Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫تــقــــاريــــــــــر‬

‫المغرب والهجرة القادمة من إفريقيا‬


‫جنوب الصحراء‬

‫صبري الحو *‬

‫‪ 21‬ديسمبر‪ /‬كانون األول ‪2112‬‬

‫‪Al Jazeera Centre for Studies‬‬


‫‪Tel: +974-44663454‬‬
‫‪jcforstudies@aljazeera.net‬‬
‫‪http://studies.aljazeera.net‬‬
‫كثيرا ما يحاول المهاجرون األفارقة التسلق من فوق سياج طوله سبعة أمتار للعبور من المغرب إلى مدينة سبتة [‪"]EPA‬‬

‫ملخص‬
‫في الوقت الذي انصب فيه اهتمام المغرب على تدبير هجرة مواطنيه بالخارج‪ ،‬واالنكباب على إعداد سياسة عمومية‬
‫تستجيب لحاجياتهم‪ ،‬ويوفر لهم الدعم والمؤازرة أمام ما يعترضهم من مشاكل في بلدان االستقبال أمام صعوبات االندماج‪،‬‬
‫في موازاة ضمان ارتباطهم بالمغرب كهوية‪ ،‬ووطن‪ ،‬وقيم عن طريق خلق وإنشاء مؤسسات دستورية تعنى بذلك‪ ،‬فإن‬
‫موقع المغرب الجغرافي‪ ،‬القريب من أوروبا‪ ،‬وطباع المجتمع المغربي المتسامح‪ ،‬جعلته نقطة جذب ومسار مفضل لدى‬
‫المهاجرين األفارقة‪ ،‬الذين تجمعوا في غابات محيطة بمدن شمال و شرق المغرب‪ ،‬ترقبا لفرصة الهجرة إلى أوروبا "‬
‫الفردوس األوروبي"‪.‬‬

‫غير أن عسر وشدة المراقبة على حدود الخارجية لدول شينغن‪ ،‬وسنها تشريعا ‪ ،‬واتخاذها سياسة موحدة في ميدان الهجرة‪،‬‬
‫و خلقها وكاالت مختصة في تلك المراقبة "فرونتكس"‪ ،‬وتعاقدها مع دول جنوب المتوسط‪ ،‬و الساحل وجنوب الصحراء‬
‫في أفريقيا‪ ،‬ومنها المغرب في إطار التدبير التعاوني للهجرة‪ ،‬من أجل محاربة الهجرة غير "النظامية"‪ ،‬كل ذلك جعل‬
‫المغرب يتحول إلى بلد استقبال‪.‬‬

‫غير أن المغرب الذي نهج خطة سياسية و استراتيجية جديدة لتمركز قوي في أفريقيا‪ ،‬وحاجته إلى ضمان ود الدول‬
‫األفريقية‪ ،‬وحاجته إلى فك كل ألغاز العملية األمنية في إطار نهجه االستباقي‪ ،‬ومراعاة اللتزاماته بمقتضى القانون الدولي‪،‬‬
‫و تقديره للجانب اإلنساني والتضامني‪ ،‬فقد أقر بوجود أعداد من المهاجرين جنوب الصحراء فوق إقليمه يقدرون باآلالف‪،‬‬
‫و أعلن منذ ‪ ٤١٠٢‬عن نهجه سياسة ا ستثنائية في ميدان الهجرة‪ ،‬بفتح الباب لتسوية الوضعية اإلدارية للمهاجرين فوق‬
‫ترابه‪ ،‬وهي اآلن في نسختها الثانية منذ منتصف دجنبر ‪.٤١٠٢‬‬

‫إال أن هذا التطبيع ألوضاع المهاجرين اإلدارية‪ ،‬لن يكون مكتمال إال إذا أقترن بإجراءات وتدابير مادية‪ ،‬في إطار المنافذ‬
‫الحقيقية لالندماج‪ ،‬لكفالة حقوق وحريات المهاجرين‪ ،‬وأبنائهم في التعليم والشغل والصحة والسكن وغيرها‪ ،‬وهي حقوق‬
‫لها ارتباط وثيق بالموارد المالية للمغرب‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫بيد أن اآلني يقتضي القيام بحمالت توعوية لدور الهجرة والتنوع في غناء المجتمعات و مناعتها‪ ،‬درءا ألعمال عنصرية‬
‫قد تتولد عن فعل االحتكاك اليومي‪ ،‬ونفس التحسيس مطلوب بين المهاجرين ليراعوا قيم ومشاعر مجتمع االستقبال المغربي‬
‫في سلوكهم وتصرفاتهم درءا لسقوطهم في المحظورات‪ ،‬التي يعاقب عليها القانون‪ .‬فالهجرة معادالت صعبة‪ ،‬وفي خضمها‬
‫يوجد اإلنسان‪ ،‬الذي يجب أن يستأثر باهتمام الجميع‪.‬‬

‫تقديم‬
‫إن الفقر والعجز عن كسب وإنتاج ما يكفي إلعالة المرء وأسرته‪ ،‬بجانب الحرب والصراع واالضطهاد وغياب األمن‪ ،‬كلها‬
‫دوافع شخخخخصخخخية تدفع‪ ،‬وتكره كثيرا من الناس على الهجرة‪ ،‬بحثا عن العمل‪ ،‬أو التماسخخخا للحماية عبر اللجوء في بلد ومكان‬
‫آخر‪ .‬ويمكن الحديث أيضخا‪ ،‬عن دوافع مرتبطة بسخيكولوجية الشخخا الميالة إلى السخفر‪ ،‬إرضخاء لرغبة‪ ،‬أو تحصيال للعلم‪،‬‬
‫أو ركوبا لمغامرة‪ .‬وكلها أسخخخخخباب تتأرجح وتدور في مجملها بين واقع ودروف دولة مصخخخخخدر المهاجر‪ ،‬والمهاجر نفسخخخخخخه‪.‬‬
‫وبجانبها‪ ،‬فللهجرة عالقة بالخارج‪ ،‬بسخخخخبب سخخخخياسخخخخات جاذبة للمهاجرين‪ ،‬وكان ذلك نهج مجموعة من الدول األوروبية‪ ،‬في‬
‫مراحل معينة من تاريخها؛ بغية إعادة البناء واإلعمار‪ ،‬بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها‪ ،‬نتيجة ما أحدثته من‬
‫دمار‪ ،‬أو لتغطية حاجات اقتصادها من األيدي العاملة‪ ،‬واألدمغة‪ ،‬أو من أجل إيجاد توازن إلخالل في سكانها‪.‬‬

‫بيد أن السخخياسخخة المسخختميلة‪ ،‬والجاذبة للمهاجرين‪ ،‬لم تعرف اطرادا(‪ ،)1‬مع تداول برامج سخخياسخخية مختلفة على تسخخيير الشخخأن‬
‫العام في أوروبا‪ ،‬بين أحزاب اليمين واألحزاب االشخخخخخختراكية‪ .‬فاألولى‪ ،‬وخاصخخخخخخة المتطرفة منها‪ ،‬تنظر إلى الهجرة‪ ،‬كخطر‬
‫على األمن والهوية الوطنية(‪ ،)2‬يجب الحد منها‪ ،‬بينما الثانية ترى في تنوع المجتمعات وتعددها غنى ومصخخخخدر قوة إضخخخخافية‬
‫لها‪ ،‬يجب المراهنة عليه‪.‬‬

‫إال أن األزمخة االقتصخخخخخخادية‪ ،‬وتورط المواطنين األوروبيين‪ ،‬جذورهم أجنبية‪ ،‬ومن المهاجرين في مشخخخخخخاكل أمنية وعمليات‬
‫إرهابية‪ ،‬رجح اللجوء إلى الهجرة االنتقائية‪ ،‬واعتماد سخخخياسخخخات التشخخخدد وإحكام المراقبة‪ ،‬لدرء الهجرة المفروضخخخة‪ .‬وهكذا‪،‬‬
‫ومنذ السخخبعينات‪ ،‬وبعد عقود من االنفتاح‪ ،‬لوحظت بوادر التشخخدد في دخول اإلقليم والتراب األوروبي من الشخخرق والجنوب‪،‬‬
‫وأطبق هذا اإلحكام‪ ،‬أكثر في سخخخنوات التسخخخعينات‪ .‬حيث اعتمد جل الدول األوروبية نظام التأشخخخيرات للسخخخماح بالدخول إلى‬
‫إقليمها وترابها‪ ،‬فاضمحلت بسبب ذلك‪ ،‬إمكانيات وفرص دخول شباب المستعمرات األوروبية القديمة‪ ،‬في إفريقيا إلى القارة‬
‫العجوز‪ ،‬بالطريق القانوني والعادي‪.‬‬

