمال البناء من أعمدة وجدران ،وإلى ثالث بأعمال النجارة،
فكل هؤالء املقاولون ملتزمون بالضمان الخاص كل في نطاق العمل الذي أسند
إليه543.
ويلتزم املقاول كذلك بالضمان العشري سواء قام بالعمل بنفسه أو بواسطة
تابعيه أو عماله أو مقاول من الباطن ،فهؤالء يلتزم املقاول األصلي أمام رب العمل
بضمان أعمالهم بينما هم ال يسألون إال أمام املقاول األصلي فقط ،وتكون
-8املهندس املعماري:
-543عبد الغاني معافي " :المسؤولية العقدية و الخاصة للمقاول وفق أحكام التشريع المغربي والمقارن " رسالة
لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ,وحدة التكوين و البحث قانون العقود و العقار ,جامعة محمد
األول كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية وجدة ،السنة الجامعية .8005-8009ص .82
يعرف املهندس بأنه ذلك الشخص الحاصل على مؤهل هندس ي في هندسة
املعمار يؤهله ألن يضع التصميمات والرسومات ويقدر األبعاد والقياسات املختلفة
وإذا كان املقاول لم يتم تنظيم مهنته بموجب قوانين ومراسيم خاصة بها،
فإن األمر على خالف ذلك بالنسبة للمهندس املعماري حيث تم تقنين مهنته من
حيث جاء فيها ":تناط باملهندس املعماري مهمة التخطيط املعماري للمباني
املادة وفق الوكالة التي يسندها إليه عميله ،وذلك ،دون إخالل باألحكام املقررة في
-544ظهير شريف رقم 8-88-888صادر في 88من ربيع األول 80( 8989شتنبر )8880بتنفيذ القانون رقم
086-28المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية وإحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية ،منشور بالجريدة
الرسمية بتاريخ 9جمادى األولى 8989موافق 80أكتوبر .8880
-545مرسوم رقم 8-80-66صادر في 89من ربيع اآلخر 8( 8989أكتوبر )8880بتطبيق القانون رقم -28
86المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية وإحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية ،منشور بالجريدة الرسمية
بتاريخ 9جمادى األولى 80( 8989أكتوبر .)8880
الحاالت التي يفرض فيها القانون االستعانة بمهندس معماري إلنجاز أعمال
معينة".
بين املهندس املعماري واملهندس ،إال أن هناك فروقا جوهريا تميز بين هؤالء
املهنيين ،فاملهندس املعماري ،وهو الذي يضع التصور العام للبناء ،أما املهندس
فهو تقني مختص بأحد الجوانب الفنية في املشروع كمهندس االسمنت ومهندس
وإحداث هيئة املهندسين املعماريين ينص في مادته الرابعة على أنه ال يجوز ألي
حاصال على شهادة معادلة ،فإن هذا من باب التنظيم املنهي ال غير وحتى يسمح
للشخص بحمل صفة مهندس معماري ،أما في شأن تطبيق الفصل 962من قانون
االلتزامات والعقود ،فال عبرة بالحصول على مؤهل دراس ي في الهندسة ،بل يكفي
إال أننا ال نساير هذا القول ،حيث أن الصفة القانونية للمهندس املعماري
شرط جوهري لرفع الدعوى واملطالبة بالتعويض في إطار أحكام الضمان العشري
إذا كانت القاعدة أن ضمان املهندس املعماري واملقاول أساسه العقد الذي
يربطهما برب العمل ،فإذا تخلف هذا العقد ،فال يلتزم املهندس واملقاول قبل رب
العمل بهذا الضمان ،وإنما أي إخالل بأحد االلتزامات يخضع للقواعد العامة
للمسؤولية املدنية 547،ولكن نظرا لتطور املجتمع ومتطلبات الحياة أدت إلى ظهور
بل تعداهم إلى أشخاص آخرين مما توجب تحملهم املسؤولية الخاصة
امللزمين بالضمان العشري عكس املشرع املغربي الذي حصره في املهندس املعماري
-547لم يشترط المشرع المغربي في الفصل 768من قانون االلتزامات والعقود ،لألخذ بالضمان العشري أن يكون
هناك عقد رابط بين رب العمل من جهة والمهندس المعماري أو المهندس والمقاول.
-548أحمد خديجي " :نطاق المسؤولية العشرية –دراسة مقارنة " -بحث لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص،
جامعة قاصدي مربوح ورقلة ،كلية الحقوق والعلوم االقتصادية –الجزائر ،-نوقشت يوم 5نوفمبر ،8006ص
.82
-3البائع :
يخضعون للضمان العشري بسبب عدم ارتباطهم مع عمالئهم بعقد مقاولة ،فبائع
البناء كان خاضعا ألحكام عقد البيع من ناحية ضمان العيوب الخفية .أما بعد
صدور هذا القانون أصبح البائع ملزم بالضمان الخاص وهو ما تنص عليه املادة
549 3-3928من القانون املدني الفرنس ي ،والتي جاء فيها أنه يعتبر مشيدا للبناء كل
شخص يبيع بعد تمام اإلنجاز ،بناءا يكون قد شيده بنفسه أو بواسطة آخرين.
لكن إذا كان الشخص هو من عمل على تشييد البناء-بصفته مقاول -ثم قام
ببيعه ،وخضع ألحكام الضمان الخاص ،فإن السؤال الذي يطرح يتعلق بكيفية
احتساب مدة الضمان العشري مادام أنها تبدئ من تاريخ التسلم ،ومن الصعب
في هذه الحالة اإلشارة إلى تسلم العمل إذ أن املقاول مثال الذي يبني لحساب نفسه
إن عملية احتساب مدة الضمان العشري في هذه الحالة تبتدئ من تاريخ
العقار ملشتريه550. بيع
كما أضاف املشرع الفرنس ي حالة أخرى يخضع فيها البائع للضمان الخاص
عرفته املادة 3-3613من القانون املدني الفرنس ي ،بأنه ذلك العقد الذي بمقتضاه
يلتزم البائع بإنجاز بناء داخل أجل محدد في العقد ،وأخضع املشرع الفرنس ي هذا
من نفس 5513-3646 النوع من البيوع للضمان العشري وذلك من خالل املادة
القانون ،حيث جاء في هذه املادة أن بائع العقار في طور اإلنجاز يلتزم ابتداء من
املرتبطة برب العمل بعقد مقاولة تطبيقا للمواد 8-3928 ،3-3928 ،3928و -3928
وإذا كان املشرع الفرنس ي أخضع بائع العقار في طور اإلنجاز لهذا الضمان
الخاص ،فإن املشرع املغربي أغفل تضمين هذا الضمان ضمن أحكامه ،رغم أن
-550فاطمة متميز " :المسؤولية المعمارية للمقاول بين أزمة النص و متطلبات االصالح " مطبعة األمنية-
الرباط -طبعة ،8080ص .885
551 -article 1646-1 du code civil français :
"le vendeur d’un immeuble est tenu, à compte de la réception des travaux, des
obligations dont les architecte, entrepreneurs et autres personnes liées au maitre de
l’ouvrage par un contrat de louage d’ouvrage sont eux-mêmes tenus en application des
articles 1792, 1792-1, 1792-2 et 1792-3 du présent code.
Ces garanties bénéficient aux propriétaires successifs de l’immeuble… ".
املشرع املغربي في قانون االلتزامات والعقود ،نظم مؤخرا أحكام بيع العقار في طور
553.44-11 اإلنجاز 552بمقتض ى القانون رقم
وفي هذا االتجاه ذهب قرار ملحكمة النقض الفرنسية إلى إلزام بائع العقار
في طور اإلنجاز بهذا الضمان الخاص ،مع إعطاء الحق لهذا البائع في الرجوع على
املبنى554. املقاولة املتسببة في العيوب التي أصابت
-8الوكيل :
بالرجوع إلى نص املادة 555 3-3928في فقرتها األخيرة نجدها تنص على أنه
يعتبر مشيدا للبناء كل شخص يؤدي مهمة مشابهة ملهمة املقاول بالرغم من أنه
-552يمكن القول أن تضمين هذا المقتضى في التشريع المغربي من شأنه تدعيم الضمانات الخاصة لمشتري العقار
في طور االنجاز.
-553القانون رقم 99-00الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 8-08-008بتاريخ 85من رجب 0( 8980أكتوبر
)8008منشور بالجريدة الرسمية عدد 5059بتاريخ 8رمضان 7( 8980نوفمبر ،)8008ص .0820كما تم
تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 807-88الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 8-86-05بتاريخ 80من ريع
اآلخر 0( 8907فبراير )8086الجريدة الرسمية عدد 6990بتاريخ 8جمادى األولى 82( 8907فبراير )8086
ص .808
554 " -…au visa des articles 8696-8 et 8788 du code civil, qui le vendeur en l’état future
d’achévement est tenu de la garantie décennale rien de plus, somme toute, que
l’illusrtation de la distinction entre les obligations de responsabilité et de garantie,
précisions enfin que la portée de cette interprétation stricte doit être relativisée, car le
" …vendeur pourra utilement se retourner contre l’entreprise à l’origine des désordres
Cass.civ.3e, 8 septembre 2010.n 08-22-062. Publie sur le site web www.juricaf.org du
date 17-07-2018.
555 -article 1792-1 du code civil français :
وكالة لدى بعض املصالح ذات العالقة بالبناء ،وذلك باإلضافة إلى عملية التصميم
واإلشراف يكون بذلك املهندس املعماري ملتزما اتجاه رب العمل بموجب أحكام
الضمان العشري عن كامل العمل سواء بشقه الخاص بعقد املقاولة أو بشقه
الوكالة556. املتعلق بالتصرف القانوني موضوع عقد
-1الصانع و املستورد:
أخضع املشرع الفرنس ي في املادة 557 4-3928من القانون املدني الفرنس ي،
ضمن امللزمين بالضمان العشري صانع البناء أو صانع جزء منه أو صانع أحد
عنصرا تجهيزيا تم صنعه بالخارج ،وكذلك الشخص الذي يقدم البناء على أنه من
صنعه وذلك بوضع إسمه أو عالمة مصنعة أو أي عالمة أخرى مميزة له عليه.
مباشرة من رب العمل ،مما يعني أن من ال يرتبط مباشرة برب العمل بعقد مقاولة
الباطن559. ال يخضع لهذه املسؤولية وهذا حال املقاول العقاري من
ويمكن القول أن هذا الرأي هو إعمال لقاعدة نسبية آثار العقد ،ذلك أن
املقاول من الباطن ال يعتبر طرفا مباشرا في عقد املقاولة األصلي ،وبالتالي فهو ال
يخضع للضمان العشري ،إال إذا نص القانون صراحة على إخضاعه لدائرة هذا
أما بخصوص القضاء الفرنس ي فقد ذهب إلى رفض إخضاع املقاول من
الباطن ألحكام الضمان العشري ،من ذلك قرار صادر عن محكمة النقض اعتبرت
-559 -0آمنة سميع " :المقاولة من الباطن للصفقة ،دراسة للمركز القانوني للمقاول العقاري من الباطن " ،مطبعة
صناعة الكتاب ،8002ص .882
فيه أن املقاول الذي يتدخل في عملية البناء بصفته مقاول من الباطن ال يكون
العشري560. مسؤوال عن إصالح العيوب التي تسبب فيها في إطار أحكام الضمان
كما سلف الذكر فإن قواعد املسؤولية العشرية وإن كانت تثقل كاهل بعض
األطراف إال أنها باملقابل تحمي أطراف أخرى ،وال شك أن املستفيد األول من
مقاولة ،ومن املسلم به كذلك أن لورثة رب العمل في عقد مقاولة البناء بعد وفاته
الذي يطرح هو هل يجوز في حالة انتقال ملكية العقار الذي تم تشييده من ذمة
رب العمل إلى ذمة شخص آخر الرجوع على املعماري مباشرة وفق أحكام هذا
الضمان الخاص؟ وهل يجوز ألشخاص آخرين اإلستفادة من أحكام هذا الضمان؟
املقصود برب العمل هو ذلك الشخص الذي يشيد البناء أو يقام املنشأ
أو عاما561. الثابت لحسابه سواء كان طبيعيا أو معنويا ،خاصا
560 " -un entrepreneur intervenu en qualité de sous-traitant ne peut être tenu de
réparer les conséquences de malfaçon sur le fondement de la garantie décennale, alors
que les sous-traitants ne sont pas tenus des garanties légales " .
Civ.3e , 20 juin 1989.bull.civ.III.n 164.
561 -B.boubli "la responsabilité et l’assurance des architectes, entrepreneurs et autres
تهدم البناء أو من جراء ظهور عيب في املنشآت يهدد سالمتها أو متانتها فيرجع
املعماريين562. بالضمان الخاص على
وإذا كانت دعوى الضمان العشري تنتقل حالة انتقال ملكية العقار موضوع
الدعوى إلى أشخاص آخرين حيث أن هذه الدعوى ترتبط بامللكية ،فإنه يبقى من
حق رب العمل مباشرة هذه الدعوى إذا كان في ذلك مصلحة مباشرة وأكيدة له،
الفرنسية563. وهو ما ذهب إليه قرار صادر عن محكمة النقض
" تنتج االلتزامات أثرها ال بين املتعاقدين فحسب ،ولكن أيضا بين ورثتهما
القانون."...
ومقتض ى ذلك أن الحقوق التي ينشئها العقد تنتقل إلى الوارث بعد وفاة
املورث املتعاقد أو صاحب الحق في الضمان وبتطبيق هذه القاعدة على عقد
املقاولة فإن الحقوق التي يرتبها هذا العقد لرب العمل كطرف فيه تنتقل بعد
وفاته إلى خلفه العام ،ومن أهم هذه الحقوق نجد الحق في الضمان العشري.
هذا وال يطعن فيما قبل ما جاء في الفصل 882من قانون االلتزامات
والعقود ،من أن أثر العقد ال ينصرف إلى الورثة والخلف إذا تبين ذلك من العقد
أو كان ناتجا عن طبيعة االلتزام أو عن القانون ،ألن هذا االستثناء ال محل لتطبيقه
فيما نحن بصدد دراسته ،فاملتعاقدين ال يمكنهم االتفاق على عدم انتقال دعوى
الضمان العشري إلى الخلف ألن هذا يتعارض مع نص الفصل 998من قانون
وال يوجد هناك نص في التشريع املغربي يقض ي صراحة بانتقال الحق في
الضمان العشري من رب العمل إلى خلفه الخاص الذي آلت إليه ملكية البناء
املعيب ،وكذلك الحال بالنسبة للمشرع الفرنس ي قبل صدور قانون ،3292ومع
ذلك فإن الفقه والقضاء الفرنسيين ذهبا إلى أن الخلف الخاص كمشتري البناء
للمشتري بالذات أن يكون له دعويان واحدة ضد البائع طبقا للقواعد العامة في
إال أنه قد يفضل الدعوى الثانية دون األولى خصوصا في الحاالت التي تكون
فيها دعوى ضمان العيوب الخفية وفق لعقد البيع قد سقطت بالتقادم ،أو كان
وقد يكون املالك ،وقت تقديم دعوى الضمان ،هو املشتري األول الذي تلقى
ملكية العقار من رب العمل ،كما قد يكون املشتري األخير ،واملشتري وهو يباشر
دعوى الضمان الخاص ،ال يمكن أن يوصف بأنه يستعمل حقوق مدينه " كرب
العمل " وإنما يستعمل حقا أصليا وثابتا له ،ألن هذا الحق انتقل إليه بانتقال
العقار567. ملكية
ال تخرج هذه الحالة عما سبق بيانه من أن دعوى الضمان العشري ترتبط
بامللكية وليس باألشخاص ،إال أن ما يدعو إلى بيانها هو ازدواجية امللكية فيها،
حيث أن العقار ينقسم إلى نوعين من امللكية ،ملكية مفرزة يختص بها كل شريك
على حدة ،وملكية مشتركة بين جميع الشركاء ،ومن هنا نطرح السؤال من املختص
يجيب األستاذ عبد القادر العرعاري بأنه ":إذا كان البناء مشتركا بين أكثر من
مالك في شكل ملكية طبقات أو شقق فإنه يلزم التمييز بين األجزاء املشتركة
ومرآب السيارات ،التي يسهر اإلتحاد أو النقابة على رعايتها وصيانتها ،فإنها تدخل
ضمن مهام السنديك ،وله أن يرفع دعوى الضمان بشأنها ضد املعماريين ،أما
بالنسبة لألجزاء املفرزة التي تدخل ضمن امللكية الخاصة لكل صاحب شقة على
حدة فإن دعوى الضمان العشري تكون من نصيب املالك الخصوص ي للشقة أو
"568. الطبقة التي تستوجب سريان الضمان السابق
-568عبد القادر العرعاري " :المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب " ،مطبعة الكرامة –
الرباط -الطبعة األولى ،8008ص .899
وبالرجوع إلى املادة 31من القانون رقم 569 32-11املتعلق بامللكية املشتركة
للعقارات املبنية نجدها تنص على أنه ... " :ينشأ بقوة القانون بين جميع املالك
املشتركين في عقارات مقسمة إلى شقق وطبقات ومحالت كما هو منصوص على
ذلك في املادة األولى من هذا القانون إتحاد للمالك...يحق التحاد املالك التقاض ي
دعوى املسؤولية العشرية حال تهدم أو تعرض األجزاء املشتركة لالنهيار أو لخطر
واضح باالنهيار ،ذلك أن ممارسة هذه الدعوى تدخل في إطار التدابير التي من
أما بخصوص األجزاء املفرزة والتي عرفتها املادة الثانية من القانون املتعلق
بامللكية املشتركة للعقارات املبنية بكونها " :تعتبر أجزاء مفرزة من العقار األجزاء
املبنية أو غير املبنية التي يملكها كل واحد من املالك املشتركين بغرض االنتفاع
الشخص ي والخاص .وتعتبر األجزاء املذكورة ملكا خاصا لكل مالك مشترك ".
-569ظهير شريف رقم 8-08-882صادر في 85من رجب 0( 8980أكتوبر )8008بتنفيذ القانون رقم -00
82المتعلق بنظام الملكية المشترطة للعقارات المبنية ،الجريدة الرسمية عدد 5059بتاريخ 8رمضان 7 ( 8980
نوفمبر ) 8008ص .0875كما تم تعديله بموجب القانون رقم 806.88الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
8.86.98بتاريخ 88من رجب 87(8907أبريل )8086؛ الجريدة الرسمية عدد 6965من 8شعبان 86( 8907
ماي ،)8086ص.0728
فهذه األجزاء يبقى لكل مالك لها الحق في رفع دعوى الضمان العشري
للمطالبة بالتعويض ،مثال ذلك ظهور شقوق في الشقة التي يسكنها ،والتي تعتبر
جزءا مفرزا.
ختاما:
على امتداد مراحل هذا البحث ،حاولنا جهد اإلمكان الوقوف على النطاق
الشخص ي للضمان العشري ،واتضح جليا أنه ال زال يثير بعض املالحظات ،بهدف
من هنا نقترح تمديد وتوسيع نطاق الضمان العشري ليشمل كل من له
عالقة مباشرة أو غير مباشرة بعملية البناء ،وسواء كانوا مرتبطين برب العمل بعقد
مقاولة أم ال ،ومن أهم املتدخلين الذين يجب تحميلهم بالضمان العشري نجد
املهندسين املتدخلين في عملية البناء ،حيث نجد مهندس اإلسمنت والحديد وليس
اإلقتصار على املهندس املعماري ،ثم نجد املقاولين من الباطن وكذا موردوا مواد
البناء ،حيث وجب توسيع نطاق الضمان العشري ليشمل هؤالء ،نظرا ملا أصبح
عليه تدخلهم في عملية البناء من أهمية كبرى ،كما يجب أن يكون خضوع املقاول
من الباطن لهذا النوع من الضمان الخاص مطلقا ودون النظر لصفة الطرف
املدعي أي سواء كان املقاول األصلي أو رب العمل ،وهذا كله مع إقرار املساءلة
التضامنية بين جميع املعماريين بقوة القانون ،ليكون من حق الطرف الذي دفع
الئحة املراجع:
عبد الغاني معافي " :املسؤولية العقدية و الخاصة للمقاول وفق أحكام
التشريع املغربي واملقارن " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون
الخاص ,وحدة التكوين و البحث قانون العقود و العقار ,جامعة محمد األول
كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية وجدة ،السنة الجامعية -8114
.8115
أحمد خديجي " :نطاق املسؤولية العشرية –دراسة مقارنة " -بحث لنيل
شهادة املاجستير في القانون الخاص ،جامعة قاصدي مربوح ورقلة ،كلية الحقوق
والعلوم االقتصادية –الجزائر ،-نوقشت يوم 5نوفمبر ،8116
فاطمة متميز " :املسؤولية املعمارية للمقاول بين أزمة النص و متطلبات
االصالح " مطبعة األمنية -الرباط -طبعة 8131
آمنة سميع " :املقاولة من الباطن للصفقة ،دراسة للمركز القانوني للمقاول
العقاري من الباطن " ،مطبعة صناعة الكتاب 8112
سياسة تعليمية فعالة في مجال تدبير الشأن التربوي بشكل عام ،وتدبير املوارد
البشرية على الخصوص ،حيث إن هذه األخيرة أصبحت لها أدوار ووظائف أساسية
في مجال تحقيق مخرجات املنظومة التربوية املنشودة ،لذلك فهي تعد من
الرهانات التي يحاول قطاع التربية الوطنية االعتماد عليها في تحقيق أهداف
ولتلك الغاية ،ووعيا منه باألهمية القصوى التي يلعبها العنصر البشري
في بلورة دعائم نظام تعليمي قوي ومنتج وذي جودة ،نجد امليثاق الوطني للتربية
والتكوين أولى حيزا هاما من انشغاالته ملا ينبغي أن يكون عليه واقع املوارد البشرية
التربوية والتدبيرية ،حيث أكد في دعامته الثالثة عشرة على حفز املوارد البشرية
تنزيل مقتضيات امليثاق الوطني للتربية والتكوين ،حيث اعتبر أن مجال املوارد
البشرية أحد األوراش األساسية لإلصالح من خالل ترشيد تدبيرها ونهج التدبير
الالمتمركز ،وتعزيز التدبير التوقعي لها ،ودعم كفاءات األطر وتمكينها من تأطير
جيد.
من املشاورات والتقارير والدراسات التي أجمعت على ضعف السياسات التعليمية
في املغرب ،وعدم مواكبتها لتحوالت وتطورات العصر ،أصبح التركيز أيضا على
مجال املوارد البشرية من زاوية إسهامها في إرساء دعائم مدرسة تتسم بالجودة
واالنصاف وتكافؤ الفرص ،في إطار نظام للحكامة يؤسس لتصور متقدم يساير خيار
الجهوية املتقدمة .إذن فال أحد يجادل في كون املورد البشري في مجال التعليم
يعد من أثمن املوارد؛ بل ومن أهمها ،وذلك ملا له من دور فعال في الرفع من
إلى تعليم يستجيب لرفع تحدي التطورات املتالحقة لعالم اليوم ،وضمان كسب
وبناء على ما سبق تتضح راهنية هذه الدراسة ،خصوصا ونحن اليوم
أمام مقترحات للنموذج التنموي الجديد باملغرب الداعية إلى االرتقاء بمجال املوارد
ما تصور الرؤية االستراتيجية إلصالح التعليم ملكون املوارد البشرية -
كيف نظر النموذج التنموي الجديد لسياسة تدبير املوارد البشرية؟ وماهي -
ولإلجابة عن تلك التساؤالت سنعالج في محور أول إلى رهان االرتقاء بمجال
من خالل الوقوف على تصور الرؤية االستراتيجية لسياسة إصالح املوارد البشرية
التعليمية في املغرب ،ومكانة هذه األخيرة في مضامين تنزيلها ،مع إبراز منظور
القانون اإلطار 53.39لتلك املوارد .وفي محور ثاني سنبرز آفاق إصالح مجال املوارد
التنموي الجديد لها ،في أفق تدبير استراتيجي لالرتقاء بمستويات التوظيف
والتكوين والتحفيز.
أوال :رهان االرتقاء بمجال املوارد البشرية التعليمية على ضوء الرؤية
ووضعا سياسا بطبيعة مختلفة ،570األمر الذي استدعى اتخاذ قرارات والقيام
بتدابير تساير املرحلة الجديدة ،خصوصا وقد تزامن ذلك مع دخول املخطط
-570يتمثل هذا السياق في إصدار دستور ،5100الذي جاء استجابة للحراك االجتماعي المغربي ،في ظل ما سمي بالربيع العربي.
االستعجالي في سنته األخيرة؛ حيث عملت الوازرة الوصية على مراجعة تنفيذ
مشاريعه ،وطي بعض الجوانب املهمة منه ،571مما مهد إلى اتخاذ جملة من التدابير
واإلجراءات 572بغية تحقيق بعض املكاسب واإلنجازات ،إال أن ذلك لم يسعف في
تجاوز االختالالت املزمنة التي تعاني منها املدرسة املغربية ،هذا ما دفع من جديد
بالوزارة الوصية إلى إطالق مشاورات موسعة حول املشروع التربوي ،انتهت
بالتدابير ذات األولوية .وبناء على جلسات االستماع والتشاور ،واللقاءات الجهوية
التي قام بها املجلس األعلى للتربية والتكوين ،واستجابة للدعوة امللكية للمجلس
من أجل وضع خارطة طريق إلصالح املدرسة ،جاءت الرؤية االستراتيجية إلصالح
املغرب
لإلصالح التربوي وكفيلة بتحقيق أهدافه املنشودة .وتذهب الرؤية االستراتيجية إلى
اعتبار مطلب تجديد مهن التدريس والتكوين والتدبير أسبقية أولى للرفع من مقوم
جودة املدرسة املغربية بما يحقق فعالية مردوديتها وتحسين أدائها .فمسألة االرتقاء
بتدبير املوارد البشرية تعد رافعة ضرورية لضمان تحقيق الحكامة الجيدة في إطار
على أساس ذلك نجد املجلس األعلى للتربية والتكوين في الرافعة التاسعة
التربويين575 من الرؤية االستراتيجية ،يدعو إلى إتقان تكوين الفاعالت والفاعلين
باعتبارها مدخال أساسيا للنهوض بأداء الفاعلين التربويين ،وذلك من خالل مايلي:
والبحث والتدبير؛
-تدبير ناجع للمسار املنهي ،قائم على املواكبة والتقييم والترقية املهنية على
نهج سياسة تدبيرية للمسار املنهي ،تنطلق من االعتماد على التدبير الجهوي
للكفاءات البشرية ،في انسجام مع النهج الالمتمركز ملنظومة التربية والتكوين ،ومع
توجهات الجهوية املتقدمة ،مع تنويع أشكال توظيف مدرس ي التعليم املدرس ي.579
على أن يتم ذلك بتشاور وتنسيق مع الفاعلين املعنيين واملنظمات النقابية ذات
الصلة .580كما يقوم تدبير املسار املنهي بالتعليم املدرس ي ،على أساس تقييم يعتمد
-578المملكة المغربية ،المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ،الرؤية االستراتيجية لإلصالح ،5171-5102ص.71
-579تستند الرؤية االستراتيجية هنا على المادة 072من الميثاق الوطني للتربية والتكوين التي تنص على أنه "يتم تنويع أوضاع المدرسين
الجدد بما في ذلك اللجوء إلى التعاقد على مدد زمنية تدريجية قابلة للتجديد ،على صعيد المؤسسات واألقاليم والجهات".
-580المملكة المغربية ،المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ،الرؤية االستراتيجية لإلصالح ،5171-5102ص .75
معايير ومؤشرات موحدة ووظيفية لقياس األداء واملردودية ،581مع الحرص على
إنجاز تقييم منتظم ألداء أطر هيئات التفتيش والتخطيط والتوجيه و التدبير ،يتم
على أساس ترقيتهم واضطالعهم باملسؤولية املنوطة بهم ،في إطار االعتماد على
تدقيق تلك األدوار واملهام والعمل على ضبطها بالتنصيص القانوني عليها،
إرساء أطر مرجعية للكفايات الالزمة ملزاولة مختلف مهام أطر قطاع
هذا ،مع اعتبار التكوين األساس مقوما إلزاميا لولوج مهن التعليم
املدرس ي الذي يتم أساسا ،بخصوص مهنة التدريس ،583باملراكز الجهوية للتكوين
-581ارتباطا بذلك يتم وضع شبكة جديدة مفتوحة للترقي بحسب كل هيئة ،ويتم توسيع نظام الساللم على نحو يومن حفز الفاعلين
التربويين طيلة حياتهم المهنية .كما يتم كذلك إيالء عناية خاصة بالعاملين في المناطق النائية ذات الظروف الصعبة والنائية (تعويضات
مادية ،السكن ،التنقل وباقي الخدمات االجتماعية .)....الرؤية االستراتيجية لإلصالح ،5171-5102المجلس األعلى للتربية والتكوين
والبحث العلمي ،ص .75
-582بخصوص هيئات التدريس ،يتطلب اإلحاطة الشاملة بالمهام الموكولة للمدرسين ،التربوية والتقييمية واالجتماعية والثقافية والتواصلية،
وضبطها والتنصيص القانوني عليها واالعتماد عليها كأساس لتحديد المسؤوليات والتقييم والترقي المهني .أما بخصوص هيئات التفتيش
والتخطيط والتوجيه والتدبير يتعين بلورة نموذج جديد يحدد ويضبط األدوار والمهام واالنتساب اإلداري والوظيفي لهذه المهن ،مع تحديد
مواصفاتها العامة والنوعية
-583بخصوص مهن التفتيش والتخطيط والتوجيه تدعو الرؤية االستراتيجية إلى تجديد المناهج والبرامج والطرائق المعتمدة في التكوين،
ومالءمتها مع متطلبات االرتقاء بأداء المدرسة ومع األدوار الجديدة لمهن التربية والتكوين ،وأيضا مالءمة مهام وأدوار المؤسسات التي
تضطلع بتكوين هذه الهيئات في انسجام مع المهام واألدوار الملقاة على عاتق خريجيها .وبالنسبة لمهنة التدبير واإلدارة يتعين على المدى
المتوسط تعزيز وتوسيع المسلك المخصص لتكوين أطر وفاعلي هذه الهيئة على صعيد المراكز الجهوية للتكوين.
واملؤسسات التعليمية للتدريب امليداني على صعيد كل جهة ،مع استشراف إمكانية
التعاون مع الجامعات على املدى املتوسط في إطار تكوين يقوم على مراجعة مناهج
وبرامج تكوين األطر ،584ويرتكز على إرساء مسالك بتكوينات معرفية ومنهجية
وبيداغوجية وديداكتيكية ،مع املزاوجة بين التحصيل املعرفي املتين املنفتح على
وبخصوص التكوين املستمر ،تؤكد الرؤية االستراتيجية على أنه (في املدى
في سياسة إصالح منظومة املوارد البشرية على إرساء تعاقد ثقة مع مختلف
الهيئات التعليمية لالرتقاء بمهامها وأدوارها ،يقوم على أساس نهج املقاربة
والواجبات ،ويحدد بأهداف قابلة للتتبع والتقييم .587فأي تصريف لتلك التوجهات
االستراتيجية
بقطاع التربية الوطنية ،على أرض الواقع ،بادرت السلطة الحكومية املكلفة
بالشأن التعليمي إلى اتخاذ جملة من التدابير اإلجرائية ،هي بمثابة تصريف فعلي
-587المملكة المغربية ،المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ،الرؤية االستراتيجية لإلصالح ،5171-5102ص .75
-588جاءت هذه المشاريع عبر سيرورة متدرجة أخذت ثالث مراحل :تمثلت المرحلة األولى في قراءة معمقة لما ورد في هذه الرؤية من
توجهات ومستلزمات بغية استخالص األهداف االستراتيجية ،وكذا التدابير ذات الطابع اإلجرائي المرتبطة بها .أما المرحلة الثانية فهمت
تجميع األهداف وترجمتها الى مشاريع مهيكلة باعتماد مجموعة من المعايير ،أهمها ضمان انسجام األهداف الخاصة والتمكن من تحديد
المسؤوليات وسهولة تتبع وقيادة وتقييم المشاريع ،حيث خلصت هذه المرحلة بإعداد حافظة مشاريع أولية مكونة 56مشروعا .وفي المرحلة
الثالثة تم تحيين الهيكلة العامة لمشاريع الرؤية االستراتيجية باالعتماد على معايير التقنين التالية:
الحفاظ على روح الرؤية االستراتيجية وعلى عدد الرافعات؛
قيادة وتتبع المشاريع في إطار مجاالت منسجمة؛
التحكم في عدد المشاريع؛
ادماج التنسيق في الهيكلة التنظيمية للمشاريع؛
التوازن في إسناد مسؤوليات تنسيق وتدبير المشاريع؛
تحديد المديرية المسؤولة عن الجزء األكبر من أهداف المشروع.
-589وثيقة حافظة المشاريع المندمجة لتفعيل الرؤية االستراتيجية ( ،)5102-5151الصادرة عن و ازرة التربية الوطنية والتكوين المهني،
بتاريخ 00يوليوز . https://www.men.gov.ma/Ar/Pages/portfeuille_PVS1516.aspx .5106
مندمجة؛
واالرتقاء بتدبير املسارات املهنية" ،حيث حدد هدفه العام في االرتقاء بجودة مهن
مركزا في ذلك على ثالث تدابير إجرائية انتظمت في ثالث مستويات يراها أساسية
-590هذا المشروع يندرج ضمن مجال التدخل الثاني الخاص باالرتقاء بجودة التربية والتكوين ،وقد تم تحديد المديريات المركزية المسؤولة
عن هذا المشروع في :الوحدة المركزية لتكوين األطر -المركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب -مديرية الموارد البشرية وتكوين األطر
-مديرية الشؤون القانونية والمنازعات -مديرية المناهج.
-591تتحدد األهداف الخاصة في:
-تحديد األدوار والمهام والكفايات المرتبطة بمهن التدريس والتدبير والتكوين ومواصفات الفاعلين حسب الهيئات؛
-الرفع من نجاعة التكوين األساس وجعله إلزاميا ومم ِ
هننا؛ َُ
-نهج تكوين مستمر مؤهل على امتداد الحياة المهنية.
-592لل تفصيل أكثر في النتائج المنتظرة من المشروع المندمج رقم ، 1الرجوع إلى الوثيقة الصادرة عن الوحدة المركزية لتكوين األطر
والمركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب ،حافظة المشاريع المندمجة لتنزيل الرؤية االستراتيجية .5171-5102
.https://www.men.gov.ma/Ar/Pages/portfeuille_PVS1516.aspx
الذي يحمل اسم "االرتقاء بتدبير املوارد 593:31 -1املشروع املندمج رقم
البشرية" ،حيث وضع أربعة تدابير لبلوغ أهداف االرتقاء بمجال املوارد
كما شكل تفعيل التدابير ذات األولية في إطار التنزيل األولي للرؤية
سياسة إصالح املوارد البشرية ،ويتمظهر ذلك من خالل التركيز على التأطير
التربوي 595لهيئة التدريس ،حيث األولوية لتكريس املهننة في مزاولة مهن التربية
والتكوين ،وخاصة من خالل تعزيز التكوين األساس ملزاولة هذه املهن ،مع االستناد
على آليات جديدة تقوم على املصاحبة أثناء مزاولة املهام .596وهذا ما تبلور من
خالل:
-593هذا المشروع يندرج ضمن مجال التدخل الثالث الخاص بالحكامة والتعبئة ،وقد تم تحديد المديريات المركزية المسؤولة عن هذا
المشروع في :مديرية الموارد البشرية وتكوين األطر -مديرية الشؤون القانونية والمنازعات.
-594تم توطين التدابير ذات األولوية ضمن المشاريع االستراتيجية ( )5171-5102وفق ما يلي:
التدبير رقم ( 02المصاحبة والتكوين عبر الممارسة) والتدبير رقم ( 06الرفع من جودة التكوين األساس للمدرسين) ،تم توطينهم
في المشروع المندمج رقم 1المخصص لموضوع "تجديد مهن التربية والتكوين واالرتقاء بتدبير المسارات المهنية"؛
التدبير رقم ( 01النظام األساسي الخاص بمهن التربية والتكوين) ،تم توطينه في المشروع المندمج رقم 07المخصص لموضوع
" االرتقاء بتدبير الموارد البشرية ".
-595التأطير التربوي خص له المحور السادس من محاور التدابير ذات األولوية.
-596حافظة التدابير ذات األولوية المتضمنة في المذكرة اإلطار رقم 111-02بتاريخ 05أكتوبر ،5102في شأن التنزيل األولي للرؤية
االستراتيجية من خالل تفعيل التدابير ذات األولوية ،ص.00
املنهي لخريجي املراكز الجهوية ملهن التربية والتكوين ،كما تساعد األساتذة
وذلك بالتركيز على تزويد املنظومة التربوية بأطر ذات كفاءات عالية من
املدرسين الجدد تتم بسلك تأهيل أطر هيئة التدريس بتفعيل التكوين
األساس على مدى ثالث سنوات كاملة وبمضامين ذات جودة ،وإحكام تأطير
وتنظيم مباريات التبريز ،واستكمال إرساء سلك تكوين أطر اإلدارة التربوية.
