Professional Documents
Culture Documents
المدخل إلى العقيدة الإسلامية-
المدخل إلى العقيدة الإسلامية-
المدخل إلى العقيدة الإسلامية-
1
الفهرس
2
مقدمة:
الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا محمد وآله وأصحابه الطيبين
الطاهرين ،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،ثم أما بعد:
فلقد قامت شعبة العقيدة والفلسفة اإلسالمية بإعداد مادة علمية منضبطة وموجزة
وفيها الكفاية لمقرر المدخل إلى دراسة العقيدة اإلسالمية.
وبعد النظر والتجوال بين الكتب النافعة والموجزة في هذا الفن ،وقع االختيار على
جوهرتين فريدتين من تراثنا العظيم وهما :كتاب (الحفيدة السنوسية لإلمام السنوسي)
بشرح األستاذ نزار حمادي ،وأما الكتاب الثاني فهو (شرح الخريدة البهية لإلمام
الهمام أحمد الدردير) ،وأخذنا منه مادة السمعيات (الغيبيات) ،وقمنا بإضافة مبحث
مبادئ علم العقيدة كمقدمة تعريفية لهذا العلم الجليل ،باإلضافة إلى مباحث أخرى.
وقمنا كذلك بالتصرف في بعض المواطن بعبارة الماتن تارة وعبارة الشارح تارة أخرى
وذلك بقصد تبسيط العبارات لطالبنا األعزاء.
وهللا نرجو التوفيق والسداد ،فهو حسبنا ونعم الوكيل
شعبة العقيدة
2021/2020م
3
المقدمات
(المبادئ العشرة لعلم العقيدة)
الحمد هلل الذي تتم بنعمته الصالحات ،ومن فيض جوده تكون الخيرات والبركات،
وصلى هللا وسلم على سيدنا وموالنا محمد َمن به عرفنا هللا ،وبه وصلنا لموالنا جل
فإن كل علم أراد اإلنسان أن يتعلمه -سواء كان علمجالله وتعالى في عاله وبعدّ :
دين أو دنيا -ال بد وأن يعرف معالم هذا العلم بأخذ صورة عامة قبل الدخول في
تفاصيله ودقائقه .وهذه النظرة العامة هي ما ُيعرف عند العلماء بمبادئ العلم العشرة.
ألي علم ،وقد جمعها بعض العلماء المجملة ّ
َ وهي مبادئ جامعة للصورة العامة
بقوله:
الحـ ـ ـد والمـ ـوضـ ـوع ثـم الثم ـ ـرة إن مب ـ ـ ـادئ ك ـ ـل فـ ـن ع ـشـ ـرة ّ
واالسم االستمداد حكم الشارع وف ـض ـلـه ونس ـب ـ ـة وال ـ ـ ـواضـ ـ ـع
ومن درى الجميع نال الشرفا مسائل والبعض بالبعض اكتفى
1
الح ّد هنا بمعنى التعريف .وهو مصطلح علماء المنطق وسمي بذلك ألنه يرسم حدود أ ّ
ي
مصطلح بوضع كلمات تضبط المعنى المقصود له دون أن تُدخل عليه ما ليس منه
2واألركان المذكورة في حديث سيدنا جبريل ل ّما سأل النبي عن اإليمان فقال( :أن تؤمن باهلل
وشره)
ّ ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقدر خيره
4
ثانياً :موضوع 3علم العقيدة:
مطلوب منا في علم العقيدة معرفة ما يجب وما يجو وما يستحيل في حــق هللا تعــالى
ومث ــل ذل ــك ف ــي ح ــق رس ــله عل ــيهم الص ــالة والس ــالم .بمعن ــى :م ــا ه ــي الص ــفات الت ــي
يتصف بها هللا تعالى ،وما هي الصفات التي ال تليــق بــه ســبحانهت هــل يتصــف بــالعلم
سبحانه أو بالجهلت بالقدرة أو بالعجزت وهكذا.
وك ــذلك األنبي ــاء ،م ــا ه ــي الص ــفات الت ــي تلي ــق به ــمت الص ــدث م ــثال أم الك ــذبت تبليـ ـ
األحكـ ــام واألوامـ ــر الربانيـ ــة للنـ ــام أو كتمانهـ ــا عـ ــنهمت وكـ ــذلك معرفـ ــة بعـ ــض األمـ ــور
المتعلقة بالغيب ،مثل وجــود المالئكــة والجــن وبعــض أخبــار يــوم ال يامــة كالجنــة والنــار
والص ـراا والحش ــر والمي ـزان والح ــور والول ــدان و يره ــا .وك ــل ه ــذا ُيع ــرف عن ــد العلم ــاء
بـ(:اإللهيات والنبوات والسمعيات)
4
ثالثاً :ثمرة علم العقيدة
5
في الدنيا :معرفة هللا تعالى باألدلة والبراهين العقلية والنقلية القطعية
وفي اآلخرة :الفو برضا الرحمن ،ودخول الجنان ،والنجاة من النيران.
3المقصود بالموضوع هو( :مدار البحث ومجال الدراسة) ،أي ما هو المجال الذي يبحث فيه
أن جسم اإلنسان مثالً هو مجال بحث الطبيب. هذا العلم .وما هو الشيء الذي يُركز عليه .فكما ّ
والكلمة هي مجال بحث علم النحو ،وهكذا باقي العلوم.
ولكل علم موضوع ومجال خاص يبحث فيه .ومجال البحث في علم العقيدة هو الذات المقدسة،
وسادتنا األنبياء
4المقصود بالثمرة :الفائدة ُ المرجوة ُ والمطلوبة من تحصيل هذا العلم .وهو جواب على سؤال:
صلت القدر الضروري من هذا العلم؟ ما الذي ستستفيده إذا ح ّ
5ولهذه الثمرةِ ثمرة ٌ لطيفة ،أال وهي :اإلذعان والتسليم لكل أوامره سبحانه بمحبة وشوق وإقبال.
إ ْذ َمن عرف أحب ،ومن أحب أطاع.
5
العلم6
خامساً :نسبة هذا
عادة ما يكون هنــاع عالقــة بــين العلــوم فمــثالً نجــد هنــاع عالقــة بــين علــم الطــب وعلــم
الص ــيدلة ،وعل ــم الهندس ــة المدني ــة والمعماري ــة .ومث ــل ذل ــك عل ــوم الش ـريعة بينه ــا عالق ــة
وهنــاع بعــض العلــوم فيهــا تُبنــى علــى علــم آخــر ،كعلــم الفقــه مــثالُ فإنــه ُيبنــى علــى علــم
أصول الفقه .وهذا حال علم العقيدة فــي عالقتــه مــع بــاقي العلــوم الشــرعية ،فهــو أصــل
ألن الــذي يــىمن بــاه تعــالى وبرســوله
لبــاقي العلــوم الشــرعية كله ـا وهــي تبــع لــه .وذلــك ّ
وبكتابــه ســيىمن بكــل العلــوم التــي جــاءت مــنهم ،والــذي ال يــىمن بــاه تعــالى لــن يــىمن
ولــن يقبــل أي أمــر يــأتي منــه .لــذلك فنســبة هــذا العلــم لغي ـره مــن علــوم الشــرع الش ـري
كنســبة األصــل للفــرع وذلــك ألن معرفــة هللا تعــالى هــي األســام الــذي تُبنــى عليــه بــاقي
العلوم الشرعية.
11
ثامناً :استمداد هذا العلم.
مــن األدلــة العقليــة والنقليــة .إذ كــل علــم حتــى يصــال أن يكــون علم ـاّ البــد لــه مــن أدلــة
يقوم عليها .وهذا العلم أدلته من أقوى األدلة التي عرفها النام وذلــك ألنهــا تقــوم علــى
داللــة قاطعــة يحكــم بهــا العقــل تــارة ويحكــم بهــا النقــل تــارة أخــرى ونقصــد بقاطعــة :أنهــا
ردها أو إضعافها.
وضحة الداللة و يستحيل نقضها أو ّ
9اإلمام الجهبذ محمد بن محمد الماتريدي نسبة إلى منطقة اسمها ماتُريد في سمرقند.
المتوفى()333هـ درس علم العقيد والفقه على مذهب اإلمام أبي حنيفة في سمرقند على أيدي
شيوخه وكان منافحا ً عن مذهب أهل الحق ،ناظر معتزلة زمانه في بالد ما وراء النهر وكذلك
الشيعة ،وأهل األديان األخرى من نصارى ويهود وزاردشت وغيرهم حتى جعل هللا له ظهورا ً
واضحا ً ال يُجاريه فيه أحد .وكتب لمنهجه القبول في بالد ما وراء النهر .وله من الطالب
واألتباع الج ّم الغفير.
10للذي قلناه في تعريف اإلمامين نقول :جموع علماء أهل السنة وكثرتهم الكاثرة هم إما أشاعرة
عرفوإما ماتريدية .وال ينكر هذا إال غافل أو متغافل .ولو نظرنا في كتب التراجم التي ت ُ ّ
أن الغالب األعظم منهم ينتهي اسمه بـ :األشعري أو الماتريدي.بالعلماء لوجدنا ّ
أي من أين نأخذ أدلة هذا العلم ومن أين نستمدها ْ 11
7
12
تاسعاً :حكمه الشرعي.
الوجوب العيني والكفائي
فــالعيني :هــو معرفــة أدلتــه إجمــاال وذلــك علــى كــل مســلم ومســلمة .كــأن يعتقــد بوجــود
اإلله لوجود هذه المخلوقات.