‫أوروبا تتوحد في ميدان الهجرة وتنقل عبء الحراسة للمغرب‬

‫غير أن سخخخياسخخخة إغالق الحدود ومراقبتها من البر والجو والبحر‪ ،‬بقيت بعيدة‪ ،‬عن أن تشخخخكل عائقا ماديا يحول بين الشخخخباب‬
‫وتحقيق حلم وطموح الهجرة إلى أوروبا‪ ،‬فظهرت محاوالت ناجحة للهجرة‪ ،‬والسخخخخخخفر خارج نقط العبور المعتادةا مطارات‬
‫وموانئ ومراكز الحدود البرية‪ ،‬واتخذت مغامرات السخفر والهجرة مسخارات سخرية‪ ،‬ووعرة‪ ،‬وباسختعمال وسائل خطيرة‪ ،‬أو‬
‫عبر معابر نظامية‪ ،‬باسخخخخخختعمال هويات مزيفة‪ ،‬وهو الشخخخخخخيء المعبر عنه تارة‪ ،‬بالهجرة غير الشخخخخخخرعية‪ ،‬وتارة أخرى بغير‬
‫القانونية‪ ،‬وأحيانا أخرى بالسرية‪ ،‬أو غير النظامية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫إال أن الخدول األوروبيخة لم تقف مكتوفة األيدي أمام هذا التحدي‪ ،‬تحدي نجاح المهاجرين بدخول إقليمها بأعداد غفيرة يوميا‪،‬‬
‫الذي مرده قدرة الشخخخخباب المهاجر الخارقة‪ ،‬على تخطي الحواجز المادية‪ ،‬والقانونية‪ ،‬والتكنولوجية‪ ،‬ولو تضخخخخحية ومغامرة‬
‫بالنفس‪ ،‬وتقديم الروح فداء وقربانا للحلم بالحياة‪ ،‬فعمدت الدول األوروبية بداية إلى توحيد سخخخياسخخخاتها في ميدان الهجرة‪ ،‬منذ‬
‫قمة تامبير ‪ ،9111‬والهاي ‪ ،4002‬وسخخخخخختوكهولم ‪ ،4002‬وجعلت من أولى أولوياتها‪ ،‬محاربة الهجرة غير القانونية؛ حيث‬
‫تحولت سخياسخة الحيلولة دون ولوج الشباب اإلفريقي ألوروبا‪ ،‬إلى تدابير مادية تمنعهم‪ ،‬وقواعد قانونية زجرية تعاقبهم على‬
‫مجرد ممارسة الحق في مغادرة أوطانهم(‪.)3‬‬

‫وهي السخخياسخخات‪ ،‬التي أقرها البرلمان والمجلس األوروبي من ذي قبل‪ ،‬سخخواء في الميثاق األوروبي للهجرة واللجوء‪ ،‬الذي‬
‫صخخخخادق عليه المجلس األوروبي في ‪ 91‬و‪ 91‬أكتوبر‪/‬تشخخخخرين األول ‪ ،)4(4002‬أو في مذكرة البرلمان والمجلس األوروبي‬
‫‪ ،CE/2008/115‬بتخاري ‪ 91‬ديسخخخخخخمبر‪/‬كخانون األول ‪ ،4002‬المتعلقخة بخالقواعد والمسخخخخخخطرة المشخخخخخختركة بين كافة الدول‬
‫األعضخخخخاء‪ ،‬من أجل ترحيل وعودة مواطني الدول الغير‪ ،‬في وضخخخخعية غير قانونية‪ ،‬ويعرف هذا التوجيه األوروبي بمذكرة‬
‫"العخار" أو مخذكرة الطرد‪ .‬وهي في جميع األحوال اتفخاقيخات غير مطخابقخة للقوانين الدسخخخخخختورية األوروبية‪ ،‬ومخالفة للقانون‬
‫الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وتتناقض حتى مع القوانين الداخلية لدول االتحاد األوروبي وللدول المتعاقدة معها في خطط وبرامج‬
‫محاربة هذه الظاهرة‪.‬‬

‫وقد أدرك خبراء وسخخخخخخياسخخخخخخيو أوروبا أن هذه السخخخخخخياسخخخخخخة‪ ،‬وهذه التدابير لن يكتب لها النجاح‪ ،‬ما لم تنخرط في تنفيذها دول‬
‫المصدر‪ ،‬ودول العبور‪ ،‬فبدأ مسلسل توريط هذه الدول قانونيا وفعليا‪ ،‬عن طريق إبرام اتفاقات ثنائية معها‪ ،‬تحت اسم التدبير‬
‫التعاوني في ميدان الهجرة‪ ،‬تضخخخخع بموجبها دول االسخخخختقبال األوروبية التزاما على عاتق دول المصخخخخدر في إفريقيا‪ ،‬وواجبا‬
‫بالمسخخخخخاهمة والمشخخخخخاركة في مراقبة وصخخخخخد أفواج الهجرة‪ ،‬والحد منها ومراقبتها‪ ،‬وقبولها بترحيل المهاجرين من مواطنيها‬
‫إليها(‪.)5‬‬

‫وفي مقابل هذا التعاون‪ ،‬فإن دول العبور والمصخدر تسختفيد من حصة في الهجرة الشرعية‪ ،‬ووعود من أجل الدعم والمنحة‪،‬‬
‫و المسخخاعدة بعناوين متنوعة‪ ،‬بحسخخب كل مرحلة؛ منها المسخخاعدة من أجل التنمية‪ ،‬أو الشخخراكة من أجل التنمية‪ ،‬أو مسخخاعدات‬
‫في إطار الوضخخع المتقدم‪ ،‬الممنوح لبعض الدول‪ ،‬منها المغرب وتونس‪ ،‬وال يتعدى في أحسخخن األحوال ما تخصخخصخخه الدول‬
‫األوروبية ألداء التزامها المذكور‪ ،‬نصف نقطة من ناتجها الوطني‪.‬‬

‫وقد نتج عن تلك السخياسخة وقوع دول الشخمال والغرب اإلفريقي في شرك وخطيئة اتفاقيات التعاون في ميدان تدبير الهجرة؛‬
‫حيث فرض خت الدول األوروبية عليها واجب مراقبة حدودها الخارجية‪ ،‬بل وقبولها أحيانا بالمسخخاهمة البشخخرية األوروبية في‬
‫الفعخل المبخاشخخخخخخر لعمليخات المراقبخة‪ ،‬فوق إقليم بعض الخدول اإلفريقيخة‪ ،‬وفي منخاطق محخددة‪ ،‬معروفخة بنقط العبور السخخخخخخرية‬
‫السخخوداء‪ ،‬وخاصخخة على السخخواحل المغربية والموريتانية؛ حيث تشخخارك قوات من حرس خفر السخخواحل اإلسخخباني مع القوات‬
‫المساعدة المغربية‪ ،‬أو مع القوات الموريتانية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫حجم الهجرة اإلفريقية جنوب الصحراء والعابرة للمغرب‬

‫كخان اهتمخام المغرب‪ ،‬ولعقود تلخت اسخخخخخختقالله مباشخخخخخخرة‪ ،‬بتدبير وتقنين ومراقبة هجرة مواطنيه إلى الخارج‪ ،‬كبلد مصخخخخخخدر‬
‫للمهاجرين‪ ،‬وخاصخة إلى فرنسا وباقي بلدان أوروبا الشمالية‪ ،‬ثم إلى أوروبا الجنوبية‪ ،‬ومن بعدها إلى الدول العربية‪ ،‬ثم إلى‬
‫أميركا‪ ،‬وأخيرا إلى إفريقيا في دل واقع يطبعه فتح الحدود‪ ،‬ولم يكن يخطر بباله أنه سخخيتحول إلى بلد عبور واسخختقبال؛ ذلك‬
‫أن نهج جل الدول األوروبية لسخياسخات حماية لحدودها‪ ،‬واعتماد سياسة الترخيا المسبق قبل دخول أراضيها‪ ،‬عبر اعتماد‬
‫التأشخخيرة‪ ،‬وتعقيد إجراءات الحصخخول عليها‪ ،‬واألداء عنها‪ ،‬وبقاء معيار منحها يدور حول مدى توفر الطالب على ضخخمانات‬
‫عودته‪ ،‬ورفضخخها في حالة الريبة‪ ،‬ودهور مؤشخخرات تدل على االشخختباه في الطالب‪ ،‬أنه يشخخكل مشخخروع مهاجر في أوروبا‪،‬‬
‫كل ذلك جعل الشخباب المهاجر في إفريقيا‪ ،‬خاصخة‪ ،‬الذي يبحث عن سبل لتحسين وضعه االقتصادي‪ ،‬أو هروبا من الحرب‪،‬‬
‫وخالصخخخخا من العنف واالضخخخخطهاد‪ ،‬والتماسخخخخا لألمان والحماية في مكان وبلد آخر‪ ،‬أو لمجرد تحقيق حلم ولد وكبر في ذهن‬
‫الشخخخخخباب اإلفريقي‪ ،‬كل ذلك جعله‪ ،‬يبحث عن مسخخخخخارات بديلة للسخخخخخفر‪ ،‬خارج نطاق المعتاد القانوني‪ .‬والتحاقه بأقرب نقطة‬
‫جغرافية قريبة من أرض الحلم‪ ،‬فينتقي بين الخيارات‪ ،‬تبعا لعدة عوامل يرجحها‪ ،‬بما يصخل إلى سخماعه أو علمه من تجارب‬
‫ومغامرات سخخخخخخبقت ونالت النجاح‪ ،‬عن المجتمع الذي سخخخخخخيحل به ضخخخخخخيفا في انتظار تحقيق الحلم‪ ،‬وفي غالب األحيان يحط‬
‫االختيار على بلدان شمال إفريقيا‪ ،‬وخاصة المغرب‪ ،‬وهو ما فرض على المغرب اهتماما‪ ،‬وعبئا إضافيا‪.‬‬

