التحكيم في العقود الإدارية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 382

ĴƔƇƎƇĮŸſĭƍĴƔīĮŠŸſĭĵĮœĭōŊƀſĶƓƎżſĭŊƌŬƃ

GC±d:94±c79ê±
Ô»±¹ˆ±«C179dR4±¹C$„±

ájQGOE’G Oƒ≤©dG ‘ º«µëàdG

2018^R¯30c¯29`
‫امللتقى العلمي الثالث‬
‫االحتاد العربي للق�ضاء الإداري‬

‫حتت عنوان‬
‫التحگيم في العقود اإلدارية‬

‫دولة الگويت‬
‫‪ 30 - 29‬إبريل ‪2018‬‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪5‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬

‫تقديم‬
‫احلمد & وحده‪ ،‬والصالة والسالم على من ال نبي بعده‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫فق� � ��د عرفت املجتمعات اإلنس� � ��انية التحكيم منذ القدم كوس� � ��يلة حلل كثير من‬
‫املنازعات التي تنش� � ��أ بني األفراد واجلماعات‪ ،‬ولقد س� � ��اهم هذا العصر ‪-‬عصر‬
‫العوملة‪ -‬في انتشار التحكيم ملا حمله هذا العصر من حترير للعالقات اإلقتصادية‬
‫الت� � ��ي لم تعد تع� � ��رف احلدود اجلغرافية‪ ،‬وأضحى اللجوء إلى مؤسس� � ��ة التحكيم‪،‬‬
‫لتسوية املنازعات املدنية‪ ،‬والتجارية‪ ،‬واإلدارية‪ ،‬الداخلية منها والدولية‪ ،‬هو البديل‬
‫عن اللجوء إلى القضاء العادي‪ ،‬ملا تتمتع به هذه املؤسس� � ��ة من مزايا قد ال تتوفر‬
‫في احملاكم أو القضاء العادي‪.‬‬

‫وم� � ��ع تطور تدخل الدولة املباش� � ��ر في احلياة االقتصادي� � ��ة‪ ،‬ودخولها طوفاً في‬
‫عملي� � ��ات التبادل الدول� � ��ي بصفة خاصة‪ ،‬صارت احلاج� � ��ة للتحكيم في املنازعات‬
‫اإلداري� � ��ة وباألخص العقود اإلدارية منها ملحة؛ ملا ف� � ��ي ذلك من اختصار للوقت‪،‬‬
‫وطمأنينة ينشدها بعض األطراف املتعاقدين مع الدولة‪.‬‬

‫ونظراً ألهمي� � ��ة املوضوع وحيويته فقد عقد االحت� � ��اد العربي للقضاء اإلداري‪،‬‬
‫امللتقى العلم� � ��ي الثالث حتت عنوان «التحكيم في العق� � ��ود اإلدارية»‪ ،‬يومي األحد‬
‫واإلثنني املوافقني ‪ 29‬و‪ 30‬أبريل س� � ��نة ‪ ،2018‬بدول� � ��ة الكويت‪ ،‬وذلك بالتعاون مع‬
‫املجل� � ��س األعلى للقضاء ومعهد الكويت للدراس� � ��ات القضائي� � ��ة والقانونية وحتت‬
‫رعاية كرمية من معالي املستش� � ��ار الدكتور‪/‬فهد محمد محس� � ��ن العفاسي‪ -‬وزير‬
‫العدل ووزير األوقاف والشئون اإلسالمية بدولة الكويت‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪6‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫حيث افتتح سيادته فعاليات امللتقى مع السيد املستشار‪ /‬أحمد عبد العزيز أبوالعزم‬
‫رئي� � ��س مجلس الدولة املصري‪ ،‬ورئيس االحتاد العربي للقضاء اإلداري‪ ،‬وبحضور‬
‫السيد املستشار‪/‬يوس� � ��ف جاسم املطاوعة ‪-‬رئيس املجلس األعلى للقضاء ورئيس‬
‫محكمة التمييز واحملكمة الدس� � ��تورية بالكويت والس� � ��يد املستش� � ��ار‪ /‬عويد ساري‬
‫الثومير ‪ -‬مدير معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية‪ ،‬ولفيف من املسئولني‬
‫ورجال القضاء والقانون بدولة الكويت‪.‬‬

‫وعق� � ��د امللتقى جلس� � ��اته الثمان بحضور الس� � ��ادة رؤس� � ��اء املجال� � ��س القضائية‬
‫العليا العربية ولفيف من الس� � ��ادة قضاة الدول العربية وقضاة الس� � ��لطة القضائية‬
‫بالكويت‪.‬‬

‫ونورد في هذا اإلصدار ما تناوله امللتقى خالل جلس� � ��اته من أوراق علمية حول‬
‫التعري� � ��ف بالتحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬واملوقف الفقهي والتش� � ��ريعي والقضائي‬
‫م� � ��ن جواز اللجوء للتحكيم‪ ،‬والتطور الذي حلق بتلك املس� � ��ألة‪ ،‬ومدى مش� � ��روعية‬
‫االتفاق عليه وأش� � ��كال اتفاق التحكي� � ��م وإجراءاته والتحكيم ف� � ��ي العقود اإلدارية‬
‫الدولي� � ��ة والقانون الواجب التطبيق‪ ,‬وحجية أح� � ��كام هيئات التحكيم أمام احملاكم‬
‫الوطنية‪ ،‬وتنفيذها‪ ,‬وأخيراً طرق الطعن في أحكام هيئة التحكيم‪ .‬حتى تكون معني‬
‫للمختص واستزادة للمهتم وكفاية للمقتصد‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪7‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬

‫الئحة االتحاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫نبذة عن القضاء اإلداري بدولة الكويت‬
‫م َّر إنشاء القضاء اإلداري الكويتي بعدة مراحل متثلت بدايتها في صدور املرسوم‬
‫بقانون ‪ 19‬لسنة ‪ 1959‬بش� � ��أن تنظيم القضاء وقانون املرافعات املدنية والتجارية‬
‫رقم ‪ 6‬لسنة ‪ 1996‬وفي ظلهما أنشأت محاكم جزئية وكلية باإلضافة إلى محكمة‬
‫االس� � ��تئناف العلي� � ��ا‪ ،‬و ُعهِ د إلى الدائرة التجارية باحملكم� � ��ة الكلية بنظر املنازعات‬
‫التي تقع بني األفراد واحلكومة بالعقود اإلدارية والتعويض عن القرارات اإلدارية‪،‬‬
‫وتس� � ��تأنف األحكام الصادرة منها أمام الدائرة التجارية في محكمة االس� � ��تئناف‬
‫العليا إذا ما توافر نصاب االستئناف‪.‬‬
‫ث� � ��م صدر القانون رقم ‪ 20‬لس� � ��نة ‪ 1981‬بإنش� � ��اء دائرة باحملكم� � ��ة الكلية لنظر‬
‫املنازعات اإلدارية ونص على أن تشكل هذه الدائرة من ثالثة قضاة وتشمل غرفة‬
‫أو أكثر حس� � ��ب احلاجة وحدد املس� � ��ائل التي تختص بها على سبيل احلصر والتي‬
‫تكون لها فيها والية اإللغاء والتعويض وشروط قبول الدعوى أمام هذه احملكمة‪ ،‬ثم‬
‫صدر املرس� � ��وم اخلاص بتقدمي التظلم من القرارات اإلدارية والبت فيه في أكتوبر‬
‫‪ ،1981‬وفي عام ‪ 1982‬صدر القانون ‪ 61‬لسنة ‪ 1982‬بتعديل بعض أحكام املرسوم‬
‫بالقانون رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 1981‬املار بيانه‪ ،‬حيث جرت مادته األولى على أن‪:‬‬
‫تنش� � ��أ باحملكمة الكلية دائرة إدارية تش� � ��كل من ثالثة قضاة وتشتمل على غرفة‬
‫أو أكثر حسب احلاجة‪ ،‬وتختص دون غيرها باملسائل اآلتية‪ ،‬وتكون لها فيها والية‬
‫قضاء اإللغاء والتعويض‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬املنازعات اخلاصة باملرتبات واملعاش� � ��ات واملكافآت والعالوات املستحقة‬
‫للموظفني املدنيني أو لورثتهم‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪8‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ثاني � � �اً‪ :‬الطلب� � ��ات التي يقدمها ذوو الش� � ��أن بإلغاء الق� � ��رارات اإلدارية الصادرة‬
‫بالتعيني في الوظائف العامة املدنية‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الطلبات التي يقدمها املوظفون املدنيون بإلغاء القرارات اإلدارية الصادرة‬
‫بالترقية‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬الطلبات التي يقدمها املوظفون املدنيون بإلغاء القرارات الصادرة بإنهاء‬
‫خدماتهم أو بتوقيع جزاءات تأديبية عليهم‪.‬‬
‫خامس � � �اً‪ :‬الطلبات التي يقدمها األفراد أو الهــــيئ� � ��ات بإلغاء القرارات اإلدارية‬
‫النهائية عدا القرارات الصادرة في ش� � ��أن مسائل اجلنسية وإقامة وإبعاد‬
‫غير الكويتيني وتراخيص إصدار الصحف واملجالت ودور العبادة‪.‬‬
‫كما حددت املادة الثانية اختصاصها وحدها بنظر املنازعات التي تنش� � ��أ‬
‫بني اجلهات اإلدارية واملتعاقد اآلخر في عقود االلتزام واألش� � ��غال العامة والتوريد‬
‫أو أي عقد إداري آخر وتكون لها فيها والية القضاء الكامل‪.‬‬
‫أما املادة الرابعة منه فقد اش� � ��ترطت لقبول الطلبات املبينة بالبنود ثانياً وثالثاً‬
‫ورابعاً وخامساً من املادة األولى أن يكون الطعن مبيناً على أحد األسباب اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬عدم االختصاص‪.‬‬
‫ب‪ -‬وجود عيب في الشكل‪.‬‬
‫جـ‪ -‬مخالفة القوانني واللوائح أو اخلطأ في تأويلها أو تطبيقها‪.‬‬
‫د‪ -‬إساءة استعمال السلطة‪.‬‬
‫ويعتب� � ��ر في حكم القرارات اإلدارية رفض الس� � ��لطات اإلدارية أو امتناعها عن‬
‫اتخاذ قرارات كان من الواجب اتخاذه وفقاً للقوانني واللوائح‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪9‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وأجازت املادة ‪ 12‬استئناف األحكام الصادرة من محكمة أول درجة إذا كان النزاع‬
‫غير مقدر القيمة أو كانت قيمته تتجاوز ألف دينار وعدا ذلك يكون احلكم نهائياً‪،‬‬
‫كما نصت املادة ‪ 15‬من ذات القانون على أن يسري على الدعاوى املنصوص عليها‬
‫فيه واألحكام الص� � ��ادرة فيها وطرق الطعن في هذه األحكام القواعد واإلجراءات‬
‫املنص� � ��وص عليها في قانون املرافعات املدنية والتجاري� � ��ة‪ ،‬مبا مؤداه جواز الطعن‬
‫في األحكام الصادرة من محكمة االستئناف الدائرة اإلدارية أمام محكمة التمييز‬
‫بذات إجراءات الطعن في سائر األحكام االستئنافية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪11‬‬

‫الملتقى العلمي الثالث‬


‫لالتحاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫(التحكيم في العقود اإلدارية)‬
‫األحد واإلثنني ‪ 29 ،30‬أبريل ‪2018‬‬
‫دولة الكويت‬
‫األحـد (‪ 29‬أبريل ‪)2018‬‬ ‫اليوم األول ‪ /‬الساعة‬
‫التسجيل‬ ‫‪ 9:00‬إلى ‪9 :30‬‬
‫االفتتاح‪:‬‬ ‫‪ 9:30‬إلى ‪10 :00‬‬
‫< كلمة معالي وزير الدول ووزير األوقاف والش���ئون اإلس�ل�امية‬
‫الدكتوراملستشار‪ /‬فهد محمد العفاسي (راعي امللتقى)‬
‫< املستشار‪ /‬أحمد عبد العزيز أبو العزم‬
‫رئيس االحتاد العربي للقضاء اإلداري ورئيس مجلس الدولة‬
‫املصري‪.‬‬
‫اجللس ــة األولــى‬
‫«التعري���ف بالتحكي���م ف���ي العق���ود اإلداري���ة‪ ،‬املوق���ف الفقه���ي‬ ‫‪ 10:00‬إلى ‪11 :00‬‬
‫والقضائي من جواز اللجوء للتحكيم في العقود اإلدارية»‪.‬‬
‫رئيس اجللسة‪ :‬املستشار‪ /‬محمد جاسم بن ناجي‬
‫عضو املجلس األعلى للقضاء ‪ -‬رئيس محكمة االستئناف بدولة الكويت‪.‬‬
‫املتحدثون‪:‬‬
‫االستاذ الدكتور‪ /‬جابر جاد نصار‬
‫أستاذ القانون العام‪ ،‬رئيس جامعة القاهرة السابق‬
‫التطبيقات العربية‪:‬‬
‫املستشار‪ /‬ختار سيد إبراهيم‬
‫رئيس الغرفة اإلدارية باحملكمة العليا مبوريتانيا‪.‬‬
‫القاضي‪ /‬عبد املنعم القنديل احلسن‬
‫قاضي محكمة االستئناف ‪ -‬السودان‪.‬‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪12‬‬
‫اجللس ــة الثانية‬
‫مدى مشروعية اتفاق التحكيم في العقود اإلدارية‬ ‫‪ 11:00‬إلى ‪12 :00‬‬
‫رئيس اجللسة‪ :‬املستشار‪ /‬أحمد عبد العزيز أبو العزم‬
‫رئيس االحتاد العربي للقضاء اإلداري ‪ -‬رئيس مجلس الدولة املصري‪.‬‬
‫املتحدثون‪:‬‬
‫املستشار الدكتور‪ /‬برهان أمر ا&‬
‫رئيس محكمة اس� � ��تئناف القاهرة األسبق‪ ،‬األمني العام لالحتاد‬
‫العربي للتحكيم‪.‬‬
‫التطبيقات العربية‪:‬‬
‫«التش���ريعات واالتفاقيات املنظمة للتحكيم في العقود اإلدارية‬
‫في العراق»‬
‫املستشار الدكتور‪ /‬عبد اللطيف نايف‬
‫نائب رئيس مجلس الدولة بالعراق‬
‫«التحكيم في العقود اإلدارية في ليبيا»‬
‫املستشار‪ /‬سالم األمني بالقاسم ‪ -‬املستشار باحملكمة العليا بليبيا‬
‫استراحــة‬ ‫‪ 12:00‬إلى ‪12 :30‬‬
‫اجللس ــة الثالثة‬
‫اجراءات التحكيم في العقود اإلدارية (اتفاق التحكيم ‪ -‬تشكيل‬ ‫‪ 12:30‬إلى ‪1 :30‬‬
‫هيئة التحكيم ‪.)............. -‬‬
‫رئيس اجللسة‪ :‬املستشار‪ /‬شهاب احلمادى‬
‫رئيس الدائرة املدنية والتجاري� � ��ة واإلدارية باحملكمة االحتادية‬
‫العليا باالمارات‪.‬‬
‫املتحدثون‪:‬‬
‫املستشار‪ /‬حسني مصطفى‬
‫نائب رئيس هيئة قضايا الدولة املصري‬
‫التطبيقات العربية‪:‬‬
‫السيدة‪ /‬سمية عبد الصدوق‬
‫رئيسة مجلس الدولة اجلزائري‬
‫املستشار‪ /‬جمعه عبدا& املوسى‬
‫القاضي مبحكمة االستئناف العليا املدنية‪ ،‬رئيس احملكمة العليا‬
‫اإلدارية بالبحرين‪.‬‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪13‬‬
‫اجللس ــة الرابعة‬
‫التحكيم في العقود اإلدارية الدولية‪.‬‬ ‫‪ 1:30‬إلى ‪2 :00‬‬
‫رئيس اجللسة‪ :‬املستشار الدكتور‪ /‬فهد أبو صليب‬
‫نائ� � ��ب مدير معه� � ��د الكويت للدراس� � ��ات القضائي� � ��ة والقانونية‬
‫لالتصاالت والعالقات والبحوث‪.‬‬
‫األستاذ الدكتور‪ /‬أحمد صادق القشيرى‬
‫أس� � ��تاذ القانون الدولي‪ ،‬احملكم الدولي‪ ،‬عضو احملكمة اإلدارية‬
‫للبنك الدولي‪.‬‬
‫عرض منوذج تطبيقي‬
‫«القضية التحكيمية اخلاص� � ��ة بدولة الكويت في القضية التاريخية‬
‫املتعلقة بتأميم عقد إمتياز شركة أمينويل العاملة في املنطقة احملايدة‪،‬‬
‫والذي صدر في شأنه احلكم اإلجماعي في مارس ‪»1982‬‬

‫نقاش مفتوح حول اليوم األول‬ ‫‪ 2:00‬إلى ‪2 :30‬‬

‫دع���وة غداء على ش���رف املش���اركني يقيمه���ا معالي وزي���ر العدل‬


‫ووزي���ر األوق ـ ــاف والش���ئون اإلس�ل�امي ـ ــة املستش���ـ ــار الدكت ـ ــور‪/‬‬
‫فهد محمد العفاسي‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪14‬‬

‫االثنني (‪ 30‬أبريل ‪)2018‬‬ ‫اليوم الثاني ‪ /‬الساعة‬


‫اجللس ــة اخلامسة‬
‫اشكال اتفاق التحكيم (شرط التحكيم ومشارطة التحكيم)‪.‬‬ ‫‪ 9:00‬إلى ‪10 :00‬‬
‫رئيس اجللسة‪ :‬االستاذ الدكتور‪ /‬جابر جاد نصار‬
‫أستاذ القانون العام‪ ،‬رئيس جامعة القاهرة السابق‬
‫املستشار‪ /‬محمد محمود حسام الدين‬
‫نائب رئي� � ��س مجلس الدولة املص� � ��ري‪ ،‬رئيس الدائ� � ��رة الثانية‬
‫باحملكمة اإلدارية العليا‪.‬‬
‫التطبيقات العربية‪:‬‬
‫املستشار‪ /‬عبد اإلاله حنني‬
‫املستشار مبحكمة النقض باملغرب‪.‬‬
‫اجللس ــة السادسة‬
‫التحكيم في العقود اإلدارية بدولة الكويت‬ ‫‪ 10:00‬إلى ‪11 :00‬‬
‫رئيس اجللسة‪ :‬املستشار عويد ساري التومير‬
‫مدير معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية‪.‬‬
‫املستشار الدكتور‪ /‬عادل بورسلي‬
‫عضو املجلس األعلى للقضاء رئيس احملكمة الكلية‬
‫دولة الكويت‬
‫التطبيقات العربية‪:‬‬
‫املستشار‪ /‬طالل بيضون‬
‫رئيس غرفة مبجلس شورى الدولة بلبنان‪.‬‬
‫القاضية‪ /‬ناديا احلجار‬
‫قاضية مبجلس شورى الدولة بلبنان‪.‬‬
‫استراحــة‬ ‫‪ 11:00‬إلى ‪11 :30‬‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪15‬‬
‫اجللس ــة السابعة‬
‫القان���ون الواج���ب التطبيق‪ ،‬حجي���ة حكم هيئ���ة التحكيم أمام‬ ‫‪ 11:30‬إلى ‪12 :30‬‬
‫احملاكم الوطنية‪ ،‬التنفيذ العابر للحدود‪.‬‬
‫رئيس اجللسة‪ :‬السيدة‪ /‬سمية عبد الصدوق‬
‫رئيسة مجلس الدولة اجلزائري‬
‫االستاذ الدكتور‪ /‬أحمد صادق القشيري‬
‫أس� � ��تاذ القانون الدولي‪ ،‬احملكم الدولي‪ ،‬عضو احملكمة اإلدارية‬
‫للبنك الدولي‪.‬‬
‫جتارب من املنطقة العربية‬
‫«تنفيذ القرار التحكيمي في القانون العراقي»‬
‫املستشار الدكتور‪ /‬علي فوزي املوسوي‬
‫املستشار مبجلس الدولة بالعراق‬
‫اجللس ــة الثامنة‬
‫«طرق الطعن على أحكام هيئة التحكيم في العقود اإلدارية (تفسير‬ ‫‪ 12:30‬إلى ‪1 :30‬‬
‫حكم التحكيم ‪ -‬تصحيح حكم التحكيم ‪»...)............ -‬‬
‫رئيس اجللسة‪ :‬املستشار الدكتور‪ /‬برهان أمر ا&‬
‫رئيس محكمة اس� � ��تئناف القاهرة األسبق‪ ،‬األمني العام لالحتاد‬
‫العربي للتحكيم‪.‬‬
‫جتارب من املنطقة العربية ‪ -‬املشاركون من القضاة‬
‫«أساس الرقابة القضائية وحجية أحكام التحكيم»‬
‫املستشار الدكتور‪ /‬عبد اللطيف نايف‬
‫نائب رئيس مجلس الدولة بالعراق‬
‫املستشار‪ /‬سعيد التوبى‬
‫نائب رئيس محكمة القضاء اإلداري بسلطنة ُعصمان‪.‬‬
‫املستشار‪ /‬عقيل الشريف‬
‫رئيس الدائرة االبتدائية الثانية مبحكمة القضاء اإلداري بس� � ��لطنة‬
‫ُعمان‪.‬‬
‫«طرق الطعن في أحكام هيئة التحكيم في العقود اإلدارية باجلزائر»‪.‬‬
‫املستشار‪ /‬ميسوري اعمارة‬
‫مستشار الدولة‪ ،‬مبجلس الدولة اجلزائري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪16‬‬

‫نقاش حول اجللسة الثامنة‬ ‫‪ 1:30‬إلى ‪2 :00‬‬

‫اجللسة اخلتامية والتوصيــات‬ ‫‪2:00‬‬

‫دعوة عشاء على شرف املشارگني يقيمها معالي رئيس املجلس‬


‫األعلى للقضاء‬
‫املستشار‪ /‬يوسف املطاوعة‬
‫بحث بعنوان‬

‫التحكيم‬
‫وتطور اخلالف الفقهي والق�ضائي‬
‫حول جوازه يف العقود الإدارية‬

‫دگتور‬
‫جابـ ــر جــاد نصــار‬
‫أستاذ ورئيس قسم القانون العام‬
‫والرئيس السابق جلامعة القاهرة‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪19‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التحكيم أس� � ��لوب لفض املنازعات ُملزم ألطرافها‪ .‬ويَنبني على اختيار اخلصوم‬
‫بإرادتهم أفراداً عاديني للفصل فيما يثور بينهم من نزاع‪.‬‬
‫والتحكيم بهذا املعنى يُقدم على اعتبار أنه بديل لنظام التقاضي‪ ،‬أمام احملاكم‬
‫الت� � ��ي تنظمه� � ��ا الدولة‪ .‬فهو يتميز ببس� � ��اطة إجراءاته وس� � ��رعته ف� � ��ي الفصل في‬
‫املنازعات‪ .‬وذلك راجع إلى أن التحكيم يخفف كثيراً من اإلجراءات الصارمة التي‬
‫يخضع لها نظام التقاضي‪.‬‬
‫وذلك ألن القضاء ش� � ��ديد التحوط حلقوق األفراد‪ .‬وهو ينظر في األنزعة التي‬
‫تع� � ��رض عليه‪ ،‬ويقض� � ��ي فيها بحكم عبر إجراءات حددها القانون ال يس� � ��تطيع أن‬
‫يغيرها أو يبدلها‪.‬‬
‫هذا كله بخالف التحكيم‪ ،‬فأطراف املنازعة يختارون من يقضي في خصوماتهم‪،‬‬
‫ويختارون اإلجراءات التي يجب أن يسيروا عليها حني الفصل في هذه اخلصومات‪.‬‬
‫ال عن حتديد املدة التي يجب صدور حكم التحكيم خاللها‪ .‬وهذه أمور غير‬ ‫هذا فض ً‬
‫واردة عند التقاضي أمام احملاكم‪ ،‬فقد تستمر املنازعة أمام القضاء سنني عدداً‪.‬‬
‫والتحكيم بهذا املعنى وجد نطاقه الطبيعي منذ أمد بعيد في منازعات التجار‪.‬‬
‫فاملعامالت التجارية بصفة عامة شديدة احلساسية ملشكلة الوقت الذي تستغرقه‬
‫املنازعات أمام القضاء‪.‬‬
‫عل� � ��ى أنه في اآلونة األخيرة ب� � ��دأ التحكيم يُقدم على أنه نظام عاملي وبدأ نطاق‬
‫تطبيقه يتس� � ��ع ليش� � ��مل منازعات جديدة‪ .‬وبدأت األمم املتحدة واألجهزة القانونية‬
‫التابعة لها تنش� � ��ط في إصدار مشروعات القوانني التي توحد نظم التحكيم وتعمم‬
‫أنظمته وتدعو الدول األعضاء لألخذ بها‪ .‬عالوة على إبرام املعاهدات الدولية التي‬
‫تضمن ألحكام التحكيم ذات الفاعلية واالحترام الواجب ألحكام القضاء الوطني‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪20‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫عل� � ��ى أنه مهما قيل ف� � ��ي التحكيم من مميزات‪ ،‬فإنه عل� � ��ى خالف القضاء فيه‬
‫ترخ� � ��ص في الضمانات اإلجرائية واملوضوعية‪ ،‬ث� � ��م إنه يضع اخلصومة بني يدي‬
‫هيئ� � ��ة حتكيم هي في الغال� � ��ب أجنبية‪ ،‬وتطبق قانوناً أجنبي � � �اً‪ ،‬واحلكم فيه نهائي‬
‫وغالباً ال يقبل الطعن بأي طريق‪.‬‬
‫كل هذه األمور ‪ -‬وغيرها مما سوف نعرضها في دراستنا ‪-‬جعلت حتديد نطاق‬
‫التحكي� � ��م أمراً في غاية األهمي� � ��ة حتى ال تُهدر من خالل� � ��ه مصالح تفوق أهميته‬
‫ومميزاته‪.‬‬
‫ومن املشكالت التي أثارت جدالً في الفقه وأحكام القضاء «التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية»‪ .‬وذلك لتمايز هذه العقود من غيرها من العقود املدنية س� � ��واء من حيث‬
‫خضوعها لنظام قانوني وقضائي مختلف أم من حيث اس� � ��تهدافها املصلحة العامة‬
‫وذلك التصالها بتس� � ��يير وتنظيم املرافق العامة في الدولة‪ .‬باإلضافة إلى أن كثيراً‬
‫من هذه العقود يتعلق باستغالل الثروات الطبيعية للدولة‪.‬‬
‫تتعدد التعريفات لنظام التحكيم إال أنها جُتمع على أنه أسلوب لفض املنازعات‬
‫ُملزم ألطرافها‪ .‬وينبني على اختيار اخلصوم بإرادتهم أفراداً عاديني للفصل فيما‬
‫يثور بينهم أو يُحتمل أن يثور بينهم من نزاع(‪.)1‬‬
‫(‪ )1‬في تعريف التحكيم راجع‪:‬‬
‫محس� � ��ن ش� � ��فيق‪ :‬التحكيم التجاري الدولي ‪ -‬دراس� � ��ة في قانون التجارة الدولية ‪ -‬دار النهضة العربية‪-‬‬
‫ص‪ -13‬مخت� � ��ار بري� � ��دي ‪ :‬التحكي� � ��م التجاري الدول� � ��ي ‪ -‬دار النهضة العربي� � ��ة ‪ ،1995 -‬ص ‪ - 5‬أبو زيد‬
‫رضوان ‪ -‬األس� � ��س العامة في التحكيم التجاري الدولي ‪ ،1981 -‬دار الفكر العربي ‪ -‬ص ‪ - 19‬نارميان‬
‫عبدالق� � ��ادر ‪ -‬إتفاق التحكي� � ��م ‪ - 1996 -‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص ‪ ،24‬عزمي عبدالفتاح‪ :‬قانون التحكيم‬
‫الكويتي‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1990 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪Robert (J) : L Arbitrage, droit interne droit international privé 6e éd. Dalloz‬‬
‫‪1993 avec la collaboration de Me Bertrand Moreau, p. 3 et s.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪21‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وعلى ذلك فإن نظام التحكيم أساسه إرادة األطراف؛ فهم الذين يفضلونه على‬
‫قضاء الدولة‪ .‬وهم الذين يحددون عدد احملكمني‪ ،‬ويس� � ��مونهم إن شاءوا‪ ،‬ويعينون‬
‫مكان التحكيم وإجراءاته والقواعد التي يخضع لها‪.‬‬
‫على أنه إذا كانت إرادة األطراف هي التي تنشىء اتفاق التحكيم وحتدد القواعد‬
‫التي حتكمه فإن األمر يتطلب تدخل املشرع للنص بداءة على جواز التحكيم ذلك أن‬
‫إرادة اخلصوم وحدها ليست كافية خللقه(‪ .)1‬كما يحدد نطاق التحكيم أي حتديد‬
‫املسائل التي يجوز فيها التحكيم وتلك التي تعتبر مناطق محرمة ال يرتادها(‪ .)2‬كما‬
‫يبني كيفية تنفيذ أحكام احملكمني والطعن عليها‪.‬‬
‫وعرفت احملكمة الدستورية العليا التحكيم في قضائها فذهبت إلى أن‪« :‬وحيث‬
‫إن قض� � ��اء هذه احملكمة مطرد على أن األص� � ��ل في التحكيم هو عرض نزاع معني‬
‫بني طرف� �ي��ن على ُمحكم من األغيار يعني باختيارهم� � ��ا أو بتفويض منهما أو على‬
‫ضوء ش� � ��روط يحددانها ليفصل هذا احملكم في ذلك النزاع بقرار يكون نائياً عن‬
‫شبهة املماألة مجرداً من التحامل وقاطعاً لدابر اخلصومة في جوانبها التي أحالها‬
‫ال من خالل ضمانات‬ ‫الطرف� � ��ان إلي� � ��ه بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظ� � ��ره تفصي ً‬
‫التقاضىالرئيس� � ��ية‪ ....‬ويلتزم احملكمون بالنزول على القرار الصادر فيه وتنفيذه‬
‫ال وفقاً لفحواه ليؤول التحكيم إلى وس� � ��يلة فني� � ��ة لها طبيعة قضائية‬
‫تنفي� � ��ذاً كام ً‬
‫غايتها العقل في نزاع مبناه عالقة محل اهتمام من أطرافها وركيزته اتفاق خاص‬
‫يستمد احملكمون منه سلطاتهم»(‪.)3‬‬
‫(‪ )1‬أحمد أبو الوفا‪ :‬التحكيم اإلختياري واإلجباري‪ ،‬ط‪ ،1978 ،3‬منشأة دار املعارف ‪ -‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫(‪ )2‬تنص املادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ 1994‬بش� � ��أن التحكيم في امل� � ��واد املدنية والتجارية في مصر‬
‫على ما يلي «ال يجوز االتفاق على التحكيم إال للش� � ��خص الطبيعي أو اإلعتباري الذي ميلك التصرف في‬
‫حقوقه‪ ،‬وال يجوز التحكيم في املسائل التي ال يجوز فيها الصلح»‪.‬‬
‫(‪ )3‬حكم احملكمة الدستورية العليا في القضية رقم ‪ 65‬لسنة ‪ 18‬قضائية دستورية بجلسة ‪ 6‬يناير ‪.2001‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪22‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وفي متييزها للتحكيم عن غيره من األنظمة املشابهة ذهبت احملكمة الدستورية‬
‫العليا في حكمها بجلس� � ��ة ‪ 17‬ديس� � ��مبر ‪ 1994‬إلى أن «وحي� � ��ث إن التحكيم بذلك‬
‫يختل� � ��ف عن أعمال اخلبرة ذلك أن قوامها ليس قراراً ملزماً بل مناطها آراء يجوز‬
‫إطراحها أو جتزئتها والتعدي� � ��ل فيها‪ .‬كما يخرج التحكيم كذلك عن مهام التوفيق‬
‫ب� �ي��ن وجهات نظر يعارض بعضها البعض‪ ،‬إذ هو تس� � ��وية ودي� � ��ة ال حتوز التوصية‬
‫الصادرة في ش� � ��أنها قوة األمر املقضي بل يكون معلقاً إنفاذها على قبول أطرافها‬
‫في أن تتقيد بها إال بش� � ��رط انضمامه� � ��ا طواعية إليها‪ .‬ومن ثم يؤول التحكيم إلى‬
‫وس� � ��يلة فنية لها طبيعة قضائية غايتها الفصل في نزاع محدد مبناه عالقة محل‬
‫اهتم� � ��ام من أطرافها وركيزته اتفاق خاص يس� � ��تمد احملكمون منه س� � ��لطاتهم وال‬
‫يتولون مهامهم بالتالي بإسناد من الدولة(‪.)1‬‬
‫والتحكيم بهذا املعنى يقدم على أنه بديل لنظام التقاضي أمام احملاكم‪ .‬فاتفاق‬
‫أطراف عالقة ما على اللجوء إلى التحكيم لفض نزاع معني إمنا يعني في حقيقته‬
‫سلب الختصاص قضاء الدولة(‪ .)2‬الذي كان يجب عرض النزاع عليه للفصل فيه لو‬
‫ل� � ��م يوجد اتفاق التحكيم‪ .‬وهو أمر يترتب عليه بالضرورة انتهاء اخلصومة مبجرد‬
‫صدور قرار من احملكمني‪ .‬فهذا القرار يعتبر منهياً للخصومة محل النزاع‪.‬‬
‫وإذا كان التحكيم كوس� � ��يلة لفض املنازعات ليس باألس� � ��لوب اجلديد فقد عرفته‬
‫احلضارات القدمية(‪ .)3‬إال أن النصف الثاني من القرن العشرين قد شهد نهضة غير‬
‫مسبوقة لألخذ بنظام التحكيم كوسيلة لفض املنازعات في مجال التجارة الدولية‪.‬‬
‫(‪ )1‬حكم احملكمة الدستورية العليا في القضية رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 15‬ق دستورية ‪ -‬جلسة ‪ 17‬ديسمبر ‪.1994‬‬
‫(‪ )2‬مختار بريري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )3‬فخري أبو س� � ��يف مبروك‪ :‬مظاهر القضاء الش� � ��عبي لدى احلضارات القدمي� � ��ة ‪ -‬مجلة العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية ‪ -‬ص ‪ 3 ،1‬وما بعدها‪ ،‬السنة السادسة ‪ -‬العدد األول ‪ -‬يناير ‪ ،1974‬محمد محسوب عبد‬
‫املجيد درويش‪ :‬نش� � ��أة وتطور قانون التجارة الدولي ‪ -‬دراسة تاريخية ‪ -‬رسالة دكتوراه ‪ -‬جامعة القاهرة‬
‫‪ -‬ص ‪.635‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪23‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‬
‫فعل� � ��ى الرغم م� � ��ن أن مصطل� � ��ح التحكي� � ��م التج� � ��اري الدول� � ��ي ‪L arbitrage‬‬
‫‪ Commercial International‬إستخدم ألول مرة في مؤمتر األمم املتحدة للتحكيم‬
‫التجاري الدولي الذي انعقد بنيويورك سنة ‪ 1958‬بشأن االعتراف وتنفيذ قرارات‬
‫التحكيم األجنبي(‪ .)1‬فإن نظام التحكيم قد أجته ليصبح نظاماً قضائياً عاملياً يعلو‬
‫ف� � ��وق النظم القضائية الوطنية‪ ،‬وتعددت الهيئ� � ��ات واملنظمات التي متارس عملية‬
‫التحكيم‪ .‬وتعددت االتفاقيات الدولية التي تضمن للتحكيم وقراراته ذات االحترام‬
‫الواجب ألحكام القضاء الوطني‪.‬‬
‫وارتبط نظام التحكيم في السنوات األخيرة بفكرة التنمية االقتصادية‪ ،‬وجذب‬
‫االس� � ��تثمارات األجنبية‪ ،‬ونادى كثير من الفقه بضرورة استقالله عن فروع القانون‬
‫التقليدية وإدخاله حتت مسمى القانون االقتصادي(‪.)2‬‬
‫وتأثراً باالعتبارات السياسية والتغييرات االقتصادية اتسع نطاق األخذ بنظام‬
‫التحكيم وتعدى العقود التجارية إلى عقود التنمية االقتصادية سواء أكانت عقوداً‬
‫مدنية أم عقوداً إدارية‪.‬‬
‫ولع� � ��ل حكم احملكمة الدس� � ��تورية العليا في القضية رقم ‪ 13‬لس� � ��نة ‪ 15‬بتاريخ‬
‫‪ 1994/12/17‬يلخ� � ��ص هذا التط� � ��ور بقولها «تبلور الطبيع� � ��ة الرضائية للتحكيم‬
‫ال إدارياً فقد كان األصل في التحكيم‬ ‫تطوراً تاريخياً ظل التحكيم على امتداده عم ً‬
‫أن يك� � ��ون تالياً لن� � ��زاع بني طرفني يلجآن إليه إما ألن احملك� � ��م محل ثقتهما أو ألن‬
‫ال مالئم � � �اً وكان ينظر إلى‬
‫الس� � ��لطة التي ميلكها قبلهما كان� � ��ت توفر لنزاعهما ح ً‬
‫ال حكيماً أو مهيباً بيد أن هذه‬ ‫احملك� � ��م بالتالي باعتباره صديقاً موثوقاً فيه أو رج ً‬
‫الصورة التقليدية ومع احتفاظها بأهميتها حتى يومنا هذا جاوزها التطور الراهن‬
‫(‪ )1‬أبو زيد رضوان‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫(‪ )2‬هدى محمد مجدي عبد الرحمن‪ :‬دور احملكم في خصومة التحكيم وحدود س� � ��لطاته ‪ -‬رسالة دكتوراه ‪-‬‬
‫حقوق القاهرة‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪24‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫في العالئ� � ��ق التجارية والصناعية لتقوم إلى جانبها صورة مختلفة عنها تس� � ��تقل‬
‫بذاتيته� � ��ا ذل� � ��ك أن التحكيم اليوم في صوره األكثر ش� � ��يوعاً ال يعود إلى اتفاق بني‬
‫طرف� �ي��ن قام بينهما ن� � ��زاع حول موضوع محدد ولكنها تتمثل في ش� � ��رط بالتحكيم‬
‫يقب� � ��ل الطرفان ميقتض� � ��اه الركون إليه ملواجهة نزاع محتمل ق� � ��د يثور بينهما‪ .‬ولم‬
‫يعد احملكم في إطار هذا التطور مجرد ش� � ��خص مت اختياره لعالئق يربط بها مع‬
‫الطرف� �ي��ن املتنازعني وإمناغا التحكيم تنظيماً مهنياً تقوم عليه أحياناً جهة حتكيم‬
‫دائم� � ��ة تكون أقدر على تق� � ��دمي خدماتها إلى رجال الصناعة والتجارة بل إن نطاق‬
‫املسائل التي يشملها التحكيم متبايناً ومعقداً ولم يعد مقصوراً على تفسير العقود‬
‫أو الفصل فيما إذا كان تنفيذها متراخياً ‪ .‬ومش� � ��وباً بس� � ��وء النية أو مخالفة ‪-‬من‬
‫أوجه أخرى‪ -‬للقانون‪ .‬وغير ذلك من املس� � ��ائل اخلالفي� � ��ة ذات الطبيعة القانونية‬
‫البحتة ب� � ��ل توخى التحكيم إلى جانبها ‪-‬وعلى نحو متزايد‪ -‬إمناء التجارة الدولية‬
‫ع� � ��ن طريق مواجهة نوع من املس� � ��ائل التي ال ميكن عرضه� � ��ا على القضاء أو التي‬
‫يكون طرحها عليه غير مالئم كتلك التي تتناول في موضوعها ملء فراغ في عقد‬
‫ال لتطويعها على ضوء الظروف‬ ‫غي� � ��ر مكتمل أو تعديل أحكام تضمنها العق� � ��د أص ً‬
‫اجلديدة التي البس� � ��تها ‪-‬وإن ظل االتفاق دائماً‪ -‬وباعتب� � ��اره تصرفاً قانونياً وليد‬
‫اإلرادة ناش� � ��ئاً عنها منبس� � ��طاً على أعمال التحكيم سواء في صورتها التقليدية أو‬
‫ال إليها وطريقاً وحيداً لها»‪.‬‬ ‫من أبعادها اجلديدة ليكون مدخ ً‬

