Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 124

‫مقاالت في ديداكتيك علوم الحياة واألرض‬

‫من انجاز المفتشين التربوريين‪:‬‬

‫‪ -‬صاحل الهكيوي‬ ‫‪ -‬محمد الفىت‪:‬‬


‫‪ -‬عبد اللطيف فرعي‬ ‫‪ -‬عىل أيتحسني‬
‫مصطل ُح الديداكتيك أو التربية الخاصة‪ ،‬أو منهجية التدريس‪ ،‬أو التدريسية‪ ،‬أو التعليمية) يُحيل إلى المنهج المتبَع في‬
‫تقديم التعلمات من المعلم إلى المتعلم؛ وما يَستدعيه ذلك من َفهم وعمق ودراية بالمادة المق َّدمة‪ ،‬وطبيعة المتعلمين‬
‫وسياقات أخرى كثيرة ُتراعى عند التخطيط للتع ُّلمات‪ ،.‬وهو منهج عام يشم ُل موا َّد متعددة (ديداكتيك عام)‪ ،‬كما يمكن ان‬
‫يكون خاص بمادة معينة (ديداكتيك خاص)‪،‬هذا األخير يحيل إلى المنهج المتبع لنقل مادة من المواد التعليمية‪ ،‬تشمل‬
‫الخطواتِ والمراح َل واألنشطة واألهداف والعمليات ومؤشرات التقويم‪...‬‬
‫الديداكتيك يركز على‪ :‬المعلم والمتعلم والمحتوى والسيناريو البيداغوجي ‪.‬وهو مربع ديداكتيكي متفاعل‪.‬‬
‫صا مستق ً ا‬
‫ل بذاته‪.‬‬ ‫هناك من جعل الديداكتيك مراد ًفا للبيداغوجيا‪ ،‬ومنهم من جعلها عل ًما خا ً ا‬

‫من تنظيم ‪:‬‬

‫ســـالم بــوإقبـــان‬
‫أستاذة مادة علوم الحياة و األرض‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪0‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫األسئلـة أدوات للحوار والتقـويــم‬
‫الكاتب‪ :‬علي ايتحسيــن|‬

‫توطئـة‪:‬‬
‫تعتبر األسئلة قديمة قدم اإلنسان نفسه‪ .‬فمنذ أن وجد على ظهر البسيطة طرح أسئلة متنوعة عبر العصور همت مختلف‬
‫مناحي الحياة‪ .‬وقد نتج عن ذلك ميلد المعارف المتوصل إليها حتى اآلن ‪ .‬فكل المفاهيم والنظريات التي توصلت إليها‬
‫البشرية ما هي إال إجابات ألسئلة شغلت بال المهتمين على العصور‪.‬‬
‫ولكون المجال التربوي أحد الفضاءات التي أنيط بها نقل بعض من تلك المعارف لألجيال الصاعدة‪ ،‬فإن حضور‬
‫األسئلة يعد أمرا بديهيا ‪ ،‬إذ ال يمكن‪ ،‬بل يستحيل تصور نشاط لبناء المعرفة دون وجود األسئلة ‪ .‬ويعد الحوار والتقويم من‬
‫أهم العناصر التي يسجل فيها حضور شبه مستديم لألسئلة‪ ،‬هذا إن لم نقل الدعامة األساسية لهما‪ .‬إال أن طريقة طرح األسئلة‬
‫وصياغتها يقتضيان شروط ومعايير يجب مراعاتها‪ ،‬ألن نوعية األجوبة رهينة بنوعية األسئلة المطروحة‪ ،‬ولقد سبق‬
‫لكانكليم ‪ 1‬أن أشار إلى ما يلي‪ " :‬إن السؤال ال يبدو مطروحا بكيفية جيدة إال لما يلقى الجواب وبعبارة أخرى لما ينقرض‬
‫كسؤال " ‪ .‬فما هي أنواعها؟ وما هي شروط وقواعد توظيفها؟‬
‫‪ -1‬األسئلة أدوات للحوار‪:‬‬
‫يعتمد تدريس علوم الحياة واألرض على الملحظة‪ ،‬وتتم ترجمة موضوع الملحظة باالستناد إلي أحد أشكال التعبير‪:‬‬
‫الشفوي الكتابي أو البياني‪ .‬والتعبير الشفوي يعني باختصار ترجمة العمليات الذهنية عن طريق الكلم‪ .‬يتعلق األمر إذن‬
‫بنشاط يندمج كبقية أشكال التعبير األخرى في الحياة النفسية للفرد وبالتالي بمكون من مكونات الشخصية‪ .‬إن الحديث عن‬
‫التعبير الشفوي بالمحيط الدراسي يفضي بالضرورة إلى التساؤل عن مختلف مظاهر الحوار داخل الفصل‪ .‬هذا التساؤل يعني‬
‫أوال‪ ،‬مقاربة بعض المفاهيم المرتبطة بالحوار البيداغوجي بصفة عامة‪ ،‬وثانيا تحليل أنماط الحوار الممارس يوميا باألقسام ‪.‬‬
‫لكن قبل ذلك سنقوم بإعطاء تعريف للحوار‪:‬‬
‫يعرف ‪ (2) Legendre‬الحوار على أنه سيرورة تواصل ثنائية االتجاه‪ ،‬بين التلميذ والمدرس ‪ ،‬أو بين التلميذ‪ ،‬أو بين‬
‫المدرسين ‪ ،‬يمتاز بالخصائص التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬يسمح بالنقاش وتبادل وجهات النظر‪.‬‬
‫‪ -‬يثير ردود أفعال ويسهل التعبير عن المشاعر واالنفعاالت‪.‬‬
‫‪ -‬يساعد على صياغة األفكار وتوضيحها‪.‬‬
‫‪ -‬ييسر النشاط الثقافي‬
‫وعموما يمكن القول على أن الحوار نمط من أنماط التواصل‪ ،‬مؤسس على التبادل اللفظي لمتحاورين أو أكثر يلعب كل‬
‫منهم وبالتناوب دور مرسل تارة ومتلقي تارة أخرى‪ .‬ويهدف الحوار من خلل األنشطة المقترحة إلى إكساب المتعلمين‬
‫مجموعة من الكفاءات من بينها‪:‬‬
‫‪ -‬حسن االستماع‪ :‬اإلنصات إلى ما يقوله اآلخرون ميزة نادرة قل ما نحدها عند الطفل أو المراهق حيث االنفتاح على الغير‬
‫صعب نظرا لألنانية التي تبرز بحدة في هذه السن؛‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪1‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ -‬التركيز‪ :‬بعد سماع وفهم اإلرسالية‪ ،‬على المتعلم أن يقارن هذه األخيرة بالمعطيات المتوفرة لديه وهذا ما يتطلب تركيزا‬
‫جيدا؛‬
‫‪ -‬التعبير‪ :‬يشكل التعبير اللحظة الحرجة في التبادل اللفظي‪ .‬فالنشاط الذهني تتمخض عنه فكرة أو أفكارا ويجب أن تجد‬
‫هذه األخيرة في الكلمة والجملة الدعامة الناقلة لها لذلك فإن المتعلم‪ ،‬أثناء التعبير‪ ،‬يبدل مجهودا كبيرا (انتقاء الكلمات‬
‫الملئمة ‪ ،‬استعمال القواعد النحوية ‪. ) ...‬‬
‫يرتبط تحقيق هذه الكفايات عند المتعلمين بطبيعة الحوار وتسييره مما يدفعنا إلى طرح السؤال التالي‪ :‬متى وكيف نجري‬
‫الحوار داخل الفصل ؟‬
‫إن الوضعيات التعليمية التعلمية التي تستدعي الحوار متعددة جدا إن لم نقل شبه مستديمة وهذا ما يفرض تصنيفها رغم‬
‫الصعوبات التي تحف هذه العملية لذلك سنعتمد نفس التصنيف الذي أنجزه بعض الباحثين (‪ ) 3‬لكن مع تعديلت طفيفة ‪ .‬ولقد‬
‫تم هذا التصنيف حسب األنشطة المنجزة داخل الفصل وهو كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬حوار من أجل المراقبة‪ :‬يتعلق األمر هنا بحوار سريع على شكل أسئلة يهدف منه تذكر بعض المعارف والمفاهيم‬
‫المكتسبة سابقا‪ ،‬يمكن أن يكون في بداية الحصة‪ ،‬كما يمكن أن يتخللها كلما دعت الضرورة إلى ذلك للتأكد من اكتساب‬
‫معرفة أو مفهوم معين؛‬
‫‪ -‬حوار من أجل إثارة مشكل‪ :‬يتم اعتماده أثناء المرحلة التمهيدية لبحث ما ويهدف من وراءه إبراز مشكل أو مشاكل‬
‫جديدة ‪ .‬ويعتمد المدرس في البحث عن عناصر هذه المشاكل في المكتسبات القبلية للمتعلمين أو معلومات مستقاة من مصادر‬
‫مختلفة توجد رهن إشارة المتعلم؛‬
‫‪ -‬حوار باعتماد وثيقة‪ :‬هو األكثر شيوعا في أقسام العلوم الطبيعية ويتطلب قوة الملحظة والتحليل المعقلن؛‬
‫‪ -‬حوار من أجل الحث على التجريب‪ :‬يهدف من وراء هذا ا لحوا ر اإلدالء بالفرضيات تصور العدة التجريبية وإنجاز‬
‫التجارب؛‬
‫‪ -‬حوار من أجل التركيب‪ :‬يتوخى منه جمع النتائج والخروج باستنتاجات كما يتيح الفرصة إلعداد خلصة‪.‬‬
‫وكيفما كانت طبيعة الحوار‪ ،‬فإن هذا األخير يعتمد على طرح األسئلة‪ .‬ويمكن تصنيف األسئلة حسب الشكل أو‬
‫المضمون‪.‬‬
‫‪ -‬تصنيف األسئلة من حيث الشكل‪:‬‬
‫‪ +‬السؤال الصدى‪ :‬السؤال الذي طرحه التلميذ يعاد إليه في صيغته ‪ ،‬وتطلب منه اإلجابة إن استطاع ‪ ،‬والذي يرجع‬
‫السؤال هو األستاذ ؛‬
‫‪ +‬السؤال المرجل‪ :‬األستاذ يأخذ سؤاال طرحه تلميذ ويعيده على تلميذ آخر؛‬
‫‪ +‬السؤال المرآة‪ :‬األستاذ يعيد سؤاال صدر من تلميذ على مجموع القسم؛‬
‫‪ +‬اإلحياء‪ :‬األستاذ يعيد إلى الذاكرة سؤاال طرح من قبل ولم يحظ بجواب من طرف القسم؛‬
‫‪ -‬تصنيف األسئلة من حيث المحتوي‪:‬‬
‫‪ +‬األسئلة المتعلقة بأحداث‪ :‬تدفع التلميذ أن يتذكر حدثا عرفه في القسم أو خارجه وهذه األسئلة محدودة وضيقة إذ تتعلق‬
‫بالمسائل التالية ‪ :‬من؟ ماذا ؟ أين ؟ متى؟ ‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪2‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪+‬األسئلة الوصفية ‪ :‬هذه األسئلة تستوجب إما أجوبة محضرة تكون فيها األحداث مرتبطة بطريقة منطقية ‪ ،‬وهنا ال يطلب‬
‫من التلميذ أن يأتي بشيء جديد‪ 0‬و إنما أن يقدم من جديد مجموعة من المعلومات أو التفاسير كما تعلمها خلل الدروس أو في‬
‫كتاب مدرسي‪ ،‬وإما أجوبة تتطلب مجهودا باعتماد قوة الملحظة والتحليل ‪.‬‬
‫‪ +‬األسئلة المنفرجة أو المتشعبة ‪ :‬التلميذ يتنبئون بالعواقب أو يعبرون عن افتراضات واختيار الملئمة منها‪ ،‬يتطلب هذا‬
‫النوع من األسئلة وقتا للتفكير‪ ،‬وتعتبر غير توجيهية لكونها تتيح له إمكانية االختيار؛‬
‫‪ +‬األسئلة الضيقة أو المغلقة ‪ .‬على عكس األسئلة المنفرجة فهي ال تقبل إال بجواب واحد‪،‬غالبا ما ينحصر في اإلجابة‬
‫بالنفي أو اإليجاب؛‬
‫‪ +‬األسئلة التقييمية‪ :‬يطلب من التلميذ في هذا النوع من األسئلة أن يعبر عن فكرة شخصية أو حكم‪.‬‬
‫إن التحكم في مهارة طرح األسئلة يحدد إلى حد بعيد طريقة تنظيم الحوار و تسييره‪ ،‬ويتأرجح هذا األخير بين نوعين‬
‫رئيسيين ‪:‬‬
‫‪ -‬الحوار العمودي‪ :‬يتجلى في الموقف التوجيهي لألستاذ ‪ .‬هذا النوع من الحوار يركز االهتمام على األستاذ ؛‬
‫‪ -‬الحوار األفقي‪ :‬يتجلى في الموقف التنشيطي لألستاذ ‪ ،‬هذا النوع من الحوار يركز باألساس على المتعلم‪.‬‬
‫‪ -2‬األسئلة أدوات للتقويم ‪:‬‬
‫يعتبر التقويم أحد العناصر األساسية في العملية التعليمية التعلمية‪ .‬وترتبط مصداقيته بالشكل الذي يمارس به‪ .‬وحتى‬
‫يؤدي التقويم الدور المنتظر منه البد وأن يستند إلى أسس علمية‪ ،‬ومن هنا يطرح السؤال التالي‪ :‬كيف يتم إعداد واستعمال‬
‫أدوات التقويم؟‬
‫تتطلب اإلجابة على السؤال تعريف التقويم والمفاهيم المجاورة له كما تستدعي أيضا الوقوف على أنواع التقويم وأدواته‬
‫ومراحل بنائه‪ .‬غير أننا سنتطرق فقط فيما يلي ألدوات التقويم‪.‬‬
‫إذا كان معظم المربين متفقين على أهمية ودور أدوات التقويم في تحديد مستوى قدرات المتعلمين‪ ،‬فإن هذا االتفاق غير‬
‫حاصل حول التصنيف العام لهذه األدوات‪ ،‬إال أننا سنعتمد التصنيف الذي يأخذ بعين االعتبار الطبيعة التنفيذية ألداة التقويم‬
‫وهو كالتالي‪:‬‬
‫‪+‬أدوات التقويم الكتابية‪ :‬وتضم االختبارات المقالية واالختبارات الموضوعية؛‬
‫‪+‬أدوات التقويم الشفوية؛‬
‫‪-1-2‬أدوات التقويم العملية‪.‬‬
‫وأيا كانت طبيعة األداة فإنها تعتمد على األسئلة‪ ،‬ويشترط أثناء إعدادها مراعاة قواعد التوظيف والصياغة منها‪:‬‬
‫بالنسبة لألسئلة الموضوعية‬
‫‪ -1‬أسئلة صحيح خطأ‪:‬‬
‫‪+‬توظف عندما يتعلق األمر بمضامين محددة أي أن يكون إقرار السؤال خاطئا كليا أو صحيحا كليا؛‬
‫‪ +‬توظف عندما يتعلق األمر بقياس سيرورات ذهنية أعلى من المستوى المعرفي؛‬
‫‪ +‬صيغ السلب (ليس ‪)...‬؛‬
‫‪ +‬تفادي إدخال مؤشر على الجواب الصحيح (صيغ مثل ‪ :‬دائما ‪ ،‬غالبا ‪ ،‬بتاتا‪)...‬؛‬
‫‪+‬صياغة السؤال على نحو يوفر للممتحن ما يكفي من المعطيات لإلجابة عليه‪.‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪3‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫‪ -2‬أسئلة االختيارات المتعددة‪:‬‬
‫‪+‬تحليل قوة استقطاب اإلجابات المموهة أو الخادعة؛‬
‫‪+‬تفادي تضمين صيغة السؤال لمؤشرات الجواب الصحيح؛‬
‫‪ +‬من حيث الطول ودرجات التعقيد؛‬
‫‪+‬أن تكون االختيارات من نفس الصنف والطبيعة؛‬
‫‪+‬صياغة اختيارات صحيحة متعددة يختار الممتحن أدقها؛‬
‫‪+‬تجنب إدخال صيغ السلب والسلب المزدوج؛‬
‫‪+‬ترتيب االختيارات عشوائيا عند غياب إمكانية الترتيب الكرونواوجي أو المنطقي أو األبجدي‪.‬‬
‫‪ -3‬أسئلة اإليصال‪:‬‬
‫‪+‬صياغة التعليمات بشكل واضح؛‬
‫‪+‬وضع عناصر األسئلة على اليمين معرفة بأرقام وعناصر اإلجابة على اليسار معرفة بالحروف؛‬
‫‪+‬عدد عناصر األجوبة أكبر من عدد األسئلة؛‬
‫‪+‬استعمال عناصر متجانسة‪.‬‬
‫السلبيات‬ ‫اإليجابيات‬
‫‪ %-50 -‬من حظوظ اإلجابة الصحيحة عشوائية‬ ‫‪ -‬أكثر ملئمة لقياس المعارف‬ ‫أسئلة الصحة‬
‫‪ -‬غير مكلف على مستوى الصياغة والتصحيح ‪-‬تركز على المعارف (الذاكرة)‬ ‫والخطأ‬
‫‪-‬غالبا ما تكون معطيات السؤال عير كافية لإلجابة‬
‫بشكل حاسم‬
‫من أصعب األسئلة الموضوعية صياغة‬ ‫‪ -‬ملئم لقياس أغلب أصناف التعلمات‬ ‫أسئلة االختيار‬
‫‪ -‬يقلص من احتماالت اإلجابة العشوائية‬ ‫من متعدد‬
‫بالنسبة لألسئلة المقالية‪:‬‬
‫تشير المذكرة الوزارية رقم ‪ 142/10‬الصادرة بتاريخ ‪ 16‬نونبر ‪ 2007‬في سياق تحديد مواصفات ومكونات المراقبة‬
‫المستمرة وموضوعات االمتحان الوطني الموحد إلى ما يلي ‪:‬‬
‫✓ المكون األول‪ :‬استرداد المعارف ( استحضار معارف سبقت دراستها واستردادها بحيث يكون التلميذ مطالبا ب ‪:‬‬
‫‪+‬عرض أفكاره بطريقة منظمة وواضحة‬
‫‪+‬استعمال أسلوب واضح وسليم لغويا وعلميا‬
‫‪+‬االستعانة في استدالله برسوم أو بيانات مناسبة وسليمة‬
‫ملحوظة‪:‬‬
‫حسب األطر المرجعية الصادرة سنة ‪ 2014‬تم استبدال الألسئلة المقالية باالختبارات الموضوعية (أسئلة االختيار من‬
‫متعدد (‪ )QCM‬؛ أسئلة الصواب والخطأ؛ أسئلة الوصل (المزاوجة)؛ أسئلة الترتيب والتصنيف؛ أسئلة اإلجابات القصيرة‬
‫(تعاريف‪ )،‬أسماء العناصر المرقمة على رسوم أو رسوم تخطيطي‪ ،‬معرفة النظريات والقوانين‪ ،‬المصطلحات‪،‬‬
‫الحقائق‪)....،‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪4‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫✓ المكون الثاني‪ :‬استثمار المعطيات وتوظيف المكتسبات وفق منهجية علمية في وضعيات تقويمية جديدة ومشابهة‬
‫لوضعيات التدريس‬
‫الختبار مدى قدرة التلميذ على استغلل وثائق ومعطيات متنوعة من أجل ‪:‬‬
‫‪+‬تطبيق المكتسبات وتوظيفها للربط بين المعطيات وتفسيرها؛‬
‫‪+‬تنظيم المعطيات قصد البرهنة على علقة؛‬
‫‪+‬استخراج مشكل علمي انطلقا من ربط العلقة بين المعطيات؛‬
‫‪+‬تحويل معطيات بيانية‪ ،‬رسوم تخطيطية‪ ،‬جداول أو نتائج تجريبية إلى نص كتابي مفهوم و واضح؛‬
‫‪+‬الربط المنطقي بين األفكار واختيار المنهجية المناسبة لإلجابة على المشكل المطروح؛‬
‫‪ +‬تركيب المعطيات و األفكار وتقديمها بشكل واضح؛‬
‫‪+‬إنجاز الرسوم والرسوم التخطيطية؛‬
‫‪+‬مواجهة كافة المعطيات الواردة قي الموضوع بمكتسباته السابقة والتمكن من تقويم ونقل هذه المعطيات‪....‬‬
‫يستشف من قراءة ما وراء سطور المذكرة الدعوة للنتقال من األسئلة التوجيهية التي تأخذ بيد المتعلم خطوة خطوة إلى أسئلة‬
‫عامة ‪.‬‬
‫يهدف السؤال المتعلق بالمكون األول = االسترداد المنظم للمعارف إلى تقويم مدى تمكن المتعلم من المعارف المكتسبة‪،‬‬
‫لذلك يجب أن يبرز السؤال المرتبط به حدود الموضوع لمساعدة المتعلم على بناء جوابه ‪ .‬وإذا أردنا منه دعم جوابه برسوم‬
‫فيجب أن يشير السؤال إلى ذلك صراحة‪.‬‬
‫المطلوب من المتعلم إذن عرض معارفه بدون تقديم وثيقة له ‪ ،‬بشكل منطقي عبر كتابة نص علمي سليم شكل ومضمونا‬
‫مدعم برسوم أو بينات إن اقتضى األمر ذلك وحسب ما يتضمنه الموضوع المقالي المصاغ بدقة ‪ ،‬وبدون أسئلة فرعية ‪ ،‬بشأن‬
‫موضوع عام وليس بجزء مفصل من المقرر ‪.‬‬
‫يتطلب التعامل مع هذا النوع من األسئلة تدريب المتعلمين من خلل التمارين والواجبات المنزلية والفروض المحروسة‬
‫على ما يلي ‪:‬‬
‫‪+‬قراءة متكررة ومركزة لنص السؤال تتوج بتحديد الكلمات األساسية و تأطيرها وغالبا ما نستشف من مقدمة التمرين‬
‫حدود الموضوع والغاية منه ‪،‬‬
‫‪+‬استعمال ورقة التسويد لــ ‪:‬‬
‫‪+‬موضعة السؤال المقترح في سياقه العام بربطه بوحدة المقرر؛‬
‫‪+‬كتابة كل ما يتبادر إلى الذهن من أفكار وأفاهيم أساسية ورسومات ‪ /‬خطاطات ذات الصلة بالموضوع؛‬
‫‪+‬تصنيف ما كتب بانتقاء ما هو ملئم؛‬
‫‪+‬وضع تصميم يضم العناصر التالية‪ :‬مقدمة ‪ ،‬عرض وخاتمة‪.‬‬
‫‪+‬يتم في المقدمة تفسير الكلمات األساسية الواردة في الموضوع وتوضح الفهم الجيد للمشكل المطروح أي اإلحاطة األولية‬
‫لعناصر الموضوع األساسية والصياغة البسيطة لها دون كناقشتها أو الدخول في التفاصيل أو اإلشارة إلى الحل والنتائج‬
‫المرتقبة (خمسة أسطر )‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪5‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪+‬العرض‪ :‬أهم عنصر في النص وأطولها بالنظر إلى الشروط الواجب توفرها فيه يضم جزأين أو ثلثة وتنقسم بدورها إلى‬
‫فقرات‪:‬‬
‫‪+‬وضع عناوين دالة للفقرات‪ ،‬بحيث تعكس وتلخص ما سيتم التطرق إليه؛‬
‫‪+‬ربط الفقرات فيما بيتها ربطا منطقيا ‪ -‬بعد تمييز بعضها عن بعض بترك سطر فارغ – باستعمال أدوات الربط من قبيل‪:‬‬
‫إذن‪ ،‬بناء عليه‪ ،‬يبدو مما سبق‪ ...‬وترتيبها حسب تصميم منطقي؛‬
‫‪+‬الحرص داخل كل فقرة على التسلسل المنطقي لألفكار وسلمة التعبير وعلمية االستدالل؛‬
‫‪+‬االستعانة بالتعبير البياني لدعم الشروحات المقدمة‪ .‬ويحبذ اللجوء إلى التعبير البياني لكونه يمتاز بالدقة والموضوعية‬
‫ويتفادى الحشو واإلطناب‪ .‬فرسم تخطيطي جيد مثل أفضل بكثير من شرح مستفيض‪ ،‬وينبغي أثناء إدراجها مراعاة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ +‬إدراجها في المكان المناسب؛‬
‫‪+‬احترام شروط اإلنجاز وترقيمها لتسهيل عملية اإلحالة‪.‬‬
‫‪+‬الخاتمة‪ :‬عرض تركيبي مركز (= حصيلة ) لحل المشكل مع إمكانية فتح آفاق جديدة مرتبطة بالموضوع( مشكل جديد )‪.‬‬
‫أما المكون الثاني فيروم بشكل عام تقويم ممارسة االستدالل العلمي وعلى األسئلة المرتبطة به أن تقوم مدى قدرة المتعلم‬
‫على استخلص المعلومات الضرورية لمعالجة المشكل العلمي المطروح انطلقا من الوثائق المقترحة من جهة ومدى قدرته‬
‫على معالجة المشكل العلمي المطروح انطلقا من وثائق وفي علقة مع معارفه المكتسبة‪ .‬ويتطلب هذا النوع من األسئلة‪:‬‬
‫‪+‬قراءة متأنية للسؤال لتحديد إطار اإلشكالية لحلها؛‬
‫‪+‬كتابة نص منظم‪ ،‬يتضمن إحاالت على الوثائق المقترحة وعلى مختلف مراحلها؛‬
‫‪+‬استغلل معطيات الوثائق أوال‪:‬‬
‫‪-‬البدء بتحليل الوثيقة‪ :‬استخلص المعلومات األساسية المرتبطة بالمشكل المطروح‪ ،‬و تجنب وصف الوثيقة؛‬
‫‪-‬التفسير‪ :‬استعمال المعلومات المكتسبة لشرح المعطيات المستخلصة؛‬
‫‪-‬خلصة مرحلية‪ :‬الخروج بمعلومة‪ ،‬بقانون ‪...‬‬
‫‪+‬تتميم العرض بالمعارف المكتسبة المرتبطة بالسؤال‪ ،‬بالمشكل المطروح؛‬
‫‪+‬إعطاء خلصة قصيرة مدعمة بخطاطة إذا تطلب األمر ذلك‪.‬‬
‫يرتكز النوع الثاني من األسئلة المرتبط باكتساب منهجية علمية وتوظيفها باألساس على عملية التحليل‪ .‬ورفعا لكل التباس‬
‫نقدم فيما يلي خصائصه العامة ‪.‬‬
‫الخصائص األساسية لعملية التحليل‪:‬‬
‫يتطلب التحليل قطع مرحلتين‪ :‬مرحلة القراءة ومرحلة االستدالل‪.‬‬
‫‪ -1‬مرحلة القراءة‪ :‬على المتعلم قراءة المعطيات المقدمة له أوال‪ ،‬ويستوجب ذلك ما يلي‪:‬‬
‫‪+‬تحديد المعطيات؛‬
‫‪+‬ترجمتها؛‬
‫‪+‬تجميعها‪.‬‬
‫في هذا المستوى من التحليل ال يستخلص أي جديد‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحلة االستدالل‪ :‬المتعلم مطالب بممارسة استدالل بحيث يقوم ‪:‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪6‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫‪+‬باختيار المعطيات؛‬
‫‪+‬وضع المعطيات المختارة في علقات؛‬
‫‪+‬الخروج بخل صات تبرز علقات جديدة‪ .‬وتكون هذه الخلصة عبارة عن‪:‬‬
‫‪-‬تفسير أو تأويل (إجابة للمشكل المطروح)؛‬
‫‪-‬مدخل أو دعامة إلصدار فرضية أو لصياغة مشكل‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن القراءة التحليلية واالستدالل التحليلي السالفي الذكر ال يشكلن مرحلتين متعاقبتين بالضرورة بشكل‬
‫خطي ‪ .‬كما أنه ليس هناك فقط سعي حثيث ومستديم بين العمليتين الذهنيتين ولكن أيضا مواجهة مستمرة مع السؤال المطروح‪.‬‬
‫( أنظر الخطاطة ‪) 4‬‬

‫‪ -2-2‬صعوبات التقويم‪:‬‬
‫إذا كانت األسئلة المتعلقة بالنوع األول ال تطرح صعوبات كبرى في التقويم‪ ،‬فإن األسئلة المرتبطة بالنوع الثاني تطرح‬
‫صعوبات جمة ‪ .‬فعلوم الحياة واألرض كما يعلم الجميع تهتم بدراسة الظواهر الطبيعية‪ ،‬البيولوجية والجيولوجية ‪،‬من خلل‬
‫طرح األسئلة التالية ‪ :‬كيف يمكن تفسير الظاهرة ؟ أي ما هي األسباب؟ ما هي اآلليات؟ ولإلجابة على هذه األسئلة ‪ ،‬يتم‬
‫اعتماد النهوج التربوية ‪ .‬غير أن هناك صعوبات يواجهها المدرس سواء لدى تدريب المتعلمين على هذه النهوج‬
‫أو لدى تقويمه لتلك النهوج‪ .‬إنها صعوبات مرتبطة بعنصرين هامين‪ :‬واقع التدريس من جهة وواقع التقويم من جهة ثانية‪.‬‬
‫وتتجلى هذه الصعوبات في أخطاء االستدالل لدى معالجة المتعلمين لمشكل علمي‪ ،‬وهي أخطاء متنوعة‪ ،‬منها ما هو‪:‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪7‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ +‬من طبيعة ابستيمولوجية مرتبط بتعقد المادة‬
‫‪ +‬من طبيعة سيكولوجية‬
‫‪ +‬من طبيعة بيداغوجية‪ ،‬أي مرتبطة بأداة التقويم = محتوى وشكل التمرين وطبيعة األسئلة ‪ ،‬أو باستراتيجيات تعلم طرق‬
‫معالجة المشاكل أو غياب تام لتعلم لهذه األنشطة ‪.‬‬
‫وما يلحظ عامة هو أننا غالبا ما تفسر تلقائيا أسباب فشل المتعلم بوجود ثغرات لديه وحجتنا في ذلك وجود متعلمين تفوقوا في‬
‫ما عرض عليهم‪ ،‬وهذا يعني أن عملية التعليم تمت بنجاح ‪ ،‬وما فشل اآلخرين إال دليل على وجود قصور لدى هؤالء مهما‬
‫كبر عددهم ‪ .‬ومن األفضل عوض االستدالل بوجود نقص لديهم يجب أن نهتم بالصعوبات التي يواجهونها وعلينا تشخيصها‬
‫ومعالجتها فهي مرتبطة بسيرورات المعالجة ونقص في التعلم أكثر من نقص في المعلومات‬
‫خاتمـــة‪:‬‬
‫يمكن القول على أن لدرجة التمكن من تقنية طرح األسئلة واحترام شروط وقواعد صياغتها انعكاسات هامة على التكوين‬
‫المتعدد األبعاد لدى المتعلمين‪ .‬فالحوار أداة متميزة تمكن من تنمية التعبير الشفوي بإكساب المتعلم مجموعة من الكفايات ‪ ،‬إال‬
‫أن تحقيقها عند المتعلم رهين بطبيعة و أنواع األسئلة المعتمدة ‪ ،‬كما أن التعرف على صعوبات التعلم وتداركها مرتبط هو‬
‫األخر بها‪ ،‬لذلك وجب إيلءها االهتمام اللزم ‪.‬‬

‫المراجع المعتمدة‬
‫‪1-Canguilhem G. ;1968 ; La formation du concept de reflexe au 17°,18° siècle ; vrin ; Paris.‬‬
‫‪2-Renald legendre ; 1988 ; Dictionnaire actuel de l’ éducation paris Montréal .‬‬
‫‪3- CNDP ; 1979 ; fiches documentaires n° 3.‬‬
‫‪4- CRDP ; 1983 ; Enseignement des sciences naturelles dans les lycées ; collection recherche‬‬
‫‪pédagogique n°2 ; Toulouse.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪8‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫التعلم الذاتي‬
‫تقنيات التعلم الذاتي وتنميتها لدى المتعلم‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫تتميز مادة علوم الحياة و االرض بأهدافها المتنوعة ‪،‬فهي من جهة تمد المتعلم باألساس من المفاهيم و المعارف‪ ،‬لفهم و‬
‫تفسير بعض الظواهر العلمية التي قد تعترضه في حياته اليومية ‪ ،‬و من جهة أخرى ‪ ،‬تنمي لديه ‪ ،‬مهارات و قدرات‪ ،‬و‬
‫مواقف‪ ،‬و طرائق للتفكير ‪ ،‬تمكنه من التكيف المستمر مع محيطه‪ .‬و أمام تضخم المعارف العلمية اليوم‪ ،‬أصبح المهتمون‬
‫بالتربية و التعليم يدعون إلى ضرورة تنمية قدرات التلميذ على التعلم و التقويم الذاتيين‪ ،‬والعمل على توفير الظروف‬
‫األنسب للمدرسين‪ ،‬حتى يجعلوا نشاطهم التعليمي يسير في هذا االتجاه ‪،‬فالتعلم الفعال في عالم اليوم هو أن يتعلم التلميذ كيف‬
‫يتعلم‪ ،‬إن التعلم الذاتي هو أحد أساليب التعلم التي يقوم فيها التلميذ بالدور األكبر في الحصول على المعارف و المفاهيم‪ ،‬و‬
‫يصبح هو المحور بدلها‪ ،‬و هو يفيد المتعلم و يصبح جزءا من شخصيته‪ ،‬لكونه بات أمرا مرتبطا بجميع حواسه‪]1[ .‬‬
‫يرى ‪ " Gagné‬أن التلميذ يتحكم في تعلمه الذاتي عندما يصبح قادرا على تنمية استراتيجيات إدراكية ‪ :‬كاالنتباه و‬
‫الترميز وحل المشكلت‪ ، ...‬التي ينميها بواسطة التعليم‪]2[ "...‬‬
‫إال أنه و إلى حدود السبعينات‪ ،‬كانت اإلستراتيجيات التعليمية المعتمدة‪ ،‬لمدرسي العلوم الطبيعية بالمغرب ‪ ،‬يغلبها‬
‫الطابع اإللقائي للدروس‪ ،‬والتقديم األحادي للموضوع‪، Monographique‬لكن سرعان ما بدأ الخطاب التربوي ‪-‬التوجيهات‬
‫التربوية‪ ،‬المنهاج‪ ،‬المذكرات الوزارية‪-‬يعرف نوعا من التغيير و التطوير‪ ،‬فأصبح االهتمام منصبا على أهداف المادة المراد‬
‫تحقيقها لدى المتعلم‪ ،‬نتيجة ظهور موجة بيداغوجية التدريس باألهداف ذات الخلفية السلوكية‪ ،‬والتي عرفت حضورا قويا في‬
‫التوجيهات الحديثة ‪ 1991‬و ‪ 1996‬بالسلك ‪ II‬أساسي و الثانوي‪.‬‬
‫ولقد عملت على دعوة المدرسين إلى اعتماد النهوج التي تعكس مراحل التفكير العلمي‪ ،‬و توظيف الطرق التنشيطية‬
‫والتلقينية‪ ،‬في وضعيات تعليمية تعلمية تمكن التلميذ من بناء المفاهيم العلمية و " تزويده باألساس العلمي و المهارات التي‬
‫تؤهله لمتابعة الدراسات العليا و التعليم الذاتي‪ ( ".‬المنهاج )‬
‫غير أن‪ ،‬واقع تدريسنا‪ ،‬ما زالت تكتنفه بعض الثغرات‪ ،‬ويتسم بعدم الكفاية‪ ،‬كلما تعلق األمر بتنمية بعض أشكال التعلم‬
‫الذاتي عند المستهدفين ‪ ، Autoapprentissage‬كما أن ‪ " :‬األساتذة يواجهون متاعب للقيام بمهامهم التدريسية‪ ،‬فاكتظاظ‬
‫الفصول يحول دون االهتمام بل اإلنصات لكل متعلم على حدة‪ ،‬و مساعدته لحل مشاكله التعلمية ‪ ،‬ينضاف لهذا ‪،‬طول‬
‫المقررات ‪ ،‬و مطالبة المدرسين بإتمامها في أية ظروف‪..‬و وفق جدولة مفروضة ! ! !‬
‫إن الكثير من الممارسات الديداكتيكية التي توصي بها التوجيهات التربوية‪ ،‬لم يعد لها وجود لدى أساتذة العلوم الطبيعية‪،‬‬
‫فل دراسات ميدانية‪ ،‬و ال مناوالت أو تجارب‪ ،‬و ال رسوم تنجز من طرف التلميذ انطلقا من ملحظات مباشرة‪ ،‬الكثيرون‬
‫يكتفون بالمستنسخات ‪ ،‬أو يركـنون إلى وثائق الكتاب المدرسي‪ ،‬فمقومات و معالم المادة أصبحت تسير نحو االندثار‪،‬‬
‫والنتيجة هي الدفع بغالبية المتعلمين إلى تخزين المعلومات خلل ثلث سنوات في تخصصات الكيمياء و الفيزياء و‬
‫الجيولوجيا والبيولوجيا‪ ،‬بدون أن يلمسوا أنبوب اختبار‪ ، Tube à essai‬أو استعمال جهاز للقياس‪ ،‬أو ملحظة صخرة أ و‬
‫استعمال مجهر‪ ،‬حيث تدرس العلوم التجريبية على السبورة السوداء بطبشورة بيضاء‪ ،‬بعيدا عن المختبر‪]3[ " ..‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪9‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫و هكذا " يتم االقتصار على اإللقائية ‪ ،‬و التركيز على المحتوى‪ ،‬مما ال يفسح مجاال للمستهدفين للتحكم في المعارف و‬
‫المفاهيم األساسية‪ ،‬و تملك المهارات و الكفايات الضرورية لتحقيق أجود النتائج‪ ،‬آنيا و مستقبليا‪ .‬كما أن االهتمام بالثغرات‬
‫لسدها‪ ،‬و الهفوات لتصويبها و التمثلت لتصحيحها و العوائق لتجاوزها لم يعد يهتم به ‪ ،‬بذريعة ضيق الوقت ‪،‬و ضرورة‬
‫إتمام المقرر‪ ،‬فأصبح التلميذ ال يتعلمون كيف يتعلمون بشكل ذاتي‪ ،‬و ال يعرفون أهداف الدروس التي يتلقونها‪ ،‬و يجهلون‬
‫أهداف االمتحانات التي سيجرونها‪ ،‬و ال يعون ما هو منتظر منهم‪ .‬وهكذا فمن ال يعرف وجهته قد ال يصل أبدا " [‪]4‬‬
‫" يصبح الهاجس األحادي للتلميذ واإلداري و المدرس على حد سواء‪ ،‬هو إتمام المقرر بأي ثمن‪ ،‬فضل عن توجيه‬
‫االهتمام إلى تحقيق نتائج تضمن للمتعلم الفوز بشهادة الباكالوريا‪ ،‬و ال يستيقظ التلميذ من "الغفوة النتائجية " إال في المرحلة‬
‫الجامعية‪ ،‬حيث يواجه صعوبات في دراسته المستقبلية‪ ،‬و ال يوفق فيها‪ ،‬إال من اكتسب مهارات و تقنيات التعلم الذاتي‪ ،‬و‬
‫نمت لديه فعل تلك الكفايات المستهدفة بالتعليم الثانوي و السلك ‪ II‬أساسي‪]5[" .‬‬
‫وهنا يحق لنا أن نتساءل‪:‬‬
‫· ماهي مبررات التعلم الذاتي ودواعيه ومقتضياته؟‬
‫· ما مدى وعينا بأهمية تنمية بعض أنواع تقنيات التعلم الذاتي عند التالميذ؟‬
‫· ماهي العوائق التي تحول دون اكتساب التلميذ لها؟‬
‫· ما هي أهم طرق وتقنيات التعلم الذاتي لدى المتعلم؟‬
‫التعلم الذاتي‪ ،‬خصائصه ومبرراته ومقتضياته[‪: ]6‬‬ ‫‪.I‬‬
‫‪ -1‬مفهومه‪:‬‬
‫« التعلم الذاتي أسلوب يعتمد على نشاط المتعلم ‪ ،‬حيث يمر من خلله ببعض المواقف التعليمية ‪ ،‬و يكتسب معارف و‬
‫مهارات و ميول مما يتوافق مع سرعته و إيقاعه‪ ،‬و قدراته الخاصة ‪ " .‬ويستهدف التعلم الذاتي‪ :‬إقصاء مصادر الفشل و‬
‫اإلحباط المختلفة عند المتعلمين‪ ،‬و اعتماد طرقهم الخاصة في التعلم‪ ،‬و تبني تعليم تقوم فيه المردودية اعتمادا على منجزات‬
‫التلميذ و مجهوداته الخاصة‪.‬‬
‫‪ -2‬خصائصه‪:‬‬
‫مراعات الفروق الفردية‪ :‬أحد األساليب الفعالة في مراعات الفروق الفردية القائمة بين المتعلمين‬
‫يقرر المتعلم متى وأين و كيف يدرس‪ ،‬و متى ينتهي‪ ،‬و أي الوسائل و البدائل يختار‪.‬‬ ‫الحرية‪:‬‬
‫يكون التلميذ هو المسؤول عن تعلمه وتكوينه‪ ،‬حيث يسعى لتحقيق أهدافه مع اتخاذ القرارات‬
‫المسؤولية‪:‬‬
‫التصحيحية في استقللية تلمة‪.‬‬
‫يسمح بمعدالت تعلم مختلفة‪ ،‬بمعنى أن المتعلم يتقدم في دراسته‪ ،‬تبعا لقدرته ووثيرته و‬
‫المردودية‪:‬‬
‫تحصيله و سرعته‪.‬‬
‫يستمد فعاليته من استدعاء روح العمل المبني على المبادرة الشخصية‪.‬‬ ‫الفعالية‪:‬‬
‫يمكن من توفير المرونة الكافية للمتعلم‪.‬‬ ‫المرونة‪:‬‬
‫يراعي الخصوصيات الذاتية لكل متعلم‪.‬‬ ‫الذاتية‪:‬‬
‫‪ -3‬مبرراته‪:‬‬
‫عدم قدرة المقررات مجارات تكدس المعلومات التي يعرفها العالم اليوم‪ ،‬و تناسلها وتضاعفها‪ ،‬فضل‬ ‫اإلنفجار‬
‫عن كثرة التلميذ باألقسام‪ ،‬و ضيق الوقت‪...‬‬ ‫المعرفي‪:‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪10‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫تجاوز غلبة اآلتجاه النظري واعتماد الطرق التقليدية التي تؤكد على الحفظ و التلقين وتهمل مستويات‬
‫مبررات تعليمية‪ :‬التعلم العليا و البعد عن حياة التلميذ اليومية في واقع التدريس‪ ،‬و يمكن التعلم الذاتي من التغلب على‬
‫هذه المشكلت‪.‬‬
‫ثبوت وجود فروق بين التلميذ فى التحصيل‪ ،...‬يبرر اعتماد التعلم الذاتي إلتاحة الفرصة لنمو كل‬
‫الفروق الفردية‪ :‬فرد إلى أقصى حد تسمح به قدراته وإمكاناته‪ ،‬ويهدف التعلم الذاتي اكساب التلميذ المهارات التي‬
‫تمكنه من التعلم طوال حياته‪.‬‬
‫‪ -4‬المدرس ومقتضيات التعلم الذاتي‪:‬‬
‫* التعرف على مكتسبات التلميذ السابقة‪ ،‬وعلى قدراتهم وميولهم واتجاهاتهم واهتماماتهم و على حاجاتهم‪.‬‬
‫* التخطيط للوضعيات التعليمية بما يتناسب مع قدرات المتعلمين واهتماماتهم وخبراتهم السابقة‪.‬‬
‫* تزويد التلميذ بالمعلومات والوسائل اللزمة لمساعدته على تقويم تقدمه ذاتيا‪.‬‬
‫* تشخيص عوائق التعلم وصعوباته‪ ،‬التي يواجهها التلميذ ووضع الحلول المناسبة للتغلب عليها‬
‫* متابعة التلميذ مع تقديم التوجيهات واإلرشادات المناسبة لهم‪.‬‬
‫* تعزيز ذاتية المتعلم‪ ،‬بمساعدته على استعادة ثقته بنفسه‬
‫* استثارة دوافع التلميذ إلى التعلم واإلعتماد على النفس في تحصيله‪ ،‬و إعانته على اكتساب مهارات التعلم الذاتي‪.‬‬
‫‪ .II‬بعض أشكال و تقنيات التعلم الذاتي (استراتيجيات إدراكية و تعلمية )‬
‫‪ .1‬أخذ النقط‪) Prise de note ( :‬‬
‫تعتبر من العمليات الضرورية للدراسة‪ ،‬واالعتماد على النفس فيها‪ ،‬و ذلك‪ ،‬بالتقاط المعارف و تثبيتها ‪ ،‬و االحتفاظ بها ‪ ،‬كما‬
‫تمكن من الحصول على المعلومات من المراجع المختلفة‪.‬‬
‫‪ .1-1‬أخذ النقط‪ ،‬لماذا ؟‬
‫* لتجاوز ضعف الذاكر‪.‬‬
‫* لتجنب الحشو و اإلطناب‪ ،‬و التدرب على التركيز‪.‬‬
‫* لتنمية التعبير التخطيطي و الكتابي‬
‫* للنتباه إلى األساسي ‪ ،‬و إلى اإلستشهادات و البراهين‬
‫* للتدرب على مهارات الفهم والتحليل والتركيب وتطويرها‪ .‬وتنظيم األفكار ‪.‬‬
‫‪ . 2-1‬خطوات عملية أخذ النقط ‪:‬‬
‫يؤكد ‪ " Guy Leperlier‬إن تدوين النقط بشكل خطي يعيق الفكر النقدي و نمو الذكاء‪ ،‬و يجب بدله القيام بتدوين‬
‫النقط بشكل نشيط و انتقائي لألفكار المهمة‪]8[" .‬‬
‫* تركيز االنتباه السمعي أو البصري‬
‫* اختيار األفكار الرئيسية ‪.‬‬
‫* الكشف عن مفاتيح أو مفاصل الخطاب‪.‬‬
‫* تنظيم األفكار وفق إحدى الطرائق المناسبة‪.‬‬
‫* تركيب األفكار‪ :‬ترتيبها‪ ،‬تسلسلها‪ ،‬البحث عن أدوات الربط المناسبة‪ ،‬ثم صوغ مضمونها في شكل مناسب و مركز‪.‬‬
‫‪ . 3-1‬مستلزمات أساسية عند أخذ النقط ‪:‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪11‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫✓ أثناء أخذ النقط‪ ،‬يحبذ ترك فراغات بين السطور‪ ،‬و هامشا على اليمين أو اليسار‪ ،‬حتى نستطيع مأله فيما بعد إذا‬
‫دعت الضرورة لذلك‪.‬‬
‫✓ ضرورة توظيف الخطاطات‪ ،‬الجداول‪ ،‬و األشكال الهندسية‪ ،...‬و توظيف بعض الرموز المختزلة‪،‬‬
‫✓ االنتباه بالخصوص إلى تصميم الخطاب‪ ،‬و الحجج و اإلستشهادات و العلقات‪.‬‬
‫✓ المبادرة بعد انتهاء الدرس أو العرض‪ ،‬إلى إعادة قراءة النقط المسجلة‪ ،‬وتوضيحها و ترتيبها‪ ،‬و تعبئة الفراغات‬
‫إتماما‪ ،‬و الثغرات تعديل‪.‬‬
‫✓ ترتيب األفكار‪ ،‬و إبراز العناوين الرئيسية و الفرعية‪ ،‬و رسم الخطاطات‪ ،‬و توضيح الجداول إن وجدت‪.‬‬
‫✓ االنتباه إلى عدم التركيز على األفكار الثانوية من دون الرئيسية‪ ،‬أو إلى االنزالق إلى تسجيل كل شيء بشكل آلي‪.‬‬
‫‪ .4-1‬طـرائـق أخــذ النقط‪]9[ :‬‬
‫‪ .1-4-1‬طريقة االنتشار من الوسط‪ ،‬تخطيطا (ترسيمة أو خطاطة الدوائر أو المربعات) ‪:‬‬
‫االنطلق من وسط الصفحة‪ ،‬بتسجيل الفكرة المحور"النواة" فيها‪ ،‬ثم االتجاه نحو األطراف حيث تعبأ فيها باقي‬
‫األفكار المتفرعة عنها‪ ،‬ثم تسجل الرموز المعبرة عن األفكار الفرعية وعلقاتها‪ ،‬مع استحباب اإلبداع في وضع الرموز و‬
‫الرسوم التخطيطية و األلفاظ‪...‬‬
‫‪ .2-4-1‬طريقة أخذ النقط في جداول ‪:‬‬
‫توظيف مختلف األعمدة و الخانات لتسجيل األفكار( العامة‪ ،‬الرئيسية‪ ،‬الجزئية‪ ) ،‬واإلستشهادات واألدلة و األمثلة و‬
‫الملحظات و غيرها‪.‬‬
‫‪ .3-4-1‬طريقة الترتيب العمودي‪:‬‬
‫حيث تتسلسل األفكار أفقيا وفق ترتيب عمودي‪ ،‬من الفكرة إلى األفكار الرئيسية فالثانوية فالجزئية‪.‬‬
‫‪ .4-4-1‬طريقة التسجيل الرسمي‪:‬‬
‫تقتضي تسجيل النقط برسومات‪ ،‬و رموز بسيطة و صغيرة جدا مع توظيف األشكال و األسهم‪.‬‬
‫‪ .5-4-1‬طريقة التشجير‪:‬‬
‫توظيف مختلف الرموز‪ ،‬بدءا بالفكرة المحورية التي تتفرع عنها األفكار الرئيسية التي بدورها تتوزع عنه األفكار الفرعية‪.‬‬
‫‪ .2‬االستذكار الجيد‪:‬‬
‫االستذكار هو عملية تجذير المعارف بالذاكرة ‪ ،‬و إن من تمام ترسيخ المعلومات و بناء المفاهيم ‪ ،‬وتملك المتعلم لها‪،‬‬
‫و تجذرها في مخيلته ‪ ،‬هو قدرة هذا األخير على تعميمها‪ ، Généralisation‬و على تطبيقها في وضعيات جديدة‪.‬‬
‫واالستذكار حسب ‪ ، Berbaum. j‬يبقى تحت تأثير عدة عوامل ‪ " :‬الحالة العامة للتلميذ‪ ،‬و عياءه‪ ،‬و انشغاالته‪ ،‬و حالته‬
‫الوجدانية اتجاه ما يريد استذكاره‪ ،‬كما أن القدرة على االستذكار يمكن تنميتها لدى المتعلم حسب سيرورات متعددة ‪ :‬التنظيم‬
‫‪ -‬البناء ‪ -‬االستحضار ‪ -‬المراجعة ‪]10[ " .‬‬
‫‪-‬الذاكرة ال تحتفظ إال بالمعطيات المنظمة‪ ،‬والتي إن لم تدمج في بنية متماسكة‪ ،‬تؤدي إلى قلة‬ ‫التنظيم والبناء‬
‫‪ Organisation et‬التركيز وتشتت األفكار‪.‬‬
‫‪ - Structuration‬ال تبنى المعرفة إال بربط علقات بين المعارف القبلية و الجديدة‪ ،‬حتى تشكل بنية متماسكة‪.‬‬
‫‪ " -‬هو تمثل أو بناء ذهني‪ ،‬نطابقه لحدث خارجي أو تذكار معين " [‪ ]11‬و يكون بصريا أو سمعيا‬ ‫االستحضار‬
‫‪ Evocation‬أو حس حركيا‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪12‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ -‬يحدث االستحضار خلل وضعية معينة‪ ،‬حيث يتم استرجاع معلومات مخزنة بالذاكرة‪.‬‬
‫‪-‬ال يصبح االستذكار ثابتا إال بعد تقوية " االرتباطات العصبونية " التي تنشأ‪ ،‬بفعل التعلم‪،‬‬ ‫المراجعة أو‬
‫ويعتبر التكرارأساسيا إلقرار هذا التعلم الذي يساهم في الحفاظ على المعارف‪ ،‬كما يمكن تقوية‬ ‫التنشيط‬
‫الذاكرة بتمارين خاصة‪.‬‬ ‫‪Réactivation‬‬
‫جذاذة تقنية خاصة بالتلميذ ‪ -‬كيف تستذكر؟ ‪]12[-‬‬
‫إلقاء نظرة عامة حول الدرس‪ ،‬عنوانه و هيكلته‪ ،‬و عناوين الفقرات‪ ،‬ألخذ صورة لما يمكن دراسته ‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫إلقاء لمحة فاحصة على العناوين و الجمل الرئيسية و قراءتها بتمعن‪ ،‬ثم إعادة كتابتها على مسودة‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫قراءة الدرس كله أوال‪ ،‬قراءة شاملة‪ .‬و اعتماد الكتابة على ورقة‪ ،‬من أجل تثبيته و تركيز المفاهيم أكثر‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫دوام توجيه األسئلة الشخصية‪ ،‬بكتابتها أوال ‪ ،‬لكونها تساعد على التعلم‪ ،‬حتى يبقى القصد ماثل أمام العين باستمرار‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫إعمال الفكر فيها باستمرار‪ ،‬حتى تصبح لديك عادة متأصلة‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫القراءة بحيوية ونشاط‪ ،‬ال بملل و تراخ‪ ،‬و مساءلة النفس‪ ،‬و اختبارها بين الحين واآلخر ‪،‬عما تم تعلمه‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫عدم إهمال قراءة الجداول و الخطاطات و الرسوم‪ ،‬بل التركيز عليها ‪ ،‬و ملحظة المصطلحات بوجه أخص‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫استظهر جزءا إثر جزء‪ ،‬بعد التعلم األول ‪ ،‬لكون االستظهار عون محقق في التعلم‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫عند االنتهاء من مراجعة كل فقرة يحبذ تلخيصها في أوراق‪ ،‬ترسيخا لها‪،‬و حتى تتمكن من الرجوع إليها عند‬ ‫‪9‬‬
‫الحاجة‪.‬‬
‫‪ 10‬أثناء المراجعة فيما بعد ‪ ،‬أعد إلقاء النظر على العناوين و الملخص ‪،‬ثم اختبر نفسك لمعرفة درجة قدرتها على‬
‫استظهار ما سبق‪.‬‬
‫‪ 11‬في حالة استعصاء شيء من الدرس على فهمك‪ ،‬يمكنك الرجوع إلى الكتاب المدرسي ‪ ،‬أو استفسار أستاذك‪ ،‬أو‬
‫زميل لك‪.‬‬
‫‪ 12‬يحبذ القيام باالستظهار في أوقات ثلث‪:‬‬
‫‪ Þ‬بعد دراسة الموضوع بالقسم‪ ،‬ويلزم أن يكون ذلك فترة وجيزة‪ ،‬و في وقت مبكر( قبل تراكم الدروس‪ ،‬وضياع‬
‫شروحاتها ) ‪ ،‬وأن يقتصر على االستظهار‪.‬‬
‫‪ Þ‬أن يتم مرة‪ ،‬أو مرتين بين المراجعة األولى و األخيرة‪.‬و خللها ينبغي استعراض أهم عناصر الدرس لمعرفة‬
‫مدى استيعابها‪ ،‬وإال لزم إعادة ضبطها و التحكم فيها‪.‬‬
‫‪ Þ‬التثبت و االختبار الذاتي في المراجعة النهائية استعدادا للمتحان أو الفرض‪.‬‬
‫‪ .3‬ترشيد وقت االستذكار‪de temps Gestion :‬‬
‫إن هناك إيقاعات مختلفة‪ ،‬و أساليب مميزة لكل فرد ‪ -‬الذكاء‪ ،‬التيقظ‪ ،‬االنتباه‪ ،‬االستدالل‪ ،‬سرعة البديهة ‪ ،‬الذاكرة‪ -...،‬و‬
‫كل ذلك يعبر عن الفروق الفردية عند المتعلم‪ ،‬فلكل تلميذ وثيرته الشخصية في التعلم‪ ،‬و التي ينبغي أن يتم وفقها ترشيد عمله‬
‫و اقتصاد الوقت فيها‪ ،‬ولن يستقيم ذلك‪ ،‬إال بمراعاة المقتضيات التالية ‪:‬‬
‫• إعداد برمجة زمنية للستذكار و مراجعة الدروس‪ ،‬بتحديد األهداف و خطوات اإلنجاز‪ ،‬و جدولة للتطبيق‪ ،‬و ذلك إلنقاذ‬
‫المتعلم من التردد والحيرة بشأن ما سيقوم به‪ ،‬فضل عن كونها تعين الوقت المناسب‪ ،‬و تبعد عن اإلفراط في الدراسة‪.‬‬
‫• التزام النظام في العمل ‪.‬‬
‫• اختيار األوقات المناسبة و الكافية للستذكار‪،‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪13‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫• عدم تأجيل واجبات اليوم إلى الغذ ‪ ،‬فتلك بداية انهيار البرمجة‪.‬‬
‫• االبتعاد عن كل المشوشات‪ ،‬و عن مصادر اإلزعاج المعرقلة لسيرورة االستذكار‪.‬‬
‫• إخضاع برمجة االستذكار إلى التعديل و التقويم الذاتي المستمر‪.‬‬
‫مميزات البرمجة الجيدة‪:‬‬
‫أن تنسجم مع مقتضيات المواد الدراسية و المحيط و البيت و الشخص‪.‬‬ ‫الواقعية‬
‫أن تطال مختلف األنشطة من دون إفراط و ال تفريط‪.‬‬ ‫التوازن‬
‫وضع البرمجة مع ترك هامش للطوارئ‪ :‬زيارات غير متوقعة‪ ،‬مرض‪...‬‬ ‫المرونة‬
‫‪ .4‬حسن القراءة‪:‬‬
‫تعتبر القراءة من وسائل التعلم الذاتي المستمر للمتعلم‪ ،‬حيث تمكن من البحث و التنقيب عن مصادر المعلومات‪ ،‬و‬
‫اإلعداد القبلي للدروس‪ ،‬و التهييء للمتحانات‪ ،‬و تحضير العروض‪ ،..‬و عليه فمن األنجع أن يعمل المدرس على تغيير‬
‫ميول واتجاهات تلمذته نحو القراءة و تحبيب عادة المطالعة لديهم‪ ،‬وإجلء الصدأ الذي أقام جفوة بين ناشئتنا و الكتابة‪ ،‬و‬
‫ذلك ب‪:‬‬
‫* إثارة الرغبة في االستزادة من البحث و التنقيب‪.‬‬
‫* تحبيب ارتياد المكتبات و التعويد على اختيار المقروءات و اقتنائها‪.‬‬
‫* مناقشة التلميذ في بعض مقروء اتهم‪ ،‬توجيها ونقدا‪.‬‬
‫* إحالة التلميذ ‪-‬إزاء بعض النقط الغامضة في الدروس‪ -‬إلى كتب ومراجع للنهل منها واالستزادة‪.‬‬
‫* تكليف بعض التلميذ بعروض وبتلخيص لبعض المقاالت المرتبطة بمحاور من المقرر‪.‬‬
‫* استثمار حب اإلطلع عند التلميذ و رغبته في التفوق و التميز في تنمية عادة القراءة الصادقة لديه‪.‬‬
‫‪ .1-4‬مهارة القراءة‪:‬‬
‫هناك مقتضيات أساسية لتحصيل قراءة قويمة وسليمة‪ ،‬و يمكن أن نذكر منها‪:‬‬
‫‪ o‬الوقوف على الفكرة األساسية في المقروء‪ ،‬و ترويض النفس على استخلصها في كل فقرة‪.‬‬
‫‪ o‬استخلص التفاصيل المهمة‪ ،‬المتصلة بالفكرة الرئيسية‬
‫‪ o‬توجيه األسئلة دوما فيما يقرأ‪ ،‬فالعناوين‪ ،‬ومادة القراءة‪ ،‬توحي بها‪.‬‬
‫‪ o‬تقييم المقروء والمقارنة بين ما يقوله الكتاب والخبرات الشخصية الذاتية و تطبيق المقروء على المعضلت الخاصة‪.‬‬
‫‪ o‬حسن استعمال العينين في القراءة‪ ،‬وتجنب السهو أو الحديث إلى النفس‪ ،‬أثناء القراءة‪.‬‬
‫‪ o‬اإلنتباه إلى الكلمات الجديدة‪ ،‬وتمييزها‪ ،‬والرجوع إلى المعجم‪،‬‬
‫‪ o‬تكوين ذخيرة من المفردات‪ ،‬واستعمال الكلمات الجديدة‪،‬‬
‫‪ o‬الجلسة الصحية أثناء القراءة‪ ،‬احترام الكتاب‪ ،‬طريقة اإلمساك بالكتاب‪.‬‬
‫‪ o‬تقوية السرعة في القراءة الصامتة‪.‬‬
‫‪ .2-4‬أنواع القراءة‪]13[ :‬‬
‫تتيح التوقف عند النصوص المستغلقة‪ ،‬والتعابير الغامضة‪ ،‬والتأمل فيها‪ ،‬إذ ربما اضطر القارئ إلى‬
‫القراءة المتأنية‬
‫التوقف عند سطر أو كلمات‪ ،‬يراجع ألجلها العديد من المراجع‪ ،‬أو يعكف على المواد يجيل فيها النظر‬
‫البطيئة‬
‫و يكرره حتى يهضمهاو يعتصر خلصتها و يربط بين أفكارها‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪14‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫التحليق فوق النص‪ :‬تقنية يستعملها معظم القراء المتدربين‪ ،‬وهي التصفح السريع للنص بغية الحصول على هدف معين منه‪.‬‬
‫تتيح للقارئ أن يلم بموضوع المقروء و منهجيته‪ ،‬بالنظر في مقدمته و خاتمته وفهارسه‪ ،‬مع تصفحه‬
‫القراءة الخاطفة‪:‬‬
‫بسرعة‪.‬‬
‫تعتمد على إدراك الجملة وفهم معناها بالنظرة الواحدة الشاملة‪ ،‬و شكلها العام و معالمها المميزة‪،‬‬
‫القراءة السريعة ‪ :‬بوصفها وحدات إجمالية‪ ،‬دون قراءتها كلمة كلمة‪ ،‬و كلما صودفت كلمة جديدة أو غير مألوفة‪ ،‬يتوقف‬
‫القارئ هنيهة ليستخرج معناها من السياق‪ ،‬و كلما ازدادت ألفته لما يقرأ‪ ،‬قلت وقفاته‪.‬‬
‫إحدى الطرق للتعجيل بالقراءة‪ ،‬تقوم على التصفح السريع للمقروء‪ ،‬بشكل ندرك فيه مقاصده‪ ،‬ونميز‬
‫قراءة ما بين‬
‫بين أفكاره الرئيسية‪ ،‬فل نقرأ كل كلمة‪ ،‬بل نلمس سطح النص لمسا رقيقا‪ ،‬و نحن على بينة من أن‬
‫السطور‪:‬‬
‫بعض جوانب هذا النص يمكن أن يفوتنا‪.‬‬
‫‪ .5‬حل المشكالت‪:‬‬
‫يعرف حل المشكلت بأنه مجموعة أنشطة عقلية و تجريبية يستخدمها المتعلم لحل مشكلة‪ ،‬حيث يبدأ بتحديدها ‪،‬و يجمع‬
‫المعطيات و المعلومات‪ ،‬و يصوغ الفرضيات ‪ ،‬و يختبرها‪ ،‬ليتوصل إلى استنتاجات يتم تعميمها‪.‬‬
‫يرى ‪ " .J.P.Astolfi‬أن حل مشكلة معناه ربط المعلومات التي يقدمها نص الموضوع أو التوجيهات المرافقة‬
‫له ‪ ، consignes‬بالقواعد و الخطط ‪ ،‬و المعارف المخزنة بالذاكرة‪ ،‬و التي يجب أن تبقى رهن الشخص طوال المدة التي‬
‫يستغرقها حل المشكلة " [‪]14‬‬
‫‪ . 1-5‬حل المشكالت لماذا ؟‬
‫• للبحث عن حلول افتراضية تمكن من تفسير العالم الذي يحيط بنا‪.‬‬
‫• لتوظيف ما تم تعلمه من أجل حل مشكلة‪.‬‬
‫• لتمكين المتعلم من حل مشاكل حياته اليومية‪ ،‬فضل عن دراسته‪.‬‬
‫وهكذا ف‪ " :‬لتنمية قدرات التلميذ على التعلم الذاتي يلزم وضعه في مواجهة مشكلت واقعية‪ ،‬لها داللتها و أهميتها‬
‫بالنسبة إليه‪ ،‬و إن محاولته إيجاد حلول لها ينمي عنده إحساسا بالمسؤولية و االلتزام‪ ،‬كشرط أساسي لهذا النوع من التعلم‬
‫الذاتي‪ .‬إن الحافز هنا لذلك‪ ،‬هو طبيعة المشكلت وأهميتها‪ ،‬وليس عامل خارجيا‪ .‬إن أهمية هذا التعلم ال تكمن في الحلول‬
‫المتوصل إليها‪ ،‬ولكن في السبيل الشاق الذي يوصل إليها‪]15[ " .‬‬
‫أما ‪ ]16[ P. Mérieu‬فيرى أن وضعية‪-‬مسألة (‪ )Situation- Problème‬تضع المتعلم في تفاعل مع الواقع ‪،‬‬
‫ويؤكد على ضرورة االنطلق من وضعية مسألة للكشف عن تمثلت التلميذ للتأثير عليها مما يفسح المجال لبناء تمثلت‬
‫جديدة ‪.‬‬
‫‪ . 2-5‬خطوات حل المشكلة ‪:‬‬
‫‪ o‬قراءة نص الموضوع و التوجيهات المرفقة به قصد بناء تمثل حول المشكلة‪ ،‬حسب معارف الشخص و بنياته‬
‫اإلدراكية‪ ،‬و ضغوط الوضعية‪..‬‬
‫‪ o‬تحديد الهدف المراد تحقيقه‪.‬‬
‫‪ o‬تنشيط األفكار و المعارف‬
‫‪ o‬توظيف وسائل لتحقيق الهدف‪ ،‬انطلقا من المعارف المخزنة بالذاكرة ‪.‬‬
‫‪ o‬تكييف المعارف و المكتسبات مع خاصيات المشكلة ‪،‬و تأويل معطياتها‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪15‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫و تؤكد ‪ .Chevalier B‬على أن ‪ ":‬هذه القدرات ال تظهر بشكل طبيعي لدى التلميذ و إنما على مدرسيهم العمل‬
‫على مساعدتهم الكتسابها خلل مراحل التمدرس‪]17[" .‬‬
‫مراجع‬
‫فوزي الشربيني‪ .1997 .‬الموديوالت التعليمية بين النظرية والتطبيق‪ .‬الصفحة ‪ . 10 :‬مكتبة األنجلو المصرية‪ .‬القاهرة‪.‬‬
‫‪Gagné R. 1976. Les principes fondamentaux de l’apprentissage-application à l’enseignement.‬‬
‫‪.Québec. Ed. Etudes vivantes‬‬
‫[‪.AZERGUI M. Apprentissage ou bachotage. quotidien L’opinion. 10 Février 1997. P. 1]1‬‬
‫‪Méirieu P .1989 . Apprendre oui mais comment . Paris.ESF .P. 64‬‬
‫‪Chevalier .B.1993. Méthode pour apprendre, théorie et pratique. Paris. Nathan. P.126‬‬
‫باسط جعفر‪ .1997.‬مقاربة درجة وعي أساتذة العلوم الطبيعية بالثالثة ثانوي ع تج بأهمية تنمية بعض استراتيجيات التعلم لدى متعلمي‬
‫هذا المستوى لتحقيق الوثيرة المطلوبة إلنجاز المقرر‪ .‬بحث تربوي في إطار تدريب ميداني بنيابة مراكش خلل الموسم الدراسي‪:‬‬
‫‪.1997-1996‬‬
‫‪Leperlier G . 1993 . Modules d’ initiation à la méthodologie scolaire et à la formation‬‬
‫‪permanente.Lyon. Chronique Scolaire. page : 69‬‬
‫وزارة التربية الوطنية‪ .‬كتاب اللغة العربية‪ .‬السنة األولى ثانوي‪ .‬شعبة اآلداب‪ .‬كتاب التلميذ‪ .‬صفحة‪.28:‬و‪.48‬و‪ .63‬مطبعة النجاح‪.‬‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫محمد الدريج ‪ .‬مجلة االستذكار ‪ .‬عدد ‪ 1‬يناير‪ . 1998‬منشورات رمسيس‪ .‬ص ‪. 43 :‬‬
‫‪Berbaum. j. 1991. Développer la capacité d’apprendre . Paris . ESF . P: 175‬‬
‫[‪. Berbaum. j .Op .cit. p. 169 ]1‬‬
‫كليفورد ت‪.‬مورغان و آخرون‪ .‬فن الدراسة‪ .‬ترجمة فؤاد جميل‪ .‬مكتبة الحياة‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫محمد عدنان سالم‪ .1997 .‬القراءة ‪...‬أوال‪ .‬دار الفكر‪ .‬دمشق‪ .‬سوريا‪ .‬صفحة ‪.136-135- 133:‬‬
‫[‪.Astolfi.J.P. 1994. L’école pour apprendre. Paris . ESF .P: 107 ]1‬‬
‫[‪ ]1‬عزيز كعبوش‪ 1996.‬عن‪ .Liberté pour apprendre .Carl Rogers.‬مقال حرية التعلم‪ ،‬رؤية تربوية في التعلم الذاتي‪.‬‬
‫مجلة عالم التربية‪.‬عدد‪. 1:‬شتاء ‪ .96‬صفحة‪87 :‬‬