كما يتمظهر تفعيل التدابير ذات األولوية من خالل التركيز على وضع نظام
أساس ي خاص بمهن التربية والتكوين (التدبير رقم ،)32هذا النظام يستوجب أن
يثمن مهنة التدريس باعتبارها ذات خصوصية يتطلب القيام بها التوفر على
وزارة التربية الوطنية إلصالح أوجه القصور التي يعرفها ،وتحديد مهن التربية
والتكوين ،والعمل على تحيين الرؤية بخصوص املسارات املهنية ،إلى جانب إعداد
لقد خص القانون اإلطار بابه السادس 597ملجال املوارد البشرية ،حيث دعا
في مادته 16جميع املتدخلين املعنيين بتنفيذ املشاريع والبرامج الرامية إلى إصالح
والعمل على تفعيلها خالل مداها الزمني ،وذلك في إطار االلتزام املشترك لكل
املتدخلين على أساس مبدأ التالزم بين الحقوق والواجبات ،التي يحددها ميثاق
تعاقدي ألخالقيات مهن التربية والتعليم والتكوين والبحث ،يوضع لهذا الغرض
أما املادة 19فهي تؤكد على ضرورة تحديد مهام وكفايات األطر التربوية
على إسناد املسؤوليات التربوية والعلمية واإلدارية ،وتقييم األداء ،والترقي املنهي.
ويتم إعداد تلك الدالئل بمراعاة مبادئ املرونة والقابلية للتكيف وخصوصية كل
مهنة ،ووفق منهجية تشاورية مع ممثلي الهيئات واملنظمات املهنية املعنية ،وتعرض
على املجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلبداء الرأي قبل املصادقة
عليها بمرسوم .كما يتعين على السلطات الحكومية املعنية مالءمة األنظمة
-597لقد جاء القانون اإلطار 20.03المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في عشرة أبواب ،موزعة على 21مادة.
واملؤهالت املحددة في الدالئل املرجعية املشار إليها سابقا ،تعتبر املادة 12أن
التكوين األساس شرطا الزما لولوج مهن التربية والتكوين والبحث العلمي .كما
تدعو املادة 12السلطات الحكومية ومؤسسات التكوين املعنية بأن تعمل على
مراجعة برامج ومناهج التكوين األساس ي لفائدة األطر العاملة بمختلف مكونات
مدعوة ألن تضع بشراكة مع الهيئات العامة والخاصة ،كل في مجال اختصاصه،
برامج سنوية للتكوين املستمر واملتخصص لفائدة األطر املذكورة ،من أجل تطوير
مهاراتهم وتحسين مردوديتهم ،حيث يصبح التكوين املستمر إلزاميا وضمن عناصر
تقييم األداء والترقي املنهي املشار إليها في الدالئل املرجعية املحددة مسبقا.
وبذلك يكون القانون اإلطار قد نظر إلى مجال تدبير املوارد البشرية من
زاوية إلزام وإجبار السلطات واملؤسسات املعنية 598باتخاذ العديد من التدابير التي
جعل التكوين األساس شرطا الزما لولوج مهن التربية والتكوين والبحث العلمي؛
جعل التكوين املستمر إلزاميا وضمن عناصر تقييم األداء والترقي املنهي؛
وضع نظام خاص لتحفيز وتشجيع األطر التربوية واإلدارية على ممارسة مھامھا
يقتض ي بناء تصور إجرائي لسياسة إصالح مجال املوارد البشرية التعليمية
على ضوء طموح النموذج التنموي الجديد في املغرب ،ضرورة توضيح سياسة
تصور النموذج التنموي الجديد ملجال املوارد البشرية التعليمية وما يتطلبه من
ابتداء من سنة 8136لجأت الوزارة الوصية على قطاع التعليم إلى سياسة
التوظيف بموجب عقود في قطاع التربية الوطنية ،بتزامن مع سياق تنزيل الرؤية
599
-المادة 51من القانون اإلطار رقم 20.03المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
0.01.007بتاريخ 3ذي الحجة 1( 0111أغسطس .)5101الجريدة الرسمية عدد 6112بتاريخ 03ذو الحجة 01( 0111أغسطس
.)5101
600 -دعت الرؤية االستراتيجية إلى اعتماد تدبير جهوي للكفاءات البشرية في انسجام مع النهج الالمتمركز لمنظومة التربية والتكوين
وتوجهات الجهوية المتقدمة ،مع تنويع أشكال توظيف مدرسي التعليم المدرسي طبقا للمادة 072من الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
وسياسية واجتماعية ،حيث كان لها تأثير واضح على تحوالت الصيغ القانونية التي
تنظم العالقة بين املوارد البشرية التعليمية واإلدارة املوظفة املتمثلة في
األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين .فكان أول أساس قانوني منظم لعملية
التوظيف بموجب عقود ،601املقرر املشترك رقم 9852بين وزارة التربية الوطنية
وضعية األساتذة املتعاقدين ،وأيضا املقرر املشترك رقم 9295بين وزارة التربية
الوطنية والتكوين املنهي ووزارة االقتصاد واملالية بتاريخ 13نونبر ،8136الذي ينظم
فباالستناد إلى هذين املقررين أصدرت وزارة التربية الوطنية والتكوين املنهي
والتكوين ،602متخذة من املقرر املشترك السابق مرجعا لها ،وهكذا صار العقد
املبرم بين األستاذ واألكاديمية اإلطار التعاقدي املحدد للعالقة بين الطرفين.
-601تعود جذور التوظيف بالتعاقد إلى الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي نص في مادته 072عل أنه " ...يتم تنويع أوضاع المدرسين
الجدد من اآلن فصاعدا بما في ذلك اللجوء إلى التعاقد على مدد زمنية تدريجية قابلة للتجديد ،على صعيد المؤسسات واألقاليم والجهات،
وفق القوانين الجاري بها العمل" ،ومن ذلك ما ينص عليه الفصل السادس مكرر من النظام األساسي للوظيفة العمومية على أنه "يمكن
لإلدارات العمومية ،عند االقتضاء ،أن تشغل أعوانا بموجب عقود ،وفق الشروط والكيفيات المحددة بموجب مرسوم" .كما أن المادة 00
من القانون المحدث لألكاديميات الجهوية للتربية والتكوين نصت على أنه من مكونات هيئة المستخدمين الخاصة باألكاديمية هناك أعوان
يتم توظيفهم من لدنها طبقا لنظام أساسي خاص يحدد بمرسوم.
-602بخصوص األفواج الثالثة األولى للتوظيف بموجب عقود من طرف األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ،صدرت على التوالي
المذكرات الو ازرية اآلتية:
-المذكرة الو ازرية الرقم 166-06بتاريخ 0نونبر 5106؛
-المذكرة الو ازرية رقم 135-03بتاريخ 13يونيو 5103؛
-المذكرة الو ازرية رقم 013-03بتاريخ 51دجنبر .5103
إال أن ضغط الفئات املوظفة بصيغة العقد والتي كانت رافضة له بشدة،
ومن خالل إضراباتها املتكررة واعتصاماتها مركزيا وجهويا ومحليا ،جعل من مدبري
ملف سياسة التعاقد بقطاع التربية الوطنية اتخاذ منحى آخر غير صيغة العقد،603
فأصبحنا أمام ما يسمى بالتوظيف الجهوي في إطار صيغة نظام قانوني خاص
بموظفي وزارة التربية الوطنية على حد تعبير مسؤولي الوزارة الوصية على قطاع
التعليم باملغرب.604
في صيغته الثانية ،605نجده يتناول مسألة املوارد البشرية من خالل تحديد
التأديبي وتمثيلية تلك األطر في اللجان املتساوية األعضاء ،606وهي شروط ال تختلف
-603بالنسبة للفوج الرابع صدرت المذكرة الو ازرية رقم 0537-01بتاريخ 01دجنبر 5101في شأن تحديد شروط واجراءات وضوابط
تنظيم مباريات توظيف االساتذة أطر االكاديميات ،والتي من خالل تم موافاة السيدة والسادة مديرة ومديري االكاديميات الجهوية للتربية
والتكوين بالمقرر رقم ،01.117بتاريخ 01دجنبر 5101يتعلق بتحديد شروط واجراءات وضوابط تنظيم مباريات توظيف األساتذة أطر
األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وبعض المقتضيات المتعلقة بفترة التكوين التأهيلي -دورة دجنبر .5101
-604كما صرح بذلك السيد وزير التربية الوطنية في مناسبات عدة ،وأيضا مديرو األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديرون
اإلقليميون ،ومسؤولو مصالح الموارد البشرية باإلدارة المركزية وكذلك األكاديميات االكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
-605الصيغة األولى من النظام األساسي الخاص بأطر األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين صادق عليها المجلس اإلداري لألكاديمية
الجهوية للتربية والتكوين بتاريخ 10يونيو ،5101وتم التأشير عليه من طرف وزير االقتصاد والمالية بتاريخ 01يوليوز ،5101وناسخة
بذلك المقتضيات القانونية السابقة المتمثلة في المقرر المشترك رقم 3132بين و ازرة التربية الوطنية والتكوين المهني وو ازرة االقتصاد والمالية
بتاريخ 10نونبر.5106
-606المادة األولى من النظام األساسي الخاص بأطر األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ،نموذج جهة الدار البيضاء سطات ،الصادر
بتاريخ 02مارس .5101
عن تلك املحددة في النظام األساس ي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية كما
وقع تتميه وتغييره .وبذلك حصر النظام األساس ي الخاص بأطر األكاديميات
تتألف من:607
أطر التدريس
أطر التسيير
أطر متصرفين
المادي
التربويين
والمالي
-607المادة الثانية من النظام األساسي الخاص بأطر األك اديميات الجهوية للتربية والتكوين ،نموذج جهة الدار البيضاء سطات ،الصادر
بتاريخ 02مارس .5101
-608تحدد المادة الخامسة من النظام األساسي الخاص بأطر األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الشروط المطلوبة لذلك التوظيف.
إن لجوء الدولة إلى سن نظام أساس ي خاص بأطر االكاديميات الجهوية
للتربية والتكوين ،كاستجابة لضغط تنسيقيات تلك األطر التي تم تشغيلها بداية
عن طريق التعاقد ،يطرح العديد من التحديات املستقبلية ،فكيف يتم التصريح
بمبدأ املماثلة بين النظامين 609في وقت الزال فيه النظام األساس ي الخاص بموظفي
وزارة التربية الوطنية موضوع نقاش وجدال بين السلطة الوصية ومختلف
الفاعلين االجتماعيين ،على اعتبار السلبيات التي يطرحها تنزيله بعدم مواكبته
لإلصالحات واملستجدات التي تعرفها املنظومة التربوية في املغرب .ثم هناك إشكال
الجهوية للتربية والتكوين ،في حين كان يستوجب أن تصدر في شكل مراسيم
تنظيمية للسلطة التنفيذية ،مع إجراء تعديالت و تتميمات على القانون 11.19
للتحول ،وخصوصا في االختيار األول ،على التعليم ذي الجودة للجميع واضعا أربع
رافعات يراها كفيلة لالرتقاء بجودة النظام التربوي والتكويني بشكل جوهري .ويبقى
أول تلك الرافعات ذات االرتباط بمجال املوارد البشرية التعليمية ،االستثمار في
-609األنظمة الخاصة بأطر األكاديميات والنظام األساسي الخاص بموظفي و ازرة التربية الوطنية.
-610ظهير شريف رقم 0.11.517صادر في 02من صفر 01( 0150ماي )5111بتنفيذ القانون رقم 13.11القاضي بإحداث
األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ،جريدة رسمية عدد 1311بتاريخ 50صفر 52( 0150ماي )5111ص .0010
تكوين وتحفيز املدرسين قصد جعلهم الضامنين لنجاح التعلمات .حيث يعتبر
العاملين به ،وأن إنجاح النهضة التربوية املنشودة رهين بإيالء األهمية الكبرى
لتثمين هيئة التدريس واالرتقاء بمستوى كفاءاتها وتأطيرها وفق معايير مهنية
صارمة.611
وفي هذا اإلطار توص ي اللجنة بضرورة إحداث تغيير عميق في مهن
املدرسين بإحداث مركز التميز ملهن التدريس ،وتصور مسار منهي جديد للمدرس
يهدف إلى جاذبية املهنة لدى الطلبة املتفوقين ،مع حث املدرسين املمارسين على
إن تحقيق التدبير األمثل ملجال املوارد البشرية التعليمية وفق الطموحات
السابقة الذكر وكذلك تماشيا مع انتظارات الفئة املعنية بالتغيير ،يقتض ي اتخاذ
-611المملكة المغربية ،اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي ،النموذج التنموي الجديد – تحرير الطاقات واستعادة الثقة لتسريع وتيرة التقدم
وتحقيق الرفاه للجميع -التقرير العام ،أبريل ،5150ص .12
-612المملكة المغربية ،اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي ،النموذج التنموي الجديد – تحرير الطاقات واستعادة الثقة لتسريع وتيرة التقدم
وتحقيق الرفاه للجميع -التقرير العام ،أبريل ،5150ص .16
البشرية .فوضع خطة استراتيجية لالرتقاء بمنظومة املوارد البشرية التعليمية وفق
جديد يقوم على مفاهيم حديثة في التدبير 613التي تحقق التكامل وااللتقائية بين
تحسين تدبير منظومة املوارد البشرية التعليمية ،خصوصا القطاعات التي تعنى
مباشرة بذلك ،ونخص بالذكر الوزارة الوصية على القطاع كجهاز تنفيذي
وإصالح اإلدارة كقطاع محوري في سياسة تدبير املوارد البشرية التعليمية .فيتجلى
دور القطاع األول من خالل املكانة املمنوحة لوزارة التربية الوطنية كسلطة
تنفيذية للسياسات العامة للدولة في مجال التعليم عموما ومجال املوارد البشرية
على الخصوص ،إذ ذلك يجعلها تمارس صالحياتها من خالل التدخل في جميع
العاملة بقطاع التربية الوطنية ،ويبرز ذلك من خالل مهامها األساسية في ضبط
املالية العامة للدولة ،بحيث يؤدي تدبير ميزانيتها وضبط نفقاتها إلى التحكم في
منظومة املوارد البشرية املخصصة لقطاع التربية الوطنية ،كما يتجلى تدخلها من
خالل اإلصالح اإلداري ملنظومة املوارد البشرية والعمل على تحديثها وتطويرها.
أ -على مستوى التوظيف :بناء على مقترح النموذج التنموي الجديد
القائم على خلق مسار منهي جديد للمدرس يهدف إلى جاذبية املهنة لدى
ب -على مستوى التكوين :ضرورة خضوع الطلبة املتميزين الذين تم
والثالثة ،وفي سنة واحدة بخصوص الفئة الثانية ،حتى تتمكن األطر
املتسارعة.
ت -على مستوى التحفيز :يبقى مدخل التحفيز عنصرا مهما لضمان حسن
أداء األطر التعليمية والوصول بها إلى بدل أقص ى دراجات جهدها في
ومن التدابير الضرورية التي أصبحت تفرض نفسها اليوم للرفع من حافزية
األطر التعليمية ،هي وجوب إعادة النظر في نظام التعويضات ،فمدرس األلفية
الثالثة في حاجة إلى نظام للتعويضات ثنائي ،باإلضافة إلى الجزء الثابت الذي
يتساوى فيه جميع األطر التعليمية بحسب درجاتها ومهامها ،البد من نظام متغير
ضمانا للعدالة واإلنصاف ،فهناك اختالف في شروط مزاولة املهنة تميز فئة على
أخرى على مستوى الجهد في العمل ،فهاك العالم القروي مقابل العالم الحضري،
هناك تفاوت في عدد التالميذ بين أستاذ وآخر أو بين رئيس مؤسسة وآخر ،هناك
من يدرس املستويات اإلشهادية التي تحتاج إلى جهد أكبر...هذه الفروقات تحتاج
إلى إقرار نظام متغير للتعويضات يديره صندوق جهوي خاص تنخرط في تمويله
خاتمة:
التعليمي مقترنا بهندسة سياسة تعليمية واضحة معالم مدخالتها ونتائج مخرجاتها
بخصوص اإلطار التعليمي .إذ تجمع مختلف املؤسسات الرسمية املتدخلة في
سياسات إصالح التعليم باملغرب والهيآت املؤثرة في ذلك على أهمية املورد البشري
في تحقيق اإلصالح املنشود وتنزيل متطلباته ،فهو يعد املدخل الحقيقي واملباشر
لتنزيل انتظارات املجتمع من التربية والتكوين في امليدان .لذلك أصبحنا اليوم أمام
مطالب ملحة لالرتقاء بهذا اإلمكان البشري بدء من إحداث تغيير حقيقي في
سياسات االنتقاء والتوظيف مرورا سياسة التكوين األساس واملستمر ووصوال إلى
سياسة التحفيز التي إن فشلنا في تنزيلها مؤقتا في شقها املادي ،فليس هناك من
مبررات إلعادة االعتبار لنساء ورجال التعليم معنويا عبر تحقيق أعلى درجات
التقدير واالحترام.
الئحة املراجع:
والبحث العلمي.
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 3.32.331بتاريخ 9ذي الحجة 2( 3441
أغسطس .)8132
الجماعة سواء كانت اسرية او مهنية او ذات طبيعة اجتماعية أخرى .اال ان ذلك
ال يعني بالضرورة انغماسه الكلي في الحياة االجتماعية حيث انه يخصص حيزا من
حياته بعيدا عن اطالع االخرين ويحرص على جعله مقتصرا عليه فقط او على
وبناء عليه فان حق الفرد في حياة خاصة يدخل في صميم حقوقه واحد
متطلبات الحريات الشخصية التي تبنى بها حياة اجتماعية سليمة ومتوازنة .لذلك
اليوناني والروماني .كما اولته الشرائع السماوية نصيبا مهما من اهتمامها وفي
من هذا املنطلق كان من البديهي ان يشغل هذا املوضوع على الدوام مساحة
مهمة من التفكير والنقاش والجدل على مدار التاريخ وفي مختلف مجاالت
وتخصصات العلوم اإلنسانية والقانونية سعيا نحو ضبط ماهية الحق في الحياة
املتعلقة باألفراد من اجل ترسيخ الحق في حرمة الحياة الخاصة .كما ابرمت
وبروتوكولها اإلضافي املوقع بستراسبورغ سنة 8111والتي ترمي الى مراعاة الدقة
في جمع البيانات وضمان صحتها وسالمتها واتخاذ كافة التدابير األمنية ملعالجتها
ونقلها .كما أولى الفقه والقضاء اهتماما كبيرا للموضوع من خالل كتابات فقهاء
القانون واملتخصصين واجتهادات املحاكم التي عملت وتعمل جميعها على فهم
أعمق وتفسير ادق وتحصين اقوى للحق في الحياة الخاصة تماشيا مع ما يواجهه
من تحديات مستمرة خصوصا مع الثورة التكنولوجية التي تجتاح العالم منذ
عقود وما يصاحبها من تعاظم حجم املخاطر التي تحدق بحياة االنسان الخاصة
أصبحت متهمة بانتهاك الحياة الشخصية التي تعد من الحقوق الدستورية املالزمة
الطبيعة املختلفة التي تتدفق يوميا عبر قنوات الوسيط الرقمي تطرح إشكالية
تامين ارسال ووصول هذه املعلومات وعدم وقوعها بين ايدي أطراف أخرى()...
الغير615". ممن قد يستعملها لتحقيق اهداف خاصة او املساس بحقوق وحريات
معطياتهم الشخصية وحقهم في الحياة الخاصة ،يبرز دور القانون واهميته في
الحقوق .وفي هذا السياق سنت مختلف دول العالم تشريعات محلية وانشات
هيأت مختصة لحماية املعطيات الشخصية والحق في الحياة الخاصة ،كما تم
بالتوازي مع ذلك صياغة قوانين وابرام اتفاقيات دولية في املجال كان الهدف منها
وضع قواعد موحدة تروم الوصول الى نظام للحماية موحد ومالئم بين مختلف
الدول ،وهو ما املته الضرورة بالنظر لكون االنتهاكات والجرائم املرتبطة باملعطيات
614
عبد المجيد كوزي "الحماية القانونية للحياة الخاصة في المجال المعلوماتي" 8088 ،ص2
615
عبد المجيد كوزي" ،الحماية القانونية للحياة الخاصة في المجال المعلوماتي" ،8088 ،ص 6
في هذه الدينامية القانونية ،حيث عمل على تعزيز ترسانته الوطنية بإقرار قانون
ي616 لحماية األشخاص الذاتيين اتجاه معالجة املعطيات ذات الطابع الشخص
من النصوص واملقتضيات املتضمنة في قوانين أخرى نذكر منها القانون 19.11
املغربي على الحق في حرمة الحياة الخاصة .كما عمل املشرع املغربي من جهة اخرى
على تقوية الجانب املؤسساتي لعل ابرز تجلياته إحداث لجنة وطنية ملراقبة حماية
املعطيات ذات الطابع الشخص ي انيطت بها مهمة الحرص على تطبيق القانون
616
ظهير شريف رقم 85-08-8صادر في 88من صفر 82( 8900فبراير )8008بتنفيذ القانون رقم 08.02المتعلق بحماية األشخاص
الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي ,الجريدة الرسمية عدد 5788بتاريخ 87من صفر 8900موافق ( 80فبراير
)8008
617
مرسوم رقم 865-08-8صادر في 85من جمادى األولى 88/8900ماي 8008لتطبيق القانون رقم 08.02المتعلق بحماية
األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي ,ج ر عدد 5799بتاريخ 89من جمادى االخرة 8900الموافق (82
يونيو )8008
املخاطر واالنتهاكات املاسة بهما قبل ان نسلط الضوء على بعض أوجه الحماية
الجنائية املخصصة لهما ان على املستوى الوطني او على مستوى التشريع املقارن.
رغم رواج مصطلح الحياة الخاصة بكثرة في مختلف الكتابات اال انه من
الصعب إيجاد اجماع على مدلوله ونطاقه نظرا لعوامل متعددة تتأرجح بين ما هو
ففي القانون الالتيني ،يطلق على الحياة الخاصة : la vie privéeوتعبر عن
ذات الحق في ان تكون لإلنسان حياة خاصة مستقلة ،618بينما يصطلح عليها في
السرية التي يترك فيها الفرد وشانه دونما تدخل من أحد سلطة وافرادا".619
اتجاهان اساسيان ،يرتكز األول على تعريف إيجابي بينما يميل الثاني الى تعريف
سلبي .
618بولين انطونيوس ":الحماية القانونية للحياة الشخصية في مجال المعلوماتية دراسة مقارنة " منشورات الحلبي بيروت 8008ص7
Jean carbonnier (J) « le droit à etre laissé tranquille » droit civil Tom1 page 239 619
-التعريف اإليجابي للحياة الخاصة :اتجه أصحابه نحو معيار موسع يقترن
فيه مفهوم الحق في الحياة الخاصة بمفهوم الحرية باعتبارها أرقي القيم اإلنسانية.
ومن بين رواده الفقيه ويستن Westinالذي قال " ان الحق الذي يكون لألفراد
يمكن إيصال املعلومات الخاصة بهم الى الغير" .620كما تبنى األستاذ جون شتوك
John Shattuckتعريفا موسعا كذلك بقوله "الحياة الخاصة تعني ان يعيش املرء
كما يحلو له ،مستمتعا بممارسة انشطته الخاصة حتى ولو كان سلوكه على مرأى
من الناس ،فهو حر في ارتداء ما يراه مناسبا وحر في ان يظهر في الهيئة التي يحلو
له ان تتميز بها شخصيته". 621فالحياة الخاصة من منظوره ليست مجرد االمتناع
عن افشاء املعطيات الشخصية من غير مقتض ى ،وال ان يظل االنسان بمعزل عن
فضول االخرين وتطفلهم ،بل يشمل ما هو اعم واشمل من ذلك ،وهي ان يعيش
املرء كما يشاء وحسب رغباته حتى لو كان ما يفعله على املال.
-التعريف السلبي للحياة الخاصة :اعطى أصحاب هذا االتجاه تعريفا ضيقا
للحياة الخاصة يستند الى معايير محددة وهي :السكينة والسرية وااللفة .وقد اتجه
الفقه الفرنس ي الى تعريفه باالرتكاز على التمييز بين الحياة العامة والحياة الخاصة.
فالحق في الحياة الخاصة هو "الحق في الحياة غير العامة او غير العلنية" .622اال
620سعاد الشيخ ماء العينين ":الحماية الجنائية للحياة الخاصة في مواجهة االعالم" رسالة الماستر جامعة الدول العربية المنظمة للتربية
و الثقافة و العلوم معهد البحوث و الدراسات العربية قسم الببحوث و الدراسات القانونية 8089
John .H.F shattuck : « right of privacy » copyright by national test book company 1977 : p 197-198 621
622علي احمد عبد الزغبي" ،الحق في الخصوصية في القانون الجنائي-دراسة مقارنة" المؤسسة الحديثة للكتاب ،لبنان الطبعة األولى
8006ص .806
ان الصعوبة هنا تتجلى في صعوبة تحديد مجاالت التداخل واالستقالل بينهما
وبالتالي يبقى التمييز بينهما على هذا األساس ضبابيا الى حد ما.
معظمها لم تضع قواعدا او مبادئا منها املشرع الفرنس ي (سواء الفقه والقضاء)
الذي جرم التعدي على األمور التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة كالشرف
واالعتبار وحرمة السكن واملراسالت ...كما اعتبر ان نطاق الحياة الخاصة يشمل
املالية...
وفيما يخص الطبيعة القانونية للحق في الحياة الخاصة ،فقد اوالها الفقه
والقضاء اهتماما خاصا وظهرت اتجاهات مختلفة في تحديد هذه الطبيعة بين من
يرى انه حق من حقوق امللكية ومن يعتبره حقا من الحقوق الشخصية .
حق امللكية ،وبنى موقفه على فكرة الحق في الصورة ،فهي تخضع
املحمي ،بحيث ال يتاح للعموم ودون إرادة املعني باألمر االطالع على
املالية" ،حيث تستمر حماية هذا الحق حتى في الحاالت التي توجد
فيها نصوص قانونية صريحة تجيز هذه الحماية ،وقد نشأت هذه
623نور الدين الناصري" ،النظام القانوني للحق في الحياة الخاصة -دراسة في ضوء التشريع المغربي والمقارن" مجلة الفقه والقانون،
ع التاسع 8080ص 80
624سليم جالد " ،الحق في بين الخصوصية بين الضمانات و الضوابط في التشريع الجزائري والفقه اإلسالمي" ،جامعة وهران 8089
ص 99
625
Nerson Roger, « La protection de l’intimité » p 28
626عبد المجيد كوزي " ،الحماية القانونية للحياة الخاصة في المجال المعلوماتي" ،ص 86
بعض فقهاء هذا االتجاه ومنهم "بيير كايزر " Pierre Kayserان الحق
يمتلك كامل ارادته بجعل بعض جوانب وتفاصيل حياته سرية وغير
بكونها "املجال السري لحياة الفرد لبذي يكون له فيه سلطة اقصاء
وقد تعرضت هذه النظرية بدورها للنقد خصوصا على يد الفقيه الفرنس ي
"مونيك رامون " Monique Raymondحيث يرى ان هناك اختالفا بين هذه الحالة
وبين موجب االمتناع الذي ال يلقى اال على عاتق شخص واحد محدد ،اوعلى بعض
األشخاص القانونيين .لكن باملقابل فعدم افشاء االسرار واالمتناع عن التدخل في
627
J. Carbonier « Droit civil, les personnes », T.I, PUF, 1990, 17e ED, p 124
تقابلها شمولية في الواجبات وبالتالي يحق التساؤل عما يمكن االحتجاج به في وجه
الجميع".628
الخاصة في املادة 84من دستور 8133التي جاء فيها ان" :لكل شخص الحق في
حماية حياته الخاصة " ،كما تطرق للحياة الخاصة في القانون 12.12املتعلق
بحماية األشخاص الذاتيين اتجاه معالجة املعطيات ذات الطابع الشخص ي الذي
شكل نقلة نوعية في مسار تحصين حقوق االفراد وحماية خصوصيتهم لدرجة يمكن
معها الحديث عن تماهي مفهومي الحق في حرمة الحياة الخاصة وحماية املعطيات
"املعطيات ذات الطابع الشخص ي" قصد مساعدة الفقه والقضاء في االستناد
القانوني" .وقد تميزت هذه التعاريف بشكل عام بطابعها شبه املوحد.
628
Monique Raymond, « Le secret de la vie privée, et l’information en droit privé », 8872, p 988
املعطيات ذات الطابع الشخص ي من خالل املادة ا 8 /التي نصت على ان:
معرف او قابل للتعرف عليه" .كما أعطت املادة ا 8/من التوجيه األوربي رقم 25
او قابل للتعرف عليه .يعد قابال للتعرف عليه الشخص الذي يمكن معرفته بصفة
مباشرة او غير مباشرة ال سيما بالرجوع الر رقم تعريف او الى عنصر او عدة عناصر
باعتبارها احدى مكونات املراجع املؤطرة تعريفا للمعطيات ذات الطابع الشخص ي
بكونها " :كل معلومة عائدة لشخص طبيعي محددا او قابال للتحديد" 629ويقصد
املعلومات املتعلقة بشخص طبيعي محدد أو يمكن تحديده مباشرة بواسطة رقم
الطابع الشخص ي وحرية نقلها ،والذي دخل حيز التنفيذ في 84ماي ،8136وبدا
حماية األفراد فيما يتعلق بمعالجة البيانات الشخصية وبشأن حرية حركة تلك
البيانات) .،هذا النظام الجديد وضع تعريفا يتحرى اقص ى درجات الدقة والوضوح
يمكن تحديده بشكل مباشر او غير مباشر ،بشكل خاص بالرجوع الى معرف مثل
االسم او رقم التعريف او بيانات املوقع او معرف عبر االنترنيت او الى أي واحد او
اما على مستوى املشرع املغربي ،فقد عمل في إطار سعيه ملالئمة قوانينه مع
مثيالتها االوربية في هذا املجال على اقتباس التعريف الذي ورد في التوجيه األوربي
ذات طابع شخص ي« :كل معلومة كيفما كان نوعها بغض النظر عن دعامتها بما في
ذلك الصوت والصورة واملتعلقة بشخص ذاتي معرف او قابل للتعرف عليه
ويكون الشخص قابال للتعرف عليه إذا كان باإلمكان التعرف عليه ،بصفة
مباشرة او غير مباشرة ،بالرجوع الى رقم تعريف او عنصر او عدة عناصر مميزة
املعطيات ذات الطابع الشخص ي يلزم ان تكون متعلقة بشخص ذاتي ،وقد ركز
التوجيه األوربي على هذه الخاصية في مواضع عديدة وكذلك في املادة 8أ وسارت
الشخصية يعتبر حماية للحق في الحياة الخاصة الذي يدخل في خانة الحقوق
Prosserو Warcenو Brandeis .ومن جهة أخرى فان الحق في الحياة الخاصة
االسرية واالجتماعية األخرى بعيدا عن اطالع االخرين على تفاصيلها مما يجعل
هذا الحق متصال اتصاال وثيقا باإلنسان ومظهرا أساسيا من مظاهر الشخصية
اإلنسانية.
الطابع الشخص ي يلزم ان تعرف بالشخص الذي تتعلق به .وبالعودة الى مضمون
األخرى ،يتبين ان مفهوم املعطيات ذات الطابع الشخص ي يتميز باالتساع ،وهو ما
يستنتج منه ان مجرد االقتصار على االسم كمرجع للتعريف له عيوب أبرزها انه
يحمل نظرة ضيقة يكون من تبعاتها التقدير الخاطئ الذي ال يأخذ بعين االعتبار
مثال)،او باستعمال مسطرة كيفما كانت دون التمكن من تعريف الشخص املعني،
وباملقابل فانه بمجرد ان تصبح املعلومات عبارة عن معطيات يمكن نسبتها بصفة
630
André Lucas, Jean Deveze et Jean Frayssinet, « Droit de l’informatique et de l’Internet », presses
universitaires de France,Economica, Paris 2001, p 77
631
Arian Mole, » Le nouveau droit des flux transfrontières des données personnelles », Rev. Dr, soc. , n
12 déc. 20O4, p1072
مباشرة الى او غير مباشرة الى شخص طبيعي حصريا ،معرف او قابل للتعرف عليه،
مدلول النصوص.632
وإذا كانت مسالة تحديد هوية الشخص املعرف ال تطرح أية صعوبة ،فان
االمر ليس كذلك بالنسبة للشخص القابل للتعرف عليه .فقد جاء في املادة 3/3
من القانون 12-12بانه« :يكون الشخص قابال للتعرف عليه إذا كان باإلمكان
التعرف عليه ،بصفة مباشرة او غير مباشرة ،والسيما بالرجوع الى رقم تعريف او
الفرنس ي ،فقد عرفت الشخص القابل للتعرف عليه بشكل مختصر حيث انه هو
الذي« :يمكن التعرف عليه ،بصفة مباشرة او غير مباشرة ،بالرجوع الى رقم تعريف
وفي جانب اخر ،فان جميع أنواع املعطيات يمكن ان تكتسب الطابع
وحتى طريقة عرضها .ويتجلى ذلك من خالل العبارة العامة التي وردت في املادة
3/3من القانون ":12-12كل معلومة كيفما كان نوعها وبغض النظر عن دعامتها"،
غير انه يلزم االخذ في الحسبان ما إذا كان للمعلومة إطار قانوني يوفر لها الحماية
632
-André Lucas, Jean Deveze et Jean Frayssinet, op.cit, p 77
633
Yves Mayaud, Code pénal, 106e éd. Dalloz, Paris 2009
ام انه من اليسير االعتداء عليها ،وما إذا كانت متعلقة بشخص بالغ ام قاصر،
بفرنسا بالحصول على موافقة اإلباء عندما يتعلق االمر بمعالجة معطيات
وفي زخم التطور التكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم ،صار حتميا ان يأخذ
في االعتبار عند تحديد مفهوم املعطيات ذات الطابع الشخص ي ما هو مستجد في
مجال تكنولوجيا الصوت والصورة ،لذلك نجد املشرع املغربي قد ادراجهما ضمن
املعطيات الشخصية غير املباشرة املتوفرة على شبكة االنترنيت والتي تمكن بدورها
في القانون 12-12او بعض التشريعات املقارنة ،فان االمر ال يخلو من إشكاليات
يمكن ان تواجه القضاء الذي يتمتع بسلطة تقديرية للبث في مدى توافر الطابع
الشخص ي في معلومة معينة 635مع الحرص على ضرورة تحقيق التوازن بين التدفق
634
Michel Bibent, « Le droit de traitement de l’informatique » », Nathan/ HER, Paris 8000, p 77
635غنام محمد غنام" ،الحماية اإل دارية والجنائية لألفراد عند تجميع بياناتهم الشخصية في أجهزة الكمبيوتر" ،مجلة االمن والقانون ،،ع
8يوليوز 8000ص89
بقدر ما تشكل الحياة الخاصة مبدا "مقدسا" لدى االفراد وحرصهم الدائم
على حمايتها والحفاظ على سريتها بقدر ما تعتبر التحديات كبيرة امامهم في مواجهة
تكنولوجيا االعالم واالتصال .اذ ان هذه األخيرة تساهم بشكل كبير في نقل
املعطيات والبيانات الخاصة باألفراد بسرعة وسهولة كبيرتين اال ان ذلك ال يخلو
من انعكاسات سلبية على الحقوق والحريات بسبب اختراق بنوك املعلومات
الزائفة .
للمعلومات الشخصية وادراجها ضمن ملفات ورقية ومستندات تقليدية ،اال انه
مع ظهور نظام املعلوميات والشبكة العنكبوتية ،تطورت أساليب املعالجة املبنية
وتكوين بطاقات الكترونية اسمية ،مما زاد من حدة املخاطر الناجمة عن املعالجة
636
Rapport de la CNIL, « voix, image et protection des données personnelles », 19961, p 120
وتبيان ماهيتها ومخاطرها ثم نتطرق بتفصيل أكثر الهم االنتهاكات التي تمس
املعطيات ذات الطابع الشخص ي وتأثير ذلك على حرمة الحق في الحياة الخاصة.
