إشكالات الإحالة للغير في قانون إنقاذ المؤسسات (2)

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 40

‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫المقدمـة‬

‫متث ل املؤسس ة مص در خلل ق ال ثروة يف مجي ع اجملتمع ات ف إذا إزده رت تط ور و منى‬


‫اإلقتص اد و إذا تع ثرت ف إن عثرهتا تنتق ل إىل اجلمي ع من عمل ة و متع املني جتاريني و‬
‫ماليني وصوال إىل الدولة اليت تتأثر مواردها اجلبائية بنتائج املؤسسات اإلقتصادية ‪.‬‬
‫فالدول ة احلديث ة ‪ ،‬يف إط ار دوره ا الت وجيهي ‪ ،‬ال تكتفي بالتش جيع على بعث‬
‫املؤسس ات من خالل احلوافز املالي ة و اجلبائي ة و إمنا تت دخل ملس اندة القطاع ات‬
‫اإلقتص ادية املتع ثرة من خالل ت دابري ظرفي ة أو مبعاجلات هيكلي ة و أق رت ق انون إنق اذ‬
‫املؤسسات للتعاطي مع الصعوبات الفردية اليت متر هبا املؤسسات ‪ .‬فاهلدف هو إعادة‬
‫املؤسس ة من جدي د إىل ال دورة اإلقتص ادية و اإلجتماعي ة ال يت تتح ق من خالل بواب ة‬
‫التشغيل ‪.1‬‬
‫مل يعرف املشرع املؤسسة و استعمل هذا املصطلح دون أن حيدد مفهومه ضمن قانون‬
‫إنقاذ املؤسسات و يف غياب تعريف تشريعي للمؤسسة ميكن اإلكتفاء بالتعريف الذي‬
‫أورده السيد حممد اهلادي الدعلول والذي تضمن أن‪":‬املؤسسة من املؤسس تأسيسا و‬
‫هو املقام حدوده و املبين قواعده‪ .‬وهي تعين التخصيص املنظم لألموال و املعدات بغية‬
‫اإلنت اج و ال رتويج أو تق دمي اخلدمات لغاي ة حتقي ق األرب اح‪ .‬وذل ك ف إن املؤسس ة‬
‫اإلقتصادية تعين املتجر و املصنع حمّل احلرفة و الذات املادية وخمتلف الذوات املعنوية"‪.2‬‬

‫‪ 1‬يقتضي الفصل ‪ 1‬من قانون إنقاذ املؤسسات أن نظام اإلنقاذ يهدف أساسا إىل مساعدة املؤسسات اليت مر بصعوبات اقتصادية على مواصلة‬
‫نشاطها و احملافظة على مواطن الشغل فيها و الوفاء بديوهنا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الهادي الدعلول‪،‬الصعوبات اإلقتصادية وإنقاذ المؤسسات بواسطة التسوية القضائية‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬عدد ‪ ،9‬نوفمبر ‪.2000‬‬

‫‪1‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫خيتلف مصطلح املؤسسة عن مصطلح الشركة باعتبار أن الشركة متثل أحد األشكال‬
‫القانونية اليت ميكن أن تنشط ضمنها املؤسسة فتكون جتارية من حيث الشكل بالنسبة‬
‫إىل الشركة خفية اإلسم و الشركة ذات املسؤولية احملدودة فيما تكون جتارية حبسب‬
‫املوض وع أو النش اط بالنس بة إىل بقي ة أش كال الش ركات‪ .‬ويف مقاب ل ذل ك ميكن أن‬
‫تك ون املؤسس ة على مل ك ذات طبيعي ة فت دمج يف ذمته ا املالي ة و تص بح عنص را من‬
‫عناص رها بإعتب ار أن املش رع التونس ي مل يتب ىن نظري ة ختص يص الذم ة املالي ة رغم تبني ه‬
‫نظرية شركة الشخص الواحد يف إطار جملة الشركات التجارية‪.‬‬
‫وتأكيدا هلذا املعىن أوضح بعض الدارسني لقانون إنقاذ املؤسسات اليت متر بصعوبات‬
‫اقتصادية أن املؤسسة باعتبارها جتميع منظم لألشخاص و وسائل اإلنتاج تبقى مفهوما‬
‫وظيفيا يستعملها القانون دون أن تتمكن من اكتساب اإلستقاللية‪.3‬‬
‫إن األمهي ة ال يت أواله ا املش رع ملص لحة املؤسس ة يف إط ار ق انون املؤسس ات ال يت متر‬
‫بص عوبات إقتص ادية ال ميكن أن خُت في حرص املش رع على إجياد ق در أدىن من التوازن‬
‫بني املصاحل املتعارضة كي ال تتحول مصلحة املؤسسة إىل وسيلة إلهدار بعض احلقوق‬
‫فتم تغليب مص لحة املؤسس ة يف أغلب األحي ان دون إغف ال للمص احل األخ رى ال يت‬
‫تقتضي احلماية و بذلك فقد سعى املشرع إىل إجياد قدر أدىن من التوازن املرن و املتغري‬
‫بني مصلحة املؤسسة و مصاحل بقية األطراف املعنية بنشاط املؤسسة ‪.4‬‬
‫‪ "5‬ب أن‬ ‫‪28/01/2003‬‬ ‫وق د ذهبت حمكم ة التعقيب يف قراره ا ع دد ‪ 20324‬املؤرخ يف‬
‫أحكام القانون املتعلق بإنقاذ املؤسسات اليت متر بصعوبات اقتصادية هي أحكام خاصة‬

‫‪Brahmi –Adel , Le droit du redressement des entreprises en difficulté, Tunis 2002, p.14 3‬‬
‫‪ 4‬عصام األمحر‪ ،‬مصلحة املؤسسة يف إطار إنقاذ املؤسسات اليت متر بصعوبات إقتصادية‪ ،‬جملة القضاء والتشريع العدد ‪ 7‬السنة جويلية ‪.2008‬‬
‫‪ 5‬ق ت م عدد ‪ 20324‬مؤرخ يف ‪ ، 28/01/2003‬النشرية ‪.2003‬‬

‫‪2‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫جاءت بفرض أولويات تتجاوز العالقة بني الدائن واملدين لتشمل احملافظة على كيان‬
‫املؤسس ة بوص فها وح دة إنت اج وم ورد رزق حبيث ختتل ف مص احلها عن مص احل‬
‫شركائها وعلى ذلك فإنه يتعني على احملكمة املتعهدة بدعوى التسوية القضائية إيالء‬
‫اإلج راءات ال يت تض منتها تل ك األحك ام أمهيته ا وموازن ة املص احل القانوني ة جلمي ع‬
‫األطراف يف حدود املوقف احليادي اإلجيايب العادل ‪."....‬‬
‫لكن حرص املشرع على املوازنة بني املصاحل املتعارضة مل مينع تصادمها نتيجة قراءات‬
‫خمتلفة للوضع اإلقتصادي للمؤسسة أو بسبب إختالف التصورات لربنامج اإلنقاذ ‪.‬‬
‫‪ ،‬فأفض ل احلل ول أن تواص ل املؤسس ة‬ ‫‪viables‬‬ ‫ف إذا ك انت املؤسس ة قابل ة للحي اة‬
‫نشاطها بني يدى مالكيها‪ . 6‬لكن قد تعوزهم إرادة اإلنقاذ و وسائله و لذلك تتخذ‬
‫احملكمة قرارا بإحالة املؤسسة للغري ضمانا الستمرارها ‪.‬‬
‫تعترب اإلحالة يف القانون التونسي حال فرعيا باعتبار أن احملكمة ال تصادق على برنامج‬
‫اإلنقاذ باإلحالة للغري إال إذا تعذر إنقاذ املؤسسة مبواصلة نشاطها وذلك خالفا لنظريه‬
‫الفرنس ي ال ذي وض ع طريق يت اإلنق اذ على ق دم املس اواة وأوك ل للمحكم ة مهم ة‬
‫االختيار دون تفضيل حل على آخر‪.7‬‬
‫واإلحالة تعترب حال يكرس فكرة الفصل بني املؤسسة واملسري الذي غالبا ما يكون سببا‬
‫يف الصعوبات اليت تعانيها املؤسسة‪.‬‬

‫‪ 66‬أمحد الورفلي‪ ،‬الوجيز يف قانون الشركات التجارية‪ ،‬جممع األطرش للكتاب املختص تونس ‪.2010‬‬
‫‪J.PAILLUSEAU, J.J CAUSSAIN, H.LAZARKI et PH. PEYRAMAURE, La cession d’entreprise,‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪.éd.Dalloz, 3èmè éd.1993,p.619‬‬

‫‪3‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫تنجز اإلحالة طبقا لإلجراءات املبينة يف الفصل ‪( 48‬جديد) ويرتتب عنها نقل ملكية‬
‫املؤسس ة إىل احملال ل ه إث ر دف ع كام ل الثمن وتطه ري املؤسس ة من ال ديون والرتس يمات‬
‫السابقة لإلحالة‪ 8‬وتوزيع املتحصل منها على الدائنني‪.9‬‬
‫إن إنق اذ املؤسس ة بإحالته ا للغ ري وع دم التس رع يف تفليس ها ق د يك ون أجنع وس يلة‬
‫للمحافظ ة عليه ا خاص ة م ىت اس تجابت إىل اهلدف ال ذي س ن من أجل ه ق انون اإلنق اذ‬
‫واملتمث ل يف احلف اظ على اس تمرارية نش اط الش ركة وعلى م واطن الش غل فيه ا‪ ،‬إال أن‬
‫ذلك ال خيلو من مشاكل تطبيقية عديدة‪.10‬‬
‫إن اإلطار القانوين والتشريعي ال ميكنه استيعاب مجيع اإلشكاالت وال استباقها وتبقى‬
‫اإلشكاالت اليت تطرحها إحالة املؤسسة للغري متجددة بتنوع الوضعيات الواقعية اليت‬
‫يفرزه ا التط بيق مما يس تحيل مع ه وض ع قائم ة حص رية بش أهنا‪ ،‬وه و م ا ي ربر الت دخل‬
‫القض ائي ال ذي يس عى يف إجياد احلل األنس ب للمؤسس ة حبس ب طبيع ة نش اطها‬
‫واملتعاملني معها‪.‬‬
‫لكن مفه وم اإلحال ة يف ق انون إنق اذ املؤسس ة يتج اوز مع ىن إحال ة األص ول املادي ة‬
‫للمؤسس ة و احملافظ ة على عق ود الش غل املرتبط ة بإس تغالهلا ‪ ،‬ذل ك أن نق ل ملكي ة‬

‫الفصل‪ 49‬فقرة أوىل‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫الفصل ‪.51‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪ 10‬يف ق رار غ ري منش ور ص ادر عن احملكم ة اإلبتدائي ة بت ونس حتت ع دد ‪ 429‬بت اريخ ‪ 22/10/2007‬ذهبت احملكم ة يف إح دى حيثياهتا "‬
‫وحيث أنه بالنظر للمعطيات املادية والواقعية اليت حتيط بالوضع احلايل لطالبة التسوية وإىل العجز املايل الذي بلغت إليه فإن اعتماد برنامج إنقاذ‬
‫يع د مغ امرة من ش أهنا أن حتدث أض رارا مجة يف ص ورة ع دم جناحه ا من ذل ك أن ع دم خالص مكتت يب الق روض الرقاعي ة ق د ي ؤدي إىل عملي ة‬
‫سحب مجاعي لإليداعات بشركات اإلستثمار‪.‬وحيث وتبعا ملا تقدم وأمام تدهور الوضعية املالية للشركة وتوقفها عن النشاط وصعوبة حتقيق‬
‫برن امج اإلنق اذ املق رتح باإلض افة إىل املخ اطر ال يت ق د تنج ر عن ع دم تنفي ذه ف إن مس اعدهتا على النح و املذكور أص بحت غ ري ذات‬
‫ج دوى ل ذا ف إن مق رتح إحالته ا للغ ري يع د أجنع وس يلة لتطه ري ديوهنا وذل ك طبق ا ألحك ام الفص ل ‪ 47‬من ق انون إنق اذ‬
‫املؤسسات ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫املؤسس ة ميكن أن يتحق ق بإكتس اب مس امهني ج دد األغلبي ة يف رأس املال ففي ه ذه‬
‫احلالة يتحدث الفقهاء عن اإلحالة الداخلية للمؤسسة ‪.‬‬
‫إن إحالة املؤسسة مبا تعنيه من نقل مللكية أدوات إنتاج الثروة سواء كانت اإلحالة‬
‫معلن ة أو غ ري مباش رة عن طري ق إكتس اب األغلبي ة يف رأس املال ‪ ،‬تث ري الكث ري من‬
‫اإلش كاليات و الص عوبات و ال يت ن رى تناوهلا يف ج زئني يتعل ق األول بإش كاليات‬
‫اإلحالة اخلارجية للمؤسسة و يتعلق الثاين بإشكاليات اإلحالة الداخلية للمؤسسة‪.‬‬

