17دور-الأخصائي-الاجتماعي-في-الحد-من-ظاهرة-التسرب-المدرسي-1

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 16

‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية ‪Humanitarian & Natural‬‬

‫‪HNSJ‬‬ ‫‪Sciences Journal‬‬


‫‪ISSN: (e) 2709-0833‬‬
‫‪www.hnjournal.net‬‬
‫مجلة علمية محكمة (التصنيف‪)NSP :‬‬
‫معامل التأثير العربي للعام ‪0.44 = 2020‬‬

‫عنوان البحث‬

‫دور األخصائي االجتماعي يف احلد من ظاهرة التسرب املدرسي‬

‫‪1‬‬
‫محمد سعيد محمد الخاطري‬

‫طالب دكتوراه‪ ،‬قسم علم االجتماع‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن طفيل‪ ،‬المملكة المغربية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫بريد الكتروني‪m7.alkhatri@gmail.com :‬‬


‫‪HNSJ, 2022, 3(3); https://doi.org/10.53796/hnsj3317‬‬

‫تاريخ القبول‪2022/02/19 :‬م‬ ‫تاريخ النشر‪2022/03/01 :‬م‬

‫المستخلص‬

‫لكل مجتمع تنظيماته الخاصة التي من خاللها ينقل معارفه وعلومه ومهارته والكل الثقافي لألبناء أو بعبارة أخرى لنصفه في‬
‫المستقبل ضمن ما يطلق عليها بالعملية التربوية والتعليمة أو بشكل أوسع بالتنشئة االجتماعية ويهدف من خاللها المجتمع‬
‫والدولة األمة في إيجاد جيل متصالح مع نفسه أوالً وصالح مع اآلخر ثانياً‪ ،‬ويحقق التنمية الشاملة واستقرار المجتمع‪ .‬وتحتل‬
‫المدرسة رأس الهرم في تلك البنيات والتنظيمات المسؤولة عن التعليم فاهتمت بها الدول والمجتمعات بكل مشاربها ورصدت لها‬
‫اإلمكانيات الالزمة من بنيات تحتية وأطر مؤهلة ومتخصصة بهدف تحصين الطالب بالعلم والمعرفة‪ .‬إال أن هناك العديد من‬
‫التحديات المتداخلة والمتشابكة منها ما تعود للمدرسة كتنظيم ومنها ما يعود للطالب وكل ما يحيط به في حياته في المجالين‬
‫العام والخاص فتكون النتيجة قصور وظيفي في دور تلك البنية االجتماعية في نقل الطالب إلى مرحلة التمكين والتدريب ويبرز‬
‫لنا ذلك القصور في العديد من الظواهر منها التسرب أو االنقطاع المدرسي أو ما يطلق عليه في بعض البلدان العربية بالهدر‬
‫المدرسي في سن مبكرة‪ .‬وهنا يأتي دور األخصائي االجتماعي في الحد من تلك المتغيرات التي قد يتمخض عنها تلك‬
‫المعضلة باعتبارها ظاهرة أو مشكلة أسرية واجتماعية معا‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬التسرب المدرسي‪ ،‬األخصائي االجتماعي‪.‬‬


HNSJ Volume 3. Issue 3 ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

RESEARCH TITLE

THE ROLE OF THE SOCIAL WORKER IN REDUCING THE


PHENOMENON OF SCHOOL DROPOUT

Mohammed Said Mohammed Alkhatri1

1
PhD student, Department of Sociology, Faculty of Sciences Humanities and Social, Ibn Tufail
University, Kingdom of Morocco.
Email: m7alkhatri@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(3); https://doi.org/10.53796/hnsj3317

Published at 01/03/2022 Accepted at 19/02/2021

Abstract

Every society has its organizations through which it transfers its knowledge, sciences, skills,
and the cultural whole to its children, or in other words to describe it in the future within
what is called the educational process and education or, more broadly, socialization, through
which society and the nation-state aim at creating a generation that is reconciled with itself
first and righteous with the other second. It achieves comprehensive development and
community stability. The school occupies the top of the pyramid in those structures and
organizations responsible for education, so countries and societies have taken care of it with
all its affiliations, and the necessary capabilities of infrastructure and qualified and
specialized frameworks have been allocated to them to immunize the student with science
and knowledge. However, there are many overlapping and intertwined challenges, some of
which belong to the school as an organization, and some belong to the student and
everything that surrounds him in his life in the public and private spheres. The result is a
functional deficiency in the role of this social structure in transferring the student to the stage
of empowerment and training. This shortcoming highlights us in many Phenomena,
including dropping out or dropping out of school, or what is called in some Arab countries
school wasting at an early age. Here comes the role of the social worker in limiting those
variables that may result in this dilemma as a phenomenon or a family and social problem
together.