‫غير أن طول انتظار مقام المهاجرين من الدول اإلفريقية‪ ،‬وجنوب الصخخخحراء لتحين ونجاح فرصخخخة الهجرة وبالتالي العبور‬
‫إلى أوروبا‪ ،‬أو تكرارها بعد محاولة‪ ،‬أو محاوالت آلت وباءت بالفشخخخل‪ ،‬وبسخخخبب عسخخخر المراقبات وشخخخدتها وكثافتها‪ ،‬جعلهم‬
‫يجدون أنفسخخخخخهم بحكم الواقع مع توالي األيام‪ ،‬والشخخخخخهور‪ ،‬والسخخخخخنين عالقين‪ ،‬في المغرب‪ ،‬وفي أماكن خاصخخخخخة‪ ،‬في الغابات‬
‫والجبال المتاخمة لمدينتي سخخخبتة ومليلية المحتلتين من قبل اإلسخخخبان‪ ،‬وفي وجدة‪ ،‬ومدينة طنجة‪ ،‬حيث يظهر لهم "الفردوس"‬
‫قريبا بالعين المجردة بعد أن كان مجرد حلم يراودهم طيلة مسخخخخخار الطريق‪ ،‬ويخففون به هول‪ ،‬ومتاعب‪ ،‬ومشخخخخخخاق‪ ،‬وجحيم‬
‫الهجرة ووعورتها‪ ،‬وهم يقطعون المسخخافات الطويلة إلى أقرب نقطة العبور وال يفصخخلهم عنها في المغرب‪ ،‬غير كيلومترات‬
‫معدودة‪ ،‬ال تتعدى ‪92‬كيلومترا من مياه البحر المتوسخخخخخخط‪ .‬كل ذلك جعل الغشخخخخخخاوة حول مدة مقامهم‪ ،‬التي طالت في انتظار‬
‫تحقيق الحلم؛ إذ أصبحوا مستقرين‪ ،‬ومقيمين بحكم الواقع‪ ،‬والقانون في المغرب‪.‬‬

‫وينحدر المهاجرون األفارقة‪ ،‬الذين وجدوا أنفسخخخخهم مضخخخخطرين‪ ،‬غير مختارين‪ ،‬لإلقامة بالمغرب بسخخخخبب عسخخخخر واسخخخختحالة‬
‫العبور‪ ،‬من بلدان إفريقية جنوب الصخخحراء متعددة ومختلفة‪ ،‬بحسخخب‪ ،‬لغتها‪ ،‬ودينها‪ ،‬والجهة التي كانت مسخخختعمرة لها‪ ،‬وفي‬
‫عالقاتها مع المغرب‪ ،‬وقد رصخخدت اإلحصخخائيات المختلفة‪ ،‬أن أصخخول المهاجرين من نيجيريا‪ ،‬ومالي‪ ،‬والسخخنغال‪ ،‬وأنجوال‪،‬‬
‫وساحل العاج‪ ،‬والكاميرون‪ ،‬وغامبيا‪ ،‬وغانا‪ ،‬وليبيريا‪ ،‬وسيراليون‪ .‬وهذا الترتيب‪ ،‬إنما تم وفقا وحسب حجم عدد المهاجرين‬
‫من كل دولة مشار إليها‪ ،‬من العدد األكبر إلى العدد األصغر‪.‬‬

‫وقد أدى هذا الواقع الجديد‪ ،‬والمفروض‪ ،‬على المهاجر والمغرب على حد سخخخخواء‪ ،‬إلى تغيير طال وصخخخخف المغرب‪ ،‬كدولة‪،‬‬
‫معروف عنها‪ ،‬أنها مصخخخخخدرة للمهاجرين‪ ،‬ثم بلد عبور خالل العقدين األخيرين‪ ،‬وبالضخخخخخبط منذ بداية التسخخخخخعينات من القرن‬
‫الماضي‪ ،‬إلى أنها بحكم الواقع والسياسة دولة استقبال‪ ،‬وخاصة مع نهاية العقد األول من القرن الحالي‪ ،‬الحادي والعشرين‪.‬‬
‫غير‪ ،‬أن الواقع الجديد‪ ،‬لم يسخبب إلغاء‪ ،‬أو إزاحة‪ ،‬أو تجريد المغرب من الئحة بقية الصفات التي اكتسبها سابقا‪ ،‬بل إن كل‪،‬‬
‫وكافة األوصخخاف والمميزات والسخخمات‪ ،‬اتحدت واجتمعت فيه كاملة‪ ،‬فالمغرب يظل دولة مصخخدرة للمهاجرين من مواطنيه؛‬
‫حيخخث حوالي ‪ %90‬من سخخخخخخكخخانخخه‪ ،‬مغتربين في مختلف بلخخدان العخخالم‪ ،‬و‪ %10‬منهم بخخأوروبخخا‪ ،‬كمخخا أن المغرب دولخخة عبور‬

‫‪5‬‬
‫واسخخختقبال للمهاجرين من دول الغير‪ ،‬وخاصخخخة من الدول اإلفريقية جنوب الصخخخحراء وغيرها من الدول العربية‪ ،‬وخاصخخخة‬
‫السخخوريين والعراقيين والليبيين‪ ،‬بنسخب متفاوتة‪ ،‬وبعض اآلسخخيويين‪ .‬دون أن يجعل ذلك من المغرب حالة فريدة في المنطقة؛‬
‫إذ تمخاثلخه مجموعخة من الخدول اإلفريقيخة ودول الجوار‪ ،‬منهخاا الجزائر‪ ،‬والسخخخخخخنغخال‪ ،‬والنيجر‪ ،‬وموريتخانيا‪ ،‬التي أصخخخخخخبحت‬
‫بدورها؛ دول عبور واستقبال‪.‬‬

‫وقد كانت اإلحصخائيات‪ ،‬التي مصدرها مديرية الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية‪ ،‬تتحدث عن أن عدد المهاجرين من‬
‫الدول اإلفريقية جنوب الصخخخخخخحراء‪ ،‬والذين كانوا يرابطون في غابات "كروتشخخخخخخا" قرب مدينة فرخانة‪ ،‬المتاخمة لمليلية‪ ،‬أو‬
‫غابة "بليونش" المحاذية لمدينة سخخخبتة‪ ،‬أو في غابة "كورو" قرب سخخخلوان بالنادور‪ ،‬وفي الشخخخرق بمدينة وجدة‪ ،‬ذات الحدود‬
‫مع الجزائر‪ ،‬النقطخة التي كخان يرحل إليها المهاجرون األفارقة من قبل السخخخخخخلطات المغربية‪ ،‬تنفيذا ألحكام‪ ،‬كانت تنعدم فيها‬
‫وفي اإلجراءات التي تمهخد لهخا شخخخخخخروط وضخخخخخخمخانخات المحخاكمخة العخادلة‪ ،‬أو في مدينة طنجة‪ ،‬القريبة جغرافيا من الجزيرة‬
‫اإليبيرية‪ ،‬يبلغ أربعين ألفا ‪ ،‬وهو أقصخخى العدد الذي أعلنه وزير الداخلية المغربي بمناسخخبة اإلفصخخاح عن نية المغرب تسخخوية‬
‫أوضخخخخخاع ‪ 210‬الجئا و‪ 41‬ألفا من المهاجرين‪ ،‬وأنه يوجد في المغرب ما بين ‪ 41‬ألفا و‪ 20‬ألف مهاجر في وضخخخخخعية إدارية‬
‫غير قانونية‪.‬‬

‫دول مصدر المهاجرين‪ :‬المسارات والمعابر‬

‫لم تثن شخخدة المراقبة وإغالق الحدود وتجريم الهجرة(‪ ،)2‬المهاجرين من دول جنوب الصخخحراء عن الهجرة‪ ،‬بقدر ما أثر ذلك‬
‫مباشرة في مسار الهجرة وحقوق المهاجرين؛ ألنها سياسات‪ ،‬لم تفلح في بلوغ هدف منع ومحاربة الهجرة‪ ،‬وألن ذلك لم يثن‬
‫المهاجرين جنوب الصخخخحراء من سخخخلوك السخخخفر في اتجاه نقط العبور األقرب‪ ،‬أو يدفعهم إلى اتخاذ قرار العودة إلى أوطانهم‬
‫وبلدانهم بعد اطالعهم على واقع الصخخخعوبة في السخخخفر‪ ،‬بقدر ما فتح المجال للبحث عن مسخخخارات جديدة هدفها الوصخخخول إلى‬
‫"الفردوس األوروبي"‪ .‬مسخخخخخخارات وطرق تمتخاز بكونهخا أكثر بعخدا‪ ،‬وأكثر خطورة‪ ،‬وهمخا عخامالن فرضخخخخخخهما‪ ،‬تفادي نقاط‬
‫التفتيش‪ ،‬والمراقبة برا‪ ،‬وتفادي البحرية الملكية المغربية‪ ،‬والقوات البحرية اإلسخخخخبانية‪ ،‬في البحر األبيض المتوسخخخخط‪ ،‬وعلى‬
‫طول شخخخخخخواطئ المغرب على المحيط األطلسخخخخخخي‪ ،‬وتفخخادي طلعخخات الوكخخالخخة األوروبيخخة لمراقبخخة الحخخدود الخخخارجيخخة لالتحخخاد‬
‫األوروبي‪ ،‬المادية والتكنولوجية(‪.)7‬‬