ويعتقد بوجود المالئكة ألن هللا أخبر عنهم.
والكفائي :هو معرفة أدلته التفصيلية .كأن يعرف وجود الخالق بحــدوا العــالم بتغييـره.
وتغيره بمشاهدة ذلك من حركة إلى سكون .وهكذا
12
بمعنى :ما هو حكم الشرع الشريف في تعلم هذا العلم هل هو واجب أو مندوب أو ماذا؟
8
أوال :اإليمان باهلل تعالى
9
أوالً :وجوب الوجود لذاته
** والمقصود بهذه الصفة :أن هللا تعالى ال يقبــل العــدم أ الً وال أبــداً ،فــال يتصــور فــي
العقل عدمه.
** وأما الدليل النقلي على وجــوب وجــوده تعــالى :قولــه عــز وجــل( :ذلككب بك ن هللا هككو
الحككق [لقمــان .]30 :فيوصــف هللا تعــالى بأنــه الحــق علــى معنــى أون ـه واجــب الوجــود،
يقــال مــن ذلــك :حــق يحــق ،أي :وجــب يوجــب ،ومــن سـواه فلــيا بواجــب الوجــود ،ودنمــا
وجوده به تعالى.
كل ما سواه سبحانه وخروجه إلى الوجود بعد العدم ،أي حدوا العالم. منها :حدوا ّ
وبيــان ذلــك :أن كـ ّـل مــا س ـواه ســبحانه ينقســم عنــد جمهــور العلمــاء إلــى أجـرام (أجســام)
وأع ـ ار (صــفات) ،فــاألجرام (األجســام) :كـ ّـل مــا يشــغل ف ار ـاً يعم ـره ويمنــع ي ـره أن
يحــل فيــه ،واألع ـ ار (الصــفات) :هــي التــي تقــوم بتلــك األجـرام (األجســام) مــن اللــون
والحركة والسكون.
فالدليل على حدوا العالم هو حــدوا األجـرام (األجســام) واألعـ ار 0الصــفات) ،أمــا
حدوا األع ار (الصفات) فما من لون أو حركة أو ســكون أو يرهــا وإال وهــو جــائز
الوجود ،يصال وجوده وعدمه بدليل المشاهدة ،وما لم تشاهده فحكمــه حكــم مــا شــاهدناه
الستواء الجميع في الح يقة ،وجائز الوجود ال يكون إ وال حادثاً.
لهــا فــي الطــول والعــر وأمــا حــدوا األج ـرام (األجســام) فمــا مــن مقــدار مخصــو
والحجم و يرها وإال ويجو أن تقبل يره ،وهذا القبول ال م ذاتي لهــا ال يمكــن انفكاكهــا
عنه ضرورة ،وهــذا األمــور المقبولــة متســاوية فــي قبــول األجـرام بهــا ،ال تــرجيال ألحــدها
حيث ذاته ،بــل هــي مفتقـرة إلــى مــن يــرجال وجودهــا بمقــدار معــين دون
على اآلخر من ُ
يره ،وما هذا شأنه ال يكون وإال حادثاً.
ودذا ثبــت حــدوا العــالم ثبــت افتقــاره إلــى محــدا ألن الضــرورة العقليــة قاضــية بافتقــار
كل محدا إلى محدا ،وهو هللا سبحانه وتعالى.
ّ
10
ومنه كا :أونـه لــو لــم يوجــد واجــب الوجــود لــزم أن ال يوجــد موجــد أص ـالً ،والــال م – وهــو
عــدم وجــود موجــود أص ـالً -باطــل ضــرورة ،إذ ال يشــك عاقــل فــي وجودنــا مــثالً ،ودذا
وجل.
عز و بطل الال م بطل الملزوم ،وثبت ن يضه وهو وجود واجب الوجود و
َن ِإَلى َرّبك اْل ُم ْنتَ َهى [النجم،]42 :
ودلى هذا البرهان العقلي يشير قوله تعالىَ ( :وأ و
فاآلية تدل على أن الموجودات في هذا العالم كاإلنسان والنبات و يرهما تدل على
وجود هللا تعالى ،ألن هذه الموجودات ال بد لها من موجد ،ألنه يستحيل وجودها من
نفسها ،فالشيء ال يوجد نفسه.
ف ــإذا نظ ــر العق ــل ف ــي ه ــذه الموج ــودات الممكن ــة ل ــم يج ــد ب ــداً م ــن االنته ــاء إل ــى الج ــزم
بوجوب وجــود صــانع لهــا ،وأن يكــون هــذا الصــانع متصــفا بصــفات الكمــال ،وهــو اإللــه
الحق ،فاه هو المنتهى الذي ينتهي إليه استدالل العقل.
واعلــم أن المخالفــة الواجبــة لــه تعــالى تجمــع كـ ّـل التنزيهيــات ،فهــي تســلب الجرميــة عــن
ذات ـ ــه والعرض ـ ــية ع ـ ــن ص ـ ــفاته وخواص ـ ــهما ،ودن ش ـ ـ ت قل ـ ــت :س ـ ــلب المماثل ـ ــة لل ـ ــذات
والصفات واألفعال ،فيستحيل على ذاته العلية وصفاته السنية الجرمية والعرضية وكـ ّـل
ال م م ــن لوا مهم ــا المقتض ــية للح ــدوا كالمق ــادير والجه ــات واأل من ــة واألمكن ــة والق ــرب
والبعد بالمسافة والصغر والكبر والمماسة والحركة والسكون و ير ذلك من اللوا م.
12
** وأما الدليل النقلي على مخالفته تعالى للحوادا
الس ِميع اْلب ِ
ص ُير) [الشورى]11: ِ ِِ
قوله تعالىَ (:ل ْي َا َكم ْثله َش ْيء َو ُه َو و ُ َ
13
فتبــين بهــذين الــدليلين وجــوب الغنــى المطلــق لموالنــا جــل وعــال عــن كـ ّـل مــا سـواه ،وهــو
معنى ليامه تعالى بنفسه.
سادساً :الوحدانية
** والمقصود بهــا أن هللا واحــد فــي ذاتــه ،أي يــر مىلــف مــن جـزئين فــأكثر ،وال مثــل
له ،وواحد في صفاته ،فال مثل له فيها وال نظير ،وواحد في أفعاله فــال شـريك لــه فيهــا
وال مىثر معه في فعل من األفعال وال ضد له وال و ير وال معين.
ودن شـ ـ ت فقـ ــل :هـ ــي سـ ــلب المثيـ ــل فـ ــي الـ ـ وـذات والنظيـ ــر فـ ــي ال ِ
صـ ـفات والشـ ـريك فـ ــي
ّ
األفعال.
14
ثانيـ ـاً :ودم ــا أن يوج ــداه مـ ـرتبين (ب ــأن يوج ــده أح ــدهما ث ــم يوج ــده اآلخ ــر) ،وعندئ ــذ ل ــزم
تحصيل الحاصل وهو باطل بالبداهة.
ثالثاً :ودما أن يوجده أحدهما دون اآلخر ،وعندئذ كان الموجد هو اإلله والثاني باطل.
رابع ـ ـاً :ودمـ ــا أن يوجـ ــد كـ ــل منهمـ ــا بعـ ــض الشـ ــيء دون الـ ــبعض اآلخـ ــر ،وعندئـ ــذ لـ ــزم
عجزهما ،ألنه لما تعلقت قدرة أحدهما بالبعض سد على اآلخر طريق تعلق قدرته بــه،
فال يقدر على مخالفته ،وهذا عجز ،وكــل ذلــك باطــل ،فبطــل مــا أدى إليــه ،وهــو وجــود
إلهين متفقين .وهذا البرهان يسمى :برهان التوارد ،لما فيه من تواردهما على شيء.
* ودن اختلفا ،بأن أراد أحدهما إيجاد العالم ،وأراد اآلخر إعدامه:
أوالً :فإما أن ينفذ مرادهما معاً ،وعندئذ لزم اجتماع الضدين ،وهو باطل بالبداهة.
ثانياً :ودما أن ينفذ مراد أحدهما فقط دون اآلخر ،وعندئذ يلزم عجز من لم ينفذ مـراده،
واآلخر مثله ،النعقاد المماثلة بينهما.
ثالث ـاً :ودن لــم ينفــذ م ـراد أحــدهما ،لــزم عجــز كــل منهمــا ،ولــزم ارتفــاع ( وال) الضــدين
وهو باطل .فبطل ما أدى إلى ذلك ،وهو وجود إلهين مختلفين .وهذا البرهــان يســمى :
برهان التمانع ،لتمانعهما وتخالفهما .فإذا بطل وجود إلهــين متفقــين أو مختلفــين ،وجــب
أن يكون اإلله واحداً.
أوالً :القدرة
كل ممكن ودعدامه على وفق اإلرادة.
** وهي صفة يتأتى بها إيجاد ّ
وضدها العجز.
15
ِير) [البقرة]109: ء ْ قهد ٌع هلى ُك ِش ه منها :قوله تعالىِ ( :إن ه
ّللا ه
ِير) [البقرة]284: ء ْ قهد ٌ علهى ُك ِش ه ومنها :قوله تعالى (:هوّللاُ ه
ء ْ ُم ْقتهد ًِرا) [الكهف]45: علهى ُك ِش ه ومنها :قوله تعالى ( :هو هكانه ّللاُ ه
** وثم ـرة معرفــة اتصــاف هللا تعــالى بالقــدرة إجاللــه ســبحانه ومهابتــه ،ورجــاء إنعامــه،
وجل شاملة ألنواع النفع والضر والخير و يره.