Key Words: school dropout, social worker

www.hnjournal.net )3( ‫) العدد‬3( ‫المجلد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ 2022 ‫ مارس‬،‫محمد الخاطري‬ 296 | ‫صفحة‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫‪ )1‬مقدمة‬
‫على اعتبار إن الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل‪ ،‬أخذت الدول على عاتقها اعداد هذه الفئة‬
‫االجتماعية إعداداً سليماً ألهميتها في الحفاظ على استقرار المجتمع من جهة‪ ،‬باعتبارها الفئة الطموحة لتحقيق‬
‫التنمية الشاملة واحد موارد التنمية أو كما يطلق عليها بالموارد البشرية للتنمية ومن جهة أخري‪ ،‬هذه األخيرة ال‬
‫يمكن أن تتحقق مالم يكون هناك تكوين للنشء والوصول به لمرحلة يكون أحد الرساميل االجتماعية القادرة على‬
‫تحقيق الرساميل األخرى على رأسها الرأسمال االقتصادي‪ " .‬حيث يعرف تقرير التنمية اإلنسانية ‪2003‬م مجتمع‬
‫المعرفة بأنه ذلك المجتمع الذي يقوم أساساً على نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها بكفاءة في جميع مجاالت النشاط‬
‫المجتمعي وصوالً إلى االرتقاء بالحالة اإلنسانية باضطراد‪ ،‬أي إقامة التنمية اإلنسانية " (حجازي‪ ،2005 ،‬صفحة‬
‫‪ .)180‬وبالتالي حظيت هذه الفئة العمرية باهتمام متزايد من قبل الدول عبر تبني استراتيجيات وخطط تبدأ من‬
‫االسرة وتنتهي باألوراش وتنظيمات كبرى من قبيل التعليم للجميع والزامية التعليم األساسي والتي تهدف من خالله‬
‫الدولة الوصول لجيل متصالح مع نفسه أوالً ومع المجتمع ثانياً‪ .‬لكل ذلك رصدت الدول ضمن أجهزتها اإلدارية‬
‫والتنفيذية على رأسها و ازرة التربية الوطنية والبحث العلمي بالتزامن مع رصد ميزانيات واستراتيجيات وطنية كبرى‬
‫من شأنها الوصول إلى نشئ سليم‪ .‬خاصة أن هذه الفئة العمرية فئة حرجة في تكوين الفرد المستقبلي تعتريها‬
‫الكثير من المشاكل السيكوسوسيولوجية‪ ،‬ومن تلك المشاكل ما أطلق عليه بظاهرة التسرب أو الهدر المدرسي التي‬
‫أصبحت في اآلونة األخيرة تضغط على النظام التربوي وبشدة وتشكل ظاهرة ونوع من االنيميا بحسب دوركايم‬
‫تهدد المجتمع وتطوره لما تحمله من مقومات الفشل سواء على المستوى الفردي أو على مستوى المجتمع فتشل‬
‫عائدة به إلى عتمة الجهل والتخلف واالنعزالية بعيدا عن دور التطور و مواكبة لغة‬
‫ً‬ ‫حركة المجتمع الطبيعية‬
‫العصر في التقدم و االنفتاح‪ ،‬هذه الظاهرة بدأت تطرح نفسها وبقوة على الساحة بفعل العديد من المتغيرات‬
‫والعوامل متداخله ومركبة في ال وقت نفسة منها ما هو ذاتي نفسي ومنها ما هو اجتماعي خارجي‪ ،‬بل وهناك‬
‫عوامل تنظيمية داخلية تعود للبنية المدرسية بكل مكوناتها البنائية والوظيفية‪ .‬وعلية يمكننا القول إن تهرب الطالب‬
‫من الحقل التعليمي والتربوي نفقد معه إنسان متصالح مع نفسه ومع المجتمع أوالً ونفقد رقم تنموي ثانياُ‪ .‬لذلك‬
‫تكتسب دراستنا هذه أهميتها في كوننا سننقف بالتحليل لظاهرة التسرب أو الهدر المدرسي‪ ،‬مع اآلخذ بدور‬
‫االخصائي االجتماعي في الحد منها باعتباره إحدى اآلليات واالستراتيجيات للتخلص أو على األقل التخفيف‬
‫منها‪ ،‬وذلك من خالل اإلجابة على أشكال مركزي على النحو التالي‪ :‬ما هي عوامل التسرب المدرسي‪ ،‬وما هو‬
‫دور واستراتيجيات االخصائي االجتماعي للحد من ظاهرة الهدر المدرسي؟‬
‫‪ )2‬مقاربة مفاهيمية للهدر المدرسي‬
‫‪ .1‬تعريف التسرب في اللغة‪ :‬أن كلمة التسرب كلمة تدل على عملية الفعل مثل كلمة التعلم ومصدرها هو‬
‫سرباً‪ .‬وفي قوله تعالي " َفاتَّ َخ َذ َسِبيَل ُه ِفي اْل َب ْح ِر َس َرًبا‬
‫رب ّ‬
‫تس َ‬
‫سر َب‪ّ ،‬‬ ‫الفعل الثالثي سرب على وزن ّ‬
‫فع َل ومنها ّ‬
‫"(القرآن الكريم سورة الكف‪ ،‬اآلية ‪ ،)61‬أخذت معنى الهروب أو الفقدان ويقصد بالتسرب الدراسي هو خروج‬
‫رب شيئاً بمعنى أرسلة‬
‫وس ْ‬
‫يسرب سرباً‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫الطالب عن سرب أقرانه في التحصيل العلمي والمعرفي فيقال‪ " :‬سرب‬
‫واحداً وواحداً " (منظور‪ ،1984 ،‬صفحة ‪ .)1982‬وتجد اإلشارة بوجود أكثر من كلمة تأخذ نفس المعنى لغويا‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪297‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫منها االنقطاع أو الهدر المدرسي هذه األخيرة مأخوذة من الفعل الثالث هدر‪ ،‬يهدر‪ ،‬هد اًر‪ ،‬واسم الفاعل هادرـ‪،‬‬
‫ومفعولها مهدور‪ ،‬وتأخذ معنى الفقدان واالتالف للشيء أو أحل مالم يكن كائن‪ .‬وبهذا المعنى تأخذ كلمة التسرب‬
‫أو الهدر معنى الترك أو الهروب إال أن التسرب قد يكون عفوي وغير مقصود بينما الهروب كلمة تدل على قصد‬
‫الفعل‪ .‬وبالتالي فكال من التسرب والهدر المدرسي لهما نفس المعني أو متقاربان لغويا بحسب توجه مقالتنا هذه‪،‬‬
‫يقصد بكليهما ترك الطالب للدراسة تحت أي ظرف واالنقطاع عنها بصورة كلية‪ ،‬وبالعادة يكون هذا الترك كرها‬
‫وليس طواعية‪ ،‬فالطواعية تحمل االنقطاع عن الدراسة بقصد‪.‬‬
‫‪ .2‬التسرب المدرسي اصالحاً‪ :‬مهما تعددت األسماء واختلفت المفاهيم والمصطلحات حول الهدر المدرسي‪،‬‬
‫فإن هذه الظاهرة تحمل مدلوالت ومسميات أخرى من عدم التكيف الدراسي‪ ،‬واالنقطاع المدرسي‪ ،‬والفشل المدرسي‪،‬‬
‫والتسرب‪ ،‬والتخلف الدراسي‪ ،...‬إال أن النتيجة والمحصلة النهائية واحدة لشيء واحد‪ ،‬هو ترك أو فقدان الطالب‬
‫االنخراط في التنظيمات التربوية التعليمية الرسمية والخاصة قبل إنهاء مرحلة معينة لعوامل وأسباب تختلف من‬
‫مجتمع إلى آخر ومن فرد ألخر ايضاً‪ .‬وعليه " فالتسرب المدرسي من المصطلحات الفضفاضة التي يصعب‬
‫تحديدها العتبارات عدة‪ .‬أوالها تعدد المسميات لنفس المفهوم الختالف الكتابات التربوية في المنطلقات الذي‬
‫يوصل إلى االختالف في فهم الظواهر‪ ،‬وبالتالي االختالف في توظيف المصطلح وأحيانا نتحدث عن الهدر‬
‫المدرسي ونعني به التسرب الذي يحصل في مسيرة الطفل الدراسية التي تتوقف في مرحلة معينة دون أن يستكمل‬
‫دراسته‪ .‬لكن نفس الظاهرة يرد الحديث عنها في كتابات بعض التربويين بالفشل الدراسي الذي يرتبط لدى أغلبهم‬
‫بالتعثر الدراسي الموازي إجرائيا للتأخر‪ .‬كما تتحدث مصادر أخرى عن التخلف والال تكيف الدراسي وكثير من‬
‫المفاهيم التي تعمل في سبيل جعل سوسيولوجيا التربية أداة لوضع الملمس على األسباب الداخلية للمؤسسة‬
‫التربوية من خالل إنتاجها الالمساواة " (رشدي‪ .)2015 ،‬وفي نفس المجال عرفت اليونسكو التسرب المدرسي‬
‫اصطالحاً بعاملين " فالتسرب المدرسي هو حصيلة عاملين أولهما االنقطاع أو التسرب المبكر الذي يتوقف فيه‬
‫التلميذ عن الدراسة قبل استكمال التعليم‪ ،‬وثانيهما التكرار حيث يمكث التلميذ في نفس المستوى الدراسي سنتين أو‬
‫أكثر أل نه لم يتمكن من الحصول على الحد األدنى من المكتسبات التي تمكنه من اجتياز االختبار واالنتقال إلى‬
‫المرحلة الموالية " (بنرحو‪ ،2016 ،‬صفحة ‪ .)162‬في حين يمكن الحصول على تعريف اجرائي بحسب " تعريف‬
‫لو جندر ‪ le Gender‬للهدر المدرسي بأنه الضياع المادي والزمن الذي يلحق بأنظمة التربية والتكوين خاصة‬
‫والمجتمع عامة‪ ،‬ويحدث نتيجة مشاكل التكرار أو االنقطاع أثناء الدراسة " (بنرحو‪ ،2016 ،‬صفحة ‪.)162‬‬
‫‪ .3‬التسرب المدرسي من منظور سيكوسوسيولوجي‪ :‬شكلت العملية التربوية أرضية خصبة للدراسين‬
‫السيكولوجيين واالجتماعية في جميع االتجاهات والتيارات ومن أهم التيارات السوسيولوجية هو التيار البنائي‬
‫الوظيفي الذي يعد دوركايم من أهم رواد هذا االتجاه‪ " ،‬تنظر الوظيفية إلى المجتمع ومؤسساته ووسائطه المتعددة‬
‫باعتباره نسقاً اجتماعياً واحداً‪ ،‬كل عنصر فيه يؤدي وظيفة محددة‪ ،‬وتؤكد كذلك على تكامل األجزاء في إطار‬
‫الكل‪ ،‬وعليه ترى الوظيفية المجتمع باعتباره نسقاً اجتماعياً متكامالً يقوم كل عنصر من عناصره بوظيفة معينة‬
‫للحفاظ على توازن النسق واستق ارره‪ ،‬ومن ثم توازن المجتمع واستم ارره‪ ،‬ومعالجة الخلل دون المساس بالنظام‬
‫االجتماعي القائم‪ ،‬من خالل االتفاق القائم والتعاقد االجتماعي واالتفاق على معايير التنظيم االجتماعي التي يجب‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪298‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫الخضوع لها من جميع افراد المجتمع‪ ،‬وااللتزام بالقيم االجتماعية من أجل صيانة المجتمع وترسيخ استق ارره‬
‫واستم ارره‪ ،‬لذلك هناك من صنف المدرسة الوظيفية ضمن االتجاهات االيدلوجية المحافظة " (محمد‪،2018 ،‬‬
‫صفحة ‪ .)94‬وبحسب دراستنا هذه فإن دوركايم لم يهتم بالفرد الفاعل بقدر اهتمامه بالبنيات الكلية من األسرة‬
‫والمدرسة ودور العبادة وغيرها معتب اًر أي خلل وظيفي في تلك البنيات يؤدي في نهاية المطاف إلى الظواهر‬
‫االجتماعي وبالتالي وبحسب البنائية الوظيفية فإن التسرب أو الهدر المدرسي كظاهرة ترجع اسبابها ألنيميا في‬
‫بنية المدرسة والبنيات المشتركة معها في تلك العملية التربوية " يمكن القول إن دوركايم‪ -‬أول عالم اجتماعي‬
‫فرنسي – تنبه بحس سوسيولوجي نقدي كبير‪ ،‬إلى طبيعة تلك العالقة النوعية الرابطة بين التربية والنظام‬
‫االجتماعي‪ ،‬ومن تم وسم الظاهرة التربوية بمثل ما وصف به الظاهرة السوسيولوجية عموما‪ ،‬واعتبرها واقعة‬
‫اجتماعية مستقلة عن وعي األفراد‪ ،‬وبالتالي قابلة للدراسة العلمية الموضوعية‪ ،‬بل يمكن القول إن المشروع‬
‫السوسيولوجي الدوركايمي في عمقه مشروع تربوي" (محسن‪ ،1984 ،‬صفحة ‪ .)47‬وفي هذا الصدد يؤكد دوركايم‬
‫التربية في كتابه التربية والمجتمع ‪" sociologie et Education‬على الهوية االجتماعية للمؤسسات التربوية‬
‫بقوله في معرض ذلك إن " األنظمة التربوية ترتبط ارتباطا عميقاً باألنظمة االجتماعية " (على أسعد وطفه‪ ،‬على‬
‫جاسم الشهاب‪ ،2003 ،‬صفحة ‪ .)192‬بمعني أن التربية وفقاً لهذا المنظور هي عباره عن ظاهرة اجتماعية كلية‬
‫في بنياتها ووظيفتها وبأنها عبارة عن وظيفة اجتماعية بالذات وأنها الفعل الذي يمارسه جيل الراشدين على جيل‬
‫أولئك الذين لم ينضجوا بعد للحياة االجتماعية‪ ،‬والغرض منها أن تثير وتنمي لدى الطفل عددا معينا من الحاالت‬
‫الجسدية والعقلية واألخالقية يتطلبها منه المجتمع السياسي بمجموعه‪ ،‬والبيئة الخاصة التي أعد لها خصيصا‪.‬‬
‫ويتابع قوله ينتج من التعريف السابق أن التربية عبارة عن تأهيل أو تنشئة اجتماعية منهجية للجيل الفتي‪ .‬هذه‬
‫التنشئة وفق المنهج الدوركايمي هي باألساس عملية تتبع الظواهر التي تعتريها كأشياء والوقوف حول متغيراتها‬
‫ومسبباتها‪ ،‬وبالعودة لموضوع دراستنا فإن التسرب المدرسي بحسب دوركايم هو ظاهرة كلية ال تقتصر على مجتمع‬
‫بعين بل هي ظاهرة كلية تقف خلفها معيقات بنائية ووظيفية للبنيات االجتماعية الكلية‪ ،‬وللتخلص منها علينا‬
‫الرجوع ألسبابها ومن ثم يمكننا تفسيرها وتحليلها بغية الحد منها أو ابقائها دون في حالة االنيميا وذلك بالحفظ‬
‫على البنيات من التفكك بحسب الفكر الدوركايمي المحافظ‪ .‬بالمقابل فاالتجاهات السيكولوجية تناولت التعليم‬
‫والتعلم من طرق مختلفة فنجد في هذا الصدد المدرسة السلوكية مع بافلوف وواطسون أخدت من في قياس التعليم‬
‫من المنظور المحسوس‪ ،‬بعبارة أخرى اقتصرت في درستها للسلوك والتعلم من ثالثة شروط وهما المثير واالستجابة‬
‫والمعز‪ .‬وبالتالي فالتسرب المدرسي وفق هذا االتجاه هو سلوك يوجهه ويثيره المتغيرات االجتماعية المحيطة‬
‫ويعززه اإلهمال وعدم المتابعة للطالب وعلى االخصائي االجتماعي معالجة المثير أوالً مع إيقاف المعززات‪ .‬وما‬
‫ينتقد على السلوكية أنها درست السلوك من منظور ظاهري احادي معتبرة أن التغير في السلوك يحركه مثير واحد‬
‫بمعنى ان التسرب المدرسي يرتبط بمتغير واحد فقط مع إهمال باقي المتغيرات‪ .‬لهذا ظهرت المدرسة الجشطالتية‬
‫التي نادت بأنه ال يمكن فهم السلوك ومنطق انبثاقه اال عند اإلحاطة بكل ما يرتبط به من متغيرات‪ ،‬وال يمكن فهم‬
‫الجزء خارج الكل‪.‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪299‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫‪ .4‬االخصائي االجتماعي‪ :‬يمكن تعريف األخصائي بشكل عام بأنه الخبير في مجال عمله أو الفرد الذي‬
‫يمتلك من الرساميل المختلفة ما يمكنه من القيام بدوره بكفاءة ومهنية عالية‪ .‬فيما يمكن تعريف األخصائي‬
‫االجتماعي في ماهيته على أنه ذلك الدور والمهمة‪ ،‬وتلك الحرفة التي تستلزم امتالك مجموعة من اآلليات‬
‫والتقنيات واألطر المرجعية في القضايا البحثية المتخصصة والمتعمقة لفهم وتفسير الواقع االجتماعي‪ .‬وفي نفس‬
‫الصدد يعرف االخصائي االجتماعي اصطالحياً بأنه " ذلك الشخص الذي يسعى عبر مجموعة من البرامج‬
‫واألنشطة الموجهة لفئة معينة من فئات المجتمع إلى مساعدتهم للتكيف من جديد مع البيئة الخارجية الطبيعية‬
‫والعمل على توافقهم االجتماعي مع النظم االجتماعية السائدة بشكل يمكنهم من المساهمة من جديد في كل ما‬
‫يتعلق بجوانب الحياة المختلفة في المجتمع " (القحطاني‪ ،2005 ،‬صفحة ‪ ،)8‬ويعرف األخصائي االجتماعي "‬
‫بأنه فرد في فريق عمل سواء بعمل على مستوى مواجهة المشكلة وقائيا أو عالجيا وهذا الدور مرهون في نجاحه‬
‫بعملية التنسيق والتكامل ألن المشكلة مرتبطة باختالل األدوار ارتباطا شديد الوثوق والتداخل " (السيد‪،2000 ،‬‬
‫صفحة ‪ ،)14‬كما يعرف " بأنه فرد مؤهل مهنيا وأكاديميا بالتعامل مع المشكالت االجتماعية والقيام باألدوار‬
‫المختلفة لحل المشكالت " (العنزي‪ ،2005 ،‬صفحة ‪ ،)27‬وعلى ضوء ما سبق من التعريفات يمكن التوصل‬
‫لتعريف األخصائي االجتماعي إجرائياً بحسب دراستنا هذه بأنه \لك الخبير في مجال التربية والتعليم بشكل عام‬
‫وتحصيل علمي في مجال علم النفس االجتماعي على وجه الخصوص‪ ،‬ولدية تدريب وكفاءة على حل مشكالت‬
‫الطالب اعتماداً على أسس علمية ووفق صالحيات من التنظيم الرسمي تخول له القيام بتلك العملية االجتماعية‬
‫والضبطية في اآلن نفسه‪.‬‬

