Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 46

1

‫األربعون ِّ‬
‫املبشرة‬

‫إعداد‬
‫حممد خري رمضان يوسف‬

‫‪ 1444‬هـ‬

‫‪2‬‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫مقدمة‬

‫احلمد هلل ذي الفضل العظيم‪ ،‬والصالة والسالم على نبيه الكرمي‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أمجعني‪.‬‬
‫البشرى كلمة مجيلة‪ ،‬حتمل معىن لطي ًفا‪ ،‬تبعث على السرور‪ ،‬وتدخل البهجة يف القلوب‪ ،‬ولو‬
‫كانت البشرى من قبل شخص عادي‪ ،‬فكيف إذا نطق هبا عظيم‪ ،‬وكان ِّ‬
‫املبشُر نبيا؟‬
‫بشران هللا وإايكم ابجلنة‪.‬‬
‫َّ‬
‫وهذه أربعون حديثًا شري ًفا‪ ،‬صحيحة وحسنة‪ ،‬مجعت فيها كلمات البشرى بتصريفاهتا‪ ،‬مع بيان‬
‫ملفرداهتا‪ ،‬وشروح عليها من مصادرها‪ ،‬وما يستفاد منها‪.‬‬
‫مجيعا حتمل معىن (فضل هللا ورمحته) كما يف داللة اآلية الكرمية‪:‬‬ ‫وقد تنوعت موضوعاهتا‪ ،‬لكنها ً‬
‫ك فَ ْليَ ْفَر ُحوا ُه َو َخ ْْيٌ ِِّمَّا ََْي َمعُو َن} [سورة يونس‪ .]58 :‬فبشرى‬ ‫ِّ‬ ‫ض ِّل َِّّ‬
‫اَّلل َوبَِّر ْمحَتِّ ِّه فَبِّ ََٰذل َ‬ ‫{قُ ْل بَِّف ْ‬
‫النيب من حمتوى رسالته‪ .‬وليس فيها من معىن املال إال القليل‪.‬‬
‫أدعو هللا تعاىل أن ينفع هبا‪ ،‬ويتقبلها خالصة لوجهه الكرمي‪ ،‬وأن يشملنا حتت قوله سبحانه‪:‬‬
‫َن ََلم جن ٍ‬
‫َّات ََْت ِّري ِّمن َْحتتِّ َها ْاْل َْْنَ ُار} [سورة البقرة‪.]25 :‬‬ ‫[وب ِّش ِّر الَّ ِّذين آمنُوا وع ِّملُوا َّ ِّ ِّ‬
‫الصاحلَات أ َّ ُْ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ََ‬
‫واحلمد هلل على فضله‪ ،‬والشكر له وحده‪.‬‬

‫حممد خري يوسف‬


‫إستانبول‬
‫‪ 24‬ربيع اْلول ‪ 1444‬ه‬

‫‪3‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫التيسري والتبشري‬

‫عن أيب هريرة‪ ،‬عن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫فسددوا وقاربوا‪ِّ ،‬‬
‫وأبشروا‪ ،‬واستعينوا‬ ‫الدين يسر‪ ،‬ولن يشاد الدين أحد إال غلبه‪ِّ ،‬‬ ‫"إن ِّ‬
‫ابلغدوةِّ والروحة وشيء من الدلة"‪.‬‬

‫صحيح البخاري (‪ ،)39‬صحيح ابن حبان (‪ ،)351‬وإسناده صحيح على شرط البخاري‪ ،‬كما قال‬
‫الشيخ شعيب يف خترَيه‪.‬‬

‫الدين يُسر"‪ :‬املعىن أن دين هللا تعاىل وشريعته اليت أمر هبا عباده واختار َلم مبنية على‬ ‫"إن َ‬
‫ين ِّم ْن َحَرٍج} [سورة احلج‪،]78 :‬‬ ‫اليسر والسهولة‪ ،‬كما قال تعاىل‪{ :‬وما جعل علَي ُكم ِّيف ِّ‬
‫الد ِّ‬ ‫ََ َ َ َ َ ْ ْ‬
‫شدد على نفسه‪ ،‬وتعمق يف أمر الدين ِما مل يوجب عليه‪ ،‬كما هو دأب الرهبانية‪ ،‬يُغلَب‬ ‫فمن َّ‬
‫ويَضعف عن القيام‪.‬‬
‫الدين أح ٌد إال َغلَبَه" أي‪ :‬لن يبالغ يف تشديد الدين امليسور أح ٌد إال صار مغلوابً‬ ‫شاد َ‬ ‫"ولن يُ َّ‬
‫يغلب عليه ابلزايدة فيعود مغلوابً مبا أفرط‪ ....‬يعين‬‫امليسر‪ .‬ويقال‪ :‬أمرهُ وقصدهُ أن َ‬ ‫حيث كابر َّ‬
‫شاد صار مغلوابً‪.‬‬
‫شاد فيه‪ ،‬فمن َّ‬‫إذا ُشرع الدين على السهولة واليسر فال ينبغي أن يُ َّ‬
‫السداد‪ ،‬وهو القصد املستقيم الذي ال ميل فيه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫والسداد‪ :‬االستقامة‪ .‬أي‪ :‬اطلبوا بنياتكم‬
‫"وقاربوا"‪ :‬أتكيد للتسديد من حيث املعىن‪ ،‬يقال‪ :‬قارب فالن يف أموره‪ ،‬إذا اقتصد‪.‬‬
‫وأما معىن البشارة‪ ،‬فكأنه قيل‪ :‬أبشروا معاشر أمة حممد صلى هللا عليه وسلم خصوصاً‪ ،‬أبن هللا‬
‫تعاىل رضي لكم الكثْي من اْلجر ابلعمل القليل دون سائر اْلمم‪.‬‬
‫ُّجلة‪ :‬السْي يف آخر الليل‪.‬‬ ‫الروحة‪ :‬آخره‪ ،‬والد ْ‬
‫والغَدوة‪ :‬أول النهار‪ ،‬و َّ‬
‫السهر يف سائر الليل‪ ،‬بل يكتفي بشيء‬ ‫ٍ‬
‫النفس َ‬ ‫َ‬ ‫مل‬
‫"وشيء من الدجلة" أي‪ :‬ال ينبغي أن َي َ‬
‫منه‪.‬‬
‫(معظمه من شرح املشكاة للطييب الكاشف عن حقائق السنن ‪.)1214 /4‬‬

‫‪4‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫أبشروا‪..‬‬

‫عن أيب هريرة قال‪:‬‬


‫ِّ‬
‫أصحابه يضحكون ويتحدثون‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫خرج النيب صلى هللا عليه وسلم على ٍ‬
‫رهط من‬ ‫َ ُّ‬
‫كثريا"‪.‬‬ ‫"والذي نفسي بيده‪ ،‬لو تعلمون ما أعلم‪ِّ ،‬‬
‫قليل‪ ،‬ولبكيتم ً‬
‫لضحكتم ً‬
‫وجل إليه‪:‬‬
‫عز َّ‬
‫مث انصرف‪ ،‬وأب َكى القوم‪ .‬وأوحى هللا َّ‬
‫"اي حممد‪ ،‬ل تقنِّط عبادي"؟‬
‫فرجع النيب صلى هللا عليه وسلم فقال‪" :‬أبشروا‪ِّ ،‬‬
‫وسددوا‪ ،‬وقاربوا"‪.‬‬ ‫َ ُّ‬

‫رواه البخاري يف اْلدب املفرد (‪ )254‬واللفظ له‪ ،‬وصححه يف صحيح اْلدب املفرد‪ ،‬ورواه ابن حبان يف‬
‫صحيحه (‪ ) 358‬وصحح سنده الشيخ شعيب على شرط مسلم‪ ،‬كما رواه البيهقي يف شعب اإلميان‬
‫(‪ .)1027‬ورواه آخرون أبلفاظ مقاربة‪.‬‬

‫قال احلافظ البيهقي يف الشعب بعد رواية احلديث‪ :‬ففي هذا داللة على أنه ال ينبغي أن يكون‬
‫خوفه حبيث يؤيسهُ ويُقنطه من رمحة هللا‪ ،‬كما ال ينبغي أن يكون رجاؤه حبيث أيمن مكر هللا‪،‬‬
‫أو ِّ‬
‫َيرؤه على معصية هللا عز وجل‪.‬‬
‫وقال ابن حزم يف كالمه على مواضع من البخاري‪ :‬معىن اْلمر ابلسداد واملقاربة أنه صلى هللا‬
‫فأمر أمتَهُ أبن يقتصدوا يف اْلمور؛ ْلن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫عليه وسلم أشار بذلك إىل أنه بُعث ميسًرا مسه ًال‪َ ،‬‬
‫ذلك يقتضي االستدامة عادة‪.‬‬
‫نقله احلافظ يف الفتح (‪.)300 /11‬‬

‫(‪) 3‬‬
‫بشروا وال تن ِّفروا‬
‫ِّ‬

‫عن أنس بن مالك‪ ،‬عن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫وبشروا وال ِّ‬
‫تنفروا"‪.‬‬ ‫تعسروا‪ِّ ،‬‬
‫يسروا وال ِّ‬
‫" ِّ‬

‫صحيح البخاري (‪.)69‬‬

‫ِّ‬
‫أصحابه‬ ‫أحدا من‬
‫بعث ً‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا َ‬
‫وعن أيب موسى اْلشعري قال‪ :‬كان ُ‬
‫ويسروا وال ِّ‬
‫تعسروا"‪ .‬صحيح مسلم (‪.)1732‬‬ ‫بشروا وال ِّ‬
‫تنفروا‪ِّ ،‬‬ ‫بعض أمرهِّ قال‪ِّ " :‬‬
‫يف ِّ‬

‫وبشروا الناس أو املؤمنني بفضل هللا تعاىل وثوابه‪ ،‬وجزيل‬ ‫قال بدر الدين العيين رمحه هللا‪ :‬املعىن‪ِّ :‬‬
‫تنفروا"‪ ،‬يعين بذكر التخويف وأنواع الوعيد‪،‬‬ ‫عطائه وسعة رمحته‪ ،‬وكذا املعىن يف قوله‪" :‬وال ِّ‬
‫قرب إسالمه برتك التشديد عليهم‪ ،‬وكذلك َمن قارب البلوغ من الصبيان‪ ،‬ومن بلغ‬ ‫ف َمن َ‬ ‫فيتألَّ ُ‬
‫قليال‪ ،‬كما كانت أمور اإلسالم على‬ ‫قليال ً‬
‫واتب من املعاصي‪ ،‬يتلطف جبميعهم أبنواع الطاعة ً‬
‫يد للدخول فيها‬‫التدريج يف التكليف شيئا بعد شيء؛ ْلنه مىت يسر على الداخل يف الطاعة املر ِّ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫أوشك‬
‫َ‬ ‫أوشك أن ال يدخل فيها‪ ،‬وإن دخل‬ ‫َ‬ ‫عسر عليه‬
‫سهلت عليه وتزايد فيها غالبًا‪ ،‬ومىت َ‬ ‫ْ‬
‫أن ال يدوم أو ال يستحملها‪.‬‬
‫وفيه اْلمر للوالة ابلرفق‪.‬‬
‫وهذا احلديث من جوامع الكلم‪ ،‬الشتماله على خْيي الدنيا واآلخرة‪ْ ،‬لن الدنيا دار اْلعمال‪،‬‬
‫واآلخرة دار اجلزاء‪ ،‬فأمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فيما يتعلق ابلدنيا ابلتسهيل‪ ،‬وفيما‬
‫يتعلق ابآلخرة ابلوعد ابخلْي واإلخبار ابلسرور‪ ،‬حتقي ًقا لكونه رمحةً للعاملني يف الدارين‪.‬‬
‫عمدة القاري شرح صحيح البخاري (‪)47 /2‬‬

‫(‪) 4‬‬
‫التهليل والتكبري‬

‫عن أيب هريرة‪ ،‬عن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫مكّب قط إال ب ِّشر"‪.‬‬
‫"ما أهل م ِّهل قط إال ب ِّشر‪ ،‬وال كّب ِّ‬
‫رسول هللا‪ ،‬ابجلنة؟‬
‫قيل‪ :‬اي َ‬
‫‪6‬‬
‫قال‪" :‬نعم"‪.‬‬

‫رواه الطرباين يف املعجم اْلوسط (‪ )7779‬وقال‪ :‬مل يرو هذا احلديث عن زيد بن عمر بن عاصم إال معتمر‪.‬‬
‫قال احلافظ اَليثمي يف جممع الزوائد (‪ :)5371‬رواه الطرباين يف اْلوسط إبسنادين‪ ،‬رجال أحدمها رجال‬
‫الصحيح‪ .‬وأورده اْللباين يف السلسلة الصحيحة (‪ )1621‬وقال‪ :‬هذا إسناد حسن‪ ،‬رجاله كلهم ثقات‬
‫رجال الشيخني غْي حممد بن عثمان بن أيب شيبة‪ ،‬وفيه كالم ال ينزل حديثه عن رتبة احلسن إن شاء هللا‪.‬‬

‫ذكر الصنعاين أن التكبْي والتهليل يتمل يف احلج ويتمل مطلقاً‪ ،‬وأن املالئكة تبشره يوم القيامة‬
‫أبن له اجلنة إبهالله أو بتكبْيه‪.‬‬
‫ينظر التنوير شرح اجلامع الصغْي (‪.)364 /9‬‬

‫(‪) 5‬‬
‫بشرى عاجلة!‬

‫عن أيب ذر قال‪:‬‬


‫الناس عليه؟‬ ‫قيل ِّ‬
‫العمل من اخلْي‪ ،‬ويمدهُ ُ‬
‫يعمل َ‬‫الرجل ُ‬
‫أيت َ‬ ‫لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أر َ‬ ‫َ‬
‫قال‪" :‬تلك عاجل بشرى املؤمن"‪.‬‬

‫رواه مسلم يف صحيحه (‪ ،)2642‬وابن حبان يف صحيحه (‪.)366‬‬

‫قال اإلمام النووي رمحه هللا‪ :‬معناه‪ :‬هذه البشرى املعجلةُ له ابخلْي‪ ،‬وهي دليل على رضاء هللا‬
‫يوضع له القبول يف اْلرض‪ .‬هذا كله إذا محده‬‫تعاىل عنه وحمبَّته له‪ ،‬فيحبِّبه إىل اخللق‪ ...‬مث َ‬
‫تعرض منه حلمدهم‪ ،‬وإال فالتعرض مذموم‪ .‬شرح النووي على مسلم (‪.)189 /16‬‬ ‫الناس من غْي ٍ‬
‫ْلن تعرضه للناس لكي يمدوه يدخل يف الرايء‪ ،‬وهو ما يفسد اْلعمال‪.‬‬
‫خالصا هلل‪ ،‬وليس يف قلبه الرايء‪ ،‬أعطاه‬
‫عمال صاحلًا ً‬‫ووضحه املظهري بقوله‪ :‬يعين‪ :‬من عمل ً‬
‫هللا ثوابني‪ :‬ثو ًااب يف الدنيا‪ ،‬وثو ًااب يف اآلخرة‪ ،‬فثوابه يف الدنيا‪ :‬أن يوقع حمبته يف قلوب الناس‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫ويوقع على ألسنتهم ذكره ابخلْي‪ ،‬وثوابه يف اآلخرة‪ :‬اللقاء واجلنة؛ يعين ال أبس مبدح الناس‬
‫الرجل الصالَ إذا مل يكن يف قلبه رايء ومسعة‪.‬‬
‫َ‬
‫املفاتيح يف شرح املصابيح (‪.)315 /5‬‬

‫(‪) 6‬‬
‫بشرى للمريض‬

‫يضا ومعه أبو هريرة‪ ،‬من و ْع ٍ‬


‫ك كان‬ ‫عاد مر ً‬
‫عن أيب هريرة‪ ،‬عن النيب صلى هللا عليه وسلم أنه َ‬
‫َ‬
‫به‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫ِّ‬
‫املؤمن يف الدنيا‪ ،‬لتكون حظه من‬ ‫"أبشر‪ ،‬فإن هللا يقول‪ :‬هي انري أسلِّطها على عبدي‬
‫ِّ‬
‫النار يف اآلخرة"‪.‬‬