«تكوين قاعدة بيانات تفيد موضوعا معينا او تهدف لخدمة غرض معين،
قانوني له ،حيث ان هذه البنوك تمر بمجموعة من العمليات او الوظائف التقنية
التي تتم بواسطة الحاسوب االلي ،واملتمثل في جمع البيانات وتبويبها وتخزينها ثم
637مريم احمد مسعود" ،اليات مكافحة جرائم تقنية تكنولوجيا االعالم واالتصال في ضوء قانون " 09-08مذكرة لنيل الماجستير تخصص
القانون الجنائي 8080-8088-الجزائر ص 0
638أسامة عبد هللا قايد " ،الحماية الجنائية الخاصة وبنوك المعلومات ،دراسة مقارنة" ،دار النهضة العربية ،ط ،8القاهرة 8828ص
92
639أسامة عبد هللا قايد " ،الحماية الجنائية الخاصة وبنوك المعلومات ،دراسة مقارنة" ،مرجع سابق ص 92
وفي سياق وطني وعاملي مطبوع بمنافسة محمومة على كافة املستويات
يستقوي فيه من يملك ناصية املعلومة ،أصبحت قواعد البيانات الشخصية تمثل
سوقا قائما بذاته .640ورغم املزايا التي تشكلها بنوك املعلومات في تقديم خدمات
الشركات الخاصة اال ان ذلك ال ينفي وجود اختالالت كثيرة ،حيث ان عددا من
الرقابة. 641
وفي واقع االمر ،فان املتاجرة غير املشروعة باملعطيات الشخصية ،ليست
امرا مستحدثا ،بل هي من املمارسات الرائجة منذ زمن ،غير ان مداها قد تعاظم
بسبب االستعمال املتزايد لشبكة االنترنيت رغم صياغة القوانين املؤطرة لكافة
العمليات املتعلقة بجمع وتخزين ومعالجة ونشر املعلومات .فشبكة االنترنيت تضع
640
Christian Féral-Schuhl, Cyberdroit, « Le droit à l’épreuve de l’Internet »,0e édition, Dunod, Paris ,
2002, p 65
641عبد المجيد كوزي " ،الحماية القانونية للحياة الخاصة في المجال المعلوماتي" 8088 ،ص 99
بمقابل مادي.642
والفرد عند استخدامه لشبكة االنترنت يقوم برغبته او من غير وعي منه
باإلدالء بمعلوماته الشخصية وكشف هويته وهذا خطر في حد ذاته الن الشخص
يعرض نفسه تلقائيا النتهاك حياته الخاصة .ولعل ما قامت به الشركة االمريكية
لالتصاالت G.Tمن اخبار زبنائها عبر موقعها على االنترنت ،انها تعتبر جميع
املعلومات التي تصلها من مشتركيها عبر شبكة املعلومات العاملية غير سرية ،الش يء
الذي يعني استخدامها ونشرها ونقلها لطرف ثالث بغير قيود ومن دون تحمل أي
تبعات ،كما يسهل باملناسبة ذاتها تغيير البيانات وتعديلها عند املعالجة او من
وعلى صعيد معالجة البيانات ،تبرز اهم املخاطر التي تهدد حرمة الحياة
بخادم مركزي ) (serveur centralاو بشبكات عامة لالتصاالت ،حيث تتم عملية
تبادل املعلومات عن بعد بشكل يسمح بتجميع وتكوين معلومات جديدة عن فرد
معين.
642عبد المجيد كوزي " ،الحماية القانونية للحياة الخاصة في المجال المعلوماتي" 8088 ،ص 97
643احمد فتحي سرور" ،الحماية الجنائية ألسرار االفراد في مواجهة النشر" ،دار النهضة العربية 8888 ،ص 80
وتتجلى خطورة بنوك املعلومات أيضا على املستوى التقني ،حيث تقع أخطاء
عند تغذية الحاسب االلي باملعلومات او عند إعادة تنظيمها او بسبب عيوب
ميكانيكية او خلل بأحد األجهزة قد ينتج عنه دمج املعلومات املخزنة او اختالل في
تصنيفها او محو او اضافة لبعضها مما قد يفرز قاعدة بيانات ال تعبر عن حقيقة
أصحابها واوضاعهم ويعطي بالتالي صورة غير صحيحة عن الحياة الخاصة للفرد.
ان االعتداءات على حرمة الحياة الخاصة بالطرق التقليدية امر واقع
وحدتها .ونسرد هنا بعضا من صور االنتهاكات املعلوماتية للمعطيات ذات الطابع
للمعطيات
الشخصية من قبل اشخاص غير مصرح لهم بذلك اما ألهداف مادية اوشخصية
بنية االنتقام او خدمة مصالح أطراف أخرى .وثانيهما جمع اومعالجة او نشر
معطيات شخصية غير صحيحة من قبل االشخاص املرخص لهم ،وهذه األفعال
يتم االعتداء على حرمة الحياة الخاصة هنا اما من خالل عدم مشروعية
طرق الحصول على املعطيات وجمعها وتتم هذه األفعال مثال من خالل مراقبة
تجميع او تخزين غير مشروع ملعطيات حساسة جدا وذات طابع سري ألنها تتعلق
بحمايتها
أحيانا بصورة غير مشروعة ويتم االطالع عليها من طرف اشخاص غير مرخص لهم
بذلك مما يعرض سريتها للخطر .وتعتبر املعطيات املجمعة لدى املؤسسات
644عفيفي كامل عفيفي" ،جرائم الكمبيوتر وحقوق المؤلف والمصنفات الفنية ودور الشرطة والقانون ،دراسة مقارنة" ،منشورات
الحلبية الحقوقية ،لبنان 8000ص 876
الحديثة.
واملساطر التي يتوجب اتباعها في جمع وتخزين ومعالجة ونشر املعطيات الشخصية
بهاجس حماية حقوق االفراد من االنتهاكات املحتملة ،اال ان ذلك لم يمنع من
وجود خروقات عديدة لعل من أبرزها عدم مراعاة مقتضيات السالمة التي
تقتض ي االلتزام بالدقة في عملية املعالجة وتؤدي مخالفة ذلك الى وقوع أخطاء
ذات طبيعة تقنية او بشرية .كما ان عدم الحصول على ترخيص يعد مخالفة
للقواعد ويعتبر جريمة يعاقب عليها القانون .ومن امثلة ذلك ما أقدمت عليه
شركة SKFالفرنسية ،التي قامت بتخزين املعطيات التي تتعلق بالحياة الخاصة
واملجمعة من طلبات التوظيف التي كانت محفوظة لديها بالطرق اليدوية ،وذلك
بدون موافقة مسبقة من "لجنة املعلوماتية والحريات" ،وهو ما يعد تسجيال او
حفظا غير مشروع لبيانات الشخصية ،يعاقب عليها بالحبس من سنة الى خمس
645عبد المجيد كوزي " ،الحماية القانونية للحياة الخاصة في المجال المعلوماتي" 8088 ،ص 58
تكنولوجيا املعلومات ،كان لزاما مساءلة الترسانة القانونية على املستويين الوطني
والدولي ،ومدى قدرتها على مجابهة هذه التحديات .وقد تدخلت مختلف
التشريعات من خالل إقرار حماية جنائية تهدف صون حرمة الحق في الحياة
الخاصة .وفي هذا اإلطار سنتطرق الى بعض مظاهر الحماية الجنائية للمعطيات
التشريعات املقارنة
املهددة للحياة الخاصة وذلك بصياغة عدد من القوانين املؤطرة لجمع ومعالجة
ونشر املعطيات الشخصية وتخصيص عقوبات جنائية لكل خرق لها حماية لحقوق
االفراد .ويعد التشريع الفرنس ي رائدا حيث نص في املادة األولى من القانون 92-39
لسنة 3292املتعلق باملعلوميات والحريات (تم تعديله عدة مرات الحقا) على "ان
املعلوميات يجب ان تكون في خدمة الفرد )...( ،ويجب ان ال تمس بحقوق االنسان،
وبالحياة الخاصة ،وبالحريات الفردية والعامة" كما اكد نفس القانون في مواد
أخرى على ضرورة تجميع ومعالجة البيانات الشخصية املقصودة بطريقة قانونية
ومشروعة وألغراض محددة وصريحة ،وان تتم هذه املعالجة الحقا من اجل تلك
الغايات املحددة لها ،وان تتم عملية حفظها بطريقة تمكن من اظهار شخصية
املعني باألمر ،وملدة ال تتعدى املدة الالزمة لتحقيق الغرض من التجميع واملعالجة.
كما ان القانون املذكور اشترط ضرورة الحصول على موافقة صاحب البيانات
الشخصية قبل معالجتها وااللتزام بالحفاظ على حقوقه وحماية حياته الخاصة
ومنحه من جهة أخرى الحق في مساءلة املكلفين بمعالجة معطياته ،عن نوعية
هذه البيانات والغرض من معالجتها وعن األطراف املستغلة لها وكذا الحق في
ونص نفس القانون على احداث لجنة إدارية مستقلة تسمى "اللجنة
كما افرد املشرع الفرنس ي عددا من مواد قانون العقوبات الفرنس ي لتجريم
االعتداء على حرمة الحياة الخاصة ،حيث جرم دخول املنزل او البقاء فيه
باستخدام القوة او التهديد ،فهو مستودع السر لالنسان ،646وتعاقب املادة 4-886
على انتهاك حرمة مسكن الشخص ،سواء كان الدخول اليه باالحتيال او بالتهديد
646بشرى ناده" ،حرمة المسكن بين حماية الحق في الحياة الخاصة وضرورة العدالة الجنائية" ،بحث لنيل الماستر في العدالة الجنائية
والعلوم الجنائية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،فاس 8086ص 86
او باستخدام القوة او االكراه .647وخصص ذات املشرع حماية جنائية لسرية
التي نصت على انه ":كل من قام بسوء نية بفتح او حذف او تأخير او تحوير
املراسالت املرسلة الى الغير سواء وصلت ملكان الوصول ام ال ،او اطلع بطريقة غير
مشروعة على مضمونها ،يعاقب بالسجن ملدة سنة وبغرامة 45111الف يورو،
كما يعاقب بنفس العقوبات كل فعل ارتكب بسوء نية بقصد اعتراض او تحويل
او استخدام او نشر االتصاالت الخاصة ،املرسلة او املستقبلة بوسيلة اتصاالت او
وقد قضت محكمة النقض الفرنسية من انه إذا كان من حق الوكيل الخاص
ان يتسلم الرسائل الخاصة باملوكل وان يتولى الرد عليها ،فان ذلك ينصرف فقط
الى الرسائل املتعلقة بأعماله واليمتد الى رسائله الشخصية ،فاذا تجاوز هذا الحد
ووسع نطاق رقابته ليشمل تلك األخيرة ،فانه يكون بذلك قد انتهك خصوصية
موكله.648
647وليد سليم النمر" ،حماية الخصوصية في االنترنت-دراسة مقارنة" ،دار الفكر الجامعي ،الطبة األولى 8087ص 502
648وليد سليم النمر" ،حماية الخصوصية في االنترنت-دراسة مقارنة" ص 988
- 3كل من قام عمدا باي وسيلة بالتقاط او تسجيل او نقل حديث خاص او
-8كل من قام عمدا بالتقاط او تسجيل او نقل صورة شخص محدد من
مكان خاص دون رضاه ،يعاقب بالسجن ملدة سنة وبغرامة 45111يورو
وإذا تمت االعمال املذكورة في هذه املادة على مرأى ومسمع من
الشخص املعني بالحديث او الصورة ولم يعترض ،رغم تبوث قدرته على االعتراض،
قائمة بمجرد االلتقاط حتى وان لم تتم عملية التسجيل او النقل ويقصد املشرع
سنة 3291والذي أكد على حق الفرد في الوصول الى بياناته ،والقانون 21-592
حماية االفراد من انتهاك حرمة حياتهم الخاصة حيث وضع ضوابط ملنع النشر
غير املشروع للبيانات الشخصية .كما عمل املشرع األمريكي على اصدار قانون
لقد افرد املشرع املغربي الحماية لجميع عناصر الحق في الحياة الخاصة،
حيث أولى من خالل القانون الجنائي حماية خاصة لحرمة السكن وميز بين نوعين
من االنتهاكات ،بحسب ما إذا كانت صادرة عن افراد عاديين او ممثلي السلطة.650
الفصل 443من القانون الجنائي الذي جاء فيه ان" :من دخل او حاول الدخول
األشياء ،يعاقب بالحبس من شهر الى ستة أشهر وغرامة من مائتين الى مائتين
وخمسين درهما".
باستعمال التدليس او التهديد او العنف ،ويتم الدخول بتجاوز الحدود التي رسمها
القانون باعتبارها منزل ،باي طريقة ومن أي مكان سواء من الباب او من
649
Christopher John Millard, « Légal protection of computer programmes and Data », sweet a Marwell,
1985, p 673
650فؤاد بوظنيشط" ،الحماية الجنائية للحق في حرمة الحياة الخاصة" ،مجلة الخزامى للدراسات القانونية واالجتماعية ،العدد األول
، 8082ص .808
النافذة .651وال يشترط ان يكون دخول مسكن الغير تاما ،اذ ان مجرد محاولة
وضبط الفاعل قبل اكماله لفعل الدخول يجعل الركن املادي للجريمة مكتمال
حسب منصوص الفصلين 334و 335من القانون الجنائي .اما الركن املعنوي
فيقام بوجود القصد الجنائي أي العمدية في ارتكاب هذا الفعل الجرمي ،وهذا
القصد يمكن ان نستنبطه من طبيعة الوسائل املحددة لقيام الركن املادي .وقد
شدد املشرع أكثر العقوبة املقررة لهذه الجريمة حيث قد تصل من ستة أشهر الى
ثالث سنوات والغرامة من مائتين الى خمسمائة درهم إذا ارتكبت الجريمة ليال ،او
باستعمال التسلق او الكسر او بواسطة عدة اشخاص ،او كان الفاعل او أحد
اما فيما يتعلق باالنتهاكات الصادرة عن أحد ممثلي السلطة ،فقد نص عليها
القانون الجنائي في املادة 811منه التي ورد فيها ان ":كل قاض او موظف عمومي،
او أحد رجال او موظفي السلطة العامة او القوة العمومية يدخل ،بهذه الصفة،
مسكن أحد االفراد ،رغم عدم رضائه ،في غير األحوال التي قررها القانون ،يعاقب
بالحبس من شهر الى سنة وغرامة من مائتين الى خمسمائة درهم ....".
التكنولوجي ،ورغبة في حماية حقوق االفراد واملؤسسات معا ،فقد أصدر القانون
رقم 11-19املتعلق باإلخالل بسير نظم املعالجة االلية للمعطيات واملتمم ملجموعة
651فؤاد بوظنيشط" ،الحماية الجنائية للحق في حرمة الحياة الخاصة" ،مرجع سابق ،ص 808
652الفقرة الثانية من المادة 998من القانون الجنائي المغربي
القانون الجنائي .ويضم القانون املذكور تسعة فصول (من الفصل 1-619الى
الفصل .)33-619
ويعتبر املشرع املغربي طبقا ملضامين القانون ،11-19ان مجرد الدخول او
البقاء داخل نظام معالجة معلوماتية ،جريمة بمجرد ان يكون ذلك الفعل قد تم
بصفة غير مشروعة .ويتحقق الدخول الى نظام املعالجة االلية للمعلومات
باستعمال مختلف الوسائل ،حيث لم يحدد املشرع وسيلة بعينها وجرم بالتالي
مجرد الولوج ولو كان بالخطأ وحتى ان لم يترتب عن ذلك ضرر .واستعمل املشرع
كلمة ""عن طريق االحتيال" كشرط من شروط قيام جريمة الدخول والبقاء أي
ضرورة توفر شرط العمدية ،لكن ان حصل الدخول بالخطأ وبقي الفاعل داخل
النظام ،فان جريمة البقاء قائمة لوجود الركن املعنوي أي البقاء ملدة تتجاوز املدة
املسموح بها للخروج منه وان انتفت جريمة الدخول لعدم وجود القصد .وعاقب
بالحبس من شهر الى ثالثة أشهر وبغرامة مالية من 8111الى 31111درهم او
بإحدى العقوبتين .كم نص نفس الفصل في فقرته الثالثة على مضاعفة العقوبة
إذا ترتب عن فعل الدخول او البقاء اضطراب او حذف او تغيير للمعطيات املخزنة
في نظام املعالجة .وتغلظ العقوبة إذا كان الفعل مرتكبا من طرف موظف او
مستخدم اثناء مزاولة ملهامه او بسببها حيث تصل العقوبة الى الحبس من سنتين
وبالنسبة لجريمة العرقلة املتعمدة لسير نظام املعالجة االلية للمعطيات او
احداث خلل به ،فقد نص الفصل 619-5على عقوبتها التي قد تصل الى ثالث
ويشترط العمد لقيام هذه الجريمة أي ان تتوفر إرادة الجاني الى عرقلة سير النظام.
كما جرم املشرع كذلك تغيير طريقة معالجة او ارسال املعطيات عن طريق االحتيال
ضمن مقتضيات الفصل 6-619بالحبس من سنة الى ثالث سنوات وبالغرامة من
تشدد املشرع إذا ارتبط الجرم باالعتداء على البيانات التي يختزنها نظام املعالجة
االلية للمعطيات.
بعض صور الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخص ي في القانون
09-08
املغربي كذلك ،سن قانون يروم حماية حقوق االفراد اثناء عمليات تجميع
الزجرية لألفعال التي تمس بحقوق وحريات االفراد املعنيين بمعالجة معطياتهم
-املعالجة غير املشروعة :حيث يعاقب طبقا ألحكام املادتين 54و 55من
القانون ،12-12كل من قام بجمع معطيات ذات طابع شخص ي بطرق غير نزيهة
اوتدليسية او غير مشروعة ،او قام بمعالجتها ألغراض أخرى غير تلك املصرح بها
او املرخص لها ،او اخضع املعطيات ملعالجة الحقة متعارضة مع األغراض املصرح
بها او املرخص لها ،او قام بحفظها أكثر من املدة القانونية ،يعاقب بالحبس من
ثالثة أشهر الى سنة وبغرامة مالية من 81111الى 811111درهم او بإحدى هاتين
العقوبتين .وفي هذا السياق ،اعتبرت محكمة النقض الفرنسية في قرار لها أصدرته
الغرفة الجنائية بتاريخ 1نونبر 3229ان الجريمة ال تقوم فقط بجمع املعطيات
بطرق غير مشروعة او تدليسية او غير نزيهة ،وانما يلزم كذلك ان يتم تسجيل او
حفظ هذه املعطيات في ملف سواء كان اليا او يدويا .653وفي قرار اخر صادر عن
كل اطالع على العناوين االلكترونية واستعمالها ،ولو دون تسجيلها في -
653
André Lucas, Jean Deveze et Jean Frayssinet, op.cit, p 673
علمهم ،بالفضاء العام لألنترنت باعتبار هذه الطريقة تشكل عائقا امام ممارسة
حقهم في التعرض.654
واجماال يمكن القول ان املشرع املغربي اعتبر هذه الجريمة جنحة ضبطية،
ونص على عقوبة مخففة لها مقارنة بنظيره الفرنس ي الذي عاقب عليها في املادة
886/32من قانون العقوبات بالحبس ملدة خمس سنوات وغرامة مالية قيمتها
شخص ،بالنظر الى مهامه مكلف بمعالجة معطيات ذات طابع شخص ي ،يتسبب
املعالجة او املستلمة ،او يوصلها ألغيار غير مؤهلين ،يعاقب بالحبس من ستة اشهر
على ذلك يمكن للمحكمة ان تقض ي بحجز املعدات املستعملة في ارتكاب هذه
املخالفة ،وكذا بمسح كل املعطيات ذات الطابع الشخص ي موضوع املعالجة التي
654
Yves Mayaud,op cit, p 674
655
المادة 8/5من القانون 02-08
وبالرجوع الى مضامين الفصل ،63فلكي تعتبر الجريمة قائمة ،يلزم ان
الغايات من معالجة املعطيات ذات الطابع الشخص ي ووسائلها ."...اما املعالج من
هيئة أخرى تعالج املعطيات ذات الطابع الشخص ي لحساب املسؤول عن
صعوبة على مستوى دقة العبارتين ،ويمكن القول بان االستعمال يكون تعسفيا
الشخصية .657وفيما يتعلق بإيصال املعطيات الى اغيار غير مؤهلين ،فيقصد به
ارسال هذه املعطيات الى اشخاص يمنع القانون توصلهم بها .وال يشترط هنا تسبب
هذا االمر في املس بالحياة الخاصة للشخص املعني بل تعتبر الجريمة قائمة بمجرد
إيصال املعطيات الشخصية الى اغيار غير مؤهلين باستالمها .ومن النوازل في هذا
كهرباء فرنسا» ، «EDFوفي وقائعها توصل عدد من األشخاص عند انتقالهم الى
منازلهم الجديدة .وبعد تحري املعنيين باألمر ،تبين ان االمر يتعلق بشركة الكهرباء
،مما دفعهم الى تقديم شكوى الى اللجنة الوطنية للمعلوميات والحريات التي
قامت بدورها بالتحريات الالزمة التي يجيزها لها قانون 6يناير ، 3292فتوصلت
الى ان شركة التامين تسير أنشطتها عن طريق نظام للمعالجة االلية للمعلومات
االسمية دون ترخيص بذلك من قبل اللجنة املذكورة ،وان املعلومات املبرمجة قد
حصلت عليها بصورة غير مشروعة بمساعدة بعض مستخدمي شركة كهرباء فرنسا
مقابل مبالغ مالية وهو ما أدى الى متابعة مسؤولي شركة التامين وعمال شركة
الكهرباء املتورطين امام محكمة باريس االبتدائية التي ادانت في حكمها الصادر
-املعالجة دون رض ى الشخص املعني باألمر :تنص املادة 56من القانون -12
12على انه "يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر الى سنة وبغرامة من 81111الى
ذات طابع شخص ي خرقا ألحكام املادة 4أعاله" .اما جريمة االعتداء على حقوق
الشخص املعني ،فقد نصت عليها املادتان 51و 52من القانون .12-12وتكون هذه
باملعالجة رغم تعرض الشخص املعني ،ويعاقب عليها بغرامة مالية من 81111الى
811111درهم ،او إذا تمت معالجة املعطيات ذات الطابع الشخص ي التي تهم
658نائلة عادل محمد فريد قورة" ،جرائم الحاسب االلي االقتصادية ،دراسة نظرية وتطبيقية" ،منشورات الحلبي الحقوقية ، 8006 ،ص
808
شخصا ذاتيا رغم تعرضه ،إذا كان هذا التعرض مبنيا على أسباب مشروعة ،او
إذا كان الغرض من املعالجة القيام بأعمال االستقراء ،ال سيما التجاري ،على نحو
ما هو منصوص عليه في املادة 2من هذا القانون او عبر وسائل الكترونية وفق
املادة 31من هذا القانون ،وحددت العقوبة على هذا الفعل في الحبس من ثالثة
العقوبتين.
وتجدر اإلشارة أخيرا ،الى ان جريمة االعتداء على حقوق الشخص املعني
بصورتيها هي جريمة شكلية ال يشترط لقيامها تحقق نتيجة معينة كإلحاق الضرر
بالحياة الخاصة للفرد ،بل تكون الجريمة قائمة بمجرد رفض حقوق الشخص
اما فيما يخص الجرائم املاسة بالقواعد الشكلية للمعالجة ،فنذكر منها
جريمة املعالجة في غياب التصريح او االذن ،التي نصت عليها املادة 58من القانون
12-12التي جاء فيها انه ":دون املساس باملسؤولية املدنية اتجاه األشخاص الذين
كل من انجز ملف معطيات ذات طابع شخص ي دون التصريح بذلك او الحصول
على االذن املنصوص عليه في املادة 38أعاله او واصل نشاط معالجة املعطيات
ذات الطابع الشخص ي رغم سحب وصل التصريح او االذن .اما جريمة معالجة
املعطيات الحساسة بدون رض ى مسبق ،فقد جاء النص عليها في املادة .59
الجهات التي ال تحترم املقتضيات والقواعد املتعلقة بحماية املعطيات ذات الطابع
الشخص ي ويمكن ان ترتقي هذه العقوبات الى الطابع الجنائي حسب مستوى
خطورة املخالفات املرتكبة ،حيث قد تصل العقوبات الى سنتين حبسا وغرامة
قدرها الف درهم على كل جهة تعمل على معالجة معطيات ذات طابع شخص ي،
دون موافقة صريحة من األشخاص املعنيين ،تبين بشكل مباشر او غير مباشر
النقابية لألشخاص املعنيين او املتعلقة بصحتهم .كما يعاقب بثالثة أشهر وبغرامة
تتراوح بين 81111الى 811111درهم او بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،كل من قام
او عمل على القيام بمعالجة معطيات ذات طابع شخص ي دون انجاز اإلجراءات
الهادفة الى حماية املعطيات املنصوص عليها في املادتين 81و 84من هذا القانون،
وتطبق نفس العقوبات على كل من قام بمعالجة معطيات ذات طابع شخص ي تهم
شخصا ذاتيا رغم تعرضه ،خصوصا إذا كانت املعالجة ذات طابع تجاري ،او في
حالة نقل معطيات ذات طابع شخص ي نحو دولة اجنبية خرقا ألحكام املادتين 41
وبحرمة حياتهم الخاصة ،مما فرض على املشرع املغربي التحرك السريع
واالستجابة ملبدأ الشرعية الجنائية وذلك بسن قوانين وتعديل أخرى لضمان
الحماية القانونية الكافية للحق في الحياة الخاصة .وهكذا أدخلت تعديالت على
449عددا من األفعال التي اعتبرها ماسة بحرمة الحق في الحياة الخاصة خصوصا
او نقل الصورة .659حيث جرم املشرع املغربي التشهير باعتباره يمس بكرامة االفراد
وشرفهم وذلك ببث او توزيع صور للمس بحياتهم الخاصة وهو ما نص عليه
الفصل 449-8من القانون الجنائي الذي جاء فيه انه ":يعاقب بالحبس من سنة
واحدة الى ثالثة سنوات وغرامة من 8111الى 81111درهم ،كل من قام باي وسيلة
بما في ذلك األنظمة املعلوماتية ،ببث او توزيع تركيبة مكونة من اقوال شخص او
صورته ،دون موافقته ،او قام ببث او توزيع ادعاءات او وقائع كاذبة ،بقصد املس
وتتحقق جريمة التقاط او تسجيل او نقل الصورة في حاالت ثالث :اولها إذا
قام الفاعل بتثبيت او تسجيل او بث او توزيع صورة شخص اثناء تواجده في مكان
659كمال شكوك" ،الحق في الصورة" ،بحث لنيل الماستر في القانون المدني ،جامعة ابن زهر،اكادير ،8086ص 25
خاص دون موافقته ،عمدا او باي وسيلة ،وتكون العقوبة هي الحبس من ستة
الفصل 3-449من القانون الجنائي (الفقرة الثانية) ،ثانيها ان قام الشخص ببث
او توزيع تركيبة مكونة من اقوال شخص او صورته دون موافقته ...فان العقوبة
تكون بالحبس من سنة واحدة الى ثالث سنوات وغرامة من 8111الى 81111درهم
الجريمة من طرف الزوج او الطليق او الخاطب او احد الفروع او احد األصول او
بسبب جنسها او ضد قاصر ،ترفع العقوبة الى الحبس من سنة واحدة الى خمس
القانون الجنائي.
وفي نفس إطار حماية حرمة الحق في الحياة الخاصة ،حرص املشرع املغربي
على ايالئه مساحة مهمة من االهتمام ضمن بعض القوانين الخاصة كالقانون -31
22املتعلق بالصحافة والنشر الذي جرم القذف واملس بالحياة الخاصة .وقد تم
تعريف هذا الجرم في املادة 21من قانون الصحافة على انه« :يعد قذفا ادعاء
واقعة او نسبتها الى شخص او هيئة ،إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف او اعتبار
الشخص او الهيئة التي نسبت اليه او اليها" ،كما عرفه القضاء املغربي على انه
االدعاء او االتهام علنا بواقعة محددة تمس شرف واعتبار الشخص املنسوبة له.660
والقذف املجرم من وجهة نظر املشرع قد يكون موجها الى شخص ذاتي او شخص
موجها الى األموات .ومن جهة أخرى ،وطبقا لنص املادة 22التي تعتبر تدخال في
الحياة الخاصة "كل تعرض لشخص يمكن التعرف عليه وذلك عن طريق اختالق
بحياتهم الخاصة ما لم تكن لها عالقة وثيقة بالحياة العامة او تأثير على تدبير
الشأن العام" .وقد ايدت محكمة النقض هذا التوجه في احدى قراراتها التي جاء
فيها ان "لكل انسان الحق في االعتراض على نشر صورته بدون اذن منه ،ورتب على
نشر صورة الشخص بدون اذنه الحكم بتعويضه جبرا للضرر الناتج عن الفعل
الضار".661
ويعاقب هذا التدخل في الحياة الخاصة إذا تم نشره دون موافقة الشخص
العقوبة املنصوص عليها في الفقرة الثانية من املادة 25إضافة الى احتمال الحكم
بتعويض مدني.
660قرار صادر عن محكمة االستئناف ،رقم 8788بتاريخ 8000/88/88ملف رقم 8000/8/8000المحاكم المغربية،ع 22ص
805
661قرار محكمة النقض عدد 0887بتاريخ /06/8008 82ملف مدني رقم 8008/0/8775
وال تعتبر جرائم الصحافة قائمة اال إذا نتجت عن النشر كيفما كانت
كما يعاقب نفس القانون على نشر أفعال السب والقذف بشكل مباشر او
بالنقل عن مصدر اخر ،وللضحية الحق في اختيار الجهة التي يرغب في متابعتها
قبل البث في دعوى السب والقذف او اإلساءة للحياة الخاصة او الحق في الصورة
عبر تمكين املحكمة من ان تامر بحجز كل عدد من املطبوع الذي نشرت فيه املادة
وفي ختام هذا العمل نقول ان حرمة الحق في الحياة الخاصة من الحقوق
االصيلة للفرد ،لكنه ليس حقا مطلقا وال يجب ان ينسينا بعض االستثناءات التي
662شرفة البقالي" ،الحق في الصورة ،اية حماية (على ضوء قانون الصحافة الجديد)" ،مجلة المعيار ،عدد ،50يونيو 8082
يمكن ان تحد منه او تقننه بشكل خاص دون تعسف إذا تعلق االمر بإكراهات
تمس امن وسالمة الدولة واملجتمع او وجود عناصر من الحياة الخاصة مرتبطة
بالحياة العامة ككل .وقد عمل املشرع سواء وطنيا او دوليا على صياغة القوانين
الحديثة .لكن يجدر القول كذلك ان مسؤولية هذه الحماية ال تقع فقط على عاتق
املشرع ،بل تخاطب الوعي املجتمعي عموما بضرورة صون هذا الحق.
املراجع:
مؤلفات ودراسات
عبد املجيد كوزي "الحماية القانونية للحياة الخاصة في املجال
املعلوماتي"8132 ،
بولين انطونيوس ":الحماية القانونية للحياة الشخصية في مجال
املعلوماتية دراسة مقارنة " منشورات الحلبي بيروت.8112
علي احمد عبد الزغبي" ،الحق في الخصوصية في القانون الجنائي-دراسة
مقارنة" املؤسسة الحديثة للكتاب ،لبنان الطبعة األولى 8116.
احمد فتحي سرور" ،الحماية الجنائية ألسرار االفراد في مواجهة النشر"،
دار النهضة العربية.3223 ،
وليد سليم النمر" ،حماية الخصوصية في االنترنت-دراسة مقارنة" ،دار
الفكر الجامعي ،الطبعة األولى 8139
نائلة عادل محمد فريد قورة" ،جرائم الحاسب االلي االقتصادية ،دراسة
نظرية وتطبيقية" ،منشورات الحلبي الحقوقية8116 ،
عفيفي كامل عفيفي" ،جرائم الكمبيوتر وحقوق املؤلف واملصنفات الفنية
ودور الشرطة والقانون ،دراسة مقارنة" ،منشورات الحلبية الحقوقية،
لبنان8111
أسامة عبد هللا قايد " ،الحماية الجنائية الخاصة وبنوك املعلومات،
دراسة مقارنة" ،دار النهضة العربية ،ط ،8القاهرة 3222
Jean carbonnier (J) « le droit à etre laissé tranquille » droit civil
Tom1 -
John .H.F shattuck : « right of privacy » copyright by national test
book company 1977 -
J. Carbonier « Droit civil, les personnes », T.I, PUF, 1990, 17e ED-
Monique Raymond, « Le secret de la vie privée, et l’information
en droit privé », 1978-
Nerson Roger, « La protection de l’intimité »-
André Lucas, Jean Deveze et Jean Frayssinet, « Droit de
l’informatique et de l’Internet », presses universitaires de
France,Economica, Paris 2001
Michel Bibent, « Le droit de traitement de l’informatique » »,
Nathan/ HER, Paris 2000-
Yves Mayaud, Code pénal, 106e éd. Dalloz, Paris 2009
Christian Féral-Schuhl, Cyberdroit, « Le droit à l’épreuve de
l’Internet »,3e édition, Dunod, Paris , 2002
Christopher John Millard, « Légal protection of computer
programmes and Data », sweet a Marwell, 1985-
مقاالت وتقارير، بحوث،رسائل
" الحق في حرمة الحياة الخاصة ومدى، ادم عبد البديع ادم حسين
رسالة الدكتوراه في،" دراسة مقارنة،الحماية التي يكفلها له القانون الجنائي
8111 ، جامعة القاهرة،الحقوق
، بحث لنيل املاستر في القانون املدني،" "الحق في الصورة، كمال شكوك
.8136 اكادير،جامعة ابن زهر
"حرمة املسكن بين حماية الحق في الحياة الخاصة وضرورة، بشرى ناده
، بحث لنيل املاستر في العدالة الجنائية والعلوم الجنائية،"العدالة الجنائية
8136 فاس،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا
فبعدما كانت نظرية املخاطر يقتصر تطبيقها على األغيار فحسب ،توسعت
لتشمل فيما بعد املتعاونين مع املرافق العمومية ،مسخرين كانوا أو متطوعين ،ثم
توسعت أكثر لتشمل حتى املرتفقين ،وخصوصا املنتفعين من خدمات املرفق العام
الطبي؛ فهذا األخير تطورت فيه تطبيقات املسؤولية الطبية بناء على نظرية املخاطر
بشكل واضح ،في سبيل حماية حقوق املتضررين بصفة خاصة ،وحقوق اإلنسان
بصفة عامة .وهذا يدفعنا نحو طرح التساؤل التالي :إلى أي حد استطاع القاض ي
اإلداري املغربي التوسع في تطبيق مسؤولية املرافق العامة الطبية حماية لحقوق
املتضررين من أنشطتها اإلدارية املادية واملشروعة؟ و يفرض هذا التساؤل طرح
تساؤل آخر حول مدى مسايرة القضاء اإلداري املغربي الجتهاد القضاء اإلداري
الفرنس ي في تطبيق نظام املسؤولية بال خطأ للمرفق العام الصحي؟
ولقد عرفت مسؤولية املرفق العام الطبي بدون خطأ تطورا كبيرا ،663حيث
لم تعد مسؤولية هذا األخير قائمة على أساس الخطأ فحسب ،بل أضحى في اإلمكان
قيامها ولو في غيابه أو باألحرى تعذر إثباته؛ ويظهر ذلك في تحميل هذا املرفق
مسؤولية التعويض عن األضرار التي يمكن أن تصيب املرتفقين ،سواء لحظة
خضوعهم ملخاطر عالج استثنائي (املبحث األول) ،أو لحظة خضوعهم لتلقيح
إجباري (املبحث الثاني) ،أو لحظة إجراء عملية نقل الدم إلى أجسام بعض املرض ى
املحتاجين إلى هذه املادة الحيوية والخطرة في ذات الوقت (املبحث الثالث).
لم يكن في السابق يستفيد من املسؤولية بناء على فكرة املخاطر إال األغيار
واملتعاونين مع اإلدارة ،أما اليوم فقد أصبح بإمكان حتى املرتفقين من خدمات
املرفق العام ،وتحديدا املرفق العام الطبي االستفادة من هذا النظام القانوني
االستثنائي للمسؤولية اإلدارية.
- 663لمزيد من التفاصيل ،انظر عبد الخالق امغاري" ،المسؤولية اإلدارية بدون خطأ :دراسة في نظريتي المخاطر
والتضامن الوطني" ،بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،تخصص القضاء اإلداري ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية سال ،السنة الجامعية ،7008/7001ص.31-12 :
664
- "Dans le cas de figure de l’affaire Bianchi, au contraire, l’acte est accompli dans
l’intérêt exclusif du malade".
انظر د .محمد فؤاد عبد الباسط ،تراجع فكرة "الخطأ" أساسا لمسؤولية المرفق الطبي العام ،منشأة المعارف،
اإلسكندرية ،الطبعة األولى ،5117،ص 06 :الهامش رقم (.)0
C.E, Ass, 9 Avril 1993, Bianchi - 665
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ،ص 052 :و.056 667
وفقدان للتوازن ،وبدت عليه عالمات الشلل في الجانب األيمن من الوجه ،مما
تطلب نقله إلى املستشفى العام .و حيث تبين ـ ـ و ليس تيقن ـ ـ من خالل الفحص
اإلكلينيكي لحالته باحتمال وجود خلل ما في الجزء الدماغي ،فقد وصف له تصوير
شعاعي مفصلي تحت التخدير العام ،وعند إفاقته من التخدير ،اتضح إصابته
بشلل رباعي (األطراف األربعة).