‫‪ )3‬المرجعيات الدولية‬
‫على اعتبار أن التعليم حق من حقوق اإلنسان األساسية التي ال يمكن تجزئتها أو اخت ازلها تحت أي ظرف‬
‫أو مرجعية دينية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬أو سياسية‪ .‬رجعية أو برجماتية‪ ،‬هذا الحق أهتمت به المرجعيات الدولية على رأسها‬
‫األمم المتحدة بكل تنظيماتها لذلك احتل الحق في التعليم الكثير من البنود والمواد الصادرة في أول عقد دولي‬
‫الصادر عاك ‪ 1984‬غداه تأسيس الجمعية العمومية لألمم المتحدة وعرف باإلعالن العالمي لحقوق االنسان‬
‫والذي صادقت عليه معظم الدول األعضاء بما فيها سلطنة عمان‪ ،‬وفي خضم هذا الزخم الدولي انبثقت العديد‬
‫التنظيمات الفرعية تحت المظلة األممية منها على سبيل المثال اليونسكو‪ ،‬ويقع في صلب تفويض اليونسكو تتبع‬
‫الدول األعضاء في الحفاظ على التراث العالمي والرفع من مستوى تعليم الشعوب وتقديم الدعم المادي وغيره في‬
‫سبيل ذلك للدول األعضاء‪ .‬وتجدر بنا اإلشارة هنا إلى منظمة العالم اإلسالمي للتربية والعلوم والثقافة اإليسيسكو‬
‫عضوة فيها‪ ،‬وهي‬
‫ً‬ ‫المهتمة في نفس مجال المنظمة األممية السابقة الذكر منظمة دولية وتعتبر سلطنة عمان‬
‫تفرعت عن منظمة التعاون اإلسالمي‪.‬‬
‫باألساس " غير ربحية‪ ،‬متخصصة في ميادين التربية والعلوم والثقافة‪ّ ،‬‬
‫وتعتبر الرباط عاصمة المملكة المغربية مق اًر رسمياً لها " (اإليسيسكو‪ .)2014 ،‬وكال المنظمات الدولية واألقلية‬
‫تتابع مستوى التعليم وتدعم الدول األعضاء بمشاريع تدريبية في مجال التربية والتعليم وترقب عن كثب مؤشرات‬
‫جودة التعليم في تقارير سنوية بالشراكة مع االجهزة التنفيذية في الدول األعضاء‪.‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪300‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫‪ )4‬أسباب التسرب المدرسي‬