‫سنن الرتمذي (‪ ،)2088‬سنن ابن ماجه (‪ )3470‬واللفظ له‪ ،‬قال الشيخ شعيب يف خترَيه‪ :‬إسناده‬
‫جيد‪ ،‬وكذا قال يف مسند أمحد (‪ ،)9676‬املستدرك للحاكم (‪ )1277‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد ومل خيرجاه‪.‬‬
‫السلسلة الصحيحة (‪.)557‬‬

‫احلمى نصيبه بدالً من النار ِما اقرتف من‬


‫ذكر املال علي القاري يف مرقاة املفاتيح (‪ )50 /4‬أن َّ‬
‫الذنوب اجملعولة له يوم القيامة‪.‬‬
‫كفر الذنوب فيمنعه بذلك من‬ ‫وذكر ابن العريب أيضا يف عارضة اْلحوذي (‪ )228/8‬أن املرض ي ِّ‬
‫ً‬
‫دخول النار‪.‬‬

‫(‪) 7‬‬
‫القرآن العظيم‬

‫عن أيب شريح اخلزاعي قال‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال‪" :‬أبشروا‪ ،‬وأبشروا‪ ،‬أليس تشهدون أن ال‬
‫خر َج علينا ُ‬
‫إله إال هللا وأين رسول هللا"؟‬
‫قالوا‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪" :‬فإن هذا القرآن سبب‪ ،‬طرفه ِّ‬
‫بيد هللا‪ ،‬وطرفه أبيديكم‪ ،‬فتمسكوا به‪ ،‬فإنكم لن‬
‫تضلوا‪ ،‬ولن تلكوا بعده أب ًدا"‪.‬‬

‫رواه ابن حبان يف صحيحه (‪ ،)122‬قال الشيخ شعيب يف خترَيه‪ :‬إسناده حسن على شرط مسلم‪ .‬كما‬
‫صحح إسناده يف السلسلة الصحيحة (‪.)713‬‬

‫يتوصل به إىل الشيء‪.‬‬


‫والسبب‪ :‬احلبل‪ ،‬يُستعار ملا َّ‬

‫(‪) 8‬‬
‫سورة‪ ..‬وآايت جليلة‬

‫عن ابن عباس قال‪:‬‬


‫فع رأسه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫نقيضا من فوقه‪ ،‬فر َ‬
‫مسع ً‬‫النيب صلى هللا عليه وسلم‪َ ،‬‬
‫جربيل قاع ٌد عند ِّ‬
‫ُ‬ ‫بينما‬
‫ِّ‬
‫السماء فتِّح اليوم ل يفتح قط إال اليوم‪ ،‬فنزل منه ملك‪ ،‬فقال‪ :‬هذا ملك‬ ‫"هذا ابب من‬
‫األرض ل ينزل قط إال اليوم‪ ،‬فسلم‪ ،‬وقال‪ِّ :‬‬
‫أبشر بنور ِّ‬
‫ين أوتيتهما ل يؤتما نب‬ ‫ِّ‬ ‫نزل إىل‬
‫قبلك‪ :‬فاحتة الكتاب‪ ،‬وخواتيم سورةِّ البقرة‪ ،‬لن تقرأ حبرف منهما إال أ ِّ‬
‫عطيته"‪.‬‬

‫صحيح مسلم (‪.)806‬‬

‫النقيض‪ :‬صوت كصوت الباب إذا فُتح‪.‬‬


‫وسورة الفاحتة هي أعظم سورة يف القرآن الكرمي‪ ،‬كما ورد يف عدة مواضع من صحيح البخاري‬
‫(‪ )4474‬وغْيه‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫آخر سورةِّ البقرةِّ من قرأمها يف ٍ‬
‫ليلة كفتاه"‪( .‬رواه‬ ‫وقال عليه الصالة والسالم‪ِّ " :‬‬
‫اآليتان من ِّ‬
‫الشيخان‪ :‬البخاري ‪ ،4008‬مسلم ‪.)807‬‬
‫قيل‪ :‬معناه كفتاه من قيام الليل‪ ،‬وقيل‪ :‬من الشيطان‪ ،‬وقيل‪ :‬من اآلفات‪ ،‬ويتمل من اجلميع‪.‬‬
‫شرح النووي على مسلم (‪.)91 /6‬‬
‫نورا يسعى أمامه‪ ،‬أو ْلنه يُرشده‬
‫"نورين" ْلن كال منهما يكو ُن لصاحبه يف القيامة ً‬
‫وإمنا مسامها َ‬
‫ويَهديه ابلتأمل فيه والتفكر يف معانيه إىل الطريق القومي واملنهج املستقيم‪ ،‬وذلك الشتماَلما‬
‫على مجلة ما حتويه الكتب السماوية‪ ...‬حتفة اْلبرار شرح مصابيح السنة للقاضي البيضاوي (‪/1‬‬
‫‪.)527‬‬
‫"إِّال أُعطيتَه" أي‪ :‬أُعطيت مقتضاه‪ ،‬من العون‪ ،‬و ِّ‬
‫اَلداية إىل الصراط املستقيم‪ ،‬يف الفاحتة‪ ،‬ومن‬ ‫َ‬
‫املغفرة‪ ،‬وعدم املؤاخذة يف النسيان‪ ،‬واخلطأ‪ ،‬وعدم حتميل اإلصر‪ ،‬وما ال يطاق‪ ،‬والعفو‪ ،‬والرمحة‪،‬‬
‫والنصر على الكفار‪ ،‬يف خواتيم سورة البقرة‪.‬‬
‫أيضا بسببه‪.‬‬
‫يعم أمته ً‬‫مث إن هذا العطاء ليس خاصا به صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬بل ُّ‬
‫ذخْية العقىب يف شرح اجملتىب (‪.)549 /11‬‬

‫(‪) 9‬‬
‫اإلميان اخلالص‬

‫عن أيب ذر رضي هللا عنه قال‪:‬‬


‫ثوب أبيض‪ ،‬وهو انئم‪ ،‬مث أتيتهُ وقد استيقظ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم وعليه ٌ‬
‫أتيت َّ‬
‫ُ‬
‫"ما من عبد قال ال إله إال هللا‪ ،‬مث مات على ذلك‪ ،‬إال دخل النة"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وإن زىن وإن سرق؟‬
‫قال‪" :‬وإن زىن وإن سرق"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وإن زىن وإن سرق؟‬
‫قال‪" :‬وإن زىن وإن سرق"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وإن زىن وإن سرق؟‬
‫رغم ِّ‬
‫أنف أيب ذر"‪.‬‬ ‫قال‪" :‬وإن زىن وإن سرق‪ ،‬على ِّ‬

‫‪10‬‬
‫أنف أيب ذر‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫وكان أبو ٍ‬
‫ذر إذا َّ‬
‫ث هبذا قال‪ :‬وإ ْن َرغ َم ُ‬
‫حد َ‬
‫اتب وندم‪ ،‬وقال‪ :‬ال إله إال‬
‫قال أبو عبدهللا [يعين البخاري]‪ :‬هذا عند املوت‪ ،‬أو قبله‪ ،‬إذا َ‬
‫هللا‪ ،‬غُ ِّفَر له‪.‬‬

‫متفق عليه‪ :‬صحيح البخاري (‪ ،)5827‬صحيح مسلم (‪.)94‬‬

‫وقع اختالف بني بعض أهل العلم يف فهم هذا احلديث‪ ،‬وقد خلص القاضي عياض رمحه هللا‬
‫بيانه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ُحك َي عن مجاعة من السلف منهم ابن املسيب وغْيه‪ ،‬أن هذا كان قبل أن تنزل الفرائض‬
‫واْلمر والنهي‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إىل أْنا جمملة حتتاج إىل شرح‪ ،‬ومعناه‪ :‬من قال الكلمة وأدى حقَّها وفريضتها‪،‬‬
‫وهو قول احلسن البصري‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إىل أن ذلك ملن قاَلا عند التوبة والندم ومات على ذلك‪ .‬وهو قول البخاري‪.‬‬
‫وهذه التأويالت كلها إذا ُمحلت اْلحاديث على ظاهرها‪ ،‬وأما إذا نُِّزلت تنزيلها مل يُشكل أتويلُها‬
‫على ما بيَّنه احملققون‪.‬‬
‫فنُقرر أوالً أن مذهب أهل السنة أبمجعهم‪ ،‬من السلف الصال‪ ،‬وأهل احلديث‪ ،‬والفقهاء‪،‬‬
‫واملتكلمني على مذهبهم من اْلشعريني‪ ،‬أن أهل الذنوب يف مشيئة هللا تعاىل‪ ،‬وأن كل من‬
‫مات على اإلميان وشهد خملصاً من قلبه ابلشهادتني فإنه يدخل اجلنة‪ ،‬فإن كان اتئباً أو سليماً‬
‫وح ِّرم على النار ابجلملة‪ ،‬فإن محلنا اللفظني‬ ‫من املعاصي والتبعات دخل اجلنة برمحة ربه‪ُ ،‬‬
‫التفات احلسن والبخاري يف أتويلهما‪ ،‬وإن‬ ‫ُ‬ ‫الواردين على هذا فيمن هذه صفته كان بيِّناً‪ ،‬وهو‬
‫فعل ما حرم عليه‪ ،‬فهو يف املشيئة‪ ،‬ال‬ ‫كان هذا من املخلِّطني‪ ،‬بتضييع ما أوجب هللا عليه‪ ،‬أو ِّ‬
‫بد له من‬ ‫يُقطع يف أمره‪ ،‬بتحرميه على النار‪ ،‬وال ابستحقاقه ْلول حاله اجلنة‪ ،‬بل يُقطع أنه ال َّ‬
‫آخرا‪ ،‬ولكن حاله له قبل يف خطر املشيئة وبرزخ الرجاء واخلوف‪ ،‬إن شاء ربُه َّ‬
‫عذبه‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫دخول اجلنة ً‬
‫التفت من قدم قوله من السلف‪.‬‬ ‫بذنبه‪ ،‬أو َغفر له بفضله‪ .‬وإىل هذا َ‬

‫‪11‬‬
‫لكن قد يصح استقالل ألفاظ هذه اْلحاديث أبنفسها على هذا التنزيل‪ ،‬فيكون املراد‬
‫ابستحقاق اجلنة ما قدَّمناه من إمجاع أهل السنة من أنه البد له من دخول كل ُم َوحد َلا‪ ،‬إما‬
‫مؤخراً بعد عقابه‪.‬‬
‫ُم َع َّجالً ُمعاىف‪ ،‬أو َّ‬
‫واملراد بتحرمي النار حترميُ اخللود‪ ،‬خالفاً للخوارج واملعتزلة يف الوجهني‪.‬‬
‫كالمه ال إله إال هللا" خصوصاً ملن كان هذا آخر نُ ِّ‬
‫طقه وخامتةَ‬ ‫وينزل حديث‪" :‬من كان آخر ِّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫قبل خملطاً‪ ،‬فيكون سبباً لرمحة هللا له وجناته رأساً من النار وحترميه عليها‪ ،‬خبالف‬ ‫لفظه‪ ،‬وإن كان ُ‬
‫املوحدين املخلِّطني‪.‬‬
‫من مل يكن ذلك آخر كالمه من ِّ‬
‫َ‬
‫إكمال املعلم بفوائد مسلم (‪.)254 /1‬‬

‫(‪)10‬‬
‫التوحيد اي عباد هللا‬

‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ملعاذ بن جبل رضي هللا عنه‪:‬‬
‫قال ُ‬ ‫َ‬
‫"اي معاذ‪ ،‬هل تدري حق هللا على عبادهِّ‪ ،‬وما حق ِّ‬
‫العباد على هللا"؟‬
‫قلت‪ :‬هللا ورسولهُ أعلم‪.‬‬
‫العباد أن يعبدوه وال يشركوا به شيئًا‪ ،‬وحق ِّ‬
‫العباد على هللا أن ال‬ ‫قال‪" :‬فإن حق هللا على ِّ‬
‫يعذب من ال يشرك به شيئًا"‪.‬‬‫ِّ‬
‫رسول هللا‪ ،‬أفال ِّ‬
‫أبشُر به الناس؟‬ ‫فقلت‪ :‬اي َ‬
‫تبشرهم‪ ،‬فيتكلوا"‪.‬‬‫قال‪" :‬ال ِّ‬

‫رواه الشيخان‪ :‬البخاري (‪ )2856‬واللفظ له‪ ،‬مسلم (‪.)30‬‬

‫النيب صلى هللا عليه وسلم قال ملعاذ بن جبل‪:‬‬


‫كر يل أن َّ‬ ‫ومنه حديث أنس‪ :‬ذُ َ‬
‫دخل اجلنة"‪.‬‬
‫يشرك به شيئًا َ‬ ‫لقي هللا ال ُ‬‫"من َ‬
‫قال‪ :‬أال ِّ‬
‫أبشُر الناس؟‬
‫أخاف أن يتَّكلوا"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قال‪" :‬ال‪ ،‬إين‬
‫‪12‬‬
‫صحيح البخاري (‪.)29‬‬

‫"فيتَّكلوا" أي‪ :‬فيعتمدوا عليه ويُقعدهم ذلك عن العبادات‪ .‬شرح املصابيح البن امللك (‪.)57 /1‬‬
‫وقد أخرب معاذ ابحلديث قبل موته خشية أن أيمث من كتم العلم‪.‬‬
‫وهناك تفصيل يف اْلمر عند علماء احلديث‪ ،‬حيث ورد التصريح يف أحاديث أخرى بتبليغ هذه‬
‫مثال إكمال املعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض ‪.260/1‬‬ ‫البشرى‪ ،‬يراجع ً‬
‫واملهم أن البشرى وصلت‪ .‬واملسلم يتوكل وال يتواكل‪.‬‬
‫قال صاحب البحر احمليط الثجاج يف شرح صحيح اإلمام مسلم بن احلجاج ‪:627 /1‬‬
‫اعتمادا على هذه الكلمة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أخربهتم هبذه البشارة ميتنعون عن العمل‪ ،‬ويرتكونه‬ ‫املعىن أْنم إذا َ‬
‫فاتركهم َيتهدوا يف العمل‪.‬‬
‫قال يف الفتح ما نصه‪ :‬قال ابن رجب يف شرحه ْلوائل البخاري‪ :‬قال العلماء‪ :‬يؤخذ من منع‬
‫صَر‬
‫الرخص ال تشاع يف عموم الناس؛ لئال يَ ْق ُ‬ ‫معاذ من تبشْي الناس لئال يتكلوا‪ ،‬أن أحاديث ُّ‬
‫اجتهادا يف العمل‪ ،‬وخشيةً‬‫ً‬ ‫فهمهم عن املراد هبا‪ ،‬وقد مسعها معاذ رضي هللا عنه فلم يَْزَدد َّإال‬
‫َّكاال على ظاهر هذا اخلرب‪ .‬وقد‬ ‫صر ات ً‬ ‫وجل‪ ،‬فأما من مل ي ب لُغ منزلته فال يؤمن أن ي َق ِّ‬
‫عز َّ‬ ‫هلل َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫صاة املوحدين يدخلون النار‪ ،‬فعلى‬ ‫عارضه ما تواتر من نصوص الكتاب والسنة أن بعض عُ َ‬
‫هذا فيجب اجلمع بني اْلمرين‪ ،‬وقد سلَ ُكوا يف ذلك مسالك‪ ...‬اخل‪.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫أبشروا‬

‫عن املطَّلب بن عبدهللا بن َحنطب‪ ،‬عن عبدهللا بن عمرو قال‪:‬‬


‫املنرب فقال‪" :‬ال أقسم‪ ،‬ال أقسم‪ ،‬ال أقسم"‪.‬‬ ‫صعِّ َد ُ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫الصلوات اخلمس‪ ،‬واجتنب الكبائر‪ ،‬دخل‬ ‫مث نزل فقال‪" :‬أبشروا‪ ،‬أبشروا‪ ،‬إنه من صلى‬
‫أبواب ِّ‬
‫النة شاء"‪.‬‬ ‫أي ِّ‬ ‫ِّمن ِّ‬