‫وذيوع التحكيم كوس� � ��يلة لفض املنازعات في إط� � ��ار التجارة الدولية يبرره عدة‬
‫عوامل منها(‪:)1‬‬
‫أو ًال‪ :‬التحكيم يتميز ببساطة إجراءاته وسرعتها‪ ،‬وذلك في مواجهة البطء الشديد‬
‫إلج� � ��راءات التقاضي أمام احملاكم‪ .‬فالقضاء يحاط دائماً بإجراءات معقدة وطويلة‬
‫(‪ )1‬راجع في ذلك‪ ،‬محسن شفيق‪ :‬التحكيم التجاري الدولي ‪ -‬املرجع السابق ‪ -‬ص ‪ 28‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪Fouchard (PH.) :Larbitrage Commercial International thése, 1968-pp.11 et s .‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪25‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ومتعددة الدرجات‪ .‬وذلك ألن القضاء شديد التحوط حلقوق األفراد‪ .‬هذا بخالف‬
‫التحكيم فأطراف العالقة هم الذين يحددون إجراءاته وميعاد صدور القرار فيه‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬يتميز التحكيم بس� � ��رية إجراءاته إن أراد أطراف العالقة ذلك‪ ،‬فهو أمر‬
‫يقررون� � ��ه‪ .‬وف� � ��ي نطاق التجارية الدولية تعتبر الس� � ��رية أمراً مهم � � �اً ألن األمر قد‬
‫يتعلق بأسرار مهنية أو اقتصادية قد يترتب على عالنيتها اإلضرار مبركز أطراف‬
‫العالق� � ��ة‪ .‬كما أن هذه الس� � ��رية حتد م� � ��ن تضخيم النزاع وقد تؤدي إلى التس� � ��وية‬
‫الودية‪ ،‬ومن ثم اس� � ��تمرار العالقة بينهما‪ .‬هذا كله بخالف التقاضي أمام احملاكم‬
‫والذي يسود مبدأ العالنية كل إجراءاته‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬يتميز التحكيم أيضاً بأنه يعطي ألطراف العالقة قدراً كبيراً من احلرية‬
‫ف� � ��ي حتديد احملكمني الذين س� � ��وف ينظرون في النزاع وهو ال يش� � ��ترط فيهم أن‬
‫يكونوا قضاة‪ .‬وهو أمر يؤدي إلى اختيارهم أش� � ��خاصاً ذوي خبرة مبوضوع النزاع‪،‬‬
‫هذا بخالف القاضي والذي يعني سلفاً من سلطات الدولة‪.‬‬
‫ويواجه التحكيم باعتراضات ترتد في أساس� � ��ها إلى أنه آلية من آليات النظام‬
‫الرأسمالي العاملي‪.‬‬
‫فالدور الذي يلعبه التحكيم التجاري الدولي في النظام القانوني اجلديد لرأس‬
‫املال هو الذي يفس� � ��ر ما تضمنته املادة الثامنة من القانون رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 1974‬من‬
‫ج� � ��واز االتفاق على أن تتم تس� � ��وية املنازعات املتعلقة بتنفي� � ��ذ أحكام هذا القانون‬
‫بطريق التحكيم‪.)1(»..‬‬
‫(‪ )1‬حس� � ��ام محمد عيسى‪ :‬دراس� � ��ات في اآلليات القانونية للتبعية الدولية «التحكيم التجاري الدولي‪ .‬نظرية‬
‫نقدية‪ .‬بدون تاريخ وبدون دار نشر‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫ً‬
‫شبه البعض التحكيم كطريق لفض املنازعات بعيدا عن القضاء باإلعفاء الضريبي في املجال اإلقتصادي‪،‬‬
‫فكالهما يفلت من سيادة ونظام الدولة‪.‬‬
‫‪Ben Chikh (M) : les instruments juridiques de la politique de hydracarbures‬‬
‫‪«L.G.D.J, paris» , 1972 p 129.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪26‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫فالتحكيم وسيلة لكي تتمكن وحدات هذا النظام وهي الشركات العابرة للقارات‬
‫من اإلفالت من التقاضي أمام القضاء الوطني‪.‬‬
‫وم���ن ناحي���ة ثانية‪ ،‬فإنه م� � ��ن الناحية العملية توجد اعتب� � ��ارات كثيرة تؤثر في‬
‫اختي� � ��ار احملكمني‪ ،‬وفي حتدي� � ��د القانون املطبق على الن� � ��زاع وذلك لوجود الدول‬
‫الرأس� � ��مالية والش� � ��ركات القوية كأطراف في عالقة التحكي� � ��م(‪ .)1‬ومن ثم يضحى‬
‫األم� � ��ر في حقيقته فرض إرادة من جانب على جانب آخر‪ .‬وإن مت األمر في نهاية‬
‫املطاف في صورة عقد رضائي‪.‬‬
‫فالس� � ��مة األساس� � ��ية التي متيز عالقات التجارة الدولية بني الشمال واجلنوب‬
‫هو عدم التكافؤ بني أطراف هذه العالقة من ناحية والتناقض الهائل بني مصالح‬
‫نفس هذه األطراف من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ويتيح عدم التكافؤ هذا للطرف األقوى في عقود التجارة الدولية وهو الشركات‬
‫املتعددة اجلنس� � ��يات أن تفرض على الطرف األضعف وهو املشروعات العاملة في‬
‫الدول النامية ما يش� � ��اء من الش� � ��روط الكفيلة بتغليب مصاحله ومن بينها شروط‬
‫التحكيم(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أحمد القشيري‪ :‬التحكيم في عقود الدولة ذات العنصر األجنبي ‪ -‬مجموعة محاضرات املوسم الثقافي‬
‫لنادي مجلس الدولة ‪ ،1981‬املجلد األول‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪Delvove (jean lauis): Arbitrage et ordre public dans les pays en développement,‬‬
‫‪Rev arbitrage 1979 p.95.‬‬
‫(‪ )2‬حسام عيسى‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫وفي مناقشة مخاوف الدول النامية راجع‪:‬‬
‫‪Paulsson (J) : le tiérs monde dans larbitrage international, Rev. arbitrage,‬‬
‫‪1983 p.3. Audit Bernard: jurisprudence arbitrale et droit du développement:‬‬
‫‪collection «perspectives économiques et juridiques «sous la direction de Hervé‬‬
‫‪CASSAN, Economica, 1989, pp. 115 et s.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪27‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وم���ن ناحي���ة ثالث���ة‪ :‬فإن التحكي� � ��م على خالف ما يقال يعتب� � ��ر مكلفاً جداً من‬
‫الناحي� � ��ة االقتصادي� � ��ة‪ .‬فأتعاب احملكم� �ي��ن مرتفعة جداً والتي قد تصل بالنس� � ��بة‬
‫للمحك� � ��م الواحد في قضية واحدة إلى مبالغ ال يتحص� � ��ل عليها القاضي الوطني‬
‫طيلة عمله بالقضاء(‪.)1‬‬
‫عل� � ��ى أنه أياً كان الرأي من نظ� � ��ام التحكيم فإنه أصبح نظام � � �اً قضائياً عاملياً‬
‫وأصبح النص عليه في العقود التجارية سواء أكانت دولية أم محلية وسواء أكانت‬
‫مدنية أم إدارية يكاد يكون أمراً مس� � ��لماً‪ .‬ومن ثم فإن معارضة نظام التحكيم على‬
‫أسس أيديولوجية لم تعد جتدي كثيراً في هذا األمر‪.‬‬
‫فنحن ندرك أن األخذ بالتحكيم مع التس� � ��ليم مبظاهر االختالل الواضحة بني‬
‫دول الش� � ��مال ودول اجلنوب ق� � ��د تنتج عنه مخاطر ومفاس� � ��د تضر مبصالح هذه‬
‫الدول‪ .‬إال أن ترك ه� � ��ذا النظام والعدول عنه قد يترتب عليه فوات منافع عديدة‬
‫تصب في النهاية لصالح التنمية االقتصادية لهذه الدول‪ ،‬والتي ال ميكن أن تتم إال‬
‫مبشاركة الدول املتقدمة أو املشروعات الكبيرة العاملة بها‪.‬‬
‫ومبعن� � ��ى آخر فإننا نرى أن األخذ بنظ� � ��ام التحكيم أو عدم األخذ به أصبح في‬
‫اعتقادنا خارج نطاق وقدرة األنظمة السياس� � ��ية والقانونية في دول العالم الثالث‪.‬‬
‫فل� � ��م يعد في مقدور هذه األنظمة أن ترفض تنظيم التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬وإال‬
‫أصبحت في معزل عن التطورات االقتصادية العاملية‪.‬‬

‫(‪ )1‬جاء في جريدة الوطن الكويتية أن وزارة األشغال الكويتية حترص على عدم تضمني عقود الوزارة شرط‬
‫حتكي� � ��م‪ ،‬وذل� � ��ك ألن التحكيم يكبد ال� � ��وزارة مصاريف باهظة‪( .‬الوطن الكويتي� � ��ة ‪ ،1997/1/25‬الصفحة‬
‫الرابعة)‪.‬‬
‫وفي تكلفة التحكيم وإرتفاع أس� � ��عاره‪ ،‬راجع‪ :‬القش� � ��يري ‪ -‬التحكيم في عقود الدولة ‪ -‬املرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪.114‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪28‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وهنا تكمن املشكلة والتي يجب أن يواجهها الفقه والتشريع معاً‪ .‬وهي ضرورة‬
‫احلد من اآلثار السيئة لنظام التحكيم وحتديد نطاقه‪ ،‬وإعداد األشخاص والهيئات‬
‫التي تساعد على ذلك‪.‬‬
‫وإذا كن� � ��ا قد أبدينا هذا الرأي في الطبعة األولى من هذا املؤلف في أواس� � ��ط‬
‫تس� � ��عينات القرن املاضي فإن التطورات الت� � ��ي حدثت في الواقع العملي قد أثبتت‬
‫صحته إلى حد كبير‪ .‬فالتحكيم العربي اآلن إن جاز لنا إطالق هذه التس� � ��مية قد‬
‫ال س� � ��حرياً‬
‫متي� � ��ز بأنه أصبح أكثر نضجاً وماهمة في واقع املال واألعمال ومثل ح ً‬
‫ف� � ��ي كثير من األحوال لظاه� � ��رة بطء التقاضي ذلك املرض العضال الذي تش� � ��كو‬
‫من� � ��ه األجه� � ��زة القضائية في كثير من دول العالم الثال� � ��ث ومنها بكل تأكيد النظام‬
‫القضائي املصري‪ .‬وهو بطء بكل تأكي� � ��د يصعب للعالقات االقتصادية والتجارية‬
‫سواء أكانت محلية أو دولية التعايش معه‪ .‬هذا من ناحية‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فقد أنشئت مراكز للتحكيم في كثير من الدول العربية وهي‬
‫مراكز لها طابع إقليمي ودولي أسهمت بعمل جليل في نشر ثقافة التحكيم كبديل‬
‫نظام التقاضي وضبط آلياته وتش� � ��ييد ضماناته حت� � ��ى أصبح نظام التحكيم أكثر‬
‫نضجاً وانضباطاً ولعل مراكز القاهرة اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي يأتي في‬
‫مقدمة هذه املراكز وأكثرها تأثيراً في واقع التحكيم العربي‪ .‬وس� � ��اهم بجهد وافر‬
‫في نشأة جيل ذو خبرة واسعة في أعمال التحكيم في مصر والعالم العربي (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬وهي أمور حترص دساتير الدول على اختالف مناهجها السياسية أو حتى مصداقيتها على النص عليها‪.‬‬
‫ومن ذلك الدس� � ��تور املصري الصادر في ‪ 11‬س� � ��بتمبر ‪ 1971‬في الفصل الرابع واخلامس بعنوان السلطة‬
‫القضائية‪ ،‬املواد من ‪ 165‬حتى ‪.178‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪29‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -2‬العالقة بني التحكيم والقضاء‪:‬‬

‫ميثل القضاء سلطة من سلطات الدولة‪ .‬ويعتبر القضاء مسئولية الدولة فعليها‬
‫أن تكفله للمواطنني وتيس� � ��ره لهم‪ ،‬وتضمن اس� � ��تقالله ونفاذ أحكامه(‪ .)1‬وهو أيضاً‬
‫مظهر أساسي من مظاهر سيادتها ألنه من أخص واجبات الدولة إقامة العدل بني‬
‫األشخاص والفصل في املنازعات التي تنشأ بينهم‪.‬‬
‫وعلى ذلك فإن القضاء هو الطريق الطبيعي لفض املنازعات بني األفراد‪ .‬وهو‬
‫وسيلة الدولة إلقرار العدالة وحماية حقوق األفراد في املجتمع‪ .‬ويترتب على ذلك‬
‫أنه ال يسوغ ألحد أن يرفض تنظيم الدولة للقضاء كوسيلة لفض املنازعات الناشبة‬
‫بني األفراد‪ .‬كم� � ��ا أن الدولة لها أن جتيز لألفراد أن يفضوا منازعاتهم عبر طرق‬
‫أخرى غير القضاء ومن ذلك التحكيم(‪.)2‬‬
‫وعلى ذلك فإن التحكيم يعتبر استثناء من األصل العام‪ .‬ومن ثم فإنه «ال يجوز‬
‫بح� � ��ال أن يكون التحكيم إجبارياً يذعن إليه أح� � ��د الطرفني إنفاذاً لقاعدة قانونية‬
‫آمرة ال يجوز االتفاق على خالفها‪ .‬وذلك س� � ��واء كان موضوع التحكيم نزاعاً قائماً‬
‫ال‪ ،‬ذلك أن التحكيم مصدره االتفاق‪.)3(»...‬‬ ‫أو محتم ً‬

‫(‪ )1‬أحمد أبو الوفا‪ :‬التحكيم اإلختياري واإلجباري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )2‬حكم احملكمة الدس� � ��تورية العليا في الدعوى رقم ‪ 13‬لس� � ��نة ‪ 15‬قضائية دس� � ��تورية بجلس� � ��ة ‪ 17‬ديسمبر‬
‫‪ -1994‬اجلريدة الرسمية‪ -‬العدد الثاني في ‪.1995/1/12‬‬
‫(‪ )3‬ف� � ��ي تفصيل هذا اخل� �ل��اف الفقهي راجع‪ :‬وجدي راغ� � ��ب فهمي‪ ،‬هل التحكيم نوع من القضاء؟ دراس� � ��ة‬
‫انتقادية لنظرية الطبيعة القضائية للتحكيم ‪ -‬مجلة احلقوق‪ -‬الصادرة عن مجلس النشر العلمي بجامعة‬
‫الكويت‪ ،‬السنة ‪ 17‬العدد األول والثاني‪ ،‬مارس ‪ -‬يونيو ‪ ،1993‬ص ‪ 131‬وما بعدها‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪30‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫والعالقة بني القضاء والتحكيم ليس� � ��ت منقطعة‪ .‬وال ميكن لها أن تكون كذلك‪.‬‬
‫وأي � � �اً كان الرأي في تكييف طبيعة التحكيم وهل هو عمل قضائي أم عمل تعاقدي‬
‫أم من طبيعة مختلطة (‪.)1‬‬
‫فعلى الرغم من أن سلطة احملكم تستمد أساساً من اتفاق األطراف على اللجوء‬
‫إلي� � ��ه وحتديد القواعد اإلجرائية واملوضوعية التي يلتزم بها حال قيامه بعمله‪ .‬إال‬
‫أن األنظمة القانونية املختلفة حترص على أن يكون للقضاء الوطني رقابة وسلطة‬
‫عل� � ��ى أعمال احملكم� �ي��ن‪ .‬وهذه الرقابة يختلف مداها من نظ� � ��ام إلى آخر‪ .‬وتتخذ‬
‫صوراً متعددة ومنها(‪:)2‬‬
‫‪ -1‬تخويل القاضي إصدار األمر بتنفيذ حكم احملكمني‪.‬‬
‫‪ -2‬خضوع حكم احملكمني للطعن القضائي‪.‬‬
‫‪ -3‬تنظيم دعوى قضائية يتقرر فيها بطالن حكم التحكيم ألسباب معينة‪.‬‬
‫وإذا كان� � ��ت هذه املظاهر متثل رقاب� � ��ة الحقة على حكم احملكمني‪ .‬فإن القوانني‬
‫تعطي للقضاء سلطة تعيني احملكم إذا نكص أحد األطراف عن ذلك‪ ،‬أو في حالة‬
‫االختالف على ذلك‪.‬‬
‫ورقابة القضاء على التحكيم أمر يبرره أن التحكيم في حقيقته سلب الختصاص‬
‫قضائي أجازه املشرع واتفق على اللجوء إليه اخلصوم وهو استثناء من أصل عام‪.‬‬
‫عل� � ��ى أنه من املالحظ أن القوان� �ي��ن احلديثة التي نظمت التحكيم قد ترخصت‬
‫كثيراً في الرقابة على حكم احملكمني‪ ،‬وعلى سبيل املثال فإن قانون املرافعات في‬
‫(‪ )1‬أم� � ��ال أحمد الفزايري‪ :‬دور قضاء الدولة في حتقيق فاعلية التحكيم‪ ،‬دراس� � ��ة تأصيلية مقارنة ‪ -‬املكتب‬
‫العربي احلديث ‪ .199 -‬ص ‪.74‬‬
‫(‪ )2‬حكم احملكمة الدستورية العليا في القضية رقم ‪ 84‬لسنة ‪ 19‬ق دستورية بجلسة ‪ 6‬نوفمبر ‪.1999‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪31‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫مص� � ��ر كان ينص في املادة ‪ 513‬الفقرة الثالثة على «‪ ...‬ويترتب على رفع الدعوى‬
‫ببطالن حكم احملكمني وقف تنفيذه مالم تقض احملكمة باستمرار هذا التنفيذ‪»..‬‬
‫وقد خالف القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬بشأن التحكيم في املواد املدنية والتجارية‬
‫ه� � ��ذا احلكم ونص في املادة ‪ 57‬منه على أن� � ��ه «ال يترتب على رفع دعوى البطالن‬
‫وقف تنفيذ حكم التحكيم‪ ،‬ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب‬
‫املدع� � ��ي ذلك في صحيفة الدعوى وكان الطلب مبنياً على أس� � ��باب جدية‪.»...‬وهو‬
‫ترخيص في محله يبرره ضرورة ضمان جدية االلتزام بحكم التحكيم‪ .‬إذا لو أبيح‬
‫ملن خس� � ��ر دعواه في منازع� � ��ة أن يوقف تنفيذ حكم التحكي� � ��م مبجرد الطعن فيه‬
‫فس� � ��وف يؤدى ذلك إلى العودة بهم إلى نقطة الصفر وهو ما ينس� � ��ف كل املميزات‬
‫التي تنس� � ��ب إلى نظ� � ��ام التحكيم وهو األمر الذي يتفق م� � ��ع اعتبار نظام التحكيم‬
‫ا عن القضاء فال يجتمعان وهو األم� � ��ر الذي أقرته احملكمة‬ ‫نظام � � �اً قانونياً بدي� �ل � ً‬
‫الدستورية العليا في قضائها إذ ذهبت إلى أن «‪...‬ليؤول التحكيم إلى وسيلة فنية‬
‫لها طبيعة قضائية غايتها الفصل في نزاع مبناه عالقة محل اهتمام من أطرافها‬
‫وركيزته اتفاق خاص يس� � ��تمد احملكمون منه س� � ��لطاتهم وال يتولون مهامهم بالتالي‬
‫ال عن القضاء فال‬ ‫بإس� � ��ناد من الدولة وبهذه املثابة ف� � ��إن التحكيم يعتبر نظاماً بدي ً‬
‫يجتمع� � ��ان‪ ،‬ذل� � ��ك أن مقتضاه عزل احملاكم جميعها عن نظر املس� � ��ائل التي أنصب‬
‫عليها استثناء من أصل خضوعها لواليتها‪.)1(»...‬‬
‫وهو األمر الذي يترتب بالضرورة أن يحجم تدخل القضاء في وقف تنفيذ حكم‬
‫التحكيم وأن يكون ذلك للضرورة القصوى‪.‬‬

‫(‪ )1‬محسن شفيق‪ :‬التحكيم التجاري الدولي ‪ -‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 78‬وما بعدها‪.‬‬
‫وراجع أيضاً‪ :‬ش� � ��مس مرغني علي‪ :‬التحكيم في منازعات املش� � ��روع العام‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬
‫حقوق القاهرة‪.1973 ،‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪32‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وفي حاالت محددة على س� � ��بيل احلصر وهو األمر الذي نصت عليه املادة ‪57‬‬
‫من قانون التحكيم‪.‬‬
‫ونحن نرى أن األس� � ��باب اجلدية التي تب� � ��رر للقاضي وقف تنفيذ حكم التحكيم‬
‫يجب أال تخرج عن األسباب التي عددتها املادة ‪ 57‬وهي أسباب وردت على سبيل‬
‫احلصر وال يجوز التوسع فيها أو القياس عليها‪.‬‬
‫وكان� � ��ت املادة ‪ 57‬من قانون التحكيم املصري رقم ‪ 24‬لس� � ��نة ‪ 1996‬نصت على‬
‫أن� � ��ه «‪-3‬ال يجوز التظلم من األمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم‪ ،‬أما األمر الصادر‬
‫برف� � ��ض التنفيذ فيجوز التظلم منه إل� � ��ى احملكمة املختصة وفقاً حلكم املادة ‪ 9‬من‬
‫هذا القانون خالل ثالثني يوماً من تاريخ صدوره وهي مفارقة كانت محل نظر إذ‬
‫أنها تفارق بني وضعني قانونيني متماثلني وهو ما يصطدم مببدأ املساواة الواجب‬
‫احترام� � ��ه حني تتماثل املراكز القانونية‪ .‬وهو ما أكدته احملكمة الدس� � ��تورية العليا‬
‫بقضائها في القضية رقم ‪ 92‬لسنة ‪ 21‬ق دستورية بتاريخ ‪ 6‬يناير ‪ 2001‬إذ حكمت‬
‫بعدم دستورية البند ‪ 3‬من املادة ‪ 58‬من قانون التحكيم في املواد املدنية والتجارية‬
‫الصادر بالقانون رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ 1994‬فيما ن� � ��ص عليه من عدم جواز التظلم من‬
‫األمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم‪.‬‬
‫‪ -3‬هل يجوز فرض التحكيم كأسلوب لفض املنازعات ? ‪:‬‬

‫يكون التحكي� � ��م اختيارياً حيث يكون اللجوء إليه طوع � � �اً وبإرادة األطراف وهو‬
‫األصل في التحكيم باعتباره طريقاً إس� � ��تثنائياً لف� � ��ض املنازعات‪ .‬ولكن هل يجوز‬
‫فرض التحكيم كأسلوب وحيد لفض منازعات معينة بني األفراد؟‪.‬‬
‫وتثير اإلجابة عن هذا الس� � ��ؤال نط� � ��اق التحكيم اإلجب� � ��اري والذي فيه يوجب‬
‫املشرع على أطراف نزاع معني اللجوء إلى التحكيم كأسلوب وحيد حلسمه‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪33‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫والتحكيم اإلجباري كان يطبق على نطاق واس� � ��ع ف� � ��ي األنظمة القانونية للدول‬
‫االشتراكية (‪.)1‬‬
‫وكان يستخدم حلسم املنازعات التي تنشأ بني وحدات القطاع العام التي كانت‬
‫تسيطر على أوجه النشاط االقتصادي في الدولة‪ .‬وفي هذه الدول لم يكن يستخدم‬
‫التحكيم اإلجباري في نطاق منازعات األفراد‪ .‬بل إن التحكيم بصفة عامة لم يكن‬
‫معروفاً في نطاق هذه املنازعات في هذه الدول‪.‬‬
‫وعرف النظام القانوني املصري التحكيم اإلجباري في منازعات القطاع العام‪.‬‬
‫فف� � ��ي ‪ 10‬يناير ‪ 1966‬صدر قرار مجلس الوزراء في ش� � ��أن إنه� � ��اء املنازعات التي‬
‫تقع بني الهيئات العامة واملؤسسات العامة وشركات القطاع العام بطريق التحكيم‬
‫اإلجب� � ��اري وبررت مذكرة وزي� � ��ر العدل الق� � ��رار آنذاك بأن املنازع� � ��ات اخلاضعة‬
‫للتحكيم ليس� � ��ت خصومات حقيقية تتعارض فيها املصالح لألطراف املتنازعة ألن‬
‫نتيجة هذه اخلصومات تؤول في النهاية إلى شخص واحد‪ ،‬هو الدولة (‪ .)2‬وأصبح‬
‫التحكيم اإلجباري في القوانني املتعاقبة لتنظيم القطاع العام وغيره من املؤسسات‬
‫والهيئات العامة هو وسيلة فض املنازعات التي تنشب بينهما(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬في تفصيل ذلك راجع عزيزة الشريف‪ :‬التحكيم اإلداري في القانون املصري‪ ،1993-1992 ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫وأيض � � �اً‪ :‬محمد فتوح محمد عثمان‪ :‬التحكيم اإلجب� � ��اري ملنازعات احلكومة والقطاع العام ‪ -‬مجلة العلوم‬
‫اإلدارية ‪ -‬س ‪ ،29‬العدد األول يونية ‪.1987‬‬
‫(‪ )2‬من ذلك القانون رقم ‪ 32‬لسنة ‪ 1966‬والصادر في ‪ 1966/8/15‬بشأن املؤسسات العامة وشركات القطاع‬
‫العام‪ .‬والقانون رقم ‪ 6‬لسنة ‪ ،1971‬والقانون رقم ‪ 97‬لسنة ‪.1983‬‬
‫(‪ )3‬تنص املادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 3 ،2‬لس� � ��نة ‪ 1991‬على ما يلي «يجوز االتفاق على التحكيم في املنازعات‬
‫التي تقع فيما بني الش� � ��ركات اخلاضعة ألحكام هذا القانون أو بينها وبني األش� � ��خاص االعتبارية العامة‬
‫أو األش� � ��خاص االعتبارية من القطاع اخلاص أو األفراد وطنيني كانوا أو أجانب‪ ،‬وتطبق في هذا الش� � ��أن‬
‫أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون املرافعات املدنية والتجارية»‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪34‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ول� � ��م يتغي� � ��ر األمر إال في ظل القانون رقم ‪ 32‬لس� � ��نة ‪ 1991‬بش� � ��أن ش� � ��ركات‬
‫قط� � ��اع األعمال العام(‪ )1‬حيث بدأت احلكومة تتجه إلى بيع ش� � ��ركات القطاع العام‬
‫والذي س� � ��ميت ش� � ��ركات قطاع أعمال مبقتضى هذا القانون‪ .‬وذلك ضمن سياسة‬
‫اخلصخصة التي تنتهجها الدولة منذ بداية التس� � ��عينات والتي فرضت العدول عن‬
‫التحكيم اإلجباري إلى التحكيم االختياري‪.‬‬
‫عل� � ��ى أن األم� � ��ر لم يقتصر على ذلك ب� � ��ل تعداه إلى تقري� � ��ر التحكيم اإلجباري‬
‫لفض املنازعات التي تنش� � ��ب بني األفراد ف� � ��ي منازعات معينة وخاصة في املجال‬
‫االقتصادي في نطاق سوق املال واجلمارك‪ ،‬وتشريعات االستثمار بصفة عامة(‪.)1‬‬
‫ونحن ن� � ��رى أنه ال يجوز فرض التحكيم كأس� � ��لوب حلل املنازع� � ��ات التي يكون‬
‫األف� � ��راد طرفاً فيها‪ .‬ألن ذلك يعتبر مصادرة حلق األفراد في التقاضي‪ .‬وهو حق‬
‫كفله الدستور حيث نصت املادة ‪ 68‬على أن «التقاضي حق مصون ومكفول للناس‬
‫كافة‪ ،‬ولكل مواطن حق االلتجاء إلى قاضيه الطبيعي‪ .‬وتكفل الدولة تقريب جهات‬
‫القضاء من املتقاضني وسرعة الفصل في القضايا‪.»....‬‬
‫وما من ش� � ��ك في أن التقاضي املقصود في هذا النص الدستوري مقصور على‬
‫التقاض� � ��ي أم� � ��ام احملاكم التي تنظمها الدولة وال ميكن بحال أن يش� � ��مل التحكيم‪.‬‬
‫وذلك ما قررته احملكمة الدستورية العليا في حكم لها بتاريخ ‪ 17‬ديسمبر ‪.1994‬‬
‫(‪ )1‬تنص املادة ‪ 52‬من قانون رأس املال رقم ‪ 96‬لس� � ��نة ‪ 1992‬على أن «يتم الفصل في املنازعات الناشئة عن‬
‫تطبيق أحكام هذا القانون فيما بني املتعاملني في مجال األوراق املالية عن طريق التحكيم دون غيره»‪.‬‬
‫وفي قانون اجلمارك رقم ‪ 66‬لس� � ��نة ‪ 1963‬املعدل بالقانون رقم ‪ 88‬لس� � ��نة ‪ 1976‬والقانون رقم ‪ 75‬لسنة‬
‫‪ .1998‬حي� � ��ث نص� � ��ت املادة ‪ 57‬منه على أنه «إذا قام نزاع بني اجلمارك وصاحب البضاعة حول نوعها أو‬
‫منش� � ��أها أو قيمتها أثبت هذا النزاع في محضر يحال إل� � ��ى حكمني يعني اجلمرك أحدهما ويعني اآلخر‬
‫صاحب البضاعة أو ممثله‪ ،‬وإذا أمتنع ذو الش� � ��أن عن حتكي� � ��م احملكم الذي يختاره خالل ثمانية أيام من‬
‫تاريخ احملضر اعتبر رأي اجلمارك نهائياً»‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪35‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وكان� � ��ت تتحصل املنازع� � ��ة في أن املدعي قد نعى على الن� � ��ص املطعون فيه (املادة‬
‫‪ 18‬من القانون رقم ‪ 48‬لس� � ��نة ‪ 1977‬بإنش� � ��اء بنك فيصل اإلسالمي‪ ،‬املعدل بقرار‬
‫رئي� � ��س اجلمهوري� � ��ة بالقانون رقم ‪ 142‬لس� � ��نة ‪ )1( )1981‬مخالفت� � ��ه للمادة ‪ 68‬من‬
‫الدس� � ��تور‪ ...‬وكان النص محل الطعن إذ حجب ع� � ��ن القاضي الطبيعي والية نظر‬
‫املس� � ��ائل محل التحكيم‪ ،‬وعهد بها قسراً إلى محكمني يتولون الفصل فيها بعد أن‬
‫أقصاه عنها‪ ،‬فإنه بذلك يناقض حكم املادة ‪ 68‬من الدس� � ��تور‪ .‬وكاشفاً بالتالي عن‬
‫وجه املخالفة الدس� � ��تورية‪ ،‬ونصت احملكمة ف� � ��ي حكمها على أن «‪ ....‬التحكيم هو‬
‫(‪ )1‬وتن� � ��ص املادة ‪ 18‬املطعون عليها «يفصل مجلس اإلدارة بأغلبية أعضائه بصفته محكماً ارتضاه الطرفان‬
‫في كل نزاع ينش� � ��أ بني أي مس� � ��اهم في البنك وبني مس� � ��اه مآخر سواء كان ش� � ��خصاً طبيعياً أو إعتبارياً‪.‬‬
‫وذلك بش� � ��رط أن يكون النزاع ناش� � ��ئاً عن صفته كمس� � ��اهم في البنك‪ ،‬وال يتقيد مجلس اإلدارة في هذا‬
‫الش� � ��أن بقواعد قانون املرافعات املدني� � ��ة والتجارية عدا ما يتعلق منها بالضمانات واملبادىء األساس� � ��ية‬
‫للتقاضي‪ .‬أما إذا كان النزاع بني البنك وبني أحد املس� � ��تثمرين أو املس� � ��اهمني أو بني البنك واحلكومة أو‬
‫أحد األش� � ��خاص االعتبارية العامة أو إحدى ش� � ��ركات القطاع العام أو اخل� � ��اص أو األفراد‪ ،‬فتفصل فيه‬
‫نهائياً هيئة من احملكمني معفاة من قواعد اإلجراءات‪ ،‬عدا ما يتعلق منها بالضمانات واملبادي األساسية‬
‫للتقاضي‪.‬‬
‫وفي هذه احلالة تش� � ��كل هيئة التحكيم من محكم يختاره كل طرف من طرفي النزاع وذلك خالل ثالثني‬
‫يوماً من تاريخ اس� � ��تالم أحد طرفي النزاع طلب إحالة املنازعة إلى التحكيم من الطرف اآلخر‪ .‬ثم يختار‬
‫احلكمان حكماً مرجحاً خالل اخلمسة عشر يوماً التالية لتعيني آخرهما‪ .‬ويختار الثالثة أحدهم لرئاسة‬
‫هيئة التحكيم خالل األسبوع التالي الختيار احلكم املرجح‪ .‬ويعتبر اختيار كل طرف حملكمه‪ ،‬قبوالً حلكم‬
‫احملكمني واعتباره نهائياً‪.‬‬
‫وف� � ��ي حالة نكول أحد الطرفني عن اختيار محكم� � ��ه‪ ،‬أو في حالة عدم االتفاق على اختيار احلكم املرجح‬
‫أو رئيس هيئة التحكيم في املدد احملددة في الفقرة الس� � ��ابقة‪ ،‬يعرض األمر على هيئة الرقابة الش� � ��رعية‬
‫لتختار احلكم أو احلكم املرجح أو الرئيس حسب األحوال‪.‬‬
‫وجتتم� � ��ع هيئة التحكيم في مقر البنك الرئيس� � ��ي‪ ،‬وتضع نظام اإلجراءات الت� � ��ي تتبعها لنظر النزاع وفي‬
‫إصدار قرارها‪ .‬ويجب أن يتضمن هذا القرار بيان طريقة تنفيذه وحتديد الطرف الذي يتحمل مبصاريف‬
‫التحكيم‪ ،‬ويودع قرار هيئة التحكيم األمانة العامة ملجلس إدارة البنك‪.‬‬
‫ويك� � ��ون حكم التحكيم ف� � ��ي جميع األحوال نهائياً وملزماً للطرفني وقاب ً‬
‫ال للتنفيذ‪ ،‬ش� � ��أنه ش� � ��أن األحكام‬
‫النهائي� � ��ة‪ ،‬وتوضع عليه الصيغة التنفيذية وفقاً لإلجراءات املنص� � ��وص عليها في باب التحكيم في قانون‬
‫املرافعات‪.‬وفي جميع األحوال تخضع قرارات مجلس اإلدارة‪ ،‬وأحكام هيئة التحكيم‪ ،‬الصادرة طبقاً لهذه‬
‫املادة‪ ،‬ألحكام الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون املرافعات املدنية والتجارية»‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪36‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫عرض نزاع معني بني طرفني على محكم من األغيار يعني باختيارهما أو بتفويض‬
‫منهما أو على ضوء ش� � ��روط يحددانها‪ ،‬ليفصل هذا احملكم في ذلك النزاع بقرار‬
‫يكون نائياً عن ش� � ��بهة املماألة‪ ،‬مجرداً من التحام� � ��ل‪ ،‬وقاطعاً لدابر اخلصومة في‬
‫جوانبها التي أحاله� � ��ا الطرفان إليه‪ ،‬بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصي ً‬
‫ال‬
‫من خالل ضمانات التقاضي الرئيس� � ��ية‪ .‬وال يجوز بحال أن يكون التحكيم إجبارياً‬
‫يذعن إليه أحد الطرفني إنفاذاً لقاعدة قانونية آمرة ال يجوز االتفاق على خالفها‪،‬‬
‫ال‪ ،‬ذلك أن التحكيم مصدره‬ ‫وذلك سواء كان موضوع التحكيم نزاعاً قائماً أو محتم ً‬
‫االتفاق»(‪ .)1‬ورفضت احملكمة ما ذهب إليه املدعى عليه من أن النص املطعون فيه‬
‫ليس حتكيماً إجبارياً‪ ،‬بل هو حتكيم من طبيعة قضائية‪ ،‬تولى املشرع تنظيمه عم ً‬
‫ال‬
‫بالسلطة التي يباشرها مبقتضى املادة ‪ 168‬من الدستور‪ ،‬التي عهدت إليه بتوزيع‬
‫الوالية القضائية بني الهيئات التي أختصها مبباشرتها‪ ،‬دون عزل بعض املنازعات‬
‫عنه� � ��ا‪ ،‬وبغير إخ� �ل��ال بالقواعد التي أتى بها الباب الثالث م� � ��ن الكتاب الثالث من‬
‫قانون املرافعات املدنية والتجارية‪ ،‬والتي حلت محلها األحكام التي تضمنها قانون‬
‫التحكيم في املواد املدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪.1994‬‬
‫وحي� � ��ث أن هذا الزعم مردود بأن ما قصد إليه الدس� � ��تور بنص املادة ‪ 167‬منه‬
‫التي فوض بها املشرع في حتديد الهيئات القضائية وتقرير اختصاصاتها‪ ،‬هو أن‬
‫يعهد إليه دون غيره‪ ،‬بأمر تنظيم ش� � ��ئون العدالة من خالل توزيع الوالية القضائية‬
‫بني الهيئات التي يعينها‪ ،‬حتديداً لقس� � ��ط كل منها أو لنصيبها فيه‪ ،‬مبا يحول دون‬
‫تنازعها فيما بينها أو إقحام إحداها فيما تتواله غيرها من املهام‪ ،‬ومبا يكفل دوماً‬
‫ع� � ��دم عزلها جميعاً عن نظ� � ��ر خصومة بعينها‪ ،‬وال كذلك التحكي� � ��م إذا مت باتفاق‬
‫ب� �ي��ن طرفني‪ ،‬ذلك أن مؤداه عزل احملاكم جميعها عن نظر املس� � ��ائل التي يتناولها‬