‫[‪ ]1‬فوزي الشربيني‪ .1997 .‬الموديوالت التعليمية بين النظرية والتطبيق‪ .‬الصفحة ‪ . 10 :‬مكتبة األنجلو المصرية‪ .‬القاهرة‪.‬‬
‫[‪Gagné R. 1976. Les principes fondamentaux de l’apprentissage-application à l’enseignement. ]2‬‬
‫‪.Québec. Ed.Etudes vivantes‬‬
‫[‪.AZERGUI M. Apprentissage ou bachotage. quotidien L’opinion. 10 Février 1997. P. 1]3‬‬
‫[‪AZERGUI M. op cit. Page : 3]4‬‬
‫‪AZERGUI M. op cit. Page : 3‬‬ ‫[‪]5‬‬
‫[‪ ]6‬فوزي الشربيني‪.‬نفسه ‪ .‬ص‪.12-11-10 :‬‬
‫[‪ ]7‬باسط جعفر‪. 1997.‬مقاربة درجة وعي أساتذة العلوم الطبيعية بالثالثة ثانوي ع تج بأهمية تنمية بعض استراتيجيات التعلم لدى‬
‫متعلمي هذا المستوى لتحقيق الوثيرة المطلوبة إلنجاز المقرر‪ .‬بحث تربوي ‪.1997.‬‬
‫‪]8[Leperlier G. 1993. Modules d’initiation à la méthodologie scolaire et à la formation‬‬
‫‪permanente. Lyon. Chronique Scolaire. Page 96‬‬
‫[‪ ]9‬وزارة التربية الوطنية‪ .‬كتاب اللغة العربية‪ .‬السنة األولى ثانوي‪ .‬شعبة اآلداب‪ .‬كتاب التلميذ‪ .‬صفحة‪.28:‬و‪.48‬و‪ .63‬مطبعة‬
‫النجاح‪ .‬البيضاء‪.‬‬
‫محمد الدريج ‪ .‬مجلة االستذكار‪ .‬عدد ‪ 1‬يناير‪ .1998‬منشورات رمسيس‪ .‬ص‪. 43 :‬‬
‫[‪. Berbaum. j . 1991. Développer la capacité d’apprendre . Paris . ESF . P: 175 ]10‬‬
‫[‪. j .Op .cit. p. 169. Berbaum ]11‬‬
‫[‪ ]12‬كليفورد ت‪.‬مورغان و آخرون‪ .‬فن الدراسة ‪.‬ترجمة فؤاد جميل‪ .‬مكتبة الحياة ‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫[‪ ]13‬محمد عدنان سالم‪ . 1997 .‬القراءة ‪...‬أوال ‪ .‬دار الفكر ‪ .‬دمشق ‪ .‬سوريا‪ .‬صفحة ‪. 136-135- 133:‬‬
‫[‪.Astolfi.J.P. 1994. L’école pour apprendre .Paris . ESF .P: 107 ]14‬‬
‫[‪ ]15‬عزيز كعبوش‪ 1996.‬عن‪ . Liberté pour apprendre .Carl Rogers.‬مقال حرية التعلم‪ ،‬رؤية تربوية في التعلم‬
‫الذاتي‪.‬مجلة عالم التربية‪.‬عدد‪. 1:‬شتاء ‪ .96‬صفحة‪87 :‬‬
‫[‪Méirieu P .1989. Apprendre oui mais comment. Paris.ESF. P. 64 ]16‬‬
‫[‪Chevalier.B.1993. Méthode pour apprendre, théorie et pratique. Paris. Nathan. P.126 ]17‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪16‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫التعبير البياني وديداكتيكـيـتـه في علوم الحياة و االرض‬
‫‪ -1‬ماهية التعبير البياني‪:‬‬
‫يمثل التعبير البياني " نوعا من التعبير غير اللفظي حيث يمكن من إبراز العلقات المتبادلة بين المعطيات‬
‫األساسية…إنه لغة مرموزة للتعبير عن األفكار و التواصل و بذلك فهو يشكل صورة مبسطة و وظيفية و منمذجة للواقع‬
‫" [‪ ]1‬و يعتبره المشرقي [‪ " ]2‬لغة كباقي اللغات غير أنه يزيد عنها جميعا حياة و قوة لكونه مستمدا من الطبيعة رأسا فهو‬
‫يعبر بالخطوط و األشكال و األلوان… و هو لغة يعرفها الطفل قبل أن يعرف القراءة و الكتابة و كثيرا ما يفهم الطفل‬
‫الصورة‪ Image/‬كما يفهمها الكبير سواء بسواء قبل أن تخط يده حرفا واحدا‪" .‬و إجماال فالتعبير البياني وسيلة تعبيرية‬
‫مرموزة غير لفظية كما تشكل تصويرا مبسطا و وظيفيا و منمذجا للواقع من خلل أشكال و خطوط و ألوان و رموز‪.‬أما‬
‫التوجيهات التربوية الرسمية فقد ميزت التعبير البياني عن بقية أجناس التعبير األخرى المكتوبة و المنطوقة و حددت أنواعه‬
‫في الرسوم و الرسوم التخطيطية( خطاطات ‪ ،‬تبيانات) و الرسوم البيانية ‪.‬‬
‫‪ -2‬وظائف التعبير البياني‪:‬‬
‫يعتبر التعبير البياني بمختلف أنماطه محركا للكتشاف العلمي باعتباره معينا على المفهمة وتبسيطا مرموزا للواقع‬
‫يسمح بتداول األفكار ونقدها وبالتالي بناء المعرفة‪ ،‬وعموما يمكن حصر وظائف التعبير البياني بشكل عام فيما يلي‪:‬‬
‫* وظيفة تواصلية باعتباره أداة لترجمة ملحظة بعض الظواهر القابلة للقياس بواسطة بيانات‪ .‬ولترجمة حصيلة الملحظات‬
‫بالرسوم والرسوم التخطيطية وللتعبير عن الصفات األساسية للشيء المرسوم فضل عن تبسيط الواقع واختزاله بأشكال سهلة‬
‫االستيعاب‪...‬‬
‫* وظيفة تشويقية حيث يعمل على إيقاظ اهتمام المتعلمين و تحفيزهم (قد تعوض النص لطرح المشكل و صياغة الفرض·‪..‬‬
‫* دعامة الكتساب التفكير العلمي باعتباره يمتاز عن باقي أنماط التعبير بالدقة و الموضوعية و تحاشي الحشو و اإلطناب‬
‫كما يتيح للمتعلم فرصة تذكر التمثلت المجردة و القدرة على التحويل و التحليل و التركيب و التنسيق بين اإلبصار و‬
‫الحركات اليدوية…‬
‫* المساعدة على اإلدراك والترسيخ في الذاكرة ومعالجة المعلومات و تركيز االنتباه·‬
‫* إعطاء صورة سريعة وشاملة وبينة عن الظاهرة المدروسة…‬
‫* تسهيل المقارنة وبالتالي طرح المشاكل…·‬
‫* وظيفة توضيحية‪ :‬التفسير والشرح و الفهم و تبسيط المعاني·‬
‫* إثارة التفكير و الخيال و سرعة تشكيل نماذج‬
‫*وظيفة وصفية‬
‫* وظيفة تقويمية للقدرات والكفايات‬
‫‪ -3‬أشكال التعبير البياني‪:‬‬
‫يشمل التعبير البياني أشكاال متنوعة تتضمن خطابا ومعارف معينة لتحقيق وظائف متعددة‪ :‬كالملحظة والتركيب و‬
‫الشرح و التوضيح و الترسيخ و االختزال المعرف و االنتقاء و حل مشكل مطروح‪ ،‬و نورد هنا هذه األشكال مرتبة حسب‬
‫درجة التجريد‪.‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪17‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫أ‪ .‬الصورة‪:‬‬
‫ترجمة لبعض مظاهر الواقع و تعتبرها ‪ " Anne Marie Drouin‬واقعا خاصا‪ ،‬باعتبارها الوسيلة األقرب و األكثر‬
‫تطابقا مع الشيء كما يمكن ملحظته في الواقع "[‪]3‬‬
‫ب‪ .‬الرسم ‪:Dessin /‬‬
‫تمثيل خطي مقارب و دقيق للشيء‪ ،‬يعبر عن الصفات األساسية ‪ ،‬أما ميزته فتتمثل في اعتباره التعبير الخطي األقرب‬
‫للحقيقة بعد الصورة ‪ ،‬تقول ‪ " : Drouin‬إنه أكثر عمومية و أقرب إلى المفهوم من الصورة ‪ ،‬إال أنه يظل أكثر وفاء للحقيقة‬
‫منها ‪ ،‬كما أنه نتيجة عملية انتقاء و اختيار من بين عناصر الشيء المرسوم و هي الخاصية األكثر داللة ‪ ،‬إنه تبسيط و كشف‬
‫عن ما هو أساسي‪ " .‬أما التعليمات الرسمية ( طبعة ‪ ) 85‬فترى " أنه يعبر عن الصفات األساسية للشيء‪ ،‬إنه ليس تصويرا‬
‫فوتوغرافيا بل يترجم النتائج التحليلية تاركا التفاصيل غير الضرورية كالظل مثل ‪ ،‬و يجب أن يكون الرسم انطلقا من‬
‫األنموذج الطبيعي مع مراعاة شكله‪".‬‬
‫ت‪ .‬الرسم التخطيطي ‪/‬خطاطة ‪ /‬تبيانة ‪:Schéma /‬‬
‫إنه خطوة أخرى في اتجاه التجريد بحيث أن ما كان ممثل في الرسم بعد االنتقاء و التركيب و إعادة التنظيم‪ ،‬يوجد في‬
‫الرسم التخطيطي بشكل متطور و مختزل و منظم فضل عن قيمة إجمالية و شمولية مميزة فالمكونات الجوهرية و العناصر‬
‫األساسية تبرز ألول وهلة في الموضوع المتمثل‪ .‬و يرى الدريج أن الرسم التخطيطي ‪ " :‬تمثيل يتضمن العناصر األساسية‬
‫في الموضوع الممثل و يهدف إلى إبراز مكوناته األساسية و ما يربطها من علقات و ما يحكمها من آليات‪ ]4[".‬أما‬
‫التعليمات الرسمية ( طبعة ‪ ) 85‬فتذهب إلى أنه " عبارة عن تعبير بياني لتجربة أو علقة بين مختلف أجزاء الشيء و‬
‫وظائفه‪ ،‬و يتسم الرسم التخطيطي بنوع من التجريد أكثر من الرسم‪ " .‬و عموما يمكن تمييز عدة أنماط من الرسوم‬
‫التخطيطية تستعمل بقوة في مادة العلوم الطبيعية‪ ،‬نذكر منها ‪ :‬الرسم التخطيطي الدائري ‪ -‬الخطي‪ - Linéaire/‬الهرمي –‬
‫خريطة طبوغرافية‪ -‬خريطة جيولوجية‪ -‬مقاطع جيولوجية – مظهر جانبي طبوغرافية‪ -‬نموذج خطاطي‪Modéle /‬‬
‫‪ -.schématique‬تصميم…‬
‫ث‪ .‬الرسم البياني ‪:Le Graphique/‬‬
‫يعتبر الرسم البياني اكثر تجريدا من الرسم التخطيطي ألن العناصر المعنية ليست ممثلة في حدد ذاتها بل بواسطة‬
‫المتغيرات التي تشكلها و ال تظهر هي نفسها إال على شكل قيم‪ Grandeurs /‬أو كميات تقرأ على شكل أقسام أو أجزاء في‬
‫دائرة أو نصف دائرة أو على شكل مستطيلت عمودية أو أفقية ( مدارج ) أو على شكل منحنيات…[‪ " ]5‬و‬
‫نظرا النقرائيته للوهلة األولى فإن الرسم البياني يمكن من إعطاء صورة شاملة و واضحة عن الظاهرة المدروسة بسرعة‬
‫كما يسمح بالمقارنات…‪ ،‬و يمكن تصنيف الرسوم البيانية حسب عدة معايير كالشكل أو الوظيفة…فهناك األهرامات (‬
‫هرم الطاقة …) و المنحنيات و المدراجات و األشكال الدائرية و نصف الدائرية و األخطوطات ‪. Diagramme‬‬
‫ج‪ .‬الجدول‪:‬‬
‫يشكل مظهرا تعبيريا وتنظيما إجماليا وعاما لمعطيات أو نتائج معينة‬
‫‪ -4‬األهمية البيداغوجية والقيمة التربوية للتعبير البياني‪:‬‬
‫يعتبر التعبير البياني بأنماطه المختلفة وسيلة ديداكتيكية و تواصلية و استراتيجية ال يمكن االستغناء عنها في تدريس‬
‫مادة علوم الحياة و االرض ‪ ،‬فهو إلى جانب مساهمته في استدراج المتعلم إلى بناء المفاهيم العلمية و اختزالها باعتبار أثر‬
‫التعبير الخطاطي على عمل الذاكرة ‪ ،‬يساعد على تحقيق العديد من األهداف المعرفية و الوجدانية و الحسحركية فضل‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪18‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫عن كونه يسمح بتجاوز بعض العوائق و الصعوبات لدى المتعلمين الذين تواجههم مشاكل في التعبير الكتابي كما يعمل على‬
‫إيقاظ اهتمام المتعلمين و تحفيزهم و تطوير إبداعهم و زيادة سعة مخزون ذاكراتهم و قدرتها على االحتفاظ و االنتظام و‬
‫التماسك و تزويدهم بخبرات باقية األثر و تقويمهم مما يحقق الجودة في التدريس وتستعمل أنماط التعبير البياني كوثائق‬
‫تعليمية للستثمار مما يستلزم استغللها بعقلنية وموضوعية كافيتين في الحاالت التالية‪:‬‬
‫× النطلق الحوار عند مقاربة الدروس‬
‫× لتدارك واستكمال بعض المعارف الناقصة…‬
‫× الستخلص المعلومات المتنوعة (رسوم‪ ،‬خرائط…)‬
‫× الختزال المعارف وتمريرها للمستهدفين عبر قناة تواصلية بسيطة وواضحة‬
‫× للبرهنة واالستشهاد …‬
‫× لتقويم إنجازات المتعلم ونواتج تعلمه…‬
‫و إجماال يمكن إبراز القيمة التربوية للتعبير البياني في االستعماالت التالية ‪]6[ :‬‬
‫بعض االستعماالت الممكنة‬ ‫الوثائق‬
‫× دعامة مرجعية لملحظة الكائن الحي والعينات الطبيعية‬
‫× دعامة معوضة لغياب الكائن الحي أو العينات الطبيعية‬
‫× دعامة مرجعية تساعد على إنجاز تجريب أو تشريح…‬
‫الصورة‬
‫× دعامة لملحظة الظواهر الدينامية التي تصعب ملحظتها مباشرة…‬
‫× دعامة لملحظة الظواهر الطبيعية التي تستغرق وقتا طويل…‬
‫× دعامة لربط التعبيرين الكتابي والبياني‬
‫× ربط العلقة بين الصورة الفوتوغرافية والرسم أو الرسم التخطيطي‪.‬‬
‫× تنمية القدرة على المرور من الملموس إلى المجرد…‬
‫الرسم‪/‬الرسم التخطيطي‬
‫× تمكين التلميذ من استعمال األدوات المقدمة (عدة تجريبية‪)..‬‬
‫× تنمية القدرة على فك رموز الرسوم والرسوم التخطيطية‪.‬‬
‫× دعامة لتوجيه الملحظة أو التشريح أو التجريب‪.‬‬
‫× توفر نتائج التجارب التي يستحيل القيام بها في الفصل‪.‬‬
‫× يؤدي تحليلها إلى التوصل لمعلومات دقيقة‪.‬‬
‫× تنمي قدرة الملحظة والتحليل والمقارنة واالستنتاج و التركيب‪.‬‬
‫الرسم البياني ‪ /‬الجدول‬
‫× تعطي صورة شمولية وواضحة لظاهرة معينة يسهل استغللها من طرف المتعلم‪.‬‬
‫× توفر دعامة لصياغة فرضيات أو اختبارها‬
‫× تساهم في الفهم الجيد للظواهر المدروسة‬

‫[‪Vuilleumier.V,1986,Signes et discours dans l'éducation et la vulgarisation scientifique , éditeurs, ]1‬‬


‫‪Paris, PP :98‬‬
‫[‪ ]2‬محمد محيي الدين المشرقي وآخرون‪ .‬التكوين المهني‪ .‬الجزء الثالث‪ .‬نشر دار الكتاب‪ .‬الدار البيضاء‪ .‬ص‪104 :‬‬
‫[‪.Anne Marie Drouin. Les images comme signes. ASTER.n ° 4.1987. p. 405 ]3‬‬
‫[‪ ]4‬محمد الدريج ‪ .1992.‬األسس النفسية والتربوية للتعبير التخطيطي‪ ،‬مجلة علوم التربية‪ .‬عدد‪ .3‬ص ‪.90‬‬
‫[‪ ، .A. M. Drouin ]5‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫[‪ ]6‬متيل ح و مطراش ع ‪ ،1996،‬تصورات األساتذة حول التعبير البياني في مادة العلوم الطبيعية‪ ،‬بحث تربوي ‪ ،‬مركز تكوين‬
‫المفتشين الرباط ‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪19‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫التحفيز وإثارة دافعية التلميذ للتعلم‬
‫مقدمة‬

‫‪ .1‬ماهية التحفيز وأهدافه‪:‬‬


‫‪ .1.1‬مفهوم التحفيز‪:‬‬
‫يرى ‪ Gagné‬أن التحفيز‪ " :‬قوى داخلية تدفع الفرد إلى الفعل " [‪ ، ]1‬أما ‪ Mucchielli.R‬فيعتقد أنه‪ " :‬كل توتر‬
‫وجداني ‪ -‬العاطفة‪ ،‬الرغبة‪ ،‬التطلع‪،‬الميل‪،‬الحاجة‪ -…،‬يمكن أن يثير و يدعم فعل معينا‪ ،‬و الحوافز قوى دينامية و نشيطة‬
‫تسير و توجه السلوك نحو أهداف معينة‪ ، ]2[ ".‬و بالنسبة لمحمد زياد حمدان فهو‪" :‬قوة ذاتية نابعة من الفرد ‪ ،‬أو خارجية‬
‫نابعة من البيئة المحيطة تثيره و تحركه و توجه سلوكه لتحقيق غاية يشعر بأهميتها المادية أو النفسية في حياته‪]3[" .‬‬

‫و إجماال‪ ،‬فالتحفيز حالة جسمية أو نفسية نابعة من التلميذ أو خارجية نابعة من الوسط‪ ،‬تستثير فيه السلوك أو العمل و‬
‫توجهه إلى غاية معينة ‪ ،‬قصد إشباع حاجة ‪.‬و هي بذلك تستلزم ثلثة فواعل أساسية ‪:‬‬
‫‪ .1‬منبه‪ ،‬و هو وعي التلميذ أو شعوره الذاتي بحاجة ما ‪.‬‬
‫‪ .2‬الحافز‪ ،‬وهو قوة نفسية تستثير فيه الرغبة إلشباع الحاجة‪( .‬االستجابة)‬
‫‪ .3‬النشاط أو السلوك‬
‫‪ .2.1‬أهداف التحفيز للتعلم‪:‬‬
‫تتحدد أهداف التحفيز في‪:‬‬
‫✓ رفع درجة المشاركة اإليجابية للتلميذ في المواقف التعليمية ب‪:‬‬
‫تنشيط السلوك وتحريكه بمعنى خلق انتباه الفرد لشيء معين‬ ‫•‬
‫توجيه السلوك نحو مقصد معين بمعنى مواصلة النشاط أو السلوك نحو الهدف المسطر‪.‬‬ ‫•‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪20‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫المحافظة على ديمومة السلوك حتى يتحقق الهدف طالما بقي الفرد محفزا وبقيت الحاجة قائمة‪.‬‬ ‫•‬
‫✓ تحصيل تعلم عميق وفعال بأقل جهد ووقت ممكن‪ ،‬و ذو أثر بعيد‪.‬‬
‫✓ الحد أو التقليل من ظهور مشكلت النظام والضبط الصفي‪.‬‬
‫‪ .2‬أنواع حوافز التعلم‪:‬‬
‫تعدد تصنيفات الحوافز بتعدد مصدرها ‪،‬و صيغتها أو ماهيتها ‪ ،‬وطبيعتها و بمكن تصنيف أنواع الحوافز المتوفرة لدى‬
‫التلميذ بالنسبة لمصدرها إلى داخلية ‪ Intrinsèque‬و إلى خارجية ‪Extrinsèque‬‬

‫‪ .1 .2‬حوافز داخلية للتعلم‬

‫‪ .2 .2‬حوافز خارجية للتعلم ‪:‬‬

‫‪ . 1. 2. 2‬أساليب التحفيز الخارجي ‪:‬‬


‫يتخذ الحفز الخارجي أشكاال متعددة منها ‪:‬‬
‫‪ o‬التشجيع‬
‫‪ o‬استخدام األسئلة الصفية المحفزة للبحث والتقصي‪.‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪21‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫‪ o‬تنويع الوسائل التعليمية والمخبرية والدعامات الديداكتيكية‪.‬‬
‫‪ o‬تنويع الطرق والنهوج المختلفة (إلقاء‪ -‬حوار‪ -‬استقراء‪-‬استنباط‪-‬نهج تجريبي‪-‬وضعية مسألة…)‬
‫‪ o‬تنويع وتغيير مكونات البيئة التعليمية أحيانا (خرجات دراسية جيولوجية – بيئية…)‬
‫‪ o‬توظيف الثواب‪ ،‬معنويا وماديا‪.‬‬
‫‪ .2. 2. 2‬الثواب‪:‬‬
‫للثواب قيمة تربوية مهمة في إثارة الدافعية و تعزيز مشاركة التلميذ اإليجابية خلل بناء الدروس‪ ،‬مما يستلزم مراعاة‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ o‬تنويع أساليبه‪.‬‬
‫‪ o‬توظيف أساليبه في الوقت المناسب‬
‫استخدامه بشكل فعال‪ :‬تناسب الثواب مع نوعية االستجابة أو السلوك المثاب‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫‪ o‬اقتران وربط اإلثابة دائما بالسلوك الذي بررها‪.‬‬
‫‪ o‬عدم اإلسراف في توظيف أساليب اإلثابة حتى ال تفقد وقعها ووزنها لدى المستهدفين‪.‬‬
‫‪ .3 .2.2‬العقاب المعنوي كأسلوب تعزيز‪:‬‬
‫قد يضطر المدرس أحيانا إلى استخدام أساليب العقاب المعنوي أو االجتماعي لتعديل سلوك سلبي و تثبيطه أو إلطفاء استجابة‬
‫غير محبذة ومحوها‪ ،‬إال أنه ينبغي مراعاة ما يلي‪:‬‬
‫• عدم تجاوز العقاب المعنوي حدوده الموضوعية كاإلهانة والتجريح و القسوة و التشهير‪.‬‬
‫• استبعاد اإليذاء النفسي إطلقا‪.‬‬
‫• استبعاد العقاب الجماعي‪.‬‬
‫• أفضلية األساليب الوقائية من األساليب العلجية‪.‬‬
‫• ربط العقاب المعنوي دائما بالسلوك غير المحبذ‪.‬‬
‫• قد يشكل تعزيز سلوك إيجابي لمتعلم‪ ،‬عقابا آلخر يقوم بسلوك غير محبذ‪.‬‬
‫قد يشكل إهمال استجابة سلبية لتلميذ أحيانا تعزيزا سلبيا مطلوبا لها‪ ،‬ويشكل هذا نوعا من أنواع العقاب‪.‬‬
‫‪ .4.2.2‬ممارسات صفية تثبط الدافعية والتحفيز‪:‬‬
‫• استعمال أساليب الوعيد والتهديد‪.‬‬
‫• السخرية واالستهزاء واالزدراء من اآلراء التي تختلف عن الرأي الشخصي‪.‬‬
‫• التسلط بفرض اآلراء والمشاعر الخاصة على المتعلمين‪.‬‬
‫• استعمال أساليب اإلرهاب الفكري‪.‬‬
‫• النقد الجارح لسلوك وآراء المستهدفين‪.‬‬
‫• عدم االنتباه ألسئلة المتعلمين وإهمالها‪.‬‬
‫• عدم إتاحة الفرصة للتلميذ للحوار والمناقشة و احتكار الموقف التعليمي‪.‬‬
‫• سوء استعمال اإلثابة أو اإلسراف فيها – دون استحقاق أو في غير محلها…‪-‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪22‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ .3‬مؤشرات دالة على حالة التحفيز‪:‬‬
‫هناك مجموعة من السلوكات و المواصفات التعلمية التي يمكن اعتبارها مؤشرات ‪ ، / Indicateurs‬دالة على درجة تحفيز‬
‫التلميذ‪ ،‬مما يفيد المدرس في تقويم استراتيجيته التحفيزية‪:‬‬
‫تجلياتها‬ ‫السلوكات‬
‫ديمومة الرغبة في التعلم‪ ،‬في غياب المراقبة ورغم الصعوبات و طول المدة‪.‬‬ ‫•‬ ‫االستمرارية‬ ‫‪1‬‬
‫إبداء مواقف تنم عن الحس التعاوني إزاء الزملء والمدرس على السواء‬ ‫•‬ ‫‪2‬‬
‫التعاون‬
‫تقبل اآلخر‪ ،‬الحوار‪ ،‬التصحيح للغير‪ ،‬تقديم العون والمساعدة له‪ ،‬التنسيق معه‬ ‫•‬
‫إنجاز مختلف األنشطة التعلمية من دون تأفف‬ ‫•‬ ‫‪3‬‬
‫التقبل‬
‫تقبل األخطاء والثغرات والعمل على تصحيحها‬ ‫•‬
‫إبداء االرتياح واإلعجاب بأنشطة التعلم‬ ‫•‬ ‫‪4‬‬
‫الرضى واالرتياح‬
‫التطوع إلنجاز األنشطة التعلمية‪ ،‬والمساهمة التلقائية فيها‪.‬‬ ‫•‬
‫القيام بأعمال إضافية‪ :‬المساهمة في عروض‪ ،‬التهييء القبلي‪ ،‬جلب معلومات‪،‬‬ ‫•‬ ‫‪5‬‬
‫بذل المجهودات اإلضافية‬
‫طرح تمارين‬

‫‪ .4‬إجراءات وتطبيقات عامة لتحفيز المتعلم‪:‬‬


‫انسجام وملئمة أهداف الدرس لحاجات التلميذ العقلية والنفسية واالجتماعية وربطها باهتمامه و انشغاالته‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫تناسب وملئمة مضامين الدروس وأنشطة التعلم لقدرات التلميذ وكفاياتهم ومميزاتهم االدراكية و النمائية و‬ ‫‪.2‬‬
‫مستوى تفكيرهم‪ ،‬حتى تستفزهم و تستدرجهم إلنجازها‪.‬‬
‫تنويع أنشطة وأساليب التعلم ما أمكن ذلك‪ :‬أعمال تطبيقية‪ ،‬رسوم‪ ،‬رسوم تخطيطية‪ ،‬تمارين مدمجة‪… ،‬خلقا‬ ‫‪.3‬‬
‫للتشويق و إثارة للدافعية‪.‬‬
‫استدراج التلميذ لإلسهام في التخطيط لمراحل ومقاطع الدرس‪ :‬طرح وتلمس التساؤل مشكل الدراسة وصياغته‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫بدل فرضه عليه‪ .‬واقتراح فرضيات وتصور عدد تجريبية…‬
‫ربط أنشطة التعلم بالمحيط والتجربة اليومية والمواقف الحياتية للمستهدفين تمكينا لهم من إدراك أهمية التعلم في‬ ‫‪.5‬‬
‫الحياة‪ ،‬مما يفضي إلى الرفع من درجة مشاركتهم‪.‬‬
‫مراعاة الفوارق الفردية‪ :‬بطيئي التعلم‪ ،‬المتوسطون…‪ ،‬دمجا للجميع واستجرارا لمشاركتهم‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫استعمال المرح والنكتة الهادفة أحيانا خلل الحوار‪ ،‬لتجنيب التلميذ السأم وضيق النفس الذي قد يشعرون بهما…‬ ‫‪.7‬‬
‫التنويع في طرح أسئلة مثيرة ومحيرة‪ ،‬تخلق الدهشة والصدمة و تثير تفكير التلميذ و تتحدى عقله و تشكل دافعا‬ ‫‪.8‬‬
‫و محفزا داخليا ‪ Intrinsèque‬للتفكير المستمر و البحث و التقصي و التساؤل و االستنتاج‪.‬‬
‫تقديم الدرس في قالب إشكالي وتجنب الصيغ السردية‪ ،‬فاالنطلق من وضعية إشكالية يخلق لدى المتعلم حالة من‬ ‫‪.9‬‬
‫اللتوازن المعرفي‪ /‬حاجة…‬
‫إبراز الفائدة من تعليم مضامين معينة بتوضيح بعدها الوظيفي والتطبيقي حتى يدرك المتعلم جدوى تعلمها و‬ ‫‪.10‬‬
‫اكتسابها‪.‬‬
‫التنويع المستمر للنهوج العلمية الموظفة‪ ،‬وضعية مسألة‪،‬نهج تجريبي…‪ ،‬و للطرق التعليمية‪،‬حوارات‬ ‫‪.11‬‬
‫متعارضة‪،‬عمل مجموعات…‪،‬مما يعزز مشاركة التلميذ‬
‫توظيف أساليب التعزيز والثواب بأنماطه المعنوية و المادية‪ ،‬مما يؤدي إلى إثارة دافعية التلميذ و رفع مستواها‪.‬‬ ‫‪.12‬‬
‫إن دينامية المدرس في عمله و حيويته و حماسته في إنجازه يخلق حب العمل و التعلم عند تلمذته و يثير دافعيتهم‪.‬‬ ‫‪.13‬‬

‫إن توظيف الوسائل التعليمية و الدعامات الديداكتيكية المناسبة و إدماجها في الوقت المناسب‪،‬يسهم في جذب‬ ‫‪.14‬‬
‫االنتباه و تعزيز المشاركة‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪23‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫إن التحضير و التخطيط الجيد للدرس‪ ،‬و التسلسل المنطقي ‪ Progression‬الموفق لجميع عناصره و التكامل‬ ‫‪.15‬‬
‫المنسق ألنشطته من شأنه أن يعمل على جذب انتباه التلميذ طيلة الدرس‪.‬‬
‫اإلعلن دوما عن أهداف الحصة أو أنشطة التعلم و إشراك التلميذ فيها مما يضمن قدرا كافيا من التحفيز خلل‬ ‫‪.16‬‬
‫سيرورة الدرس ككل لحين تحقيق الهدف‬
‫تقديم المفاهيم العلمية والخبرات التعليمية المركبة من خلل البسيطة والصعبة من خلل السهلة و الكل من خلل‬ ‫‪.17‬‬
‫الجزء… أي توظيف النهج االستقرائي‪ ،‬مما يقلل من خوف التلميذ من عدم المعرفة و صعوبتها و يحفزه على‬
‫المشاركة‪.‬‬
‫التنبه لحاالت عدم ارتياح المتعلمين بالبيئة الصفية وإزالة األسباب المفضية لذلك‪ :‬حرارة زائدة فتح النوافذ…‬ ‫‪.18‬‬
‫تقليل فرص الرتابة وتجاوزالممارسات النمطية في التدريس‪ ،‬فالرتابة والنمطية تخلقان الملل وتدنيا درجة االنتباه‬ ‫‪.19‬‬
‫تشجيع روح التعاون والتنافس و توفير جو مأله األمن و الحرية و األداء داخل القسم‬ ‫‪.20‬‬
‫تنمية حب االستطلع بتهييء مواقف البحث واالستطلع في الوضعيات التعليمية ورعاية البحث و تشجيعه لدى‬ ‫‪.21‬‬
‫المتعلمين‪.‬‬
‫خلق جو تنافسي خلل وضعيات التعلم لتنشيط الطاقات و الجهود للتعلم و حتى يعمل كل تلميذ إزاءه على تأكيد‬ ‫‪.22‬‬
‫ذاته أمام اآلخرين (تلبية حاجة التلميذ إلى تأكيد الذات )‬

‫قائمة بالمراجع و المصادر‬


‫* بالعربية‬
‫·عبد اللطيف الفارابي و آخرون‪ .‬القيم و المواقف‪ .‬سلسلة علوم التربية ‪ . 8‬الشركة المغربية للطباعة و النشر‪ .‬الدار‬
‫البيضاء ‪.‬‬
‫·عبد الكريم غريب و آخرون‪ .‬في طرق و تقنيات التعليم ‪ .‬سلسلة علوم التربية ‪ .7‬الشركة المغربية للطباعة و النشر‪ .‬الدار‬
‫البيضاء ‪.‬‬
‫·ذوقان عبيدات و آخرون ‪ .‬التدريس الفعال‪ .‬المكتبة التربوية المعاصرة‪.‬دار الفكر‪.‬األردن ‪.‬‬
‫·رفعت محمد بهجات ‪ .1999.‬تدريس العلوم الطبيعية ‪.‬عالم الكتب‪ .‬القاهرة ‪.‬‬
‫·محمد زياد حمدان‪ .1997.‬التعلم المدرسي تحفيزه و إدارته و قياسه التربوي ‪.‬دار التربية الحديثة‪.‬عمان ‪.‬‬
‫·محمد زياد حمدان‪. 1998 .‬التربية العملية للطلب …دار التربية الحديثة‪.‬عمان ‪.‬‬
‫·يوسف قطامي‪.1989 .‬سيكولوجية التعلم و التعليم الصفي‪.‬دار الشروق ‪.‬عمان‬
‫* بالفرنسية‬
‫• ‪· Legendre. R. 1988. Dictionnaire actuel de l'éducation. Larousse. Paris. France.‬‬
‫• ‪· Mucchielli.R. 1979. Les Méthodes actives dans la pédagogie des adultes. ESF. Paris‬‬

‫[‪.Legendre. R. 1988. Dictionnaire actuel de l'éducation. Larousse. Paris. France ]1‬‬


‫[‪Mucchielli.R. 1979. Les Méthodes actives dans la pédagogie des adultes. p : 66. ESF. ]2‬‬
‫‪Paris‬‬
‫[‪ ]3‬محمد زياد حمدان ‪ ،1998،‬التعلم المدرسي تحفيزه و إدارته‪ ،‬دار التربية الحديثة‪ ،‬عمان ص‪7‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪24‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫ندوة تربوية‪ :‬الكتاب المدرسي‪ ،‬أهميته وكيفية تقويمه‬
‫عبد اللطيف فرعي‬ ‫أهــــــداف الندوة‪:‬‬
‫▪ التحسيس بأهمية دور الكتاب المدرسي كوثيقة تربوية – تعليمية‪.‬‬
‫▪ تكوين فكر ناقد و ممحص للكتاب المدرسي و تقويمه بناء على شبكة تقويم خاصة في أفق ضبط كيفية التعامل معه‬
‫و حسن استثماره‪...‬‬
‫المدخــــــــــل‪:‬‬
‫لقد عرف الكتاب المدرسي في العقود األخيرة تطورا واستعماال كبيرين‪ ،‬في المؤسـسات التعليمية والتكوينية على‬
‫السواء‪ .‬وعلى المستوى العالمي ‪ ،‬فإن هذه األداة الديداكتيكية تشكل حاليا الدعامة األساسية األكثر استعماال ‪،‬حيث أنه يستهلك‬
‫‪ %85‬من الميزانية العالمية المخصصة للوسائل البيداغوجية حسب تقرير لمنظمة اليونسكو ‪.1990‬‬
‫ونظرا ألهمية الموضوع ارتأينا أن نتطرق إليه في هذه الندوة حسب التصميم التالي‪:‬‬
‫* تعريف الكتاب المدرسي‬
‫* ما علقته بالمنهاج الدراسي؟‬
‫* ماهي وظائفه؟‬
‫* ما هي خصائصه؟‬
‫* وأخيرا كيفية تقويمه‪.‬‬
‫‪ -I‬تعريف الكتاب المدرسي ‪:‬‬
‫يعتبر الكتاب المدرسي وثيقة تربوية تعتمد في جل العمليات التعليمية والتكوينية‪ .‬والمقصود بالوثيقة التربوية أنها وثيقة‬
‫مكتوبة مصحوبة برسوم وصور توضيحية متنوعة‪ .‬وتهدف بالخصوص إلى الدفع بعملية التعلم نحو حدود قصوى‪ .‬ومن‬
‫أجل ذلك ‪ ،‬يقترح الكتاب المدرسي معلومات ومحتويات‪ ،‬ويعرض الوسائل والعمليات التي تتيح اكتسابها وامتلكها ‪ ،‬تمهيدا‬
‫لبلوغ معارف جديدة ومهارات عملية وخبرات حياتية محددة‪.‬‬
‫تعريف دوالندشير ‪ De landsheere‬للكتاب المدرسي‪:‬‬
‫" الكتاب المدرسي مؤلف ديداكتيكي يأتي في هيئة كتاب أو ملف أو بطاقات‪ .‬والمقصود من وضعه هو مساعدة المتعلم‬
‫على اكتساب ما يفترض أنه أساسي من المعارف أو المهارات العملية أو الخبرات الحياتية‪ ،‬وذلك في صلة وثيقة مع برنامج‬
‫معين وأهداف محددة‪ .‬ومن الضروري أن يشكل الكتاب المدرسي أداة لتحفيز المتعلم على استعمال العمليات الذهنية كالفهم‬
‫والتحليل والتركيب والترتيب والتصنيف‪ ،...‬وعلى تمكينه من تقويم ما تعلمه"(دوالندشير‪)1982‬‬
‫‪ - II‬الكتاب المدرسي وعالقته بالمنهاج الدراسي‪ .‬أو(الكوريكيلوم)‪.‬‬
‫يقصد بالمنهاج الدراسي جملة العمليات المخططة والضرورية لحصول التعلم؛ إنه عبارة عن كل متسق ومتكامل‪ ،‬ويتضمن‬
‫أربعة عناصر عامة وهي‪:‬‬
‫• غايات وأهداف التعليم أو التكوين على شكل معارف أو مهارات عملية أو خبرات حياتية؛‬
‫• المحتويات (المادة الدراسية)؛‬
‫• وسائل وأدوات مقترحة تسمح ببلوغ األهداف المحددة (األنشطة‪ ،‬الوسائل‪ ،‬الطرائق ‪)....‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪25‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫• أساليب وإجراءات التقويم لقياس مدى بلوغ األهداف‬
‫من خصوصيات الكاتب المدرسي‪ ،‬أنه يعمل على دمج مختلف عناصر المنهاج؛ بحيث تشكل وحدة متناسقة وفاعلة‪ .‬وتوضح‬
‫الخطاطة التالية ذلك‪:‬‬

‫‪ -III‬وظائف الكتاب المدرسي ‪.‬‬


‫يلعب الكتاب المدرسي وظائف متعددة ومتنوعة‪ ،‬ومن أهمها ما يلي‪:‬‬
‫* الوظيفة اإلخبارية؛‬
‫* الوظيفة التعليمية أو التكوينية؛‬
‫* وظيفة التمرين والتدريب؛‬
‫* وظيفة الدعم و التقويم‪.‬‬
‫‪ )1‬الوظيفة اإلخبارية‪:‬‬
‫تتمثل هذه الوظيفة في جانبين أساسيين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تقديم التصورات واألفكار والمعارف والمنهجيات والقواعد والمبادئ والقوانين بمعنى كل ما يتعلق بالمادة الدراسية ‪.‬‬
‫وهذا التقديم يتخذ في الغالب صيغة مهيكلة ومبوبة ومرتبة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تفسير التصورات واألفكار من خلل بيانات ورسوم وصور وتطبيقات متنوعة‪.‬‬
‫‪ )2‬الوظيفة التعليمية أو التكوينية‪:‬‬
‫من أهداف هذه الوظيفة‪ ،‬أن يسعى الكتاب المدرسي إلى إثارة نشاط المتعلم وجعله قادرا على توظيف العمليات العقلية‬
‫الذهنية المتنوعة‪ ،‬واكتساب القدرات والمهارات المتعددة‪...‬وتتيح هذه الوظيفة للمتعلم إمكانية التعلم الذاتي والمبادرة والفعالية‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪26‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫واإلبداع‪ .‬وتحتم هذه الوظيفة أن يكون الكتاب المدرسي منظما على شكل مقاطع أو وحدات تعليمية متسلسلة ومتدرجة من‬
‫حيث التركيب ومستوى الصعوبة‪.‬‬
‫‪ )3‬وظيفة التمرين والتدريب‪:‬‬
‫يخصص الكتاب المدرسي فضاءات محددة لتدريب المتعلم على ممارسة بعض األنشطة أو حل بعض المشكلت ‪.‬‬
‫وتسعى هذه الوظيفة إلى تمكين هذا المتعلم من نقل مكتسباته من وضعيات تعلمية إلى أخرى جديدة‪،‬وعادة ما تدرج التمارين‬
‫واألنشطة التدريبية في ختام كل مقطع أو جزء مكتمل من الكتاب المدرسي‪ .‬ومن المفيد جدا أن يتوخى هذا الكتاب المدرسي‪،‬‬
‫ضمن هذه الوظيفة‪ ،‬تنويع األنشطة والوضعيات التدريبية؛ بحيث تتجاوز مجرد اعتماد نشاط الذاكرة إلى كل ما يستدعي‬
‫استعمال الوظائف العقلية العليا األخرى‪.‬‬
‫‪ )4‬وظيفة الدعم والتقويم‪:‬‬
‫تتمثل هذه الوظيفة في مختلف األنشطة والمسائل التي يدرجها الكتاب بهدف تقويم حصيلة التعلم‪ ،‬وتزويد كل من‬
‫المدرس والمتعلم بمعلومات متعلقة بمدى تحقق األهداف المنشودة‪ .‬ومن الضروري أن تكون األسئلة أو المسائل المطروحة‬
‫مصحوبة باألجوبة الصحيحة‪ ،‬ومرفوقة بمعايير النجاح المعتمدة‪ .‬كما أنه من اللزم أن تصنف تلك األسئلة أو المسائل تبعا‬
‫الرتباطها بالتقويم التكويني و الدعم من جهة أو بالتقويم اإلجمالي من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ -IV‬بعض خصائص الكتاب المدرسي المطلوبة ‪:‬‬
‫أشارت العديد من الدراسات التربوية الحديثة إلى عدة خصائص و مميزات ينبغي أن تطبع كل كتاب مدرسي و منها أن‪:‬‬
‫• ينظم الكتاب المدرسي على شكل وضعيات‪-‬مسائل‪ ،‬ويقدم للمتعلم وضعيات قريبة من تلك التي يعيشها في حياته ‪.‬‬
‫يمكن الكتاب المدرسي من استثمار موارد متنوعة وذلك بمنح طرق وأدوات استداللية يمكن استغللها واستثمارها لحل‬
‫الوضعيات‪-‬المسائل ‪.‬‬
‫• يجعل الكتاب المدرسي المتعلم أكثر حيوية‪ ،‬وذلك بتنظيم التعلم حول أنشطة وأعمال تمكنه من تحقيق إنتاجات مهمة‬
‫وضرورية ‪.‬‬
‫• ينظم الكتاب المدرسي وضعيات تجابه بين المتعلمين لغاية تشجيعهم على خلق صراع سوسيوثقافي ‪.‬‬
‫• يشجع الكتاب المدرسي على التقويم المتمركز حول المتعلم ‪.‬‬
‫• يركز الكتاب المدرسي على بنينة المعلومات الجديدة من طرف المتعلم‪ ،‬وذلك بحرصه على تهييئ لحظات تحويل‬
‫وتركيب وإمكانية إدماج‪.‬‬
‫تقويم الكتاب المدرسي (شبكة كزافيي ‪)Xavier‬‬ ‫‪-V‬‬
‫من الطبيعي أن يعقب كل عمل مرحلة أساسية هي التقويم والهدف منه هو جمع معطيات ومعلومات كافية التخاذ‬
‫قرارات تسمح بتحسين العمل (المشروع‪/‬الكتاب المدرسي)‪.‬‬
‫ويمكن أن نميز هنا نوعين من التقويم؛ تقويم داخلي وتقويم خارجي‪.‬‬
‫أما التقويم الداخلي فيقصد به عملية يساهم فيها الشخص أو األشخاص الذين قاموا بإعداد الكتاب المدرسي‪ .‬وأما التقويم‬
‫الخارجي فإنه يتم من خلل جميع آراء وأحكام أشخاص لم يشاركوا قط في إعداد أو بناء الكتاب المدرسي؛ ومن بين‬
‫األشخاص الذين يمكن التوجه إليهم أثناء عملية التقويم هاته نجد المسؤولين التربويين‪ ،‬واألشخاص الممارسين في الميدان‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪27‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫من مدرسين ومكونين ومفتشين ومستشارين تربويين‪ ....‬إال أن عملية التقويم ال تكون اعتباطية‪ ،‬بل تكون متصفة بقدر كاف‬
‫من الموضوعية والدقة‪ ،‬وعليه ينبغي أن يكون التقويم محققا لثلثة شروط أساسية وهي‪ :‬الموضوعية والثبات والصلحية؛‬
‫فما المقصود بهذه المفاهيم الثلثة؟‬
‫* الموضوعية‪ :‬وتعني باألساس ابتعاد عملية التقويم عن كل نوع من االنطباعات والتأويلت الشخصية أو الذاتية‪.‬‬
‫* الثبــــــات‪ :‬وهي سمة تميز التقويم عندما يتكرر لمرات عديدة دون أن يؤدي ذلك إلى تغير في النتائج المحصل عليها‪.‬‬
‫* الصالحيــة‪ :‬وتعني أن يكون هناك تطابق بين أداة التقويم والموضوع الذي صممت من أجل تقويمه‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه‪ ،‬أن وضع أية أداة تقويمية (شبكة التقويم) تعتبر من األمور التي تتطلب مجهودات جادة وشاقة؛ وكي‬
‫نكون عمليين في تقويم الكتاب المدرسي نقترح شبكة كزافيي لتقويم الكتاب المدرسي‪ .‬تهدف هذه الشبكة إلى تحقيق هدفين‬
‫أساسيين‪:‬‬
‫‪ -‬تقويم الخصائص البيداغوجية والمادية للكتاب المدرسي؛‬
‫‪ -‬اختيار الكتب األكثر انسجاما مع حاجيات الجمهور المستهدف من بين الكتب المعروضة في األسواق‪.‬‬
‫ملحوظـــــــــــة‪:‬‬
‫قد تم إعداد هذه الشبكة بصورة تجعلها قابلة للتطبيق على كل الكتب المدرسية بغض النظر عن المادة الدراسية وعن‬
‫وضعية الكتاب داخل سياق المنهاج الدراسي(تعليم أولي‪ -‬تعليم أساسي‪ -‬وتعليم ثانوي)(انظر الشبكة في الملحق)‪.‬‬
‫تنقسم الشبكة إلــى ‪ 13‬قسم وكل قسم يقترح مجموعة من المعايير التقويمية لقياس خصائص الكتاب المدرسي‪.‬‬
‫وخصص حيز فارغ في نهاية كل قسم إلعطاء اقتراحات تهدف إلــى تحسين الكتاب المدرسي‪.‬‬
‫كيفية استعمال الشبكة ‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة قراءة الشبكة قراءة تامة‪،‬‬
‫‪ -‬إذا كان الكتاب يستجيب لمعيار ما من معايير التقويم‪ ،‬يضع المقوم علمة( ‪ ) x‬في خانة نعم‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا لم يستجب للمعيار المعني فتوضع علمة ( ‪ ) x‬في خانة ال ‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا كانت بعض أجزاء الكتاب مطابقة للمعيار وبعض أجزائه ال تستجيب له‪ ،‬وجب على المقوم أن يضع العلمة في‬
‫خانة جزئيا‪ .‬وفي هذه الحالة يجب تحديد الفصل أو الصفحة أو عند االقتضاء الفقرة التي ينبغي مراجعتها‪.‬‬
‫خـــــــــاتمة‪:‬‬
‫إن من البديهيات التي ينبغي أن توضع حين يتم النظر إلى الكتاب المدرسي هي أن قيمته ليست في الموضوعات والدروس‬
‫وال المعلومات والمعارف التي يحتويها فحسب بل إن األهم من كل ذلك هو كيف يمكن للكتاب أن يساهم في إكساب المتعلم‬
‫المنهج العلمي في البحث والتفكيــــر و كيفية تحقيق ذلك عبر مختلف أنشطته و طروحاته المقترحة‪...‬‬
‫انتهــــــــــــى‪./.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪28‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫تدريس علم المناعة‬
‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى‬

‫إال أنه و على الرغم من انفتاح البرامج الدراسية على بعض مستجدات المعرفة المناعتية و دمجها لبعض‬
‫المفاهيم كمركب التجانس‪ (HLA‬أو )‪ CMH‬والزرع وغيرها‪ ،‬فمازال التأكيد على الجانب الدفاعي لجهاز المناعة هو‬
‫الغالب األعم !‬
‫إن ردود الفعل المناعتية تتبدى من خلل دمج وظيفتين متعارضتين لكنهما متكاملتين‪:‬‬
‫‪ .1‬وظيفة الرفض‪ :‬تخص استجابات الرفض ‪ Rejet‬وكبح و إتلف الخليا و الجزيئات الغريبة‪.‬‬
‫‪ .2‬وظيفة التقبل‪ :‬تم اكتشافها خلل دراسة ظاهرة التقبل ‪( ،Tolérance‬ابحاث ‪ J.Ourdin‬و ‪)1963، H. Kundel‬‬
‫وتهم استجابات مناعية تتدخل خللها عدد من العناصر لتوجيه رد فعل الجسم نحو دخيل قصد تقبله‪ ،‬فهي بالتالي معاكسة‬
‫لألولى‪ ،‬ومن العوامل المتدخلة في هذه الحالة نذكر ‪:‬‬
‫* مضادات األجسام المسهلة (أي التي ال تنشط المكمل ‪ ،)Le complèment‬أو تلك التي تثبت على شكل مركبات‬
‫منيعة على الخليا اللمفاوية‪.‬‬
‫* الخليا اللمفاوية المنظمة أو المانعة" ‪"Les suppresseurs‬‬
‫]‪[1‬‬
‫* بعض العوامل الذائبة…‬
‫و تتفاعل هاتين الوظيفتين من االستجابة المناعية عند نفس الفرد‪ ،‬حيث تتشكل حالة توازن يمكن أن توجه حسب الحاجة‪،‬‬
‫نحو الرفض أو التقبل (كحالة الحمل )‪ ،‬و عليه يبدو من الخطأ‪ ،‬اختزال دور جهاز المناعة في رد فعل دفاعي فقط !‬
‫‪ - 1‬نحو تصور بديل حول "جهاز" المناعة‪:‬‬
‫يتشكل جهاز المناعة من عدة أعضاء تشارك في نفس الوظيفة اإلحيائية‪ ،‬و يضم الدوران الدموي و اللمفاوي الذي‬
‫يربط بدوره بين أعضاء مركزية ( من غدة سعترية و طحال و نخاع عظمي‪ ).‬و أعضاء محيطية ( عقد لمفاوية) ‪ ،‬كما‬
‫يطال أيضا مجموعة من الخليا المنتشرة في الجسم ‪.‬‬
‫إلى حدود السبعينات من القرن ‪ ،20‬كان التصور السائد حول جهاز المناعة‪ ،‬هو التصور الذي يجعل منه جهازا عرضيا‬
‫مناسباتيا ‪ ،‬يرتبط عمله بتأثير محرضات واردة من الوسط الخارجي ‪ ،‬و هو موجه للدفاع عن الجسم و رفض كل دخيل أو‬
‫غريب ( مقاربة تقليدية ) و مما ساعد على ترسيخ هذا التصور و تجذيره ‪ " ،‬نظرية القالب"]‪Théorie du ،[2‬‬
‫بموجبها فإن مضادات األجسام تتكون على أرضية قالب ذو مصدر خارجي و يمثله الجسم الغريب أو مضاد‬ ‫‪moule‬‬
‫األجنات ‪ .‬و قد يكون للمماثلة (‪ ) Analogie‬دخل في هذا التصور السيما و أن الجهاز العصبي و النشاط االنعكاسي‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪29‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫تحديدا ‪ ،‬يقدم نموذجا مماثل‪ ،‬حيث أن تسييب االنعكاس يتم انطلقا من عامل خارجي و بشكل طارئ كذلك ( المحفز‪/‬‬
‫]‪[3‬‬
‫المحرض)‪.‬‬
‫لقد ساهمت التطورات العميقة التي طالت علم المناعة حديثا‪ ،‬في نقد التصور القديم و دحضه و تعويضه بتصور بديل‬
‫يعتبر جهاز المناعة كمجموعة مترابطة من الوظائف المدمجة‪:‬‬
‫* الكشف عن المعلومات الجزيئية ‪ Informations moléculaires‬ومعالجتها‪.‬‬
‫* دمج المعلومات المتعارضة ‪.Intégration des informations contradictoires‬‬
‫بلورة آلية استجابة‪ ،‬توجه نحو الرفض أو التقبل‪ ،‬تحقيقا الستتباب دائم ‪.Finalité homéostatique‬‬ ‫*‬