‫‪13‬‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫أمسعت َ‬
‫َ‬ ‫بن عمرو‪:‬‬ ‫عبدهللا َ‬
‫سأل َ‬
‫رجال يَ ُ‬
‫مسعت ً‬
‫ُ‬ ‫قال املطَّلب‪:‬‬
‫يذكرهن؟ قال‪ :‬نعم‪" ،‬عقوق الوالدين‪ ،‬والشرك ابهلل‪ ،‬وقتل النفس‪ ،‬وقذف احملصنات‪ ،‬وأكل‬
‫َّ‬
‫ِّ‬
‫مال اليتيم‪ ،‬والفرار من الزحف‪ ،‬وأكل الراب"‪.‬‬

‫رواه الطرباين يف املعجم الكبْي (‪ ،)14587‬وقال يف السلسلة الصحيحة (‪ :)3451‬هذا إسناد حسن إن‬
‫شاء هللا‪ .‬وذكر يف آخر كالمه أن له شواهد كثْية‪ .‬كما حسنه يف صحيح الرتغيب (‪.)1340‬‬

‫(‪)12‬‬
‫األنبياء ِّ‬
‫مبشرون ومنذرون‬

‫ابلسيف غْي م ِّ‬


‫صفح‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫َُ‬ ‫رجال مع امرأيت لضربتهُ‬
‫أيت ً‬
‫قال سعد بن عبادة‪ :‬لو ر ُ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫فبلغ ذلك َ‬‫َ‬
‫أجل غريةِّ هللا حرم‬
‫"أتعجبون من غريةِّ سعد؟ وهللا ألان أغري منه‪ ،‬وهللا أغري مين‪ ،‬ومن ِّ‬
‫أجل ذلك بعث‬ ‫الفواحش ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬وال أحد أحب إليه العذر من هللا‪ ،‬ومن ِّ‬
‫أجل ذلك وعد هللا النة"‪.‬‬ ‫واملنذرين‪ ،‬وال أحد أحب إليه املِّدحة من هللا‪ ،‬ومن ِّ‬
‫املبشرين ِّ‬
‫ِّ‬

‫متفق عليه‪ .‬صحيح البخاري (‪ ،)7416‬صحيح مسلم (‪ .)1499‬واللفظ لألول‪.‬‬

‫صفح‪ :‬يعين أنه سيضربه ِّ‬


‫حبد السيف ال جبانبه‪.‬‬ ‫غْي م ِّ‬
‫َُ‬
‫قال اإلمام النووي رمحه هللا‪ :‬الرجل غيور على أهله‪ ،‬أي‪ :‬مينعهم من التعلق أبجنيب بنظر أو‬
‫سعدا غيور‪ ،‬وأنه أغْي‬
‫حديث أو غْيه‪ ،‬والغْية صفة كمال‪ ،‬فأخرب صلى هللا عليه وسلم أبن ً‬
‫منه‪ ،‬وأن هللا أغْي منه صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وأنه من أجل ذلك حرم الفواحش‪ ،‬فهذا تفسْي‬
‫الناس من الفواحش‪ .‬لكن الغْية يف حق‬ ‫ملعىن غْية هللا تعاىل‪ ،‬أي أْنا َمْن عُهُ سبحانه وتعاىل َ‬
‫الناس يقارْنا تغْي حال اإلنسان وانزعاجه‪ ،‬وهذا مستحيل يف غْية هللا تعاىل‪( .‬شرح النووي على‬
‫مسلم ‪.)132 /10‬‬

‫‪14‬‬
‫بعث املرسلني لإلعذار واإلنذار خللقه قبل أخذهم‬ ‫وقال القاضي عياض رمحه هللا‪ :‬املعىن‪َ :‬‬
‫الر ُس ِّل} [سورة النساء‪:‬‬ ‫اَّللِّ ُح َّجةٌ بَ َ‬
‫عد ُّ‬ ‫ابلعقوبة‪ ،‬وهو كقوله تعاىل‪{ :‬لِّئَالَّ يَ ُكو َن لِّلن ِّ‬
‫َّاس َعلَى َّ‬
‫‪( .]165‬فتح الباري البن حجر ‪.)400 /13‬‬
‫اَّللِّ ُح َّجةٌ بَ ْع َد ُّ‬
‫الر ُس ِّل َوَكا َن َّ‬
‫اَّللُ‬ ‫ين لِّئَال يَ ُكو َن لِّلن ِّ‬
‫َّاس َعلَى َّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واآلية كاملة‪ُ { :‬ر ُسال ُمبَش ِّر َ‬
‫ين َوُمْنذر َ‬
‫ِّ‬
‫َع ِّز ًيزا َحك ً‬
‫يما}‪.‬‬

‫(‪)13‬‬
‫الرؤاي البشرى‬

‫احلَيَاةِّ الدُّنْيَا َوِّيف ْاآل ِّخَرةِّ} [سورة‬ ‫سأل رجل عبادة بن الصامت عن ِّ‬
‫قول هللا‪ََ { :‬لُُم الْبُ ْشَر َٰى ِّيف ْ‬ ‫ٌ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫سألت َ‬
‫يونس‪ ،]64 :‬فقال عبادة‪ُ :‬‬
‫"لقد سألتين عن أمر ما سألين عنه أحد من أميت‪ ،‬تلك الرؤاي الصاحلة‪ ،‬يراها املؤمن أو‬
‫ترى له"‪.‬‬

‫رواه أمحد يف املسند (‪ )22767‬قال الشيخ شعيب يف خترَيه‪ :‬صحيح لغْيه‪ ،‬محيد روى عنه مجع‪ ،‬وذكره‬
‫ابن حبان يف الثقات‪ ،‬وهذا إسناد حسن إن صح مساع محيد من عبادة‪ .‬ورواه الرتمذي (‪ )2275‬وصححه‬
‫له يف صحيح الرتمذي‪.‬‬

‫(‪)14‬‬

‫عن أيب هريرة‪ ،‬عن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫كذب‪ ،‬وأصدقكم رؤاي أصدقكم حديثًا‪ .‬ورؤاي‬ ‫املسلم ت ِّ‬
‫ِّ‬ ‫"إذا اقرتب الزمان ل تكد رؤاي‬
‫ِّ‬
‫الصاحلة بشرى من هللا‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫املسلم جزء من مخس وأربعي جزءًا من النبوة‪ .‬والرؤاي ثلثة‪ :‬فرؤاي‬
‫حيدث املرء نفسه‪ ،‬فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم‬ ‫ورؤاي حتزين من الشيطان‪ ،‬ورؤاي مما ِّ‬
‫فليصل‪ ،‬وال ِّ‬
‫حيدث هبا الناس"‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫‪15‬‬
‫رواه الشيخان‪ :‬صحيح مسلم (‪ ،)2263‬صحيح البخاري (‪ .)7017‬واللفظ لألول‪.‬‬

‫ِّ‬
‫الصاحلة منها بشرى‪ ،‬مبعىن الرؤاي احلسنة‪ ،‬أو الصادقة‪.‬‬ ‫فرؤاي الصاحلة‪ ،‬يعين فرؤاي‬
‫قال اخلطايب‪ :‬هذا احلديث توكيد ْلمر الرؤاي وحتقيق منزلتها‪.‬‬
‫وقال‪ :‬وإمنا كانت جزءًا من أجزاء النبوة يف حق اْلنبياء دون غْيهم‪ ،‬وكان اْلنبياء صلوات هللا‬
‫وسالمه عليهم يوحى إليهم يف منامهم كما يوحى إليهم يف اليقظة‪.‬‬
‫قال اخلطايب‪ :‬وقال بعض العلماء‪ :‬معىن احلديث أن الرؤاي أتيت على موافقة النبوة ْلْنا جزء‬
‫ابق من النبوة‪ .‬وهللا أعلم‪( .‬شرح النووي على مسلم (‪.)22 /15‬‬

‫(‪)15‬‬

‫عن ابن عباس قال‪:‬‬


‫خلف أيب بكر‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫صفوف َ‬ ‫ٌ‬ ‫الناس‬
‫وسلم الستارةَ و ُ‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه َ‬
‫كشف ُ‬‫َ‬
‫ات النبوةِّ إال الرؤاي الصاحلة‪ ،‬يراها املسلم‪ ،‬أو تـرى له"‪.‬‬ ‫"أيها الناس‪ ،‬إنه ل يبق من ِّ‬
‫مبشر ِّ‬

‫صحيح مسلم (‪.)479‬‬

‫حديث أيب هريرة قوله عليه الصالةُ والسالم‪" :‬مل يبق من النبوةِّ إال ِّ‬
‫املبشرات"‪ ،‬قالوا‪ :‬وما‬ ‫ِّ‬ ‫ويف‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬
‫املبشرات؟ قال‪" :‬الرؤاي الصاحلة"‪ .‬صحيح البخاري (‪.)6990‬‬

‫مرض ِّ‬
‫موته عليه الصالةُ والسالم‪.‬‬ ‫احلجاب أمام احلجرةِّ النبوية‪ ،‬وكان هذا يف ِّ‬ ‫ويعين ابلستارةِّ‬
‫َ‬
‫ينفع صاحبَها‪.‬‬
‫إرشاد ُ‬‫ويكو ُن يف الرؤاي بشارةٌ‪ ،‬أو ٌ‬

‫‪16‬‬
‫(‪)16‬‬
‫املدينة املنورة‬

‫عن فاطمة بنت قيس‪ ،‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"أبشروا معشر املسلمي‪ ،‬ال يدخلها الدجال"‪ .‬يعين املدينة‪.‬‬

‫رواه ابن حبان يف صحيحه (‪ ،)3730‬وذكر الشيخ شعيب أنه حديث صحيح‪.‬‬
‫أيضا أبو داود (‪،)4325‬‬
‫وقصْيا‪ ،‬وأبلفاظ خمتلفة‪ ،‬ويعرف حبديث اجلساسة‪ ،‬فرواه ً‬
‫ً‬ ‫طويال‬
‫وأييت احلديث ً‬
‫والرتمذي (‪ )2235‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح غريب‪ ،‬وصححه اْللباين‪ .‬ورواه أمحد يف املسند‬
‫(‪ )27102‬قال الشيخ شعيب رمحه هللا‪ :‬إسناده صحيح على شرط مسلم‪.‬‬

‫ذلك أن الدجال عند ما يريد الدخول إىل املدينة َيد املالئكة يرسوْنا‪ ،‬وكلما أراد دخوَلا‬
‫ت سيفه مينعه عنها‪ .‬حتفة اْلحوذي (‪.)422 /6‬‬ ‫تلقاه بكل نقب من نقاهبا ملَ ٌ ِّ‬
‫ك مصل ٌ‬
‫وْلن الفنت فيها دوْنا يف غْيها‪ ،‬وقيل‪ :‬لفضل مسجدها‪ ،‬والصالة فيه‪ ،‬وجماورة القرب الشريف‪.‬‬
‫شرح الزرقاين على املوطأ (‪.)353 /4‬‬

‫(‪)17‬‬
‫بشرى بروح ورحيان‬

‫عن أيب هريرة‪ ،‬عن النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أنه قال‪:‬‬
‫"إن امليت حتضره امللئكة‪ ،‬فإذا كان الرجل الصال قالوا‪ :‬اخرجي أيتها النفس الطيبة‬
‫غري غضبان"‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫السد الطيب‪ ،‬اخرجي محيدة‪ ،‬وأبشري بروح ورحيان‪ ،‬ورب ِّ‬ ‫كانت يف‬
‫قال‪" :‬فل يزال يقال ذلك حىت ترج‪ ،‬مث يعرج هبا إىل السماء‪ ،‬فيستفتح هلا‪ ،‬فيقال‪ :‬من‬
‫ِّ‬
‫السد الطيب‪ ،‬ادخلي محيدة‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫الطيبة كانت يف‬ ‫ِّ‬
‫ابلنفس‬ ‫هذا؟ فيقال‪ :‬فلن‪ ،‬فيقولون‪ :‬مرحبًا‬
‫غري غضبان"‪.‬‬ ‫وأبشري بروح ورحيان‪ ،‬ورب ِّ‬
‫ِّ‬
‫السماء اليت فيها هللا عز وجل‪.‬‬ ‫قال‪" :‬فل يزال يقال هلا حىت ينتهى هبا إىل‬
‫‪17‬‬
‫ِّ‬
‫السد اخلبيث‪ ،‬اخرجي‬ ‫وإذا كان الرجل السوء قالوا‪ :‬اخرجي أيتها النفس اخلبيثة كانت يف‬
‫ِّ‬
‫شكله أزواج‪ .‬فل تزال ترج‪ ،‬مث يعرج هبا إىل‬ ‫ذميمة‪ ،‬وأبشري حبميم وغساق‪ ،‬وآخر ِّمن‬
‫ِّ‬
‫اخلبيثة‬ ‫ِّ‬
‫ابلنفس‬ ‫السماء‪ ،‬فيستفتح هلا‪ ،‬فيقال‪ :‬من هذا؟ فيقال‪ :‬فلن‪ ،‬فيقال‪ :‬ال مرحبًا‬
‫لك أبواب السماء‪ .‬فرتسل من‬ ‫ِّ‬
‫السد اخلبيث‪ ،‬ارجعي ذميمة‪ ،‬فإنه ال يفتح ِّ‬ ‫كانت يف‬
‫ِّ‬
‫احلديث‬ ‫السماء‪ ،‬مث تصري إىل القّب‪ ،‬فيجلس الرجل الصال‪ ،‬فيقال له مثل ما قيل له يف‬
‫ِّ‬
‫احلديث األول"‪.‬‬ ‫األول‪ ،‬وجيلس الرجل السوء‪ ،‬فيقال له مثل ما قيل له يف‬

‫رواه أمحد يف املسند (‪ )25090 ،8769‬واللفظ من املوضع اْلول‪ ،‬قال ِّ‬


‫خمرجه الشيخ شعيب يف املوضعني‪:‬‬
‫إسناده صحيح على شرط الشيخني‪ .‬وكذا قال يف سنن ابن ماجه (‪ ،)4262‬كما صححه له يف صحيح‬
‫ابن ماجه‪ ،‬ويف صحيح اجلامع الصغْي (‪.)1968‬‬

‫" َبروح" أي‪ :‬برمحة‪َ " .‬وريان" أي‪ِّ :‬طيب‪ ،‬أو رزق‪" .‬حبميم"‪ :‬مباء حار‪" .‬وغساق"‪ :‬صديد أهل‬
‫شكله أزواج" أي‪ :‬أبصناف من جنس احلميم والغساق‪.‬‬ ‫النار‪" .‬وآخر من ِّ‬
‫َ‬
‫موضع "أنذري"‪ ،‬إما على‬
‫َ‬ ‫قال الطييب يف معىن "وأبشري حبمي ٍم وغساق" أي‪ :‬جبهنم‪ُ ،‬و ِّض َع‬
‫سبيل االستعارة التهكمية‪ ،‬كقوله تعاىل‪{ :‬فَب ِّش ۡرُهم بِّع َذ ٍ‬
‫اب أَلِّي ٍم} [سورة االنشقاق‪ ،]24 :‬أو‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫على املشاكلة واالزدواج‪ .‬شرح املشكاة للطييب الكاشف عن حقائق السنن (‪.)1377 /4‬‬

‫(‪)18‬‬
‫عملك الصال‬

‫من حديث الرباء بن عازب الطويل‪ ،‬يف نعيم القرب وعذابه‪:‬‬


‫وأيتيه رجل حسن الوجه‪ ،‬حسن الثياب‪ ،‬طيِّب الريح‪ ،‬فيقول‪ :‬أبشر ابلذي يسرك‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫"‪...‬‬
‫هذا يومك الذي كنت توعد‪ ،‬فيقول له‪ :‬من أنت؟ فوجهك الوجه جييء ابخلري‪ ،‬فيقول‪ :‬أان‬
‫عملك الصال‪."...‬‬