‫(‪ )1‬حكم احملكمة الدستورية العليا في ‪ 17‬ديسمبر ‪ 1994‬في الدعوى رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 15‬قضائية دستورية ‪-‬‬
‫اجلريدة الرسمية ‪ -‬العدد الثاني في ‪ 12‬يناير ‪.1995‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪37‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ال لها‪ ،‬وعلى أساس أن احملكمني يستمدون عند الفصل‬ ‫استثناء من خضوعها أص ً‬
‫فيها واليتهم من ه� � ��ذا االتفاق باعتباره مصدراً لها‪ ،‬كذلك ليس في القواعد التي‬
‫تضمنها الباب الثالث م� � ��ن الكتاب الثالث من قانون املرافعات قبل إبدالها بقانون‬
‫التحكي� � ��م الصادر بالقانون رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ ،1994‬وال فيما قرره هذا القانون من‬
‫قواعد‪ ،‬ما يدل على أن التحكيم ميكن أن يكون إجبارياً‪ ،‬بل تفصح جميعها عن أن‬
‫قبول احملتكمني للتحكيم شرط جلوازه باعتباره طريقاً استثنائياً لفض النزاع بني‬
‫طرفني بغير إتباع طرق التقاضي املعتادة‪ ،‬ودون تقيد بكامل ضماناتها(‪.)1‬‬
‫وه� � ��و أيضاً ما ذهبت إليه احملكمة الدس� � ��تورية العليا ف� � ��ي حكمها في القضية‬
‫رقم ‪ 104‬لس� � ��نة ‪ 20‬ق دستورية بجلسة ‪ 3‬يوليو ‪ 1999‬وقضت فيه بعدم دستورية‬
‫التحكيم الوارد في قانون اجلمارك بالقانون رقم ‪ 66‬لسنة ‪ 1963‬وجاء فيه «وحيث‬
‫أن النصوص الطعينة وقد فرضت التحكيم قس� � ��راً على أصحاب البضاعة وخلعت‬
‫ق� � ��وة تنفيذية على الق� � ��رارات التي تصدرها جلان التحكيم ف� � ��ي حقهم عند وقوع‬
‫اخل� �ل��اف بينهم وبني مصلحة اجلمارك حول نوع البضاعة أو منش� � ��ئها أو قيمتها‬
‫وكان هذا النوع من التحكيم ‪ ...‬منافياً لألصل فيه باعتبار أن التحكيم ال يتولد إال‬
‫عن اإلرادة احلرة وال يجوز إجراؤه تس� � ��لطاً وكرهاً مبا مؤداه أن اختصاص جهات‬
‫التحكيم التي أنش� � ��أتها النصوص الطعينة بنظر املنازعات التي أدخلتها جيدة في‬
‫ال ومنعدماً وجوداً من زاوية دس� � ��تورية ومنطوياً بالضرورة على‬ ‫واليتها يكون منتح ً‬
‫إخ� �ل��ال بحق التقاضي بحرمان املتداعني م� � ��ن اللجوء في واقعة النزاع املوضوعي‬
‫املاثل إلى محاكم القانون العام بوصفها قاضيها الطبيعي باملخالفة للمادة ‪ 68‬من‬
‫الدستور‪.»...‬‬

‫(‪ )1‬حكم احملكمة الدستورية العليا في ‪ 17‬ديسمبر سنة ‪ ،1994‬سابق اإلشارة إليه‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪38‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وترتيباً على ما سبق حكمت احملكمة بعدم دستورية املادة ‪ 57‬من قانون اجلمارك‬
‫الصادر بقرار رئيس اجلمهورية بالقانون رقم ‪ 66‬لس� � ��نة ‪ 1963‬وبسقوط املادة ‪58‬‬
‫من هذا القانون وكذلك بسقوط قرار وزير املالية رقم ‪ 228‬لسنة ‪ .198‬بشأن نظام‬
‫التحكيم في املنازعات بني أصحاب البضائع ومصلحة اجلمارك‪.»..‬‬
‫‪ -4‬شرط التحكيم ومشارطة التحكيم‪:‬‬

‫للتحكيم صورتان‪ :‬الشرط واملشارطة (‪.)1‬‬


‫وشرط التحكيم ‪ Clause Compromissoire‬قد يرد في ذات العقد مصدر‬
‫الرابطة القانونية‪ ،‬أو يكون في وثيقة مس� � ��تقلة عنه غير أنه يكون في كل األحوال‬
‫سابق على قيام النزاع (‪.)2‬‬
‫وشرط التحكيم عادة ما يدرج في العقد األصلي أو يتفق عليه في ملحق للعقد‬
‫األصلي‪ ،‬وفي غالب األحيان يأتي بصيغة عامة ال تتطرق إلى التفصيالت بل يشير‬
‫إلى أن كل نزاع ينش� � ��أ بني طرفي العقد يس� � ��وى عن طريق التحكيم‪ .‬وهذا ال مينع‬
‫(‪ )1‬ويقسم التحكيم إلى صور متعددة بالنظر إلى تشكيل هيئة التحكيم كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬التحكي� � ��م القائ� � ��م بذاته في كل حالة على حدة (‪ :)ad hoc‬وفيها يجرى التحكيم أمام هيئات التحكيم‬
‫اخلاصة التي تشكل في صدد كل حالة على حدة وفقاً لإلجراءاتالتي يتفق عليها أطراف املنازعة‪.‬‬
‫ب‪ -‬التحكيم عن طريق هيئات التحكيم الدائمة‪ :‬ومن هذه الهيئات‪:‬‬
‫‪ -1‬الهيئ� � ��ات الوطني� � ��ة ‪ -‬احتاد التحكيم األمريكي‪ ،‬محكمة لندن للتحكي� � ��م الدولي‪ ،‬مركز التحكيم لغرفة‬
‫استكهولم التجارية‪.‬‬
‫‪ -2‬محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية‪.‬‬
‫‪ -3‬مراك� � ��ز التحكي� � ��م اإلقليمي� � ��ة ومنها املرك� � ��ز اإلقليمي للتحكي� � ��م بالقاهرة‪ ،‬واملرك� � ��ز اإلقليمي للتحكيم‬
‫بكواالمبور‪.‬‬
‫في تفصيل ذلك راجع‪ ،‬إبراهيم ش� � ��حاته‪ :‬نبذة عامة عن التحكيم في مجال التجارة الدولية واالس� � ��تثمار‬
‫الدولي مع اهتمام خاص بالتحكيم عن طريق «املركز الدولي لتس� � ��وية منازعات االستثمار» مقال ‪ -‬مجلة‬
‫مصر املعاصرة‪ ،‬السنة الثمانون ‪ -‬العددان ‪ -418 ،417‬يوليو‪ ،‬أكتوبر ‪ ،1989‬ص ‪.5‬‬
‫وراجع أيضاً‪ :‬محي الدين علم الدين‪ :‬منصة التحكيم التجاري الدولي‪ ،1986 ،‬اجلزء األول‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫(‪ )2‬محسن شفيق‪ :‬التحكيم التجاري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪39‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫حتديد اجلهة التي س� � ��وف تتولى التحكيم أو القانون الواجب التطبيق س� � ��واء من‬
‫الناحية اإلجرائية أو املوضوعية فض ً‬
‫ال عن مكان التحكيم واملدة التي يس� � ��تغرقها‪.‬‬
‫على أن حتديد هذه األمور ليس� � ��ت بشرط‪ ،‬فقد يرجأ االتفاق عليها فيما بعد‪ .‬بل‬
‫قد يك� � ��ون األمر األخير هو األقرب للمنطق إذ ال مح� � ��ل لتعيني محكمني لنزاع لم‬
‫ينشأ بعد ولم تعرف طبيعته وحدوده‪.‬‬
‫واحتواء العقد األصلي لشرط التحكيم يثير تساؤالً حول أثر بطالن هذا العقد‬
‫على شرط التحكيم؟‪.‬‬
‫عل� � ��ى الرغـم من أن املنطق القانوني يقضي بأن� � ��ه إذا بطل العقـد الذي تضمن‬
‫ش� � ��رط التحكيم ألي سبب‪ ،‬فإن هذا البطالن يشمل شرط التحكيم باعتباره جزءاً‬
‫منه‪ .‬إال أن الرأي الراجح في الفقه ينادي باس� � ��تقالل ش� � ��رط التحكيم عن العقد‬
‫األصلي فال يبطل ببطالنه(‪ .)1‬وال ش� � ��ك أن هذا الرأي يترتب عليه تخويل احملكم‬
‫س� � ��لطة النظر في املنازعات املتعلقة ببطالن العقد األصلي ألنه ال يس� � ��تمد واليته‬
‫منه وإمنا من شرط التحكيم املستقل عنه(‪.)2‬‬
‫وقضاء محكمة النقض الفرنس� � ��ية مس� � ��تقر على تبعية اتف� � ��اق التحكيم للعقد‬
‫األصل� � ��ي‪ ،‬ومن ثم ال يجوز للمحكم أن ينظر في املنازع� � ��ات التي تترتب على هذا‬
‫البط� �ل��ان (‪ .)3‬عل� � ��ى أن ذات احملكم� � ��ة قد فرقت في قضاء آخ� � ��ر لها بني التحكيم‬
‫(‪)4‬‬
‫الدولي والتحكيم الداخلي وقضت باستقالل شرط التحكيم عن العقد األصلي‬
‫عندما يتعلق األمر بعقد دولي‪.‬‬
‫(‪ )1‬في هذا االجتاه راجع‪ :‬مختار بريدي‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬املرجع الس� � ��ابق‪ ،‬ص ‪ ،49‬واملراجع التي‬
‫أشار إليها‪.‬‬
‫(‪ )2‬محسن شفيق‪ :‬التحكيم التجاري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫(‪ )3‬حكم محكمة النقض الفرنسية في ‪ 28‬يناير ‪ - 1958‬مجلة التحكيم ‪ ،1958‬ص ‪.17‬‬
‫(‪ )4‬حكمهها في ‪ 7‬مايو ‪ ،1963‬دالوز‪ ،‬ص ‪.565‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪40‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫والواقع أن مثل هذه التفرقة بني ش� � ��رط التحكي� � ��م الوارد في عقد دولي وذلك‬
‫الذي يرد في عقد محلي تفرقة تفتقر إلى األساس القانوني‪.‬‬
‫وقد أخذ املش� � ��رع املصري بفكرة استقالل ش� � ��رط التحكيم عن العقد األصلي‬
‫حيث نصت املادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ 1994‬بش� � ��أن التحكيم في املواد‬
‫ال عن شروط العقد‬ ‫املدنية والتجارية على أنه «يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستق ً‬
‫األخ� � ��رى‪ ،‬وال يترت� � ��ب على بطالن العقد أو فس� � ��خه أو إنهائه أي أثر على ش� � ��رط‬
‫التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته»‪.‬‬
‫ورأينا أن شرط التحكيم يرتبط بالعقد األصلي وجوداً وعدماً‪ ،‬وهو أمر منطقي‬
‫تسنده االعتبارات القانونية‪ .‬فشرط التحكيم يقصد من ورائه حسم نزاعات تنشأ‬
‫مس� � ��تقب ً‬
‫ال بعد دخول العقد في حيز التنفيذ س� � ��واء كانت ه� � ��ذه النزاعات متعلقة‬
‫بتنفيذ أو تفسير نصوص العقد‪.‬‬
‫أما إذا كان العقد األصلي قد نشأ معيباً بعيب يؤدي به إلى البطالن وما يترتب‬
‫عليه آنذاك من حتلل الرابطة العقدية التي احتوت شرط التحكيم‪ .‬فإن القول بعد‬
‫ذلك باستقالل شرط التحكيم وصحة إعماله يفتقر إلى األساس القانوني السليم‪.‬‬
‫ويضاف إلى ذلك أن التحكيم طريق اس� � ��تثنائي لفض املنازعات ومن ثم فإن نطاق‬
‫إعمال ش� � ��رط التحكيم إمنا يتقيد مبا يتقيد به إعمال كل استثناء من أنه ال يجوز‬
‫التوسع في تفسيره وتلك قاعدة أصولية في التفسير ال يجوز جتاهلها‪.‬‬
‫أما مشارطة التحكيم ‪ Compromis‬فهي اتفاقيات الحقة على قيام النزاع‪.‬‬
‫وعل� � ��ى ذلك فإن ش� � ��رط التحكيم يتعل� � ��ق بنزاع محتمل لم تتح� � ��دد مالمحه‪ .‬بينما‬
‫ال يحيط أطرافه بكل جوانبه‪.‬‬ ‫املشارطة تتعلق بنزاع قائم فع ً‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪41‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وش� � ��رط التحكيم هو األكثر ش� � ��يوعاً في العمل حيث تبني أن ما يقرب من ‪٪ 8‬‬
‫من عقود التجارة الدولية تتضمن شرط التحكيم(‪ .)1‬ويفسر ذلك بأن االتفاق على‬
‫ش� � ��رط التحكيم قبل وقوع النزاع يكون أكثر سهولة من االتفاق على املشارطة بعد‬
‫وقوع النزاع‪.‬‬
‫وق� � ��د أخذ قان� � ��ون التحكيم املصري رق� � ��م ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ 1994‬بصورتي التحكيم‬
‫(الش� � ��رط واملش� � ��ارطة)‪ ،‬ونص في املادة العاش� � ��رة منه على أن «اتفاق التحكيم هو‬
‫إتف� � ��اق الطرفني على االلتج� � ��اء إلى التحكيم لتس� � ��وية كل أو بعض املنازعات التي‬
‫نشأت أو ميكن أن تنشأ بينهما مبناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير‬
‫عقدية»‪.‬‬
‫‪ -5‬الغرض من التحكيم‪:‬‬

‫يب� � ��رر التحكيم باحلاجة إلى جذب االس� � ��تثمارات األجنبي� � ��ة وتهيئة مناخ صالح‬
‫لالس� � ��تثمار‪ .‬وقد أوضح تقرير اللجنة املشتركة مبجلس الشعب هذا الهدف عند‬
‫تقدمي مش� � ��روع قانون التحكيم حيث قالت «‪ ....‬وقد جاء مش� � ��روع قانون التحكيم‬
‫التجاري الدولي مواكباً للجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة من أجل تهيئة مناخ صالح‬
‫لالستثمار متمشياً مع سياسة اإلصالح اإلقتصادي التي قطعت فيه الدولة شوطاً‬
‫كبيراً جلذب رؤوس األموال املستثمرة بعد أن تبني لها أن القوانني التي وضعت في‬
‫مجال االستثمار ال تكفي وحدها لتحقيق هدف زيادة االستثمارات‪.)2(»...‬‬
‫وارتباط التحكيم باالس� � ��تثمارات األجنبية يثي� � ��ر جوانب متعددة ومتعارضة في‬
‫أغلب األحيان‪.‬‬
‫(‪ )1‬نارميان عبدالقادر‪ :‬اتفاق التحكيم‪ -1996 ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫(‪ )2‬مضبطة اجللس� � ��ة احلادية واخلمس� �ي��ن ‪-‬الفصل التشريعي السادس‪ -‬دور االنعقاد العادي الرابع‪ -‬األحد‬
‫‪ 20‬فبراير ‪ 1994‬ملحق رقم ‪ 1‬ص ‪.26-25‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪42‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫فبالنس� � ��بة للمس� � ��تثمر األجنبي بحس� � ��بانه طرفاً أجنبياً ال يك� � ��ون ملماً بالنظام‬
‫القانوني احمللي أو حتى عاملاً به وغير قابل له‪ .‬كما أنه يخشى التدخالت السياسية‬
‫للدولة محل االس� � ��تثمار والتي قد تس� � ��عى إلى حل املش� � ��كالت التي قد تنشأ بينها‬
‫وبني املس� � ��تثمر األجنبي بطريقة سياسية مثل اس� � ��تخدام التأميم أو غير ذلك من‬
‫ال عن أن القاضي الوطني‬ ‫الوسائل التي ال يس� � ��تطيع املستثمر لها دفعاً‪ .‬هذا فض ً‬
‫في أغلب األحيان مييل نفس� � ��ياً على األقل لالعتبارات الوطنية وهو شعور إنساني‬
‫يؤخذ دائماً في االعتبار‪.‬‬
‫أما بالنس� � ��بة للدولة املضيفة واملتلقية لالستثمار فإن ترددها في قبول التحكيم‬
‫يفس� � ��ر دائماً باعتبارات السيادة (‪ .)1‬وهي مس� � ��ألة ذات حساسية مفرطة ال سيما‬
‫في دول العالم الثالث‪ ،‬وبالذات فيما يتعلق بعقود استغالل ثرواتها الطبيعية وذلك‬
‫ن� � ��اجت ع� � ��ن التاريخ الطويل لالس� � ��تعمار في هذه الدول وما الزم� � ��ه من نهب منظم‬
‫لثرواتها الطبيعية وتقرير االمتيازات األجنبية فيها‪.‬‬
‫وفي احلقيقة أن التوفيق بني هذه االعتبارات املتعارضة ليس أمراً س� � ��ه ً‬
‫ال‪ .‬فلن‬
‫يكون ذلك برفض التحكيم وعدم التس� � ��ليم به كطريق لفض املنازعات خارج نطاق‬
‫احملاكم التي تنظمها الدولة‪.‬‬
‫كم� � ��ا نرى أن� � ��ه ال ميكن أن يتحقق بفت� � ��ح األبواب على مصارعه� � ��ا دون حتديد‬
‫ضوابط للتحكيم ال سيما في العقود التي تتصل بحياة الدولة وسيادتها كتلك التي‬
‫تتعلق باستقالل املوارد الطبيعية وبعض العقود اإلدارية التي تتصل بتنظيم أو سير‬
‫املرافق األساسية في الدولة‪.‬‬
‫ذل� � ��ك أن التحكيم مهما قيل فيه من ممي� � ��زات ‪-‬فإنه على خالف القضاء‪ -‬فيه‬
‫(‪ )1‬عصام الدين القصبي‪ :‬خصوصية التحكيم في مجال منازعات اإلس� � ��تثمار‪ ،1993 ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫ص‪.12‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪43‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ترخص في الضمانات اإلجرائية واملوضوعية‪ ،‬ثم إنه يضع اخلصومة في يد هيئة‬
‫حتكي� � ��م هي في الغالب أجنبية‪ ،‬وتطبق قانون � � �اً أجنبياً‪ ،‬واحلكم فيه نهائي ال يقبل‬
‫الطعن بأي طريق‪ .‬ودعوى البطالن فيه إن نظمت فإن أسبابها محددة على سبيل‬
‫احلصر(‪.)1‬‬
‫‪ -6‬التطور التشريعي لنظام التحكيم في مصر‪:‬‬

‫نظم املشرع املصري التحكيم منذ فترة طويلة‪ ،‬وجاء هذا التنظيم في إطار قانون‬
‫املرافع� � ��ات املدنية والتجارية‪ .‬ففي قانون املرافع� � ��ات الصادر في ‪ 13‬نوفمبر عام‬
‫‪ 1883‬أفرد املش� � ��رع الفصل السادس من الباب العاشر بعنوان «حتكيم احملكمني»‬
‫وتضم� � ��ن ‪ 26‬مادة من امل� � ��واد ‪ 7 ،2‬إلى ‪ 727‬وكانت تنظم جميع املس� � ��ائل املتعلقة‬
‫(‪ )1‬تنص املادة (‪ )52‬من قانون التحكيم املصري ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬على‪:‬‬
‫‪ -1‬ال تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقاً ألحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن‬
‫املنصوص عليها في قانون املرافعات املدنية والتجارية‪.‬‬
‫‪ -2‬يجوز رفع دعوى بطالن حكم التحكيم وفقاً لألحكام املبينة في املادتني التاليتني‪.‬‬
‫وتنص املادة (‪ )53‬من ذات القانون على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬ال تقبل دعوى بطالن حكم التحكيم إال في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫ال لإلبطال أو سقط بانتهاء مدته‪.‬‬ ‫ال أو قاب ً‬
‫أ‪ -‬إذا لم يوجد اتفاق حتكيم أو كان هذا االتفاق باط ً‬
‫ب‪ -‬إذا كان أح� � ��د طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد األهلي� � ��ة أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم‬
‫أهليته‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ج‪ -‬إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقدمي دفاعه بسبب عدم إعالنه إعالنا صحيحا بتعيني محكم أو‬
‫بإجراءات التحكيم أو ألي سبب آخر خارج عن إرادته‪.‬‬
‫د‪ -‬إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق األطراف على تطبيقه على موضوع النزاع‪.‬‬
‫هـ‪ -‬إذا مت تشكيل هيئة التحكيم أو تعيني احملكمني على وجه مخالف للقانون أو التفاق الطرفني‪.‬‬
‫و‪ -‬إذا فصل حكم التحكيم في مسائل ال يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا االتفاق‪ .‬ومع ذلك إذا‬
‫أمكن فصل أجزاء احلكم اخلاصة باملس� � ��ائل غير اخلاضعة له فال يقع البطالن إال على األجزاء األخيرة‬
‫وحدها‪.‬‬
‫ً‬
‫ز‪ -‬إذا وقع بطالن في حكم التحكيم‪ ،‬أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطالنا أثر في احلكم‪.»....‬‬
‫راجع في ذلك‪ ،‬أحمد شرف الدين‪ :‬دراسات في التحكيم في منازعات العقود الدولية‪ ،1993 ،‬ص ‪ ،79‬رأفت‬
‫محمد رشيد امليقاتي‪ :‬تنفيذ حكم احملكمني الوطنية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬حقوق القاهرة‪ ،1996 ،‬ص ‪.212‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪44‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫بالتحكيم‪ .‬باعتباره اتفاقاً‪ ،‬كما استلزمت ثبوت مشارطة التحكيم بالكتابة‪ ،‬وحددت‬
‫ميعاداً لصدور حك� � ��م التحكيم‪ .‬وبينت إجراءات تعيني احملكم وبينت كيفية الطعن‬
‫في أحكام احملكمني‪.‬‬
‫وعندما صدر قانون املرافعات رقم ‪ 77‬لس� � ��نة ‪ 1949‬عالج مسائل التحكيم في‬
‫الباب الثالث من الكتاب الثالث في املواد من ‪ 818‬إلى ‪.850‬‬
‫ورغم هذا التنظيم سواء في قانون املرافعات ‪ 13‬نوفمبر لسنة ‪ 1883‬أم قانون‬
‫رقم ‪ 77‬لس� � ��نة ‪ 1949‬إال أنه من الناحية العملية لم تظهر أهمية التحكيم ولم ينل‬
‫قسطاً وافراً من التطبيق‪.‬‬
‫وفي بداية الس� � ��تينات صدرت القوانني االشتراكية ونظمت التحكيم اإلجباري‬
‫حلسم املنازعات التي تنشب بني شركات القطاع العام(‪.)1‬‬
‫وبصدور قانون املرافعات رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 1968‬أُعيد تنظيم التحكيم االختياري‬
‫في املواد ‪ 501‬إلى ‪ .513‬وكان في حقيقته تنظيماً تشريعياً متواضعاً جداً بالقياس‬
‫للتنظيم التشريعي السابق سواء في سنة ‪ 1883‬أم في سنة ‪.1949‬‬
‫وفي مطلع الثمانينات واجتاه الدولة إلى األخذ بنظام االقتصاد احلر وتخصيص‬
‫شركات القطاع العام والعمل في جذب االستثمارات األجنبية إلى مصر وما ترتب‬
‫على ذل� � ��ك من تعديل لقوانني عديدة‪ ،‬وإصدار قوان� �ي��ن جديدة‪ .‬وفي هذا النطاق‬
‫صدر القانون رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ 1994‬بشأن التحكيم في املواد املدنية والتجارية (‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬أنظر ما سبق ص ‪.18‬‬
‫(‪ )2‬وفي هذا اإلطار أنش� � ��ىء مرك� � ��ز القاهرة اإلقليمي للتحكيم التجاري الدول� � ��ي مبوجب اتفاقية دولية بني‬
‫جمهوري� � ��ة مصر العربية وبني اللجنة القانونية االستش� � ��ارية لدول آس� � ��يا وأفريقي� � ��ا والتي تتكون من أربع‬
‫وأربعني دولة‪ ،‬وقد صدر قرار رئيس اجلمهورية رقم ‪ 515‬لسنة ‪ 1979‬باملوافقة على هذه االتفاقية‪ .‬كما‬
‫مت عقد اتفاقية املركز سنة ‪ 1987‬ومبقتضاها فإن املركز يتمتع بشخصية معنوية مستقلة كما يتمتع مقره‬
‫باحلصان� � ��ات واالمتيازات املقررة ملقر املنظمات الدولية املس� � ��تقلة العاملة ف� � ��ي مصر‪ .‬ومت افتتاح فرع له‬
‫يختص بالتحكيم البحري في اإلسكندرية سنة ‪.1992‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪45‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ال للتحكيم التجاري الدولي‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن أنه وس� � ��ع نطاق‬ ‫الذي أق� � ��ام نظاماً متكام ً‬
‫تطبيقه حيث نص في املادة األولى منه على «مع عدم اإلخالل بأحكام االتفاقيات‬
‫الدولية املعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري أحكام هذا القانون على كل‬
‫حتكيم بني أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون اخلاص أياً كانت طبيعة‬
‫العالقة القانونية التي يدور حولها النزاع إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر‪ ،‬أو‬
‫كان حتكيم � � �اً جتارياً دولياً يجري في اخلارج واتفق أطرافه على إخضاعه ألحكام‬
‫هذا القانون»‪.‬‬
‫واختلف الرأي في شمول هذا النص للتحكيم في العقود اإلدارية‪ .‬وذهب الرأي‬
‫الراجح إلى ذلك‪ ،‬وخالف آخرون هذا النظر وأوش� � ��ك هذا اخلالف أن يؤدي إلى‬
‫اختالف في أحكام القضاء‪ ،‬فحس� � ��م املش� � ��رع األمر بالقانون رقم ‪ 9‬لس� � ��نة ‪1997‬‬
‫والذي جاء معدالً للمادة األولى بإضافة فقرة جديدة لها تنص على ما يلي «تضاف‬
‫إلى املادة ‪ 2‬من قان� � ��ون التحكيم في املواد املدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم‬
‫‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬فقرة ثانية‪ ،‬نصها كاآلتي‪:‬‬
‫«وبالنس� � ��بة إلى منازعات العقود اإلدارية يك� � ��ون االتفاق على التحكيم مبوافقة‬
‫الوزير املختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة لألشخاص االعتبارية العامة‪ ،‬وال‬
‫يجوز التفويض في ذلك»‪.‬‬
‫وبهذا النص حس� � ��م املش� � ��رع خضوع العقود اإلدارية للتحكيم‪ ،‬وإن لم يحس� � ��م‬
‫بطبيعة احلال املشاكل الناجمة عن ذلك‪.‬‬
‫‪ -7‬التحكيم والعقود اإلدارية‬

‫العقد سواء أكان مدنياً أم إدارياً يتكون بتوافق إرادتني بقصد إحداث أثر قانوني‪.‬‬
‫عل� � ��ى أنه من الثاب� � ��ت أن العقد اإلداري يختلف عن العقد املدني س� � ��واء في كيفية‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪46‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ال عن اختالف‬‫إبرام� � ��ه أم مضمونه أم فحوى االلتزامات التي يولده� � ��ا ‪-‬هذا فض ً‬
‫النظ� � ��ام القانوني الذي يحكم كل منهما‪ .‬فالعق� � ��ود اإلدارية حتكمها قواعد القانون‬
‫اإلداري والتي تختلف عن تلك التي حتكم العقود املدنية في القانون املدني‪.‬‬

‫وإذا كان م� � ��ن املتفق علي� � ��ه أن القانون اإلداري قان� � ��ون قضائي أي هو من خلق‬
‫وابتداع أحكام القضاء‪ .‬وتعتبر هذه األخيرة مصدراً أساس� � ��ياً ألغلب أحكامه حتى‬
‫في ال� � ��دول التي ال تعتبر القضاء مصدراً رس� � ��مياً للقانون‪ .‬ف� � ��إن العقود اإلدارية‬
‫باعتبارها إحدى نظريات هذا القانون هي نظرية قضائية‪ ،‬قد ساهم القضاء في‬
‫بنائها وإنشاء الكثير من أحكامها‪.‬‬

‫عقود اإلدارة املدنية والعقود اإلدارية‪:‬‬

‫من الثابت أنه ليست كل العقود التي تبرمها جهة اإلدارة عقوداً إدارية‪ .‬فاإلدارة‬
‫وهي متارس نش� � ��اطها قد ترى أنه من األوفق لها أن تبرم عقوداً مدنية تنزل فيها‬
‫منزلة األفراد‪ ،‬وتبرمها وهي متجردة من كل مظاهر وأساليب السلطة العامة‪.‬‬