‫تكتسي المتغيرات االقتص ادية واالجتماعية أهمية بالغة ودرجة كبيرة داخل الحقل السوسيولوجي‪ ،‬وهو ما‬
‫تشخصه العديد من الدراسات واألبحاث‪ ،‬خاصة تلك التي تتعلق بسوسيولوجيا التربية‪ ،‬وسوسيولوجيا الثقافة‪،‬‬
‫وسوسيولوجيا الشباب في تفسير التمايزات والفروق القائمة في جودة العملية التعليمة من بحسب تلك المتغيرات‬
‫السابقة‪ ،‬بل وهناك من الدراسات من انطلق من تلك التغيرات لتفسير ظاهرة تردي العملية التعليمة بشكل عام‬
‫فالتسرب أو الهدر المرسي قيد درستنا بشكل خاص‪ ،‬وهو ما ينعكس كذلك على المردود العلمي واألكاديمي‬
‫ابتداء من مرحل التعليم االولي والمتمثل بالحضانات ورياض االطفال والتعليم االساسي وانتهاء بالتعليم‬
‫ً‬ ‫للطالب‬
‫الجامعي والمعاهد العليا‪ ،‬وتبين العديد من الدراسات واالبحاث إن الوضع االقتصادي والمحيط االجتماعي الذي‬
‫ينتمي أليه الطالب يرتبط مباشرًة بحاجيات التعليم بمراحله المختلفة‪ ،‬ولضمان الشروط الموضوعية للتحصيل‬
‫العلمي الجيد كان لزاماً من المجتمع االهتمام بكل من الحاجيات المادية ومستلزمات الحياة الضرورية كاألغذية‬
‫السليمة والسكن الالئق وشروط التنقل‪ ...‬إلخ‪ ،‬وبالمقابل يمكن القول بأن الظروف السيئة التي يعيش في ظلها‬
‫الطالب مثل الدخل الضعيف لألسرة الحاضنة أو تردي األوضاع في المؤسسة التعليمية تخلق ضغوطاً نفسية لدي‬
‫الطالب عوامل ومتغيرات قد تتشابك مع بعضها البعض و تعمل بشكل فردي لتكون في نهاية المطاف عوامل‬
‫مستقلة لتفشي ظاهرة التسرب المدرسي‪ .‬وفي علوم التربية يكثر استخدام جملة الظروف والمؤثرات االجتماعية‬
‫المباشرة كاألسرة والمحيط االجتماعي الذي ينحدر منه الطالب ومدى تأثير هذا الواقع المعيشي على ترك الطالب‬
‫للفصل الدراسي‪ ،‬على اعتبار أن هذان االخيران ال يظهران في عز ٍ‬
‫لة عن تلك السياقات االقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫ونقصد هنا بالمحيط االجتماعي الذي ينتمي اليه الطالب في معناه الواسع ذلك الوسط المباشر بكل ما يحمله من‬
‫التأثيرات االجتماعية والنفسية والثقافية والتعليمية التي يعيش فيها الطالب ويتأثر بها‪ .‬وعلية تتعدد أسباب التسرب‬
‫المدرسي وتتنوع بين أسباب خارجية اجتماعية وثقافية واقتصادية بل وجغرافية‪ ،‬باإلضافة إلى أسباب داخلية تعود‬
‫للتنظيمات التربوية واالستراتيجيات الوطنية للتعليم بصورتها الكلية‪ ،‬وأخي اًر أسباب ذاتية سيكولوجية تعود‬
‫للخصائص النفسية للطالب نفسه‪ .‬والشكل التالي يلخص تلك األسباب‪.‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪301‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫أسباب سيكولوجية‬
‫شخصية‬

‫أسباب تنبيق من المجتمع‬ ‫أسباب تعود للـأسرة‬


‫بتمثالتة وقيمة بما فيه من‬ ‫التسرب المدرسي‬ ‫بمتغيراتها االجتماعية‬
‫تأثير أصدقاء الشارع‬ ‫المختلفة‬

‫أسباب داخلية تعود لقصو‬


‫في التنظيم التربوي بكل‬
‫مكوناته وانساقة المختلفة‬

‫رسم توضيحي ‪ - 1‬يوضح االسباب المؤدية للهدر المدرسي بصورتها الكلية‬

‫وما يهمنا هنا هو النوع الثاني من األسباب السابقة الذكر والمتمثلة باألسباب الداخلية العائدة للتنظيم‬
‫التربوي بكل مكوناته المادية غير مادية والمادية‪ .‬إال أن معظم تلك األسباب تتركز في سوء تسيير األطر للعملية‬
‫التعليمية التربوية وذلك ليس لقصور في األطر القانونية بحد ذاتها وإنا لقصور في التكوين أو لعدم قدرتهم على‬
‫تنزيل استراتيجيات الو ازرة المعنية على أرض الواقع والتي يمكن أن نجملها بالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬ضعف قدرة بعض التالميذ على مواكبة وتيرة الدراسة عدم جاذبية الفضاء المدرسي وقلة األنشطة‬
‫المدرسية والترفيهية‪ .‬مما يتسبب في فقدان الطالب التكيف مع الفضاء المدرسي‪.‬‬

‫‪ .2‬عدم تكيف الطالب مع المحيط المدرسي ألسباب عدة منها عدم امتالكه الهابيتوس المدرسة بحسب بيير‬
‫بورديو‪.‬‬

‫‪ .3‬ضعف حلقة الت واصل بين المدرسة والحياة المحيطة بها وتعتبر أن عملها ينتهي عند أبواب المدرسة وال‬
‫دخل لها بما يحدث للطالب خارجها‪.‬‬

‫‪ .4‬تعدد المستويات الدراسية في القسم الواحد وخاصة في العالم القروي‪ ،‬وكذا االكتظاظ‪ ،‬الذي يمكن اعتباره‬
‫ظاهرة عامة بأغلب المؤسسات التعليمية على الصعيد الوطني‪.‬‬

‫‪ .5‬عدم مالءمة المقررات مع خصوصيات الفئات المستهدفة‪ ،‬وكذا ارتفاع تكلفة التدريس بالنسبة للفئات‬
‫المعوزة‪.‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪302‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫‪ .6‬سوء العالقة بين المعلم والمتعلم‪.‬‬

‫‪ .7‬غياب الوسائل البيداغوجية والديالكتيكية‪.‬‬

‫‪ .8‬عدم مالءمة بعض برامج التكوينات األساسية لألساتذة والمديرين مع متطلبات المدرسة‬
‫والتالميذ‪.‬‬

‫‪ .9‬ضعف تغطية المدرسة لحاجيات تمدرس الطفل من الكتب والمعدات المدرسية‪ ،‬عدم توافر‬
‫المطاعم المدرسية بالعديد من المدارس وخاصة بالعالم القروي‪ ،‬عدم وجود دور الطالبة بالقدر الكافي‪.‬‬