‫فأصخخبح المسخخار أكثر كلفة إنسخخانيا‪ ،‬بالنظر إلى عدد الضخخحايا الذين كانوا يموتون غرقا‪ ،‬والذي كان يربو على األربعين ألفا‬
‫في كل سخخنة‪ ،‬أو بالنظر إلى أعداد المفقودين المرتفعة بسخخببها‪ ،‬والذين لم يعرف لهم مصخخير‪ ،‬وتوجد قبور لضخخحايا مجهولين‬
‫في المدن السخخخاحلية اإلسخخخبانية‪ .‬ورغم عدم توقف الفعل والرغبة في الهجرة‪ ،‬واتخاذ المهاجر لسخخخبل أخرى بديلة‪ ،‬وفي بلدان‬
‫أخرى‪ ،‬فإن فعل المراقبة والتعاون المغربي مع أوروبا‪ ،‬أعطى نتائجه؛ حيث انخفض العدد سخخخخخنة ‪ ،4099‬ولم يتعد عدد من‬
‫لقوا حتفهم في عرض البحر‪ ،‬على مسختوى جبل طارق ألفا وخمسخمئة(‪ ،)8‬واستمر االنخفاض على هذه السواحل سنة ‪4091‬‬
‫إلى مئة‪ ،‬وسخخنة ‪ 4091‬إلى سخختة وتسخخعين ميتا‪ ،‬في مقابل ارتفاعه في مناطق أخرى‪ ،‬منها خط ليبيا‪-‬المبيدوزا‪ ،‬وليبيا‪-‬مالطا‪،‬‬
‫إلى أربعة آالف وسبعمئة واثنين وأربعين غريقا سنة ‪ ،4091‬وفي طريق اليونان إلى أربعمئة وتسعة وعشرين هالكا‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب وعورة المسالك وطولها وخطورتها‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وتدرج الدراسخخخات والباحثون والخبراء‪ ،‬الطريق المغربي‪ ،‬بمعابره الشخخخاطئية شخخخماال على البحر األبيض المتوسخخخط‪ ،‬وغربا‬
‫على األطلسخخخخخي‪ ،‬التي يبلغ طولها حوالي ثالثة آالف وخمسخخخخخمئة كلم‪ ،‬ضخخخخخمن المسخخخخخار األول‪ ،‬والثاني في مسخخخخخالك الهجرة‬
‫اإلفريقية(‪ ،)9‬إلى جانب كل من الجزائر وتونس‪ ،‬أما المسخخخخخخار الثالث‪ ،‬فهو الخط‪ ،‬من السخخخخخخواحل الغربية إلفريقيا نحو جزر‬
‫الكناري‪ ،‬ونقطه متعددة‪ ،‬وغالبا ما كان يتم االنطالق من الجنوب‪ ،‬ما بين أكادير أو بوجدور أو في سخخواحل العيون في اتجاه‬
‫تنيريفي‪ .‬بينما الطريق أو المسخخخخخخار الرابع‪ ،‬فهو الخط من مصخخخخخخر وليبيا في اتجاه إيطاليا ومالطا واليونان‪ ،‬وقد عبر منه مئة‬
‫وثالثة وسخخخخبعون ألفا وثمانية مهاجرين نحو أوروبا سخخخخنة ‪ ،4091‬بزيادة ثالثين ألفا عن العدد المسخخخخجل سخخخخنة ‪( 4091‬وهوا‬
‫‪ ،)922.501‬وهو الطريق الخذي دأب المهخاجرون على اتخخاذه‪ ،‬بخالنظر إلى مخا آلخت اليخه ليبيخا؛ حيث يشخخخخخخير التقرير األخير‬
‫لألوروبول إلى أن ثمخانمئخة ألف شخخخخخخخا يرابطون بليبيا من أجل العبور نحو أوروبا‪ ،‬وأن ‪ %10‬من الناجحين في العبور‬
‫عبروا على أيدي مافيات تهجير البشخخخر‪ ،‬ويرجع ذلك باألسخخخاس إلى الفوضخخخى‪ ،‬وتدهور بنية الدولة منذ الثورة‪ ،‬وحتى اآلن‪،‬‬
‫حيث لم يهتد فرقاء السياسة لتوافق حول السلطة يعيد لليبيا استقرارها‪.‬‬

‫ولكل طريق مميزاته‪ ،‬بحسخخخب صخخخنف المهاجرين الذين يسخخخلكونه‪ ،‬والغرض من اختيارهم للهجرة‪ ،‬فبينما يمتاز الخط األول‬
‫والثاني والثالث بالدافع االقتصادي للمهاجرين الذين يتخذونه(‪ )9‬بحثا عن فرص العمل في البلدان األوروبية لتحسين وضعهم‬
‫المادي‪ ،‬فإن الطريق الرابع يختلط فيه المهاجر االقتصخخخادي‪ ،‬بملتمسخخخي وطالبي الحماية واللجوء‪ ،‬بمعنى أنه يخضخخخع لمفهوم‬
‫الهجرة المزدوج‪ ،‬ذو الدوافع اإلنسانية والسياسية واالقتصادية في آن واحد‪ ،‬وقد بلغ عدد الذي انطلقوا منه خالل سنة ‪4092‬‬
‫ما يقارب مئة وسخبعين ألفا وسختمائة وأربعة وسختين شخخصا‪ ،‬وارتفع العدد بنسبة الثلث سنة ‪ ،4091‬حيث تمكن خمسة آالف‬
‫وأربعمئة وخمسة وأربعون شخصا من العبور منه إلى إسبانيا(‪.)11‬‬

‫ومثلما لم يكن سخخخخخهال‪ ،‬التمييز في دواعي ودوافع‪ ،‬اختيار المهاجرين للهجرة‪ ،‬والذين يدعون ويتذرعون دائما‪ ،‬االضخخخخخطهاد‬
‫والعنف والخوف على حياتهم‪ ،‬فإن هذا العسخخخخخخر يمتد إلى عمليات التعرف بدقة على كافة جنسخخخخخخيات المهاجرين الذين كانوا‬
‫يعبرون المغرب في اتجاه أوروبا‪ ،‬ألن سخخخخفرهم وتنقلهم وعبورهم غالبا ما يتم سخخخخرا‪ ،‬ويسخخخخلكون المسخخخخالك غير الخاضخخخخعة‬
‫للمراقبة‪ ،‬وال تخضخخع للتصخخريح‪ ،‬وإن فوجئوا وبوغتوا‪ ،‬وتعرضخخوا للتوقيف‪ ،‬لوقوعهم في قبضخخة الدرك الملكي المغربي‪ ،‬أو‬
‫أفراد شخخخخخرطة األمن الوطني‪ ،‬أو القوات المسخخخخخخاعدة‪ ،‬فإنهم غالبا ما يسخخخخخخافرون بدون أوراق هوية‪ ،‬أو يدلون بهويات مزيفة‬
‫ووهمية‪ ،‬وال يفصحون عن حقيقة جنسيتهم مخافة ترحيلهم مباشرة إلى بلدانهم‪.‬‬

‫المغرب وإقامة المهاجرين‪ :‬صعوبات االندماج وضعف اإلمكانيات‬

‫اعتمد المغرب سخخنة ‪ 4092‬عملية تسخخوية الوضخخعية اإلدارية للمهاجرين فوق إقليمه‪ ،‬وقد تمكنت السخخلطات المغربية عبر هذا‬
‫التدبير من تحديد مصخخخخدر المهاجرين بدقة‪ ،‬الشخخخختراطها اإلدالء بأوراق تثبت الهوية‪ ،‬وجواز السخخخخفر‪ ،‬أو ما يقوم مقامه‪ .‬وقد‬
‫يكون ذلك التعريف إحدى أولويات وغايات العملية‪ ،‬ومن أهداف ما كانت ترمي إليه االسخختراتيجية الجديدة في مجال الهجرة‬
‫واللجوء‪ ،‬إلدارة تدفق المهاجرين‪ ،‬بعد االهتداء إلى احتمال دس عناصر تشكل خطرا أمنيا وسط المهاجرين‪ ،‬وبهذه الطريقة‬
‫أعلن المغرب‪ ،‬عبر وزير داخليته‪ ،‬أن جنسخيات المهاجرين الذين تمت تسوية وضعياتهم اإلدارية أو المقدمين للطلبات خالل‬
‫سخخنة ‪ ،4092‬توزعت على ‪ 991‬دولة‪ ،‬ووفقا لما صخخدر عن أمين المجلس الوطني لحقوق اإلنسخخان‪ ،‬من إحصخخائيات‪ ،‬والتي‬