‫ومن ثم فإنها تخض� � ��ع لذات القواعد التي تخضع لها عقود األفراد أي تخضع‬
‫لقواع� � ��د القانون املدني‪ .‬وذل� � ��ك على العكس متاما حني تك� � ��ون اإلدارة طرفاً في‬
‫عقد إداري فإنها تكون في مركز متميز عن مركز األفراد وليس في مركز متس� � � ٍ�او‬
‫كما األمر بالنس� � ��بة للعقود املدنية‪ .‬وه� � ��و ما تعبر عنه محكمة القضاء اإلداري في‬
‫حكمها بتاريخ ‪ 9‬ديس� � ��مبر ‪ 1956‬بقولها «‪ ............‬تتمي� � ��ز العقود اإلدارية عن‬
‫العق� � ��ود املدنية بطابع معني مناطه احتياجات املرفق العام الذي يس� � ��تهدف العقد‬
‫اإلداري تس� � ��ييره‪ ،‬وتغليب وج� � ��ه املصلحة العامة على مصلح� � ��ة األفراد اخلاصة‪.‬‬
‫فبينم� � ��ا تكون مصالح الطرفني ف� � ��ي العقود املدنية متوازية ومتس� � ��اوية إذ بها في‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪47‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫العق� � ��ود اإلدارية غير متكافئة‪ ،‬ويجب أن يعلو الصالح العام على املصلحة الفردية‬
‫اخلاصة‪.)1(».....‬‬
‫واس� � ��تقر الفقه والقضاء عل� � ��ى أن الضوابط التي متيز العقد اإلداري عن غيره‬
‫من العقود ثالثة وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون أحد طرفي العقد جهة إدارية‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتصل العقد بنشاط مرفق عام من حيث سيره أو تنظيمه‪.‬‬
‫‪ -3‬إتباع وس� � ��ائل القانون العام وذلك بتضمني العقد ش� � ��روطاً اس� � ��تثنائية غير‬
‫مألوفة في عقود القانون اخلاص‪.‬‬
‫والعقود اإلدارية بهذا املعنى تخضع لنظام صارم في إبرامها‪ .‬ويحرص املش� � ��رع‬
‫(‪)2‬‬
‫ف� � ��ي أغلب الدول إلى إص� � ��دار القوانني التي تنظم عملية إبرام العقود اإلدارية‬
‫وحتدي� � ��د كيفية التعبير عن إرادة جهة اإلدارة‪ ،‬بل إنه في كثير من األحيان يتدخل‬
‫املشرع الدستوري لكي يضع ضوابط معينة يجب احترامها عند إبرام بعض العقود‬
‫اإلدارية (‪.)3‬‬
‫وإذا كان التحكي� � ��م بصفة عامة قد واجه اعتراضات كثيرة كما س� � ��بق وبينا(‪.)4‬‬
‫فإن� � ��ه في نطاق العقود اإلدارية قد واجه تصلب القضاء اإلداري وعدم تس� � ��امحه‬
‫جتاه نزع اختصاصه بالنظر في منازعات العقود اإلدارية‪ .‬ففي فرنس� � ��ا لم يس� � ��لم‬
‫(‪ )1‬محكمة القضاء اإلداري ‪ 9 -‬ديسمبر ‪ 1956‬دعوى رقم ‪ 87‬لسنة ‪ 5‬ق‪ ،‬مجموعة املبادىء‪ ،‬س ‪ ،11‬ص ‪.76‬‬
‫(‪ )2‬راجع‪ :‬جابر جاد نصار‪ :‬املناقصات العامة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )3‬على سبيل املثال‪ :‬ينص الدستور املصري الصادر في ‪ 11‬سبتمبر ‪ 1971‬في املادة ‪ 121‬على أنه «ال يجوز‬
‫للس� � ��لطة التنفيذية عقد قروض أو االرتباط مبش� � ��روع يترتب عليه إنفاق مبالغ من خزانة الدولة في فترة‬
‫مقبلة إال مبوافقة مجلس الشعب»‪ .‬كما ينص في املادة ‪ 123‬على أن «يحدد القانون القواعد واإلجراءات‬
‫اخلاص� � ��ة مبنح االلتزامات املتعلقة باس� � ��تغالل م� � ��وارد الثروة الطبيعية واملرافق العام� � ��ة‪ ،‬كما يبني أحوال‬
‫التصرف باملجان في العقارات اململوكة للدولة والنزول عن أموالها املنقولة واإلجراءات املنظمة لذلك»‪.‬‬
‫(‪ )4‬أنظر ما سبق ص ‪.12‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪48‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫مجلس الدولة الفرنس� � ��ي بذلك أبداً إال في حالة وجود نص تشريعي يجيز اللجوء‬
‫إلى التحكيم وأن يكون ذلك في حدود النص ونطاقه دون توسع في نطاق تطبيقه‬
‫سواء بالقياس عليه أو تفسيره باعتباره استثناء ال يجوز معه ذلك(‪.)1‬‬
‫وإذا كانت اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتش� � ��ريع في مصر قد سلمت‬
‫أكثر من مرة بج� � ��واز التحكيم في العقود اإلدارية‪ .‬فإن احملكمة اإلدارية العليا قد‬
‫وقفت في االجتاه اآلخر رافضة في أحكامها جواز التحكيم في العقود اإلدارية (‪.)2‬‬
‫وهو األمر الذي يترجم حقيقة صعوبة التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫فمن ناحية أولى‪ ،‬فإن التحكيم كوسيلة لفض املنازعات ال يضمن خضوع العقود‬
‫اإلدارية لنظام مغاير للنظام الذي تخضع له العقود املدنية‪ .‬ذلك أن التحكيم على‬
‫خ� �ل��اف القضاء اإلداري ال يعت� � ��د بالتمايز اجلوهري بني العق� � ��ود املدنية والعقود‬
‫ال عن أنه ليست كل األنظمة القانونية تسلم بهذا التمايز‪.‬‬ ‫اإلدارية‪ .‬هذا فض ً‬
‫فالعقود اإلدارية قد ارتبطت في نشأتها وتطورها بنشأة وتطور القانون اإلداري‬
‫وتخصيص قضا ًء خاصاً للمنازعات اإلدارية على النس� � ��ق الذي مت في فرنسا وفي‬
‫البالد التي أخذت عنها هذا النظام ومنها مصر‪.‬‬
‫فاألنظم� � ��ة األخرى الت� � ��ي ال تفرد نظاماً قضائياً للمنازع� � ��ات اإلدارية ال تعرف‬
‫العق� � ��ود اإلدارية‪ .‬ففي القانون اإلجنلي� � ��زي أو األمريكي يخضع العقد ‪-‬أي عقد‪-‬‬
‫لنظام قانوني واحد ولنظام قضائي واحد‪.‬‬
‫وم� � ��ن ناحية ثانية‪ ،‬فإن م� � ��ن العقود اإلدارية ما يرتبط بس� � ��يادة الدولة‪ ،‬ويتعلق‬
‫بثروات الدول� � ��ة الطبيعية مثل عقود االلتزام والتي في كثير من األحيان متتد إلى‬
‫سنني طويلة ترتب التزامات على كاهل األجيال القادمة‪.‬‬
‫(‪ )1‬وهو ما سوف نتناوله في هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ )2‬وهو ما سوف نتناوله في هذا البحث‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪49‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ومن ناحية ثالثة‪ ،‬فإن التحكيم يؤس� � ��س دائم � � �اً على حرية األطراف في اللجوء‬
‫إليه‪ ،‬تطبيقاً ملبدأ سلطان اإلرادة‪ .‬وإذا كان هذا املبدأ يجد نطاق تطبيقه في عقود‬
‫األف� � ��راد‪ ،‬فإن التعبير عن اإلرادة عند إب� � ��رام العقود اإلدارية حتكمه قواعد أخرى‬
‫يحدده� � ��ا القانون‪ .‬ذلك أن املوظف املخت� � ��ص بإبرام العقد اإلداري ال يتصرف في‬
‫م� � ��ال مملوك له‪ .‬ومن ثم فإن قرار اللجوء إل� � ��ى التحكيم في العقود اإلدارية ليس‬
‫باألمر السهل كما هو احلال بالنسبة لعقود األفراد‪.‬‬
‫‪ -8‬اختالف الفقه والقضاء حول جواز التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫لم يتضمن قانون املرافعات املدنية الصادر برقم ‪ 13‬لس� � ��نة ‪ 1968‬بني نصوصه‬
‫التي نظمت التحكيم في الباب الثالث منه ما يحمل بني طياته انتصاراً لرأي دون‬
‫آخر في مسألة التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫فاملادة ‪ 501‬من هذا القانون نصت على أنه «يجوز االتفاق على التحكيم في نزاع‬
‫معني بوثيقة حتكي� � ��م خاصة‪ ،‬كما يجوز االتفاق على التحكيم في جميع املنازعات‬
‫التي تنشأ من تنفيذ عقد معني‪.)1( »..‬‬
‫(‪ )1‬حذت أغلب التش� � ��ريعات العربية حذو املش� � ��رع املصري في ذلك‪ ،‬فعلى س� � ��بيل املثال في نظام التحكيم‬
‫الس� � ��عودي الصادر باملرس� � ��وم امللكي رقم م ‪ 46‬بتاريخ ‪1403/7/12‬هـ نصت املادة األولى على أنه «يجوز‬
‫االتفاق على التحكيم في نزاع معني قائم‪ ،‬كما يجوز االتفاق مسبقاً على التحكيم في أي نزاع يقوم نتيجة‬
‫لتنفيذ عقد معني»‪.‬‬
‫كم� � ��ا نصت املادة ‪ 173‬من قانون املرافعات املدنية والتجارية رقم ‪ 38‬لس� � ��نة ‪ 1980‬في دولة الكويت على‬
‫أنه «يجوز االتفاق على التحكيم في نزاع معني‪ ،‬كما يجوز االتفاق على التحكيم في جميع املنازعات التي‬
‫تنشأ عن تنفيذ عقد معني»‪.‬‬
‫كما تنص املادة ‪ 233‬من قانون املرافعات املدنية والتجارية في البحرين رقم ‪ 12‬لس� � ��نة ‪ 1971‬على أنه «يجوز‬
‫للمتعاقدين أن يشترطوا بصفة عامة عرض ما قد ينشأ بينهم من النزاع في تنفيذ عقد معني على محكمني‪،‬‬
‫ويجوز االتفاق على التحكيم في نزاع معني بوثيقة حتكيم خاصة»‪.‬‬
‫كما ينص قانون املرافعات املدنية العراقي رقم ‪ 83‬لس� � ��نة ‪ 1969‬ف� � ��ي املادة ‪ 251‬على أنه «يجوز االتفاق على‬
‫التحكيم في نزاع معني‪ ،‬كما يجوز االتفاق على التحكيم في جميع املنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معني»‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪50‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫فهذا النص قد أجاز االتفاق على التحكيم في نزاع معني‪ ،‬كما أجازه في جميع‬
‫املنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معني‪.‬‬
‫وظاه� � ��ر النص يجيز التحكي� � ��م في جميع العقود بحس� � ��بانه أطلق عبارة جميع‬
‫املنازعات التي تنش� � ��أ عن تنفيذ عقد معني‪ .‬يستوي في ذلك أن يكون عقداً مدنياً‬
‫أم إدارياً‪.‬‬
‫وق� � ��د كان العمل يجري أن اإلدارة كانت تقبل ش� � ��رط التحكيم عند إبرام العقد‬
‫ال س� � ��يما في عقود األش� � ��غال العامة وعقود االستغالل(‪ .)1‬وعند حدوث نزاع تلجأ‬
‫للقضاء تستنجد به زاعمة بأن التحكيم ال يجوز في العقود اإلدارية (‪ .)2‬وهو موقف‬
‫في حقيقة األمر يبعث على احليرة والدهشة‪.‬‬
‫حيرة تأتي من موقف الدولة أو األش� � ��خاص العامة حني تقبل ش� � ��رط التحكيم‬
‫عند إبرام العقد‪ ،‬وكانت تستطيع أن ترفض ذلك‪ .‬ويبقى للطرف اآلخر ‪-‬في هذه‬
‫احلالة ‪ -‬إما قبول العقد دون ش� � ��رط التحكيم ‪ -‬أو عدم إبرام العقد‪ .‬ثم بعد ذلك‬
‫تنقض ما س� � ��بق ووافقت عليه‪ .‬وبذلك ينطبق عليها القاعدة األصولية التي تقول‬
‫«من سعى إلى نقض ما مت على يديه فسعيه مردود عليه»‪.‬‬
‫والدهشة من تقاعس املش� � ��رع عن التدخل واتخاذ موقف حاسم جتاه التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية أياً كانت صورة هذا املوقف‪.‬‬
‫(‪ )1‬من الش� � ��ائع إدارج ش� � ��رط التحكيم في عقود البترول‪ ،‬وعقود استغالل الثروات املعدنية بصفة عامة‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫محمد طلعت الغنيمي‪ :‬شرط التحكيم في اتفاقات البترول‪ ،‬مجلة احلقوق للبحوث القانونية واالقتصادية ‪-‬كلية‬
‫احلقوق‪ -‬جامعة اإلسكندرية‪ -‬السنة العاشرة ‪ ،1961-1960‬العدد األول والثاني‪ ،‬ص ‪ 51‬وما بعدها‪.‬‬
‫أحمد أبو الوفا‪ :‬التحكيم اإلختياري واإلجباري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 85‬وما بعدها‪ .‬وأيضاً أحمد الشلقاني‪:‬‬
‫الدولة والتحكيم في عقود التجارة الدولية‪ ،‬مجلة إدارة قضايا احلكومة‪ ،‬الس� � ��نة العاش� � ��رة ‪ 1966‬العدد‬
‫األول‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫(‪ )2‬في احلاالت التي عرضت على القضاء اإلداري‪ ،‬كانت اإلدارة قد قبلت بإرادتها شرط التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية‪ .‬وعند حدوث النزاع جلأت للقضاء اإلداري والذي قضى باختصاصه بنظر النزاع‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪51‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وكان ذلك على خالف الوضع في فرنسا‪ .‬فقد كانت نصوص قانون اإلجراءات‬
‫املدني� � ��ة (املادت� �ي��ن ‪ )1004 ،83‬ومن بعدهما نص املادة ‪ .206‬م� � ��ن القانون املدني‬
‫احلديث متنع إدراج ش� � ��رط التحكيم في العقود اإلدارية‪ .‬وعندما اضطرت الدولة‬
‫إلبرام عقد «والدت ديزني األوروبي» مع ش� � ��ركة أمريكية أصرت على إدراج شرط‬
‫التحكيم في العقد‪ .‬عدلت فرنس� � ��ا قانونها‪ .‬وذلك هو األمر الطبيعي‪ .‬ألن احترام‬
‫الدولة لنظامها القانوني‪ ،‬يؤدي باآلخرين إلى احترامه‪.‬‬
‫على أنه إذا كان موقف املشرع املصري من التحكيم في العقود اإلدارية غير مبرر‪.‬‬
‫فإن اختالف الرأي سواء لدى الفقه أم القضاء حول جواز أو عدم جواز التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية كان يستند إلى مبررات قانونية‪ ،‬وذلك على الوجه التالي‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫ذه� � ��ب ال� � ��رأي األول إلى عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬واس� � ��تنذ هذا‬
‫الرأي إلى عدة حجج أهمها‪:‬‬
‫أو ًال‪ :‬التحكيم يتعارض مع سيادة الدولة‪:‬‬
‫تنهض هذه احلجة على أساسني‪:‬‬
‫يتمثل األساس األول في أن التحكيم يعتبر في حقيقته سلب الختصاص القضاء‬
‫الوطني الذي هو مظهر أساسي من مظاهر سيادتها‪ .‬وإذا كان ذلك مقبوالً بالنسبة‬
‫ملنازعات األفراد بعضهم البعض‪ ،‬فإن قبولها بالنسبة للدولة يعتبر ماساً بسيادته‪.‬‬
‫أما األس� � ��اس الثاني فيتمثل في أن التحكيم يس� � ��تبعد تطبي� � ��ق القانون الوطني‬
‫ويؤدي إلى تطبيق قانون أجنبي(‪.)1‬‬
‫(‪ )1‬في مناقش� � ��ة هذه احلجج راجع‪ :‬محسن شفيق‪ :‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،40‬وانظر‬
‫أيضاً أحمد الشلقاني‪ :‬الدولة والتحكيم في عقود التجارة الدولية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪52‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وفي احلقيقة نرى أن االحتجاج بس� � ��يادة الدولة في ه� � ��ذا املجال أمر في غير‬
‫محله‪ ،‬ذلك أنه مع التسليم بأن التحكيم يعتبر في حقيقته سلب الختصاص قضاء‬
‫الدولة‪ ،‬إال أن ذلك ال يكون إال مبقتضى قانون يسمح به‪ .‬فاملشرع الوطني هو الذي‬
‫يس� � ��مح بالتحكيم حتى ولو كان اختيارياً فإن إرادة األطراف ليس� � ��ت كافية بذاتها‬
‫خللقه‪ ،‬وإمنا يتطلب األمر تدخل املشرع إلقرار اللجوء إليه‪ ،‬هذا من ناحية‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن التحكيم ال تنقطع صلته بالقضاء‪ .‬فاملشرع الوطني في‬
‫النص� � ��وص التي تنظم التحكيم يحرص على أن يعطي للقضاء س� � ��لطة التدخل في‬
‫أعمال احملكمني سواء باملساعدة واملؤازرة أو الرقابة واإلشراف وهي أمور يختلف‬
‫مداها من نظام إلى آخر (‪.)1‬‬
‫ومن ناحية ثالثة‪ :‬فإنه إذا جاز للقاضي أن يحسم اخلصومة بحكم فيها استناداً‬
‫إلى رأي خبير أفال يجوز أن يلجأ أطراف اخلصومة إلى اخلبير مباش� � ��رة حلس� � ��م‬
‫منازعاتهم عن طريق التحكيم (‪.)3‬‬
‫وم���ن ناحي���ة رابعة ‪ ،‬فإن األش� � ��خاص العامة وهي بصدد إب� � ��رام العقد اإلداري‬
‫وإدراج شرط التحكيم فيه تستطيع أن تشترط تطبيق القانون الوطني‪ .‬وإذا قبلت‬
‫تطبيق قانوناً أجنبياً فإن ذلك قد مت بإرادتها ومن ثم ال ينال من سيادتها‪.‬‬
‫حقيقة األمر أن استخدام مبدأ السيادة في هذا النطاق نراه أمراً في غير محله‬
‫وإن كان مرده فيما يبدو لنا خش� � ��ية الدول النامي� � ��ة ومخاوفها من نظام التحكيم‪.‬‬
‫والتي مردها االختالل الواضح وعدم التوازن البينّ الذي مييز عالقات هذه الدول‬
‫بالدول الكبرى والش� � ��ركات الكبرى فيها والتي حت� � ��رص على تضمني العقود التي‬
‫تبرمها مع الدول النامية ش� � ��رط التحكيم وذلك لكي تستبعد من خالله املثول أمام‬
‫(‪ )1‬راجع ما سباق ص ‪.‬‬
‫(‪ )2‬في هذا املعنى راجع‪ :‬محسن شفيق‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪53‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫القض� � ��اء الوطني والقانون املعمول به في هذه ال� � ��دول (‪ .)1‬والدول النامية ال تقدر‬
‫عن رفض التحكيم جملة وذلك ألنه أصبح مطلباً أساسياً للشركات األجنبية عند‬
‫إبرامها للعقود الدولية مع هذه الدول‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬جواز التحكيم في العقود اإلدارية يعتبر عدوان ًا على اختصاص القضاء‬
‫اإلداري بنظر هذه املنازعات‪:‬‬
‫ذلك أن اختصاص مجلس الدولة بنظر املنازعات اإلدارية مقرر بنص الدستور‪،‬‬
‫فاملادة ‪ 172‬من الدستور املصري تقضي بأن «مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة‪،‬‬
‫ويختص بالفصل في املنازعات اإلداري� � ��ة وفي الدعاوى التأديبية‪ ،‬ويحدد القانون‬
‫اختصاصاته األخرى»‪.‬‬
‫كما أن القرار بقانون بشأن مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬ينص في املادة‬
‫العاش� � ��رة منه على أنه «تخت� � ��ص محاكم مجلس الدول� � ��ة دون غيرها بالفصل في‬
‫املسائل اآلتية‪:‬‬
‫(حادي عش� � ��ر) ‪ ...‬املنازعات اخلاص� � ��ة بعقود اإللتزام أو األش� � ��غال العامة أو‬
‫التوريد أو بأي عقد إداري آخر‪.»...‬‬
‫وتطبيقاً لذلك فإن التحكيم الذي يعتبر س� � ��لباً الختصاص القضاء ال يجوز في‬
‫العقود اإلدارية‪ .‬وذلك ألن اختص� � ��اص مجلس الدولة بنظر منازعات هذه العقود‬
‫قد قرره الدس� � ��تور ونص عليه قانون مجلس الدول� � ��ة بأنها من اختصاص محاكم‬
‫مجلس الدولة دون غيرها(‪.)2‬‬
‫(‪Audit (Bernard) : Jurisprudence arbitrale et droit du développement, sous la )1‬‬
‫‪direction de Hervé CASSAN, contrats internationaux et pays in développ -‬‬
‫‪.ment, 1989, economica p. 115 et s‬‬
‫(‪ )2‬محمد كمال منير‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪54‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وفي احلقيقة أن نص املادة ‪ 172‬من الدستور ال جتدي في هذا املقام‪ ،‬فالنص‬
‫على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة يختص بالفصل في املنازعات اإلدارية‬
‫يهدف إلى تقرير ضمان اس� � ��تقالل مجلس الدولة بنص دس� � ��توري يغل يد املشرع‬
‫العادي عن النيل من هذا االستقالل‪.‬‬
‫أما نص املادة العاش� � ��رة في فقرتها حادي عشر على اختصاص محاكم مجلس‬
‫الدول� � ��ة دون غيرها بنظر املنازعات املتعلقة بالعقود اإلدارية‪ .‬إمنا يفس� � ��ره تطور‬
‫اختصاص مجلس الدولة بنظر هذه املنازعات‪ .‬فالقانون رقم ‪ 9‬لس� � ��نة ‪ 1949‬كان‬
‫ينص في املادة اخلامسة منه على أن «تفصل محكمة القضاء اإلداري في املنازعات‬
‫اخلاصة بعقود االلتزام واألش� � ��غال العامة وعقود التوريد اإلدارية التي تنش� � ��أ بني‬
‫احلكومة والطرف اآلخر في العقد‪.‬‬
‫ويترت� � ��ب على رف� � ��ع الدعوى في هذه احلالة أمام احملكم� � ��ة املذكورة عدم جواز‬
‫رفعها إل� � ��ى احملاكم العادية‪ .‬كما يترتب على رفعها إلى احملاكم العادية عدم جواز‬
‫رفعها أمام محكمة القضاء اإلداري»‪.‬‬
‫وكان هذا االختصاص املش� � ��ترك والذي أقره القانون رقم ‪ 9‬لس� � ��نة ‪ 1949‬ميثل‬
‫ش� � ��ذوذاً في التنظيم القانوني ملسألة االختصاص بنظر منازعات العقود اإلدارية‪.‬‬
‫وهو األمر الذي صححه القانون التالي رقم ‪ 165‬لس� � ��نة ‪ 1955‬بشأن إعادة تنظيم‬
‫مجلس الدولة إذ نص في املادة العاشرة منه على أن «يفصل مجلس الدولة بهيئة‬
‫قض� � ��اء إداري دون غي� � ��ره في املنازعات اخلاصة بعقود االلتزام واألش� � ��غال العامة‬
‫والتوري� � ��د أو أي عقد إداري آخ� � ��ر»‪ .‬وهو ما حرص على تأكيده القرار بقانون رقم‬
‫‪ 47‬لس� � ��نة ‪ 1972‬في املادة العاشرة سالفة الذكر‪ .‬ومن ثم يتضح أن عبارة تختص‬
‫محاك� � ��م مجلس الدولة دون غيرها‪ ...‬ال يقصد منها اس� � ��تبعاد العقود اإلدارية من‬
‫نطاق التحكيم كوسيلة لفض املنازعات‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪55‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ال عن أن التحكيم كنظام لفض املنازعات املتعلقة بالعقود اإلدارية لم‬ ‫ه� � ��ذا فض ً‬
‫يكن له صدى في وعي املش� � ��رع حني إصدار قوانني مجل� � ��س الدولة ومنها القرار‬
‫بالقانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪.1972‬‬
‫ القضاء اإلداري وعدم جواز التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪:‬‬

‫عرض موضوع التحكيم في العقود اإلدارية ابتداء أمام محكمة القضاء اإلداري‬
‫ف� � ��ي الدعوى رقم ‪ 486‬لس� � ��نة ‪ 39‬ق‪ .‬وكانت الش� � ��ركة املدعية (الش� � ��ركة املصرية‬
‫املس� � ��اهمة للتعمير واإلنشاءات الس� � ��ياحية) ضد وزير اإلسكان واملرافق وآخرين‪،‬‬
‫اس� � ��تناداً إلى العقد املبرم بني الش� � ��ركة املدعية ووزارة اإلس� � ��كان والتعمير (عقد‬
‫امتياز هضبة املقطم)(‪ .)1‬والذي كان يقضي في البند خامس � � �اً على أن «كل خالف‬
‫بني الطرفني على تفس� � ��ير أو تنفيذ األحكام التي تضمنها االتفاق وعقد ‪ 9‬نوفمبر‬
‫س� � ��نة ‪ 1954‬وش� � ��روط قبول التنازل يفصل فيه عن طريق التحكيم‪ .‬وتؤلف هيئة‬
‫التحكي� � ��م من ثالث� � ��ة أعضاء يختار كل م� � ��ن الطرفني عضواً عنه� � ��م ويتولى هذان‬
‫العضوان اختيار العضو الثالث‪ ،‬وتكون أحكام هيئة التحكيم قابلة للطعن فيها أمام‬
‫احملاكم املصرية بالطرق التي رسمها القانون»‪.‬‬
‫وطلبت الش� � ��ركة املدعية وقف تنفيذ قرار املدعى عليهم الس� � ��لبي باالمتناع عن‬
‫إحالة النزاع بينهم وبني الشركة املدعية إلى هيئة التحكيم طبقاً للبند اخلامس من‬
‫االتفاق املبرم في ‪ 14‬من أبريل س� � ��نة ‪ 1955‬وتعيني محكم ممثل للحكومة املصرية‬
‫في هيئة التحكيم‪.‬‬

‫(‪ )1‬آل هذا االمتياز إلى الش� � ��ركة املصرية املس� � ��اهمة للتعمير واإلنش� � ��اءات مبوجب القانون رقم ‪ 187‬لس� � ��نة‬
‫‪ 1955‬وأبرم على أثره إتفاق ‪ 14‬أبريل ‪ 1955‬بني الش� � ��ركة املصرية ووزارة الشئون البلدية والقروية نيابة‬
‫عن احلكومة والتي حلت محلها وزارة اإلس� � ��كان‪ ،‬وكان هذا االتفاق قد عقد بني هذه الوزارة وبني إحدى‬
‫الشركات األجنبية مبقتضى القانون رقم ‪ 565‬لسنة ‪.1954‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪56‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وأجابت محكمة القضاء اإلداري في حكمها بجلسة ‪ 1986/5/18‬الشركة املدعية‬
‫إلى طلبها(‪ .)1‬وعندما طعنت إدارة قضايا الدولة في احلكم أمام احملكمة اإلدارية‬
‫العلي� � ��ا‪ ،‬قضت احملكم� � ��ة بإلغاء احلكم املطعون فيه وبرف� � ��ض الدعوى مقررة عدم‬
‫جواز التحكيم في العقود اإلدارية وذلك في حكمها بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪.)2(1990‬‬
‫وذهب� � ��ت احملكمة ف� � ��ي حكمها إلى أنه «‪ ....‬ومن حي� � ��ث أن اتفاق ‪ 14‬من أبريل‬
‫س� � ��نة ‪ 1955‬امللحق يعتبر استغالل منطقة قصر املنتزه واستصالح وتعمير منطقة‬
‫جبل املقطم املبرم في ‪ 9‬من نوفمبر سنة ‪ 1954‬صدر في ظل أحكام القانون رقم‬
‫‪ 165‬لسنة ‪ 1955‬في شأن مجلس الدولة والساري اعتباراً من ‪ »1955/6/26‬وقد‬
‫نصت املادة العاش� � ��رة فيه على أن «يفصل مجل� � ��س الدولة بهيئة قضاء إداري دون‬
‫غيره في املنازعات اخلاصة بعقود االلتزام واألشغال العامة والتوريد أو بأي عقد‬
‫إداري آخر»‪ .‬ومن ثم يتعني تفس� � ��ير نص البند اخلامس من االتفاق املشار إليه مبا‬
‫ال يتعارض مع أحكام املادة ‪ -1‬سالفة الذكر‪.»....‬‬
‫وتستطرد احملكمة حملاولة تبرير التناقض بني املادة ‪ .1‬من قانون مجلس الدولة‬
‫رقم ‪ 165‬لسنة ‪ 1955‬والقانون الذي منح مبقتضاه االمتياز للشركة املدعية فتقول‬
‫«‪ ....‬ومن حيث أن القاعدة أن املشرع منزه عن السهو واخلطأ فإنه ينبغي تفسير‬
‫البند اخلامس من االتفاق املش� � ��ار إليه مبا ال يه� � ��دم خصائص العقد اإلداري وال‬
‫مبا يزي� � ��ل اختصاص مجلس الدولة بنظر املنازعات املتعلق� � ��ة بذلك العقد‪ .‬إذ أن‬
‫اختصاص املجلس ورد في قانون موضوعي أي كقاعدة عامة‪ ،‬بينما أن منح التزام‬
‫املرافق العامة فهو من األعمال اإلدارية التي تقوم بها السلطة التشريعية كنوع من‬

‫(‪ )1‬محكمة القضاء اإلداري جلسة ‪ 1986/5/18‬في الدعوى رقم ‪ 486‬لسنة ‪ 39‬ق (غير منشور)‪.‬‬
‫(‪ )2‬احملكمة اإلدارية العليا ‪ -‬جلس� � ��ة ‪ 2‬فبراير ‪ 1990‬في الطعن رقم ‪ 3٫49‬لس� � ��نة ‪ 32‬ق‪ .‬انظر تعليقاً على‬
‫هذا احلكم‪ ،‬محمد كمال منير‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬السنة ‪ ،33‬العدد األول‪ ،‬يونيو ‪ ،1991‬ص ‪ 329‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪57‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫الوصاية على الس� � ��لطة التنفيذية‪ ،‬وهذه األعمال ليست قوانني من حيث املوضوع‬
‫وإن كانت تأخذ ش� � ��كل القانون ألن العرف جرى على أن السلطة التشريعية تفصح‬
‫عن إرادتها في شكل قانون‪.)1( »...‬‬
‫والتزم� � ��ت محكمة القض� � ��اء اإلداري مبا ذهبت إليه احملكم� � ��ة اإلدارية العليا في‬
‫قضائه� � ��ا‪ .‬فقد ذهبت محكمة القضاء اإلداري ف� � ��ي حكمها في الدعوى رقم ‪5429‬‬
‫لسنة ‪ 43‬ق (اخلاصة بنفق الشهيد أحمد حمدي) حني دفعت الشركة املدعى عليها‬
‫بعدم اختصاص القضاء املصري وذلك لوجود شرط التحكيم بالعقد‪ .‬فقد رفضت‬
‫احملكم� � ��ة الدفع ألنه ال يجوز التحكيم في العقود اإلدارية لكونه يس� � ��لب اختصاص‬
‫محاكم مجلس الدولة املقرر باملادة العاشرة من القانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪.)2(1972‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬جواز التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫ذه� � ��ب الرأي الثاني إلى جواز التحكيم في العقود اإلدارية وذلك اس� � ��تناداً إلى‬
‫عدم وجود نصوص تش� � ��ريعية متنع التحكي� � ��م في العقود اإلدارية‪ .‬فاملادة ‪ 501‬من‬
‫قان� � ��ون املرافعات تنص على أنه «يجوز االتفاق على التحكيم في نزاع معني بوثيقة‬
‫حتكيم خاصة‪ ،‬كما يجوز االتفاق على التحكيم في جميع املنازعات التي تنشأ من‬
‫تنفيذ عقد معني‪ ....‬وال يثبت التحكيم إال بالكتابة‪.‬‬
‫ويج� � ��ب أن يحدد موض� � ��وع النزاع في وثيقة التحكيم أو أثن� � ��اء املرافعة ولو كان‬
‫احملكمون مفوضني بالصلح‪ ،‬وإال كان التحكيم باط ً‬
‫ال‪.‬‬
‫(‪ )1‬مما هو جدير بالذكر أنه قبل صدور دستور ‪ 1956‬كان يتم منح اإللتزام مبوجب قانون يصدر من السلطة‬
‫التش� � ��ريعية ل� � ��كل حالة على حدة‪ .‬ولقد تغير األمرفي ظل دس� � ��تور ‪ 1971‬وأصبح من� � ��ح اإللتزام بناء على‬
‫قانون‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم محكمة القضاء اإلداري بتاريخ ‪ 1991/1/30‬في الدعوى رقم ‪ 5439‬لس� � ��نة ‪ 43‬ق مش� � ��ار إليه عند‬
‫إبراهيم على حس� � ��ن‪ :‬تأمالت في اختصاص التحكيم مبنازعات عقود الدولة‪ ،‬مجلة هيئة قضايا الدولة‪،‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪58‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وال يجوز التحكيم في املس� � ��ائل التي ال يجوز فيها الصلح وال يصح التحكيم إال‬
‫ملن له التصرف في حقوقه»‪.‬‬
‫فهذا النص وإن لم يواجه أساس � � �اً مش� � ��كلة التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬إال أنه‬
‫أطلق احلكم بجواز االتفاق على التحكيم في جميع املنازعات التي تنشأ عن تنفيذ‬
‫عقد معني‪ .‬وهي عبارة عن السعة بحيث تشمل في رحابها فكرة العقد اإلداري‪.‬‬
‫وإذا كان نص املادة ‪ 501‬من قانون املرافعات قد حظر التحكيم في املسائل التي‬
‫ال يجوز فيها الصلح‪ .‬فإنه من املتفق عليه فقهاً وقضا ًء أنه ليس من احملظور على‬
‫جه� � ��ة اإلدارة التصالح في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬حتى ولو لم يوجد نص يجيز‬
‫ذلك بشرط أال ميس الصلح مسائل تتعلق بالنظام العام(‪.)1‬‬
‫وذهب� � ��ت احملكمة اإلدارية العلي� � ��ا في حكمها(‪ )2‬إلى أنه «‪ ...‬ال يقدح في اجتماع‬
‫مقوم� � ��ات الصلح املش� � ��ار إليه وأركانه ما أثير من أن الصلح ال يجوز في املس� � ��ائل‬
‫املتعلقة بالنظام العام‪ ،‬ومن ذلك االتفاقات احلاصلة على كيفية احملاس� � ��بة بشأن‬
‫تنفي� � ��ذ العقود اإلدارية ذلك أن الق� � ��ول ال يصدق على حقوق اجلهة اإلدارية املالية‬
‫املترتب� � ��ة على العقود اإلداري� � ��ة إال إذا كانت هذه احلقوق محس� � ��وبة بصفة نهائية‬
‫ال للنزاع‪ ،‬فعندئذ ال يجوز التنازل عنها إال طبقاً ألحكام القانون رقم‬ ‫وليس� � ��ت مح ً‬
‫‪ 29‬لس� � ��نة ‪ 1958‬في ش� � ��أن قواعد التصرف باملجان في العقارات اململوكة للدولة‬
‫ال للنزاع وخش� � ��يت اجلهة‬‫والنزول عن أموالها املنقولة‪ ،‬أما إذا كان احلق ذاته مح ً‬
‫اإلدارية أن تخس� � ��ر الدعوى فال تثريب عليه� � ��ا إذا ما جلأت لفض هذا النزاع عن‬
‫طريق الصلح‪.»...‬‬
‫(‪ )1‬راجع سليمان الطماوي‪ :‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،1984 ،‬ص ‪.172‬‬
‫محم� � ��د كم� � ��ال منير‪ :‬مدى جواز اإللتجاء إل� � ��ى التحكيم اإلختياري في العق� � ��ود اإلدارية‪ .‬تعليق على حكم‬
‫اإلدارية العليا ‪ -‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.343‬‬
‫(‪ )2‬حكم احملكمة اإلدارية في الطعن رقم ‪ 802‬لسنة ‪ 11‬ق‪ ،‬جلسة ‪ ،1968/2/10‬املوسوعة اإلدارية احلديثة‪،‬‬
‫اجلزء الثامن عشر‪ ،‬ص ‪ ،870‬قاعدة رقم ‪.557‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪59‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وحقيقة األمر أن اس� � ��تخدام نص امل� � ��ادة ‪ 501‬من قانون املرافعات للقول بجواز‬
‫التحكي� � ��م في العق� � ��ود اإلدارية أمر يتجاوز ح� � ��دود هذا الن� � ��ص‪ ،‬فالتحكيم يعتبر‬
‫طريقاً إس� � ��تثنائياً لفض املنازعات بصفة عامة وهو في حقيقته يعتبر عدواناً على‬
‫اختصاص القضاء يس� � ��لبه بعضاً من املنازع� � ��ات التي يجب أن تخضع له‪ .‬ومن ثم‬
‫فإن إقراره ال بد وأن يكون بنص تشريعي صريح(‪ .)1‬وهو ما استقر عليه األمر في‬
‫فرنس� � ��ا‪ ،‬حيث أنه ال يس� � ��مح بالتحكيم في املنازعات اإلدارية إال حيث يوجد نص‬
‫تشريعي يجيز ذلك‪.‬‬
‫وثمة حجة أخرى تس� � ��اق للقول بجواز التحكيم في العقود اإلدارية مستمدة من‬
‫القرار بقانون بش� � ��أن مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لس� � ��نة ‪ 1972‬املادة ‪ 58‬إذ تنص على‬
‫«‪ ....‬وال يج� � ��وز ألية وزارة أو هيئة عامة أو مصلحة من مصالح الدولة أن تبرم أو‬
‫جتيز أي عقد أو صلح أو حتكيم أو تنفيذ قرار محكمني في مادة تزيد قيمتها على‬
‫خمسة آالف جنية بغير إستفتاء إدارة الفتوى املختصة‪.».....‬‬
‫فهذه املادة تفيد بجواز التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬وتضع قيداً على ذلك وهو‬
‫إستفتاء إدارة الفتوى املختصة‪.‬‬
‫على أن الرأي اآلخر‪ ،‬والذي يرى عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية يذهب‬
‫إل� � ��ى أن ه� � ��ذا النص لم يرد به م� � ��ا يقطع صراحة بجواز التج� � ��اء جهة اإلدارة إلى‬
‫التحكيم لفض منازعات العقود اإلدارية‪ .‬وذلك على اعتبار أن مش� � ��روعية االتفاق‬
‫عل� � ��ى التحكيم مس� � ��ألة منفصلة عن ما يقتضيه نص امل� � ��ادة ‪ 58‬من قانون مجلس‬
‫الدولة من إلزام املشرع للجهات اإلدارية بعدم االتفاق على التحكيم إال إذا استفتت‬
‫إدارة الفتوى املختصة (‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬محمد كمال منير‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫(‪ )2‬محمد كمال منير‪ :‬املقال السابق اإلشارة إليه‪ ،‬ص ‪.341‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪60‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع وجواز التحكيم في العقود اإلدارية‪:‬‬

‫عل� � ��ى خالف ما ذهبت إلي� � ��ه احملكمة اإلدارية العليا من عدم جواز التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية ذهبت اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع مبجلس الدولة‬
‫إلى جواز ذلك‪.‬‬
‫فق� � ��د أص� � ��درت فتواه� � ��ا األول� � ��ى بجلس� � ��تها بتاري� � ��خ ‪( 1989/5/17‬ملف رقم‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ )265/1/54‬وبعد أن استعرضت اجلمعية نص املادتني ‪ 172 ،167‬من الدستور‬
‫والفقرة احلادية عش� � ��رة من املادة العاش� � ��رة من القرار بقانون في ش� � ��أن مجلس‬
‫الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬والتي تنص على اختصاص محاكم مجلس الدولة دون‬
‫غيرها بالفصل في املنازعات اخلاصة بعقود االلتزام أو األشغال العامة أو التوريد‬
‫أو بأي عقد إداري آخر‪.»......‬‬
‫واس� � ��تعرضت أيضاً نص املادة ‪ 58‬منه والت� � ��ي تنص في فقرتها الثالثة على أنه‬
‫«‪ .........‬وال يجوز ألي وزارة أو هيئة عامة أو مصلحة من مصالح الدولة أن تبرم‬
‫أو تقبل أو جتيز أي عقد أو صلح أو حتكيم أو تنفيذ قرار محكمني في مادة تزيد‬
‫قيمتها على خمسة آالف جنية بغير إستفتاء اإلدارة املختصة»‪.‬‬
‫وخلصت اجلمعية إلى أن املادة ‪ 58‬من القرار بقانون في ش� � ��أن مجلس الدولة‬
‫ورد بها ما يقطع صراحة بجواز التجاء اإلدارة إلى التحكيم في منازعاتها العقدية‬
‫(إداري� � ��ة أو مدني� � ��ة)‪ .......‬فلو كان التحكيم أمراً محظوراً ما كان املش� � ��رع إلزمها‬

‫(‪ )1‬تنص املادة ‪ 167‬من الدس� � ��تور «يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها‪ ،‬وينظم طريقة تش� � ��كيلها‬
‫ويبني شروط وإجراءات تعيني أعضائها ونقلهم»‪.‬‬
‫كم� � ��ا تن� � ��ص املادة ‪ 172‬على أنه «مجلس الدولة هيئة قضائية مس� � ��تقلة‪ .‬ويخت� � ��ص بالفصل في املنازعات‬
‫اإلدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون إختصاصاته األخرى»‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪61‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫بإس� � ��تفتاء مجلس الدولة‪ .‬وقررت اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أنه‬
‫إزاء عدم وجود تش� � ��ريع خاص ينظم التحكيم في منازع� � ��ات العقود اإلدارية فإنه‬
‫يتع� �ي��ن في ذلك الرجوع إلى الش� � ��روط العامة للتحكيم وإجراءات� � ��ه الواردة بقانون‬
‫املرافعات والتي ال تتعارض مع الروابط اإلدارية‪.‬‬
‫ويتضح في هذه الفتوى أن اجلمعية العمومية قد أقرت جواز التحكيم في العقود‬
‫اإلداري� � ��ة دون حتفظ‪ .‬وس� � ��وت بني العقود املدنية والعق� � ��ود اإلدارية في خضوعها‬
‫للتحكي� � ��م وفقاً للقواعد واإلجراءات الواردة ف� � ��ي قانون املرافعات‪ .‬وهو مذهب ال‬
‫ش� � ��ك أنه يغفل خصوصية العقود اإلداري� � ��ة والتي حتكمها قواعد مختلفة عن تلك‬
‫التي حتكم العقود املدنية حتى ولو كانت اإلدارة طرفاً فيها‪.‬‬
‫ه� � ��ذا اإلجتاه ما لبثت اجلمعي� � ��ة العمومية أن قيدت نطاقه وحدت من إطالقه‪،‬‬
‫وذلك في فتواها بجلس� � ��تها املنعقدة ف� � ��ي ‪ 7‬فبراير ‪ .1993‬وكان األمر يتعلق بعقد‬
‫مبرم بني وزارة األوقاف ومركز األهرام للتنظيم وامليكروفيلم‪ ،‬وتضمن العقد نصاً‬
‫م� � ��ؤداه «اتفق الطرفان على أن أي خالف ينش� � ��أ أثناء تنفي� � ��ذ هذا العقد ‪-‬ال قدر‬
‫الله‪ -‬يبت فيه بالطرق الودية‪ ،‬فإن تعذر جلأ الطرفان إلى التحكيم‪.»....‬‬
‫واستظهرت اجلمعية العمومية افتائها السابق بجلسة ‪ 1989/5/17‬والتي انتهت‬
‫فيه إلى جواز التحكيم في العقود اإلدارية تأسيساً على أن التحكيم هو اتفاق على‬
‫عرض النزاع أمام محكم أو أكثر ليفصلوا فيه بدالً من احملكمة املختصة به وذلك‬
‫بحكم ملزم للخصوم‪.‬‬
‫واستندت اجلمعية في إفتائها الالحق بجلسة ‪ 7‬فبراير ‪ 1993‬على ذات األسباب‬
‫التي سبق وإن إستندت إليها في إفتائها بجلسة ‪.1989/5/17‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪62‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫عل� � ��ى أن اجلديد في فتواها هذه أنها قيدت جواز التحكيم في العقود اإلدارية‬
‫إذا كان ه� � ��ذا التحكيم ال يس� � ��تبعد عند نظ� � ��ر املنازعة إعم� � ��ال القواعد القانونية‬
‫املوضوعية التي تطبق على العقود اإلدارية (‪.)1‬‬
‫وعلى ذلك فإن اجلمعية العمومية وإن ذهبت في فتواها األولى إلى جواز التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية دون تقييد وس� � ��وت في ذلك العق� � ��ود اإلدارية والعقود املدنية‪،‬‬
‫فإنه� � ��ا في فتواها الثانية قد قيدت ج� � ��واز اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‬
‫بعدم استبعاد القواعد املوضوعية التي تطبق على منازعات العقود اإلدارية‪.‬‬
‫ولعل هذا التردد في الرأي إمنا يفس� � ��ر صعوبة القطع برأي نهائي في املسألة‪.‬‬
‫فلس� � ��وف نرى أن اجلمعية العمومية في فت� � ��وى ثالثة وبعد صدور القانون رقم ‪27‬‬
‫لسنة ‪ 1994‬بش� � ��أن التحكيم قد خالفت سابق إفتائها وقررت عدم جواز التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬ملاذا التعارض بني أحكام القضاء اإلداري وإفتاء اجلمعية العمومية لقس���مي‬
‫الفتوى والتشريع؟‪.‬‬
‫ال ش� � ��ك أن التعارض الش� � ��ديد بني اجتاه احملكمة اإلدارية العلي� � ��ا‪ ،‬والتي ترى‬
‫عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬وإفتاء اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى‬
‫والتش� � ��ريع والتي تذهب إلى جواز التحكيم في العقود اإلدارية أمر يثير التس� � ��اؤل‬
‫عن سبب قيام هذا التعارض‪.‬‬
‫فاملالحظ أن األس� � ��انيد التي اس� � ��تندت إليها احملكمة اإلدارية العليا لكي متنع‬
‫التحكي� � ��م في العق� � ��ود اإلدارية هي ذات األس� � ��انيد التي اس� � ��تندت إليها اجلمعية‬