وأمام هذا الرفض ،استأنف املدعي دعواه أمام مجلس الدولة ،الذي قض ى
في 81شتنبر 3222بإجراء خبرة حول بعض األمور الفنية الخاصة بتأثير محلول
الصيغة الالزم إلجراء األشعة ،والذي حقن به املريض فيما حدث له من أضرار بعد
ذلك ،مع استبعاد بعض دفوع املدعي.
وبعد إيداع تقرير الخبير ،تبين ملجلس الدولة الفرنس ي أن األضرار التي لحقت
بالسيد Bianchiوإن ثبت أنها نتيجة مباشرة لعمل طبي ،ولم تكن في ذات الوقت
من تبعات ونتائج مرضه األصلي الذي من أجله دخل املستشفى ،إال أنه لم يثبت
أن هذا العمل الطبي مشوبا بأي خطأ .وبالتأسيس على ما سبق ،فال يمكن انعقاد
مسؤولية املستشفى العام إال على أساس تحمل تبعة املخاطر ،وهو ما يعني إقرار
مسؤولية هذا األخير بدون خطأ.668
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ،ص 056 :و ، 053و انظر أيضا :د .محمد عبد اهلل حمود، 668
المسؤولية الطبية للمرافق الصحية العامة ،مجلة الحقوق الكويتية ،العدد األول ،السنة ،71مارس ،5116ص:
.031
إن هذه الحالة الجديدة للمسؤولية اإلدارية بدون خطأ التي ظهرت بفضل
قرار Bianchiلم يتم إقرارها إال بناء على جملة شروط ،تتسم بالشدة والصرامة،
والغاية منها عدم شل عمل األطباء على نحو يمكن في النهاية أن يضر باملرض ى
أنفسهم.
وتتمثل هذه الشروط ،حسبما ورد في القرار ذاته ،في اآلتي :
أ – أن يكون الفعل الضار عمال طبيا الزما وضروريا لتشخيص حالة املريض
ولعالجه؛ فقد امتدت صفة أو شرط اللزوم والضرورة حتى إلى عمليات التخدير
نفسها ،بالنظر إلى أن التخدير ليس بذاته وسيلة عالج واستشفاء ،وإنما وسيلة
للحد بقدر اإلمكان من آالم املريض الخاضع لتدخل جراحي .فقد أوضحت مفوض
الحكومة Mme Pécresseفي تقريرها أمام مجلس الدولة حول قضية Hôpital-
،joseph Imbertأن أغلب حاالت التدخل الجراحي ال يمكن إجراؤها دون تخدير،
مقدرة أنه ال تفرقة بهذا الخصوص بين التخدير الالزم إلجراء العملية الجراحية
التي ال يستطيع املريض تحمل آالمها ،وبين التخدير ملجرد التخلص من أي آالم ولو
كان باإلمكان احتمالها ،لتخلص إلى القول بإمكان توسيع نطاق الضرورة املستوجبة
بحكم Bianchiفي العمل الطبي ،ليشمل أيضا بقضائه ما يكون الزما لتنفيذ العالج
ولو لم يكن بذاته وسيلة استشفاء ،وهو ما استجاب إليه املجلس في قراره :
ب – انطواء هذا العمل الطبي على مخاطر طبية معروفة في ذاتها ،غير أن
تحققها فعال يظل مع ذلك أمرا استثنائيا؛ ففي الواقعة محل القرار كان الخطر
يمثل ( )4 - 1حوادث لكل ( )3111حالة تصوير شعاعي مفصلي فقري " ،بمعنى
أن األمر يتعلق بحادثة نادرة إحصائيا".671
فهو إذن ،عمل طبي يتضمن خطرا استثنائيا غير مألوف ،لكنه نادر الحدوث
وغير مستبعد كليا .672فحينما أجريت األبحاث والدراسات تبين نجاعة هذا العالج
أو هذه الوسيلة العالجية ،كما تبين أنه من املمكن أن تحدث ضررا أو خطرا على
بعض املرتفقين من خدمات املرفق العام الطبي ،ولكن نسبة حدوثها استثنائية.
والنتيجة أن هذه املخاطر معلومة ال مجهولة ،إال أن حدوثها أمر نادرا جدا ،ومن
ثم فاملسؤولية ال تتقرر في مثل هذه الحالة إال على أساس فكرة مخاطر العالج
االستثنائي.
ج – عدم وجود أي دالئل تشير إلى كون املريض معرضا بصفة خاصة لهذه
املخاطر673؛ يتعين عدم توافر العالمات والفحوصات الكاشفة والدالة على أن حالة
املريض املعالج توضح قابليته أصال لهذه املخاطر ،فإذا ما حدث له أي ضرر ناتج
عن ذلك العمل الطبي الالزم والضروري فله الحق في رفع دعوى التعويض على
أساس املخاطر.
- 670د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المصدر السابق ،ص . 013 – 017 :وانظر كذلك :د .محمد عبد اهلل حمود،
المرجع السابق ،ص.031 :
-د .محمد حمود ،المرجع السابق ،ص.032 : 671
672
- “ C’est un risque dont la survenance est exceptionnelle, c’est –à – dire à fait inhabituelle
au regard de l’évolution normale que connaît un patient soumis à un examen en un traitement
“ médical
انظر :د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ،ص 020 :و .025
-نفس المرجع السابق ،ص.027 : 673
فهذا الشرط ضروري ومنطقي ،إذ لو كانت هذه األضرار من تداعيات املرض
األصلي لفقدت طابعها االستثنائي ،وهو لذلك يتكامل مع شرط عدم وجود أي
دالئل تشير إلى قابلية املريض بصفة خاصة للتعرض للمخاطر محل النظر ،ويجب
أن تحدث هذه األضرار أو املخاطر وقت تنفيذ العالج وليس بعده.675
يالحظ إذن ،أن مجلس الدولة الفرنس ي بقدر ما هو ماض في توسيع حاالت
وتطبيقات املسؤولية دون خطأ على أساس املخاطر على املستوى األفقي ،بقدر ما
يجتهد لوضع ضوابط وشروط تضيق من تطبيقها بشكل واضح على املستوى
العمودي ،بغية التوفيق بين املصلحة العامة التي يسعى لبلوغها املرفق العام
الطبي ،وبين املصلحة الخاصة لحقوق املرض ى املتضررين من نشاط هذا األخير،
وذلك "تحقيقا العتبارات العدالة وإعماال للمبادئ الدستورية العامة".676
ورغم صرامة تلك الشروط التي وضعها مجلس الدولة الفرنس ي على إثر قراره
املبدئي في قضية السيد ،Bianchiفإن ذلك لم يمنعه وباقي املحاكم اإلدارية
-المرجع السابق ،ص 021 :و 022وانظر كذلك :د .محمد حمود ،المرجع السابق ،ص.032 : 674
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ،ص 022 :الهامش رقم (.)0 675
-د .محمد عبد اهلل حمود ،المصدر السابق ،ص.011 : 676
ومحاكم االستئناف اإلدارية ،من تطبيق وتوسيع هذا القضاء بل وتثبيته حتى يصير
مبدأ من املبادئ الكبرى للقضاء اإلداري الفرنس ي .ويتأكد ذلك من خالل عدة
قرارات وأحكام منها :
هذا ،ويالحظ أن القضاء املغربي سبق وأن أصدر قرارا مثل قرار Bianchi
السالف الذكر ،و يتعلق األمر بقرار ملحكمة االستئناف بالرباط في قضية ،Pasquis
بتاريخ 4يناير .3241وتتلخص وقائع هذه القضية في أن السيد ،Pasquisالذي
كان يزاول مهنة تقني في القطاع الفالحي ،دخل إلى املستشفى العمومي ملدينة
( Mazaganالجديدة حاليا) في 39أبريل 3216وهو في أوج قوته وشبابه ،قصد
تلقي العالج من مرض حاد ألم به ،وفور دخوله للمستشفى وصف له الدكتور
Delanoéعالجا ،يتمثل في حقنه بثالث حقن من مادة Intramusculaire
،Quininaxخالل أيام 32،39و 32أبريل ،وفي اليوم الرابع ـ أي في يوم 81أبريل ـ
حقن أحد املمرضين املدعي املذكور ،فأصيب بشلل في اليوم التالي ،أي في يوم 83
أبريل ،وعلى إثر ذلك نقل حاال إلى مستشفى آخر بالدار البيضاء ،حيث خضع للعالج
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ،ص ،143 :الهامش رقم (.)0 677
في هذا املستشفى األخير ملدة 1سنوات ،خرج بعدها وقد أصيب بعجز جزئي دائم
يقدر بنسبة .60%678
ففي هذه القضية ،أكدت محكمة االستئناف أنه "إذا كان هناك خطر جسيم
في تقديم عالج ولو لم تكن له صبغة جديدة صرفة ،وجب أن ال يتحمل املريض
وحده هذا الخطر ،بل أن يقتسمه مع املرفق الذي طبقه تطبيقا غير مالئم".679
فقد استبعدت املحكمة املذكورة فكرة قيام املسؤولية في هذه الحالة على الخطأ
الثابت ،لتقيم مسؤولية املرفق العام الطبي بناء على املخاطر؛ ألن نتائج العالج
الذي تضرر منه السيد Pasquisكانت ضارة وجسيمة ،و لكنها لم تكن متوقعة.
و هكذا ،يبدو أن الشروط التي وضعها مجلس الدولة الفرنس ي من خالل قرار
،Bianchiوالتي على ضوئها استحق هذا األخير تعويضا بناء على نظرية املخاطر،
هي تقريبا نفسها التي أقر بموجبها "القضاء املغربي" مسؤولية الدولة املغربية عن
األضرار الجسيمة التي لحقت السيد .Pasquis
وهذا يعني ،أن القضاء املغربي يرجع له الفضل مسبقا ،بنحو أكثر من نصف
قرن ،في ابتكار وابتداع حالة جديدة من حاالت مسؤولية اإلدارة بناء على املخاطر،
وهي مسؤولية ترتبط بفكرة مخاطر العالج االستثنائي التي لم يكتشفها أو يطبقها
القضاء اإلداري الفرنس ي إال في العقد األخير من القرن املاض ي .680والغريب أن
الفقه والقضاء املغربيين لم يتوقفا مليا عند قرار ، Pasquisولم يعيراه االهتمام
678
- C.A.R, 4 Janvier 1940, Pasquis, N°2122, Recueil des arrêts d’appel de Rabat,
Tome X, Années 1939 -1940, Rabat, Imprimerie officielle, 1941, p : 422-425.
- 679د .ادريس البصري وآخرون ،القانون اإلداري المغربي ،المطبعة الملكية ،الرباط ،الطبعة األولى للنص العربي،
،0111ص.216 :
-ألن قرار مجلس الدولة الفرنسي في قضية Bianchiلم يصدر إال في 1أبريل .0117 680
البالغ ،رغم أنه يتشابه إلى حد كبير مع قرار ،Bianchiمن حيث استعمال وسيلة
عالجية تقليدية "غير مبتكرة" تنطوي على مخاطر جسيمة.681
لكل ذلك ،يتوجب على الفقه والقضاء اإلداريين املغربيين إعادة االعتبار ملثل
هذا القرار املبدئي النموذجي ،بإحيائه وتطبيقه في حالة ما إذا عرضت على املحاكم
اإلدارية ومحاكم االستئناف اإلدارية ببالدنا قضايا من هذا القبيل ،ليساهم
القاض ي اإلداري املغربي – وكما عودنا – في حماية حقوق املرض ى من جهة،
وليواكب التطور الذي عرفه القضاء اإلداري الفرنس ي من جهة أخرى .682ثم إن
التطور الكبير الذي جاء به قرار Bianchiواملتعلق بحالة املرتفق الخالص ما هو
إال تتويج ملسار قضائي بدأ مع قرار ،Gomezويتجه نحو توسيع املسؤولية على
أساس املخاطر في املجال الطبي.
-د .ميشيل روسي ،المنازعات اإلدارية بالمغرب ،ترجمة د.محمد هيري و د .الجياللي أمزيد ،مطبعة 681
المعارف الجديدة ،الرباط ،،ص ،515 :ود .أحمد ادريوش ،مسؤولية مرافق الصحة العمومية ،البوكيلي للطباعة
والنشر والتوزيع ،القنيطرة ،الطبعة األولى ،،0111 ،ص.55 :
-لقد سبق أن وصف األستاذ روسي القرار الصادر في قضية Pasquisبأنه " :ابتكار مثير لالهتمام، 682
وتجسيد للبيرالية القاضي إزاء الضحية" ،انظر د.ميشيل روسي ،المرجع السابق ،ص.517 :
-الباحث أحمد عيسى ،مسؤولية المستشفيات الحكومية ،دراسة مقارنة ،رسالة لنيل ماجستير في القانون العام، 683
منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى ،5111 ،ص .33- 36 :وانظر كذلك د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع
السابق ،ص.061 :
وفي هذا الصدد ،قضت محكمة االستئناف اإلدارية ملدينة ليون الفرنسية في
قرارها الصادر عنها بتاريخ 83دجنبر 3221في قضية عائلة ،684 Gomezبأن
استخدام التقنيات العالجية الحديثة قد سبب ضررا جسيما غير عادي للمريض
املعالج ،الذي يعتبر من املنتفعين بخدمات املرفق العام الطبي .فقد تم عالج الفتى
Gomezالذي كان في الخامسة عشر من عمره واملصاب بتشوه في العمود الفقري
بطريقة جديدة تسمى طريقة ( ،)luquéوعلى إثر هذا العالج الجديد أصيب بأضرار
استثنائية ،جعلته يعيش باقي أيامه مشلول األطراف السفلى.685
و إزاء عدم تحقق الفائدة التي تعود على املرتفقين من نشاط املرفق العام
الصحي كما هو الشأن في حالة السيد ،Gomezوالتي تتمثل في إعطاء املريض
-الباحث أحمد عيسى ،المرجع السابق ،ص 31 :وانظر أيضا :محمد عبد اهلل حمود ،المرجع السابق ،ص: 685
.037
العالج املالئم الذي يحقق شفائه من املرض الذي يعاني منه ،لم يتردد القاض ي
اإلداري الفرنس ي في إقرار املسؤولية دون خطأ للمرفق املذكور .686وهو ما يعني
وجوب تعويض املتضرر بدون خطأ ،بسب الضرر االستثنائي الذي تعرض له
املتضرر ،سيما وأن صحة املريض لم تكن تستدعي اللجوء إلى هذا األسلوب الجديد
من العالج.687
الشرط األول :أن يلجأ الطبيب إلى أسلوب عالجي ال تكون نتائجه معلومة
تماما وبصورة كاملة :ففي قضية ،Gomezلم يكن أسلوب العالج الذي يدعـى بـ
Luquéشائعا ومنتشرا بعد .فقد استخدم أوال في الواليات املتحدة األمريكية ،ولم
يتم استخدامه في فرنسا إال ابتداء من سنة ،3221كما لم يتم إجراء سوى عدد
محدود من العمليات وفق هذا األسلوب ،إضافة إلى أن نتائجه لم تكن معلومة
تماما نظرا لضآلة وقلة عدد العمليات التي استخدم فيها هذا األسلوب العالجي
الحديث .والسؤال املطروح -كما طرحه الباحث أحمد عيس ى – هو في أي وقت
يصبح األسلوب العالجي عاديا ومعلوم النتائج ؟ وما هو عدد املرات التي يجب فيها
استعمال األسلوب العالجي الجديد لكي يصبح معروفا؟ .أسئلة قد ال نجد لها
أجوبة ،إال بالعودة إلى األطباء أهل الخبرة واالختصاص في مجال علم الطب ،مادام
بإمكان القاض ي اإلداري االستعانة بهم.688
الشرط الثاني :أن ال يكون األسلوب العالجي الجديد ضروريا للمحافظة على
حياة املريض :ففي قضية Gomezدائما ،يالحظ أن حياة هذا األخير لم تكن مهددة
بالخطر ،ومن ثم فالطبيب ليس مضطرا وال مجبرا للجوء إليها ،ومع ذلك لجأ إليها
بقصد عالج املريض أو التخفيف من آالمه ،فمثل هذه الحالة تستوجب إقرار مبدأ
التعويض عن األضرار الجسيمة الناشئة عن استخدامها على أساس فكرة مخاطر
العالج االستثنائي.689
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ،ص ،11 :والباحث أحمد عيسى ،المصدر السابق ،ص.36 : 691
من قبيل الخطأ الطبي الجسيم استعمال طريقة عالج ملجرد أنها لم تكن األفضل
بين الطرق املتاحة لذلك ،مادام ال يشوبها أي مخالفة لقواعد وأصول ممارسة
املهنة ،692وهو ما كان من شأنه في مثل هذه القضية انتفاء املسؤولية؛ ألن هذه
األخيرة لم تكن قائمة ،وفقا للقضاء املتجاوز الحقا ،إال على أساس الخطأ الجسيم
كلما تعلق األمر بمرفق من مرافق الصحة العمومية.
ثم إن نظام املسؤولية على أساس املخاطر كان قاصرا على الغير فقط ،فجاء
قرار Gomezو قرار Bianchiالسالفي الذكر ،فأكد من خاللهما القاض ي اإلداري
إمكانية استفادة كل مرتفق من خدمات املرفق العام بوجه عام ،واملرفق العام
الطبي بوجه خاص ،من نظام املسؤولية اإلدارية دون خطأ وعلى أساس املخاطر
تحديدا؛ ألن كل واحد منهما لم يجن أي فائدة من املرفق املذكور ،بقدر ما أصيب
بأضرار استثنائية فادحة الخطورة والجسامة ،تستدعي لزوما تعويض املتضررين
منها تعويضا عادال ولو في غياب الخطأ.693
و جدير بالذكر ،أن اتساع نظام املسؤولية دون خطأ للمرفق العام الصحي
ليشمل حتى املرض ى على أساس نظرية مخاطر العالج االستثنائي ،سوف يحمي
حرية الطبيب الذي يمارس عمله في املستشفى العمومي في اختيار وسائل العالج
املناسبة؛ ألنه في حالة إخفاقه لن يتحمل تبعاته ،فمسؤولية املستشفى تحل محل
مسؤولية الطبيب ،ماعدا في حالة ارتكابه خطأ شخصيا ال مراء فيه .وبالتالي،
فالطبيب إذن لن يدفع التعويض من ماله الخاص بل الدولة هي التي تحل محله.
إذن ،فلماذا الخوف من إقرار املسؤولية دون خطأ للمرفق العام الطبي مادام
ثمة خطرا استثنائيا تولد عن نشاط هذا املرفق من ناحية ،ومادام التعويض على
أساس مخاطر العالج االستثنائي مقترنا ،وجودا وعدما ،بتوفر وتحقق الضوابط
-من ذلك القرار الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي C.E, 27 avril 1990, M.Mirabel 692
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ،ص 011 :و .010 693
والشروط التي حددها القضاء اإلداري الفرنس ي في مثل هذه الحاالت والقضايا،
من ناحية أخرى؟ أليس في قرار التعويض عن هذه األضرار غير العادية حماية
لألطباء أنفسهم؟ ،حيث أنها تحد من تزايد الدعاوى الجنائية املرفوعة ضدهم،
فمثل هذه الدعاوى هي التي تؤثر على حريتهم وقدراتهم في اختيار وسائل العالج
املناسبة والالزمة ،بل وقد تهدد مسارهم املنهي.694
كل هذا ،يمثل في رأي األستاذ حمدي علي عمر أحدث تطور للقضاء اإلداري
الفرنس ي في مجال استخدام الوسائل العالجية الجديدة ( )Gomezوالتقليدية
) ،(Bianchiوتطوره هذا لم يقف عند هذا الحد كما سنرى الحقا ،على اعتبار أن
القاض ي اإلداري ليس كالقاض ي العادي الذي يقف عند حدود النص القانوني،
إنما يمتــد دوره إلـى إنشاء القواعد القانونية وابتداع الحلول .695وهذا ما سيتم
تأكيده من قبل القاض ي اإلداري أيضا في مناسبات وقضايا أخرى كما هو الشأن
بالنسبة ملنتجات الدم الخطرة ،وكذا فيما يتعلق بمسؤولية الدولة عن مخاطر
التلقيح اإلجباري واالختياري على حد سواء.
يراد بالتلقيح لغة " :وضع اللقاح في الجسم إلكسابه املناعة والقدرة على
مقاومة األمراض ،ويكون التلقيح حقنا باإلبرة أو غير ذلك " .696والتلقيح والتطعيم
مصطلحان يحمالن نفس املعنى اللغوي.697
-د .جبران مسعود ،الرائد :معجم لغوي عصري ،المجلد األول ،بيروت ،لبنان،الطبعة الثالثة ،يناير ،0131 696
ص.116 :
-المرجع السابق ،المجلد األول .ص .111 :ويجدر التذكير ،أن مصطلح التلقيح مصطلح شائع التداول في 697
منطقة المغرب العربي ،على خالف مصطلح التطعيم السائد استعماله في المشرق العربي عموما.
و ينقسم التلقيح الى نوعين :التلقيح االختياري الذي يتم بمحض إرادة املعني
به ،والتلقيح اإلجباري " "la Vaccination Obligatoireهو التلقيح أو التطعيم
املفروض من قبل السلطات العمومية املختصة على األفراد ،من أجل تحصيل
فائدة عامة ترجع على املجتمع برمته ،وهذا التلقيح يتسم بطابع اإللزام واإلجبار
على املواطنين ،بغية تجنب انتشار حاالت العدوى والوباء فيه ،وفي حالة ما إذا
أصابهم ضرر خطير من جراء ذلك ،فإنه يطبق نظام مسؤولية الدولة بدون خطأ،
سواء على أساس املخاطر أو على أساس مبدأ املساواة أمام األعباء العامة.698
إن مسؤولية الدولة عن أضرار التلقيح اإلجباري يمكن أن تنبني على نظرية
املخاطر ،بالنظر الحتمال تعرض الفرد للخطر بعد إجراء هذا التلقيح ،وألنه من
الثابت أن التلقيح اإلجباري يمكن أن تنتج عنه مخاطر خاصة لبعض املرتفقين،
الذين يحق لهم مطالبة اإلدارة بتعويضهم عما أصابهم من ضرر بسببه.699
كما يمكن أن تؤسس هذه املسؤولية على أساس آخر ،وهو صحيح كذلك،
ويتعلق األمر بمبدأ املساواة أمام األعباء العامة ،حيث تسأل اإلدارة في الحالة التي
يكون الضرر ناتجا عن التلقيح اإلجباري الذي فرضه القانون ،فحينما تفرض
السلطة اإلدارية على بعض املواطنين التزاما قانونيا ،يقتض ي تحمل أعباء خاصة
باسم الصالح العام ،فيجب تعويضهم مقابل هذا العبء الخاص الواقع عليهم،
وإال اختل مبدأ املساواة بين األفراد أمام التكاليف العمومية .700والخالصة أنه " ال
يوجد مانع لدى القاض ي اإلداري في أن يحكم بالتعويض على أساس فكرة الخطر
أو مبدأ املساواة أمام األعباء العامة".701
-د .يوسف سعد اهلل الخوري ،القانون اإلداري العام ،الجزء الثاني :القضاء اإلداري،مسؤولية السلطة العامة، 698
بدون دار النشر ،الطبعة الثانية ، 0111،ص .112 :ود .حمدي علي عمر ،المرجع السابق ،ص.573 :
-د .حمدي ،المرجع السابق ،ص 572 :و .513 699
وإذا كان القضاء اإلداري الفرنس ي قد عرف ترددا واضحا فيما يخص األساس
القانوني إلقرار مسؤولية اإلدارة عن مخاطر التلقيح ،ولم يتم حسم هذا التردد إال
بتدخل من املشرع الفرنس ي ،فإن القضاء املغربي لم يعرف هذا التردد إطالقا،
سواء قبل إحداث املحاكم اإلدارية أو بعد إحداثها.
وفي هذا الصدد ،يعتبر القرار الصادر عن محكمة النقض في قضية حمو
الزويند ،بتاريخ 86نونبر ،3292أول قرار قضت فيه محكمة النقض بمسؤولية
الدولة عن األضرار الالحقة بابن املدعي املذكور نتيجة التلقيح اإلجباري ،وهي
مسؤولية غير خطئية قائمة على أساس نظرية املخاطر.702
-القرار رقم ،21 016تحت عدد ،716 :منشور بمجلة "قضاء المجلس األعلى ،0110 ،عدد ،51ص7 : 702
أورده كل من :د .أحمد ادريوش ،المرجع السابق ،ص .71 :ود .ميشيل روسي ،المرجع السابق ،ص.517 :
-ألن التلقيح ال يكون دائما بالحقن بل قد يكون كذلك بواسطة األقراص ،مادامت الغاية منه هو الوقاية وليس 703
وقضت له بالتعويض بحجة أن مسؤولية الدولة هنا ال تقوم على الخطأ" ،وهذا
القرار األخير هو الذي أيدته محكمة النقض.704
ولهذا السبب ،ارتأت املحكمة عرضها على خبرة طبية ،خلصت إلى أنه بمجرد
تلقي املدعية لتلقيح ضد داء السعر االحتياطي بتاريخ 84أكتوبر ،3224أصيبت
بشلل كامل وإعاقة نهائية أقعدتها على كرس ي متحرك ،أما نسبة العجز فقد حددها
في قضية عطوش بنعزة ضد مركز محاربة السعر التابع للجماعة الحضرية بالرباط .
الخبير بنسبة ،100%أي أن هذا العجز دائم ،فضال عن ضرورة االستعانة بشخص
آخر.
يتضح من خالل ما سبق ،الدور املهم الذي أصبح يضطلع به القضاء اإلداري
املغربي في حماية حقوق اإلنسان بصفة عامة ،وحقوق املرض ى املتضررين من
بعض العالجات الطبية بصفة خاصة ،ويتجسد ذلك من خالل إقراره ملسؤولية
اإلدارة بدون خطأ ،وعلى أساس املخاطر ،عن األضرار التي قد تصيب بعض
االختياري. امللقحين بسبب التلقيح اإلجباري أو التلقيح
هذا ،وإن مسؤولية املرفق العام الصحي القائمة على أساس املخاطر لم
تتوقف عند هذا الحد ،فقد ذهب القضاء اإلداري أبعد من ذلك حينما أقر
بمسؤوليته حتى عن املنتجات الخطرة املشتقة من الدم.
رغم أن القرن املاض ي كان قرن التقدم العلمي الهائل بصفة عامة ،وقرن
االكتشافات الطبية بصفة خاصة ،فإنه قد شهد في عقد الثمانينات أسوأ كوارث
العالج في التاريخ الحديث ،حيث انتشرت على نطاق واسع عن طريق منتجات الدم
امللوثة أمراض فيروسية ،من أبرزها وأشدها فيروس اإليدز وفيروس التهاب الكبد
" "Bو ".C
ويقصد بمنتجات الدم ،طبقا لتعريف منظمة الصحة العاملية ،تلك "املواد
العالجية املشتقة من دم اإلنسان ،وتشمل الدم الكامل ومكونات الدم الصغيرة
واملنتجات الدوائية املشتقة من البالزما" .706وقد ورد ذكرها في الفقرة األولى من
املادة 33من القانون املغربي رقم 11.24املتعلق بالتبرع بالدم البشري وأخذه
واستخدامه كما يلي " :ال يجوز أن تباشر عمليات تحضير وتسليم مشتقات الدم
ذات العمر القصير ،كالبالزما وخثارات الكريات الحمراء وخثارات الصفيحات
الناتجة عن عزل الدم الكامل إال باملرافق التابعة للدولة".707
إن مسؤولية املرفق العام الطبي عما صنفه البعض"بمنتجات الدم الخطرة"
هي حالة جديدة من حاالت املسؤولية على أساس املخاطر لصالح املنتفعين من
خدماته .فالواقع ،وكما أشار إلى ذلك تقرير منظمة الصحة العاملية السابق الذكر،
يثبت ويؤكد أنه لم يتم بعد تبديد املخاطر املقترنة بانتقال األمراض عن طريق
الدم ،خاصة وأن معظم البلدان النامية لم تحقق بعد مستويات مماثلة ،من توفير
مأمونية كافية وجودة جميع املنتجات املشتقة من الدم مثلما هو الشأن في البلدان
املتقدمة .أضف إلى ذلك ،أن ما يخضع له املريض من عمليات نقل الدم ينال
بشكل خطير من درجة التوافر ،وما يتبع من ممارسات غير مأمونة في نقل الدم
ينتقص بشدة من درجة املأمونية؛ ومثل هذه الوضعية "تعرض املريض الحتمال
حدوث مضاعفات خطيرة نتيجة لنقل الدم واإلصابة بأمراض من جرائه".708
-انظر تقرير عن المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية ،الدورة 052والتي عقدت في 3ماي 5111 706
إنه بقدر ما تنطوي عليه منتجات الدم من فوائد جمة في إنقاذ أرواح
املرض ى ،709بقدر ما قد تنطوي عليه من مخاطر قد تقلب حياة املريض أو املعالج
رأسا على عقب ،وأهل الطب أعرف الناس بذلك .ففي حالة عدم تطبيق معايير
وضوابط صارمة في انتقاء املتبرعين ،وتجهيز الدم املتبرع به ،وفحصه ،فقد تشكل
عمليات نقل الدم أو منتجاته نواقل قوية لألمراض والفيروسات الفتاكة.710
وفي السياق ذاته ،سبق وأن أكد أحد وزراء الصحة السابقين باملغرب ،عند
مناقشة قانون التبرع بالدم ،أنه " كيفما كان نوع االحتياطات في ميدان الدم ،فال
يمكن تجنب األخطار التي يمكن أن تصاحب عمليات تحاقن الدم ،ذلك أن
االختصاصيين يؤكدون استحالة تجنبها بشكل مطلق ،حيث إن اإلصابة يمكن أن
تقع في 4في كل مليون عملية تحاقن الدم" .711واليوم أصبحت حاالت نقل الدم
امللوث والفاسد تقدر بنسبة 1في كل 311.111حالة.712
ولهذا كله ،جرى التساؤل حول طبيعة املخاطر التي تتضمنها عملية نقل
الدم ،ومدى إمكانية تعويض األشخاص املرض ى املنقول إليهم دم فاسد؟ .وتتمثل
املشكلة املطروحة هنا ،في مدى مسؤولية املراكز العامة لنقل الدم عن الحوادث
الناشئة عن تلوث الدم الوارد منها ؟ وهل يمكن استبعاد املسؤولية الخطئية
للمستشفى العمومي بوصفه من تكفل بإجراء التدخل الطبي املستوجب نقل الدم
للمريض ؟.
وعموما ،هل يمكن أن تنسب املسؤولية مباشرة إلى مراكز نقل الدم أو ما
يعرف عندنا بمراكز تحاقن الدم ،أم أن املسؤولية عن نقل دم فاسد ستكون
-انظر تقرير منظمة الصحة العالمية ،المصدر السابق ،ص.5 : 710
-نقال عن تقرير لجنة الشؤون االجتماعية والصحة والشبيبة والرياضة بمجلس النواب .دوره أبريل ،0112 711
مسؤولية تضامنية يتحملها كل من املستشفى العام الذي أجرى عملية نقل الدم،
واملركز الذي سلم ذلك الدم امللوث ؟.713
واعتبارا ألهمية هذه التساؤالت ،كان تدخل مجلس الدولة الفرنس ي في األمر
الزما لحسم تعارض األحكام والقرارات القضائية الصادرة في هذا املجال عن
املحاكم اإلدارية ومحاكم االستئناف اإلدارية .وهو ما توج بثالثة قرارات هامة
وحديثة أصدرها املجلس املذكور في 86ماي ،)N’Guyen ،Jouan ،Pavan( 3225
مقررا فيها مسؤولية مراكز نقل الدم العامة عن حوادث الدم امللوث .714و هذا ما
سنتطرق إليه كما يلي:
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ،ص.501 : 713
ولم يحسم هذا التعارض بين أحكام وقرارات تلك املحاكم إال تدخل مجلس
الدولة الفرنس ي ،حيث قض ى هذا األخير بحماية املتضررين من عمليات نقل الدم،
وذلك من خالل إقرار مسؤولية مراكز نقل الدم العامة بدون خطأ ،اعتبارا من
القرارات الثالثة السابق ذكرها.
-المرجع السابق ،ص 553 :وانظر بتفصيل في نفس المرجع مختلف األحكام والق اررات األخرى ص552 : 716
– .571
ألنها تشكل أفضل وأنسب الحلول لصالح املتضرر ،وبناء عليه فقد تم نقض
قرارات محاكم االستئناف اإلدارية القاضية بغير ذلك. 717
غير أن مفوض الحكومة الفرنس ي حرص هنا على التنبيه إلى أنه إذا كان الدم
املورد إلى املستشفى العمومي سليما ،غير متصل بأي عيب من عيوب الدم الذاتية،
فإن املسؤولية في حالة وقوع أضرار ألحد املرض ى تقوم على أساس خطأ املرفق
العام الطبي ،ومثال ذلك :الخطأ في بيانات الدم أو فصيلته أو حقن املريض بحقنة
متكررة االستعمال.718
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المصدر السابق ،ص 515 :و 511و .511وفي أحد تطبيقات محكمة التنازع 718
الفرنسية ،أكدت فيه مبدأ مسؤولية مراكز الدم عن عيوب الدم الذاتية على أساس المخاطر ،مضيفة في هذا الصدد
أن :
« Cette responsabilité est de plus fort encourue lorsqu’une faute peut être relevée dans
l’organisation ou le fonctionnement d’un centre de transfusion sanguine dépendant
» d’un établissement public d’hospitalisation
أشار إليه د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ،صT.C. 14 février 2000, Ratinet 511 :
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ص521 : 719
والذي أكد فيه على نفس املبادئ التي أقرها في قرارات 86مايو ،3225وكذا قراره
في قضية Beaumerبتاريخ 11يوليوز ،3229و غيرها.720
أما في الوقت الراهن ،فقد تدخل املشرع الفرنس ي بإصدار قانون فاتح يوليوز
3222املتعلق بتنظيم مرفق الدم ،والذي دخل حيز التنفيذ في مستهل يناير 8111
من القرن الحالي .وبمقتض ى هذا القانون ،تم تركيز ممارسة أنشطة الدم والرقابة
عليها في جهتين :املؤسسة الفرنسية ،ومهمتها ممارسة نشاط جمع وتوريد نقل
الدم...الخ ،والهيئة الفرنسية لسالمة املنتجات الصحية ،وتتكلف بمهام الرقابة
واإلشراف على جميع مراكز نقل الدم ،العامة منها والخاصة ،721فأضحى
االختصاص العام للقضاء اإلداري في كل ما يرتبط باملنازعات املتعلقة باملسؤولية
عن حوادث نقل الدم؛ ألن جميع املراكز أصبحت خاضعة ملؤسسة عمومية واحدة
هي الهيئة الفرنسية اآلنف ذكرها.722
بالنسبة للمغرب ،فيالحظ أن تطبيق املسؤولية الطبية بناء على املخاطر فيما
يتعلق بالتعويض عن األضرار الناتجة عن عملية نقل الدم ال يزال محدودا ،سواء
قبل أو بعد إحداث املحاكم اإلدارية ببالدنا ،فهذه األخيرة ال تزال -في حدود علمنا
ـ متمسكة بفكرة الخطأ الجسيم إلقرار مسؤولية مرافق الصحة العمومية ،وخير
مثال على ذلك القرار الصادر عن املجلس األعلى في قضية أحمد بن يوسف بتاريخ
86مارس ،3222الذي قض ى فيه بمسؤولية مركز تحاقن الدم عن الضرر الرئيس ي
الالحق بالضحية أعاله ،املتمثل في إصابته بالتهاب كبدي من نوع "س" ،نتيجة نقل
721
- loi n° 98.535 du 1er juillet 1998, relative au renforcement de la veille sanitaire et
du contrôle de la sécurité sanitaire des produits destinés à l’homme.