‫الجزء األول‬
‫إشكاليات اإلحالة الخارجية للمؤسسة‬

‫إذا كان متعذرا إنقاذ املؤسسة مبواصلتها لنشاطها مع نفس املالك سواء كان شخصا‬
‫طبيعي ا أو معنوي ا وك ان من املمكن إنقاذه ا دون تفليس ها فإن ه ميكن اإلذن بإحالته ا‬
‫للغري‪.‬‬
‫وق د ع رف التط بيق العدي د من اإلش كاالت الالحق ة عن املص ادقة عن برن امج اإلنق اذ‬
‫وحتديدا على مستوى تنفيذ قرار اإلحالة‪.‬إذ برزت إشكاالت طرحها قرار اإلحالة ذاته‬
‫(الفص ل األول) وأخ رى مرده ا الس عي إىل اإلض رار باملؤسس ة ب اإلحنراف عن مقاص د‬
‫قانون اإلنقاذ (الفصل الثاين)‪.‬‬
‫الفصل األول‬
‫إشكاالت يطرحها قرار اإلحالة‬
‫‪5‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫تق رر احملكم ة إحال ة املؤسس ة للغ ري م ىت رأت أن ه احلل "الوحي د واملس تعجل" ال ذي ميكن من‬
‫إنقاذها واحملافظة على مواطن الشغل فيها وخالص ال دائنني‪.‬وتفعيال لذلك تص در احملكمة إذنا‬
‫باإلحال ة بع رض املؤسس ة لل بيع وجب متي يزه عن ق رار اإلحال ة (القس م األول) ه ذا األخ ري يع د‬
‫حكما قضائيا منتجا آلثاره (القسم الثاين)‪.‬‬

‫القسم األول‪ :‬الخلط بين الحكم التحضيري الذي يقرر إحالة المؤسسة و الحكم الذي يعاين إتمام‬

‫اإلحالة‬

‫لق د نص الفص ل ‪ 47‬جدي د " ميكن أن ت أذن احملكم ة بإحال ة املؤسس ة للغ ري إذا تع ذر‬
‫إنقاذها طبقا ألحكام الفصول من ‪ 41‬إىل ‪ 46‬من هذا القانون وكان يف ذلك ضمان‬
‫الستمرار نشاطها أو االحتفاظ بكل مواطن الشغل فيها أو ببعضها وتطهري ديوهنا"‪.‬‬
‫كم ا نص الفص ل ‪ 48‬جدي د " يتم إش هار ق رار اإلحال ة بالرائ د الرمسي للجمهوري ة‬
‫التونس ية وبك ل وس يلة أخ رى ي أذن هبا القاض ي املراقب وذل ك خالل العش رين يوم ا‬
‫املوالي ة الختاذه وحتدد احملكم ة ملراقب التنفي ذ أجال لتحري ر ك راس الش روط ال يتج اوز‬
‫عش رين يوم ا من ت اريخ اختاذ قراره ا القاض ي باملص ادقة على برن امج اإلنق اذ بإحال ة‬
‫املؤسسة للغري وحيرر كراس الشروط حتت إشراف القاضي املراقب ويوضع على ذمة‬
‫مقدمي العروض‪."...‬‬
‫و يس تنتج من ه ذين الفص لني أن املش رع ق د أوجب القي ام باالش هارات ال يت على‬
‫أساسها يتم تقدمي العروض من طرف الراغبني يف الشراء و بالتايل فإن احلكم الصادر‬
‫باإلحال ة قب ل القي ام باإلش هارات الالزم ة يع د حكم ــا تحض ــيريا يق رر مب دأ اإلحال ة‬
‫املؤسسة للغري ويأذن باالشهارات يف انتظار العروض‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫وقد وقعت احملكمة اإلبتدائية بصفاقس يف هذا اخللط حينما أصدرت حكما حتت عدد‬
‫‪ 135‬بت اريخ ‪ 15/03/2005‬يقض ي بتم تيع الش ركة موض وع الطلب ب إجراءات التس وية‬
‫القض ائية وبإحالته ا بص فة كلي ة للغ ري وتع يني م راقب تنفي ذ وتكليف ه بتحري ر ك راس‬
‫شروط البيع يوضع على ذمة مقدمي العروض‪......‬واإلذن ملراقب التنفيذ بنشر ذلك‬
‫الق رار بالرائ د الرمسي باجلمهوري ة التونس ية وجبري دة يومي ة ‪ ،‬دون أن تس تتبع قراره ا‬
‫املذكور حبكم يصادق على اإلحالة بعد تلقي العروض و املوافقة على أحدها و على‬
‫ه ذا األساس قض ت حمكم ة اإلستئناف بص فاقس‪ 11‬بنقض احلكم اإلبت دائي املذكور و‬
‫بإرج اع القض ية إىل احملكم ة اإلبتدائي ة بص فاقس للنظ ر من جدي د يف املوض وع‪ ،‬معلل ة‬
‫قرارها بأنــه " طاملا ثبت أن حمكمة البداية مل تتوىل القيام بعد باإلشهارات الالزمة فإن‬
‫حكمها الصادر ابتدائيا يصبح سابقا ألوانه طاملا أن تلك اإلجراءات املتخذة مبوجب‬
‫‪149‬‬ ‫احلكم املطعون فيه كان من املفروض إصدراه حتضرييا بشأهنا‪.......‬و بأن الفصل‬
‫من م م م ت ينص على أن ه إذا ك ان احلكم املس تأنف ص ادر يف ش أن دف ع ش كلي‬
‫ورأت حمكمة اإلستئناف عدم صحة ذلك احلكم فلها أن تقتصر على نقضه وإرجاع‬
‫القضية إىل حمكمة الدرجة األوىل للنظر يف املوضوع كما هلا إن كان املوضوع قابال‬
‫للفصل أن تبت فيه"‪.‬‬
‫وحيث و على ه ذا األس اس تعه دت حمكم ة البداي ة من جدي د مبل ف التس وية و‬
‫أصدرت حكما جديدا‪ 12‬يقضي بقبول أحد العروض الواردة عليها ألنه" ميثل العرض‬
‫األقص ى يف اإلحال ة حملافظت ه على نش اط الش ركة و حملافظت ه على كاف ة م واطن الش غل‬

‫‪ 11‬القضية اإلستئنافية عدد ‪ 13464‬واليت متت بتاريخ ‪( 12/06/2006‬غري منشور) (يراجع امللحق)‪.‬‬
‫‪ 12‬احلكم عدد ‪ 135‬بتاريخ ‪( 17/04/2007‬غري منشور) (يراجع امللحق)‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫لدى طالبة التسوية ومن جهة ثالثة فإنه يطهر الديون باعتبار أن مجيع الدائنني قبلوا‬
‫بقبض مبالغ من كامل الدين ويعطون اإلبراء يف الكل"‪.‬‬
‫حينئذ يعد ق رار ع رض املؤسس ة على اإلحال ة حكم ا حتض رييا و يبقى ق ابال للمراجع ة‬
‫كلم ا ظه رت ب وادر ت دعو إىل تع ديل برن امج اإلنق اذ واعتم اد غ ريه يف حني أن حكم‬
‫اإلحال ة يك ون ص ادرا باملص ادقة على برن امج اإلنق اذ بإحال ة الش ركة لفائ دة الغ ري م ع‬
‫اعتبار احملال له مالكا للمؤسسة احملالة مبجرد وفاء التزاماته املضمنة بالعرض املقدم منه‬
‫ملراقب التنفيذ ودفع كامل مثن اإلحالة وتكليف مراقب تنفيذ بإمتام إجراءات اإلحالة‬
‫وذل ك بتح ويز احملال ل ه باملؤسس ة احملال ة على ض وء ش روط ال بيع ال واردة بك راس‬
‫الش روط املع دة من طرف ه عن د توص له بكام ل مثن اإلحال ة واإلذن ل ه بتوزي ع الثمن‬
‫املذكور على الدائنني املرمسني يف ظرف شهر من تاريخ استخالصه له بالرتاضي فيما‬
‫بينهم‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬مفعول الطعن باإلستئناف في حكم اإلحالة‬
‫ط رح إش كال أم ام القاض ي اإلس تعجايل بص فاقس متث ل يف ه ل أن اس تئناف حكم‬
‫اإلحال ة الص ادر ابت دائيا ل ه مفع ول تعليقي حبيث حيول دون حتويز الش ركة احملال ة أم ال‬
‫لسيما وأن احلكم اإلبتدائي القاضي باإلحالة غري مكسو بالنفاذ العاجل؟‬
‫جواب ا عن ه ذا اإلش كال إعت ربت حمكم ة اإلس تئناف بص فاقس ص لب قراره ا‬
‫اإلس تعجايل ع دد ‪ 42021‬الص ادر بت اريخ ‪ 1328/03/2011‬باعتب ار الطعن باإلس تئناف ال‬
‫يعل ق تنفي ذ احلكم باإلحال ة و على ه ذا األس اس أذن ب التحويز دون الوق وف على‬
‫إجراءات االستئناف معللة قرارها مبا يلي ‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫قرار إستئنافي استعجالي غير منشور صادر عن محكمة اإلستئناف بصفاقس تحت عدد ‪ 42021‬بتاريخ ‪( 28/03/2011‬يراجع الملحق)‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫‪ ‬ب أن " املفع ول التعليقي لالس تئناف املنص وص علي ه بالفص ل ‪ 146‬م م م ت ل ه‬
‫استثناءات ال ميكن حصرها يف جملة املرافعات املدنية والتجارية فقط وذلك يف‬
‫صوريت الفصلني ‪ 125‬و ‪ 126‬م م م ت ولو كانت نية املشرع متجهة إىل ذل ك‬
‫لنص على ذلك صراحة إمنا جعل الباب مفتوحا لكل احلاالت اإلستثنائية اليت‬
‫نص عليها القانون مطلقا ومن ضمنها ما نص عليه الفصل ‪ 48‬جديد يف فقرته‬
‫اخلامسة " و بأن " مراقب التنفيذ يتوىل إعالم صاحب العرض املختار بقرار‬
‫احملكمة وإمتام إجراءات اإلحالة يف أسرع وقت ويف كل احلاالت خالل شهر‬
‫من تاريخ اختيار العرض"‪.‬‬
‫‪ ‬ب أن" ملكي ة املؤسس ة تنتق ل مباش رة للمح ال هلا مبج رد دفعه ا الثمن وذل ك‬
‫بص ورة فوري ة عمال بأحك ام الفص ل ‪ 49‬من ق انون اإلنق اذ ال ذي ينص خالف ا‬
‫للفص ل ‪ 292‬من م ح ع على تطه ر املؤسس ة عن د بيعه ا من مجي ع ال ديون‬
‫والرتسيمات السابقة مبا فيها املمتازة وتنتقل ملكية املؤسسة إىل احملال له مبجرد‬
‫وفائ ه جبمي ع االلتزام ات ودفع ه كام ل الثمن وإن املش رع مل يض ع أي اس تثناء‬
‫على ه ذه القاع دة تناغم ا بني كاف ة فص ول ه ذا الق انون مثلم ا وق ع تنقيح ه‬
‫بإض فاء الص بغة االس تعجالية على إج راءات اإلحال ة وذل ك حبص رها بآج ال‬
‫قصرية ومضبوطة بدون أي إمكانية لتجاوزها وذلك رغبة من املشرع يف محاية‬
‫استمرارية مواطن الشغل وخالص الدائنني"‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫‪9‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫حماية المؤسسة من االنحراف عن مقاصد قانون اإلنقاذ‬


‫س عى املش رع من خالل ق انون اإلنق اذ إىل النه وض باملؤسس ة واحملافظ ة عليه ا كن واة اقتص ادية‬
‫ومساهم فعلي يف اإلقتصاد‪ 14‬ونظرا لتدخل عديد األطراف يف عملية اإلنقاذ فقد سعى املشرع‬
‫إىل محاي ة املؤسس ة من املتص رفني القض ائيني ببس ط رقاب ة القض اء عليهم(قس م أول) وك ذلك‬
‫حبمايتها من حيل الغري (قسم ثان)‪.‬‬