‫(‪ )1‬فتوى اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتش� � ��ريع مبجلس الدولة ‪ -‬جلسة ‪ 7‬فبراير ‪ ،1993‬ملف رقم‬
‫‪.2007/1/45‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪63‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫العمومية لقسمي الفتوى والتش� � ��ريع لكي جتيز التحكيم في العقود اإلدارية‪ .‬هذا‬
‫التعارض ناجت عن نظرنا من ناحيتني‪:‬‬
‫فمن ناحية أولى‪ ،‬كان األمر يعرض على القضاء اإلداري بصدد خصومة قائمة‬
‫مح� � ��ددة املعالم‪ .‬ويقتضي الفصل فيها إصدار حكم ينهي النزاع فيها‪ .‬واألمر على‬
‫خالف ذلك في اجلمعية العمومية إذ أنها تس� � ��تفتي ف� � ��ي األمر حني إبرام العقد‪.‬‬
‫وف� � ��ي احلالة األولى ال يكفي اس� � ��تخالص املبادىء العامة الت� � ��ي جتيز التحكيم بل‬
‫يج� � ��ب أن ميتد األمر إلى وجود نصوص قانونية تنظم التحكيم في العقود اإلدارية‬
‫وه� � ��و األمر ال� � ��ذي يفتقره النظام القانوني املصري‪ .‬وذل� � ��ك على خالف األمر في‬
‫القانون الفرنسي على الوجه الذي سبق وبيناه‪.‬‬
‫وم���ن ناحي���ة ثاني���ة‪ ،‬إن التحكيم في كل حال يس� � ��تبعد والية القضاء في الدولة‬
‫وفي بعض األحيان يس� � ��تبعد القانون الوطن� � ��ي إذا أراد اخلصوم ذلك‪ .‬وهو أمر ال‬
‫ال‪ -‬إال جبراً أي مبقتضى نص‬ ‫يسلم به القضاء الوطني ‪-‬املختص بنظر النزاع أص ً‬
‫تشريعي صريح وفي حدوده (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬راجع ما س� � ��بق عن موقف مجلس الدولة الفرنس� � ��ي عن تفسير وتطبيق النصوص التي جتيز التحكيم في‬
‫املنازعات اإلدارية ص ‪.39‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪64‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫صدور القانون ‪ 27‬لسنة ‪1994‬‬
‫واستمرار اخلالف حول التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫بتاريخ ‪ 18‬ابريل ‪ 1994‬صدر القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬في شأن التحكيم في‬
‫املواد املدنية والتجارية (‪ .)2‬ونص في مادته األولى على ما يلي‪:‬‬
‫«مع عدم اإلخالل بأح� � ��كام االتفاقيات الدولية املعمول بها في جمهورية مصر‬
‫العربية تسري أحكام هذا القانون على كل حتكيم بني أطراف من أشخاص القانون‬
‫العام أو القانون اخلاص أياً كانت طبيعة العالقة القانونية التي يدور حولها النزاع‬
‫إذا كان ه� � ��ذا التحكي� � ��م يجري في مصر‪ ،‬أو كان حتكيم � � �اً جتارياً دولياً يجري في‬
‫اخلارج واتق أطرافه على إخضاعه ألحكام هذا القانون»‪.‬‬
‫وقد ح� � ��ددت هذه املادة من القانون نطاق تطبيقه «على كل حتكيم بني أطراف‬
‫من أش� � ��خاص القانون العام أو القانون اخلاص أياً كانت طبيعة العالقة القانونية‬
‫التي يدور حولها النزاع‪.»...‬‬
‫فهل حسمت هذه العبارة اجلدل الذي أشتد أواره في الفقه والقضاء في مصر‬
‫قبل إصدار القانون حول مشكلة التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫ذهب جمهور الفقه املصري إلى أن هذا النص قد شمل بنطاقه العقود اإلدارية‬
‫بصريح نصه على امتداد تطبيقه على كل حتكيم بني أطراف من أشخاص القانون‬
‫العام أو القانون اخلاص‪.‬‬
‫كم� � ��ا أن املذكرة اإليضاحية للقانون أكدت خضوع العقود اإلدارية للتحكيم حني‬
‫(‪ )1‬نص� � ��ت امل� � ��ادة األولى من مواد إصدار القانون على أن «يعمل بأحكام القانون املرافق على كل حتكيم قائم‬
‫وقت نفاذه أو يبدأ بعد نفاذه ولو استند إلى اتفاق حتكيم سبق إبرامه قبل نفاذ هذا القانون‪ »...‬وحددت‬
‫امل� � ��ادة الرابعة من مواد اإلصدار زمان تطبيقه بنصها على «ينش� � ��ر هذا القانون في اجلريدة الرس� � ��مية‪،‬‬
‫ويعمل به بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشره»‪ .‬وقد نشر في اجلريدة الرسمية في ‪ ،1994/8/21‬ومن‬
‫ثم فإن بداية سريان العمل بأحكامه هو ‪.1994/5/22‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪65‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫نصت على «‪ ...‬ويش� � ��تمل املش� � ��روع على س� � ��بعة أبواب تضم ثماني وخمسني مادة‪،‬‬
‫ويتعل� � ��ق الب� � ��اب األول بقواعد عامة تتناول موضوعات متفرق� � ��ة يأتي في مقدمتها‬
‫حتديد نطاق تطبي أحكام املشروع‪ ،‬الذي عينته املادة األولى بعد أن رجحت أحكام‬
‫االتفاقيات املعمول بها في مصر ‪-‬بس� � ��ريان تلك األح� � ��كام على كل حتكيم جتاري‬
‫دولي يجري في مصر سواء كان أحد طرفيه من أشخاص القانون العام أو أشخاص‬
‫القانون اخلاص‪ .‬فحسم املشروع بذلك الشكوك التي دارت حول مدى خضوع بعض‬
‫أن� � ��واع العقود التي يكون أحد أطرافها من أش� � ��خاص القانون العام للتحكيم فنص‬
‫على خضوع جميع املنازعات الناشئة عن هذه العقود ألحكام هذا املشروع أياً كانت‬
‫طبيعة العالقة القانونية التي يدور حولها النزاع‪ »....‬هذا من ناحية‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية‪ ،‬فإنه عند مناقشة املادة األولى من مشروع القانون في مجلس‬
‫الش� � ��عب (‪ )1‬طلب أحد األعضاء تعديله� � ��ا والنص صراحة عل� � ��ى العقود اإلدارية‪.‬‬
‫ذلك أن النص على كل حتكيم بني أطراف من أش� � ��خاص القانون العام أو القانون‬
‫اخلاص أياً كانت طبيعة العالقة القانونية التي يدور حولها النزاع ال يفيد بخضوع‬
‫العقود اإلدارية للتحكيم‪ .‬ألن النص بحالته هذه يخالف نص املادة ‪ 66‬في فقرتها‬
‫الرابع� � ��ة من القرار بقانون ‪ 47‬لس� � ��نة ‪ 1972‬التي تن� � ��ص على اختصاص اجلمعية‬
‫العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بإبداء الرأي املسبب وامللزم في املنازعات التي‬
‫تنشأ بني األشخاص العامة (‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬على الرغم من أهمية هذه املادة بحسبانها حتدد نطاق تطبيق القانون إال أن املناقشات التي دارت حولها‬
‫في مجلس الشعب كانت قليلة جداً وال تتناسب مع أهميتها‪.‬‬
‫(‪ )2‬تنص املادة ‪ 66‬في فقرتها الرابعة من القرار بقانون رقم ‪ 47‬لس� � ��نة ‪ 1972‬بش� � ��أن مجلس الدولة على ما‬
‫يلي‪« :‬تختص اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتشريع بإبداء الرأي مسبباً في املسائل واملوضوعات‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫د‪ -‬املنازعات التي تنشأ بني الوزارات أو بني املصالح العامة أو بني الهيئات العامة أو بني املؤسسات العامة‬
‫أو بني الهيئات احمللية أو بني هذه اجلهات وبعضها البعض ويكون رأي اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى‬
‫والتشريع في هذه املنازعات ملزماً للجانبني»‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪66‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ورفض املجلس االقتراح‪ ،‬وفي معرض رد وزير العدل على اقتراح العضو بتعديل‬
‫املادة األولى على الوجه الس� � ��ابق قال «الس� � ��يد العضو‪ ....‬يتحدث عن أش� � ��خاص‬
‫اجلمعي� � ��ة العمومي� � ��ة ملجلس الدولة في فض املنازعات ونحن نتكلم هنا في ش� � ��أن‬
‫اتف� � ��اق على حتكيم وهذا أمر يتم باالتفاق واألمر الذي يتم باالتفاق جائز أن يكون‬
‫بني ش� � ��خصني من أش� � ��خاص القانون العام يتفقان على حتكيم معني‪ ،‬هذا ال ينزع‬
‫أية س� � ��لطة من س� � ��لطات مجلس الدولة وال يتعرض لها وأظن أننا كنا قلنا وقالت‬
‫املذكرة اإليضاحية في ذل� � ��ك عن جواز االتفاق على التحكيم في منازعات العقود‬
‫اإلدارية‪ .....‬إن العقود اإلدارية يجوز التحكيم فيها‪ ،‬هذا أمر انتهى بإفتاء مجلس‬
‫الدولة وأفتت جمعيته العمومية بهذا أكثر من مرة وأصبحت مس� � ��ألة ليست محل‬
‫خالف‪.)1(»..‬‬
‫على أن الرأي اآلخر ذهب إلى أن القانون اجلديد لم يحس� � ��م مش� � ��كلة التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية وذلك راجع إلى خطورة املشكلة وتشعبها وتعدد جوانبها‪ .‬ومن‬
‫ثم يصعب التس� � ��ليم بحس� � ��مها عن طريق اجلملة التي وردت في املادة األولى من‬
‫ه� � ��ذا القانون‪ .‬فالعق� � ��ود اإلدارية حتكمها قواعد خاصة وخارقة للش� � ��ريعة العامة‬
‫ال «‪ ...‬األمر اآلخر سيادتك تذكر عندما يكون شخص عام مع شخص عام يختلفان‬ ‫(‪ )1‬واستطرد الوزير قائ ً‬
‫ال بد أن يذهبا إلى اجلمعية العمومية ملجلس الدولة هل هناك ما مينع أن يتفقا على أن يحكما‪ ،‬هل هذا‬
‫ال� � ��ذي ين� � ��ص عليه مجلس الدولة إلزامي بحيث أنه يلزمها وم� � ��ا عداها ال يجوز لها أن تختص بالتحكيم؟‬
‫ليست هناك نصوص بهذا املعنى الذي تفسر به سيادتك‪ ..‬التحكيم جائز في املنازعات والعقود اإلدارية‬
‫ألن هذا اتفاق‪ ،‬والتحكيم جائز بني أشخاص القانون العام باالتفاق بينهم‪ .»...‬وحقيقة األمر هذا الكالم‬
‫ال ميك� � ��ن قبوله بحال‪ .‬فنصوص قان� � ��ون التحكيم ال تنزع اختصاص اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى‬
‫والتش� � ��ريع الذي ورد في قانون مجلس الدولة في املادة ‪ 66‬في فقرتها (د)‪ .‬وقرارها في حسم املنازعات‬
‫بني أش� � ��خاص القانون العام فيما بينهم ملزم للجانبني بصريح نص القانون على خالف ما يذكر الوزير‪.‬‬
‫ال عن أن القول بجواز التحكيم بني أش� � ��خاص القانون العام باالتفاق بينهم‪ .‬فال نراه صواباً وال‬ ‫هذا فض ً‬
‫ً‬
‫حتتمله نصوص القانون فضال عن عدم مالءمته من الناحية القانونية‪ .‬فالعالقة بني أش� � ��خاص القانون‬
‫الع� � ��ام وبعضها البعض يترتب عليها أن املنازعات التي تنش� � ��أ بينهم ال تعتبر خصومات باملعنى احلقيقي‪،‬‬
‫واألم� � ��ر الذي دعى املش� � ��رع لتنظيم التحكيم اإلجباري في منازعات األش� � ��خاص العام� � ��ة أو إحالتها إلى‬
‫اجلمعية العمومية للفصل فيها بقرار ملزم جلانبيها‪ .‬وهو قرار في كل األحوال يصب في وعاء واحد‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪67‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وه� � ��ي قواعد القانون اإلداري وهي في معظمها قضائية من خلق القضاء اإلداري‬
‫يصعب التسليم بخضوعها للتحكيم وفق هذا القانون الذي لم ينص صراحة على‬
‫خضوعها ألحكامه(‪.)1‬‬
‫في حقيقة األمر أن نص املادة األولى من قانون التحكيم واملناقشات التي دارت‬
‫حولها في مجلس الش� � ��عب أو ما أوردته املذك� � ��رة اإليضاحية ال تقطع برأي نهائي‬
‫في مس� � ��ألة التحكيم في العق� � ��ود اإلدارية‪ .‬كما أن املناقش� � ��ة البرملانية لهذه املادة‬
‫كانت بالغة الضع� � ��ف‪ ،‬ولم ترق أبداً إلى أهمية النص باعتباره يحدد نطاق تطبيق‬
‫القانون‪.‬‬
‫فمن ناحية أولى‪ ،‬اس� � ��تندت إلى معلومات خاطئة‪ .‬فالقول بأن موضوع التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية قد حسم بإفتاء مجلس الدولة غير صحيح‪ .‬فكما سبق وعرفنا‬
‫أنه إذا كان� � ��ت اجلمعية العمومية قد ذهبت إلى جواز التحكيم في العقود اإلدارية‬
‫ف� � ��ي فتواها األولى ‪ - 1989/5/17‬فإنها ف� � ��ي فتواها الثانية قد قيدت ذلك بعدم‬
‫استبعاد القواعد املوضوعية التي حتكم العقود اإلدارية في القانون املصري‪.‬‬
‫ال عن أن احملكمة اإلدارية العليا قد رفضت في أحكامها الصادرة بعد‬ ‫هذا فض ً‬
‫هات� �ي��ن الفتويني التحكيم في العقود اإلدارية‪ .‬ومن ثم فإنه يبقى من غير املنطقي‬
‫الزعم بأن مجلس الدولة قد اتخذ موقفاً من التحكيم في العقود اإلدارية‪ .‬بل إننا‬
‫س� � ��وف نرى أن اجلمعية العمومية قد عدلت ع� � ��ن موقفها من التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية‪ ،‬وذهبت في فتوى لها بتاريخ ‪ 18‬ديس� � ��مبر ‪ 1996‬إلى عدم جواز التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫(‪ )1‬أكث� � ��م اخلولي‪ :‬اإلجتاه� � ��ات العامة في قانون التحكيم اجلديد‪ ،‬بحث مق� � ��دم إلى مؤمتر القانون املصري‬
‫اجلديد للتحكيم التجاري الدولي وجتارب الدول املختلفة‪ ،‬التي إعتمدت القانون النموذجي‪ ،‬مركز القاهرة‬
‫اإلقليم� � ��ي للتحكيم التجاري الدولي باإلش� � ��تراك مع جلنة األمم املتح� � ��دة لقانون التجارة الدولي‪13-12 ،‬‬
‫سبتمبر ‪.1994‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪68‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ومن ناحية ثانية‪ ،‬فإن املناقش� � ��ات البرملانية بخصوص املادة األولى من القانون‬
‫على الوجه الذي بيناه لم تنه املشكلة حتى داخل مجلس الشعب‪ .‬فبعد إقرار املادة‬
‫بحالتها كما جاءت باملش� � ��روع جتدد النقاش حول التحكيم في العقود اإلدارية عند‬
‫مناقشة املادة الثانية (‪.)1‬‬
‫فعندما اعترض أحد األعضاء على أمثلة العقود التي تعددها املادة على اعتبار‬
‫أن «‪ ...‬ضرب األمثلة ليس من عمل املش� � ��رع بل هو من عمل الفقه والقضاء‪ ،‬وفي‬
‫التطبيق فهذه املادة تضرب أمثلة عديدة وعندما تس� � ��اءلت ملاذا هذه األمثلة فقيل‬
‫ل� � ��ي أنها من أج� � ��ل أن نتفادى النص صراحة على العقود اإلدارية‪ »...‬ورد الس� � ��يد‬
‫الوزير بذات الرد الذي سبق وأن أبداه عند مناقشة املادة األولى‪ .‬ولم يقتنع العضو‬
‫ب� � ��رد الوزير وذهب إل� � ��ى أن نص املادة األولى بقوله� � ��ا «كل حتكيم بني أطراف من‬
‫أش� � ��خاص القانون العام أو القانون اخلاص‪ ،‬هذا الكالم ال يعني أبداً ‪-‬ال صراحة‬
‫وال ضمناً‪ -‬العقود اإلدارية ألن أش� � ��خاص القانون العام تدخل في منازعات كثيرة‪،‬‬
‫وكثير منها ينطبق عليه القانون املدني وليس� � ��ت عقوداً إدارية أي ال يكفي أن يكون‬
‫أحد أطراف العقد ش� � ��خصاً عاماً أو الدولة لكي يكون العقد عقداً إدارياً‪ ،‬هذا له‬
‫شروط أخرى‪.)2( »...‬‬
‫وم���ن ناحي���ة ثالث���ة‪ ،‬فإن إعداد هذا القانون منذ لبناته األولى لم يش� � ��ترك فيه‬
‫على طول مراحله املختلفة والتي بلغت س� � ��نني عدداً أحد من فقه القانون اإلداري‬
‫(‪ )1‬تن� � ��ص املادة الثانية م� � ��ن القانون على «يكون التحكيم جتارياً في حكم هذا القانون إذا نش� � ��أ النزاع حول‬
‫عالقة قانونية ذات طابع اقتصادي‪ ،‬عقدية كانت أو غير عقدية‪ ،‬ويش� � ��مل ذلك على س� � ��بيل املثال توريد‬
‫الس� � ��لع أو اخلدمات والوكاالت التجارية وعقود التش� � ��ييد واخلبرة الهندس� � ��ية أو الفنية ومنح التراخيص‬
‫الصناعية والس� � ��ياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا واالس� � ��تثمار وعقود التنمي� � ��ة وعمليات البنوك والتأمني‬
‫والنقل وعمليات تنقيب واس� � ��تخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز أو النفط‪ ،‬وش� � ��ق‬
‫الطرق واألنفاق واستصالح األراضي الزراعية وحماية البيئة وإقامة املفاعالت النووية‪.‬‬
‫(‪ )2‬نص املضبطة جلسة ‪ 1994/3/6‬سالفة الذكر‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪69‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أو مجلس الدولة حس� � ��ب علمنا (‪ .)1‬على الرغم من أن مشكلة التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية كانت مثارة في هذه األحيان سواء بني الفقه أم في أحكام القضاء اإلداري‬
‫أم في فتاوى اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع‪.‬‬
‫فتوى اجلمعية العمومية بتاريخ ‪ 1996/12/18‬وعدم جواز التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية‪:‬‬
‫مرة أخرى؛ عرض موضوع التحكيم في العقود اإلدارية على اجلمعية العمومية‬
‫لقسمي الفتوى والتشريع وذلك بجلستها بتاريخ ‪ 18‬ديسمبر ‪ 1996‬أي بعد صدور‬
‫قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ .1994‬وكان ذلك مبناس� � ��بة أن عرض على اللجنة‬
‫الثاني� � ��ة من جلان الفتوى مبجلس الدولة بجلس� � ��تها املنعقدة بتاريخ ‪ 30‬من أكتوبر‬
‫سنة ‪ 1996‬مراجعة مشروع العقد املزمع إبرامه بني كل من املجلس األعلى لآلثار‬
‫وشركة جلتسير سلفر نايت اإلجنليزية بخصوص األعمال التكميلية ألعمال تنسيق‬
‫املوقع اخلارجي ملتحف آثار النوبة بأس� � ��وان‪ ،‬وكذلك العق� � ��د املزمع إبرامه بينهما‬
‫بخصوص إس� � ��تكمال أعمال املتحف املذكور‪ .‬وق� � ��د بدا للجنة الثانية لدى مراجعة‬
‫حذف البند (السادس عشر) من العقد األول والبند (الثاني والعشرون) من العقد‬
‫الثان� � ��ي حيث تضمنا نصاً يقضي بفض ما قد ينش� � ��أ ع� � ��ن العقدين من منازعات‬
‫بطريق التحكيم أمام مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي‪ .‬وذلك على سند من‬
‫أن اإلختص� � ��اص إمنا ينعقد حملاكم مجلس الدول� � ��ة دون غيره في فض املنازعات‬
‫التي تنشأ عن العقود اإلدارية‪.)2( »...‬‬
‫(‪ )1‬هذا ال مينع من القول من أن جلان إعداد هذا القانون كانت تضم أساتذة كباراً من فقه القانون التجاري‬
‫والدول� � ��ي اخل� � ��اص واملرافعات‪ .‬ويكفي أن يكون على رأس� � ��ها أس� � ��تاذ فاضل وعالم جلي� � ��ل يدين له الفقه‬
‫القانوني العاملي بكثير من املآثر وهو األستاذ الدكتور‪ /‬محسن شفيق رحمه الله‪.‬‬
‫(‪ )2‬فتوى اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع جلسة ‪ 18‬ديسمبر ‪ 1996‬ملف رقم (‪.16/339/1/54‬‬
‫في ‪ )1997/2/22‬املختار من فتاوى اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتش� � ��ريع في خمس� � ��ي عاماً‪...‬‬
‫إصدار املكتب الفني ‪ -‬مجلس الدولة مبناسبة العيد الذهبي للمجلس ‪ 1997-1947‬ص‪.789‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪70‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ونظراً ملا تبني للجنة الثانية من أن الرأي الذي اجتهت إليه وإن كان يتفق مع ما‬
‫أقرت� � ��ه احملكمة اإلدارية العليا في حكمني لها صادرين في ‪ 20‬فبراير و ‪ 13‬مارس‬
‫‪ 1990‬إال أن ه� � ��ذا ال� � ��رأي يخالف ما انتهى إليه رأي اجلمعية العمومية لقس� � ��مي‬
‫الفتوى والتش� � ��ريع بجلس� � ��ة ‪ 1989/5/17‬واملؤيدة بفتواها بجلس� � ��ة ‪.1993/2/7‬‬
‫فرأت إحالة األمر إلى اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتشريع (‪ .)1‬وراجعت‬
‫اجلمعية العمومية س� � ��ابق إفتائها والذي ذهبت فيه إلى جواز التحكيم في العقود‬
‫اإلداري� � ��ة‪ ،‬وكذلك أحكام احملكم� � ��ة اإلدارية العليا والتي ذهبت فيها إلى عدم جواز‬
‫ذلك‪ .‬وناقش� � ��ت اجلمعية أيضاً صدور القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬وأثر ذلك على‬
‫اخل� �ل��اف حول التحكيم في العقود اإلدارية‪ .‬ثم اس� � ��تعرضت ف� � ��ي فتواها تعريف‬
‫العقد اإلداري وطبيعته‪ ،‬والشروط املتطلبة فيه وما مييزه عن العقد املدني‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل ما استقر عليه الفقه ومبادىء مجلس الدولة قضا ًء وإفتا ًء‪ .‬ثم بعد ذلك‬
‫عرفت التحكيم وناقش� � ��ت أهلية األش� � ��خاص العامة في تقرير اللجوء إليه‪ ...‬وفي‬
‫ذلك تقول‪:‬‬
‫«‪ ....‬وإن جلوء جهة عامة للقضاء ذي الوالية العامة في نزاع يتعلق بعقد إداري‬
‫هو اإلستعمال الطبيعي حلق التقاضي‪ ،‬أما جلوءها في ذلك إلى التحكيم فهو يقيد‬
‫اإلستعاضة عن القضاء‪ ،‬بهيئة ذات والية خاصة وهو حتكيم جلهة خاصة في شأن‬
‫يتعل� � ��ق بصميم األداء العام الذي تقوم عليه الدولة وما يتفرع عنها من أش� � ��خاص‬
‫القانون العام‪ .‬وهو حتكيم جلهة خاصة في ش� � ��أن يتعلق بتس� � ��يير املرافق العامة‬
‫وتنظيمه� � ��ا وإدارتها‪ .‬وكل ذلك ال متلكه جهة عامة وال متلك تقريره هيئة عامة إال‬
‫بإجازة صريحة وتخويل صريح يرد من عمل تشريعي‪ .‬وإذا كان القضاء مستقراً‪-‬‬

‫(‪ )1‬حس� � ��ب ما تقضي به املادة ‪ 66‬فقرة (ب) من القرار بقانون بش� � ��أن مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لس� � ��نة ‪،1972‬‬
‫تختص اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بنظر املسائل التي ترى فيها إحدى جلان قسم الفتوى‬
‫رأياً يخالف فتوى صدرت من اجلمعية العمومية‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪71‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ف� � ��ي األنزعة اخلاصة وبني أش� � ��خاص القانون اخلاص‪ -‬على أن� � ��ه ال يصح اتفاق‬
‫التحكي� � ��م من وصي على قاصر إال أن يك� � ��ون مأذوناً له بذلك من محكمة األحوال‬
‫الش� � ��خصية‪ ،‬وال يصح من وكيل إال أن يكون مأذوناً له بإجراء اتفاق التحكيم‪ ،‬وال‬
‫يص� � ��ح إال ممن ميلك التصرف بذاته أو بقوامة عليه إذا كان ذلك كذلك فال يصح‬
‫إجازة التحكيم من جهة عامة بش� � ��أن عق� � ��د إداري بغير أن يكون موافقاً على ذلك‬
‫بعمل تشريعي‪.)1( »...‬‬
‫وتخلص اجلمعية في هذه اجلزئية إلى أنه «‪ ...‬ويظهر مما س� � ��بق جميعه مدى‬
‫التباين والتنافي بني العقد اإلداري من حيث طبيعته القانونية املميزة له عن العقود‬
‫املدنية وبني اتفاق التحكيم‪ ،‬وذلك من حيث صالحية أية جهة عامة في عقد اتفاق‬
‫التحكيم ومدى ما تتس� � ��ع له واليتها في إبرامه‪ .‬واحلاصل أن التحكيم كما تش� � ��ير‬
‫امل� � ��ادة الرابعة من قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ 1997‬هو اتفاق بني طرفي نزاع‬
‫«بإرادتهما احلرة» واألصل حرية اإلرادة في العقود املدنية‪ ،‬ولكن األصل هو تقييد‬
‫اإلرادة في مسائل القانون العام قرارات كانت أو عقوداً إدارية‪.‬‬
‫واإلرادة تس� � ��تكمل حريتها بتوفير شرائط كمالها‪ ...‬وإرادة اجلهات العامة إمنا‬
‫جتري كلها تفويضاً وفق مس� � ��وغ تشريعي مجيز وال بد من توافره ألعمال الواليات‬
‫العامة‪.)2( »...‬‬
‫ويتضح مما ذهبت إليه اجلمعية العمومية في فتواها إلى أن املشكلة تتعلق في‬
‫األساس بأهلية األش� � ��خاص العامة في االلتجاء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫ورأت أن هذه األهلية ال تتوافر لألشخاص العامة إال بوجود نص تشريعي يجيز لها‬
‫اللجوء إلى التحكيم وأن يكون األمر في حدوده بحسبان أن التحكيم طريق استثنائي‬
‫(‪ )1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.802‬‬
‫(‪ )2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.804‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪72‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫يستعاض به عن قضاء الدولة املختص أص ً‬
‫ال بنظر النزاع‪ .‬وهو نفس االجتاه الذي‬
‫يذهب إليه مجلس الدولة في فرنسا على الوجه الذي سبق وبيناه(‪.)1‬‬
‫ولكن هل توافر هذا النص بصدور القانون رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪1994‬؟‪ .‬استعرضت‬
‫اجلمعية العمومية في فتواها نص املادة األولى والثانية من القانون وما ثار حولهما‬
‫من نقاش في مجلس الشعب وما تناولته املذكرة اإليضاحية للقانون بصددهما(‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬انظر ما سبق من هذا البحث ص ‪.39‬‬
‫(‪ )2‬ومما ذهبت إليه الفتوى في ذلك‪ ....« :‬وبالنسبة لألعمال التحضيرية التي صاحبت إعداد قانون التحكيم‬
‫الصادر برقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ ،1994‬فاحلاصل وفق إفتاء س� � ��ابق للجمعية العمومية صدر منها بجلسة ‪ 19‬من‬
‫يوني� � ��ه ‪ ،1996‬أن األعمال التحضيرية للقانون هي مما يلقي الضوء على أحكام القانون عند إعمالها بعد‬
‫صدوره‪ ،‬مبراعاة ما يس� � ��تخلص منها من إدراك للتوجهات العامة التي توضح مقاصد التش� � ��ريع وأسباب‬
‫إعداده والتوجهات العامة والسياسات العامة التي أريد به حتقيقها‪ ،‬واملسائل التي أريد به عالجها‪.‬‬
‫ولك� � ��ن كل ذلك ال يصل به احلال إلى اعتبار ما ورد باملذكرت اإليضاحية وال بأقوال املناقش� �ي��ن ملش� � ��روع‬
‫القانون‪ ،‬اعتبارهما مبثابة تفسير لنصوصه لها وجه إلزام أو لها حجية ترجيح وتغليب لوجه تفسير على‬
‫وجه تفسير آخر مما تتسع له نصوص القانون‪ ،‬ذلك أن النص الذي يولد بالقانون إمنا يكون تطور وتبلور‬
‫وتعدل� � ��ت مفاهيمه وأحكامه م� � ��ن مراحل إعداده األولى وفي مرحلة مناقش� � ��ة نصوصه‪ ،‬بحيث أن النص‬
‫املولود إمنا يكون جتاوز العديد من اآلراء التي أحاطت به من مناقش� � ��يه عند إعداده‪ ،‬كذلك فإن آراء من‬
‫س� � ��اهموا في إعداده إمنا هي محض آراء فردية واجتهادات ش� � ��خصية ال تفيد أن ألحدهم أو جلماعتهم‬
‫وجه والية في حصر معاني القانون بعد صدوره في تفاسيرهم ورؤاهم الذاتية‪.‬‬
‫‪ ....‬ومع تقدير كل ذلك‪ ،‬رأت اجلمعية العمومية استعراض ما ورد باألعمال التحضيرية لقانون التحكيم‬
‫الستخالص الدالالت العامة في شأن صلة التحكيم بالعقود اإلدارية‪.‬‬
‫كان أحيل مشروع قانون التحكيم التجاري مبجلس الشعب إلى جلنة مشتركة من جلنة الشئون الدستورية‬
‫والتشريعية ومكتب جلنة الشئون اإلقتصادية‪ ،‬وجاء في تقرير هذه اللجنة املرسل إلى رئيس مجلس الشعب‬
‫في ‪ 31‬من يناير س� � ��نة ‪ ،1996‬جاء به أن نظام التحكيم يتيح س� � ��رعة الفصل في املنازعات الناش� � ��ئة عن‬
‫العالقات التجارية الدولية ويعطي الطمأنينة للمس� � ��تثمرين وأن قواعد التحكيم بقانون املرافعات وضعت‬
‫للتحكيم الداخلي فهي ال حتقق الهدف املنش� � ��ود وال تغني بالنس� � ��بة إلى التحكيم الدولي «ملا له من طبيعة‬
‫خاص� � ��ة»‪ ،‬وذكر التقرير أن اللجنة فضلت وضع قان� � ��ون حتكيم عام في املواد املدنية والتجارية يطبق على‬
‫نوعي التحكيم الداخلي والدولي» ومن هذا املنطلق عدلت نصوص املشروع وعنوانه وألغت مواد التحكيم‬
‫ف� � ��ي قانون املرافعات (م‪ )513-501‬وحذفت عبارة «جت� � ��اري دولي» من مـادة اإلصدار األولى وعدلتها مبا‬
‫ال «سواء أكان جتـارياً أو غير جتـاري‪ ،‬داخلياً أو دولياً‪ ،‬وذكر أنه صار الشريعـة العامـة‬ ‫يجعل التحكيـم شامـ ً‬
‫للتحكيـم أياً كانــت طبيـعة املنازعة التي يدور بشأنها التحكـيم وأيا كــان وضــعه» وصـار عنـوان القانون أنه=‬
‫ً‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪73‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وخلصت إلى أنه فيما يتعلق باملسألة املثارة أن مشروع أعد أص ً‬
‫ال لينظم التحكيم‬
‫ف� � ��ي املنازعات الدولية ثم ورد استحس� � ��ان أن يتضمن تنظيم � � �اً عاماً للتحكيم في‬