‫‪ .10‬ضعف البنيات التحتية المدرسية‪ ،‬وفي هذا اإلطار ال تزال العديد من المدارس بالمناطق القروية‬
‫بالخصوص غير مرتبطة بشبكة الماء الصالح للشرب أو ال تتوفر على مرافق صحية‪ ،‬أو تفتقر للكهرباء‪ .‬وقليلة‬
‫هي المؤسسات التعليمية التي تتوفر على سكن مخصص للمدرس‪ ،‬ومن ثم فإن عددا مهما من المدرسين يزاولون‬
‫عملهم في ظروف غير مالئمة للعملية التربوية‪.‬‬

‫‪ .11‬حاال ت الغياب المتكررة لدى بعض المدرسين‪ ،‬والتي تعود في الغالب إلى ظروف العمل الصعبة والسيما‬
‫بالوسط القروي (البعد‪ ،‬السكن‪ ،‬النقل‪ ،‬التجهيزات…)‪ .‬كل هذه األسباب التربوية التي ذكرناها وأسباب أخرى‪ ،‬تلعب‬
‫دو اًر كبي اًر في تراجع دور المدرسة لتالميذ ورسالتها التربوية وتفقدها الثقة في المحيط االجتماعي واألسري‪ ،‬وتخلق‬
‫نفو اًر في نفوس الذين يغادرون حجراتها وأقسامها دون استكمال دراستهم‪ .‬وهذه الوضعية المقلقة تسائل دور الدولة‬
‫والو ازرة الوصية على القطاع‪ ،‬وكذا دور الجماعات الترابية في توفير بنيات مدرسية بمواصفات جيدة والئقة‪.‬‬

‫‪ .12‬افتقار العديد من المؤسسات التعليمية لألخصائيين االجتماعية المؤهلين تأهيل علمي‪ .‬مع افتقارها لروية‬
‫المقاربة التشاركية بين المدرسة واألسرة في العملية التربوية والتعليمية‪.‬‬

‫‪ .13‬اهمال المؤسسات التعليمية لقنوات التواصل مع الفضاء الخارجي للطالب‪ .‬فأغلقت على نفسها أبوابها‬
‫واعتبرت كل ما يعترض العملية التعلية للطالب خارج المدرسة ال شأن لها به‪.‬‬

‫‪ .14‬افتقار األطر التربوية للتكوين المستمر بما يتواكب والواقع االجتماعي‪.‬‬

‫‪ )5‬نتائج التسرب أو الهدر المدرسي‬


‫للهدر المدرسي نتائج جد وخيمة على الفرد الطالب وعلى االسرة والمجتمع وصوال للدولة األمة ومن أهم‬
‫نتائج التسرب المدرسي التالي‪:‬‬
‫‪ ‬زيادة نسبية في عدد االحداث المنحرفين والمسجلين رسمي ضمن دور الرعاية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ ‬زيادة البطالة في المجتمع‪ ،‬وظهور أفراد في الشارع بدون عمل مما يزيد الضغط على المجتمع والدولة في‬
‫إدماج هذه الفئة‪.‬‬

‫‪ ‬زيادة الضغط االقتصادي على االسرة الحاضنة‪.‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪303‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫‪ ‬زيادة نسبية في اليد العاملة التي تعتمد على العمل اليدوي في سوق العمل مع تراجع نسبة العمال المهنية‬
‫والفنيين والتقنيين‪.‬‬

‫‪ )6‬آليات تدخل االخصائي االجتماعي‬


‫تتعدد أليات التدخل للحد من ظاهرة التسرب المدرسي لتبدأ من األسرة باعتبارها اللبنية األساسية للمجتمع‬
‫والمرجعية األولى للتنشئة االجتماعية للمجتمع‪ ،‬بل وأحد أدوات الضبط االجتماعي‪ ،‬تليها المدرسة باعتبارها‬
‫المسؤول الثاني اجتماعيا عن التنشئة االجتماعي بتعاقداتها االجتماعية والسلطات المفوضة لها من قبل المجتمع‬
‫والدولة األمة‪ .‬وبالتالي كان لزاما على هذه البنية أن تقارب في حلها لهذه المعضلة االجتماعية من منظور علم‬
‫النفس االجتماعي وذلك عبر تفويض أطر متخصصة في هذا المجال والذي أطلق عليهم اصطالحا باألخصائيين‬
‫االجتماعين لهم القدرة والتمكين والتخصص للقيام بهذه الوظيفة التربوية‪ ،‬وتشكيل استراتيجية بيداغوجية عبر‬
‫مراح ل تبدء بالتخطيط ومن ثم التتبع المستمر للطالب بحالة مستمرة وتفادي ظاهرة الهدر قبل وقوعها بالتزامن مع‬
‫تفعيل استراتيجية االنصات للطالب لحل مشاكلهم وبطريقة أكثر تفاعلية تسمح بالكشف عن المستور والخفي دون‬
‫ابتداء من السنة األولى لتمتد طيلة سنوات التمدرس‬
‫ً‬ ‫تحفظ او خوف من الطالب" حيث يتم تتبع الفردي للتلميذ‬
‫باعتماد بطاقة التتبع‪ ،‬ثم دعم التالميذ المتعثرين‪ ،‬دعم مدرسي من خالل استعمال الزمن األسبوعي للمدرس "‬
‫(بنرحو‪ ،2016 ،‬صفحة ‪ ،)160‬وفي هذا الخصوص نضيف هنا مالحظة جد مهمة في عملية التتبع والمواكبة‬
‫المستمرة للتلميذ دون انقطاع بأن تخصص التنظيمات التربوية أخصائيين اجتماعين بعدد الفصول الدراسية‪ .‬أي‬
‫اخصائي اجتماعي لكل مستوى دراسي يبدأ تتبعه للتالميذ من السنة األولى لوجهم المؤسسة التعليمية ويظل ثابت‬
‫بالنسبة لمستوى الطالب وليس لكل مستوى اخصائي‪ ،‬بمعنى أن يكون عدد األخصائيين االجتماعيين داخل كل‬
‫مؤسسة تعليمية بعدد الفصول والشعب الدراسية‪ ،‬بحيث يكون لكل فصل دراسي مختص اجتماعي يبدأ مع الطالب‬
‫من الصف األول وينتقل معه إلى مرحلة الثانوية‪ ،‬وبهذه الحالة يكون االخصائي االجتماعي لديه سجل متكامل‬
‫عن حالة الطالب مستمر لعدة سنوات‪ ،‬يستطيع من خالله تحديد نواحي القصور في سلوكه‪ .‬مع عدم نقله أو‬
‫تحويلة تحت إي ظرف أو طائلة‪ ،‬مع اقتراح تنظيم وصياغة قوانين مرنه تنظم هذه العملية التربوية الجد مهمة في‬
‫استم اررية التتبع والمواكبة لألخصائيين االجتماعين من جهة‪ ،‬ومن جهة وألجل تحقيق تلك الرؤية نحو جودة‬
‫التعليم يجب على اإلدارات التربوية تعين أخصائيين اجتماعين يتميزون بخصائص منها ما هو ذاتي ومناه ما هو‬
‫موضوعي مهني‪.‬‬

‫‪ )7‬خصائص يجب توفرها في االخصائي االجتماعي‬


‫إن تحقيق الجودة في أي عمل اجتماعي أو خدمة اجتماعية ال يقتصر فقط على امتالك المعارف بل يتعداه‬
‫إلى ضرورة امتالك مهارات لتنزيل واستخدام هذه المعارف‪ ،‬واألمر نفسه وما ينطبق على من يمتلك مها ارت دون‬
‫معارف‪ ،‬إذ ال تكتمل الصورة إال باجتماع ما هو معرفي هو مهاري تطبيقي‪ ،‬وهذا ما سنحاول تبيانه من خالل هذا‬
‫المحور فهناك خصائص ذاتية وموضوعية يجب أن تتوفر في االخصائي االجتماعي لكي يحقق األهداف التربوية‬
‫بحسب التوجه العام لو ازرة التربية الوطنية وهي على النحو التالي‪:‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪304‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫‪ .1‬أن يتمتع االخصائي االجتماعي بتأهيل علمي وأكاديمي في نفس المجال‪.‬‬