‫ويسمح هذا التصور البديل من تجاوز الغائية ‪ Finalité‬الدفاعية و التخلص من اإلسقاطات األنثروبومورفية‬
‫‪ Anthropomorphisme‬التي تبرز بشكل واضح في التصور التقليدي‪ ،‬كما يمنح جهاز المناعة استقللية عن الوسط‬
‫الخارجي باعتباره نسقا فاعل متفاعل مع نفسه ( تفاعل ذاتي ) وفق عدة تفاعلت تنظيمية متواصلة بين عناصره قبل تعديل‬
‫استجابته طبقا لمقتضيات خارجية المصدر‪ ،‬فهو لم يعد ذلك الجهاز الصامت الذي ينتظر محرضا خارجيا لكي يعمل !‬
‫لكن هذا التغير في الداللة و المعنى يبقى مقرونا بإشكال في التصور‪ ،‬فالجهاز الشراحي مهما كان متوزعا في الجسم‪ ،‬فإنه‬
‫يضم دوما "مراكز" و قنوات تواصل‪ ،‬بينما يلزمنا التصور الجديد أن نعتبر وظائف الكشف عن المعلومات و دمجها و‬
‫آليات االستجابة على مستوى كل خلية مناعتية متحركة‪ ،‬فهو إذن جهاز يتميز باللمركزية ‪ Décentralisée‬و االنتشار‪/‬‬
‫التشتت ‪ dispersé‬و الحركة و الديمومة و الدينامية أو التجدد ( التكاثر الخلوي و البلعمة )‪ ،‬فمن الصعب أن نتصور مخا‬
‫]‪[4‬‬
‫متحركا و متشتتا‪.‬‬
‫‪ - 2‬عائق المصطلح ‪:‬‬
‫يلحظ في العديد من كتب علوم الحياة و األرض المدرسية و وسائل التعليم العلمية الموازية‪ ،‬توظيفا واسعا لترسانة من‬
‫المصطلحات المقتبسة من المعجم الحربي‪ : Vocabulaire Militaro-guerrier‬حواجز‪ ،‬هجوم‪ ،‬تجنيد‪ ،‬انسلل‪ ،‬عدوان‪،‬‬
‫محاربة‪ ،‬خطورة‪ ،‬دفاع‪ ،‬غزو‪ ،‬تصدي…حيث يعتبر الجسم ساحة للمعركة بين دخيل مهاجم و ذاتي مدافع( عناصر دفاع )‪،‬‬
‫و هذا ما يجسد التصور التقليدي و يحصر دور جهاز المناعة في وظيفة الدفاع و بذلك يجذر عائقا صلبا أال و هو عائق‬
‫المقاومة ‪. Lutte‬‬
‫]‪[5‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪30‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫إن التصور الجديد في علم المناعة يطرح بحدة مشكل المصطلح‪ ،‬فمصطلح المناعة نفسه ‪ Immunité‬و الذي يأخذ معنى‬
‫الحصانة ‪ ،‬تصعب ملئمته لوظيفة التقبل ‪ Tolèrance‬و دمجها في سياقه!‬
‫أما مصطلح مضاد األجنات ‪ Antigéne‬فيطرح مشكل دالليا في كل من اللغة الفرنسية و العربية على السواء‪ ،‬ففي اللغة‬
‫الفرنسية‪ ،‬الجذر ‪ Anti‬يعني الضد‪ ،‬لكن ضد ماذا ؟ و الجذر ‪ ( Gène‬الذي يمكن خلطه مع ‪ =Le gène‬المورثة ) يعني‬
‫مولد‪ ،‬و ما يقصد بمصطلح ‪ Antigéne‬في الحقيقة هو مولد مضادات األجسام و يستشف من ذلك أن بناء هذا المصطلح‬
‫غير موفق]‪! [6‬‬
‫أما المصطلح العربي "مضاد األجنات"‪ ،‬فيفتقد بدوره للداللة كليا‪ ،‬حيث ال نجد أي معنى ل ‪ :‬األجنات الذي هو الترجمة‬
‫الحرفية ل ‪ géne :‬بالمعنى السابق ذكره‪ ،‬و ربما نتج ذلك‪ ،‬عن عدم ربطه باسم المصدر‪ ، La génèse :‬أما إذا أخذنا بعين‬
‫االعتبار ظاهرة التقبل فمضاد األجنات يمكن أن يصبح في بعض الحاالت‪ :‬مولد التقبل ‪ ، Tolèrogène‬و هكذا نصطلح‬
‫على آليات متعارضة‪/‬متعاكسة بنفس المصطلح !‬
‫من جانب آخر هل يمكن اإلبقاء على مصطلح مضاد األجنات لإلشارة إلى الجزيئات الخاصة التي تحدد الفصائل الدموية و‬
‫جزيئات مركب التجانس ‪ CMH‬فهي ال تولد مضادات األجسام عند الكائن الحي الذي تنتمي إليه‪[7].‬‬
‫كما ان كلمة لقاح مثل تشير إلى (‪ ) Vaccin‬و حبة لقاح تشير إلى (‪ )Grain de pollen‬و التلقيح يعني‬
‫( ‪) Vaccination‬بينما التلقيح الريحي يعني ( ‪ . )Anémophilie‬إن هذا الخلط يفضي بالتلميذ ( الذي يجهل التوالد عند‬
‫النباتات طبعا ) إلى تعميم التلقيح على النباتات أيضا‪ .‬إن تجاوز هذه العوائق اللغوية‪ /‬اللفظية امر ممكن‪ ،‬فكلمة‬
‫(‪ )Pollinisation‬تعني األبر فلماذا ال نسمي حبوب اللقاح ب حبوب األبر و التلقيح الريحي باألبر الريحي و يحل‬
‫]‪[8‬‬
‫االشكال؟‬
‫من هنا يتضح إذن ضرورة التفكير في هذه المصطلحات باعتبارها مظهرا المتداد غير موضوعي‪ ،‬ثم إعادة النظر في‬
‫دالالتها و توظيفاتها المتداولة و الكشف عن تعدد معانيها حسب السياق و ما يمكن أن يترتب عن ذلك من إعاقة الفهم عن‬
‫بلوغ الموضوعية‪ ،‬و يحذر باشلر من أثر هذه العوائق اللغوية ‪ ، Obstacle Verbal‬من ألفاظ و صور‪ ،‬على فعل التعلم و‬
‫على تكوين الفكر العلمي عموما باعتبارها تنتهي بالمتعلم إلى نموذج تفسيري قبل‪-‬علمي ‪ Préscientifique‬بدل التفسير‬
‫الحقيقي الموضوعي للظاهرة ]‪[9‬‬
‫‪ – 3‬نحو وضعيات بيداغوجية مناسبة‪:‬‬
‫إن بلورة وضعيات ملئمة لتدريس علم المناعة بالثانوي ليس باألمر السهل ‪ ،‬السيما إذا ما حاولنا تجاوز كل من التصور‬
‫الباستوري و الحرب‪-‬عسكري ‪ ،‬و بالتالي بلورة هذا المحتوى في إطار من التصور الحديث ‪ :‬تصور المعرفة المنبثق من‬
‫نظرية التعقيد ‪.Conception de la cognition relevant des théories de la complexité‬‬
‫يصف ‪ G.Rumelhard‬هذه الوضعيات بكونها ‪ " :‬وضعيات تفضي إلى تغيرات جذرية ترغمنا على نقد معرفة تقليدية و‬
‫فالتطور الجديد الذي برز في علم المناعة ينبغي أن يواكبه تطور أو تغيير في مقاربات‬ ‫]‪[10‬‬
‫زعزعة يقينيات راسخة "‬
‫تدريسه‪ ،‬و هذا ال يعني إنكار القيمة و األهمية البيداغوجية للمقاربة السابقة ‪ ،‬فتناول علم المناعة على أرضية بعض التطبيقات‬
‫الطبية كالتلقيح و تحاقن الدم و زرع األعضاء يكتسي أهمية خاصة‪ ،‬حيث ترتبط باهتمامات التلميذ وانشغاالتهم انطلقا من‬
‫محيطهم و مواقفهم الحياتية‪ ،‬فضل عن استفزازهم وتحفيزهم و الرفع من درجة مشاركتهم… إال أنه ال ينبغي إغفال‬
‫التطورات التي حدثت في هذا المجال‪ ،‬فدون التخلي عن الوظيفة الدفاعية ‪ ،‬يمكن تحديد مكانتها بدقة باعتبارها حالة‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪31‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫خاصة ضمن وظيفة أعم لجهاز المناعة و تتمثل في القدرة على تمييز نشيط بين الذاتي و غير الذاتي ‪Le soi et le non‬‬
‫‪ .soi‬و عليه ينبغي التفكير في وضعيات بيداغوجية تتجاوز قصور المقاربة األولى‪ ،‬و في هذا الصدد ‪ ،‬يقترح‬
‫‪ Rumelhard‬االنطلق من وضعية الحمل ‪ ، Grossesse‬التي تعد حالة خارجة عن قوانين التطعيم ‪ ، La greffe‬فالجنين‬
‫يعتبر غريبا بالنسبة لجسم الحامل‪ ،‬و استمرار نموه داخل رحمها يبدو كحالة غير عادية ‪ ،‬و أمام هذه المفارقة‪ ،‬كانت‬
‫الفرضيات األولى المفسرة لها‪ ،‬تعتمد " أسلوب النفي " ‪ ،‬فبعضها يفترض غياب مضادات األجنات في " مشيمة‬
‫الجنين " و البعض اآلخر يفترض غياب أو نقص االستجابات المناعتية عند األم خلل الحمل… لكن‪ ،‬كشفت الدراسات و‬
‫األبحاث التي أنجزت خلل الستينات و السبعينات من القرن ‪ ،20‬أن استمرار تطور الجنين في الرحم و نموه ‪ ،‬رهين‬
‫بالتعرف عليه كعنصر غريب من طرف جسم أمه !‬
‫و بانتهاء مدة الحمل يتم تسييب وظيفة الرفض فيحصل الوضع ( لفظ الجسم الغريب )‪ ،‬و يمكن تفسير هذه الظاهرة وفق‬
‫]‪[11‬‬
‫ثلث أحداث ‪:‬‬
‫‪ -1‬تظهر لدى األنثى استجابة مناعتية ضعيفة الحدة اتجاه مضادات أجنات الجنين ذات األصل األبوي‪.‬‬
‫‪ -2‬من جانب آخر تحدث لدى األنثى استجابة مسهلة ‪ Réaction de facilitation‬إزاء مضادات أجنات الجنين ذات‬
‫األصل األبوي حيث تفرز مضادات أجسام مسهلة نوعية خاصة بمضادات األجنات األبوية و مجموعة من الخليا‬
‫المانعة ‪ Supressives‬التي تكبح االستجابات الموجهة ضد العناصر ذات األصل األبوي‪.‬‬
‫‪ -3‬تتفاعل استجابات الرفض ‪ Rejet‬و االستجابات المسهلة عند الحامل و ترجح كفة استجابات التقبل‪.‬‬
‫فحالة الحمل إذن‪ ،‬تعتبر نموذجا جيدا بامتياز للتوازن القائم بين آليات الرفض و آليات التسهيل حيث تبرزبوضوح دمج‬
‫]‪[12‬‬
‫الوظيفتين المتعارضتين المتكاملتين تحقيقا للستتباب‪. Homéostasie /‬‬
‫المراجع ‪:‬‬
‫‪[1] Guy Rumelhard. L’immunologie, jeux de miroirs. Aster. 10.1990 P: 18‬‬
‫‪[2] G. Rumelhard. Le concept biologique de milieu. APBG.N 1. 1989. P :155.‬‬
‫‪[3] Guy Rumelhard. Op. Cit. P :15‬‬
‫‪[4] J. Dewaele. Le concept de réseau idiotypique.Une nouvelle façon de penser le système‬‬
‫‪immunitaire. Aster. N :10. P :57‬‬
‫]‪[5] G. Rumelhard. Op. Cit. P :16. / [6‬‬ ‫‪G. Rumelhard. Op. Cit. P :19‬‬
‫م‪ .‬البهجاوي ‪ ،‬بحث غير مطبوع‪.1994 ،‬‬ ‫]‪[7‬‬
‫]‪ [8‬س‪.‬عمراني ‪ .‬تمثلت التلميذ المتعلقة ببعض المفاهيم المناعتية األساسية‪ .‬بحث تربوي‪ ،C.F.I.E ،‬الرباط ‪ .1996،‬ص‪.120:‬‬
‫‪G. Bachelard. La formation de l’esprit scientifique, [9]Librairie. j .Vrin. Paris. P 73‬‬
‫]‪[10‬‬ ‫‪G. Rumelhard. L’immunologie, jeux de miroirs. Aster. 10. 1990 P:21‬‬
‫‪[11] G. Rumelhard. Op. Cit. P :23‬‬
‫]‪ [12‬حمزاوي الحسين‪ .‬البيولوجيا من العلم إلى المادة التعليمية‪ .‬دراسة ابستيمولوجية ديداكتيكية‪ .‬السلسلة البيداغوجية‪ .‬عدد‪14 :‬‬
‫دارالثقافة‪ .2000.‬ص‪.67:‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪32‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى‬ ‫أخطاء التالميذ‬
‫‪ .I‬أنماط أخطاء التالميذ المرصودة في مادة علوم الحياة واألرض انطالقا من إجاباتهم وانجازاتهم‪.‬‬
‫في سياق تقصي بعض األسباب الرئيسية الكامنة وراء تدني نتائج التلميذ في مادة ‪ ،SVT‬و عمل على رصد‬
‫التعثرات‪ ،‬و االختلالت‪ ،‬في أفق تصحيحها تمت معاينة أوراق التلميذ المصححة‪ ،‬حيث كشف تحليلها أن اإلجابات عموما‬
‫تتسم بعدم االكتمال و ال تتضمن إال جزء من األجوبة المطلوبة‪ ...‬و إجماال يمكن توزيع األخطاء المرصودة إلى‬
‫تعثرات منهجية وأخرى معرفية وثالثة شكلية و ذلك وفق ما يلي‪:‬‬
‫األخطاء الشائعة والتعثرات المرصودة في صفوف التالميذ‬
‫‪ 1‬التسرع في اإلجابة قبل التركيز على المعطيات‪.‬‬
‫‪ 2‬أخطاء منهجية في التعامل مع سؤال مكون االسترداد المنظم للمعارف‪:‬‬
‫‪ -‬عدم التطرق إلى مختلف جوانب موضوع السؤال‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة في الكتابة وفق تسلسل منطقي منظم‪.‬‬
‫‪ 3‬عدم التطرق إلى مختلف مراحل مكون االسترداد المنظم للمعارف و االقتصار في أغلب الحاالت على األجوبة‬
‫الجزئية إن طرحت‪.‬‬
‫‪ 4‬عدم التركيز على المطلوب في االسترداد المنظم للمعارف مما أدى إلى خروج عدد كبير من التلميذ عن الموضوع‪.‬‬
‫‪5‬عدم االستعانة بالرسوم التخطيطية بالرغم من المطالبة بها بشكل واضح في نص السؤال‪.‬‬
‫‪ 6‬إغفال بعض اإلجابات أو أجوبة ناقصة‪...‬‬
‫‪ 7‬إجابات غير منطقية‪...‬و غياب االستدالل المنطقي‪..‬‬
‫‪ 8‬عدم ترقيم اإلجابات …‬
‫‪ 9‬عدم تنظيم اإلجابات حسب الترقيم الذي تفرضه المعطيات‪.‬‬
‫‪ 10‬أخطاء لغوية و إملئية بالجملة‪.‬‬
‫‪ 11‬عبارات غامضة‪ ،‬ضعف في الدقة و التركيز و الركاكة في التعبير و الخروج أحيانا عن الموضوع‪...‬‬
‫‪ 12‬عدم االستغلل لمعطيات التمرين في اإلجابة على األسئلة‪.‬‬
‫‪ 13‬اإلطالة في األجوبة أحيانا‪( .‬في بعض األسئلة)‬
‫‪ 14‬عدم قدرة بعض التلميذ على المقارنة‪ ،‬حيث وجدوا صعوبة في استخراج أوجه التشابه واالختلف‪.‬‬
‫‪ 15‬صعوبة الربط بين المكتسبات المعرفية والنتائج التجريبية‪.‬‬
‫‪ 16‬ضعف القدرة على التعبير البياني و إنجاز الرسوم و البيانات المناسبة ( صعوبة التواصل و التعبير (‬
‫‪ 17‬صعوبة في توظيف الرموز المناسبة لكتابة األنماط الوراثية مثل‪ ) .‬صعوبة منهجية (‬
‫‪ 18‬إهمال بعض التلميذ للرموز المقترحة واستعمال رموز أخرى (علم الوراثة مثل)‬
‫‪ 19‬الخلط بين الرموز الكبيرة والصغيرة (في علم الوراثة مثل)‬
‫‪ 20‬ضعف تنظيم األفكار و تسلسلها‪...‬‬
‫‪ 21‬الرداءة في الخط و عدم مقروء يته‪ ...‬و أحيانا استعمال لغة عامية‪...‬‬
‫‪ 22‬سيادة التمثلت القبلية الذهنية للتلميذ‪...‬‬
‫‪ 23‬نقص في ضبط بعض المهارات كالتحليل و االستنتاج‪...‬‬
‫‪ 24‬الخلط بين مهارات التحليل و التركيب و االستنتاج و حدوث تراكب بينها في اإلجابات‪...‬‬
‫‪ 25‬غياب الفكر التركيبي‪ ،‬و عدم القدرة على الربط بين مختلف المفاهيم األساسية المدرسة‪ ،‬و عادة ما يبقى االرتباط‬
‫باألمثلة التي تمت دراستها بالفصل‬
‫‪ 26‬غياب األسلوب العلمي السببي (‪ )causalité‬في اإلجابات عن أسئلة االمتحان ‪...‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪33‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫السقوط في بعض االستظهارات التي لها علقة بدرس معين أو مجموعة من الدروس ذات الصلة دون التركيز على‬ ‫‪27‬‬
‫األهم بالتمعن جيدا في طبيعة السؤال ( لفهم صيغته ) في حدود المعنى الذي يتطلبه ‪...‬‬
‫تكرار و اجترار ما ورد في تعليمات السؤال من كلمات وأفكار وجمل وعبارات دون اإلجابة عنه‪(.‬المرور بالقرب‬ ‫‪28‬‬
‫من السؤال‪)..‬‬
‫اإلغراق في العموميات وفي التوسعات اإلنشائية أثناء التحليل ‪...‬‬ ‫‪29‬‬
‫قلة التركيز على معطيات األسئلة والوثائق المرفقة بالموضوع (السطحية و عدم التسلل إلى عمقها )‬ ‫‪30‬‬
‫أخطاء في تحويل التعبير البياني ‪...‬‬ ‫‪31‬‬
‫عدم القراءة الدقيقة لمعطيات السؤال ‪...‬‬ ‫‪32‬‬
‫عدم تقدير التلميذ اإلجابة المطلوبة من حيث الكمية المطلوبة من السطور والوقت لذا فإنه قد يخطئ في تصوره ويظن‬ ‫‪33‬‬
‫أن المطلوب كثير والوقت ال يتسع لكل ذلك‪ ،‬فيسارع في الكتابة ومن طبيعة السرعة أنها تؤدي إلى األخطاء في‬
‫التعبير وترك بعض العناصر المهمة‪.‬‬
‫اإلسراع في اإلجابة ثم الخروج بسرعة باستخلص بالرغم من وجود وقت للمراجعة فأي إنسان عندما يكتب ويراجع‬ ‫‪34‬‬
‫ما كتبه يجد بعض األخطاء اللغوية واإلملئية والتعبيرية‪ ،‬فما بال التلميذ وهو في االمتحان ‪ ,‬ولهذا يجب أن يراجع‬
‫التلميذ ما كتبه قبل تسليم ورقة تحريره‪ ,‬ويراجع وكأنه يراجع كتابة غيره ؛ ألن اإلنسان يجد أخطاء في كتابة غيره‬
‫ماال يجد في كتابته ؛ ألن القارئ عندما يقرأ كتابته يقرأ مما في ذهنه ال م اما في الورقة ‪ ,‬وعندما يقرأ كتابة غيره يقرأ‬
‫مما في الورقة فقط ألنه خالي الذهن عنه‪.‬‬
‫الخلط في تنظيم األفكار والمعلومات و الخلط بين عناصر الموضوعات األساسية‪ ،‬وهذا الخطأ يرجع إلى المذاكرة‬ ‫‪35‬‬
‫السريعة دون فهم جيد ودون االنتباه إلى مواضع التشابه ومواضع التمايز ‪ ,‬إن التشابه وارد في جميع العلوم وبين‬
‫موضوعات العلوم أحيانا ‪,‬وعلى التلميذ االنتباه إليها عند الفهم وعند المذاكرة‪.‬‬
‫عدم الدقة في التعبير العلمي ظنا من التلميذ بأن أية كتابة حول الموضوع كافية‪.‬‬ ‫‪36‬‬
‫عدم ضبط الجهاز المفاهيمي لبعض الدروس (ضبابية في الفهم و التصور)‪...‬‬ ‫‪37‬‬
‫و عدم استيعاب بعض المفاهيم المقررة‪...‬‬
‫نقص المعرفة الكافية والمفيدة التي تمكن التلميذ من اإلحاطة بصميم الموضوع‪..‬‬ ‫‪38‬‬
‫كعدم التمكن من توظيف نتائج التزاوجات لتحديد استقلل أو ارتباط المورثات‪ ،‬أو عدم القدرة على التمييز بين‬
‫المورثة المرتبطة بالجنس والمورثة غير المرتبطة بالجنس ‪..‬‬
‫‪ .II‬في بيداغوجية الخطأ ‪ :‬أخطاء المتعلمين و سبل معالجتها‬
‫توطئة ‪:‬‬
‫تعتبر أخطاء المتعلمين حالة طبيعية و إيجابية بل تصرفا و نتيجة تعكس سعي المتعلم للتعلم‪ ،‬و هي سلوك شائع ال تخلو‬
‫منه حصة من الحصص الدراسية تقريبا‪ ،‬غير أن كثيرا من المدرسين ال يولونها ما تستحق من كفاية في االهتمام وعمق‬
‫في التحليل و المعالجة‪ ،‬باعتبارها شيئا مشوشا و حالة شاذة و سوء فهم ال تستحق الوقوف عندها و ينبغي إقصاؤها‬
‫و تجنبها في أسرع وقت ممكن …‬
‫إن أي عملية في اتجاه إكساب نشاط تعلمي معين‪ ،‬تعمل على إهمال الخطأ كسلوك و التحقير من مرتكبه و ال تستثمره إلى‬
‫حده األقصى ‪ ،‬تعتبر قصورا ديداكتيكيا في الفعل التعليمي التعلمي و خطأ تربويا ناجما عن جهل ببيداغوجية "ظاهرة‬
‫الخطأ" ‪.‬‬
‫إن الخطأ ليس مجرد تعثر في الطريق‪ ،‬إنه إيجابي و مفيد في بناء فعل التعلم بل إنه نقطة انطلق المعرفة‪ ،‬ألن هذه األخيرة‬
‫ال تبدأ من الصفر بل تصطدم بمعرفة قبلية موجودة فالمعرفة كما يؤكد باشلر " خطأ تم تصحيحه" و " الخطأ ‪ ،‬في عدم‬
‫تقدير أهمية الخطأ ‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪34‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ .1‬تحديد بعض المفاهيم‪:‬‬
‫الخطأ‪:‬‬
‫يعتبر الخطأ من المنظور البيداغوجي " قصورا لدى المتعلم في فهم أو استيعاب التعليمات المعطاة له من طرف‬
‫المدرس ‪ ،‬يترجم سلوكيا إلى إعطاء معرفة ال تنسجم و معايير القبول المرتقبة "[‪ ]i‬و يرى ‪ Lalande‬أنه ‪ " :‬حالة ذهنية‬
‫أو فعل عقلي يعتبر صائبا ما هو خاطئ أو العكس‪]ii[" .‬‬
‫بيداغوجية الخطأ ‪ :‬استراتيجية للتعليم و التعلم تعتبر الخطأ إيجابيا و هي خطة بيداغوجية تفترض وجود عوائق و‬
‫صعوبات تواجه التلميذ خلل سياق تعلمي معين ‪ .‬تهتم هذه الخطة بالكشف عن هذه األخطاء ( حصرها‪ ،‬نوعها‪ ،‬كثافتها‪،‬‬
‫داللتها‪ ،‬تفسيرها‪ ،‬أسبابها …) و البحث عن سبل معالجتها‪ ،‬و على ضوئها تنظم الوضعيات التعليمية التعلمية‪.‬‬
‫‪ .2‬دالالت الخطأ‪:‬‬
‫مدلول الخطأ حسب المنظور البنائي‬ ‫مدلول الخطأ حسب المنظور السلوكي‬
‫ترى البنائية أنه مادام المتعلم يقوم ببناء المعرفة بنفسه من‬ ‫ال يحدث فعل التعلم حسب السلوكية إال نتيجة تغير‬
‫خلل أنشطة متنوعة فإنه يصادف بالضرورة تعثرات و‬ ‫في سلوك المتعلم‪ ،‬على إثر مهيج أو مؤثر صادر عن‬
‫عوائق و صعوبات و تناقضات تجره إلى األخطاء‪ ،‬حيث‬ ‫المحيط‪ .‬و عليه فاكتساب المعرفة يتم بفعل تراكم‬
‫تفضي بدورها إلى تطور المعرفة لديه‪ ،‬و عليه فالخطأ وسيلة‬ ‫المعارف و تكدسها و تجميع أجزاء سابقة منها عبر‬
‫تعلمية ضرورية لبناء المعرفة الجديدة (عنصر انبنائي‬ ‫مراحل متتالية‪ ،‬فيكفي تنقية و "كنس" مسارتعلم التلميذ‬
‫من األخطاء‪.‬و عليه فالخطأ ليس سوى عيبا و إجابة سيئة للمعرفة)‪ .‬و ال تكتفي البنائية باالعتراف بحق المتعلم في‬
‫الخطأ و لكن تدعو إلى تحليله و تفسيره و اكتشاف مصدره و‬ ‫و شيئا شاذا و سلبيا ينبغي التخلص منه بسرعة و بأي‬
‫ثمن‪ ،‬و التلميذ المخطئ‪ ،‬ينظر إليه دائما على أنه لم ينتبه معالجته‪ .‬و يؤكد باشلر أن أخطاء تلمذتنا في فعل التعلم‬
‫جزء من تاريخهم الشخصي و هي شبيهة إلى حد ما باألخطاء‬ ‫أو لم يقم بالمجهود المطلوب و هكذا فالخطأ ينتج دائما‬
‫التي عرفها تاريخ العلم خلل تطوره ‪ ،‬فلوجود لمعرفة بدون‬ ‫حسب هذه المقاربة عن جهل أو عدم تأكد‪.‬‬
‫أخطاء مصححة‪.‬‬

‫‪ .3‬مصادر أخطاء التالميذ‬


‫قد يخطئ التلميذ لكوننا ندعوه إلنجاز عمل يتجاوز قدراته العقلية ومواصفاته الوجدانية‬ ‫نشوئي‬
‫المميزة للمرحلة النمائية التي يتواجد بها‪.‬‬ ‫‪Onthogénique‬‬
‫التلميذ‬

‫و المقصود به الكيفية التي يتبعها أو يسلكها التلميذ في تعلمه و إنجازه (استراتيجيات‬ ‫استراتيجي ‪Strat‬‬
‫تعلمه الذاتي )‬ ‫‪égique‬‬
‫األخطـــــاء‬

‫إن األسلوب أو الطريقة المتبعة في التدريس قد تجر التلميذ إلى الخطأ‪ .‬و هلم جرى‬
‫بالنسبة للمحتويات و طبيعتها و األهداف و نوع التواصل القائم و الوسائل التعليمية و‬ ‫ديداكتيكي‬
‫تكوين المدرس…‬
‫قد تنتج األخطاء عن غياب االلتزام بمقتضيات العقد الديداكتيكي القائم بين المدرس و‬
‫المتعلم إزاء المعرفة المدرسة (غياب أو لبس في التعليمات المحددة لما هو مطلوب من‬ ‫تعاقدي‬
‫التلميذ)‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪35‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫إن تعقد المعرفة أو المفهوم المدرس وصعوبته لذاته قد تكون مصدرا لوقوع التلميذ في‬
‫ابستمولوجي‬
‫الخطأ…‬

‫‪ .4‬استراتيجية تجاوز الخطأ ‪:‬‬


‫يمكن تلخيص الخطوات األساسية في تجاوز أخطاء التلميذ خلل دروس علوم الحياة و االرض في ما يلي ‪:‬‬
‫اإلشعار بحدوث الخطأ ‪ :‬و هنا ال ينبغي إغفال الخطأ و التنكر له أو اتخاذ موقف سلبي اتجاهه‪ ،‬بل ال بد من الترفق‬
‫بالتلميذ المخطئ و االلتزام بحقه في الوقوع في الخطأ ‪ ،‬فالمدرس ملزم بضرورة اندراج تدخله في سيرورة المحاولة و‬
‫الخطأ لدى التلميذ ال إقصاء هذه السيرورة‪.‬‬
‫تصنيف األخطاء و محاولة تحديد نوعها و ترددها‪.‬‬
‫تحليل الخطأ و البحث عن األسباب و الدوافع التي استجرت المتعلم الرتكابه‪ ،‬فهل هو ناتج عن تداعيات ابستمولوجية أم‬
‫تعاقدية أم تعليمية أو تعود للتلميذ لذاته ‪.‬‬
‫معالجة الخطأ‪ :‬ضرورة التوغل في الخطأ و إعطائه بعدا تكوينيا ‪ ،‬فعلى االمدرس أن يظل يقظا حتى يساعد تلمذته على‬
‫التخلص من األخطاء و الوجيه في تصويب الخطأ أن يتولى صاحب الخطأ تصحيح خطأه بنفسه ‪ ،‬فإذا عجز طولب غيره و‬
‫إذا عجز الجميع ذكرهم األستاذ بالصواب و بين العلة والسبب‪.‬‬

‫للتعمق أكثر نحيلكم على‪:‬‬


‫‪SAMUEL.J ET DUPIN . J-J .1999 .Introduction à la didactique des sciences et des mathématiques.Presses .‬‬
‫‪Universitaires de france. Puf‬‬
‫محمد لمباشري ‪.‬من بيداغوجية الخطأ إلى الهندسة الديداكتيكية ‪ .‬المجلة التربوية‪ .‬العدد‪ .7‬ماي ‪ .97‬ص ‪.53‬‬
‫أحمد شبشوب‪ .‬مدخل إلى بيداغوجية المواد ‪ .‬مجلة الدراسات النفسية و التربوية عدد ‪ .92. 13‬ص ‪. 82‬‬
‫محمد لعنابي‪ .‬نحو مقاربة علمية للخطأ الرياضي لدى التلميذ‪ .‬مجلة علوم التربية عدد ‪ . 8‬مارس ‪.95‬ص ‪.47‬‬
‫ميشيل سانر‪ .‬ترجمة عبد العزيز الغرضاف‪ .‬األهمية البيداغوجية لمفهوم العائق االبيستيمولوجي‪ .‬مجلة ديداكتيكا‪ .‬عدد ‪ .3‬دجنبر ‪ .92‬ص ‪.15‬‬

‫[‪ ]i‬محمد لمباشري ‪ .‬المجلة التربوية‪ .‬ماي‪. 97‬عدد ‪ .7‬ص ‪.56‬‬


‫[‪.LALANDE.A. 1972.Vocabulaire technique et critique de la philosophie.PUF ]ii‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪36‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫أنماط توظيف وثائق الكتاب المدرسي في حصص‬
‫الكاتب‪ :‬علي ايتحسيــن |‬ ‫علوم الحياة و األرض‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تعتبر الوسائل التعليمية أحد المكونات األساسية التي يتوقف عليها نجاح العملية التعليمية التعلمية ‪ .‬وقد عرفت اآلونة‬
‫األخيرة تبلور العديد من الوسائل التعليمية والمعينات بهدف توفير الظروف المادية لتمكين المتعلم من بناء المعرفة والرفع‬
‫من مستوى قدراته ومهاراته‪.‬‬
‫وإذا كان الكتاب المدرسي من أكثر الوسائل التعليمية انتشارا واستعماال في جميع المراحل الدراسية‪ ،‬فإن توظيفه‬
‫واستخدامه في عملية التدريس بصفة عامة وفي تدريس علوم الحياة واألرض بصفة خاصة طرح جدال واسعا وتضاربت‬
‫حوله اآلراء متأرجحة بين القبول والرفض التام‪ .‬فبعض المربين يرون على أن أهمية الكتاب المدرسي تتجلى في كونه أداة‬
‫ضرورية تلعب دورا أساسيا في تقريب المادة الدراسية من أذهان المتعلمين‪ ،‬ويمكن من نقل بعض ما يجري في الواقع إلى‬
‫المتعلمين وهم داخل الفصل‪ .‬أما الفريق الثاني فيرى في الكتاب المدرسي وسيلة بيداغوجية متجاوزة‪ ،‬وتتعارض مع تطور‬
‫التعليم وغير ملئمة لحاجيات وقتنا الراهن بل يتهمونه بالجمود وبإسهامه في خلق القطيعة بين المواد ‪ .‬أما الفريق الثالث فله‬
‫رأي توفيقي‪ ،‬ويربط أهمية الكتاب المدرسي بحسن استخدامه من طرف المدرسين وبتوفره على مواصفات الجودة سواء‬
‫تعلق األمر باإلنتاج أو التأليف‬
‫وال يخرج الموفق الرسمي لنظامنا التعليمي عن هذا اإلطار بحيث تشير التوجيهات التربوية إلى أن الكتاب المدرسي‬
‫وثيقة تربوية تساعد المتعلم على استيعاب المعارف المقدمة من خلل األنشطة المقترحة أثناء الحصة أو خارج الفصل‪ ،‬كما‬
‫تراه وسيلة من وسائل التقويم يحال عليه التلميذ كمرجع للتصحيح‪ .‬إال أنه ال يمكن له أن يعوض عمل األستاذ وال أن يحل‬
‫محل األدوات التي ينبغي أن يحضرها هذا األخير بل يعززها‪ .‬ومن هنا يطرح السؤال التالي ‪:‬‬
‫كيف يمكن للكتاب المدرسي أن يعزز الوسائل التعليمية وأن يستعمل دون أن يعوضها؟‬
‫إن اإلجابة عن هذا السؤال تقتضي التطرق من جهة إلى مختلف الوظائف التي يمكن أن يؤديها الكتاب المدرسي ومن‬
‫جهة أخرى إلى حدود ومشكلت استعماله‪ .‬لكن قبل هذا وداك البد من تحديد بعض المفاهيم األساسية ك ‪ :‬وثيقة ‪ ،‬الكتاب‬
‫المدرسي ‪ ،‬الكتاب المدرسي اإللكتروني‬
‫‪ -1‬تحديد المفاهيم ‪:‬‬
‫• وثيقة‪:‬‬
‫‪ " :1‬وثيقة (‪ )document‬مشتقة من الكلمة اللتينية ‪ Documentum‬وهي تعني كل ما يصلح للتثقيف و التعليم" ‪.‬‬
‫‪ " :2‬كل مادة كيفما كانت دعامتها –قابلة لإلتيان بمعلومات إلى من يسألها – فهي وثيقة ‪ ,‬ويمكن للوثيقة أن تكون ‪:‬‬
‫أدوات للتعلم ( تراكيب تجريبية ‪ ،‬خرائط ‪ ) ...‬؛ سمعية ( اسطوانة ‪ ) ...‬؛ بصرية ( صور شفافة ‪ ،‬صور فوتوغرافية ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ملصقات ‪ ) ...‬؛ سمعية بصرية ( أفلم ‪ )...‬؛ مكتوبة ( كتب ‪ ،‬جرائد ‪ ،‬نصوص ‪" )...‬‬
‫• الكتاب المدرسي‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ " -1‬مادة مطبوعة‪ ،‬مبنية ‪ ،‬أعدت للستعمال في سيرورة تعلم وتكوين متفق عليه " ‪.‬‬
‫‪ "-2‬كل أنواع الوثائق المستعملة في التعليم‪ ،‬بما فيها كتب التمارين والتطبيقات و كتب القراءة و الكتب المقررة و‬
‫‪3‬‬
‫الجذاذات والمذكرة وعرض المعلم ‪" ...‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪37‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ "-3‬كل مؤلف مطبوع موجه للتلميذ‪ ،‬بمكن استعماله بموازاة مع بعض الوثائق السمعية البصرية أو وسائل بيداغوجية‬
‫أخرى ‪ ،‬ويتناول مجموع البرنامج الدراسي و‪ /‬أو بعض عناصره المتعلق بستة دراسية "‪.4‬‬
‫‪ : i-m@nuel‬كتاب مدرسي إلكتروني يجمع عنصرين متكاملين ‪ :‬الكتاب في شكله التقليدي وموقع خاص على‬
‫االنترنيت ‪ .‬يضم الكتاب المعارف األساسية دون التفاصيل و التي على المتعلم اكتسابها في حين يضع الموقع بين يدي‬
‫المتعلم فضاء غنيا ومتنوعا للعمل الشخصي يتم ولوجه باعتماد كلمة مرور شخصية‪.‬‬
‫• النص = وسيلة التعبير الكتابي ‪:‬‬
‫يقصد بالنص مجموع اإلشارات أو الرموز المطبوعة التي تسعى إلى إغناء معارف التلميذ و التأثير على ميوله‬
‫وعواطفه وأفكاره ‪.‬‬
‫• الصور = وسائل التعبير البياني ‪: 5 images‬‬
‫كل العلمات التي تتعارض مع اللغة و النص‪ ،‬يمكن أن يستعمل هذا المصطلح للداللة على كل شئ غير العلمة‬
‫اللغوية أو الرموز الرياضية مثل (‪+‬؛×‪ )..‬وتشمل الصورة الفوتوغرافية ‪ ،‬الرسم ‪ ،‬الرسم التخطيطي ‪ ،‬الرسم البياني ‪،‬‬
‫الجداول ‪ ،‬الخطاطة‬
‫الجدول‬ ‫الرسم البياني‬ ‫الرسم التخطيطي‬ ‫الصور الفوتوغرافية الرســم‬
‫يعتبر الجدول بعيدا‬ ‫أكثر تجريدا من الرسم‬ ‫خطوة أخرى نحو‬ ‫أداة أكثر شمولية‬ ‫تمثل الصورة واقعا‬
‫من الواقع المشاهد‬ ‫التخطيطي والتكون‬ ‫خاصا وتشكل وسيلة وأقرب إلى المفهوم التجريد يسعى إلى‬
‫لظاهرة ما لكنه‬ ‫العناصر ممثلة في حد‬ ‫الكشف عن بنية الواقع‬ ‫التعبير البياني األقرب من الصورة‬
‫ذاتها بل بواسطة متغيرات تنظيم إجمالي‬ ‫الفوتوغرافية بالرغم وليس مماثلته وبهذا فهو‬ ‫واألكثر تطابقا مع‬
‫وبصري لنتائج أو‬ ‫تعبر عنها‪ .‬وتظهر هذه‬ ‫الواقع هذا بالرغم من من أنه يبقى صادقا أكثر شمولية وتعبيرا‬
‫المتغيرات على شكل قيم معطيات‪.‬‬ ‫عن المتغيرات األساسية‬ ‫مع الواقع ويمكن‬ ‫أن الحصول عليها‬
‫ممثلة بواسطة أجزاء‬ ‫يتطلب إعادة التنظيم اعتباره كذلك نتيجة لفئة من األشياء‪ ،‬وله‬
‫دائرية‪ ،‬منحنيات وهذه‬ ‫واختيار زاوية النظر اختيار لعناصر اتفق قيمة إجمالية ألن‬
‫األخيرة إما ناتجة عن بناء‬ ‫على أنها ذات داللة‪ .‬العناصر األساسية‬ ‫واإلطار واإلنارة‬
‫ذهني خالص أو ترجمة‬ ‫فهو تبسيط وكشف تكون بارزة ألول وهلة‬
‫مباشرة لظاهرة ما بواسطة‬ ‫و ال يتحتم تقديمها كما‬ ‫عما هو أساسي‬
‫قياسات خاصة‬ ‫نراها في الواقع‬ ‫وجوهري‬

‫‪ -2‬الكتاب المدرسي والتقنيات الحديثة للتواصل واإلعالم‪:‬‬


‫لم يعد الكتاب المدرسي في نظر البعض يقوم بدوره كما يجب مند مدة بالنظر إلى معطيات المحيط الحالية ‪ ،‬فالشبكة‬
‫و التكنولوجيات اإللكترونية قد أحدثتا ثورة في إنتاج المعرفة ‪ ،‬الشيء الذي يتطلب بروز بدائل مسايرة كفيلة بإحداث ثورة‬
‫أيضا في مجال تعلم هذه المعرفة ‪ .‬ومن هنا ظهرت أدوات ووسائل منها على سبيل المثال ‪:‬المحفظة اإللكترونية ‪E-cartable‬‬
‫‪ ،‬التعلم اإللكتروني ‪ ، E-learning‬الكتاب المدرسي اإللكتروني‪/‬الرقمي ‪ ، I-m@nuel‬الفضاءات الرقمية للعمل ‪Espace‬‬
‫‪)Numerique de Travail (ENT‬‬
‫لقد نتجت هذه التكنولوجيات التربوية الحديثة عن تداخل ثلثة مجاالت أساسية‪:‬‬
‫‪+‬مجال التكنولوجيا المتطورة ‪ ،‬ويرى فاعلو هذا المجال بأن الميدان التربوي هو التطبيق القادم والحاسم للنترنيت‬
‫‪+‬المجال التربوي‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪38‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫‪+‬مجال التيارات الفكرية الكبرى وعلى الخصوص االقتصاد ونظم اإلنتاج التي تعترف بأهمية المعرفة كعامل حاسم في‬
‫المنافسة‪ .‬فتنافسية الشركات رهين إلى حد كبير بدرجة تدبير المعرفة ومن هنا يجد التعليم اإللكترون أهميته في أوساط‬
‫الشركات الكبرى ‪ .‬وعليه فالمحرك األساسي ليس بيداغوجيا الشيء الذي يتطلب أخذ بعين االعتبار بشكل جدي هذه الدوافع‬
‫لفهم و التنبؤ بالتطورات المحتملة للتكنولوجيات التربوية و سيرورات التعلم الناجمة عنها ‪ .‬أما بخصوص الكتاب المدرسي‬
‫اإللكتروني فقد اعتمد أصحابه المفاهيم الكبرى التالية ‪ :‬التفاعلية ‪ ،‬التعليم المفردن واالنفتاح على العالم لغزو ميدان التعليم ‪ ،‬و‬
‫يعتقدون بأنهم قد آتو ببعض ما ال يمكن للكتاب المدرسي التقليدي أن يقدمه ‪ .‬فالكتاب المدرسي اإللكتروني يجمع بين مزايا‬
‫التقنيات الحديثة والكتاب المدرسي التقليدي واللذين ليس لهما نفس الوظائف ‪:‬‬
‫‪+‬األولى تيسر االكتشاف وإجراء البحوث الموسعة ‪ ،‬تثير الفضول وتستدرج المتعلم للنتقال من موضوع آلخر ‪ ،‬في‬
‫حين يشكل الثاني أداة للتفكير والتأمل ‪ ،‬ينظم المعارف ويقدم نقط ارتكاز للمتعلمين والمدرسين فضل عن مرونة استعماله ؛‬
‫‪+‬األولى تنمي االستقلل الذاتي ‪ ،‬تشجع على البحث ويبدو أن لها أهمية في التمارين المكملة الفردية في حين يشكل‬
‫الثاني أداة للتعلمات األساسية ‪ ،‬للتعلم الجماعي والمستمر وضامن للمعرفة الموحدة ‪ .‬وعليه فاألولى ال تحل محل الثاني بل‬
‫تكمله الشيء الذي يعطي منتجا متكامل لعل من أهم مزاياه البيداغوجية ما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬التوفر على كتاب مرجعي يضم ملخصا للمعلومات الضرورية دون تفاصيل ‪ ،‬فهذه األخيرة موجودة على الموقع ‪.‬‬
‫‪-‬تحضير الدروس حسب معايير واختيارات شخصية وربح الوقت مع إمكانية تغيير محتوى وبنية الدرس ‪ ،‬فضل عن‬
‫الولوج إلى بنك الصور‪ ،‬التمارين و النصوص ‪ ...‬مختارة قبل الشيء الذي من شأنه أن يجنب المدرس التيه غي المصادر‬
‫الضخمة للنترنيت‬
‫‪-‬ممارسة بيداغوجية فارقية بفضل التتبع الفردي لكل متعلم‬
‫‪-‬تكييف الدروس حسب مستوى كل قسم‬
‫‪-‬يشكل أجد أنماط اإلدخال التدريجي للوسائل المتعددة الوسائط في الممارسات البيداغوجية ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من المزايا السالفة الذكر فإن البعض يرى على أن الموارد اإللكترونية ‪ ،‬وفي ظل التجارب الراهنة ‪ ،‬ال‬
‫زالت بعيدة كل البعد عن اإليفاء بوعودها ‪.‬فالنصوص المعتمدة في كليهما متشابهة ‪ ،‬هناك تغيير طفيف بالنسبة للكتب‬
‫اإللكترونية يتجلى في االهتمام بإمكانيات االستغلل التقني على حساب المظهر األدبي ‪،‬كما أن الموارد الموجودة على الشبكة‬
‫تفترض مستوى غير متوفر لدى أغلب المستهدفين وهو ما تشترك فيه مع الكتاب المدرسي ناهيك عن توفر الكتاب على‬
‫إيجابيات ال توجد في الكتاب اإللكتروني منها درجة االنتشار‪،‬سهولة االستخدام‪ ،‬حجم المعلومات ثابت وامتداد محدود ‪.‬‬
‫وأيا كان الكتاب فإن هنالك مواصفات ومعايير تعتمد إلعداده‪ .‬فما هي هذه المعايير ؟‬
‫‪-4‬المبادئ واألسس العامة لتأليف الكتاب المدرسي‪:‬‬
‫تتدخل في عملية إنتاج الكتاب المدرسي بشكل عام مجموعة من العوامل أهمها ‪:‬‬
‫‪+‬المستهدف‪ :‬المتعلم كواقع نفسي‪ ،‬عقلي ‪ ،‬عمري ثقافي واجتماعي في إطار مرحلة تعليمية معينة‪.‬‬
‫‪+‬األهداف العامة للتربية التي ترسمها الدولة وتتوخى من مؤسساتها التعليمية تحقيقها؛‬
‫‪+‬المدرس الذي يقوم بإيصال محتوى الكتاب المدرسي للمتعلم‪.‬‬
‫ويرى محمد الكتاني أن هناك ثلثة عوامل تتحكم في إنتاج الكتاب المدرسي وهي‪: 6‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪39‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫▪ طبيعة نظام المعرفة أو منظومة المعارف التي يأخذ بها المجتمع ويسعى إلى استمرارها وتنميتها أو نقلها من‬
‫جيل آلخر كاللغات‪ ،‬المعتقدات ‪...‬‬
‫▪ المنهج التربوي الذي يسعى إلى تنمية اإلنسان في اتجاه استيعاب تلك المعارف المنقولة وتنميتها وجعل‬
‫اإلنسان بواسطتها منتميا لجماعته وعصره وبيئته؛‬
‫▪ اإلجراءات التي يقوم بها المدرس أو المربي بصفة عامة ألن المربي شرط مرجعي ثالث ‪ ،‬أنه الفكر الذي‬
‫يخرج الوظيفة من القوة إلى الفعل ‪.‬‬
‫أما عباس الجيراري فيجمل هذه العوامل فيما يلي‪:7‬‬
‫• الرؤية‪ :‬أي ماذا نريد من هذا التعليم؟ كيف نريد أن نكون أبنائنا ما هو مستقبل هؤالء األبناء؟مادا نريد أن‬
‫نصنع منهم ؟إن االنطلق من تصور واضح أمر أساسي ؛‬
‫• مضمون المادة التعليمية أو مضمون الكتاب المدرسي‪ ،‬أننا نريد أن ننقل إلى أبنائنا معرفة ال شك أنها أساسية‬
‫‪ ،‬ولكن هل الهدف هو فقط أن تكون هذه المعرفة‬
‫• المنهج‪ :‬هل نريد أن نقدم كتبا جاهزة؟ أم نريد فقط أن نقدم معرفة ؟ أم نريد أن نقدم منهجا حيا من شأنه أن‬
‫يدفع التلميذ إلى تشغيل ذهنه و إعمال فكره‪ ،‬وأن يكون طرفا مع األستاذ من خلل الكتاب في العملية التعليمية‪.‬‬
‫• شكل الكتاب‪ :‬لقد فهم الشكل على أنه الطباعة األنيقة والحرف الممتاز‪ ...‬وهذا ضروري وأساسي ‪...‬ولكن‬
‫الشكل ينبغي أن يشمل كذلك ما يمكن أن يضمه الكتاب من أخطاء لغوية‪ ،‬وأخطاء في الرسم‪ ،‬وأخطاء نحوية وأخطاء‬
‫معرفية‪.‬‬
‫ويلخص ريشودو العوامل األساسية الواجب التحكم فيها إلنتاج الكتاب المدرسي في اآلتي‪:8‬‬
‫‪-‬العوامل المؤسساتية‪ :‬قبل إعداد الكتاب المدرسي يجب أن نتعرف على‪:‬‬
‫‪+‬المستوى الدراسي الذي سينجز له الكتاب‬
‫‪+‬المادة الدراسية التي ستكون مضمون الكتاب‬
‫‪+‬من سيستعمل الكتاب‪ :‬التلميذ ‪ ،‬المدرس ‪ ،‬أم هما معا ‪.‬‬
‫أن معرفة هذه المعطيات ستمكن من تحديد‪:‬‬
‫✓ عدد السنوات التي سيستعمل فيها نفس الكتاب‬
‫✓ بنية الكتاب وهيكلته‪ ،‬وهذه البنية مرتبطة أيضا بمجاالت وظروف استعماله‪.‬‬
‫✓ تأهيل المدرسين‪:‬‬
‫يعد التكوين البيداغوجي للمدرسين وكدا مؤهلتهم الخاصة عوامل أساسية تنعكس على كيفية التعامل مع الكتاب ‪.‬‬
‫ولهذا يكون من األفضل الحرص على وجود انسجام بين تكوين المدرسين و تأليف الكتاب لمدرسي ضمانا الستعمال أفضل‬
‫واالستفادة من كل المنهجيات التي يقدنها ‪.‬‬
‫✓ السياق اإليديولوجي والتصور البيداغوجي الشامل‪:‬‬
‫في هذا اإلطار تطرح األسئلة التالية‪ :‬أي نوع من السلوك نريد تنميته ؟ هل المعرفة األساسية ؟ أم مهارة يعاد‬
‫استثمارها مباشرة في الحياة اليومية؟ أم تنمية ألنشطة إبداعية؟ هل نرغب في تفضيل الفروق الجهوية و الفردية أم على‬
‫العكس من ذلك نرغب في تكوين وتقوية هوية وطنية؟‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪40‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫إن عملية تأليف الكتاب المدرسي ليست عملية اعتباطية‪ ،‬تتحكم فيها مجموعة من العوامل منها ما هو إيديولوجي وهو‬
‫ما يحدد المعرفة المختارة لتكوين محتوى الكتاب‪ ،‬ومنها ما هو بيداغوجي ومؤسساتي والذي يحدد بنية الكتاب المدرسي‪.‬‬
‫‪ -4‬وظائف الكتاب المدرسي‪:‬‬
‫إذا كان الكتاب المدرسي باألمس كتابا يحشد المعلومات ويقدمها بتفصيلتها إلى المتعلم جاهزة ‪ ،‬فإنه اليوم يكتفي بتقديم‬
‫األساسيات ويحفز على التفكير ويثير فضول المتعلم ويدفعه للتساؤل والتأمل فيما حوله ويربط المعلومة بالواقع وممارساته‬
‫ويحرك في داخله الرغبة في التعلم لتفسير ما يراه ‪ ،‬وبناء عليه أصبح الكتاب المدرسي عبارة عن دليل عمل لطرائق االتصال‬
‫بمصادر المعرفة وهذا ما جعل منه أداة معقدة ومتعددة الوظائف ‪:‬‬
‫‪ +‬متعدد الوظائف ألن عليه تحقيق في نفس الوقت ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬نقل المعارف‬
‫‪ -‬تحسيس و تحفيز المتعلم‬
‫‪ -‬تنمية كفاياته وقدراته‬
‫‪ -‬تثبيت المكتسبات‬
‫‪ -‬تيسير المراجعة والتعميق‬
‫‪ -‬تنمية االستقلل الذاتي للمتعلم‬
‫‪ -‬اقتراح استراتيجيات تصحيحية‬
‫‪ +‬معقد لكونه في نفس الوقت ‪:‬‬
‫‪ -‬يضم المحتويات التعليمية المطابقة للمقررات فضل عن اإلتيان بمعلومات إضافية واقتراحه لمواضيع للتعميق‬
‫‪ -‬مصدر للوثائق لكونه يضم صورا ورسوما ‪...‬استعمال بعضها موجه مبدئيا لحاجيات توضيح األفاهيم والبعض‬
‫اآلخر يشكل دعامة إلنجاز بغض األنشطة‬
‫‪ -‬دليل منهجي لكونه يخصص أجزاء لألسئلة المنهجية‬
‫‪ -‬مصدر للتمارين ذات أدوار مختلفة ( تهييئية ‪ ,‬تطبيقية ‪ ,‬تقويمية ‪)...‬‬
‫‪ -‬أداة مرجعية ‪ :‬الفهرس ‪ ,‬المعجم ‪ ,‬المراجع المعتمدة ‪...‬‬
‫فما الوظائف التي يمكن أن يؤديها الكتاب المدرسي؟‬
‫✓ حسب ‪ F. Richaudeau‬يمكن تحديد وظائفه حسب مستويين ‪: 9‬‬
‫‪+‬مستوى األهداف العامة‪ :‬في هذا المستوى يمكن أن تحدد وظائف الكتاب من ثلث نواحي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الناحية العلمية‪ :‬يقوم بنقل و إيصال إيديولوجيا خاصة للمعرفة من خلل المعارف والمعلومات التي يقدمها ( تصور‬
‫معين للعلوم ‪ ،‬للتاريخ والقيم والضوابط اللغوية التي ينبغي احترامها )‬
‫‪-2‬الناحية البيداغوجية‪ :‬يعكس نوع التواصل بين الراشد والطفل وكذا طبيعة ونوع النموذج التعليمي (تكراري ‪ ،‬مساعدة‬
‫على االستقللية واإلبداع ‪)...‬‬
‫‪-3‬الناحية المؤسساتية‪ :‬يكشف عن بنية و تراتبية النظام التربوي وتقطيع المستويات والمواد والبرامج الخاصة بكل مادة‬
‫‪+‬مستوى االستعمال البيداغوجي‪ :‬يؤدي الكتاب ثلث وظائف و هي ‪:‬‬
‫‪-‬اإلخبار و ما يصاحبه من اختيار وانتقاء‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪41‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫‪-‬هيكلة و تنظيم التعلم ‪ ،‬بحيث يقترح تقسيما وتدرجا للمحتويات مرفقة بإجراءات منهجية‬
‫‪-‬تكوين المواقف وإدراك العالم الخارجي واكتساب تصور عنه‪,‬‬
‫✓ حسب الوثائق التي يتضمنها الكتاب ‪:‬‬
‫يعتمد الكتاب المدرسي خطابا يأخذ شكلين‪ :‬النص و الصور(أنظر التعاريف المقدمة بشأنهما في فقرة تحديد المفاهيم )‬
‫‪ ،‬وبالتالي فالوظائف التي يؤديها الكتاب مرتبطة بالوظائف التي يمكن أن تقوم بها مختلف الصور والنصوص التي يتضمنها‬
‫‪ .‬فبالنسبة للصور‪ ،‬أكدت العديد من األبحاث التربوية على فعالية الذاكرة البصرية في مجال التعلم بحيث تبين على أنه ال‬
‫يمكن االستغناء عن الصور سواء أثناء تعلم مفاهيم جديدة أو تقديم وصف لألشياء أو إبراز ظاهرة معينة وتشترك مختلق‬
‫أنواع الصور في عدة وظائف أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬تساعد على تجاوز بعض الصعوبات لدى التلميذ الذين تعترضهم مشاكل قي التعيير الكتابي‬
‫‪-‬إيقاظ اهتمام التلميذ وتحفيزهم لطرح المشاكل وصياغة الفرضيات واختبارها مشكلة بذلك دعامة أساسية للنهج‬
‫التجريبي‬
‫‪ -‬تشكل وسيلة لتقويم مجموعة من المعارف والقدرات‪.‬‬
‫وإذا كانت للصور وظائف مشتركة فإن لكل منها ( صور فوتوغرافية الرسم ‪ )...‬وظائف خاصة ‪.‬‬
‫‪ o‬الصورة الفوتوغرافية‪ :‬تؤدي ا لصورة ا لفوتوغرافية في ا لكتاب المدرسي عدة وظائف منها‪:‬‬
‫‪ -‬تشكل دعامة مرجعية لملحظة الكائن الحي و العينات ا لطبيعية‬
‫‪ -‬تشكل دعامة مرجعية لملحظة مجهرية‬
‫‪ -‬تشكل دعامة معوضة لغياب الكائن الحي أو العينات الطبيعية ‪.‬‬
‫‪ -‬تشكل دعامة مرجعية تساعد على إنجاز تجريب أو تشريح‬
‫‪ -‬تشكل دعامة لملحظة الظواهر الديناميكية التي تصعب ملحظتها مباشرة ‪.‬‬
‫‪-‬تشكل دعامة لملحظة الظواهر الطبيعية التي تستغرق وقتا طويل‪.‬‬
‫‪ o‬الرسم التخطيطي ‪:‬‬
‫‪ -‬يشكل دعامة لربط التعبير الكتابي بالتعبير البياني (الرسوم التخطيطية المرافقة للنص)‪.‬‬
‫‪ -‬تمكن من ربط العلقة بين الصورة الفوتوغرافية والرسم التخطيطي و ا لوعي بأهداف الرسم التخطيطي (‬
‫الرسوم التخطيطية المرافقة للصور ا لفوتوغرافية )‬
‫‪ -‬تنمي القدرة على المرور من الملموس إلى المجرد‪.‬‬
‫‪-‬تمكن التلميذ من استعمال األدوات المخبرية المقدمة له‬
‫‪ -‬تنمي لدى التلميذ القدرة على فك رموز الرسوم التخطيطية‬
‫‪-‬تشكل دعامة لتوجيه الملحظة أو إنجاز تحضير مجهري أو تشريح أو تجريب‬
‫‪ o‬الرسوم ا لبيانية والجداول‬
‫‪ -‬توفير نتائج التجارب التي يستحيل إنجازها والقيام بها في الفصل‬
‫‪ -‬يؤدي تحليلها إلى الوصول إلى معلومات دقيقة ‪.‬‬
‫‪ -‬تنمي لدى التلميذ قدرة الملحظة والتحليل والمقارنة واالستنتاج والتركيب‪.‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪42‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫‪ -‬تعطي صورة شمولية وواضحة لظاهرة معينة يسهل استغللها من طرف المتعلم‬
‫‪ -‬توفر دعامة لصياغة فرضيات والختبارها‪.‬‬
‫‪-‬تساهم في الفهم الجيد للظواهر المدروسة‬
‫‪ o‬النص‪:‬‬
‫‪-‬دعامة لتوجيه وإثارة الملحظة‬
‫‪ -‬دعامة لصياغة مشكل علمي ‪.‬‬
‫‪-‬دعامة لصياغة الفرضيات واختبارها‪.‬‬
‫‪-‬دعامة إلنجاز تجريب أو تشريح أو ملحظة مجهرية ‪....‬‬
‫‪-‬دعامة لفهم خصائص النهج العلمي‪.‬‬
‫وتلخص الجداول التالية بعضا من هذه الوظائف مدعمة بأمثلة‪:‬‬
‫✓ أمثلـة لبعض وطائف مختلف وثائق الكتاب لمدرسي‬
‫ملحظات و أمثلــة‬ ‫بعض الوظائـف‬ ‫نـوع الوثيقة‬
‫‪-‬تزكي العمل الذاتي وتتيح الفرصة للمدرس لمساعدة المتعلمين الدين هم‬ ‫‪-‬توجيه و إثارة الملحظة‬
‫في وضعية صعبة مثال ‪:‬ص ‪ 14‬النشاط‪ 1 ( 1‬إعدادي‪/‬الواضح )‬ ‫والقيام بتجربة‬
‫‪-‬استخراج المعلومات المرتبطة بالتساؤل المطروح أثناء الملحظة‬ ‫‪-‬إعطاء معلومات إضافية‬
‫النص‬
‫المباشرة التي ال تسمح ظروف المختبر باإلجابة عليها النعدام الوسائل أو‬ ‫حول الموضوع‬
‫صعوبة التجارب مثال‪ :‬تفنيد نظرية النشأة الذاتية ص‪96‬و‪ 16‬كتاب العلوم‬
‫الطبيعية التاسعة من التعليم األساسي‬
‫‪-‬نلجأ إليها لتدقيق ملحظة أجزاء يصعب على المتعلم ملحظتها في العينة‬ ‫‪ -‬تعزيز الملحظة‬
‫المدروسة (التنفس عند الحلزون ص ‪ 26‬و ‪ 17‬الواضح ‪ 1‬إعدادي )‬ ‫المباشرة لألشياء الطبيعية‬
‫‪-‬يصعب على المدرس مراقبة إنجاز كل متعلم على حدة أثناء تدريبهم على‬ ‫‪-‬توجيه الملحظة‬
‫الملحظة وإنجاز التحاضير المجهرية لدلك يحال التلميذ على الصور‬ ‫المجهرية‬
‫المجهرية الواردة في الكتاب قصد مقارنتها بالتحضير الذي أنجزوه أو‬ ‫‪-‬دعامة لملحظة الظواهر‬
‫الصورة‬
‫لتوجيه الصفيحة أو تقدير القد الحقيقي مثال‪ :‬ص ‪27‬و ‪ 22‬الواضح ‪1‬‬ ‫الديناميكية التي يصعب‬
‫الفوتوغرافية‬
‫إعدادي‬ ‫ملحظتها مباشرة أو التي‬
‫ص ‪ 81‬و ‪ 6‬المفيد ‪ 1‬إعدادي‬ ‫تستغرق وقتا طويل‬
‫ص ‪ 26‬و ‪+2‬و‪ 3‬المفيد ‪ 1‬إعدادي‬
‫‪-‬مثال‪ :‬ص‪79‬و‪ 10+9+8+7‬المفيد ‪ 2‬إعدادي‬
‫ص ‪ 111 :‬و‪ 46‬كتاب العلوم ‪ 9‬أساسي‬
‫التدرب على إنجاز رسم تخطيطي إلدراك وظيفته وكيفية تمثيل بنية معينة‪.‬‬ ‫‪-‬تنمية القدرة على المرور‬
‫مثال إنجاز ر‪-‬ت لجوف فموي لسمكة ومقارنته بالرسم المقترح في‬ ‫من الملموس إلى المجرد‬
‫الكتاب ص ‪28‬و‪26‬‬ ‫‪-‬استعمال األدوات‬
‫التدرب على نقد وتقويم اإلنجازات الشخصية أو نقد ما يقدمه الكتاب‬ ‫‪-‬االنتقال من شكل تعبيري‬ ‫الرسم‬
‫المدرسي‪ :‬ص‪12‬و‪2‬المفيد‬ ‫آلخر وفك الرموز‬ ‫التخطيطي‬
‫‪-‬التدرب على اكتساب االستقللية والمبادرة في العمل ص ‪94‬و‪ 10‬الواضح‬ ‫المستعملة‬
‫‪ 1‬إعدادي‬
‫‪ -‬ص ‪ 81‬و ‪ 9‬المقيد ‪ 2‬إعدادي‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪43‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪-‬نادرا ما تستعمل كوثائق لمقاربة المواضيع المدروسة بشكل مباشر نظرا‬ ‫‪-‬توفير نتائج تجارب‬
‫لطابعها التجريدي‬ ‫يستحيل إنجازها بالفصل‬
‫مثال ‪ :‬ص ‪48‬و‪ + 2‬ص‪ 82‬و‪ 2‬المفيد ‪ 1‬إعدادي‬ ‫‪-‬تنمي لدى التلميذ قدرات‬
‫الرسم البياني‬
‫‪ -‬ص ‪ 25‬و ‪+ 15‬و ‪ 16‬؛ ص‪ 65‬و‪ + 14‬ص‪ 66‬و ‪ 16‬الواضح ‪1‬‬ ‫الملحظة والتحليل ‪...‬‬
‫‪ +‬الجداول‬
‫إعدادي‬ ‫‪-‬تعطي صورة شاملة‬
‫وواضحة عن ظاهرة‬
‫معينة‬
‫بعد دراسة التوالد يمكن للمدرس اقتراح ما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬معالجة التمرين ‪ 5‬ص ‪85‬‬
‫‪-‬تعبئة الجدول انطلقا من وثائق الكتاب مع تحديد في كل حالة نوع الوثيقة‬
‫التي سمحت باإلجابة (عمل فردي أو داخل مجموعات)‬
‫التقويم‬ ‫جميع الوثائق‬
‫هذه اإلجراءات ستمكن المدرس من ‪:‬‬
‫‪+‬تقويم قدرة التلميذ على استعمال الكتاب‬
‫‪+‬تقويم مدى استيعابهم للمفاهيم المدروسة‬
‫‪+‬تقويم مدى توفر المتعلم على الفكر الناقد‬