عز ووخوف انتقامه ،فإن قدرته و
ثانياً :اإلرادة.
الممكــن بــبعض مــا يجــو عليــه مــن وجــود وعــدم، ** وهي صفة يتأتى بهــا تخصــي
وصفة دون صفة ،و مان دون مان ،ومكان دون مكان ،وجهة دون جهة.
16
ثالثاً :العلم
** وه ــو ص ــفة ينكش ــف به ــا م ــا تتعل ــق ب ــه انكش ـافا م ــن ي ــر س ــبق خف ــاء ،ال يحتم ــل
الن يض بوجه من الوجوه.
وضـ ــدها :الجهـ ــل ومـ ــا فـ ــي معنـ ــاه ،كـ ــالظن والشـ ــك والـ ــوهم والـ ــذهول والغفلـ ــة والنسـ ــيان
والسهو.
** وأما الدليل النقلي لصفة العلم فآيات متعددة:
ّللاُ ِب ُك ِّل َشيء َعلِيم) [البقرة]282: منها :قوله تعالىَ ( :و و
ْ
ّللا علِيم ِب َذ ِ
الص ُد ِ
ور)[لقمان]23: ات ُّ ومنها :قوله تعالىِ (:إ ون و َ َ
ومنها :قوله تعالىَ ( :و ُه َو ِب ُك ِّل َشيء َعلِيم) البقرة]29:
ْ
ومنها :قوله تعالىِ( :إون َك أ َْن َت َع والم اْل ُغي ِ
وب) [المائدة]109: ُ ُ
** وأما ثمرة معرفة اتصافه سبحانه بالعلم المحيط ،الحياء منه فــي األقـوال واألعمــال
وســائر األح ـوال ،وأمــا التخلــق بــه فبــأن يعــرف المكلــف أحكــام ذاتــه وصــفاته ،وحاللــه
وكل ما يقرب إليه ويزلف لديه ،مما فرضه عليه أو ندب إليه.
وحرامهّ ،
خامساً :الحياة
** وهي صفة يصال لمن قامت به اإلدراع.
وبعبارة أخرى :صفة أ لية توجب صحة العلم واإلرادة وباقي الصفات.
وضدها :الموت
وليســت صــفة الحيــاة مــن ال ِ
ص ـفات المتعلقــة ،بمعنــى أنهــا ال تقتضــي ائــداً علــى ال يــام
ّ
بمحلها ،بخالف القدرة فإنها تقتضي ائداً على ال يام بمحلها وهو المقدور الــذي يتــأتى
17
به ــا ،والعل ــم به ــا إيج ــاده ودعدام ــه ،وك ــذا اإلرادة فإنه ــا تقتض ــي ل ــذاتها م ـراداً يتخص ـ
يقتضــي معلومــا ينكشــف بــه ،وأمــا الحيــاة فــال تقتضــي ائــداً علــى ال يــام بمحلهــا ،ودنمــا
هي صفة مصححة لإلدراع ،بمعنى أنها شرا عقلي له.
** وأما ثمـرة معرفتهــا :التوكــل علــى هللا تعــالى ،وااللتجــاء إليــه لقولــه تعــالىَ ( :وتََووكـ ْل
وت) [الفرقان.]58 : وِ
َعَلى اْل َح ِّي الذي َال َي ُم ُ
خامساً :السمع
** وهي صفة أ لية شأنها إدراع كل مسموع ،ودن خفي.
وهي صفة تنكشــف بهــا المســموعات مــن يــر آلــة .فــال يعــزب عــن ســمعه مســموع ودن
خفي ،وال يحجب سمعه ُبعد ،ويسمع من ير أصمخة وآذان.
وضدها :الصمم
18
** وأما ثمرة معرفة اتصاف هللا تعالى بالسمع فخوف المكلف أو حياؤه أو مهابتــه أن
يسمع منه مواله ســبحانه مــا جـره عنــه مــن األقـوال أو كرهــه لــه منهــا ،وأن يجتنــب كـ ّـل
قول ال يجلب نفعا وال يدفع ض ار في الحال وال في المآل.
سادساً :البصر
** وهي صفة أ لية شأنها إدراع كل مبصر ،ودن لطف.
وهي صــفة تنكشــف بهــا المرئيــات مــن يــر آلــة ،فــال يغيــب عــن بصـره مرئــي ودن َد وث،
وال يدفع رؤيته مالم ،ويرى من ير حدقة وأجفان.
وضدها :العمى
سابعاً :الكالم.
صفة أ لية قائمة بذاته تعالى ،ليست بحــرف وال صــوت ،منزهـة عــن الــبعض والكــل،
19
والتقــديم والتــأخير ،والســكوت واللحــن وســائر أنـواع التغيـرات .وال تماثــل هــذه الصــفة أي
صفة كالم عند البشر ،وال يرهم ،ألن ح يقة الذات اإللهيــة وصــفاتها مخالفــة لكــل مــا
عداه.
وضدها :البكم
20
ص ـفات المســتحيلة علــى حســب ترتيبنــا لل ِ
ص ـفات الواجبــة ،فــذكرنا مــا واعلــم أننــا رتبنــا ال ِ
ّ ّ
ينــافي األولــى ،ثُـ وم مــا ينــافي الثانيــة ،وهكــذا علــى ذلــك الترتيــب ،فيســتحيل عليــه تعــالى
(العدم) وهــو عبــارة عــن ال شــيء( ،والحككدوث) وهــو المســبولية بالعــدم( ،وطككرو العككدم)
أي لحوث العدم بعد الوجود.
وكــذا يســتحيل عليــه تعــالى (المماثلككة للخلككق) بــأن يكــون جرم ـاً – أي جســماً -تأخــذ
ذات ــه العلي ــة ق ــد اًر م ــن الف ـ ار ،أو يك ــون عرض ــا – أي ص ــفة -يق ــوم ب ــالجرم ،أو يك ــون
محاذي ــا للج ــرم ،أو مختص ـاً بجه ــة ،أو مقي ــداً بمك ــان أو م ــان ،أو تتص ــف ذات ــه العلي ــة
بالحوادا ،أو يتصف بالصغر أو الكبر.
) وهــو ن ــيض الغنــى وكــذا يســتحيل عليــه جــل وعــز (االفتقككار إلككى المحككل والمخص ك
الثاب ــت ل ــه تع ــالى ،فل ــيا ه ــو س ــبحانه معن ــى م ــن المع ــاني ع ــن المح ــل والمخصـ ـ
كــل جــائز بــبعض مــا يجــو – أي الفاعــل – الــذي يخص ـ فيحتــال إلــى المخص ـ
عليــه ،بــل هــو جــل وعــال واجــب القــدم والبقــاء ،ال تقبــل ذاتــه العليــة وال صــفاته المرفعــة
السنية العدم أصال ،فهو تعالى المنفرد بالغنى المطلق وحده تبارع وتعالى.
وكــذا يســتحيل علي ــه تعــالى (الشككريب) ف ــي األفعــال ،والمثي ــل فــي ال ـ وـذات ،والنظيــر ف ــي
الصفات ،وكذا يستحيل عليه تعالى (العجز) عن إيجاد أو عدم ممكن ما ،فــإن العجــز ِ
ّ
صفة يتعذر معها إيجاد الممكن ودعدامه.
وكذا يستحيل عليــه إيجــاد شــيء مــن العــالم مــع (الكراهككة) لوجــوده ،أي مــع عــدم إرادتــه
الممكــن بــبعض مــا له تعالى ،وقد عرفــت أن ح يقــة اإلرادة صــفة يتــأتى بهــا تخصــي
يجو عليه ،وقد تقرر أنها عامة التعلــق بجميــع الممكنــات ،فيلــزم اســتحالة وقــوع شــيء
م ــن الع ــالم بغي ــر إرادة من ــه تع ــالى لوق ــوع ذل ــك الش ــيء ،إذ ل ــو وق ــع ش ــيء م ــع كراهت ــه
لوجوده الجتمع الضدان ،وهو مستحيل.
وكذا يستحيل عليه تعالى (الجهل) وما في معناه من الشك ،والظــن ،والــوهم ،والنســيان
لمعلوم ما ،والنوم ،وكون علمه سبحانه نظرياً بالتأمل لكونه مسبوقاً بالجهل.
21
وكذا يستحيل عليه تعالى (الموت) وهو صفة ال يتأتى معها اإلدراع ،ودن شـ ت قلــت:
صفة تمنع من تصحيال االتصاف باإلدراع لمن قامت به ،والعبارتان بمعنى واحد.
وكذا يستحيل عليه تعــالى (الصمم ،والعمككى) وهمــا عــدم الســمع والبصــر ،وذلــك بوجــود
مــا ينافيهمــا ،أو يبــة موجــود مــا مــن الموجــودات عــن صــفتي الســمع والبصــر ،وذلــك
مس ــتحيل ف ــي حق ــه س ــبحانه لم ــا س ــبق م ــع وج ــوب عم ــوم تعلقهم ــا بجمي ــع الموج ــودات،
علمية كانت أو خارجية.