‫قسم أول‪ :‬حماية المؤسسة من فعل المتصرفين القضائيين‬


‫ك رس املش رع ع رب إحال ة املؤسس ة للغ ري الفص ل بني املؤسس ة ومس رييها باعتب ار أن‬
‫مسريها هو عادة ما يكون سببا يف الصعوبات اليت تعرتضها املؤسسة‪.‬‬
‫وللمحافظ ة على وج ود املؤسس ة وكياهنا ولتوف ري األس باب واآللي ات الض امنة لنج اح‬
‫برنامج اإلنقاذ‪ ،‬فإن اإلجراءات اجلماعية هلا بعد زجري بتدخل املشرع سواء بشكل‬
‫وقائي أو عالجي‪.‬‬
‫فضمانا لنجاعة قانون اإلنقاذ ذاته وحىت ال يكون مطية يستغلها املدين للتحيل على‬
‫دائني ه وح ىت ال تتعط ل آلي ات التس وية بتق اعس من ه فق د ح رص املش رع إىل اختاذ‬
‫إج راءات ض د املتس ببني يف احندار املؤسس ة وت ردي وض عها هدف ه محاي ة ه ذه األخ رية‬
‫وذل ك من خالل إرسائه بالفصل ‪ 55‬من القانون عدد ‪ 34‬لس نة ‪ 1995‬لعقاب ج زائي‬
‫من أج ل جرمية تعطي ل إج راءات التس وية ض د ك ل من يتعم د عرقل ة ه ذه‬
‫اإلجراءات‪.15‬كما أن املدين املتوقف عن الدفع ميكن أن يكـون عرضة للتبعات اجلزائي ة‬
‫مبقتض ى الفصليـن ‪ 288‬و‪ 290‬م ج من أج ل التس بب يف اإلفالس‪.‬وتق رتن ه ذه الت دابري‬

‫‪ 14‬كما الجطالوي‪ ،‬التطور التشريعي لقانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬أكتوبر ‪ ، 2006‬ص‬
‫‪.44‬‬
‫‪ 15‬لقد سعى املشرع إىل حث املدين إىل التعامل إجيابيا مع مطلب التسوية املقدم ضده حىت ال يتسبب يف تقصريه يف‬
‫تعطيل إجراءات اإلنقاذ علما وأن مطلب التسوية القضائية ميكن أن يقدم من املدين كما ميكن تقدميه من الدائن‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫بإش هارات متنوع ة بغاي ة تنبي ه املتع املني م ع املدين إىل خط ورة وض عيته جتنب ا لزي ادة‬
‫التورط معه‪.‬ولئن كانت هذه النصوص هتدف إىل محاية النظام العام اإلقتصادي‪ ،‬إال‬
‫أن التطبيق ي ربز أن العقوب ة اجلزائية قليلة اجلدوى ذل ك أهنا مل متنع رغم شدهتا أحيانا‬
‫من تن امي ع دد اجلرائم املرتكب ة‪.‬ونفس املالحظ ة تص دق على البع د ال ردعي للتج رمي‬
‫الذي ال نفع له يف االستخالص الفعلي للدين‪.‬‬
‫وميكن للمحكمة باإلضافة إىل التتبعات اجلزائية اليت قد تثار ضد املسؤول إبعاد مسري‬
‫املؤسسة وتعويضه مبتصرف قضائي كما حبكم احملكمة اإلبتدائية بنب عروس يف القضية‬
‫و اليت عللت فيها قضاءها بأن" تنفيذ‬ ‫‪16‬‬
‫‪2002 /15/07‬‬ ‫عدد ‪ 44/2002‬التامة بتاريخ‬
‫برنامج اإلنقاذ مبواصلة النشاط يقتضي وضع شروط رئيسية لنجاحه احنصرت أساسا‬
‫يف إبع اد ال رئيس املدير الع ام الس ابق بص فته تل ك عن دواليب التس يري ومطالبت ه بع دم‬
‫الت دخل يف تط بيق برن امج اإلنق اذ و تكف ل أك رب دائ ين املؤسس ة أي الش ركة التونس ية‬
‫للبنك بالتسيري الفعلي و املراقبة امليدانية أثناء الفرتة االنتقالية املقرتحة"‪.‬‬
‫مث أن ذات احملكمة إختذت قرارا آخر يف إجتاه إحالة املؤسسة لفائدة الغري و أذنت من‬
‫جديـد " بفتح فرتة مراقبة على أساس إحالة املؤسسة جبميع عناصرها املادية و املعنوية‬
‫و ما تشمله من منقوالت و عقارات باستثناء ما مت التفويت فيه خالل تنفيذ برنامج‬
‫االنق اذ ‪ ،‬وتع يني متص رفا قض ائيا الس يد‪ .....‬ليت وىل إيق اف احلس اب م ع املتص رف‬
‫القض ائي الق دمي يف خص وص مجي ع أعم ال التص رف ط وال ف رتة تنفي ذ برن امج اإلنق اذ‬
‫وتكليف ه بإع داد ك راس ش روط يتض من ج رد أص ول الش ركة املدني ة املادي ة منه ا و‬
‫املعنوية بواسطة أهل اخلربة وتقدير قيمتها لتحديد مثن اإلحالة يف ظرف مخسة وأربعني‬

‫‪ 16‬قرار غير منشور يراجع الملحق‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫يوم ا من ت اريخ احلكم على أن تتم أعمال ه حتت إش راف قاض ي املؤسس ة باحملكم ة‬
‫االبتدائية بنب عروس" ‪.‬‬

‫كم ا ميكن للمحكم ة طب ق أحك ام الفص ل ‪ 28‬جدي د أن حتج ر على املس ري القي ام بأي ة‬
‫عملي ات تف ويت أو رهن ألس همه أو حصص ه دون إذهنا كم ا ميكنه ا إبط ال قرارات ه‬
‫الس ابقة لتعه دها والالحق ة لت اريخ التوق ف عن ال دفع وال يت تض ر مبص لحة املؤسس ة أو‬
‫تعرقل برنامج اإلنقاذ أو متيز دائنا عن آخر أو عمليات خالص الديون غري احلالة طبقا‬
‫ملا نص عليه الفصل ‪ 30‬جديد‪.‬‬
‫و يتضح بالتمعن يف الفصل ‪ 30‬أن موجب اإلبطال ليس إفقار الضمان العام للدائنني‬
‫بق در "اإلض رار مبص لحة املؤسس ة" وتعك ري وض عها‪ .‬وه ذا م ا يفس ر أغلب الفص ول‬
‫األخ رى املتعلق ة بتوقي ف إج راءات التقاض ي وأعم ال التنفي ذ واس رتجاع منق والت أو‬
‫عق ارات يف ح وزة املدين وإيق اف س ريان الف وائض وغرام ات الت أخري وتعلي ق آج ال‬
‫الس قوط ومس اعدة املدين يف أعم ال التص رف ويف إدارة املؤسسـة وإبعـاده عنه ا‬
‫وتعويضه ‪...‬فكل هذه احللول ترمي يف حقيقة األمر إىل احملافظة على وجود املؤسسة‪.‬‬
‫ولع ل ه ذا م ا رس خ اإلنطب اع الس ائد يف التط بيق ب أن ق انون اإلج راءات اجلماعي ة ه و‬
‫املالذ اآلمن للمدين اجلاحد والوسيلة املثلى للنكاية بدائنيه ‪.17‬ودليل على ذلك ما جاء‬
‫يف األعم ال التحض ريية لتنقيح ‪ 2003‬من أن اهلدف من س نه ه و " وض ع اإلج راءات‬
‫الكفيل ة بالتص دي لبعض احملاوالت الرامي ة إىل اس تعمال ه ذه األحك ام لبل وغ أه داف‬
‫وغاي ات أخ رى‪ ،‬خاص ة ع دم خالص ال ديون خصوص ا أن التعس ف يف اإلس تفادة من‬

‫‪17‬‬
‫‪.F.PEROCHON, Halte au détournement de la cession judiciaire d’entreprise, D.S 1990, p.252‬‬

‫‪12‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫أحكام هذا القانون قد أضر مبؤسسات القرض من بنوك وشركات إجيار مايل ضررا‬
‫بليغا اجته احلد منه"‪.18‬‬
‫ولس ائل أن يس أل ‪ :‬إذا ك انت ه ذه املؤسس ات املالي ة ق د تض ررت وهي من طائف ة‬
‫‪19‬‬
‫الدائنني املفضلني فما بالك إذن بالدائنني العاديني الذين ال تأمني هلم؟‬
‫وح ىت ال تنح رف اإلحال ة عن مقص دها فق د نص الفص ل ‪ 50‬من ق انون اإلنق اذ " ال‬
‫ميكن ملسري املؤسسة موضوع اإلحالة وقرينه وأصوله وفروعه وأقاربه إىل الدرجة الثانية‬
‫وأصهاره تقدمي عرض لشراء املؤسسة بصفة مباشرة أو غري مباشرة"‪.‬‬
‫إن اإلحالة هي بيع من نوع خاص لتعلقه ببيع مؤسسة‪.‬غري أن املشرع مل حيدد ماهية‬
‫إج راءات اإلحال ة ال يت يت وجب على م راقب التنفي ذ إمتامه ا لكن ميكن الق ول أن ه ذه‬
‫اإلج راءات تتمث ل يف إب رام عق د إحال ة م ع احملال إلي ه‪ .‬فه ذا اإلج راء ب ديهي رغم أن‬
‫املشرع مل يتطرق إليه صراحة ضمن أحكام الفصل ‪ 48‬جديد‪.‬وبالرجوع إىل األحكام‬
‫املتعلقة بكراء املؤسسة للغري نالحظ أن الفقرة السابعة من الفصل ‪ 52‬خامسا اجلديد‬
‫نصت على إبرام مراقب التنفيذ لعقد كراء مع املكرتي‪.‬‬
‫وقد وصف أحد الفقهاء الفرنسيني بأن إحالة املؤسسة هو يف منـزلة وسط بني البيع‬
‫اإلرادي وال بيع اجلربي ب املزاد العل ين‪ .‬إذ أن الط ابع اإلرادي ميلي ه العق د إذ كم ا س بق‬
‫بيان ه جيب على م راقب التنفي ذ إب رام مجي ع العق ود ال يت تس توجبها اإلحال ة كم ا ي ربز‬

‫‪ 18‬مداوالت جملس النواب‪ 22 ،‬ديسمرب ‪ ،2003‬عدد ‪ ،15‬ص‪.608.‬‬


‫‪ 19‬ما يزيد وضعية الدائنني العاديني تدهورا هو تعدد مظاهر الالمساواه اليت قد يكون ضحية هلا‪ .‬ومثال ذلك مبدأ التعليق الوجويب إلجراءات‬
‫التقاضي والتنفيذ الرامية إىل استخالص دين سابق لفرتة املراقبة أو إىل اسرتجاع منقوالت أو عقارات بسبب عدم أداء دين‪.‬يضاف له تعليق‬
‫التقاضي يف الفصلني ‪ 12‬و ‪ 21‬بالنسبة إىل الدائنني واحلال أنه ممارسة حقهم يف الدعوى واملطالبة ال يغري بذاته من وضع املؤسسة خاصة أن‬
‫إجراءات التقاضي تستمر يف حق العملة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫الطابع اجلربي يف صورة تعلق البيع بعقارات أو أصل جتاري إذ ميكن التسديس وتطبق‬
‫هنا قواعد القانون املدين مما ميكن أن يفرز عوائق يصعب جتاوزها‪.20‬‬
‫إن إحالة املؤسسة ببيعها ميكن أن يكون ألشخاص طبيعيني أو لذات معنوية أو جممع‬
‫شركات أو جملموعة من العمال‪....‬‬
‫ف إذا ك ان املدين ذات ا معنوي ة ف إن من املف روض أن مس ري الش ركة والش ريك ال ذي ل ه‬
‫أغلبية يف رأس املال ال ميكنه أن يتقدم بعروض لشراء املؤسسة اليت ساهم يف تضعيف‬
‫خصومها متفصيا بذلك من خالص الديون اليت كان سببا فيها‪.‬‬
‫كم ا أن املس ري ال ميكن ه أن يتفص ى من خالص دي ون الش ركة وذل ك خبلق ه لش ركة‬
‫جديدة ‪ Société écran‬خيتفي ورائها ومتكنه من مواصلة نفس نشاطه السابق‪.21‬‬

‫القسم الثاني ‪ :‬حماية المؤسسة من فعل المشترين‬

‫تتميز اإلحالة للغري بتدخل القضاء حىت أن البعض اعترب أن دوره قد حتول من تطبيق‬
‫القاعدة القانونية على النزاع إىل أخذ قرارات تصرف وخيارات اقتصادية هامة‪.‬‬
‫وقد برز ذلك على مستوى تثبته من جدية عروض الشراء (الفقرة األوىل) ومن سعيه‬
‫إلجياد حل ول إجيابي ة بديل ة للتفليس أو التص فية يف ص ورة نك ول احملال إلي ه (الفق رة‬
‫ة)‪.‬‬ ‫الثاني‬
‫الفقرة األولى‪ :‬جدية عرض الشراء من عدمه‬

‫‪20‬‬
‫‪.A. PIROVANO , La contestation du plan de cession de l’entreprise , D.S, 1988 p.275 et s‬‬
‫‪J-F. MARTIN, La cession de l’entreprise aux dirigeants ou actionnaires de la personne 21‬‬
‫‪morale en redressement judiciaire ou à une société constituée par eux, Gaz.Pal ,1989 ,‬‬
‫‪.p.711‬‬