‫‪18‬‬
‫خمرجه الشيخ شعيب‪ :‬إسناده صحيح‪ ،‬رجاله رجال‬‫رواه أمحد يف املسند (‪ )18534‬واللفظ له‪ ،‬قال ِّ‬
‫الصحيح‪ .‬مث ذكر خترَيات له‪ .‬ورواه البيهقي يف شعب اإلميان (‪ )390‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد‪.‬‬

‫مسرورا‪ ،‬يعين مبا ال عني رأت‪ ،‬وال أذن مسعت‪ ،‬وال خطر‬ ‫ً‬ ‫يسرك" أي‪ :‬مبا َيعلك‬ ‫أبشر ابلذي ُّ‬
‫" ْ‬
‫ْيا} [سورة اإلنسان‪.]20 :‬‬‫ِّ‬ ‫ببال بشر‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬وإِّ َذا رأَيت َمثَّ رأَي ِّ‬
‫يما َوُم ْل ًكا َكب ً‬
‫ت نَع ً‬
‫َ َْ َ َْ َ‬
‫مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح ‪.1178 /3‬‬
‫سره ابلبشارة قال له‪ :‬إين ال أعرفك من أنت حىت أجازيك ابلثناء واملدح‪...‬‬
‫قال الطييب‪ :‬ملا َّ‬
‫فوجهك هو الكامل يف احلسن واجلمال والنهاية يف الكمال‪ ،‬وحق ملثل هذا الوجه أن َييء‬
‫ويبشَر مبثل هذه البشارة‪.‬‬
‫ابخلْي َّ‬
‫مرعاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح ‪.327 /5‬‬

‫(‪)19‬‬
‫فرح املؤمن يف قّبه‬

‫عن جابر قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫"إذا رأى ما ف ِّسح له يف قّبهِّ يقول‪ :‬دعوين ِّ‬
‫أبشر أهلي‪ ،‬فيقال له‪ :‬اسكن"‪.‬‬

‫رواه أمحد يف املسند (‪ ،)14547‬قال الشيخ شعيب يف خترَيه‪ :‬حديث صحيح‪ ،‬وهذا إسناد حسن‪ .‬ورواه‬
‫أبو يعلى يف مسنده بلفظ مقارب (‪ )2316‬قال حمققه حسني أسد‪ :‬رجاله رجال الصحيح‪.‬‬

‫املؤمن الصالُ‪" .‬ما فُ ِّس َح" أي‪ُ :‬و ِّس َع‪.‬‬


‫"إذا رأى" أي‪ُ :‬‬
‫مسند اإلمام أمحد حباشية السندي ‪.348 /13‬‬

‫‪19‬‬
‫(‪)20‬‬
‫بشرى ببيت يف النة‬

‫عن عائشة‪ ،‬قالت‪:‬‬


‫ِّ‬
‫بثلث سني‪،‬‬ ‫"ما ِّغرت على امرأة ما ِّغرت على خدجية‪ ،‬ولقد هلكت قبل أن يتزوجين‬
‫لِّما كنت أمسعه يذكرها‪ ،‬ولقد أمره ربه عز وجل أن ِّ‬
‫يبشرها ببيت من قصب يف النة‪ ،‬وإن‬
‫كان ليذبح الشاة‪ ،‬مث يهديها إىل خلئلها"‪.‬‬

‫صحيح مسلم (‪ ،)2435‬صحيح البخاري (‪ ،)3816‬واللفظ لألول‪.‬‬

‫اجملوف كالقصر املنيف‪.‬‬


‫قال مجهور العلماء‪ :‬املراد به قصب اللؤلؤ َّ‬
‫خالئلها‪ :‬أي صدائقها‪ ،‬مجيع خليلة وهي الصديقة‪ .‬شرح النووي على مسلم (‪)201 ،200 /15‬‬

‫(‪)21‬‬
‫هذا جّبيل‪!..‬‬

‫يف غزوة بدر الكربى‪...‬‬


‫مث محي الوطيس‪ ،‬واستدارت رحى احلرب‪ ،‬واشتد القتال‪ ،‬وأخذ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫فرده عليه ِّ‬
‫الصديق‪،‬‬ ‫عز وجل‪ ،‬حىت سقط رداؤهُ عن منكبيه‪َّ ،‬‬ ‫يف الدعاء واالبتهال‪ ،‬ومناشدةِّ ربِّه َّ‬
‫منجز لك ما وعدك‪.‬‬
‫ك ربَّك‪ ،‬فإنه ٌ‬ ‫بعض مناشدتِّ َ‬
‫وقال‪َ :‬‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إغفاءةً واحدة‪ ،‬وأخ َذ القوم النعاس يف ِّ‬
‫حال احلرب‪ ،‬مث‬ ‫فأغ َفى ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أسهُ فقال‪" :‬أبشر اي أاب بكر‪ ،‬هذا جّبيل على ثناايه‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ر َ‬ ‫رفع ُ‬
‫النقع"‪.‬‬
‫وجاء النصر‪...‬‬

‫‪20‬‬
‫حسنه اْللباين يف‬
‫وحسن إسناده الشيخ شعيب اْلرانؤط‪ ،‬كما َّ‬
‫زاد املعاد يف هدي خْي العباد ‪َّ .161 /3‬‬
‫فقه السْية للغزايل ص ‪ .234‬وهو يف السْية النبوية البن هشام ‪ ،627/1‬والسْية النبوية البن كثْي‬
‫‪ .420/2‬وأصله يف السنن‪.‬‬

‫والنقع‪ :‬الغبار‪.‬‬

‫(‪)22‬‬
‫فارس‪ ..‬ومشهد!‬

‫قال عبدهللا بن مسعود‪:‬‬


‫ِّ‬
‫اْلرض من شيء‪،‬‬ ‫إيل ِما على‬
‫أحب َّ‬
‫مشهدا ْل ْن أكو َن أان صاحبَهُ ُّ‬
‫ً‬ ‫شهدت من املقداد‬
‫ُ‬ ‫لقد‬
‫قال‪:‬‬
‫فارسا‪ ،‬فقال‪ :‬أبشر اي نب هللا‪ ،‬وهللا ال نقول لك‬
‫رجال ً‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وكان ً‬
‫أتى َّ‬
‫كما قالت بنو إسرائيل ملوسى صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬اذهب أنت وربك فـقاتِّل إِّان هاهنا‬
‫ابحلق لنكونن بي يديك‪ ،‬وعن ميينك‪،‬‬ ‫اعدون} [سورة املائدة‪ ،]24 :‬ولكن والذي بعثك ِّ‬ ‫ق ِّ‬
‫وعن مشالك‪ ،‬ومن خلفك‪ ،‬حىت يفتح هللا عليك‪.‬‬
‫قول املقداد‪ :‬فرأيت رسول ِّ‬
‫هللا ﷺ أشرق وجهه‪ ،‬وسره‪.‬‬ ‫زاد يف رواية البخاري َ‬

‫صحيح البخاري (‪ ،)3952‬مسند أمحد (‪ )4376‬واللفظ له‪ ،‬قال ِّ‬


‫خمرجه الشيخ شعيب‪ :‬إسناده صحيح‬
‫على شرط البخاري‪.‬‬

‫واملقداد بن اْلسود رضي هللا عنه أسلم قدميًا‪ ،‬وتزوج ضباعة بنت الزبْي بن عبداملطلب ابنة عم‬
‫فارسا يوم‬
‫بدرا واملشاهد بعدها‪ ،‬وكان ً‬
‫اَّلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وهاجر اَلجرتني‪ ،‬وشهد ً‬
‫النيب صلى َّ‬
‫بدر‪ ،‬حىت إنه مل يثبت أنه كان فيها على ٍ‬
‫فرس غْيُه‪.‬‬
‫وكان من السبعة اْلُول الذين أظهروا إسالمهم‪ .‬ووفاته يف خالفة عثمان‪ ،‬سنة ‪ 33‬ه ‪ .‬اإلصابة‬
‫يف متييز الصحابة (‪.)160 /6‬‬

‫‪21‬‬
‫قال الوزير ابن هبْية رمحه هللا‪ :‬يف هذا احلديث من الفقه ما يدل على فضل املقداد بن اْلسود‪،‬‬
‫وفضل ابن مسعود من حيث معرفته ابلفضل ْلهله؛ ْلن معرفة الفضل ْلهل الفضل فضل‪،‬‬
‫إيل ِما عدل به"‪ ،‬وهذا يعين به أنه استشف من تلك‬ ‫ْلنه قال‪ْ" :‬لن أكون أان صاحبه أحب َّ‬
‫الكلمات أْنا بلغت من رضى هللا عز وجل‪ ،‬ورضى رسوله صلى هللا عليه وسلم يف تلك الساعة‬
‫ويف ذلك املقام مبلغًا ال يعدله ما يناله علم البشر من اْلماين‪..‬‬
‫اإلفصاح عن معاين الصحاح (‪.)80 /2‬‬
‫وكان ذلك يوم احلديبية‪ ،‬أو بدر‪.‬‬

‫(‪)23‬‬
‫موعدكم النة‬

‫عن جابر‪:‬‬
‫يعذبون‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫مر بعما ٍر و ِّ‬
‫أهله وهم َّ‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم َّ‬
‫أن َ‬
‫"أبشروا آل عمار‪ ،‬وآل ايسر‪ ،‬فإن موعدكم النة"‪.‬‬

‫رواه احلاكم يف املستدرك (‪ )5666‬وقال‪ :‬صحيح على شرط مسلم ومل خيرجاه‪ ،‬ووافقه الذهيب على هذا‪.‬‬
‫ورواه الطرباين يف املعجم اْلوسط (‪ )1508‬وقال فيه احلافظ اَليثمي‪ :‬رجاله رجال الصحيح غْي إبراهيم‬
‫بن عبدالعزيز املقوم‪ ،‬وهو ثقة‪ .‬جممع الزوائد ومنبع الفوائد (‪.)293 /9‬‬

‫وكانوا من املستضعفني‪ .‬قال الواقدي‪ :‬وهم قوم ال عشائر َلم مبكة‪ ،‬وال منعة وال قوة‪ ،‬كانت‬
‫حىت ال يدري ما يقول! وصهيب كذلك‪ ،‬وأبو‬ ‫قريش تعذهبم يف الرمضاء‪ ،‬فكان عمار َّ‬
‫يعذب َّ‬
‫فكيهة كذلك‪ ،‬وبالل‪ ،‬وعامر بن فهْية‪ .‬التوضيح لشرح اجلامع الصحيح (‪.)653 /2‬‬
‫وقتل أبو جهل مسية رضي هللا عنها‪ ،‬وكانت أول شهيدة يف اإلسالم‪ .‬الكواكب الدراري يف شرح‬
‫صحيح البخاري (‪.)132 /1‬‬

‫‪22‬‬
‫(‪)24‬‬
‫بشرى ابلنة‬

‫عن أيب موسى‪:‬‬


‫رجل يستأذن‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫دخل حائطًا وأمرين حبفظ الباب‪ ،‬فجاءَ ٌ‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم َ‬
‫أن َّ‬
‫"ائذن له‪ِّ ،‬‬
‫وبشره ابلنة"‪ ،‬فإذا أبو بكر‪.‬‬
‫مث جاء عمر‪ ،‬فقال‪" :‬ائذن له‪ِّ ،‬‬
‫وبشره ابلنة"‪.‬‬ ‫ُ‬
‫مث جاء عثمان‪ ،‬فقال‪" :‬ائذن له‪ِّ ،‬‬
‫وبشره ابلنة"‪.‬‬ ‫َ‬

‫أيضا (‪ ،)3674‬ومسلم (‪.)2403‬‬


‫صحيح البخاري (‪ ،)7262‬وأصله حديث طويل يف البخاري ً‬

‫قال القاضي عياض رمحه هللا‪ :‬إعالم من النيب عليه الصالة والسالم أبن أاب بكر وعمر وعثمان‬
‫القطع َلم مبثل ما أعلَ َمنا مبعىن ذلك‪ ،‬وإعالمهُ مبا يصيب عثمان من البالء من‬
‫من أهل اجلنة‪ ،‬و ُ‬
‫الناس‪ ،‬وهو خلعه وقتله‪[ ...‬ورد هذا يف حديث آخر]‪.‬‬
‫ِّ‬
‫وفضائل هؤالء اخللفاء البيا ُن التام‪.‬‬ ‫وفيه من عالمات نبوة نبينا عليه السالم‬
‫إكمال املعلم بفوائد مسلم (‪.)409 /7‬‬

‫(‪)25‬‬
‫العشرة املبشرون ابلنة‬

‫عن عبدالرمحن بن عوف‪ ،‬أن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"أبو بكر يف النة‪ ،‬وعمر يف النة‪ ،‬وعلي يف النة‪ ،‬وعثمان يف النة‪ ،‬وطلحة يف النة‪،‬‬
‫والزبري يف النة‪ ،‬وعبدالرمحن بن عوف يف النة‪ ،‬وسعد بن أيب وقاص يف النة‪ ،‬وسعيد بن‬
‫بن عمرو ِّ‬
‫بن نفيل يف النة‪ ،‬وأبو عبيدة بن الراح يف النة "‪.‬‬ ‫زيد ِّ‬

‫‪23‬‬
‫مسند أمحد (‪ ،)1675‬قال الشيخ شعيب‪ :‬إسناده قوي على شرط مسلم‪ ،‬رجاله ثقات رجال الشيخني‬
‫أيضا رمحه‬
‫مقروان وتعلي ًقا‪ .‬وقال ً‬
‫غْي عبدالعزيز بن حممد الدراوردي‪ ،‬فقد احتج به مسلم‪ ،‬وروى له البخاري ً‬
‫هللا يف سْي أعالم النبالء ‪ :549/11‬احلديث الذي شهد َلم به رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أبْنم يف‬
‫اجلنة صحيح‪ .‬ورواه الرتمذي (‪ )3747‬وصححه له يف صحيح الرتمذي‪.‬‬

‫(‪)26‬‬
‫علبة البكاء‬

‫كان عُْلبة بن زيد رضي هللا من البكائني الذين جاؤوا إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫ليحملهم حىت يصحبوه يف غزوة تبوك‪ ،‬أو ما يسمى جبيش العسرة‪ ،‬فلم َيدوا عنده من الظَّهر‬
‫ما يملهم عليه‪ ،‬فرجعوا وهم يبكون‪ ،‬أتس ًفا على ما فاهتم من اجلهاد يف سبيل هللا والنفقة فيه‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وأما علبة بن زيد فخرج من الليل فصلى من ليلته ما شاء هللا‪ ،‬مث بكى وقال‪:‬‬
‫ك‬ ‫ِّ ِّ‬
‫َتعل يف يد رسول َ‬
‫أتقوى به‪ ،‬ومل ْ‬
‫َتعل عندي ما َّ‬
‫ورغبت فيه‪ ،‬مث مل ْ‬
‫َ‬ ‫أمرت ابجلهاد‬
‫اللهم إنك َ‬
‫مال أو ٍ‬
‫جسد أو‬ ‫ٍ‬
‫مظلمة أصابين فيها‪ ،‬يف ٍ‬ ‫أتصد ُق على كل مسل ٍم بكل‬
‫ما يملين عليه‪ ،‬وإين َّ‬
‫ِّعرض‪.‬‬
‫ِّ‬
‫املتصدق هذه الليلة"؟‬ ‫مث أصبح مع الناس‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أين‬
‫ِّ‬
‫املتصدق فليقم"‪.‬‬ ‫فلم يقم أحد‪ ،‬مث قال‪" :‬أين‬
‫فقام إليه‪ ،‬فأخربه‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أبشر فوالذي نفسي بيدهِّ لقد‬
‫كتبت يف الزكاةِّ املتقبلة"!‬

‫السْية النبوية البن كثْي ‪ ،8 /4‬زاد املعاد ‪ .463/3‬وقد ذكر ابن حجر يف اإلصابة ‪ 451/4‬أن حلديثه‬
‫يسم فيه‪ .‬وصححه اْللباين يف فقه السْية للشيخ حممد الغزايل ص ‪.404‬‬
‫صحيحا إال أنه مل َّ‬
‫ً‬ ‫شاهدا‬
‫ً‬