وكذا يستحيل عليه تعالى (البكم) وهو عدم الكالم أصالً بوجــود آفــة تمنــع مــن وجــوده،
ويس ـ ــتحيل علي ـ ــه تع ـ ــالى م ـ ــا ف ـ ــي معن ـ ــى ال ـ ــبكم كالس ـ ــكوت ،وك ـ ــون كالم ـ ــه ب ـ ــالحروف
واألص ـوات ،فإنهــا مســبوقة بالعــدم وملحوقــة بــه ،وذلــك يســتلزم ح ـدوثها ،وكالمــه القــائم
بذاته سبحانه قديم كذاته العلية.
روحاني نوراني له القدرة على التشكالت (األمالك جمع ملك ،وهو :جسم لطي
الجميلة.
اهِ َو َم َالِئ َكِت ِه
آم َن ِب و ِ ُنزل ِإَلي ِه ِمن ورب ِ
َواْل ُم ْىم ُنو َن ُكل َ
ِهّ ول ِب َما أ ِ َ ْ الرُس ُ(آم َن و قال تعالىَ :
َحد ِّمن ُّرُسلِ ِه َوَقالُوا
َس ِم ْعَنا َوأَ َ
ط ْع َنا ُ ْف َرَان َك َربَونا َودَِل ْي َك ِ ِ
َوُكتُِبه َوُرُسلِه َال ُنَف ّر ُ
ِث َب ْي َن أ َ
ص ُير ( ))285سورة البقرة. اْلم ِ
َ
ول هللاِ ُ « :خلَِق ِت اْل َم َالِئ َك ُة ِم ْن ُنور، ال َرُس ُ َع ْن َعائ َش َة رضي هللا عنهاَ ،قاَل ْتَ :ق َ
ِ
ِ ِ ِ ان ِمن م ِ ِ ِ
ف َل ُك ْم»
ارل م ْن َنارَ ،و ُخل َق َآد ُم م وما ُوص َ َو ُخل َق اْل َج ُّ ْ َ
23
***صفات المالئكة الكرام :من أشهر صفاتهم:
-1عصمتهم هللا من الذنوب ،قال تعالى( :ال يعصون هللا ما أمرهم ويفعلون ما
يىمرون) [التحريم.]6 :
-2م خلوقة من نور ،ولهم القدرة على الظهور والتشكل بصور حسنة ،من بينها الصورة
اآلدمية ،كما سبق في حديث جبريل.
-3ال يمّلون وال يتعبون ،قال تعالى في وصفهم{ :يسِبحو َن و
اللْي َل َوالون َه َار الَ َيْفتُُرو َن} أي َُّ ُ
أنهم ال يفترون ال يضعفون.
اء ْت ن ن
-4المالئكة ال يأكلو وال يشربو ،قال القرطبي عند تفسيره لقوله تعالىَ ﴿ :وَلَق ْد َج َ
اء ِب ِع ْجل َحِنيذ (َ )69فَل وما ِ ِ
َن َج َ ال َس َالم َف َما َلِب َث أ ْ اه ِ
يم باْل ُب ْش َرى َقاُلوا َس َال ًما َق َ
ُرُسُلَنا إ ْب َر َ
ف ِإونا أ ُْرِسْلَنا ِإَلى َق ْو ِم ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َأرَى أ َْيدَي ُه ْم َال تَص ُل ِإَل ْيه َنك َرُه ْم َوأ َْو َج َا م ْن ُه ْم خ َيف ًة َقالُوا َال تَ َخ ْ
َن اْل َم َالِئ َك َة َال تَأ ُ
ْك ُل. ْكلُوا ِأل و
اؤَناَ :وَل ْم َيأ ُ
ال ُعَل َم ُ
لُوا ( ))70سورة هودَ .ق َ
-5يتصفون بالقدرات الخارقة ،فقد وضع هللا تعالى فيهم من القدرات خارقة.
اع ِل اْل َمالَِئ َك ِة ُرُسالً
ات واألَر ِ ج ِ
َ
ِ
الس َم َاو َ ْ اط ِر و -6لهم أجنحة ،قال تعالى{ :اْلحمد ِوهِ َف ِ
َ ُْ
ّللاَ َعَلى ُك ِّل َشيء َق ِدير اء ِإ ون و
ُ اع َي ِز ُيد ِفي اْل َخْل ِق َما َي َش
َ َجِن َحة َم ْثَنى َوثُالَ َا َوُرَب
أُولِي أ ْ
ْ
*}.
****أعمال المالئكة :للمالئكة العديد من األعمال ،من أبر ها:
ّللاُ ِإ وال َو ْحًيا أ َْو ِم ْن َوَر ِاءَن ُي َكِّل َم ُه و
ان لَِب َشر أ ْ -1حمل الوحي لألنبياء ،قال تعالى( :و َما َك َ
اء ِإون ُه َعلِي َح ِكيم ( ) )51سورة الشورى ِ ِِ ِ ِ ِ ِ
ح َجاب أ َْو ُي ْرس َل َرُسوًال َف ُيوح َي بإ ْذنه َما َي َش ُ
ِ ِِ
اماين ( )10ك َر ً -2كتابة وحف وتسجيل أعمال اإلنسان ،قال تعالىَ ( :ودِ ون َعَل ْي ُك ْم َل َحافظ َ
ِ
ين (َ )11ي ْعَل ُمو َن َما تَْف َعُلو َن) سورة االنفطار. َكاتِب َ
وِ
ين تَتَ َووف ُ
اه ُم -3لبض أرواح البشر :قال تعالى في بيان لبض أرواح أهل اإليمان( :الذ َ
ين َيُقولُو َن َس َالم َعَل ْي ُك ُم ْاد ُخلُوا اْل َجون َة ِب َما ُك ْنتُ ْم تَ ْع َملُو َن ( ))32سورة اْل َم َالِئ َكةُ َ
طِّيِب َ
ِ وِ
ض ِرُبو َن النحل .أما أهل الكفر فقال تعالىَ ( :وَل ْو تَ َرى ِإ ْذ َيتََووفى الذ َ
ين َكَف ُروا اْل َم َالئ َك ُة َي ْ
يق ( ))50سورة األنفال. اب اْل َح ِر ِ
وه ُه ْم َوأ َْدَب َارُه ْم َوُذوُقوا َع َذ َ
ُو ُج َ
اب َل ُك ْم أَِّني ُم ِم ُّد ُك ْم ِبأَْلف استَ َج َ -4الجهاد مع المىمنين ،قال تعالىِ{ :إ ْذ تَ ْستَ ِغيثُو َن َرب ُ
وك ْم َف ْ
24
ِ ِ ِ ِ
ين} سورة األنفال9: م َن اْل َمالئ َكة ُم ْرِدف َ
ِك َف ْوَق ُه ْم َي ْو َمِ ذ ثَ َم ِانَية). ش َرّب َ -5حملة العرش ،قال تعالىَ ( :وَي ْح ِم ُل َع ْر َ
ون ُه ِم ْن أ َْم ِر ظَ -6حراسة اإلنسان ،قال تعالىَ( :ل ُه ُم َع ِّ َبات ِم ْن َب ْي ِن َي َد ْي ِه َو ِم ْن َخْل ِف ِه َي ْحَف ُ
صُف ُه ْم ص وال َو ْ ظ ُة َودِون َما َ َن اْل ُم َرَاد ِم ْن ُه اْل َم َالِئ َك ُة اْل َحَف َ ّللاِ) قال اإلمام ال ار ي في تفسيره( :أ و و
َج ِل أَون ُه ْم ِ ِ وِ ِ َج ِل أ و ِ ِ ِ
اَ ،ودِ وما أل ْ ار وبِاْل َع ْك ِ
َن َم َالئ َك َة اللْيل تَ ْعُق ُب َم َالئ َك َة الون َه ِ َ ِباْل ُم َع ّ َباتِ ،إ وما أل ْ
ون َها ِباْل ِحْف ِ َواْل َك ْت ِب) ِ ِ
ال اْلعَباد َوَي ْتَب ُع َ َيتَ َعوق ُبو َن أ ْ
َع َم َ
-7االستغفار للمىمنين ،قال تعالىَ ( :واْل َم َالِئ َك ُة ُي َس ِّب ُحو َن ِب َح ْم ِد َرِّب ِه ْم َوَي ْستَ ْغ ِف ُرو َن لِ َم ْن ِفي
يم ( ))5سورة الشورى ّللا هو اْل َغُفور و ِ ِ ِ
الرح ُ ُ ْاأل َْر أ ََال إ ون و َ ُ َ
ف َعونا ِ ار لِ َخ َزَن ِة َج َهون َم ْاد ُعوا َرب ُ
وك ْم ُي َخّف ْ ين ِفي الون ِ -8خزنة النار ،قال تعالى( :وَق و ِ
ال الذ َ َ َ
اب ( ))49سورة افر يوما ِم َن اْلع َذ ِ
َ َْ ً
الجن:
الجن) وهم :أجسام لطيفة نارية ،لهم قدرة على التشكالت.
ويجب اإليمان بوجود ( ّ
وهم مكلفون ،ومنهم الطائع ومنهم العاصي.
