Professional Documents
Culture Documents
الصيغة النهائية للتعليق على قرار
الصيغة النهائية للتعليق على قرار
الصيغة النهائية للتعليق على قرار
واالقتصادية واالجتماعية
عين السبع
السنة الجامعية
2022\2021
مقدمة
الشك أن قبل دخول أي عقار لنظام التحفيظ العقاري ،ال بد أن يمر عبر مجموعة من
اإلجراءات و الشكليات الضرورية التي نص عليها المشرع المغربي في ظهير التحفيظ
العقاري ،و يصطلح عليها بمسطرة التحفيظ ،ففي حالة عدم وجود صعوبات و مشاكل
،تنتهي هذه اإلجراءات المسطرية بتأسيس الرسم العقاري.غير أن هذه اإلجراءات قد
تصطدم بعدة عراقيل ،يصطلح عليها عادة بالتعرض على مسطرة التحفيظ ،إذ أجاز المشرع
لكل من يدعي حقا عينيا على عقار أن يتدخل فيها عن طريق التعرض؛هذه األخير سيكون
المحور األساسي لوقائع نازلة القرار الذي بين أيدينا.
و تتلخص و قائعه في أنه تم تقديم مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية بالجديدة بتاريخ
،1964/9/25يطلب فيه موال ي جعفر و حليمة و خديجة و أم هاني و احمد تحفيظ ملكهم
المسمى "حمري الحجي "؛ و بتاريخ 1965 /2/3تعرض على المطلب المذكور محمد
النائب عن ولديه محيى الدين و عزالدين مطالبين بكافة الملك ،لتملكهما له باإلرث من القائد
أحمد بمقتضى رسم التنزيل .
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة اإلبتدائية بأسفي ،صرفت النظر عن إجراء معاينة
على محل النزاع لعدم أداء المصاريف من الطرفين ،وحكمت بأن المتعرض المذكور في
غير محله؛ هذا الحكم استئنفه المتعرضان فقضت محكمة اإلستئناف المذكورة بإلغاء الحكم
المستأنف و تصديا الحكم بصحة التعرض ،إذ قال ":فقد خرج محمد و كذا الهالك المذكور
بحكم األبوة لو لديه الموصى لهما بالثلث بعشرة محالت بالثغر ألسفي ،و من ضمن هذه
المحالت العقار المطلوب تحفيظه ،و الذي يعد الموصي من ضمن مالكيه ".
هذا ،وقد قامت كل من طالبة التحفيظ الثانية حليمة (ب) و ورثة طالبة التحفيظ الثالثة
خديجة بالطعن بالنقض ضد القرار اإلستئنافي السالف الذكر ،بسبب خرق قاعدة مسطرية
أضرت بهما ،و التي توجب أن يكون الحكم مساويا للمطالب المحدودة دون زيادة أو
نقصان؛ ذلك أن المستأنفين المتعرضين حصرا طلبهما باعتبارهما مدعيين في اإلشهاد
بالصلح المتضمن استحقاق طالبي التحفيظ لنصف العقار و الباقي للمستأنفين ،و الذي جاء
الحقا للمخارجة و الوصية التي اعتمدها القرار؛ إذ أن المتعرضين نفسهما طالبا استبعادها،
إال أن القرار قضى بصحة التعرض بخصوص جميع العقار المطلوب تحفيظه.
و بعد اطالع محكمة النقض على القرار المطعون فيه تم نقضه ،حيث أقرت أنه ليس هناك
ما يمنع المطلوبين في ال نقض من تقليص تعرضهما و اإلدالء بعقد الصلح عدد 549
المؤرخ في 1970 /3/30أمام محكمة اإلستئناف لتدعيم ذلك ،و أنه بمقتضى الفصل 37
1
من ظهير التحفيظ العقاري ،إذا تنازل المتعرض عن تعرضه أثناء جريان الدعوى ،فإن
المحكمة المعروض عليها النزاع تقتصر على اإلشهاد بذلك التنازل ،و تحيل الملف على
المحافظ الذي يقوم عند اإلقتضاء بالتحفيظ ،مع اعتبار اتفاقات األفراد أو تصالحهم .