‫‪7‬‬
‫أعلنها من جنيف‪ ،‬بتاري ‪ 91‬يونيو‪/‬حزيران ‪ ،4091‬فإن عملية التسخخخخوية شخخخخملت ‪ %14‬من بين ‪ 41‬ألف وأربعمئة وثالث‬
‫وستين حالة‪ ،‬منهم عشرة آالف من النساء‪ ،‬كما تم قبول خمسمائة وسبعة وسبعون طلبا للجوء‪.‬‬

‫وتجدر اإلشخارة إلى أن اإلحصخائيات الرسمية‪ ،‬تتباين‪ ،‬وتتناقض‪ ،‬عند مقارنتها بباقي األرقام‪ ،‬التي تكشف عنها وكالة حماية‬
‫الحخخدود األوروبيخخة الخخخارجيخخة‪" ،‬فرانتيكس"‪ ،‬أو جمعيخخات المجتمع المخخدني المغربيخخة؛ ومنهخخاا المركز المغربي للحريخخات‬
‫والحقوق‪ ،‬وجمعية كوديم‪ ،‬والجمعية المغربية لحقوق اإلنسخخخان‪ ،‬وجمعية ضخخخحايا الهجرة السخخخرية؛ حيث ثبت لها عدم اهتمام‬
‫مجموعة كبيرة من المهاجرين من الدول جنوب الصخخخحراء بالعملية‪ ،‬وعدم اكتراثهم بها‪ ،‬بل إنهم ينظرون إليها بعين الريبة‪،‬‬
‫ويعتقدون أنها ستثنيهم عن هدفهم الكبير في السفر والهجرة إلى أوروبا‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فالعملية لم تنسحب على كافة المهاجرين؛ ألنها وضعت شروطا لالستفادة منها‪ ،‬والخضوع لهذه الشروط‬
‫أقصخخخخخخى جزءا كبيرا منهم؛ وهو مخا يجعل العدد الرسخخخخخخمي المعلن غير جدير باالطمئنان إليه‪ ،‬عند مقارنته بعدد االعتقاالت‬
‫السخخخخخخنوية‪ ،‬التي تعلنها وزارة العدل‪ ،‬والتي كانت تتراوح بين ‪ 41‬ألفا وثالثين ألفا عن كل سخخخخخخنة‪ ،‬وكذا مقارنة بعدد الطلبات‬
‫المسخخج لة في عمليات تسخخوية األوضخخاع اإلدارية‪ ،‬التي أطلقها المغرب بمقتضخخى المرسخخوم الملكي لتسخخوية الوضخخعية اإلدارية‬
‫للمهاجرين‪ ،‬وكلها تشخخخير إلى أن العدد يفوق العدد المعلن عنه بكثير‪ ،‬ويقترب من ‪ 10‬ألفا ونيف‪ ،‬وأقرت السخخخلطات المغربية‬
‫ضمنيا بصحة هذه المعلومات بإطالقها فعليا للنسخة الثانية للتسوية يوم الخميس ‪ 91‬ديسمبر‪/‬كانون األول ‪.4091‬‬

‫التعقيدات القانونية التي تطرحها الهجرة اإلفريقية للمغرب‬

‫صخخار المغرب شخخريكا أسخخاسخخيا للسخخياسخخة األوروبية في ميدان الهجرة‪ ،‬منذ مارس‪/‬آذار سخخنة ‪ ،9114‬بتوقيعه على أول اتفاقية‬
‫تسخخخخخمح إلسخخخخخبانيا بترحيل المهاجرين المغاربة(‪ ،)11‬الذين يعبرون إليها بطريقة غير قانونية وغير نظامية‪ ،‬وأعقباها باتفاقية‬
‫أخرى سخخنة ‪ ،4001‬تسخخمح إلسخخبانيا بترحيل مهاجرين مغاربة من القاصخخرين غير المرافقين‪ ،‬وهي االتفاقية التي جرت على‬
‫المغرب انتقادات‪ ،‬من طرف المنظمات غير الحكومية‪ ،‬لعدم تقديرها للمصخلحة الفضلى والعليا للطفل‪ ،‬قبل الترحيل‪ .‬وأخيرا‬
‫اتفاقية ‪ ،4094‬التي يسخخمح المغرب بموجبها بعودة المهاجرين من غير مواطنيه إليه‪ ،‬أو ما يسخخمى في الصخخحافة اإلسخخبانية‪،‬‬
‫بالعودة فوق المياه الدافئة‪.)12()las devoluciones en agua caliente de subsaharianos( ،‬‬

‫بيخخد أن عخخدم تحقيق الخخدول األوروبيخخة منفردة للنتخخائج المرجوة‪ ،‬من تخخدبير الهجرة في إطخخار ثنخخائي مع دول الجنوب‪ ،‬منهخخا‬
‫المغرب‪ ،‬بسخخبب تمرد مجموعة من الدول اإلفريقية على االنخراط ألسخخباب مختلفة‪ ،‬وبالتحديد دولة مالي‪ ،‬جعل دول االتحاد‬
‫األوروبي‪ ،‬تلجخأ إلى الحخل الثخاني بخالتعخامل الخارجي مع الدول المعنية بالهجرة مباشخخخخخخرة‪ ،‬عن طريق التحرك الجماعي في‬
‫المفاوضخخات‪ ،‬لفرض وإجبار دول الجنوب‪ ،‬منها المغرب‪ ،‬على القبول بشخخروطها‪ .‬وهكذا‪ ،‬أصخخبح المغرب في إطار االتحاد‬
‫من أجخل المتوسخخخخخخط‪ ،‬أو في إطار الوضخخخخخخع المتقدم مع االتحاد األوروبي‪ ،‬أو في إطار االتفاق من أجل الشخخخخخخراكة والهجرة‬
‫وحركية األشخخخخخاص‪ ،‬بتاري ‪ 1‬يونيو‪/‬حزيران ‪ ،4095‬مع تسخخخخع دول أوروبية‪ ،‬ملزما بقبول اسخخخختقبال األجانب‪ ،‬وخاصخخخخة‬
‫األفارقة من الدول جنوب الصحراء المرحلين من لدن االتحاد األوروبي من فوق أراضيه‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وهكخذا‪ ،‬فبعدما فرض بدءا على المغرب‪ ،‬في إطار المقاربة الشخخخخخخمولية للهجرة‪ ،‬تجريم حق التنقل‪ ،‬في إطار المادة ‪ ،10‬من‬
‫قانون دخول وإقامة األجانب والهجرة غير الشخخرعية‪ ،‬ضخخدا على روح المادة ‪ 95‬من االتفاق العالمي لحقوق اإلنسخخان‪ ،‬الذي‬
‫يضخخخخخخمن لكل شخخخخخخخا الحق في مغادرة أي بلد‪ ،‬بما في ذلك بلده‪ ،‬والعودة إليه‪ ،‬ونفس الحق أكد عليه العهد الدولي الخاص‬
‫بالحقوق المدنية والسخخياسخخية‪ .‬فإن انخراط المغرب في سخخياسخخة إغالق الحدود مع أوروبا‪ ،‬وقبوله بترحيل المهاجرين األفارقة‬
‫إليخه‪ ،‬أثر في ن فس الوقت على حق المهاجرين من دول جنوب الصخخخخخخحراء‪ ،‬في التماس الحماية عبر نظام اللجوء في البلدان‬
‫األوروبية‪ ،‬خالصخخخخا وهربا من العنف والحروب واالضخخخخطهاد‪ ،‬وهو الحق الكفول بمقتضخخخخى المادة ‪ 92‬من اإلعالن العالمي‬
‫لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وهذا القبول المغربي بترحيل المواطنين من دول الغير إليه‪ ،‬والمسخخخخمى أيضخخخخا بالترحيل الفوري‪ ،‬والمخالف للقانون الدولي‬
‫للهجرة‪ ،‬والقانون الدولي لحقوق اإلنسخخخخان؛ ألنه يكون مجردا من الضخخخخمانات القانونية‪ ،‬التي تفرض إقراره بحكم قضخخخخائي‪،‬‬
‫و تنفيخذه تحخت مراقبخة قضخخخخخخائيخة‪ ،‬تنتج عنخه تخداعيخات لعالقخات المغرب مع الخدول اإلفريقية‪ ،‬مصخخخخخخدر المهاجرين المرحلين‬
‫والمطرودين‪ .‬هذه العالقات التي يوليها المغرب أهمية واهتماما خاصين‪ ،‬بدليل صياغته لسياسة واستراتيجية جديدة لعالقاته‬
‫مع الدول اإلفريقية‪ ،‬يتخذ فيها شخخخخا الملك دورا محوريا‪ ،‬والمحرك األسخخخاسخخخي فيها‪ ،‬ودعت تضخخخامنا منه مع هذه الدول‪،‬‬
‫ومن منطلق إنساني‪ ،‬إلى إطالق المغرب لحملة تطبيع أوضاع المهاجرين سنة ‪ ،4092‬واإلعالن عن بدء فترة ثانية لعمليات‬
‫التسخوية اإلدارية ألوضاع المهاجرين فوق إقليمه في منتصف ديسمبر‪/‬كانون األول ‪4091‬؛ ألن المغرب في غنى عن قبول‬
‫الخضخخخوع لتدابير ترحيل المهاجرين فوق أراضخخخيه لخرقها لحقوق اإلنسخخخان الملتزم بمقتضخخخياتها‪ ،‬ولحاجته لضخخخمان ود كافة‬
‫الدول اإلفريقية‪ ،‬حضنه الطبيعي‪ ،‬ضمانا لمواقفها السياسية لصالح قضاياه الحيوية واالستراتيجية‪.‬‬