25
ام َودِِّني َجار ول ُك ْم)
َ الِ َب َل ُكم اْلَي ْوم ِم َن الون ِ
ُ َ
ون ُه َوُذ ِّريوتَ ُه أ َْولَِياء ِمن
-3والجن يتناكحون ويتناسلون ولهم ذرية ،قال تعالى (:أََفتَتو ِخ ُذ َ
ُدوِني َو ُه ْم َل ُك ْم َع ُدو) سورة كهف ،أية .50
ِ ِ ِ -4عندهم قدرات عظيمة ،قال تعالىَ ( :ق ِ
وم يك ِبه َقْب َل أ ْ
َن تَُق َ ال عْف ِريت م َن اْل ِج ِّن أ ََنا آت َ
َ
َمين ())39 امك ودِِّني عَلي ِه َلَق ِوي أ ِ ِ ِ
َْ م ْن َمَق َ َ
اء ِة ِفي ُّ
الص ْب ِال ِ ِ ِ
اب اْل َج ْهر باْلق َر َ -5يأكلون ويشربون ،فذكر البخاري في صحيحه في َ"ب ُ
اء ِة َعَلى اْل ِج ِّن" عن ابن مسعود قال :قال رسول هللا (( :أتاني داعي الجن ِ
َواْلق َر َ
فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن ،قال :فانطلق بنا فأرانا آثارهم ،وآثار نيرانهم ،وسألوه
الزاد ،فقال :لكم كل عظم ذكر اسم هللا عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً ،وكل
بعرة علف لدوابكم .فقال رسول هللا :فال تستنجوا بها فإنها طعام إخوانكم)
*******************************************
26
اء ِإون ُه َعلِي َح ِكيم ( ))51سورة الشورى, ِ ِِ ِ ِ ِ
أ َْو ُي ْرس َل َرُسوًال َف ُيوح َي بإ ْذنه َما َي َش ُ
-1وحياً :على ضربين:
أ -اإللهام والقذف في القلب.
ب -الرؤيا بالمنام ،كما كانت بداية للوحي للنبي الرؤيا الصادقة التي كانت أول ما
بدئ به الوحي ،تقول أم المىمنين السيدة عائشة( :فكان ال يرى رؤيا إال جاءت مثل
فلق الصبال) .ومثل ذلك ما وقع إلبراهيم عليه السالم حينما أمره هللا تعالى بذبال ولده
إسماعيل
-2من وراء حجاب ،ومن ذلك ما حصل لموسى عليه السالم ،قال تعالىُ ( :نوِد َي
وسى ِإِّني أََنا و
ّللاُ َر ُّب اط ِئ اْلو ِاد ْاأل َْيم ِن ِفي اْل ُبْق َع ِة اْلم َب َارَك ِة ِم َن و
الش َج َرِة أ ْ
ِمن َش ِ
َن َيا ُم َ ُ َ َ ْ
ين ( ))30سورة القص . ِ
اْل َعاَلم َ
-3أو يرسل رسوالً :كما كان يأتي جبريل عليه السالم إلى األنبياء عليهم الصالة
والسالم ،فتارة يأتي إلى األنبياء على صورته الح ي ية ،وتارة على صورة رجل
فيكلمه ،كما في حديث جبريل ،وتارة يأتي للنبي خفية دون أن يراه أحد ،وهذا كما
وصف بأنه كصلصة الجرم ،كما جاء في حديث النبي ( :يأتيني مثل
صلصة ....ما يقول).
27
والمالئكة ،واليوم اآلخر ،والقضاء والقدر.
ل -هداية النام لخير الدارين ،الدنيا واآلخرة .وبما فيه صالح الفرد والمجتمع.
د -دعوة النام لفضائل األخالث ،و جرهم عن الرذائل.
فبعد أن أمرنا هللا تعالى في القرآن الكريم اإليمان بالكتب السماوية ،إال أنه ّبين لنا ما
أصاب تلك الكتب السابقة من التحري والتبديل ،والزيادة والنقصان ،على يد أهلها،
ّللاِ لَِي ْشتَ ُروا ِب ِه
اب ِبأ َْي ِدي ِه ْم ثُ وم َيُقولُو َن ََٰه َذا ِم ْن ِع ِند و ِ
ين َي ْكتُُبو َن اْلكتَ َ
ِو ِ
قال تعالىَ ( :ف َوْيل ّللذ َ
يال َف َوْيل ول ُهم ِّم وما َكتََب ْت أ َْي ِدي ِه ْم َوَوْيل ول ُهم ِّم وما َي ْك ِس ُبو َن ())79
ثَ َم ًنا َقلِ ً
اض ِع ِه)
وقال تعالىِ ( :من وال ِذين هادوا يح ِرُفو َن اْل َكلِم عن ومو ِ
َ َ َ َ َ ُ ُ َّ َّ
*******************************************
ثاني ـاً :المقص ــود اإليم ــان بالرس ــل .ويقص ــد باإليم ــان بالرس ــل وج ــوب التص ــديق بوج ــود
(الرسل) عليهم الصالة والســالم تفصــيالً فيمــا علــم مــنهم تفصــيالً ،وهــم المــذكورون فــي
الق ـرآن ،كمحمــد عليــه الصــالة والســالم وآدم ونــوح وددريــا وهــود وصــالال واليســع وذي
الكفـ ــل ودليـ ــان ويـ ــونا -وهـ ــو ذو النـ ــون ،أي :الحـ ــوت -وأيـ ــوب ودب ـ ـراهيم ودسـ ــماعيل
ودسحق ويقوب ويوسف ولوا وداود وسليمان وشعيب وموســى وهــارون و كريــا ويحيــى
وعيسى ،ودجماالً فيما ُعلم منهم إجماالً.
29
ثالثاً :اإليمان باألولياء.
ثُ وم يجب اإليمان بـ (األولياء) جمع ولي ،وهو :القائم بحقــوث هللا تعــالى ،وحقــوث العبــاد
حســب اإلمكــان ،وه ــو معنــى ق ــول مــن ق ــال :هــو الع ــارف بــاه تع ــالى وصــفاته حس ــب
عــن االنهمــاع فــي اإلمكان ،الموامب علــى الطاعــات ،المجتنــب للمخالفــات ،المعــر
اللذات والشهوات.
ويجـ ــب اعتقـ ــاد كـ ـرامتهم ،والك ارمـ ــة :أمـ ــر خـ ــارث للعـ ــادة يظهـ ــر علـ ــى يـ ــد عبـ ــد مـ ــاهر
الصالح ،ير مقرون بدعوى ُّ
الن وبوة.
وكل ذلك ورد به الكتــاب وال ُّسـونة وأجمعــت عليــه األمــة قبــل مهــور المخــالفين ،وكـ ّـل مــا
ّ
كان كذلك فاإليمان به واجب.
30
نفا األمر ،وال يقع منهم الكذب في شيء من ذلك ،ال عمدا وال سهوا.
ثالثاً :التبليغ
** وهو توصيل ما أمروا بإبال ه للمخلوقات من أولي العلم.
** وأما الدليل النقلي لوجوب التبلي فآيات متعددة:
الرس ِ و
ين)ول ِإال اْلَب َال ُ اْل ُمِب ُ منها :قوله تعالىَ ( :و َما َعَلى و ُ
ول َبّلِـ ْ َمـا أُنـ ِـزَل ِإَل ْيـ َك ِمـن ورِّبـ َك ۗ َودِن ولـ ْم تَْف َعـ ْل َف َمـا
الرُسـ ُ
ومنهــا :قولــه تعــالىَ( :يـا أَُّي َهـا و
َبول ْغ َت ِرَساَلتَ ُه)
** وأما األدلة العقلية لوجوب التبلي فكثيرة:
منها :أونهم لــو لــم يبلغـوا مــا أمــرهم هللا تعــالى بتبليغــه للخلـق لكــانوا كــاتمين ،وهــو محــال
السالم ،-فــإن الكتمــان محــرم ،ووجــوب األمانــة
الصالة و و
لوجوب األمانة لهم -عليهم و
يدفعه.
ومنها :أنهم لو كانوا كاتمين لكنا مأمورين بكتمان العلم النافع عن أهلــه ألن هللا تعــالى
وهــو محــرمتا وال يــأمر هللا تعــالى ال بمحــرم وال مكــروه، قــد أمرنــا باالقتــداء بهــم ،كي ـ
32
فال يقع منهم الكتمان أصالً.
ول لِول ـ ِذي أ َْن َع ـ َم و
ّللاُ نبينــا قولــه تعــالىَ ( :ودِ ْذ تَُق ـ ُ
ولــو جــا علــى األنبيــاء الكتمــان لكــتم ّ
َعَل ْي ـ ِه) [األح ـزاب ،]37 :وقولــه تعــالىَ ( :ع ـَب َا َوتَـ َوولى) [عــبا ،]1 :ولكــن الحــال أنهــم
أخب ــروا الخل ــق به ــا ،فيل ــزم م ــن ذل ــك أنه ــم بلغ ـوا م ــا ع ــداها ،فالبش ــر م ــن طبيع ــتهم ع ــدم
بتبلــيغهم لغيرهــا فهــو محبتهم لــذكر شــيء فيــه معاتبــة لهــم ،فــإذا بلغـوا المعاتبــات فكيـ
آكد.