‫= حتكيم «في املواد املدنية والتجارية» وليس في «التحكيم التجاري الدولي»‪.‬‬


‫ثم ورد بالتقرير أن املشروع يسري على كل حتكيم يجري في مصر «سواء أكان بني أطراف من أشخاص=‬
‫القان� � ��ون العام أو القانون اخلاص‪ .‬وأياً كان� � ��ت طبيعة العالقة التي يدور حولها النزاع وقد قصد من هذه‬
‫العبارة سريان هذا القانون على العقود اإلدارية كي يصبح حكمها تقنيناً ملا انتهى إليه إفتاء مجلس الدولة‬
‫في هذا الشأن»‪.‬‬
‫ثم عرض املشرع مبجلس الشعب‪ ،‬وبجلسة ‪ 6‬مارس سنة ‪ 1994‬ذكرت مقررة اللجنة أن «اللجنة استقرت‬
‫على أن يكون التحكيم متعلقاً باملعامالت املدنية والتجارية‪ ،‬سواء أكانت داخلية أو دولية»‪ .‬وباجللسة ذاتها‬
‫ذكر أحد أعضاء مجلس الش� � ��عب أن التحكيم مفروض أال يش� � ��مل األنزعة بني األشخاص العامة بعضها‬
‫وبعض ألن ذلك من اختصاص اجلمعية العمومية مبجلس الدولة‪ ،‬فرد وزير العدل بأن املذكرة اإليضاحية‬
‫أشارت «إلى جواز االتفاق على التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬فهل سيادتكم تختلف معنا في هذا‪،‬‬
‫وأن العق� � ��ود اإلدارية يجوز التحكيم فيها‪ ،‬ه� � ��ذا أمر انتهى بإفتاء مجلس الدولة وأفتت اجلمعية العمومية‬
‫بهذا أكثر من مرة وأصبحت مس� � ��ألة ليس� � ��ت محل خالف» ثم أشار إلى أنه ليس هناك ما مينع شخصني‬
‫عام� �ي��ن من اللجوء في خالفهما إلى التحكيم‪« ،‬التحكيم جائز ف� � ��ي املنازعات والعقود اإلدارية ألن اتفاق‬
‫التحكيم جائز بني أشخاص القانون العام باالتفاق بينهم»‪.‬‬
‫وكان عضو مجلس الشعب قد أشار بجلسة ‪ 20‬فبراير سنة ‪ 1994‬إلى أن املستثمرين يتمسكون دائماً في‬
‫عقودهم بش� � ��رط التحكيم‪ ،‬وأن امليزة الكبرى ملشروع القانون أنه جمع بني التحكيم الداخلي والدولي‪ .‬ثم‬
‫ذك� � ��ر أن التحكيم يقوم على مبدأ حري� � ��ة اإلرادة ألن لطرفيه احلرية الكاملة في إختيار احملكمني وقواعد‬
‫التحكيم ومكانته ولغته‪ ،‬واحلرية هي محور التحكيم التجاري ثم ملا نوقشت املادة (‪ )2‬من مشروع القانون‬
‫في جلسة ‪ 6‬مارس ‪ ،1994‬وهي املادة اخلاصة بالتحكيم التجاري وأمثلة ملا يشمله من عقود‪ ،‬ذكر سيادته‬
‫أنه ال وجه الش� � ��تمال النص على أمثلة للعقود‪« ،‬عندما تس� � ��اءلت ملاذا هذه األمثلة فقيل لي أنها من أجل‬
‫أن نتفادى النص صراحة على العقود اإلدارية» وقال أن فتويني ملجلس الدولة حس� � ��متا جواز التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية «ونحن نلف وندور لكي ال نقول العقود اإلدارية» واقترح حذف األمثلة الواردة بالنص وأن‬
‫يضاف إليه عبارة «ويشمل ذلك كافة العقود اإلدارية»‪.‬‬
‫فرد رئيس مجلس الشعب «إني أخشى ما أخشاه اليوم ‪ -‬والتحكيم يكون بإرادة الدولة‪ -‬أنه إذا وردت هذه‬
‫العقود باإلس� � ��م في القانون‪ ،‬فإن الدولة عندما تتعاقد مع غيرها‪ ،‬وخصوصاً في مجال اس� � ��تخراج الثروة‬
‫الطبيعية وعقود املفاعالت النووية‪ ،‬أن تطلب الدولة املتعاقدة أو الشركة توافر شرط التحكيم وتستند إلى‬
‫النص صراحة في القانون» وذكر سيادته مبا كان من إلغاء املادة (‪ )8‬من مشروع قانون اإلستثمار املتعلقة‬
‫بقبول احلكومة املصرية للتحكيم «حتى ال يقال أن الدولة بإرادتها التشريعية قد تنازلت عن االختصاص‬
‫القضائي صراحة في عقود معينة‪ ،‬وبالتالي فنقول إن ذكر هذه العقود بالذات قد يورث نوعاً من اللبس»‪.‬‬
‫=‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪74‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املنازع� � ��ات الدولية والداخلية ليحل محل مواد قان� � ��ون املرافعات التي كانت تنظم‬
‫التحكي� � ��م‪ .‬فالقانون أساس � � �اً صدر ليعالج املس� � ��ائل املدنية والتجارية‪ .‬وبالنس� � ��بة‬
‫خلضوع منازعات العقد اإلداري للتحكيم املنظم بالقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬فإن‬
‫= فرد وزير العدل أن الس� � ��يد العضو خلط بني املادتني (‪ )2( ،)1‬وأن األمثلة التي وردت في املادة (‪ )2‬ال‬
‫ش� � ��أن لها بالعقود اإلدارية» وأنها ليس� � ��ت كلها من عقود الدولة إمنا ميكن أن يبرمها أفراد في عالقاتهم‬
‫اخلاصة‪ ،‬وذكر س� � ��يادته املادة (‪ )1‬هي «التي تقطع بإفتاء مجلس الدولة‪ ...‬هو جواز التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية‪ ...‬في قولها أياً كانت طبيعة العالة القانونية‪.»....‬‬
‫ال أن «املادة (‪ )1‬قالت كل حتكيم من أش� � ��خاص القانون العام أو القانون اخلاص‪،‬‬ ‫فرد الس� � ��يد العضو قائ ً‬
‫هذا كالم ال يعني أبداً ‪-‬ال صراحة وال ضمناً‪ -‬العقود اإلدارية ‪ -‬ألن أش� � ��خاص القانون العام تدخل في‬
‫منازعات كثيرة ومعامالت كثيرة تنطبق عليها أحكام القانون املدني وليست عقوداً إدارية‪ ،‬أي ال يكفي أن‬
‫يكون أحد أطراف العقد ش� � ��خصاً عاماً أو الدولة لكي يكون العقد عقداً إدارياً‪ ،‬هذا له شروط أخرى‪...‬‬
‫لذلك فإن رأيي أنه يجب أن ينص صراحة على العقود اإلدارية‪.»...‬‬
‫ثم عرض رئيس املجلس التصويت على اقتراح السيد العضو بالنص الذي قدمه وفيه عبارة «ويشمل ذلك‬
‫كاف� � ��ة العق� � ��ود اإلدارية» فلم يوافق عليه إال أقلية‪ ،‬ولم تواف� � ��ق األغلبية على نص أضيفت فيه هذه العبارة‬
‫ورفضتها‪.‬‬
‫وقد اس� � ��تخلصت اجلمعية العمومية من هذا العرض لألعمال التحضيرية فيما يتعلق باملس� � ��ألة املثارة أن‬
‫ال لينظم التحكيم في املنازعات الدولية ثم ورد استحس� � ��ان أن يتضمن تنظيماً‬ ‫مش� � ��روع القانون أعد أص ً‬
‫عاماً للتحكيم في املنازعات الدولية والداخلية ليحل محل مواد قانون املرافعات التي كانت تنظم التحكيم‪،‬‬
‫فالقانون أساس صدر ليعالج املسائل املدنية والتجارية‪.‬‬
‫وبالنسبة خلضوع منازعات العقد اإلداري للتحكيم املنظم بالقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ ،1994‬فإن هذا القانون‬
‫في أي من مراحل إعداده وحتى صدر لم يشمل قد على حكم صريح بخضوع العقود اإلدارية لهذا القانون‪،‬‬
‫وعندما قدم أحد األعضاء اقتراحاً بأن يتضمن القانون عبارة صريحة بهذا املعنى‪ ،‬عرض اقتراحه بنصه‬
‫على املجلس للتصويت فرفض االقتراح‪ ،‬وتبني من املناقش� � ��ات أن صاحب االقتراح ذكر إن كان ثمة حرص‬
‫على تفادي النص صراحة على العقود اإلدارية عند إعداد املشروع ولذلك تضمن املشروع أمثلة لعقود هي‬
‫مما يغلب على العقود اإلدارية أن تكون من بينها‪ ،‬كما أن رئيس مجلس الش� � ��عب أوضح في املناقش� � ��ات ما‬
‫يخش� � ��اه من أن النص على العقود اإلدارية في القانون يشجع املتعاقدين مع الدولة على طلب إدراج شرط‬
‫التحكيم في عقود الدولة معهم‪ ،‬وأن قانون االستثمار استبعد النص على التحكيم تفادياً لهذا األمر‪.‬‬
‫وأن وزير العدل عندما أكد في املناقشات شمول قانون التحكيم ملنازعات العقود اإلدارية مبا تضمنته املادة‬
‫(‪ )1‬من عبارة «أياً كانت طبيعة العالقة القانونية التي يدور حولها النزاع»‪ ،‬فقد كان س� � ��يادته دائماً في كل‬
‫مرة ذكر فيها هذا الرأي كان يكرر اإلش� � ��ارة إلى أن اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتش� � ��ريع ملجلس‬
‫الدولة انتهت إلى جواز التحكيم في هذه العقود‪ ،‬ومن ثم كان قول سيادته مستنداً إلى ما تبنته اجلمعية=‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪75‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫هذا القانون في أي من مراحل إعداده وحتى صدر لم يشمل قط على حكم صريح‬
‫بخضوع العقود اإلدارية لهذا القانون‪ ...‬وانتهت اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى‬
‫والتشريع إلى عدم صحة شرط التحكيم في منازعات العقود اإلدارية»‪.‬‬
‫بعد صدور فتوى اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بعدم صحة شرط‬
‫التحكي� � ��م في منازعات العقود اإلدارية على الوجه الذي بيناه‪ .‬س� � ��ارعت احلكومة‬
‫إلى تقدمي مش� � ��روع قانون بتعديل املادة األولى من القانون ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ 1994‬بشأن‬
‫التحكي� � ��م في املواد املدنية والتجارية‪ .‬وذلك لتش� � ��مل بنطاقها التحكيم في العقود‬
‫اإلداري� � ��ة‪ .‬وص� � ��در به القانون رقم ‪ 9‬لس� � ��نة ‪ 1997‬وجاءت امل� � ��ادة األولى منه على‬
‫الوجه التالي «تضاف إلى املادة (‪ )1‬من قانون التحكيم في املواد املدنية والتجارية‬
‫الصادر بالقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬فقرة ثانية‪ ،‬نصها كاآلتي‪:‬‬

‫=العمومية وقتها ولم يكن محض اس� � ��تخالص حتمى من العبارة العامة الواردة بالنص «أياً كانت طبيعته»‪.‬‬
‫مبا يعني أن األمر متروك ملا يسفر عنه الترجيح في التفسير مع نظر وملا يستقر عليه األمر من بعد‪.‬‬
‫واحلاصل أن املادة (‪ )1‬تضمنت النص على كل حتكيم «بني أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون‬
‫اخل� � ��اص أياً كان� � ��ت طبيعته‪ »..‬وقد أنكر صاحب االقتراح املرض� � ��وع أن القانون يتضمن نصاً صريحاً عن‬
‫العقـود اإلدارية ذكر أن ورود األش � � �خـاص العامة ال يفيـد ذكـراً صـريحـاً للعقـود اإلدارية ألن األش � � �خــاص‬
‫العامة تبرم عقوداً مدنية في العديد من معامالتها‪ ،‬ولم يستفد سيادته من العبارة العامة في هذا النص=‬
‫= حتمية اش� � ��تمالها على العقود اإلدارية‪ .‬ومن ثم فإن اثنني من املتحدثني عن النص اختلفا في تفس� � ��يره‬
‫أثناء جلسة املوافقة على القانون‪ ،‬مبا يستبعد معه أن املوافقني على القانون كانوا جميعاً يقصدون من هذه‬
‫العبارة شمولها للعقود اإلدارية‪ ،‬والعبرة هنا باإلرادة اجلماعية وليس باالجتهادات الفردية ما دام (=) (=)‬
‫األمر يتعلق بالنص ومبدى حس� � ��مه في اإلشارة إلى حكم محدد‪ .‬وملا أريد احلسم بنص صريح رفض هذا‬
‫االقتراح‪.‬‬
‫وبالنس� � ��بة لفتاوي اجلمعية العمومية الس� � ��ابقة التي أجازت التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬فقد كان يقابلها‬
‫أحكام للمحكمة اإلدارية العليا في ذات الفترة رفضت خضوع العقود اإلدارية لنظام التحكيم‪ ،‬وأحد هذه‬
‫األحكام لم يعتد بهذا الشرط في قانون صادر بعقد امتياز‪ ،‬ألن القانون اشتمل على موافقة فردية تخالف‬
‫نصاً عاماً مجرداً‪ .‬واحلاصل أن ش� � ��مول نظام التحكيم أو عدم ش� � ��موله ملنازعات العقود اإلدارية‪ ،‬ال يتعلق‬
‫فقط مبا إذا كان قانون التحكيم يسع هذه العقود أو ال يسعها‪ ،‬إمنا يتعلق أيضاً بصحة شرط التحكيم من‬
‫حيث توافر كمال أهلية إبرامه ملن يبرمه في شأن نفسه‪ ،‬وماله‪ ،‬وتوافر كمال والية إبرامه ملن يبرمه في=‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪76‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫«وبالنس� � ��بة إلى منازعات العقود اإلدارية يك� � ��ون االتفاق على التحكيم مبوافقة‬
‫الوزير املختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة لألشخاص االعتبارية العامة‪ ،‬وال‬
‫يجوز التفويض في ذلك»‪.‬‬

‫=شأن غيره أو مال غيره‪ ،‬واألصل عند عدم النص صحة ما يجريه الشخص في شأن نفسه وماله‪ ،‬واألصل‬
‫عند عدم النص عدم صحة ما يجريه الشخص في شأن غيره وماله‪ .‬وإذا كان شرط التحكيم في منازعات‬
‫العق� � ��ود اخلاصة ال يصح لناقص األهلي� � ��ة إال باكتمال أهليته وصياً ومحكمة‪ ،‬فإن� � ��ه في منازعات العقود‬
‫اإلداري� � ��ة ال يصح هذا الش� � ��رط إال بإكمال اإلرادة املعبرة عن كمال الوالي� � ��ة العامة في أجزائه‪ ،‬وال تكتمل‬
‫الوالية هنا إال بعمل تشريعي يجيز شرط التحكيم في العقد اإلداري بضوابط محددة وقواعد منظمة‪ ،‬أو‬
‫بتفويض جهة عامة ذات شأن لإلذن به في أية حالة مخصوصة وذلك مبراعاة خطر هذا الشرط فال تقوم‬
‫مطلق اإلباحة ألي هيئة عامة أو وحدة إدارية أو غير ذلك من أشخاص القانون العام»‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫مدى م�شروعية اتفاق التحكيم‬
‫يف العقود الإدارية‬

‫اعداد‬
‫املستشار دكتور‬
‫بره ـ ــان أمـ ــر ا&‬
‫الرئيس األسبق حملكمة استئناف القاهرة‬
‫واألمني العام لالحتاد العربي للتحكيم الدولي‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪79‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫مدى مشروعية اتفاق التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫‪ -1‬التحكيم نظام قانوني لف� � ��ض املنازعات مبقتضاه يتفق أطراف عالقة قانونية‬
‫معينة‪ ،‬عقدية أو غير عقدية‪ ،‬على أن يتم الفصل في املنازعة التي ثارت بينهم‬
‫بالفعل‪ ،‬أو التي يحتمل أن تثور عن طريق ش� � ��خص أو أشخاص من اختيارهم‪،‬‬
‫يصدرون قرارهم امللزم لألطراف بعد سماع وجهة نظر كل منهم تفصي ً‬
‫ال من‬
‫خالل ضمانات التقاضي الرئيسية‪.‬‬
‫‪ -2‬واتف� � ��اق األط� � ��راف على اللجوء إلى التحكيم ‪-‬س� � ��واء في العق� � ��د أو في اتفاق‬
‫مستقل‪ -‬مينع القاضي من نظر الدعوى إذا متسك به أحد الطرفني‪ -‬كما أن‬
‫القرار الذي يصدره احملكم تكون له حجية الشيء املقضى بحيث مينع الطرف‬
‫اخلاسر من إقامة دعوى مبتدأة أمام القضاء إلعادة النظر في النزاع‪ ،‬كما أن‬
‫أغلب التشريعات تتجه إلى منع الطعن في حكم التحكيم أو السماح بذلك على‬
‫سبيل االستثناء في حاالت معينة للبطالن محددة على سبيل احلصر (املادتان‬
‫‪ 53 ،52‬من قانون التحكيم في املواد املدنية والتجارية املصري)‪.‬‬
‫‪ -3‬وإذا كان التحكيم بضمن ألطراف العالقة القانونية جتنب طرح منازعاتهم على‬
‫القضاء مع ما تتسم به إجراءات التقاضي من بطء وتعقيد وزيادة نفقات‪ ،‬فإنه‬
‫الطريقة األنس� � ��ب لتس� � ��وية منازعات عقود التنمية االقتصادية الشاملة‪ ،‬كما‬
‫أنه أصبح الوس� � ��يلة العادية حلسم منازعات التجارة الدولية ‪-‬ذلك أنه يسمح‬
‫ألطراف العالقة القانونية باختيار احملكم الذي يطمئنون إليه‪ ،‬ومكان التحكيم‬
‫وإجراءات� � ��ه‪ ،‬والقانون الواجب التطبيق‪ ....‬الخ فالدولة أو أش� � ��خاص القانون‬
‫الع� � ��ام يصعب عليهم تقبل اخلض� � ��وع لقضاء دولة أجنبية‪ ،‬كما أن الش� � ��ركات‬
‫األجنبي� � ��ة املتعاقدة يصعب عليها االطمئنان إلى تطبيق قانون معني غير ملمة‬
‫بأحكام� � ��ه‪ ،‬أو اخلضوع إلى قض� � ��اء دولة ما مع ما قد يثور بش� � ��أنه من مظنة‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪80‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التحي� � ��ز ملواطنيه أو تدن� � ��ي الكفاءة املهنية لقضاته كما هو الش� � ��أن في بعض‬
‫دول العال� � ��م الثالث‪ ،‬ولذا فإنه ليس يخفى أن املس� � ��تثمر األجنبي يتردد كثيراً‬
‫للمجازفة باس� � ��تثماراته إذا لم يكن في إمكانه وضع ش� � ��رط التحكيم أو إبرام‬
‫اتفاقية حتكيم ملواجهة ما قد يثور من خالفات مع الدولة املضيفة‪ ،‬وهكذا فإن‬
‫غالبي� � ��ة عقود التنمية االقتصادية وعقود التجارة الدولية ‪ -‬خاصة عقود نقل‬
‫التكنولوجيا أو تراخيص استغالل براءات االختراع‪ -‬تتضمن شرط التحكيم‪.‬‬
‫‪ -4‬ومواكب� � ��ة للجهود التي تبذله� � ��ا الدولة من أجل تهيئة مناخ صالح لالس� � ��تثمار‬
‫وجذب رؤوس األموال املستثمرة وإعادة الثقة إلى رجال األعمال واملستثمرين‬
‫‪-‬عرباً كانو أو أجانب‪ -‬أصدر املش� � ��رع املصري القانون رقم ‪ 1994/27‬بشأن‬
‫التحكيم ف� � ��ي املواد املدنية والتجارية‪ ،‬حيث تضم� � ��ن تنظيماً ألحكام التحكيم‬
‫فضها‪ -‬وهكذا‬ ‫على نحو يتالءم مع طبيعة منازعات التجارة الدولية ومتطلبات َّ‬
‫فقد جرت املادة األولى من القانون على أنه‪:‬‬
‫«مع عدم اإلخالل بأح� � ��كام االتفاقيات الدولية املعمول بها في جمهورية مصر‬
‫العربية تس� � ��ري أحكام هذا القانون على كل حتكيم بني أطراف من أش� � ��خاص‬
‫القانون العام أو القان� � ��ون اخلاص أياً كانت طبيعة العالقة القانونية التي يدور‬
‫حولها النزاع إذا كان هذا التحكيم يجرى في مصر‪ ،‬أو كان حتكيماً جتارياً دولياً‬
‫يجرى في اخلارج واتفق أطرافه على إخضاعه ألحكام هذا القانون‪.‬‬
‫‪ -5‬وعلى الرغم من وضوع عبارة نص املادة األولى من قانون التحكيم فقد اختلف‬
‫ال� � ��رأي حول مدى انطباق حكمها عل� � ��ى املنازعات اخلاصة بالعقود اإلدارية ‪-‬‬
‫فقد ذهبت فتوى اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع مبجلس الدولة‬
‫املؤرخ� � ��ة ‪ 1997/2/19‬إلى عدم صحة ش� � ��روط التحكيم في منازعات العقود‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪81‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اإلدارية (‪ ،)1‬بينما قضت الدائرة (‪ )63‬جتاري مبحكمة استئناف القاهرة بعكس‬
‫ذلك في حكمها الصادر بجلسة ‪ 1997/3/19‬في الدعوى رقم ‪ 113/64‬ق(‪.)2‬‬
‫‪ -6‬ويالح� � ��ظ أن اخلالف حول قابلي� � ��ة العقود اإلدارية للتحكي� � ��م ليس جديداً أو‬
‫طارئاً ‪-‬ذلك أنه قبل صدور قانون التحكيم احلالي ذهب جانب من الفقه إلى‬
‫بطالن ش� � ��رط التحكيم املتضمن إجراؤه ف� � ��ي اخلارج إذا ورد في عقد إداري‪،‬‬
‫وذلك خلضوع مثل هذا العقد لالختصاص املانع ‪ exclusive‬ملجلس الدولة‬
‫دون غيره‪ .‬وقد أخذ بهذا الرأي قضاء احملكمة اإلدارية العليا في حكمني لها‬
‫صادرين في ‪ 20‬فبراير و‪ 13‬مارس ‪.1990‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وعلى العكس من ذلك رأى بعض الفقهاء جواز التحكيم في العقود اإلدارية‬
‫واس� � ��تندوا في ذلك إلى أن عبارة يختص مجلس الدولة دون غيره مبنازعات‬
‫العق� � ��ود اإلدارية ‪-‬الواردة في قانون مجلس الدولة رقم ‪ -1972/47‬قد قصد‬
‫بها وض� � ��ع احلد الفاصل لالختصاص بني مجل� � ��س الدولة وبني جهة القضاء‬
‫الع� � ��ادي صاحبة الوالية العامة‪ ،‬والغاء ما كان لذوي الش� � ��أن من حق االختيار‬
‫بني االلتجاء إلى أي من تلك اجلهتني في حاالت معينة‪ -‬والذي كان سائداً قبل‬
‫صدور ذلك القانون‪ -‬كما أن إدراج شرط التحكيم في العقد الذي تبرمه جهة‬
‫(‪ )1‬النص الكامل لفتوى اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتش� � ��ريع مبجلس الدولة‪ ،‬ملف رقم ‪339/54‬‬
‫بتاريخ ‪ ،1997/2/19‬مؤلف األس� � ��تاذ الدكتور محمود مختار بريرى‪ ،‬وكان التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ،2010‬ص ‪.315-292‬‬
‫(‪ )2‬وكان للكاتب ش� � ��رف رئاسة الدائرة (‪ )63‬جتاري استئناف القاهرة حينذاك‪ ،‬وينظر النص الكامل للحكم‬
‫رقم ‪ 113/64‬ق‪ ،‬مؤلف أ‪.‬د‪ .‬محمود مختار بريرى‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.396-388‬‬
‫(‪ )3‬أنظر في خضوع العقود اإلدارية للتحكيم طبقاً لنص املادة األولى من قانون التحكيم قبل تعديلها بالقانون‬
‫رق� � ��م ‪:1997/9‬أ‪.‬د‪ .‬فتح� � ��ي والى‪ ،‬التحكيم في املنازعات الوطنية والتجارية الدولية علماً وعم ً‬
‫ال منش� � ��أة‬
‫املعارف باالس� � ��كندرية‪ ،‬طبعة أولى ‪ ،2014‬رقم ‪ 66‬ص‪136-134‬؛ أ‪.‬د‪ .‬محمود سمير الشرقاوي‪ ،‬التحكيم‬
‫التج� � ��اري الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ 2011‬رقم ‪ 54‬ص ‪79‬؛ أ‪.‬د‪ .‬أحمد عبد الكرمي س� �ل��امة‪ ،‬التحكيم‬
‫التج� � ��اري الدولي والداخل� � ��ي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2004‬رق� � ��م ‪ 67‬ص ‪2007-198‬؛ أ‪.‬د‪.‬‬
‫محمود مختار بريري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬أرقام ‪ 29-24‬ص ‪.54-46‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪82‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اإلدارة ميكن أن يكون مؤش� � ��راً لعدم وجود الش� � ��روط االستثنائية غير املألوفة‬
‫ال عن ذلك فقد‬ ‫الت� � ��ي متيز العقد اإلداري عن عقود القانون اخل� � ��اص‪ .‬وفض ً‬
‫س� � ��بق للدولة وغيرها من أشخاص القانون العام إن أبرمت في املاضي عقوداً‬
‫كثيرة مع أطراف أجانب وتضمنت ش� � ��رط التحكيم في اخلارج دون أن يترتب‬
‫على ذلك أية أضرار للجانب املصري‪ -‬ومن ناحيتها‪ ،‬فإن محكمة النقض منذ‬
‫سنة ‪ 1956‬تقضي بصحة شرط التحكيم املنصوص على إجرائه في اخلارج‪-‬‬
‫وأخيراً ف� � ��إن اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتش� � ��ريع مبجلس الدولة‬
‫قد أصدرت فتواها بجلس� � ��ة ‪( 1989/5/17‬املؤيدة بالفتوى الصادرة بجلس� � ��ة‬
‫‪ )1993/2/7‬حيث خلصت إلى ج� � ��واز االتفاق على االلتجاء إلى التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -7‬ولي� � ��س بخفي م� � ��ا للخالف حول قابلية العقود اإلداري� � ��ة للتحكيم من تأثير بالغ‬
‫اخلطورة على فرص االس� � ��تثمار األجنبي وخطط التنمية الشاملة‪ ،‬وذلك لعدم‬
‫اطمئنان الطرف األجنبي الذي يفكر في التعامل مع الدولة أو أحد أش� � ��خاص‬
‫القانون العام على مصير شرط التحكيم في حالة إبرام العقد‪ ،‬فهو دائماً مهدد‬
‫باحتمال القضاء ببطالن ذلك الشرط في حالة قيام نزاع مع اجلانب املصري‪.‬‬
‫ومن أجل تشجيع االس� � ��تثمارات األجنبية وإعادة الثقة واالطمئنان إلى رجال‬
‫األعمال واملستثمرين ‪-‬عرباً وأجانباً ‪ -‬رأى املشرع حسم هذا اخلالف بإصدار‬
‫قانون التحكي� � ��م رقم ‪ 1994/27‬متضمناً النص ف� � ��ي مادته األولى على جواز‬
‫االتفاق على االلتجاء إلى التحكيم س� � ��واء كان ذلك بني أطراف من أش� � ��خاص‬
‫القانون العام أو القانون اخلاص وأياً كانت طبيعة العالقة القانونية التي يدور‬
‫حولها النزاع‪ .‬ولس� � ��نا في حاجة إلى إيضاح ما تنط� � ��ق به عبارات هذا النص‬
‫ا بقاعدة ال اجتهاد م� � ��ع وضوح النص‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن قاع� � ��دة األخذ بالعام‬ ‫عم� �ل � ً‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪83‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫عل� � ��ى عمومه ما لم يرد مخصص‪ -‬فن� � ��ص املادة األولى املذكورة يقضى بجواز‬
‫التحكيم الذي يتفق عليه األطراف س� � ��واء كانوا من أشخاص القانون العام أو‬
‫القانون اخلاص وأيا كانت الطبيعة القانونية للعالقة التي يدور حولها النزاع‪،‬‬
‫وقصد املشرع من هذه العبارات قطع دابر اخلالف الذي ثار في املاضي حول‬
‫قابلية العقود اإلدارية للتحكيم‪.‬‬
‫وق� � ��د تضمنت املذكرة اإليضاحي� � ��ة للقانون هذا املعنى صراحة إذ جاء بها «إن‬
‫حتديد نطاق تطبيق أحكام املشروع الذي عينته في املادة األولى‪ ..‬بسريان تلك‬
‫األحكام على كل حتكيم جتاري دولي يجرى في مصر س� � ��واء كان أحد طرفيه‬
‫من أش� � ��خاص القانون العام أو أش� � ��خاص القانون اخلاص‪ ،‬فحس� � ��م املشروع‬
‫بذلك الش� � ��كوك التي دارت حول مدى خضوع بع� � ��ض أنواع العقود التي يكون‬
‫أحد أطرفها من أش� � ��خاص القانون الع� � ��ام للتحكيم‪ ،‬فنص على خضوع جميع‬
‫املنازعات الناش� � ��ئة عن هذه العقود ألحكام املش� � ��روع أياً كانت طبيعة العالقة‬
‫القانونية التي يدور حولها النزاع‪ ،»...‬ويالحظ أن عبارات املذكرة اإليضاحية‬
‫جتنبت استعمال عبارة العقود اإلدارية صراحة واستعاضت عنها بعبارة «بعض‬
‫أنواع العقود التي يكون أحد أطرافها‪....‬الخ» بيد أن تقرير اللجنة املشتركة من‬
‫جلنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب جلنة الشئون االقتصادية مبجلس‬
‫الش� � ��عب أوضحت صراحة‪« :‬إن املقصود بالعبارة األخيرة سريان هذا القانون‬
‫(أي قانون التحكيم) على العقود اإلدارية كي يصبح حكم املادة األولى من ذلك‬
‫القانون تقنين � � �اً ملا انتهى إليه افتاء مجلس الدولة في هذا الش� � ��أن»‪ ،‬ويقصد‬
‫فتوى اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتش� � ��ريع مبجلس الدولة بجلس� � ��ة‬
‫‪ 1989/5/17‬املؤيدة بالفتوى الصادرة من نفس اجلمعية بجلسة ‪1993/2/7‬‬
‫بجواز االتفاق على االلتجاء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪84‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -8‬بي� � ��د أنه على الرغم من وضوح قصد املش� � ��رع ‪-‬على نحو ما تقدم‪ -‬في ترجيح‬
‫الرأي القائل بجواز االلتجاء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬ورغبته الصريحة‬
‫في حس� � ��م اخلالف الذي كان قائماً حول هذه املس� � ��ألة‪ ،‬إال أن الرياح قد تأتي‬
‫مبا ال تشتهي السفن‪ ،‬إذ سرعان ما أصدرت اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى‬
‫والتش� � ��ريع مبجلس الدولة فتوى بتاري� � ��خ ‪ 1997/2/19‬عدلت فيها عن رأيها‬
‫الس� � ��ابق وانتهت إلى عدم صحة شرط التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‬
‫محددة وقواعد‬ ‫ّ‬ ‫إال إذا اس� � ��تند إلى عمل تش� � ��ريعي يُجيز التحكيم بضواب� � ��ط‬
‫منظمة أو بتفويض جهة عامة ذات ش� � ��أن لإلذن به في أية حالة مخصوصة‪،‬‬
‫وضمن أسباب أخرى‪ ،‬إستندت الفتوى إلى القول أن األشخاص العامة مف ّوضة‬
‫من الدولة وأن س� � ��لطتها في التعاقد ُمق ّيدة مبا رس� � ��مه لها التشريع من قيود‬
‫وإجراءات في ممارس� � ��ة هذا التفوي� � ��ض‪ ،‬وأن التحكيم وإن لم يكن صلحاً فهو‬
‫مبثاب� � ��ة صلح‪ ،‬وأن الوصي ‪-‬طبقاً لقان� � ��ون الوالية على املال‪ -‬ال ميلك االتفاق‬
‫عل� � ��ى التحكيم نيابة عن ناقص األهلية إال بإذن م� � ��ن احملكمة‪ ،‬وكذلك اجلهة‬
‫العامة ال يصح لها إجازة التحكيم بشأن عقد إداري بغير أن يكون موافقاً على‬
‫ذلك بعمل تش� � ��ريعي‪ ،‬ألن مكنة اجلهة املذكورة ف� � ��ي التصرف في مال الدولة‬
‫ليس� � ��ت إال مبوجب أنها مف ّوضة في ذلك بقواعد االختصاص بنص تش� � ��ريعي‬
‫أو بناء على نص تشريعي ‪-‬وأنه ملا كانت العقود اإلدارية تتميز بانطوائها على‬
‫ش� � ��روط اس� � ��تثنائية غير مألوفة في عقود القانون اخل� � ��اص‪ ،‬فإن ذلك فرض‬
‫إخ� � ��راج منازعاتها من اختصاص القضاء العادي وقصر االختصاص بها على‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬وبالتالي فإن نظام التحكيم ال يتفق وطبيعة العقود اإلدارية‪،‬‬
‫كما أن املنازعات املتعلقة بها أكثر نأياً عن طبيعة نظام التحكيم وهيئاته‪ ،‬وأن‬
‫جلوء جهة عامة إلى التحكيم يُفيد االس� � ��تعاضة عن القضاء ‪-‬صاحب الوالية‬
‫العامة‪ -‬بهيئة ذات والية خاصة في شأن يتعلّق بصميم األداء العام الذي تقوم‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪85‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫عليه الدولة واألش� � ��خاص العامة (‪ ،)1‬واختتمت أسانيد فتواها بالقول أن وزير‬
‫العدل ‪-‬حينذاك‪ -‬كان يبرر ش� � ��مول قان� � ��ون التحكيم ملنازعات العقود اإلدارية‬
‫بأن ذلك تقنني ملا كان عليه إفتاء اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع‪،‬‬
‫وأنه ما دام أن مجلس الدولة قد عدل عن فتاويه الس� � ��ابقة فعلى املش� � ��رع أن‬
‫يتبع هذا العدول‪.‬‬
‫‪ -9‬وبعد مضي ش� � ��هر واحد من صدور فتوى مجلس الدولة سالفة البيان أصدرت‬
‫محكمة اس� � ��تئناف القاه� � ��رة بتاري� � ��خ ‪ 1997/3/19‬حكماً في دع� � ��وى أقامها‬
‫املجل� � ��س األعلى لآلثار ضد ش� � ��ركة بريطانية برق� � ��م ‪ 113/64‬ق‪ ،‬وذلك طلباً‬
‫للحكم ببطالن حكم التحكيم الصادر لصالح الش� � ��ركة األخيرة تأسيس � � �اً على‬
‫عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫وقد انتهت محكمة االس� � ��تئناف في حكمه� � ��ا إلى رفض دعوى البطالن وجواز‬
‫االتفاق على التحكيم في العقود اإلدارية (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬فتوى اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتشريع رقم ‪ 160‬بتاريخ ‪ 1997/2/19‬ملق رقم ‪،339/1/54‬‬
‫املبادىء القانونية التي أقرتها اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتش� � ��ريع من أكتوبر ‪ 1996‬إلى يونيو‬
‫‪ ،2000‬املكت� � ��ب الفني مبجلس الدولة‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ - 131‬وانظر عكس ه� � ��ذه الفتوى وخضوع العقود اإلدارية‬
‫للتحكي� � ��م طبق � � �اً لنص املادة األولى من قان� � ��ون التحكيم قبل تعديلها بالقانون رق� � ��م ‪ :1997/9‬أ‪.‬د‪ .‬فتحي‬
‫والى؛ املرجع الس� � ��ابق‪ ،‬رقم ‪ 66‬ص ‪ ،136-134‬أ‪.‬د‪ .‬محمود سمير الشرقاوي‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪،‬‬
‫دار النهض� � ��ة العربية ‪ 2011‬رق� � ��م ‪ 54‬ص ‪79‬؛ أ‪.‬د‪ .‬أحمد عبد الكرمي س� �ل��امة التحكيم التجاري الدولي‬
‫والداخلي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2004‬رقم ‪ 67‬ص ‪ ،207-198‬أ‪ .‬د‪ .‬محمود مختار بربرى‪،‬‬
‫التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬أرقام ‪ 29-24‬ص ‪.54-46‬‬
‫(‪ )2‬بنظر تعليق البروفيسور فيليب لوبو الجنيه على هذا احلكم‪ ،‬حيث أورد ترجمة حرفية كاملة للحكم باللغة‬
‫الفرنسية وأشاد بقضائه بصحة اتفاق التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬ودعا كل من مجلس الدولة والبرملان‬
‫الفرنسيني إلى األخذ مبا استناد إليه من قضاء‪,‬‬
‫‬
‫‪Philippe Leboulanger, Revue de l arbitage, 1997, no.2,pp. 283-296‬‬
‫وأنظر كذلك تعليق األستاذ الدكتور أحمد الشقيري في‪= :‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪86‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وقد اس� � ��تندت في ذلك عموم نص املادة األولى من قانون التحكيم من إجازة‬
‫التحكيم بني أطراف من أش� � ��خاص القانون العام أو القانون اخلاص أياً كانت‬
‫طبيعة العالقة القانونية التي ي� � ��دور حولها النزاع‪ ،‬ووضوح هذه العبارات في‬
‫ج� � ��واز التحكيم في منازعات العقود اإلدارية ‪-‬وقد أضافت احملكمة‪ -‬تدعيماً‬
‫لقضائها ‪-‬اإلشارة إلى ما تضمنته املذكرة اإليضاحية للقانون‪ ،‬وتقرير اللجنة‬
‫املش� � ��تركة من جلنة الش� � ��ئون الدس� � ��تورية والتش� � ��ريعية ومكتب جلنة الشئون‬
‫االقتصادية مبجلس الشعب بشأن مشروع القانون‪ ،‬واملناقشات البرملانية التي‬
‫س� � ��بقت إقرار القانون مبجلس الشعب ووضوح داللة ذلك كله على اجتاه إدارة‬
‫املشرع إلى إجازة التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ .‬ولم يُغفل احلكم كذلك‬
‫ربط كل ما تقدم باحلكمة التي ُش� � ��رع م� � ��ن أجلها قانون التحكيم وهي مواكبة‬
‫اجله� � ��ود الكبيرة التي تبذله� � ��ا من أجل تهيئة مناخ صالح لالس� � ��تثمار وجذب‬
‫رؤوس األموال املستثمرة‪ ،‬وإعادة الثقة إلى رجال األعمال واملستثمرين‪ -‬عرباً‬
‫كان� � ��وا أو أجانب‪ ،‬وذل� � ��ك بتنظيم أحكام التحكيم على نح� � ��و يتالءم مع طبيعة‬
‫املنازع� � ��ات التجارية الدولية ومتطلبات فضها‪ ،‬وأش� � ��ار احلكم أيضاً إلى نص‬
‫امل� � ��ادة ‪ 58‬من قانون مجلس الدولة الذي يقض� � ��ى بأنه «ال يجوز ألية وزارة أو‬
‫هيئة عامة أو مصلحة من مصالح الدولة أن تبرم أو جتيز أي عقد أو صلح أو‬

