Word

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 2

‫األمور بمقاصدها‬

‫‪--------‬‬
‫ص‪ - 34‬كتاب مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية ‪ -‬القاعدة األولى األمور بمقاصدها ‪ -‬المكتبة الشاملة‬

‫ضمَّنها منظومة هذه؛ ألن هذه القاعدة هي أعم وأوسع القواعد‪ ،‬وهي معدودة ‪-‬كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪-‬‬‫بهذا النظم استهل الناظم ‪-‬رحمه هللا تعالى‪ -‬القواعد الفقهية التي َ‬
‫ضمن كبرى القواعد الكلية العامة‪.‬‬
‫‪--------‬‬
‫ص‪ - 34‬كتاب مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية ‪ -‬القاعدة األولى األمور بمقاصدها ‪ -‬المكتبة الشاملة‬

‫قوله‪[ :‬النية] ‪:‬‬


‫قال الجوهري في "الصحاح"‪ :‬نويت نية ونواة إذا عزمت‪ ،‬فالنية في اللغة العربية هي العزم على الشيء‪ ،‬وهذا الذي يقصده جمهور الفقهاء الذين تكلمو في مسائل النية‪.‬‬
‫وأما في االصطالح‪ :‬فهي مرادفة لإلخالص؛ إذ بينهما عموم وخصوص مطلق‪ ,‬فالنية أعم مطلقا ً من اإلخالص‪ ,‬فتشمل نية الرياء والشرك واإلخالص وغيرذالك‪.‬‬
‫واإلخال ص أخص من النية؛ ألن معناها إخالص النية من شوائب الشرك والرياء‪ ،‬وإفراد هللا بالقصد واإلرادة‪.‬‬
‫واعلم ‪-‬رحمك هللا‪ -‬أن الفقهاء ذكروا للنية شروط صحة‪ ،‬ال‬
‫واعلم أن القاعدة التي أشار إليها المصنف ‪-‬رحمه هللا‪ -‬صيغتها عند الفقهاء‪ :‬األمور بمقاصدها‪.‬‬
‫واألمور‪ :‬واحدها أمر‪ ،‬وهو الشأن والحال‪ ،‬كما قاله أئمة اللسان‪ ،‬والمقاصد‪ :‬واحدها مقصد‪ ،‬وهو بمعنى النية والعزم‪ ،‬تقول‪ :‬قصدت كذا إذا عزمتَ ونويت‪.‬‬
‫وهذه القاعدة اتفق عليها الفقهاء‪ ،‬كما حكى ذلك السيوطي وابن نجيم ‪-‬رحمهما هللا‪ -‬في‪" :‬األشباه" لهما‪.‬‬
‫وها هنا مسائل متعلقة بما سبق‪:‬‬
‫المسألة األولى‪ :‬في محل النية والقصد‪:‬‬
‫اتفق العلماء على أن القلب محل النية وموضعها‪ ،‬وجعلوا ذلك شرطا في النية‪ .‬قال النووي ‪-‬رحمه هللا‪( : -‬بال خالف) ‪ ،‬وكذا قال ابن تيمية وغيرهما‪ ،‬ثم اختلفوا في‬
‫استحباب التلفظ بها على قولين‪ :‬هما رواية في مذهب أحمد ‪-‬رحمه هللا‪ -‬وغيره‪ ،‬واألكثر على عدم االستحباب‪ ،‬قاله ابن تيمية ‪-‬رحمه هللا‪.-‬‬
‫واحتج القائلون باالستحباب بالخبر والنظر‪.‬‬
‫أما الخبر؛ فتلبية النبي صلى هللا عليه وسلم لعُمره وحجه‪ ,‬وذلك ثابت عنه ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ , -‬قالوا‪ :‬في ذلك داللة على تلفظه بها؛ حيث يقول‪( :‬لبيك عمرة) ‪ ,‬أو (لبيك‬
‫عمرة وحجاً) ‪ ,‬فيقاس على ذلك غير الحج من العبادات المختلفات‪.‬‬
‫[تعريف القاعدة وشرحها]‬