وقــد شــهد هللا تعــالى بكمــال التبلي ـ لرســوله محمــد ،قــال تعــالى( :اْلَي ـ ْوَم أَ ْك َمْل ـ ُت َل ُك ـ ْم
اإل ْس َال َم ِد ًينا) [المائدة.]3 :
يت َل ُكم ِْ ِ ِ ِ ِ
د َين ُك ْم َوأ َْت َم ْم ُت َعَل ْي ُك ْم ن ْع َمتي َوَرض ُ ُ
رابعاً :الفطانة
** وهـ ــي :بفـ ــتال الفـ ــاءِ ،ح ـ ـّدة العقـ ــل وذكـ ــاؤه ،ومعرفـ ــة طـ ــرث الـ ـ ّـدعاوي الباطلـ ــة مـ ــن
الرسول وال الونبي مغفالً أو أبله أو بليداً. الصحيحة ،فال يجو أن يكون و
ّ
** وأما الدليل النقلي لوجوب الفطانة فآيات متعددة:
ان ۗ َوُك ّال آتَْيَنا ُح ْك ًما َو ِعْل ًما) اها ُسَل ْي َم َ
منها :قوله تعالىَ ( :فَف وه ْمَن َ
ط ِ
اب) ص َل اْل ِخ َ ِ
ومنها :قوله تعالىَ ( :و َش َد ْدَنا ُمْل َك ُه َوآتَْيَناهُ اْلح ْك َم َة َوَف ْ
وِ ِ ِ
َح َس ُن)ومنها :قوله تعالىَ ( :و َجادْل ُهم ِبالتي ه َي أ ْ
ومنها :قوله تعالىَ ( :قاُلوا َيا ُنو ُح َق ْد َج َادْلتََنا َفأَ ْكثَ ْر َت ِج َداَلَنا)
33
سادساً :معرفة المستحيل في حق األنبياء عليهم الصالة والسالم
صـ ـالة
وه ــذا ش ــروع ف ــي بي ــان القس ــم الث ــاني فنق ــول :ويس ــتحيل ف ــي حقه ــم -عل ــيهم ال و
الصفات الواجبة لهم ،وهي: السالم -أضداد ِ و و
ّ
أوالً :الكذب :ومن المحال في حقهــم علــيهم الصــالة والســالم الكــذب فــي التبليـ و يـره،
وح يقت ــه :ع ــدم مطابق ــة الخب ــر للواق ــع ،سـ ـواء ك ــان عم ــداً أو س ــهواً أو لطـ ـاً لمنافات ــه
الصدث.
ثالثاً :الكتمان :وهو عدم التبلي لشيء مما أمروا بتبليغه عمداً أو سهواً.
فــي مـراتبهم العليــة البشـرية التــي ال تــىدي إلــى الــنق ** وأما دليل جوا األعـ ار
إذ الوقــوع فــرع فهو مشاهدة وقوعها بهم ألهــل مــانهم ،وذلــك أقــوى دليــل علــى الجـوا
الج ـوا ،ولــيا بعــد العيــان بيــان ،وأيض ـاً فإنهــا نقلــت إلينــا بــالتواتر وهــو خبــر جماعــة
متعالبة يستحيل تواطىهم على الكذب ،وهو يفيد العلم الضروري بالمخبر عنه.
34
ثامناً :بيان مراتب الخلق:
ويجــب اعتقــاد أن محمــدا وعلــيهم أجمعــين أفضــلهم ،وأنــه آخــرهم ،ويليــه فــي الفضــل
الرســل ،فاألنبيــاء ،فرؤســاء المالئكــة ،فب ّيـة المالئكــة مــنالرســل ،فب يــة ُّ أولــو العــز مــن ُّ
يـ ــر تعيـ ــين إذ ال تعلـ ــم الح يقـ ــة ،فأصـ ــحاب الونبـ ــي ،وأفضـ ــلهم أبـ ــو بكـ ــر ،فعمـ ــر،
ّ
فعثمــان ،فعلــي ،فب يــة العشـرة ،فب يــة البــدريين ،فأهــل بيعــة الرضـوان ،فب يــة الصــحابة،
ّ
فالتابعون ،فتابع التابعين.
ويجب اإلمساع عما وقع بين الصحابة من نزاع.
*******************************************
35
كالسنة ،واليوم منها كالشهر ،واليوم منها كالجمعة ،ثم سائر أيامه كأيامكم هذه ،وله
ما بين أذنيه أربعون ذراعا ،فيقول للنام :أنا ربكم وهو أعور، حمار يركبه ،عر
ودن ربكم ليا بأعور ،مكتوب بين عينيه كافر ،يقرؤه كل مىمن كاتب ،و ير كاتب،
يرد كل ماء ومنهل إال المدينة ومكة ،حرمهما هللا عليه ،وقامت المالئكة بأبوابهما،
ومعه جبال من خبز ،والنام في جهد إال من تبعه ،ومعه نهران أنا أعلم بهما منه،
نهر يقول الجنة ،ونهر يقول النار ،فمن أدخل الذي يسميه الجنة ،فهو النار ،ومن
أدخل الذي يسميه النار ،فهو الجنة ،قال :وتبعث معه شياطين تكلم النام ،ومعه
فتنة عظيمة ،يأمر السماء فتمطر فيما يرى النام ،ويقتل نفسا ثم يحييها فيما يرى
النام ،فيقول للنام :أيها النام فهل يفعل مثل هذا إال الرب ،قال :فيفر الونام إلى
جبل الدخان بالشام فيأتيهم ،فيحاصرهم ،فيشتد حصارهم ويجهدهم جهدا شديدا ،ثم
الصالة والسالم فيأتي في السحر ،فيقول :أيها النام ما يمنعكم أن
ينزل عيسى عليه و
تخرجوا إلى الكذاب الخبيثت فينطلقون فإذا هم بعيسى ،فتقام الصالة ،فيقال له :تقدم
يا روح هللا ،فيقول :ليتقدم إمامكم فليصل بكم ،فإذا صلوا صالة الصبال خرجوا إليه،
فحين يراه الكذاب فينماع -أي :يذوب -كما ينماع الملال في الماء ،فيقتله حتى إن
الشجرة والحجر ينادي :يا روح هللا ،هذا يهودي ،فال يترع ممن كان يتبعه أحدا إال
قتله .وفي الصحيال أحاديث بمعنى ذلك ،ذكره السيوطي.
ثالثها :خروج ي جوج وم جوج -بالهمز ودونه ،-وهما قبيلتان من ولد يافث بن نوح
السالم من ير خالف.
السالم ،فهما من ذرية آدم عليه و
عليه و
روى مسلم من حديث النوام بن سمعان « :إن هللا تعالى يوحي إلى عيسى عليه
السالم بعد قتله الدجال :إني قد أخرجت عبادا لي ال يدان ألحد بقتالهم فحر عبادي
و
كل حدب ينسلون -أي :من ّ
كل إلى الطور ،ويبعث هللا يأجول ومأجول وهم من ّ
نشز يمشون مسرعين -فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية ،فيشربون ماءها -وهي
بالشام ،طولها عشرة أميال -ويمر آخرهم فيقولون :لقد كان بهذا أثر ماء،
ويحصرون عيسى وأصحابه حتوى يكون رأم الثور ألحدهم خي ار من مائة دينار
ألحدكم ،فير ب نبي هللا وأصحابه إلى هللا تعالى ،فيرسل هللا عليهم النغف في
36
رقابهم ،فيصبحون فرسى كموت نفسه واحدة ،ثُ وم يهبط نبي هللا عيسى وأصحابه في
األر فال يجدون في األر موضع شبر وإال مألته همتهم ،فير ب إلى هللا نبي
حيث شاء هللا ،ثُ وم
هللا وأصحابه ،فيرسل هللا طي اًر كأعناث البخت ،فتحملهم فتطرحهم ُ
فيرسل هللا تعالى مط اًر ال يكن منه بيت مدر وال وبر ،فيغسل األر حتوى يتركها
كالزلفة ،ثُ وم يقال لألر :أنبتي ثمرع ،الحديث.
مفردات الحديث :وقوله« :ال يدان ألحد» تثنية يد ،ومعناه :ال قدرة وال طاقة.
ومعنى «حر هم إلى الطور» ضمهم إليه وجعل لهم حر اً.
وقوله « :النغف » بتحريك الغين المعجمة ،الدود الذي يكون في أنوف اإلبل والغنم.
وقوله« :فرسى» كقتلى و نا ومعنى ،واحده فريا.
الناس في آخر الزمان المشار إليها بقوله تعالى: رابعها :خروج الدابة التي تكلم َّ
ام َك ُانوا ِب َآي ِاتَنا َال َخ َر ْجَنا َل ُه ْم َداوب ًة ِّم َن ْاأل َْر ِ تُ َكّلِ ُم ُه ْم أ و
َن الون َ ( َودِ َذا َوَق َع اْلَق ْو ُل َعَل ْي ِه ْم أ ْ
ُيوِق ُنو َن) [النمل .]82 :أي :ودذا قرب وقوع معنى القول عليهم ،وهو ما وعدوا به من
تكلمهم. البعث والعذاب أخرجنا لهم دابة من األر
قيل :تكلمهم ببطالن األديان وإال دين اإلسالم.
وقيل :تقول :يا فالن أنت من أهل الجونة ،ويا فالن أنت من أهل الونار.
وقيل :تقول :إن الونام كانوا بآياتنا ال يوقنون.
وروي أونه س ل عليه و
الصالة والسالم عن مخرجها فقال :من أعظم المساجد حرمة
على هللا تعالى يعني المسجد الحرام.
37
والحق أن من يوم طلوع الشما من مغربها إلى يوم ال يامة ال تقبل توبة أحد ،كما
في حديث ابن عمر ،لكن صحال األجهوري في حاشيته على الرسالة :أن عدم قبولها
بمن شاهد الطلوع وهو مميز ،أما ير المميز لصبأ أو من المىمن والكافر خا
جنون ،ثُ وم حصل له التمييز ،أو ولد بعد ذلك فإنه تقبل منه التوبة ،وقال في شرحه
على المختصر :عن ابن عبام« :ال تقبل توبة الكافر وإال إذا كان صغي اًر ،ثُ وم أسلم
بعد ذلك فإنها تقبل منه ،وأما المىمن المذنب فتقبل منه توبته».