‫‪ -5‬تقنيات تحليل مختلف الوثائق ‪ : 10‬خطـاطـة تلخيصيـة‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪44‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


ⵙⴰⵍⵍⴰⵎ ⴱⵓⵉⴽⴱⴰⵏ 45 juillet 2019
ⵙⴰⵍⵍⴰⵎ ⴱⵓⵉⴽⴱⴰⵏ 46 juillet 2019
‫‪ -6‬معايير اختيار الكتاب المدرسي‪:‬‬
‫من أهم العناصر التي جاء بها الميثاق الوطني للتربية والتكوين اعتماد تعددية الكتب المدرسية‪ .‬فحسب هذا األخير تعد‬
‫سلطات التربية والتكوين تبعا للدعامة السابعة (مراجعة البرامج و المناهج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية) المجال‬
‫الثالث (الرفع من جودة التربية والتكوين ) المادة ‪ 108‬مسؤولة عن تحديد مواصفات التخرج واألهداف العامة والمراحل‬
‫الرئيسية لتدرج البرامج والمناهج الدراسية كما أن اللجنة المشار إليها في المادة ‪ 107‬أعله ستشرف على إنتاج الكتب‬
‫المدرسية والمعينات البيداغوجية وفق مقتضيات المنافسة الشفافة بين المؤلفين والمبدعين والناشرين‪ ،‬على أساس دفاتر‬
‫تحملت دقيقة مع اعتماد مبدأ تعددية المراجع ووسائل الدعم المدرسي ‪ ،‬كما تخضع كل أداة ديداكتيكية كيفما كان شكلها‬
‫وطبيعتها لزوما لمصادقة سلطات التربية والتكوين ‪ .‬وقد صدرت مذكرة وزارية ذات الصلة لتنظيم عملية اختيار الكتاب ‪،‬‬
‫يتعلق األمر باختيار أنسب الكتب وأكثرها ملئمة لوسط المتعلمين وليس لتقويمها أو المصادقة عليها ‪ .‬فقد سبق وان صودق‬
‫عليها من طرف لجن مختصة ‪ .‬غير أن األستاذ المقبل على عملية االختيار تعترضه مجموعة من األسئلة لعل أهمها ما‬
‫المعايير الواجب اعتمادها ليكون اختياره موفقا ؟ إذ ال بد من إجراء تحليل لمضامين تلك الكتب بهدف الوقوف على‬
‫المقاربات البيداغوجية المعتمدة حتى يتسنى لنا الحسم في مسألة االختيار ‪ .‬ويمكن تلخيص معايير االختيار في ثلث عناصر‬
‫أساسية وهي ‪:‬‬
‫‪+‬المعايير العامة‪ :‬في هذا اإلطار تطرح أسئلة تتعلق بشكل وتنظيم الكتاب ( إعداد الصفحات ‪ ،‬القروءة المادية ‪ ،‬اللغة‬
‫واألسلوب ‪) ...‬‬
‫‪+‬المعايير الديداكتيكية‪ :‬تطرح في هذا المستوى أسئلة تتعلق بالمنهج المعتمد (االنسجام ‪ ،‬الوضوح‪ ،‬التسلسل المقترح ‪)...‬‬
‫‪+‬المعايير البيداغوجية‪ :‬تطرح أسئلة تتعلق بالمضامين ( المقرر ‪،‬الدعامات ‪ ،‬المراجع النظرية‪)...‬‬
‫‪ +‬المعايير العامة‪ :‬شكل وتنظيم الكتاب‬
‫‪-‬هل الشكل ملئم؟ سهل االستعمال ؟‬
‫‪-‬المتانة ‪ ،‬الوزن ؟‬
‫‪-‬إعداد الصفحات من الناحية الجمالية والوظيفية ‪ ،‬تنظيم الفصول والفقرات وترابطها فيما بينها‬
‫‪-‬الطباعة والمسهلت التقنية ( القاموس ‪ ،‬الفهرس ‪ ،‬حجم الحروف ‪ ،‬األلوان ‪ ،‬الرموز ‪)...‬‬
‫‪ -‬جودة الوثائق و تنوعها ( نصوص ‪ ،‬صور ‪ ...‬األهمية النسبية لكل منها ) وقابليتها للستغلل‬
‫‪-‬القروئية ‪ :‬األسلوب ‪ ،‬المصطلحات ‪ ،‬كثافة المعلومات وتنوعها‬
‫‪-‬إرشادات ونصائح االستعمال‬
‫‪-‬المراجع المعتمدة واإلحاالت ( ملئمة ‪ ،‬غنية ‪ ،‬كافية )‬
‫‪-‬إعلن المؤلفين بشكل صريح عن األهداف والنوايا‬
‫‪+‬المعايير الديداكتيكية‪ :‬المنهج المعتمد‪ ،‬هل يقترح الكتاب‪:‬‬
‫‪ -‬تسلسل ملئما للمستوى المعني؟‬
‫‪ -‬نهجا واضح المعالم؟‬
‫‪ -‬سياقات تجعل المتعلم في وضعية الباحث؟‬
‫‪ -‬وضعيات إشكالية؟‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪47‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫‪ -‬وثائق كافية تثير التساؤالت وتسمح بطرح اإلشكاليات؟‬
‫‪ -‬تمارين كافية (للتدرب ‪ ،‬للدعم ‪ ،‬للتطبيق ‪ ،‬للتقويم ) ؟‬
‫‪ -‬هل يتيح مرونة استعمال منهج شخصي ؟‬
‫‪ -‬هل يحيل على التخصصات األخرى؟ دعامات بيداغوجية أخرى ؟ أبحاث أخرى منجزة ؟‬
‫‪ -‬هل أخذ بغين االعتبار قدر اإلمكان تنوع المتعلمين ومراكز اهتمامهم وطرق تعلمهم؟‬
‫‪ -‬هل أخذ بغين االعتبار قدر اإلمكان مشاكل الساعة واالنفتاح على المحيط ؟‬
‫‪+‬المعايير البيداغوجية‪ :‬المضامين‬
‫‪ -‬مدى االنسجام بين الكفايات المنتظرة والوضعيات المقترحة‬
‫‪ -‬هل يعلن بوضوح للمتعلم ما سيتعلمه؟‬
‫‪ -‬هل يحث على التساؤل ويدفع التلميذ للعمل؟‬
‫‪ -‬هل يبرز المعارف الضرورية؟‬
‫‪ -‬هل يقدم معارف إضافية متنوعة (نبذة عن حياة العلماء‪ ،‬معارف مكملة‪ ،‬معلومات للتعميق األحداث الهامة ‪)...‬؟‬
‫‪ -‬هل يقدم صياغات مختلفة وملئمة لنفس المفهوم؟‬
‫‪ -‬هل يقترح مهام متنوعة على المتعلم (بحوث‪ ،‬اكتشافات‪ ،‬تجريب‪ ،‬إنتاج‪ ،‬تركيب‪ ،‬تطبيق ‪ ،‬دعم مفهوم ‪) ...‬؟‬
‫‪ -‬هل يقدم أدوات للتقويم التكويني؟‬
‫‪ -‬هل يساعد المتعلم على اكتساب نهج للتعلم؟ االستقللية؟ القيام بتركيب المعارف المدروسة؟‬
‫وأيا كان الكتاب‪ ،‬فإن له حدودا وتعترض توظيفه مشكالت‪ .‬فما هي حدود ومشكالت استخدامه؟‬
‫‪ -7‬حدود ومشكالت استخدام الكتاب المدرسي‪:‬‬
‫إن تحقيق الكتاب المدرسي لوظائفه رهين بحسن استعماله‪ ،‬وهذا ما أكده بعض المهتمين‬
‫حين قال‪...":‬ال نغالي إذا قلنا أن طرق استخدام الكتاب المدرسي هي العامل األول في تحقيقه لوظائفه‪ ،‬فمهما توافر في‬
‫الكتاب المدرسي من مزايا فإنها لن تؤتي ثمارها ما لم يستخدمه المدرس والطلب االستخدام السليم " ‪ .1‬ومن المسلمات‬
‫التي يستند إليها االستعمال الناجع للكتاب فهم حدوده من جهة ومعرفة المشكلت التي تعترض توظيفه من جهة ثانية‪.‬‬
‫• الحدود ‪:11‬‬
‫ترتبط حدود استخدام الكتاب المدرسي بطبيعة هذا األخير‪ .‬ويمكن إجمالها في اآلتي ‪:‬‬
‫‪+‬تحقيق الفهم‪ :‬تفرض كثرة الموضوعات المعالجة وضيق الحيز المخصص على المؤلف االقتضاب والتعميم ‪ ،‬وتحول بينه‬
‫وبين اإلكثار من األمثلة والتفصيلت التي تسهل على التلميذ الفهم ؛‬
‫‪+‬مسايرة التطورات العلمية‪ :‬عدم قدرة الكتاب المدرسي على متابعة األحداث في حينها ؛‬
‫‪+‬تنمية التفكير العلمي‪ :‬ال يستطيع الكتاب المدرسي لوحده أن يسهم في بلوغ هذا الهدف ؛‬
‫‪+‬الفوارق الفردية‪ :‬يؤلف الكتاب المدرسي عادة لمتعلم متوسط المستوى مما يجعله غير مناسب للتلميذ المتفوقين‬
‫أوالمتخلفين؛‬
‫‪+‬ميول التلميذ‪ :‬رتابة الكتاب في تسلسله و تنظيمه من جهة ومواضيع مفروضة تجعلن الكتاب المدرسي قاصرا عن‬
‫اجتذاب التلميذ ‪.‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪48‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫• مشكالت االستخدام ‪: 13‬‬
‫يمكن إجمالها في ثلثة محاور‪:‬‬
‫‪+‬االنصراف التام ‪ :‬ويرجع إلى عوامل عديدة منها على سبيل المثال ال الحصر ‪:‬‬
‫‪-‬الكتاب المدرسي نفسه‪ :‬صعب في محتواه ولغته ‪ ،‬معقد في أسلوبه وطريفة تنظيمه ‪ ،‬افتقاره لإليضاح و عناصر التشويق ‪،‬‬
‫رداءة اإلخراج و الطبع ‪ ...‬؛‬
‫‪-‬ضعف المستوى العام للقراءة لدى التلميذ ؛‬
‫‪-‬المدرس من حيث نظرته للكتاب ومدى إلمامه بطرق االستعمال ‪.‬‬
‫‪+‬االستظهار ‪ :‬حفظ الحقائق و األفكار الواردة في الكتاب المدرسي دون فهم صحيح لها ‪ .‬ومع أن الكتاب المدرسي ليس‬
‫المسؤول الوحيد ‪ ،‬إال أنه يتحمل نصيبا من ذلك ‪ .‬ويمكن إرجاع ذلك إلى عدة عوامل ‪:‬‬
‫‪ -‬كثرة المصطلحات وصعوبة الموضوعات ؛‬
‫‪ -‬المدرس و ما يقدمه من عون للمتعلم في قراءة الكتاب وفهمه وإجلء الغامض منه‬
‫‪ -‬ما يتصل بالتلميذ من حيث قدراته و خبراته ‪.‬‬
‫‪+‬االعتماد الكلي ‪ :‬االعتماد على الكتاب واالستغناء عن المدرس في حالة الغياب‬
‫‪ -8‬خالصة ‪:‬‬
‫من األكيد أن الكتاب المدرسي ال يحقق وظائفه بطريقة آلية ‪ ،‬بل يشترط توافر عاملين أساسيين ‪:‬‬
‫‪ -‬جودة الكتاب من حيث مادته وطريقة عرضه وطبعه و إخراجه إلى غير ذلك من المواصفات واألسس والمبادئ التي‬
‫تراعى في تأليفه ؛‬
‫‪ -‬حسن استعمال الكتاب المدرسي ‪.‬‬
‫إال أنه تنبغي اإلشارة إلى عدم وجود قواعد دقيقة ومحددة الستعمال الكتاب المدرسي ‪ ،‬وإنما هناك أساليب متعددة تحددها‬
‫عوامل مختلفة ‪ .‬وعلى الرغم من قابلية الكتاب المدرسي للستعمال داخل الفصل وخارجه ودوره في تنمية بعض القدرات‬
‫والمهارات لدى المتعلم ‪ ،‬فإن له حدودا تميزه عن باقي مصادر المعرفة األخرى ‪ .‬كما أن استخدامه تعترضه عدة مشكلت ‪،‬‬
‫ومن الضروري الوعي بهذه الحدود ‪ ،‬ألن فهمها أساسي الستخدامه االستخدام السليم ‪.‬أما بخصوص التقنيات الحديثة فما من‬
‫شك أنها قد أحدثت ثورة في مجال إنتاج المعرفة لكن ذلك ال يعني بالضرورة أنها ستحدث ثورة في مجال تعلم هذه المعرفة ‪،‬‬
‫فالخطاب حول الوسائل اإللكترونية الحديثة ما يزال يحتاج إلى تحديد وتحليل دقيقين ‪ .‬غير أنه يمكن لنا اعتماد االستعارة‬
‫التالية ‪:‬‬
‫تستعمل كلمة ‪ ecotone‬لوصف منطقة تلقي نظامين بيئيين (مثل غابة وحقل ) إنه مجال له بيئته الخاصة ونحن‬
‫نعيش اآلن في هذه المنطقة وهناك طريقتين للتصرف يجب تفاديهما ‪:‬‬
‫‪+‬علينا أن ال نبقى داخل حدود الغابة والقول ‪ :‬ال للشاشات ‪ ،‬نعم للخشب والورق ؟‬
‫‪+‬المجازفة والدخول إلى الحقل دون تهيئ مدروس قائلين وداعا للكتب المدرسية التقليدية ‪.‬‬
‫واألفضل لنا في هذه الحالة التذكر بأننا داخل ‪ ، ecotone‬فكل الثقافتين ستستفيدان وتتغذيان من بعضهما البعض الشيء‬
‫الذي يحتمل أن يتمخض عنه أشكال جديدة هامة ‪.‬‬
‫الهوامش ‪:‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪49‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
[1]- Pinaud (D) ,Guebel (S) ; 1988 ; “ Guide pratique de la documentation ’’ hachette education ,
paris .p :4
[2]- F.Richaudeau ; 1978 ;Conception et production des manuels scolaires ; guide pratique ;
UNESCO . p :51
[3]- Decorte ; 1978 ; Les fondements de l’action didactique ; ed .Deboeck ; Bruxelle . P :109
[4]- Renald Legendre : 1988 ; Dictionnaire actuel de l’éducation ; larousse ; Canada .
[5]- A-M Drouin ; Des images et des sciences ; in ASTER N°4 : communiquer les sciences ; INRP ;
Paris 1987
12‫ ص‬1988 ‫ فبراير‬3‫[محمد الكتاني ؛"األسس التربوية للكتاب المدرسي"؛المجلة التربوية؛العدد‬6]-
8‫ ص‬1988 ‫ فبراير‬3 ‫[عباس الجيراري ؛ "رؤية عن للكتاب المدرسي"؛ المجلة التربوية ؛ العدد‬7]-
[8]- F.Richaudeau ; op cit. PP 59- 60
[9]- ibid. PP : 53 - 54
[10]- CRDP ; 1984 ; Place et fonction du manuel scolaire ; Poitiers P:28
: ‫الئحة المراجع المعتمدة‬
. ‫ البيضاء‬، ‫ مطبعة أفريقيا الشرق‬، ‫ السنة الثالثة‬، ‫ ؛ العدد الثالث‬1988 ، ‫المجلة التربوية‬ -
‫ أسسه وتقويمه واستخدامه الطبعة األولى ؛ مكتبة‬، ‫ تاريخه‬، ‫ فلسفته‬، ‫ ؛ الكتاب المدرسي‬1962 ‫رضوان أبو الفتوح و آخرون ؛‬ -
. ‫األنجلو المصرية ؛ القاهرة‬
- ASTER N°4 ; 1987 ; communiquer les sciences : INRP ; Paris
- CRDP ; 1984 ; Place et fonction du manuel scolaire ; Poitiers
- Decorte ; 1978 ; Les fondements de l’action didactique ; ed .Deboeck ; Bruxelle .
- F.Richaudeau ; 1978 ; conception et production des manuels scolaires , guide pratique ;
UNESCO
- Pinaud (D) ,Guebel (S) ; 1988 ; “ Guide pratique de la documentation ’’ hachette education ,
paris .
- Renald Legendre : 1988 ; Dictionnaire actuel de l’éducation ; larousse ; Canada .:

ⵙⴰⵍⵍⴰⵎ ⴱⵓⵉⴽⴱⴰⵏ 50 juillet 2019


‫في تقويم علوم الحياة واألرض‪ ،‬سؤال االستحضار المنظم للمعارف‬
‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى‬
‫تقديم‬
‫في سياق تحديدها لمواصفات موضوعات امتحان البكالوريا في مادة علوم الحياة واألرض‪ ،‬ورد في المذكرة الوزارية‬
‫رقم ‪ 133/13‬ما يلي‪ " :‬يهدف امتحان البكالوريا إلى تقويم المكتسبات العلمية و القدرات الفكرية لدى التلميذ‪ ،‬لذا ينبغي أن‬
‫تشمل هذه المواضيع المكونات التالية ‪:‬‬
‫استحضار معارف سبقت دراستها و استردادها بحيث يكون التلميذ مطالبا ب ‪:‬‬
‫× عرض أفكاره بطريقة منظمة و واضحة‪،‬‬
‫× استعمال أسلوب واضح و سليم لغويا و علميا‪،‬‬
‫× االستعانة في استدالله برسوم أو بيانات مناسبة و سليمة… " [‪]1‬‬
‫أمام هذه المواصفات الجديدة المتضمنة في المذكرة ‪ 133.13‬كوثيقة رسمية منظمة المتحانات البكالوريا في علوم الحياة و‬
‫األرض ‪ ،‬لعل أول ما يمكن أن يطرحه مدرس المادة على نفسه من أسئلة ‪ ،‬غالبا ما يأتي على شاكلة ‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي السبل الناجعة لتمرين التلميذ على ذلك ؟‬ ‫‪ -‬كيف أتعامل مع صيغة االسترداد المنظم للمعارف ؟‬
‫‪ -‬ما هي الطرق البيداغوجية و القدرات المنهجية التي يمكن‬ ‫‪ -‬هل هناك إمكانية لتحقيق تعاقد بيداغوجي حول ذلك ؟‬
‫أن يتعلمها التلميذ حتى يعطي أجوبة ال تخيب أمله في االمتحان الوطني و الجهوي على السواء ؟‬
‫في هذا السياق يندرج هذا الموضوع متوخيا إيجاد حلول نظرية وعملية لمطالب مثل هذه األسئلة التي تقض مضجع‬
‫المدرس و التلميذ على حد سواء‪ .‬إن االستحضار أو االسترداد المنظم للمعارف كصيغة أساسية في االمتحان‪ ،‬تستوجب من‬
‫التلميذ استيعابها و تفادي الهفوات أو األخطاء التي يقع فيها المستهدفون عادة كعرض المعلومات و الملخصات بشكل جاهز‬
‫غامض غير منظم‪ ،‬و هي تنخرط في جنس ما يسمى بالكتابة المقالية حيث تكون مقترنة في الغالب بمطلبي التنظيم و االستدالل‪.‬‬
‫إن االسترداد المنظم للمعارف كفاية منهجية تقتضي إدماج عدد كبير من المهارات و التمكن من عدة قدرات ينبغي‬
‫تمرين التلميذ عليها‪ ،‬كقراءة الموضوع قراءة متأنية و ضبط أفكاره و التحكم في المعلومات و حسن استعمالها و بلورة‬
‫استراتيجية منهجية أو تصميم ينظم و يهيكل مراحل اإلنجاز و االستدالل العلمي و أدوات الربط المنطقي و توظيف لغة‬
‫شخصية سليمة وفقا لنظام متماسك و بناء إنشائي محكم…‬
‫‪ -1‬ماهية االستحضار المنظم للمعارف ‪:‬‬
‫نمط من األسئلة أو التمارين المقالية ‪ ،‬عبرها ينتظر من الممتحن أو المقوم استحضار و عرض مجموعة أفكار متناسقة و‬
‫منتقاة بدقة‪ ،‬يقوم بتنظيمها و رتبنتها من خلل تعبير سليم للوصول بها إلى خاتمة مع تقديم أدلة بـيـنـة و إثباتات واضحة (‬
‫رسوم تخطيطية… ) في إطار من االستدالل العلمي السليم ‪ .‬و ترتبط هذه العناصر المستحضرة و تنسجم في وحدات‬
‫متسلسلة و منسجمة و مستقلة و متكاملة وفق ما يوحي به نص التمرين‪.‬‬
‫‪ -2‬مقتضيـات أوليـة‪:‬‬
‫‪-1-2‬تحليل نص الموضوع [‪:]2‬‬
‫قبل الشروع في بلورة منهجية للتعامل مع هذا النمط من التقويم‪ ،‬يقتضي المقام طرح بعض الملحظات االتمهيدية ‪:‬‬
‫إن مقاربة أي تمرين يتطلب بداية‪،‬‬
‫* قراءة نصه قراءة متأنية و متمعنة و متفحصة قدر اإلمكان ‪ ،‬الستيعاب مفاهيمه و ضبط مغالقه اللغوية و تذليل صعوباته‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪51‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫* تسطير أو تأطير الكلمات األساسية و األلفاظ الهامة ( الكلمات القوية أو المفاتيح ) و سبر أغوارها‪.‬‬
‫* أخذ فكرة عامة وغير فسيفسائية حول التمرين حتى يتضح الهدف منه‪.‬‬
‫* حصر و ضبط معطيات التمرين المختلفة و تحديد الغاية المطلوبة منه‪.‬‬
‫‪ -2-2‬على ورقة التسويد ‪:‬‬
‫* موضعة الموضوع المطروح في سياقه بالمقرر و ربطه بجزء أو أجزاء برنامج المادة المسطر‪.‬‬
‫* على المسودة‪ ،‬وضع و طرح أولي و سريع لكل ما يمثل في الذهن بصدد الموضوع المطروح من أفكار و مفاهيم و رسوم‬
‫تخطيطية و غيرها…‬
‫* حصر األفكار و الحكم على ما هو ملئم منها للمشكل المطروح و ذلك بانتقاء و تصنيف ما تمت كتابته على المسودة من‬
‫أفكار و غيرها إلى ثلثة أقسام و ذلك حسب أهميتها و الروابط المنطقية التي تجمعها‪ -1 :‬جزء ضروري‪ ،‬ينبغي التطرق‬
‫إليه‪ -2 .‬جزء ثانوي يمكن الحديث عنه إذا سمح الوقت‪ -3 .‬جزء ال داعي له باعتباره خارج الموضوع‪.‬‬
‫‪ -3‬بناء عناصر الجواب ‪:‬‬
‫و يقتضي ذلك االلتزام بعدة خطوات منهجية منسجمة متكاملة و هي‪:‬‬
‫‪-1-3‬المقدمة ‪ :‬و هي عبارة عن تقديم عام لموضوع التقويم ( مجهود فهم المشكل ) حيث يتم عرضه بتدرج إلبراز أولي‬
‫لعناصر الموضوع األساسية و إحاطته لحين حصر و تحديد المشكل المطروح و ذلك بشكل مختصر و صياغة بسيطة‬
‫و بطريقة ملموسة و من دون مناقشة أو تفصيل أو إجابة‪.‬‬
‫ملحوظة ‪ :‬تشكل المقدمة عنصرا هاما في االنجاز‪ ،‬و عليه فل ينبغي أن تتضمن بتاتا حل المشكل المطروح‪ .‬و لعل من‬
‫مميزات المقدمة السليمة تجنب مناقشة المشكل المطروح و عدم التعرض للتفاصيل و الجزئيات التي سيأتي ذكرها في‬
‫العرض فضل عن تجنب اإلشارة إلى النتيجة المرتقبة‪.‬‬
‫‪-2-3‬العرض ‪ :‬و لعله أهم خطوة و أطولها باعتبار الشروط اللزمة فيه ‪:‬‬
‫× األفكار ‪ :‬هنا ينبغي االنتباه إلى كيفية عرض األفكار و سلستها و علمية االستدالل و تسلسل الحجج في إثبات مسألة ما‪،‬‬
‫مع ضرورة التنظيم و البنينة و تجنب تكديس الجمل و مراكمتها بالرجوع إلى السطر و تقسيمها إلى فقرات مرقمة و معنونة‬
‫ما أمكن حسب تصميم منطقي و متسلسل‪.‬‬
‫× الفقرات و عناوينها ‪ :‬و ينبغي أيضا أال تكون مكدسة كيفما اتفق‪ ،‬بل يحبذ ربطها بواسطة ألفاظ بسيطة ( إذن ‪ ،‬و عليه ‪،‬‬
‫يبدو مما سبق ‪ ،‬فقد اتضح لنا ‪ )… ،‬أما العناوين الفرعية فمن الضروري أن توحي بمضامين الفقرات و تعكس ما تعالجه‬
‫بالفعل‪.‬‬
‫× التعبير البياني ‪ :‬يعتبر االستعانة بالتعبير البياني مطلبا قائما‪ ،‬لإلبانة و مزيد من التوضيح‪ ،‬فرسم تخطيطي مناسب و سليم‬
‫( بعنوانه و مفتاحه )‪ ،‬أفضل بكثير من شروحات طويلة و جمل منمقة و حشو مطنب‪ ،‬و عليه فإنه من اللزم ‪:‬‬
‫·االنتباه إلى إدراجه في المكان األنسب و موضعته في الفقرة التي تستلزم وجوده أو تقتضي ذلك‪.‬‬
‫·ترقيم مختلف التعابير البيانية المختارة ( رسم تخطيطي‪+1‬عنوان ‪ ،‬رسم تخطيطي‪+2‬عنوان…) مما يسهل اإلحالة إليها‬
‫انطلقا من نص الجواب‪.‬‬
‫‪-3-3‬الخاتمة‪ :‬و تعرض بشكل واضح و موجز لحل المشكل المحدد و تقديم الحصيلة ( خلصة األفكار األساسية دون الدقيقة‬
‫) التي أفرزتها معالجة الموضوع ‪ ،‬كما يحبذ صياغة الخاتمة بألفاظ عامة و مختلفة عن نظيرتها التي صيغ بها العرض…‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪52‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ -4‬بعض منتظرات المصحح ‪:‬‬
‫يتوقع المصحح من المترشح ما يلي ‪،‬‬
‫× امتلك بعض المفاهيم و المعارف العلمية و األدوات المنهجية في المادة مما يمكنه من توظيفها في وضعيات جديدة‪ .‬و‬
‫صياغة ذلك بأسلوب علمي واضح و سليم تبعا للتمرين المطروح‪.‬‬
‫× عدم الخروج عن الموضوع و تجنب التكرار و الحشو و األخطاء و التناقضات والسطحية (ضرورة حضور العمق‬
‫المعرفي )‪..‬‬
‫× تجنب إنزال فقرات من الدروس‪ ،‬الناتجة عن الحفظ اآللي الببغائي لصفحات الكتاب المدرسي أو الملخصات‪.‬‬
‫× تجنب طغيان الذاكرة على االستدالل العلمي و ذلك بتحويل هذا النمط من التمارين إلى استظهار‪ ،‬بل مقارنة األفكار و‬
‫انتقاء الملئم منها و صياغتها باألسلوب الشخصي العادي‪...‬‬
‫× التقيد بعلمات الوقف و تجنب رداءة الخط ‪.‬‬
‫× االستعانة بأنماط التعبير البياني المناسبة و حسن موضعتها…‬
‫‪ -5‬معالجة نموذج من صيغة االستحضار المنظم للمعارف‪:‬‬
‫‪-1-5‬نص التمرين ( السؤال المقترح)‪:‬‬
‫من خلل استدالل منطقي و سليم و باستعانتك برسوم تخطيطية مناسبة‪ ،‬بين كيف تساهم البلزميات في إبطال مفعول‬
‫مولدات المضادات المتنقلة‪.‬‬
‫‪-2-5‬تحليل الموضوع ‪:‬‬
‫× معرفيا ‪ :‬ينبغي على الممتحن اإلشارة إلى خصائص البلزميات التي تجعلها قادرة على إبطال مفعول مولدات‬
‫المضاد ‪:‬‬
‫· كالقدرة على تركيب وإفراز مضادات األجسام بكمية هامة … ‪/‬‬
‫· نوع واحد من مضادات أجسام نوعية لمولد المضاد …‪/‬‬
‫· التكاملية البنيوية بين المواقع التفاعلية لمولد المضاد و مضاد األجسام…‪/‬‬
‫· بنية وتنوع مضادات الجسام…‪/‬‬
‫· كيفية عمل مضادات األجسام…‪/‬‬
‫· ضرورة االستعانة برسوم تخطيطية …‪ ،‬بلزمية ‪ ،‬جزيئة مضاد األجسام ‪ ،‬مركبات منيعة…‬
‫× منهجيا‪ :‬إن الممتحن مطالب بداية أن يقرأ الموضوع قراءة متأنية مسترعيا كل ما يثير انتباهه من مفاهيم و‬
‫مصطلحات و أفكار ‪ ،‬مسطرا على كل ذلك ثم ناقل له في مسودته و منظما لكل المعطيات التي تم تجميعها‪.‬‬
‫و عليه فإن الهيكل العام الذي ينبغي أن يتضمنه التصميم من األفضل أن يصاغ بهذا الشكل ‪:‬‬
‫· مستوى التقديم…‬
‫· مستوى العرض…‬
‫· مستوى الخاتمة…‪ ،‬حيث تشكل هذه المستويات بناء منسجما مترابطا رغم هذا التقسيم المنهجي…‬
‫‪-1-2-5‬على مستوى التقديم‪:‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪53‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫إن التلميذ مطالب باستهلل موضوعه بمقاربة أولية لعناصره قصد اإلحاطة بها ‪ ،‬من خلل سؤال أو أسئلة واضحة‬
‫الصياغة جيدة الحبك‪.‬‬
‫‪ -2-2-5‬على مستوى العرض ‪:‬‬
‫يقتضي األمر هنا أن يقوم التلميذ بتفكيك الموضوع إلى عناصره األساسية ثم الوقوف على كل المفاهيم شارحا مفسرا أو‬
‫موضحا بلغة شخصية سليمة‪ .‬إن هذه العملية دقيقة ومنظمة و تستلزم عدة مهارات و كفايات منهجية كتفكيك الكل إلى أجزائه‬
‫و شرح أو تفسير كل المعطيات المجمعة مع االستشهاد و االستعانة برسوم تخطيطية ملئمة وفق استدالل علمي منطقي‪.‬‬
‫‪-3-2-5‬التصميم المقترح‪:‬‬
‫مقدمة‬
‫‪ -1‬البلزميات و تركيب مضادات أجسام نوعية لمولدات المضاد ‪:‬‬
‫‪ -1-1‬مضادات األجسام ‪ ،‬جزيئات نوعية لمولدات المضاد ‪:‬‬
‫‪ -2-1‬البلزمية ‪ ،‬خلية متخصصة في تركيب نوع من مضاد األجسام ‪:‬‬
‫‪ -2‬مضادات األجسام المتنقلة و إبطال مفعول مولدات المضاد بتكوين مركب منيع ‪:‬‬
‫‪ -1-2‬تكوين المركب المنيع ‪:‬‬
‫‪-2-2‬نتيجة تكون المركب المنيع ‪:‬‬
‫خاتمة‬
‫‪-3-5‬نموذج اإلجابة ( مقترح ) ‪:‬‬
‫خلل مرحلة التنفيذ من االستجابة المناعتية الخلطية تفرز البلزميات مضادات أجسام ليتم إبطال مفعول مولدات المضاد‬
‫كما يتم تدميرها إطلقا في بعض الحاالت‪ ..‬لكن كيف تساهم البلزميات في إبطال مفعول مولدات المضاد المتنقلة كالسمين و‬
‫الحمات و البكتيريا؟‬
‫‪ -1‬البلزميات و تركيب مضادات أجسام نوعية لمولدات المضاد ‪:‬‬
‫‪ -1-1‬مضادات األجسام ‪ ،‬جزيئات نوعية لمولدات المضاد ‪:‬‬
‫تنتمي مضادات األجسام بيوكيميائيا إلى مجموعة الكريوينات ‪ γ‬المناعتية ( ‪ ) Ig‬و تتكون من ‪ 4‬سلسل بيبتيدية‬
‫متماثلة ‪ :‬سلسلتان خفيفتان ‪ L‬و سلسلتان ثقيلتان ‪ H‬و تضم السلسل ‪ L‬و ‪ H‬مناطق متغيرة ( ‪ VL‬و ‪ )VH‬و مناطق ثابتة و‬
‫يشكل اتحاد المنطقتين المتغيرتين في السلسلتين ‪ L‬و ‪ H‬موقع تثبيت مولد المضاد الذي يحدد نوعيته المستضادية‬
‫هام ‪ :‬هنا يحبذ إدراج رسم تخطيطي للبنية األساسية لمضاد أجسام‬
‫‪ -2-1‬البلزمية ‪ ،‬خلية متخصصة في تركيب نوع من مضاد األجسام ‪:‬‬
‫تركب مضادات األجسام من طرف البلزميات و تتميز هذه األخيرة بكثافة الشبكة السيتوبلزمية الداخلية بها مما‬
‫يشير إلى نشاط إفرازي هام‪.‬‬
‫هام ‪ :‬هنا يحبذ إدراج رسم تخطيطي لفوق بنية بلزمية ‪.‬‬
‫البطال مفعول مولد مضاد ما ‪ ،‬يحتاج الجسم إلى مضادات أجسام معينة تتحد معه حسب التكامل الموجود بينه و بينها (‬
‫مواقع التثبيت و المحددات المستضادية ) و يتم ذلك وفق ظاهرة االنتقاء اللمي‪ ،‬بموجبها فإن مولد المضاد يحدد لمة‬
‫اللمفاويات ‪ B‬التي يتحد معها حسب التكامل القائم بينه و بين الكريوينات المناعتية الموجودة على سطح اللمفاويات ‪ B‬و‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪54‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫هكذا تتكاثر اللمفاويات ‪ B‬التي تم انتقاؤها و تنشط متحولة إلى بلزميات مفرزة لمضادات أجسام نوعية لمولد المضاد الذي‬
‫نشط اللمفاوية ‪.B‬‬
‫‪ -2‬مضادات األجسام المتنقلة و إبطال مفعول مولدات المضاد بتكوين مركب منيع ‪:‬‬
‫‪ -1-2‬تكوين المركب المنيع ‪:‬‬
‫بعد إفرازها من طرف البلزميات في البلزما ترتبط مضادات األجسام بمولد المضاد وفق ترابط بسيط ناتج عن قوى‬
‫جذب بين المحدد المستضادي و موقع تثبيت هذا األخير فوق مضاد األجسام‪ .‬و يسمح هذا التكامل البنيوي بتشكيل مركب‬
‫منيع‪.‬‬
‫هام ‪ :‬ضرورة إدراج رسومات تخطيطية لبعض المركبات المنيعة‪.‬‬
‫‪-2-2‬نتيجة تكون المركب المنيع ‪:‬‬
‫في حالة السمين تتحد مضادات األجسام مع جزيئات السمين و تبطل مفعولها بحيث تمنعها من التثبيت على مستقبلتها‬
‫الموجودة على سطح الخليا الهدف مما يحول دون ولوجها إلى الخلية كما يمكن لمضادات األجسام أن تلتصق بالمستقبلت‬
‫الموجودة على سطح بعض البكتيريا لتمنعها من االلتصاق بالخليا الهدف و تحول دون إفراز سمينها الممرض ‪.‬‬
‫و أما بخصوص الحمات فتحيط بها مضادات األجسام و" تغلفها" لتحجب المستقبلت الحموية التي تمكن من االلتصاق‬
‫بالخلية العائلة مما يمنعها من اقتحام الخليا‪.‬‬
‫كما يمكن لبعض مضادات األجسام أن تؤدي إلى انحلل بعض الخليا المعفنة بالحمات و ذلك بتنشيطها لعامل التكملة‬
‫التي تشكل مركب الهجوم الغشائي‪.‬‬
‫إن تثبيت مضادات األجسام على المحددات المستضادية يسمح بتشكل مركبات منيعة تفضي إلى إبطال مفعول مولد‬
‫المضاد وكبح تكاثره (حالة الحمة و البكتيريا )‪ .‬و في بعض الحاالت تعمل مضادات األجسام على تسهيل عملية البلعمة من‬
‫طرف الخليا البلعمية‬
‫‪-4-5‬عناصر اإلجابة (مقترح )‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫‪-1-1‬مضادات األجسام ‪ ،‬جزيئات نوعية لمولدات المضاد ‪:‬‬ ‫‪-1‬البلزميات و تركيب مضادات أجسام‬
‫‪ -2-1‬البلزمية ‪ ،‬خلية متخصصة في تركيب نوع من مضاد األجسام‬ ‫نوعية لمولدات المضاد ‪:‬‬
‫‪ -1-2‬تكوين المركب المنيع ‪:‬‬ ‫‪ -2‬مضادات األجسام المتنقلة و إبطال‬
‫‪-2-2‬نتيجة تكون المركب المنيع ‪:‬‬ ‫مفعولمولدات المضاد بتكوين مركب منيع ‪:‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬
‫االستدالل العلمي ‪: Raisonnement scientifique /‬‬
‫االستعانة برسوم تخطيطية ملئمة و سليمة ‪ :Illustration /‬فوق بنية بلزمية‪/‬مضاد أجسام‪/‬بعض المركبات‬
‫المنيعة‪...‬‬
‫‪ -6‬نماذج من أسئلة االستحضار المنظم للمعارف‪]3[ .‬‬
‫* باستعمالك ألسلوب واضح و سليم ‪ ،‬وضح كيف تساهم ظاهرة البلعمة في االستجابة المناعتية ‪ ،‬مستعينا في ذلك برسوم‬
‫تخطيطية ملئمة‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪55‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫* من خلل عرض واضح و منظم‪ ،‬بين آليات تدخل اللمفاويات ‪ T4‬في االستجابة المناعتية النوعية‪ .‬عزز جوابك برسوم‬
‫تخطيطية مناسبة‪.‬‬
‫* بين كيف يؤدي االنقسام االختزالي إلى الحصول على أمشاج مختلفة وراثيا ‪،‬انطلقا من رسم تخطيطي لخلية ثنائية‬
‫الصيغة الصبغية ذات ‪ 4‬صبغيات و ‪ 3‬مورثات لكل منها حليلتان‪.‬‬
‫* انطلقا من تفصيل دورة نمو من اختيارك‪ ،‬عمم و بين أن دورة نمو كل الكائنات الحية ذات توالد جنسي تتميز‬
‫بتعاقب مرحلتين إحداهما أحادية الصيغة الصبغية و األخرى ثنائية الصيغة الصبغية‪.‬صف الظاهرتين اللتين تمكنان من‬
‫تعاقب المرحلتين موضحا ذلك ببعض الرسومات التخطيطية المختارة‪.‬‬
‫* بعد تحديدك لسبب ذروة ‪ LH‬الملحظة خلل الدورة الهرمونية لدى األنثى ‪ ،‬أبرز نتائجها المباشرة و غير‬
‫المباشرة على جسم المرأة ‪.‬‬
‫بين تنظيم نسبة الهرمونات الجنسية لدى المرأة‪ ،‬معززا جوابك برسم تخطيطي مناسب‪.‬‬ ‫*‬
‫* باستعانتك برسم تخطيطي ملئم لجزيئة مضاد األجسام‪ ،‬صف اآلليات التي تعمل من خللها مضادات األجسام‬
‫المتنقلة على تحقيق مناعة نوعية للجسم‪.‬‬
‫فسر آليات تعرف اللمفاويات على غير الذاتي‪.‬يأخذ بعين االعتبار كل من تنظيم الجواب و االستعانة برسوم‬ ‫*‬
‫تخطيطية ملئمة‪..‬‬
‫من خلل عرض واضح و منظم و معزز برسوم تخطيطية مناسبة‪ ،‬اشرح اآلليات المسؤولة عن التنوع الوراثي‬ ‫*‬
‫خلل التوالد الجنسي‪.‬‬
‫* بين أدوار كل من مضادات األجسام الغشائية و الحرة خلل االستجابة المناعتية الخلطية‪ .‬االستعانة برسوم تخطيطية‬
‫واضحة و مناسبة مطلب الزم‪.‬‬
‫*بواسطة نص و اضح و مبنين ‪ ،‬فسر مختلف آليات التعاون بين الخليا المناعتية‪ .‬عزز إجابتك برسوم تخطيطية‬
‫ملئمة‪.‬‬
‫* بين كيف أن المعارف المحصلة حاليا في مجال تنظيم نسبة الهرمونات الجنسية األنثوية‪ ،‬مكنت من بلورة‬
‫طرق متنوعة تسهل التحكم في التوالد و تنظيمه لدى اإلنسان‪.‬‬
‫‪ x‬هام ‪ :‬يراعى في اإلنجاز ‪،‬‬
‫‪ x‬تسلسل األفكار و انسجامها وفق تصميم واضح و استدالل علمي متماسك‪.‬‬
‫‪ x‬االستعانة برسوم تخطيطية مناسبة و سليمة ‪.‬‬

‫المراجع ‪:‬‬
‫[‪ ]1‬وزارة التربية الوطنية و الشباب‪ .‬مذكرة رقم ‪. 133.13‬المراقبة المستمرة و موضوعات امتحان البكالوريا في مادة العلوم‬
‫الطبيعية بالمرحلة التأهيلية‪ 27 .‬اكتوبر‪.2003‬‬
‫[‪ ]2‬إن معالجة هذا النوع من التمارين يتطلب دراية تامة بمضامين الدروس المقررة و فهما جيدا و استيعابا مضبوطا للمفاهيم‬
‫المسطرة‪.‬‬
‫[‪ ]3‬حوليات علوم الحياة و األرض ‪Les annales S.V.T. Vuibert. Nathan. Hatier. Belin. serie S.‬‬
‫‪) (années 99,00,01,02,03‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪56‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫التفكير العلمي خصائصه‪ ،‬أنماطه و سبل إكسابه للمتعلم‬
‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى‬
‫يعتبر إكساب التفكير العلمي و تجذيره لدى المتعلمين مقصدا رئيسيا و أساسيا ضمن مقاصد تدريس العلوم الطبيعية و‬
‫التعليم العلمي عموما في مختلف المراحل التعليمية‪ ،‬و مع أن معظم التربويين يؤكدون دوما على أهمية التركيز على تعليم‬
‫التفكير و اعتماد األسلوب العلمي في البحث و التفكير و مواجهة المشكلت بعقل متفتح و موضوعية بارزة ‪ ،‬بعيدا عن‬
‫التعصب و عدم التسرع في إصدار األحكام و االستعمال لوسائل متعددة في مواجهة المواقف و القضايا و المشكلت ‪ ،‬إال‬
‫أن االهتمام على مستوى الواقع‪ ،‬ما يزال منصبا و متركزا على إكساب المعرفة العلمية و متقوقعا حول الحقائق الجزئية و‬
‫تلقينها فحسب‪ ،‬على حساب المهارات و الكفايات وإعمال العقل‪ ،‬من نقد علمي و تساؤل و شك و إبداع و رحابة فكر‬
‫‪esprit ouvert‬و تعليق أحكام ‪ Jugement suspendu‬لحين جمع الحجج … ‪ ،‬فما هو التفكير العلمي ؟ و ما هي‬
‫خصائصه ؟ و ما هي أنماطه ؟ ثم ما هي سبل إكسابه للمتعلمين ؟‬
‫‪ .1‬محاولة في التعريف ‪:‬‬
‫× التفكير ‪ :‬يعد كأحد عمليات النشاط العقلي التي يقوم بها المتعلم من أجل الحصول على حلول دائمة أو مؤقتة لمشكلته‪.‬‬
‫و التفكير يرتبط دوما بحل مشكلة ما‪.‬‬
‫× التفكير العلمي ‪ :‬طريقة في النظر إلى األمور تعتمد أساسا على العقل و البرهان المقنع بالتجربة أو بالدليل " "‪ 2‬و‬
‫عليه فالمتعلم الممارس لتفكير علمي هو في الواقع يمارس سلوكا هادفا موجها بطريقة موضوعية و منطقية نحو دراسة‬
‫المشكلة المبحوثة ( أو الظاهرة أو الحدث ) بكل أبعادها ‪ ،‬لهدف الوصول إلى تفسيرات تبرز فيها العلقات التي يمكن أن‬
‫تتضمنها عناصر المشكلة ثم إعطاء أحكام تتعلق بالمشكلة ‪.‬‬
‫كما أنه " عملية خللها يتم البحث عن العلقات الموضوعية بين األسباب و النتائج فضل عن تقويم المشكلة المبحوثة ‪،‬‬
‫بإعطاء أحكام تتعلق بها ( إعطاء تفسيرات رابطة بين العناصر المختلفة بالمشكلة المبحوثة ) "‪ 2‬و عليه فالمتعلم الممارس‬
‫لتفكير علمي هو في الواقع يمارس سلوكا هادفا موجها بطريقة موضوعية و منطقية نحو دراسة المشكلة المبحوثة ( أو‬
‫الظاهرة أو الحدث ) بكل أبعادها ‪ ،‬لهدف الوصول إلى تفسيرات تبرز فيها العلقات التي يمكن أن تتضمنها عناصر‬
‫المشكلة ثم إعطاء أحكام تتعلق بالمشكلة ‪.‬‬
‫‪ .2‬خصائص التفكير العلمي ‪:‬‬
‫لكل شيء سببه أو أسبابه‪ ،‬إال أن العلقة بين السبب والنتيجة غالبا ما تكون متشابكة دينامية وفي تغير‬
‫مستمر‪ ،‬مما يستلزم فهم حقيقة العلقة بين المتغيرات التابعة و المتغيرات المستقلة و بالتالي البحث عن كل‬ ‫السببية ‪3‬‬
‫العوامل التي يمكن أن تؤثر أو تؤدي إلى حدوث الظاهرة أو عدمه‪.‬‬ ‫‪Causalité‬‬
‫ملحوظة‪ :‬إن العقلية السببية تعتمد في معرفة األسباب على الملحظة والتجريب وترفض الخرافات و‬
‫األساطير و الشروحات الوهمية المفسرة للظواهر‪.‬‬
‫عدم التسليم بالجديد لمجرد أنه جديد ومختلف و ال بالقديم لمجرد انه شائع و موروث‪ ،‬بل البد من ديمومة‬ ‫النقدية‬
‫البحث و االستقصاء عن الحجج و البراهين و األدلة التي تؤيد أو تدحض إثباتات اآلخرين‪.‬‬ ‫‪Critique‬‬
‫التفكير العلمي عملية متكاملة وهادفة‪ ،‬حيث ال يكتفي بمجرد حصر و تحديد المشكلت‪ ،‬لكنه يتوق إلى‬ ‫التكامـل‬
‫ديمومة البحث و االستقصاء و مراكمة المعلومات المتعلقة بها من مظانها و مصادرها األصلية لحين إبراز‬ ‫و الهدفية‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪57‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫العلقات الرابطة بين عناصر الظاهرة المدروسة بعضها ببعض و من تم اقتراح حلول مناسبة و تفسيرات‬
‫ملئمة و ناجعة‪ .‬وهو بذلك يتضمن عمليات التحليل والتمييز و التنظيم لكل فواعل الظاهرة المدروسة‪.‬‬
‫الموضوعية يشتغل التفكير العلمي على األحداث باعتبارها منفصلة وبعيدة عن األحكام الذاتية‪ .‬و هي بذلك تتسم بعدم‬
‫حشر العواطف الشخصية خلل الكشف عن العوامل المتحكمة في الظاهرة المبحوثة…‬
‫المنطقية تتجلى في‪:‬‬
‫‪ .1 Logicisme‬اقتراح فرضيات ممكنة تفسر الظاهرة المطروحة‪ .2 / .‬إبراز العلقة بين األسباب والنتائج‪.‬‬
‫‪ . 3‬تقديم النتائج واستخلص االستنتاجات وإجراء التعميمات …‬
‫فكلما توفرت نفس األسباب والفواعل تظهر حتما نفس النتائج‪.‬‬ ‫الحتمية‬
‫فالحقائق العلمية تبقى قابلة لكل توظيب وتعديل و تغيير و تصحيح وفقا لتغير أدوات الملحظة و القياس و‬ ‫النسبية‬
‫‪ Relativité‬التجريب و كلما توفرت براهين و حجج تجريبية دقيقة‪ .‬فالمطلقية في العلم ال تسمح بالتصحيح و الدقة و‬
‫االكتشافات الجديدة‪.‬‬
‫تعليق األحكام لحين جمع الحجج والبراهين الكافية قبل الخروج بحكم ما…‬
‫ملحوظة‪:‬‬
‫إن الشخص الذي يمارس عملية التفكير العلمي‪ ،‬يستطيع ‪:‬‬
‫‪ .1‬إعطاء الدليل على ما يقول‪.‬‬
‫‪ .2‬مستعد لمناقشة ما يصل إليه من نتائج‪.‬‬
‫‪ .3‬يبين األسباب التي دعته إلى إعطاء تفسير أو حكم ما‪.‬‬
‫بعض أنمـــاط التفـكيــــر العلمي المستعملـــة في الـعلوم الطبيعية [‪]i‬‬ ‫‪.3‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪58‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ .4‬سبل إكساب التفكير العلمي للمتعلم ‪:‬‬
‫لتنمية التفكير العلمي فاإلرادة الصلبة للمدرس وحدها ال تكفي إذ ال بد من انطلقة جديدة في تدريس العلوم ‪ ،‬تدريس‬
‫يوازي ما بين المعرفة و المهارة ‪ ،‬تدريس يراعي التركيز على أساسيات المعرفة كما يهتم بتعليم التفكير ممارسة و تطبيقا‬
‫‪ ،‬و تبني األسلوب العلمي فيه‪ ،‬و لتحقيق ذلك فل بد من ممارسة تربوية تندرج في بنيتها عدة " ممكنات تربوية " ‪:‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪59‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫العمل على التنويع في اختيار وانتقاء النهوج العلمية( إعادة االكتشاف…) المناسبة لمختلف الوضعيات التعليمية‬ ‫‪3‬‬
‫بالفصل و الطرق التعليمية و الحوارات المتعارضة‪ Conflits socio-cognitifs ،‬و عمل المجموعات…‬
‫تقديم دعوة للتفكير‪ :‬ضرورة إثارة مشكلت علمية‪ ،‬موقف مشكل ‪ ،‬سؤال علمي محير لمدخل الدروس‪ ،‬يثير تفكير‬ ‫‪4‬‬
‫المتعلم ‪ ،‬يتحدى عقله و يكون دافعا و محفزا داخليا للتفكير و البحث و التقصي و التساؤل و االستنتاج للوصول‬
‫إلى حل المشكلة المبحوثة‪.‬‬
‫اعتماد نهج وضعية‪-‬مسألة‪ ،Situation- problème /‬كلما سمح الموقف التعليمي بذلك ‪ ،‬باعتباره ليس هدفا‬ ‫‪5‬‬
‫لذاته بل وسيلة لتنمية قدرة المتعلم على التفكير و االستدالل العلميين‬
‫تدريب المتعلمين على جمع الحجج الكافية قبل إصدار أحكام أو التوصل إلى استنتاجات أو خلصات ‪ ،‬و مواجهتهم‬ ‫‪6‬‬
‫بوضعيات يبقى فيها المنطق و االستدالل فوق كل الشروحات الوهمية و الخرافية…‬
‫اعتماد التجريب و التجارب كلما سمحت الفرصة بذلك ‪ ،‬السيما التجارب االستكشافية و اإلختبارية‪ .‬و تدريب‬ ‫‪7‬‬
‫المتعلمين على اكتساب طرق عمل علمية ‪،‬‬
‫إن تحضير مواقف تعليمية محرجة و حاالت من االستغراب ( إزعاج ابستيمولوجي ) تخلق مشكل لدى المتعلمين‬ ‫‪8‬‬
‫من شأنه أن يفرض عليهم طرقا من التفكير لحلها مما يساهم في تنمية التفكير العلمي لديهم‪.‬‬
‫خلل الوضعيات التعليمية ‪ ،‬يحبذ عدم إعطاء أجوبة جاهزة لألسئلة و المشكلت المصادفة‪ ،‬و فسح المجال للمتعلم‬ ‫‪9‬‬
‫إلبداء الرأي و التجريب و الملحظة‪ ،‬و مناقشته في ذلك…‬
‫توظيف معطيات من تاريخ العلوم ( مواقف ‪ ،‬مشاهد …)‪،‬يتم انتقاؤها بدقة و تبحث بمعية المتعلمين‪ ،‬كمشكلت و‬ ‫‪10‬‬
‫يقتفى في حلها أعمال العلماء أو الباحثين السابقين…‬

‫‪ 1‬فؤاد زكرياء ‪ .‬التفكير العلمي‪ .‬سلسلة عالم المعرفة‪ .‬العدد ‪ . 3‬المجلس الوطني للثقافة و الفنون و اآلداب ‪ .‬الكويت‬
‫‪ 2 .1‬فتحي الديب ‪ .‬االتجاه المعاصر في تدريس العلوم ‪ .‬دار القلم‬
‫‪.Popper .K. La logique de la découverte scientifique. Payot. Paris.P : 573‬‬
‫[‪.Baja.R, La méthode biologique, Masson et Cie éditeur, PP : 13, 16,21 ]i‬‬
‫[‪.Goho, G, Raisonner en sciences, Aster, n : 14,1992, P : 9 ]ii‬‬
‫[‪.Giordan, A, Une Pédagogie pour les sciences expérimentales, Collection Paidoguides, p : 10 ]iii‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪60‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫النهج التجريبي بين واقع الممارسة و سبل التطوير‪.‬‬
‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى |‬

‫‪ -1‬خلفية الموضوع ‪:‬‬


‫ال يعتبر توظيف النهج التجريبي بالفصول الدراسية هدفا لذاته بل وسيلة فاعلة و ناجعة لتنمية الموقف العلمي بكل مميزاته‬
‫و مقوماته‪ ( ،‬من فكر نقدي و موضوعية و فضولية علمية و تعليق األحكام و استدالل علمي ممنطق و رحابة الفكر…)‬
‫فضل عن اكتساب العديد من الكفايات و القدرات و المهارات‪.‬‬
‫يؤكد[‪ " Josia. B ]1‬بأن تحقق الفكر العلمي لن يتأتى إال بالتدريب و التعويد على توظيف النهج التجريبي باألقسام…"‬
‫أما ‪ ]2[ Develay, M‬فيعتقد أن النهج التجريبي " يعتبر مرجعا لمعظم الشعب أو التخصصات الدراسية لغناه المميز‬
‫على مستوى أنماط الفكر من استقراء و استنباط و مماثلة… " إال أن استقراء معمقا لواقع توظيف النهج التجريبي في كثير‬
‫من مواقعنا التدريسية كما تعكس ذلك بعض اللقاءات التربوية و الزيارات الصفية ‪ ،‬يكشف عن ما يلي ‪:‬‬

‫إن كثيرا من الممارسات البيداغوجية للمدرسين ليست سوى إسقاطا و انعكاسا لقناعتهم االبستيمولوجية و تصوراتهم‬
‫حول نهوج و طرق التدريس‪ ،‬و في هذا الصدد ترى مجموعة من الباحثين "أن التفكير االبستمولوجي بقدر ما يبين ظروف‬
‫إنتاج المعرفة بقدر ما يكون مرجعا للتفكير البيداغوجي‪]3[ " .‬‬