انظر د .محمد فؤاد عبد الباسط ،المرجع السابق ،ص.011 :
-المرجع السابق ،ص ،501 :الهامش رقم ()0 722
دم ملوث وفاسد من الغير إلى جسمه ،في وقت كان في أمس الحاجة إلى تعويض
الدماء التي فقدها جراء إصابته بانحصار في أمعائه الرقيقة ،تسبب فيه نزيف
دموي ،فضال عن األضرار املادية والنفسية الناشئة عن الضرر الرئيس ي الجسيم
جدا.723
وإذا كانت محكمة النقض قد أسست مسؤولية مركز تحاقن الدم على أساس
الخطأ الجسيم ،وفي املقابل استبعدت مسؤولية املستشفى العمومي الذي أجريت
فيه عملية نقل دم "فاسد" ،حيث أوردت في هذا الصدد " :وحيث أنه فيما يخص
إخراج مستشفى ابن سينا من الدعوى ،فإن الحكم كان في محله عندما أخرج
املصلحة املذكورة من الدعوى" ،فإننا نتساءل كما تساءل األستاذ أحمد ادريوش
-القرار عدد ،563 :المؤرخ في ،0111/7/56 :الملف اإلداري رقم ،13/0/2/011منشور بمجلة قضاء 723
المجلس األعلى ،عدد خاص بالقضاء اإلداري ،مكتبة دار السالم ،الرباط ،يناير ،0111مجلة رقم ،20السنة
العشرون ،ص.32- 61 :
-مرسوم رقم ،5.11.51صادر في 55جمادى اآلخرة 06( 0106نونبر )0111لتطبيق القانون رقم 724
17.11المتعلق بالتبرع بالدم البشري وأخذه واستخدامه ،ج .ر عدد 1776بتاريخ 07رجب 16( 0106
ديسمبر ،)0112ص.7012 :
-انظر مقتضيات المادة 01من القانون رقم .17.11 725
عن مدى صالحية نظرية الخطأ الجسيم لتأسيس وتقرير مسؤولية املركز املذكور
في القضية أعاله؟.
وجوابا عن هذا التساؤل ،يقول األستاذ أحمد ادريوش " :ال نعتقد ذلك ،بل
نقول إن املجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا) ومعه املحكمة اإلدارية بالرباط
تركا الفرصة تفوت لتطبيق نظرية املخاطر ،وبالتالي تأسيس املسؤولية هنا على
الشطر األول من الفصل 92من قانون االلتزامات والعقود املغربي .ومما يدعم
األخذ بهذه النظرية هو أن مجال نقل الدم يعتبر من أكثر املجاالت التي تحفها
املخاطر".726
وقد بنى مجلس الدولة الفرنس ي اتجاهه في مختلف هذه القرارات على أساس
نظرية املخاطر ،ألنها هي التي تبرر إقرار مسؤولية مراكز نقل الدم العامة ،وليس
الخطأ الجسيم كما ذهبت إلى ذلك محكمة النقض في القرار الذي تمت دراسته
أعاله.
ويتضح مما تقدم ،األهمية الكبرى التي يكتسيها التوجه الحديث للقضاء
اإلداري الفرنس ي ،والذي يساهم بشكل كبير وفعال في حماية حقوق املتضررين من
حوادث نقل الدم امللوث إلى أجسامهم ،التي كانت سليمة فغدت مريضة بأعتى
وأفتك الفيروسات ،لذلك سميت – وعن حق -منتجات الدم بـ "املنتجات الخطرة"
إلى جانب كونها منتجات جد هامة .لهذا كله ،نتمنى أن يطور القضاء اإلداري املغربي
قضاءه في هذا االتجاه الحديث ،بأن يبني أحكامه وقراراته في مثل هذه النوازل
والقضايا على أساس املخاطر ،ويستبعد نظرية الخطأ الجسيم التي هجرها القضاء
اإلداري الفرنس ي.
فاملالحظ كما رأينا ،أن املسؤولية بناء على أساس املخاطر قد عرفت تطورا
كبيرا ،وهذا التطور عائد إلى أن مسؤولية املرافق العامة الطبية لم تعد حبيسة
نظرية الخطأ ،بل أضحى باإلمكان تأسيسها على املخاطر في حاالت متعددة
ومتنوعة ،القصد منها سد النقص الذي يعتري نظرية الخطأ ،خاصة الخطأ
الجسيم من ناحية ،وضمان حماية أوسع وأيسر لضحايا الحوادث الطبية من
ناحية أخرى.
بيد أن هذا التوسع الهام و"املذهل" أفقيا ،محدود عموديا بمجموعة من
الضوابط والشروط؛ إذ يالحظ أنه بقدر ما يتوسع القضاء اإلداري في تطبيقات
املسؤولية على أساس املخاطر ،بقدر ما يضيق من تطبيقها وإعمالها عن طريق
التشدد في تحقق وتوافر شروطها ،حتى ال يتوسع في تطبيقها على حساب املبدأ
واألصل العام للمسؤولية وهو الخطأ.
ومن األهمية بما كان على أن الرصيد العقاري مللك الدولة الخاص يبلغ حوالي
3.911.699هكتار بقيمة إجمالية مسجلة باملخطط الخماس ي للدولة تقدر بحوالي
569مليار درهم ،بحيث يغلب عليها الطابع القروي الذي يشكل نسبة % 62بينما
يوجد % 81منه في املدار شبه الحضري و % 2منه في املجال الحضري. 727
والجدير بالذكر على أن لتحقيق التنمية ،ال مناص من الرهان على االستثمار
سواء كان عمومي او خاص أو في صورة شراكة بينهما ،728هذا األخير جاء نتيجة
استغالل غالبية الرصيد العقاري عبر كراءات قصيرة املدى التي ال تشجع على
إنجاز مشاريع استثمارية مهمة ،وكذا نتيجة ضعف تدبير األراض ي الفالحية من
طرف شركة صوديا وصوجيطا ملحدودية تدبيرها لهذه األراض ي وذلك لعدة أسباب
وعوامل جعلت من ذلك تراجع وضعف في التدبير العمومي ،729رغم أن أحد الفقه
يقول عكس ذلك.730
على العموم ،فإن الكراء الفالحي مللك الدولة الخاص في إطار شراكة بين
الدولة والخواص ،ما هو إال عقد فالحي خاضع لنفس النصوص القانونية
والتنظيمية املنظمة للكراء الفالحي االستغاللي ،يختلف عنه في طول املدة ،إال
أنه إذا كان الكراء الفالحي لغاية استغاللية قد حسم القضاء في طبيعته
القانونية املدنية وأن املحكمة املختصة هي املحاكم االبتدائية ،فإن الكراء
الفالحي في إطار شراكة بين الدولة والخواص يعرف تدبدب قضائي حول مسألة
طبيعته القانونية التي من خاللها يتم تحديد الجهة املختصة ،هل هي املحكمة
االبتدائية أم املحكمة اإلدارية؟.
- 727محمد نبيل حرزان":منازعات الملك الخاص للدولة" ،د.ط ،مطبعة المعارف الجديدة الرباط،
س،0216:ص.15:
-728حفيظ الحر" ،الملك الخاص في خدمة التنمية جهة الشرق نموذجا" -ا ،شغال الندوة الوطنية المنظمة يومي
05و 08نونبر ،0218تحت عنوان العقار والتعمير واالستثمار ،ط األولى ،مطبعة المعارف الجديدة الرباط ،س:
،0216ص.114 :
729
-Mayoussi jelloul," La privatisation des terres agricoles récupérées par l’État",
Mémoire pur l’obtention du diplôme études supérieure en sciences juridique droit prive,
Université sidi Mohammed ben Abdellah Faculté de droit Fès, le 28 septembre 1991, P
135.
730
-Driss Garraoui , :"Agriculture et développement au Maroc" ,édition maghribines
,casablanca,1985,p :80.
وباعتبار الكراء الفالحي مللك الدولة الخاص ،هو عقد يربط بين مديرية امللك
الخاص لدولة واملكتري ،فإنه يثور إشكال يتعلق بالطبيعة القانونية لهذا العقد،
فهل يدخل ضمن العقود اإلدارية باعتبار الدولة طرفا فيه؟ أم عقد خاص كباقي
العقود الخاصة؟.
وإذا ثبتت الطبيعة القانونية وأثير نزاع قضائي بخصوص عقد كراء
العقارات الفالحية مللك الدولة الخاص ،فانه ال بد لإلدارة من ممثل قانوني في
مواجهة املكتري امام املحكمة املختصة نوعيا والتي كان للقانون والفقه دور في
اتارة هذه الطبيعة القانونية للكراء الفالحي مللك الدولة الخاص ومعه القضاء
(فقرة أولى).
الفقرة األولى :تكييف الكراء الفالحي مللك الدولة الخاص لغاية استغاللية.
يتطلب تسيير األمالك الخاصة للدولة إبرام مجموعة من العقود ،من خاللها
يمكن لدولة أن تقتني العقارات لضمها إلى رصيدها العقاري وتفويتها كما يمكنها
أن تكري أمالكها ،إلى غير ذلك من التصرفات القانونية وهي بذلك تتمتع بجميع
السلطات التي يخولها حق امللكية لشخص عادي من استعمال واستغالل
وتصرف ،كما أنها ال تتمتع في ذلك بأي امتياز بل تعامل معاملة الخواص 731فيما
هو قانوني وقضائي.
-731عمر االزمي اإلدريسي" :عقود الملك الخاص لدولة الطبيعة القانونية واالختصاص القضائي" ،منشورات
الحقوق المغربية سلسلة فقه المنازعات اإلدارية ،اإلصدار السنوي األول ،س ،0211 :ص.50 :
وبالتالي ما هي طبيعة عقد الكراء الفالحي مللك الدولة الخاص؟ ومن يمثلها
قضائيا؟
تعمد مديرية أمالك الدولة أو ما كان يعرف إلى عهد قريب بمديرية األمالك
املخزنية إلى إيجاد الصيغ التعاقدية املختلفة والتي من خاللها تعمد إلى إبرام
العديد من العقود تمكنها من القيام بمهامها من خالل هذه العمليات يتضح أنها
ذات طابع تعاقدي.
وهذه العقود ليست عقود تخضع لنظام موحد فقد يكون عقد اإلدارة عقدا
من عقود القانون الخاص يخضع لقواعد القانون الخاص وقد يكون العقد من
عقود القانون العام يخضع لقواعد القانون العام .732وبالتالي ماهي الطبيعة
القانونية لهذا العقد؟
لإلجابة عن هذا السؤال وجب بداية استحضار الشروط التي حددها الفقه
والقضاء لتمييز العقود اإلدارية عن غيرها وبعدها اسقاط هذه الشروط على عقد
كراء العقارات مللك الدولة الخاص ومالحظة ما إذا كان باإلمكان وضعها أيضا
بالعقود اإلدارية بدل عقود مدنية.
والقضاء العقد الفقه733 بناء عليه يتبين على أن أهم العناصر التي يميز بها
اإلداري ال تخرج عن العناصر التالية:
-732محمد أوزيان" :الطبيعة القانونية لعقود وديون الملك الخاص للدولة "مجلة القضاء اإلداري ،ع .الثاني ،السنة
األولى ،شتاء/ربيع ،0212ص.112 :
-733يمكن العودة على سبيل المثال أحمد أجعون "النشاط اإلداري" ،د ط ،مطبعة سجلماسة مكناس ،س ج:
،0212/0210ص .2 :وما يليها.
ومعنى هذا القول أن يكون هذا الشخص إما( :الدولة -الجماعات الترابية
-املؤسسات العامة) ومن موقع هذا العقد فالدولة هي أحد طرفي العقد لكن هذا
الشرط لوحده ليس كاف لوصف عقد الكراء الفالحي مللك الدولة الخاصة عقد
اداري ،بحيث ينبغي أن يستكمل العقد باقي الشروط األخرى.
(ب) -أن يكون العقد متعلق بتسيير مرفق عام أو تحقيق منفعة عامة
في منزلة عقد الكراء الفالحي مللك الدولة الخاص ليس هناك مجال للحديث
عن تدبير مرفق عام ،إال أن النقطة املتعلقة بتحقيق منفعة عامة تبقى محل نظر،
كون أن كراء العقارات الفالحية مللك الدولة الخاص به نوع من تحقيق املصلحة
العامة ،فلما تقوم هذه األخيرة إبرام عقد كراء من هذا النوع ،فإنها بذلك تحاول
تحقيق نوع من األمن الغذائي و رفع مؤشرات االستثمار عبر هذا القطاع ،ناهيك
على كون املداخل املتحصل عليها سوف تنفق لصالح العام.
يعني هذا استعمال شروط استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص
بدافع تحقيق املنفعة العامة ،و هذا ما ينطبق على عقد كراء العقارات الفالحية
امللك الدولة الخاص كون هذا العقد مبين الشروط 734التي يتضمنها عدم التزام
اإلدارة بالضمان ،و إلزام املكتري بالقيام بالتزاماته و تطبيق الجزاء بحقه في حالة
اإلخالل بها ،وفي مقابل هذا ال تمكن اإلدارة املكتري في هذا العقد أي امتياز ،بل
األكثر من ذلك فإنهاء هذا العقد يكون حتميا بانقضاء مدته و ال يمكن إعمال
734حسب ما جاء في الفصلين 16و 1.من دفتر الكلف و الشروط المنظم للكراء الفالحي التي تتم عن طريق
المزاد العلني بشكل اساسي.
نظرية التجديد الضمني املنصوص عليه باملادة 935من ق.ل.ع،735لكن يكون هذا
التجديد بخصوصية تميزه عن الكراء الفالحي العادي.
على العموم ،و على الرغم من كون التحليل السابق هو تحليل منطقي يجمع
بين الحقيقة القانونية و الواقعية إال أن بعض الباحثين و الفقه يتجه صوب
إسقاط الصبغة املدنية عن عقود الكراء التي تبرمها الدولة بصفة عامة و الكراء
الفالحي بصفة خاصة ،بحيث يذهب أحدهم 736إلى القول أنه بتطبيق معيار العقد
اإلداري الذي أخذ به الفقه و القضاء ،فإن العقود التي تبرمها الدولة في إطار تدبير
ممتلكاتها هي عقود مدنية بحثة ما دام أنها ال تستجمع كافة معايير العقد اإلداري
من حضور الدولة و تعلق العملية بتسيير مرفق عام أو تحقيق منفعة عامة و إتباع
أسلوب القانون العام في إبرام و تنفيد و إنهاء العقود،و بالتالي فالدولة في إطار تدبير
ممتلكاتها تتصرف كما يتصرف األفراد بكيفية عادية.
و في نفس السياق يتجه باحث 737آخر إلى القول أن األكرية التي تنظمها الدولة
أو تعطي حق االستفادة منها ال تختلف عن تلك األكرية التي يقوم بها األفراد فيما
بينهم مستندا في ذلك حسب قوله إلى كون االطار القانوني الذي ينظم عمليات
األكرية يبقى واحد سواء بالنسبة للدولة أو بالنسبة لألفراد و كون الدولة تتعامل
على هذا املستوى حيال أموالها الخاصة كشأن تعامل األفراد في أموالهم الخاصة،
و تبقى اإلشارة إلى أن التمييز الوحيد الذي يقيمه هذا الباحث بين هاذين النوعين
من األكرية هو خضوع بعض أكرية الدولة لقاعدة السمسرة العمومية كقاعدة
عامة و أساسية من قواعد املحاسبة العمومية ،و خضوع هذه األكرية لبعض
" -735ينص الفصل 615من ق.ل.ع على أنه " :اذا بقى المكتري في العين بعد انتهاء مدة الكراء و تركه المكري
فيه ،اعتبر الكراء متجددا لنفس المدة ،اذا أبرم لمدة محددة ،و لمدة سنة فالحية أي حتى حصاد المحصول القادم ،و
إذا كان قد أبرم لمدة غير محددة"
-736عز الذين أعسيسو" :عقد الكراء الفالحية" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،أكدال الرباط ،س.ج،0215/0214 :ص.116:
-737حسن الخشين":ملك الدولة الخاص :المقاربة القانونية و المالية" ،م.س ،ص.415:
من خالل هذا ،يمكن أن يستنتج من موقف هاذين الباحثين أنهم أعطوا
أحكاما عاما عن الطبيعة املدنية ألكرية عقارات امللك الخاص لدولة ولم يستثنوا
من ذلك كراء العقارات الفالحية ،لكن على العموم ومهما ما يقال فإن هذا النوع
من الكراءات له مرجعية قانونية خاضعة ملقتضيات الشريعة العامة وبالتالي فإن
لها طابع مدني.
ثانيا :موقف القضاء من طبيعة عقد الكراء الفالحي مللك الدولة الخاص.
إن موقف القضاء من طبيعة العقود التي تبرمها الدولة (امللك الخاص)
بصفة عامة ،و الكراء الفالحي بصفة خاصة ،يتجه نحو إعتبارها عقود مدنية.
من ذلك ما أكده املجلس األعلى في قرار له 738و الذي جاء فيه "إن العقود
التي تبرمها الدولة (امللك الخاص) و إن كانت تعتبر من أشخاص القانون العام
فإن عقود الكراء التي تبرمها مع الخواص بشأن أمالكها تعتبر عقودا مدنية تخضع
النزاعات فيها بإبرامها و تنفيدها ملقتضيات أحكام القانون الخاص".
و عليه تكون العقود التي تبرمها إدارة امللك الخاص لدولة في إطار تسيير
ممتلكاتها بما في ذلك عقود الكراء املنصبة على امللك الفالحي لها ،هي عقود مدنية
ما يجعل إختصاص البت بشأن منازعاتها سيؤول ال محال للمحاكم العادية ،ال
738قرار عدد ،11.5ملف إداري عدد ،140222/4/600أشار إليه أمساعف بن زيان ،م.س ص 10
محاكم اإللغاء (املحكمة اإلدارية) و ذلك تبعا ملا تنص عليه املادة 32من ق.م.م،
بحيث جاء النص القانوني بما يلي:
و هذا ما جاء في عديد من االحكام و القرارات نذكر منها على سبيل املثال ال
الحصر:
حيث جاء في حكم للمحكمة االدارية بوجدة ،739على انه "بالنظر إلى الطبيعة
املدنية للعقود التي تبرمها مع مديرية أمالك الدولة ،فإن اختصاص البت ينعقد
للمحاكم العادية صاحبة الوالية العامة في تطبيق القانون الخاص"
أما محكمة النقض -املجلس األعلى سابقا -فقد أقرت بأن عقود الكراء التي
تبرمها ادارة امالك الدولة الخاصة تخضع للقانون الخاص ،من ذلك قرارها
740الذي ورد به" :وحيث صح ما تمسكت به املستأنفة ،ذلك أن الدولة -امللك
الخاص -و إن كانت تعد من اشخاص القانون العام ،فإن عقود الكراء التي تبرمها
مع الخواص بشأن أمالكها تعتبر أساسا عقودا مدنية تخضع جميع املنازعات
املتعلقة بإبرامها و تنفيذها و فسخها ملقتضيات القانون الخاص و املنازعات
املعروضة تتعلق باستمرار العقد الكرائي مع ورثة املكتري و هي منازعة مدنية،
لذلك فإن االختصاص ال ينعقد للمحاكم اإلدارية.
و حيث إن ثبوت الدفع بعدم االختصاص النوعي يترتب عليه اإلحالة بقوة
القانون على املحكمة املختصة عمال بالفصل 36من قانون املدنية.
739حكم عدد 425بتاريخ 12دجنبر ،0226في الملف رقم ،0228/0.2أشار اليه محمد أزيان ،األمالك المخزنية
بالمغرب ،ج ،1م.س ،ص 262
740قرار عدد ،0.ملف مدني عدد ،0222/1/4/2615بتاريخ ( ،0224/1/2غير منشور).
لكن وجود عقد كراء أبرمته الدولة في إطار القانون الخاص مع املكتري منها،
ثم تراجعها عنه بسبب عدم التزام ذلك املكتري هو ما جعل البعض يقول بتكييف
طلب عروض األثمان على أنه طلب جديد منفصل عن عقد الكراء االول-املدني -و
بالتالي فهو قرار إداري و هذا كان هو رأي املحكمة االدارية بالرباط إلى ان تدخلت
محكمة النقض و قررت خالف ذلك بأن اعتبرت إجراء طلب عروض األثمان إجراء
تمهيديا لكراء ارض الدولة و ان االمر في الحقيقة يتعلق بتنفيذ مقتضيات عقد
كراء عادي يعود البت فيه الختصاص املحاكم العادية".
وهو ما ذهبت إليه املحكمة اإلدارية بالرباط ،حيث جاء في مضمونه أنه" عدم
توافر العقد اإلداري في عقد الكراء الفالحي املبرم بين املدعي إدارة األمالك الخاصة،
يجعل املحكمة اإلدارية غير مختصة بالبت في النزاعات الناشئة عن تنفيذه".....
و حيث إن لجوء إدارة امللك الخاص للدولة بخصوص إبرام العقود املذكورة
ملسطرة عروض األثمان كما يفرض ذلك القانون املنضم مللك الدولة الخاص ال
يعني في ش يء ان االمر يتعلق بصفقة عمومية تكتس ي طابع العقد االداري الذي
تخضع النزاعات املتعلقة بتنفيذه و فسخه الختصاص املحاكم االدارية ،ولكن
لوجوب التقيد في ابرام العقود الكرائية املذكورة بمثل االجراءات التي نضمها
املشرع لهذه الغاية و أن وجود عقد االستبداد الذي حلت بمقتضاه الشركات
املستأنف عليها محل املكتري السابقة للحقوق املشاعة الراجعة ملصلحة األمالك
املخزنية ال يغير في االمر شيئا بالنسبة لطبيعة عقد الكراء األصلي املشار إليه.
و باإلضافة ملا سبق ،فقيام الدولة بوضع نهاية لعقد الكراء رغم انصرام
مدته باعتمادها على شرط في دفتر الكلف و الشروط الذي وقع عليه املكتري ،و
ذلك بواسطة رسالة وجهتها له – للمكتري – ألجل إنهاء العالقة الكرائية معه ،ال
يجعلها مستعملة لوسيلة من وسائل القانون العام حتى يمكن اعتبار تصرفها هذا
مما يدخل ضمن اختصاص القضاء االداري كما عبر عن ذلك قرار ملحكمة
النقض":742حيث انه حقا صح ما نعته الجهة املستأنفة على الحكم املستأنف ،ملا
اعتبر ان القضاء اإلداري هو املختص بالبت في النازلة بعلة أن إدارة األمالك
املخزنية استعملت وسائل القانون العام املتمثلة في الرسالة املوجهة للمكتري من
أجل إنهاء العالقة الكرائية ،في حين أنه من خالل دراسة دفتر التكاليف و لشروط
املطبقة على كراء العقارات الفالحية و املوقع عليه من طرف املكتري ،فإن املكتري
يلتزم بإفراغ املحل في أجل أقصاه 11من شتنبر املوالي لإلعالم املبلغ له عن اإلدارة،
و بذلك يتضح أن الجهة املستأنفة طبقة العقد الذي هو بمثابة شريعة املتعاقدين،
املنظم لعملية الكراء ،و ال يوجد فيه أية شروط استثنائية تجعل منه عقدا إداريا
و النزاع يتعلق بتسيير امللك الخاص للدولة ،األمر الذي يبقى االختصاص للبت فيه
للقضاء العادي"
إن كل ما سبق ذكره ال يمكن اعتباره تسليم مطلقة بالصيغة املدنية للعقود
التي تبرمها إدارة أمالك الدولة الخاصة بشأن تدبير رصيدها العقاري بما في ذلك
كراء أمالكها الفالحية ،و بالتالي جعل اختصاص البت في منازعتها هو من اختصاص
املحاكم العادية و السبب في ذلك هو إمكانية الوقوف على أحكام قضائية تعترف
بالصبغة و الطابع اإلداري لهاته العقود من تم قبول البت فيها من طرف محاكم
اإللغاء و هو ما ينطبق على عقد الكراء الفالحي املندرج في إطار شراكة بين الدولة
و الخواص ،الذي سيكون موضوع الدراسة في الفقرة املوالية.
على أية حال و بغض النظر عن التذبذبات التي عرفتها املحاكم حول طبيعة
الكراء الفالحي مللك الدولة الخاص ،فإن طبيعته القانونية تبقى مدنية ،تختص
املحكمة العادية بالبت في النزاعات املتعلقة بها ،و ذلك راجع لطبيعة املعاملة و
العالقة التي تتعامل بها الدولة في هذا العقد ،و كذلك للمرجعية القانونية التي
تنظمه ،ناهيك على ما هو عليه في إطار قطاع عام خاص الذي بدوره يعرف اختالف
قضائي .
الفقرة الثانية :الطبيعة القانونية للكراء الفالحي في إطار شراكة قطاع عام
خاص
يجب القول والتأكيد منذ البداية أن شراكة قطاع عام خاص أو باألحرى
شراكة بين الدولة و الخواص التي تقوم بها الدولة -امللك الخاص -هو عقد كراء
فالحي منظم في إطار شراكة.
ليحتدم النقاش حول إمكانية إعتبار العقود املبرمجة في إطار هذه الشراكة،
هل هي بالفعل شراكة بما تحمله الكلمة من معنى ،أم هي في األصل عقد تم إلباسه
نظام شراكة؟ و ما هي الجهة املختصة في حالة قيام النزاع؟
و بالتالي يجب معرفة تكييف هذا النوع من الكراء (أوال) ،ليتضح من خالله
الجهة املختصة في حالة قيام النزاع بين طرفي هذا الكراء (ثانيا).
أوال :التكييف القانوني للكراء الفالحي في إطار شراكة بين الدولة و الخواص.
و بالتالي فإن الشراكة التي تبرمها الدولة مع الخواص مللك ال تدخل في نطاق
هذا القانون ،بل إن مرجعيتها القانونية أو باألحرى التنظيمية التي من خاللها
تستمد اإلجراءات املتبعة إلبرامها هو منشور الوزير االول رقم .8119/18
-16العربي محمد مياد ":االستثمار في أمالك الدولة الخاصة" ،مجلة الحقوق المغربية للدراسات القانونية و
القضائية ،ط :األولى ،دون ذكر المطبعة ،ص.186 :
-12فقد جاء في المادة 1من ق 28 -10على أن "عقد شراكة بين القطاعين العام و الخاص عقد محدد المدة ،يعهد
بموجبه شخص عام إلى شريك خاص مسؤولية القيام بمهمة شاملة تتضمن التصميم و التمويل الكلي أو الجزئي و
البناء أو إعادة التأهيل و صيانة او استغالل منشاة أو بنية تحتية أو تقديم خدمات ضرورية لتوفير مرفق عمومي"
بحيث يعرف عقد الشراكة بأنه العقد الذي يكون طرفاه الدولة و أحد أو
عدة مستثمرين الذين رست عليهم الصفقة ،يخول بموجبه لذلك أو هؤالء صالحية
إستغالل امللك الفالحي الخاص لدولة ،مقابل االلتزام بتدبير و تسيير ذلك امللك
و دفتر التحمالت745 بصفة شخصية طبقا ملا ورد في عقد الشراكة
و بالتالي فإن هذا اإلطار ال يعد و أن يكون سوى عقد أضفت عليه الدولة
صبغت شراكة ،بحيث يتحمل املستثمر مصاريف التهيئة و التحويالت الضرورية
التي تراها الدولة مناسبة من أجل ضمان حماية و متانة العقار ،و كذا تحمله
الضرائب و الرسوم الجاري بها العمل.
هكذا فإن املجال التي تبرم عقود الشراكة بشأنها بين ملك الدولة الخاص و
القطاع الخاص يكون حول مشروع تنموي مهيكل فالحي.
عالوة على ذلك ،يتضمن البعد املوضوعي للشراكة بين القطاعين العام و
الخاص كل املراحل املختلفة التي يعرفها مسلسل الشراكة من تخطيط و بلورة و
تشغيل و تمويل ،746كل هذا تحت مراقبة قبلية و آنية بل و حتى بعدية وبعدية
للمشروع و ذلك لتحقيق و تجسيد هذا املشروع كما هو مضمن في دفتر التحمالت.
إال ان االشكال الذي يطرح نفسه و هو هل عقد شراكة قطاع عام خاص،
هو عقد مدني أم عقد إداري؟
ثانيا :موقف الفقه والقضاء من طبيعة عقد الكراء الفالحي في إطار شراكة
بين الدولة و الخواص
إن أهمية تكييف هذا النوع من العقود ،تعود إلى كون تحديد الطبيعة
القانونية لهذا النوع من العقود هو الكفيل بتحديد املرونة التي ستواجه املستثمر
املتقاعد مع الدولة في مرحلة إبرام العقد و أثناء تنفيذه ،إضافة إلى ذلك فإن
التكييف هو الذي سيحدد القانون الواجب التطبيق على عقود شراكة بين الدولة
و الخواص ،إن على مستوى تغيير بنود هذه العقود أو أثناء البت في النزاعات التي
من املمكن أن تطرحها هذه العقود .كما هو الكفيل بتحديد املحكمة املختصة.747
إضافة لكون عقد الشراكة عقد مركب ،فإنه يتميز بطول مدة تنفيذه ،مع
ما يترتب عن ذلك من إمكانية إلغاء أو باألحرى فسخه إذا لم تحترم بنود العقد
املنظم لها
(ب) -موقف الفقه من طبيعة عقد الكراء الفالحي في إطار شراكة لبن الدولة
ز الخواص.
يعتبر الفقه من بين مصادر القاعدة القانونية التي يمكن من خاللها أن تبين
وتفسر نقطة قانونية لم ينص عليها القانون أو لم يوضحها بالشكل املفهوم ،
وطبيعة عقد الكراء الفالحي مللك الدولة الخاص في إطار شراكة قطاع عام خاص
تقتض ي تدخل الفقه لتبيان ذلك.
-747عبد الرحمن الشرقاوي "تكييف عقد الشراكة قطاع عام خاص" ،أعمال الندوة العلمية الدولية التي نظمها فريق
البحث في تحديث القانون و العدالة يومي 12و 11فبراير "،0210نحو إطار قانوني لتنظيم عقود شراكة قطاع
عام خاص" ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،كلية العلوم القانونية و االجتماعية و االقتصادية بالسويسي ،س:
،0214ص.25-24 :
Lahcen Alouate, Zineb tamehmacht, le partenariat public privé comme un nouveau -748
mode de gestion du foncier public agricole ,opcit,p :78.
ومن أجل ذلك فإن أحد الفقه 749يرى بأن أنماط عقود الشراكة متعددة،
ومن تم يصعب حصرها تحت نظام قانوني واحد ،بمعنى أنه ينبغي البحث في كل
عقد على حدى ملعرفة النظام القانوني الذي يخضع له ،ومن ثم ال يمكن الجزم
بوجود قاعدة عامة تقض ي بتطبيق قواعد القانون اإلداري أو قواعد القانون
الخاص.750
وبالتالي فإنه حسب أحد الفقه 752يتعين إيجاد آليات قانونية كفيلة بتتبع
مراحل تنفيذ بنود عقود االتفاقات والشراكة بين القطاع العام والخاص في مجال
االستثمار بشكل يجعلها مؤهلة على املطالبة القضائية بفسخ هذه االتفاقات
استنادا إلى مسطرة إستعجالية.
غير أن النزاعات املالية الناتجة عنها ،يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما
عدا املتعلقة بتطبيق قانون جبائي".
وبالتالي فإن النزاعات املرتبطة بعقد الكراء الفالحي في إطار شراكة قطاع
عام خاص ،تدخل في النزاعات املالية الناتجة عن الدولة ( امللك الخاص) ومنه
يمكن أن يحتكم طرفي النزاع املرتبط بهذا العقد للتحكيم.
للقول أنه" في حالة النزاع يمكن اعتماد الفقه753 وهو ما ذهب له أحد
التحكيم في عقود الشراكة بين ملك الدولة الخاص واملستثمر ،وتعتمد اللغة
العربية أو الفرنسية كلغة للتحكيم ،ويعتمد كذلك القانون العربي في فض النزاع.
بل األكثر من ذلك ،فإن أحد الفقه 754اعتبر هذه الشراكة نوع من التدبير
املفوض على اعتبار انها تتضمن الكثير من خصائص هذا العقد ،لكن هذا قول
مردود عليه بحيث ان العالقة الرابطة بين الدولة( امللك الخاص) و الخواص عالقة
تعاقدية لكراء فالحي الذي ال يعتبر مرفق عمومي للقول أنه نوع من التدبير
املفوض...
(أ ) -موقف القضاء من طبيعة عقد الكراء الفالحي في إطار شراكة بين
الدولة و الخواص.
- 753محمد العربي مياد " :اإلستثمار أمالك الدولة الخاصة" ،م.س ،.ص.164 :
-754قاسمي البلغيتي" ،دور ملك الدولة الخاص في التنمية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في
القانون الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية -طنجة ،-س .ج:
،0215/0214ص.128:
على العموم فإن القضاء رايه لم يكن موحد في هذه النقطة ،فقد انقسم
القضاء الى اتجاهين:
حيث جاء فيه أن" اإلختصاص النوعي ينعقد للمحكمة اإلدارية للبث في الطلب
الذي تقدمت به املدعية ( شركة ).....ملتمسة به من املحكمة إلزام املدعى عليهم
بما فيهم السيد مدير امللك الخاص لدولة ،برفع التعرض املادي الصادر عن الغير
على استغالل القطعة األرضية الفالحية موضوع عقد الكراء وكذلك إعفاؤها من
واجب كراء السنوات من 8131إلى.8136
- 755حكم رقم ،18/6114/008 :بتاريخ ،0218/11/20 :في ملف رقم ،0218/6114/21 :قسم القضاء الشامل
( غير منشور). شعبة العقود والصفقات،
- 22أمر استعجالي بالمحكمة االبتدائية بالفقيه بن صالح ،عدد ،122 :ملف رقم ،0021/15/025صادر بتاريخ
( ،0218/24/12غير منشور) .
وحيث دفع نائب املدعى عليهما بعدم اختصاص قاض ي املستعجالت للنظر في
القضية لوجود نزاع جدي و ان محكمة املوضوع هي املختصة...
وقد صرح رئيس املحكمة بصفته قاض ي املستعجالت بعدم االختصاص مع
ارجاع البت في الصائر ".
خاتمة:
في الختام يمكن القول على أن قيام إدارة امللك الخاص للدولة بتدبير
ممتلكاتها عبر عدة صور بما في ذلك كراءها وخاصة الكراء املتعلق بالعقارات
الفالحية ،ملن شأنه تحقيق نجاعة استثمارية على صعيد هذا القطاع ،واإلدارة في
هذا الجانب أبانت عن عزمها التام في تحقيق هذه الغاية من خالل جعل العروض
املقدمة تتعدى الصعيد الوطني إلى الصعيد العاملي ،وهو ما يستشف على أن ملك
الدولة الخاص قام وما زال يقوم بدور مهم وحيوي في تحقيق التنمية الشاملة
واملستدامة ،من خالل ذلك يجب لزاما الحسم في مثل هذه اإلشكاالت لتيسير فهم
هذا النوع من الكراء وتوطيد مساهمته في صلب االستثمار وتحقيق التنمية
ومنه يمكن اقتراح بعض الحلول ،لتجاوز هذه املعيقات ،فيما يلي:
الئحة املراجع:
العربي محمد مياد ":االستثمار في أمالك الدولة الخاصة" ،مجلة الحقوق
املغربية للدراسات القانونية والقضائية ،ط :األولى ،دون ذكر املطبعة.
عبد الجبارعراش ":أي تأطير قانوني للشراكة بين القطاعين العام و الخاص؟"
أعمال الندوة العلمية الدولية التي نضمها فريق البحث في تحديث القانون
والعدالة يومي 31و 33فبراير "،8138نحو إطار قانون لتنظيم عقود الشراكة بين
القطاعين العام و الخاص" ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،كلية العلوم
القانونية و اإلقتصادية و االجتماعية –السويس ي ،-س8134 :
عبد الرحمن الشرقاوي "تكييف عقد الشراكة قطاع عام خاص" ،أعمال
الندوة العلمية الدولية التي نظمها فريق البحث في تحديث القانون و العدالة يومي
31و 33فبراير "،8138نحو إطار قانوني لتنظيم عقود شراكة قطاع عام خاص"،
جامعة محمد الخامس ،الرباط ،كلية العلوم القانونية و االجتماعية و االقتصادية
بالسويس ي ،س،8134 :
قاسمي البلغيتي" ،دور ملك الدولة الخاص في التنمية" ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية -طنجة ،-س .ج،8135/8134 :
بيد أن التعمير القروي لم يتم إصدار أي قاعدة قانونية مكتوبة بشأنه إال
بعد مرور 46سنة على تقنين التعمير باملغرب وذلك بإصدار ظهير 85يونيو 3261
بشأن تنمية التكتالت القروية الذي يشكل أول نص قانوني يعنى باملجاالت القروية
التي لم يسري عليها ظهير 3258بحيث نص على وثيقة تصميم التنمية كمرجع هام
للتخطيط إضافة إلى تناول بعض مقتضياته للتدبير العمراني كالتجزئة العقارية
والبناء في املناطق املغطاة بتصميم التنمية.
ولعل الدافع األساس ي وراء تقنين وتنظيم املجال القروي يكمن في التطور
الذي عرفته املناطق القروية في شتى امليادين ،مما انعكس على ذلك مجموعة من
املشاكل كظهور تجمعات قروية كبرى تغيب فيها الشروط الضرورية للعيش الكريم
،أضف إلى ذلك تزايد حاجيات الساكنة إلى تجهيزات ومرافق عمومية تستجيب
لتطلعات الساكنة القروية.