‫وال بد من معرفة معنى القاعدة حتى نطبقها تطبيقا ً صحيحاً‪ ،‬فاألمور‪ :‬واحدها أمر‪ ،‬أو جمع أمر‪ ،‬واألمر في اللغة معناه‪ :‬الحال أو الشأن‪ ،‬أي‪ :‬الشأن والحال‪ ،‬قد يقبل أو‬
‫يرد بالمقصد‪ ،‬ومقاصدها‪ :‬جمع مقصد‪ ،‬والمقصد معناه‪ :‬العزم على الشيء‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬معنى قاعدة األمور بمقاصدها‪ :‬أن أحوال وشئون اإلنسان في أفعاله تترتب على نيته‪ ،‬وفي عرف الفقهاء‪ :‬األمور بمقاصدها يعني‪ :‬أعمال المكلف‪ ،‬والفرق بين القواعد‬
‫الفقهية وبين القواعد األصولية‪ ،‬أن ا لقواعد األصولية‪ :‬تهتم بدالالت اللفظ مثل‪ :‬األصل في األمر الوجوب‪ ،‬األصل في النهي التحريم‪.‬‬
‫أما القواعد الفقهية‪ :‬فإنها تنظر إلى أعمال المكلفين سواء القولية أو الفعلية‪ ،‬فأحكامها ونتائجها تترتب على النية‪ ،‬بمعنى أن أعمال المكلف من قبول ورد‪ ،‬أو ثواب وعقاب‪،‬‬
‫أو صحة وبطالن تترتب على النية‪ ،‬فمثالً رجل قام يصلي‪ ،‬فصالته لها صحة أو بطالن‪ ،‬ولها ثواب أو عقاب‪.‬‬
‫ومثاله شخص سمع المؤذن يؤذن لصالة الظهر‪ ،‬فإذا قام يصلي خالعا ً النية فصالته باطلة‪ ،‬كأن يصلي مع اإلمام الظهر فقام وكبر‪ ،‬ولم يستحضر النية‪ ،‬ولم ينو أي صالة‬
‫أي‪ :‬لم يعين صالة‪ ،‬فال يدري هل سيصلي ظهراً؟ أم عصراً؟ أم نافلة؟ أم فرضاً؟ فأتى بتكبيرة اإلحرام والفاتحة والركوع والرفع والسجود والرفع إلى أن انتهى من األربع‬
‫الركعات‪ ،‬فحكم هذه الصالة البطالن؟ ألن األمور بمقاصدها‪.‬‬
‫ومعنى األمور بمقاصدها أنها‪ :‬تصح إذا كان المقصد صحيح‪ ،‬وتبطل بضد ذلك‪.‬‬
‫ومثالً‪ :‬لو دخل رجل فصلى‪ ،‬ونوى أن يصلي الظهر‪ ،‬لكن لما رأى الناس ينظرون لصالته قال‪ :‬سيمدحونني‪ ،‬فأحسن هذه الصالة؛ من أجل أن الناس سيمدحونه على‬
‫خشوعه‪ ،‬فحكم هذه الصالة‪ :‬أنها صحيحة ويأثم عليها‪.‬‬
‫أما بالنسبة للشق الثاني الذي تكلمنا عنه في معنى األمور بمقاصدها‪ ،‬أي‪ :‬الثواب أو العقاب‪ ،‬فليس له عليها ثواب؛ ألن األمور بمقاصدها‪ ،‬وله الثواب لو قصد بذلك وجه‬
‫هللا انبثاقا ً من الحديث‪( :‬ما أنفقت نفقة صغيرة وال كبيرة تبتغي)‪ ،‬وقيد بـ (تبتغي بذلك) الحديث‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬إذا صليت صالة فأحسنت الركوع والسجود والرفع وجب أن أقول لك‪ :‬اقصد بذلك وجه هللا لتثاب على هذه الصالة‪ ،‬وهذا معنى أو شرح التعريف‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬شرح تعريف األمور بمقاصدها عند الفقهاء‪ :‬أن أعمال المكلفين سواء أكانت قوالً أم فعالً‪ ،‬صحة أو بطالناً‪ ،‬ثوابا ً أو عقاباً‪ ،‬ت ترتب على النية‪ ،‬وتطبيق هذه القاعدة كثير‬
‫عند فقهائنا‪ ،‬والقواعد الفقهية تشمل جميع األبواب‪ ،‬أو تشمل أغلب األبواب‪ ،‬خالفا ً للضوابط؛ ألن الضابط يشمل بابا ً واحدا ً كالطهارة مثالً أو الزكاة‪.‬‬