‫وكان عُلبة أراد خفاء عمله‪ ،‬فلم يقم يف املرتني حىت أمره‪ ،‬فلم يسعه إال امتثاله‪ ،‬فقام إليه‪،‬‬
‫مسرته‪،‬‬
‫فأخربه‪ ،‬فقال صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أبشر‪ ،‬فوالذي نفس حممد بيده"‪ ،‬أقسم له ليزيد َّ‬
‫ويدع كربته‪..‬‬
‫َ‬

‫‪24‬‬
‫تبت يف الزكاةِّ املتقبَّلة"‪ ،‬أي‪ :‬صدقتُ َ‬
‫ك (املعنوية) يف عداد الزكاة املتقبلة‪ ،‬فثواهبا كثواهبا‪.‬‬ ‫ومعىن " ُك َ‬
‫ينظر‪ :‬شرح الزرقاين على املواهب اللدنية ابملنح احملمدية ‪.78 /4‬‬

‫(‪)27‬‬
‫ارجوا ما يسركم‬

‫املسور بن َخمَرمة‪:‬‬
‫عن َّ‬
‫بن اجلراح إىل البحرين أييت جبزيتها‪ ،‬وكان‬ ‫بعث أاب عبيدة َ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم َ‬ ‫أن َ‬
‫أهل البحرين‪ ،‬و َّأمر عليهم العالءَ بن احلضرمي‪ ،‬ف َق ِّد َم‬
‫هو صالَ َ‬‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم َ‬
‫النيب‬
‫الصبح مع ِّ‬ ‫ت صالةَ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫أبو عبيدة ٍ‬
‫اْلنصار بقدوم أيب عبيدة‪ ،‬فوافَ ْ‬
‫ُ‬ ‫فسمعت‬ ‫مبال من البحرين‪،‬‬
‫رسول هللا صلى هللا‬‫فتبس َم ُ‬
‫فتعرضوا له‪َّ ،‬‬ ‫الفجر انصرف‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فلما صلى هبم َ‬
‫عليه وسلم حني رآهم‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫"أظنكم قد مسعتم أن أاب عبيدة قد جاء بشيء"؟‬
‫أجل اي رسول هللا‪.‬‬‫قالوا‪ْ :‬‬
‫قال‪" :‬فأبشروا‪ ،‬وأ ِّملوا ما يسركم‪ ،‬فوهللا ال الفقر أخشى عليكم‪ ،‬ولكن أخشى عليكم أن‬
‫تبسط الدنيا عليكم‪ ،‬كما ب ِّسطت على من كان قبلكم‪ ،‬فتنافسوها كما تنافسوها‪،‬‬
‫وتلككم كما أهلكتهم"‪.‬‬

‫رواه البخاري (‪ )3158‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪ ،)2961‬ورواه ابن ماجه (‪ )3997‬وصححه له يف صحيح‬
‫ابن ماجه‪ ،‬واإلمام أمحد يف املسند (‪ )18916‬قال احلافظ اَليثمي‪ :‬رجاله رجال الصحيح (جممع الزوائد‬
‫أيضا أن إسناده صحيح على شرط الشيخني‪.‬‬‫‪ ،)239/10‬وذكر الشيخ شعيب ً‬

‫ِّأملوا‪ :‬ارجوا‪.‬‬
‫قال ابن بطال رمحه هللا يف شرحه على صحيح البخاري (‪:)333 /5‬‬
‫أكثر ما تَطلبون من العطاء؛ ْلْنم مل يعرفوا مقدار ما قدم به أبو‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫(أبشروا وأملوا) أي‪ :‬أملوا َ‬
‫فسرهم أبكثر ِما يظنون‪.‬‬
‫عبيدة َّ‬
‫‪25‬‬
‫وفيه عالمة النبوة؛ ْلنه أخربهم مبا ُخيشى عليهم فيما يُفتح عليهم من الدنيا‪.‬‬
‫وفيه أن املنافسة يف االستكثار من املال من سبل اَلالك يف الدنيا‪.‬‬
‫وقال القرطيب يف املفهم ملا أشكل من تلخيص كتاب مسلم (‪ :)112 /7‬جاؤوا فاجتمعوا عند صالة‬
‫الصبح معه ليَقسم بينهم ما جاء به أبو عبيدة؛ َّ‬
‫ْلْنم أرهقتهم احلاجة والفاقة اليت كانوا عليها‪،‬‬
‫ال احلرص على الدنيا‪ ،‬وال الرغبة فيها‪ ،‬ولذلك قال َلم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أبشروا‬
‫يسركم"‪ ،‬وهذا هتوين منه عليهم ما هم فيه من الشدة‪ ،‬وبشارة َلم بتعجيل الفتح‬ ‫و ِّأملوا ما ُّ‬
‫عليهم‪.‬‬

‫(‪)28‬‬
‫اي معشر األنصار‬

‫عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال‪:‬‬


‫ملا كان يوم حنني‪ ،‬أقبلت هوازن وغطفان وغْيهم بنَ ِّ‬
‫عمهم وذراريهم‪ ،‬ومع النيب صلى هللا عليه‬ ‫ُ‬
‫بقي وحده‪ ،‬فنادى يومئذ نداءين مل خيل ْط‬
‫وسلم عشرة آالف‪ ،‬ومن الطلقاء‪ ،‬فأدبروا عنه حىت َ‬
‫رسول هللا‪ ،‬أبشر حنن‬ ‫بينهما‪ ،‬التفت عن ميينه فقال‪" :‬اي معشر األنصار"‪ .‬قالوا‪َ :‬‬
‫لبيك اي َ‬
‫معك‪.‬‬
‫أبشر حنن معك‪.‬‬
‫رسول هللا‪ْ ،‬‬
‫لبيك اي َ‬ ‫مث التفت عن يساره فقال‪" :‬اي معشر األنصار"‪ .‬قالوا‪َ :‬‬
‫فنزل فقال‪" :‬أان عبد هللا ورسوله"‪.‬‬ ‫وهو على ٍ‬
‫بغلة بيضاء‪َ ،‬‬
‫اْلنصار‬ ‫يعط‬ ‫فاْنزم املشركون‪ ،‬فأصاب ٍ‬
‫يومئذ غنائم كثْية‪ ،‬فقسم يف املهاجرين والطلقاء‪ ،‬ومل ِّ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شيئًا‪ ،‬فقالت اْلنصار‪ :‬إذا كانت شديدةٌ فنحن نُدعى‪ ،‬ويُعطَى الغنيمةَ غْيُان‪.‬‬
‫فبلغهُ ذلك‪ ،‬فجمعهم يف قبَّة‪ ،‬فقال‪" :‬اي معشر األنصار‪ ،‬ما حديث بلغين عنكم"؟‬
‫ِّ‬
‫برسول‬ ‫فسكتوا‪ ،‬فقال‪" :‬اي معشر األنصار‪ ،‬أال ترضون أن يذهب الناس ابلدنيا‪ ،‬وتذهبون‬
‫هللا حتوزونه إىل بيوتكم"؟‬
‫قالوا‪ :‬بلى‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وسلكت األنصار ِّشعبًا‪ ،‬ألخذت‬
‫ِّ‬ ‫واداي‪،‬‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم‪" :‬لو سلك الناس ً‬
‫فقال ُّ‬
‫ِّشعب األنصار"‪.‬‬

‫رواه الشيخان‪ :‬البخاري (‪ )4337‬واللفظ له‪ ،‬مسلم (‪.)1059‬‬

‫الطُّلَقاء‪ :‬هم الذين أسلموا من أهل مكة يوم الفتح‪ ،‬مسُّوا بذلك ْلن النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫من عليهم وأطلقهم‪ .‬وكان يف إسالمهم ضعف‪ .‬شرح النووي على مسلم (‪.)188 /12‬‬
‫َّ‬
‫َّعم‪ :‬اإلبل‪.‬‬
‫الذراري‪ :‬العيال والنساء‪ .‬الن َ‬

‫اْلنصار قدر نعمة هللا عليهم‪ ،‬يف متيزهم دون‬


‫َ‬ ‫عرف‬
‫وفيه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم َّ‬
‫أهل اْلرض برسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ويف مثل هذا املوضع َيسن االعتداد ابلنعمة‬
‫خمافة أن تُفضي الغفلةُ عنها إىل نسياْنا‪.‬‬
‫لسلكت ِّشعب‬
‫ُ‬ ‫اْلنصار ِّشعبًا‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫وسلكت‬ ‫اداي‪،‬‬
‫الناس و ً‬
‫سلك ُ‬ ‫وقوله صلى هللا عليه وسلم‪" :‬لو َ‬
‫أسلك ِّشعب اْلنصار مع ضيقه‪ ،‬وأختاره‬ ‫ُ‬ ‫اْلنصار" يعين به صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إين كنت‬
‫على الوادي مع سعته‪.‬‬
‫يدل على أنه صلى هللا عليه وسلم ضرب‬ ‫لسلكت ِّشعب اْلنصار" ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وله عليه الصالة والسالم‪" :‬‬
‫فصدق فيه‪ ،‬فإنه صلى هللا عليه وسلم ملا انقلب الناس‪ ،‬فذهبت كل طائفة إىل أرضها‪،‬‬ ‫مثال َ‬‫َلم ً‬
‫انقلب صلى هللا عليه وسلم مع اْلنصار إىل أرضهم‪.‬‬
‫ويف احلديث ما يدل على شجاعة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وكونه أشجع أهل اْلرض؛‬
‫ْلنه بقي وحده وال نزل عن بغلته يف وقت الشدة!‬
‫كبارا‪ ،‬حىت‬
‫أيضا دليل على أن القباب قد كانت يف زمن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ً‬ ‫وفيه ً‬
‫إن منها واحدةً اجتمع فيها اْلنصار وهم مئون!‬
‫يرحل عنه ومل يفتح‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫بلدا مث َ‬ ‫اإلمام ً‬
‫أيضا جواز أن ياصَر ُ‬ ‫وفيه ً‬
‫ينظر‪ :‬اإلفصاح عن معاين الصحاح (‪.)36 /5‬‬

‫‪27‬‬
‫(‪)29‬‬
‫أبشر كلمة غالية!‬

‫عن أيب موسى رضي هللا عنه قال‪:‬‬


‫انزل ابجلِّعِّرانةَ بني مكة واملدينة‪ ،‬ومعه بالل‪ ،‬فأتى‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم وهو ٌ‬
‫كنت عند ِّ‬
‫ُ‬
‫ايب فقال‪:‬‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم أعر ُّ‬
‫َّ‬
‫تنجز يل ما وعدتين؟‬
‫أال ُ‬
‫فقال له‪" :‬أبشر"‪.‬‬
‫علي ِّمن أبشر‪.‬‬
‫أكثرت َّ‬
‫َ‬ ‫فقال‪ :‬قد‬
‫وبالل ِّ‬
‫كهيئة الغضبان‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫فأقبل على أيب موسى ٍ‬
‫َ‬
‫"رد البشرى‪ ،‬فاقبل أنتما"‪.‬‬
‫قاال‪ :‬قَبِّلنا‪.‬‬
‫ومج فيه‪ ،‬مث قال‪" :‬اشراب منه‪ِّ ،‬‬
‫وأفرغا على‬ ‫ووجههُ فيه‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫فغسل يديه َ‬ ‫َ‬ ‫بقدح فيه ماء‪،‬‬
‫مث دعا ٍ‬
‫وحنوركما ِّ‬
‫وأبشرا"‪.‬‬ ‫وجوهكما ِّ‬ ‫ِّ‬
‫فأفضال َلا منه‬
‫ْلم ُكما‪َ ،‬‬ ‫فنادت ُّأم سلمةَ من ور ِّاء السرت‪ :‬أن ِّ‬
‫أفضال ِّ‬ ‫ففعال‪،‬‬
‫ْ‬ ‫القدح َ‬
‫َ‬ ‫فأخذا‬
‫طائفة‪.‬‬
‫متفق عليه‪ :‬صحيح البخاري ‪ ،)4328‬صحيح مسلم (‪.)2497‬‬

‫تنجز يل ما وعدتين"؟‪ :‬يتمل أن الوعد كان خاصا به‪ ،‬ويتمل أن يكون عاما‪ ،‬وكان‬ ‫"أال ُ‬
‫يعجل له نصيبه من الغنيمة‪( .‬غنائم غزوة حنني)‪.‬‬ ‫طلبه أن َ‬
‫فنادت أم سلمة‪ :‬هي زوج النيب‪ ،‬وهي أم املؤمنني‪ ،‬وَلذا قالت‪ِّ " :‬‬
‫ْلمكما"‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فأفضال َلا منه طائفة‪ ،‬أي‪ :‬بقيَّة‪.‬‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫فتح الباري البن حجر ‪.46 /8‬‬

‫‪28‬‬
‫(‪)30‬‬
‫البشرى خري من العطية‬

‫عن عمران بن حصني قال‪:‬‬


‫جاءت بنو متي ٍم إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال‪" :‬أبشروا اي بين متيم"‪.‬‬
‫ْ‬
‫قالوا‪ :‬أما إذ بشرتَنا ِّ‬
‫فأعطنا‪.‬‬
‫النيب صلى هللا‬ ‫انس من ِّ‬
‫أهل اليمن‪ ،‬فقال ُّ‬ ‫ِّ‬
‫فتغْي وجهُ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فجاءَ ٌ‬
‫َ‬
‫عليه وسلم‪" :‬اقبلوا البشرى إذ ل يقبـلها بنو متيم"‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬قد قَبِّلنا اي َ‬
‫رسول هللا‪.‬‬

‫صحيح البخاري (‪ )4386‬ويف مواضع أخرى من الصحيح‪ ،‬كما رواه آخرون‪.‬‬

‫تبشروا ابجلنة‪ ،‬من التفقه يف الدين‬


‫"اقبلوا البشرى اي بين متيم" أي‪ :‬اقبلوا مين ما يقتضي أن َّ‬
‫بشرتنا‬
‫جل اهتمامهم إال بشأن الدنيا واالستعطاء دون دينهم‪ ،‬قالوا‪َّ :‬‬
‫والعمل به‪ .‬وملا مل يكن ُّ‬
‫بشرتنا ابلتفقه‪ ،‬وإمنا جئنا لالستعطاء فأعطنا‪ .‬شرح املشكاة للطييب الكاشف عن‬
‫فأعطنا‪ .‬أي‪َّ :‬‬
‫حقائق السنن (‪.)3599 /11‬‬
‫وقال احلافظ ابن حجر‪ :‬فيها "فقالوا‪ :‬اي رسول هللا بشرتنا" وهو دال على إسالمهم‪ ،‬وإمنا راموا‬
‫العاجل‪ ،‬وسبب غضبه صلى هللا عليه وسلم استشعاره بقلة علمهم؛ لكوْنم علَّقوا آماَلم بعاجل‬
‫وقدموا ذلك على التفقه يف الدين‪ ،‬الذي يصل َلم ثواب اآلخرة الباقية‪ .‬قال‬ ‫الدنيا الفانية‪َّ ،‬‬
‫دل قوَلم "بشرتنا" على أْنم قبلوا يف اجلملة‪ ،‬لكن طلبوا مع ذلك شيئًا من الدنيا‪،‬‬ ‫الكرماين‪َّ :‬‬
‫وإمنا نفى عنهم القبول املطلوب ال مطلق القبول‪ ،‬وغضب حيث مل يهتموا ابلسؤال عن حقائق‬
‫كلمة التوحيد واملبدأ واملعاد‪ ،‬ومل يعتنوا بضبطها‪ ،‬ومل يسألوا عن موجباهتا واملوصالت إليها‪ .‬فتح‬
‫الباري البن حجر (‪.)409 /13‬‬
‫قلواب وأرق‬
‫وفيه‪ :‬ما كان عليه أهل اليمن من رقة القلوب‪ ،‬وقد شهد َلم الشارع أبْنم ألني ً‬
‫أفئدة‪ .‬التوضيح لشرح اجلامع الصحيح (‪.)541 /21‬‬

‫‪29‬‬
‫وموضحا‪ :‬املراد بذلك املوجودون منهم حينئذ‪ ،‬ال كل أهل‬
‫ً‬ ‫لكن قال اإلمام النووي مستدرًكا‬
‫اليمن يف كل زمان‪ ،‬فإن اللفظ ال يقتضيه‪ ،‬هذا هو احلق يف ذلك‪ .‬شرح النووي على مسلم (‪/2‬‬
‫‪.)33‬‬