‫‪ -2‬ماهية النهج التجريبي ‪:‬‬


‫إن األساس في النهج التجريبي هو الفرضية و تمحيصها و ليس بالضرورة التجربة لكون عبارة النهج التجريبي تتضمن‬
‫كلمة تجربة‪ .‬جاء في تعريف ‪ " : Lalande‬يقوم النهج التجريبي على كون سيرورة إعداد القوانين و المفاهيم العلمية‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪61‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫تنطلق من الملحظة إلى صياغة القوانين مرورا بالفرضية و رجوعا إلى الحدث ‪ :‬اختبار الفرضية التي تشكل الفكرة‬
‫األساسية لبناء التفكير العلمي‪ ]i[".‬أما ‪ Popper‬فيعتبره " كطريقة استنتاجية للمراقبة أو كتصور يرى بأنه ال يمكن‬
‫إخضاع الفرضية الختبارات تجريبية إال بعد تقديمها…" [‪ ]ii‬و بالنسبة ل ‪ Develay, M‬فالنهج التجريبي هي تلك‬
‫الطريقة التي تفرض الحياد و الموضوعية من طرف مستعمليها و إخضاع األفكار لمحك التجريب و التي يعبر عنها‬
‫‪ Claude Bernard‬ب ‪ OHERIC‬أي أنه انطلقا من الواقع الملحظ (‪ ، ) O‬يقترح الباحث فرضيات (‪)H‬‬
‫تخضع للتمحيص و التجربة (‪ )E‬و بعد الحصول على النتائج (‪ )R‬و تأويلها (‪ )I‬يستنتج صلحية الفرضية أو رفضها‬
‫للبحث عن تفسير آخر…"[‪ ]iii‬أما منهاج علوم الحياة و األرض فيقدم بدوره خطوات النهج التجريبي وفق‬
‫المراحل ‪ ،OHERIC‬فهل تطبيق هذا المخطط بهذا الشكل الخطي يمثل النهج التجريبي الحقيقي ؟ وهل يساعد ذلك على‬
‫تنمية الفكر العلمي لدى التلميذ ؟‬
‫في هذا السياق تورد ‪ ]iv[ Eliane Oriandi‬انتقادات و ملحظات ل ‪ Canguilhem‬و ‪: Giordan‬‬
‫× إن المختصر المنهجي‪ OHERIC‬ليس إال إعادة بناء ذهنية و بعدية لمسار األحداث ( تبسيط مصاغ بعد االكتشاف‬
‫األول ) و ال يشكل الطريقة المتبعة ذاتها أثناء االكتشاف العلمي‪.‬‬
‫× ليست ‪ ، OHERIC‬الطريقة العلمية التي يتبعها الباحث أثناء بناء المعرفة العلمية بل أعيد ترميمها دون اإلشارة إلى‬
‫الطرق الخاطئة و المراحل السلبية التلمسية من بحثه و التي تكون عادة مصدر االكتشاف‪" .‬إن الباحث الذي يقدم نتائجه‬
‫ينشغل بضرورة اإلقناع فيحجب المراحل السلبية التلمسية من بحثه و يقدم في تقريره سيرورة منطقية و صارمة …"‬
‫إن المخطط بهذا الترتيب يقدم فكرة خاطئة و مشوهة عن العلم و النهج الذي سمح ببنائه‪.‬كما أنه ال يمكن تنمية الفكر العلمي‬
‫بتدريب التلميذ على اتباع طرق خطية تكرارية " حيث يصبح التلميذ مجرد منفذ و مشاهد إن لم نقل مؤمن… "‬
‫إن المقاربة العلمية تقتضي تمكين التلميذ من محاورة الواقع بنفسه و فهم هذا الواقع و استعمال قدراته دون ضرورة اللجوء‬
‫إلى مرجعية سلطوية‪ ،‬فاستعمال النهج التجريبي بشكل صلب يجعل التلميذ يكتفي بعملية االستظهار و االعتماد على منهجية‬
‫منمطة‪.‬‬
‫‪ -3‬النهج التجريبي لماذا ؟‬

‫‪-4‬حدود تطبيق النهج التجريبي‪:‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪62‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫يتأثر تطبيق النهج التجريبي بعدة عوامل نورد أهمها‪ -1 :‬طبيعة الموضوع المتناول‪-2 .‬طول البرنامج و ضيق الوقت (‬
‫بعض التجارب يتطلب وقتا طويل و يصعب إنجازها خلل الحصص الحالية…)‪ -3 .‬عدد التلميذ بالفصل‪-4 .‬التكوين‬
‫األساسي و المستمر للمدرس في الموضوع‪ -5 .‬التجهيزات المخبرية و ندرتها ( استحالة إنجاز بعض التجارب في ظروف‬
‫المختبر الحالية ‪ :‬تصوير إشعاعي ذاتي‪ ،‬استئصال و زرع األعضاء‪ ،‬قياس تحلون الدم‪،‬تجارب علم المناعة…) ‪ -6‬تأثير‬
‫الكتاب المدرسي و إغفاله لتطبيقات النهج التجريبي‪-7 .‬أسئلة االمتحانات ال تقوم قدرات النهج التجريبي…‬
‫‪5‬ـ‪-‬توجيهات تربوية حول النهج التجريبي ‪:‬‬
‫* أهمية ترك الفرصة للمتعلم كي يطرح التساؤل –صياغة المشكل‪ -‬موضوع الدراسة عوض فرضه عليه قصد تربية‬
‫المتعلم على التساؤل و صياغة المشكل‪.‬‬
‫* أهمية استدراج المتعلم القتراح فرضيات و تصور عدة تجريبية أو منهجية ( توثيق‪ -‬ملحظات ) لتمحيص الفرضيات…‬
‫قصد تنمية الثقة بالنفس لديه‪.‬‬
‫* تشجيع الحوار األفقي أحيانا بين التلميذ فيما يخص مناقشة الفرضيات أو العدة التجريبية…‬
‫* التشجيع على تقبل اآلخر و االستماع إليه و التشكيك في صحة آرائه…‬
‫* أفيدية إدراج التجارب الداحضة ( غير مؤيدة للفرضية ) و لو أحيانا إلثارة الشك العلمي و بالتالي تنشيط الفكر النقدي‪.‬‬
‫* االنفتاح على اآلخر بتعويد التلميذ على العمل الجماعي و احترام قواعد التواصل داخل المجموعة…‬
‫* النشاط البحثي‪ :‬السماح للتلميذ كلما كان ذلك ممكنا باالنتقال من الفكرة إلى التطبيق و تنظيم خطة عمل نحو هدف محدد‪.‬‬
‫* إدراج تقويم بعض المهارات المرتبطة بالنهج التجريبي في فروض المراقبة المستمرة كاقتراح فرضيات بشأن ظاهرة ما‬
‫أو اقتراح عدة تجريبية لمعالجة موضوع معين و ذلك للحث على إعطاء هذه العمليات اهتماما أكثر عند المستهدفين…‬
‫مراجع للتعمق أكثر ‪:‬‬
‫‪Une Pédagogie pour les sciences expérimentales. Giordan, A. 1978.‬‬
‫‪La didactique des sciences. Que sais-je n 2448 .Puf. Astolfi. J.P. Develay.‬‬
‫‪Expérimenter, sur les chemins de explication scientifique. Privat.PUF. Astolfi. J.P.et al.‬‬

‫[‪.Josia, B. Aster. N 8. INRP. P 46 ]1‬‬


‫[‪.Develay, M. Aster. N 8 . INRP. P14 ]2‬‬
‫[‪.Equipe de recherche Aster. Procédures d'Apprentissage en sciences expérimentales. P 198 ]3‬‬

‫‪[i] Lalande.A. Vocabulaire technique et critique de la philosophie. 1985‬‬


‫‪[ii] Popper, A. La logique de la découverte scientifique. 1984. P 96.‬‬
‫‪[iii] Develay, M. Op cité. P3.‬‬
‫‪[iv] Eliane Oriandi. Conceptions des enseignants sur la démarche expérimentale. ASTER N13. INRP. P‬‬
‫‪111.112.113‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪63‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫النقل الديداكتيكي‬
‫‪Transposition didactique‬‬
‫|‬ ‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى‬

‫يحتل مفهوم النقل الديداكتيكي موقعا مركزيا في ديداكتيك العلوم تحديدا‪ ،‬و لقد برز هذا المصطلح إلى الوجود ألول مرة‬
‫في حقل ديداكتيك الرياضيات مع ‪ ،Yves Chevallard‬و لم يلبث أن استثمر الحقا في مجال البيولوجيا من طرف‬
‫‪ M.Develay‬و ‪ G.Rumelhard‬خلل دراستهما لموضوع الذاكرة و مفاهيم علم الوراثة‪.‬‬
‫مفهوم النقل الديداكتيكي‪ :‬يعرف ‪ Arsac. G‬النقل الديداكتيكي ب‪ " :‬مجموع التحوالت التي تطرأ على معرفة معينة في‬
‫مجالها العالم ( ‪ ) Savoir Savant‬من أجل تحويلها إلى معرفة تعليمية قابلة للتدريس"[‪ ]i‬أما ‪ .Y Chevallard‬فيرى أنه ‪:‬‬
‫" هو العمل الذي نقوم به عندما نحول معرفة عالمة ( ‪ ) Savoir Savant‬إلى معرفة قابلة للتدريس مع مقاربة ما يحدث‬
‫للمعرفة العالمة أثناء هذه العملية ‪ ]ii[".‬و إجماال فالنقل الديداكتيكي نشاط اختزالي و عمل انتقائي يهدف تحويل المعرفة من‬
‫مجالها العالم وفق إنتاجها الطبيعي‪ ،‬إلى المجال التعليمي المدرسي حسب شروط و مقاييس خاصة من مراعاة للتغيرات على‬
‫مستوى الشكل و المضمون دالليا و ابستمولوجيا و سيكولوجيا ( الفصل عن السياق الذي أتت فيه…)‬
‫ومن خلل هذه التعاريف يمكن التمييز بين ‪:‬‬
‫المعرفة العالمة‪ :‬و هي المعرفة المنتجة من طرف المختصين و الباحثين و تتضمن مفاهيم و معارف مجردة يستحيل‬
‫إدراكها من طرف التلميذ‪.‬‬
‫تتمثل في البرامج الرسمية المسطرة‪ ،‬و هي في مجموعها مستقاة من المعرفة العالمة‪ . :‬المعرفة اللزم‪/‬المراد تدريسها‬
‫المعرفة المدرسة‪ :‬تتمثل فيما يقدمه المدرس لتلمذته عبر وضعيات ديداكتيكية معينة و وسائل تعليمية محددة مما يعكس‬
‫المنهاج الدراسي الفعلي‪.‬‬

‫مستويات النقل الديداكتيكي حسب ‪]iii[ Develay‬‬ ‫‪.I‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪64‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫يرى ‪ Develay‬أن النقل الديداكتيكي " عادة ما يهتم باالنتقال من المعرفة العالمة إلى المعرفة المراد تدريسها دون اعتبار‬
‫أن هذه األخيرة يمكن أن ترتبط بعلقات مع الممارسات االجتماعية المرجعية" [‪ ،]1‬و هكذا يتم تغييب السياق‬
‫التاريخي لبناء المفاهيم‪ ،‬و تعزل هذه األخيرة عن مجال صلحيتها ( المشكل المطروح ) كما يتم اعتبارها قارة و جامدة و‬
‫صلبة ال تقبل المناقشة ! ! !‬
‫المعرفة العالمة (نصوص و مقاالت علمية متخصصة ) المعرفة المعدة للتدريس المعرفة المدرسة المعرفة المستوعبة‬
‫التلميذ‬ ‫المدرس‬ ‫واضعي البرامج‬ ‫باحثون‪ ،‬متخصصون‪ ،‬علماء‬
‫‪ .II‬مظاهر النقل الديداكتيكي‪:‬‬
‫تتسم المعرفة العالمة بالتعقيد و التطور‪ ،‬يقول ‪ " Develay‬كل معرفة عالمة هي عبارة عن أجوبة‬
‫على أسئلة مطروحة أو مقدمة‪ ،‬إن هذه األسئلة تكون أحيانا عويصة أو معقدة…كما تعتبر نتيجة لبحث معين‬
‫مستمر و متتابع داخل مجال محدد و فترة معينة " [‪ .]v‬إن مهمة انتقاء و اختيار المادة التعليمية المناسبة‬
‫القابلة للتدريس ليس باألمر السهل حيث تنتج عنه تبعات تتمظهر في تغيرات تطرأ على المعرفة العالمة و‬
‫هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬إزالة الشخصنة و تجريد المعرفة من الرواسب الذاتية ‪:Dépersonnalisation du savoir‬‬
‫إن كل إنتاج معرفي يرتبط بفترة زمنية محددة و بشخص معين ( أو أشخاص) و هذه المرحلة تقتضي من الباحث "إزالة‬
‫شخصنة المعرفة بحذف التعليلت الشخصية الذاتية و الخلفيات النظرية اإليديولوجية و األخطاء و المسالك المتعرجة و‬
‫الطويلة‪ ]vi[ "..‬فضل عن استبعاد الترددات و العوائق االبستمولوجية و الحوافز الشخصية المرتبطة بالباحث أو المجتمع (‬
‫فوراء البحث في مرض السيدا مثل تكمن دوافع مادية و حوافز اجتماعية معلومة…)‬
‫‪ -2‬إزالة بلورة المعرفة ‪:Desynchrétisation du savoir‬‬
‫تتسم المعرفة العلمية بالتكامل و النسقية (الوحدة ) و ينتج عن تجزيئها و تفكيكها لهدف تدريسها تشويه لها‪ ،‬مما يؤثر على‬
‫فهمها في شموليتها وهذا ما يعاب على المواد الدراسية‪.‬‬
‫‪ -3‬إزالة سياق المعرفة ‪ /‬تجريدها من سياقها ‪:Décontextualisation‬‬
‫و تتمثل في حذف القانون االبستمولوجي للمعرفة العالمة و تغيير تاريخها و سيرورتها الداخلية‪ ،‬و تجريدها من المشكل‬
‫الذي كانت تعالجه فضل عن البحث في السياق العام الذي ترمي إليه" [‪ ]vii‬و هنا يؤكد ‪ Decoorte‬أن المفاهيم العلمية ال‬
‫تأخذ معناها إال بداخل سياقها و من هنا تتجلى أهمية اعتماد تاريخ العلوم حتى يدرك المستهدفون وظيفة العلم و كيفية تطور‬
‫المعرفة‪.‬‬
‫‪ -5‬التبرمج ‪:Programmabilité du savoir‬‬
‫يستوجب بناء مقرر دراسي خاص‪ ،‬مراعاة ملئمة مستويات صياغة المفاهيم للمراحل النفسية و النمو المعرفي‬
‫للمستهدفين على مستوى السن و الزمن‪ .‬يرى ‪ Arsac‬أن " المعرفة المدرسة مبنينة و مقدمة وفق تطور الزمن‪ ،‬و نعني‬
‫بالتطور داخل الزمن الوقت األساسي للتعليم و التحصيل‪ ،‬و إذا لم يتحقق التعلم المحدد لسن معينة فنستنتج إما فشل التلميذ‬
‫أو المدرس‪ ،‬أو بصيغة قصوى فشل المنظومة التربوية…"[‪]viii‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪65‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫ذ‬

‫‪ -6‬عمل المدرس و النقل الديداكتيكي ‪:‬‬


‫إن عملية النقل الديداكتيكي تسعى إلى دمج المفاهيم و المعارف العالمة في حقل المعرفة المدرسية‪ ،‬إال أنه ينبغي مراعاة‬
‫الممارسات االجتماعية المرجعية ( حاجيات‪ ،‬قيم…) و اقتراح أنشطة تعليمية منبثقة من الوسط السوسيوثقافي للمستهدفين‪،‬‬
‫إن عمل المدرس ينحصر في تحويل المعرفة المعدة للتدريس إلى معرفة مدرسية موازاة مع عمل المتعلم و هو بذلك مطالب‬
‫بتحليل المعرفة المراد تدريسها من خلل ‪:‬‬
‫‪ 1‬تحديد المفاهيم األساسية و فرز األفاهيم و المعارف…‬
‫‪ 2‬تحديد الشبكة المفاهيمية بالنسبة لكل مفهوم مدمج…(لهدف تنظيم المحتوى )‬
‫‪ 3‬مراعاة مستوى صياغة المفاهيم للفئة المستهدفة‪.‬‬
‫‪ 4‬ضبط تاريخ المفاهيم المراد تدريسها‪.‬‬
‫‪ 5‬مراعاة تمثلت التلميذ ومعارفه المتناثرة غير الدقيقة و استثمارها و إعادة بنينتها من جديد‪.‬‬
‫‪ 6‬االلمام بالعوائق االبستمولوجية المتعلقة بالمفاهيم المسطرة‪.‬‬
‫بلورة المعارف المنهجية على شكل كفايات و قدرات …‬ ‫‪7‬‬
‫‪ 8‬اختيار الوضعيات التعليمية الملئمة…‬
‫تجنب تقديم المعرفة الجاهزة المعطلة لقدرات التلميذ و السعي إلى استدراج المتعلم للمساهمة في بناء المعرفة‬ ‫‪9‬‬
‫بنفسه من خلل تهيئ مشاكل للحل و جعلها موضوعا للتعلم و الكتساب خبرات جديدة و هكذا يمكن الحديث عن‬
‫سيرورة إنتاجية للمعرفة و كأن التلميذ اكتشفها ألول مرة…‬

‫[‪.Arsac. Gilbert, la transposition en mathématiques, université de Lyon et Grenoble, 87/88, P3 ]i‬‬


‫[‪.Yves , la transposition didactique, édition de la découverte, 1985 . Chevallard ]ii‬‬
‫[‪.Develay, M. De l'apprentissage à l'enseignement, pour une épistémologie scolaire, ESF ,Paris,1992, P163 ]iii‬‬
‫[‪.Develay, M. Op, Cit, P136 ]iv‬‬
‫[‪.Ibid, P21 ]v‬‬
‫[‪.Op, Cit, P5 Arsac, Gilbert ]vi‬‬
‫[‪.Ibid, P5 ]vii‬‬
‫[‪.Ibid, P15 ]viii‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪66‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫الهدف العائق‬

‫‪L’objectif-obstacle‬‬
‫|‬ ‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى‬
‫المدلول البيداغوجي‪:‬‬ ‫‪.I‬‬
‫يعتبر الهدف العائق مفهوما ديداكتيكيا حديثا وضعه الباحث الفرنسي ‪ ، Martinand. J. L‬و هو مركب من‬
‫مصطلحين منحدرين من تيارين تربويين متعارضين‪ ،‬مصطلح الهدف ( التربوي ) ذو الخلفية السلوكية و مصطلح العائق‬
‫المستمد من االبستمولوجية الباشلرية و علم النفس التكويني‪.‬‬
‫و يسعى ‪ Martinand‬من ذلك ‪ ،‬إلى التوفيق بين المصطلحين الهدف و العائق و تجاوز المجابهة بينهما‪ ،‬باعتبار‬
‫العائق مانعا لتحقيق األهداف و يفضي إلى االنحباس ‪ /‬الحصر ‪ ، Blocage‬مما يضفي عليهما معنى و داللة جديدتين‪.‬‬
‫فعوض تحديد األهداف انطلقا من تحليل قبلي للمادة الدراسية فقط و تحديد العوائق التعلمية اعتمادا على نشاط المتعلم‪،‬‬
‫يروم مصطلح الهدف‪-‬العائق ‪ ،‬انتقاء األهداف بناء على طبيعة العوائق القابلة للتجاوز… أي االعتماد على العوائق التعلمية‬
‫لصياغة األهداف وبذلك تصبح األهداف هنا "عوائق" يطلب من المتعلم تخطيها أو تجاوزها ‪ .‬من هذا المنطلق يتخذ العائق‬
‫طابعا إيجابيا ديناميا ينتج عن تجاوزه حدوث تطور ذهني هام لدى المتعلم ( بناء المعرفة ) الخطاطة ‪.1‬‬

‫خطاطة ‪ : 1‬من العائق إلى الهدف –العائق حسب [‪.M,Develay ]i‬‬


‫و في هذا الصدد يؤكد ‪ " : Martinand‬لقد بينت عدة بحوث أنجزت في مجال الديداكتيك أن المتعلم ال يكتسب المعرفة‬
‫بصفة خطية‪ ،‬لكنه يبنيها بتجاوز ما أسماه ‪ Bachelard‬بالعوائق االبستمولوجية [‪ " ]ii‬كما يعتقد أيضا ‪ ":‬أنه من‬
‫المشروع بل من اللزم أن نجعل هذه العوائق هي الهدف الحقيقي لكل عمل تربوي‪ .‬و أن هذه الطريقة المعتمدة على‬
‫الهدف العائق‪ ،‬هي الكفيلة بضمان تعلم حقيقي للعلوم‪]iii[ ".‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪67‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫خطوات تحديد الهدف العائق [‪:]iv‬‬ ‫‪.II‬‬
‫الكشف عن عوائق التعلم باعتبارها النواة الصلبة للتمثلت‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫فرز العوائق القابلة للتجاوز ( ‪) Franchissable‬‬ ‫‪.2‬‬
‫تحديد الهدف و هو تجاوز العائق أو العوائق التي تبدو قابلة للتجاوز‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫تصنيف الهدف العائق حسب الصنافة المناسبة ( معرفي ‪.‬وجداني…)‬ ‫‪.4‬‬
‫صياغة الهدف العائق صياغة إجرائية‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫بناء عدة ديداكتيكية مناسبة لتحقيق تجاوز الهدف العائق فضل عن إجراءات الدعم و التصحيح في حالة التعثر‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫الهدف العائق و الوضعية الديداكتيكية ‪:‬‬ ‫‪.III‬‬
‫إنه ال يكفي رصد العائق أو الكشف عنه (‪ ) Repérage‬و حتى إبراز تصدعه ( ‪ ) Fissuration‬للجزم بتجاوزه‬
‫(‪ ، )Franchissement‬فالعائق يمتاز بتماسك و مقاومة شديدتين و باستعصاء كبير على الدحض ‪ .‬إن تجاوز العائق لدى‬
‫التلميذ يستلزم العديد من العمليات الذهنية التي قد ال تحدث لزوما وقت التعلم‪ ،‬إن انطلق هذه العمليات و ديمومتها تتوقف‬
‫أوال على قدرة المدرس على خلق و تعزيز تفاعلت اجتماعية داخل الفصل ( صراعات سوسيومعرفية ) باعتبارها أفضل‬
‫إطار للتطور المعرفي بل لإلنبناء الذاتي واالجتماعي للمعرفة‪ ،‬كما أنها ترتبط ثانية بقدرته على استدراج المتعلم للنخراط‬
‫ذاتيا في مقاربة العائق (‪ ) Enrolation‬إدراكا و تحليل ( رصد ‪ +‬تصدع ) ثم إعادة تنظيم مجموع البنية المعرفية‬
‫لديه قصد تعديل أو اختيار النموذج التفسيري الملئم و المطابق للمعرفة العلمية السليمة‪.‬و هكذا يمكن تمييز ثلثة مستويات‬
‫لمقاربة العائق ( الخطاطة ‪) 2‬‬
‫‪ .1‬الرصد ‪ : Repérage /‬إنه استشعار و إدراك التمثل الذي يتضمن العائق المستهدف‪Prise de ( .‬‬
‫‪) conscience et émergence des représentations‬‬
‫‪ .2‬التصدع ‪ : Fissuration /‬خطوة تتسم بعدم االستقرار المفاهيمي و تلعب الحوارات األفقية االجتماعية المعرفية دورا‬
‫إن‬ ‫فاعل في ذلك ‪ ،‬مما يولد الشك و التساؤل و التردد لدى المتعلمين ( خلخلة و زعزعة و عدم توازن معرفي ) ‪.‬‬
‫مقابلة وجهات نظر المتعلمين يعتبر محركا لتقدمهم المعرفي‪ ،‬كما أن مجابهة تمثلتهم تجرهم للتعاون قصد تقلـيـص الهوة‬
‫بين أنساقهم أو نماذجهم التفسيرية المتباعدة‬
‫‪ .3‬التجاوز ‪ : Franchissement /‬على الرغم من انتباه المتعلم بل اقتناعه بقصور تمثله و عدم صلحيته ‪ ،‬إثر مواجهة‬
‫معرفية اجتماعية‪ ،‬فإن تجاوز العائق يقتضي إعادة ترتيب منظومته المفاهيمية و تنظيم معارفه المختلفة بطريقة مغايرة و‬
‫بلورة نسق أو نموذج تفسيري جديد مقنع و بديل‪ ،‬يتماشى أكثر مع األحداث الملحظة أو المنجزة و يتسم بالجهوزية و‬
‫القابلية للستعمال و التوظيف الذاتي التلقائي بقيمة تنبؤية افتراضية في حاالت جديدة ( ‪ )Automatisation‬طبقا لما قال‬
‫‪ " Vygotsky‬االنتقال من البينفسي ‪]v[ Interpsychique‬إلى الضمنفسي ‪ " .Intrapsychique‬مما يمكنه من االنتقال‬
‫من الموضوع ( المستوى المفاهيمي) ‪ Objet /‬إلى امتلك أداة ذاتية شخصية ‪ ، outil /‬قابلة للتوظيف الذاتي في‬
‫الوضعيات الجديدة‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪68‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


]vi[ Peterfalvi et Astolfi ‫ من الرصد إلى "التجاوز" حسب‬، ‫ العائق‬-‫ الهدف‬: 2 ‫خطاطة‬

[i] Develay.M. De l'apprentissage à l'enseignement.pour une épistémologie scolaire. ESF Editeur.


Paris.1992.P82.
[ii] Martinand. J.L, Des objectifs-capacités aux objectifs-obstacles, in Construction des savoirs : Obstacles et
Conflits, CIRADE, Ottawa, 1989, p. 218
[iii] Martinand. J.L, Op cité, P : 223
[iv] 4 Astolfi, J –P, et Develay, M. La didactique des sciences. Que sais-je ? Presse universitaire, 1989, p : 60
[v] Vygotsky, cité par Peterfalvi. B et Astolfi. J-P. Obstacles et construction de situations didactiques,
ASTER, N16, INRP, Paris, P : 118.
[vi] Peterfalvi. B et Astolfi. J-P. Obstacles et construction de situations didactiques, ASTER, N16, INRP,
Paris, P : 119

ⵙⴰⵍⵍⴰⵎ ⴱⵓⵉⴽⴱⴰⵏ 69 juillet 2019


‫النمذجة وتدريس علوم الحياة و االرض‪.‬‬
‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى‬
‫يعتبر تملك كفاية النمذجة و ضبطها من أبرز و أهم المواصفات المطلوبة لدى حملة البكالوريا بتعليمنا الثانوي‪ ،‬و‬
‫تتمثل في قدرة المستهدف على تمثيل الوضعيات واألحداث و الظواهر بواسطة نماذج وظيفية و مبسطة تمكن من استيعاب‬
‫الظاهرة العلمية في طبيعتها و تطورها في ظروف معينة و مختارة‪ ،‬و لن يتأتى ذلك إال باستعمال النماذج و االتصال دوما‬
‫بالظواهر و التعود على االنتقال من الخاص إلى العام و من الملموس إلى المجرد و التمييز بين ما هو أساسي و غير‬
‫أساسي‪ .‬و تبرز أهمية استعمال النماذج و توظيفها بالفصول في تقريب الواقع المعقد من المتعلم لتسهيل عملية بناء المعرفة‬
‫العلمية بشكل ذاتي…‬
‫‪ - 1‬ماهية النموذج‪:‬‬
‫يرى ‪ Giordan,A‬أن النموذج هو " كل نظام تصويري ‪ ' ’Figuratif‬يعيد إنتاج الواقع في شكل يجعله أكثر قابلية‬
‫للفهم "‪ 1‬أما ‪ Durand,D‬فيعتبره " كل تمثيل واقعي في شكل من األشكال الذهنية أو الفيزيقية أو اللفظية أو الرسمية أو‬
‫‪2‬‬
‫الرياضية"‬
‫و إجماال فالنموذج تمثيل مبسط و مختزل يفسر جزءا من الواقع المعقد ‪ ،‬و بناء ذهني يمكن من ضبط بنيات غير قابلة‬
‫للملحظة المباشرة و قد يتخذ هذا التمثيل شكل لفظيا أم ذهنيا أم رسميا أم رياضيا أم فيزيائيا‪.‬‬
‫أما النمذجة ؛ فهي عملية بناء و تشكيل نماذج معينة و تمثيل بديل عن واقع أو نظام معقد ( إيقونيا‪ -‬رياضيا‪-‬ذهنيا‪)…-‬‬
‫و من خللها يمكن للمتعلم أن " ينتقل من المستوى المحسوس و المتناثر للمعطيات إلى مستوى منظم و مصاغ في إطار شبه‬
‫مجرد ( النموذج )‪ ،‬أما النتيجة العملية للنمذجة فتكمن في بلورة نموذج (‪ ) Modéle‬محدد يختزل الوقائع الملحوظة بواسطة‬
‫‪3‬‬
‫لغة معينة…"‬
‫‪ - 2‬عالقة النموذج بكل من المماثلة و االستعارة ‪:‬‬
‫تعتبر المماثلة‪ Analogie‬عملية ربط بين ظواهر مختلفة بواسطة خلق علقات تماثل بينها و تقدم الظاهرة في صورة‬
‫رمز أو نموذج و يؤكد ‪ Rumelhard‬على " أن المماثلة تساعد على فهم و شرح كل من الظاهرة ( بالتمثيل المبسط للجسم‬
‫اإلحيائي مع مماثله ) و وظائفها الكلية أو الجزئية دون االهتمام بالبنيات أو بعلقة البنية مع الوظيفة على مستوى الجسم على‬
‫األقل‪4 .‬أما االستعارة فهي عملية إسقاط داللة و معنى موضوع معين على آخر ال يتناسب معه إال ضمنيا‪ ،‬و‬
‫يرى ‪ Marsais‬أنها » شكل ننقل بواسطته معنى خاصا لكلمة إلى معنى آخر ال يلئمها إال بفضل المقارنة الذهنية«‪ 5‬الجسم‬
‫كآلة و الدماغ كـحاسوب… و عموما " فالمقارنة تكون واضحة جلية خلل المماثلة بينما تبقى ضمنية و مضمرة في حالة‬
‫االستعارة "‪ 6‬و تبرز الخطاطة التالية العالقة التي تجمع بين النموذج و المماثلة و الصورة و االستعارة ‪:‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪70‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ - 3‬مميزات النماذج في درس علوم الحياة و األرض ‪:8‬‬

‫• يبسط الواقع المعقد ( التبسيط) و يختزله‬


‫• يساعد على التفكير في المعقد‬
‫• يستمد فائدته من طابع العمومية التي يتصف به‪.‬‬
‫• يسمح باالستنتاج‬
‫• يتميز بخاصية التنبؤ‬
‫• االتسام بالمرونة‪.‬‬
‫االستناد إلى فرضيات‬
‫• االقتصار على بعض الخصائص‪.‬‬
‫• قابليته للتطوير باستمرار و للتعديل و التجريد‪ ،‬باعتباره تصورا انتقاليا…‬
‫• يعتبر كأداة للبحث قد تؤدي إلى تكوين نظرية‬
‫‪ - 4‬أدوار النموذج ‪:‬‬
‫للنموذج عدة أدوار أساسية ترتبط بنوعيته و بالسياق الذي وظفت فيه‪ ،‬نذكر منها ‪:‬‬
‫✓ دور تفسيري يعتمد المماثلة و يتوخى مقاربة واقع غير ملموس من خلل ضبط متغيراته تسهيل للمتعلم في اكتساب‬
‫المعرفة العلمية‪ ( .‬نموذج الغشاء السيتوبلزمي‪ ،‬نموذج تفسيري للبركانية المميزة لمناطق الطمر‪ ،‬نموذج تفسيري لعمل‬
‫غرفة صهارية على مستوى الذروة …)‬
‫✓ دور تنبئي يمكن من توقع النتائج قبل حدوثها في الواقع‪( .‬انطلقا من نموذج الفيالق التحويلية الذي يبين ويصف ما‬
‫يحدث على مستواها بشكل عام من زالزل و براكين يمكن التنبؤ بالتطورات ممكنة الحدوث في أي منطقة مشابهة لها في‬
‫العالم‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنماط النماذج ‪: 9‬‬
‫أمثلة‬ ‫نمط النماذج‬ ‫المعيار‬
‫رموز‪-‬علمات‪ -‬حروف‪…-‬‬ ‫لغوية‬
‫صور‪ ،‬رسوم بيانية و تخطيطية…‬ ‫إيقونية‬ ‫حسب شكل وطبيعة التعبير‬
‫صيغ رياضية –معادالت…‬ ‫رياضية‬ ‫المستعمل‬
‫مجسمات…‬ ‫فيزيائية‬
‫تفسيري ‪ /‬تنبئي‬ ‫حسب الوظيفة‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪71‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫( القلب عبارة عن مضخة )‬ ‫نموذج فيزيائي‬
‫( بنية ‪ ADN‬مثل )‬ ‫نموذج بنيوي‬
‫( منحنى ‪ GAUSS‬مثل )‬ ‫نموذج رياضي‬ ‫حسب ‪Universalis‬‬
‫( المفعول الرجعي)‬ ‫نموذج سبرنتيكي‬
‫( هرم بيئي مثل )‬ ‫نموذج خطاطي‬
‫تماثلي ‪ /‬إيقوني ‪ /‬فيزيائي ‪ /‬نظامي ‪ /‬رمزي‬ ‫حسب ‪Legendre‬‬
‫صوري ‪ /‬عددي‬
‫حسب ‪ Durand. Daniel‬مجسم بسيط‪ /‬عددي ‪ /‬خطاطة ‪ /‬سبرنتيكي‪.‬‬

‫‪ - 6‬مجاالت توظيف النماذج في علوم الحياة و األرض و شروط اختيارها ‪:‬‬


‫يمكن للمدرس توظيف النموذج المماثل في مختلف دروسه وفق األهداف المسطرة باعتباره وسيلة ال غاية‪ ،‬كما هو الحال‬
‫تماما بالنسبة لباقي الوسائل التعليمية المخبرية‪:‬‬
‫‪ -‬يمكن توظيفه كتمهيد للدرس‪ ،‬عندما يقتضي المقام طرحا إشكاليا إلثارة التلميذ و تحفيزه و استدراجه للنخراط في الدرس‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن توظيفه في مختلف تمفصلت و مقاطع درسه لتقريب التلميذ من بعض الحقائق و إعطائها طابعا تجسيديا كمعرفة‬
‫األشياء و الظواهر المدروسة في أبعادها الثلثة‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن توظيفه للستدالل و التوضيح و التعزيز باعتباره شكل من أشكال االستدالل العقلي ( إلى جانب كل من االستدالل‬
‫االستنباطي و االستقرائي ) األشد بساطة و األكثر تلقائية‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن توظيفه في مجال التقويم لضبط مدى تحقق األهداف المسطرة‪.‬‬
‫أما عن مقتضيات اختيارها‪ ،‬فل بد من ‪:‬‬
‫• إدراج النماذج المماثلة في الوقت المناسب من تسلسل الدرس وفق األهداف المحددة‪.‬‬
‫• تجنب المبالغة في التبيسط المخل أو التعقيد الممل للنموذج‬
‫• اختيار النماذج الملئمة للمستوى الذهني للمتعلمين لتعامل مع كل نموذج بحذر و بفكر نقدي موضوعي باعتباره ال‬
‫يمثل الحقيقة كما هي و لكن كما يمكن أن تكونعدم توظيف أكثر من نموذج في دراسة الظاهرة نفسها‪.‬‬
‫‪ - 7‬النموذج و النظرية‪ ،‬أية عالقة؟‬
‫‪10‬‬
‫أداة لبناء النظرية باعتباره أداة للبحث ينتج عن تمثيل‬ ‫يرتكز النموذج على نظريات بل قد يصبح حسب ‪DeCorte‬‬
‫لجزء من الواقع بتوضيح أهم عناصره و إقامة العلقة بينها و تكمن أهمية النموذج في كونه يسمح لنا بإقامة تصور للواقع‬
‫رغم أنه ال يمكن ان يدعي طابع الشمولية ألنه يتسم بالتركيز على بعض المكونات باعتبارها أكثر أهمية‪.‬‬
‫‪ - 8‬نظرية تكتونية الصفائح و النموذج‪:‬‬
‫يرى ‪ Claude Allègre‬أن هذه النظرية تتأسس على مجموعة من النماذج الفرعية ‪ "" Modèles‬البسيطة التي ينتج‬
‫عن التكامل و االنسجام بينها إطار بل نسق تفسيري للظواهر الجيولوجية‪ ،‬لكنها ال تخفي في نفس الوقت أنها نماذج مؤقتة و‬
‫قابلة للتوضيب والتعديل و التطوير و ال ينبغي البتة أن تتحول إلى معتقد جامد‪.‬و يعد تدريس ديناميكية األرض بالثانوي‬
‫اإلعدادي و التأهيلي‪ ،‬فرصة إلكساب المتعلم القدرة على التعامل مع النماذج باعتبارها أدوات ذهنية و منهجية تساهم في بناء‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪72‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫المعرفة‪ .‬و يلزم بالتالي أن ال تقارب نظرية تكتونية الصفائح و النماذج التي تستند عليها بالفصول ‪ ،‬بشكل قطعي و‬
‫تجزيمي‪ Dogmatique‬يمنحها قدرة تعميم و تركيب تتجاوز حدودها !‬
‫إن األولوية ينبغي أن تعطى للنطلق من الوقائع و األحداث حتى يستوعب التلميذ كيفية استثمارها في بناء النماذج و‬
‫النظريات‪ ،‬و كيف يمكن لمجموعة ما من الوقائع و األحداث أن توحي بعدة نماذج مختلفة و كيف يمكن لنظرية معينة أن‬
‫تولد اكتشاف وقائع جديدة قد تؤدي إلى تجاوز بعض النماذج و استعاضتها بأخرى أكثر إجرائية و تفسيرية‪ ،‬بل إجراء‬
‫تعديلت مهمة على النظرية السائدة نفسها‪ .‬و هنا ينبغي إثارة انتباه المتعلم إلى أن كثيرا من الرسوم التخطيطية كتلك التي‬
‫تمثل مقاطع الكرة األرضية أو تدفقات الحرارة… ال تعد تقارير قطعية وثوقية نابعة من الملحظة بل نماذج ليس إال‪ ،‬لكن‬
‫هذا ال يعني أيضا أن النموذج وليد خيال فحسب‪ ،‬بل هو ثمرة دمج و تطابق منطقيين و متماسكين للوقائع و األحداث‪.‬و كمثال‬
‫لذلك ‪،‬نشير إلى التعديل الذي طرأ على النموذج الذي يربط حركة الصفائح بنشاط الذروات ‪ ،‬فطوال الثمانينات و ربما إلى‬
‫يومنا هذا‪ ،‬كان النموذج المدرس في تعليمنا الثانوي ‪ ،‬يغالي كثيرا في دور الذروات المحيطية ‪ ،‬حيث يعتبرها المصدر‬
‫الرئيسي لقوة الدفع األفقية المسؤولة عن حركة صفائح الغلف الصخري لكن اتضح فيما بعد ‪ ،‬من خلل مجموعة من‬
‫الوقائع و األحداث الناتجة عن ملحظات النشاط الزلزالي و الذروات النشيطة و الحفر المحيطية و قعر المحيطات و‬
‫الهوامش غير النشيطة … و أيضا من الحسابات النظرية أن الذروات ال تساهم في تحريك الصفائح إال بقدر ضعيف و أن‬
‫المحرك الحقيقي و األساسي للغلف الصخري هي قوة شذ انجذابية نحو األستنوسفير التي تتعرض لها الصفيحة المحيطية‬
‫أثناء الطمر‪ ،‬لتساعد في حركة الصفيحة المبتلعة إلى داخل األستينوسفير‪ .‬و يمكن ربط طغيان النموذج األول ( الذي يعتبر‬
‫‪11‬‬
‫الذروات كمحرك رئيسي ) بثلثة عوامل رئيسية ‪:‬‬
‫‪ -1‬عامل تاريخي ‪ :‬حيث أن استكشاف الذروات و البرهنة على نشاطها ( االنقلبات المغناطيسية) سبق بكثير استكشاف‬
‫الدراسة المباشرة لنشاط الحفر المحيطية‪...‬‬
‫‪ -2‬عامل بيداغوجي ‪ :‬انطلقا من معطيات تتعلق باالنقلبات المغناطيسية و عمر قعر المحيطات و النشاط البركاني‬
‫للذروات…‪ ،‬يكون من السهل بيداغوجيا أن نبرهن للتلميذ على نشاط الذروة في الحين الذي يصعب فيه ذلك بالنسبة لمناطق‬
‫الطمر‪ .‬فدور هذه األخيرة يتم استنباطه من نشاط الذروات نفسها كظاهرة معوضة حيث أن حجم األرض ال يتغير‪ .‬و هكذا‬
‫ترسخ هذا النموذج الذي يجعل من نشاط الذروات سببا و من الطمر نتيجة‪.‬‬
‫‪ -3‬عامل فلسفي ‪ :‬و يرتبط بما للموت في ثقافتنا من طابع سلبي حيث تعتبر حدثا غير مرغوب فيه بينما النشأة أو الحياة‬
‫شي مرغوب فيه و هكذا أصبح التتابع الطبيعي هو النشأة ثم الموت و ليس العكس‪ .‬و يصعب بالتالي أن نتصور ظاهرة‬
‫ْ‬
‫الطمر ( التي ترادف موت الصفيحة ) كمسبب لنشوء و اتساع قعور المحيطات‪.‬‬

‫[‪ Giordan,A ]1‬عن الفارابي و آخرون ‪ ،‬معجم علوم التربية مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك‪ ،‬دار الخطابي ‪ ،1994‬ص‪215‬‬
‫[‪ Durand,D ]2‬عن المرجع السابق‪.‬‬
‫[‪ ]3‬نفسه‪.‬‬
‫[‪Rumelhard, Statut et rôle des modèles dans le travail scientifique et dans l'enseignement de la biologie. ]4‬‬
‫‪Aster. N7. P 32‬‬
‫[‪Marsais. cité par Drouin. Communiquer les sciences. Aster.N4.P :29 ]5‬‬
‫‪Drouin. A.M. Des images et des sciences. Aster . N 4. P 29 6‬‬
‫‪K. Hoyak. Les modèles biologiques. Mémoire. C.F.I.E.Rabat.1995. P :20 7‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪73‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪Les Pratiques d'enseignants des sciences naturelles relatives à l'enseignement des .Mountassir .M 8‬‬
‫‪. modèles et de la Modélisation en géologie. Mémoire. C.F.I.E. Rabat. 1997. P : 25‬‬
‫‪.Op. Cit. P :30-31 .Mountassir .M 9‬‬
‫‪De Corte.E. Les fondements de l'action didactiques. De Boeck Ed S.A. Bruxelles . 1979 10‬‬
‫‪0Pierre. Thomas. Enseigner la géologie au collège –Lycée. Nathan. Paris. 1992. P : 15 11‬‬

‫النمذجة والمحاكاة‬
‫|‬ ‫الكاتب‪ :‬علي ايتحسيــن‬
‫كان وال زال فهم الظواهر واستيعابها ضرورة ملحة بالنسبة لإلنسان‪ ،‬ليس فقط إلشباع فضوله ولكن أيضا للتنبؤ و‬
‫التوقع للتحكم في مجريات األمور‪ ،‬تحكم دفعه على الدوام إلى إجراء التجارب ‪ ،‬النمذجة والمحاكاة‪.‬و يعد المجال الصناعي‬
‫و البحث العلمي من أوائل الميادين التي استعملت فيها المحاكاة ‪ ،‬ولم يُلجأ فيها للمحاكاة إال عندما يكون بناء الطرز البدئية‬
‫مكلفا أو عندما تكون الحسابات الرياضية المتبعة طويلة وجد معقدة ‪ ،‬ثم انتقلت فيما بعد إلى المجال التربوي حيث استعملت‬
‫في عملية التدريس لبناء المفاهيم في إطار دراسة بعض الظواهر العلمية داخل الفصل ‪ ،‬على اعتبار أن هناك علقة‬
‫بين عملية النمذجة وحل المشكلت ‪،‬و تعد النمذجة و المحاكاة استعدادات فطرية موجودة لدى جميع الكائنات الذكية‪ .‬ففي‬
‫كتابه ‪ )La nature de l’explication (1943‬أشار كينيت كريك إلى ما يلي ‪... " :‬إذا امتلك المتعضي نموذجا حول‬
‫الواقع المحيط به و حول أفعاله الممكنة‪ ،‬فإن بإمكانه محاكاة بدائل متعددة واختيار أفضلها ومواجهة وضعيات مستقبلية قبل‬
‫حدوثها‪،‬واستعمال معارفه حول األحداث الماضية لتبن ردود أفعال في الحاضر والمستقبل أكثر فعالية وبكفاءة في‬
‫الوضعيات غير المتوقعة التي تصادفه ‪ . 1" .‬وفي نفس السياق أشار جونسون ليرد في كتابه ‪les modèles mentaux‬‬
‫‪ )(1983‬إلى ما يلي ‪..." :‬إذا عرفت مسببات ظاهرة ما وكيف تحدث ‪ ،‬ونتائجها وكيف يمكن التأثير فيها ‪ ،‬التحكم فيها ‪،‬‬
‫إثارتها أو منع حدوثها ‪ ،‬فإنك بشكل أو بآخر قد فهمتها ؛ ومن هنا يمكنني افتراض أن األسس السيكولوجية للفهم تتجلى في‬
‫وجود نموذج إجرائي في فكرنا ‪1" .‬‬
‫تستند العلقة بين عملية النمذجة وحل المشكلت باألساس إلى أنشطة االستكشاف و اإلبداع‪ ،‬و تتمثل أنشطة االستكشاف في‬
‫استعمال النماذج لوصف وتفسير وتوقع سلوك األنظمة‪/‬األنساق‪ ،‬أما أنشطة اإلبداع فتتمثل في تخيل وابتكار طرق جديدة‬
‫لتصور هذه األنظمة وتوقع وجود مظاهر جديدة للواقع‪.‬و تؤكد هذه الرؤية في تدريس العلوم على أهمية ‪ ،‬ربط النماذج‬
‫العلمية بنتائج االستكشافات الخبرية في عملية التعلم ‪ ،‬ومن وجهة النظر هذه ‪ ،‬هناك إذن علقة وثيقة بين نهج االستكشاف‬
‫ونهج النمذجة ‪ ،‬غير أن هناك أسئلة تطرح نفسها بإلحاح‪:‬‬
‫‪ -‬أي نمذجة و أية نماذج في المنهاج الحالي لعلوم الحياة واألرض ؟‬
‫‪ -‬كيف يمكن لنا استعمالها لتحسين مختلف مظاهر التعلم ؟‬
‫باستعراضنا لما ورد بشأن النماذج و النمذجة في البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بتدريس علوم الحياة واألرض سواء‬
‫بالتعليم اإلعدادي أو التعليم الثانوي التأهيلي نجد حسب الفصول ما يلي ‪:2‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اعتبارات عامة‬
‫في الصفحة ‪ / 8‬الكفايات المنهجية ‪... ":‬النمذجة لتمثيل الوضعيات والظواهر البيولوجية والجيولوجية‬
‫بواسطة نماذج وظيفية ومبسطة" ‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪74‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫الفصل الثاني‪ :‬البرامج‬
‫في الصفحة ‪ / 16‬عناصر من المنهجية ‪" :‬إنجاز النماذج" ‪ ،‬وفي الصفحة ‪ / 17‬تقديم الوحدة ‪ 3‬الظواهر الجيولوجية‬
‫الباطنية (‪ 2‬إع ) ‪..." :‬ممارسة النهج االفتراضي‪ -‬أالستنتاجي ‪...‬وفي اقتراح نماذج تفسيرية قادرة على ربط الملحظات‬
‫الحالية باألحداث القديمة ‪ "...‬وكذلك في الصفحة ‪ / 18‬خلل دراسة الزالزل‪... ":‬وضع نموذج أولي لبنية الكرة األرضية‬
‫"‪ ،‬وفي الصفحة ‪ / 20‬عناصر من المنهجية ‪" :‬إنجاز النماذج "‪ ،‬و في الصفحة ‪ ":/ 23‬ينبغي أن تنطلق دراسة وظائف‬
‫الربط‪...‬قصد تحديدنماذج تفسيرية للحساسية الشعورية ‪ ،‬التحركية اإلرادية ‪ ،‬االنعكاسات الغريزية و المكتسبة ‪ .‬وينبغي‬
‫أن تفضي هذه النماذج التفسيرية إلى دراسة البنيات العصبية و وظائف المخ "‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬منهجية التدريس‬
‫الصفحة ‪ "/ 29‬التعلم‪ :‬بناء نماذج تفسيرية مجردة وموضوعية قابلة للستثمار‪ "...‬وفي الصفحة ‪ "/ 30‬أحد المراحل‬
‫األساسية لنهج بيداغوجي ضمن المقاربة بالكفايات ‪ :‬تمكين المتعلم من القيام بالبحث و التقصي لبلورة نموذج تفسيري مجرد‬
‫(مراحل البنينة )"‪.‬‬
‫ال يكفي وجود المصطلح في التوجيهات التربوية لتقدير امتداداته‪ ،‬غير أن المكانة المخصصة له يمكن أن تترجم موقفا‬
‫ابستيمولوجيا‪.‬وإذا ما أخذنا الوظائف المسندة للنماذج كمؤشرات ‪ :‬تفسير ‪ ،‬ربط ‪ ،‬توقع ونبحث في كتاب البرامج والتوجيهات‬
‫التربوية السالف الذكر عن طبيعتها ‪ ،‬فإننا سنجد بالدرجة األولى الخطاطات التركيبية الوظيفية والمجسمات‪ ،‬و المجسمات‬
‫عبارة عن وسائط مادية للتمثيل من أجل إظهار بنيات أو ظواهر غير متاحة لإلدراك الحسي وهي من هذا المنظور تنضاف‬
‫إلى تجارب المماثلة ‪ ،‬أما الخطاطات فلها أدوار محدودة في التوجيهات التربوية ‪ :‬تركيب المعطيات‪/‬المعارف‪ ،‬أداة للتواصل‬
‫‪ ،‬وهي عبارة عن بناءات رمزية وتمثيل مصطنع لواقع معين ومن الضروري التساؤل عن تدريسها ومساءلتها عن اشتغالها‬
‫و أدوارها الممكنة في بناء المفاهيم بالنظر إلى الوظائف المسندة إليها ‪،‬في حين تعكس الخطاطات الوظيفية العلقات بين‬
‫العناصر والظواهر باستعمال علمات وتنجز تركيبا وتجريدا أوليا في نفس الوقت ‪ ،‬وتقدم تفسيرا الشتغال الظاهرة ‪ ،‬وإذا‬
‫كان قابل للتغيير فيمكننا القول بأن هذا النوع من الخطاطات يمكنه أن يكون مرحلة هامة في النمذجة ‪ .‬ومما سبق نستنتج أن‬
‫دور النماذج المقترحة في التوجيهات ينحصر عموما في تجسيد واقع غير متاح مباشرة للمتعلم بسبب األبعاد ‪ ،‬وعليه فإن‬
‫ظهورها موضعي ومكانتها في النهوج و االستدالالت العلمية غير واضحة‪.‬‬
‫‪ .I‬تحديد المفاهيم‬
‫‪ .1‬النمذجة‪:‬‬
‫‪+‬عملية تمثيل النظام الواقعي تمثيل ذهنيا أو فيزيقيا أو لفظيا أو خطيا أو رياضيا بهدف بيان تعقد عناصر هذا النظام أو‬
‫إيجاد حل لمشكل معين ‪ ،‬وتساهم هذه العملية في بلوغ األهداف التالية ‪*:‬تقديم نظم طبيعية معقدة *التمكين من تحويل مشكلت‬
‫إلى لغة رياضية أو غيرها*المساعدة على تكوين المتعلمين وتدريسهم ‪( 3 )Durand,D. 1983(.‬ص‪) 226:‬‬
‫‪ "+‬طريقة و سيرورة تمثيل وضعية حقيقية أو متخيلة بهدف فهم أفضل لطبيعتها وتطورها‪(4".‬ص‪Legendre ( )60 :‬‬
‫‪،)2005‬وقد مثل ( ‪ )Walliser 1977‬النمذجة العلمية كدورة تضم أربعة مراحل أنظر الخطاطة أسفله ‪(4‬ص‪:)59 :‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪75‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫تبين الخطاطة اتجاهين‪ ،‬األول من الملموس إلى المجرد (الوصف واالستقراء) والثاني من المجرد إلى الملموس‬
‫(االستنباط والتوقع )‪ .‬إن الربط بين هذين االتجاهين هو الذي ييسر صيرورة النمذجة وهذا يعني ضرورة الربط المستديم‬
‫للنظرية بالواقع‪.‬‬
‫المحاكاة ‪:‬‬
‫‪" +‬وسيلة لبناء النماذج المتماثلة ‪ ،‬وتقنية من تقنياته ‪ ،‬وهي كذلك مرحلة من مراحل دراسة السلوك الدينامي لألنساق المعقدة‬
‫اعتمادا على الحاسوب ‪( 3 "...‬ص‪)297 :‬‬
‫‪+‬القدرة على إعادة إنتاج بشكل مصور وضعيات ‪ ،‬وصلت ‪ ،‬صيرورات مشابهة للواقع ‪.‬‬
‫‪+‬المماثلة ‪:‬‬
‫‪+‬تشابه جزئي بين واقعين‪ ،‬يمكن من فهم أحدهما بسحب اآلخر عليه ‪ ،‬ويدعى هذا األخير نموذجا ‪.‬‬
‫‪"+‬عملية ربط بين ظواهر مختلفة بواسطة خلق علقات تماثل بينها تقدم الظاهرة في صورة رمز أو نموذج‪( 3" .‬ص‪)17 :‬‬
‫‪ +‬االستعارة ‪:‬‬
‫" شكل ننقل بواسطته معنى خاصا لكلمة إلى معنى آخر ال يناسبها إال بفضل المقارنة الذهنية‪()Du Marsais( 5 " .‬ص‪)29 :‬‬
‫وكمثال الجسم كآلة والدماغ كحاسوب‪ ...‬يتعلق األمر بسحب داللة موضوع معين على آخر ال يتلءم معه إال ضمنيا ‪.‬‬
‫النموذج ‪:‬‬
‫‪"+‬تمثيل لنسق‪/‬نظام واقعي باستعمال رموز مختلفة ‪ :‬نص ‪ ،‬ألوان ‪ ،‬أسهم ‪ ، ...‬وهذا التمثيل ناجم عن اكتشاف للنظام‬
‫وللعلقات التي تربط فيما بين مختلف مكوناته ‪.Jean-yves D 6".‬‬
‫‪"+‬تمثيل وظيفي ومبسط لفئة من األشياء أو لظاهرة بواسطة رموز منظمة في شكل مبني ‪ ،‬حيث االستكشاف والمناولة‬
‫المنجزة فعليا أو عن طريق التأمل والتفكير تؤدي إلى فهم جيد وتمكن من صياغة فرضيات البحث "‪( 7‬ص‪)379:‬‬
‫‪+‬بنية مقعدة تقدم مجموعة من األحداث المرتبطة فيما بينها بعلقات ‪ ،‬وهي أيضا بنية للتفسير والتنبؤ ‪.‬‬
‫الحقيقة أن لكلمة النموذج استعماالت متعددة ومتباينة‪ ،‬لذلك سنستعرض بعضا منها ‪.‬فمن االستعماالت الشائعة في الحياة‬
‫اليومية نجد "النموذج الذي يقتدى به " تلميذ نموذجي‪/‬أستاذ نموذجي ‪" ،‬النموذج النسخة" ‪" ،‬النموذج الصنف"فئة من‬
‫األشياء المتشابهة مثل في عالم األزياء مجموع الملبس المتشابهة ‪....‬أما في مجال العلوم‪ ،‬فلمفهوم النموذج شحنات تستدعي‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪76‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫الصور والرسومات كما تستدعي أيضا تنظيرا خالصا دون تخطيط ‪ ،‬أي استعمال األرقام (الرياضيات) ‪،‬ومن هنا حق لنا أن‬
‫نتساءل هل يمكن لنا جمع أشياء متباينة تحت راية نفس المفهوم ؟ مثل المجسمات ‪،‬الرسوم و الرسوم التخطيطية والبيانية‬
‫والمعادالت الرياضية‪....‬‬
‫انطلقا من المعاني المرتبطة بالنموذج يمكن طرح العلقة بين المفهوم و الظاهرة التي يعبر عنها ومن تم التساؤل حول‬
‫‪8‬‬
‫وضعية هذه النماذج‪.‬وقد أثارت ‪ A.M. Drouin‬بخوص بعض التعاريف السالفة التساؤالت التالية ‪:‬‬
‫" النموذج صورة أو خطاطة ‪ :‬إن القول بأن النموذج يستدعي صورة أو خطاطة يعني أن النموذج يمكنه أن يكون شيئا‬
‫ملموسا (مجسم ‪ ،‬نموذج مختزل) ‪ ،‬خطاطة مبسطة ( على شكل صورة واقعية أو على شكل عناصر مرتبطة فيما بينها)أو‬
‫استعارة أو مماثلة (هناك تعدد) في هذه الحالة يطرح مشكل معرفة ما إذا كان النموذج يستعمل الصور أو أن النموذج هو‬
‫الصورة ‪ ،‬المطروح هنا هو وضعية الرمزي‪/‬التمثيلي بالنسبة ل عملي‪/‬إجرائي‪ .‬فهل النموذج يمكن اعتباره‪ ،‬كأداة للتفكير‬
‫تترجم غالبا وليس بالضرورة بصورة أو بشيء ملموس ؟وهنا يطرح أيضا وضعية النموذج كمماثلة ‪،‬أم هل يمكن اعتباره‬
‫كوسيلة للتقصي في بداية البحث؟‬
‫يمكن أن تكون المماثلة نموذجا بعدي تعتمد في البيداغوجيا‪ ،‬وفي هذه الحالة له وظيفة تواصلية (مثل شرح الهضم‬
‫باعتماد نموذج المعمل) هذا االستعمال سلبي لكونه يدفع إلى االعتقاد بحصول الفهم خصوصا عندما يعتمد النموذج‬
‫كحقيقة‪/‬كواقع‪.‬‬
‫النموذج نظرية ‪ ،‬قانون ‪ :‬هنا تطرح العلقة بين الواقع والمبني أي بين الظواهر والخطاب العلمي ‪.‬فالنظرية يمكن‬
‫اعتبارها مجموعة من القوانين التفسيرية والتوقعية وهي ترجمة للظاهرة الطبيعية المعنية على المستوى الثقافي ‪ ،‬أما‬
‫النموذج فيعتبر كتأويل مقبول للواقع دون االدعاء بأنه ترجمة حقيقية له‪ .‬وكمثال على ذلك نسوق ما يلي ‪ :‬يريد شخص أن‬
‫يفهم آلية اشتغال ساعة ‪ ،‬ينظر إلى العقارب وهي تتحرك يسمع الصوت "تيك تاك" لكن ال يملك أي وسيلة لفتح الساعة ‪،‬‬
‫يمكنه أن يشكل صورة عن آلية االشتغال لكنه لن يكون متيقنا أبدا أن الصورة التي كونها عن آلية االشتغال هي الوحيدة‬
‫القادرة على تفسير ملحظاته ‪ .‬وإذا أردنا إسقاط ما سبق على مفهوم النموذج فسيتضح لنا جليا بأن النموذج المقترح ما هو‬
‫إال واحد من بين أخرى ممكنة ‪ .‬وقد يحدث أن يعتمد النموذج ما يسمى بالعلبة السوداء‪ :‬االعتماد على المدخلت والمخرجات‬
‫دون معرفة تامة لما يجري داخل العلبة وهذا ينسحب على العديد من النماذج في البيولوجيا ‪.‬‬
‫ـ أرقام ‪ :‬مرتبطة بالتقعيد الذي يتم أحيانا عن طريق المماثلة ‪ .‬القوانين الرياضية تعبر عن وقائع مختلفة بنفس الصيغ‬
‫الرياضية "‬
‫‪ .II‬أنماط النماذج‬
‫تتعدد أنماط النماذج بتعدد المعايير المعتمدة‪،‬إال أننا سنعتمد األنواع التي اقترحتها كل من‪ D.S. Béatrice‬و ‪R.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ Dominique‬الملخصة في الجدول التالي‪:‬‬
‫أمثلة‬ ‫نمط النموذج‬
‫الرموز‪،‬العلمات ‪ ،‬الحروف‪ ،‬صور‪ ،‬رسوم‬
‫النموذج المفاهيمي (‪ : )Conceptuelle‬تمثيل افتراضي للواقع باعتماد‬
‫بيانية وتخطيطية‪ ،‬صيغ رياضية‪،‬‬
‫أحد مختلف أشكال التمثيل‬
‫معادالت مجسمات برانم ‪...‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪77‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫جبال األنديز كمثال لسلسلة الطمر ‪ ،‬الفأر‬ ‫النموذج المثال (‪: )Exemple‬يعتمد المثال الحي للتوضيح والتفسير ‪،‬‬
‫‪ Nude‬كمثال لقصور المناعة ‪....‬‬ ‫التأكيد أو التفنيد‬
‫المماثلة بين اآللة واشتغال أعضاء الكائن‬
‫الحي مثال‪ :‬القلب كمضخة ‪،‬الدماغ‬
‫كحاسوب‬
‫النموذج المماثل (‪ : )Analogique‬ملموس أو افتراضي‬
‫التنظيم البيولوجي (المفعول الرجعي)‬
‫‪،‬نموذج بنية األرض باستعمال أواني‬
‫زجاجية دائرية وشعاع ليزر‬
‫‪ .III‬وظائف النماذج ‪:‬‬
‫إن بناء صنافة لوظائف النماذج يمكن من تحديد العلقة نموذج ‪ /‬تجربة باالستناد إلى إطار نظري ‪ .‬إحدى المقاربات التي‬
‫تمكن من فهم هذه العلقة نمت وتطورت في إطار نظرية المعنى واالنسجام ( ‪، ) Nifle 1986‬فحسب هذه األخيرة كل‬
‫‪10‬‬
‫تجربة‪ /‬نموذج يضم ‪3‬مكونات معبر عنها كعلقات بين ‪ 3‬أبعاد ‪:‬‬
‫‪+‬البعد القصدي (الذات) ‪+‬البعد الموضوعي ( الموضوع ) ‪+‬البعد اإلسقاطي (مشروع ) أم المكونات فهي ‪:‬‬
‫‪+‬المكون الوجداني‪ :‬علقة الذات بالموضوع ( اإلدراك الحسي ‪ ،‬التقديرات ‪)...‬‬
‫‪+‬المكون المادي‪ :‬علقة الموضوع بالمشروع (كل مانقوم ‪ ،‬األحداث ‪)...‬‬
‫‪+‬المكون المفاهيمي ‪ :‬علقة الذات بالمشروع (المفاهيم ‪ ،‬التمثلت ‪ )...‬وفي ما يلي تصنيف ملخص في جدول لوظائف‬
‫النماذج التقعيدية باالستناد إلى العلقة نموذج ‪ /‬تجربة‪:‬‬
‫أدوات المحاكاة‬ ‫استعمال المحاكاة‬ ‫وظيفة النموذج‬ ‫مكون التجربة‬
‫قواعد البيانات‬ ‫الجساب ‪ ،‬إنتاج وتدبير المعطيات‬ ‫حساب‬ ‫المادي‬
‫برمجة ‪ ،‬نمذجة‬ ‫برمجة نموذج‪،‬تكميل مختلف أنماط التمثيل‬ ‫تفسير‬ ‫مفاهيمي‬
‫وصلت متحركة‬ ‫إبراز‪ ،‬محاكاة‪،‬تقاسم‬ ‫الوصف‬ ‫الوجداني‪ ،‬الحسي‬
‫الفضاءات االفتراضية‬ ‫وضعية مشكل‬ ‫تعيين‬ ‫دمج المكونات الثلثة‬