‫وقخد كخان االتفخاق المغربي‪-‬األوروبي هخدفخا لمنظمخات حقوقيخة‪ ،‬منهخا منظمخة هيومخان رايتس وتش‪ ،‬التي طالبت بمنع ترحيل‬
‫المهاجرين إلى المغرب من سخخبتة ومليلية(‪ .)13‬ونتج عن هذه التدابير‪ ،‬قبل سخخنة ‪ ،4092‬تاري إطالق العملية األولى لتسخخوية‬
‫أوضخخاع إدارية إلقامة المهاجرين‪ ،‬أن وجد آالف األشخخخاص أنفسخخهم يتحركون مكرهين بسخخبب الطرد وسخخط مناطق محددة‪،‬‬
‫من المغرب إلى الجزائر وموريتخانيخا ليبقى هخذا السخخخخخخينخاريو قخائمخا من الجزائر إلى مخالي والنيجر‪ ،‬ومن موريتخانيخا في اتجاه‬
‫السنغال ومالي‪ ،‬ومن ليبيا في اتجاه النيجر ومالي‪.‬‬

‫فالطرد الجماعي‪ ،‬يخرق حقوق اإلنسان‪ ،‬المنصوص عليها في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪ ،9122‬والعهدين الدوليين‪،‬‬
‫واتفاقية حقوق المهاجرين وأفراد أسخرهم‪ ،‬واالتفاقية الدولية ‪ ،9115‬واتفاقية ‪ ،9119‬الخاصة باللجوء‪ ،‬وبروتوكول ‪،9111‬‬
‫واالتفاقية الدولية لحقوق الطفل ‪ ،9121‬والتزام المغرب وإسخخخبانيا وفقا للقانون الدولي لحقوق اإلنسخخخان وطبقا لدسخخختوريهما ‪-‬‬
‫إسخخخبانيا المادة ‪ 95‬من دسخخختور ‪ ،9112‬والقانون ‪ ،4001/4‬والقانون التنظيمي ‪ ،4099/111‬واتفاقية دبلن ‪ 4002‬الخاصخخخة‬
‫بالقواعد المشخختركة للجوء في أوروبا‪ ،‬والمغرب في ديباجة دسخختور الفاتح من يونيو‪/‬حزيران ‪ -4099‬وفي قوانينهما الداخلية‬
‫بحماية حق التنقل وتوفير الحماية وعدم الطرد الجماعي‪ ،‬وضخرورة أن يتم الطرد وفقا للقانون وتحت إشراف قضائي وعدم‬
‫شمول األطفال القاصرين به‪.‬‬

‫كما أن تداعيات داهرة الهجرة داخليا‪ ،‬اتخذت طابعا اجتماعيا وحقوقيا وإنسخخخانيا‪ ،‬خاصخخخة بعد ما أسخخخفر الواقع الجديد‪ ،‬الذي‬
‫يطبعه اتخاذ المهاجرين األفارقة للمغرب موطنا ومستقرا لهم‪ ،‬وتفاعله مع واقع مغربي في كافة تجلياته‪ ،‬عن بروز نوع من‬
‫ردات فعل مجتمعية‪ ،‬بالرفض أحيانا‪ ،‬تجسخدت في أعمال عنف‪ ،‬واصخخطدامات أحيانا‪ ،‬بين المواطنين المغاربة والمهاجرين‪،‬‬
‫بسخبب االحتكاك‪ ،‬أو تتخذ شكل تعبيرات أو كتابات أو سلوكيات عنصرية‪ ،‬أو جرائم‪ ،‬ويتم السيطرة عليها‪ ،‬واحتواؤها أمنيا‪،‬‬

‫‪9‬‬
‫وتصخخخخاحبها مبادرات محتشخخخخمة للمجتمع المدني‪ ،‬بحمالت التوعية والتحسخخخخيس‪ ،‬مثل مبادرة "ماشخخخخي سخخخخميتي عزي"‪ .‬وهذا‬
‫الوضع هو نسخة طبق األصل لسابق ما عاشته إسبانيا خالل بداياتها مع الهجرة‪ ،‬سواء مع المغاربة‪ ،‬أو األفارقة(‪.)14‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما يدور جوهر وموضخخخخخخوع األحداث‪ ،‬حول انتهاكات لحقوق المهاجرين‪ ،‬قد يصخخخخخخل حد انتهاك الحق في الحياة‪ ،‬أو‬
‫ضخخخخخخلوع المهخاجرين في قالقخل ومشخخخخخخاكخل اجتمخخاعيخة‪ ،‬أو تحولهم لفخاعلين لجرائم تمس بحقوق وممتلكخخات بخاقي المواطنين‪،‬‬
‫كاحتاللهم لمسخخاكن في حي بوخالف بطنجة شخخمال المغرب‪ ،‬وهو ما يسخختدعي التفكير في سخخياسخخة اندماج حقيقية‪ ،‬من شخخأنها‬
‫ضخمان التوازن بين كفالة حقوق المهاجرين األسخاسخية‪ ،‬وتحسخيسهم وتوعيتهم باالمتثال للقوانين‪ ،‬وضمان حقهم في التقاضي‬
‫وولوج العدالة‪ ،‬وباقي الحقوق األخرى مثل التغطية الصخخخخحية‪ ،‬وشخخخخمولهم بنظام "راميد" على غرار ما تسخخخختفيد منه الفئات‬
‫المعوزة في المجتمع‪ ،‬في إطار اإلمكانيات االقتصخخخادية المتاحة‪ ،‬وأن يتم تدبير كل المشخخخاكل التي تعترض اإلدارة والمجتمع‬
‫تحت إشراف قضائي‪.‬‬

‫المقاربة المغربية‪ :‬الحلول الممكنة في ظل عمليات التسوية‬

‫اختلفخت وتنوعخت طرق تعخامخل المغرب مع الهجرة والمهخاجرين‪ ،‬واتخخذت صخخخخخخيغخا عخديدة ومتعددة‪ ،‬لكنها تتحد في دواعي‬
‫إقرارها‪ ،‬إما تلبية واسختجابة ألداء التزام اتفاقي‪ ،‬أو تعاقدي‪ ،‬أو سخياسي أو أمني‪ ،‬وهو الغالب‪ ،‬أو إنساني‪ ،‬وقد دشن المغرب‬
‫السخخياسخخة األولى بتشخخديد المراقبة لسخخواحله‪ ،‬في الشخخمال على المتوسخخط‪ ،‬كما في الغرب على المحيط األطلسخخي‪ ،‬قبالة جزر‬
‫الكنخاري‪ ،‬بخاإلضخخخخخخافخة إلى تأهيل مودفيه من شخخخخخخرطة الحدود العاملة في نقط العبور‪ ،‬ثم تأهيل ترسخخخخخخانته القانونية لتواكب‬
‫التغيرات والتطورات الجخديخدة‪ ،‬في عخالم جرائم التزوير والتزييف للهويات والوثائق وانتحالها‪ ،‬وتأهيل فرق مكافحة الجرائم‬
‫وتفكيك العصخخابات المتخصخخصخخة في ميدان تهريب البشخخر؛ حيث بلغ عدد الشخخبكات المفككة خالل سخخنة ‪ 4092‬وحدها ‪901‬‬
‫شخخخبكات تتاجر في البشخخخر‪ ،‬وهو ما انعكس انخفاضخخخا‪ ،‬في النتائج السخخخنوية الخاصخخخة بأعداد العابرين بطريقة غير قانونية إلى‬
‫أوروبا‪ ،‬الذي لم يتجاوز ‪ ،9100‬أو في انخفاض عدد الغرقى‪ ،‬وفي عدد االعتقاالت‪ ،‬أو في تغيير مسارات الهجرة إلى بلدان‬
‫ونقط أخرى‪.‬‬