تبعا لما سبق ،يتبين لنا من خالل وقائع القرار أنه يعالج إشكالية محورية تتمثل فيما يلي :
ما مدى نجاعة مؤسسة الصلح في فض النزاعات الناشئة عن التعرضات على
مطلب التحفيظ ؟
2
المطلب األول :مسطرة التعرض على مطلب التحفيظ
إ ذا كانت مسطرة التحفيظ مسطرة إدارية في أصلها ،فإنها تمر بمجموعة من المراحل
يجب إتباعها سواء من طرف المحافظ على األمالك العقارية ،أو من طرف طالب التحفيظ،
حيت تكون البداية بتقديم مطلب التحفيظ والذي يخضع لعملية اإلشهار ،ثم تأتي عملية
التحديد ا لتي يقوم بها المهندس الطبوغرافي بعين المكان من أجل ضبط حدود العقار و
معالمه و مشتمالته و مساحته ،بعد ذلك يتم نشر اإلعالن عن إنتهاء التحديد بالجريدة
الرسمية ،و الذي يفتح المجال لكل ذي مصلحة في التعرض على هذا المطلب ذلك داخل
أجل شهرين.1
وإذا لم يظهر أي متعرض طيلة مسطرة التحفيظ يتخد المحافظ قرار بشأن التحفيظ إما
بالقبول أو الرفض ،لكن مسطرة التحفيظ قد تتخللها تعرضات أحيانا عن حق و أحيانا أخرى
بدون حق و هي الفرضية األكتر وقوعا.2
وعليه ،فإنه من حق كل شخص يدعي حقا على عقار معين موضوع مسطرة التحفيظ أن
يتدخل عن طريق التعرض ،هذا األخير عرفه األستاذ محمد خيري بأنه " :وسيلة قانونية
يمارسها الغير للحيلولة دون إتمام إجراءات التحفيظ و ذلك خالل اآلجال القانونية
المقررة ،و يهدف التعرض بهذا المعنى إلى توقيف إجراءات التحفيظ من طرف المحافظ و
عدم اإلستمرارةفيها إلى أن يرفع التعرض و يوضع حدا للنزاع عن طريق المحكمة أو
إبرام صلح بين األطراف".3
و من هذا المنطلق سنتطرق إلى كيفية تقديم التعرض على مطلب التحفيظ (الفقرة
األولى) ،ثم إلى آجال التعرض على مطلب التحفيظ ( الفقرة الثانية).
-1نور الدين أمزيان ،التعرضات اإلستثنائية عاى مطلب التحفيظ ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،وحدة التكوين و
البحث في قانون العقود و العقار ،كلية الحقوق وجدة جامعة محمد األول وجدة الموسم الجامعي ،2007/2006الصفحة .2
-2محمد خيري ،العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي ،دار نشر المعرفة ،طبعة ،2018الصفحة .186
-3محمد خيري ،مرجع سابق ،الصفحة .234
3
-1ف ي حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو
بشأن حدود العقار.
-2في حالة اإلدعاء بإستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي
سيقع تأسيسه.
-3في حالة المنازعة في حق وقع اإلعالن عنه طبقا للفصل 84من هذا القانون.
حيت أن الحالة األولى هي التي تنطبق على وقائع نازلة القرار ،و ذلك من خالل
تعرض محمد النائب عن و لديه محيي الدين و عز الدين مطالبين بحق ملكية
العقاربأكمله.
كما أن التعرضات أحيانا تقدم من طرف المالك على الشياع ،حينما ينازع شريكه في
حصته أو في حدودها ،4عالوة على ذلك فقد أجاز المشرع في الفصل 26من القانون
السالف الذكر تقديم التعرض نيابة عن القاصرين و فاقدي األهلية و ناقصها و عن
الغائبين و عن المفقودين و ذلك من طرف ممثليهم القانونيبن(الولي ،الوصي ،المقدم)،
أو من قبل القاضي المكلف بالقاصرين أو من طرف و كيل الملك ،شريطة أن يثبت كل
هؤالء نيابتهم القانونية أو وكالتهم ،غير أنه ال يمكن لهم المطالبة بحقوق عينية غير
خاضعة لظهير التحفيظ العقاري ،و التي ال يمكن تسجيلها على الدفاتر العقارية ( الفصل
65من ظهير التحفيظ العقاري) ،و هذا ما ينطبق على وقائع نازلة القرار حيت تم تقديم
التعرض من طرف محمد النائب عن ولديه محيي الدين و عز الدين.