وتتم بلورة هذه األدوات عبر وثائق التعمير التي تعتبر بمثابة اإلطار القانوني
للتخطيط العمراني وأداة أساسية الستغالل األراض ي ومؤشرا كذلك لقياس
التنمية املحلية ،و يمكن تصنيف هذه الوثائق إلى وثائق ذات طابع تقديري أو توقعي
ووثائق تجسد توجهات الوثائق ذات الطابع التقديري عبر وثائق ذات طابع نافذ
واالشكالية التي تطرح ماهو واقع التخطيط العمراني بالوسط القروي ؟
ولرصد طبيعة التخطيط العمراني القروي سنحاول التركيز على قانون
21.38املتعلق بالتعمير باعتباره مرجعا أساسيا لتنظيم التعمير القروي من خالل
وثائق التعمير ودورها في تنظيم التعمير بالوسط القروي (املطلب األول) ودور الظهير
املتعلق بالتكتالت العمرانية الذي يعنى باملناطق القروية (املطلب الثاني).
يعتبر قانون 21-38من القوانين التي تنظم التعمير إلى حدود الساعة ،ولم
يغير مختلف النظم التي كان معموال بها في هذا املجال ،بل احتفظ باملبادئ
األساسية التي كان املشرع املغربي قد أسس لها منذ 3234ويمكن القول بأن هذا
القانون عمل على جمع شتات القوانين والظهائر املعمول بها في التخطيط الحضري
معززا إياها بمقتضيات جديدة أملتها ضرورة مواكبة مستلزمات النمو السريع
للتمدن من اجل تخطي مواجهة صعوبات التعمير.
ولعل التوجهات التي جاء بها قانون 21-38حرصت على تحقيق املرونة
الضرورية للتطبيق السليم لوثائق التعمير من جهة ،وتبسيط إجراءات وضعها
واملصادقة عليها من جهة أخرى ،كما أنه وضع األساس القانوني ملخطط توجيه
التهيئة العمرانية الذي يحدد االختيارات األساسية للتعمير ،والذي من شأنه كذلك
وضع تصور عام لتطور املدن بشكل يجعلها تستجيب لحاجيات النمو الحضري
على املدى البعيد باعتبارها اللبنة الرئيسية التي ترتكز عليها الدراسات األساسية
لوضع تصاميم التنطيق والتهيئة وتصاميم التنمية إن اقتض ى الحال.
هذا باإلضافة إلى حماية وتنمية املناطق ذات الصبغة الخاصة ،والتي توجد
في بعض الحاالت خارج الجماعات الحضرية واملناطق املحيطة بها أو املجموعات
العمرانية ومتابعة تحقيق هدف مزدوج ،يجمع بين الجودة املعمارية وسالمة البناء
وجودته ،عن طريق تدخل املهندس املعماري واملهندسين املختصين ،ووضع نظام
زجري أكثر فعالية ،يمكن على الخصوص في بعض الحاالت من هدم البنايات غير
القانونية.
من جهة ،ووثائق ذات طابع نافذ تتمثل في تصميم التنطيق والتهيئة وكذا قرارات
التخطيط من جهة ثانية ،وللوقوف أكثر على مدى إسهامات قانون 21-38في تنظيم
التعمير بالوسط القروي سنحاول الوقوف على املخطط التوجيهي للتهيئة
العمرانية ودوره في توجيه التخطيط العمراني القروي (الفقرة األولى) ،على أساس
التطرق إلى دور باقي الوثائق التعميرية ذات الطابع التنفيذي (الفقرة الثانية).
ولهذه الغاية فاملخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية يحدد التنظيم العام املعد
للتنمية املجالية للرقعة املتعلق بها ،باعتباره وثيقة مرجعية يتم التنسيق بواسطتها
مختلف أعمال الهيئات املعنوية العمومية واملؤسسات شبه العمومية على املدى
املتوسط و البعيد اليتجاوز 85سنة.
ينبغي اإلشارة إلى أن هذه الوثيقة ظهرت في التشريع الفرنس ي بادئ األمر عند
صدور قانون التوجيه العقاري ،759ونقلها عنها مشروع قانون اإلطار للتهيئة
الحضرية والقروية الذي تم إعداده سنة 3293باسم التصميم املديري لتحديد
التوجيهات الواجب التقيد بها من أجل االستجابة ملتطلبات التوسع العمراني في
األمد الطويل ،ثم أصبح بعد ذلك يطبق هذا التصميم في إطار املخطط الخماس ي
3225 /3223باسم التصميم املديري للتهيئة الحضرية ،وما يمييز هذه التصاميم
- 758المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :إعداد التراب الوطني والتعمير" ،الطبعة األولى ،المجموعة البيداغوجية لوحدة تدبير المجال،
مكناس ،سنة ،2811-2818ص .145 :
759
- Loi n° 67-1253 du 30 décembre 1967 d'orientation foncière.
هو عدم الزاميتها لالغيار ألنه لم يكن لها سند قانوني ،وعليه فإن العديد من املدن
املغربية كانت خاضعة في تدبيرها العمراني لتوجهات هذه الوثيقة التي لم يكن لها
أساس قانوني760؛ ماعدا إذا استثنينا التصميم التوجيهي ملدينة الدار البيضاء
الكبرى الذي يتوفر على صبغة تشريع بمقتض ى الظهير رقم 3.24.39الصادر في 85
يناير ،3224ومرسوم املوافقة عدد 8.25.413الصادر في 82ماي ،3225فان كافة
التصاميم التوجيهية بالبالد التعتمد على سند تشريعي ،وبالتالي عنصر اإللزام،761
ولم تكتسب هذه التصاميم الزاميتها إال في إطار قانون .21-38
ونظرا لكون هذا املخطط ليس بقرار تنظيمي عادي ذو طابع تقليدي وال ينظم
مختلف األنشطة االقتصادية ،التي ترتكز باألساس على معرفة دقيقة ومعمقة
للمعطيات السوسيو اقتصادية القائمة وتوجهاتها وذلك حتى يتمكن من االستجابة
للحاجيات الحالية واملستقبلية وتنميتها ،762وجب علينا الوقوف على نظامه
القانوني من خالل إبراز دوره في توجيه التعمير القروي ،وآثار مقتضياته عليه.
بأن "مخطط توجيه التهيئة العمرانية 76338.21 تنص املادة 8من قانون
يطبق على رقعة أرضية تستوجب تنميتها أن تكون محل دراسة إجمالية بسبب
الترابط القائم بين مكوناتها في املجاالت االقتصادية والتجارية واالجتماعية.
ويمكن أن تشتمل الرقعة األرضية املشار إليها أعاله على جماعة حضرية أو
عدة جماعات حضرية ومركز محدد أو عدة مراكز محددة وكذلك ،إن اقتض ى
الحال ،على بعض أو جميع جماعة قروية أو جماعات قروية مجاورة".
- 760عبد الرحمان البكريوي " :التعمير بين المركزية والالمركزية" ،الطبعة األولى ،الشركة المغربية للطباعة والنشر ،الرباط ،سنة
،8880ص.05 :
- 761محمد السنوسي معنى " :أضواء على قضايا التعمير والسكنى بالمغرب" ،دار النشر المغربية ،الدار البيضاء ،سنة ،8822ص:
.00
- 762أحمد مالكي " :محاضرات في مادة قانون التعمير "،ألقيت على طلبة ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية الفوج
الثالث ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،السنة الجامعية .8080-8088
- 763المادة 8من قانون 80-88المتعلق بالتعمير ،مرجع سابق.
من خالل الشق األول من هذه املادة يتضح أن مخطط توجيه التهيئة
العمرانية يطبق بشكل إلزامي على رقعة جغرافية تتميز بخصائص اقتصادية
وتجارية واجتماعية مشتركة تتطلب تنميتها ضرورة خضوعها لدراسة شمولية،
فيما يحيل الشق الثاني من هذه املادة إلى طبيعة هذه الرقعة على إمكانية تطبيقها
على تراب جماعة حضرية التي عرفها قانون :76421-38بأنها بلديات ومراكز متمتعة
بالشخصية املعنوية واالستقالل املالي املسماة "املراكز املستقلة" ،765أما املراكز
املحددة فهي أجزاء من جماعات قروية تعيين حدودها السلطة التنظيمية ،وينبغي
اإلشارة إلى أن املشرع املغربي لم يحدد معايير التمييز بين هذه الوحدات بل أعطى
لإلدارة السلطة التقديرية في اتخاذ القرار ،766على عكس املشرع الفرنس ي الذي
حدد إلزامية تزويد كل املدن التي يفوق عدد سكانها 31.111نسمة بمخطط
توجيهي ،وبذلك يترك لإلدارة الفرنسية السلطة التقريرية فيما يتعلق بالتجمعات
السكنية التي اليصل عدد سكانها العدد املحدد في تزويدها باملخطط حسب
بها767. متطلبات التنمية
غالبا املجال القروي املغربي ،من أجل إقامة التوازن ما بين املد العمراني من جهة
وحماية املجال الفالحي من جهة ثانية.
وعموما فان وثائق التعمير التنظيمي والوحدات الترابية سواء حضرية أم
قروية كانت فهي ملزمة بالخضوع ملا ينص عليه املخطط التوجيهي للتهيئة
العمرانية في إطار مقتضيات قانون 21-38املتعلق بالتعمير؛ وقد خصص املرسوم
التطبيقي له ،768مكانة مهمة ملخطط توجيه التهيئة العمرانية في كيفية إعداده
واملصادقة عليه ومتابعة تنفيذه على مستوى اإلدارة املركزية ،في حين الجماعات
الترابية خصوصا املحلية منها أي مجالس العماالت واألقاليم واملجالس الحضرية
والقروية يبقى دورها شكليا اليعدوا إال أن يكون استشاريا فقط ،وذلك من خالل
الصيغة التي جاءت بها املادة السادسة من قانون " 21-38بأنه يتم وضع مشروع
مخطط توجيه التهيئة العمرانية بمبادرة من اإلدارة وبمساهمة الجماعات املحلية
وتتم املوافقة عليه طبق اإلجراءات والشروط التي تحدد بمرسوم تنظيمي" ،إال أن
لم يلتزم بنفس الصيغة في وضع وإعداد 76921-38 املرسوم التطبيقي لقانون
املخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية بل استعمل مصطلح املساعدة عوض
املساهمة األمر الذي يبرز طغيان الطابع املركزي على املحلي في إنتاج وثيقة التعمير
التوجيهية770.
ب -آثار تنفيذ املخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية على التعمير القروي
- 768مرسوم رقم 8.88.208صادر في 87من ربيع االخر 8989الموافق ل 89أكتوبر 8880لتطبيق القانون رقم 88.80المتعلق
بالتعمير الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 8.88.08المؤرخ في 85ذي الحجة 8988الموافق ل 87يونيو ،8888الجريدة الرسمية
عدد 5889بتاريخ 80أكتوبر ،8880ص .8068 :
- 769المادة 0من المرسوم التطبيقي لقانون 80-88المتعلق بالتعمير.
- 770للتفصيل أكثر في هذه النقطة انظر :احمد مالكي " :التدخل العمومي في ميدان التعمير بالمغرب" ،مرجع سابق ،ص 78وما بعدها.
غير أنه يطرح إشكال من الناحية العملية في مدى التزام هذه الهيئات
بمقتضيات املخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية على اعتبار أنه ليس دقيقا بما فيه
الكفاية ال مجاليا وال زمانيا ،خاصة أن التجهيزات واملشاريع والبرامج واستعماالت
األراض ي التي يتوقع انجازها ال تحدد أمكنتها بالدقة املطلوبة حينما يوجب أو
األشخاص املعنوية العامة أو الخاصة ،خصوصا أن ما ينص عليه يقييد772
األراض ي التي يمكن انجازها ووثيقة التعمير املزمع انجازها بالوسط القروي ملزمة
بالخضوع لتوجهات هذا املخطط.
الفقرة الثانية :وثائق التعمير ذات الطابع النافذ ودورها في تنظيم التعمير
القروي
بعد التطرق إلى دور وثيقة التعمير التقديرية في توجيه التعمير القروي
باملغرب سنحاول الوقوف على دور وثائق التعمير ذات الطابع التنفيذي (تصميم
التنطيق ،تصميم التهيئة ،قرارات تخطيط حدود الطرق العامة) التي تجسد أحكام
املخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير على ارض الواقع بالوسط القروي.
وسنحاول في هذه الفقرة الوقوف على دور وثائق التعمير النافذة التي يتناولها
قانون 21.38في تنظيم التعمير بالوسط القروي بدءا بتصميم التنطيق (أوال) ثم
تصميم التهيئة ( ثانيا) فقرارات التخطيط (ثالثا).
774
- M’hammed Dryf " Urbanisme et urbanisation au Maroc", C.N.R.S, Année 1999, P : 152.
وللوقوف أكثر على دور تصميم التنطيق بالوسط القروي سنحاول توضيح
مسطرة إعداده كنقطة أولى على أساس إبراز أثاره على املناطق التي يطبق فيها
كنقطة ثانية
أ -مسطرة إعداد تصميم التنطيق ومدى مساهمة الجماعات القروية في
إعداده
ثم تقوم بعرض املشروع على نظر لجنة محلية تتألف من :العامل املعني،
رئيسا؛ أعضاء اللجنة التقنية التابعة للعمالة أو اإلقليم املعني؛ رؤساء املجالس
الجماعية املعنية؛ رؤساء الغرف املهنية املعنية.
- 775أحمد مالكي " :محاضرات في مادة قانون التعمير " ،مرجع سابق.
- 776من المادة 88إلى المادة 87من المرسوم التطبيقي لقانون 80.88المتعلق بالتعمير.
وتوجه اللجنة املحلية موجزا ألعمالها مدعوما بمحضر عن هذه األعمال إلى
اإلدارة املكلفة بالتعمير أو إلى مدير الوكالة الحضرية بحسب الحالة ،قصد اتخاذ
القرار ،وذلك داخل أجل خمسة عشر يوما على األكثر بعد انتهاء األعمال املذكورة.
بعد ذلك تحيل السلطة املكلفة بالتعمير أو مدير الوكالة الحضرية بحسب
الحالة مشروع تصميم التنطيق إلى املجالس الجماعية املعنية لدراسته ،ويمكن
لهذه املجالس أن تبدي ،داخل أجل شهرين يبتدئ من تاريخ توصلها بالتصميم ،ما
تراه في شأنه من اقتراحات ،و مباشرة بعد ذلك ،تتم دراسة تصميم التنطيق بصفة
نهائية من طرف السلطة املركزية املشرفة على إعداده و توافق عليه بقرار من الوزير
املكلف بالتعمير و ينشر بالجريدة الرسمية.
ويبقى دور الجماعات املحلية في إنتاج هذه الوثيقة ضعيفا بحيث اليتجاوز
درجة املساهمة وإبداء الرأي كما أن هذا التصميم أصبح مستبعدا من قبل الكثير،
نظرا لطابعه املؤقت وكذا ملا تعرفه مساطر املصادقة على تصميم التهيئة من تسريع
خاصة مع تعميم الوكاالت الحضرية ،ولذلك ينادي البعض بحذف هذه التصاميم
طاملا أن التجربة أبانت عن عدم الجدوى من إعدادها رغم أهميتها في خلق حلقة
وصل بين الوثائق التوجيهية والتنفيذية وهذا ما صار إليه واضعو مشروع القانون
التعمير777. 48-11املتعلق بتأهيل العمران وكذا مشروع مدونة
بمجرد املصادقة على تصميم التنطيق ونشرة بالجريدة الرسمية فانه يصبح
ساري املفعول على املجال املخصص له في مدة سنتان كما سبقت اإلشارة إلى
ذلك ،وتصبح األغراض املخصص لها ملزمة بالنسبة لإلدارات العمومية التي يجب
أن تحترم التخصيص الذي قام به التصميم فيما يخص املنشات وكذا املناطق
- 777أحمد مالكي " :التدخل العمومي في ميدان التعمير بالمغرب" ،مرجع سابق ،ص.20-78 :
املسموح بها البناء والتجزئ إما بمنح الرخصة أو رفضها أو تقييدها ،وبذلك فهو
يلزم األفراد واإلدارات في نفس الوقت.
مما يستدعي إعادة النظر في مدة إعداد تصميم التهيئة الذي سنتطرق إليه
في النقطة املوالية باعتباره أحد أهم وثائق التعمير األساسية.
يعتبر تصميم التهيئة بمثابة وثيقة تعميرية تنظيمية هدفها تخطيط املجال
الحضري بشكل خاص ،والتحكم في التوسع العمراني للجماعات الحضرية
والقروية بشكل عام ،779وتتضمن مجموعة من املعطيات البيانية والقانونية
إضافة إلى الخرائط ،كما تشكل أداة لترجمة توجهات املخططات التوجيهية للتهيئة
العمرانية عن طريق مبادئ قانونية يمكن االحتجاج بها عند االقتضاء أمام اإلدارة
أو املجالس املحلية.
- 778انظر عبد الرحمان البكريوي " :التعمير بين المركزية والالمركزية" ،مرجع سابق ،ص.28-28:
- 779محمد الكنوني " :الوكاالت الحضرية وتدبير ميدان التعمير -حالة الوكالة الحضرية لسطات ،" -رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة في القانون العام ،وحدة التكوين و البحث تدبير اإلدارة المحلية ،جامعة الحسن األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،سطات ،8002-8007،ص .80 :
صدر سنة ، 3234وقد كانت هذه الوثيقة أول مخطط تنظيمي اعتمدت عليه
سلطات االستعمار لتهيئة املدن ،وتنظيم االستعماالت العقارية وإحداث املناطق
األساسية780. وانجاز التجهيزات واملرافق
لذا فقد أولى املشرع املغربي عناية بالغة لتصميم التهيئة وأدخل عليه الكثير
من التعديالت ،وذلك ملواكبة التطورات التي عرفها التعمير ،والتمكن من تجاوز
الثغرات التي أبانت عنها ،وذلك في ظهير 11يوليوز 3258بست مواد ،ثم ظهير 39
يونيو 3228الذي خصص له أربعة عشر مادة من املادة 32إلى املادة .78113
- 780أحالم محراث " :وثيقة تصميم التهيئة -حالة مدينة سطات –" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،وحدة التكوين و البحث
تدبير اإلدارة المحلية ،جامعة الحسن األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سطات ،8088-8080،ص .82 :
- 781أحيدار سمير":قرار نزع الملكية في القانون العام المغربي" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام –وحدة التكوين والبحث :
اإلدارة العامة ،جامعة محمد األول،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية ، 8005-8009ص .867:
- 782المادة 82من قانون 80-88المتعلق بالتعمير.
يمكن أن يطبق على أراض ي تابعة لجماعة قروية حينما يكون مدار التهيئة أكبر من
املدار الحضري للجماعة أو يشمل أراض ي لجماعتين.
ومن بين أهداف تصميم التهيئة هي تنظيم املجال وتحسين الطابع الحضري
وكذا القروي وتدعيمه بالتجهيزات الضرورية التي يحتاجها املجال في تنميته
اقتصاديا واجتماعيا ،لذا فان قانون التعمير خلق نوعا من املرونة واالنسجام لهذه
الوثيقة وذلك بإمكانية إخضاعها لبعض التعديالت والتغييرات إن اقتض ى
الحال784.
- 783المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :إعداد التراب الوطني والتعمير"،مرجع سابق ،ص.174 :
- 784الفقرة األخيرة من المادة 88والمادة 86من قانون 80.88المتعلق بالتعمير
أما فيما يتعلق بمسطرة إعداد تصميم التهيئة فقبل وضعه ،يجوز
اتخاذ قرار يقض ي بالقيام بدراسته ويعين حدود الرقعة األرضية التي يشملها
تصميم التهيئة املزمع دراسته من أجل الوقوف على الوضعية التي توجد عليها
التجهيزات والبنايات التحتية املوجودة باملنطقة ثم بعد ذلك يصدر رئيس مجلس
الجماعة بطلب من اإلدارة أو بمبادرة منه قرار القيام بدراسة تصميم التهيئة بعد
تداوله باملجلس ويستمر مفعول القرار املشار إليه حسب املادة 83من قانون 21.38
مدة ستة أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية ،ويجوز تجديده مرة واحدة ملدة
مساوية للمدة األولى ،وبذلك يؤجل رئيس مجلس الجماعة البت في جميع الطلبات
الرامية إلى إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية أو إقامة بناء في الرقعة األرضية
املعنية ،فقط يمكنه أن يأذن في إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية أو إقامة بناء
بعد موافقة اإلدارة إذا كان املشروع املتعلق بذلك يتالءم مع األحكام الواردة في
مخطط توجيه التهيئة العمرانية أو مع ما يصلح له فعال القطاع املعني في حالة
عدم وجود املخطط اآلنف الذكر؛ وقد وضح املرسوم التطبيقي لقانون 21.38بأن
تصميم التهيئة يتم وضعه بمبادرة من اإلدارة التي تتمثل في السلطة الحكومية
املكلفة بالتعمير مع مراعاة الصالحيات املسندة للوكاالت الحضرية بموجب التشريع
وبمساهمة الجماعات املحلية ،بعد ذلك يحال مشروع تصميم التهيئة قبل موافقة
اإلدارة عليه إلى مجلس الجماعة أو مجالس الجماعات املعنية لدراسته وللمجالس
املشار إليها في الفقرة أعاله أن تبدي داخل أجل شهرين من تاريخ إحالة مشروع
التصميم إليها من اقتراحات تتولى اإلدارة دراستها بمشاركة الجماعات املحلية التي
يعنيها األمر ،وإذا لم تبد املجالس اآلنفة الذكر أي رأي داخل األجل املنصوص عليه
أعاله فإن سكوتها يحمل على أن ليس لها أي اقتراح في موضوع التصميم املحال
إليها ،ويكون مشروع تصميم التهيئة محل بحث علني يستمر شهرا ويجري خالل
املدة التي يكون فيها مجلس الجماعة أو مجالس الجماعات املعنية بصدد دراسته
الذي يهدف إلى إطالع العموم على املشروع وتمكينه من إبداء ما قد يكون لديه
من مالحظات عليه بعد أن يوفر رئيس مجلس الجماعة وسائل النشر واإلشهار قبل
تاريخ بدء البحث،ثم يتولى مجلس الجماعة عند دراسته ملشروع تصميم التهيئة،
اإلدارة785. دراسة املالحظات املعبر عنها خالل إجراء البحث قبل عرضها على
يتضح أن دور الجماعات القروية في إنتاج وثيقة تصميم التهيئة على مستوى
مسطرة اإلعداد واملصادقة يطغى عليه الطابع التكنوقراطي ،وذلك من خالل
مفاهيم املواد التي جاء بها قانون ، 21.38فبالرغم من إعطاء رئيس الجماعة
صالحية اتخاذ قرار القيام بدراسة مشروع تصميم التهيئة فان هذه الصالحية
مقيدة بشروط غير واضحة مما يجعل السلطة التقديرية لإلدارة سواء منها
الجماعية أم املكلفة بالتعمير قابلة للنقاش ،أضف إلى ذلك أن املنتخبين املحليين
من الناحية العملية يستغنون في أغلب األحيان عن هذا القرار نظرا للضغوطات
املحلية التي ينتج عنها إيقاف البناء ملدة طويلة ،وبالتالي فجل املناطق املغربية نجد
أن مخططات التهيئة الجماعية التسبقه قرارات البدء في الدراسة؛ أما فيما يخص
املفاهيم التي جاء بها قانون 21.38على مستوى إعداد تصميم التهيئة واملصادقة
عليه فان مصطلح املساهمة يطرح أكثر من إشكال من حيث قيمته القانونية عكس
ما اتبعه املشرع الفرنس ي الذي وضح أن إعداد تصاميم استعمال السطح تتم
املحلية786. بتعاون بين الدولة والجماعات
بمجرد إتمام مسطرة اإلعداد واملصادقة على تصميم التهيئة تجعله مصدرا
لاللتزام به ،إال أن املستجد في قانون 21.38هو إمكانية التطبيق القبلي من خالل
املادة 89من القانون املذكور وعليه فبمجرد اختتام مرحلة البحث العلني الذي
يتم فيه عرض مشروع التصميم على أنظار املواطنين إلبداء مالحظاتهم حوله والى
- 785أحمد مالكي " :محاضرات في مادة قانون التعمير " ،مرجع سابق.
- 786للتفصيل أكثر في هذه النقطة انظر :أحمد مالكي " :التدخل العمومي في ميدان التعمير بالمغرب" ،مرجع سابق .ص .77-76 :
غاية صدور النص الذي يقض ي باملصادقة عليه يمنع حسب مقتضيات نفس املادة
أعاله ملدة محددة في اثني عشر شهرا ،787منح اإلذن بانجاز مختلف األعمال املتعلقة
بالبناء والغرس وإقامة التجزئات واملجموعات السكنية إذا ما تضمنت هذه
الجديد788. األعمال ما يخالف أحكام مشروع تصميم التهيئة
ونشير في هذا الصدد إلى أن املشرع املغربي لم يوضح بشكل صريح اآلثار
املترتبة عن تصميم التهيئة على عكس املشرع الفرنس ي الذي ألزم كل شخص
عمومي أو خاص بالنسبة لتنفيذ أي عمل من أعمال التعمير مما يحمل على كل
أشخاص القانون العام أو الخاص االلتزام بارتفاقات التعمير التي يحدثها وفرض
فيها789. طلب الرخصة
وتتم املصادقة على تصميم التهيئة بقرار تنظيمي ينشر بالجريدة الرسمية
وتصبح مقتضياته من املنفعة العامة التي حدد املشرع املغربي اجلها في عشر
سنوات من تاريخ املصادقة عليه والذي يقض ي بالقيام بكل مايلزم من أجل انجاز
التجهيزات الضرورية كتحديد الطرق بما فيها املسالك والساحات ومواقف
السيارات الواجب الحفاظ عليها أو إحداثها ،وإقامة حدود املساحات الخضراء
العامة بما تشتمل عليه من أماكن مشجرة وبساتين وإقامة حدود ميادين األلعاب
واملساحات املعدة للتظاهرات الثقافية والفلكلورية الواجب الحفاظ عليها أو
تغييرها أو إحداثها ،ثم إقامة كل املساحات املخصصة للتجهيزات العامة بما فيها
السكك الحديدية والتجهيزات الصحية والثقافية والتعليمية واملباني اإلدارية
واملساجد واملقابر ،إضافة إلى تحديد دوائر القطاعات الواجب إعادة هيكلتها أو
تجديدها.
- 787غرض المشرع من تحديد المدة في اثني عشر شهرا هو التعجيل بصدور نص المصادقة على مشروع تصميم التهيئة.
- 788المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :إعداد التراب الوطني والتعمير"،مرجع سابق ،ص.101 :
- 789انظر عبد الرحمان البكريوي " :التعمير بين المركزية والالمركزية" ،مرجع سابق ،ص.880 :
يعتبر قرار تخطيط الطرق العامة من وثائق التعمير التي تكتس ي طابع األولوية
من حيث ظهورها والعمل بها في املغرب ،وهو تصميم خاص بتهيئة الطرقات
والساحات العامة ،كما يعد أداة من أدوات التعمير وتخطيط املدن.
وسواء تعلق األمر بتخطيط حدود الطرق العامة أم بقرارات تخطيط الطرق
العامة املعينة فيها األراض ي املراد نزع ملكيتها ملا تستوجبه العملية ،فان صالحية
إصدارهما -عكس باقي وثائق التعمير -تعود لرئيس املجلس الجماعي من خالل
املادة 18من قانون 21.38التي توضح هدفها إما بإحداث طرق جماعية وساحات
ومواقف عامة للسيارات أو تغيير تخطيطها أو عرضها أو حذفها كال أو بعضا وتكون
هذه القرارات مصحوبة بخريطة تبين حدود الطرق والساحات ومواقف السيارات
أو حذفها791. املزمع احدثها وإدخال تغيير عليها
ويتم االعتماد على هذه القرارات في الحاالت التي اليوجد فيها مطلقا تصميم
يعنى بتنظيم العمران داخل هذه التجمعات ،باعتباره أداة بيد اإلدارة في اتخاذ
اإلجراءات الهادفة إلى تحديد امللك العمومي عن امللك الخصوص ي من خالل
تمييز بينها792. توضيح الحدود التي
- 790المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :إعداد التراب الوطني والتعمير"،مرجع سابق ،ص.111-118 :
- 791أحمد مالكي " :التدخل العمومي في ميدان التعمير بالمغرب" ،مرجع سابق .ص . 28 :
- 792المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :إعداد التراب الوطني والتعمير"،مرجع سابق ،ص.218-281 :
فما هي مسطرة إعداد قرار التخطيط ؟ وما هي اآلثار القانونية املترتبة عنه
؟
حسب املادة 11من قانون 21.38فان قرارات تخطيط حدود الطرق العامة
املعينة فيها األراض ي املراد نزع ملكيتها ملا تستوجبه العملية ،تتخد بعد موافقة
اإلدارة على مشاريعها والتحقق من مدى مالءمتها ملخطط توجيه التهيئة العمرانية
أو تصميم التهيئة أو هما معا إن وجدا.
فمن خالل هذه املادة يتضح أن اتخاذ قرار التخطيط مقيد بشرط موافقة
اإلدارة املكلفة بالتعمير الذي يظل غامضا من الناحية العملية ،بحيث انه قبل
افتتاح البحث العلني يجب أن تحمل هذه القرارات تأشيرات توضع من قبل
املهندسين اإلقليميين املكلفين باألشغال العمومية حينما يكون العقار املشمول
باملشروع تابعا للملك العمومي أو مجاورا له أما إذا كان العقار يدخل ضمن ما
يجب حمايته كاملآثر التاريخية فالتأشيرة توضع من قبل وزير الثقافة أو ممثله،
ويتم وضع مشروع القرار والخريطة املبينة ملقتضياته بمقر املجلس الجماعي ملدة
بحث تدوم شهر بالنسبة لقرارات التخطيط ،أما قرارات تخطيط حدود الطرق
العامة املعينة فيها األراض ي املراد نزع ملكيتها ملا تستوجبه العملية والذي يشكل
مقرر التخلي مدته شهرين يطلع فيها املواطنون على الوثيقتين ويبدون مالحظاتهم
في سجل يفتح لهذا الغرض ،على أن يشهر اإليداع ببالغات تنشر على األقل في
جريدتين يوميتين وبملصقات بمقر الجماعة أو وسيلة من وسائل اإلعالن املتعارف
عليها ،وبعد انتهاء اجل البحث العلني يتم إدخال التعديالت املقترحة من طرف
املواطنين على املشروع من قبل السلطة املكلفة باإلعداد وهي في شخص رئيس
املجلس793. املجلس الجماعي بعد مداولة
وتجدر اإلشارة إلى أن قرارات التخطيط وقرارات تخطيط حدود الطرق العامة
املعينة فيها األراض ي املراد نزع ملكيتها باعتبارها قرارات تنظيمية اليتخذها رئيس
املجلس الجماعي إال بعد موافقة سلطة الوصاية بتأشيرة أو رفض معلل ابتدءا من
تسلم القرار داخل اجل ثالثين يوما بالنسبة لتأشيرة السلطة املركزية وخمسة عشر
يوما بالنسبة للسلطة اإلقليمية املتمثلة في الوالي أو العامل بالنسبة للجماعات
القروية ،794مما يفسر الدور األساس ي الذي أعطي لرئيس املجلس الجماعي في هذا
املضمار حيث تم تقريب سلطة الوصاية للمجالس الجماعية وعمل املشرع على
تدعيم قاعدة تعليل القرارات اإلدارية بإصدار قانون 13.11املتعلق بإلزام إدارات
اإلدارية795. الدولة والجماعات املحلية واملؤسسات العمومية بتعليل قراراتها
إال أنه بالرغم من دور املجالس الجماعية على مستوى قرارات حدود الطرق
العامة الذي اليستهان به مقارنة مع دورها على مستوى باقي وثائق التعمير التي
تطرقنا إليها ،فمن الناحية الواقعية اليتم اللجوء إليها في كثير من األحيان رغم
الحاجة إليها ،ربما لعدم أهميتها بالنسبة للمجالس الجماعية أو لعدم قدرة
آثار قانونية796. الجماعات على تحمل مسؤولية إصدارها وما قد يترتب عليها من
فكما هو الشأن بالنسبة لتصميم التهيئة فان قرارات تخطيط حدود الطرق
العامة وقرارات تخطيط حدود الطرق العامة املعينة فيها األراض ي املراد نزع ملكيتها
قد تنتج أثارا قبل املصادقة عليها وآثارا بعد ذلك.
- 793أحيدار سمير":قرار نزع الملكية في القانون العام المغربي" ،مرجع سابق ،ص .829 :
- 794المادة 76من قانون رقم 00.72المتعلق بالميثاق الجماعي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 8.08.878بتاريخ 85من رجب
8980الموافق ل 0أكتوبر 8008كما تم تعديله بالقانون رقم =.02.87جريدة الرسمية
- 795سمير أحيدار":قرار نزع الملكية في القانون العام المغربي" ،مرجع سابق ،ص .825 :
- 796أنظر أحمد مالكي " :التدخل العمومي في ميدان التعمير بالمغرب" ،مرجع سابق .ص .29-20 :
ونشير في هذا الصدد انه ابتدءا من تاريخ نشر هذه القرارات اليجوز إطراء أي
تغيير على األراض ي التي تشملها الطريق بمقتض ى الخريطة املنصوص عليها في املادة
18من قانون 21.38املتعلق بالتعمير بأي بناء جديد أو تعلية أو توطئة لألرض
يكون من شأنها تغيير حالتها اللهم إذا اقتصرت على بعض اإلصالحات املتعلقة
بالصيانة شرط أن يأذن في ذلك رئيس مجلس الجماعة وفق اإلجراءات والشروط
املنصوص عليها في الباب الثالث من قانون 21.38املتعلق باألبنية ،799والذي
سنتطرق إليها في املطلب األول املتعلق بالبناء من املبحث الثاني في هذه الدراسة
بعده.
- 797محمد أيوب " :وثائق التعمير ومسألة نزع الملكية بالمغرب" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام،جامعة القاضي عياض ،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،السنة الدراسية ،8089-8080ص .69 :
- 798المادة 09من قانون 80.88المتعلق بالتعمير.
- 799الشريف البقالي " :شرطة التعمير بين القانون والممارسة" دراسة عملية ونقدية على ضوء اجتهادات القضاء اإلداري ،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية اكدال ،الرباط ،سنة ،8080ص .868 :
- 800سوف لن نفصل في هذين االرتفاقين ألنه سبق وأن قام عدة باحثين بالدراسة فيهما ،نحيل بذلك في هذه النقطة إلى الشريف البقالي
" :شرطة التعمير بين القانون والممارسة" ،مرجع سابق ،ص 878 :ومابعدها.
وهذا ما سنحاول إبرازه في فقرتين األولى نوضح فيها تصميم التنمية ودوره في
الوسط القروي ثم الفقرة الثانية نحاول فيها استجالء طبيعة قرارات التصفيف
التي لها دور أساس ي في املناطق القروية نظرا لبساطة ومرونة مسطرتها.
تتجلى إرادة املشرع بموجب محتوى ظهير 85يونيو 3261في إخضاع التطور
العمراني في التجمعات القروية ملقتضيات مبسطة ومرنة وسريعة التنفيذ تراعي
احتياجات وخصوصية التجمعات القروية الصغرى املعنية بتطبيق أحكامه في
تنظيم التجمعات ذات الطابع القروي التي لم يسري عليها أحكام 11يوليوز 3258
املعدل واملتمم بقانون 21.38املتعلق بالتعمير ،مما جعل املسؤولين يفكرون في
تخطيط يراعي خصوصية املناطق القروية الصغرى دون تطبيق تصاميم التهيئة
عليها ،باعتبارها تتميز بالبطء والتعقيد في مسطرتها ،ويعتبر تصميم التنمية وثيقة
تعميرية تنظيمية تحدد حقوق استعمال األراض ي واملقتضيات التي يطبق عليها
ويهدف إلى إحداث وتنظيم نواة قروية مستقطبة مع توجيه نموها ،وكذا مراقبة
تعمير التكتالت القروية بفرض إلزامية رخصة البناء والتجزيء فيها801.
وعلى هدي املنهج الذي اتبعناه في الفقرات السابقة سنحاول التطرق في هذه
الفقرة إلى نطاق تطبيق تصميم التنمية ومسطرة إعداده (أوال) ،على أساس إبراز
آثاره القانونية على التجمعات القروية املطبق فيه (ثانيا).
مما تجدر اإلشارة إليه أن كثيرا من العمارات القروية لم يوضع لها تصميم
تنمية بالرغم من كونها كانت تدخل ضمن املناطق القروية الخاضعة لظهير 85
- 801أحمد مالكي " :محاضرات في مادة قانون التعمير " ،مرجع سابق.