38
والنعيم يكون للمىمنين ،والعذاب للكافرين ولعصاة المىمنين من هذه األمة و يرها،
وهو قسمان:
أوالً :دائم ،وهو للكفار وبعض العصاة.
ثانياً :منقط ،وهو لبعض العصاة ممن خفت جرائمهم ،وانقطاعه :إما بسبب كصدقة
أو دعاء ،أو بال سبب بل بمجرد العفو.
** والشهداء أحياء في قبورهم
والشهداء هم من قتلوا في جهاد الكفار إلعالء كلمة هللا تعالى ،حتوى إونهم يأكلون
ّللاِ أ َْم َواتًا
يل وين ُقِتلُوا ِفي سِب ِ
َ
وِ
ويشربون ويتنعمون في الجونة قال تعالىَ ( :وَال تَ ْح َسَب ون الذ َ
َحَياء ِع ْن َد َرِّب ِه ْم ُي ْرَ ُقو َن) [آل عمران .]169 :ودن لم تُعلم كيفية هذه الحياة ،إذ َب ْل أ ْ
هي ير معقولة ألكثر البشر.
السالم ،أي :حضرتها ودخلتها ،بخالف وسموا شهداء ألن أرواحهم شهدت دار و ّ
يرهم فإنه ال يدخلها وإال يوم ال يامة ،أو ألن هللا ومالئكته شهدوا له بالموافاة.
40
فقط ،وقد يكون منه تعالى ومن المالئكة جميعاً.
وكيفيته مختلفة ،فمنه اليسير ومنه العسير ،والسر والجهر ،والفضل والعدل ،على
حسب األعمال ،فيغفر لمن يشاء ،ويعذب من يشاء.
ويكون للمىمنين والكافرين ،إنساً وجناً ،بعد أخذهم الكتب لقوله تعالىَ ( :فأَ وما َم ْن أُوِتي
َ
اس ُب ِح َس ًابا َي ِس ًا ِ ِِ ِ
ير {[)}8االنشقاث.]9-7 : كتَ َاب ُه ِبَيمينه {َ }7ف َس ْو َ
ف ُي َح َ
وأيسر الحساب محاسبة هللا فقط ،حتى ال يعلم بذلك إنا وال جن وال ملك ،يقول هللا
تعالى :هذه سي اتك قد فرتها لك ،وهذه حسناتك قد ضاعفتها لك.
وال يكون للمعصومين ،ويستثنى ممن يحاسب سبعون ألفاً ،أفضلهم أبو بكر الصديق
رضي هللا عنه ،فإنهم يدخلون الجنة بغير حساب كما ورد بذلك الحديث .وهذه األمة
ودن كانت آخر األمم إال أنها تقدم في اآلخرة في الحساب و يره.
وال يكون لألنبياء وال للمالئكة ،وال لمن يدخل الجونة بغير حساب ألنه فرع عن
الحساب ،وال حساب على من ذكر .وهو على صورة ميزان الدنيا ،له كفتان ولسان.
انية ،فتوضع في وتو ن األعمال بأن تُ و
صور األعمال الصالحة في صورة حسنة نور ّ
لمانية،
م ّ السوي ة بصورة قبيحة ُ
وتصور األعمال ّ
ّ عدة للحسنات،
الم ّ
النور ،وهي ُ
كفة ّ
41
للسِّي ات. ُّ
عدة ّ
الم ّ
فتوضع في كّفة الظلمة ُ
متميزة عن
ّ وقيل :تو ن الصحف المكتوبة فيها األعمال ،بناء على و
أن الحسنات
السي ات بكتاب ،ويشهد له حديث البطاقة.
ِّ
الصراط.
تاسعاً :اإليمان ب ّ
والصراا :وهو لغ ًة :الطريق الواضال.
ألن جهونم بينهما ،تَ ُ
رده وشرعاً :جسر ممدود على متن جهونم بين الموقف والجونة ،و
المىمنون والكوفار للمرور عليه إلى الجونة ،أدث من الشعر و ُّ
أحد من السي .
وقيل :إن الكفار ال يمرون عليه ،بل يىمر بهم إلى النار من أول األمر ،وقيل:
وبعضهم ال.
ُ بعضهم يمر
42
عاش اًر :الشفاعة وأنواعها
والشفاعة :هي سىال الخير من الغير للغير.
وهي أنواع متعددة ،نذكر بعضها:
األول :شفاعته في فصل القضاء إلراحة الخلق من طول الوقوف ومشقته ،وهي
و
مختصة به .
الثاني :شفاعته في إدخال قوم الجونة بغير حساب ،قال النووي :وهي مختصة به.
: الثالث :الشفاعة فيمن استحق دخول الونار أن ال يدخلها ،قال القاضي عيا
وليست مختصة به ،وتردد اإلمام النووي ،أي :ألنه لم يرد تصريال بذلك.
الرابع :الشفاعة في إخرال قوم من الونار ،ويشاركه فيها األنبياء والمالئكة وصالحوا
المىمنين.
الخاما :الشفاعة في يادة الدرجات ،وجو اإلمام النووي اختصاصها به عليه
الصالة والسالم.
و
عمن استحق الخلود في الونار ،ففي صحيال السادم :الشفاعة في تخفي العذاب ّ
ام ِة، ِ ِ ِ ِ
ول هللا « :أََنا َسّي ُد َوَلد َآد َم َي ْوَم اْل َي َ
ال َرُس ُ مسلم ،باب تفضيل نبينا محمد َ :ق َ
َوأوَو ُل َم ْن َي ْن َش ُّق َع ْن ُه اْلَق ْب ُرَ ،وأوَو ُل َش ِافع َوأوَو ُل ُم َشوفع»
وأما بعد البعث فمحله الروح والجسد قطع ًا ،وكذا قبله في البر خ على المشهور بأن يعيد
هللا الروح إليه ،أو إلى جزء منه إن قلنا إن المعذب بعض الجسد ،وال يمنع من ذلك
كون الميت قد تفرقت أجزاؤه أو أكلته السباع أو الحيتان ،فإن القادر ال يعجزه شيء.
43
(والثواب أي :الجزاء على األعمال بالجنة في اآلخرة ،و يرها من أنواع النعيم ،وكذا
في البر خ وبعده .وأنواعه مختلفة أيضاً على حسب األعمال ،واإلفضال من الواحد
المتعال.
(والجنان جمع جنة ،وهي لغة :البستان ،والمراد منها دار الثواب ،وهي سبع ،أعالها
فجنة المأوى،
وأفضلها الفردوم ،وفوقها عرش الرحمن ،ومنها تتفجر أنهار الجنةّ ،
فجنة عدن ،فدار السالم ،فدار الجالل ،هذا ما ذهب إليه
فجن النعيمّ ،
فجنة الخلدّ ،
ّ
ابن عبام وجماعة.
والجنة والنار موجودتان اآلن ،والجنة هي التي أهبط منها آدم عليه السالم ،خالفاً
أن آدم أهبط من بستان على ربوة
للمعتزلة الذاهبين إلى أنهما سيوجدان في اآلخرة ،و ّ
من األر .
****************************************
44
ثم إن اإليمان بالقضاء والقدر فرع عن اإليمان باه تعالى وصفاته وأسمائه .جاء عن
ابن عبام رضي هللا عنهما ( :القدر :نظام التوحيد ،فمن وحد هللا تعالى وكذب
بالقدر كان تكذيبه نقضا للتوحيد ،ومن وحد هللا وآمن بالقدر كانت العروة الوثقى)
القضاء :هو علمه تعالى أ الً بما تكون عليه الخالئق.
القدر :هو إيجاد هللا تعالى األشياء على وجه اإلحكام.
** األدلة على القضاء والقدر:
-1قال تعالى( :إنا كل شيء خلقناه بقدر) سورة القمر.49 ،
ص َيبة ِفي ْاأل َْر ِ َوَال ِفي أ َْنُف ِس ُك ْم ِإ وال ِفي ِكتَاب ِم ْن
-2قال تعالى( :ما أَصاب ِمن م ِ
َ َ َ ْ ُ
ّللاِ َي ِسير ())22
َها ِإ ون َذلِ َك َعَلى و َقْب ِل أ ْ
َن َن ْب َأر َ
-3قال رسول هللا عندما ُس ل عن اإليمان( :أن تُىمن باه ومالئكته وكتبه ورسله
واليوم اآلخر ،وتىمن بالقدر خيره وشره).
ذكر النووي في شرح صحيال مسلم( :قال الخطابي :وقد يحسب كثير من النام أن
معنى القضاء والقدر إجبار هللا تعالى العبد وقهره على ما قدره وقضاه ،وليا األمر
كما يتوهمونه ،ودنما معناه اإلخبار عن تقدم علم هللا سبحانه وتعالى بما يكون من
اكتساب العبد وصدور أفعاله عن تقدير منه سبحانه ،وخلق لها خيرها وشرها).