و التعرض ليس وقفا على األشخاص الطبيعيين بل يمكن مباشرته حتى من طرف
األشخاص المعنويين الذين يتمتعون بالشخصية القانونية.5
أما من ناحية كيفية تقديم التعرض ،فإن الفصل 25من ظهير التحفيظ العقاري ،نص
على أن تقديم طلب التعرض ،ي تم إما بتصريح كتابي أو شفوي أمام المحافظ على
األمالك العقارية ،أو أمام المهندس المساع الطبوغرافي المنتدب أتناء عملية التحديد،
حيت حصر المشرع ت لقي التعرض في المحافظ و المهندس المساح الطبوغرافي ،على
عكس ما كان عليه الحال في السابق.
إضافة إلى ما سبق ،فإن طلب التعرض سواء كان مكتوبا أو شفويا ،فإنه البد من أن
تتوفر فيه مجموعة من البيانات األساسية ،و هي التي نص عليها في الفصل 25من
ظهير التحفيظ العقاري. 6
4
أما إدا قدم التعرض بإسم الغير فيجب إحترام الشكليات المنصوص عليها في الفصل 26
من نفس القانون.7
عموما ،فإن أبرز إشكال يطال مسطرة التعرض هي إشكالية التبليغ ،حيت أثبت
الواقع العملي أن المحافظ على األمالك العقارية يقوم بتوجيه مراسالته و إنذاراته
للمتعرض بالعنوان الذي صرح به لدى المهندس الطبوغرافي المكلف بعملية التحديد
األولي أو المبين في تعرضه المرسل عن طريق البريد المضمون ،أو المودع مباشرة
في مصلحة المحافظة العقارية من أجل إتمام إجراءات التعرض.8
-7ينص الفصل 26من ظهير التحفيظ العقاري على ":يجب على كل شخص يقدم طلب التعرض باسم الغير:
- 1أن يثبت هويته؛
- 2عندما يتعرض بصفته وصيا أو نائبا قانونيا أو وكيال أن يبرر ذلك باإلدالء بوثائق
صحيحة وأن يعطي البيانات المقررة في الفصل 22من هذا القانون ،وأن يدلي برسوم
اإلراثات عندما يتعلق األمر بشركاء في اإلرث".
-8م حمد الحسناوي ،مقال بعنوان" مسطرة التحفيظ الغعادي بين الزمن اإلفتراضي و الزمن الحقيقي" ،منشور بمجلة" المجلة المغربية للقانون
التجاري و األعمال " عدد مزدوج ،5-4سنة .2018
5
القانون ،بحيث خول للمهمل إمكانية تدارك ما فاته عن طريق تقديم تعرض خارج
األجل أمام المحافظ على األمالك العقارية ،ما دام ملف التحفيظ لم يحال على القضاء.
ثانيا :أجل التعرض اإلستثنائي
يجوز لكل شخص تماطل عن تقديم تعرضه داخل االجال العادية أن يتدخل في
مسطرة التحفيظ عن طريق تعرض استثنائي خارج األجل المحدد قانونا حسب
مقتضيات الفصل 29من ظهير التحفيظ العقاري ،حيت اشترط المشرع على من يرغب
في تقديم تعرض استتنائي على مطلب التحفيظ ،أن يتقدم بطلبه أمام المحافظ على
األمالك العقارية المختص ،قبل إحالة الملف على القضاء من أجل البت في صحة
التعرضات المقدمة ضد مطلب التحفيظ ،و هو بهذا قد جعل هذا اإلختصاص يقتصر
على المحافظ ،و بالتالي لم يعد من اختصاص السلطة القضائية في شخص و كيل الملك
قبول أي تعرض استتنائي ،كما كان عليه األمر في ظل الفصل 29من ظهير 25
غشت 1954الذي عدل ظهير 13غشت 1913المتعلق بالتحفيظ العقاري.