يونيو 3261املتعلق بتنمية الكتل العمرانية القروية ،نظرا لكون املشرع لم يوضح
املجال الترابي الخاضع لتصميم التنمية بشكل مفصل802.
ويهدف تصميم التنمية إلى تحديد املناطق املخصصة لسكنى الفالحين التي
تتضمن منشآت وبنايات خاصة باالستغالل الفالحي ؛و املناطق املخصصة للسكنى
من نوع غير فالحي وللتجارة والصناعة التقليدية ؛ ثم املناطق املحظور بها البناء
؛و حدود طرق املرور الرئيسية ؛هذا باإلضافة إلى تحديد األمكنة املخصصة
للساحات العمومية والساحات العارية والغراسة األمكنة املخصصة للبنايات
- 802عبد الرحمان البكريوي " :التعمير بين المركزية والالمركزية" ،مرجع سابق ،ص.800 :
- 803المنشور الوزاري الصادر بتاريخ 8870/00/88عن وزارة التعمير واإلسكان والمحافظة على البيئة وارد عند عبد الرحمان
البكريوي " :التعمير بين المركزية والالمركزية" ،مرجع سابق ،ص.808 :
واملصالح العمومية وكذا املنشآت الخاصة بالحياة االجتماعية وال سيما بالسوق
وبملحقاته.
أما فيما يخص مسطرة إعداد تصميم التنمية يتضح من خالل بنود الظهير
أن املشرع املغربي أراد تبسيط اإلجراءات الشكلية التي يتطلبها إعداد مشاريع
التصاميم القروية وجعلها أكثر مرونة من الشكليات املتبعة في إعداد تصاميم
التهيئة حتى تكون مسطرة اإلعداد أكثر انسجاما مع خصوصيات هذه التجمعات
القروية الصغرى ذات اإلمكانيات املادية واملوارد البشرية املحدودة805.
- 804أحمد مالكي " :محاضرات في مادة قانون التعمير " ،مرجع سابق.
- 805المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :إعداد التراب الوطني والتعمير"،مرجع سابق ،ص.116 :
القروي في وضع مشاريع تصاميم التنمية تكاد تكون منعدمة حيث يعود الدور
األساس ي في ذلك لإلدارة اإلقليمية املكلفة بالتعمير وهذا ما أفرزته املمارسة
الجماعية حيث يظل رأي املجلس القروي استشاريا في املوضوع كما يوحي بذلك
القانون 11.92املتعلق بامليثاق الجماعي الذي ينص في بنده األول من فصله
12على أن املجلس الجماعي يسهر على احترام االختيارات والضوابط املقررة في
مخططات توجيه التهيئة العمرانية وتصاميم التهيئة وكل الوثائق األخرى املتعلقة
بإعداد التراب والتعمير وفي مرحلة املصادقة فرغم أن الفصل الثالث ينص على أن
التصميم يصادق عليه بموجب قرار يصدره العامل ،إال أن هذا القرار لن ينشر في
الجريدة الرسمية إال بعد موافقة وزير الداخلية عليه ،حيث إن هذه التصاميم،
وعلى عكس باقي وثائق التعمير ،ال تساهم الجماعات املحلية في وضع مشاريعها،
لكون إعدادها يتم إما من قبل مديرية التجهيز القروي التابعة لوزارة الفالحة أو
أقسام التعمير التابعة للعماالت ،وبهذا يظهر بالواضح اعتبار إعداد تصميم التنمية
واملصادقة عليه شأنا مركزيا بامتياز806.
بمجرد املصادقة على تصميم التنمية ونشره بالجريدة الرسمية يعد بمثابة
إعالن عن املنفعة العامة ،يقتض ي إنجاز األشغال والعمليات الالزمة لتفعيله،
الش يء الذي يعني أن التصميم يكتسب قوته اإللزامية ويصبح مرجعا لعدة حقوق
والتزامات بالنسبة لألشخاص العمومية من جهة وبالنسبة ملالك األراض ي الواقعة
داخل دائرة تطبيقه من جهة ثانية ،وعليه فان تصميم التنمية ينتج آثارا على
األشخاص العموميين إضافة إلى مالك األراض ي لذا سنحاول أن نفصل في كل
نقطة على حدى.
- 806احمد مالكي ":وثائق التعمير بالمغرب" ،دورة تكوينية منظمة من قبل مركز التكوين اإلداري بسطات لفائدة أطر وموظفي
الجماعات التابعة لجهة الشاوية ورديغة بمقر غرفة الصناعة والتجارة بسطات يومي 88و 00مارس .8080
ينتج تصميم التنمية نفس اآلثار شأنه في ذلك شان الوثائق التعميرية األخرى،
التي تتمثل في إلزام األشخاص املعنوية بمقتضيات وتوجهات التصميم بعد
املصادقة عليه ونشره في الجريدة الرسمية ،ويكسب بذلك قوة إلزامية تفرض على
األشخاص العمومية دراسات طلبات رخص البناء والتجزيء قبل تسليمها
ألصحابها ،وال يمكن تسليم أي رخصة في هذا الشأن دون التأكد من مطابقتها
ألحكام التصميم والترخيص بإنجازها.
كما أن تصميم التنمية يلزم بشكل ضمني األشخاص العمومية القائمة على
نزع امللكية القيام بإقتناء ملكية األراض ي ،وبالخصوص املنتهية آثارها داخل أجل
عشر سنوات شأن الطرق واملساحات الفارغة واملناطق الخضراء والبنايات
العمومية واملرافق ومنشآت الحياة االجتماعية ،بحيث أنه بسريان األجل املشار
إليه يستعيد أصحاب األراض ي التصرف في أمالكهم على خالف االرتفاقات األخرى
وتعديله807. كاملتعلقة بمنع البناء والتنطيق التي ال تنتهي آثارها إال بتغيير التصميم
باإلضافة إلى اآلثار التي يحدثها تصميم التنمية املتعلقة باألشخاص املعنوية،
فان مالك األراض ي تسري عليهم آثار كذلك من خالل الفصل السابع من ظهير 81
يونيو 3261الذي ينص على إلزامية الحصول على ترخيص مسبق ،إلنجاز مشاريع
البناء بعد تقديم طلب من طرف املالك أو ممثله في ثالثة نظائر ،808إلى السلطة
املحلية ،809التي تصبح ملزمة بالبث فيه داخل أجل شهرين يبتدئ من تاريخ إيداع
طلب الحصول على إذن بالبناء نظير تسلم وصل باإليداع.
- 807محمد أيوب " :وثائق التعمير ومسألة نزع الملكية بالمغرب" ،مرجع سابق ،ص .58 :
808منشور لوزير الداخلية رقم 65بتاريخ 00مارس .8889
809بالرجوع إلى المادة 02من القانون 00.72المتعلق بالميثاق الجماعي الصادر سنة 8008والمعدل بقانون 07.82بتاريخ 8008
،نجده ينص في البنذ 8على أن " المجلس الجماعي يسهر على إحترام االختيارات والضوابط المقررة في مخططات توجيه التهيئة
العمرانية وتصاميم التهيئة والتنمية وكل الوثائق األخرى المتعلقة بإعداد التراب والتعمير؛ وينص في البنذ 8على أنه يدرس ويصادق
ويعتبر اإلذن بالقيام بعمليات البناء فاقدا ملفعوله في حالة عدم قيام صاحب
الطلب بمباشرة أشغال البناء في مدة سنة ،يبتدئ من تاريخ انقضاء أجل شهرين
على سكوت السلطة املحلية ،أو من تاريخ منح اإلذن بالبناء.810
أما بخصوص تيهئ التجزئات العقارية يالحظ كذلك أنه تضمن بعض اآلثار
تسري على مالك األراض ي بالخصوص املجزئين العقاريين ،بحيث يمنع عليهم القيام
بتجزيء أراضيهم من دون الحصول على إذن مسبق بذلك ،تسلمه السلطات املحلية
املختصة بعد موافقة رئيس مقاطعة الهندسة القروية عليه811.
على أن يكون اإلذن املمنوح مرفقا بكل مطلب للتحفيظ العقاري مغير
للتصميم أو متمم له ،812عالوة على مطلب التقييد في السجالت العقارية أو بكل
إيداع تطبيقا ملقتضيات الفصل 24من ظهير 38غشت 3231املتعلق بالتحفيظ
العقاري.
كما يتعين على املالك تقديم تصميم للتجزئات املراد القيام بها مطابقا
لبيانات تصميم التنمية ،أو مالئما له مع ضرورة اإلشارة فيه للطرق املخصصة
للسير العام ،وكذا املساحات العارية والحدود املخصصة لكل قطعة من قطع
التجزئة .
وتجدر اإلشارة إلى أن السلطات املحلية املعنية بتسليم اإلذن بالتجزيء لها
حق إحداث تغييرات على تصميم التجزئة لفائدة االرتفاقات الخاصة باألمن
العمومي ،واملحافظة على النظافة والصحة العامة ،باإلضافة كذلك إلمكانيتها
لفرض بعض الحرمات تتعلق بنظام األزقة ،أو إنجاز األشغال والتجهيزات املرتبطة
على ضوابط البناء الجماعية طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل .في حين أن الفقرة األولى من الفصل السابع من ظهير 85يونيو
8860والذي ينص على أنه" يمنع في العمارات القروية المتوفرة على تصميم خاص بتوسيع نطاقها تشييد أي بناية دون الحصول على
إذن سابق تسلمه السلطة المحلية " .لهذا يتضح لنا أن صالحية تسليم الرخص في المناطق القروية المغطاة بوثائق تصاميم التنمية ال
تختص بها جهة واحدة بل هناك تضارب في اإلختصاص حسب ما جاء في مضامين القانونين المشار إليهما أعاله ،عن محمد أيوب " :
" :وثائق التعمير ومسألة نزع الملكية بالمغرب" ،مرجع سابق ،ص .68 :
- 810الفقرات األولى والثانية والثالثة من الفصل السابع من ظهير 85يونيو 8860المتعلق بتوسيع نطاق العمارات القروية.
- 811الفصل العاشر من ظهير 85يونيو .8860
- 812الفقرة الثانية من الفصل العاشر من ظهير 85يونيو .8860
بتفريغ املياه والتزويد باملاء الصالح للشرب وكذا تسخير الطرق الضرورية لسير
املواصالت بين القطع املكونة للتجزئة موضوع الطلب السالف الذكر.
ويعتبر سكوت السلطة املحلية داخل أجل ثالثة أشهر من تاريخ إيداع طلب
اإلذن بالقيام بالتجزئة بمثابة رفض له ،إال أن كل رفض سواء صريحا أو ضمنيا
يخول للمالك الحق في إطالع األمر على عامل اإلقليم الذي يبت في األمر داخل أجل
ثالثة أشهر ،ويعد عدم إصدار أي مقرر داخل هذا األجل بمثابة مصادقة ضمنية
على مشروع التجزئة ويكون كل طلب يروم إلى تغييره (املشروع) سواء تقدم به
املجزئ نفسه أو اإلدارة بمثابة إيقاف لألجل.813
أما الفصلين 33و 38من ظهير 85يونيو 3261ينصان على أن اإلذن بإقامة
البنايات في التجزئات يكون موقوفا في حالة عدم القيام باألشغال املنصوص عليها
في املشروع موضوع الطلب ،ويصير اإلذن باطال في حالة عدم إنجاز املجزئ لألشغال
املقررة في ظرف ثالث سنوات تبتدئ من تاريخ املصادقة على املشروع بالنسبة.814
تعتبر قرارات تصفيف العمارات القروية إحدى الوسائل التي يتم بمقتضاها
احترام توجهات تصميم التنمية الذي يسعى إلى تحقيق مجموعة من األهداف كما
هي محددة في الفصل الثاني من ظهير 85يونيو ،3261بالخصوص تخطيط الطرق
الرئيسية للسير ،واألماكن املخصصة للمساحات العارية والساحات العمومية،
واألماكن املخصصة للتجهيزات املرتبطة باألمن العمومي والحياة اليومية
للمواطنين815.
وبذلك فقرارات تصفيف الطرق العامة تقوم بنفس العملية التي تقوم بها
قرارات التخطيط التي سبق وأن تطرقنا إليها وتختص السلطة املحلية املتمثلة في
القواد بإصدار قرار توسيع الطرق والساحات العمومية املوجودة سابقا إما
بتسويتها أو إلغائها كال أو بعضا وكذا يمكن للقواد إصدار قرارات تخص إنشاء طرق
جديدة أو ساحات عمومية جديدة من خالل الفصل السادس من ظهير 85يونيو
3261يتضح أن املنتخب املحلي لم تعطى له أية اختصاصات بهذا الشأن مما يفسر
أن الظهير املشار إليه أصبح من الناحية العملية متجاوزا وهو ما يدعو إلى تعديله
بحيث أن امليثاق الجماعي قد وسع في اختصاصات رؤساء املجالس الجماعية.
خالصة:
لقد أتاحت لنا هذه الدراسة فرصة للوقوف على واقع التعمير القروي
باملغرب من زاويته القانونية تم فيها رصد طبيعة التخطيط بالوسط القروي .كما
تم كشف الستار عن مكامن الخلل من جراء تطبيق فوانين التعمير املعمول بها
لتأطير الوسط القروي على أرض الواقع .فمن خالل نتائج هذه الدراسة أبانت عن
العديد من اإلشكاالت على مستويات عدة انعكست بشكل سلبي على خلق مجال
قروي يساير التطورات التي عرفها املجال باملغرب.
لعل ضعف التنسيق والتناغم بين هذه القوانين في مجال التعمير بالوسط
القروي يعد أبرز مثال على ذلك .وتناولنا ملقتضيات ظهير 3261املتعلق بتنمية
التكتالت القروية نالحظ أنها تتعارض أحيانا مع مقتضيات قانون 21.38املتعلق
بالتعمير .هذا باإلضافة إلى صعوبة تصنيف املجال القروي عن الحضري خصوصا
منها املناطق املحيطة باملدن .ولعل هذا هو االتجاه الذي سار عليه القانون
التنظيمي للجماعات الذي حذف مصطلحي" الحضرية والقروية" ،لكن هذا النقد
ال يتغئ النقص من مجهودات املشرع في تأطير وتنمية الوسط القروي ،بل على
العكس من ذلك التطلع إلى سبل تجاوز ثغرات هذه القوانين وتبسيطها على اعتبار
أن القاعدة القانونية ال يمكن تحميلها مسؤولية اختالل املجال لوحدها ،إذا ما
استحضرنا الترهل اإلداري وضعف الخبرة في مجال التعمير.
وأمام هذا الوضع الذي يعاني منه الوسط القروي ،بات من الضروري
إحداث مؤسسات تعميرية تهتم بسياسة التعمير بالعالم القروي تسهر على تتبع
املشاريع التنموية املبرمجة .من شأنها أن تساهم في تنظيم وتنمية املجال الريفي
وجعله قاطرة وبوابة لتصدي ملشاكل املدن التي تتفاقم من جراء الهجرة القروية
املتزايدة.
على اعتبار أن األشكال ليس إشكال نص قانوني بالدرجة األولى بقدر ما هو
إشكال بنيوي يستوجب معالجة شمولية للعالم القروي انطالقا من مقاربات
مجالية تجمع مختلف األبعاد االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية
والسياسية واملالية واإلدارية...
وصفوة القول ،إن التخطيط العمراني القروي باملغرب في حاجة ماسة إلى
املوضوعية واملسؤولية و إرادة سياسة قوية تدعم اإلصالحات املتوخاة.
-محمد السنوس ي معنى " :أضواء على قضايا التعمير والسكنى باملغرب" ،دار
النشر املغربية ،الدار البيضاء ،سنة .3222
-أحمد مالكي " :التدخل العمومي في ميدان التعمير باملغرب" ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في الحقوق ،وحدة التكوين والبحث ،اإلدارة العامة ،جامعة محمد
األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية
.8112-8119
-أحالم محراث " :وثيقة تصميم التهيئة -حالة مدينة سطات –"،
رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ،وحدة التكوين و البحث تدبير اإلدارة
املحلية ،جامعة الحسن األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
سطات ،8133-8131،
-محمد أيوب " :وثائق التعمير ومسألة نزع امللكية باملغرب" ،رسالة لنيل
دبلوم املاستر في القانون العام،جامعة القاض ي عياض ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،السنة الدراسية ،8134-8131
-الشريف البقالي " :شرطة التعمير بين القانون واملمارسة" دراسة عملية
ونقدية على ضوء اجتهادات القضاء اإلداري ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية اكدال ،الرباط ،سنة 8131
مقاالت وأحباث
قانونية وقضائية
باللغة الفرنسية
816
Javier RUIPÉREZ. El constitucionalismo democrático en los tiempos de la globalización. Reflexiones
rousseaunianas en defensa del Estado constitucional democrático y social. Universidad Nacional
Autónoma de Méjico. Serie Doctrina Jurídica, Núm. 198, México, 2005, p. XV.
817
Cfr. Bobbio, N., El tiempo de los derechos, Madrid, Sistema, 1991, p. 105.
818
GRIMM, D., Constitucionalismo y derechos fundamentales, Trotta, Madrid, 2006; FERRAJOLI, L.,
Derechos y garantías. La ley del más débil, Trotta, Madrid, 2002 y Los fundamentos de los derechos
fundamentales, Trotta, Madrid 2003; DÍEZ-PICAZO, L.M., Sistema de Derechos Fundamentales, Civitas,
Madrid, 2003; PÉ- REZ LUÑO, A., Derechos Humanos, Estado de Derecho y Constitución, Tecnos, Madrid,
2005.
819
Cfr. Enrique Álvarez Conde. LOS DERECHOS EN EL CONSTITUCIONALISMO: TIPOLOGÍA Y TUTELA
«MULTILEVEL». Teoría y Realidad Constitucional, núm. 20, 2007, Páginas 233-234.
820
Ibíd. P. 234
821
FIORAVANTI, M., Los derechos fundamentales. Apuntes de historia de las Constituciones, Trotta,
Madrid, 1998, pp. 112 ss. Cité par, Enrique Álvarez Conde. LOS DERECHOS EN EL
CONSTITUCIONALISMO… Op. Cit… P. 809.
reste sera abordé dans un autre article du même ouvrage par le professeur
Maria Reyes Pérez Alberdi.
En premier lieu, les dispositions contenues entre les articles 172822 et 175823
de la CM établissent deux procédures spéciales pour la réforme et pour la
révision de la norme suprême, distinctes de la procédure législative dans toutes
ses modalités.
822
«L’initiative de la révision de la Constitution appartient au Roi, au Chef du Gouvernement, à la
Chambre des Représentants et à la Chambre des Conseillers.
Le Roi peut soumettre directement au référendum le projet de révision dont Il prend l’initiative. »
823
«Aucune révision ne peut porter sur les dispositions relatives à la religion musulmane, sur la forme
monarchique de l’État, sur le choix démocratique de la nation ou sur les acquis en matière de libertés et
de droits fondamentaux inscrits dans la présente Constitution. »
1/ Garanties politiques:
La première est représentée par la division des pouvoirs mise en valeur dans
les articles 1.2824 et 107825 de la CM. Les deux dispositions renvoient à l'article
16 de la Déclaration française des Droits de l'Homme et du Citoyen de 1789826.
La deuxième fait appel au principe de légitimation démocratique du pouvoir
annoncée dans l’article 2.1827 de la norme fondamentale marocaine.
2/ Garanties normatives:
824
«Le régime constitutionnel du Royaume est fondé sur la séparation, l’équilibre et la collaboration des
pouvoirs, ainsi que sur la démocratie citoyenne et participative, et les principes de bonne gouvernance et
de la corrélation entre la responsabilité et la reddition des comptes »
825
«Le pouvoir judiciaire est indépendant du pouvoir législatif et du pouvoir exécutif. Le Roi est le garant
de l’indépendance du pouvoir judiciaire. »
826
«Toute Société dans laquelle la garantie des Droits n'est pas assurée, ni la séparation des Pouvoirs
déterminée, n'a point de Constitution. »
827
«La souveraineté appartient à la nation qui l’exerce directement par voie de référendum et
indirectement par l’intermédiaire de ses représentants. La nation choisit ses représentants au sein des
institutions élues par voie de suffrages libres, sincères et réguliers. »
828
«Sont du domaine de la loi, outre les matières qui lui sont expressément dévolues par d’autres articles
de la Constitution :
• les libertés et droits fondamentaux prévus dans le préambule et dans d’autres articles de la présente
Constitution, …»
a opté pour la forme de Loi Organique pour réguler deux droits fondamentaux,
à savoir le droit de grève829 et l'initiative législative populaire830.
En deuxième lieu, du fait que les droits fondamentaux tracent une sphère
de liberté préservée face à l'action et l'intervention de l'État et des particuliers,
ils jouissent d'une double efficacité, verticale831 et horizontale832. Ceci dit, il
faut noter qu'aucune disposition constitutionnelle n’établit expressément la
question de l’efficacité directe des droits fondamentaux. Cependant, il serait
aisé de l’extraire par le biais d’une lecture systématique de l’ensemble de ses
articles.
3/ Garanties juridictionnelles:
829
Article 29.2 de la CM.
830
Article 14 de la CM.
831
Article 882.8 de la CM portant sur le contrôle de l’Administration et l’article 133 prévoyant la
possibilité de soulever l’exception d’inconstitutionnalité.
832
Articles 37 et 118.1 de la CM.
833
“Le juge est en charge de la protection des droits et libertés et de la sécurité judiciaire des personnes et
des groupes, ainsi que de l’application de la loi.”
834
“La Cour Constitutionnelle exerce les attributions qui lui sont dévolues par les articles de la
Constitution et les dispositions des lois organiques. Elle statue, par ailleurs, sur la régularité de l’élection
des membres du Parlement et des opérations de référendum.
Les lois organiques avant leur promulgation et les règlements de la Chambre des Représentants et de la
Chambre des Conseillers, avant leur mise en application, doivent être soumis à la Cour Constitutionnelle
qui se prononce sur leur conformité à la Constitution.
Aux mêmes fins, les lois et les engagements internationaux peuvent être déférés à la Cour
Constitutionnelle avant leur promulgation ou leur ratification, par le Roi, le Chef du Gouvernement, le
Président de la Chambre des Représentants, le Président de la Chambre des Conseillers, ou par le
cinquième des membres de la Chambre des Représentants ou quarante membres de la Chambre des
Conseillers. Dans les cas prévus aux deuxième et troisième alinéas du présent article, la Cour
Constitutionnelle statue dans un délai d’un mois à compter de sa saisine.
Toutefois, à la demande du gouvernement, s’il y a urgence, ce délai est ramené à huit jours. Dans ces
mêmes cas, la saisine de la Cour Constitutionnelle suspend le délai de promulgation. Elle statue sur la
régularité de l’élection des membres du Parlement dans un délai d’un an, à compter de la date d’expiration
du délai légal du recours. Toutefois, la Cour peut statuer au-delà de ce délai, par décision motivée, dans le
cas où le nombre de recours ou leur nature l’exige.”
835
«La Cour Constitutionnelle est compétente pour connaître d’une exception d’inconstitutionnalité
soulevée au cours d’un procès, lorsqu’il est soutenu par l’une des parties que la loi dont dépend l’issue du
litige, porte atteinte aux droits et libertés garantis par la Constitution. Une loi organique fixe les conditions
et modalités d’application du présent article. »
836
Article 162 de la CM.
837
Article 19.2 de la CM.
838
Article 28.5 de la CM.
839
Article 33.2 de la CM.
840
Article 161 de la CM.
841
Article 163 de la CM.
842
Article 168 de la CM.
843
Article 53.3 de la CM.
Dans le même sens, l'article 6.1 de la CM affirme que la loi est l'expression
suprême de la volonté sociale, et ajoute que les pouvoirs publics et les
particuliers sont égaux devant elle et sont tenus à se soumettre à ses
dispositions. Le deuxième alinéa du même article aborde la dimension
matérielle de l'égalité en exhortant les pouvoirs publics à créer les conditions
susceptibles de généraliser l'effectivité de la liberté et de l'égalité des citoyens
et de promouvoir leurs participations dans la vie politique, économique,
culturelle et sociale.
le préambule844, par l'article 1.3845, par l'article 3846 et dans l'article 175 dont le
contenu fait partie des clauses d’intangibilité.
844
“…État musulman souverain, attaché à son unité nationale et à son intégrité territoriale, le Royaume
du Maroc entend préserver, dans sa plénitude et sa diversité, son identité nationale une et indivisible. Son
unité, forgée par la convergence de ses composantes arabo-islamique, amazighe et saharo-hassanie, s’est
nourrie et enrichie de ses affluents africain, andalou, hébraïque et méditerranéen.
La prééminence accordée à la religion musulmane dans ce référentiel national va de pair avec
l’attachement du peuple marocain aux valeurs d’ouverture, de modération, de tolérance et de dialogue
pour la compréhension mutuelle entre toutes les cultures et les civilisations du monde….”
845
“…La nation s’appuie dans sa vie collective sur des constantes fédératrices, en l’occurrence la religion
musulmane modérée…”
846
“L’Islam est la religion de l’État, qui garantit à tous le libre exercice des cultes.”
847
Voir à ce propos Abdelhamid Adnane. “Lectura en el principio de igualdad y filiación en el derecho de
familia marroquí a la luz del socialismo jurídico de Antón Menguer”, In “Comentarios sobre el Derecho
Civil y los pobres”, Edición Tirant Lo Blanch, Valencia, 8088.
“L'avortement n'est pas puni lorsqu'il constitue une mesure nécessaire pour
sauvegarder la santé de la mère et qu'il est ouvertement pratiqué par un
médecin ou un chirurgien avec l'autorisation du conjoint.
Si le praticien estime que la vie de la mère est en danger, cette autorisation
n'est pas exigée. Toutefois, avis doit être donné par lui au médecin- chef de la
préfecture ou de la province.
A défaut de conjoint, ou lorsque le conjoint refuse de donner son
consentement ou qu'il en est empêché, le médecin ou le chirurgien ne peut
848
L’article 407 du Code Pénal dispose que “Quiconque sciemment aide une personne dans les faits qui
préparent ou facilitent son suicide, ou fournit les armes, poison ou instruments destinés au suicide,
sachant qu'ils doivent y servir, est puni, si le suicide est réalisé, de l'emprisonnement d'un à cinq ans.”
Avant de passer au droit suivant, il faut bien signaler que, de nos jours, la
question relative au droit à « la propre mort ou à la mort digne » n’est posée ni
au niveau politique ni au niveau de la société civile. Ce qui explique l'omission
que la Constitution marocaine fait à propos de la question de l'euthanasie.
849
L’article 22 de la CM stipule qu’“il ne peut être porté atteinte à l’intégrité physique ou morale de
quiconque, en quelque circonstance que ce soit et par quelque personne que ce soit, privée ou publique.
Nul ne doit infliger à autrui, sous quelque prétexte que ce soit, des traitements cruels, inhumains,
dégradants ou portants atteinte à la dignité. La pratique de la torture, sous toutes ses formes et par
quiconque, est un crime puni par la loi.”
Cet article aborde d’une manière prioritaire la liberté dans un sens pédestre,
c’est-à-dire la liberté d'aller et de venir. Nous allons nous limiter à passer en
revue les droits assistant les individus en cas d’arrestation gouvernementale
puisque les droits du détenu en phase judiciaire, compris dans les articles 119,
120 et 121 de la CM, seront traités dans une autre contribution dans le présent
ouvrage.
Pour clore ces réflexions effectuées à propos de l'article 24, nous signalons
que le constituant marocain ne fait aucune allusion au droit à l'honneur ou à la
propre image comme c'est le cas, par exemple, de la Constitution espagnole.
Faut-il le déduire d’un autre article? Nous tenterons de le vérifier plus tard.
Ce droit jouit d’une connexion claire, d’une part avec la liberté d'expression
et, d’autre part avec le pluralisme politique, tous les deux conçus comme
éléments indispensables pour la construction d'un cadre démocratique.
850
Article 25 de la CM.
851
Article 31 de la CM.
852
Article 7 y 12 de la CM.
853
Article 29 de la CM.
854
Article 25.2 de la CM.
855
L’article 880.8 du Code Pénal dispose que «Quiconque, par des violences ou des menaces, a contraint
ou empêché une ou plusieurs personnes d'exercer un culte, ou d'assister à l'exercice de ce culte, est puni
d'un emprisonnement de six mois à trois ans et d'une amende de 200 à 500 dirhams. »
856
Au titre de l’article 880 du Code Pénal “Quiconque, volontairement, détruit, dégrade ou souille les
édifices, monuments ou objets servant au culte, est puni de l'emprisonnement de six mois à trois ans et
d'une amende de 800 à 500 dirhams”.
857
Selon l’article 888 du Code Pénal « Quiconque entrave volontairement l'exercice d'un culte ou d'une
cérémonie religieuse, ou occasionne volontairement un désordre de nature à en troubler la sérénité, est
puni d'un emprisonnement de six mois à trois ans et d'une amende de 200 à 500 dirhams. »
858
Mohieddine Amzazi, «Code pénal, Code de procédure pénale et Droits de l’Homme », In «Le Maroc
et les Droits de l’Homme». Positions, réalisations et perspectives. Page 806. 8889.
http://books.google.co.ma/books?id=yKy3XUjLDuoC&pg=PA229&lpg=PA229&dq=mohieddine+amzazi
&source=bl&ots=-E8X90mHS9&sig=rbO7gPu3a7x7if1GKdXahF03qdM&hl=es&sa=X&ei=7c-
UUafECbSp7Abc-IHIAg&ved=0CDoQ6AEwAzgK.
859
Le deuxième alinéa de l’article 880 du Code Pénal précise qu’il « est puni de la même peine, quiconque
emploie des moyens de séduction dans le but d'ébranler la foi d'un musulman ou de le convertir à une
Cet article reprend les droits libéraux par excellence. Il garantit la propriété
bien qu’il prévoie sa limitation par loi au bénéfice des exigences du
développement économique et social, tout en envisageant la possibilité de
l'expropriation.
VIII. A propos des soutiens de l'État social marocain: les droits sociaux
autre religion, soit en exploitant sa faiblesse ou ses besoins, soit en utilisant à ces fins des établissements
d'enseignement, de santé, des asiles ou des orphelinats. En cas de condamnation, la fermeture de
l'établissement qui a servi à commettre le délit peut être ordonné, soit définitivement, soit pour une
durée qui ne peut excéder trois années. »
Considérations finales
Les droits qui ont fait objet de la présente réflexion constituent, sans nul
doute, des éléments de légitimation de l'État marocain ad extra, devant,
:الئحة املراجع
à é
è é
L’autonomie financière des établissements de coopération
intercommunale : Encadrement juridique et aspects pratiques
Financial autonomy of intermunicipal cooperation establishments: Legal framework and
practical aspects
Introduction
Les communes sont des acteurs importants du développement local tant au
niveau économique qu’au niveau social. En effet, tout au long du processus de
la décentralisation qu’a connu le Maroc depuis l’indépendance, le législateur a
renforcé ces structures territoriales dans l’exercice de leurs compétences. Ce
renforcement consiste en la mise en place d’un ensemble de mécanismes et de
modes de gestion de services publics locaux, pour permettre aux communes de
choisir l’outil adapté à leurs spécificités économiques, sociales et culturelles.
Dans cette même optique, les lois organiques régissant les collectivités
territoriales promulguées en 2015, ont concrétisé ce choix stratégique de la
coopération et de la solidarité dans la gestion des services publics locaux. En
860 Dahir n° 1-11-91 du 27 chaabane 1432 (29 juillet 2011) portant promulgation du texte de la Constitution.
861ZAIR Tarik, « Les solidarités territoriales : à propos du principe et de ses applications », in REMALD n°119,
novembre - décembre 2014, p.40.
862
Loi organique n° 113-14 relative aux communes, promulguée par le Dahir n°1-15-85 du 20 ramadan 1436 (7 juillet
2015).
Le choix de la création de ces établissements est devenu une exigence pour les
communes avec la nécessité de mobiliser des investissements et des
infrastructures colossaux pour la mise en place de certains services et
équipements d’envergure863. Aussi, la gestion des affaires de proximité pour
certaines communes devient de plus en plus complexe surtout dans le milieu
urbain où sont constatées l’augmentation du nombre des populations et celle
de leurs besoins et préoccupations.
863AL HADERI Monsif, « Les partenariats public-privé des collectivités territoriales : cadre juridique et réalités
pratiques », Thèse de Doctorat en droit public, Faculté des Sciences Juridiques, Economiques et Sociales de Fès,
Maroc, 2015, p.13.
864NGONO TSIMI Landry, « L’autonomie administrative et financière des collectivités territoriales décentralisées :
l’exemple du Cameroun », Thèse de Doctorat en droit public, Université Paris-Est Créteil Val-De-Marne, France,
septembre 2010, p.191.
865 Article 205 de la loi organique n° 113.14 relative aux communes, op. cit.
Dans une autre optique, les contributions des communes membres font partie
des dépenses obligatoires866 qui doivent être inscrites chaque année dans
l’élaboration du budget de ces communes. Ainsi, dans le cas contraire, le
budget de la commune concernée ne sera pas visé par le gouverneur et ne sera
pas exécutoire par la suite.
A l’instar des communes, les ECI peuvent bénéficier des dons et legs provenant
des personnes physiques ou morales. Ces dons constituent une forme
d’acquisition à titre onéreux d’un bien ou équipement qui entre dans le cadre
de la gestion des services publics confiée à l’ECI.
Le législateur a précisé dans la loi organique relative aux communes que les
ECI peuvent disposer d’autres recettes diverses sans préciser la nature de ces
dernières. A titre d’exemple, l’ECI peut bénéficier d’un soutien financier dans le
cadre de programmes internationaux.
Dans cette optique, l’Etat peut recevoir des dons ou recourir à des prêts pour
renforcer le chantier de la décentralisation au Maroc en général et
l’encouragement de l’intercommunalité en particulier. Généralement, c’est la
Banque Mondiale qui finance des projets à caractère communal ou régional en
partenariat avec le gouvernement marocain, notamment le Ministère de
l’Intérieur (Direction Générale des Collectivités Territoriales).
Le budget est l’acte par lequel est prévu et autorisé, pour chaque année
budgétaire, l’ensemble des ressources et des charges868 de l’ECI. Le budget est
un acte de prévision car il établit un état estimatif des recettes et des dépenses
à réaliser pendant l'année à venir. Le budget comprend deux parties, la
première trace les opérations relatives au fonctionnement et la deuxième est
réservée aux opérations d'équipement ou d’investissement. En outre, le budget
doit être équilibré869 dans chacune de ses parties.
868 Article 152 de la loi organique n° 113.14 relative aux communes, op.cit.
869 Article n° 154, ibid.
La loi organique relative aux communes précise que les communes membres
d’un ECI doivent verser à ce dernier leurs participations financières relatives
aux missions qui lui sont confiées. Ces contributions couvrent à peine les
dépenses de fonctionnement en l’absence d’une convention de financement à
part entière qui fixe ces contributions de façon précise en corrélation avec les
missions transférées.
Par ailleurs, une des limites de l’autonomie financière des ECI, c’est l’absence
de l’autonomie même des communes membres. En effet, plusieurs communes
souffrent du manque de cette autonomie qui est due principalement à des
considérations politiques, financières et humaines.
871 BOUJROUF Said, GIRAUT Frédéric, « Des territoires qui s’ignorent ? Dichotomie entre territoires administratifs
et espaces de mobilisation au Maroc », Montagnes Méditerranéennes n° 12, 2000, p.64.
Dans la plupart des cas, les communes ne disposent que d’un budget de
fonctionnement, les espoirs d’investissements publics étant par là-mêmes
réduits à néant872. A la fin du mois de mai 2020, même si les recettes des
communes ont été de 10,568 MMDH et représentent 70,6% des recettes
globales des collectivités territoriales873, les dépenses de fonctionnement des
communes constituent 85,7% du total des dépenses, contre 14,3% réservées
aux dépenses d’investissements.
Cette situation est due à ce que l’essentiel des impôts générés par les
différentes activités économiques sont des impôts au niveau national qui
alimentent d’abord le budget de l’Etat et dont une partie est redistribuée aux
communes. Cette partie est constituée essentiellement par le versement de la
quote-part d’impôt d’Etat correspondant à 30% de la taxe sur la valeur
ajoutée874.
872 GOEHRS Manuel, « L’expérience communale au Maroc - De la Jemaa à la libre administration », Heinrich Böll
Stiftung - Afrique du Nord - Rabat, juillet 2015, p.49.
873 « Bulletin mensuel de statistiques des finances locales », Trésorerie Générale du Royaume, Mai 2020, p.6.
874 La loi n° 30-85 relative à la taxe sur la valeur ajoutée promulguée par le Dahir n° 1-85-347 du 7 rebia II 1406 (20
décembre 1985) prévoit dans son article 65 que : « Le produit de la taxe est pris en recette, au budget général de l'Etat
et, dans une proportion ne pouvant être inférieure à 30% et qui sera fixée par les lois de finances, aux budgets des
collectivités locales après déduction, sur le produit de la taxe perçue à l'intérieur, des remboursements et des
restitutions prévus par la présente loi ».