‫إال أن جديد السخخخخخياسخخخخخة المغربية يكمن في عملية التطبيع‪ ،‬التي نهجها المغرب منذ يناير‪/‬كانون الثاني ‪ ،4092‬باتخاذه قرار‬
‫تسخخخوية األوضخخخاع اإلدارية لالجئين والمهاجرين‪ ،‬في إطار الرؤية الجديدة والشخخخاملة للهجرة‪ ،‬والمعبر عنها تارة‪ ،‬بالسخخخياسخخخة‬
‫الجخديدة للمغرب في ميدان الهجرة‪ ،‬وتارة أخرى باالسخخخخخختراتيجية الجديدة في مجال الهجرة واللجوء‪ ،‬والتي عبر عنها الملك‬
‫أول مرة‪ ،‬في سبتمبر‪/‬أيلول سنة ‪ ،4095‬بحث ه للوزراء المتدخلين‪ ،‬في العدل والداخلية والخارجية‪ ،‬إلى المبادرة إلى إصالح‬
‫سخياسخة اسختقبال المهاجرين على التراب المغربي‪ ،‬على إثر ما توصل إليه المجلس الوطني لحقوق اإلنسان في تقريره‪ .‬وهو‬
‫ما مكن من تسخوية وضخعية ما يناهز‪ ،‬سبعة عشر ألفا وتسعمئة وستة عشر شخصا خالل سنة ‪ ،4092‬وتمثل ‪ %10‬من عدد‬
‫المهاجرين في وضخخخخخعية إدارية غير قانونية‪ ،‬حسخخخخخب تصخخخخخريح وزير الداخلية المغربي‪ ،‬كما تمت االسخخخخختجابة لكافة طلبات‬
‫التسوية الخاصة باألطفال والنساء‪.‬‬

‫وبالرغم من الوصخخخخف الذي أطلق على هذه المبادرة المغربية‪ ،‬واعتبارها اسخخخختثناء في المنطقة‪ ،‬وال شخخخخك في ذلك‪ ،‬مثلما ال‬
‫ريب في شخجاعة المغرب في اإلقدام على تلك السخياسخة‪ ،‬التي أصخبحت مع تواليها بإطالق حملة ثانية‪ ،‬ديسخمبر‪/‬كانون األول‬

‫‪10‬‬
‫‪ ،4091‬سخخخخخخياسخخخخخخة مهيكلة‪ ،‬إال أن ذلك السخخخخخخبق ال يلغي اإلقرار بأن العملية ككل‪ ،‬في جوهرها‪ ،‬وحقيقتها‪ ،‬هي مجرد تطبيع‬
‫ألوضخخخخخخاع‪ ،‬عن طريق تنزيل ا لتزام قانوني دولي‪ ،‬أخذه المغرب على عاتقه من ذي قبل‪ ،‬سخخخخخخواء في القانون الدولي لحقوق‬
‫اإلنسخخخخان‪ ،‬أو القانون الدولي للهجرة‪ ،‬والشخخخخرعية الدولية‪ ،‬بتوقيعه ونشخخخخره لمجموعة من المواثيق‪ ،‬واالتفاقيات‪ ،‬والمعاهدات‬
‫الدولية‪ ،‬التي أصخبحت ‪-‬وفقا لمكانة المعاهدات الدولية الموقعة والمنشخورة في الجريدة الرسخمية المغربية‪ -‬جزءا من تشريعه‬
‫الوطني‪ ،‬تفرض عليخه احترامهخا وتطبيقهخا‪ ،‬وكفخالخة الحقوق والحريخات الواردة فيهخا‪ ،‬لألجانب الموجودين فوق إقليمه‪ ،‬تنفيذا‬
‫لمقتضخخخخخخيات تلك االتفاقيات‪ ،‬وانسخخخخخخجاما مع الدسخخخخخختور المغربي‪ ،‬للفاتح من يوليو‪/‬تموز ‪ ،)15(4099‬الذي ينا على مكانة‬
‫االتفاقيات والمعاهدات الدولية في عالقتها بالقوانين الوطنية‪ ،‬ويضعها في مرتبة القوانين الداخلية الواجبة التطبيق(‪.)12‬‬

‫إال أن جرأة وشجاعة المغرب‪ ،‬في مطابقة‪ ،‬ومالءمة تدبيره لقواعد القانون الدولي؛ فال يؤول التدبير والقانون المتخذ للمثالية‬
‫والكمال‪ ،‬ألنه لن يكون قمينا بتحقيق الهدف والمبتغى‪ ،‬ما لم تكن السخياسة مصحوبة بسياسة اندماج وإدماج المهاجرين‪ ،‬عبر‬
‫مداخله في الشخخخخخخغل والتكوين والتعليم‪ ،‬وتمكينهم من حقهم في الصخخخخخخحة والسخخخخخخكن وغيرها‪ ،‬بما يضخخخخخخمن كرامة المهاجرين‬
‫األفارقة‪ ،‬الذين تعيش مجموعة منهم اآلن على التسخخخخخخول‪ ،‬وهو كفالة سخخخخخختبقى محدودة‪ ،‬ودون تلبية لكافة حقوق المهاجرين‪،‬‬
‫ودون انتظارات وطموحات الحقوقيين‪ ،‬والجمعيات غير الحكومية‪ ،‬التي تشخختغل في موضخخوع الهجرة‪ ،‬مع اإلشخخارة‪ ،‬إلى أن‬
‫ذلك القصخخخور في الحقوق والحاجات والضخخخرورات‪ ،‬لم يكن ليطول المهاجرين وحدهم‪ ،‬بل يمتد ليطول المواطنين واألجانب‬
‫على السواء‪ ،‬دون تمييز‪ ،‬فيما بينهم‪ ،‬وهو مرتبط بتكلفة الهجرة على الصعيدين االقتصادي والسياسي(‪١)91‬‬

‫خاتمة‬
‫لقد وجد المغرب نفسخه‪ ،‬من حيث ال يحتسب‪ ،‬أمام معادلة صعبة(‪ )18‬وامتحان عسير؛ قوامه كيف يجد االنسجام بين ملتمساته‬
‫وطلباته ومرافعاته بتوفير وكفالة حقوق المهاجرين المغاربة في الدول األوروبية التي يتم هضمها دون أن يكون ذلك أولوية‬
‫دبلوماسخخية(‪ ،)19‬وبين الضخخرورة القانونية‪ ،‬واألخالقية بضخخمان نفس الحقوق للمهاجرين األفارقة بالمغرب‪ ،‬في دل مصخخادقة‬
‫المغرب على مجموعة من االتفاقيات الدولية لصخالح تلك الفئة‪ ،‬وفي دل موارد متواضخعة من جهة‪ ،‬وبين ضرورة اإلذعان‬
‫والخضخخخخوع لمجموع القواعد واإلجراءات والتدابير المادية والتعاقدية‪ ،‬غير المطابقة لحقوق اإلنسخخخخان بين المغرب واالتحاد‬
‫األوروبي ككتلة جماعية‪ ،‬وبين المغرب والدول أعضخخخاء نفس االتحاد في إطار اتفاقات ثنائية‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬يضخخخاف إليه‬
‫إكراه والتزام آخر‪ ،‬هوا كيف يحافظ المغرب على حسخخخخخخن وجودة عالقاته مع الدول اإلفريقية أصخخخخخخل المهاجرين‪ ،‬في إطار‬
‫سياسة المغرب الجديدة في إفريقيا؟‬

‫غير أن تعخدد أطراف معخادلة الهجرة‪ ،‬وصخخخخخخعوبة إدراك حل يحفظ االنسخخخخخخجام والتوازن بين حقوق كافة أطرافها ال يعطي‬
‫المبرر‪ ،‬وال يشخفع للمغرب وال لغيره في النيل من حقوق الطرف األساسي في المسألة‪ ،‬وهو شخا المهاجر‪ ،‬فهو اإلنسان‪،‬‬
‫تجب ضخمان وصخيانة حقوقه وحرياته األساسية‪ ،‬ووضعها فوق كل اعتبار آخر سياسي‪ ،‬أو مصلحي؛ فاإلنسان مكرم بطبعه‬
‫وأصله‪ ،‬بمقتضى القانون والشريعة‪.‬‬

‫فهل سخخخخخخيسخخخخخختدرك المغرب ذلك‪ ،‬وينتفض تمردا على مجموعة من االتفاقيات‪ ،‬التي تجمعه مع االتحاد األوروبي في ميدان‬
‫الهجرة‪ ،‬التي ال تحترم في جوهرهخا حقوق اإلنسخخخخخخان‪ ،‬وال تتطابق مع القانون الدولي لحقوق اإلنسخخخخخخان‪ ،‬خاصخخخخخخة بعد إلغاء‬

‫‪11‬‬
‫المحكمخة األوروبيخة لالتفخاق الزراعي بين المغرب واالتحخاد األوروبي‪ ،‬بداعي عدم مالءمة االتفاق لقاعدة قانونية في ميثاق‬
‫األمم المتحدة‪ ،‬وغضخخخب المغرب على المفوضخخخية األوروبية بادعائه عدم احترام أوروبا اللتزامها السخخخياسخخخي والتعاقدي مع‬
‫المغرب‪ ،‬وعخدم إقخامتهخا وزنخا واعتبخارا لمبخادراتخه‪ ،‬ومنها قراره الفريد بتطبيع وتسخخخخخخوية الوضخخخخخخعية اإلدارية لمجموعة من‬
‫المهاجرين‪ ،‬والالجئين فوق إقليمه؟‬

‫أم أن المغرب سخيرض للضغط السياسي‪ ،‬ويستسلم لحاجته له وللعائد المالي ويستمر في تسويق قدراته األمنية أمام أوروبا؛‬
‫فيقيم الحجة على هواجسخخخخخخه‪ ،‬ويقيم الريبة على حقيقة مبادرته‪ ،‬أن خلف دوافعها الحقوقية واإلنسخخخخخخانية والتضخخخخخخامنية تختفي‬
‫السخخياسخخية(‪ ،)21‬ويسخختمر رهينا‪ ،‬وملتزما وفيا بحراسخخة األبواب الخلفية لشخخنغن‪ ،‬التي تمتد حتى مدينتي سخخبتة ومليلية بطريقة‬
‫تسوية أوضاع األجانب اإلدارية فوق إقليمه؟‬
‫_____________‬
‫* خبير في القانون الدولي والهجرة ونزاع الصحراء‪.‬‬