و هكذا ،قضت محكمة النقض بأنه" :خولت مقتضيات الفصل 29من قانون
التحفيظ العقاري للمحافظ على األمالك العقارية إمكانية قبول التعرض خارج األجل
المقرر في الفصل ، 27و تم تقييده في ذلك إال في حالة واحدة ،و هي الحالة التي
يكون فيها ملف التحفيظ ال زال تحت يديه ،و لم تشترط و جود تعرض سابق داخل
األجل حتى يسمح له بقبول التعرض خارج األجل ،فصالحيته بقبول هذا التعرض
مقرونة بشرط عدم إحالة الملف على المحكمة اإلبتدائية لتنظر في التعرض طبقا
للفصل 37من نفس القانون".9
و المالحظ أن هذا الفصل ترك أمد التعرض االستتنائي مفتوحا و لم يقيده بأجل محدد،
مما قد يؤثرعلى استقرار المعامالت.
تأسيسا على ماسبق ،فانطالقا من مستجدات القانون 14.07يمكن القول على أن تقديم
التعرضات خارج األجل أصبحت محصورة في حالة واحدة و هي أمام المحافظ على
األمالك العقارية ،و ذلك بشرط اإلدالء بالوثائق المبينة لألسباب التي منعته من تقديم
تعرضه داخل األجل ،و تقديم المستندات و الوثائق المؤيدة للتعرض ،مع ضرورة أداء
الوجيبة القضائية و حقوق المرافعة ،ما لم يكن الشخص مستفيدا من المساعدة القضائية ،و
شريطة عدم إحالة الملف على المحكمة.10
و يبقى اإلشكال المطروح حول مدى قابلية قرار المحافظ برفض التعرض االستتنائي
للطعن القضائي ،حيت نص الفصل 29من ظهير التحفيظ العقاري في فقرته األخيرة على
أن قرار المحافظ على األمالك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي ،و هذا
6
ما جاء في قرار لمحكمة النقض حيث قضت بأنه" :إذا كان قرار المحافظ العقاري برفض
التعرض االستتنائي طبقا للفصل 29من ظهير التحفيظ العقاري ،اليقبل أي طريق من
طرق الطعن بصريح النص فإن قراره بفتح تعرض استتنائي يقبل الطعن لفحص
مشروعيته".11
خالصة القول ،فإن حصر المشرع الجهة المختصة في تلقي التعرضات االستثنائية
في المحافظ على األمالك العقارية دون وكيل الملك ،يتنافى مع دولة المؤسسات التي تنبني
على المشروعية و الرقابة اإلدارية على القرارات اإلدارية.
7
المطلب الثاني :الجهات المختصة بالبت في الصلح كألية إلنهاء التعرض
يعتبر الصلح من أهم اإلجراءات المسطرية في مرحلة التعرضات ،حيث يمكن أن يتم
هذا الصلح خالل المرحلتين اإلدارية و كذا القضائية .ومن ثم سنتناول البت في الصلح من
طرف المحافظ على األمالك العقارية في (الفقرة األولى ) و البت في الصلح من طرف
القضاء (الفقرة الثانية).
8
يبذل غاية جهده للتوفيق بينهما ،وإن إقتضى الحال التوجه مع الفريقين إلى عين المكان
لدراسة النزاع بكيفية أوفى و أبلغ دون أن يتحملوا أية مصاريف .
و إذا حصل اإلتفاق المنشود بين األطراف فبإمكان المحافظ إنجاز تقرير حضور ،يبين فيه
النقط التي تم التصالح بشأنها و يوقعه األطراف ،ثم يدرج في مطلب التحفيظ حيث يكون
لهذا اإلتفاق قوة اإللتزام العرفي ،وبناء على هذا التصالح يتخذ المحافظ قراره بتحفيظ العقار
وتأسيس الرسم العقاري وفقا لما تم التصالح بشأنه ،إن لم يكن هناك تعرض أخر.