‫‪= Ahmed S.El-KOSHERI,Panorama de Jurisprudence égyptienne, Gazette du‬‬


‫‪Palais, 122e année No. 163 a 164, 12-13 Juin 2002, pp. 41-43. «La motivation‬‬
‫‪élaborée par la Chambre 63 dans cette affaire illaire le refus des éminents magi -‬‬
‫‪trats composant cette Juridiction de sassocier avec ceux qui ont voulu vider la‬‬
‫‪loi no. 27 de 1994 de lune de ses principales realisations. Cette determination‬‬
‫‪judiciaire en faveur de larbitrabilite des contrats administratifs, contrairement‬‬
‫‪a lattitude hautement contestable de certains Tribunaux du Conseil dEtat, a‬‬
‫‪nécssité une intervention legislative. Cest ainsi que la nouvelle loi no. 9 de 1997‬‬
‫»‪a été promulguée pour...‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪87‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫حتكيم أو تنفيذ قرار محكمني في مادة تزيد قيمتها على خمس� � ��ة آالف جنيه‬
‫بغير إستفتاء إدارة الفتوى املختصة»‪.‬‬
‫ومفاد هذا النص جواز االلتجاء إلى التحكيم في العقود اإلدارية وإال ملا أوجب‬
‫القان� � ��ون عرض ش� � ��رط التحكيم ‪-‬قبل إدراجه في العق� � ��د‪ -‬على إدارة الفتوى‬
‫املختصة‪ -‬وأخيراً فقد جرت املادة الثالثة من مواد إصدار قانون التحكيم على‬
‫إلغاء أي حكم يخالف أحكام هذا القانون‪.‬‬
‫‪ -10‬وال ش� � ��ك أن إدراج ش� � ��رط التحكيم في أحد العقود اإلدارية‪ ،‬ثم اللجوء إلى‬
‫التحكيم فع ً‬
‫ال‪ ،‬وعدم إثارة مس� � ��ألة عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية إال‬
‫بع� � ��د صدور حكم هيئة التحكيم ضد اجله� � ��ة العامة يتعارض مع مبدأ وجوب‬
‫تنفيذ االلتزامات بحسن نية‪ ،‬كما أن من شأنه هز ثقة املتعاملني مع تلك اجلهة‬
‫في مصداقيتها ويضر بفُرص االستثمارات األجنبية ومشروعات التنمية‪.‬‬
‫‪ -11‬ومن أجل محاصرة األضرار املؤكدة التي ميكن أن تصيب مشروعات التنمية‬
‫وتدفق االستثمارات األجنبية وباجلملة العالقات االقتصادية اخلارجية وذلك‬
‫نتيج� � ��ة الفتوى التي أصدرها مجلس الدولة بعدم صحة ش� � ��رط التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية‪ ،‬فقد بادر املشرع إلى التدخل بالقانون رقم ‪ 1997/9‬بإضافة‬
‫فقرة جديدة إلى املادة األولى من قانون التحكيم تقضى بأنه‪:‬‬
‫«وبالنس� � ��بة إلى منازعات العقود اإلدارية يكون االتفاق على التحكيم مبوافقة‬
‫الوزير املختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة لألشخاص اإلعتبارية العامة‪،‬‬
‫وال يجوز التفويض في ذلك»‪ .‬وقد عمل بهذا التعديل إعتباراً من ‪.1997/5/13‬‬
‫وهكذا فإن املش� � ��رع وإن قطع بذلك دابر أي ش� � ��ك فيما يتعلق بصحة ش� � ��رط‬
‫التحكيم في العقود اإلدارية ‪-‬دون أن يُهمل متاماً رأى مجلس الدولة في فتواه‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪88‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫سالفة اإلش� � ��ارة‪ -‬إال أنه لم يحسم أوجه اخلالف بشأن شرط موافقة الوزير‬
‫املختص على اتفاق التحكيم (‪.)1‬‬
‫‪ -12‬إن التعدي� � ��ل اجلدي� � ��د قد فتح الب� � ��اب على مصراعيه‪ ،‬أم� � ��ام االختالف في‬
‫الرأي حول مس� � ��ائل جدي� � ��دة‪ ،‬منها إنه إذا كانت موافق� � ��ة الوزير أو من يتولى‬
‫اختصاصه على ش� � ��رط التحكيم ضرورية فما هو الشكل الذي يجب أن تصاغ‬
‫في� � ��ه تلك املوافقة؟ هل يج� � ��ب أن تفرغ تلك املوافقة في عمل مس� � ��تقل أم أنه‬
‫يكفي توقيع الوزير أو من يتولى اختصاصه على شرط التحكيم أو مشارطته؟‬
‫وهل يش� � ��ترط أن تكون املوافقة على التحكيم صريحة أم ضمنية‪ ،‬وهل يكفي‬
‫توقيع الوزير املختص على العقد املتضمن ش� � ��رط التحكيم أو على مش� � ��ارطة‬
‫التحكيم‪ ،‬وهل يش� � ��ترط أن تكون املوافقة كتابية أو تكفي الش� � ��فهية منها‪ ،‬ومن‬
‫هو املكلّف باس� � ��تيفاء شرط موافقة الوزير؟ اجلهة اإلدارية أم الطرف املتعاقد‬
‫معه� � ��ا؟ أم كلى طرفي العقد؟ كذلك فإن التعديل اجلديد لم يبني اجلزاء الذي‬
‫يترتب على تخلف ش� � ��رط موافقة الوزير أو من يتولى إختصاصه على اللجوء‬
‫إل� � ��ى التحكيم؟ وهل يكون جزاء ذلك بطالن ش� � ��رط التحكيم؟ أم مجرد توقيع‬
‫جزاء إداري على رئيس الش� � ��خص االعتباري العام الذي أدرج شرط التحكيم‬
‫ف� � ��ي العقد دون احلصول على موافقة الس� � ��لطة املختص� � ��ة؟ ثم ما هو املوقف‬
‫بالنسبة للعقد الدولي إذا تخلفت عنه موافقة السلطة املختصة؟ هل تستطيع‬
‫الدولة أو اجلهة العامة الطعن ببطالن ش� � ��رط التحكيم لعدم موافقة السلطة‬
‫املختصة عليه طبقاً ملا اش� � ��ترطته املادة األولى املعدلة من قانون التحكيم؟ أم‬
‫(‪ )1‬املستش� � ��ار محمد أمني املهدي واملستش� � ��ار محمد فوزي عبد الباري‪ ،‬الدعوى ببطالن شرط التحكيم في‬
‫العق� � ��ود اإلدارية‪ ،‬عرض وحتليل لألحدث من أحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مجلة التحكيم العربي‪ ،‬العدد (‪)14‬‬
‫يونيو ‪116-99 ،2010‬؛ املستشار الدكتور‪ /‬برهان أمر الله‪ ،‬شرط موافقة الوزير املختص في التحكيم في‬
‫منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬مجلة التحكيم العاملية (بيروت) العدد (‪ ،2015 )27‬ص ‪.66-37‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪89‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ال بالقاعدة العامة املستقرة في قضاء التحكيم التجاري‬ ‫أنه ال ميكنها ذلك عم ً‬
‫الدول� � ��ي الت� � ��ي تقضى بأن لي� � ��س للدولة أن تتنصل من ش� � ��رط التحكيم الذي‬
‫التزم� � ��ت به في أح� � ��د العقود الدولية وذلك عن طريق االس� � ��تناد إلى نصوص‬
‫قوانينها املقيدة لس� � ��لطتها في التعاقد؟ وبعبارة أخرى‪ ،‬ما هو احلكم في حالة‬
‫تخلف موافقة الس� � ��لطة املختصة على شرط التحكيم املدرجة في أحد العقود‬
‫الدولي� � ��ة إذا طبقنا القاعدة القانوني� � ��ة العامة في قضاء التحكيم الدولي التي‬
‫تنكر على الدولة التمس� � ��ك بنصوص قانونها الداخلي للطعن في صحة شرط‬
‫التحكيم الوارد في أحد العقود الدولية؟ وأخيراً‪ ،‬ما هو حكم ش� � ��رط التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية التي أُبرمت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم ‪1997/9‬؟ وهل‬
‫أت� � ��ى القانون األخي� � ��ر بحكم جديد لم يكن موجوداً ف� � ��ي نص املادة األولى من‬
‫قانون التحكيم رقم ‪1984/27‬؟‬
‫وإذا كان املقام ال يتس� � ��ع ملناقش� � ��ة كل ذلك بالتفصيل الواجب‪ ،‬فإن حس� � ��بنا هو‬
‫إلقاء الضوء على بعض جوانب موضوع التحكيم في منازعات العقود اإلدارية لعلها‬
‫تكون جديرة باملناقشة‪.‬‬
‫وا& من وراء القصد‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫بحث بعنوان‬

‫التحكيم‬
‫يف منازعات العقود الإدارية‬

‫املستشار‬
‫الدكتور عبد اللطيف نايف‬
‫نائب رئيس مجلس الدولة‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪93‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التحكيم‬
‫في منازعات العقود اإلدارية‬

‫ل� � ��م يع� � ��د التحكيم مجرد وس� � ��يلة فاعلة وناجحة يس� � ��تعني بها أط� � ��راف العقد‬
‫لفض املنازعات التي تنش� � ��أ بينهم بعي� � ��داً عن طرق التقاضي العادية‪ ،‬وإمنا أصبح‬
‫ال مهماً من عوامل جذب االس� � ��تثمارات للدول‪ ،‬ملا يوفره من اطمئنان وضمان‬ ‫عام ً‬
‫للمستثمرين الذين ينظرون بعني الش� � ��ك والريبة إلى القضاء الوطني لتلك الدول‬
‫من جهة‪ ،‬وباحملافظة على أس� � ��رارهم وجتنب املس� � ��اس مبراكزهم وس� � ��معتهم في‬
‫ال عن السرعة التي ميتاز بها من القضاء في الفصل‬ ‫مجال النشاط التجاري‪ ،‬فض ً‬
‫والبت في النزاع من جهة أخرى‪.‬‬
‫ولألهمي� � ��ة املذكورة فرض التحكي� � ��م التجاري الدولي اليوم نفس� � ��ه بقوة على‬
‫معظم التشريعات الوطنية‪ ،‬األمر الذي يتطلب تشجيعه ودعمه لتعزيز فعاليته على‬
‫الصعيد الدولي وإزالة املعوقات التي تعترضه وبخاصة في مجال تنفيذ األحكام‪.‬‬
‫ونظراً إلى التحوالت التي شهدها العراق في أصعدة متنوعة‪ ،‬منها في اجلانب‬
‫االقتصادي بانتقاله من اقتصاد السوق املوجه إلى اقتصاد السوق احلر وارتباطه‬
‫بالكثير من عقود توفير الس� � ��لع واخلدمات وما قد ينشأ عنها من منازعات يتعني‬
‫حسمها بقواعد أكثر مرونة جلذب االستثمارات األجنبية وتشجيعها‪ ،‬لذا كان لزاماً‬
‫وجود قواع� � ��د تنظم التحكيم التجاري الدولي في العراق‪ ،‬وال س� � ��يما إن القوانني‬
‫الناف� � ��ذة ال توج� � ��د فيها معاجلة لهذا املوضوع‪ ،‬منها قان� � ��ون املرافعات املدنية رقم‬
‫‪ 83‬لس� � ��نة ‪ 1969‬الذي اقتصرت بعض أحكامه على معاجلة التحكيم احمللي الذي‬
‫يجري في داخل العراق‪ ،‬وأن ما ورد من نصوص في قانون االس� � ��تثمار رقم (‪)13‬‬
‫لس� � ��نة ‪ 2006‬من جواز اللج� � ��وء إلى التحكيم يصطدم بامل� � ��ادة (األولى) من قانون‬
‫تنفيذ األحكام األجنبية في العراق رقم (‪ )30‬لسنة ‪ 1928‬التي اشترطت في تنفيذ‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪94‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫احلك� � ��م األجنبي في العراق أن يكون صادراً من محكمة مختصة ومكتس� � ��باً درجة‬
‫البتات‪.‬‬
‫وبن� � ��ا ًء على ذلك اجتهت اجلهود بخطى حثيثة إلعداد مش� � ��روع قانون للتحكيم‬
‫التج� � ��اري العراقي ليكون من بني أهدافه إيجاد قواعد حتكيم تنس� � ��جم مع قواعد‬
‫التحكيم التجارية الدولية ويواكب التطور القانوني في مجال التحكيم الدولي‪ ،‬وقد‬
‫استقى أحكامه َُجلَها من التشريع املقارن‪ ،‬وقانون األونسيترال النموذجي للتحكيم‬
‫التجاري الدولي الصادر في سنة ‪ 1985‬واملعدل في ‪ 7‬متوز سنة ‪.2006‬‬
‫ويؤدي التحكيم دوراً مهماً في حسم املنازعات الناجتة عن عقود التجارة الدولية‬
‫واحمللية بشكل عام‪ ،‬وفي منازعات العقود اإلدارية بشكل خاص نظراً ملا يتميز به‬
‫من مميزات عديدة مثل سرعة الفصل في القضايا املعروضة‪ ،‬والسرية‪ ...‬الخ كما‬
‫يعد أحد الوس� � ��ائل التي تساعد على تش� � ��جيع أصحاب رؤوس األموال لالستثمار‬
‫داخل الدول‪.‬‬
‫أما بخص� � ��وص التحكيم في العقود اإلدارية في الع� � ��راق فإنه ورد في نصوص‬
‫متفرقة في بعض التشريعات ويخضع لسلطة القضاء العادي بالرغم من استقالل‬
‫القض� � ��اء اإلداري في العراق عن القضاء العادي منذ عام ‪ 1990‬ودخوله ما يعرف‬
‫مبرحلة القضاء املزدوج‪ ،‬ويعود س� � ��بب ذلك خروج منازع� � ��ات العقود اإلدارية عن‬
‫اختص� � ��اص القض� � ��اء اإلداري كون اختصاصه ورد على س� � ��بيل احلصر للنظر في‬
‫صحة األوامر والقرارات اإلداري� � ��ة الصادرة من دوائر الدولة والقطاع العام‪ ،‬ومن‬
‫أهم التش� � ��ريعات التي أجازت اللجوء إلى التحكيم لتس� � ��وية املنازعات الناشئة عن‬
‫العقود اإلدارية‪ ،‬الش� � ��روط العامة ملقاوالت أعمال الهندس� � ��ة املدنية لس� � ��نة ‪1988‬‬
‫والش� � ��روط العامة ألعمال الهندس� � ��ة الكهربائية وامليكانيكي� � ��ة املأخوذة من عقود‬
‫الفدك‪ ،‬كذلك األمر التشريعي بالرقم (‪ )87‬لسنة ‪ 2004‬الذي نظم العقود العامة‪،‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪95‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وتعليمات تنفيذ العقود احلكومية رقم (‪ )1‬لس� � ��نة ‪ 2014‬الصادرة باالس� � ��تناد إليه‪،‬‬
‫وجتدر اإلشارة إلى أن مشروع قانون التحكيم التجاري الذي لم يرى النور إلى اآلن‬
‫قد تضمن في البند (أوالً) من املادة (‪ )3‬منه معاجلة للتحكيم في العقود اإلدارية‬
‫وعلق صحة انعقاده ووجوده على موافقه مجلس الوزراء‪.‬‬
‫وطنا أنفس� � ��نا على أن نلج في هذا املوضوع‪ ،‬فشرعنا بالعمل فيه على‬ ‫ومن هنا َ‬
‫منهج اقتضى أن يس� � ��تقيم في مباحث أربعة‪ ،‬األول تناولنا فيه التعريف بالتحكيم‬
‫في العقود اإلدارية‪ ،‬والثاني التش� � ��ريعات واالتفاقيات املنظمة للتحكيم في العراق‪،‬‬
‫أما الثالث فخصص ألس� � ��اس الرقابة القضائية وحجية األحكام‪ ،‬والرابع واألخير‬
‫للحديث عن اآلثار القانونية حلكم التحكيم‪.‬‬

‫> املبحث األول‪ :‬التعريف بالتحكيم في العقود اإلدارية‬

‫يعد العقد إدارياً إذا كان أحد طرفيه ش� � ��خصاً اعتباري � � �اً عاماً وكان موضوعه‬
‫ال بنشاط مرفق عام وإش� � ��راف اإلدارة على تنفيذه ومراقبة كيفية سيره مبا‬ ‫متص ً‬
‫لها من سلطة عامة ومتضمناً شروطاً غير مألوفة في نطاق العقود اخلاصة‪.‬‬
‫وه� � ��و م� � ��ا يعبر عنه فقهاء القان� � ��ون اإلداري بلجوء اإلدارة إلى وس� � ��ائل القانون‬
‫العام بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق والتزامات ال يتمتع مبثلها املتعاقد معها‪.‬‬
‫ومصطلح (العقد اإلداري) هو املصطلح الس� � ��ائد في ال� � ��دول التي تأخذ مبفاهيم‬
‫النظام القانوني الالتيني مثل القانون الفرنس� � ��ي‪ ،‬أما دول النظام القانوني األجنلو‬
‫أمريكي فتأخذ مبصطلح (العقد احلكومي)‪ ،‬وتختلف فلس� � ��فة النظامني حول هذه‬
‫العقود‪ ،‬ففي النظام القانوني الالتيني تسمو إرادة الطرف اإلداري (أي احلكومي)‪،‬‬
‫بينما في النظام األجنلو أمريكي ليس للطرف احلكومي هذه امليزة‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪96‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وتتش� � ��ابه العقود اإلدارية مع العقود املدنية في أحكام كثيرة وأهمها أن تنش� � ��أ‬
‫ع� � ��ن توافق إرادتني‪ ،‬ولكن في املقابل هن� � ��اك فروق بينهما وهي أن العقود اإلدارية‬
‫تخض� � ��ع ألحكام القانون العام والقضاء اإلداري أما العقود املدنية فتخضع ألحكام‬
‫القانون اخلاص والقضاء العادي‪ ،‬وفي العقود اإلدارية التعاقد يتم بني طرفني غير‬
‫متساويني فاإلدارة تسعى إلى حتقيق املصلحة العامة أما املتعاقد معه من األفراد‬
‫أو الش� � ��ركات فيسعى إلى حتقيق مصلحة خاصة‪ .‬وفي العقود املدنية فاألصل هو‬
‫املساواة بني طرفي العقد ألن كل منهما يهدف إلى حتقيق مصلحة خاصة‪.‬‬
‫وفي العقود اإلدارية تتمتع اإلدارة بامتيازات وحقوق في تعديل ش� � ��روط العقد‬
‫واإلش� � ��راف على تنفيذه وتوقيع اجلزاءات في إنهاء العقد بإرادتها املنفردة خروجاً‬
‫على مبدأ العقد ش� � ��ريعة املتعاقدين الذي يسري على العقود املدنية‪ .‬ومن الفروق‬
‫أيض � � �اً أن اإلدارة تخضع لقيود في إختيار املتعاق� � ��د معها في إبرام العقد اإلداري‬
‫وه� � ��ي قيود ال يخضع لها األف� � ��راد في عقودهم اخلاصة فاألصل أن للفرد احلرية‬
‫في التعاقد مع من يشاء‪.‬‬
‫ويع� � ��رف التحكيم بأنه نظام قانوني خاص حل� � ��ل املنازعات التجارية بعيداً عن‬
‫القضاء‪ ،‬يتعهد مبقتضاه األطراف بإخضاع املنازعات التي ميكن أن تنشأ بينهم أو‬
‫التي نشأت إلى التحكيم‪ .‬وهو قضاء خاص ميارس اختصاصه خارج والية قضاء‬
‫الدولة‪.‬‬
‫وقد عرفت امل� � ��ادة (‪ )7‬من القانون النموذجي ‪( 1985‬اليونيس� � ��ترال) املعد من‬
‫جلنة التحكيم التج� � ��اري الدولي اتفاق التحكيم على أنه (اتفاق بني الطرفني على‬
‫أن يحيال إلى التحكيم جميع أو بعض املنازعات احملدودة التي نشأت أو قد تنشأ‬
‫بينهما‪ ،‬بش� � ��أن عالقة قانونية محددة‪ ،‬تعاقدية كان� � ��ت أو غير تعاقدية‪ ،‬ويجوز أن‬
‫يكون اتفاق التحكيم في صورة شرط حتكيم وارد في عقد‪ ،‬أو اتفاق منفصل)‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪97‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ويعرف التحكيم في العقود اإلدارية بأنه نظام استثنائي للتقاضي مبوجبه يجوز‬
‫للدولة وس� � ��ائر أش� � ��خاص القانون العام األخرى إخراج بع� � ��ض املنازعات اإلدارية‬
‫الناش� � ��ئة عن عالق� � ��ة قانونية عقدي� � ��ة أو غير عقدية وطني� � ��ة أو أجنبية من والية‬
‫القض� � ��اء اإلداري لك� � ��ي حتل بطري� � ��ق التحكيم بناء على نص قانون� � ��ي يجيز ذلك‪،‬‬
‫وخروجاً من مبدأ احلظر العام الوارد على أهلية الدولة وس� � ��ائر أشخاص القانون‬
‫األخرى في اللجوء إلى التحكيم‪.‬‬
‫> املبحث الثاني‪ :‬التشريعات واالتفاقيات املنظمة للتحكيم في العقود اإلدارية‬
‫في العراق‪.‬‬

‫أن قواعد التحكيم وردت في قانون املرافعات املدنية رقم (‪ )83‬لس� � ��نة ‪،1969‬‬
‫فخصص لها املواد (‪ )276-251‬منه‪ ،‬وهي قواعد عامة لتنظيم التحكيم وال تشير‬
‫صراح � � � ًة إلى جواز أو عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقد اإلداري‪،‬‬
‫إال أنه ميكن القول بإجازة التحكيم كما فعلت بعض التشريعات األخرى‪.‬‬
‫إذ أجاز املش� � ��رع العراقي ضمناً اللجوء إلى التحكي� � ��م في العقود اإلدارية‪ ،‬بعد‬
‫صدور األمر التشريعي بالرقم (‪ )87‬لسنة ‪ 2004‬الذي نظم العقود العامة‪.‬‬
‫وكذلك أجازت الشروط العامة ملقاوالت أعمال الهندسة املدنية لسنة ‪1988‬م‪،‬‬
‫اللجوء إلى التحكيم لتس� � ��وية املنازعات الناش� � ��ئة عن تفسير أو تنفيذ املقاولة التي‬
‫ثان عراقياً كان أو‬
‫تك� � ��ون الدولة طرفاً فيها‪ ،‬بوصفها (رب العمل) واملقاول كطرف ٍ‬
‫أجنبياً‪.‬‬
‫كم� � ��ا أن تعليم� � ��ات تنفيذ العق� � ��ود احلكومية رقم (‪ )1‬لس� � ��نة ‪2014‬م نصت في‬
‫امل� � ��ادة (‪ )8‬حتت عنوان (آلية قض املنازعات بع� � ��د توقيع العقد)‪ ،‬التحكيم كطريق‬
‫لفش هذه املنازعات‪ ،‬إذ ميزت بني التحكيم الوطني والتحكيم األجنبي‪ ،‬فالتحكيم‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪98‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫الوطني يكون وفق اجراءات قان� � ��ون املرافعات املدنية‪ ،‬أما التحكيم الدولي (يكون‬
‫في حاالت الضرورة‪ ،‬واملشاريع االس� � ��تراتيجية الكبرى واملهمة‪ ،‬عندما يكون أحد‬
‫األط� � ��راف أجنبياً) م� � ��ع مراعاة‪ :‬اختيار أحد الهيئ� � ��ات التحكيمية الدولية‪ ،‬حتديد‬
‫مكان ولغة التحكيم‪ ،‬اعتماد القانون العراقي الواجب التطبيق‪ ،‬توفر املؤهالت لدى‬
‫العاملني لتسوية املنازعات بهذا األسلوب‪.‬‬
‫وكذلك احلال بالنس� � ��بة لقانون االستثمار رقم (‪ )13‬لسنة ‪2006‬م املعدل‪ ،‬فقد‬
‫أج� � ��از البن� � ��د (أوالً) من املادة (‪ )27‬منه اللجوء إلى التحكيم باعتباره وس� � ��يلة حلل‬
‫املنازعات في نوع من أنواع العقود الدولية وهي عقود االس� � ��تثمار حيث نص على‬
‫(تخضع املنازعات الناش� � ��ئة عن تطبيق هذا القانون إل� � ��ى القانون العراقي ووالية‬
‫القضاء العراقي ويجوز االتفاق مع املس� � ��تثمر على اللج� � ��وء إلى التحكيم التجاري‬
‫(الوطن� � ��ي أو الدولي) وفق اتف� � ��اق يبرم يحدد مبوجبه اج� � ��راءات التحكيم وجهته‬
‫والقانون الواجب التطبيق)‪.‬‬
‫ال عن ذلك‪ ،‬أن االتفاقيات الدولية تؤدي دوراً مهماً في السماح بالتحكيم في‬ ‫فض ً‬
‫العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي في العراق‪ ،‬ومن أبرزها عقود امتيازات النفط‪،‬‬
‫من ذلك االتفاقية املعقودة في ‪/3‬ش� � ��باط‪1952/‬م بني حكومة العراق وش� � ��ركات‬
‫النف� � ��ط العراقي� � ��ة احملدودة‪ ،‬ونفط البص� � ��رة احملدودة‪ ،‬ونف� � ��ط املوصل احملدودة‪،‬‬
‫وأه� � ��م االتفاقيات التي وقع عليها العراق وتضمن� � ��ت أحكاماً في التحكيم‪ ،‬اتفاقية‬
‫املؤسس� � ��ة العربية لضمان االستثمار وائتمان الصادرات س� � ��نة ‪ ،1974‬واالتفاقية‬
‫املوحدة الس� � ��تثمار رؤوس األموال العربية في الدول العربية لسنة ‪ ،1980‬اتفاقية‬
‫الري� � ��اض للتعاون القضائي لس� � ��نة ‪ 1983‬اتفاقية عمان للتحكيم التجاري لس� � ��نة‬
‫‪ ،1987‬اتفاقية تش� � ��جيع وحماية وضمان االس� � ��تثمارات بني ال� � ��دول األعضاء في‬
‫منظمة املؤمتر اإلس� �ل��امي ‪ .1988‬اتفاقية القاهرة لتس� � ��وية نزعات االستثمار في‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪99‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫الدول العربية لسنة ‪ .2000‬بروتوكول جنيف املتعلق بشروط التحكيم لعام ‪.1923‬‬
‫إتفاقية واشنطن لتسوية املنازعات املتعلقة باإلستثمارات بني الدول ومواطني دول‬
‫أخرى لس� � ��نة ‪( 1965‬الكس� � ��د)‪ .‬أما بخصوص اتفاقية نيويورك اخلاصة باعتراف‬
‫وتنفيذ أحكام التحكيم األجنبية لسنة ‪ 1958‬حصلت موافقة مجلس الوزراء بقراره‬
‫املرقم (‪ )54‬لس� � ��نة ‪ 2018‬بإكمال إج� � ��راءات االنضمام إلى االتفاقية املذكورة‪ ،‬كما‬
‫انضم العراق إلى اتفاقية األمم املتحدة بش� � ��أن الش� � ��فافية في التحكيم التعاهدي‬
‫بني املستثمرين والدول‪ ،‬كما وقع العديد من االتفاقيات الثنائية في مجال تشجيع‬
‫وحماية االستثمار مع العديد من الدول وقد دخلت حيز النفاذ مع فرسنا‪ ،‬اليابان‪،‬‬
‫أرمينيا‪ ،‬الكويت األردن ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫وي� � ��رى البعض أن أحكام املادة (‪ )251‬ال تصلح أساس � � �اً إلج� � ��ازة التحكيم‪ ،‬ألن‬
‫اختص� � ��اص القضاء ه� � ��و األصل وخالفه يتطلب نصاً خاصاً ك� � ��ون املادة (‪ )29‬من‬
‫القانون هي من حتدد والية احملاكم املدنية‪ ،‬والبعض اآلخر يطالب بوضع قيود على‬
‫أحكام قانون العقود احلكومية تتمثل بضوابط حتد من جلوء اإلدارة للتحكيم‪.‬‬
‫ملا تقدم فإن اللجوء إلى التحكيم اإلداري في العراق‪ ،‬وإن كان جائزاً إال أنه ليس‬
‫�كل دقيق بحيث يشمل جميع منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬إذ نراه موجوداً‬ ‫منظماً بش� � � ٍ‬
‫ب� �ي��ن طيات نصوص ومواد القوانني متفرقة مث� � ��ل (قانون املرافعات املدنية‪ ،‬قانون‬
‫العقود احلكومية وتعليماتها‪ ،‬الش� � ��روط العامة ملقاوالت أعمال الهندس� � ��ة املدنية‬
‫وغيرها‪.)...‬‬
‫لذلك كان لزاماً تدخل املشرع وإصداره تشريعاً خاصاً بالتحكيم اإلداري يجيز‬
‫اللجوء إليه وينظم أحكامه‪ ،‬ويعده طريقاً حلل املنازعات املتعلقة بالعقود مبا فيها‬
‫العق� � ��ود اإلدارية لذا مت إعداد مش� � ��روع قانون التحكيم التجاري العراقي اس� � ��تقى‬
‫ج� � ��ل أحكامه من قانون االونس� � ��يترال النموذجي وتضمن أح� � ��كام ومبادىء أهمها‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪100‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫(ش� � ��رط التحكيم ومش� � ��ارطة التحكيم‪ ،‬استقالل ش� � ��رط التحكيم‪ :‬شرط التحكيم‬
‫يبقى صحيحاً حتى ولو أبطل العقد األصلي أو جرى فس� � ��خه أو إنهاؤه إال إذا كان‬
‫س� � ��بب البطالن يشمل شرط التحكيم أيضاً كما لو أن موقع العقد ناقص األهلية‪،‬‬
‫ن� � ��زع تخصص احملاكم القضائية‪ :‬في حالة قيام املدعى عليه بالتمس� � ��ك بش� � ��رط‬
‫التحكيم قبل إبدائه أي طلب‪ .‬عدم جواز التحكيم إال في املسائل التي يجوز الصلح‬
‫فيه� � ��ا‪ ،‬مبدأ االختصاص باالختصاص ويقص� � ��د به أن هيئة التحكيم هي املختصة‬
‫بالفص� � ��ل في كل ما يتعلق بالدفوع املتعلق� � ��ة بعدم اختصاصها‪ ،‬التنفيذ واالعتراف‬
‫بقرارات التحكيم‪ ،‬إنشاء مراكز للتحكيم التجاري)‪.‬‬
‫أما بخصوص التحكيم في العقود اإلدارية في مشروع القانون فقد نصت املادة‬
‫(‪ )3‬من� � ��ه على (أوالً‪ -‬مع مراعاة عدم اإلخ� �ل��ال باالتفاقيات الدولية ذات العالقة‬
‫الت� � ��ي تك� � ��ون جمهورية العراق طرفاً فيها‪ ،‬تس� � ��ري أحكام ه� � ��ذا القانون على ‪....‬‬
‫ج‪ -‬التحكيم في منازعات العقود احلكومية‪ ،‬ويش� � ��ترط أن يكون التحكيم في هذه‬
‫العقود مبوافقة مجلس الوزراء)‪.‬‬
‫وجتدر اإلش� � ��ارة إلى أن العقود اإلدارية في العراق ال تخضع لتخصص القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬فبالرغم من أن العراق يعد من البلدان التي تأخذ بنظام القضاء املزدوج‬
‫بوجود قضاء إداري مستقل يتخصص باملنازعات اإلدارية إلى جانب القضاء العادي‬
‫الذي يتخصص باملنازعات املدنية والتجارية‪ ،‬إال أ َّن املشرع ح ّدد تخصص محكمة‬
‫القض� � ��اء اإلداري ف� � ��ي العراق بالنظر إلى صحة األوامر والق� � ��رارات اإلدارية التي‬
‫تصدر من املوظفني والهيئات اإلدارية في دوائر الدولة والقطاع العام‪ ،‬مس� � ��تبعداً‬
‫ف� � ��ي ذلك منازعات العق� � ��ود اإلدارية من تخصصه‪ ،‬يضاف إل� � ��ى ذلك أن القضاء‬
‫الع� � ��ادي في العراق في كثير م� � ��ن أحكامه لم ميز عند نظر دعاوى العقود اإلدارية‬
‫من العقود املدنية وما يترتب عليها من نتائج‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪101‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫> املبحث الثالث‪ :‬أساس الرقابة القضائية وحجية األحكام‬