‫يبدو أن للنموذج وظيفة خاصة بالنسبة للمعرفة ‪ ،‬فهو بناء ذهني يمكن من ربط مجموعة من المتغيرات غير المتاحة‬
‫بشكل مباشر أثناء التجربة ألسباب عديدة ‪ ،‬ويتم البناء حسب الفكرة التي كوناها عن الواقع المدروس(مرتبطة بملحظات ‪،‬‬
‫معارف سابقة‪، )...‬والعناصر التي سنشتغل عليها مرتبطة فيما بينها إما عن طريق بنيات مجردة ورياضية (النموذج الكمي‬
‫لتدفق الطاقة والمادة في حميلة بيئية) أو عن طريق خطاطات مبنية حسب تشابهها مع الشيء المدروس‪ .‬وفي جميع الحاالت‬
‫يشكل النموذج أداة بديلة تمكن من االشتغال على أشياء أخرى غير الواقع ولكنها تجسده‪.‬ويمكن إجمال الوظائف الرئيسية‬
‫للنموذج في ما يلي ‪:‬‬
‫‪+‬التفسير ‪ :‬يمر عبر المماثلة أو عن طريق تحليل العلقات ين عناصر النموذج ‪،‬يروم مقاربة واقع غير ملموس من‬
‫خلل ضبط متغيراته لتيسير التعلم (تفسير البركانية ‪ ،‬الغشاء السيتوبلزمي ‪)...‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪78‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪+‬التوقع ‪ :‬التنبؤ بمآل ظاهرة ما مرتبط بالمظهر الرياضي أو الصوري للنموذج ‪ ،‬التوقع يربط النموذج بالواقع وهذا‬
‫الربط يعتمد الختبار النموذج ‪(.‬انطلقا من نموذج الفوالق التحويلية الذي يبين ويصف ما يحدث على مستواها بشكل عام من‬
‫زالزل وبراكين يمكن التنبؤ بتطورات ممكنة الحدوث في أي منطقة مشابهة لها في العالم)‬
‫هذه الوظائف ليست أصنافا محددة بل تعد كتوجهات إذ من الممكن أن نصادف نموذجا أعد لوظيفة ما لكن يتضح فيما بعد‬
‫على أنه مهم لوظيفة أخرى ‪ .‬وتعتمد الوظيفة من بين معايير أخرى لتقيئ النماذج وتنميطها ‪.‬‬
‫أصناف و وظائف المحاكاة ‪:‬‬
‫ترتبط النظريات بالملحظات والتجارب في إطار حل مشكل معين بشكل غير مباشر عن طريق بناء نماذج مفاهيمية‪،‬‬
‫وغالبا ما تستعمل هذه النماذج إلنجاز نماذج تجسيدية(مجسمات) أو رقمية (برانم محاكاة)‪ .‬و تظهر المحاكاة في هذه الحالة‬
‫األخيرة كصيرورة تفضي إلى نتائج انطلقا من اشتغال النموذج ‪ .‬وتستغل هذه النتائج من جهة لمقارنتها بالنتائج المحصل‬
‫عليها إثر القياسات الفعلية الشيء الذي يمكن من الحكم على مصداقية النموذج وتقدير مدى صلحيته ‪،‬و من جهة ثانية للقيام‬
‫بالتوقعات أي التنبؤ بسلوك النظام المنمذج‪ .‬أما في الفصل فغالبا ما يتم استعمال برانم المحاكاة لتعويض إنجاز التجارب‬
‫الحقيقية ‪،‬إما لعدم توفر األدوات اللزمة إلنجازها أو لخطورتها أو لطولها وصعوبتها ‪.‬وعلى الرغم من ذلك فإن استعمالها‬
‫في بعض وضعيات التعلم يترجم خيارا ديداكتيكيا أكثر منه استجابة للضغوطات المؤسسية‪ .‬ويقترح ‪ Dejong‬و‬
‫‪ Vanjoolingen‬صنفين من المحاكاة للستعمال البيداغوجي فنهاك المحاكاة التي تستند إلى نموذج مفاهيمي(دينامي أو‬
‫ثابت‪ ،‬كمي أو نوعي ‪ ،‬متواصل غير متواصل ‪، )...‬والمحاكاة التي تقترح نموذج إجرائي (محاكاة عمل عضو ‪،‬تشريح‬
‫افتراضي‪. )...‬ومن أهم الوظائف نسرد ما يلي‪: 11‬‬
‫‪ .IV‬تجاوز بعض صعوبات التعلم‬
‫تدل جل الملحظات الفصلية على أن المتعلمين يواجهون صعوبات في مهارات التحليل في العلوم ‪ ،‬وخصوصا ما تعلق‬
‫بالتحليل الكيفي ‪ ،‬وهنا يمكن للمحاكاة أن تتدخل للعتبارات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تنجز التجارب التي تمت محاكاتها تبعا إلرادة المتعلم؛‬
‫‪ -‬يمكن إنجازها حسب مختلف مستويات التجريد ( من الكمي إلى الكيفي)؛‬
‫‪ -‬إمكانية احتوائها؛‬
‫‪ -‬تحتوي على مجموعة من الحاالت الخاصة‪ ،‬وتمكن من استكشاف عدد كبير من األمثلة في زمن قصير جدا؛‬
‫‪ -‬باإلمكان تهيئتها بشكل يجبر المتعلم مجابهة تمثلته بالنظريات العلمية و مراجعتها‪.‬‬
‫‪ -‬فهم وإبراز الظواهر‪:‬‬
‫تصعب دراسة العديد من الظواهر البيولوجية أو الجيولوجية عن طريق التجريب المباشر نظرا ألبعادها الزمكانية ‪،‬‬
‫الشيء الذي يتطلب بالضرورة اعتماد بدائل‪.‬وتمكن الوسائط المتعددة من خلق بدائل افتراضية تحاكي الظاهرة المدروسة ‪،‬‬
‫الشيء الذي يسمح ويساعد على فهم بعض جوانب هذه الظواهر وذلك بتعديل والتأثير على مختلف متغيراتها ومعاينة نتائج‬
‫هذه التعديلت مباشرة على شاشة الحاسوب (تسريع ‪ ،‬بطئ ‪ ،‬تكبير تصغير ‪،‬رجوع إلى الخلف‪ )...‬واألمثلة على ذلك عديدة‪:‬‬
‫الزالزل ‪،‬الجزيئات‬
‫‪ -‬القيام بالتجريب‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪79‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫توجد العديد من البرانم لمحاكاة تجارب غير قابلة لإلنجاز في المدرسة ألسباب عديدة ‪:‬غياب األدوات ‪،‬التكلفة ‪،‬الوقت ‪...‬‬
‫يتعلق األمر بأنشطة تقود إلى التجريب باعتماد نموذج واستكشاف مختلف اإلمكانيات ‪.‬واألمثلة عديدة ‪:‬‬
‫‪+‬في علم الوراثة ‪ :‬برنام ‪ Drosofly‬الذي يمكن من دراسة انتقال الصفات الوراثية ؛‬
‫‪+‬في الجيولوجيا ‪:‬برنام ‪ Magma‬يعطي التركيب العيداني للصخرة المشكلة بعد تبلور الصهارة حسب المتغيرات‬
‫الفيزيائية والكيميائية المختارة والمحددة من طرف المستعمل ‪ ،‬و برنام ‪ : Chronocoupe‬إنجاز مقطع جيولوجي‬
‫واالشتغال على مبدأ التأريخ النسبي‬
‫‪ +‬وظائف الربط ‪, reflexarc Synapse :‬‬
‫تستند كل هذه البرانم إلى نماذج مبرمجة حيث قواعد االشتغال غير واضحة وغير معلنة بالنسبة للمتعلم ‪ ،‬لكن واجهات‬
‫هذه البرانم تمكن المتعلم من اختيار وتعديل بعض المتغيرات وملحظة نتائج اختياراته حول اشتغال النموذج وعليه أن‬
‫يكون بمقدوره استنباط خصائص النموذج انطلق من األحداث المعاينة على الشاشة أمامه ‪.‬‬
‫‪ -‬االستكشاف والبحث ‪:‬‬
‫نمذجة ظاهرة معينة والحكم على مصداقية وصلحية النموذج من خلل مقارنة نتائج المحاكاة مع نتائج التجارب‬
‫المستقاة من بنوك المعطيات العالمية ‪ .‬وكمثال على ذلك ‪:‬االشتغال على تأثير انبعاث الغازات على المناخ ‪ :‬نمذجة دورة‬
‫الكربون باعتماد برنام ‪ Vensim‬والحكم على وجاهة النموذج ‪.‬‬
‫اإلمكانيات والحدود‬
‫أصبحت برانم المحاكاة في متناول المتعلمين والمدرسين بعد أن كانت هذه األدوات حكرا على الباحثين ‪ .‬أدوات يرى فيها‬
‫البعض حل يزخر بالعديد من اإلمكانيات التي تتيح تجاوز بعض مشكلت التعليم و التعلم ‪ ،‬بينما ينظر إليها البعض اآلخر‬
‫بعين الحذر ‪ ،‬في حين تذهب ثلة من هذه الفئة األخيرة إلى اتخاذ موقف سلبي منها ‪.‬ومهما يكن فإن نجاعة أي أداة يرتبط في‬
‫جانب كبير منه بطريقة استعمالها ‪.‬‬
‫اإلمكانيات‬
‫لقد غيرت تقنيات التواصل واإلعلم بالتأكيد نمط االشتغال بالفصول‪ ،‬وأصبح من الممكن إنجاز العديد من األنشطة‬
‫بفضل الدعامات الرقمية و اإليجابيات عديدة منها‪:‬‬
‫‪+‬تيسر انخراط المتعلمين في نهج البحث والتقصي وإيجاد الحلول للمشاكل العلمية من خلل اإلمكانية المتاحة للمتعلم‬
‫الستعمال الحاسوب لنمذجة الظواهر ومجابهة هذه النماذج عن طريق المحاكاة بنتائج االستكشافات الخبرية؛‬
‫‪ +‬تمكن من إظهار عدد كبير وهام من المعلومات الدالة في الحلة األكثر ملئمة لفهم سريع وهذا بشكل تفاعلي وفي زمن‬
‫قياسي‪ ،‬فالمستعمل يقوم بدراسة سلوك النموذج في مختلف مظاهره (استكشاف شامل لمختلف جوانب الطاهرة) والتي غالبا‬
‫ما يكون بعضها غير متاح لدى مقاربة الظاهرة الحقيقية ‪(.‬مثال ‪ :‬ال وجود ألي طاهرة حقيقية تمكن من تقليص أو تمديد سلم‬
‫الزمن للقيام بدراسة مفصلة)؛‬
‫‪+‬توقد وتنبه الفكر اإلبداعي إذا ما استعملت بشكل معقلن ومناسب؛‬
‫‪+‬تقدم دعامات هامة لتعلم النهوج التجريبية ‪ ،‬وتمكن من القيام بأنشطة ذهنية شأنها شأن أي نشاط علمي ومن إجراء‬
‫اختبارات ومناوالت دون مخاطر؛‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪80‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪+‬تجد مبررا لها على الخصوص في العلوم عند تعذر‪/‬استحالة إنجاز المناوالت داخل الفصل‪ ،‬مثل لدى االشتغال على‬
‫المستوى الخلوي أو على مستوى الجماعة؛‬
‫‪ +‬مساعدة المتعلمين على رسم الحدود بين الواقعي واالفتراضي وتمييز ما يرجع الختيارات مصمم النموذج و‬
‫الحقيقة‪/‬الواقع الذي يريد الكشف عنه ‪ ،‬يتعلق األمر أيضا بمساعدة المتعلمين فهم العلقات التي تربط بين هذين البعدين ‪.‬‬
‫‪+‬إثارة حب االستطلع والفضول ‪ ،‬ربح الوقت ‪ ،‬التفاعلية ‪.... ،‬‬
‫‪+‬تتيح إمكانية ضبط وفهم البعد الدينامي للظواهر العلمية‪.‬‬
‫الحدود ‪:‬‬
‫إذا كانت النمذجة والمحاكاة تجعلن من االمتداد االفتراضي للواقع واقعا غنيا ويعيدان صياغته حيث الرمزي يحل محل‬
‫المادي فإن لهذا االختزال مخاطر وحدودا منها ‪:‬‬
‫‪+‬ال تنمي المهارات اليدوية (استعمال مختلف األدوات أثناء إنجاز التجارب الحقيقية)؛‬
‫‪+‬تقود إلى نظرة جد مبسطة للواقع ‪،‬فل وجود ألي نموذج في الحاسوب قادر على األخذ بعين االعتبار تعقد الواقع بجميع‬
‫جوانبه؛‬
‫‪+‬استبدال االشتغال على دراسة الواقع ‪/‬العينات الطبيعية باالشتغال على الحاسوب‪ ،‬فعلوم الحياة و األرض تستند‬
‫باألساس على التجريب واالستدالل‪ ،‬وتعطي مكانة هامة للمعطيات الخبرية وبالتالي فإن االستناد في االستدالل إلى نتائج‬
‫المحاكاة ال معنى له؛‬
‫‪+‬التعلم باعتماد المحاكاة يعني تعلم قواعد النموذج الذي مكن من إنشاء الظواهر التي تمت محاكاتها ‪ ،‬والنموذج بطبيعته‬
‫هو نتيجة اختيار المصمم وبالتالي فهناك احتمال تدريس نموذج جزئي مفصول عن سياقه بدل واقع غني ومعقد‪ ،‬كما أن‬
‫هناك احتمال االنحراف يتمثل في تعلم قواعد ال معنى لها لدى استعمالها خارج مجال صلحية النموذج؛‬
‫‪+‬الصور المعتمدة في برنام المحاكاة ليست لها بالضرورة نفس المعنى لدى كل من المدرس والمتعلم (ضمنية الرموز‬
‫المستعملة)‪،‬لذلك يجب أن ترفق برانم المحاكاة بدالئل‪/‬مفاتيح لفك الرموز المستعملة؛‬
‫‪ +‬الحدود بين الواقعي واالفتراضي غير واضحة المعالم ‪ ،‬وواقعية واجهات برنام المحاكاة تعمق هذا الخلط‪ ،‬لذلك يبدو‬
‫من الضروري التساؤل عن أثر ‪ /‬وقع استعمال النمذجة والمحاكاة على الثقافة الرقمية للمراهقين ‪ ،‬ألن طريقة االستعمال‬
‫ليست دائما مفكر فيها بشكل جدي ؛‬
‫‪ +‬بإمكانها أن تولد لدى المتعلمين تقديرا مغلوطا عن صعوبات التجريب الحقيقية نظرا لبعدها عن الواقع ‪ ،‬لكونها مهيأة‬
‫للكشف بشكل جيد عما يريد مصمم برنام المحاكاة تبيانه‪.‬‬
‫‪ .V‬خالصة ‪:‬‬
‫تطرح النمذجة والمحاكاة مشاكل خاصة في البيولوجيا والجيولوجيا بالنظر إلى موضوعها ‪،‬والذي ليس من السهل‬
‫اختزاله وتبسيطه‪ ،‬لكنها ممكنة ‪ .‬وقد بينت بعض األبحاث الحديثة على أن للنمذجة والمحاكاة أثرا عميقا في النهوج المعرفية‬
‫للمتعلمين كما تدل على ذلك اإليجابيات السالفة الذكر ‪،‬ويبدو على أنها أدوات متميزة تمكن من إنجاز أشطة بيداغوجية لم‬
‫تكن متاحة من قبل وقادرة على تحسين صيرورة التعلم من خلل تجاوز الصعوبات المشار إليها أعله ‪ ،‬غير أن هذا ال‬
‫يعني البتة نقصا أو تقليل من أهمية التجارب الحقيقية ‪ .‬وإذا كانت أهمية المحاكاة تكمن في القيمة البيداغوجية لمستوى‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪81‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫ فإن األمر يقتضي‬، ‫الوساطة التجريدية الذي تستخدمه والذي يتموقع بين الظاهرة الحقيقية والنموذج المجرد لنفس الظاهرة‬
. ‫ إجراء المزيد من الدراسات حول استعماالتها البيداغوجية‬،‫خصوصا أمام قلة األبحاث ذات الصلة‬

‫المراجع والمواقع اإللكترونية‬


1 - Jacques Hebenstreit ; UNE RENCONTRE DU TROISIÈME TYPE :SIMULATION ET PÉDAGOGIE ;
http://www.epi.asso.fr/revue/dossiers/d12p080.htm
2005 ، ‫ مديرية المناهج‬، ‫ البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادة علوم الحياة واألرض‬، ‫ – وزارة التربية الوطنية‬2
‫ مطبعة النجاح‬،10-9 ‫ مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك ؛ سلسلة علوم التربية‬، ‫ ؛ معجم علوم التربية‬1994 ‫الغرضاف وآخرون ؛‬.‫ ع‬-3
. ‫الجديدة‬
4 - Martin Riopel et autres ; Une approche intégrée de la modélisation scientifique assisté par ordinateur, in
aster n° 43 ; modélisation et simulation ; INRP ; 2006 .
5 – Anne-Marie Drouin ; Des images et des sciences ; in aster n° 4;communiquer les sciences ;INRP;1987
6 - Jean-Yves Dupont ; SIMULATION, MODÉLISATION ET PÉDAGOGIE EN BIOLOGIE-
GÉOLOGIE ;
http://www.epi.asso.fr/revue/dossiers/d12p109.htm
7 – Renald Legendre ; 1988 ; dictionnaire actuel de l’éducation ; Larousse ; Québec .
8 - Anne-Marie Drouin ; Le modèle en question ; in aster n° 7; modèles et modélisation ; INRP ; 1988.
9 - D.S. Béatrice, R. Dominique; Réalité et virtualité dans l’enseignement des sciences de la vie et la terre ,
in aster n° 43 ; modélisation et simulation ; INRP ; 2006 .
10 – Muriel Ney ; Une typologie des fonctions des modèles formels : l’exemple de la biologie , in aster n°
43 ; modélisation et simulation ; INRP ; 2006 .

ⵙⴰⵍⵍⴰⵎ ⴱⵓⵉⴽⴱⴰⵏ 82 juillet 2019


‫الصورة في الفعل البيداغوجــي‬
‫الكاتب‪ :‬علي ايتحسيــن‬
‫‪ -1‬توطئة‪:‬‬
‫يعتبر مفهوم التواصل أحد المفاهيم البارزة التي حظيت و ال زالت باهتمام الباحثين المختصين في شتى المجاالت‪ ،‬وقد‬
‫نتج عن هذا االنشغال ظهور نظريات أدت تطبيقاتها إلى إحداث قفزات نوعية في سلم تطور األمم وتقدمها‪ .‬ويعد الميدان‬
‫التربوي أحد الميادين التي اهتمت بهذا المفهوم ‪ ،‬إذ أن مردودية هذا القطاع تتوقف باألساس على أسلوب التواصل وطبيعته‬
‫‪ .‬وتحتل الصورة سواء الثابتة أو المتحركة المركز المحوري في مختلف أشكال التواصل‪.‬‬
‫إن أي مقاربة للصورة تتطلب المرور من تحليلها كما هي إلى تحليل مختلف الوظائف التي تؤديها في العلوم‪ ،‬وبعبارة‬
‫أخرى يجب أن تتمحور الدراسة حول الصورة من جهة وحول الخطاب العلمي الذي تحمله من جهة ثانية ويمكن تلخيص‬
‫مختلف اتجاهات البحث والدراسة حول الصورة في الخطاطة التالية (‪: )1‬‬

‫تلخص الخطاطة أعله المداخل الثلثة للبحث حول الصورة ودراستها‪:‬‬


‫‪ -‬البعد السيميولوجي الذي يعتبر الصورة كرمز ‪ /‬كعلمة ؛‬
‫‪ -‬البعد الفلسفي و اإلبستيمولوجي الذي يطرح مشكل العلقة بين المفهوم وتمثيله المادي في الصورة ؛‬
‫‪ -‬البعد البيداغوجي الذي ينظر إليها كمعين أو معيق الكتساب المعارف‪.‬‬
‫أ‪ -‬البعد السيميولوجي‪:‬‬
‫يمكن اعتبار الصورة من الناحية السيميولوجية بمثابة ترجمة لبعض مظاهر الواقع بكيفية تختلف عن تلك التي تتم بواسطة‬
‫اللغة والصور أنواع ‪.‬وإذا ما أخذنا درجة التجريد كمعيار للتصنيف في مجال العلوم يمكن القول بأنها بقدر ما تعمل على‬
‫تجريد األشياء والظواهر المدروسة ‪ ،‬فإنها تعمل في نفس الوقت على إبراز هذه الظواهر وجعلها أقرب إلى الواقع‪.‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪83‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫ب‪ -‬البعد اإلبستيمولوجي‪:‬‬
‫يستدعي التطرق إلى دور الصورة في العلوم اإلشارة إلى دورها كمحرك في االكتشاف العلمي ‪ ،‬فهي تشكل ترميزا‬
‫وتبسيطا للواقع يمكنان من نشر وتبليغ األفكار ونقدها ‪ ،‬وهذا ضروري لتطور المعرفة ‪ ،‬وفي هذا الصدد يشير ‪B.latour‬‬
‫إلى الدور النشيط للصور في النمو المعرفي للعلوم باعتبارها معينات إستراتيجية لإلقناع ‪ ،‬لذا فمن غير الممكن اعتبارها‬
‫توضيحات فقط ‪ ،‬ألنها ستشكل مواد سيكون النص المقترن بها امتدادا لها ‪ .‬إنها تمكن العالم من إعطاء الظواهر شكل من‬
‫الممكن إعادة تنقيحه و إغنائه ‪ .‬وتعتبر أيضا معينا على المفهمة وعلى تمرير الخطاب ‪ ،‬ولكنها أيضا ترميزا ليس من السهل‬
‫تأويله ‪ ،‬لذا فتفسير قواعد ترميزها وفكه يعتبر مساعدا على فهم نهوج المعرفة‪.‬‬
‫ج‪ -‬البعد البيداغوجي‪:‬‬
‫يستند وجود الصورة في المجال التربوي إلى فكرة مفادها أن للصورة خصائص تمكنها من القيام بدور رئيسي في حمل‬
‫الرسالة التعليمية تتمثل في المساعدة على فهم وتفسير ومفهمة الواقع ‪ ،‬ولهذا يمكن اعتبارها أداة عمل ودعامة للتفكير‬
‫العلمي‪.‬وقديما قيل ‪ " :‬أن ترى أفضل ألف مرة من أن تسمع " ‪ " ،‬صورة واحدة أفضل من ألف كلمة " ‪.‬‬
‫ومن أهم الخصائص نذكر ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬التشويق وإثارة اهتمام التلميذ ؛‬
‫‪ -‬تعد أبلغ من الكلمات لتوضيح موضوع معين؛‬
‫‪ -‬ال يقتصر استخدامها على مادة أو مرحلة تعليمية معينة؛‬
‫‪ -‬تترك أثرا مماثل ألثر واقع ما تصوره في نفوس المتعلمين؛‬
‫‪ -‬تشجع على الملحظة والتحليل والتركيب والنقد ‪...‬‬
‫‪ -2‬تعريف‬
‫الصور ‪ : Images‬كل العلمات التي تتعارض مع اللغة والنص ‪ ،‬يمكن أن يستعمل هذا المصطلح للداللة على كل‬
‫شيء غير العلمة اللغوية أو الرموز الرياضية مثل ( ‪)... × ، +‬؛‬
‫‪ -‬في المجال السيكولوجي‪ :‬نشاط أو فاعلية ذهنية تعمل على إحضار جملة من الخصائص وصفات موضوع ما‬
‫في الذهن‪,‬بكيفية يدركه بها وينظمه ويتصوره جهاز عقلي بشري‪(,...‬أحمد أوزي ‪ )2( ) 1988‬؛‬
‫* "في المجال التعليمي‪ :‬الصورة وسيلة تعليمية مساعدة وسيط يتم من خلله تحقيق وظيفة تعليمية معينة كالعرض‬
‫(‪)3‬‬
‫والوصف والشرح والتحليل والبرهنة‪"....‬‬
‫* "في تدريس اللغات‪ :‬تحتل الصورة مكانة هامة‪ ،‬حيث توظف كترجمة للملفوظ أو لإلشارة إلى سياق التواصل‪،‬أو‬
‫(‪)4‬‬
‫كمرجع للعلمة اللغوية ‪"...‬‬
‫(‪)5‬‬
‫* "في تدريس االجتماعيات‪ :‬ترتبط الصورة بالحدث التاريخي أو بملحظة ظواهر جغرافية معينة‪".‬‬
‫*في تدريس العلوم توظف لوصف الظواهر وأسمائها أو لعرض الظواهر الحية وملحظتها‪...‬ويمكن لنا أن نعتمد‬
‫(‪)6‬‬
‫التصنيف التالي ‪:‬‬
‫الجــدول‬ ‫الرسم البياني‬ ‫الرسم التخطيطي‬ ‫الرسم‬ ‫الصورة الفوتوغرافية‬
‫يعتبر الجدول بعيدا‬ ‫أكثر شمولية واقرب يشكل خطوة أخرى نحو أكثر تجريدا من الرسم‬ ‫تمثل واقعا خاصا‬
‫التخطيطي وال تكون العناصر عن الواقع المشاهد‬ ‫التجريد‪ ،‬يسعى إلى‬ ‫وتشكل الوسيلة األقرب إلى المفهوم من‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪84‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫لظاهرة ما ‪ ،‬لكنه‬ ‫ممثلة في حد ذاتها ‪ ،‬بل‬ ‫الكشف عن الواقع وليس‬ ‫الصورة‬ ‫واألكثر تطابقا مع‬
‫بواسطة متغيرات تعبر عنها ‪ .‬يشكل تنظيما‬ ‫مماثلته ‪ ،‬ولهذا فهو أكثر‬ ‫الفوتوغرافية بالرغم‬ ‫الواقع ‪ ،‬بالرغم من أن‬
‫وتظهر هذه المتغيرات على إجماليا وبصريا‬ ‫شمولية وتعبيرا عن‬ ‫من أنه يبقى صادقا‬ ‫الحصول عليها يتطلب‬
‫لنتائج أو معطيات‬ ‫شكل قيم أو كميات ممثلة‬ ‫المتغيرات األساسية لفئة‬ ‫من الواقع ‪ .‬ويمكن‬ ‫إعادة التنظيم واختيار‬
‫بواسطة منحنيات أو أجزاء‬ ‫من األشياء‪ .‬له قيمة‬ ‫اعتباره كذلك نتيجة‬ ‫زاوية الرؤية واإلطار‬
‫دائرية‪ ،...‬ويمكن لهذه‬ ‫جمالية ألن العناصر‬ ‫اختيار لعناصر اتفق‬ ‫واإلنارة‪...‬‬
‫المنحنيات أن تكون إما نتيجة‬ ‫األساسية تكون بارزة‬ ‫على أنها ذات داللة‬
‫لبناء ذهني خالص أو ترجمة‬ ‫وواضحة ألول وهلة‪،‬وال‬ ‫‪ ،‬فهو تبسيط وكشف‬
‫مباشرة لظاهرة بواسطة‬ ‫يتحتم تقديمها كما نراها‬ ‫عن ما هو أساسي‬
‫قياسات خاصة‪.‬‬ ‫في الواقع ‪.‬‬ ‫وجوهري ‪.‬‬
‫‪ -3‬الوظائف واألدوار‬
‫أكدت جل األبحاث التربوية والنفسية على الدور الهام للصورة في ميدان التربية والتعليم‪ ،‬وفي هذا الصدد يشير‬
‫‪ Trady‬إلى أن للصورة أربع وظائف (‪: )7‬التحفيز والتوضيح والتبسيط وإثارة التخيل‪ .‬أما ‪ Vezin‬فتجمل وظائف الصورة‬
‫في ثلث‪:‬التحفيز (تعوض النص بالنسبة للذين ال يحسنون القراءة ) والتفسير (تضم الوصف و التعبير) والمساعدة على‬
‫التذكر‪ ،‬في حين يرى ‪ Jacobi‬أن للصورة وظيفة مزدوجة‪ )9( :‬وصفية ( تمثيل واقعي مبسط) وتفسيرية (عن طريق‬
‫التوازن بين قيمتها التعميمية و التجسيدية ألنها تساعد على الفهم والتذكر‪ ،‬تعالج المعلومة وتشد االنتباه وتيسر تكوين نظرة‬
‫إجرائية ) ‪.‬‬
‫لقد عملت التطورات التقنية المتلحقة للوسائل السمعية البصرية على تعزيز دور الصور في تحسين العملية التعليمية‬
‫تحسن يتجلى باألساس في إثراء التعليم و في توسيع مدارك وخبرات المتعلم وتيسير بناء المفاهيم ‪ .‬ومن أهم األدوار بشكل‬
‫عام نورد ما يلي ‪:‬‬
‫* شد اهتمام التلميذ وإشباع فضوله للتعلم ‪ ،‬فالمتعلم يأخذ بعض الخبرات التي تثير اهتمامه وتحقق أهدافه وكلما كانت‬
‫الخبرات التعليمية التي يمر بها المتعلم أقرب إلى الواقعية أصبح لها معنى ملموسا وثيق الصلة باألهداف لتي يسعى إلى‬
‫تحقيقها والرغبات التي يتوق إلى إشباعها؛‬
‫*ضمان إشراك جميع الحواس في عمليات التعليم الشيء الذي يؤدي إلى ترسيخ هذا التعلم؛‬
‫*تمكن من تحاشي الوقوع في اللفظية ‪ ،‬والمقصود باللفظية استعمال المدرس ألفاظا ليست لها عند التلميذ الداللة التي‬
‫لها عند المدرس ‪،‬أي أنها تمكن من إكساب اللفظ أبعادا لها معنى تقربه من الحقيقة ‪ ،‬األمر الذي يساعد على زيادة التقارب‬
‫والتطابق بين معاني األلفاظ في ذهن كل من المدرس والتلميذ ‪ ...‬؛‬
‫*تساهم في اكتساب الخبرة من خلل تنمية قدرة التلميذ على التأمل ودقة الملحظة و إتباع التفكير العلمي للوصول إلى‬
‫حل المشكلت ‪ ،‬الشيء الذي يؤدي بالضرورة إلى تحسين نوعية التعلم ورفع األداء عند المتعلمين ؛‬
‫*اقتصادية التعليم ‪:‬ويقصد بذلك تحقيق أهداف تعلم قابلة للقياس بشكل فعال من حيث التكلفة في الوقت والجهد‬
‫والمصادر؛‬
‫*تنويع أساليب التعليم لمواجهة الفروق الفردية بين المتعلمين ‪:‬من خلل تقدم مثيرات متعددة تتفاوت في درجة‬
‫تجريدها ‪ ،‬كما أنها تعرض هذه المثيرات بطرق وأساليب مختلفة ومتنوعة باختلف قدراتهم واستعداداتهم وميولهم؛‬
‫*تكوين مفاهيم سليمة و تعديل السلوك وتكوين االتجاهات الجديدة ‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪85‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫أما فيما يتعلق بتدريس العلوم ‪ ،‬فتلخص الخطاطتين التاليتين أهم الوظائف و األدوار للصور تبعا للتصنيف السالف‬
‫الذكر‪:‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪86‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ -4‬دواعي االستخدام وشروطه‪:‬‬
‫عديدة هي الوضعيات التي تستلزم من المدرس اللجوء إلى استغلل الصور في العملية التدريسية منها على سبيل المثال‬
‫ال الحصر ‪:‬‬
‫* تسهيل عملية بناء المفاهيم‬
‫* استحالة القيام بالملحظة المباشرة للظواهر الطبيعية ؛‬
‫* تعذر إجراء تجارب معينة ألسباب متعددة كخطورتها الصحية أو انعدام الوسائل المادية الضرورية إلنجازها‪...‬‬
‫إن تحقق األهداف المنشودة من وراء استعمال الصور لن يتم بشكل آلي ‪ ،‬بل باحترام مجموعة من الشروط منها ما هم‬
‫مرتبط باالختيار ومنها ما هو متعلق بطريقة االستعمال‪ ،‬و من أهم هذه الشروط نذكر ما يلي ‪:‬‬
‫* توافق الصورة مع الهدف المنشود؛‬
‫* صدق المعلومات التي تقدمها ومطابقتها للواقع؛‬
‫* ارتباط محتوياتها ارتباطا وثيقا بموضوع الدرس ‪ ،‬بحيث تساعد على بلوغ الهدف؛‬
‫* الوضوح ‪ :‬سليمة المظهر والجوهر وال تحتوي على تفاصيل كثيرة من شأنها تشويش تركيز المتعلمين ؛‬
‫* تحديد األهداف المتوخاة من وراء عرض الصورة؛‬
‫* معرفة خصائص الفئة المستهدفة ومراعاتها؛‬
‫* عرض الصور قبل عرضها أمام التلميذ؛‬
‫* تهيئة أذهان التلميذ الستقبال محتوى الرسالة؛‬
‫* تهيئة الجو المناسب لعرض الصور؛‬
‫* إدراجها في اللحظة المناسبة‪...‬‬
‫‪ -5‬الصعوبات ‪:‬‬
‫يعترض تحقيق األهداف المتوخاة من وراء توظيف الصور في عملية التدريس العديد من العوائق ‪،‬ويرجع ذلك‬
‫إلى مختلف العوامل النفسية و الثقافية و الديداكتيكية‪ ،‬األولى توجه بطريقة الشعورية اهتمام المتلقي وتخلق عنده نوعا من‬
‫إستر اتيجية داخلية تتحكم في استيعابه لها ‪ .‬بحيث نلحظ أحيانا أن المتعلمين يزيغون عن المدلول والهدف البيداغوجي الذي‬
‫نتوخاه من استعمال الصورة منتقلين من المستوى األول للصورة (مستوى التقرير – اإلشاراتي ) كمدلول في حد ذاته إلى‬
‫مستوى ثاني (مستوى التضمين – اإليحائي ) كمدلول يوجد خارجها تحيلنا عليه ‪ .‬إن رد الفعل هذا‪ ،‬أي االنتقال من المستوى‬
‫التقريري إلى المستوى التضميني‪ ،‬يؤكد ما يلي ‪:10‬‬
‫‪ -‬ال ينطلق المتلقي عند قراءته للصورة من فراغ‪،‬بل تتم هذه العملية انطلقا من رواسب ثقافية مكتسبة ال تحدد نظرته‬
‫للصورة فقط ‪ ،‬بل للمظاهر الكونية بصفة عامة‪ ،‬وهذه الرواسب أو الموروثات الثقافية هي التي تشكل ما يسميه "إمبيرتو‬
‫إيكو" بالقدرة الموسوعية عند المتلقي ‪ ،‬التي تساعده على استيعاب أي عمل كيفما كانت طبيعته ؛‬
‫‪ -‬تتميز هذه القدرة الموسوعية غالبا عند المتلقي بالتداخل بين المعقول والمحسوس ‪،‬كما يتجلى هذا على مستوى المتخيل‬
‫الشعبي ‪ .‬وكنتيجة لهذا التداخل فان الصورة في بعض األحيان ‪،‬ال تكون سوى مطية تجعلنا ننتقل من المستوى األول (‬
‫اإلشاراتي –التقريري ) إلى المستوى الثاني ( اإليحائي – التضميني )‪.‬وبهذا ال تشكل الصورة مرجعا في حد ذاتها‪،‬ولكن‬
‫تحيلنا على مرجع يوجد خارجها ‪ ،‬وبذلك تصبح كوسيط ينبه المتلقي لكي يستحضر مخزونه الثقافي ليسقطه عليها‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪87‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫من خلل هذه الملحظات يمكن فهم نوعية اإلستراتيجية التي يتخذها المتلقي أثناء قراءة الصورة وكذلك معرفة أسباب‬
‫ترجيح الجانب الضمني على الجانب التقريري ‪ ،‬والتداخل بين الواقع المرئي والواقع الحسي ‪ ...‬الشيء الذي يطرح مشكل‬
‫على المستوى البيداغوجي‪ .‬أما على المستوى الديداكتيكي فيمكن أن نسرد بعض العناصر المشوشة والتي تبدد التركيز‬
‫وتساهم بالتالي في الزيغ عن المدلول منها ‪:‬‬
‫‪ -‬عدم إدراك تكاملية الصورة والنص المكتوب ( مثال ‪ :‬صورة لبنية عامة وصور لمقاطع من هذه البنية من مختلف‬
‫الزوايا‪ ،‬أي صورة توضح نفس المعطى بشكل موازي )؛‬
‫‪ -‬غموض المبدأ المعتمد في إنجاز الرسوم ‪ :‬غياب توضيح القواعد واالصطلحات يؤدي إلى صعوبة القراءة والتأويل؛‬
‫‪ -‬طغيان العناصر الثانوية؛‬
‫‪ -‬تأثير السياق ‪ :‬تجاور بعض عناصر الرسوم؛‬
‫‪ -‬وجود رموز عديدة متداخلة؛‬
‫‪ -‬إرادة إبراز كل شيء في نفس الصورة؛‬
‫‪ -6‬خالصة‪:‬‬
‫تقدم الصور مجموعة من المعارف والخبرات في سياق مشوق و جذاب ‪ ،‬مساهمة بذلك في تنمية مختلف الجوانب‬
‫المكونة لشخصية المتعلم من خلل األنشطة التي يمارسها أثناء تحليله لها ‪ ،‬وهذا ما يجعلها أداة مساعدة على خلق نوع من‬
‫البيداغوجية النشيطة ‪ ،‬ذلك أنها تقدم للمتعلم مشاكل تحتاج إلى عمليات ذهنية لحلها ‪ ،‬وهذا ما يسمح له بممارسة مختلف‬
‫قدراته العقلية حسب درجة نضجه ونموه العقلي ‪ .‬كل هذه األمور تساهم في تحسين العملية التعليمية التعلمية ‪ ،‬تحسن يقتضي‬
‫أيضا توفر مجموعة من الشروط لكي تترجم الصورة بشكل سليم وتساهم بالتالي في تحقيق الهدف المنشود‪ .‬و يجب أن‬
‫نستحضر دوما القاعدة التالية ‪ :‬الصور حليفة للمدرس وليست خليفة‪ .‬و عموما تهدف الصورة ألن يكون لها معنى واحدا‬
‫على الرغم من النص المرافق لها ‪ ،‬لكنها ال تتمكن من ذلك دائما ‪ ،‬ويمكن لنا أن نتساءل ‪ :‬أليس هناك تداخل لجزء من تأويل‬
‫القارئ يرتبط بماضيه أكثر من ارتباطه بالصورة ؟‬

‫الهوامش ‪:‬‬
‫; ‪1 - A_M. Drouin , Des images et des sciences , in ASTER N ° 4 , P :3‬‬
‫‪ -2‬عبد اللطيف الفارابي وآخرون‪،‬معجم المصطلحات الديداكتيكية‪،‬سلسلة علوم التربية ‪،10 -9‬ص‪163:‬‬
‫‪ -3‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪163 :‬‬
‫‪ -4‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪163 :‬‬
‫‪ -5‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪163 :‬‬
‫; ‪6 - A_M. Drouin , opt.cit ; pp : 4 – 5 – 7 – 9‬‬
‫; ‪7 – M. Tardy , La fonction sémantique des images , in ASTER N ° 4 ; p : 15‬‬
‫; ‪8 – L. Vezin , Les illustrations et leur rôle dans l’apprentissage des textes , in ASTER N ° 4 ; p : 16‬‬
‫‪9 – D. Jacobi , Références iconiques et modèles analogiques dans des discours de vulgarisation scientifique ,‬‬
‫; ‪in ASTER N ° 4 ; p : 16‬‬
‫‪ -10‬موضوع ندوة تربوية لألستاذ عبدالنبي ضحاك ‪2004 /‬‬
‫المراجع ‪:‬‬
‫‪1 - ASTER N ° 4 : Communiquer les sciences ,INRP 1987‬‬
‫‪ -2‬عبد اللطيف الفارابي وآخرون‪،‬معجم المصطلحات الديداكتيكية‪،‬سلسلة علوم التربية ‪ ، 10 -9‬دار الخطابي للطباعة والنشر ‪. 1994 ،‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪88‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫تاريخ العلوم وتدريس علوم الحياة و األرض‬
‫‪Histoire des sciences‬‬
‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى |‬
‫توطئة‪:‬‬
‫يتوخى التعليم العلمي تحقيق مقصدين رئيسيين لدى المتعلم ‪:‬‬
‫‪ - 1‬إمداده باألساس من المعارف و المفاهيم و المهارات أو األدوات العلمية الكفيلة بالفهم الجيد للوسط و االندماج فيه ‪.‬‬
‫‪ - 2‬تنمية بعض المواقف االجتماعية و الوجدانية و طرق التفكير السليمة الكفيلة ببناء المعرفة بشكل ذاتي‪:‬الثقة بالنفس و‬
‫االستقللية و الموضوعية و الفكر النقدي و تذوق الحجة و البرهان‪ ،‬و إدراك نسبية المعرفة و قابليتها للتغيير و التصحيح ‪.‬‬
‫إن تحقيق غايات و أهداف من هذا الحجم‪ ،‬يقتضي تطويرا في الممارسة التدريسية اليومية‪ ،‬و نقلة نوعية في الفعل‬
‫البيداغوجي تخطيطا و تنظيما و إنجازا‪ ،‬كما يستلزم جعل االبستمولوجي حاضرا في البيداغوجي بصورة واضحة واعية و‬
‫مفكر فيها على مستوى األهداف و المحتويات و أشكال العمل الديداكتيكي والتقويم‪ ،‬لكن ذلك قبل هذا و ذاك يقتضي دراية‬
‫ديداكتيكية و ابستمولوجية في أساليب التشكل االبستمولوجي لمفاهيم العلوم الطبيعية ‪ ،‬والتكون التاريخي‪ -‬الثقافي للتصورات‬
‫التي تبلورت في أحضانها هذه المفاهيم ‪ .‬إن على التلميذ امتلك مقومات الموقف العلمي‪ ،‬و مقاربة خطوات الباحث في‬
‫مختبره‪ ،‬دون أن ينسى أن المعرفة سيرورة دينامية تتشكل نتيجة بناء طويل و إعادة بناء شاق و مسترسل ‪ ،‬أساسه تصحيح‬
‫األخطاء و التلمس ‪ Tâtonnement‬و التقصي حتى تصبح المعرفة كما هي عليه اآلن دون أن تكون نتاجا نهائيا ‪.‬‬
‫فما هو السبيل لتجسيد هذه الجانبية لدى تلمذتنا؟بل ما هو تاريخ العلوم ؟ و ما هي أنماطه ؟ و ما هو واقعه في تعليمنا‬
‫العلمي ؟ و ما هي مبررات توظيفه في تدريس المادة ؟ ثم ما هي قيمته و أهميته الديداكتيكية و التربوية ؟‬
‫‪ - 1‬محاولة في التعريف‪:‬‬
‫حسب باشلر [‪ " ]i‬إن تاريخ العلوم يتكون من مجموعة من األخطاء المصححة " كما أنه "استبعاد تدريجي لألخطاء أي‬
‫تغيير أخطاء بأخرى أقل بلدة " أما ‪A.Giordan‬فيرى "إن تاريخ العلوم‪ ،‬مختبر ابستمولوجي يمكن بفعل ارتباطه‬
‫الديداكتيكي بالعلوم التي تبنى حاليا‪ ،‬من فهم مسار كل بناء للمعرفة " [‪]ii‬‬
‫و إجماال فتاريخ العلوم هي دراسة مختلف التحوالت المفاهيمية و المنهجية و االجتماعية و اإليديولوجية لتطور المعرفة‬
‫العلمية قصد تتبع مسار الفكر العلمي و بالتالي سيرورة بناء المعرفة [‪]iii‬‬
‫و يقع تاريخ العلوم من حيث جغرافية المعرفة في مجال عمل االبستمولوجية باعتبارها مزاولة علمية و ممارسة نقدية و‬
‫شبكة تفسيرية تحليلية للمعرفة العملية في طبيعتها و مبادئها و فروضها و تطورها و كيفية إنتاجها و بنائها و معايير‬
‫الصلحية فيها ‪.‬‬
‫‪ - 2‬األهداف التربوية لتاريخ العلوم ‪:‬‬
‫تنمية القدرة على االستدالل العلمي المتماسك لدى التلميذ ‪scientifique raisonnement‬‬ ‫‪1‬‬
‫خلق المبادرة لدى التلميذ و الموضوعية في الحكم و بناء القنا عات تدريجيا لديه ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫التحفيز لبذل الجهد و البحث و االستقصاء المستمر ‪ ،‬و كما قال ‪P.langevin‬‬ ‫‪3‬‬
‫[‪» donner la notion de l’effort vivant et continue « ]iv‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪89‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫الدفع نحو الشك العلمي ‪ doute /‬و التساؤل و تذوق الحجة و البرهان و تنمية الفكر العلمي‬ ‫‪4‬‬
‫تحطيم الحواجز النفسية و مواجهة القضايا و اإلشكاليات و تنمية التسامح و عدم التعصب و االعتراف باآلخر و‬ ‫‪5‬‬
‫احترامه و التكامل معه و تسهيل امتلك التلميذ للمعارف بشكل نسقي و مركز‬
‫يساعد على تجاوز العوائق االبستمولوجية لدى التلميذ باعتبار أن نفس العوائق تمت مصادفتها في تاريخ العلوم‬ ‫‪6‬‬
‫يحفز المدرسين على اختزال المضامين المعرفية المدرسة و التركيز على أساسيات المعرفة ‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫إبراز أن بناء المعرفة سيرورة دينامية و الكشف عن المسار الذي تتخذه المعارف في تطورها و الشعاب التي‬ ‫‪8‬‬
‫مرت فيها‬
‫تبيان نسبية المعرفة العلمية و خضوعها لقوانين التطور و التغير و التفي و اإلثبات و قابليتها للتصحيح و النمو ‪.‬‬ ‫‪9‬‬
‫إبراز أن األخطاء وسيلة تعلمية (ال يتعلم بدون الوقوع فيه ) ناتجة عن عوائق معينة من اللزم تحليلها ‪.‬‬ ‫‪10‬‬
‫إبراز أن المعرفة العلمية بناء متدرج من خلل البلورة و إعادة البلورة المفاهيمية تمت بفعل تقدم و تراجع و‬ ‫‪11‬‬
‫نكوص و تجاوز لألخطاء و توقف و ركود و تعطل و تقهقر ‪....‬‬
‫يساهم في تمرير تصور للعلم أقل دوغمائية و يمكن من ربط علقات بين مختلف المواد ‪.interdisciplinarité‬‬ ‫‪12‬‬
‫يبين أن العلم ليس منتوجا أوجده الباحث و لكنه نتيجة بناء و إعادة بناء مسترسلين أساسه التلمس و تصحيح‬ ‫‪13‬‬
‫األخطاء‪...‬‬
‫‪ - 3‬أنماط تاريخ العلوم ‪:‬‬
‫تواجدت عدة مدارس أ و تيارات تعكس تصورات أو وجهات نظر متباينة حول دالالت تاريخ العلوم و مجاالت عمله ‪:‬‬
‫يعتبر تاريخ العلوم عملية سردية متتابعة للوقائع و األحداث العلمية حسب تراتبيتها‬ ‫‪ -1‬مقاربة وقائعية تقليدية‬
‫‪ Approche Evénementielle‬الزمانية و التاريخية‪ " ،‬إنه ذاكرة العلم "‬

‫تاريخ العلوم هو تاريخ المفاهيم و القوانين‪ ،‬و يذهب القائلون بهذا التصور إلى " أن‬
‫العلم إنتاج فكري و عقلي فقط و على هذا األساس فإن اهتمامهم ينصب أكثر على‬
‫النشاطات العلمية و المناهج و الطرق المستعملة و المنطق الموظف والتصورات‬
‫التي تطرأ على المفاهيم و النظريات من حيث محتوياتها و دالالتها مغيبين في ذلك‬
‫أية معطيات اجتماعية أو سياسية أو ثقافية " [‪]v‬‬ ‫‪ -2‬مقاربة ذات بعد داخلي‬
‫و يمكن تصنيف أعمال ‪ G. Bachelard‬التي تشير إلى أن تطور المعرفة عبارة‬ ‫‪Internaliste‬‬
‫عن سلسلة من القطائع االبستمولوجية ‪ Ruptures‬و تجاوز العوائق ضمن هذا‬
‫النوع‪.‬‬

‫" سيرورة تعمل على تفسير التطورات القائمة في المفاهيم و القوانين العلمية‬
‫انطلقا من عوامل ثقافية و سياسية و اقتصادية ‪.‬‬ ‫‪ -3‬مقاربة ذات بعد خارجي‬
‫و هنا يتم ربط التطورات الداخلية لحقل علمي معين بمعطيات خارجية عبر‬
‫‪Externaliste‬‬
‫المراحل التاريخية "‬

‫‪ -4‬تاريخ العلوم كمختبر ابستمولوجي‪:‬‬


‫إن المفاهيم العلمية ال تتشكل بشكل خطي ‪ ،‬وال تولد مكتملة منذ الوصلة األولى‪ ،‬بل تتبلور عبر محاوالت متكررة من‬
‫التجربة و الملحظة و الصياغة االستداللية‪ ،‬و هذه المحاوالت ال تتم في فراغ فكري‪-‬ثقافي‪ ،‬بل تتأثر باألنشطة المختلفة التي‬
‫تمارس في المحيط الذي يعيش فيه الباحث و بنسق القيم و األحكام السائدة ‪.‬‬
‫إن المعارف بناءات تساهم فيها أجيال من الباحثين بدرجات متفاوتة ‪ ،‬و يمكن أن يعمل باحثون مختلفون عليها‪ ،‬ورغم‬
‫هذا اإلجماع فإن البحث يتواصل في نفس الميدان‪ ،‬وربما أعيد سبك صياغة تلك النتائج‪ ،‬و لهذا فل يمكن الحديث عن‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪90‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫منتوج معرفي نهائي مكتمل بل بناءات مفاهيمية قابلة للتطوير و إعادة البناء لكي تتكيف مع االجتهاد المستمر المغتني بدون‬
‫توقف [‪]vi‬‬
‫و يؤكد ‪ " G.Bachelard‬إن تاريخ العلوم ليس سلسلة من المشاكل العلمية التي يؤدي بعضها إلى البعض اآلخر‪ ،‬أو‬
‫التي يكون تاليها بالضرورة تطويرا ألولها‪ ،‬ففي تاريخ العلم تعثرات و انعراجات و اضطرابات و ركود و نكوص و أحيانا‬
‫فيه ثورات أو قفزات كيفية ‪ ،‬فل يتعلق األمر بانتقال ميكانيكي من مستوى آلخر أعلى منه في طرح و حل المشكلت ‪ ،‬فقد‬
‫يقع في فترة ما من هذا التاريخ توقف أو تعطل أو ركود فيظل العلماء عند مستوى معين من فهم الظواهر مدة طويلة‪ ،‬و قد‬
‫تبقى مشكلة علمية بدون حل ما‪ ،‬ألمد ليس قصيرا ‪ ،‬ولكن العلم قد يخطو في فترة أوجز خطوة تجعله يعيد النظر في أسسه و‬
‫مبادئه ‪.‬‬
‫فمفهوم العائق االبستمولوجي يفسر المظاهر المتعلقة بالركود و التعطل و النكوص و يفسر مفهوم القطيعة‬
‫االبستمولوجية مظاهر الثورة في الفكر العلمي ‪.‬أما مفهوم الجدل فيعبر في جانب منه عن هذا الجدل القائم في تاريخ العلم‬
‫بين عوائقه و قطيعاته ‪]vii[ .‬‬
‫وهكذا يتبدى تاريخ العلوم كمختبر ابستمولوجي يمكن من فهم المسارات السليمة في سيرورة بناء المعرفة‪ ،‬و تعتبر‬
‫القطائع االبستمولوجية بالنسبة لتطور العلم أساسية و ضرورية بل مفيدة لفهم العوائق التي تحول دون تطور المعرفة في‬
‫عصور سابقة‪ ،‬مما يلزم كل مدرس اإلطلع على النتائج المحققة و تحليل اإلنجازات العلمية السابقة كشفا لميكانزمات الفكر‬
‫اإلبداعي و استخلصا لمسار الفكر العلمي فضل عن الصعوبات المصادفة ‪.‬‬
‫‪ . 5‬بناء المعرفة العلمية و تطورها‪:‬‬
‫كيفية بناء المعرفة و تطورها‬ ‫المنظور‬
‫تتطور المعرفة و النظريات العلمية حسب هذا المنظور بفعل اكتشاف معطيات جديدة تعيد بلورة و‬ ‫المنظور الخطي‬
‫وجهة نظر تجريبية تنظيم المعطيات السابقة‪ ،‬و كل ذلك بموازاة تطور الوسائل التقنية المستعملة لذلك‪ .‬فالعلوم إذن‬
‫تتطور حسب هذا التصور‪ ،‬بشكل تراكمي وخطي كصرح بناء عمودي‪.‬‬ ‫‪Empiriste‬‬
‫بالنسبة لكارل بوبر‪ ،‬فإن تطور المعرفة يتم بفعل توالي وتعويض فرضيات يتم دحضها‬ ‫منظور بوبر‬
‫‪ ، Réfutation Carl popper‬و تعتبر مقاومة الفرضية للختبارات التجريبية التي تحاول دحضها مؤشرا على‬
‫[‪ ]viii‬تقدم العلم‪ ،‬و حينما تدحض هذه الفرضية‪ ،‬تعاد الدورة من جديد بفرضية جديدة و هكذا دواليك‪،‬‬
‫فتطور المعرفة العلمية حسب هذا المنظور يتم عبر نظريات متتالية كل منها أقل قابلية للدحض من‬
‫سابقتها…‬
‫إن تطور العلم يتم بطريقة غير متواصلة من خلل توالي النماذج االرشادية ‪ ، Paradigmes‬و‬
‫تمثل هذه األخيرة مجموع االكتشلفات العلمية المتعارف عليها دوليا لدى المجتمع العلمي‬
‫‪ Communauté scientifique‬و التي تقدم لمجموع الباحثين إشكاالت و حلو ل علمية‬
‫" [‪ ]ix‬و حسب ‪ KUHN‬هناك فترات تعمل خللها المعرفة العلمية داخل حدود أو في إطار‬ ‫منظور كوهن‬
‫‪ Thomas KUHN‬النموذج السائد‪ ،‬و هذا ما يسمى بالعلم العادي ‪ ، Science Normale‬و عندما يتوالى الفشل في حل‬
‫المشاكل المصادفة‪ ،‬و لم يعد النموذج السائد يجد حلوال لها‪ ،‬تحدث فترة أزمة في التخصص المعين ‪،‬‬
‫حيث تتم إعادة النظر في االطار المرجعي و النظري و أسس النموذج السائد الذي لم يعد مقنعا‪ .‬هنا‬
‫قد تقدم عدة نظريات جديدة مما يشكل نموذجا إرشاديا جديدا‪ ،‬إنها الثورة العلمية ‪Révolution‬‬
‫‪ scientifique‬أو القطيعة االبستمولوجية‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪91‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫………‬ ‫نموذج ‪3‬‬ ‫نموذج ‪2‬‬ ‫نموذج ‪1‬‬
‫………‪..‬‬ ‫‪Paradigme 1‬‬ ‫‪Paradigme 2‬‬ ‫‪Paradigme 3‬‬
‫تقدم العلم‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫علم عادي‬ ‫علم عادي‬ ‫علم عادي‬ ‫علم عادي‬
‫‪Science normale‬‬
‫لقد شكك كوهن في تطور العلم بطريقة تدريجية و تراكمية للمعارف حسب سيرورة مستمرة و‬
‫خطية‪ ،‬مؤكدا على اهمية القطيعة االبستمولوجية التي يعرفها البناء المعرفي‪.‬‬
‫إن معطيات تاريخ العلوم تؤكد بالفعل أن المسيرة العلمية سيرورة بها‪ :‬توقفات و انطواءات و تقهقر …‪ ،.‬لتنطلق من‬
‫جديد‪ ،‬فالمعرفة ال تتقدم إال بتصحيح األخطاء‪ ،‬كما أكد باشلر ذلك‪ ،‬و إن الفكر العلمي هو مجموعة من األخطاء المصححة‬
‫‪ ،‬و إننا نعلم ضد معر ف سابقة [‪… ]x‬‬
‫‪ .6‬واقع تاريخ العلوم في تدريس علوم الحياة واالرض‪:‬‬