من هنا يجب على اإلنسان األخذ باألسباب ،فال يتعلل بالقضاء والقدر وعلم هللا
45
السابق ،ليبرر تقصيره ،وكسله ،وتواكله ،وف ارره من مسىولية أعماله ،فينتحر أو يسرث
أو يزني مثاالً ويقول أنه بقضاء هللا وقدره ،وأنه مجبر على فعله .فقد حاول
ين المشركون أن يبرروا كفرهم وعدم إيمانهم بقضاء هللا وقدره ،قال تعالى( :سيُق و ِ
ول الذ َ ََ ُ
ين ِم ْن ِ و وِ ِ
اؤَنا َوَال َح ورْم َنا م ْن َش ْيء َك َذل َك َكذ َب الذ َ
َش َرْكَنا َوَال َآب ُ
ّللاُ َما أ ْ
اء وَش َرُكوا َل ْو َش َ أْ
َقبلِ ِهم حتوى َذا ُقوا بأْسنا ُقل هل ِع ْند ُكم ِمن ِعْلم َفتُ ْخ ِرجوه َلنا ِإن تَتوِبعو َن ِإ وال و
الظ ون َودِ ْن ُ ُ َ ْ ُ َ ََ ْ َْ َ ْ ْ ْ ْ َ
صو َن ( ))148سورة األنعام. ِو
أ َْنتُ ْم إال تَ ْخ ُر ُ
46
ول
ار» َقاُلواَ :يا َرُس َ الَ « :ما ِم ْن ُك ْم ِم ْن َنْفا ِإ وال َوَق ْد ُعلِم َم ْن ِزُل َها ِم َن اْل َجون ِة َوالون ِ
ْس ُه َفَق ََأر َ
َ
اع َملُواَ ،ف ُكل ُم َي وسر لِ َما ُخلِ َق َل ُه» ثُ وم َق َأَرَ { :فأَ وما وِ ِ ِ
الَ « :الْ ، هللا َفل َم َن ْع َم ُلت أََف َال َنتك ُلت َق َ
ص ود َث ِباْل ُح ْس َنى} [الليلِ ،]6 :إَلى َق ْولِ ِه { َف َس ُنَي ِّس ُرهُ لِْل ُع ْس َرى}. و
طى َواتَقىَ ،و َ َع َ
َم ْن أ ْ
**** ولإليمان بالقضاء والقدر آثار عظيمة في حياة اإلنسان ،فهو باعث على
العمل بما يرضي هللا تعالى ،واألخذ باألسباب مع االستعانة باه تعالى والتوكل
عليه ،والرضا والطمأنينة وعدم التسخط ،وكذلك عدم حسد النام بما آتاهم هللا تعالى
من فضله.
َنف ِس ُك ْم ِإ وال ِفي ِكتَاب ِّمن َقْب ِل ِ َوَال ِفي أ ُ قال تعالى{ :ما أَصاب ِمن ُّم ِ
ص َيبة ِفي ْاأل َْر َ َ َ
ْس ْوا َعَلى َما َفاتَ ُك ْم َوَال تَْف َر ُحوا ِب َما آتَ ُ
اك ْم تَأ َ ّللاِ َي ِسير { }22لِ َك ْي َال
َها ِإ ون َذلِ َك َعَلى و
أَن ون ْب َأر َ
ّللاُ َال ُي ِح ُّب ُك ول ُم ْختَال َف ُخور) َو و
*****************************************
48
ثانياً :أثر العقيدة اإلسالمية في بناء المجتمع:
المجتمــع أ-سالمة المجتمع ،فمن خالل الجانب الخلقــي الــذي تُأسســه العقيــدة يــتخل
من كافة صور الجريمة ،فيعرف الفرد فيه ما له من حق فيأخــذه ومــا عليــه مــن واجــب
فيىديه ،سواء ول أو وجة ،أو عامل ،أو ير ذلك ،فيقوم مجتمع الفضيلة.
ل -قوة المجتمع وتقدمه ،من خالل الجانــب المعرفــي الــذي تىسســه العقيــدة فــي نفــوم
أف ـراده ،وتجع ــل طل ــب العل ــم فريض ــة عل ــى ك ــل مس ــلم ،وك ــذلك األم ــر العم ــل اإليج ــابي
المتمثل باإلنتــال النــافع الصــالال الــذي تــأمر بــه وتوجبــه علــى الجميــع .مهمــا كــان قلــيالً
ُخ ِر َجـ ْت لِلونـ ِ
ام أو كثي اًر وجعله وسيلة لرضا هللا عز وجل ،قال تعالىُ ( :ك ْنتُ ْم َخ ْيـ َر أُ ومـة أ ْ
اهِ) سورة آل عمران ،أية .110 تَأْمرو َن ِباْلمعر ِ
وف َوتَْن َه ْو َن َع ِن اْل ُم ْن َك ِر َوتُ ْى ِم ُنو َن ِب و َُْ ُُ
د-العقيــدة اإلســالمية رســمت معــالم التعــايش اإلنســاني بــين أف ـراد المجتمــع اإلســالمي،
س ـواء بــين المســلمين أنفســهم ،أو بــين المســلمين و يــر المســلمين ،لــذلك نجــد اإلســالم
يقرر حقوث ير المسلمين وخاصة أهل الذمة ،والمستأمنين ،فضــمن لهــم حــق الحيــاة،
ال« :أ ََال ول و ِ والتمل ــك وال ــتعلم ،وص ــان أم ـوالهم وأع ارض ــهم ،ودم ــاءهم .ق ــال رس ـ ِ
ّللا َ ق ـ َ َُ
ـب َنْفـا،َخ َذ ِم ْن ُه َش ْيًا ِب َغ ْي ِر ِطيـ ِ اهدا ،أ َِو انتَقصه ،أَو َكولَفه َفوث َ ِ ِ ِ
طا َقته ،أ َْو أ َ ُ ْ َ َْ َ ُ ْ مَل َم ُم َع ً
َم ْن َ
ام ِة») .ولم يكره أحــداً علــى الــدخول فــي اإلســالم لقولــه تعــالىَ ( :ال ِ
يج ُه َي ْوَم اْل َي َ
ِ
َفأََنا َحج ُ
الرْش ُد ِم َن اْل َغ ِي) سورة البقرة ،أية .256 ِ
ّ
ون ُّين َق ْد تََبي َ ِإ ْك َراهَ ِفي ّ
الد ِ
هـ -العقيدة اإلسالمية أقامت المجتمع على أسام العدل والمســاواة والتســامال .فيســتوي
اك ْم) ســورة الحجـرات ،أيــة .13وقــال فيه النــام ،قــال تعــالىِ( :إ ون أَ ْكـ َرَم ُك ْم َعنـ َـد هللا أ َْتَقـ ُ
ِ ِ ام ِ ِ ِ وِ
اء ِباْلق ْس ـط َوَال َي ْج ـ ِرَمون ُك ْم َش ـَن ُ
آن َق ـ ْوم ين وه ُش ـ َه َد َ آم ُن ـوا ُكوُن ـوا َق ـوو َ ين َ تعــالىَ( :ي ـا أَُّي َه ـا ال ـذ َ
ّللاَ َخِبي ــر ِب َمـ ـا تَ ْع َمُلـ ـو َن) س ــورة َعَلـ ـى أ وَال تَ ْعـ ـ ِدُلوا ا ْعـ ـ ِدُلوا ُهـ ـَو أَ ْقـ ـ َر ُب لِلتوْقـ ـ َوى َواتوُقـ ـوا و
ّللاَ ِإ ون و
المائدة ،أية .8
****************************************
49
خطورة التكفير
إن تكفير المسلم أمر خطير يترتب عليه حل دمه وماله والتفريق بينه وبين وجته
يورا ودذا مات ال يغسل وال
وولده ،وقطع الصلة بينه وبين المسلمين ،فال يرا وال ّ
ي ّكفن وال يصلى عليه وال يدفن في مقابر المسلمين ،ولهذا حذر النبي من االتهام
بالكفر .قال ، قال ( :إذا قال الرجل ألخيه :يا كافر ،فقد باء بها أحدهما).
الكْف ِرِ ،إ وال الفسو ِث ،والَ يرِم ِ
يه ِب ُ ِ ِ
َ َْ وقال عليه الصالة والسالم( :الَ َي ْرمي َر ُجل َر ُج ًال ب ُ ُ
احُب ُه َك َذلِ َك) .يقول ابن حجر( :وهذا يقتضي أن من قال ارتَود ْت عَلي ِهِ ،إ ْن َلم ي ُك ْن ص ِ
َ ْ َ َْ ْ
آلخر أنت فاسق أو قال له أنت كافر ،فإن كان ليا كما قال ،كان هو المستحق
للوصف المذكور).
وقال اإلمام الغزالي في كتابه االقتصاد في االعتقاد( :والذي ينبغي أن يميل
المحصل إليه ،االحت ار من التكفير ،ما وجد إليه سبيال ،فإن استباحة األموال
والدماء من المصلين إلى القبلة المصرحين بقول ال إله إال هللا خطأ ،والخطأ في ترع
تكفير ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من أمرئ مسلم) وقال
(:أمرت أن أقاتل النام حتى يقولوا :ال إله إال هللا ،فمن قال :ال إله إال هللا فقد
عصم مني نفسه ،وماله ،إال بحقه وحسابه على هللا).
فدم المسلم وماله وعرضه مصون ،وأ ّكد النبي عليه الصالة والسالم على هذا
التحذير من فتنة التكفير والتفسيق.
وخطورة التكفير وأثره السيئ ماهر ّبين ،سواء أكان على األفراد أم المجتمعات،
فهو يمزث وحدة المجتمع ،وتقوم العالقة بين أفراده على الفرقة والبغضاء ،بل وصل
األمر إلى قتل المسلمين المصلين في المساجد ،فأين هذا من أوامر هللا تعالى ،وأن
المسلم أخو المسلمت.
*************************************
50