‫(‪)31‬‬
‫بشرى ابلفرج‬

‫ين كثْيٌ على بالل بن رابح رضي هللا عنه ‪ -‬وكان يستقرض لرسول هللا صلى هللا‬ ‫ٍ‬
‫كان ملشرك َد ٌ‬
‫ورده إىل رعي الغنم‪ ،‬وكان قد‬
‫قضه أخذه ابلذي عليه َّ‬‫املشرك إن مل ي ِّ‬
‫عليه وسلم ‪ -‬فهدَّده ذلك ُ‬
‫َ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بذلك‪ .‬ويف فجر اليوم‬
‫بقي على املوعد أربعة أايم‪ ،‬فأخرب بذلك َ‬
‫التايل إذا إنسان يسعى يدعو‪ :‬اي بالل‪ ،‬أجب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫عليهن أمحا َُلن‪ ،‬فاستأذنت‪ ،‬فقال يل‬
‫َّ‬ ‫قال‪ :‬فانطلقت حىت أتيته‪ ،‬فإذا أربع ركائب م ٍ‬
‫ناخات‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أبشر‪ ،‬فقد جاءك هللا بقضائك"‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫املناخات األربع"؟‬ ‫مث قال‪" :‬أل تر الركائب‬
‫فقلت‪ :‬بلى‪.‬‬
‫وطعاما‪ ،‬أهداهن إل عظيم فدك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فقال‪" :‬إن لك رقاهبن وما عليهن‪ ،‬فإن عليهن كسوةً‬
‫واقض دينك"‪ .‬ففعلت‪..‬‬‫ِّ‬ ‫فاقبضهن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قاع ٌد يف املسجد‪ ،‬فسلَّ ُ‬
‫مت‬ ‫انطلقت إىل املسجد‪ ،‬فإذا ُ‬
‫ُ‬ ‫قال‪ :‬مث‬
‫عليه‪ ،‬فقال‪" :‬ما فعل ما قِّبلك؟ "‪.‬‬
‫يبق شيء‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫قلت‪ :‬قد قضى هللا َّ ٍ‬
‫كل شيء كان على رسول هللا‪ ،‬فلم َ‬
‫قال‪ " :‬أفضل شيء"؟‬
‫قلت‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪" :‬انظر أن ترحيين منه‪ ،‬فإين لست بداخل على أحد من أهلي حىت ترحيين منه"‪.‬‬
‫الذى قِّبـلك"؟‬
‫العتَمةَ دعاين‪ ،‬فقال‪" :‬ما فعل ِّ‬
‫رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلم َ‬
‫فلما صلَّى ُ‬
‫قلت‪ :‬هو معي‪ ،‬مل أيتِّنا أح ٌد‪.‬‬
‫قال‪ُ :‬‬

‫‪30‬‬
‫ِّ‬
‫احلديث‪ ،‬حىت إذا صلَّى َ‬
‫العتَمةَ ‪-‬‬ ‫َ‬ ‫وقص‬
‫املسجد‪َّ ،‬‬ ‫رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلم يف‬
‫فبات ُ‬‫َ‬
‫الغد ‪ -‬دعاين قال‪" :‬ما فعل الذي قِّبـلك"؟‬ ‫يعين من ِّ‬
‫رسول هللا‪.‬‬
‫احك هللاُ منه اي َ‬ ‫قال‪ :‬قلت‪ :‬قد أر َ‬
‫وعنده ذلك‪.‬‬
‫املوت َ‬ ‫َّ ِّ‬
‫فكرب ومحد هللاَ؛ َش َفقاً َمن أن يدركهُ ُ‬
‫اجه‪ ،‬فسلَّم على امرأةٍ امرأةٍ‪ ،‬حىت أتى َمبِّيتَهُ‪.‬‬
‫مث اتَّبعتهُ حىت جاء أزو َ‬

‫رواه أبو داود يف السنن (‪ )3055‬وصحح الشيخ شعيب إسناده‪ ،‬وذكر له رواة آخرين‪.‬‬

‫صلى العتمة‪ :‬يعين العشاء‪.‬‬


‫فدك‪ :‬منطقة خبيرب‪ ،‬تتبع حائل اليوم‪.‬‬
‫َ‬
‫احململة ابلطعام‪ .‬رقاهبن وما عليهن‪ ،‬أي‪ :‬ذوا ُهتن وأمحا َُلن‪.‬‬
‫الركائب‪ :‬اإلبل َّ‬
‫"ما قِّبَلك" أي‪ :‬ما حال ما عندك من املال؟‬
‫ومن استفادات ابن رسالن الرملي من احلديث‪:‬‬
‫ين على رسول هللا صلى‬ ‫‪ -‬أن فيه من الفصاحة تنويع اخلطاب؛ فإن يف بعضه‪ :‬كان َّ‬
‫الد ُ‬
‫هللا عليه وسلم وعلى بالل‪ ،‬فحيث جاء أنه على بالل فإنه كان ِّ‬
‫املباشَر لقبضه‪ ،‬وحيث‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فإنه كان أبمره وإذنه‪ ،‬فنُسب إليه‪.‬‬ ‫جاء أنه على ِّ‬
‫َ‬
‫‪ -‬فبات رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف املسجد‪ :‬فيه جواز مبيت من له زوجة ومسكن‬
‫يف املسجد إذا حدث له مانع من املبيت يف بيته‪.‬‬
‫شكرا ملا أنعم به عليه من‬
‫فكرب‪ ،‬أي‪ :‬قال‪ :‬هللا أكرب‪ .‬وفيه تكبْي هللا تعاىل وتعظيمه ً‬ ‫‪َّ -‬‬
‫إراحته من هذا املال وتيسْي إخراجه عنه‪.‬‬
‫‪ -‬ومحد هللا‪ :‬على ما أنعم به عليه‪ ،‬زاد بعضهم‪ :‬وإمنا فعل ذلك شفقة من أن يدركه املوت‬
‫وعنده شيء منه لنفسه‪...‬‬
‫ينظر‪ :‬شرح سنن أيب داود البن رسالن (‪.)174 /13‬‬

‫‪31‬‬
‫(‪)32‬‬
‫أم أيب هريرة‬

‫قال أبو هريرة رضي هللا عنه‪:‬‬


‫اإلسالم وهي مشركة‪ ،‬فدعوُهتا يوما فأمسعتين يف ِّ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫ِّ‬ ‫كنت أدعو أمي إىل‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫كنت‬
‫رسول هللا‪ ،‬إين ُ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأان أبكي‪ ،‬قلت‪ :‬اي َ‬
‫فأتيت َ‬
‫وسلم ما أكره‪ُ ،‬‬
‫هدي َّأم‬
‫فيك ما أكره‪ ،‬فادعُ هللا أن يَ َ‬ ‫اليوم فأمسعتين َ‬
‫علي‪ ،‬فدعوُهتا َ‬ ‫أدعو أمي إىل اإلسالم فتأىب َّ‬
‫أيب هريرة‪.‬‬
‫اهد أم أيب هريرة"‪.‬‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬اللهم ِّ‬ ‫فقال ُ‬
‫فصرت إىل الباب‪ ،‬فإذا‬
‫ُ‬ ‫نيب هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فلما جئت‪،‬‬ ‫مستبشرا بدعوةِّ ِّ‬
‫ً‬ ‫فخرجت‬
‫ُ‬
‫ومسعت خضخضةَ‬ ‫مكانك اي أاب هريرة‪.‬‬ ‫خشف قدمي‪ ،‬فقالت‪:‬‬ ‫فسمعت أمي‬ ‫هو ٍ‬
‫جماف‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ففتحت الباب‪ ،‬مث قالت‪ :‬اي أاب‬‫ِّ‬ ‫لت عن مخارها‪،‬‬ ‫املاء‪ ،‬قال‪ :‬فاغتسلت‪ ،‬ولبست درعها ِّ‬
‫وعج ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ‬
‫حممدا عبدهُ ورسوله‪.‬‬
‫أشهد أن ً‬ ‫أشهد أن ال إله إال هللا‪ ،‬و ُ‬ ‫هريرة‪ُ ،‬‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فأتيتهُ وأان أبكي من الفرح‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬اي‬ ‫فرجعت إىل ِّ‬
‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬
‫وهدى َّأم أيب هريرة‪.‬‬
‫دعوتك َ‬
‫َ‬ ‫استجاب هللا‬
‫َ‬ ‫رسول هللا‪ ،‬أبشر‪ ،‬قد‬ ‫َ‬
‫خْيا‪.‬‬
‫فحمد هللا وأثىن عليه‪ ،‬وقال ً‬ ‫َ‬
‫رسول هللا‪ ،‬ادعُ هللا أن يبِّبَين أان وأمي إىل عبادهِّ املؤمنني‪ ،‬ويبِّبَهم إلينا‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬اي َ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬اللهم حبِّب عبيدك هذا ‪ -‬يعين أاب هريرة ‪ -‬وأمه‬ ‫قال‪ :‬فقال ُ‬
‫عبادك املؤمني‪ ،‬وحبِّب إليهم املؤمني"‪.‬‬ ‫إىل ِّ‬
‫سم ُع يب وال يراين إال أحبين!‬ ‫ِّ‬
‫مؤمن يَ َ‬
‫فما ُخل َق ٌ‬

‫رواه مسلم يف صحيحه (‪ )2491‬وآخرون‪.‬‬

‫الباب جماف‪ ،‬أي‪ :‬مغلق‪.‬‬


‫صوت وقعِّهما ابْلرض‪.‬‬
‫خشف قدمي‪ ،‬أي ُ‬ ‫ُ‬

‫‪32‬‬
‫خضخضة املاء‪ :‬صوت حتريكه‪.‬‬
‫إكمال املعلم بفوائد مسلم (‪.)533 /7‬‬
‫بيد َك هذا"‪ :‬هذا التصغْي ليس للتحقْي‪ ،‬بل هو أسلوب من أساليب احملبة‪ ،‬كما‬ ‫"اللهم حبِّ ْ‬
‫ب عُ َ‬
‫يفعل الوالد مع أوالده‪ ،‬بل تصغْي شفقة‪ .‬الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (‪.)98 /24‬‬
‫قال ابن هبْية يف كالم مجيل‪ :‬يف هذا احلديث من الفقه‪ :‬أن أاب هريرة كان من توفيقه أنه ملا‬
‫كانت أمه تُسمعه ما يَكره على إسالمه‪ ،‬مل يقابلها مبثله‪ ،‬ولكنه أتى اْلمر من اببه‪ ،‬وطلب‬
‫الفضل من أهله‪ ،‬ورأى أن يطلب َلا اخلْي على لسان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؛ ليكون‬
‫قد بلغ ما أراده يف ِّبر والدته‪ ،‬فطلب َلا من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما جرى به قدر‬
‫هللا؛ ْلن هللا تعاىل جعل إسالمها آيةً دالة على صدق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ورسالته؛‬
‫احلديث أن النار ال تُطفأ مبثلها من النار‪ ،‬ولكن ابملاء‪ ،‬ويُستدفع السوء‬
‫َ‬ ‫سامع هذا‬
‫كل ِّ‬ ‫ليَعلم ُّ‬
‫ابلدعاء‪ ،‬وتُطلب املستصعبات من القادر على اْلشياء‪.‬‬
‫إسالم أمه يف وقته‪،‬‬
‫أال ترى أنه ملا طَلب ذلك من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فأجابه كان ُ‬
‫فهدى هللا َّأمه بربكته وتوفيقه لسؤال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف ذلك‪ ،‬كما أنه وفقه‬
‫أمة حممد صلى هللا عليه وسلم‬‫يعم سائر ِّ‬
‫ْلن يطلب من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم طلبًا ُّ َ‬
‫يف كل من أحبه‪ ،‬فهذا يدل على أن أاب هريرة مع دعوة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن آية‬
‫أحدا من الناس ال يب أاب هريرة بعد هذا احلديث فاهتمه‪.‬‬‫اإلميان حبُّه؛ فإذا رأيت ً‬
‫اإلفصاح عن معاين الصحاح (‪.)200 /8‬‬
‫ب إىل مجيع‬
‫احلديث من دالئل النبوة‪ ،‬فإن أاب هريرة حمبَّ ٌ‬
‫ُ‬ ‫وأورد قول ابن كثْي يف ‪ :36/6‬وهذا‬
‫الناس؛ وقد شهر هللا ذكره مبا َّ‬
‫قدره أن يكون من رواته‪.‬‬

‫(‪)33‬‬
‫أمنا عائشة‬

‫يف حادثة اإلفك الذي تروي خربه ُّأمنا عائشة رضي هللا عنها‪ ،‬قالت يف آخرها‪ ،‬وقد نزلت يف‬
‫براءهتا آايت من القرآن‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ْلتبني‬ ‫‪ ...‬وأُنزَل على رسول هللا صلى هللا عليه َ‬
‫وسلم من ساعته‪ ،‬فسكتنا‪ُ ،‬فرف َع عنه‪ ،‬وإين َّ ُ‬
‫ميسح جبينه‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫السرور يف وجهه‪ ،‬وهو ُ‬‫َ‬
‫"أبشري اي عائشة‪ ،‬فقد أنزل هللا بر ِّ‬
‫اءتك"‪.‬‬
‫كنت غضبًا‪ ،‬فقال يل أبواي‪ :‬قومي إليه‪.‬‬ ‫أشد ما ُ‬ ‫كنت َّ‬
‫قالت‪ :‬و ُ‬
‫أمحد هللا الذي أَ َ‬
‫نزل براءيت‪ ،‬لقد‬ ‫لكن ُ‬‫أقوم إليه‪ ،‬وال أمحده‪ ،‬وال أمح ُدكما‪ ،‬و ْ‬
‫فقلت‪ :‬ال وهللا ال ُ‬
‫غْيمتوه‪.‬‬
‫مسعتموهُ فما أنكرمتوهُ وال َّ‬

‫رواه الشيخان وغْيمها‪ :‬صحيح البخاري (‪ )4757‬واللفظ له‪ ،‬صحيح مسلم (‪.)2770‬‬

‫فامحديه وقبِّلي رأسه واشكر ِّيه ِّ‬


‫لنعمة هللا تعاىل‬ ‫ِّ‬ ‫أي‪ :‬قومي إىل ِّ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫َُ‬
‫شكوا يف حاَلا‪ ،‬مع علمهم‬ ‫إدالال عليه وعتبًا؛ لكوْنم ُّ‬
‫بشرك‪ ،‬فقالت عائشة ما قالت ً‬ ‫اليت َّ‬
‫حبسن طرائقها ومجيل أحواَلا‪ ،‬وارتفاعها عن هذا الباطل الذي افرتاه قوم ظاملون‪ ،‬وال حجة له‬
‫وال شبهة فيه‪.‬‬
‫أنزل براءيت‪ ،‬وأنعم عل َّي مبا مل أكن أتوقعه‪.‬‬
‫أمحد ريب سبحانه وتعاىل‪ ،‬الذي َ‬ ‫قالت‪ :‬وإمنا ُ‬
‫يف أبم ٍر يُتلى‪.‬‬
‫أحقر يف نفسي من أن يتكلم هللا تعاىل َّ‬
‫كما قالت‪ :‬ولَشأين كان َ‬
‫وِما استفاد اإلمام النووي من حديث اإلفك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب املبادرة بتبشْي من َتددت له نعمة ظاهرة‪ ،‬أو اندفعت عنه بلية ظاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬براءة عائشة رضي هللا عنها من اإلفك‪ .‬وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز‪ ،‬فلو‬
‫كافرا مرتدا إبمجاع املسلمني‪ .‬قال بن عباس‬ ‫تشكك فيها إنسان والعياذ ابهلل صار ً‬
‫نيب من اْلنبياء صلوات هللا وسالمه عليهم أمجعني‪ .‬وهذا إكرام من‬ ‫وغْيه‪ :‬مل ِّ‬
‫تزن امرأةُ ٍ‬
‫هللا تعاىل َلم‪.‬‬
‫‪َ -‬تديد شكر هللا تعاىل عند َتدد النعم‪.‬‬
‫شرح النووي على مسلم (‪.)117 ،112 /17‬‬