‫‪ .7‬قيمة تاريخ العلوم الديداكتيكية و التربوية ‪:‬‬


‫‪ .1 -7‬تاريخ العلوم و العوائق‪:‬‬
‫يعتبر التلميذ حسب المنظور البنائي هو محور العملية التعليمية و التعلم سيرورة داخلية ‪ ،‬فالتلميذ هو الذي يبني معرفته‬
‫الخاصة من خلل استراتيجيات تعلمية ذاتية و ما دام كذلك فانه من الطبيعي أن يصادف خلل تعلمه صعوبات و تناقضات‬
‫و قطائع و عوائق تؤدي به إلى ارتكاب أخطاء تساهم بدورها في اكتساب المعرفة العلمية لديه ‪.‬إن هذه األخطاء و العوائق‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪92‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫و التناقضات شبيهة إلى حد ما بتلك التي عرفها تاريخ العلم خلل تطوره فل وجود لمعرفة دون أخطاء مصححة من هنا‬
‫تتبدى أهمية استثمار معطيات تاريخ العلوم في الهندسة الديداكتيكية لألخطاء و العوائق و التمثلت و الهدف العائق حيث‬
‫تمكن معطيات تاريخ العلوم من انتقاء و تشخيص العوائق االبستمولوجية القابلة للتجاوز مما يفيد المدرس و يمنحه إشارات‬
‫دالة في اختيار النموذج الديداكتيكي المناسب لتجاوز هذه العوائق و التمثلت التي تتحملها ‪.‬‬
‫‪ .2-7‬تاريخ العلوم والنهج التجريبي‪.‬‬
‫إن تاريخ العلوم يقدم لنا أمثلة كثيرة عن كيفية نشوء و تكون العديد من المفاهيم‪ :‬كالهرمون والفيتامين و المبلغ الكيميائي‬
‫و المورثة‪ ،...،‬و من خلل استثمار معطياته سنجعل تلمذتنا وجها لوجه أمام النهج الذي مكن الباحث من بناء المفهوم‬
‫‪ .‬فكيف ينبغي أن يكون هذا النهج ؟ سواء تعلق األمر بأعمال ‪ Eijkman‬أو بأعمال ‪ Starling، Bayliss‬أو‬
‫بأعمال ‪ Oken‬و ‪ ، Dutrochet‬فان التجريب يأتي مباشرة بعد مرحلة الفرضيات المطروحة على إثر ملحظات ميدانية‬
‫… إن هذه السيرورات و غيرها في تاريخ العلوم هي التي مكنت من معرفة مراحل النهج التجريبي التالية ‪، OHERIC :‬‬
‫فبالرغم من أن هذا النموذج يعكس مكونات النهج التجريبي عموما ‪ ،‬إال أنه ليس سوى ‪" Stéréotype‬تقولب" إنه في‬
‫الحقيقة يعرف تغيرات عدة حسب اإلشكالية المطروحة و حسب السياق التاريخي و العلمي و حسب الصدف المميزة للبحث‬
‫العلمي ‪.‬إن الطريق الذي يوصل الوقائع إلى النظرية ليس أبدا خطا مستقيما ‪ ،‬إن تاريخ العلوم أثبت كيف أن الشك و‬
‫التحسس ‪ Tâtonnement‬و البحث المتردد و العوائق النفسية و االجتماعية قد أبطأت بزوغ مبادئ أو نظريات ‪ ،‬كما أثبت‬
‫أيضا أن الفرضية يمكن أن ال تسبقها الملحظة بل قد تظهر فقط بفعل الحدس ‪.‬إن نموذج ‪ OHERIC‬ال يتفق مع النهج‬
‫الحقيقي اللخطي ‪ ،‬و المتحسس للباحث وال للتلميذ إن دفع هذا األخير قسرا للمرور من جميع هذه المراحل و بكيفية خطية‬
‫خلل تربوي ينبغي أن يصحح ‪ ،‬إن هذا التسلسل ربط ظلما ب‪ ، G.Bernard :‬فهو لم يبن نظرية مرتبطة بالنهج التجريبي‬
‫بل إقترح أساسيات الفكر العلمي و االستدالل التجريبي و عليه فإن ترتيب الحروف‪ OHERIC‬ليس ثابتا أو جامدا ‪ ،‬شأنه‬
‫شأن المراحل الموصلة للمفاهيم العلمية‪ .‬إن النظرية بنفسها التمثل سوى حلقة تسلسلية ‪ ،‬وقد توصل إلى حالة فرضية ‪ ،‬هذه‬
‫األخيرة قد تعتبر بدورها نقطة انطلق لملحظة أو تجريب ‪ ،‬و هكذا فإن االكتشاف يحدث ب‪" :‬دفعات " متتابعة من طرف‬
‫الباحث شأنه شأن التلميذ ‪ .‬إن أهمية تاريخ العلوم ال تتمثل إال في إبراز كيفية حدوث هذا االكتشاف و مراحل تحققه كما‬
‫تتمثل أيضا في إعطاء فرص لتحليل مراحل النهج التجريبي ‪ ،‬إنه يمثل سيرورة تربوية تساهم في تنمية مهارات تلمذتنا‬
‫‪ .3-7‬تاريخ العلوم وإعادة االكتشاف‪.‬‬
‫انطلقا من معطيات تاريخية يكتشف التلميذ ما كان مكتشفا ‪ ،‬فهناك اذا إعادة اكتشاف ‪ ،‬فالتلميذ قد أصبح شاهدا نشيطا ‪:‬‬
‫يقرأ‪ ،‬يحلل يفكر حول السيرورة المنهجية و الذهنية التي أوصلت لمفهوم أو نظرية ‪ ،‬إن التلميذ نفسه يماثل بل "يتقمص"‬
‫الباحث ‪ ،‬لكن ذلك لن يتحقق إال بشروط ‪:‬‬
‫* أن تقرأ الوقائع العلمية المسرودة و أن يتم تحليلها و التعليق عليها‪ * .‬قدرة المدرس على التدبير و حسن عرض‬
‫مختلف التغيرات الحاصلة للظاهرة المدروسة ‪.‬‬
‫و هكذا و أمام وقائع تاريخية و ظروف معينة فإن التلميذ ال يلبث أن يلحظ أن هناك تماثل بين نهج الباحث و بين النهج‬
‫الذي يطبقه في العلوم الطبيعية ‪ :‬ملحظة الوقائع أو التحقق أو التفسير أو التركيب الذي يوصل لمفهوم جديد أو لنتائج و‬
‫تساؤالت و فرضيات ‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪93‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫إن هذه المراحل المختلفة تنتمي للبحث العلمي كما تنـتمي للتقنيات التربوية كإعادة االكتشاف‪ ،‬و عليه فتاريخ العلوم ليس‬
‫سوى بديل إلعادة االكتشاف من زاوية معينة‪.‬‬
‫‪ .4-7‬تاريخ العلوم وتداخل المواد‪.‬‬
‫يمكن أن يوظف أستاذ العلوم معطيات تاريخ العلوم لتدريب تلمذته على تحليل النصوص العلمية التاريخية‪ ،‬هذا التحليل‬
‫يمكن أيضا إنجازه بتعاون مع أستاذ اللغة الفرنسية أو مادة الترجمة‪ ،‬و تحليل نص علمي و تفسيره ال يخلو من إيجابيات‬
‫لفائدة التلميذ باعتباره‪:‬‬
‫* يدرب التلميذ على حسن القراءة‪ ،‬و فهم النص و استيعابه‪ ،‬تلك الخاصية التي يفتقدها العديد من التلميذ فغالبا ما‬
‫يعود تعثر التلميذ في امتحاناتهم إلى عدم فهم نص موضوع االختبار و عدم استيعاب إشكاالته‪ ،‬نظرا لعدم امتلك أدوات‬
‫تحليل المعطيات العلمية‬
‫* يدرب التلميذ على البحث البيبليوغرافي‪ ،‬فمصادر المعرفة قد تعددت ‪ ،‬و يبقى لزاما على التلميذ أن يعرف كيفية‬
‫استغللها و اختيار األهم و األصلح منها ‪.‬‬
‫‪ .5-7‬زرع بذور البحث العلمي‪.‬‬
‫إن تاريخ العلوم يبرز األمانة الفكرية التي تصبغ كل بحث علمي‪ ،‬فعلى الباحث أن يتقبل و يخضع لحكم الوقائع‪ ،‬لنقد‬
‫فرضياته و نتائجه‪ .‬وهنا أيضا يعتبر الشك ‪ Doute‬مصدرا للتقدم فهو الذي يمكن من إعادة طرح التساؤالت و التحقق و‬
‫التفكير‪ .‬إن تاريخ العلوم يعكس نتائج روح التعاون الجماعي داخل مجموعة بحث أو مجموعات أو خلل عدة أجيال‪..‬‬
‫إن الحقيقة العلمية ال تتشكل في يوم واحد بل تتطلب نضجا و تنظيما و إعادة تنظيم‪ ،‬إن البحث تعلم مستمر خلله يقبل‬
‫الباحث أن يبقى مرحلة من المراحل الموصلة للحقيقة‪ ،‬و هكذا فتاريخ العلوم يعكس ضرورة البحث العلمي‪ ،‬الماضي و في‬
‫الحاضر و المستقبل‪.‬‬
‫‪ - 8‬مقتضيات تربوية في اعتماد تاريخ العلوم خالل تدريس علوم الحياة واألرض‪:‬‬
‫‪ 1‬كلما كان ممكنا يحبذ استغلل الوقائع التاريخية كوسائل و معطيات علمية تمكن التلميذ من تعلم و استيعاب أفضل‬
‫للمفاهيم المسطرة ‪.‬‬
‫‪ 2‬من تاريخ العلوم يمكن للمدرس أن ينتقي موضوعات مرتبطة بالمفاهيم المدرسة يتم عرضها أما م التلميذ‬
‫كمشكلت أو وضعية مسألة ‪ Situation problème‬و تبحث بمعيتهم في كيفية حلها مقتفين في ذلك أعمال الباحثين‬
‫السابقين ‪ ،‬و ملمين ببعض األحداث و العوامل المحيطة خلل تطور المفاهيم حتى تشكلت وفق ما هي عليه اآلن‬
‫‪.‬والشك أن هذا النوع من الوضعيات سيمكن المتعلم من ضبط و إدراك بعدين و خاصيتين للعلم ‪:‬‬
‫أ‪ -‬بعده االجتماعي ‪.‬‬
‫ب‪ -‬واقعيته فالعلم نشاط إجتماعي ال يوجد مستقل عن فكر االنسان كما أنه يتطور عندما يرتبط بالمشكلت التي‬
‫تشغل المجتمع ماديا و فكريا ‪.‬‬
‫‪ .3‬يمكن إدماج بعض معطيات تاربخ العلوم (كنصوص ‪ ) ...‬في حصص األنشطة التربوية العلمية أو الترجمة و‬
‫استثمارها إلعادة بناء بعض المفاهيم ‪.‬‬
‫‪ 4‬اعتماد الصراعات السوسيومعرفية ‪ -‬كصورة للتفاعلت االجتماعية بالفصل‪ -‬في عملية إكساب المعرفة للتلميذ ‪،‬‬
‫فالتعلم الفعال ييسر بالتفاعل و المواجهة مع معارف اآلخرين ‪ ،‬إن التفاعل االجتماعي بين الفرد و الوسط يمثل أفضل‬
‫إطار للتطور المعرفي ‪.‬‬
‫وهذا يعطي المتعلم فرصة التعرف على آراء غيره و مناقشتها بموضوعية مما يساعده على التخلص من أنويته و‬
‫التمركز حول الذات ‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪94‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫للخطأ دور ايجابي في بناء المعارف فينبغي عدم اعتباره كمعطى سلبي يجب اقصاؤه و المعاقبة عليه بل اعتباره‬ ‫‪5‬‬
‫نافعا للتعلم و أخذه كنقطة انطلق لبناء المعرفة ‪ ،‬فهذه االخيرة ال تنطلق من الصفر بل تصطدم بمعرفة و تجارب‬
‫سابقة ‪ ،‬إكتسبها المتعلم عبر حياته اليومية و لذلك فل بد من تفهم المدرس ألخطاء التلميذ و استثمارها بل اعتبارها‬
‫كواشف للعوائق االبستمولوجية ‪ ،‬ومن تم مساعدتهم لبناء معرفة جديدة ‪.‬‬
‫أهمية خلق الحاجة لدفع المتعلم الى طلب المعرفة " فكل معرفة ‪ ،‬تمثل بالنسبة للعلم جوابا عن سؤال مطروح ‪ ،‬و‬ ‫‪6‬‬
‫لوال وجود المشاكل و األسئلة لما وجدت المعرفة العلمية ‪ ،‬و في هذا الميدان يمكن أن نقول أنه ال وجود لشيء معطى‬
‫أو لمعرفة مجانية أو بديهية ‪ ،‬ألن كل المعارف تبنى "[‪]xi‬‬
‫التأكيد على توظيف المشاكل‪ ،‬كطريقة المتلك المعرفة من طرف التلميذ‪ ،‬ال على معطيات جاهزة‪ ،‬و المقصود‬ ‫‪7‬‬
‫بالمشكل هنا الوضعية التي تستفز المتعلم و تحفزه و تدفعه إلى اكتشاف علقات قصد صياغة حل ‪.‬‬
‫ترك المبادرة للتلميذ في اختيار وتحديد المشاكل التي تفرزها حاجاته و ميوله أو حوافزه‪ ،‬فالتعلم سيرورة داخلية و‬ ‫‪8‬‬
‫التلميذ يبني معرفته الخاصة‪.‬‬
‫إعطاء التلميذ‪ ،‬كلما أمكن ذلك ‪ ،‬فرصة اكتشاف المعرفة بنفسه و مجابهته للعوائق و التخلص منها و تجاوزها بو‬ ‫‪9‬‬
‫ضعه في حاالت البحث و التقصي و تشجيع العمل في مجموعات‪.‬‬
‫استنتاج عام‪:‬‬
‫إن تاريخ العلوم بدون شك ‪ ،‬مصدر للتفكير بالنسبة للمفتش و المدرس و التلميذ ‪ ،‬ففضل عن كونه محفزا لحب‬
‫االستطلع العلمي و للرغبة في المعرفة ‪ ،‬يزيد من أهمية تطبيقه و تطويره في تعليمنا‪ ،‬مساهمته الفعالة في تنمية مقومات‬
‫الموقف العلمي و تجذير أسس البحث العلمي و التقصي لدى المتعلم‪.‬‬
‫إن أهمية تاريخ العلوم التربوية جد متعددة مما يفرض عدم تجاهلها في التعليم الثانوي‪ ،‬فهو يقارب إعادة االكتشاف‪ ،‬و‬
‫يندرج ضمن بيداغوجية حل المشكلت‪ ،‬إن دوره تكويني واقعي‪ ،‬و بما أن لكل مفهوم بيولوجي تاريخ و سياق و إطار‬
‫تشكل‪ ،‬فسيتحسن إبراز مراحل هذا التشكل االبستمولوجي عند ما يسمح تحليله بتمكين التلميذ من اكتساب الفكر العلمي و‬
‫مقوماته ‪.‬‬

‫[‪ ]i‬محمد وقيدي عن ‪ ، G.Bachelard‬فلسفة المعرفة عند باشلر االبستمولوجية الباشلرية و فعاليتها اإلجرائية و‬
‫حدودها الفلسفية ‪-‬المعارف‪ -‬الرباط ‪.‬‬
‫[‪lavoisier, Paris, P: 11 ,1Giordan.A. 1987, histoire de la biologie, tome ]ii‬‬
‫[‪Bouyachou.A ,la conception de l’histoire de science dans le manuel scolaire de science ]iii‬‬
‫‪naturelle, 2e S, C.F.I.E, Rabat, P:77‬‬
‫[‪P.Thuillier, jeux et enjeu de la science, essai d’épistémologie critique, R.laffont, Paris, ]iv‬‬
‫‪P:23‬‬
‫[‪ ]v‬الغرضاف عبد اللطيف ‪ 1991:‬نحو بناء نموذج بيداغوجي على أسس ابستمولوجية جملة ديداكتيكية ‪-‬ص ‪ 16‬عدد ‪1‬‬
‫[‪ ]vi‬بناصر بعزاتي في تدريس المواد العلمية مجلة علوم التربية عدد ‪ - 8‬الرباط ص‪61.‬‬
‫[‪ ]vii‬وقيدي محمد ‪ ،‬نفسه ص ‪110‬‬
‫[‪Carl popper , La logique de la découverte scientifique , Payot, Paris ]viii‬‬
‫[‪Thomas KUHN , 1983, La structure du savoir , Delachaux et Niestlé ,Paris ]ix‬‬
‫[‪ ]x‬محمد وقيدي ‪ ،‬نفسه ‪.‬‬
‫[‪ " , G. Bachelard ]xi‬تكوين العقل العلمي "‪ ،‬ترجمة خليل أحمد خليل ‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و‬
‫التوزيع‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪95‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫في تاريخ العلوم‬
‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى |‬ ‫محطـات في تـاريـخ تشكل مـفهـوم الـهرمـون‬
‫عرفت العلقة العصبية بين األعضاء منذ القديم‪ ،‬لكن لم يثبت وجود علقة عن طريق الدم تجريبيا إال مع بداية القرن‬
‫‪ .20‬و يؤكد ‪ Rostand.j‬ذلك بقوله " في إطار الفيزيولوجيا القديمة‪ ،‬يسجل غياب تام لفكرة االرتباط بين األعضاء بواسطة‬
‫إفرازات داخلية رغم المعرفة منذ وقت طويل بوقائع توحي بذلك و خاصة منها التغيرات العضوية الناجمة عن استئصال‬
‫الغدد التناسلية‪]i[" .‬‬
‫و لقد علق ‪ Buffon‬في القرن ‪ 18‬على هذه العلقة بين األعضاء بما يلي ‪ " :‬لنصطلح ‪-‬على حد قول القدماء –‬
‫بالعلقة الودية (‪ ) Sympathie‬على تلك العلقة المتميزة القائمة بين مختلف أجزاء الجسم‪ ،‬أو لنعتبرها على حد قول‬
‫الفيزيولوجيين الحديثين علقة عصبية غير معروفة ‪ ،‬فهذه العلقة الودية أو العصبية توجد في كل األنواع الحيوانية و لذا‬
‫يبدو الزما االهتمام بملحظة ما يترتب عنها من نتائج إذا كنا نهدف إلى إتقان النظرية الطبية "[‪.]ii‬‬
‫و بالنسبة للتقدم الحاصل في فيزيولوجيا ما بعد ‪ Buffon‬فقد رسخ أكثر فكرة العلقة العصبية حيث اعتبر الجهاز‬
‫العصبي المسؤول الوحيد عن تكاملية و تناسق كل الوظائف ! و هذا التصور هو الذي سيبقى سائدا طوال القرن ‪ ،19‬و رغم‬
‫ذلك ظهرت اإلرهاصات األولى و المخاض الفعلي لمفهوم الهرمون مع ‪ )1855 ( C.Bernard‬خلل وصفه تحرير‬
‫الكليكوز من طرف الكبد ب " إفراز داخلي " فهذا األخير حسب ‪ ، C .Bernard‬ال يهم سوى المواد المقيتة و التي يكمن‬
‫دورها األساس في الحفاظ على تركيب الدم‪ . Le maintien de la composition du sang /‬و على الرغم من‬
‫أن ‪ C.Bernard‬تحدث عن اإلفراز الداخلي انطلقا من مثال الكليكوز دون أن يعتبره هرمونا‪ ،‬فإن اكتشافه مهد الطريق‬
‫للباحثين الحقا ‪ ،‬مما سمح ببزوغ أولي لمفهوم الهرمون‪.‬‬
‫ابتداء من سنة ‪ 1856‬و بعد أن بين تجريبيا أن استئصال الغدد الكظرية يفضي حتما إلى الموت ‪ ،‬خلص ‪Brown-‬‬
‫‪ Séquard‬إلى استنتاج أن بعض الغدد تفرغ في الدم مواد ضرورية‪ .‬و في سنة ‪ ،1891‬و بمساعدة‬
‫زميله ‪ Arsonval‬عمم ‪ Brown-Séquard‬استنتاجه السابق على خليا أخرى مؤكدا ما يلي ‪:‬‬
‫" تطرح كل الغدد سواء كانت تتوفر على قناة مفرزة أو تفتقدها‪ ،‬في الدم عناصر‪ Principes /‬ضرورية‪ ،‬كما انه‬
‫تلحظ نتائج سلبية مترتبة عن غيابها نتيجة استئصال الغدد أو إتلفها عن طريق المرض… و نعتبر بأن كل نسيج بل و‬
‫بشكل عام ‪ ،‬كل خلية من خليا الجسم ‪ ،‬تفرز مواد أو خمائر‪ ferments /‬خاصة في الدم لتؤثر بها على خليا أخرى ‪ ،‬و‬
‫على هذا النحو ترتبط الخليا فيما بينها عن طريق الدم بآلية ليست من طبيعة عصبية " [‪]iii‬‬
‫بعد أن أثبت الباحثان ‪ Wertheimer 1901‬و ‪ Lepage‬أن إفراز العصارة البنكرياسية ال يسيب إال بعد وصول ‪Hcl‬‬
‫إلى اإلثنىعشرية و لو بعد قطع أعصاب اإلثنىعشرية و إتلف النخاع الشوكي‪ ،‬و أن الحقن المباشر ل ‪ Hcl‬يبقى بدون تأثير‬
‫على اإلفراز البنكرياسي‪ ،‬قام ‪ Starling‬و ‪ ) Bayliss ( 1902‬بالتجارب التالية‪:‬‬
‫* ربطت القناة البنكرياسية لكلب "صائم" و ذلك لضبط النشاط اإلفرازي البنكرياسي ‪ ،‬ثم تم إتلف النخاع‬
‫خطوات الشوكي و الغدد الودية البطنية للكلب‪.‬‬
‫* بعد ذلك عزل اإلثنىعشري بربط طرفيه و تم قطع أعصابه من دون الشعيرات الدموية ‪ ،‬عندئذ تم إدخال‬
‫المرحلة‬
‫محلول ‪ Hcl % 4‬إلى اإلثنىعشري فلحظا إفرازا للعصارة البنكرياسية بمعدل قطرة كل ‪ 20‬ثانية لمدة ‪.6mn‬‬
‫األولى‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪96‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫* إن البنكرياس ال يرتبط في هذه الحالة باالثناعشري إال بواسطة األوعية الدموية و هذا ما دفع الباحثان إلى‬
‫افتراض أن مادة كيميائية نقلت بالدم من االثناعشري « الغشاء الظهاري " فسيبت اإلفراز‪ .‬الختبار هذه‬
‫الفرضية قام الباحثان بالمناولة التالية‪:‬‬
‫* أخذا قطعة من الصائم و بعد إزالة الغشاء الظهاري تم سحقه بمهراز في محلول ‪ Hcl 4%‬و بعد التصفية‬
‫خطوات حقنت الخلصة في وريد الحيوان ‪ ، seconde 70‬بعد ذلك لوحظ إفراز مضاعف للعصارة البنكرياسية‪.‬‬
‫* بذلك تم الكشف ألول مرة عن وجود علقة ال عصبية بين األعضاء إذ يفرز غشاء االثناعشري مادة‬
‫المرحلة‬
‫كيميائية يحملها الدم إلى البنكرياس فيتم اإلفراز و لقد أطلق ‪ Starling‬و ‪ Bayliss‬على هذه المادة‬
‫اسم ‪ Sécrétine‬أي المفرزين‪ ،‬معتبرين إياها كرسول أو منظم كيميائي أو كمهيج وظيفي نوعي‬ ‫الثانية‬
‫هنا البد من تسجيل أن تعريف مفهوم الهرمون‪ ،‬قد سبق تحديد مصطلحه أو اسمه‪ ،‬فكلمة هرمون لم يتم وضعها إال سنة‬
‫‪ 1905‬من طرف ‪ ،Starling‬انطلقا من كلمة ‪ Horman‬يونانية األصل و تعني‪ .J’excite :‬و في سنة ‪،1914‬‬
‫قدم ‪ Starling‬التعريف التالي‪:‬‬
‫‪« Par le terme d'hormone, je comprends toute substance produite normalement dans les‬‬
‫‪cellules de n'importe quelle partie du corps et transportée par le courant sanguin dans des‬‬
‫]‪régions éloignées, sur lesquelles elle agit pour le bien de l'organisme entier. » [iv‬‬
‫و كما يلحظ هنا‪ ،‬فإن هذا التعريف يجانب الدقة و يسمح باعتبار العديد من المواد الموجودة بالدم ( ‪) Glucose , Urée‬‬
‫كهرمونات‪ ،‬مما يتنافى مع معطيات المعرفة الحالية في الموضوع‪ ،‬و هكذا تابع مفهوم الهرمون تبلوره عبر محاوالت من‬
‫التجربة و الصياغة و إعادة البناء‪ ،‬ففي سنة ‪ 1983‬الحظ ‪ Hazard.j et Perlemuter. C‬أن تعريف ‪ Starling‬ال يدمج‬
‫‪ ، Les neurohormones‬فاقترحا التعريف التالي ‪:‬‬
‫‪« Nous considérons comme une hormone toute substance chimique spécifique sécrétée par une‬‬
‫]‪cellule spécialisée dans cette sécrétion et agissant sur un récepteur également spécialisé. »[v‬‬
‫و على الرغم من اعتماد التركيز على المعايير التالية ‪ :‬التخصص‪ ،Spécifique/‬متخصصة‪ ،Spécialisé /‬في هذا‬
‫التعريف ‪ ،‬فإن ‪ ( Guillemin. R‬جائزة نوبل في الفيزيولوجية و الطب) ما لبث أن انتقد ذلك مقترحا ما يلي‪:‬‬
‫‪Une hormone est une substance libérée par une cellule, transporté par le sang ou le liquide‬‬
‫]‪extracellulaire et qui affecte une autre cellule proche ou lointaine » [vi‬‬
‫هكذا و باعتبار أن لكل خلية إفرازها الخاص يكون ‪ Brown-Séquard‬هو أول من أعطى تاريخيا لمفهوم الهرمون‬
‫تعميما واسعا‪ ،‬لكن هذا المفهوم انحصر قبوله بعد ذلك في نطاق اإلفرازات الغددية‪ ،‬لكنه ما لبث أن اتسع من جديد ليقترب‬
‫إلى حد ما من تصور ‪ Starling‬و ‪ ، Bayliss‬فنحن ندرك اليوم أن إفراز الهرمونات ليس منحصرا على الغدد‬
‫المتخصصة فحسب ‪ ،‬بل يطال أي نسيج من الجسم‪ ،‬كما نعلم من جهة أخرى أن الهرمونات ال تفرغ في الدم بل في كل‬
‫السوائل العضوية األخرى فضل عن أن بإمكانها أن تنتشر من خلية ألخرى…‬
‫‪[i] Rostand.‬‬ ‫‪J, Esquisse d'une histoire de la biologie, Edition Gallimard, Paris, 1978‬‬
‫‪[ii] Ibid.‬‬
‫‪[iii] Rey. P, Les hormones, Que sais-je ? Paris, page7, 1975.‬‬
‫‪[iv] Ibid. page :24.‬‬
‫‪[v] Hazard. J et Perlemuter, Endocrinologie, 3é edition, Masson , Paris, 1983‬‬
‫‪[vi] Baillet. J ET Nortier .E, Précis de phisiologie humaine, tome 1, Ellipse, Paris, Page 73, 1992.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪97‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫النظرية الخلوية‬
‫النظرية الخلوية ومفهوم الخلية في برامج مادة ع ح أ‪.‬‬
‫الهكيوي‪-‬‬ ‫ذ‪/‬صالح‬
‫‪ /1‬أسس ومنطلقات بناء منهاج مادة ع ح أ بالسلك الثانوي‪:‬‬
‫‪ -‬الخصوصية السوسيو‪ -‬ثقافية للمجتمع المغربي المسلم؛‬
‫األسس النفسية المحددة لنضج ونمو المتعلم وميوال ته؛‬ ‫‪-‬‬

‫متطلبات المتعلم الفردية واالجتماعية في مجاالت الصحة والبيئة واستعمال الموارد الطبيعية‪ ،‬وحاجته للوعي‬ ‫‪-‬‬

‫الرشيد بالمشاكل الحالية المرتبطة بالحياة والصحة والمحيط؛‬


‫‪ -‬مرامي وأهداف التعليم الثانوي؛‬
‫‪ -‬هيكلة المحتوى المعرفي ومحورته حول النظريات الكبرى لعلوم الحياة واألرض ( النظرية الخلوية‪ ،‬النظرية‬
‫الصبغية‪ ،‬نظرية تكتونية الصفائح‪ ،‬نظرية التطور‪ ،)..‬وحول بعض المفاهيم المدمجة(المنظومة البيئية والمحيط اإلحيائي‪،‬‬
‫تمامية الجسم‪)...،‬‬
‫‪ /2‬النظرية الخلوية ونشأة مفهوم الخلية‪:‬‬
‫أ‪ /‬أسس النظرية الخلوية‪:‬‬
‫* الخلية هي الوحدة البنيوية لجميع الكائنات الحية (‪)1839‬؛‬
‫* تشتق كل خلية من خلية موجودة قبلها (‪.)1858‬‬
‫ب‪ /‬أهم مراحل بناء النظرية الخلوية‪:‬‬
‫إن اكتشاف الخلية يستلزم معدات وأجهزة لتكبير األشياء الدقيقة‪ ،‬وهو ما لم يتوفر للبشرية قبل القرن السابع عشر مع‬
‫تتطور أدوات البحث العلمي‪ ،‬وخصوصا العدسات ( المنظار الفلكي‪ ،‬صنع أول مجهر ضوئي سنة ‪ 1612‬من طرف‬
‫العالم‪. Galilée‬‬
‫ــ في سنة ‪ 1665‬استعمل الفيزيائي ا ٍالنجليزي ‪ Robert Hook‬مجهره الضوئي البسيط لملحظة قطع من الفلين بهدف‬
‫دراسة خصائصه الفيزيائية فلحظ وجود "حجيرات صغيرة" سماها "خليا"؛‬
‫ــ تابع ملحظاته لمقاطع أخرى من لب سيقان بعض النباتات‪ :‬الجزر‪ ،‬الشمار‪،‬السرخس فاستنتج وجود نفس البنية‪ ،‬مما سمح‬
‫بنوع من التعميم لهذه البنية عند النباتات؛‬
‫االيطالي ‪ Malpighi‬وا ٍالنجليزي ‪ Grew‬بجرد منظم لعدد من الكائنات الدقيقة‪ ،‬وقد استعمل‬
‫ــ قام عدد من الباحثين منهم ٍ‬
‫‪ Grew‬كلمة حويصلة بدل كلمة خلية سنة‪ 1671‬؛‬
‫ــ مكنت أعمال الباحث الهولندي ‪ Leuwenhock‬ما بين سنة ‪ 1673‬وسنة ‪ 1723‬من ملحظة أنواع مختلفة من الخليا‪:‬‬
‫خليا دموية‪ ،‬حيوانات منوية‪،‬بكتيريات‪ ،‬نقاعيات‪..‬؛‬
‫ــ تميزت نهاية القرن السابع عشر بتطور تقني للمجهر وظهور نوع من البحث المجهري‪ :‬الشراحة المجهرية النباتية‪ ،‬التي‬
‫ستسمح خلل القرن الثامن عشر بوصف الخلية النباتية دون اعتبارها البنية األساسية؛‬
‫ــ سنة ‪ 1802‬استعمل الباحث األلماني ‪ Spengel‬كلمة "خلية" من جديد دون علمه باستعمال سابق لهذه الكلمة؛‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪98‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫ــ سنة ‪ 1824‬اقترح البيولوجي الفرنسي ‪ Dutrochet‬ضرورة الدراسة المقارنة للحيوانات والنباتات‪ ،‬وقد افترض‬
‫أن هذه الكائنات تتكون من خليا‪ .‬وقد استنتج من أبحاثه أن األنسجة النباتية الحية تتكون من خليا صغيرة مرتبطة فيما‬
‫بينها بواسطة مادة شبيهة بالغراء‪ ،‬في حين كانت أبحاثه على الكائنات الحيوانية خاطئة الشيء الذي حال دون تأكيده لفرضيته؛‬
‫ــ سنة ‪ 1838‬اشتغل الباحث األلماني ‪ Schleiden‬على دراسة نمو الكيس الجنيني وأنبوب اللقاح‪ ،‬وقد تكللت أبحاثه‬
‫باكتشاف الوجود المستمر للنواة داخل الخلية وباستنتاج مفاده أن كل نبات يتكون من مجموعة من الكائنات المنعزلة والمفردة‬
‫تسمى خليا‪ .‬وبهذا يكون ‪ Schleiden‬أول من أعطى للمفهوم تعريفا دقيقا؛‬
‫ــ سنة ‪ 1839‬ينص الباحث األلماني ‪ Schwann‬بصفة واضحة على مضمون النظرية الخلوية في إحدى مقاالته في مجلة‬
‫كانت تسمى "مجلة العصر" حيث قام بمقارن نتائج أبحاثه على السمك بنتائج أبحاث ‪ Schleiden‬على النباتات فكتب يقول‪:‬‬
‫"‪ ...‬فالطبيعة ال ترتب بصورة مباشرة الجزيئات بشكل ليفي أو وعائي‪ ،‬بل هناك خليا دائرية هي التي يتحول شكلها عند‬
‫الحاجة"‪.‬‬
‫ــ سنة ‪ 1858‬يؤكد الباحث األلماني ‪ Virchow‬أن كل خلية تنحدر من خلية أخرى سابقة؛‬
‫ــ سنة ‪ 1861‬قام الباحث الباحث الفرنسي ‪ Pasteur‬بتفنيد نظرية النشأة الذاتية‪ ،‬وهو ما يتماشى مع سياق النظرية الخلوية‪.‬‬
‫ــ انطلقا من هذا التاريخ ظهر علم الحياءة الخلوية الذي سيستفيد كثيرا فيما بعد من تطور التقنيات ووسائل العمل‪.‬‬
‫‪ /3‬برامج مادة ع ح أ وبناء النظرية الخلوية‪:‬‬
‫إذا كانت التوجيهات التربوية المتعلقة بالمادة تنص في ديباجتها بخصوص بناء المنهاج على عدة أسس ومنطلقات من بينها‬
‫النظرية الخلوية فمن الضروري أن ترد ضمن البرامج محطـــات متعلقة بهذه النظرية ترمــــي إلى بناء تصور كامل لدى‬
‫المتعلم حول مفهوم الخلية في نهاية المنهاج‪.‬‬
‫ــ فما هي المحطات التي لها علقة بهذه النظرية ضمن منهاج ع ح أ بالسلك الثانوي بمرحلتيه؟‬
‫ــ ما هي األهمية التي تحضى بها المحطات المتعلقة بهذه النظرية ضمن عملية التدريس في واقع الممارسة التعليمية؟‬
‫ــ إلى أي حد يتم فعل تحقيق بناء مفهوم الخلية لدى المتعلمين من خلل منهاج مادة ع ح أ؟‬
‫أ‪ /‬النظرية الخلوية ومفهوم الخلية في برامج مادة ع ح أ‪:‬‬
‫الغالف‬
‫المحور‬ ‫الوحدة‬ ‫المستوى‬
‫الزمني‬
‫ساعتان‬ ‫ملحظة وسط طبيعي‪ :‬المتعضيات المجهرية ‪ +‬إعطاء فكرة عن الخلية كوحدة‬ ‫األولى‬ ‫األولى‬
‫تقريبا‬ ‫تركيبية للكائن الحي‬ ‫اٍعدادي‬
‫التوالد عند الكائنات الحية‪ :‬األمشاج الذكرية واألنثوية عند الحيوانات والنباتات‪،‬‬
‫‪ 6‬ساعات‬ ‫البيضة كوحدة أساسية أولى لتشكيل الكائن الحي عبر انقسامات خلوية متتالية‬ ‫الثانية اعدادي‬
‫تقريبا‬ ‫(النمو)‬ ‫الرابعة‬
‫الوراثة عند اإلنسان‪ :‬دور النواة‪ ،‬الصبغيات كحاملة للمادة الوراثية‪ ،‬تقنية‬
‫االستنساخ‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪99‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫الهضم‪ :‬خليا المعي الدقيق‬
‫التنفس‪ :‬التنفس الخلوي‬
‫الدوران الدموي‪ :‬الخليا الدموية‪ ،‬التبادالت خليا‪-‬دم‬
‫‪ 4‬ساعات‬ ‫الثالثة اعدادي الخامسة الجهاز العصبي‪ :‬الخلية العصبية‬
‫تقريبا‬ ‫السادسة الجهاز العضلي‪ :‬الخلية العضلية‬
‫علم المناعة‪ :‬الجراثيم‪ :‬حيوانات أولية‪ ،‬بكتيريات‪ ،‬حمات‪ ،‬تكاثرها‬
‫الخليا المناعتية‪ ،‬حالة للتمايز الخلوي‪،‬‬
‫تحاقن الدم وإبراز الذاتية الخلوية‬
‫االنباتية‬
‫التوالد عند النباتات‪ :‬الخليا التوالدية ( فكرة أولية حول تشكلها)‪ ،‬الخلية ٍ‬
‫ودورها في استطالة أنبوب اللقاح‪ ،‬نمو البيضة الملقحة وتشكل البذرة‪.‬‬
‫‪ 4‬ساعات‬ ‫خصوصية األمشاج الذكرية عند المجموعات النباتية األولية ‪ :‬الحركية‬ ‫الجذع‬
‫تقريبا‬ ‫تعرف بعض الكائنات النباتية وحيدة الخلية‬ ‫الثانية‬ ‫المشترك‬
‫الخلية النباتية والتكاثر الخضري‬ ‫العلمي‬
‫آليات امتصاص الماء واألملح المعدنية عند النباتات‪ :‬تعرف خليا الجذر‬
‫وبعض القوانين المنظمة لتبادل المواد بين الخلية ووسط عيشها ‪ +‬تعرف بعض‬
‫العضيات الخلوية‪ :‬الجدار الهيكلي‪ ،‬الغشاء السيتوبلزمي وفوق بنيته ووظيفته‬
‫‪،‬الفجوة ووظيفتها في التبادالت‪.‬‬
‫التبادالت الغازية اليخضورية‪ :‬بنية الثغور ووظيفة الخليا الثغرية‬
‫إنتاج المادة العضوية من طرف النباتات‪ :‬تعرف بعض المدخرات الخلوية‬
‫دور الصبغيات اليخضورية في التقاط الطاقة الضوئية‪ :‬تعرف بعض‬
‫‪ 8‬ساعات‬ ‫المركبات الغشائية الوظيفية‪ ،‬تعرف فوق بنية البلستيدة الخضراء ووظيفتها‪،‬‬
‫تقريبا‬ ‫تعرف جانب من النشاط الخلوي‬
‫التواصل الهرموني‪ :‬بنية وفوق بنية جزيرات ‪ Langerhans‬واكتشاف‬ ‫الثانية‬ ‫األولى‬
‫الخليا المفرزة لكل من األنسولين والكليكاكون‪ ،‬مظهر للتواصل الخلوي‬ ‫بكالوريا‬
‫التواصل العصبي‪ :‬بنية وفوق بنية الخلية العصبية‪ ،‬وجه آخر لنشاط الغشاء‬ ‫الثالثة‬ ‫عت‬
‫السيتوبلزمي وللتواصل بين الخليا‬
‫تنظيم وظيفة التوالد عند اإلنسان‪ :‬تعرف خليا مختلفة (خليا ‪ Leydig‬وخليا‬ ‫الرابعة‬
‫‪ ،Sertoli‬الخليا المفرزة لألستروجينات والخليا المفرزة للجسفرون) ‪.‬‬
‫تنظيم الضغط الشرياني والحفاظ على التوازن المائي المعدني للوسط الداخلي‪:‬‬
‫تعرف خليا األنبوب البولي‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪100‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫استهلك المادة العضوية وتدفق الطاقة‪ :‬تعرف فوق بنية الميتوكوندري ‪+‬‬
‫الوظيفة الطاقية للخلية‬
‫مفهوم الخبر الوراثي‪ :‬اكتشاف دور النواة كمخزن للمادة الوراثية للخلية‪ ،‬تكاثر‬ ‫الثانية‬
‫الخليا بواسطة االنقسام غير المباشر‬ ‫األولى‬ ‫بكالوريا‬
‫‪ 7‬ساعات‬ ‫آلية تعبير الخبر الوراثي‪ :‬فوق بنية الخلية والعضيات المتدخلة في تركيب‬ ‫الثانية‬ ‫عت‬
‫تقريبا‬ ‫الخامسة البروتينات‬
‫مفهوم الذاتي وغير الذاتي‪ :‬واسمات الذاتي الخلوية وعلقة الخلية بالجسم‬
‫وسائل دفاع الجسم عن ما هو ذاتي‪ :‬تعرف أنواع من الخليا المناعتية‪ ،‬وجه‬
‫للنشاط الخلوي وللتواصل بين الخليا‬
‫ب‪ /‬خالصات‪:‬‬
‫تسمح قراءة الجدول باستنتاج ما يلي‪:‬‬
‫* تتضمن برامج المادة على امتداد السلكين األفكار األساسية لبناء النظرية الخلوية؛‬
‫* ترمي البرامج إلي إبراز الجوانب المتعلقة ببنية الخلية حيوانية ونباتية‪ ،‬الخلية ككائن حي وحيد الخلية أو ضمن نسيج‬
‫خلوي عند الكائنات متعددة الخليا‪ ،‬حاالت خاصة ( البكتيريا‪ ،‬الحماة)‪ ،‬إضافة إلى إبراز بعض أنواع الخليا المتخصصة (‬
‫الخليا العصبية‪ ،‬العضلية‪ ،‬المناعتية‪ ،‬المفرزة لألنسولين والكليكاكون والهرمونات الجنسية الذكرية واألنثوية‪ ،‬الخليا‬
‫المشيجية الذكرية واألنثوية‪ ،‬خليا االمتصاص المعوية‪ ،‬خليا األنبوب البولي‪...‬؛‬
‫* إبراز بعض أوجه النشاط الخلوي‪ :‬التبادالت مع الوسط ‪ ،‬االستقلب الطاقي‪ ،‬التركيب الضوئي‪ ،‬تركيب المواد‬
‫العضوية‪،‬االنقسام الخلوي‪ ،‬التواصل الخلوي‪ ،‬الحفاظ على تمامية الجسم؛‬
‫* يلحظ نوع من التدرج في بناء مفهوم الخلية‪ ،‬فبرامج السلك اإلعدادي تستهدف استكشاف بنية الخلية عند الحيوانات‬
‫وعند النباتات‪ ،‬وكذا وجود كائنات مجهرية‪ .‬كما تستهدف تعرف بعض الخليا المتخصصة‪ :‬األمشاج‪ ،‬الخليا الماصة للمعي‬
‫الدقيق‪ ،‬الخلية العضلية‪ ،‬الخليا المناعتية‪ .‬في حين ترمي برامج السلك التأهيلي إلى تعميق بناء مفهم الخلية‪ ،‬وذلك من خلل‬
‫تعرف أنواع أخرى من الخليا المتخصصة‪ ،‬واآلليات الدقيقة لبعض أوجه نشاطها‪ ،‬كما أن هناك انتقاال ملحوظا إلى‬
‫استكشاف فوق بنية الخلية والعضيات الخلوية‪ :‬الغشاء السيتوبلزمي‪ ،‬الميتوكندريا‪ ،‬البلستيدة الخضراء‪ ،‬النواة‪ ،‬الشبكة‬
‫السيتوبلزمية الداخلية‪ ،‬جهاز غولجي؛‬
‫* اٍن الدروس المرتبطة بالموضوع منتشرة على امتداد برامج السلكين‪ ،‬وهي أحيانا متباعدة‪ ،‬وقد تفصلها وحدات كاملة‬
‫ال علقة لها بالموضوع مباشرة‪ ،‬كما أن مقاربتها وظيفية وغالبا مرتبطة بالظاهرة موضوع الدرس مما يصعب معه‬
‫استحضار معطى بناء النظرية أو المفهوم‪ ،‬والنتيجة هي أن المعلومات المتعلقة بالمفهوم تظل مجزأة وال ترقى إلى مستوى‬
‫الشمولية والتجريد والتعميم الذي يقتضيه بناء المفهوم واستيعاب النظرية‪.‬‬
‫‪ /4‬بناء النظرية الخلوية ومفهوم الخلية وواقع تدريس المادة‪:‬‬
‫تميزت السنوات األخيرة‪ ،‬التي عرفت اعتماد البرامج والمناهج الجديدة‪ ،‬بتراجعات كبيرة مست في العمق مستوى جودة‬
‫تدريس مادة ع ح أ‪ .‬وإذا كان الوضع يختلف من مؤسسة إلى أخرى حسب الموقع الجغرافي وحسب تاريخ اإلحداث‪ ،‬فاٍن‬
‫هناك تراجعات تكاد تكون شبه عامة‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪101‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫اإللغاء العملي لنظام التفويج الذي أملته ظروف االكتظاظ الذي عرفته المؤسسات التعليمية في السنوات األخيرة نتيجة لعدم‬
‫مسايرة وتيرة اإلحداث لمتطلبات "سوق" التمدرس‪ ،‬فكانت النتيجة أقساما مكتظة يقارب عدد التلميذ فيها الخمسين؛‬
‫التردي الذي وصل إليه وضع مختبرات مادة ع ح أ نتيجة للغياب الكلي أو شبه الكلي للتجهيزات‪ ،‬حتى األساسية‬
‫منها‪ ،‬ولغياب أية صيانة أو إصلح للمتوفر منها في المؤسسات المحظوظة‪ ،‬الشيء الذي ترتب عنه وضع بئيس يصعب‬
‫معه تصور أية جودة في تدريس المادة؛‬
‫الهدر الزمني الذي ميز السنوات األخيرة‪ ،‬وخاصة في المناطق النائية‪ ،‬نتيجة لإلضرابات المتكررة‪ ،‬وللرتباك الذي‬
‫يعرفه الدخول المدرسي‪ ،‬وااللتحاق المتأخر لألساتذة حديثي التعيين‪ ،‬إضافة إلى الحركات االنتقالية التي ال تكاد تتوقف على‬
‫طول السنة الدراسية رغم ما يعتري ذلك من سلبيات نفسية وتربوية بالنسبة للمتعلمين؛‬
‫هذه العوامل السابقة وغيرها لها تأثير بليغ على نفسية المدرس الذي يلمس الشرخ الكبير بين التكوين النظري الذي‬
‫تلقاه خلل مدة التكوين وبين الواقع البئيس الذي يمارس فيه عمله‪ ،‬فيهتز شعوره تجاه عمله‪ ،‬وقد يصل إلى درجة اإلهمال‪،‬‬
‫مما قد يؤدي بالبعض إلى االستسلم والعمل بما يساير الواقع‪ ،‬بل وأحيانا أكثر فيتحول موقف المدرس من نتيجة إلى سبب‪،‬‬
‫ويصبح حلقة ضمن دورة بئيسة يضيع معها كل شيء؛‬
‫ضعف التأطير التربوي الذي ميز السنوات األخيرة نتيجة للتوسع الكبير الذي عرفه السلك الثانوي بمرحلتيه إما بإحداث‬
‫مؤسسات إعدادية أو تأهيلية جديدة‪ ،‬وإما بارتفاع عدد التلميذ الذين تستقبلهم المؤسسات فوق طاقتها االستيعابية العادية‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى النقص الكبير لعدد المفتشين التربويين‪ ،‬الشيء الذي ترتب عنه عدم التكافؤ بين عدد األساتذة وعدد‬
‫المفتشين‪ ،‬فأصبحت مهمة التأطير من قبيل "الترف" أمام استغراق األخيرين في المهام المتعلقة بإجراء االختبارات غير‬
‫الكتابية للكفاءة التربوية والمراقبة التربوية‪.‬‬
‫خالصة عامة‪:‬‬
‫إن البرامج الجاري بها العمل في تدريس مادة ع ح أ تتضمن ما يكفي من المحطات لبناء النظرية الخلوية ومفهوم‬
‫الخلية‪ ،‬اٍال أن انتشارها على امتداد عدة سنوات دون أي خيط رابط بارز ال تسمح اٍال ببناء تعلمات مجزأة‪ ،‬كما أن ضعف‬
‫التأطير التربوي‪ ،‬وغياب أو عدم صلحية الوسائل التعليمية الضرورية‪ ،‬إضافة إلى االكتظاظ والهدر الزمني أصبحت‬
‫بمثابة عوامل محددة ال تضمن الشيء الكثير بخصوص اإلدماج والتجريد والتعميم التي يقتضيها البناء الحقيقي للمفهوم‬
‫وللنظرية‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪102‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫المفهوم العلمي‬
‫المفهوم العلمي وبناؤه لدى المتعلم‬
‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى |‬
‫‪.1‬المفهوم العلمي‪:‬‬
‫لقد تعددت التعاريف المقاربة للمفهوم العلمي بتعدد الباحثين فيه ف ‪ J.P.Astolfi‬يرى"أن المفهوم العلمي ال يدل على‬
‫حدث صرف بل يشير إلى العلقة التي يمكن أن تتواجد في وضعيات مختلفة(…) حيث أن المفاهيم تتميز بخاصيتان‬
‫متلزمتان‪ ،‬فهي تمكن من التفسير و التوقع‪ ،‬ويعبر عن المفهوم بجملة أو ترميز بياني أو رياضي‪ ،‬كما أن المفاهيم العلمية‬
‫تتوفر على مجال تفسيري غير واسع و على من يحدد مجال صلحيتها… "[‪]i‬‬
‫أما ‪ G. Rumelhard‬فيعتقد أن المفهوم العلمي" يعني‬
‫اسما يحافظ على نفس المعنى في مختلف أشكاله‪.‬‬ ‫×‬
‫قادر على شغل وظيفة إجرائية أي التمييز‪ Discrimination‬أو الحكم ‪.Jugement‬‬ ‫×‬
‫× له امتداد ‪ Extension‬و فهم ‪ Compréhension‬و مجال و حدود صلحية مرتبط بتعريف محدد‪ .‬و ال يمكن ‪ .‬أن‬
‫يتغير امتداده دون مراجعة معناه‪.‬‬
‫يعمل وفق علقته بمفاهيم أخرى حيث يعتبر عقدة ‪ Nœud‬في شبكة من العلقات المتكاملة و المنظمة‪.‬‬ ‫×‬
‫× إن تاريخ مفهوم معين ال يمكن فصله عن اتخاذ موقف ابستمولوجي ‪ ،‬مع ضرورة تحديد إنتاج و تكوين ‪ .‬المفهوم و‬
‫عملية المراجعة أو التنقيح المؤدية لتغيير امتداده و معناه و إدماجه‪]ii[" .‬‬
‫أما ‪]iii[ BARTH‬فيقدم نموذجا إجرائيا يحصر فيه ‪ 3‬عناصر ‪ ،‬على ضوئها يمكن تحديد مفهوم ما‪ ،‬و هي‪ :‬كلمة‬
‫تمثل التسمية‪ ، Etiquette‬و الصفات أو الخصائص األساسية‪ ،Attributs‬ثم األمثلة و األمثلة المضادة‪ ،‬التي تمكن من‬
‫التعميم‪.‬‬
‫و إجماال فالمفهوم العلمي عملية استنتاج و بناء ذهني مجرد ‪ ،‬يقوم بها المتعلم الستنتاج العلقات التي يمكن أن توجد بين‬
‫مجموعة من المثيرات ‪ ،‬و يتم بناؤه على أساس التمييز بين تلك المثيرات ‪ ،‬كما أنه ذو تعريف‪ ،‬غالبا ما يحافظ على نفس‬
‫المعنى‪ Univoque‬في مختلف أشكاله‪ ،‬فضل عن كونه أداة نظرية تسمح بضبط الواقع بفعالية و تفسير الظواهر و التنبؤ‬
‫بها ‪ ،‬كما يتميز بتطور تاريخي ابستمولوجي ‪ ،‬و يمكن ترتيب المفاهيم حسب عدة معايير‪:‬‬
‫مستوى التعقيد‪ :‬و يتجلى ذلك في عدد خصائص و مميزات المفهوم و دالالت كل منها‪.‬‬ ‫×‬
‫مستوى التجريد‪ :‬و يتجلى ذلك من خلل وضعية المفهوم داخل شبكة واسعة‪.‬‬ ‫×‬
‫مستوى الصلحية‪ :‬و تعكس درجة توافق العلماء حول الخصائص و مميزات المفهوم‪.‬‬ ‫×‬
‫مستوى العلقات الداخلية ‪ :‬يحدد العلقات بين الخصائص و مميزات المفهوم‪ ( .‬أنظر الوثيقة‪).1 :‬‬ ‫×‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪103‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫‪ . 2.1‬تملك المفهوم‪:L’Appropriation d'un concept/‬‬
‫ال يمكن الحديث عن تملك المفهوم‪ ،‬إال إذا أصبح هذا األخير وظيفيا أي‪:‬‬
‫إذا أصبح ممكنا فصله عن إطاره الملموس الذي حدد فيه‪ ،‬حيث يأخذ قيمة تفسيرية أكثر عمومية‪.‬‬ ‫×‬
‫إذا وظف في حاالت جديدة بقيمة تنبئية افتراضية‪.‬‬ ‫×‬
‫إن تملك المفهوم يرتبط عادة بإخراجه من سياقه ‪ ،‬و يؤدي هذا إلى إعادة تنظيم مجموع البنية المعرفية لدى الفرد‪ ،‬فمختلف‬
‫المفاهيم متداخلة فيما بينها‪،‬على شكل شبكة‪.‬‬

‫‪ .3.1‬خصائص المفهوم العلمي‪:‬‬


‫داللتها‬ ‫الخاصية‬
‫للمفاهيم العلمية مستويات‪ ،‬تبدأ من البسيط و تتدرج إلى ما هو اكثر تعقيدا بناء على‬ ‫‪ 1‬التدرج من البسيط إلى‬
‫طبيعة الحقائق و الخصائص المكونة لها‪.‬‬ ‫األكثر تعقيدا‬
‫التنظيم‪ .‬التواصل‪ .‬الحميلة‬ ‫أكثر عمومية‬ ‫مفاهيم مدمجة‬ ‫‪2‬‬
‫البيئية‬ ‫التنوع من حيث العمومية ‪Concepts Intégrateurs‬‬
‫هرمون‪ .‬سيالة عصبية‪.‬‬ ‫أقل عمومية‬ ‫مفاهيم فرعية‬ ‫والخصوصية‬
‫مستقبل‬ ‫‪Sous concepts‬‬
‫إن لكل مفهوم تاريخ ابستمولوجي‪ :‬ظروف إنتاج‪،‬عوائق‪ ،‬تصحيحات متتالية له…‪ ،‬و‬ ‫‪3‬‬
‫هو يتطور عبر مراحل حيث يخضع لتعديلت متتالية‪ ،‬بفعل تجاوز العوائق‬
‫القابلية للتطور التاريخي االبستمولوجية التي تواجه الفكر العلمي‪ ،‬مما يسمح بارتقاء المفهوم من مستوى آلخر‬
‫أكثر تعقيدا و تجريدا و تطورا "[‪ ( ]iv‬المفاهيم ليست مطلقة و ثابتة )‬
‫يمتاز المفهوم العلمي بإمكانية التدرج في صياغته حسب مستويات تجريد مختلفة ‪ ،‬و‬ ‫‪ 4‬القابلية لتدرج مستوى‬
‫هذا ما يعرف ديداكتيكيا بمستوى صياغة المفهوم ‪Niveau de formulation‬‬ ‫الصياغة‬
‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪104‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬
‫إن كل مفهوم علمي غير منعزل بل يشكل عقدة في شبكة من المفاهيم المرتبطة فيما‬ ‫االنضواء في شبكة‬ ‫‪5‬‬
‫بينها بعلقات منطقية تفاعلية( نقطة اشتباك داخل شبكة من العلقات المتماسكة و‬ ‫مفاهيمية‬
‫المنظمة ) و تدعى هذه األخيرة بشبكة مفاهيمية‬
‫هام ‪:‬‬
‫ليست للمفاهيم بنية و تنظيم خطي و لكنها تتقاطع و تتشابك لتكون شبكة معقدة تطال عدة مجاالت و تخصصات و مواد‪.‬‬
‫كما أن كل مفهوم ال يمكن ضبطه إال من خلل علقاته مع المفاهيم المجاورة التي تبينه و تبرز حدوده‪.‬‬
‫‪ . 4.1‬خطوات بناء المفهوم العلمي‪:‬‬
‫إن تشكيل المفاهيم العلمية سيرورة تلقائية تبتدأ بظهور قدرة التمييز عند المتعلم‪ ،‬إنه بناء تدريجي على شكل حلقات‪ ،‬و‬
‫مع مرور الزمن و تراكم الخبرات و المدركات الحسية يتضح المفهوم المشكل و يصبح موضوعيا‪ ،‬و هكذا فالمفاهيم العلمية‬
‫ال تنشأ فجأة بصورة كاملة الوضوح و ال تنتهي عند حد معين بل تتطور لدى المتعلمين نتيجة تعرف المزيد من خصائص‬
‫األشياء و نمو المعارف و الحقائق لدى التلميذ و بنمو قدراتهم و نضجهم التجريدي‪.‬‬
‫خـطــوات تـشـكـل الـمـفـهـــوم‬
‫عمل حسي مادي‬ ‫إدراك المتعلم لمجموعة من المثيرات الحسية والخصائص األساسية للمفهوم من خلل‬ ‫‪1‬‬
‫التفاعل المستمر مع موضوع المفهوم‬
‫بداية فعل التجريد‬ ‫تشكيل صورة ذهنية (تصور‪ ،‬تمثل‪ ،‬تخيل) عن موضوع المفهوم‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫التجريد ‪Abstraction‬‬ ‫وصف موضوع المفهوم بكلمة أو عبارة‪ Etiquette‬و ربطه برمز ‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫نهاية التجريد‬ ‫إزاحة األمثلة المضادة ‪ Contre exemples‬للمفهوم المعني ـ التمييز‬ ‫‪4‬‬
‫‪.Discrimination‬‬
‫التعميم ‪Généralisation‬‬ ‫تمديد المفهوم واالستعانة بأمثلة متنوعة ضمانا المتلك التلميذ الفعلي للمفهوم و تمكينا‬ ‫‪5‬‬
‫له من توظيفه في وضعيات جديدة‬
‫هام ‪:‬‬
‫تختلف الصورة الذهنية التي يشكلها التلميذ للمفهوم الواحد باختلف الخبرات و المدركات الحسية التي يمرون منها و‬
‫طريقة تفكيرهم و تصورهم له‪.‬‬

‫مثـــال مـفـهـــوم الــزهـــــرة‪: La / Fleur‬‬


‫يبتدأ تشكل المفهوم منذ الصغر‪ ،‬بإدراك المتعلم لمجموعة من المثيرات الحسية المتواجدة في الزهرة‪:‬‬ ‫المستوى‬
‫شكلها‪ ،‬لونها‪ ،‬رائحتها…و بذلك تتكون لديه صورة ذهنية‪ Image mentale‬عن الزهرة حيث تعتبر‬
‫مفهومه عنها‬ ‫األول‬
‫يدرك المتعلم أن الزهرة تتكون من مجموعة من األجزاء المختلفة‪ :‬تويج‪ ،‬مدقة…لكل منها وظيفة‬ ‫المستوى ‪2‬‬
‫معينة‪ ،‬و أنها جهاز توالدي…‬
‫يزداد تعقيد هذا المفهوم بمعرفة المتعلم لبنية البييضة ‪ Oosphére‬و الكيس الجنيني و تشكل حبة اللقاح‬ ‫المستوى ‪3‬‬
‫و اإلخصاب المضاعف…‬

‫هـام ‪ :‬كل هذا النمو و التطور يتم بموازاة تعقيد و تزايد المفاهيم المحيطة ( الشبكة المفاهيمية )‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪105‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫هوامش‬

[i] J.P.Astolfi ET M. Develay. 1989. La didactique des Sciences. PUF. Paris. p : 27

[ii] G. Rumelhard.1986.La génétique et ses représentations dans l'enseignement. Peterlang.Berne, pp.13.15

[iii] B.M. Barth, L’apprentissage de l'abstraction, Retz , Paris,p29

[iv] , De.Vecchi G.Aider les élèves a apprendre, Hachette, Paris , 1992 , p128

ⵙⴰⵍⵍⴰⵎ ⴱⵓⵉⴽⴱⴰⵏ 106 juillet 2019


‫‪Situation-probléme‬‬
‫الوضعية‪-‬المشكلة‪،‬منطـلقـات في البنـاء‬
‫|‬ ‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى‬