‫‪14‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫تبسط احملكمة رقابتها على عروض الشراء بالتحقق من جديتها من عدمه(أ) كما أنه‬
‫وحرص ا منه ا على إجياد الع رض األفض ل ميكنه ا أن ت أذن بإع ادة طلب الع روض بع د‬
‫إعادة اإلشهارات (ب)‪.‬‬
‫أ‪-‬مظاهــره‬
‫يتضمن حل إحالة املؤسسة للغري فرضية اإلحالة الكلية أو اجلزئية مع بيع ممتلكاهتا‬
‫وحتدد احملكمة العقود اجلارية الضرورية ملواصلة النشاط بطلب من مقدمي العروض‪.‬‬
‫وحيث تقتضي اإلحالة االستجابة للعديد من الشكليات إذ أورد الفصل ‪ 48‬جديد‬
‫شرط إشهار اإلحالة بالرائد الرمسي للجمهورية التونسية أو بأي وسيلة أخرى يأذن هبا‬
‫القاضي املراقب خالل ‪ 20‬يوما املوالية لصدور قرار اإلحالة‪ .‬كما اشرتط إلجناز‬
‫اإلحالة حترير كراس شروط من قبل مراقب التنفيذ يف أجل ‪ 20‬يوما من تاريخ‬
‫املصادقة على برنامج اإلحالة وذلك حتت إشراف القاضي املراقب بوضعه على ذمة‬
‫مقدمي العروض‪ .‬كما تضمن الفصل ‪ 48‬تنصيصات وجوبية بكراس الشروط هتم‬
‫‪49‬‬ ‫موضوع اإلحالة والعملة وموجودات املؤسسة ووصفها وذكر النص احلريف للفصل‬
‫وتبيني الضمانات املقدمة للتأكد من جدية العرض مع ضرورة إشهار طلب العروض‬
‫حتت إشراف القاضي املراقب وذلك ‪ 20‬يوما من حترير كراس الشروط‪.‬‬
‫و ختت ار احملكم ة مبناس بة إمتام اإلحال ة الع رض ال ذي يض من أك ثر من غ ريه اس تمرار‬
‫م واطن الش غل وتغطي ة ال ديون و على ه ذا األس اس فق د نص الفص ل ‪ 48‬من ق انون‬
‫‪ 1995 /17/04‬على أن " مراقب التنفيذ يقدم للمحكمة العروض الواردة عليه يف آجاهلا‬
‫مع كل العناصر اليت تساعدها على تقدير جدية العرض‪ .‬وختتار احملكمة العرض الذي‬
‫يضمن أكثر من غريه استمرار مواطن الشغل وتغطية الديون"‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫ويعترب العرض املقدم خارج األجل احملدد بكراس الشروط عرضا غري جدي ذلك أن‬
‫ه ذا األج ل يعت رب قاطع ا ه ذا فض ال على أن احلكم القاض ي بفتح ف رتة مراقب ة إلحال ة‬
‫املؤسس ة إىل الغ ري جع ل من األج ل احملدد بك راس الش روط ه و األج ل املعتم د لقب ول‬
‫العروض ‪ ،‬وهذا األجل وضع لضمان حقوق املتقدمني بالعروض و املساواة بينهم‪.‬‬
‫وقد درجت احملكمة على إقصاء العرض املقدم بعد األجل وعدم اعتباره عند اختبار‬
‫عروض اإلحالة حىت ولو كان هو أوفر مثن معروض‪.22‬‬
‫و ميكن أن تس تنتج ع دم جدي ة الع رض من ع دم جدي ة الثمن وال ذي ميكن أن تتحق ق‬
‫منه احملكمة بإجراء اختبار على أصول املؤسسة املنقولة والعقارية ‪.‬‬
‫و وم ىت ك ان موض وع اإلحال ة ينحص ر يف املع دات واملواد األولي ة فق ط فإن ه ميكن‬
‫للمحكمة الرجوع للموزانة ملعرفة قيمتها أو تعيني خبري يف الغرض للتحقق من أن ما‬
‫وقع تقييمه يف املوازنة مل يكن بطريقة مشطة‪.‬‬
‫وق د يب دي مق دم الع رض بعض اإلح رتازات على ك راس الش روط برفض ه قب ول بعض‬
‫العم ال كم ا يف القض ية ع دد ‪ 94‬الص ادرة عن احملكم ة اإلبتدائي ة بص فاقس بت اريخ‬
‫‪ 07/01/2003‬حيث ق دمت ش ركة ص ناعة املس حوق احلج ري عرض ا أوف ر من حيث‬
‫الثمن باملقارنة مع بقية العروض و وافقت يف عرضها على مجيع شروط البيع املضمنة‬
‫بك راس الش روط من ذل ك الفص ل الس ادس ال ذي ينص ب أن املش رتي يواص ل العم ل‬
‫بعقود الشغل القائمة مع احملافظة على نفس النشاط ‪ ،‬غري أهنا أبدت احرتازا يتمثل يف‬
‫إحال ة العم ال ال ذين بلغت أعم ارهم ‪ 50‬س نة فم ا ف وق على التقاعد املبك ر خاص ة أن‬
‫املتصرف القضائي سبق و أن قدم مطلبا يف خصوصهم إىل تفقدية الشغل‪.‬‬

‫يراجع يف هذا اإلطار ااحلكم عدد ‪ 94‬الصادر عن احملكمة اإلبتدائية بصفاقس يف ‪( 07/01/2003‬غري منشور)‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪16‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫وقد اعتربت احملكمة أن االحرتاز الذي أبدته الشركة املذكورة يف عرضها ال يتعارض‬
‫مع قانون ‪ 17/04/1995‬الذي نص يف الفصل ‪ 47‬منه و بأنه "ميكن للمحكمة أن تأذن‬
‫بإحالة املؤسسة للغري وكان يف ذلك ضمان الستمرار نشاطها أو لالحتفاظ بكل أو‬
‫بعض م واطن الش غل فيه ا ‪ ،‬وه و م ا يع ين أن املش رع مل يش رتط أن حتق ق اإلحال ة‬
‫بالضرورة احملافظة على كافة مواطن الشغل و ترك للمحكمة السلطة التقديرية للتحقق‬
‫من مدى جدية العرض وقدرته على حتقيق بقية األهداف و املتمثلة يف مواصلة النشاط‬
‫وخالص ال دائنني ‪ ..‬و ب أن م ا تبقى من الثمن املع روض من قب ل ش ركة ص ناعة‬
‫املس حوق احلج ري بع د خالص العم ال ال ذين س تقع إح التهم على التقاع د املبك ر ‪،‬‬
‫يفوق األمثان املقدمة يف بقية العروض ‪...‬و بأن احملكمة ترى تفريعا على ما سبق بيانه‬
‫ب أن الع رض األج در ب القبول من بني الع روض املقدم ة يف األج ل ه و الع رض ال ذي‬
‫تق دمت ب ه ش ركة ص ناعة املس حوق احلج ري ‪ ،‬ذل ك أن مبلغ ه ق ريب ج دا من قيم ة‬
‫أصول الشركة‪ .....‬هذا فضال على أن هذا العرض حيقق استمرار نشاط الشركة و‬
‫احملافظة على مواطن الشغل فيها باستثناء العمال املرشحني للتقاعد املبكر الذين ميثلون‬
‫‪ %20‬من مجلة العمال "‪.‬‬

‫ويف وضعية أخ رى ومبوجب القضية عدد ‪ 103‬الص ادرة عن احملكم ة اإلبتدائية بتونس‬
‫بت اريخ ‪ 13‬م ارس ‪ 2003‬ورد عرض ي ش راء على احملكم ة يقرتح ان مواص لة نش اط‬
‫املؤسس ة وتش غيل العم ال رجحت احملكم ة الع رض ال ذي تض من تعه د باإلبق اء على‬
‫عدد أكرب من عملة املؤسسة واستعداده خللق أكثر مواطن شغل جديدة مع إعطائه‬

‫‪17‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫األولوي ة لق دماء عمل ة املؤسس ة معت ربة أن ه الع رض األك ثر جدي ة ومردودي ة للمؤسس ة‬
‫ألنه يضمن استمرار مواطن الشغل وتغطية الديون‪.‬‬
‫ب‪ -‬إمكانية إعادة طلب العروض بعد إعادة اإلشهارات‬
‫إن احملكم ة وم ىت رأت أن الع رض املق دم غ ري ج دي لع دم تناس به م ع القيم ة احلقيقي ة‬
‫ألص ول الش ركة العقاري ة واملنقول ة وذل ك اس تنادا إىل تق ديرات اخلب ري‪ ،‬فهي تق رر من‬
‫جديد إعادة إشهار إحالة املؤسسة على العموم إلجياد عرض جدي يتناسب يف قيمته‬
‫مع قيمة أصول الشركة وميكن من خالص جزء من الديون املتخلدة بذمة الشركة‪.‬‬
‫كم ا أن احملكم ة ت أذن بإع ادة القي ام ب إجراءات طلب الع روض يف ص ورة ع دم ت ويل‬
‫احملال ل ه خالص الثمن‪ 23‬وك ان ب ذلك ن اكال على مع ىن الفص ل ‪ 48‬جدي د كم ا ه و‬
‫احلال يف القض ية اإلس تئنافية ع دد ‪ 19626‬الص ادرة عن حمكم ة اإلس تئناف بص فاقس‬
‫بت اريخ ‪ 12/02/2007‬وال يت مبوجبه ا ق امت احملكم ة بنقض احلكم اإلبت دائي القاض ي‬
‫بتفليس ش ركة ص فاقس س رياميك والقض اء من جدي د باملص ادقة على برن امج إنقاذه ا‬
‫واإلذن بإحالتها كليا للغري وقد تولت احملكمة إحالة شركة صفاقس سرياميك مبوجب‬
‫قرارها عدد ‪ 10925‬الصادر بتاريخ ‪ 2419/06/2006‬لفائدة املدعو املنصف السويسي بعد‬
‫أن مت إع ادة االش هارات م رتني وإن ه ونتيج ة نكول ه لع دم خالص الثمن مت إع ادة‬
‫اإلشهارات طبق الفصل ‪( 48‬الفقرة ‪ 1‬و ‪ 2‬و ‪ )3‬واستجابت احملكمة للعرض املقدم من‬
‫فتحي املرابط ألنه "عرض يوفر فرصة استمرار املؤسسة لنشاطها واحملافظة على مواطن‬
‫الشغل فيها وتطهري ديوهنا"‪.‬‬

‫‪ 23‬الفصل ‪ 48‬جديد فقرة ‪.5‬‬


‫‪ 24‬قرار غير منشور (يراجع الملحق)‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫و نسوق مثال ثان‪ 25‬يف نفس اإلطار إذ صدر قرار بتاريخ ‪ 13/07/2001‬يقضي بإحالة‬
‫ش ركة فني ات املع دن إىل الغ ري وأذن في ه ملراقب التنفي ذ بإمتام اإلش هارات القانوني ة‬
‫وإع داد ك راس الش روط وبع د اس تيفاء إج راءات اإلش هار وفتح الع روض ص در يف‬
‫‪ 24/10/2001‬قرارا بالتفويت يف املؤسسة ألحدهم‪ .‬وأمام ختلف هذا األخري عن تنفيذ‬
‫م ا يقتض يه الق رار ملدة تن اهز الس نة عني موع د للتحري ر علي ه وعلى م راقب التنفي ذ‬
‫وباملوعد احملدد ختلف احملال له عن احلضور ليقدم نائبه مكتوبا صادرا عن منوبه مضمن‬
‫به أنه يرتاجع عن الشراء‪.‬‬
‫وبت اريخ ‪ 4/12/2002‬تق رر احملكم ة جمددا اإلذن ملراقب التنفي ذ بالقي ام ب إجراءات طلب‬
‫العروض بعد إعادة اإلشهارات‪ .‬ورغم ورود عرض شراء على مراقب التنفيذ وتقدميه‬
‫للمحكم ة ف إن ه ذه األخ رية ت أذن بت اريخ ‪ 17/04/2003‬ونظ را لع دم جدي ة الثمن‬
‫املع روض بإع ادة القي ام ب إجراءات طلب الع روض وبع د تلقي ثالث ع روض جدي دة‬
‫تقرر احملكمة التفويت يف املؤسسة ألحد مقدمي العروض مع العلم أن إجراءات حترير‬
‫عقد البيع النهائي املتعلق بالشركة املذكورة ما زالت جارية‪.‬‬
‫وإن هذه األمثلة تؤكد بأن القرار الذي تتخذه احملكمة بإحالة املؤسسة للغري ال يعترب‬
‫تتوجيا للجهود املبذولة إلنقاذها‪ ،‬إذ الواقع أبرز عدة حاالت يكون فيها اإلنقاذ مكسبا‬
‫ال يتحق ق إال بع د مض اعفة تل ك اجله ود واحلرص املتواص ل على جتس يم األه داف‬
‫املرسومة‪.‬‬