‫‪ .2‬أن يكون ذو شخصية كاريزمية قيادية قادرة على التنبؤ بالمشكلة قبل وقوعها مع القدرة على االقناع‪" .‬‬
‫فينبغــي أن يكــون ذا شخــصية قويــة‪ ،‬يتميــز بالــذكاء والموضــوعية والعــدل والحــزم والحيويــة والتعــاون‪ ،‬وأن يكــون‬
‫مــسامحا في غــير ضــعف‪ ،‬حازمــا في غير عنـف‪ .‬والبـد أن يكـون مثقفـا‪ ،‬واسـع األفـق‪ ،‬لديـه اهـتمام بـاالطالع عـلى‬
‫مـا استجد في طـرق التـدريس " (أسعد‪ ،2018 ،‬صفحة ‪.)8‬‬

‫‪ .3‬الشعور بالواجب نحو المجتمع والمساهمة في عمليات اإلصالح االجتماعي (أسعد‪،2018 ،‬‬
‫صفحة ‪)16‬‬
‫‪ .4‬القدرة على التنبؤ وحل الشمالت قبل وقوعها من خالل الخبرة والتمكين المستمر " فكالً من االدراك‬
‫االجتماعي والتفكير االجتماعي مرتبط باألخر فالتفكير االجتماعي ينبثق إلى حد ما من االدراك االجتماعي‪،‬‬
‫فيكون تفكيرنا أحياناً محدوداً بعادتنا في االنتباه للمعلومات المباشرة‪ ،‬فنحن إنما ُننمي ُ‬
‫ونطور مفاهيم دائمة‬
‫واعتقادات ثابته حول المسائل االجتماعية‪ ،‬وقد اظهر جوليان هوخبرج "‪ "Juliqn Hochberg‬أنه في الظروف‬
‫المحددة في المعمل والفصل المدرسي يمكن التنبؤ بسلوك االنتباه والتحكم فيه بواسطة تناول ومعالجة أنماط‬
‫وكميات المعلومات المباشرة المتوفرة للعين " (وليم و‪ .‬المبرت‪ ،‬والس إ‪ .‬المبرت‪ ،1993 ،‬صفحة ‪.)99‬‬

‫‪ .5‬أن يكون عارفا بكل متطلبات الحقل الذي يشغل عليه مع عدم إهمال أي سبب مهما كان مباشر أو غير‬
‫مباشر‪ ،‬فإدراك االخصائي االجتماعي للدور ومتطلبات الدور الذي يقوم به والوسط الذي ينمتي اليه يمكنه من‬
‫التفكير‪ ،‬بمعنى على االخصائي أن يعي ويفهم سلوكيات الطالب من منظور كلي شمولي أخذا في الحسبان كل ما‬
‫يحيط بالطالب ابتداء كن األسرة وصوالً لفصل الدراسي ليتسنى له وبطريقه سليمة تحقيق الهدف الذي ينشده أال‬
‫وهو الوصول بالطالب لبر األمان وإدماجه في العملية التعليمية‪ .‬لذلك اتجه فريق من العلماء وخاصة علماء علم‬
‫النفس المعرفي بدراسة السمات الشخصية والفسيولوجية ادراكاً منهم بالدور الذي تلعبه سمات الشخصية في‬
‫التحصيل الدراسي مثل السيطرة واالستقاللية والتوافق الشخصي واالجتماعي وحب االستطالع وقوة االنا والثقة‬
‫بالنفس‪ ،...‬بينما هناك سمات أخرى ترتبط ارتباطاً سالباً بالتحصيل الدراسي مثل الميل الي الشعور بالذنب والقلق‬
‫والعصبية وعدم توفر االمن النفسي " (سليمان‪ ،1998 ،‬صفحة ‪.)336‬‬

‫‪ .6‬ان يكون ذو شخصية كاريزمية تمزج بين القيادة واإلدارة بما تتطلبه الوضعية‪.‬‬

‫‪ .7‬مراعاة الخصائص النفسية والسلوكية بحسب المرحلة العمرية للطالب التي هي باألساس مرحلة حساسة‬
‫وخاصة مرحلة المراهقة والشباب‪.‬‬

‫‪ .8‬وارتباطاً بموضوع دراستنا تعتبر ألية االنصات باهتمام لهموم الطالب من قبل االخصائي االجتماعي أو‬
‫أن أمكن أن نطلق عليه الطبيب االجتماعي من أهم اآلليات التي تشعر الطالب باهتمام اآلخر وتحفزه أوال لطرح‬
‫مشكلته بكل شفافية‪ ،‬وثانيا تحفزه الستمرار في الدراسة‪ ،‬كون هذه العملية التواصلية هي أساس التفاعالت‬
‫اإلنسانية التي تؤثر بالفعل الفردي‪ .‬وهي من أهم اآلليات واالستراتيجيات التي يجب على األخصائي االجتماعي‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪305‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫تتبعها من أجل الوصول إلى األسباب التي جعلت من الطالب ال يرغب بالذهاب للمدرسة مع االعتماد على العديد‬
‫من التقارير ودراسة وضعية األسرة‪.‬‬

‫‪ )8‬االخصائي االجتماعي في المؤسسة التعليمية بسلطنة عمان‬


‫يعتبر األخصائي االجتماعي أحد األطر ضمن الوظيفة الرسمية للدولة في المؤسسات التعليمة بسلطنة‬
‫عمان‪ ،‬ومهمته األساسية بصورة شموليه " تقوم على تقديم خدمات وبرامج التوجيه واإلرشاد االجتماعي للطلبة‪،‬‬
‫وتوفير التوعية والرعاية التربوية واالجتماعية لهم " (و ازرة التربية والتعليم بسلطنة عمان‪ ،2015 ،‬صفحة ‪.)29‬‬
‫وبالتالي هذا األخصائي تقع عليه عدة مهام واجبات تربوية في سيرورة العملية التربوية والتعليمية‪ .‬ال يمكن أن‬
‫يقوم بها األطر األخرى والتي عادة ما تكون متخصصة في مواد تعليمية فيما األخصائي االجتماعي هو أطار‬
‫تربوي تلقى تدريب في المجال االجتماعي لذلك تشترط فيه الو ازرة أن يكون أحد خريجي علم االجتماع‪ ،‬الخدمة‬
‫االجتماعية‪ ،‬أو العمل االجتماعي‪ ،‬وكلها تخصصات تتلقي تكوينها ضمن كلية اآلداب في جامعات السلطنة‬
‫وتتولي الكثير من المهام والواجبات بحسب الالئحة الرسمية لو ازرة التربية والتعليم إال أن أهمها في هذا المقام‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ " .1‬يقوم بإعداد وتنفيذ ومتابعة وتقييم خطط وبرامج الرعاية االجتماعية للطلبة بالتعاون مع الهيئة اإلدارية‬
‫والتدريسية والفنية وأولياء األمور‪.‬‬
‫‪ .2‬يضع برامج تسهم في غرس القيم وتنمية العمل بروح الفريق وبناء العالقات المنتجة‪.‬‬
‫‪ .3‬يدرس حاالت الطلبة ذوي المشكالت السلوكية واالجتماعيةـ ويقترح الحلول المناسبة بشأنها وتنفيذها‬
‫وتقومها بالتنسيق مع الهيئة اإلدارية والتدريسية وأولياء األمور‪.‬‬
‫‪ .4‬يقوم بإجراء دراسة الحالة الفردية والجماعية لحاالت الطلبة االجتماعية والسلوكية التي تستدعي ذلك عن‬
‫طريق استخدام استمارة دراسة الحالة المعدة من الو ازرة‪.‬‬
‫‪ .5‬يحافظ على سرية البيانات والمعلومات الخاصة بدراسة الحالة وال يستخدمها إال في عالج الحالة‪.‬‬
‫‪ .6‬يدرس حاالت تكرار تغيب الطلبة ويحدد مسبباتها‪ ،‬ويقترح طرق عالجها‪.‬‬
‫‪ .7‬يقدم المشورة وا لتوجيهية واإلرشادية االجتماعية الخاصة بالطلبة للهيئة اإلدارية والتدريسية والفنية وأولياء‬
‫األمور لالستفادة منها في مجال عملهم وتطوير أداء الطلبة‪.‬‬
‫‪ .8‬ينفذ محاضرات توعوية للعاملين بالمدرسة وأولياء األمور وفقاً للظواهر التربوية واالجتماعية المختلفة‪،‬‬
‫ويوضح أساليب التعامل مع المشكالت والسلوكيات غير المرغوبة في البيئة المدرسية‪.‬‬
‫‪ .9‬ينظم وينفذ لقاءات دورية مع الطلبة بشكل فردي أو جماعي لمتابعة تقدمهم الدراسي‪ ،‬ويناقش الصعوبات‬
‫والمشاكل التي تواجههم ويساعدهم على إيجاد الحلول المناسبة لها بالتنسيق مع المعلمين‪.‬‬
‫‪ .10‬يساعد الطلبة على تكوين اتجاهات إيجابية مع أنفسهم ومحيطهم المدرسي والمحلي باستخدام األساليب‬
‫اإلرشادية التربوية االجتماعية المناسبة‪.‬‬
‫‪ .11‬يوثق التعاون بين المدرسة والبيت والمجتمع فيما يتعلق بمجال عمله بإشراف إدارة المدرسة‪.‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪306‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫‪ .12‬يلتقي بأولياء أمور الطلبة لمناقشة أوضاع أبنائهم السلوكية " (و ازرة التربية والتعليم بسلطنة عمان‪،‬‬
‫‪ ،2015‬الصفحات ‪.)30-29‬‬