‫بِس ِْم َّللاَّ ِ الرَّ ْح َم ِن الرَّ حِ ِيم‬


‫ب يَ ِسِّر وأعن‬ ‫ر ِِّ‬
‫[القاعدة األولى]‬
‫[أوال‪ :‬لفظ ورود القاعدة]‬
‫" إنما األعمال بالنيَّات (‪ " )١‬أو "األمور بمقاصدها (‪" )٢‬‬
‫ثانيا‪ :‬معنى القاعدة ومدلولها [النيَّة ‪ -‬القصد]‬
‫أ ‪ -‬معنى قاعدة [األمور بمقاصدها] في اللغة‪:‬‬
‫هذه القاعدة جملة اسمية مكونة من كلمتين هما‪ :‬األمور‪ ،‬ومقاصدها‪.‬‬
‫َصيرُ ْاألُمُورُ (‪ ،)٤( })٥٣‬ويقال أمر فالن مستقيم‪،‬‬ ‫فاألمور‪ :‬جمع أمر‪ ،‬ومعناه الحادثة أو الشَّأن‪ ،‬والحال‪ ،‬ال يكسِّر على غير ذلك (‪ - )٣‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬أ َ َال ِإلَى َّللاَّ ِ ت ِ‬
‫وأموره مستقيمة (‪.)٥‬‬
‫قال الراغب (‪ - :)٦‬األمر‪ :‬الشأن‪ ،‬وجمعه أمور ‪ -‬وهو لفظ عام‬
‫(‪ ) ١‬األمور‪ :‬جمع أمر‪ ،‬ولألمر في اللغة عدة معان‪ .‬انظرها في‪ :‬معجم مقاييس اللغة (‪ )١٣٧ /١‬ولسان العرب (‪ ) ٢٦ /٤‬فما بعدها‪ .‬والمراد باألمور في القاعدة‪ :‬األفعال‬
‫واألقوال‪.‬‬
‫مقصد بكسر الصاد‪ ،‬ومعناه هنا‪ :‬النية‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬المقاصد‪ :‬جمع ِ‬
‫والنية في اللغة معناها‪ :‬القصد‪ .‬انظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة (‪.)٣٦٦ /٥‬‬
‫والقصد‪ :‬هو إِتيا ُن الشيء وأ َ ُّمهُ‪ ،‬أي التوجه إِليه‪ .‬انظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة (‪.)٩٥ /٥‬‬
‫ومما قيل في معناها اصطالحًا‪ ،‬ما قاله الزركشي‪ ،‬ونصه‪" - :‬النية‪ :‬يتعلق بها مباحث‪ ،‬األول في حقيقتها‪ ،‬وهو‪ :‬ربط القصد بمقصود معين‪.‬‬
‫والمشهور‪ :‬أنها مطلق القصد إِلى الفعل‪.‬‬
‫وقال الماوردي‪ :‬هي قصد الشيء مقترنًا بفعله‪ ،‬فإن قصده وتراخى عنه فهو عزم"‪ .‬المنثور في القواعد (‪.)٢٨٤ /٣‬‬
‫واعلم أن هذه القاعدة عظيمة‪ ،‬وقد أشاد العلماء بالحديث الدال عليها‪ ،‬وذكر الشافعي رحمه هللا‪ :‬أن حديثها يدخل في سبعين بابًا من الفقه‪ ،‬وقد سرد السيوطي ما يرجع من‬
‫جماال‪ ،‬فانظر ذلك في‪ :‬شرح األربعين النووية البن دقيق العيد (‪ ،)٢‬واألشباه والنظائر (‪.)١١ - ٩‬‬ ‫األبواب إِلى حديثها إِ ً‬
‫وقد أفرد بعض العلماء مصنفات خاصة لبيان أحكام النية‪ ،‬فمن المتقدمين القرافي‪ ،‬في كتابه‪( :‬األمنية في ِإدراك النية)‪ .‬ومن المعاصرين الدكتور عمر سليمان األشقر‪ ،‬في‬
‫كتابه‪( :‬مقاصد المكلفين)‪ .‬والدكتور صالح بن غانم السدالن‪.‬‬
‫وممن ذكر القاعدة مع غيرها العالئي والزركشي والسيوطي‪ ،‬فانظر‪ :‬المجموع المذهب‪ :‬ورقة (‪ /١٦‬ب) فما بعدها‪ ،‬والمنثور (‪ )٢٨٤ /٣‬فما بعدها‪ ،‬واألشباه والنظائر‬