‫‪ 25‬هذا املثال مأخوذ من مقال إيناس معطر‪"،‬اإلشكاالت التطبيقية لقانون إنقاذ املؤسسات"‪ ،‬ملتقى حول إنقاذ املؤسسات‪ ،‬املعهد األعلى‬
‫للقضاء ‪.2004‬‬

‫‪19‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫وإن ه للوص ول إىل إحال ة فعلي ة ق د تلج أ إىل التحري ر على مق دمي الع روض لتحس ينها‬
‫وتأذن بإعادة االشهارات وتلقي عروض جديدة ومقارنة خمتلف العروض من حيث ما‬
‫تضمنه خبصوص الثمن املقرتح ومواطن الشغل املزمع االحتفاظ هبا‪.‬‬
‫إن صاحب العرض قد يرتاجع جزئيا فيما تضمنه عرضه بأن يرفض مثال اإلبقاء على‬
‫عدد من مواطن الشغل بعد أن اقرتح احلفاظ عليها أو أن يعلق شراءه للمؤسسة على‬
‫شرط مثال بيعه لعقار مل يشمله قرار اإلحالة‪.‬فهل يعد هذا مظهرا من مظاهر النكول‬
‫أم أن النكول يف القانون التونسي حمصور يف عدم دفع الثمن؟‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬صــورة نكول المحــال له‬
‫يش دد املش رع يف بعض فص ول اإلنق اذ على الوف اء حبق وق ال دائنني باعتب اره املف رتض‬
‫( ‪)5‬‬ ‫‪48‬‬ ‫الضروري لكل حل من حلول اإلنقاذ ذلك أنه يف إطار اإلحالة نص الفصل‬
‫على وج وب أن ختت ار احملكم ة "الع رض ال ذي يض من أك ثر من غ ريه اس تمرار م واطن‬
‫الشغل وتغطية الديون‪ .‬إن عبارة "خالص الديون" يف هذا الفصل جاءت مرسلة فهل‬
‫يفهم منه ا أن مطم ع املش رع أن يق ع اخلالص ك امال خالف ا لالحتف اظ مبواطن الش غل‬
‫الذي يقبل أن يكون جزئيا؟‬
‫ض رورة توزي ع املتحص ل من ال بيع على ال دائنني يف أق رب‬ ‫‪51‬‬ ‫كم ا اقتض ى الفص ل‬
‫اآلجال‪.‬‬
‫ومع أن الفصلني ‪( 47‬جديد) و‪( 49‬فقرة أوىل) يرتبان على إحالة املؤسسة تطهريها من‬
‫ديوهنا فتنتقل مبدئيا إىل احملال له خالية من أي التزام سابق لإلحالة‪ ،‬إال أن هذا األثر‬
‫القانوين يبدو مشكوكا فيه نظرا ملا جاء بآخر الفصل ‪ 49‬من بقاء الدائنني على حقهم‬
‫" يف املطالبة الفردية ضد املدين والضامنني واملتضامنني معه فيما تبقى من ديوهنم" اليت‬

‫‪20‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫بقيت بدون خالص‪ .‬كما أن ما يزيد يف إنعاش الدائنني ما أقره التنقيح األخري لقانون‬
‫اإلنق اذ من من ع اس رتجاع املب الغ املؤمن ة أو املس بقة من الناك ل عن اإلحال ة قص د‬
‫ختصيصها وتوظيفها خلالص الدائنني ‪.26‬‬
‫يرتتب عن عدم دفع مثن اإلحالة يف اآلجال إعتبار احملال له ناكال‪.‬ويف هذه احلالة ميكن‬
‫للمحكم ة إم ا إع ادة إتب اع إج راءات طلب ع روض جدي دة أو اختي ار أح د الع روض‬
‫السابقة الواردة عليها مبناسبة إجراءات اإلحالة األوىل لكن ماذا لو مل يتوفر للمحكمة‬
‫أي عرض آخر إىل جانب احملال إليه الناكل رغم طلبها عروضا جديدة؟‬
‫كان ينبغي أن ينص املشرع على أن احملكمة ميكنها اعتماد احلل الذي تراه مناسبا‬
‫لإلنقاذ دون اإلقتصار على إعادة فتح إجراءات اإلحالة حىت ال يؤدي تعذر اإلحالة إىل‬
‫تفليس أو تصفية املؤسسة واحلال أن إنقاذها ممكن عرب كرائها للغري‪.‬‬
‫وإض افة إىل حج ز املب الغ ال يت س بقها احملال ل ه الناك ل أو أمنه ا قص د ختصيص ها يف‬
‫خالص ال دائنني حس ب م راتبهم ي رتتب عن النك ول إمكاني ة القي ام علي ه ملطالبت ه بغ رم‬
‫الضرر الناجم عن نكوله‪.‬‬
‫وق د نص الفص ل ‪ 48‬مك رر (جدي د) " ليس للمح ال إلي ه طلب فس خ اإلحال ة لوجود‬
‫عيوب خفية أو الغلط وميكنه القيام بطلب اإلبطال إذا أثبت وجود تغرير كان له تأثري‬
‫جوهري على رضائه بالشراء"‪ .‬وهي نفس القاعدة اليت تضمنها الفصل ‪ 674‬من جملة‬
‫اإللتزامات والعقود الذي اقتضى أنه ال ميكن القيام بالعيب يف ما بيع على يد احلكم‬
‫غ ري أن املش رع أج از للمح ال إلي ه إمكاني ة طلب فس خ اإلحال ة م ىت أثبت أن ه ك ان‬
‫ض حية عملي ة تغري ر ك ان ل ه ت أثري ج وهري دفع ه إىل التعاق د‪.‬وه ذه اإلمكاني ة أقره ا‬

‫الفصل ‪ 48‬جديد فقرة أخرية‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪21‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫املش رع رغم أن اإلحال ة تتم حتت إش راف احملكم ة ورقاب ة القاض ي املراقب وطب ق‬
‫الضمانات القانونية والقضائية الواردة بالفصل ‪ 48‬جديد‪.‬‬
‫خالفا لطلب فسخ اإلحالة الذي هو استثنائي فإنه وتدعيما حلقوق الدائنني يف إطار‬
‫التس وية الرض ائية و يف ص ورة إخالل املدين بالتزامات ه خ ول هلم املش رع طلب الفس خ‬
‫مباشرة‪ 27‬خالفا للتصور العام هلذا اجلزاء يف جملة اإللتزامات والعقود الذي يف رض على‬
‫ال دائن طلب تنفي ذ العق د إن ك ان ممكن ا مث الفس خ عن د اس تحالة التنفي ذ ومكنهم من‬
‫عرضه على احملكمة وفق إجراءات القاضي االستعجايل‪ 28‬كما أعفاهم من ذلك عند‬
‫ص دور حكم ب التوقف عن ال دفع‪.29‬وينجم عن الفس خ س واء أك ان بطلب ال دائن أم‬
‫بقوة القانون‪ ،‬إلغاء مجيع التزامات الدائنني حنو املدين دون حرمان هؤالء من االستبقاء‬
‫على املب الغ ال يت قبض وها من ه تنفي ذا التف اق التس وية‪ .‬وه ذا يع ين أن ال دائنني يرجع ون‬
‫حلالتهم السابقة قبل االتفاق فيما مل يقع دفعه من الديون حيث أهنم يسرتجعون حقهم‬
‫يف أقساط الدين اليت مل يستلموها وكذلك األجزاء اليت تنازلوا عنها إذ أن هذا التنازل‬
‫كان مقابل تعهد املدين خبالص الدين يف أجل معني ومبا أنه قد أخل هبذا التعهد فال‬
‫ميكن ه التمس ك مبا وق ع التن ازل ل ه في ه عمال بأحك ام الفص ل ‪ 246‬م اع وب ذلك حيق‬
‫للدائنني املطالبة بكامل دينهم مع الفوائض القانونية واسرتجاع الضمانات اليت يكونوا‬
‫قد تنازلوا عنها لتمكني املدين من احلصول على قروض ميسرة‪. 30‬‬
‫‪ 27‬اقتضى الفصل ‪( 15‬فقرة أوىل) من قانون اإلنقاذ أنه "إذا أخل املدين بتعهداته املرتتبة عن التسوية الرضائية جتاه أحد دائنيه مدة ستة أشهر‬
‫بداية من تاريخ حلول أجل الوفاء هبا‪ ،‬ميكن لكل من له مصلحة‪ ،‬أن يطلب من احملكمة فسخ اإلتفاق‪ ،‬وإسقاط اآلجال املمنوحة للمدين‪."....‬‬
‫‪ 28‬الفصل ‪( 15‬فقرة ‪ )3‬من قانون اإلنقاذ‪.‬‬
‫‪ 29‬اقتضى الفصل ‪ 16‬من قانون اإلنقاذ إنه إذا صدر ضد املدين خالل فرتة التسوية الرضائية حكم بالتوقف عن الدفع‪ ،‬تفسخ التسوية‬
‫وجوبا‪.‬‬
‫‪ 30‬عبد اجمليد الفاهم‪ ،‬الكامل يف اإلجراءات اجلماعية‪ ،‬قانون إنقاذ املؤسسات اليت متر بصعوبات اقتصادية‪ ،‬التصفية – اإلفالس‪ ،‬دار امليزان‬
‫للنشر‪ ،‬سوسة –تونس‪ 1999 ،‬ص ‪.66‬‬

‫‪22‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫إن املش رع التونسي س كت عن إمكانية تطبيق قواعد الق انون املدين يف صورة نكول‬
‫احملال إليه فهل كان هذا السكوت متعمدا متليه الطبيعة اخلاصة لعملية اإلحالة لتعلقها‬
‫بيع مؤسسة وبذلك جيب أن ال خيرج النظام القانوين املنطبق عن إطار أحكام قانون‬
‫إنقاذ املؤسسات اليت متر بصعوبات إقتصادية ضمانا لنجاعته؟‬

‫الجزء الثاني‬
‫اإلحالـة الداخلية للمؤسسـة‬

‫إن إحال ة املؤسس ة للغ ري يف إط ار ق انون ‪ 1995‬ليس كس ائر عملي ات اإلحال ة ال يت تتم‬
‫بإلتق اء إرادة املش رتي و الب ائع و إمنا ه و إج راء قص ري تق رره احملكم ة و ه ذه اإلحال ة‬
‫القص رية ختتل ف ب دورها عن البيوع ات العدلي ة للمنق ول أو للعق ار ذل ك أن مفع ول‬
‫اإلحال ة ال يقتص ر على أص ول املؤسس ة و إمنا ينس حب ش رطا على العق ود املرتبط ة‬

‫‪23‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫بإس تغالله كعق ود الش غل مما حيم ل على املش رتي إلتزام ات مس تقبلية جيري تنفي ذها‬
‫حتت الرقابة القضائية ‪.‬‬
‫و اإلحال ة ال جيب إختزاهلا يف ص ورة نق ل ملكي ة أص ول املؤسس ة من املدين إىل‬
‫شخص آخر على معىن الفصل ‪ 47‬من قانون ‪ 1995‬و إمنا قد تتم حتت ستار مواصلة‬
‫النش اط ب إإلخراج القص ري للمس امهني األص ليني يف رأس م ال الش ركة و تعويض هم‬
‫‪31‬‬
‫مبسامهني جدد تنتقل لفائدهتم أغلبية الـمال و أغلبية القرار ‪.‬‬
‫لق د تع رض املش رع هلذه اإلمكاني ة ض من الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 44‬من الق انون‬
‫املذكور ال ذي يتح دث عن ال رتفيع يف رأس املال من ط رف ملتزمي ــن ج ــدد دون بي ان‬
‫مصري املسامهني القدامى الذين يتمتعون قانونا حبق األولوية يف اإلكتتاب و دون بيان‬
‫شروط إختيار املسامهني اجلدد و إجراءات تلقي عروضهم و ماهي طبيعة اإللتزامات‬
‫احملمولة عليهم و إكتفي املشرع فقط بشرط مايل يفرض على املسامهني اجلدد دفع‬
‫كامل ما إلتزموا به حاال و أوكل ملراقب التنفيذ إمتام موجبات الرتفيع ‪.‬‬
‫و ق د أث ار غم وض النص عدي د اإلش كاليات القانوني ة و الواقي ة س نتعرض عليه ا يف‬
‫فصلني خيص األول الصبغة احلكمية لقرار الرتفيع يف رأس املال و خيص الثاين شفافية‬
‫إجراءات الرتفيع يف رأس مال‪.‬‬