هذا ،ويعتبر محضر الصلح الذي وقعه الطرفان ذا قوة إثباتية ،فهو ملزم لهما وال يطعنان
فيه إال بما يطعن في العقد؛ فيجوز بوجه خاص أن يطعنا فيه باالبطال لنقص في األهلية أو
لعيب في الرضا من غلط ،أو تدليس ،أو إكراه .14
و في نفس المقام ،يتم تحرير محضر الصلح بمبادرة من المحافظ على األمالك العقارية أو
بمبادرة من الغير قصد إجراء الصلح أمام المحافظ . 15لكن إذا طلب الطرفين أو أحدهم من
هذا األخير محاولة إجراء الصلح بين طالب التحفيظ و المتعرض ،فهل يستطيع رفض هذا
الطلب ؟
يرى أحد الفقه 16أ ن المحافظ على األمالك العقارية يمكنه رفض طلب إجراء الصلح بين
الطرفين إذا بدا له أن النزاع يتعذر تسويته حبيا ،لكننا نرى عكس ذلك مادام الطرفين
تراضيا على إجراء الصلح فعليه مساعدتهم قصد حل النزاع حبيا قبل الوصول إلى
المحكمة.
أما المدة الزمنية التي يمكن من خاللها إجراء الصلح ،فتبتدأ منذ إيداع التعرض إلى ما قبل
إحالة الملف على المحكمة اإلبتدائية ،أما بعد ذلك فإن االختصاص يعود لهذه األخيرة التي
تشهد غالبا على تصالح الطرفين وهذا ما تنص عليه الفقرة الرابعة من الفصل 37من
ظهير التحفيظ العقاري.
هذا،ففي حالة رفض ال تعرض من قبل المحافظ لسبب من األسباب فإنه ال يكون للتصالح أي
معنى.
وعليه ،ف عدم التوصل إلى الصلح بين األطراف أو عدم رفع التعرض و قبوله من طرف
طالب التحفيظ ،يفيد تشبت كل طرف بمطالبه ،يترتب عن ذلك توقف المرحلة اإلدارية،
وبدء مرحلة جديدة هي المرحلة القضائية ،إذ يقتضي األمر إحالة ملف التحفيظ على
المحكمة المختصة وهي المحكمة اإلبتدائية.
- 14عبد العالي دقوقي " ،نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية والتطبيق" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدارالبيضاء ،طبعة 1441ه2020 /م.
- 15محمد خيري " ،التعرضات أثناء التحفيظ العقاري في التشريع العقاري المغربي " م .س .199 ،
-16جمعة محمود الزريتي " ،محضر الصلح بين طالب التحفيظ و المتعرض" ،م .س ،ص .21
9
الفقرة الثانية :البت في الصلح من طرف القضاء
إن إمكانية إقامة صلح بين األطراف ليست محصورة لدى المحافظ ،فإذا ما قام هذا
األخير برفع الملف إلى المحكمة ،فإن ذلك يفيد بأن محاوالته من أجل إقامة صلح قد باءت
بالفشل ،وهذا ال يعني أنه لم يعد باإلمكان الوصول إلى إتفاق بين األطراف ،فقد برهنت
التجربة عكس ذلك في كثير من الحاالت ،حيث يتدخل القاضي بكيفية حكيمة ليتمكن من
حسم النزاع بعد الحصول على إتفاق بين األطراف.
و في نفس اإلطار ،بعد إحالة الملف من طرف المحافظ العام على األمالك العقارية على
17
المحكمة اإلبتدائية كدرجة أولى من درجات التقاضي يعين رئيس المحكمة قاضي مقرر
لتجهيز القضية و البحث في كل ما يحيط بها .