‫(‪ )٨‬فما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )٣‬وهو قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬إِنما األعمال بالنيات) إِلخ الحديث‪.‬‬
‫(أَوال _ الشَّرْ ح)‬
‫{و َما أَمر فِرْ عَ ْون برشيد} ‪ ،‬أَي َما ه َُو عَلَيْ ِه‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫هلل}‬ ‫له‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫مر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫األ‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫{قل‬ ‫‪،‬‬ ‫له}‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫مر‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫األ‬ ‫يرجع‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫{‬ ‫ى‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫له‬ ‫َو‬
‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ْه‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ا‪،‬‬‫ه‬‫َ‬ ‫كل‬ ‫واألقوال‬ ‫لألفعال‬ ‫ام‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫لفظ‬ ‫‪:‬‬ ‫ُو‬ ‫ه‬
‫َ َ‬‫و‬ ‫مر‪،‬‬ ‫ْاأل ُ ُمور جمع أ َ‬
‫من قَول أَو فعل‪( .‬ر‪ُ :‬مفْ َردَات الرَّ اغِب) ‪.‬‬
‫عن ذواتها‪َ ،‬ولذَا فسرت الْمجلة الْقَا ِعدَة بقولِ َها‪َ " :‬ي ْعنِي أَن‬ ‫ث َّم ِإن الْك ََالم على تَقْدِير ُمقْت َضى‪ ،‬أَي‪ :‬أ َ ْحكَام ْاأل ُ ُمور بمقاصدها‪ِ ،‬ألَن علم الْفِقْه ِإنَّ َما يبْ َحث َ‬
‫عن أ َ ْحكَام ا ْأل َ ْشيَاء َال َ‬
‫الحكم الَّذِي يَت ََرتَّب على أَمر يكون على ُمقْت َضى َما ه َُو الْ َمقْصُود من ذَلِك ْاألَمر "‪.‬‬
‫ت "‪.‬‬ ‫ظهر ق َْوله صلى هللا عَلَيْ ِه َوسلم‪ " :‬إِنَّ َما ْاأل َ ْع َمال بِالنِِّيَّا ِ‬ ‫أصل هَذِه الْقَا ِعدَة فِي َما ي ْ‬
‫(ثَانِيًا _ التطبيق)‬
‫اإلب َْراء‪ )٣( .‬وتجري فِي الوكاالت‪ )٤( .‬وإحراز الْ ُمبَا َحات‪)٥( .‬‬ ‫ضات والتمليكات الْ َمالِيَّة‪َ )٢( .‬و ْ ِ‬ ‫او َ‬ ‫إِن هَذِه الْقَا ِعدَة ت ْج ِري فِي كثير من ْاألَب َْواب الْفِقْ ِهيَّة مثل‪ )١( :‬الْ ُمعَ َ‬
‫والضمانات واألمانات‪ )٦( .‬والعقوبات‪.‬‬
‫ط َالق َها _ أَي ِإذا لم يقْت َرن ب َها َما يقْصد ِب ِه إخ َْراج َها عَن ِإفَادَة َما وضعت‬ ‫صلْح َوالْ ِهبَة‪ ،‬فَ ِإنَّ َها كل َها ِعنْد ِإ ْ‬ ‫ارة َوال ُّ‬ ‫ضات والتمليكات الْ َمالِيَّة‪ :‬فكالبيع َوال ِش َِّراء َو ْ ِ‬
‫اإل َج َ‬ ‫او َ‬ ‫‪ - ١‬أما الْ ُم َع َ‬
‫علَيْ َها من الت َّ ْملِيك والتملك‬ ‫لَهُ _ تفِيد حكم َها‪َ ،‬وه َُو ْاألَثر الْ ُمت ََرتب َ‬

You might also like