875Décret n° 2-17-451 du 4 rabia I 1439 (23 novembre 2017) portant règlement de la comptabilité publique des
communes et des établissements de coopération intercommunale.
876 NGONO TSIMI Landry, op. cit., p.192.
877 Loi n° 47-06 relative à la fiscalité des collectivités locales, op.cit.
Une autre expérience peut être avancée dans ce contexte d’autonomie fiscale,
c’est le cas de l'Espagne où l’Etat ne peut rien percevoir sur les territoires des
communautés autonomes « de régime foral »880. En contrepartie, ces
communautés autonomes lui versent une contribution (dite « cupo »881), afin
de participer au financement des activités d’ordre régalien (diplomatie,
défense)882.
une articulation parfaite entre le système fiscal de l’Etat et celui des ECI, de
manière à éviter les externalités négatives liées à la sur-taxation du
contribuable et à l’aggravation en conséquence de la pression fiscale883.
Théoriquement, la loi organique relative aux communes a doté les ECI de tous
les moyens et ressources nécessaires pour mener leurs missions dans de
bonnes conditions. En outre, ils dépendent toujours des communes membres
vu qu’ils ne disposent pas réellement d’une autonomie financière malgré que
l’article 133 de la loi organique relative aux communes énonce de manière
expresse ce principe.
Aussi, les ECI dépendent des subventions de l’Etat pour financer la plupart de
leurs projets, puisque les communes membres elles-mêmes n’ont pas les
moyens pour financer ces projets, même dans le cadre de mutualisation de
leurs moyens. Dans la plupart des cas, ces communes essayent de financer
seulement la partie fonctionnement de l’ECI pour garantir au moins sa
pérennité administrative.
Conclusion:
883 « La pression fiscale définit l'importance relative d'un impôt ou d'un groupe d'impôts (ou des prélèvements
obligatoires, telles les cotisations d'assurances sociales sur les salaires) dans l'économie nationale », RADOUI
Marouan, « La pression fiscale: quels impacts sur les entreprises marocaines? Cas des entreprises de la région de
Souss-Massa-Drâa au Maroc », Faculté des sciences juridiques économiques et sociales d'Agadir, Licence 2008, p.37.
gestion des services publics locaux. Néanmoins, le cadre juridique régissant ces
établissements reste insuffisant et ne couvre pas l’aspect managérial.
Dans cette optique, il faut réfléchir au-delà des aspects purement juridiques à
ceux relatifs aux aspects managériaux pour ériger les ECI d’un simple service
sous la tutelle des communes membres à des vrais établissements autonomes
dotés d’une réelle autonomie administrative et financière.
La refonte du cadre juridique régissant les ECI devra être repensée dans la
mesure où une adoption d’un cadre juridique clair et précis885 devrait,
884
HURON David & SPINDLER Jacques, « le management public local », Collection : Politiques locales, éditions
LGDJ - avril 2000, p.4.
885
AL HADERI Monsif, op. cit., p.328.
:الئحة املراجع
é é
é
Le droit de la preuve à l’épreuve du Blockchain : « Une occasion a
double intérêt juridique, la création d’un droit de la preuve
indépendant et une reconnaissance de la technique. »
Blockchain proof law: "An opportunity has a dual legal interest, the creation of an independent
proof law and recognition of the technique
Propos introductifs :
1.-De la défiance à la confiance, c’est en ces termes que les rapports
entre le Blockchain et le droit peuvent se résumer. Car l’on peut soutenir sans
intégrée dans les usages numériques886, le ver est dans le fruit, on peut donc
886
. M. Mekki, Les mysteres de la blockchain, D. 2017. 2160.
que le droit semble parfois hermétique à cette technologie887. ». Parce que cette
l’essence, avant de poser les jalons qui la définissent, l’on peut valablement
technologie numérique qui permet « aux membres d’un réseau de valider par
887
. Blockchain et preuve, Revue Lamy Droit de l’immatériel, n° 180, 1er avril 2021, p 2.
888
. Rapport du groupe de travail présidé par J. Toledano, Les enjeux du Blockchain, France stratégie, juin
2018. Rapport : Les verrous technologiques des blockchains, BCom de la DGE, avril 2021. Blockchain
and the Général Data Protection Regulation, Can distributed ledgers be squared with European data
protection law ? Study Panel for the Future of Science and Technology EPRS, European Parliamentary
Research Service scientific Foresight Unit (STOA) PE 634 445, July 2019. The Policy Environment for
Blockchain Innovation and Adoption 2019, OECD Global Blockchain Policy Forum Report, OECD
Blockchain Policy series, 2019. Vincent Lachene, Livre Blanc sur la Technologie Blockchain, Définitions
et incidences du Blockchain sur la société et le secteur financier, 2018
889
. Par V. Faure-Muntian et M. C De Ganay, R Le Gleut, Rapport au nom de l’Office parlementaire
d’évaluation des choix scientifiques et technologiques sur les enjeux technologiques des Blockchains
(chaines de blocs), enregistré à la présidence de l’Assemblée nationale et à la présidence du Sénat le 20
juin 2018. L. De La Raudière et M. J. M Mis, Rapport d’information sur les chaines de blocs
(blockchains), enregistré à la présidence de l’assemblée nationale, le 12 décembre 2018. Sur la question
du Blockchain et des données personnelles : Rapport : Premiers éléments d’analyse de la CNIL
BLOCKCHAIN, septembre 2018.
consensus des échanges et des transactions […] sans faire intervenir d’organe
livre comptable sur lequel toutes les transactions sont inscrites et qui peut être
consulté par tous. Comme dit précédemment, tous les utilisateurs peuvent
890
. A. Lecourt, Répertoire IP/IT et Communication, novembre 2020, p 3.
891
. Définition en provenance de L. 223-12 du code monétaire et financier introduit par l’ordonnance n° 2016-520 du
28 avril 2016 relative aux bons de caisse en droit français.
892
. A. Lecourt, Répertoire IP/IT et Communication, novembre 2020, p 3.
avantages de ce procédé sur un plan concret ? Cette technologie qui fait l’objet
d’un large consensus quant à sa fiabilité : quelles sont les raisons de cette
893
. Passionnés par les avancées technologiques la plupart des auteurs qui se penchent sur la notion de
Blockchain souligne le caractère de rupture et de bouleversement de cette technologie et de ses
implications sur le droit, reste à mesure gardé, car cette technologie peut agir comme un simple renfort du
droit et ne saurait en bouleverser les fondements pour une protection bradée sur l’autel du progrès.
894 Dossier : La Blockchain : de la technologie à la technique juridique, Dalloz IP/IT 2019.414. ( M.
.
Mekki, Blockchains : entre mystères et fantasmes ; N. Laurent-Bonne, La re-féodalisation du droit par le
Blockchain ; A. Bensoussan, Blockchain : de la technologie des algorithmes à la technique juridique ;
W.O’Rorke, L’émergence d’un droit de la Blockchain ; J-M Mis, Les technologies de rupture à l’aune du
droit ; E.A Caprioli, Mythes et légendes de la blockchain face à la pratique ; V. Gautrais, Les septs péchés
de la blockchain : éloge du doute !.
résumé dans les termes suivants : « Pour résoudre ce problème, les blockchains
sont conçues pour que, lorsque tous les participants honnêtes dépensent une
quantité d’énergie raisonnable, un participant malveillant doive dépenser une
quantité d’énergie déraisonnable. Et comme ce coût augmente avec la taille de
la communauté, le système assure que l’investissement nécessaire à une
malveillance reste toujours inférieur au gain espéré. Devoir investir plusieurs
895
. J.Bower et C. Christensen sont considérés comme les fondateurs de la théorie de l’innovation de
rupture ( « disruptive innovation ») à la suite de la publication de leur article, Disruptive Technologies :
Catching the Wave, Harv. Bus. Rev, Janvier –Février 1995 . 43.
mettent d’accord sur ce qu’ils considèrent comme une vérité, cette vérité
acceptée de tous, devient la norme dans le système. Une fois que cette
ici, d’une différence notoire par rapport à la base de données classique qui est
896
. J. Gossa, Les blockchains et smart contracts pour les juristes, Dalloz IP/IT 2018 p 393.
897
. S. Dorol, Blockchain et métiers du droit : la fin des tiers de confiance ? V. Streiff, Blockchain et
authenticicté : pour copie non certifiée conforme ; S. Boyer, Tiers et technologie au servie d’une confiance
renouvelée.
manière à ne pas faire peser le fonctionnement sur une seule machine, les
coloration autre quand des Smart contracts lui sont adossés. Par ailleurs, une
de tous les fantasmes relatifs à la notion, ainsi : « Les blockchains sont perçues
898
. Dossier : Smart contract, Approche de droit comparé, Dalloz IP/IT 2019. 10 : R.M Ballardini et O .
Pitkanen, Balancing Exclusive Rights and Acces to Technologies : Blockchain et intellectual Property
Rights ; F. Gillioz, Du contrat intelligent au contrat juridique intelligent ; E . Marique, Les smart contracts
en Belgique : une destruction utopique du besoin de confiance ; M. Mekki , Le smart contract, objet du
droit (Partie 2) ; A. Favreau, Présentation du projet de recherche sur les smart contracts.
899
. J. Gossa, Les blockchains et smart contracts pour les juristes, Dalloz IP/IT 2018 p 393.
900 Sur le blockchain et les smart contracts en particulier voir Dossier : Blockchain et métiers du droit :
.
une force vive ou subersive ?, Dalloz IP/IT 2020.86, M. Mekki, Blockchain et métiers du droit en
questions, S. Dorol, Blockhain et métiers du droit : la fin des tiers de confiance ?, G. Guerlin,
Considérations sur les smart contracts, Dalloz IP/IT 2017. 512.
901
. Dossier : Les smart contract sur la Blockchain, Dalloz IP/IT 2018. 392 : J. Gossa, Les blockchains et
smart contracts pour les juristes ; J.C Roda, Smart contracts, dumb contracts ?; D. Schafer, Smart social
contacts ? Jurisprudential reflections in blockchain enabled e-voting ; M. Mekki, Le contrat, objet des
smart contracts (Partie 1), F. Chafiol et A. Barbet-Massin, La blockchain à l’heure de l’entrée en
application du règlement général de la protection des données, Dalloz IP/IT 2017.637 ; Y . Cohen-Hadria,
Blockchain : révolution ou évolution ?, Dalloz IP/IT 2016.537 ; G. Guerlin, Considérations sur les smart
contracts, Dalloz IP/IT 2017. 512 ; C. Zolynski, La blockchain : la fin de l’ubérisation, Dalloz IP/IT 2017.
385.
application sont réunis (if). Il est un exécutant automatique : dès lors qu’il
constate qu’une transaction a bien été validée par le blockchain (if), il va
l’exécuter (then)902. ». Ces contrats sont divers et nous les expérimentons déjà,
lorsque nous réalisons un achat en ligne. L’exécution est donc dévolue aux
pas sans soulever des questions dans des matières sensibles comme le droit de
présumée faible.
est aussi centrale, ainsi, la nature des enregistrements varie en fonction des
902
. A. Lecourt, Répertoire IP/IT et Communication, novembre 2020, p 22.
903
. Blockchains et smart contracts : des technologies de la confiance, Réalités Industrielles, Annales des
Mines, aout 2017.
probante que l’écrit électronique, il faut que l’empreinte soit imputable à une
personne, or, les clés sont issues d’un logiciel sans l’intervention d’un tiers de
est en jeu, en effet, le système permet de définir une opération dans le temps,
à chaque validation de bloc, ce sont les blocs qui sont validés pas les
loi n°43-20. Reste à souligner qu’un bloc peut tout simplement être rejeté à la
principal de notre étude. La preuve est une notion cardinale du droit car elle
904
. T. Douville, Blockchains et preuve, Recueil Dalloz 2018 p 2193.
droit. Lorsque les modes de preuves sont déterminés par la loi, on parle de
preuve légale, dans d’autres cas de figure, la preuve est libre. Aborder la
qui revient la charge de preuve ? Quels sont les modes de preuve admise ? C’est
905
. G. Canivet, Présentation de la table ronde « Preuve et Blockchain », Dalloz IP/IT 2019, p 73.
906
. G. Canivet, Présentation de la table ronde « Preuve et Blockchain », Dalloz IP/IT 2019, p 73.
admissibilité ?
907
. V. Magnier, Enjeux de la blockchain en matière de propriété intellectuelle et articulation avec les
principes généraux de la preuve, Dalloz IP/IT 2019 p 76.
Dans un autre ordre d’idées, dans les textes nationaux il n’existe aucun
De manière à poser les jalons d’un droit de la preuve consacré par une loi
908
. Dans le domaine commercial, le code de Commerce pose le principe de la liberté de la preuve voir
article 334 du code de commerce.
Un panorama de la preuve par disciple sera exposé ici, tout d’abord, les
règles de la preuve civile et pénale (A), puis, les règles de la preuve en droit de
8.-En matière civile909, c’est dans le DOC que les règles relatives à la
preuve sont exposées910, et cela, dès l’article 399911 qui concerne l’objet de la
preuve qui affirme que c’est à la partie qui se prévaut d’une obligation de
909
. En droit civil l’action en justice porte sur des actes ou des faits juridiques dont les modes de preuve
sont prévus à l’avance. En guise de propos préliminaires, certains éléments juridiques méritent d’être
fixés : la preuve peut porter sur un fait juridique, définit comme un évènement qui produit des effets
juridiques, ou, un acte juridique qui est une manifestation de volonté visant à produire des effets de droit.
Quant à sa physionomie, la preuve se scinde ,aussi, en deux grands ensembles, la preuve parfaite, qui
résulte d’écrit, il s’agit de la preuve littérale, comme un acte authentique ou acte sous seing privé. La
preuve imparfaite comme un serment supplétoire. Voici par le menu les grandes distinctions en domaine
de preuve.
910
. Plus précisément au Titre Septième : De la preuve des obligations et de celle de la libération.
911
. « La preuve de l’obligation doit être faite par celui qui s’en prévaut ».
Une fois l’obligation prouvée, la partie adverse peut elle aussi prouver
suit le fil d’éléments nouveaux introduits qui doivent être prouvés. Pour finir,
la preuve d’une obligation ne peut être faite dans deux cas : lorsqu’elle
aucune action et lorsque la preuve tend à mettre en exergue des éléments non
Les moyens ou mode preuve reconnus dans le DOC à l’article 404914 sont
d’écrit, ainsi, la preuve est qualifiée de littérale, les règles la concernant sont
912
. « Lorsque le demandeur a prouvé l’existence de l’obligation, celui qui affirme qu’elle est éteinte ou
qu’elle ne lui est pas opposable doit le prouver. ».
913
. « La preuve de l’obligation ne peut être faite :
1. Lorsqu’elle tendrait à établir l’existence d’une obligation illicite ou pour laquelle la loi n’accorde
aucune action ;
2. Lorsqu’elle tendrait à établir des faits non concluants. ».
914
. « Les moyens de preuve reconnus par la loi sont:
1. L’aveu de la partie.
2. L’écrit littéral
3. La preuve testimoniale
4. La présomption
5. Le serment ou le refus de prêter serment. ».
défini à l’article 418 du DOC, qui est dressé avec les formalités requises par les
territoriale et matérielle. Mais aussi les actes reçus par les juges. L’article 419
du DOC affirme que l’acte authentique fait foi, même à l’égard des tiers sauf en
Puis l’acte sous seing privé, dont les contours sont dressés par l’article 424
obligatoire. Leur date faisant foi comme l’affirme l’article 425 DOC. D’autres
écrits existent comme les livres comptables, copies, télégrammes, livres des
parties, bordereaux etc, qui sont mentionnés à l’article 417 du DOC. Mais aussi
des copies de titres originaux authentiques, l’article 440 du DOC affirme que
915
. Les dispositions de l’article 417 ont été modifiées en vertu de l’article 5 de la loi n° 53-05 relative à
l’échange électronique de données juridiques : BO n° 5584 du 25 kaada 1428 (6 décembre 20017) p 1357.
Cet ajustement juridique permet de reconnaitre à l’écrit électronique la même force probante que l’écrit
papier sous certaines conditions.
reconnaissance explicite de ce mode preuve dans les textes exposés supra pour
405916 du DOC, la première réalité recouvre le cas où une déclaration est faite
l’affirme l’article 406917 DOC devant le juge. S’il est libre et éclairé l’aveu fait foi,
en ce sens l’article 409918 du DOC, de plus, il ne produit pas des effets sur les
tiers que dans les conditions prévues par la loi, comme le recommande l’article
410919 du DOC.
l’affirme l’article 407 du DOC, il peut être prouvé par témoins à chaque fois
qu’il est question d’une obligation à laquelle la loi n’exige pas d’écrit article
916
. « L’aveu est judicaire ou extrajudiciaire. L’aveu judiciaire est la déclaration que fait en justice la
partie ou son représentant, à ce spécialement autorisé. L’aveu fait devant un juge incompétent, ou émis
au cours d’une instance, a les effets de l’aveu judiciaire. »
917
. « L’aveu judiciaire peut résulter du silence de la partie, lorsque, formellement invitée par le juge à
s’expliquer sur la demande qui lui est opposée, elle persiste à ne pas répondre, et ne demande pas de délai
pour se faire. »
918
. « L’aveu doit être libre et éclairé, les causes qui vicient le consentement vicient l’aveu. ».
919
. « L’aveu judiciaire fait pleine foi contre son auteur et contre ses héritiers et ayants cause ; il n’a pas
d’effet contre les tiers que dans les cas exprimés par la loi. »
413920 du DOC. L’article 414 du DOC traite des situations de division de l’aveu,
L’article 415 du DOC, quant à lui, pose les cas dans lesquels l’aveu ne peut faire
foi.
certains faits. Il y a les présomptions légales, celles attachées par la loi à certains
actes ou faits et celles qui ne sont pas établies par la loi. Le serment et son
refus est une déclaration solennelle faite devant le juge, les règles le
concernant sont établies aux articles 460 du DOC qui organise un renvoi vers
. « L’aveu extrajudiciaire ne peut être prouvé par témoins, toutes les fois qu’il s’agit d’une obligation
920
l’article 440 du DOC. Reste la question de son admission par le juge qui une
9.-En droit pénal921, et en raison du fait que la preuve vise des faits
921
. M. Amzazi, Essai sur le système pénal marocain, Centre Jacques-Berque, Maktabat el Maghreb, 2013
p 17.
judiciaire.
preuve en matière pénale obéit donc à des règles différentes parce que : « la
juridiquement.
principe essentiel de ses dispositions est la preuve en matière pénale est libre
922
. La Convention européenne des droits de l’homme dans son article 6§1 qui fonde un droit à un tribunal
impartial mettre à une exigence nouvelle en matière probatoire celle de la loyauté dans la production de
la preuve. Ainsi les preuves doivent être obtenues et produites de manière loyale en justice. Ce principe
de loyauté doit logiquement s’applique au Blockchain, technologie présumée infaillible, on note tout de
même, la disparition de Bitcoins en 2014. Alors que se passerait-il si un vol de données sur Blockchain
serait produit en justice ?
923
. M. Lharoual, Droit de la procédure pénale marocaine, loi n° 89-18, modifiant et complétant la loi n°
22-01 relative à la procédure pénale, Librairie Dar Assalam Rabat, 2020, p 117.
sauf dispositions légales. Cette disposition transcrite à l’article 288 est une
déduit par la doctrine924 à l’article 288 du Code de Procédure Pénale par une
lecture extensive selon certains auteurs. Mais une proclamation directe est
procédure pénale.
924
. M. Lharoual, Droit de la procédure pénale marocaine, loi n° 89-18, modifiant et complétant la loi n°
22-01 relative à la procédure pénale, Librairie Dar Assalam Rabat, 2020, p 118.
la preuve n’incombe pas à l’inculpé. Il n’a pas à prouver son innocence et tant
le juge, en cas de doute, ce dernier bénéficie à l’inculpé qui est donc relaxé. Le
preuve qui lui est soumise. Le Code de la Procédure Pénale connait toute de
même des exceptions à cette règle, dans lesquelles la charge de la preuve est
renversée.
L’élément légal ne nécessite pas de preuve car c’est un élément de droit connu.
Le juge est souverain pour l’appréciation des faits et il peut, le cas échéant,
opérer une requalification si celle-ci est inopérante. C’est par ce biais que le
Par ailleurs, l’inculpé n’est pas tenu de prouver son innocence, il doit
cependant prouver la fausseté des allégations à son égard. Par une application
elle ne permettrait pas au juge de se forger son intime conviction, car ce dernier
n’est pas lié par les preuves qui lui sont apportées.
Et enfin, la preuve ne peut être établie tant que subsiste un doute sur la
l’accusé qui n’est pas tenu de démontrer son innocence mais simplement de
créer le doute qui éluderait toute certitude afin d’empêcher le juge de former
son intime conviction de manière limpide. Ce doute peut porter sur les faits ou
sur le droit.
défense invoqué : l’enjeu ici est de savoir si la position de l’accusé doit être
règles en vigueur dans le civil en imposant la défense qui invoque des faits à les
ministère public ne peut prouver que rien ne s’oppose à l’action qu’il exerce. En
la preuve, les éléments constitutifs des infractions sont présumés établis qui
moyens qui entourent la recherche de cette preuve. C’est ici que le Blockchain
peut jouer un rôle central s’il est encadré légalement et intégré aux modes de
la preuve. Ce qui est très regrettable est constituait un point noir de notre droit
présomption d’innocence.
925
. F. Terré, Introduction générale au droit, Dalloz, coll. « Précis », 2015, §613. V. le discours prononcé
par M.Bernard Louvel, in Colloque « La vérité …sans doute, Vérité scientifique, vérité judicaire », 2 oct
2015, Cour de cassation.
926
. M. Badil, La protection juridique de l’œuvre de l’esprit à l’ère du numérique au Maroc, Journal of
the Géopolitics and Géostrategic Intelligence, Vol 2, n ° 4, p 89-108.
à coup sûr d’établir la paternité d’une œuvre sur l’autel de la technologie sans
concrétisation d’un projet et permet d’asseoir ce dernier sur des bases solides
et protectrices. A défaut de tiers de confiance, tous les moyens sont admis pour
faire affilier la création d’une œuvre à son auteur. Cela constitue un faisceau
d’indices mais peut s’avérer inopérant ou insuffisant. La technologie
Blockchain mériterait d’être appréhendée par le droit, davantage encore dans
le domaine de la propriété intellectuelle.
927
. G. Canivet, Présentation de la table ronde « Preuve et Blockchain », Dalloz IP/IT 2019, p 73.
contrefaçon.
. Blockchain et preuve, Revue Lamy Droit de l’immatériel, n° 180, 1er avril 2021, p 7.
928
. Les blockchains et le droit, Revue Lamy Droit de l’Immatériel, n ° 147, 1er avril 2018, p 14 .
929
et rassurer, par la même, les investisseurs par la sécurité apportée. C’est pour
confiance tous les moyens de preuve d’affiliation d’une œuvre sont permis.
Blockchain.
contrefaçon. Cette preuve permettrait une recherche de la vérité plus facile, car
Blockchain soit reconnu comme de preuve, dans les mêmes termes que l’écrit
électronique débat déjà ancien.
peut être contestable, et tout spécialement celle d’une œuvre d’art, ici, l’enjeu
réside dans le fait d’apporter une preuve fiable de son droit de paternité sur
l’œuvre mais aussi une date certaine à cette création. Les rapports du
. Les blockchains et le droit, Revue Lamy Droit de l’Immatériel, n ° 147, 1er avril 2018, p 14 .
930930
reconnaissance de ce mode de preuve tombe sous le sens et doit dans les plus
Seront étudiés ici l’esprit et l’influence de cette loi (1), dans un premier
931
. Les blockchains et le droit, Revue Lamy Droit de l’Immatériel, n ° 147, 1er avril 2018, p 13.
12.-Le droit national est un droit qui a montré patte blanche devant la
932
. Promulguée par la Dahir n° 1- 07-129 du 19 kaada 1428 ( 30 novembre 2007) publié au Bulletin Officiel
n° 5584 du 6 Décembre 2007
933
. Ibid.
934
. Voir sur Légifrance.
935
. https://www.legifrance.gouv.fr/loda/id/LEGITEXT000005629200/2021-01-25/
936
. https://eur-lex.europa.eu/legal-content/FR/ALL/?uri=celex:31999L0093
des données juridiques par voie électronique, ainsi que l’équivalence des
électronique, ainsi que les règles à respecter par ces derniers et les titulaires
électronique.
probante que l'écrit sur support papier. L'écrit sous forme électronique est
937
. Les dispositions de l’article 417 ci-dessus ont été modifiées en vertu de l’article 5 de la loi n° 53-05
relative à l’échange électronique de données juridiques; Bulletin Officiel n° 5584 du 25 kaada 1428 (6
décembre 2007), p.1357.
admis en preuve au même titre que l'écrit sur support papier, sous réserve que
puisse être dûment identifiée la personne dont il émane et qu'il soit établi et
conservé dans des conditions de nature à en garantir l'intégrité938 ». Il s’agit ici
d’une avancée fondamentale du droit de la preuve et de la consécration du
perfection d'un acte juridique identifie celui qui l'appose et exprime son
consentement aux obligations qui découlent de cet acte. Lorsque la signature
est apposée par devant un officier public habilité a certifier, elle confère
l'authenticité à l'acte. Lorsqu'elle est électronique, il convient d'utiliser un
938
.http://adala.justice.gov.ma/production/legislation/fr/Nouveautes/Code%20des%20Obligatio
ns%20et%20des%20Contrats.pdf. Modifié par la loi n° 43-20 : comme suit : « Titre II :
Dispositions modifiant le Code des obligations et des contrats, article 76 : « Sont modifiées les dispositions
des articles 2-1 (troisième alinéa) et l’article 417-3 ( troisième alinéa) du dahir formant Code des
obligations et des contrats du 9 ramadan 1331 ( 12 aout 1913) ainsi qu’il suit : « Article – (troisième
alinéa) : Toutefois, les actes « relatifs …. Pour les besoins de sa « profession et les actes établis par les
établissements de crédit « et organises assimilés. » « Article 417-3-(Troisième alinéa) : Tout acte sur
lequel « est apposée une signature électronique qualifiée et dont « l’horodatage électronique est qualifié,
à la même force « … date certaine. » L’article 77 le terme « sécurisée » employé dans les articles 417-3
(premier et deuxième alinéa), 425 et 426 du dahir formant Code des obligations et des contrats est
remplacé par le terme « qualifiée ».
939
. Eric Caprioli, « Le juge et la preuve électronique », Juriscom.net, 10 janvier 2000,
http://www.juriscom.net.
940
. Mohamed Diyaâ Toumlilt, « Le commerce électronique au Maroc : Aspects juridiques » Les éditions
Maghrébines, 2011, p.445.
procédé fiable d'identification garantissant son lien avec l'acte auquel elle
s'attache941. » La signature électronique remplit une double fonction
d’identification et de manifestation de volonté942.
décret pour l’application des articles 13, 14, 15, 21 et 23 de ladite loi est sorti
941
.
http://adala.justice.gov.ma/production/legislation/fr/Nouveautes/Code%20des%20Obligations%20et%20
des%
942
. Mohamed Diyaâ Toumlilt, « Le commerce électronique au Maroc : Aspects juridiques » ,Les éditions
Maghrébines, 2011p . 448.
943
.http://adala.justice.gov.ma/production/legislation/fr/Nouveautes/Code%20des%20Obligations%20et
%20des%
944
. Bulletin Officiel n° 5744 du 24 joumada II 1430 ( 18 Juin 2009),
http://adala.justice.gov.ma/production/html/Fr/163304.htm
pour permettre une réelle application sur le terrain de la loi n°53-05, plusieurs
l’accompagnant946.
945
. http://extwprlegs1.fao.org/docs/pdf/mor96758.pdf
946
. Bulletin officiel n° 5830 du 29 rabii II 1431 ( 15 avril 2010),
http://adala.justice.gov.ma/production/html/Fr/163689.htm
D’un point de vue technique si l’on se penche sur la question de la preuve via
technique présumée inviolable. C’est le traçage des opérations qui est ainsi
B- La loi n° 43-20.
sont manquantes (1) et certaines notions sont dotées d’une assise juridique
fragile (2).
sens : article premier de la loi affirme que : « La présente loi a pour objet de fixer
947
. Promulguée par le Dahir n° 1-20-100 du 16 joumada I 1442 ( 31 décembre 2020) publié au BO n°
6970 du 18 mars 2021 en langue française.
dans son titre préliminaire, article 2, pose les définitions, notamment celle de
des définitions au chapitre préliminaire. Cette remarque n’est pas anodine car
Mais une parenthèse doit être ouverte ici, en ce qui concerne les notions
manquantes pour plus de clarté en effet, c’est la Blockchain privée qui répond
fiabilité. Une définition claire de la notion de Blockchain est ses nuances aurait
été une bonne chose. Rappelons que la loi ne fait aucune référence à cette
technique.
-être fondé sur une horloge exacte liée au temps universel coordonné et ;
Cette disposition est en contradiction avec l’article 417 modifié par la loi
. Blockchain et preuve, Revue Lamy Droit de l’immatériel, n° 180, 1er avril 2021, p 4.
948
privé par exemple. Le constat est clair en droit spécial il n’y a pas de
Conclusion :
preuve parmi les plus fiables n’est pas une réalité juridique lointaine. Ainsi
vigueur.
du Blockchain car la preuve en la matière est libre. Il faut tout de même veiller
et cela sans coûts et de manière fiable. Une vraie aubaine pour un droit classifié
encadrée par la loi et donc facile à établir et que l’horodatage simple est
reconnue comme mode de preuve, ce qui est le cas avec la loi n°43-20.
par l’octroi d’une loi dédiée, ainsi, le Blockchain et les vertus qu’il véhicule
des conditions qui encadrent la qualité de la preuve fournie, ainsi, sera rendu à
César ce qui appartient à César. Alors à quand une riposte juridique efficiente ?
:الئحة املراجع
تقارير علمية
قانونية وقضائية
لندوات أكاديمية
مع املساطر اإلجرائية أثناء كتابة األطروحة من تأطير األستاذ عادل املعروفي أستاذ
ضمن الورشات املبرمجة في إطار أشغال امللتقى الدولي االفتراض ي األول حول
التكوين األكاديمي والتبادل املعرفي والذي قدم على منصة التواصل االجتماعي
وجدير بالذكر أن خلق جسور للتواصل املعرفي البناء بين األستاذ والطالب يعد
من بين األهداف املسطرة للملتقى إلى جانب أهداف أخرى من بينها:
-توجيه الطلبة نحو بناء بحث أكاديمي جيد وعمل متقن وذا راهنية مثمر.
-تحفيز الطلبة لبذل املزيد من الجهد وتقدير املتطلبات الالزمة لتحسين جودة
-فتح نقاش علمي حول مناهج البحث األكاديمي وسبل االختيار املناسب
وفيما يخص الورشة املنعقدة فقد شارك فيها ستة عشر طالبا باحثا بسلك
الدكتوراه من داخل وخارج املغرب ،فمن املغرب شارك طلبة باحثين بسلك
شعبة القانون الخاص ومن كلية الشريعة والقانون فاس ،ومن كلية الشريعة
والقانون بأكادير ؛ ومن خارج املغرب شارك طلبة باحثين من الجامعة األمريكية
في اإلمارات و من كلية الحقوق الجامعة األردنية باألردن ،و طلبة من كلية القانون
والعلوم السياسية جامعة ديالى العراق كما شارك طلبة كذلك عن كلية الحقوق
بصفاقس تونس.
عن وقائع الورشة املعنية فقد انطلقت أطوارها مع الساعة الرابعة مساء
مع املساطر اإلجرائية أثناء كتابة األطروحة ،موضحا أهميتها والتي جمعت بين
مستفيدين منها من مختلف املشارب البحثية ؛ وقد أشار بداية األستاذ ألهمية
التقسيم مميزا في ذلك بين التقسيم الثنائي النموذج املعتمد في املغرب والثالثي
باختالف املنهج البحثي املعتمد من بلد آلخر وموضحا أهمية التصميم في املوضوع
البحثي والذي البد من أن تكون مرحلة إعداده وتحرير البحث مسبوقة باالطالع
على جميع القوانين واملحددات املرتبطة بموضوع البحث وكذا املستجدات بحيث
ال يمكن حسب األستاذ كتابة املوضوع في ظل قانون قديم وهو ما يطرح إشكاال
لدى بعض الباحثين ،واستدل هنا األستاذ بنموذج في املجال القانوني متعلق
بالقانون املتعلق بالضمانات املنقولة الصادر حديثا قائل بأن هناك قوانين سواء
في املجال التجاري أو املدني أو غيره هي حديثة في حين يتم االعتماد على مراجع في
ظل القوانين القديمة ،ليمر األستاذ بعد ذلك لإلشارة إلى اإلطار العام الذي ينبغي
أن يسم أي عمل علمي وهو التوفر على مقدمة وتصميم وخاتمة .
لينطلق بعد ذلك األستاذ املعروفي بالخوض في أبرز مقومات وعناصر املقدمة
من الجانب التاريخي إلى األهمية ودوافع اختيار املوضوع وكذا الصعوبات التي
تعترض الباحث والتي هناك حسب األستاذ من يحبذ وضعها ومن ال يحبذ ذلك ثم
وصوال إلى اإلشكالية وضوابطها وقد لفت األستاذ هنا إلى أن هناك من يعتمد تفريع
غياب معيار موحد على هذا املستوى ،ليحدد بعد ذلك الباحث املنهج املعتمد في
أطروحته والذي ال ينبغي عليه تبريره كونه مرتبط بطبيعة املوضوع وطبيعة الطرح
هذا فيما يخص الضوابط املتطلبة في مقدمة البحث ،قبل أن يتطرق األستاذ
لضوابط التحرير مركزا في ذلك على الشق املتعلق بمحددات االقتباسات من
املصادر وكذا أنواع االقتباسات املتعارف عليها من حرفي(مباشر) وغير حرفي (غير
مباشر) واقتباس من لغة أخرى عبر الترجمة والتي ينبغي التقيد فيها بشروط كل
لغة حسب حقل التخصص سواء القانوني أو األدبي أو االقتصادي ،كما تمت
اإلشارة لبعض املعيقات التي قد تعترض الباحثين على مستوى التعامل مع األحكام
والقرارات القضائية الفتا في ذلك األستاذ إلى ضوابط التعامل معها وتوثيقها؛
لينتقل بعد ذلك إلى التطرق ملقومات الخاتمة التي ينبغي أن ال تمثل فقط تلخيصا
سطر األستاذ عادل على مالحظة كون هناك من يعتمد ضمن التحرير خاتمة لكل
باب أو لكل فصل وذلك يبقى حسب رؤية األستاذ املشرف أو ما كان متعارفا عليه
ثم مر األستاذ لتوضيح أهم الضوابط التي ينبغي التقيد بها حين توثيق اآليات
النبوية التي ينبغي تحري صحتها ومصدر نشرها (كصحيح البخاري مثال أو مصدر
آخر).
إلى جانب ما سلف بيانه عرج األستاذ املعروفي على مسألة اإلحاالت والتهميش
الذي يفضل على مستواه اعتماد الترقيم املتسلسل من الرقم 3إلى آخر رقم بما
من شأنه أن يدل على األمانة العلمية ومدى تمكن الباحث من التقص ي ،إلى جانب
التطرق ملتطلبات توثيق املراجع من اسم املؤلف ودار نشر وطبعة وغيره من
املعطيات األساسية.
لينتقل بعد ذلك للحديث عن أهمية األسلوب واللغة في التحرير حسب طبيعة
لضوابط قائمة املراجع وتصنيفها من مصادر عامة ومتخصصة ومجالت وغير ذلك
من املراجع املعتمدة في البحث ،كما تطرق األستاذ لقائمة املختصرات ضمن
البحث وعن امللحق لفت إلى أفضلية االبتعاد عن اعتماده تجنبا للحشو إال حين
كما لفت األستاذ قبل الختام إلى أهمية تحري التوازن بين محاور البحث حين
ليختتم بعد ذلك األستاذ كلمته -والتي دامت حوالي خمس وثالثين دقيقة -في
املوضوع فاتحا املجال للنقاش وتلقي االستفسارات أمام الباحثين املشاركين في
واإلجابة عنها من قبل األستاذ أعلن عن نهاية الورشة التكوينية مع اإلشارة إلى
كون باب التواصل مفتوحا أمام الباحثين وتوجيه شكر في الختام للجهة املنظمة
للورشة.
P 722 مـجلة قانونية علمية حمكمة
العدد 37من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر دجنرب 2021م
رابط حتميل جميع أعداد مجلة الباحث 03عىل الموقع الرسيم (موقع الباحث)
https://www.allbahit.com