‫وبناء على ما سبق نجد أن اإلخصائي االجتماعي هو في حقيقة األمر حلقة الوصل بين البيئة المدرسة واألسرة‬
‫الحاضنة من جهة‪ ،‬والطلبة من جهة أخرى‪ .‬وتتركز مهمته في الوصول بالطلبة لبر األمان ومستقبل زاهر عن‬
‫طريق الرفع في مستوى تحصيلهم العلمي مع االهتمام بتربيتهم أخالقيا بما يحقق األهداف العامة لو ازرة التربية‬
‫والتعليم التي ال تخرج قيد أنملة عن ثقافة وتمثالت المجتمع وقيمه‪ .‬لذلك المتفحص للمهام الموكلة لإلخصائي‬
‫االجتماعي من قبل الو ازرة الوصية بالفعل مكنته بصالحيات عدة منها الحد من تسرب الطلبة ودراسة األسباب‬
‫التي قد تولد تلك الظاهرة‪.‬‬
‫‪ )9‬االليات التدخل المدرسي من منظور إداري‬
‫إن التصدي لظاهرة التسرب أو الهدر المدرسي ال تقع على عاتق األخصائي االجتماعي فقط وإنما هي عملية‬
‫متصلة البد وأن يشترك فيها أولياء األمور وأجهزة الدولة المختلفة بما فيها و ازرة التربية والتعليم بمنتسبيها كالً‬
‫بحسب تخصصه والمهام الموكلة قرينها ومنها التالي‪:‬‬
‫‪ ‬مواصلة الجهود الهادفة إلى محاربة التسرب المدرسي وتجفيف منابعهما‪ ،‬واعتماد برامج تشجيعية لتعبئة‬
‫وتحسيس االسر بخطورة االنقطاع عن الدراسة في سن مبكرة‪ ،‬وتقوية دور مدرسة الفرصة الثانية في إعادة إدماج‬
‫اليافعين والشباب إما في التعليم النظامي أو التكوين المهني أو أعدادهم لالندماج السوسيومهني‪ .‬مع الزامية تعميم‬
‫تعليم الزامي منصف وذي جودة دون تمييز مجالي وتوفير كل وسائل تحصين تمدرسهم من كل أسباب االنقطاع‬
‫المبكر والتسرب‪.‬‬

‫‪ ‬يلزم توفير الفضاءات المالئمة للتمدرس في األوساط القروية النائية في إطار شراكة تعاقدية مع‬
‫الجماعات الترابية والقطاع الخاص‪ .‬مع ادماج برامج الدعم التربوي للمتعثرين والمتعثرات في صلب المناهج‬
‫والبرامج المقررة‪ ،‬وضمن الزمن الدراسي داخل مختلف مؤسسات التربية والتكوين‪.‬‬

‫‪ ‬جعل الطالب شريك في العملية التعليمية ال متلقي وحسب‪ ،‬وإشعاره بانه جزء ال يمكن االستغناء عنه في‬
‫الفضاء المدرسي‪ " .‬ويقصد بهذا المبـدأ ضرورة إتاحـة الفرصـة لألشـخاص المتعلمـين المشاركة في التعليم مباشرة‪،‬‬
‫وذلك بواسطة تبادل المعلومات والمهـارات أو العمـل عـلى مهام معينة ضمن البرنامج التعليمي؛ حيث إن مبدأ‬
‫المـشاركة يعكـس عمليـة التفاعـل والمشاركة في طرح األفكار بـين المعلـم والمتعلمـين‪ ،‬مـع م ارعـاة عـدم التركيـز عـلى‬
‫دور المعلم فقط في تلقينهم المعلومات والمتعلمين مستمعون فقط" (أسعد‪ ،2018 ،‬صفحة ‪ )12‬مما يولد لديهم‬
‫حب التعليم حافز لعدم التسرب من المدرسة بحسب المدرسة السلوكية‪.‬‬

‫‪ ‬إعطاء الطالب فرصة للتعبير عن آرائه وأفكاره بحرية‪ .‬مع استخدم المكافأة بشتى أنواعها الممكنة مع‬
‫الطالب‪.‬‬

‫‪ ‬التواصل المستمر بين المؤسسة التعليمية واألسرة الحاضنة‪.‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪307‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫‪ ‬استخدام استراتيجية التعليم المتمايز ضمن طرق التدريس كونها من الطرق البيداغوجية الحديثة التي‬
‫تتماشى مع خصائص الطالب بحسب احتياجاتهم والفروق الفردية بينهم‪.‬‬

‫‪ ‬التوعية االجتماعية واألسرية بمخاطر التسرب المدرسي على األسرة والمجتمع والدولة األمة وذلك عبر‬
‫وسائل العالم المرئية والمسموعة وتنظيمات المجتمع المدني والفاعلين االجتماعين‪.‬‬

‫‪ )10‬خالصة‬
‫إن تحليل التسرب المدرسي كمعضلة التربوية وظاهرة اجتماعية ال يمكن أن يستقيم لها حال دون وضعها‬
‫في سياقها االجتماعي‪ ،‬والسياسي‪ ،‬واالقتصادي‪ ،‬والثقافي القيمي العام‪ ،‬الذي يتسم به المجتمع واالسرة العمانية بل‬
‫ومنظومة التعليم في السلطنة بل وسائر المجتمعات العربية التي تتشابه في بعض القضايا ذات القواسم المشتركة‪،‬‬
‫بل إن مقاربة المسألة التربوية تتطلب الغوص في تحليل مجمل البنيات واالنساق الكلية والفرعية لكل من التربية‬
‫والمجتمع‪ .‬لنخلص إلى أن التسرب أو الهدر المدرسي إحدى الخصائص الهيكلية التي تطبع النظام التعليمي بل‬
‫وتقلقه في اآلن نفسه‪ ،‬وهذه الظاهرة تعد من أكبر المعيقات التي تعرقل تطور العملية التعليمية بجميع مراحلها‪،‬‬
‫والتي تسببت في نزيف كبير للموارد البشرية‪ ،‬وهي ظاهرة مركبة تشمل مجموعة من العوامل الثقافية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية‪ .‬وعليه يجب على المدرسة االنتقال من النمط السلبي الذي يحصرها في دورها التقليدي القائم على‬
‫التلقين المواد الدراسية وفقط لتكون تنظيم حداثي عصري المدرسة وتنفتح على األسرة في عملية تشاركية مدروسة‬
‫ومخطط لها عبر برامج تربوية‪ .‬مع معاملة الطفل كطفل ال كراشد‪ ،‬وأن ميوله وخصائصه وحاجاته الحاضرة‬
‫ومصالحه يجب أن تكون مركز العملية التربوية ال رغبات وطموحات الكبار‪ .‬ويحتل االخصائي االجتماعي في‬
‫الفضاء المدرسي قائمة الهرم في الحد من هذه الظاهرة التي تهدد حاضر المجتمع ومستقبله معاً‪ .‬وللحد من تلك‬
‫الظاهرة يستلزم تكاتف اجتماعي بالشراكة مع الدولة األمة وترك استراتيجية التواكل على اآلخر‪ .‬وهنا أولت‬
‫الحكومة أجهزة الدولة في سلطنة عمان أهمية بالغة بالشباب والرفع من مستوى تمكينهم وتحصيلهم العلمي والحد‬
‫من التسرب المدرسي فرصدت لذلك الميزانيات والخطط والبرامج‪ ،‬وتأتي و ازرة التربية والتعليم في أعلى هرم تلك‬
‫األجهزة الرسمية التي لم تتواني للحظة في تسهيل طريق العلم للطلبة بجميع المراحل التعليمية زمن ضمن ذلك‬
‫االهتمام والتوجه العام في الحد من التسرب المدرسي للطلبة أحدث ضمن أطرها التعليمية األخصائيين االجتماعية‬
‫وبالفعل تم توزيعهم على المؤسسات التعليمة بالتزامن مع تفعيل صالحيات واسعة لهم في حل المشكالت التعليمية‬
‫أو السلوكية التي تعترض الطلبة بالتنسيق مع المحيط االجتماعي واألجهزة التربوية‪ .‬يمكن التوصل إلى أن دور‬
‫األخصائي االجتماعي يكم في الفهم والتحليل والتفسير لظاهرة التسرب المدرسي أوالً ومن ثم يمر برحلة اقتراح‬
‫ووضع الحلول تليها التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقويم لتلك العملية العالجية االستباقية قبل وقوعها أو على األقل‬
‫للحد منها نطرح عدة توصيات على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬نوصي كال من و ازرة التربية والتعليم‪ ،‬الشباب والرياضة‪ ،‬و ازرة اإلعالم‪ ،‬والو ازرة المهتمة بشأن األسرة‬
‫بإحداث اندية وورش وندوات تهدف باألساس إلى توعية األسرة بركنيها وباألخص األم بأهمية تمدرس األبناء‬
‫وأساليب التنشئة االجتماعية السليمة بشكل عام‪.‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪308‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫‪ .2‬ويوصي الباحث بتفعيل دور االخصائي االجتماعي في المؤسسات التربوية والتعليمية المختلفة‪ .‬ويري أن‬
‫يكون عددهم داخل كل مؤسسة تعليمية بعدد الفصول والشعب الدراسية‪ ،‬بحيث يكون لكل فصل دراسي مختص‬
‫اجتماعي يبدأ مع الطالب من الصف األول وينتقل معه إلى مرحلة الثانوية‪ ،‬وبهذه الحالة يكون االخصائي‬
‫االجتماعي لديه سجل متكامل عن حالة الطالب مستمر لعدة سنوات‪ ،‬يستطيع من خالله تحديد نواحي القصور‬
‫في سلوكه‪ .‬مع بإعطاء صالحيات لألخصائي االجتماعي ليس فقط بمتابعة الطالب بل وتقيم وتوجيه األطر‬
‫التربوية داخل المؤسسة التعليمية بما يسمح به القانون المنظم للعملية التعليمة والمهام الموكلة له وبالتعاون مع‬
‫أجهزة التوجيه التربوي‪.‬‬