‫الفصل األول‬
‫الصبغة الحكمية لقرار التـرفيع في رأس الـمال‬
‫‪ 31‬لقد إعتربت عديد األحكام أن إحالة املؤسسة ينبغي أن تتمثل يف إحالة األسهم ‪ ،‬مبا يضمن إنتقال ملكية الشخص املعنوي إىل احملال إليه‬
‫و عارض هذا التوجه إجتاه آخر يعترب أن إحالة املؤسسة إمنا هتم األصول دون األسهم املمثلة لرأس املال ‪.‬فاملدين الذي حتال أمالكه هي‬
‫الشركة كشخص معنوي ‪ ،‬يف حني أن إحالة األسهم هي تفويت جربي يف أموال منقولة على ملك الشركاء حال أهنم خمتلفون عن املدين‬
‫املطلوب إحالة أمواله ‪ ،‬فيكون يف إحالة األسهم إفراط يف السلطة و خمالفة للفصل ‪ 14‬من الدستور و لو أن األسهم تفقد كل قيمة إقتصادية‬
‫عندما تتم إحالة مجيع أصول الشركة‪ .‬أمحد الورفلي ‪ ،‬الوجيز يف قانون الشركات التجارية ص ‪440‬‬

‫‪24‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫إن املتأم ل يف حماس بة املؤسس ات املتع ثرة إقتص اديا يالح ظ إرتف اع م ديونيتها مقاب ل‬
‫ضعف امواهلا الذاتية ( قسم أول ) و لذلك فإن إنقاذها حيتم ضخ امواال نقدية سائلة‬
‫متكنها من جتديد وسائل إنتاجها و توفري املال املتداول الالزم لتحريك عجلة معامالهتا‬
‫مع املزودين و احلرفاء ‪ ،‬فاملزود يطلب اخلالص و احلريف يطلب إمهاال يف الدفع ‪.‬‬
‫و أمام ضعف حظوظ املؤسسة املتعثرة يف احلصول على متويل بنكي ‪ ،‬تقرر احملكمة‬
‫الرتفيع يف رأس املال و تراقب حسن تنفيــذه لكن أثر ذلك القرار قد يتعدى الشركة‬
‫إىل الشركاء و يثيـر حرب املصاحل ( قسم ثاني)‬

‫قسم أول‪ :‬معالجة رأس الـمال في قانون إنقاذ المؤسسات أهداف مباشرة و نتائج غيـر مباشرة‬

‫إن ض عف رأس املال أو خس ارته ‪ ،‬ميث ل س ببا لتع ثر املؤسس ة و ل ذلك ف إن املعاجلة‬
‫اإلقتصادية تتطلب أوال بالذات معاجلة مالية للمؤسسة يكون منطلقها رأس الـمال ‪.‬‬
‫فقرة أولى ‪ :‬تعــثر المؤسسة بمعيار رأس مال‬
‫يتكون رأس املال من املسامهات النقدية و العينية اليت يقدمها املسامهون و هو يشكل‬
‫ضمانا عاما للدائنني ‪ .‬وهذا يعين أن املساس برأس املال هو مساس بضمانة الدائنني‪.‬‬
‫ويعنـي أيضا املساس برأس املال أن املؤسسة ليست يف وضع جيد‪ .‬وقد إعتمد املشرع‬
‫على ه ذا املعي ار للدالل ة على وج ود ص عوبات إقتص ادية إذا بلغت خس ارة رأس املال‬
‫حدا معينا‪ .‬فإذا بلغت خسارة املؤسسة ثلث رأس املال فإن ذلك يشكل إحدى بوادر‬
‫الص عوبات اإلقتص ادية ال يت جتع ل رئيس احملكم ة يس تدعي املس ري ويطلب من ه "بي ان‬
‫التدابري اليت يعتزم إختاذها"‪ .32‬ويفهم من ذلك أن بلوغ املؤسسة هذه اخلسارة يعتربه‬
‫‪ 32‬الفصل ‪ 8‬من قانون‪1995‬‬

‫‪25‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫املش رع ب ادرة من ب وادر الص عوبات اإلقتص ادية وليس ت ص عوبات إقتص ادية مبعناه ا‬
‫الض يق‪ .‬أم ا إذا خس رت املؤسس ة كام ل أمواهلا الذاتي ة أو بلغت اخلس ارة ثالث ة أرب اع‬
‫ه ذه األم وال على إمت داد ثالثة س نوات ف إن املؤسس ة ق د تنتف ع بنظ ام اإلنق اذ إذا ق رر‬
‫‪33‬‬
‫القاضي ذلك وتبني وجود فرص جدية لذلك‪.‬‬
‫وبالرغم من وضوح املعيار األول املتعلق خبسارة كامل األموال الذاتية فإن املعيار الثاين‬
‫املتعلق خبسارة ثالثة أرباع األموال الذاتية يطرح إشكاال يف فهمه‪ .‬فقد نص الفصل ‪3‬‬
‫على احلالة اليت تكون فيها املؤسسة "سجلت خسائر تتجاوز ثالثة أرباع أمواهلا الذاتية‬
‫على إمتداد ثالث سنوات متتالية"‪ .‬فهل أن املقصود هبذه الصياغة أن تسجل املؤسسة‬
‫يف سنة خسارة تقدر بثالثة أرباع األموال الذاتية وتستمر هذه الوضعية ثالث سنوات‬
‫أم أن اخلسارة املذكورة تستكمل حدها ببلوغ ثالث سنوات مبعىن أن املؤسسة تسجل‬
‫كل سنة خسارة إىل أن تبلغ يف السنة الثالثة ثالثة أرباع األموال الذاتية؟ فإن كانت‬
‫املؤسس ة مثال ق د خس رت يف الس نة األوىل نص ف أمواهلا الذاتي ة مث إرتفعت ه ذه‬
‫اخلسارة إىل الثلثني يف السنة الثانية فثالثة أرباع يف السنة الثالثة فإن الفهم األول جيعل‬
‫هذه املؤسسة تنتفع آليا بنظام اإلنقاذ أما الفهم الثاين فيجعل إنتفاعها معلقا على قرار‬
‫رئيس احملكم ة ال ذي ميتل ك س لطة تقديري ة يف ذل ك إض افة إىل وج وب إثب ات وج ود‬
‫فرص جدية إلنقاذها‪.‬‬

‫فقرة ثانية ‪ :‬إنقــاذ المؤسسة بمعيار رأس الـمال‬

‫‪ 33‬وقع تعريف األموال الذاتية بالفقرة ‪ 55‬من اإلطار المرجعي للمحاسبة المصادق عليه األمر عدد‪ 259‬لسنة ‪ 1996‬المؤرخ في ‪30‬‬
‫ديسمبر ‪ ، 1996‬وتنص هذه الفقرة على ما يلي ‪" :‬تمثل األموال الذاتية الفائدة المتبقية من أصول الوحدة المحاسبية بعد تنزيل جميع‬
‫خصومها‪ .‬وتتضمن مختلف أصناف رأس المال‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫يت وىل املتص رف القض ائي على ض وء م ا توص ل إلي ه من نت ائج من خالل تشخيص ه‬
‫للوضعية العامة للمؤسسة ‪ ،‬إعداد برنامج اإلنقاذ و حيتوى هذا الربنامج على وسائل‬
‫النه وض باملؤسس ة على املس توي الـمايل و املس توى اإلقتص ادي و املس توى‬
‫اإلجتماعـي‪.‬‬
‫و جتدر اإلش ارة إىل أن إنق اذ املؤسس ة ال يك ون مبع زل عن دراس ة الوض عية املس تقبلية‬
‫بإعتب ار أن احلس ابات التقديري ة و املس تقبلية متكن ال دارس من الوق وف على آف اق‬
‫نش اط املؤسس ة و املوارد و الوس ائل ال يت تن وي توظيفه ا و اإلجنازات املنتظ رة و‬
‫التوازنات املالية و توازن اخلزينة املستقبلي ‪.‬‬
‫و ميكن على ض وء ه ذه الدارس ة املس تقبلية بل ورة برن امج اإلنق اذ ال ذي يتض من ع ادة‬
‫معاجلات مالية تتمحور حول رأس املال ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬الرتفيع يف رأس املال يف إطار تطهري الوضعية املالية للمؤسسة ‪.‬‬


‫إن تطه ري الوض عية املالي ة للمؤسس ة ق د ال يتطلب دف ع أم واال س ائلة و ق د أنتجت‬
‫التطبيقات العملية عدة آليات للرتفيع يف رأس املال يغلب عليها الطابع احملاسبـي ‪.‬‬
‫فبه دف التخفي ف من مديوني ة املؤسس ة ‪ ،‬فق د منح املش رع ال دائنني املرمسني إمكاني ة‬
‫اإلكتت اب بك ل أو بعض من دي وهنم احلال ة يف رأس املال مما يس مح حبذف قيم ة تل ك‬
‫‪34‬‬
‫الديون من خصوم املؤسسة يف مقابل الزيادة يف حساب رأس ماهلا‪.‬‬
‫و تش مل ه ذه اإلمكاني ة مجي ع ال دائنني مبا يف ذل ك الش ركاء ال ذين هلم دي ون يف ذم ة‬
‫املؤسسة مسجلة يف احلساب اجلاري للشركاء ‪.‬‬

‫‪ 34‬تعرض املشرع هلذه اإلمكانية ضمن الفقرة األخرية من الفصل ‪ 142‬م ش ت املتعلق بالشركات ذات املسؤولية احملدودة ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫لكن ممارسة هذه اإلمكانية تبقى رهينة موافقة الدائنني و تفرض إجرائيا موافقة اجللسة‬
‫العامة اخلارقة للعادة للشركاء ‪.‬‬
‫و ميكن كذلك ان يتحقق الرتفيع يف رأس مال الشركة عن طريق حتيني قيمة األصول‬
‫املادية للمؤسسة و املقيدة مبحاسبة الشركة دون قيمتها احلقيقية ‪ .‬فيقع إدماج القيمة‬
‫يف حساب املدخرات مث يف حساب رأس املال ‪.‬‬ ‫‪Réserves de réévaluations‬‬ ‫الزائدة‬
‫و ينتج عن عملية ال رتفيع يف رأس املال هبذه الطريق ة منح الش ركاء الق دامى أسهم أو‬
‫حصص جمانية يف قدر نسبة مسامهتهم األصلية ‪.‬‬
‫الرتفيع يف رأس املال عن طريق تقدمي أموال سائلة‬ ‫ب‪-‬‬
‫يشكل ضعف األموال الذاتية مؤشرا على الصعوبات اإلقتصادية اليت متر هبا املؤسسة‬
‫و قد إعترب املشرع أن الرتفيع يف رأس املال هو أفضل املعاجلات اليت ميكن أن يتضمنها‬
‫برن امج اإلنق اذ و ث د نص املش رع على هذا اإلج راء بالفص ل ‪ 36‬جدي د ال ذي مكن‬
‫املتص رف القض ائي من إع داد برن امج إنق اذ يتض من ال رتفيع يف رأس املال ‪ .‬ف األموال‬
‫اجلدي دة متكن املؤسس ة من خالص ج زئي ل دائنيها كم ا متكنه ا من حتديث وس ائل‬
‫إنتاجها و من توفري املال املتداول الكايف لدفع عجلة نشاطها املتوقفة ‪.‬‬
‫لكن عملي ة ال رتفيع يف رأس املال يف إط ار ق انون إنق اذ املؤسس ات ع ادة م ا تك ون‬
‫مسبوقة بإجراء التخفيض يف رأس املال هبدف تطهري الوضعية املالية للمؤسسة و هي‬
‫األكرديون‪coup d’accordéaon‬‬ ‫عملية إصطلح على تسميتها بضربة األكرديون ‪ .‬فضربة‬
‫هـو مص طلح فقهي يطل ق على عملي ة مزدوج ة تتمث ل يف ختفيض رأس املال و الزي ادة‬
‫فيه يف نفس الوقت ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫يف مرحل ة أوىل ‪ ،‬تق رر اجللس ة العام ة اخلارق ة للع ادة التخفيض يف رأس املال و إن‬
‫إقتضى احلال تصفريه بقدر اخلسائر املالية الالحقة بالشركة ‪ 35‬يف مرحلة ثانية تقرر‬
‫اجللسة العامة الرتفيع يف رأس املال إىل احلد الذي يقرره الشركاء أو حتكم به احملكمة‬
‫يف إطار برنامج اإلنقاذ‪.‬‬
‫و حىت تكون عملية الرتفيع فعلية و تتمكن املؤسسة من مواصلة نشاطها ‪ ،‬فق د أوجب‬
‫املش رع ض من الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 44‬أن يتم حتري ر املس امهة النقدي ة كامل ة و‬
‫بشكل حال دون إمهال‪.‬‬
‫و إذا ك ان ه ذا الش رط ال ميث ل إستثـناءا لقواع د الش ركات ذات املس ؤولية احملدودة ‪،‬‬
‫فإن ه ميث ل خروج ا عن املب دأ بالنس بة للش ركات اخلفي ة اإلس م ال يت جيوز فيه ا الق انون‬
‫حترير مبلغ اإلكتتاب على أقساط ‪.‬‬
‫و اجلدير باملالحظة أن صيغة الوجوب اليت تضمنها الفصل ‪ 44‬تلزم الشركاء و تلغي‬
‫هامش اإلجتهاد بالنسبة احملكمة ‪.‬فال جيوز للمحكمة أن تعتمد برنامج إنقاذ يتضمن‬
‫دفعا جزئيا ملبلغ الرتفيع أو تقسيطا يف الدفع ‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬الصبغة الحكمية لقرار الترفيع في رأس المال و رهانات المصالح‬