‫اإلحاالت‬
‫(‪- la Europa de las migraciones, por una política proactiva de las inmigraciones.Marco Martinello. Bella tierra )9‬‬
‫‪.2003 página 66‬‬

‫(‪Memoria colonial e inmigración : la negritud en la España post franquista. Prólogo de Juan Goytisola. )4‬‬
‫‪Ediciones Bellaterra S GU Page22‬‬

‫(‪ )5‬اإلعخالن الخعخخخخالخمخي لخحخقخوق اإلنسخخخخخخخخخخان‪ ،‬لسخخخخخخخنخخخخة ‪ 9122‬الخمخخخخادة ‪ 92‬مخنخخخخه‪( ،‬تخم الختصخخخخخخخفخح فخي ‪ 41‬نخوفمبر‪/‬تشخخخخخخخرين الثخخخخاني ‪)4091‬ا‬
‫‪http://www.un.org/ar/documents/udhr/‬‬

‫(‪ )2‬انظرا األسخختاذة بن بوعزيز آسخخية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬سخخياسخخة االتحاد األوروبي في مواجهة الهجرة غير الشخخرعية (تم التصخخفح في ‪ 5‬ديسخخمبر‪/‬كانون‬
‫األول‪)4091‬ا‪http://www.revue-dirassat.org/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%81%D9%8A-‬‬
‫‪%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9 -%D8%A7%D9%84%D9%87/‬‬

‫(‪Los otros la deportación de los "sin" papeles en Europa, Stoop, Chris de Barcelona: Bellaterra, 1999. )1‬‬

‫(‪ )1‬انخظرا قخخخخانون دخول وإقخخخخامخخخخة األجخخخخانخخخخب بخخخخالمغرب والهجرة غير الشخخخخخخخرعيخخخخة (تم التصخخخخخخخفح في ‪ 4‬ديسخخخخخخخمبر‪/‬كخخخخانون األول ‪)4091‬ا‬
‫‪http://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldo c=y&docid=54294e874‬‬

‫(‪ )1‬انظرا نخازحون‪ ،‬الجئون ومهخاجرون‪ ..‬هخل تحول النخادور إلى "الفردوس" اإلفريقي؟‪( ،‬تم التصخخخخخخخفح في ‪ 9‬ديسخخخخخخخمبر‪/‬كانون األول ‪)4091‬ا‬
‫‪http://www.nadorcity.com/%D9%86%D8%A7%D8%B2%D8%AD%D9%88%D9%86%D8%8C -‬‬
‫‪%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D9%88%D9%86-‬‬
‫‪%D9%88%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%AC%D8%B1%D9%88%D9%86 -%D9%87%D9%84-‬‬
‫‪%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B8%D9%88%D8%B1 -%D8%A5%D9%84%D9%89-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%B3 -‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%9F_a25541.html‬‬

‫(‪ )2‬انخخظخخرا إدريخخس لخخكخخريخخنخخي‪ ،‬تخخقخخريخخر عخخن نخخخخدوة الخخهخخجخخرة والخخلخخجخخوء بخخخخالخخمخخغخخرب (تخخم الخختصخخخخخخخفخخح فخخي ‪ 5‬ديسخخخخخخخمخخبخخر‪/‬كخخخخانخخون األول ‪)4091‬ا‬
‫‪http://www.tanmia.ma/15-16-2008/‬‬

‫(‪ )1‬انظرا حسين مجدوبي‪ 9 ،‬نوفمبر ‪ 9122‬غرق أول ضحية للهجرة السرية وكان مغربيا…‪ 40‬إبريل ‪ 4091‬أكبر فاجعة بغرق ‪…200‬ويستمر‬
‫الخخخخخخعخخخخخخالخخخخخخم يخخخخخختخخخخخخفخخخخخخرج (تخخخخخخم الخخخخخختصخخخخخخخخخخخخفخخخخخخح فخخخخخخي ‪ 2‬ديسخخخخخخخخخخخخمخخخخخخبخخخخخخر‪/‬كخخخخخخانخخخخخخون األول ‪)4091‬ا‪http://alifpost.com/1-‬‬
‫‪%D9%86%D9%88%D9%81%D9%85%D8%A8%D8%B1-1988-%D8%BA%D8%B1%D9%82-‬‬
‫‪%D8%A3%D9%88-%D8%B6%D8%AD%D9%8A%D8%A9-‬‬
‫‪%D9%84%D9%84%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%83%D8%A7%D9%86/‬‬
‫(‪10see: Mediterranean Update )90‬و )‪Migration Flows Europe: Arrivals and Fatalities (visited December 10, 2016‬‬
‫‪http://migration.iom.int/docs/MMP/Mediterranean_Update_13_DEC_2016.pdf‬‬

‫‪12‬‬
‫(‪ )99‬انظرا صبري الحو‪ ،‬االتفاق المغربي اإلسباني للترحيل الفوري للمهاجرين مخالف للقانون الدولي وللدستور وللقوانين الداخلية في البلدين‪( ،‬تم‬
‫التصفح في ‪ 90‬ديسمبر‪/‬كانون األول ‪)91-4‬ا‬
‫‪http://alifpost.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82 -‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A -‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A-‬‬
‫‪%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%81/‬‬

‫(‪ )94‬انظرا صخخخخخخخبري الحو‪ ،‬الربخخاط‪-‬مخخدريخخد لترحيخخل المهخخاجرين يخخخالف القخخانون الخخدولي‪( ،‬تم التصخخخخخخخفح في ‪ 2‬ديسخخخخخخخمبر‪/‬كخخانون األول ‪)4091‬ا‬
‫‪http://www.hespress.com/writers/167161.html‬‬

‫(‪See:Así son las devoluciones en caliente en Melilla, según los agentes de la frontera (visited December 82016) )95‬‬
‫‪http://www.eldiario.es/desalambre/devoluciones-caliente-Melilla-agentes-frontera_0_382162538.html‬‬

‫(‪ )92‬نفس المستند المشار إليه في اإلحالة رقم ‪.4‬‬

‫(‪África en diáspora movimientos de población y políticas estatales Ferran Iniesta [ed] Fundación CIDOB 2007 )91‬‬
‫‪.page 137‬‬
‫(‪la presión migratoria es antigua. Hay que abrir las fronteras. Catherine Wihtol de wenden prólogo de Antonio )91‬‬
‫‪Izquierdo. La biblioteca de los ciudadane-Bellaterra 2000pages 24et 74‬‬

‫(‪ )91‬تقرير موضخخوعاتي‪ ،‬حول وضخخعية المهاجرين بالمغرب‪ ،‬المجلس الوطني لحقوق اإلنسخخان ‪ 1‬سخخبتمبر‪/‬أيلول ‪ .4095‬وانظر كذلك تقرير منظمة‬
‫العفو الدولية حول المهاجرين المخادعينا ‪Pourquoi le rapport d'Amnesty International sur les migrants est malhonnête‬‬
‫‪(visited December 4, 2016) http://www.lefigaro.fr/vox/societe/2016/02/24/31003 -20160224ARTFIG00197-‬‬
‫‪pourquoi-le-rapport-d-amnesty-international-sur-les-migrants-est-malhonnete.php‬‬

‫(‪ )92‬انظرا لوجورنال إنترناسخخيونالرترجمةا هشخخام تسخخمارت‪ ،‬متاعب تتهدد المغرب بعد إلقاء أوروبا كرة المهاجرين في ملعبه‪( ،‬تم التصخخفح في ‪95‬‬
‫ديسمبر‪/‬كانون األول ‪)4091‬ا ‪http://www.hespress.com/societe/149481.html‬‬
‫(‪ )91‬انظرا صخخخخخخبري الحو‪ ،‬المهاجرون بإسخخخخخخبانيا بين شخخخخخخدة األزمة وبؤس عمل الحكومة‪( ،‬تم التصخخخخخخفح في ‪ 91‬ديسخخخخخخمبر‪/‬كانون األول ‪)4091‬ا‬
‫‪http://www.nashess.com/old/auteur-774.html#.WFdsNLAcQ_w‬‬

‫(‪ )40‬انظرا العفو الدولية تطالب إسخبانيا بتعليق التعاون في مجال الهجرة مع المغرب بسخبب الخروقات‪ ،‬في موقع "ألف بوسخت" (تم التصفح في ‪92‬‬
‫ديسخخخخخخخخخخخخخمخخخخخخخبخخخخخخخر‪/‬كخخخخخخخانخخخخخخخون األول ‪)4091‬ا‪http://alifpost.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%81%D9%88 -‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9 -‬‬
‫‪%D8%AA%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8-‬‬
‫‪%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-‬‬
‫‪%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA/‬‬

‫‪13‬‬

You might also like