‫‪ .3‬نوصي بإدراج مادة أساسية في التعليم االلزامي خاصة بسلوك األطفال يتولى متابعتها وتقويمها كال من‬
‫االخصائي االجتماعي في المدرسة باإلضافة إلى األسرة والمجتمع‪ .‬على أن تتولى و ازرة التربية والتعليم إعداد‬
‫وتطوير مما يجعلها في نهاية المطاف مسايرة للتغيرات العالمية وبما تتماشى مع ثقافة مجتمعنا وتطلعاته‬
‫واحتياجاته‪ ،‬ال أن يتم استيراد تلك المناهج كما هي بكل ما تحمله من متناقضات‪.‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪309‬‬
‫‪HNSJ Volume 3. Issue 3‬‬ ‫دور األخصائي االجتماعي في الحد من ظاهرة التسرب المدرسي‬

‫المراجع‬
‫‪ .1‬القرآن الكريم‬

‫‪ .2‬أحمد عمر سليمان‪ .)1998( .‬الدوغمائية وعال قتها بالتحصيل الدراسي وعادت االستذكار واالتجاهات نحو الدراسة لدى طالب‬
‫المرحلة الثانوية بدولة قطر‪ .،‬الدوحة‪ :‬مركز البحوث للترجمة جامعة قطر‪.‬‬
‫من‬ ‫‪،2022‬‬ ‫‪,2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫االسترداد‬ ‫تاريخ‬ ‫لإليسيسكو‪.‬‬ ‫الرسمية‬
‫‪ .3‬اإليسيسكو‪ .)2014 ,2 13( .‬الصفحة‬
‫‪https://www.icesco.org/%d8%b9%d9%86-‬‬
‫‪/%d8%a7%ef%bb%b9%d9%8a%d8%b3%d9%8a%d8%b3%d9%83%d9%88‬‬
‫‪ .4‬عبدالرحمن ابن منظور‪ .)1984( .‬لسان العرب‪ .‬القاهرة‪ :‬دار المعارف للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ .5‬عبدالعزيز رشدي‪ .)2015 ,1 17( .‬الهدر المدرسي التعريف واالسباب والحلول‪ .‬تاريخ االسترداد ‪ ،2022 ,2 2‬من‬
‫‪https://cmdi.ma/%d8%b8%d8%a7%d9%87%d8%b1%d8%a9-‬‬
‫‪%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%af%d8%b1-‬‬
‫‪%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d8%b1%d8%b3%d9%8a-‬‬
‫‪%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-‬‬
‫‪/%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84%d9%88%d9%84‬‬
‫‪ .6‬عبدهللا حمود العنزي‪ .)2005( .‬دور األخصائيين االجتماعيين في التعامل مع المشكالت االجتماعية للمسجونين في سجون مدينتي‬
‫الرياض وجدة‪ .‬دراسة لنيل درجة الماستر في العلوم االجتماعية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬قسم العلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة نايف العربية‬
‫للعلوم األمنية‪ .‬تاريخ االسترداد ‪2022 ,2 10‬‬
‫‪ .7‬عبدهللا محمد‪ .)2018( .‬العوامل المؤثرة في التحصيل االكاديمي للطالب األجنبي‪ ،‬دراسة لنيل درجة الماستر‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة ابن‬
‫طفيل‪ .‬القنيطرة‪ ،‬المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ .8‬على أسعد وطفه‪ ،‬على جاسم الشهاب‪ .)2003( .‬علم االجتماع المدرسي – بنيوية الظاهرة المدرسية ووظيفتها االجتماعية (اإلصدار‬
‫األول)‪ .‬المنامة‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية التربية‪.‬‬
‫‪ .9‬فرح أيمن أسعد‪ .)2018( .‬المعلم الناجح في التربية والتدريس (اإلصدار األول)‪ .‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار ابن النفيس للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .10‬فهد سالم القحطاني‪ .)2005( .‬تقييم دور األخصائي االجتماعي في المؤسسات االصالحية‪ .‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪:‬‬
‫دراسةميدانية على دار المالحظة االجتماعية لنيل درجة الماستر‪ ،‬كلية الدراسات‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ .‬تاريخ االسترداد‬
‫‪2022 ,2 6‬‬
‫‪ .11‬فهمي محمد السيد‪ .)2000( .‬محاضرات في الدفاع االجتماعي (المجلد بدون)‪ .‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬الكتبة الجامعية‪.‬‬
‫‪ .12‬مصطفى حجازي‪ .)2005( .‬اإلنسان المهدور (اإلصدار األول)‪ .‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ :‬منشورات المركز العربي للثقافة‪.‬‬
‫‪ .13‬مصطفى محسن‪ .)1984( .‬االتجاهات النظرية في سوسيولوجية التربية‪ .‬مجلة الدراسات النفسية‪.‬‬
‫‪ .14‬نوال بنرحو‪ .)2016( .‬المواكبة التربوية ودورها في تجويد التعليم ومحاربة الهدر المدرسي‪ .‬مجلة التدريس‪ ،‬أصدرا كلية علوم‬
‫التربية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬المملكة المغربية(العدد‪.)8‬‬
‫‪ .15‬وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان‪ .)2015( .‬دليل مهام الوظائف المدرسية واألنصبة المعتمدة لها‪ .‬وزارة التربية والتعليم‪.‬‬
‫‪ .16‬وليم و‪ .‬المبرت‪ ،‬والس إ‪ .‬المبرت‪ .)1993( .‬علم النفس االجتماعي‪( .‬سلوى المال‪ ،‬المترجمون) القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار الشروق للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬

‫‪www.hnjournal.net‬‬ ‫المجلد (‪ )3‬العدد (‪)3‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية‬ ‫محمد الخاطري‪ ،‬مارس ‪2022‬‬ ‫صفحة | ‪310‬‬

You might also like