‫يف املب دأ ختتص للجلس ة العام ة اخلارق ة للع ادة للمس امهني بإختاد ق رار ال رتفيع يف رأس‬
‫املال و يتمتع املسامهون حبق األولوية يف اإلكتتاب على قدر األسهم اليت ميلكوهنا ‪.‬‬
‫لكن ال رتفيع يف رأس املال ‪ ،‬ق د يص بح عمال قض ائيا إذا قررت ه احملكم ة تنفي ذا لربن امج‬
‫‪36‬‬
‫يف هذه الصورة يكون الشركاء ملزمني مببدأ ال رتفيع يف رأس املال و‬ ‫إنقاذ املؤسسة‪.‬‬

‫‪ 35‬قتعرض املشرع إىل هذه اإلمكانية بعبارات اللزوم ضمن الفقرة الثانية من الفصل ‪ 142‬م ش ت‬
‫‪ 36‬عادة ما تقرر احملكمة ذلك يف صيغة حكم حتضريي ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫هم مقي دين بص يغته و قيمت ه كيفم ا قررت ه احملكم ة و ل و ك انت ص يغة ال رتفيع املق ررة‬
‫تتعارض مع مصاحلهم الشخصية‪.‬‬
‫فاحملكم ة ال تق رر فحس ب ال رتفيع يف رأس املال و إمنا تكل ف م راقب التنفي ذ ب دعوة‬
‫اجللسة العامة إلمتام موجباته و هكذا تبقى موافقة الشركاء على الرتفيع يف رأس املال‬
‫ضرورية متاشيا مع الصيغة التعاقدية للشركة ‪.‬‬
‫غ ري ان ه ميكن للمحكم ة اإلذن ملراقب التنفي ذ ب إجراء موجب ات ال رتفيع يف رأس املال‬
‫دون توق ف على حص ول األغلبي ة التعاقدي ة أو القانوني ة االزم ة إلختاذ الق رارات يف‬
‫اجللس ات العام ة اخلارق ة للع ادة و ق د ط رحت أم ام ال دائرة التجاري ة الثالث ة باحملكم ة‬
‫اإلبتدائي ة بت ونس بس بب ختل ف الش ركاء املاس كني خلمس ني باملائ ة من رأس م ال‬
‫الش ركة حمل التس وية القض ائية ‪ ،‬عن احلض ور باجللس ة العام ة للش ركاء رغم دع وهتم‬
‫إليها من طرف الوكيل يف مناسبتني طبقما يقتضيه القانون ‪ .‬و نظر ملا يف هذا املوقف‬
‫من ت أثري س ليب على إجناح برن امج اإلنق اذ‪ ،‬فق د ق ررت احملكم ة جتاوز تل ك الس لبية‬
‫املعطلة و أذنت ملراقب التنفيذ بإمتام موجبات الرتفيع يف رأس املال دون التوقف على‬
‫‪37‬‬
‫حصول األغلبية الواردة بالفصل ‪ 131‬من جملة الشركات التجارية ‪.‬‬
‫لكن احملكمة ال حتكم بالزيادة يف رأس مال الشركة من تلقاء نفسها و إمنا تتخذ ذلك‬
‫القرار إستنادا إىل برنامج اإلنقاذ اليت يقرتحه املتصرف القضائي و كذلك على ضوء‬
‫تقرير القاضي املراقب ‪.‬‬
‫فهذا األخري يتوىل بصريح الفصل ‪ 36‬من القانون إعداد برنامج اإلنقاذ الذي يتضمن‬
‫وسائل النهوض باملؤسسة و له عند اإلقتضاء أن يقرتح تغيري الشكل القانوين للمؤسسة‬

‫‪ 37‬ملف تسوية عدد‪ ،93‬شركة مقاوالت بن حممود لألشغال العمومية و البناء‬

‫‪30‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫أو ال رتفيع يف رأس ماهلا و يأخ ذ وجوب ا رأى جلن ة متابع ة املؤسس ات اإلقتص ادية يف‬
‫إعداد برنامج و يستشري ممثلي الدائنني كما يأخذ برأى الدائنني حول طرح ديوهنم مث‬
‫يعرض برنامج اإلنقاذ على القاضي املراقب الذي بدوره حيرر تقريرا يبني فيه جدوى‬
‫الربن امج و يرفع ه للمحكم ة‪ 38‬و على ه ذا األس اس ف إن املق رتح النه ائي يص در عن‬
‫القاض ي املراقب ال ذي ي راقب ذل ك الربن امج فيعدل ه عن د اإلقتص اء قب ل إحالت ه على‬
‫احملكمة‪.‬‬
‫و يستخلص مما سبق انه ال ميكن للمحكمة إختاذ أى قرار يف إجتاه مواصلة املؤسسة‬
‫لنشاطها أو إحالتها للغري مامل يتضمن ملف القضية الوثائق التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬برنامج اإلنقاذ الذي يقرتحه املتصرف القضائي‬
‫‪ -‬راى جلنة متابعة املؤسسات اإلقتصادية خبصوص برنامج اإلنقاذ املقرتح‬
‫‪ -‬تقرير القاضي املراقب حول جدوى الربنامج‬
‫و تبقى احملكمة حرة يف إستخالص النتائج من تلك الوثائق بشرط التعليل ‪.‬‬
‫و لكن حدث يف الواقع أن أصدرت احملكمة حكما بتنفيذ برنامج إنقاذ دون عرضه‬
‫على جلن ة متابع ة املؤسس ات اإلقتص ادية و دون ع رض ذل ك الربن امج على القاض ي‬
‫املراقب ‪ ،‬مما يث ري مس ألة املش روعية خاص ة إذا تض من برن امج اإلنق اذ ال رتفيع يف رأس‬
‫املال بدخول مسامهني جدد حتولت لفائدهتم أغلبية رأس املال و سلطة املراقبة و القرار‬
‫يف الشركة ‪.‬‬
‫فربنامج اإلنقاذ اليت تقره احملكمة و تأمر بتنفيذه ‪ ،‬ميكن أن يتضمن التخفيض يف راس‬
‫مال إىل حد تصفريه مث الرتفيع يف رأس املال من طرف ملتزمني جدد مما يعين إخراج‬

‫الفصل ‪ 37‬من القانون‬ ‫‪38‬‬

‫‪31‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫الشركاء القدامى من الشركة و نقل ملكية الشركة من مالكيها األصليني إىل أشخاص‬
‫آخرين و هو ما يثري حرب املصاحل ‪.‬‬
‫فصل أول ‪ :‬إشكاليات إحالة المؤسسة لفائدة الغير عن الطريق الترفيع في رأس المال‬

‫يف األح وال العادي ة يواج ه املس تثمر ال ذي يش رتى مؤسس ة إقتص ادية ره ان تط وير‬
‫نشاطها اإلقتصادي لكن ذلك الرهان يصبح خماطرة حينما يتعلق األمر مبؤسسة متعثرة‬
‫‪ ،‬تتزاحم فيها املشكالت املالية و اإلجتماعية و اإلقتصادية ‪.‬‬
‫لكن هذه املخاطرة مل متنع من قيام سوق للمؤسسات اليت متر بالصعوبات اإلقتصادية‬
‫لوجود العرض من جهة و وجود الطلب من جهة ثانية ‪ .‬فشراء مؤسسة و لو كانت‬
‫متع ثرة ق د يس مح بالس يطرة على قط اع إنت اجي كام ل ‪ .‬و ل ذلك فق د ن ادى بعض‬
‫الفقه اء بإخضاع هذا الس وق إىل مب ادئ الش فافية و قواعد املنافس ة حتقيق ا ألغراض‬
‫املش رع من ق انون اإلنق اذ و حفاظ ا على مص احل األط راف ال ذين ترتب ط مص احلهم و‬
‫حقوقهم باملؤسسة حمل التسوية ‪.‬‬
‫إن الرتفيع يف رأس املال بواسطة ملتزمني جدد قد يؤدي إىل إخراج الشركاء القدامى‬
‫من الش ركة مما يط رح إش كالية مشروعيـة ه ذه النتيج ة على مقتض ى أحك ام جمل ة‬
‫الش ركات التجاريــة ( قس م اول ) كم ا أن الفص ل ‪ 44‬من الق انون يتح دث عن‬
‫مل تزمني جــدد دون بي ان آلي ات دع وهتم للمس امهة مما يط رح مس الة ش فافية اإلحال ة‬
‫الداخلية للمؤسسة بالنظر إىل اهداف قانون إنقاذ املؤسسات و متطلبات الشفافية و‬
‫املنافســة‪ ( .‬قسم ثاين)‬

‫قسم أول ‪ :‬إخراج الشركاء القدامى من الشركة في إطار الترفيع في رأس المال‬

‫‪32‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫إن مواص لة املؤسسة لنش اطها عن طريق ال رتفيع يف رأس ماهلا ال ينصرف أثره سلبيا‬
‫على الش ركاء فهـؤالء حيتفظ ون بص فتهم كش ركاء و ال ميكن للمحكم ة إخ راجهم‬
‫(فقـــرة أولى) لكن ص يغة ال رتفيع يف رأس املال ق د ت ؤدي إىل إخ راجهم من الش ركة و‬
‫حتويل كتلة األغلبية منهم إىل مسامهني جدد (فقرة ثانية)‬
‫فقرة أولى ‪ :‬عدم إنصراف أثر الترفيع في رأس المال على حقوق الشركاء‬
‫إن احلصص أو األسهم هي من القيم املنقولة اليت يكتسبها الشخص من خالل املس امهة‬
‫يف رأس مال الشركة و هي تعطي ملالكها حقوقا مالية يف الشركة و حقوقا غري مالية‬
‫و ميكن أن تنتق ل ملكيته ا للغ ري طوع ا عن طري ق عق ود اإلحال ة أو جبـرا عن طري ق‬
‫عقلتها توقيفيا مث بيعها يف إطار إجراءات البيوعات العدلية ‪.‬‬
‫فال ميكن إخ راج الش ريك قص ريا من الش ركة (أ) و يتمت ع آلي ا حبق اإلكتت اب يف‬
‫عمليات الرتفيع يف رأس املال (ب)‬
‫حق البقاء يف الشركة و إستثناءاته‬ ‫أ‪-‬‬
‫من املس لم ب ه قانون ا ‪ ،‬أن ه ال ميكن إخ راج الش ريك من الش ركة أو محل ه على إحال ة‬
‫حصصه ‪ ،‬لكن هذه القاعدة إستثناءات‪ ،‬فيمكن إخراج الشريك من الشركة لضمان‬
‫بقائه ا و يف ه ذا اإلط ار فق د إعت ربت حمكم ة اإلس تئناف بت ونس ض من قراره ا ع دد‬
‫ان طرد الشريك من الشركة جائز إذا توفرت مربراته‬ ‫‪27/02/2002‬‬ ‫‪ 79506‬املؤرخ يف‬
‫اليت نص عليها الفصل ‪ 1327‬م إ ع مبا حيول دون حل الشركة و ضمان إستمراريتها‬
‫‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫و يف نفس اإلط ار فق د إعت ربت حمكم ة التعقيب ص لب قراره ا ع دد ‪ 19780‬املؤرخ يف‬