وعلى القاضي المقرر 18أن يسعى إلى هذا االتفاق ويمكن الحصول عليه في أي مرحلة
من مراحل المسطرة ،ولكن غالبا ما تتوفر األسباب المناسبة لذلك وقت التنقل إلى عين
المكان ،حيث يتوجب على القاضي المقرر أن يستحضرذكائه ومعلوماته النفسانية ليعرف
في بادئ األمر هل توجد إمكانيات التصالح ،وإذا ما تأكد من ذلك عليه أن يتدخل في الوقت
المناسب بما يليق من عبارات ،أو أن يختار شخصا أخر عند االقتضاء ممن يتمتع بتقدير
األطراف ليتدخل بدوره قصد حملهم على التصالح .
وغالبا ما يكون الوقت المناسب بعدما يدلي األطراف بجميع ما لديهم من وسائل و حجج،
حيث تمر األمور عكس ما كانوا يتصورون من سهولة ،مما يبعث الشك في نفوسهم بشأن
حظوظهم ،فتبدأ خطوة التفكير في التصالح تتراءى لهم وسط ضجيج الشهود و الحاضرين،
حيث يبادر القاضي اللبيب لحملهم على التصالح و مساعدتهم على تخطي كل الصعاب التي
تعترضهم .وإذا ما تح ققت هذه النتائج فما على القاضي إال اإلشهاد عليهم بالتصالح لكي
يعطي التفاقهم الصيغة النهائية و التنفيذية 19طبقا للفقرة الرابعة من الفصل 37من ظهير
التحفيظ العقاري.
و بالرجوع للقرار الماثل بين أيدينا ،نالحظ أن المرحلة اإلبتدائية صدر فيها حكم رقم 8
الذي قضى بأن المتعرض المذكور في غير محله ،و صرفها النظر عن إجراء معاينة على
محل النزاع لعدم أداء المصاريف من الطرفين .
أما المرحلة اإلستئنافية ثم الطعن في الحكم االبتدائي من طرف السيد محمد النائب عن
ولديه م حيى الدين و عزالدين بإستئناف حكم المحكمة اإلبتدائية.
- 17القاضي المقرر " هو قاض ينتمي للهيئة يتم تعيينه من طرف رئيس المحكمة لتهيئ قضية معينة أو قضايا معينة ،فهو الذي يبحث في النزاع و
يسيره بأبسط الوسائل و أ كثرها فعالية " ،أورده محمد خيري " ،حماية الملكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب " ،الطبعة الثانية ،2001
مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،الصفحة .227
-18الفصل 32من ظهير التحفيظ العقاري الذي ينص على أنه " :خالل الثالثة أشهر الموالية إلنصرام األجل المنصوص عليه في الفصل 23
يوجه المحافظ على األمالك العقارية مطلب التحفيظ و الوثائق المتعلقة به إلى المحكمة اإلبتدائية ".
- 19محمد خيري ،العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي " ،طبعة ،2014مطبعة دار نشر المعرفة ،الرباط ،الصفحة .322
10
وقضت بإلغاء الحكم اإلبتدائي والحكم بصحة التعرض ،لكن بالرجوع للقرار الذي جاء
في حيثيات المستشار أثناء تعليله أنه ثم تضمين الصلح من طرف المتعرضين و المحكمة
هنا إكتفت بالحكم بصحة التعرض دون البث في الصلح وهذا يعتبر خرقا مسطريا
للمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 37من ظهير التحفيظ العقاري الذي جاء فيه " :إذا
قبل التعرض أثناء جريان الدعوى من طرف طالب التحفيظ أو المستفيد من حق تم
التصريح به طبقا للفصل ،84أو تنازل المتعرض عن تعرضه فإن المحكمة المعروض
عليها النزاع تشهد بذلك القبول أو التنازل و تحيل الملف على المحافظ على األمالك
العقارية الذي يقوم عند االقتضاء بالتحفيظ مع إعتبار إتفاقات األطراف أو تصالحهم ".
ويعتبر هذا الخرق فيه إضرار بالنسبة لألطراف الذين لهم الحق في الطعن بالنقض
كدرجة من درجات التقاضي المنصوص عليها بمقتضى الفصل 359من قانون المسطرة
المدنية .20
مما عرض قرار محكمة اإلستئناف للطعن بالنقض ،إذ قامت كل من طالبة التحفيظ
الثانية حليمة و ورثة طالبة التحفيظ الثالثة خديجة لعلة خرق قاعدة مسطرية أضرت
باألطراف ،حيث يجب أن يكون القرار مساويا لمطالبهم ،وبالتالي كان على المحكمة
االستجابة للمطلب المتمثل في إستحاق طالبي التحفيظ لنصف العقار و الباقي للمستأنفين كما
تم تصالح بشأنه .