‫‪34‬‬
‫(‪)34‬‬
‫أم العلء‬

‫عن أم العالء قالت‪:‬‬


‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأان مريضة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫عادين ُ‬
‫ذهب هللا به خطاايه كما ت ِّ‬
‫ذهب النار خبث‬ ‫املسلم ي ِّ‬
‫ِّ‬ ‫"أبشري اي أم العلء‪ ،‬فإن مرض‬
‫ِّ‬
‫الذهب والفضة"‪.‬‬

‫وحسن الشيخ شعيب إسناده‪ ،‬وقال يف السلسلة الصحيحة (‪:)714‬‬


‫رواه أبو داود يف السنن (‪َّ )3092‬‬
‫هذا إسناد جيد‪ ،‬ورجاله ثقات رجال البخاري‪ ،‬ويف بعضهم كالم ال يضر‪.‬‬

‫عمة حزام بن حكيم رضي هللا عنهما‪ ،‬كما يف سند احلديث مبنتخب ابن محيد (‪.)1562‬‬
‫ُّأم العالء َّ‬
‫ث الذهب والفضة" أي‪ :‬ما تلقيه النار من وسخ الذهب والفضة‪.‬‬ ‫"خبَ ُ‬
‫ويف احلديث‪:‬‬
‫‪ -‬داللة على مشروعية عيادة الرجل للمرأة املريضة‪ ،‬لكن حمله إذا مل ِّ‬
‫تؤد إىل خلوة أبجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬وعلي أنه ينبغي للعائد أن يبشر املريض بتكفْي ذنوبه‪ ،‬فإن يف ذلك تسلية لقلبه‪.‬‬
‫‪ -‬وعلى طلب التسليم للقدر‪.‬‬
‫‪ -‬وعلى أن اْلمراض تكفر اخلطااي وتنقي صاحبها منها‪.‬‬
‫وقد ورد يف فضل املرض والصرب عليه أحاديث أخر‪ ،‬منها ما رواه أمحد عن شداد بن أوس‬
‫والصناحبي‪ ،‬أْنما دخال على مريض يعودانه فقاال له‪ :‬كيف أصبحت؟ قال أصبحت بنعمة‬
‫وحط اخلطااي‪ ،‬فإين مسعت رسول هللا صلى هللا تعاىل‬ ‫هللا‪ ،‬قال شداد‪ :‬أبشر بكفارات السيئات ِّ‬
‫عبدا من عبادي مؤمنًا‪،‬‬ ‫ابتليت ً‬
‫ُ‬ ‫وجل يقول‪ :‬إذا‬
‫عز َّ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم يقول‪" :‬إن هللا َّ‬
‫كيوم ولَدتهُ أمه‪ ،‬مربأً من اخلطااي‪ُ .‬‬
‫ويقول‬ ‫ِّ‬
‫يقوم من مضجعه ذلك َ‬ ‫فحمدين على ما ابتليته‪ ،‬فإنه ُ‬
‫جروا له ما كنتم َُترون له وهو صحيح"‪.‬‬ ‫دت عبدي وابتليته فأَ ُ‬
‫الرب تبارك وتعاىل‪ :‬أان قيَّ ُ‬
‫ُّ‬
‫املنهل العذب املورود شرح سنن أيب داود (‪.)220 /8‬‬
‫واحلديث اْلخْي إسناده حس‪ ،‬رجاله ثقات‪ .‬السلسلة الصحيحة ‪.2009‬‬

‫‪35‬‬
‫(‪)35‬‬
‫احلسن واحلسي‬

‫عن حذيفة قال‪:‬‬


‫قام يصلي حىت صلَّى العِّشاء‪ ،‬مث خر َج‬ ‫وسلم فصلَّ ُ‬
‫يت معه املغرب‪ ،‬مث َ‬ ‫النيب صلى هللا عليه َ‬
‫أتيت َّ‬
‫ُ‬
‫فاتبعته‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"عرض ل ملك استأذن ربه أن يسلِّم علي‪ ،‬وبشرين أن احلسن واحلسي سيِّدا ِّ‬
‫شباب ِّ‬
‫أهل‬
‫النة"‪.‬‬

‫رواه ابن حبان يف صحيحه (‪ )6960‬قال الشيخ شعيب‪ :‬إسناده صحيح رجاله ثقات‪ .‬ورواه النسائي يف‬
‫السنن الكربى (‪ .)8240‬ورواايته يف السلسلة الصحيحة (‪.)796‬‬

‫قال الطييب رمحه هللا‪ :‬يعين مها أفضل ِمن مات شااب يف سبيل هللا من أصحاب اجلنة‪ ،‬ومل يرد‬
‫سن الشباب؛ ْلْنما ماات وقد كهال‪ ،‬بل ما يفعله الشباب من املروءة‪ ،‬كما تقول‪ :‬فالن فىت‬
‫به َّ‬
‫وإن كان شيخاً‪ ،‬تشْي إىل مروءته وفتوته‪.‬‬
‫أو أْنما سيدا أهل اجلنة سوى اْلنبياء واخللفاء الراشدين‪ ،‬وذلك ْلن أهل اجلنة كلهم يف سن‬
‫واحد وهو الشباب‪ ،‬وليس فيهم شيخ وال كهل‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ميكن أن يراد‪ :‬مها اآلن سيدا شباب هم من أهل اجلنة من شبان هذا الزمان‪.‬‬
‫شرح املشكاة للطييب الكاشف عن حقائق السنن (‪.)3912 /12‬‬

‫(‪)36‬‬
‫سجدة شكر‬

‫عن أنس بن مالك‪:‬‬


‫أن النب ب ِّشر حباجة‪ ،‬فخر ساج ًدا‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫رواه ابن ماجه يف سننه (‪ .)1392‬وقد حسنه اْللباين يف صحيح ابن ماجه‪ ،‬وقال الشيخ شعيب‪ :‬حسن‬
‫لغْيه‪ ،‬وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن َليعة‪ ،‬وهو عبدهللا‪ ،‬ويشهد له حديث عبدالرمحن بن عوف يف‬
‫أيضا‬
‫مسند أمحد (‪ )1664‬وهو حديث حسن‪ .‬قال حممد خْي‪ :‬ورد يف موضعني من املسند‪ ،‬وذكر فيهما ً‬
‫أنه حسن لغْيه‪.‬‬

‫عظيما‪ .‬حاشية السندي على‬ ‫ِّ‬


‫شكرا ً‬
‫"بُشر حباجة" أي‪ :‬بقضاء حاجة عظيمة‪ ،‬يقتضي قضاؤها ً‬
‫سنن ابن ماجه (‪.)423 /1‬‬
‫سجدة الشكر على حصول نعمة واندفاع بلية‪ ،‬وفيها اختالف‪ ،‬فعند الشافعي وأمحد سنة‪،‬‬
‫وهو قول حممد‪ ،‬واْلحاديث واآلاثر يف ذلك كثْية‪ .‬شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغْيه (ص‬
‫‪.)100‬‬

‫(‪)37‬‬
‫ظلم‪ ..‬مث نور‬

‫عن بريدة اْلسلمي‪ ،‬عن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫ابلنور ِّ‬
‫التام يوم القيامة"‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫املساجد ِّ‬ ‫" ِّ‬
‫بش ِّر املشائي يف الظل ِّم إىل‬

‫رواه الرتمذي يف السنن (‪ )223‬وصححه له اْللباين‪ ،‬والبن ماجه (‪ ،)781‬وْليب داود (‪ )561‬لكن‬
‫الشيخ شعيب ضعف إسناده وحسنه لغْيه‪.‬‬

‫املخرب به‪ .‬واملشَّاء‪ :‬كثْي املشي‪ .‬والظُّلَم‪ :‬مجع ظلمة‪.‬‬


‫البشرى‪ :‬اإلخبار مبا يُظهر سرور َ‬
‫ابلنور التام" الذي ييط هبم من مجيع جهاهتم‪ ،‬أي على الصراط‪ ،‬ملا قاسوا مشقة املشي يف‬ ‫" ِّ‬
‫ظلمة الليل جوزوا بنور يضيء َلم وييطهم‪ .‬قاله املناوي‪ .‬ذكره يف حتفة اْلحوذي (‪.)13 /2‬‬

‫‪37‬‬
‫السعي إىل املساجد يف ظلمات الليايل‪،‬‬‫وقال بدر الدين العيين‪ :‬فيه حث وحتضيض يف كثرة َّ‬
‫وبشارة أن جزاءه يوم القيامة نور دائم حيث ميوج الناس يف الظلمات‪ .‬شرح أيب داود للعيين (‪/3‬‬
‫‪.)44‬‬

‫(‪)38‬‬
‫صلة متميزة!‬

‫عن أيب موسى قال‪:‬‬


‫النيب صلى هللا عليه‬ ‫ِّ‬ ‫كنت أان وأصحايب الذين ِّ‬
‫بقيع بُطحان‪ ،‬و ُّ‬
‫نزوال يف ِّ‬
‫السفينة ً‬ ‫قدموا معي يف‬ ‫ُ‬
‫نفر منهم‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫العشاء َّ ٍ‬ ‫وسلم ابملدينة‪ ،‬فكان يتناوب النيب صلى هللا عليه وسلم عند صالةِّ‬
‫كل ليلة ٌ‬ ‫ُ َّ‬
‫بعض أمره‪ ،‬فأعتم ابلصالةِّ‬
‫الشغل يف ِّ‬
‫بعض ِّ‬
‫َ‬ ‫النيب صلى هللا عليه وسلم أان وأصحايب وله ُ‬
‫فوافَ ْقنا َّ‬
‫قضى صالتَهُ قال ملن‬ ‫النيب صلى هللا عليه وسلم فصلَّى هبم‪ ،‬فلما َ‬
‫اهبار الليل‪ ،‬مث خر َج ُّ‬
‫حىت َّ‬
‫حضره‪:‬‬
‫الناس يصلِّي هذه‬
‫نعمة هللا عليكم‪ ،‬أنه ليس أحد من ِّ‬ ‫أبشروا‪ ،‬إن ِّمن ِّ‬‫"على ِّرسلِّكم‪ِّ ،‬‬
‫الساعة غريكم" أو قال‪" :‬ما صلى هذه الساعة أحد غريكم"‪ ،‬ال يدري َّ‬
‫أي الكلمتني قال‪.‬‬
‫قال أبو موسى‪ :‬فرجعنا‪ ،‬ففرحنا مبا مسعنا من ِّ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫رواه الشيخان‪ :‬البخاري (‪ ،)567‬مسلم (‪ ،)641‬واللفظ لألول‪.‬‬

‫السفينة‪ :‬اليت جاؤوا هبا من اليمن‪.‬‬


‫البقيع‪ :‬املكان املتسع‪.‬‬
‫بُطحان‪ :‬أحد أودية املدينة‪.‬‬
‫أخرها‪.‬‬‫أعتم ابلصالة‪َّ :‬‬
‫اهبار الليل‪ :‬انتصف‪.‬‬
‫َّ‬
‫وذكر ابن بطال أن أتخْي صالة العشاء كان بسبب انشغال الرسول عليه الصالة والسالم‬
‫بتجهيز جيش‪ .‬ينظر شرحه على صحيح البخاري ‪.192/2‬‬
‫‪38‬‬
‫قال الكرماين‪ :‬وسبب فرحهم عليهم ابختصاصهم هبذه العبادة اليت هي نعمة عظمى مستلزمة‬
‫املثوبة احلسىن‪.‬‬
‫ومن ابب الفائدة ترد هنا مسألة احلديث بعد العشاء‪ ،‬فقال‪ :‬املكروه ‪ -‬يعين من الكالم ‪ -‬هو‬
‫ما كان يف اْلمور اليت ال مصلحة فيها‪ ،‬أما ما فيها مصلحة وخْي فال كراهة‪ ،‬وذلك كدراسة‬
‫العلم‪ ،‬وحكاايت الصاحلني‪ ،‬وحمادثة الضيف‪ ،‬والتأثيث للعروس‪ ،‬واْلمر ابملعروف‪ ،‬وحنوه‪.‬‬
‫الكواكب الدراري يف شرح صحيح البخاري (‪.)210 /4‬‬

‫(‪)39‬‬
‫انتظار الصلة بعد الصلة‬

‫عن عبدهللا بن عمرو قال‪:‬‬


‫ِّ‬
‫ب من َّ‬
‫عقب‪ ،‬فجاءَ‬ ‫صلَّينا مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم املغرب‪َ ،‬‬
‫فرجع من رجع‪َّ ،‬‬
‫وعق َ‬
‫حسر عن ركبتيه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫حفزهُ الن َفس‪ ،‬وقد َ‬
‫مسرعا‪ ،‬قد َ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ً‬
‫ُ‬
‫اباب من ِّ‬
‫أبواب السماء‪ ،‬يباهي بكم امللئكة‪ ،‬يقول‪ :‬انظروا‬ ‫"أبشروا‪ ،‬هذا ربكم قد فتح ً‬
‫إىل عبادي قد قضوا فريضة‪ ،‬وهم ينتظرون أخرى"‪.‬‬

‫رواه ابن ماجه (‪ )801‬واللفظ له‪ ،‬وصححه له اْللباين واْلرانؤوط‪ ،‬ورواه أمحد يف املسند (‪ )6750‬وقال‬
‫الشيخ شعيب‪ :‬إسناده صحيح على شرط مسلم‪ ،‬رجاله ثقات رجال الشيخني غْي محاد بن سلمة فمن‬
‫رجال مسلم‪.‬‬

‫التعقيب يف املساجد‪ :‬انتظار الصلوات بعد الصالة‪..‬‬


‫حفزه‪ :‬أعجله الن َفس‪.‬‬
‫وحسر مبعىن كشف‪.‬‬
‫َ‬
‫قال الشوكاين‪ :‬فيه أن انتظار الصالة بعد فعل الصالة من موجبات اْلجر وأسباب مباهاة رب‬
‫العزة ملالئكته مبن فعل ذلك‪ .‬نيل اْلوطار (‪.)79 /2‬‬

‫‪39‬‬
‫(‪)40‬‬
‫بشرى ابلغفران‬

‫عن شداد بن أوس قال‪:‬‬


‫النيب صلى هللا عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫كنا عند ِّ‬
‫"هل فيكم غريب"؟ يعىن َ‬
‫أهل الكتاب‪،‬‬
‫رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪،-‬‬
‫فقلنا‪ :‬ال اي َ‬
‫بغلق ِّ‬
‫الباب وقال‪" :‬ارفعوا أيديكم وقولوا‪ :‬ال إله إال هللا"‪.‬‬ ‫فأمر ِّ‬
‫َ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يده‪ ،‬مث قال‪:‬‬
‫وضع ُ‬ ‫فرفعنا أيدينا ساعة‪ ،‬مث َ‬
‫"احلمد هلل‪ ،‬اللهم بعثتين هبذه الكلمة‪ ،‬وأمرتين هبا‪ ،‬ووعدتين عليها النة‪ ،‬وإنك ال تلف‬
‫امليعاد"‪.‬‬
‫مث قال‪" :‬أبشروا‪ ،‬فإن هللا قد غفر لكم"‪.‬‬

‫أورده ابن كثْي يف جامع املسانيد والسنن ‪ 197/4‬وقال‪ :‬تُفرد به‪ ،‬ومل خيرجوه‪ ،‬وال أبس إبسناده‪ .‬وقال‬
‫احلافظ اَليثمي‪ :‬رواه أمحد والطرباين والبزار‪ ،‬ورجاله موثقون‪ .‬جممع الزوائد ومنبع الفوائد ‪ .19 /1‬وقال مرة‬
‫أخرى‪ :‬رواه أمحد‪ ،‬وفيه راشد بن داود‪ ،‬وقد وثقه غْي واحد‪ ،‬وفيه ضعف‪ ،‬وبقية رجاله ثقات‪ .‬جممع الزوائد‬
‫‪ .81 /10‬وأورده احلافظ املنذري يف الرتغيب (‪ )924‬وقال‪ :‬رواه أمحد إبسناد حسن والطرباين وغْيمها ‪-‬‬
‫لكن ضعفه اْللباين يف ضعيف الرتغيب ‪ -‬وكذا قال الدمياطي يف املتجر الرابح (‪ :)1194‬رواه أمحد‬
‫إبسناد حسن‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫املراجع‬
‫(‪)1‬‬