‫‪ 31/03/2003‬ان ه ميكن للقاض ي أن يق رر ط رد الش ريك إذا ك ان وج وده يعط ل س ري‬
‫الشركة و يعرضها إىل خطر احلل و اإلندثار‪.‬‬
‫و يف األح وال العادي ة فمن ح ق الش ريك املط رود أن يس رتجع مس امهته يف رأس م ال‬
‫الشركة و أن يتحاصص من بقية شركائه األرباح احملققة قبل تاريخ إخراجه كما له‬
‫احلق يف املدخرات اليت تكونت من جراء إدماج األرباح السابقة يف حساب املدخرات‬
‫و ذلك بعد طرح الديون احلالة األداء ‪.‬‬
‫لكن إس رتجاع الش ريك ملق دار مس امهته يص بح مستش كال إذا ف اقت خاس رة الش ركة‬
‫مبل غ رأس املال ‪ ،‬ففي ه ذه الص ورة يفق د الش ريك حق ه يف إس رتجاع مس امهته ألن ه‬
‫مط الب بتحم ل اخلس ائر يف ح دود مس امهته يف رأس م ال الش ركة عمال مبقتض يات‬
‫الفصل ‪ 1300‬م إ ع ‪.‬‬
‫اإلحالة القصرية‬ ‫‪23‬‬ ‫يف القانون الفرنسي لسنة ‪ 1985‬فقد أجاز املشرع مبوجب الفصل‬
‫ملس امهة الوكي ل الش ريك ‪.‬و يقص د بعب ارة اإلحال ة القص رية هي اإلحال ة اجلربي ة‬
‫للحص ص ال يت تتم ب أمر من احملكم ة رغم ا عن إرادة الش ريك‪ .‬لكن ه ذه اإلحال ة ال‬
‫تتم لفائدة الغري و إمنا لفائدة الشركة نفسها‪.‬‬
‫إن هدف املشرع الفرنسي من خالل هذا اإلجراء القصري هو إستبعاد شخص املسري‬
‫الذي يعترب وجوده خطرا على الشركة و سببا معطال إلنقاذها و لو كانت له صفة‬
‫شريك و قد قارب الفقه املقارن هذا اإلجراء القصري مبفعول األمر باإلنتزاع الذي‬
‫جيرد الشخص من ملكه ‪.‬‬
‫حق الرتفيع يف رأس مال‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪34‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫يتمع الشركاء و املسامهني القدامى حبق األولوية يف اإلكتتاب ‪ 39‬غري أن جيوز للجلسة‬
‫العامة اخلارقة العادة للشركاء أن تقرر التخلي عن حق األفضلية يف اإلكتتاب لفائدة‬
‫ملتزمني جدد ‪.‬‬
‫و على ه ذا األس اس ف إن ال رتفيع يف رأس املال يف إط ار مواص لة املؤسس ة لنش اطها ‪،‬‬
‫جيب ان يفتح مب دئيا للمس امهني الق دامى و ال ميكن للمتص رف القض ائي ان يس تقدم‬
‫ملتزمني جدد قبل معاينة إحجام الشركاء القدامى عن ممارسة هذا احلق‪.‬‬
‫و يك ون التخلي عن اإلكتت اب ص رحيا إذا ص در عن كاف ة الش ركاء كتاب ة و يك ون‬
‫ضمنيا بإنقضاء اآلجال القانونية احملددة لإلكتتاب و ال يكفي اإلكتتاب كمجرد إلتزام‬
‫‪44‬‬ ‫بالدفع و إمنا جيب أن يتزامن معه الدفع الفعلي عمال بأحكام الفقرة ‪ 2‬من الفصل‬
‫الذي يفرض أن يتم الدفع كامال و حاال‪.‬‬
‫فإذا أحجم الشركاء القدامى أو بعضهم عن ممارسة حق اإلكتتاب أو مل يقوموا بالدفع‬
‫‪ ،‬ف إن م راقب التنفي ذ يت وىل إعالم احملكم ة ال يت ميكنه ا أن ت أذن بفتح رأس املال أم ام‬
‫مكتتبني جدد أو تقرر إحالة املؤسسة للغري طبقا ملقتضيات الفصل ‪ 47‬و ما بعده من‬
‫قانون إنقاذ املؤسسات ‪.‬‬
‫و احلال الغ الب أن الش ركاء الق دامى تع وزهم األم وال أو أهنم ال يرغب ون يف ض خ‬
‫أموال جديدة يف مؤسسة متعثرة يهددها شبح اإلفالس‪.‬‬

‫فقرة ثانية‪ :‬صيغة الترفيع في رأس المال قد تؤدي إلى إخراج الشركاء من الشركة‬
‫يف الواق ع ق د يواج ه الش ركاء الق دامى إحتم ال إخ راجهم من الش ركة كلي ا إذا‬
‫تض من برن امج اإلنق اذ مقرتح ا يف تص فري رأس املال قب ل ال رتفيع في ه‪ .‬فالق انون ذات ه‬
‫‪39‬‬

‫‪35‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫يفرض هذ املعاجلة إذا فاقت اخلسارة الالحقة باملؤسسة قيمة أصوهلا ‪ 40 .‬و يرتتب‬
‫عن التصفيـر إلغاء كامل راس املال و إلغاء مجيع احلصص أو السهم اليت متثله ولذلك‬
‫فإن التصفري يعين عمليا إخراج الشركاء القدامى من الشركة ما مل يكتتبوا يف عملية‬
‫الرتفيع يف رأس مال ‪.‬‬
‫لكن س المة ه ذه الطريق ة من الناحي ة املالي ة و إس تنادها إىل أحك ام قانوني ة مل مين ع‬
‫الش ركاء الق دامى من املنازع ة يف قيم ة التخفيض يف رأس املال على أس اس أن قيم ة‬
‫أصول الشركة احلقيقية تفوق قيمة خصومها ‪.‬‬
‫ففي ه ذه الص ورة يش كك الش ركاء يف تق ديرات املتص رف القض ائي لقيم ة أص ول‬
‫الشركة و يتهمونه إما بالتقصري أو بسوء النية املتعمد خاصة إذا فتح الرتفيع يف رأس‬
‫املال أمام مسامهني جدد ستؤول ملكية الشركة كمصدر خللق الثروة ‪.‬‬
‫و جتدر املالحظة أن تقدير قيمة املؤسسة يعتمد على قدرهتا على خلق الثروة و إنتاج‬
‫الفائدة يف املستقبل ‪ ،‬فتحديد القيم ة يتطلب حينئذ تقدير األرباح احملتملة اخلامة و‬
‫الصافية القابلة للتوزيع إىل جانب تقدير قيمة املال املتداول ‪.‬‬
‫لكن طريق ة التق دير إس تنادا إىل املردودي ة احملتمل ة ‪ ،‬مت إنتقاده ا لص بغتها اإلحتمالي ة ‪،‬‬
‫ألهنا تستش رف مردودي ة املؤسس ة يف املس تقبل من خالل املعطي ات الراهن ة ال يت ق د‬
‫تتغيـر بتغري األحوال اإلقتصادية العامة للبالد أو اخلاصة باملؤسسة ‪.‬‬
‫و لذلك فقد نادي بعض اإلقتصاديني بإعتماد طريقة خمتلطة يف تقدير قيمة املؤسسة ‪،‬‬
‫جتمع بني قيمة أصول املؤسسة من جهة و قدرهتا على إنتاج الثروة من جهة ثانية ‪.‬‬
‫فالطريقة املختلطة تعتمد حينئذ على عنصر ثابت قابل للتدقيق و املراجعة و هي قيمة‬

‫‪40‬‬

‫‪36‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫األص ول املادي ة للمؤسس ة و تعتم د من جه ة ثاني ة على عنص ر إحتم ايل يتمث ل يف‬
‫املردودية اإلقتصادية املتوقعة يف أفق زمين حمدد ‪.‬‬

‫القسم الثاني ‪:‬شفافية اإلحالة في إطار أهداف قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫إن اإلحال ة تع ين يف مفهومه ا الع ام نق ل ملكي ة الش يئ من ش خص إىل ش خص أخ ر و‬


‫هي تع ين يف ق انون إنق اذ املؤسس ات بي ع ك ل أص ول املؤسس ة أو ببعض أص وهلا و‬
‫كذلك بالعقود اليت ترتبط بإستغالهلا كعقود الشغل يف إطار صفقة ال تقبل التجزئة‬
‫حسب الشروط اليت تقررها احملكمة و اليت يتوىل املتصرف القضائي صياغتها‪.‬‬
‫و ق د نظم املش رع ش رةط ه ذه اإلحال ة و إجراءاهتا و ط رق إجراءاهتا لكن إحال ة‬
‫املؤسسة قد تكون داخلية وعن طيق نقل كتلة املال و سلطة املراقبة يف الشركة من‬
‫املسامهني األصليني إىل مستثمرين جدد تتاح هلم إمكانية اإلكتتاب يف رأس مال فمن‬
‫هم و كيف يتم عرض األمر عليهم و هل ختضع عروضهم للمنافسة ؟‬
‫ت ذكرنا ه ذه التس اؤالت الش كوك ال يت ح امت بص فقات التفري ط يف املؤسس ات‬
‫العمومية إىل مستثمرين خواص بأمثان زهيدة قياسا بقيمة أصوهلا املادية ‪.‬‬
‫و ق د ن ادى يعض الفقه اء إىل إخض اع اإلح االت ال يت تتم يف إط ار ق انون إنق اذ‬
‫املؤسسات إىل مبدأ املنافسة و إىل قواعد الشفافية ألن أثر اإلحالة ال يهم فقط أطرافها‬
‫و إمنا يهم كذلك املصلحة العامة بل أن الفاعلني يف اإلحالة و هم احملكمة اليت تقررها‬
‫و املتص رف القض ائي ال يت يقرتحه ا و م راقب التنفي ذ ال ذي يت وىل تنفي ذها ‪ ،‬حممول ون‬
‫مجيعا على حتقيق املصلحة العامة يف كامل أعماهلم ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫و على هذا األساس فقد أوجد بعض الفقهاء مقاربة بني الصفقات العمومية و إحالة‬
‫املؤسسات يف إطار قانون إنقاذ املؤسسات ‪ .‬فإذا كانت الصفقات العمومية خاضعة‬
‫ملب دأ املنافس ة فك ذلك جيب ان تك ون ع روض إحال ة املؤسس ات يف إط ار ق انون إنق اذ‬
‫املؤسسات خاصة و أن إكتساب ملكية بعض املؤسسات يكتسى أمهية إسرتاتيجية‬
‫و يؤدي يف بعض احلاالت إىل السيطرة على قطاع من قطاعات اإلنتاج يف البالد ‪.‬‬
‫و بالرجوع إىل الفصل ‪ 44‬من قانون إنقاذ املؤسسات نالحظ أنه يتحدث عن ملتزمني‬
‫جدد دون أن حيدد كيفية عرض املسألة عليهم و كيفية إحداث املنافسة بني عروضهم‬
‫‪ ،‬مما يفتح الب اب أم ام ختمين ات ح ول ص فقات مش بوهة بني املتص رف القض ائي و‬
‫املس تثمرين اجلدد و ق د نش رت بع د الث ورة عدي د الش كايات اجلزائي ة ال يت إدعى في ه‬
‫أص حاهبا أن ه يف إط ار مواص لة مؤسس اهتم لنش اطها على مع ىن الفص ل ‪ 44‬من ق انون‬
‫مت إخراجهم من شركاهتم قصرا و إحالل شركاء آخرين حملهم خارج قواعد‬ ‫‪1995‬‬

‫املش روعية و دون إح رتام موجب ات الش فافية و كي ف ال حيص ل ه ذا التخمني و ق د‬


‫أصبح املتصرفون القضائيون و مراقيب التنفيذ مستشارين لدى املستثمر اجلديد و مراقيب‬
‫حسابات يف شركاته مقابل مبالغ طائلة ‪...‬‬

‫‪38‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫الخات ــمة‬

‫إن ق انون إنق اذ املؤسس ات ي راوح بني اإلقتص اد و الق انون و ق د ح اول املش رع من‬
‫خالل ه إجياد معاجلات إقتص ادية بتقني ات قانوني ة لكن املعاجلات القانوني ة ال يت تطغى‬
‫عليها صبغة الدميومة و الثبات قد ال تستطيع التعامل مع عامل املال و اإلقتصاد الذي‬
‫حتكمه املصاحل املتعارضة و املتغرية ‪ ،‬مما فرض على املشرع التدخل يف عديد املناسبات‬
‫لتنقيح القانون لكن الواقع أسرع منه حتركا و يكشف مناطق ضل أخرى يف القانون‬
‫جيب تنظيمها على غرار اإلحالة الداخلية للمؤسسة اليت تفضي إىل نقل قصري مللكية‬
‫مؤسس ة من مالكيه ا األص ليني إىل مس تثمرين ج دد و ق د أدى ه ذا الغم وض إىل‬
‫جتاوزات وجد املتضررون منها يف الثورة جماال للمطالبة حبقوقهم اليت إنتزعتهم منهم و‬
‫تعهدت النيابة العمومية بعديد الشكايات يف الغرض ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫إشكاليات إحالة المؤسسة في قانون إنقاذ المؤسسات‬

‫و لعله من الضروري التفكري يف إحداث جماال بإحالة املؤسسات على منوال البورصة ‪،‬‬
‫يتحق ق من خالل ه الش فافية و اإلش هار و ميكن لص احب املؤسس ة املتع ثرة ع رض‬
‫مؤسسته للبيع و ميكن أن حيضى يف تلك السوق بأحسن العروض كما ميكن أن تكون‬
‫تلك السوق قبلة للمستثمرين التونسيني و األجانب الذين يبحثون عن فرص الربح و‬
‫اإلستثمار ‪.‬‬

‫‪40‬‬

You might also like