وفي هذه الحالة تكتفي المحكمة باإلشهاد على التنازل و تحيل الملف على المحافظ على
األمالك العقارية إلكمال اإلجراءات.
وتطبيقا للفقرة الرابعة من المادة 37من ظهير التحفيظ العقاري تعتبر محكمة االستئناف قد
جانبت الصواب ،وهذا ما صحته محكمة النقض من خالل هذا القرار.
-20جاء فيه " :يجب أن تكون طلبات نقض األحكام المعروضة على محكمة النقض مبنية على أحد األسباب اآلتية:
-1خرق القانون الداخلي ؛
- 2خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد األطراف ؛
-3عدم االختصاص ؛
- 4الشطط في إستعمال السلطة ؛
-5عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو إنعدام التعليل .
11
خاتمة
صفوة القول ،نستخلص من خالل تحليلنا لحيثيات القرار أن محكمة النقض كانت موفقة
في قرارها لما نقضت القرار المطعون فيه ،إذا أن هذا األخير تغاضى عن تطبيق قاعدة
مسطرية جوهرية ،و هي اإلشهاد على التنازل الصادر من األطراف أثناء جريان الدعوى،
و هذا ما نص عليه المشرع بطريقة صريحة في الفصل 37من ظهير التحفيظ العقاري.
12
الئحة المراجع:
❖الكتب:
محمد خيري " ،حماية الملكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب " ،الطبعة •
الثانية ،2001مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط
محمد خيري ،العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي " ،طبعة ،2014 •
مطبعة دار نشر المعرفة ،الرباط.
إدريس الفاخوري " ،نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ،"07-14 •
منشورات مجلة الحقوق ،طبعة .2015
عبد العالي دقوقي " ،نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية والتطبيق" ،مطبعة •
النجاح الجديدة ،الدارالبيضاء ،طبعة 1441ه 2020 /م.
محمد خيري " ،الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغربي "،مطبعة النجاح •
الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة الثالثة ،السنة .2018
❖ الرسائل:
• ن ور الدين أمزيان ،التعرضات اإلستثنائية على مطلب التحفيظ ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،وحدة التكوين و البحث في قانون العقود
و العقار ،كلية الحقوق ،جامعة محمد األول وجدة الموسم الجامعي .2007/2006
❖ المقاالت:
• محمد الحسناوي ،مقال بعنوان" مسطرة التحفيظ الغعادي بين الزمن اإلفتراضي و
الزمن الحقيقي" ،منشور بمجلة" المجلة المغربية للقانون التجاري و األعمال " عدد
مزدوج .5-4
13
• الظهير الشريف الصادر في 9رمضان 12( 1331أغسطس )1913المتعلق
بالتحفيظ العقاري ،كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07الصادر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.11.177في 25من ذي الحجة 22( 1432نوفمبر
،)2011و المنشوربالجريدة الرسمية عدد 5998بتاريخ 27ذو الحجة 24( 1432
نوفمبر ،)2011ص .5575
14
الفهرس:
مقدمة 1 ..........................................................................
المطلب األول :مسطرة التعرض على مطلب التحفيظ 3 ...................
الفقرة األولى :كيفية تقديم التعرض على مطلب التحفيظ 3...........................
الفقرة الثانية :آجال التعرض على مطلب التحفيظ 5....................................
المطلب الثاني :الجهات المختصة بالبت في الصلح كألية إلنهاء
التعرض8 ........................................................................
الفقرة األولى :البت في الصلح من طرف المحافظ على األمالك العقارية 8.......
الفقرة الثانية :البت في الصلح من طرف القضاء 10.................................
خاتمة 12 ........................................................................
الئحة المراجع 13 ..............................................................
الفهرس15 .................................................................... :
15