‫اإلحسان يف تقريب صحيح ابن حبان‪ /‬ترتيب عالء الدين علي بن بلبان الفارسي؛ حققه َّ‬
‫وخرج أحاديثه‬
‫شعيب اْلرانؤوط‪ -.‬ط‪ -.2‬بْيوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1414-1393 ،‬ه ‪.‬‬
‫األدب املفرد‪ /‬البخاري؛ حتقيق حممد فؤاد عبدالباقي‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار البشائر اإلسالمية‪ 1409 ،‬ه ‪.‬‬
‫اإلصابة يف متييز الصحابة‪ /‬ابن حجر العسقالين؛ حتقيق علي حممد البجاوي‪-.‬بْيوت‪ :‬دار اجليل‪،‬‬
‫‪1412‬ه ‪.‬‬
‫اإلفصاح عن معاين الصحاح‪ /‬يىي بن هبْية الشيباين؛ حتقيق فؤاد عبداملنعم أمحد‪ -.‬الرايض‪ :‬دار الوطن‪،‬‬
‫‪ 1417‬ه ‪.‬‬
‫إكمال املعلم بفوائد مسلم‪ /‬القاضي عياض‪ -.‬حتقيق يىي إمساعيل‪ -.‬املنصورة‪ :‬دار الوفاء‪ 1419 ،‬ه ‪.‬‬
‫البحر احمليط الثجاج يف شرح صحيح اإلمام مسلم بن احلجاج‪ /‬حممد بن علي بن آدم اإلثيويب‪-.‬‬
‫الدمام‪ :‬دار ابن اجلوزي‪ 1426 ،‬ه ‪.‬‬
‫حتفة األبرار شرح مصابيح السنة‪ /‬القاضي البيضاوي؛ حتقيق جلنة خمتصة إبشراف نور الدين طالب‪-.‬‬
‫الكويت‪ :‬وزارة اْلوقاف‪ 1433 ،‬ه ‪.‬‬
‫حتفة األحوذي‪ /‬املباركفوري‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫الرتغيب والرتهيب‪ /‬املنذري؛ حتقيق مصطفى عمارة‪ -.‬ط‪ -.3‬القاهرة‪ :‬مكتبة مصطفى البايب احلليب‪،‬‬
‫‪ 1388‬ه ‪.‬‬
‫التنوير شرح الامع الصغري‪ /‬اْلمْي الصنعاين؛ حتقيق حممد إسحاق حممد إبراهيم‪ -.‬الرايض‪ :‬مكتبة دار‬
‫السالم‪ 1432 ،‬ه ‪.‬‬
‫التوضيح لشرح الامع الصحيح‪ /‬ابن امللقن؛ حتقيق دار الفالح للبحث العلمي‪ -.‬دمشق‪ :‬دار النوادر‪،‬‬
‫‪ 1429‬ه ‪.‬‬
‫جامع املسانيد والسنن اهلادي ألقوم سنن‪ /‬ابن كثْي الدمشقي؛ حتقيق عبدامللك بن عبدهللا بن دهيش‪-.‬‬
‫ط‪ -.2‬بْيوت‪ :‬دار خضر‪ 1419 ،‬ه ‪.‬‬
‫حاشية السندي على سنن ابن ماجه‪ :‬كفاية احلاجة يف شرح سنن ابن ماجه‪ /‬السندي‪ -.‬ط‪ -.2‬بْيوت‪:‬‬
‫دار اجليل‪.‬‬
‫ذخرية العقىب يف شرح اجملتىب‪ :‬شرح سنن النسائي‪ /‬حممد بن علي بن آدم اإلثيويب‪ -.‬دمشق‪ :‬دار املعراج‪،‬‬
‫‪ 1416‬ه ‪... ،‬‬

‫(‪ )1‬املراجع من الشاملة‪.‬‬


‫‪41‬‬
‫زاد املعاد يف هدي خري العباد‪ /‬ابن قيم اجلوزية‪ -.‬ط‪ -.27‬دمشق‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ 1415 ،‬ه ‪.‬‬
‫السلسلة الصحيحة‪ /‬حممد انصر الدين اْللباين‪.‬‬
‫سنن ابن ماجه‪ /‬حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي‪ -.‬القاهرة‪ :‬دار احلديث‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫سنن أيب داود‪ /‬حتقيق حممد انصر الدين اْللباين؛ اعىت هبا مشهور بن حسن آل سلمان‪-.‬ط‪ -.2‬الرايض‪:‬‬
‫مكتبة املعارف‪ 1427 ،‬ه (وضمنه‪ :‬صحيح وضعيف سنن أيب داود)‪.‬‬
‫سنن الرتمذي (اجلامع الصحيح)‪ /‬حتقيق أمحد حممد شاكر‪ ،‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬إبراهيم عطوة‪-.‬‬
‫القاهرة‪ :‬دار احلديث‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫سري أعلم النبلء‪ /‬الذهيب؛ حتقيق شعيب اْلرانؤوط وآخرين‪ -.‬ط‪ -.2‬بْيوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1401 ،‬ه‬
‫السرية النبوية‪ /‬ابن كثْي الدمشقي؛ حتقيق مصطفى عبدالواحد‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار املعرفة‪ 1395 ،‬ه ‪.‬‬
‫السرية النبوية‪ /‬ابن هشام اْلنصاري؛ حتقيق طه عبدالرؤوف سعد‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار اجليل‪ 1411 ،‬ه ‪.‬‬
‫شرح الزرقاين على موطأ اإلمام مالك‪ /‬حتقيق طه عبدالرؤوف سعد‪ -.‬القاهرة‪ :‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬
‫‪ 1424‬ه ‪.‬‬
‫شرح سنن ابن ماجه‪ /‬السيوطي وآخرون‪ -.‬كراتشي‪ :‬قدميي كتب خانه‪.‬‬
‫شرح سنن أيب داود‪ /‬بدر الدين العيين؛ حتقيق خالد إبراهيم املصري‪ -.‬الرايض‪ :‬مكتبة الرشد‪ 1420 ،‬ه‬
‫شرح سنن أيب داود‪ /‬ابن رسالن الرملي‪ -.‬حتقيق ابحثني من دار الفالح‪ -.‬الفيوم‪ :‬دار الفالح‪1437 ،‬ه‬
‫شرح الطيب على مشكاة املصابيح‪ ،‬املسمى الكاشف عن حقائق السنن‪ /‬الطييب؛ حتقيق عبداحلميد‬
‫هنداوي‪ -.‬مكة املكرمة‪ :‬مكتبة نزار مصطفى الباز‪1417 ،‬ه ‪.‬‬
‫شرح النووي على صحيح مسلم‪ -.‬ط‪ -.2‬بْيوت‪ :‬دار إحياء الرتاث‪ 1392 ،‬ه ‪.‬‬
‫شعب اإلميان‪ /‬البيهقي؛ حتقيق عبدالعلي حامد‪ -.‬الرايض‪ :‬مكتبة الرشد‪ 1423 ،‬ه ‪.‬‬
‫وبتحقيق حممد السعيد زغلول‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ 1410 ،‬ه ‪.‬‬
‫صحيح ابن حبان = اإلحسان يف تقريب صحيح ابن حبان‪.‬‬
‫صحيح األدب املفرد‪ /‬حممد انصر الدين اْللباين‪ -.‬اجلبيل‪ :‬دار الصديق‪ 1418 ،‬ه ‪.‬‬
‫صحيح البخاري‪ /‬حتقيق حممد زهْي الناصر‪ -.‬دار طوق النجاة‪ 1422 ،‬ه ‪.‬‬
‫صحيح الرتغيب والرتهيب‪ /‬حممد انصر الدين اْللباين‪ -.‬الرايض‪ :‬مكتبة املعارف‪ 1421 ،‬ه ‪.‬‬
‫صحيح الامع الصغري وزايدته‪ /‬حممد انصر الدين اْللباين‪ -.‬ط‪-.3‬بْيوت‪ :‬املكتب اإلسالمي‪،‬‬
‫‪1410‬ه ‪.‬‬
‫صحيح مسلم‪ /‬حتقيق حممد فؤاد عبدالباقي‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪.‬‬
‫ضعيف الرتغيب والرتهيب‪ /‬حممد انصر الدين اْللباين‪ -.‬الرايض‪ :‬دار املعارف‪ 1421 ،‬ه ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫عارضة األحوذي‪ /‬أبو بكر بن العريب‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ /‬بدر الدين العيين‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪.‬‬
‫فتح الباري‪ :‬شرح صحيح البخاري‪ /‬ابن حجر العسقالين‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار املعرفة‪1379 ،‬ه ‪.‬‬
‫فقه السرية‪ /‬حممد الغزايل؛ خرج أحاديثه حممد انصر الدين اْللباين‪ -.‬دمشق‪ :‬دار القلم‪ 1427 ،‬ه ‪.‬‬
‫الكواكب الدراري يف شرح صحيح البخاري‪ /‬الكرماين‪ -.‬ط‪ -.2‬بْيوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪،‬‬
‫‪ 1401‬ه ‪.‬‬
‫الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم‪ /‬حممد اْلمني بن عبدهللا اَلرري‪ -.‬جدة‪ :‬دار املنهاج‪ 1430 ،‬ه ‪.‬‬
‫املتجر الرابح يف ثواب العمل الصال‪ /‬الدمياطي؛ حتقيق عبدامللك بن دهيش‪ -.‬ط‪ ،‬مزيدة ومنقحة‪-.‬‬
‫دمشق‪ :‬مكتبة دار البيان‪.‬‬
‫جممع الزوائد ومنبع الفوائد‪ /‬نور الدين اَليثمي؛ حتقيق حسام القدسي‪ -.‬القاهرة‪ :‬مكتبة القدسي‪،‬‬
‫‪ 1414‬ه ‪.‬‬
‫مرعاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح‪ /‬املباركفوري‪ -.‬بنارس‪ ،‬اَلند‪ :‬اجلامعة السلفية‪ 1404 ،‬ه ‪.‬‬
‫مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح‪ /‬اَلروي‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار الفكر‪ 1422 ،‬ه ‪.‬‬
‫املستدرك على الصحيحي‪ /‬احلاكم النيسابوري‪ ،‬حتقيق مصطفى عبدالقادر عطا‪ -.‬بْيوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪1411 ،‬ه ‪.‬‬
‫مسند أيب يعلى املوصلي‪ /‬حتقيق حسني سليم أسد‪ -.‬دمشق‪ :‬دار املأمون للرتاث‪1404 ،‬ه ‪.‬‬
‫مسند اإلمام أمحد بن حنبل‪ /‬حتقيق شعيب اْلرانؤوط وآخرين‪ -.‬دمشق‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ 1421 ،‬ه ‪.‬‬
‫مسند اإلمام أمحد حباشية السندي‪.‬‬
‫املعجم األوسط‪ /‬الطرباين؛ حتقيق طارق بن عوض هللا‪ ،‬عبداحملسن احلسيين‪ -.‬القاهرة‪ :‬دار احلرمني‪.‬‬
‫املعجم الكبري‪ /‬الطرباين؛ حتقيق محدي عبداجمليد السلفي‪ -.‬ط‪ -.2‬القاهرة‪ :‬مكتبة ابن تيمية‪ 1415 ،‬ه‬
‫املفاتيح يف شرح املصابيح‪ /‬املظهري؛ حتقيق جلنة خمتصة من احملققني إبشراف نور الدين طالب‪ -.‬دمشق‪:‬‬
‫دار النوادر‪ 1433 ،‬ه ‪.‬‬
‫املفهم ملا أشكل من تلخيص كتاب مسلم‪ْ /‬ليب العباس القرطيب؛ حتقيق حميي الدين مستو وآخرين‪-.‬‬
‫دمشق؛ بْيوت‪ :‬دار ابن كثْي‪ 1417 ،‬ه ‪.‬‬
‫املنهل العذب املورود شرح سنن اإلمام أيب داود‪ /‬حممود حممد خطاب السبكي‪ -.‬القاهرة‪ :‬مطبعة‬
‫االستقامة‪ 1351 ،‬ه ‪.‬‬
‫املواهب اللدنية ابملنح احملمدية‪ /‬القسطالين‪ -.‬القاهرة‪ :‬املكتبة التوفيقية‪.‬‬
‫نيل األوطار‪ /‬الشوكاين؛ حتقيق عصام الدين الصبابطي‪ -.‬القاهرة‪ :‬دار احلديث‪ 1413 ،‬ه ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الفهرس‬

‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫مقدمة ‪3................. ................................ ................................‬‬
‫التيسْي والتبشْي ‪4......... ................................ ................................‬‬
‫أبشروا‪5............... ................................ ................................ ..‬‬
‫بشروا وال ِّ‬
‫تنفروا ‪5......... ................................ ................................‬‬ ‫ِّ‬

‫التهليل والتكبْي ‪6......... ................................ ................................‬‬


‫بشرى عاجلة! ‪7.......... ................................ ................................‬‬
‫بشرى للمريض ‪8......... ................................ ................................‬‬
‫القرآن العظيم ‪8........... ................................ ................................‬‬
‫سورة‪ ..‬وآايت جليلة ‪9.................................... ................................‬‬
‫اإلميان اخلالص ‪10 ....................................... ................................‬‬
‫التوحيد اي عباد هللا ‪12 .................................... ................................‬‬
‫أبشروا ‪13 ............... ................................ ................................‬‬
‫اْلنبياء ِّ‬
‫مبشرون ومنذرون ‪14 .............................. ................................‬‬
‫الرؤاي البشرى ‪15 ......... ................................ ................................‬‬
‫املدينة املنورة ‪17 .......... ................................ ................................‬‬
‫بشرى َبروح وريان ‪17 .................................... ................................‬‬
‫عملك الصال ‪18 ........................................ ................................‬‬

‫‪44‬‬
‫فرح املؤمن يف قربه ‪19 .................................... ................................‬‬
‫بشرى ببيت يف اجلنة ‪20 .................................. ................................‬‬
‫هذا جربيل‪20 ........................................ ................................ !..‬‬
‫فارس‪ ..‬ومشهد! ‪21 ..................................... ................................‬‬
‫موعدكم اجلنة ‪22 ........................................ ................................‬‬
‫بشرى ابجلنة ‪23 ......... ................................ ................................‬‬
‫العشرة املبشَّرون ابجلنة ‪23 ................................. ................................‬‬
‫عُلبة البكاء ‪24 .......... ................................ ................................‬‬
‫يسركم ‪25 ....................................... ................................‬‬
‫ارجوا ما ُّ‬
‫اي معشر اْلنصار ‪26 ..................................... ................................‬‬
‫أبشر كلمة غالية! ‪28 ..................................... ................................‬‬
‫البشرى خْي من العطية ‪29 ................................ ................................‬‬
‫ابلفرج ‪30 ......... ................................ ................................‬‬
‫بُشرى َ‬
‫ُّأم أيب هريرة ‪32 .......... ................................ ................................‬‬
‫ُّأمنا عائشة ‪33 ........... ................................ ................................‬‬
‫ُّأم العالء ‪35 ............. ................................ ................................‬‬
‫احلسن واحلسني ‪36 ...................................... ................................‬‬
‫سجدة شكر‪36 ....................................... ................................ ..‬‬
‫ظالم‪ ..‬مث نور ‪37 ........................................ ................................‬‬
‫صالة متميزة! ‪38 ........................................ ................................‬‬
‫انتظار الصالة بعد الصالة ‪39 ............................. ................................‬‬

‫‪45‬‬
‫بشرى ابلغفران ‪40 ....................................... ................................‬‬
‫املراجع ‪41 ............... ................................ ................................‬‬
‫الفهرس ‪44 .............. ................................ ................................‬‬

‫‪46‬‬

You might also like