‫توطئة ‪:‬‬
‫يعتبر التفاعل مع البيئة أو المحيط ‪ ،‬أحسن وسيلة للتعلم الفعال‪ ،‬و يقتضي هذا من التدريس العلمي عموما و علوم الحياة‬
‫و األرض بالخصوص‪ ،‬تهيئة أنسب الظروف و الوضعيات التي تمكن المتعلم من االنخراط في بناء ذاتي للمفاهيم و اكتساب‬
‫للمهارات و الميول و طرق التفكير‪ ،‬من خلل تفاعله مع مواقف حقيقية يواجه فيها مشكلت مربكة أو محرجة ‪ ،‬تستفز‬
‫تفكيره و تثير اهتمامه و تضمن نشاطه و تفاعله اإليجابي ‪ ،‬و تولد لديه رغبة حقيقية في حلها بكل ثقة و فاعلية ‪ ،‬فالتعلم‬
‫الحقيقي ال يتحقق بمراكمة خطية للمعلومات و الحقائق الجزئية و لكن بالتفاعلت السوسيومعرفية التي تكشف عن ما‬
‫تتضمنه هذه المعارف من معان و علقات و نماذج تفسيرية ( ‪ ، ) Les conceptions‬فتصححها لدى المتعلمين‪.‬‬
‫و تشكل الوضعية – المشكلة منطلقا لبناء المفاهيم العلمية من طرف المتعلم باعتبارها تقنية من تقنيات التعلم الذاتي‪،‬‬
‫تتمثل وظيفتها األساسية في استدراج المتعلمين من خلل مشكل أو تساؤل محير يطرح عليهم إلعمال التفكير و القيام‬
‫بسلوكات و استراتيجيات و عمليات معرفية و ذهنية و تنظيم خطوات العمل و البحث و التقصي عن مصادر المعرفة ‪،‬‬
‫لهدف الوصول إلى حل مناسب‪.‬‬
‫‪ .1‬المنطلقات السيكوبيداغوجية للتدريس وفق وضعية‪-‬مشكلة‪:‬‬
‫يستمد التدريس وفق وضعية مشكلة خلفيته النظرية على الخصوص من النظرية البنائية ‪Théorie constructiviste‬‬
‫بمدرستيها التفاعلية الفردانية ‪ Intéractionniste individuel‬و المدرسة التفاعلية االجتماعية‬
‫‪ ، Intéractionniste Sociale‬حيث تعتبر التعلم فعل عملياتيا سوسيوبنائيا و غائيا ‪ ،‬تمارسه الذات باعتبارها فاعلة‬
‫متفاعلة مع المحيط الخارجي الفيزيائي أو االجتماعي‪ ،‬في إطار من التوازن و التوافق الجماعي إلشباع حاجة معينة‪ .‬إن‬
‫استراتيجية التدريس التي تتماشى مع االتجاه البنائي هي التي تعتبر التعلم معالجة لوضعيات مشكلة منتقاة بدقة باعتبار أن‬
‫كل نشاط ذهني أو حركي أو اجتماعي ‪ ،‬إجابة لحاجة معينة و الحاجة مظهر من مظاهر اللتوازن تحرك سلوك التعلم‬
‫وتجعله وسيلة لإلجابة عن السؤال أو إيجاد حل لمشكل من خلل إعادة تنظيم البنية الذهنية و المعرفية للفرد و تغيير في‬
‫تمثلته ( ‪ )Ausubel‬وهكذا " فإن تحقيق الحاجة يعيد إلى المتعلم توازنه مع المحيط "[‪ .]i‬و يؤكد [‪Arrac. G]ii‬‬
‫ذلك مشيرا إلى أن التعلم ال يتحقق إال باالنتقال من حالة توازن أولي تمت خلخلته إلى حالة توازن أرقى تم تنظيمه عبر‬
‫مراحل انتقالية حيث يتم دمج المكتسبات الجديدة مع المعرفة السابقة وفق النموذج األلوستيري[‪ ( ]iii‬أنظر الخطاطة ‪ ، ) 1‬و‬
‫تلعب الحوارات و الصراعات السوسيومعرفية دورا بالغا في ذلك باعتبار أن التعلم يتم من خلل تفاعل الذات مع اآلخر و‬
‫من خلل علقات التبادل و المشاركة بينهما(المحاكاة‪ :‬أبحاث‪ (،).wallon‬التعاون مع اآلخر‪ :‬أبحاث ‪ (،).Vygotski‬األثر‬
‫الثقافي‪ :‬أبحاث ‪) .Bruner‬‬
‫‪ .2‬تعريف الوضعية‪-‬المشكلة ‪: Situation-Problème /‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪107‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫يقصد بها كل "وضعية تتضمن صعوبات‪ ،‬ال يملك المتعلم حلوال جاهزة لها "[‪ ]iv‬كما أنها "عبارة عن وضعية‬
‫يواجهها المتعلم و حالة يشعر فيها أنه أمام موقف مشكل أو سؤال محير‪ ،‬ال يملك تصورا مسبقا عنه و يجهل اإلجابة عنه‬
‫مما يحفزه على البحث و التقصي من خلل عمليات معينة للتوصل لحل المشكلة‪]v[".‬‬
‫وإجماال فالوضعية‪-‬المشكلة ‪:‬‬
‫* موقف محير و مربك يواجهه المتعلم باعتباره مشكل يستشعره و يتقبله ( التقبل )‪.‬‬
‫* يتضمن هدفا صعب التحقق لوجود عائق ( أو عوائق )‪.‬‬
‫* ال يملك المتعلم خطة أو حل جاهزا له‪.‬‬
‫* تنتاب المتعلم خلله حالة من الشك والتردد و الدافعية الداخلية‪ Motivation intrinsèque‬لحل مناسب للمشكل‬

‫خطاطة ‪ : 1‬بناء المعرفة وفق النموذج األلوستيري‬


‫‪ .3‬الوضعية –المشكلة‪ ،‬لماذا‪:‬‬
‫تتوخى الوضعية‪-‬المشكلة تحقيق العديد من المقاصد أهمها‪:‬‬
‫* تذوق الحجة و البرهان و الدفع نحو الشك العلمي و التساؤل و خلق الحس النقدي و التفكير في األخطاء و تطوير التمثلت‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫* زرع الثقة بالنفس واالعتماد عليها و تنمية روح االستقللية و المبادرة وتحمل المسؤولية‬
‫* استدراج المتعلم لبناء معرفته الخاصة باعتبار أن التعلم سيرورة داخلية‪ ،‬ييسر بالتفاعل و المواجهة مع اآلخرين ( صراع‬
‫اجتماعي‪-‬معرفي ‪) Conflits socio-cognitifs‬‬
‫* تنمية روح التواصل والتعاون بين األفراد قصد إيجاد حل لمشكلة ما‪.‬‬
‫* تحطيم الحواجز النفسية ومواجهة القضايا و المشكلت و طرح األفكار و وجهات النظر و مقارنتها مع اآلخرين‪.‬‬

‫* مساعدة المتعلمين على تعلم كيف يتعلمون لمواجهة المشكلت المصادفة في الحياة اليومية‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪108‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫* تقوية الفكر البحثي و التنقيب و التقصي و التقرب من ظروف البحث العلمي ( التلمس‪ - Tâtonnement‬توثيق –‬
‫ملحظات‪ -‬العفوية ‪ -‬اختبارات عديدة…)‬
‫* إدراك نسبية المعرفة وقبولها للتطوير و التجديد و التوضيب…‬
‫‪ .4‬القيمة التربوية للوضعية‪-‬المشكلة ‪:‬‬
‫يرى ‪ ": Rogers‬أن من بين الصعوبات التي تعرقل التعلم هي إبعاد التلميذ عن أي نوع من المشكلت الحقيقية … " " إن‬
‫[‪]vi‬‬
‫أهمية هذا التعلم ال تكمن في الحلول المتوصل إليها و لكن في السبيل الشاق الذي يوصل إليها‪" .‬‬
‫إن تهيئ وضعيات‪-‬مشكلة و تقديمها للمتعلم بشكل يتناسب مع مستواه و خبرته‪ ،‬من شأنه أن يستدرجه للقيام بأنشطة عقلية و‬
‫تجريبية لحل المشكلة و إعمال التفكير و االستقصاء و استثمار معرفته القديمة و خبراته في تحصيل معرفة و خبرات‬
‫جديدة‪ ،‬فهو يحدد المشكلة و يجمع المعلومات و يصوغ الفرضيات و يختبرها و يتوصل إلى االستنتاجات و يعمم…‬
‫و عموما فالتدريس وفق وضعية‪-‬مشكلة يتميز بقيمة تربوية عالية تتجلى معالمها في ‪:‬‬
‫* جذب انتباه المتعلم و اهتمامه و إثارة دافعيته الداخلية للتعلم ‪.‬‬
‫* تقديم الدرس على هيئة مشكلة مربكة و مستفزة ‪ ،‬من شأنه أن يضفي عليه جوا من المتعة و الحماس‪.‬‬
‫* مراعاة وظيفية التعلم باالهتمام بالمعرفة و التفاعلت مع المحيط التي عن طريقها يكتشف المتعلم ما تنطوي عليه هذه‬
‫المعارف من دالالت و علقات ( تملك المهارات و المواقف و االتجاهات …)‬
‫* االنسجام مع مواقف البحث العلمي…‬
‫* إيجاد سياق علمي اجتماعي عملي يساعد المتعلم على بناء المفاهيم المستهدفة‪.‬‬
‫* ربط المفاهيم والمعارف الجديدة باإلطار الداللي للمتعلم بنوع من التدرج الحلزوني للمفاهيم‪.‬‬
‫* التناغم مع المقاربة المتمركزة حول ذات المتعلم باعتباره عنصرا متحررا معتمدا على نفسه متفاعل قادرا على تحقيق‬
‫ذاته بذاته و مؤهل للتعلم الذاتي (حل المشكل و بناء المفهوم و تطبيقه في وضعيات جديدة…)‬
‫* مراعاة طبيعة فعل التعلم لدى المتعلم (ضرورة وجود هدف يسعى لتحقيقه…)‬
‫‪ .6‬أنواع المشكالت حسب ‪: ]vii[ Minder . C‬‬

‫تلقائية ‪ Spontanés‬ليست مصطنعة أو محدثة بل تطرح من طرف المتعلم و نابعة من إحساسه و تجربته الخاصة‬
‫و حاجات ذاته في علقته بالواقع و حياته اليومية‪.‬‬
‫يتولى المدرس استدراج المتعلم و مساعدته على وضع المشكلة بنفسه و ذلك من خلل خلق‬ ‫محدثة ‪Suscités‬‬
‫جو مناسب لذلك ‪ ،‬على أن ترتبط بالمقررات و البرامج‪.‬‬
‫مشكلت يتم تحضيرها و التخطيط لها من طرف المدرس و يتولى هذا األخير طرحها و‬ ‫مبنية ‪Construits‬‬
‫توجيه خطوات حلها حتى تنسجم مع أهداف الدرس‪ ،‬و تتسم بمراحل منظمة و متتالية لتحقيق‬
‫الهدف المسطر ‪ :‬مرحلة التحفيز و طرح المشكلة‪ -‬صياغة الفرضيات انطلقا من خبرات‬
‫المتعلم – تمحيص الفرضيات اعتمادا على التوثيق ‪ ،‬التجريب ‪،‬الملحظة…‬
‫‪ .7‬الوضعية ‪-‬المشكلة و الهدف –العائق ‪:‬‬
‫تعتبر الوضعية‪-‬المشكلة "أداة" ديداكتيكية فعالة في تجاوز العوائق من طرف جماعة القسم‪ ،‬إن رصد تمثلت‬
‫المتعلمين و تحليلها و تحديد الهوة ‪Ecart‬بينها و بين المعرفة العلمية السليمة قصد الكشف عن العوائق الحاسمة التي‬
‫تتضمنها‪ ،‬يعتبر أحد محطات هذه االستراتيجية و أكثر مراحلها صعوبة‪ .‬إن كل وضعية‪-‬مشكلة ينبغي " أن تنتظم حول "‬
‫تجاوز العائق" من طرف جماعة القسم" [‪ ،]viii‬عائق تم تحديده سلفا ليشكل " عائقا‪-‬هدفا"‪ ،‬حتى يفضي تجاوزه إلى حدوث‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪109‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫تعديل في تمثلت المتعلم و تغيير في شبكته المفاهيمية و بالتالي بناء المفهوم العلمي بشكل سليم‪ .‬إن "العوائق تمثل النواة‬
‫الصلبة للتمثلت" [‪ ]ix‬و من شأن رصد و تحديد هذه العوائق و أخذها بعين االعتبار قصد تجاوزها ‪ ،‬أن يضفي دينامية‬
‫جديدة على التعلم باعتبار التقدم الذهني المفاهيمي الناتج عن تخطيها هو الهدف المنشود وتتميز كل وضعية مشكلة حسب‬
‫‪ Orange .C‬و ‪ ]x[Orange .D‬بمرحلتين أساسيتين و متتاليتين ( أنظر الخطاطة ‪: ) 2‬‬

‫× مرحلة خلخلة التوازن و زعزعة االستقرار المعرفي‪ ،‬حيث يبرز بوضوح قصور النموذج ‪/‬الجهاز التفسيري‪ /‬التمثل‬
‫المغلوط ( الوضعية األولى للمفهمة ) ‪.‬‬
‫مرحلة إعادة التنظيم و االستقرار لنصل في النهاية إلى حالة توازن مع تخطي العائق المرصود ‪ ،‬فيتحقق تعديل التمثل‬ ‫×‬
‫و اكتساب سليم و تملك فعلي تدريجي للمفهوم المروم‪.‬‬
‫‪ .8‬خطوات عملية لمقاربة وضعية‪-‬مشكلة‪:‬‬
‫عند اختيار وضعية مشكلة ‪ ،‬خلل تدريس العلوم الطبيعية‪ ،‬ينبغي اعتبار التقديم المناسب للمشكلة و مراعاة الوقت‬
‫المناسب إلدارة عمليات فحص المشكلة‪ ،‬تحليل و صياغة و اختزاال‪ ،‬تمهيدا للتفكير فيها و العمل على حلها‪.‬‬
‫‪ .1.8‬وضعية االنطالق‪:‬‬
‫خطوة مقاربة المشكلة ‪ /‬نحو صياغة سليمة للمشكلة ‪" :‬إن صياغة صحيحة للمشكلة يضمن حلها بشكل كبير "[‪]xi‬‬
‫تستهدف هذه الخطوة جذب اهتمام المتعلم و إثارة انتباهه و الرفع من دافعيته الداخلية للتعلم و يفضي التقديم الجيد للمشكلة‬
‫إلى حدوث حالة من عدم التوازن عند المتعلم مما يولد شعورا داخليا لديه لحل هذا الموقف المربك أو المشكل المحير‪ ،‬قصد‬
‫إزالة التوتر الحاصل‪ .‬و عموما تتضمن هذه الخطوة المقاطع‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلحساس بالمشكلة أو استشعارها‪.‬‬
‫‪ .2‬حصر و صياغة المشكلة ( فهم ‪ +‬استيعاب ‪ +‬إحاطة )‪.‬‬
‫‪ .3‬اختزال المشكلة‪ :‬باستدراج المتعلمين إلى تحويل المشكلة الرئيسية إلى مشكلت فرعية أقرب تناوال و أسهل معالجة‬
‫و أقل جهدا في بلوغ الهدف مع الحرص على عدم تغيير طبيعة المشكلة الرئيسية !‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪110‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫خلل التحضير لوضعية – مشكلة ‪ ،‬يحبذ انتقاؤها انطلقا من البرامج أو من المشاكل العلمية التي يفرزها تاريخ العلوم ‪،‬‬
‫أو من تساؤالت المتعلم واهتماماته أو من معيشه اليومي أو من اإلعلم ( زالزل و براكين حديثة …) أو من األنشطة‬
‫التعليمية ( خرجات ‪ ،‬تربية ‪ ،‬زرع ‪ ،‬تجارب استكشافية) …‬
‫‪ .2.8‬الوضعية الهدف ‪ :‬خطوة إدارة عملية الفحص وحل المشكلة‪:‬‬
‫تتوخى هذه الخطوة البحث عن الحل ( النشاطات المسموح بها و العوائق المرتبطة بها ) و إدارة أو تدبير عمليات‬
‫الفحص ( دعم ‪،‬توجيه‪،‬توثيق‪ ،‬تجريب‪ ،‬ملحظة‪ ،‬جمع بيانات ) لفرز الجوانب المختلفة للمشكلة و النتائج المتوصل إليها‬
‫تمهيدا للحل‪ .‬وعليه فلبد من استدراج المتعلم إلى حل المشكلة بنفسه من خلل القيام بالعديد من عمليات الربط بين األنشطة‬
‫و العمليات المباشرة التي قام بإجرائها و تقديم تفسيرات ممكنة( جمع معلومات –تنظيم…) و البحث عن أجوبة مؤقتة‬
‫للمشكلة ( فرضيات )و تنفيذ خطة للوصول إلى حل ثم العمل على مناقشتها و إخضاعها للتمحيص و التدقق و التأمل و‬
‫االحتكاك بمرجعية‪ .‬و إلنجاز هذه الخطوة يمكن اللجوء إلى تقديم معطيات جديدة مساعدة و داعمة ( توثيق…) حيث‬
‫يستدرج المستهدفون إلى مراجعة مواقعهم المفاهيمية السابقة التي تبين لهم قصورها و االنتقال إلى التصور السليم فإعادة‬
‫التوازن المعرفي من جديد ‪.‬و بذلك تصبح محاوالت الحل من طرف المتعلمين ‪ ،‬عبارة عن " ممرات ذات اتجاهات مختلفة‬
‫داخل مجال البحث ( وضعية‪-‬مشكلة) يمثل طريق الحل ذلك "الممر" الذي ينطلق من وضعية االنطلق و يصل عند حدود‬
‫الوضعية الهدف‪ .‬و يمكن أن توجد ممرات متعددة إليجاد الحل غير أن الحل المثالي يتم عن طريق أقل الممرات استنفاذا‬
‫للوقت و استنزافا للجهد‪]xii[.‬‬
‫بعد طرح سؤال مربك أو مشكل محير نابع من واقع المستهدفين‪ ،‬ينبغي العمل على تشخيص التمثلت السائدة والكشف‬
‫عن العوائق الكامنة التي تتضمنها و بالتالي تحديد الهدف‪ -‬العائق‪.‬و ذلك عبر خلق حوارات متعارضة و صراعات‬
‫سوسيومعرفية قصد خلخلة التوازن المعرفي و التشكيك فيه و إثبات قصور تمثلت المتعلمين لوضع القسم في حالة من‬
‫البحث و التقصي و االستكشاف ‪.‬‬
‫المدرس‪/‬مسهل التعلم ‪:‬خلل الحوارات السوسيومعرفية ‪ ،‬هناك آراء تختفي أو تظهر و آراء تلتقي أو تختلف…‪ ،‬و‬
‫تستلزم هذه المواجهات تنشيطا يمثله المدرس‪ ،‬بحرصه على تسيير الحوار و إتاحة فرص المشاركة الفاعلة و تشجيع روح‬
‫المبادرة الشخصية لكل متعلم و بكونه رهن إشارة المتعلمين ‪ ،‬محاورة و إنصاتا و دعما و توجيها وتنظيم األدوار والمهام‬
‫التي يقوم بها المتعلمون فضل عن ترتيب خطوات البحث والمنهجية المتبعة في العمل ‪.‬‬
‫يقترح ]‪ André Giordan [xiii‬عدة خطوات عملية لتجاوز العوائق ‪ ،‬و ذلك بعد رصدها و ضبط نوعها و طبيعتها‬
‫والبحث عن مصدرها الممكن ‪:‬‬
‫× التشكيك في تصورات و مفاهيم المتعلم ‪ :‬يتدخل المدرس بأدلة بإمكانها تشكيك المتعلم في تصوراته ‪.‬‬
‫الهدف‪ :‬تدمير و تحطيم التصورات الخاطئة‪ ،‬و لذلك فل بد للمدرس من اقتراح إرسالية مناسبة ‪.‬‬
‫× أسلوب الحوارات المتعارضة‪ :‬يقترح المدرس وضعيات معينة‪ ،‬تخلق حوارات متعارضة ‪ ،‬فردية أو بين‬
‫مجموعات ‪ ،‬مما يفضي إلى ظهور صراعات معرفية ‪ ،‬يعمل األستاذ على استغللها و استثمارها إلعادة بنينة‬
‫‪ Structuration‬المفاهيم و تنظيمها‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪111‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫× وضعية اكتشاف و بحث التصورات‪ :‬بداية تبحث مجموعات العمل تصوراتها ‪ ،‬ثم تعمل ثانية بمساعدة المدرس على‬
‫استثمارها و استغللها قصد القيام بالتصحيحات المناسبة لها‪.‬‬
‫× مجابهة معرفة التلميذ بالمعرفة العلمية الحقيقية‪ :‬يقترح المدرس المعرفة العلمية الصحيحة‪ ،‬ثم يعمل على مجابهتها‬
‫بمعرفة التلميذ‪.‬‬
‫الهدف‪ :‬الكشف عن تفاوت المعرفتين ‪ ،‬و إبراز إجرائية المعرفة العلمية الصحيحة في حل المشكل المطروح‪.‬‬
‫‪ .9‬مـقـتـضيـات تربويــة أساسية للتدريس وفق وضعية‪-‬مشكلة‪:‬‬
‫حتى تحقق أهدافها فإن كل وضعية مشكلة تستلزم مراعاة ما يلي ‪:‬‬
‫ضرورة ملئمة المشكلة المبحوثة لألهداف المرسومة و ارتباط الوضعية المشكلة المقدمة بالمجال المفاهيمي‬ ‫‪.1‬‬
‫التي تندرج فيه التعلمات و المفاهيم المرومة‪.‬‬
‫ملئمة المشكلت المبحوثة لمستوى تفكير المتعلمين حتى تستفزهم وتستدرجهم إلى حلها‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ضرورة ربط المشكلت المبحوثة‪ /‬المقدمة للمتعلم بمجال اهتمامه و حاجته أو حاجات مجتمعه‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫إن انخراطا فعليا للمتعلم في البحث و التقصي و توظيفا إجرائيا لمكتسباته‪ ،‬يقتضي فهما دقيقا و مضبوطا‬ ‫‪.4‬‬
‫لإلرشادات و المعطيات المقدمة ( دقة البيانات‪ Les consignes /‬و كفايتها‪).‬‬
‫تنوع و كفاية األدوات و الوسائل التعليمية و الدعامات الديداكتيكية الموجودة تحت التصرف لحل المشكلة‬ ‫‪.5‬‬
‫المطروحة‪.‬‬
‫االنتباه والحذر من تقديم الحلول للمشكلت المبحوثة للمتعلمين‪ ،‬إذ على المستهدفين أن يكتشفوا و يتوصلوا إلى‬ ‫‪.6‬‬
‫الحل بأنفسهم‪.‬‬
‫خلق مناخ تعليمي تعلمي مريح يحس فيه المتعلمون أنهم أحرار نفسيا فضل عن احترامهم وتفهمهم وتقبلهم‬ ‫‪.7‬‬
‫كما هم ال كما يريدهم المدرس أن يكونوا‪.‬‬
‫الحرص على تبني أسلوب التعامل الديموقراطي خلل مقاربة المشكلة‪ ،‬على أساس من التقدير المتبادل والنقد‬ ‫‪.8‬‬
‫الذاتي‬
‫دعوة المتعلمين إلى أجرأة الحل الذي خلصوا إليه و تطبيقه على جميع المواقف الحياتية ( التعميم) مما يفضي‬ ‫‪.9‬‬
‫إلى ردم الفجوة القائمة بين الموقف التعليمي الصفي و الموقف الحقيقي في الحياة‪.‬‬
‫اعتبارا لما تتطلبه الوضعية المشكلة –تخطيطا وتنفيذا و تقويما‪ -‬من وقت قلما يسمح به برنامج المادة‪ ،‬و‬ ‫‪.10‬‬
‫نظرا لكون بعض المفاهيم المقررة ال تقتضي بالضرورة تجاوز عوائق معينة بل تعميق مكتسبات قبلية‪ ،‬فإنه يحبذ‬
‫توظيف هذه األداة فقط عند بناء المفاهيم التي يستلزم امتلكها تعديل جذريا في تمثلت المستهدفين‪.‬‬
‫الهوامش‬

‫[‪Piaget, Six études en psychologie, Ed. Gonthier, p .15 ]i‬‬


‫[‪.Arrac. G. Et al, Probléme ouvert ET situation probléme, IREM de Lyon, P: 94 ]ii‬‬
‫[‪Giordan.A cité par Develay.M, De l'apprentissage à l'enseignement, pour une épistémologie scolaire, ]iii‬‬
‫‪.ESF, Paris, P : 132‬‬
‫[‪Dumas-Carré. A et autre, Raisonner en sciences, Aster, N14, Paris, P : 55 ]iv‬‬
‫[‪ ]v‬عايش زيتون ‪ ،‬أساليب تدريس العلوم ‪ ،‬دار الشروق ‪، 1993،‬ص‪.160-148:‬‬
‫[‪ ]vi‬عزيز كعبوش عن ‪ .Liberté pour apprendre .Carl Rogers‬حرية التعلم‪ .‬عالم التربية ‪.‬شتاء ‪ .1996‬ص‪.80:‬‬
‫[‪ ]vii‬عبد العزيز الغر ضاف و آخرون عن ‪ ، Minder. C‬درسنا اليوم ‪ ،‬المقاربة المتمركزة حول نشاط الجماعة ‪،‬دار الخطابي ‪،‬ص‪.153 :‬‬
‫[‪P.Brunet, Enseigner et Apprendre par problèmes scientifiques dans les sciences de la vie, Aster, N27, ]viii‬‬
‫‪.1998,INRP ,p : 145‬‬
‫[‪Astolfi, J-P, et Peterfalvi, B, Obstacle et construction de situations didactiques, Aster 16, INRP, 1993 ]ix‬‬
‫‪Paris P106‬‬
‫[‪D et C. Orange, mise en œuvre d'une situation-problème en géologie, APBG, 3, 1993, P : 547 ]x‬‬
‫[‪.Canguilhem.C, Cité par Brunet. , Aster, N27, 1998, P : 145 ]xi‬‬
‫[‪.Dunod, Paris, 1994 ,Le raisonnement pour l'action : la résolution de problème ,Ghisline.R, et autre ]xii‬‬
‫[‪André Giordan , L’éléve et/ ou les connaissances scientifiques , 2e édition , Peterlang, 1987, p: 75 ]xiii‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪112‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫الوضعية‪-‬المشكلة‪ :‬مثال تطبيقي‬
‫|‬ ‫الكاتب‪ :‬محمد الفتى‬
‫استجابة لطلب بعض الزملء‪ ،‬و بعض أساتذة علوم الحياة و االرض‪ ،‬حول ادراج مثال تطبيقي لوضعية‪-‬مشكلة في‬
‫الجيولوجيا بالثانوي‪ ،‬أقترح عليكم النموذج التالي‪:‬‬
‫الوضعية‪-‬المشكلة‪ :‬نموذج إجرائي مندرج في إطار بركانية مناطق الطمر و الذروات المحيطية‬
‫توطئة‪:‬‬
‫يتوقف نجاح المقاربة بالكفايات في كل نشاط تعليمي على عدة مقتضيات‪ ،‬لعل أهمها‪ ،‬تمحور الفعل التعليمي حول‬
‫أنشطة تعلمية تفاعلية تستفز بنيات التلميذ الذهنية و المعرفية و االستراتيجية‪ .‬و لعل المسار األنسب لتفعيل ذلك و تحقيقه هو‬
‫تعتبر الوضعية‪-‬المشكلة كتقنية من تقنيات التعلم و التكوين الذاتيين‪ ،‬باعتبار‬ ‫اعتماد بيداغوجية الوضعية المشكلة‪]i[ .‬‬
‫ما يقوم به المتعلم من سلوكات و يبلوره من استراتيجيات ذهنية للوقوف على حل مناسب و استعادة لتوازن معرفي مفقود‪،..‬‬
‫و عمل على تحليل مقاطع تنفيذ هذه التقنية البيداغوجية‪ ،‬و ضبط حدودها و أبعادها و بعض مقتضياتها الديداكتيكية‪ ،‬نقترح‬
‫مثاال تطبيقيا على" أرضية" بركانية مناطق الطمر و الذروات المحيطية ‪]ii[...‬‬
‫‪ -1‬تقديم السياق‪:‬‬
‫إن من بين المقاصد األساسية التي تستهدفها كل وضعية‪-‬مشكلة ‪ ،‬نقل التلميذ من ‪ :‬تصور ‪ CONCEPTION /‬ذاتي‬
‫قبلي متماسك(مقاوم و صلب) لكنه مغلوط ‪ ...‬إلى تصور سليم ينسجم مع معطيات المعرفة العارفة الحالية ‪savoir /‬‬
‫‪savant actuel‬‬
‫إن التلميذ ليس صفحة بيضاء كما يعتقد البعض ‪ ،‬إنه يحضر للفصل و هو حامل لمعارف و مفاهيم مختلفة ‪ ،‬فللتلميذ‬
‫دوما تصورات متباينة‪ ،‬متعلقة بالمعرفة المراد تدريسها لهم‪ ،‬استمدوها من المحيط الخارجي عموما و من الحياة الخاصة‪،‬‬
‫إعلم‪ -‬صحافة‪-‬مجلت‪-‬تعليم قبلي‪،..‬مما يمكنهم من تطوير أنساق أو نماذج تفسيرية شخصية ‪systèmes‬‬
‫‪ explicatifs‬قريبة أو بعيدة من المعرفة العلمية الصحيحة‪ ،..‬و هذا ال يقتصر فقط على تكتونية الصفائح و البركانية و‬
‫تركيب الكرة األرضية بل يطال كذلك مختلف المعارف و المفاهيم ‪...‬‬
‫و لتركيز تعليمنا على المتعلم‪ ،‬يبدو ضروريا الكشف عن هذه التصورات و تحليلها لتجاوزها أو تطويرها‪ ،‬دون خلق‬
‫فجوات معرفية عند المستهدفين سرعان ما تعيق نمو العقلية بشكل غامض ال واعي على حد تعبير ‪: Gaston Bachelard‬‬
‫" إننا نعلم على أنقاض المعرفة السابقة أي بتحطيم المعارف التي لم نحسن بناءها لذلك لزم تعليم التلميذ اعتمادا على تحطيم‬
‫أخطائهم و تعديلها‪".‬‬
‫‪ -1-1‬تجاهل التصورات و انعكاسه على التعلم ‪ :‬إن عدم أخذ تصورات المتعلم بعين االعتبار يفضي إلى ‪:‬‬
‫مقاومتها للمعرفة و المفاهيم الصحيحة لديه ‪ ،‬و استقرارها على مستوى اإلطار المرجعي للمتعلم‬ ‫‪1‬‬
‫تباين األفكار و التصورات و تنوعها داخل الفصول إزاء المفهوم الواحد‬ ‫‪2‬‬
‫صعوبة تطور مستوى الصياغة لدى المتعلم إزاء كل مفهوم و غياب تعلم "دال"‬ ‫‪3‬‬
‫تجدد و ظهور نفس األخطاء بين أجيال التلميذ‬ ‫‪4‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪113‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫تدني القدرة على التجريد و التعميم لديهم‬ ‫‪5‬‬
‫‪ -2-1‬تقنيات الكشف عن تصورات المتعلم ‪:‬‬
‫إن المدرس مدعو إلى الكشف عن تصورات تلمذته ثم تحليلها قصد استثمار النتائج خلل بلورة الوضعيات التعليمية‬
‫التعلمية مما يحقق العديد من اإليجابيات ‪ :‬كمعرفة المتعلم ‪ ،‬مكتسباته ‪ ،‬طرق تفكيره و حصر العوائق و الصعوبات و‬
‫تسطيرها على شكل أهداف و خلق تواصل بناء مع المتعلم باعتبارها تساعد على التحفيز و إثارة الدافعية‬
‫الذاتية ‪ intrinsèque‬للتلميذ ‪ .‬و يقترح ‪ Gérard de vecchi‬عدة تقنيات تمكن المدرس في فصله من الكشف عن‬
‫تصورات المتعلمين ‪.‬‬
‫استفسار التلميذ عن تعاريف لعدة كلمات أو مصطلحات‬ ‫‪1‬‬
‫مطالبتهم بإنجاز رسوم ‪ ،‬رسوم تخطيطية ممثلة لبنية أو لظاهرة أو لوظيفة‬ ‫‪2‬‬
‫توجيه أسئلة حول أحداث معينة‬ ‫‪3‬‬
‫تقديم رسم تخطيطي أو صورة و مطالبة التلميذ بالتعليق عليها‬ ‫‪4‬‬
‫وضع التلميذ في وضعية االستدالل "بالنفي‬ ‫‪5‬‬
‫( ‪) ... ex : et si tel élément n’existe pas ...Le raisonnement par la négativité‬‬
‫إنجاز تجارب ذات نتائج مذهلة ‪ ،‬غير منتظرة ‪ ،‬و مطالبة التلميذ بوضع الفرضيات و تفسير النتائج‬ ‫‪6‬‬
‫وضع التلميذ في وضعية تجابهات أو مواجهات معرفية‬ ‫‪7‬‬
‫االنتباه باستمرار لما يقوله التلميذ‪ ،‬فالتصورات قد تظهر في أي وقت خلل النهج المتبع من طرف المدرس‬ ‫‪8‬‬

‫‪ -2‬وضعية االنطالق‪ :‬مقاربة المشكلة ‪.‬‬


‫الكشف عن تصورات التلميذ ‪:‬بعد تحديد توزيع البراكين على الكرة األرضية عبر ملحظة موجهة ‪ ،‬يطلب من‬
‫التلميذ تقديم تفسير مبسط لهذا التوزيع بواسطة رسم أو تعليق‪.‬‬
‫النتيجة ‪ /‬التصور األكثر شيوعا عند التلميذ ‪:‬افتراض وجود صفائح من القشرة السطحية لألرض و هي صلبة تتحرك على‬
‫سائل صهاري (كتلة صهارية)‪.‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪114‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫كيف يفسر التالميذ مصدر هذه الكتلة من الصهارة في الجزء الباطني لألرض ؟‬
‫كلما ازداد العمق‪ ،‬ارتفعت الحرارة و بالتالي تتشكل الصهارة‪...‬‬
‫* مالحظات ‪:‬‬
‫إن هذا التفسير الذي يقدمه التلميذ يتناقض مع المعرفة العارفة الحالية‪ ،savoir savant actuel /‬كما‬
‫يقول ‪: ALLEGRE .C‬‬
‫‪«Le magma n’est pas un constituant banal des entrailles de la terre. Nous n’habitons pas sur‬‬
‫]‪un plancher solide surmontant un océan de magma »[iii‬‬
‫لكن هذا التصور إجرائي ! فهو يمكن من تفسير فعال للبركانية و توزيعها حيث أن هناك دوما ( حسب التلميذ ) صهارة‬
‫سابقة الوجود و بوفرة و بالتالي فليس هناك مشكل يتعلق بإنتاج أو تجديد المواد المتصاعدة للسطح‪ .‬و بمجرد حدوث فالق أو‬
‫شق أو كسر على مستوى القشرة ‪ ،‬يتسرب جزء من الصهارة فينشأ البركان إضافة إلى أن هذه الطبقة الصهارية تسهل‬
‫عملية تحرك الصفائح!!! و هكذا يفسر التلميذ ظاهرة البركانية بكل بساطة‪...‬‬
‫إن هذا التصور بأخطائه الواضحة ‪ ،‬ال يعكس نوعا من السذاجة أو البلهة‪ ،‬بل يتسم بتماسك و منطقية متلزمتين‪ ،‬غير‬
‫أن اإلشكال هو أن هذا التصور‪ /‬التمثل ‪ ،‬قد يصبح عائقا أمام التطور المعرفي للتلميذ و يصعب تجاوزه !!!‬
‫إن مهمة المدرس تتمثل في استدراج المتعلم لنقض هذا النموذج البسيط والمغلوط و تعويضه بآخر معقد و سليم يتوافق‬
‫مع معطيات المعرفة العارفة الحالية‪.‬‬
‫الخطأ ضروري للتعلم ‪:‬‬
‫تعتبر أخطاء التلميذ حالة طبيعية و إيجابية بل تصرفا و نتيجة تعكس سعي التلميذ للتعلم‪ ،‬و هي سلوك شائع ال تخلو منه‬
‫حصة من حصص مادة علوم الحياة و األرض تقريبا‪ ،‬غير أن كثيرا من المدرسين ال يولونها ما تستحق من كفاية في‬
‫االهتمام وعمق في التحليل و المعالجة‪ ،‬باعتبارها شيئا مشوشا و حالة شاذة و سوء فهم ال تستحق الوقوف عندها و ينبغي‬
‫إقصاؤها و تجنبها في أسرع وقت ممكن …‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪115‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫إن أي عملية في اتجاه إكساب نشاط تعلمي معين ‪ ،‬تعمل على إهمال الخطأ كسلوك و التحقير من مرتكبه و ال تستثمره‬
‫إلى حده األقصى ‪ ،‬تعتبر قصورا ديداكتيكيا في الفعل التعليمي التعلمي و خطأ تربويا ناجما عن جهل ببيداغوجية "ظاهرة‬
‫الخطأ" [‪]iv‬‬
‫إن الخطأ ليس مجرد تعثر في الطريق‪ ،‬إنه إيجابي و مفيد في بناء فعل التعلم بل إنه نقطة انطلق المعرفة‪ ،‬ألن هذه‬
‫األخيرة ال تبدأ من الصفر بل تصطدم بمعرفة قبلية موجودة فالمعرفة كما يؤكد باشلر " خطأ تم تصحيحه" و " الخطأ ‪ ،‬في‬
‫عدم تقدير أهمية الخطأ ‪.‬‬
‫إن األخطاء عنصر إنبنائي للمعرفة و يقتضي هذا العمل على رصد الشائعة منها لدى المتعلم‪ ،‬و تحليل المدرس لها‬
‫باعتبارها مؤشرات لعوائق تعليمية‪ ،‬ال ناتجة عن نقص معرفي و عثرات منهجية و لكن ناتجة عن تمثلت قوية و مفسرة‬
‫لكنها مغلوطة‪ .‬إن رصد و تحديد عوائق التعلم باعتبارها تمثل النواة الصلبة للتصورات و أخذها بعين االعتبار قصد‬
‫تجاوزها ‪ ،‬من شأنه أن يضفي دينامية جديدة على التعلم باعتبار التقدم الذهني المفاهيمي الناتج عن تخطيها هو الهدف‬
‫المنشود‪.‬‬
‫‪ -3‬من تحليل التصورات إلى بناء الوضعية‪ -‬المشكلة ‪:‬‬
‫إن االعتقاد بوجود دائم و قار لصهارة في عمق األرض يجد تفسيره و مصدره لدى التلميذ في اعتبار أن الذوبان كظاهرة‬
‫جيولوجية يرتبط أساسا بارتفاع ‪ ، °T‬فكلما ازداد العمق ‪ ،‬ارتفعت الحرارة و تحولت الصخور إلى صهارة‪...‬‬
‫إن النقلة المعرفية المطلوب إحداثها عند التلميذ‪ ،‬هي االنتقال به من ‪ :‬التصور السابق (‪ )1‬أي ذوبان مرتبط بالحرارة ‪°T‬‬
‫فقط إلى تصور(‪، )2‬يعتبر أن الذوبان مرتبط بمتغيرات أخرى كالضغط و كمية الماء و الحرارة ‪ ، °T‬و ذلك عبر بناء‬
‫وضعية تعليمية تعلمية تتشكل من خطوتين ‪:‬‬
‫‪ -1-3‬الخطوة ‪: 1‬‬
‫و تتبدى في محاولة إثبات أن التصور ‪ 1‬خاطئ‪ ،‬بالتشكيك فيه و خلخلة التوازن المعرفي المغلوط لدى التلميذ(إزالة التوازن‬
‫)‪ ،‬مما يجعلهم في حاجة إلى تفسير بديل و يحفزهم إلى البحث عنه‪...‬‬
‫‪ -1-1-3‬تعليمات العمل‪ ،‬دعاماته و مراحله‪ :‬و يمكن تلخيصها في العمليات التالية ‪:‬‬
‫أوال‪ - :‬بداية البد من إخبار التلميذ بالهدف المنشود و استدراجهم ( فرادى أو في مجموعات) للبحث في الموضوع‪:‬‬
‫انطلقا من ماذا وكيف تتشكل الصهارة التي تغذي بركانية الطمر؟‬
‫ثانيا‪ - :‬مطالبة التلميذ بإنجاز مكتوب على شكل رسم تخطيطي مقرون بتعليق مفسر و مختصر(الوقت المقترح ‪ 15 :‬د )‬
‫و توضع رهن إشارة المتعلمين وثائق و دعامات للستثمار‪ ،‬تستهدف التشكيك في التصور‪( 1‬تقترح الوثائق ‪ 2‬و ‪) 3‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪116‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫ثالثا ‪ - :‬عرض إنتـاجات التلميذ و مجابهة بعضها ببعض ثم مناقشتها بشكل جماعي‪ :‬بعد إنجاز مختلف المجموعات‬
‫للرسوم التخطيطية المطلوبة و عرضها على مجموع الفصل من طرف مقرر كل مجموعة‪ ،‬ينبغي رصد ردود أفعال‬
‫المستهدفين‪ ،...‬هنا يمكن للمدرس أن يتدخل بطرح أسئلة هادفة مركزة على تدخلت التلميذ و أجوبتهم من حيث تماسكها و‬
‫استداللها و مدى حجيتها‪...‬‬
‫‪ -2-1-3‬مجابهة إنتاجات التالميذ بعضها ببعض‪ ،‬لماذا ؟ ‪ :‬إن لهذه المجابهة ‪ Confrontation/‬قيمة تربوية عالية‬
‫و وظائف ديداكتيكية متعددة ‪ ،‬أهمها ‪:‬‬
‫تستجر التلميذ للبرهنة أمام رفقائه لفرض نموذجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫تسمح باستبعاد بعض االقتراحات و التفسيرات غير المتماسكة و غير الصحيحة مقارنة مع المعطيات العلمية‬ ‫‪2‬‬
‫النظرية و التجريبية‪ ،‬و هنا تحديدا‪ ،‬قد يشير البعض إلى صعود الصهارة انطلقا من الرداء‪ ،‬بينما يشير البعض‬
‫اآلخر إلى أن الرداء غير منصهر و بالتالي ال يمكنه إنتاج صهارة سابقة الوجود و ذلك بناء على المعطيات‬
‫الجيوفيزيائية المقترحة‪...‬‬
‫تمكن من تسييج بعض عناصر المشكلة و البحث فيها‪ ،...‬فأحد النماذج المقترحة مثل يبرز أن الصهارة تنبعث من‬
‫انصهار الصفيحة المنغرزة من جهة و من الرداء اللصيق بها من جهة ثانية مما يدفع للتساؤل حول سبب‬ ‫‪3‬‬
‫االنصهار على هذا المستوى من الرداء بينما يكون متجمدا في مكان أبعد من تلك المنطقة !‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪117‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫تمكن من استخراج نقط تشابه مختلف النماذج التي يقترحها التلميذ ‪ ،‬مما يساعد في بناء نموذج موحد مرحلي ‪:‬‬
‫إن أعلى الصفيحة المنغرزة هو الذي ينصهر و بما أننا نترقب من المتعلمين اإلشارة إلى أن ارتفاع الحرارة هو‬ ‫‪4‬‬
‫إن المستهدفين سيستندون بدون شك إلى‬ ‫العامل المحدد‪ ،‬يمكن طرح السؤال التالي‪ :‬ما هو سبب هذا االرتفاع ؟‬
‫الدرجة الجيوفيزيائية‪ ،Gradient géophysique/‬فاحتكاك الصفيحتين هو الذي سيؤدي إلى التسخين تماما مثل‬
‫احتكاك يد بأخرى ‪ ،‬أو الضغط الممارس على الصفيحة المنغرزة هو الذي يحتم هذا التسخين !‬
‫هنا يحبذ وضع النموذج المبني‪ ،‬تحت اختبار معطيات أخرى متدرجة خصوصا تلك المرتبطة بانصهار الصخور(‬
‫الوثائق ‪ 2‬و‪.)3‬‬
‫و هكذا تعيد المجموعات البحث في عاملي الحرارة والعمق (إذن الضغط )السائدتين على مستوى الصفيحة المنغرزة‬
‫التي توجد في توازي عمودي مع البراكين ثم يعملون على إسقاطها على أخطوط الحرارة و الضغط لصخرة البازالت ‪ .‬و‬
‫هكذا يتوصل الجميع إلى انه ال يمكن أن يحدث االنصهار ! نفس الشيء يستشف بخصوص البريدوتيت مما يفضي إلى‬
‫حدوث انحباس معرفي للتلميذ ‪ … Blocage/‬انهم إذن في حالة خلخلة لمعارفهم المتقوقعة حول تصورهم األولي‪ ،‬مما‬
‫سيجعلهم يتطلعون إلى تصور بديل ‪.‬‬
‫‪ -2-3‬الخطوة ‪ : 2‬تجاوز المشكلة و بناء نموذج بديل‪.‬‬
‫تستهدف هذه المرحلة إتمام حصر المشكلة و حلها و من تم إعادة التوازن المعرفي للتلميذ باالنتقال إلى التصور‬
‫‪ 2‬حيث االنصهار مرتبط بثلثة عوامل ( الماء‪ ،‬الضغط و الحرارة)‪ .‬و لتحقيق ذلك يقترح استثمار الوثائق ‪ 4‬و ‪ .5‬و يتعلق‬
‫األمر بنص علمي [‪ ]v‬ل ‪ ]vi[ Claude ALLEGRE‬مصحوبا بأخطوط ‪ P‬و ‪ T‬لصخرة البريدوتيت جافة و أخرى غنية‬
‫بالماء ( انظر الوثيقتين ‪ 4‬و ‪.) 5‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪118‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫على إثر تحليل الوثيقتين ‪ 4‬و ‪ 5‬المستثمرتين ‪ ،‬يصبح متغير الضغط عامل مقبوال لدى المستهدفين و لتجذير التصور الثاني‬
‫المستهدف و ترسيخه لديهم يحبذ مقاربة حالة الذروات بداية‪ ،‬قبل االنتقال إلى مناطق الطمر‪ Subduction /‬السيما أن‬
‫االنصهار في هذه األخيرة يقتضي تدخل عامل إضافي ‪ :‬الماء المحرر من طرف الصفيحة المنغرزة مما يفضي حتما إلى‬
‫توفير شروط االنصهار الجزئي دون ارتفاع كبير لدرجة الحرارة أو تخفيض في الضغط‪...‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫تعتبر الوضعية‪ -‬المشكلة منطلقا لبناء المعرفة و تشكيل المفاهيم و تطوير الكفايات‪ ،‬إال أنها ترتبط بعدة مقومات‬
‫أساسية [‪: ]vii‬‬
‫طبيعة التصورات التي يستبطنها الفرد اتجاه موضوع التعلم‪...‬‬ ‫‪1‬‬
‫طبيعة المعرفة التي يمتلكها المتعلم إزاء موضوع التعلم‪...‬‬ ‫‪2‬‬
‫مجمل األنشطة والعمليات الذهنية التي يقوم بها الفرد (استنباط‪ ،‬استقراء‪،‬تحليل‪،‬استنتاج‪...)...‬‬ ‫‪3‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪119‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫طبيعة التعليمات و الدعامات و الوسائل التي توضع رهن إشارة المتعلم‪...‬‬ ‫‪4‬‬
‫لقد حاولنا من خلل هذا المثال ملمسة الخطوات األساسية للوضعية‪-‬المشكلة المتمثلة في مرحلتين رئيسيتين‬
‫ومتتاليتين [‪: ]viii‬‬
‫خلخلة التوازن و زعزعة االستقرار المعرفي للمتعلم ‪ ،‬حيث يدرك هذا األخير بوضوح تام قصور نموذجه‬

‫مرحلة ‪1‬‬
‫القبلي أو نسقه التفسيري ( الوضعية األولى للمفهمة ‪ )...‬و يحدد العائق( أو العوائق) الذي يحول دون بلوغه‬
‫الحل المناسب‪.‬‬
‫إعادة التنظيم و االستقرار حيث يعمد التلميذ إلى تجنيد طاقاته باحثا عن الحل المناسب ليصل في النهاية إلى‬

‫مرحلة ‪2‬‬
‫حالة توازن مع تخطي العائق المرصود ‪ ،‬فيتحقق تعديل التصور و اكتساب سليم و تملك فعلي تدريجي للمفهوم‬
‫المستهدف ‪ ،‬فضل عن تثبيت و تملك لكفايات معينة لدى التلميذ‪...‬‬
‫و يتعلق األمر هنا‪ ،‬بوضعية تعليمية يكون الفاعل األساسي فيها هو المتعلم و ليس المدرس مما يستدعي انخراطه اإليجابي و‬
‫الفعال في مختلف خطواتها‪.‬‬
‫غير أنه مهما بلغت أهمية الوضعية‪-‬المشكلة التي تتحقق فيها تعلمات " دالة" ‪" Apprentissage significatif‬‬
‫(نظرية ‪ ،) Ausubel‬فإنه ال يمكن توظيفها في جميع مقاطع البرامج المسطرة و ذلك‪:‬‬
‫* اعتبارا لما تتطلبه من وقت قلما يسمح به برنامج المادة‬
‫* نظرا لكون بعض المفاهيم المقررة ال تقتضي بالضرورة تجاوز عوائق معينة بل تعميق مكتسبات قبلية‪ ،‬مما يقتضي‬
‫توظيف هذه األداة فقط عند بناء المفاهيم التي يستلزم امتلكها تعديل جذريا في تصورات المستهدفين‬
‫ذ‪ /‬محمد الفتى ‪ -‬مفتش التعليم الثانوي‬

‫]‪[i‬أنظر‪ :‬الوضعية‪-‬المشكلة ‪ ،‬منطلقات في البناء‪ .‬مجلة علوم التربية‪ .‬عدد ‪ .24‬مارس ‪ . 2003‬ص‪.123 :‬‬
‫‪[ii] D et C. Orange, mise en œuvre d'une situation-problème en géologie, APBG, 3, 1993, P : 547‬‬
‫‪[iii] Claude ALLEGRE , Les fureurs de la terre, Paris, Odile Jacob, 1987 , P 103.‬‬
‫]‪[iv‬م‪ .‬لمباشري‪ .‬من بيداغوجية الخطأ إلى الهندسة الديداكتيكية‪.‬المجلة التربوية‪ .‬العدد ‪ .7‬ماي ‪ .97‬ص‪.53 :‬‬
‫]‪ [v‬يمكن مقاربة النص خلل حصة األنشطة العلمية التربوية ‪ ،‬كما يمكن ترجمته إلى اللغة العربية بمعية التلميذ‪.‬‬
‫‪[vi] Claude ALLEGRE , 1987, op. Cit. p 107-108‬‬
‫]‪[vii‬م‪ .‬أمزيان‪ .‬الذكاءات المتعددة و تطوير الكفايات‪.‬مطبعة النجاح الجديدة‪.‬الدار البيضاء‪. 2004.‬ص‪100-99:‬‬
‫‪[viii] D et C. Orange, mise en œuvre d'une situation-problème en géologie, APBG, 3, 1993, P : 555‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪120‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫تدريس الوراثة باإلعدادي‬
‫|‬ ‫الكاتب‪ :‬علي ايتحسيــن‬
‫يهدف تدريس انتقال الصفات الوراثية عند اإلنسان إلى تمكين المتعلمين من بناء تصور أولي حول المفاهيم المتعلقة‬
‫بالوراثة ‪ .‬وإذا كان تناول بعض المفاهيم األساسية للوراثة قد تم اإلعداد والتمهيد لها في المستويات السابقة ك ‪:‬‬
‫*الخلية وحدة تركيب الكائن الحي ؛‬
‫*اإلخصاب ونمو البيضة؛‬
‫*مفهوم البرنامج الوراثي الذي يمكن من إعطاء ‪ /‬تقديم تفسير أولي لوحدة النوع البشري ولوحدة كل فرد من أفراده من جهة‬
‫ولتنوع واختلف الكائنات الحية من جهة ثانية ‪،‬‬
‫فإن ذلك ال يعني التدليل الكلي للصعوبات لتناول هذه الوحدة الفرعية ‪ ،‬إذ مازالت هناك صعوبات متنوعة منها ‪:‬‬
‫‪ +‬استحالة إنجاز التجارب على اإلنسان ؛‬
‫‪ +‬ضئالة الغلف الزمني المخصص للتطرق إلى الموضوع ‪ ،‬بحيث يجب تناول المحاور التالية في ست ساعات ‪:‬‬
‫*انتقال بعض الصفات و األمراض الوراثية؛‬
‫*دور الصبغيات في نقل الصفات الوراثية؛‬
‫*عواقب زواج األقارب؛‬
‫*االستنساخ‪.‬‬
‫‪ +‬التاثير السلبي للتمثلت الناجمة عن النماذح التفسيرية المعتمدة ‪ ،‬ولعل من أكثرها استعماال نموذج العقد الذي يترتب عنه‬
‫ما يلي ‪:‬‬
‫‪+‬مورثات مستقلة بعضها عن بعض ؛‬
‫‪+‬موضوعة بشكل خطي ؛‬
‫‪+‬االفتراق وإعادة التركيب بشكل اعتباطي‪ .‬هذا باإلضافة إلى الصورة الجديدة التي أتت بها الوراثة الجزيئية‪ :‬رسالة مشفرة‬
‫‪.1‬سلبيات نموذج العقد ‪:‬‬
‫ال يمكن نكران الدور اإليجابي الذي لعبته صورة العقد في وقت معين تمثل في حساب المسافة و تحديد المواقع النسبية‬
‫للمورثات ‪ ،‬لكن سلبيات هذا التصور كبيرة جدا‪ ،‬فإذا كان من الواجب اعتبار المورثات مستقلة على المستوى التوافقي‬
‫لتفسير االفتراق و إعادة التركيب ‪ ،‬فإنها ليست مستقلة على المستوى الوظيفي ‪ .‬فهذا النموذج ال يأخذ بعين االعتبار الكل‬
‫الوظيفي الذي يشكله االشتغال المنسجم والمنظم لمجموع مورثات الخلية بل لمجموع الخليا ‪ .‬إذا ما اعتمدنا هذا التصور‬
‫فإننا سننشر تصورا ميكانيكيا والتشكل القبلي للمورثة لدى كل فرد ‪،‬يتمثل في الوجود القبلي لمخزون من المورثات التي‬
‫تتحكم في الصفات ومستقلة بعضها عن بعض ومستقلة عن المحيط ‪ ،‬الفرد عبارة إذن عن فسيفساء من العناصر المتراكبة‬
‫‪ .2‬تأثير التمثالت على السلوكات‬
‫إذا ما اعتبرنا التمثل كآداة يدرك بها الفرد محيطه ‪ ،‬فإنها تلعب دورا اجتماعيا في تشكل السلوكات االجتماعية وهذا ما‬
‫يساهم في تجدير التمثلت ويكسبها مقاومة أكبر ‪ .‬مثال ‪ :‬الموهبة ‪ ،‬المرض‪.‬‬
‫‪ -1.2‬مفاهيم الوراثة ومفهوم الموهبة ‪:‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪121‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫مفهوم غير سلوكي ‪ ،‬إنه تمثل اجتماعي ‪ ،‬بورديو و باسرون تحدثا عن األيديولوجية الكاريزماتية في كتابهم‪" :‬الورثة "‬
‫‪ ،‬التأثير الوراثي حاضر في هذا المفهوم‪ ،‬يمكن تعويض مفهوم الوراثة بكلمات عديدة مثل ‪ :‬موهوب ‪ ،‬مؤهل‪ ،‬عبقري سابق‬
‫لعصره‪ ،‬كما تستعمل داخل المؤسسة‪ ،‬مجالس األقسام والتوجيه ‪ ،‬بل و تستعمل أحيانا لوصف المؤسسة ( شهادة األهلية‬
‫التربوية) ‪ .‬كل هذه الكلمات معقدة وتطابق حالة ‪ ،‬فنحن موهوبون أو غير موهوبين ‪ ،‬كما انها تطابق شيئا نمتلكه أو ال‬
‫(الموهبة)‪.‬هذا التمثل يحدد سلوكا مدرسيا و هذا ما يميزه كتمثل اجتماعي‪ .‬هذا الزوج(موهوب‪/‬غير موهوب) له علقة‬
‫باالندماج االجتماعي وبالدرجة األولى المدرسي عن طربق النجاح أو الفشل الدراسي ‪ .‬غير الموهوب يقصى من المدرسة‬
‫ثم من المجتمع عن طريق الفشل ‪ ،‬الموهوب يدمج في المدرسة(المجتمع) عن طريق النجاح ‪.‬إن تأثير التمثلت على‬
‫السلوكات أكدته العديد من التجارب("تأثير بيكماليون" ‪)...‬‬
‫في الكتب المدرسية للقرن الماضي‪ ،‬هناك إشارة صريحة إلى وراثة الموهبة "الموهبة الموسيقية" والدليل شجرة النسب‬
‫لعائلة "باش" حيث نميز موسيقيين خارقين‪/‬نادرين‪/‬ممتازين وموسيقيين موهوبين‪ .‬إن ما يجب أن نطرحه هنا بخصوص‬
‫تحديد مفهوم الموهبة هو التعرف واالعتراف االجتماعي ‪ ،‬فالمفهوم ال يمكن تجميده في تعريف محدد فهو يضم كل أشكال‬
‫اشتغاال ته العلمية و األيديولوجية ‪ ،‬فبعض مظاهر تصور المورثة تقود ‪ ،‬عن طريق التمثلت التي تستدعيها ‪ ،‬إلى مفهوم‬
‫الموهبة وتدعمها‪ ،‬ومظاهر أخرى على العكس تعارضها‪ .‬ومن المظاهر التي تنحو في اتجاه مفهوم الموهبة هناك ‪:‬‬
‫*الصفة الميكانيكية والقبل التكوينية للمورثة ومماثلتها بصفة عيون بنية مثل ‪ ،‬نشئ الذكاء ونعتبره كصفة قبل تكوينية محددة‬
‫وراثيا تظهر بغض النظر عن عوامل المحيط‪/‬الوسط‬
‫‪ -2.2‬مفاهيم الوراثة ومفهوم المرض‬
‫*وجود أمراض وراثية ناجمة عن أخطاء فطرية للستقلب‪ ،‬المرض له ظاهريا صفة معقدة أكثر من الذكاء‪ ،‬والعلقة‬
‫مورثة‪ /‬مرض(ناجم عن خلل في و ظيفة أنزيم معين) تصلح كنموذج للعلقة مورثة ‪ /‬موهبة وهذا بمعزل تام عن الوسط‬
‫إضافة إلى ذلك فهذه األمراض ال يمكن معالجتها‪ .‬ويجب أن نسجل أيضا أن مفهوم المرض الوراثي يولد تمثل مخالف‬
‫وعكس األمراض المقبولة‬
‫*الصحة والمرض ‪ :‬المرض شيء خارجي يفرضه نمط العيش وهذا األخير يفرضه المجتمع ‪ ،‬هناك صراع بين الصحة‬
‫والمرض ‪ ،‬كل ما هو خارجي مرضي وما هو داخلي صحي ‪،‬هذا التصور يبرئ الفرد ويتهم المجتمع وهو مرتبط(التصور)‬
‫ب‪:‬‬
‫‪+‬العلقة التعارضية بين العادي والمرضي؛‬
‫‪+‬غياب فكرة التنظيم من حيث أن الفرد في صراع ضد العوامل الممرضة؛‬
‫*األمراض الوراثية تتجه ضدا على االتجاه السالف ‪،‬هذا التصور يقصي األمراض الوراثية ألنها داخلية وألنها كذلك فإنها‬
‫ال يمكن أن ترى إال كعيب ‪ /‬كجرم شخصي؛‬
‫*التجارب التي نقوم فيها بقياس وراثة التعلمات باعتماد روائز التعلم عند الفئران يمكنها أن تقود إلى الخلط بين رائز التعلم و‬
‫رائز الذكاء‪ ،‬روائز التعلم تعتمد على قياسات موضوعية في حين تبقى قياسات الذكاء محط نقاش حول ما إذا كانت تقيس‬
‫فعل ما تدعي قياسه‪.‬‬
‫‪ -3‬حدود المعالجة ‪:‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪122‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬


‫لعل أهم األسئلة التي تطرح نفسها بإلحاح لدى تناولنا لهذه الوحدة الدراسية تتعلق بحدود مستوى تعميق مفهوم الوراثة ‪،‬‬
‫فحدود المعالجة غير واضحة تماما ‪ ،‬وبالرجوع إلى التوجيهات التربوية طبعة غشت ‪( 2009‬الصفحة ‪ ) 19‬نجد ما يلي‪" :‬‬
‫بالنسبة للتوالد عند اإلنسان ‪...‬وفي نفس السياق تتم معالجة بعض الجوانب المرتبطة بعلم الوراثة عند اإلنسان على أن يتم‬
‫اختيار األمثلة والوثائق الداعمة في تناسق تام مع المستوى االستيعاب للمتعلم ‪ ، "...‬كما أن الكتب المدرسية التي يسترشد بها‬
‫األساتذة متباينة في هذا الموضوع ‪ ،‬فمنها من لم يشر بتاتا بشكل صريح للمورثات (مثل المفيد) ‪ ،‬وأخرى على العكس من‬
‫ذلك (مثل المسار) أشارت إليه ‪ ،‬فما هي حدود التي ينبغي الوقوف عندها لدى التطرق لهذا الموضوع ؟‬
‫ليس لدي جواب قاطع‪ ،‬لكن هناك اقتراح جد متواضع من بين العديد من االقتراحات الممكنة ‪ ،‬للنقط الواجب تناولها و مقترح‬
‫جذاذة تربوية بمثابة تصريف لهذه النقط ‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن يتم تناول وجود الخبر وراثي وعلقة هذا الخبر بالصبغيات وانتقاله بشكل ملموس قدر اإلمكان ؛‬
‫‪ -‬عدم تناول مراحل و آليات االتقسام ( المباشر وغير المباشر) وعدم التطرق أيضا لبنية ‪ ADN‬؛‬
‫‪ -‬يجب اختيار األمثلة بشكل ال يحيلنا باألساس على األمراض ‪ ،‬فالهدف من األمثلة هو ربط هذه الدراسة باالهتمامات‬
‫اليومية‪ /‬الواقع المعيش ‪ ،‬الشئ الدي يمكن من إعطاء بعد تربوي لهذا التدريس ‪.‬‬
‫‪-‬استدراج المتعلمين للتأمل في األفكار التي نكونها حول أنفسنا وحول اآلخرين‪ :‬الموهبة ‪ ،‬األمراض الوراثية العرق‪...‬‬

‫ⵏⴰⴱⴽⵉⵓⴱ ⵎⴰⵍⵍⴰⵙ‬ ‫‪123‬‬ ‫‪juillet 2019‬‬

You might also like