‫تعد الرقابة في مرحلة تنفي� � ��ذ احلكم التحكيمي‪ ،‬أخف وأكثر حيادية وأضعف‬
‫أثراً على التحكيم‪ ،‬فهي ال تعدو أن تكون رقابة ش� � ��كلية‪ ،‬انحس� � ��رت فيها أس� � ��باب‬
‫وضوابط التدخل اخلارجي في معيار واحد‪ ،‬هو معيار النظام العام مبدلول ضيق‬
‫وحي� � ��ادي جتاه احلكم التحكيمي ونظراً ألهمية الرقابة القضائية على تنفيذ حكم‬
‫التحكي� � ��م الصادر ف� � ��ي العقد اإلداري من حيث أساس� � ��ها وصورها‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫اآللية املتبعة في تنفيذ هذه األحكام‪ ،‬فإننا نقسم هذا املطلب إلى ثالثة فروع على‬
‫النحو اآلتي‪:‬‬
‫أو ًال‪ :‬حجية حكم التحكيم‬
‫يتمتع حكم التحكيم بحجية األمر املقضي به مبجرد صدوره وقبل صدور األمر‬
‫بتنفي� � ��ذه حتى لو كان قاب� �ل � ً‬
‫ا للطعن فيه وتبقى هذه احلجي� � ��ة ببقاء احلكم وتزول‬
‫بزوال� � ��ه‪ ،‬ويترتب على ه� � ��ذه احلجية منع اخلصوم من عرض النزاع نفس� � ��ه الذي‬
‫فصلت فيه هيئة التحكيم على القضاء أو التحكيم‪ ،‬ومنعهم من مناقشة ما قضت‬
‫به هذه الهيئة إال بالطرق التي حددها القانون‪.‬‬
‫ويش� � ��ترط للقول بوجود حجية األمر املقضي به‪ ،‬هو احتاد اخلصوم واملوضوع‬
‫والس� � ��بب مما يعد معه احلكم حائزاً لق� � ��وة األمر املقضي به‪ ،‬وميتنع على احملكمة‬
‫معاودة نظر الدعوى‪ ،‬ومعنى ذلك أن تكون املسألة واحدة في الدعويني وثانياً‪ :‬أن‬
‫تكون احملكمة فصلت في موضوعها بحيث تستقر حقيقياً باحلكم األول استقراراً‬
‫جامعاً وثالثاً‪ :‬أن تكون املسألة نفسها هي موضوع الدعوى الثانية من أي الطرفني‬
‫قبل اآلخر‪.‬‬
‫وم� � ��ن أه� � ��م االعتبارات التي تق� � ��وم عليها هذه احلجية‪ ،‬وضع ح� � ��د للمنازعات‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪102‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫مبنع جتددها‪ ،‬وهذه االعتبارات تتطلبها املصلحة العامة واخلاصة‪ ،‬ألن اس� � ��تمرار‬
‫املنازعات يؤدي إلى عدم اس� � ��تقرار احلقوق وتعطي� � ��ل املعامالت وتناقض األحكام‬
‫في اخلصومة الواحدة‪.‬‬
‫ولقد وضعت تش� � ��ريعات التحكيم املختلفة هذا األمر في حسبانها لالعتبارات‬
‫الس� � ��ابقة وغيرها‪ ،‬وهذا ما قننه املش� � ��رع الفرنس� � ��ي فامل� � ��ادة (‪ )1476‬من قانون‬
‫اإلج� � ��راءآت املدنية اجلديد تقول‪« :‬يتمتع حكم التحكيم منذ صدوره بحجية األمر‬
‫املقضي بالنسبة للنزاع الذي فصل فيه‪.‬‬
‫بينما لم يش� � ��ر املشرع العراقي إلى مثل هذا النص‪ ،‬واكتفى بتحديد نطاق هذه‬
‫احلجي� � ��ة في املادة (‪ )2/272‬من قان� � ��ون املرافعات املدنية النافذ بالقول‪« :‬ال ينفذ‬
‫ق� � ��رار احملكمني إال في حق اخلصوم الذين حكموه� � ��م في اخلصوص الذي جرى‬
‫التحكيم من أجله»‪ .‬وهي حجية نس� � ��بية مقتصرة على أطراف املنازعة التحكيمية‬
‫فقط‪.‬‬
‫أما مشروع قانون التحكيم العراقي فقد نصت املادة ‪ -44-‬منه على (أوالً‪ -‬يعد‬
‫قرار التحكيم ملزماً بغض النظر عن الدولة التي صدر فيها)‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬كيفية تنفيذ حكم التحكيم‬
‫ال ميلك احملكم س� � ��لطة األمر أو اجلبر التي متكنه من تنفيذ ما يصدر عنه من‬
‫أحكام تنفيذ جبرياً‪ ،‬باعتبار أن هذه الس� � ��لطة تبقى حكراً على الدولة‪ ،‬وتعد الزمة‬
‫من لوازم الس� � ��لطة والس� � ��يادة فيها وحدها‪ ،‬وأن املنازع� � ��ات املتعلقة بتنفيذ أحكام‬
‫القض� � ��اء واحملكمني هي م� � ��ن اختصاص القضاء وحده‪ ،‬وه� � ��و الذي يضفي عليها‬
‫القوة التنفيذية‪ ،‬واملبدأ العام هو االمتثال حلكم التحكيم‪ ،‬من قبل أطراف املنازعة‬
‫اإلداري� � ��ة‪ ،‬وتنفيذه طواعية‪ ،‬من قبل من ص� � ��در ضده حكم التحكيم اإلداري‪ ،‬وهي‬
‫الطريق الودية املنسجمة مع الطبيعة االتفاقية لنظام التحكيم‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪103‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أم� � ��ا في حالة االمتناع عن التنفيذ االختياري حلكم التحكيم الصادر في العقد‬
‫اإلداري‪ ،‬فإن� � ��ه ال بد م� � ��ن اللجوء إلى القضاء في ه� � ��ذه الدولة للحصول على أمر‬
‫بتنفيذ هذا احلكم لكي ينفذ جبرياً‪.‬‬
‫غير أن هذا التنفيذ اجلبري يستوجب إسباغ الصفة التنفيذية عليه‪ ،‬من خالل‬
‫املصادقة عليه من قب� � ��ل احملكمة املختصة‪ ،‬لكي يكون مبثابة احلكم القضائي من‬
‫حيث قوة التنفيذ‪ ،‬وعندها ال يكون في وس� � ��ع املمتنع عن التنفيذ االس� � ��تمرار في‬
‫االمتناع‪ ،‬ألنه سيكون في مواجهة سلطة الدولة في إنفاذ األحكام‪ ،‬كما ويعد احلكم‬
‫التحكيم� � ��ي في ه� � ��ذه احلالة ‪-‬بعد املصادقة عليه من احملكم� � ��ة املختصة‪ -‬قطعياً‬
‫وفاص ً‬
‫ال ف� � ��ي اخلصومة بني أطرافه� � ��ا بصورة نهائية ومانع� � ��ة‪ ،‬بحيث ميتنع على‬
‫احملكم معها‪ ،‬العدول أو التراجع عن هذا احلكم‪ ،‬أو محاولة تعديله بعد إصداره‪.‬‬
‫وتتفق التش� � ��ريعات املقارنة في مس� � ��ألة وجوب املصادقة على قرار احملكمني‪،‬‬
‫إال أنه� � ��ا تختلف في كيفية ه� � ��ذه املصادقة أو إصدار أمر التنفيذ‪ ،‬وفي اإلجراءات‬
‫الواجبة االتباع بهذا الصدد‪.‬‬
‫فإذا كانت مس� � ��ألة إصدار أمر التنفيذ لقرار احملكمني في القانون الفرنس� � ��ي‬
‫س� � ��ابقاً‪ ،‬تتطلب حضور اخلص� � ��وم أمام القضاء‪ ،‬والقضاء ب� � ��دوره يضفي الصيغة‬
‫التنفيذي� � ��ة على ه� � ��ذا القرار‪ ،‬فإنه وبصدور قان� � ��ون ‪/16‬آب‪ 1970/‬أصبح لرئيس‬
‫احملكمة س� � ��لطة إصدار األمر بالتنفيذ من دون إحضار اخلصوم أمامه‪ ،‬وسرعان‬
‫ما تغير هذا الوضع بعد صدور قانون ‪ 5‬متوز عام ‪ 1972‬والذي مبوجبه أصبح أمر‬
‫التنفيذ من اختصاص قاضي التنفيذ‪ ،‬كما نص على ذلك أيضاً قانون رقم (‪)650‬‬
‫لسنة ‪ 1991‬واملتعلق بإجراءات التنفيذ‪.‬‬
‫يض� � ��اف إلى ذلك أن أمر تنفيذ حك� � ��م التحكيم الداخلي غي� � ��ر قابل للطعن أو‬
‫ال للطعن به اس� � ��تئنافاً‬
‫التظل� � ��م منه‪ ،‬أما القرار الص� � ��ادر برفض التنفيذ يكون قاب ً‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪104‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫خ� �ل��ال ش� � ��هر من تاريخ تبليغه‪ ،‬بعك� � ��س حالة التحكيم الدول� � ��ي‪ ،‬إذ إن قرار رفض‬
‫التنفيذ يخضع للطعن به اس� � ��تئنافاً لدى محكمة االس� � ��تئناف التي يتبعها القاضي‬
‫الذي أصدر الرفض‪.‬‬
‫وقد عالج قانون املرافعات املدنية العراقي النافذ مس� � ��ألة تنفيذ حكم التحكيم‬
‫وكيفية املصادقة عليه في املادة (‪ )1/272‬والتي جاء فيها «ال ينفذ قرار احملكمني‬
‫لدى دوائر التنفيذ سواء كان تعيينهم قضا ًء أو اتفاقاً‪ ،‬ما لم تصادق عليه احملكمة‬
‫املختصة بالنزاع بناء على طلب أحد الطرفني وبعد دفع الرسوم املقررة‪.‬‬
‫إذ تبني امل� � ��ادة آنفة الذكر صالحية احملكمة املختص� � ��ة بنظر النزاع باملصادقة‬
‫ال للتنفيذ‪ ،‬وذلك بعد قيام احملكمني بإيداع احلكم من‬ ‫على حكم التحكيم ليكون قاب ً‬
‫أصل اتفاق التحكيم إلى احملكمة املش� � ��ار إليها‪ ،‬خالل الثالثة أيام التالية لصدوره‬
‫كما أوجبت ذلك املادة (‪ )271‬من القانون أعاله‪.‬‬
‫أما في مشروع قانون التحكيم فقد نصت البند (ثانياً) من املادة (‪ )44‬منه على‬
‫(على الطرف الذي يطل� � ��ب االعتراف بقرار التحكيم وتنفيذه ان يقدم ما يلي إلى‬
‫احملكمة املختصة‪:‬‬
‫أ‪ -‬طلب حتريري لتنفيذ قرار التحكيم‪.‬‬
‫ب‪ -‬أصل قرار التحكيم أو نسخة مصدقة من اجلهة التي أصدرته‪.‬‬
‫ج‪ -‬اتفاق التحكيم األصلي أو صورة مصدقة منه‪.‬‬
‫د‪ -‬نس� � ��خة مترجمة باللغ� � ��ة العربية لقرار التحكيم من جه� � ��ة معتمدة إذا كان‬
‫صادراً بلغة أجنبية)‪.‬‬
‫أما البند (أوالً) من املادة (‪ )45‬من املشروع املذكور آنفاً فإنه نص على (ال يجوز‬
‫رفض االعتراض بقرار التحكيم ورفض تنفيذه‪ ،‬إال إذا‪:‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪105‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أ‪ -‬قدم الطرف املطلوب تنفيذ القرار ضده للمحكمة املختصة ما يثبت‪:‬‬
‫‪ -1‬أن حك� � ��م التحكيم لم يعد ملزم � � �اً لألطراف‪ ،‬أو قد مت ابطاله أو ايقاف‬
‫تنفي� � ��ذه من قبل إحدى محاكم الدول� � ��ة التي صدر فيها احلكم أو وفقاً‬
‫لقانونها‪.‬‬
‫‪ -2‬توفر أحد األس� � ��باب املنصوص عليه� � ��ا في الفقرات (ج) و (د) و (هـ) و‬
‫(و) من البند (أوالً) من املادة (‪ )42‬من هذا القانون‪.‬‬
‫ب‪ -‬رفض� � ��ت احملكمة املختصة من تلقاء نفس� � ��ها االعت� � ��راف بقرار التحكيم أو‬
‫تنفيذه في إحدى احلالتني التاليتني‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان موض� � ��وع الن� � ��زاع ال يقب� � ��ل التس� � ��وية بالتحكيم وفق � � �اً للقانون‬
‫العراقي‪.‬‬
‫‪ -2‬أن االعت� � ��راف بقرار التحكيم أو تنفيذه يتع� � ��ارض مع النظام العام في‬
‫جمهورية العراق)‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬صور الرقابة القضائية في مرحلة تنفيذ حكم التحكيم‬
‫أ‪ -‬الرقابة الشكلية‬
‫أن رقابة القاضي في مرحلة تنفيذ حكم التحكيم‪ ،‬تكون ذات طبيعة شكلية لهذا‬
‫احلكم من دون أن متتد لفحص هذا احلكم من الناحية املوضوعية‪.‬‬
‫ففي فرنس� � ��ا يقتصر دوره على التحقق من وج� � ��ود حكم التحكيم الصادر‪ ،‬وأنه‬
‫غير مخالف للنظام الع� � ��ام‪ ،‬ويكون ذلك عن طريق الفحص الظاهري لهذا احلكم‬
‫من دون اخلوض في بياناته‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪106‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وقد متتد س� � ��لطة القاضي إلى التحقق الفعلي خللو حك� � ��م التحكيم من موانع‬
‫التنفي� � ��ذ قبل تذيله بأمر التنفي� � ��ذ‪ ،‬فيكون لهذا القاضي ع� �ل��اوة على التحقق من‬
‫شروط تنفيذ هذا احلكم التحقق من وجود اتفاق التحكيم وصحته‪ ،‬وكذلك صحة‬
‫تش� � ��كيل هيئة التحكيم ومدى التزامها بح� � ��دود مهمتها‪ ،‬ومالحظة أن صدور حكم‬
‫التحكيم جاء مس� � ��توفياً للقواعد الش� � ��كلية احملددة قانوناً‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن التحقق من‬
‫صحة صدور حكم التحكيم نفسه‪.‬‬
‫وبخالف هذه الش� � ��روط يرفض القضاء املختص تنفيذ حكم التحكيم‪ ،‬وأن هذا‬
‫الدور املوس� � ��ع لس� � ��لطات القاضي اآلم� � ��ر بالتنفيذ‪ ،‬قد نصت علي� � ��ه املادة (‪ )5‬من‬
‫اتفاقية نيويورك ‪ .1958‬والبند (أوالً) من املادة (‪ )45‬من املش� � ��روع قانون التحكيم‬
‫العراقي‪.‬‬
‫ب‪ :‬الرقابة املوضوعية‬
‫إن س� � ��لطة القاضي تكون مقيدة ببحث مدى توافر املقتضيات القانونية لصحة‬
‫حكم التحكي� � ��م وخلوه من موانع التنفيذ‪ ،‬من دون أن التدخل إلعادة تقييم الوقائع‬
‫أو مراجعة النتيجة التي توصل إليها‪ ،‬فهو ال يراقب مضمون احلكم أو مناقشة ما‬
‫فصل فيه من الوقائع أو القانون‪ ،‬كما أن تدخل القاضي يجب أن ال ميس استقالل‬
‫احملكم‪ ،‬وحجية حكمه أو طبيعته القضائية‪.‬‬
‫فض� �ل � ً‬
‫ا عن ذلك ف� � ��إن رقابة القاضي اآلم� � ��ر بالتنفيذ ال متت� � ��د لبحث مالءمة‬
‫حكم التحكيم للقانون الواجب التطبيق‪ ،‬أو مدى س� �ل��امة أس� � ��باب هذا احلكم أو‬
‫م� � ��دى كفايتها‪ ،‬على اعتبار أن ذلك من اختص� � ��اص قاضي البطالن وليس قاضي‬
‫التنفيذ‪،‬‬
‫ورغم ذلك هناك بعض حاالت رفض تنفيذ حكم التحكيم ال ميكن التحقق منها‬
‫إال م� � ��ن خالل فحص احلكم من الناحية املوضوعي� � ��ة‪ ،‬كحالة مخالفة هذا احلكم‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪107‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫للنظ� � ��ام العام‪ ،‬فقاض� � ��ي التنفيذ باعتباره احلامي له� � ��ذا األخير‪ ،‬فيكون له فحص‬
‫مضمون حكم التحكيم للتأكد من عدم مخالفته للنظام العام‪.‬‬
‫وبذلك فإن رقابة القاضي في مرحلة التنفيذ يصعب تصورها‪ ،‬على أنها مجرد‬
‫رقابة ش� � ��كلية بحتة‪ ،‬بل تتعدى ذلك ومتتد في بعض األحيان إلى رقابة احلكم من‬
‫الناحية املوضوعية‪ ،‬وإن كانت رقابة موضوعية محددة متكنه من التحقق من عدم‬
‫وج� � ��ود ما مينع من تنفيذ حكم التحكيم‪ ،‬ال س� � ��يما فيما يتعل� � ��ق بعدم انطواء هذا‬
‫األخير على ما يخالف النظام العام‪.‬‬
‫وقد حدد املش� � ��رع العراقي حدود سلطة احملكمة املختصة بالتصديق على قرار‬
‫احلكم مبوجب نص املادة (‪ )274‬من قانون املرافعات املدنية النافذ‪ ،‬إذ نصت على‬
‫ال أو بعضاً‪ ،‬ويجوز لها في‬ ‫«يج� � ��وز للمحكمة أن تصدق ق� � ��رار التحكيم‪ ،‬أو تبطله ك ً‬
‫حالة اإلبطال أن تعيد القضية إلى احملكمني إلصالح ما ش� � ��اب قرار التحكيم‪ ،‬أو‬
‫تفصل في النزاع نفسها إذا كانت القضية صاحلة للفصل فيها»‪.‬‬
‫ويتب� �ي��ن م� � ��ن النص املذكور‪ ،‬ما للمحكمة من س� � ��لطة على حك� � ��م التحكيم‪ ،‬وما‬
‫متارس� � ��ه من رقابة عليه‪ ،‬حتى أنه بوسعها ترك قرار التحكيم‪ ،‬وتقوم هي بالفصل‬
‫ف� � ��ي النزاع‪ ،‬مما يعني أنها متارس رقابة ش� � ��كلية وموضوعي� � ��ة على القرار في آن‬
‫واحد‪.‬‬
‫رابع ًا‪ /‬حدود الرقابة القضائية في مرحلة تنفيذ حكم التحكيم‬
‫األصل أن حكم احملكمني يحوز حجية األمر املقضي به‪ ،‬ويجوز تنفيذه اختياراً‬
‫ب� � ��إرادة احملكوم ضده الصريح� � ��ة أو الضمنية في األحوال التي يصدر فيها احلكم‬
‫خالي � � �اً من العيوب‪ ،‬أما إذا رفض احملكوم ضده التنفيذ اختياراً‪ ،‬فإن األمر يتطلب‬
‫ضرورة صدور أمر بتنفيذه من القضاء املختص‪ ،‬كشرط أساسي للتنفيذ‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪108‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫فاحلك� � ��م ال يك� � ��ون نافذاً إال بع� � ��د صدور أم� � ��ر التنفيذ‪ ،‬وذل� � ��ك لتحقيق رقابة‬
‫القاضي اإلداري على حكم التحكيم في الدولة املراد تنفيذه فيها عن طريق األمر‬
‫بالتنفيذ‪.‬‬
‫أ‪ -‬اجلهة املختصة بإصدار أمر تنفيذ احلكم يتجه غالبيه الفقه بأن االختصاص‬
‫بإص� � ��دار أمر تنفيذ أح� � ��كام التحكيم الصادرة في العق� � ��ود اإلدارية‪ ،‬يخول‬
‫للقاضي اإلداري وليس العادي مستنداً إلى احلجج اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن حتدي� � ��د القاضي املختص بإصدار أم� � ��ر تنفيذ حكم التحكيم يتوقف‬
‫عل� � ��ى طبيعة النزاع الذي فصل فيه هذا احلكم‪ ،‬فإذا كان هذا النزاع ذا‬
‫طبيع� � ��ة إدارية فيكون االختصاص للقاض� � ��ي اإلداري‪ ،‬وحتديداً لرئيس‬
‫احملكمة اإلدارية الصادر في نطاقها حكم التحكيم‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا كان� � ��ت مهمة احملكم ذات طبيعة خاصة نش� � ��أت حتت مظلة القانون‬
‫اخلاص‪ ،‬فإن هذه املهمة تنته� � ��ي بصدور حكم التحكيم‪ ،‬وبالتالي يعامل‬
‫هذا احلكم حسب طبيعة املنازعة التي فصل فيها‪ ،‬فإذا كانت صادرة في‬
‫نزاع إداري فإنه يدخل حتت مظلة القانون العام ويخضع ألحكامه‪.‬‬
‫‪ -3‬إن أم� � ��ر التنفيذ ال يكون ‪-‬كما قال االجتاه األول‪ -‬مجرد إجراء بس� � ��يط‬
‫وش� � ��كلي‪ ،‬إذ إن حك� � ��م التحكيم وصدوره من هي� � ��أة التحكيم‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن‬
‫عدم مخالفته للنظام العام‪ ،‬فيكون من األفضل إسناده للقاضي اإلداري‬
‫باعتباره األجدر على ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬أض� � ��اف ه� � ��ذا االجتاه حجة عملية ف� � ��ي غاية األهمية‪ ،‬وهي أن إس� � ��ناد‬
‫أح� � ��كام التحكيم الصادرة في نطاق القانون العام للقضاء اإلداري‪ ،‬يتيح‬
‫إمكاني� � ��ة اللجوء لهذا القاضي في حالة امتناع الش� � ��خص املعنوي العام‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪109‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫(جه� � ��ة اإلدارة) عن تنفيذ حكم التحكيم‪ ،‬فه� � ��ذا القاضي مبا ميلكه من‬
‫سلطات يساعد على تنفيذ هذا احلكم كفرض الغرامة التهديدية‪ ،‬وهو‬
‫ما طبقته احملكمة اإلدارية االس� � ��تئنافية في فرنس� � ��ا‪ /‬ليون في حكمها‬
‫الصادر ‪ 27‬ديس� � ��مبر عام ‪ ،2007‬واس� � ��تقر عليه مجموعة العمل املكلفة‬
‫بوضع مش� � ��روع قانون التحكيم اإلداري الفرنسي بقولها‪« :‬إن أمر تنفيذ‬
‫حكم التحكيم الصادر في عقود األشخاص املعنوية العامة يسند لرئيس‬
‫احملكم� � ��ة اإلدارية الصادر ف� � ��ي نطاقها هذا احلك� � ��م أو القاضي الذي‬
‫يفوضه في ذلك‪.‬‬
‫أما في القانون العراقي فقد أعطى االختصاص باملصادقة على قرار احملكمني‬
‫وإس� � ��باغ الصيغة التنفيذي� � ��ة عليه حملكمة الب� � ��داءة التي يقع الن� � ��زاع ضمن دائرة‬
‫تخصصه� � ��ا في حالة كون طرفي النزاع من العراقيني‪ ،‬كما رس� � ��متها املادة (‪)274‬‬
‫م� � ��ن قان� � ��ون املرافعات املدنية النافذ‪ ،‬وذلك بعد تس� � ��ليم احملكمني صورة من قرار‬
‫التحكيم للطرفني‪ ،‬وتس� � ��ليم القرار مع أصل اتفاق التحكيم‪ ،‬إلى احملكمة املختصة‬
‫بالنزاع خالل الثالثة أيام التالية مع تقدمي أحد أطراف النزاع طلباً بذلك‪ ،‬أما في‬
‫مشروع القانون فقد أناط املهمة باحملكمة املختصة مبوجب البند (ثانياً) من املادة‬
‫(‪ )44‬منه كما أسلفنا وقد عرفت احملكمة املختصة مبوجب البند (رابعاً) من املادة‬
‫(‪ )1‬منه بأنها (محكمة استئناف بغداد الكرخ بصفتها األصلية ما لم يتفق أطراف‬
‫النزاع على اختصاص محكمة استئناف أخرى)‪.‬‬
‫ب ‪ -‬شروط استصدار أمر تنفيذ حكم التحكيم‬
‫اقتصر املش� � ��رع الفرنسي على حتديد ش� � ��روط تنفيذ حكم التحكيم الدولي أو‬
‫الصادر في اخلارج وهما شرطان‪ ،‬األول‪ :‬التحقق من وجود حكم التحكيم؛ والثاني‪:‬‬
‫أال يك� � ��ون االعتراف أو تنفيذ هذا احلكم مخالفاً للنظ� � ��ام العام الدولي (م‪)1498‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪110‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫إجراءات مدنية فرنس� � ��ي‪ ،‬أما فيما يتعلق بحكم التحكيم الداخلي فقد جاء قانون‬
‫اإلجراءات املدنية الفرنس� � ��ي اجلديد‪ ،‬خالياً من حتديد شروط دخول هذا احلكم‬
‫حيز التنفيذ‪ ،‬وهذا ما أحدث خالفاً على الساحة القانونية الفرنسية حول حتديد‬
‫تلك الشروط‪.‬‬
‫ومفادها هذا النص أن القاضي اإلداري املختص بنظر طلب تنفيذ حكم التحكيم‬
‫الصادر في العقد اإلداري‪ ،‬عليه التحقق من أن احلكم مس� � ��توف لهذه الش� � ��روط‪،‬‬
‫ال عن شرط مهم آخر وهو انقضاء ميعاد رفع دعوى بطالن حكم التحكيم من‬ ‫فض ً‬
‫دون صدور حكم بالبطالن‪.‬‬
‫واحلكم� � ��ة من ذلك أن ص� � ��دور أمر التنفيذ يصبح س� � ��نداً تنفيذياً يقبل التنفيذ‬
‫اجلبري في الوقت ال� � ��ذي تنظر فيه احملكمة املختصة دعوى البطالن مع احتمال‬
‫أن يصدر حكم احملكمة مؤكداً بطالن حكم التحكيم‪.‬‬
‫إذ إن مجرد رفع دعوى البطالن نفسها ال يوقف أمر تنفيذ حكم التحكيم إال إذا‬
‫طلب رافعها في عريضة دعواه وقف التنفيذ‪ ،‬واستجابت محكمة القضاء اإلداري‬
‫املختصة لذلك‪ ،‬لوجود أس� � ��باب جدية‪ ،‬وعليه� � ��ا الفصل في دعوى البطالن خالل‬
‫امليعاد احملدد بالقانون من تاريخ أمر التنفيذ‪.‬‬
‫أما في القانون العراقي وبالرغم من عدم وجود دعوى البطالن ضمن نصوص‬
‫قانون املرافعات‪ ،‬إال أن املشرع العراقي أشار إلى اإلجراءات والشروط التي تسبق‬
‫أم� � ��ر املصادقة من احملكمة املختصة حصراً ‪-‬بس� � ��بب عدم وج� � ��ود قاضي تنفيذ‪،‬‬
‫وإمنا منفذ عدل كما مر سابقاً‪ -‬ومنها وجوب أن يقوم احملكمون بأنفسهم بإعطاء‬
‫صورة من قرار التحكيم للطرفني‪ ،‬وتسليم القرار مع أصل اتفاق التحكيم إلى هذه‬
‫احملكمة املختصة خالل الثالثة أيام التالية بوصل يوقع عليه كاتب احملكمة (‪)271‬‬
‫مرافعات‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪111‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫كما أعطى القانون العراقي سلطة تقديرية واسعة للمحكمة في املصادقة على‬
‫أمر التنفيذ من عدمه ألس� � ��باب عدة (‪ )273‬مرافعات‪ ،‬ومن هذه األسباب مخالفة‬
‫القرار لقاعدة من قواعد النظام‪.‬‬
‫أما املادة ‪ -42-‬من مش� � ��روع القانون فإنها نص� � ��ت علي (أوالً‪ -‬ال يجوز الطعن‬
‫بق� � ��رار التحكيم أمام احملكم� � ��ة املختصة إال بطلب إبطال يق� � ��دم من أحد أطراف‬
‫التحكيم في إحدى احلاالت اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا جرى التحكيم في ظل غياب اتفاق احملكم‪.‬‬
‫ال أو مفسوخاً أو عدمي األثر وفقاً للقانون الذي‬
‫ب‪ -‬إذا كان اتفاق التحكيم باط ً‬
‫يخضع له اتفاق التحكيم أو سقط بانتهاء مدته‪.‬‬
‫ج‪ -‬إذا كان أحد اطراف اتفاق التحكيم وقت إبرام اتفاق التحكيم فاقد األهلية‬
‫أو ناقصه� � ��ا وفقاً للقانون الذي يحكم أهليت� � ��ه أو فاقداً للصفة التي تؤهله‬
‫التعاقد‪.‬‬
‫د‪ -‬إذا ل� � ��م يبل� � ��غ طالب اإلبطال على وج� � ��ه صحيح بتعيني أح� � ��د احملكمني أو‬
‫بإجراءات التحكيم أو لم ميكن من تقدمي دفوعه أمام هيئة التحكيم أو وقع‬
‫خرق ملبدأ املساواة بني اخلصوم‪.‬‬
‫هـ‪ -‬إذا تناول قرار التحكيم مس� � ��ائل لم يتضمنها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود‬
‫ه� � ��ذا االتفاق وكان باإلم� � ��كان فصل أجزاء الق� � ��رار اخلاضعة للتحكيم عن‬
‫أجزائه غير اخلاضعة له‪ ،‬فال يقع االبطال إال على األجزاء غير اخلاضعة‬
‫للتحكيم‪.‬‬
‫و‪ -‬إذا كان تش� � ��كيل هيئ� � ��ة التحكيم أو تعيني احملكم مخالف � � �اً للقانون أو التفاق‬
‫األطراف‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪112‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬

‫ثاني � � �اً‪ -‬تقضي احملكمة املختصة من تلقاء نفس� � ��ها ببط� �ل��ان حكم التحكيم في‬
‫إحدى احلاالت اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا كان موضوع النزاع ال يقبل التسوية بالتحكيم وفقاً للقانون العراقي‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا كان قرار التحكيم يتعارض مع النظام العام في جمهورية العراق‪.‬‬
‫ثالثاً‪ -‬تنظر احملكمة املختصة في دعوى البطالن في احلاالت املنصوص عليها‬
‫ف� � ��ي البندين (أوالً) و (ثانياً) من هذه املادة‪ ،‬من دون أن يكون لها فحص‬
‫الوقائع أو الدخول في موضوع النزاع‪.‬‬
‫ج‪ -‬التظلم من األمر الصادر بتنفيذ احلكم‬
‫أن األص� � ��ل هو تنفيذ حكم التحكيم وليس إعاق� � ��ة تنفيذه‪ ،‬وبنا ًء على ذلك فقد‬
‫أجاز املشرع الفرنسي‪ ،‬التظلم من القرار الصادر برفض تنفيذ هذا احلكم‪.‬‬
‫فيما يتعلق بحكم التحكي� � ��م الداخلي تنص املادة (‪ )1489‬من قانون اإلجراءات‬
‫املدني� � ��ة الفرنس� � ��ي اجلديد على أن «القرار الذي يرفض أم� � ��ر التنفيذ يكون قاب ً‬
‫ال‬
‫لالس� � ��تئناف في خالل ش� � ��هر اعتباراً م� � ��ن تاريخ إعالنه‪ ،‬وفي ه� � ��ذه احلالة يكون‬
‫حملكمة االس� � ��تئناف أن تنظر بناء على طلب أحد األطراف في األسباب التي كان‬
‫ميك� � ��ن التذرع بها ضد احلكم التحكيمي عن طريق االس� � ��تئناف أو دعوى البطالن‬
‫حسب احلالة»‪.‬‬
‫وقد أراد املش� � ��رع الفرنس� � ��ي من ذلك جتنب تكرار ممارسة طرق الطعن نفسها‬
‫ف� � ��ي حكم التحكيم والقرار الص� � ��ادر برفض التنفيذ‪ ،‬على اعتب� � ��ار أن الهدف من‬
‫الطعن ف� � ��ي هذا األخير‪ ،‬ميكن حتقيقه أثناء ممارس� � ��ة الطعن في حكم التحكيم‪،‬‬
‫كما أن مجلس الدولة الفرنسي في تقريره الصادر عام ‪1993‬م‪ ،‬أجاز تطبيق نص‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪113‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املادة املذكورة أعاله‪ ،‬على هذه الطائفة من العقود ش� � ��ريطة أن يكون االختصاص‬
‫للقاضي اإلداري‪.‬‬
‫أما في القانون العراق� � ��ي‪ ،‬فقد نصت املادة (‪ )275‬من قانون املرافعات املدنية‬
‫عل� � ��ى أن «احلكم الذي تصدره احملكمة املختصة وفقاً للمادة الس� � ��ابقة غير قابل‬
‫لالعتراض وإمنا يقبل الطعن بالطرق األخرى املقررة في القانون»‪.‬‬
‫ويتضح من النص أعاله أن احلكم الذي تصدره احملكمة املختصة س� � ��واء أكان‬
‫ا للطعن فيه بجميع طرق الطعن املقررة في املادة‬ ‫بالقب� � ��ول أو الرفض‪ ،‬يكون قاب� �ل � ً‬
‫(‪ )168‬مرافعات‪ ،‬باس� � ��تثناء االعت� � ��راض على احلكم الغياب� � ��ي لتعارضه مع اتفاق‬
‫التحكيم‪ ،‬ألن لفظة (احلكم) جاءت عامة أو مطلقة‪ ،‬والقاعدة تقضي بأن «املطلق‬
‫يجري على اطالقه»‪.‬‬
‫من جانبه أش� � ��ار املش� � ��رع العراقي في البند (ثانياً) من املادة (‪ )45‬من مشروع‬
‫قان� � ��ون التحكيم‪ ،‬إلى إمكانية الطعن بقرار رفض االعتراف بقرار التحكيم ورفض‬
‫تنفي� � ��ذه‪ ،‬وذلك من خالل التظلم أمام محكمة التمييز باعتبارها ‪-‬محكمة الدرجة‬
‫ال بنظر النزاع ما لم يتفق األطراف على‬ ‫الثانية حملكمة االس� � ��تئناف املختصة أص ً‬
‫محكم� � ��ة أخرى‪ -‬خ� �ل��ال (‪ )30‬ثالثني يوم من تاريخ التبل� � ��غ باحلكم وعلى احملكمة‬
‫نقض القرار أو تعديله‪.‬‬
‫> املبحث الرابع‪ :‬اآلثار القانونية حلكم التحكيم‬

‫احلقيقة أن الطبيعة املركبة للتحكيم في كونه اتفاقي النشأة‪ ،‬قضائي الوظيفة‬


‫يكش� � ��ف في وجهها الثاني ف� � ��ي أن فعالية عمل احملكم تنحص� � ��ر في حجية األمر‬
‫املقضي ب� � ��ه‪ ،‬فهي أداته في حتقيق وظيفته‪ ،‬وحك� � ��م احملكم بوصفه عمل إجرائي‬
‫يحاط منذ صدوره بضمانات‪ ،‬ال يقتصر على ترتيبه آلثاره اإلجرائية‪ ،‬وإمنا يرتب‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪114‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫آث� � ��اراً قانونية أيضاً‪ ،‬منها عدم جواز املس� � ��اس به‪ ،‬خارج حدود معينة بعد صدوره‬
‫فاحملكم بعد صدور احلكم ف� � ��ي املنازعة اإلدارية ال يصبح محكماً‪ ،‬ويخرج النزاع‬
‫من سلطته‪ ،‬وهو ما يعبر عنه باستنفاذ احملكم لواليته‪ ،‬ومضمون هذه القاعدة منع‬
‫احملكم من العدول عن حكمه أو تعديله‪ ،‬وكل ما ميكنه القيام به هو تصحيح ما ورد‬
‫به من أخطاء مادية أو تفسيره بنا ًء على طلب احملكم من دون املساس به‪.‬‬
‫ه� � ��ذا وبصدور حكم التحكيم في املنازع� � ��ة اإلدارية‪ ،‬فإنه يرتب جمل ًة من اآلثار‬
‫بعضها يخص احملكم والبعض اآلخر يخص طرفي النزاع‪ ،‬وكما سيأتي بيانه‪:‬‬
‫أو ًال‪ -‬آثار حكم التحكيم على احملكمني‪:‬‬
‫إن األث� � ��ر الذي يخلفه ص� � ��دور احلكم التحكيمي على احملكم� �ي��ن ميثل التزاماً‬
‫عليهم جتاه األطراف واحملكمة املختصة بنظر املنازعة اإلدارية‪ ،‬فقد نص املش� � ��رع‬
‫العراقي بشكل واضح وجلي على التزام احملكمني بتسليم طرفي النزاع نسخة من‬
‫احلكم الصادر في النزاع املعروض على التحكيم‪ ،‬إذ نصت املادة (‪ )271‬من قانون‬
‫املرافعات املدنية العراقي النافذ على ذلك بقولها‪:‬‬
‫(بع� � ��د أن يص� � ��در احملكمون قرارهم عل� � ��ى الوجه املتقدم يج� � ��ب عليهم إعطاء‬
‫صورة منه لكل من الطرفني‪ ،‬وتس� � ��ليم القرار مع أصل اتفاق التحكيم إلى احملكمة‬
‫املختصة بالنزاع‪ ،‬خالل الثالثة أيام التالية لصدوره‪ ،‬وذلك بوصل يوقع عليه كاتب‬
‫احملكمة)‪.‬‬
‫واملالحظ أن املش� � ��رع العراقي قد أوجب على احملكمني وألزمهم بتسليم صورة‬
‫م� � ��ن القرار إلى طرفي الن� � ��زاع‪ ،‬ولم يترك لهم تقدير ذلك هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى فإن هذا االلتزام يكون على شكل صورة من احلكم بأسبابه وحيثياته‪ ،‬وليس‬
‫فق� � ��ط فقرته احلكمية‪ ،‬كما أن هذا االلتزام يكون ش� � ��ام ً‬
‫ال لطرفي النزاع من دون‬
‫أحدهما‪ ،‬فال يصح تسليمه ملن صدر احلكم ملصلحته‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪115‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫كم� � ��ا يتبني من نص املادة (‪ )271‬آنفة الذكر‪ ،‬أنه على احملكمني واجب تس� � ��ليم‬
‫حكم التحكيم إلى احملكمة املختصة بالنزاع خالل الثالثة أيام التالية لصدوره مع‬
‫أصل اتف� � ��اق التحكيم‪ ،‬وحتديده ملدة اإليداع‪ ،‬مع ضرورة إيداع أصل احلكم وليس‬
‫ال عن إيداع أصل اتفاق التحكيم وأن هذا االلتزام يقع على عاتق‬ ‫صورة منه‪ ،‬فض ً‬
‫احملكمني‪.‬‬
‫أن ص� � ��دور احلك� � ��م التحكيمي في املنازعة اإلدارية ميث� � ��ل نهاية املهمة املعهودة‬
‫للمحكمني في اتفاق التحكيم‪ ،‬وبانتهاء هذه املهمة تنتهي سلطات احملكم وواجباته‪،‬‬
‫وه� � ��و ما يعني انتهاء والية احملكم‪ ،‬وانتهاء الوالية تعني عدم إمكانية الرجوع ثانية‬
‫لبح� � ��ث موضوع النزاع‪ ،‬أو إعادة النظر ف� � ��ي احلكم الذي اتخذه احملكمون وفضوا‬
‫به املنازعة‪.‬‬
‫وانته� � ��اء والية احملكمني بص� � ��دور احلكم‪ ،‬ه� � ��و نتيجة مكملة النته� � ��اء مهمتهم‬
‫التحكيمية‪ ،‬ومن ثم زوال صفة احملكم عنهم‪ ،‬ألنه ال يوجد نزاع يس� � ��تلزم بقاء هذه‬
‫ال عاماً من أصول التنظيم القضائي يجب أعماله‪،‬‬ ‫الصفة‪ ،‬وهذا املبدأ أصبح أص ً‬
‫حت� � ��ى مع عدم الن� � ��ص عليه صراح ًة‪ ،‬ف� � ��إن ذلك ال مينع من األخ� � ��ذ به لكونه من‬
‫متطلبات نظام التحكيم‪ ،‬ويعد ضماناً الستقرار احلقوق واملراكز القانونية‪ ،‬وهو ما‬
‫يتفق مع الهدف من التحكيم‪ ،‬غير أن هذا املبدأ ترد عليه االستثناءات اآلتية‪-:‬‬
‫أ‪ -‬إذا م� � ��ا طل� � ��ب أحد أط� � ��راف النزاع أو كليهما‪ ،‬تفس� � ��ير ما أش� � ��كل من حكم‬
‫التحكيم‪ ،‬مما يتطلب توضيح املقصود منه‪ ،‬وقد نص املش� � ��رع املصري على‬
‫ذل� � ��ك في املادة (‪ )49‬من قانون التحكي� � ��م املصري النافذ‪ ،‬إذ أجاز لكل من‬
‫طرف� � ��ي النزاع أن يطلب من هيأة التحكيم تفس� � ��ير ما وقع في منطوقه من‬
‫غموض‪ ،‬خالل الثالثني يوم التالية لتسلمه حكم التحكيم‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪116‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ولقد ترك املشرع العراقي سلطة تقدير ذلك للمحكمة املختصة من دون أطراف‬
‫النزاع‪ ،‬إذا أعيد احلكم من احملكمة املختصة إلى احملكمني إلصالح ما ش� � ��ابه‬
‫من خطأ أو غموض‪ ،‬إذ نصت املادة (‪ )274‬من قانون املرافعات املدنية العراقي‬
‫النافذ على ذلك بقولها‪:‬‬
‫ال أو بعضاً ويجوز لها في‬
‫(يج� � ��وز للمحكمة أن تصدق قرار التحكيم أو تبطله ك ً‬
‫حال� � ��ة االبطال كال أو بعضاً أن تعيد القضية إلى احملكمني إلصالح ما ش� � ��اب‬
‫ق� � ��رار التحكيم أو تفصل في النزاع بنفس� � ��ها إذا كانت القضية صاحلة للفصل‬
‫فيها)‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا احتوى احلكم على خطأ مادي‪ ،‬األمر الذي يس� � ��توجب التصحيح‪ :‬فلكل‬
‫من طرفي النزاع أو لهـيئة التحكيم من تلقاء نفسها‪ ،‬أن تبادر إلى تصحيح‬
‫األخطاء املادية الكتابية أو احلسابية التي ال متس أصل احلكم‪.‬‬
‫وق� � ��د أغفل املش� � ��رع العراقي بيان حك� � ��م األخطاء املادية في ق� � ��رار احملكمني‪،‬‬
‫رغ� � ��م أنه تطرق في املادة (‪ )167‬من قان� � ��ون املرافعات إلى األخطاء املادية البحتة‬
‫أو احلس� � ��ابية في األحكام الصادرة من احملاكم‪ ،‬إذ تق� � ��وم احملكمة بتصحيح هذه‬
‫األخطاء بناء على طلب اخلصوم‪ ،‬إال أنه قد تدارك ذلك في نص املادة (‪/37‬أوالً)‬
‫من مس� � ��ودة مش� � ��روع قانون التحكيم التجاري والتي نصت على (ألي من أطراف‬
‫التحكي� � ��م وخ� �ل��ال (‪ )30‬يوماً من تاريخ تس� � ��لم قرار التحكي� � ��م أن يطلب من هيأة‬
‫التحكيم بشرط أخطار الطرف اآلخر ما يأتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تصحي� � ��ح األخطاء احلس� � ��ابية أو الكتابية أو املطبعي� � ��ة أو أية أخطاء أخرى‬
‫مماثلة من دون املساس مبوضوع القرار‪.‬‬
‫ب‪ -‬تفسير ما يشوب قرار التحكيم من غموض‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪117‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ومن جانب آخر تناول املش� � ��رع العراق� � ��ي بيان حكم األخطاء اجلوهرية في‬
‫ق� � ��رار التحكيم أو في اإلجراءات التي تؤثر في صح� � ��ة القرار‪ ،‬إذ في مثل‬
‫ه� � ��ذه احلالة يتعني على احملكمة املختصة من تلقاء نفس� � ��ها أن تبطل قرار‬
‫احملكمني‪ ،‬كما يجوز للخصوم التمسك ببطالن قرار التحكيم أمام احملكمة‬
‫املختصة إذا ما شابه خطأ جوهرياً‪.‬‬
‫ج‪ -‬إذا ما أغفل حكم التحكيم اإلداري الفصل في بعض املسائل املعروضة على‬
‫التحكيم‪ :‬فيك� � ��ون لهـيئة التحكيم‪ ،‬بناء على طلب من اخلصوم أو أحدهما‪،‬‬
‫ولي� � ��س من تلقاء نفس� � ��ها‪ ،‬الفصل في ما أغفلت الفص� � ��ل فيه من الطلبات‬
‫املقدمة إليها من دون أن تتعداها إلى طلبات جديدة‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ -‬آثار حكم التحكيم على طرفي النزاع‪-:‬‬
‫إن الهدف الرئيس� � ��ي من إحالة املنازعة اإلدارية إلى التحكيم اإلداري‪ ،‬القصد‬
‫منه التوصل إلى تسوية لهذه املنازعة من خالل حكم التحكيم‪ ،‬وإنهاء هذه املنازعة‬
‫يكون من خالل تنفيذ احلكم الصادر‪ ،‬لذا فإن األثر املهم بالنس� � ��بة حلكم التحكيم‬
‫عل� � ��ى طرف� � ��ي املنازعة اإلدارية‪ ،‬ه� � ��و تنفيذ هذا احلكم‪ ،‬فكل إحال� � ��ة إلى التحكيم‬
‫تتضمن التزاماً ضمنياً‪ ،‬من كل األطراف لاللتزام بحكم التحكيم الذي يصدر عن‬
‫احملكمني وتنفيذه‪.‬‬
‫ويترتب على صدور حكم التحكيم باإلضافة إلى اآلثار القانونية السالفة الذكر‪،‬‬
‫اكتس� � ��ابه حجية األمر املقضي به‪ ،‬فحكم التحكيم يحوز احلجية القضائية املانعة‬
‫من إعادة املناقش� � ��ة حول ما قضى به احملك� � ��م‪ ،‬إال بالطرق التي حتددها األنظمة‬
‫القانونية الوضعية في هذا الصدد‪ ،‬مشابهاً بذلك األحكام القضائية الصادرة من‬
‫محاكم الدولة العادية منها واإلدارية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪118‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫فحكم التحكيم هو عمل قضائي له خصائص تلك األحكام‪ ،‬ومبوجبه ميتنع على‬
‫أح� � ��د أطراف النزاع الذي فصل فيه‪ ،‬اللجوء إلى جهة قضائية أخرى في املوضوع‬
‫نفسه محل حكم التحكيم اإلداري من جديد‪.‬‬
‫واملقص� � ��ود بحجية األمر املقضي به امتناع طرف� � ��ي النزاع الذي صدر به حكم‬
‫من احملكمني‪ ،‬عن إعادة عرض النزاع مجدداً أمام القضاء أو التحكيم‪ ،‬ويكتس� � ��ب‬
‫احلكم التحكيمي هذه احلجية حتى قبل صدور األمر بتنفيذه‪.‬‬
‫فالتحكيم نوع من القضاء أقره املش� � ��رع إل� � ��ى جانب القضاء العادي في األصل‬
‫والقض� � ��اء اإلداري في ال� � ��دول التي تأخذ بازدواج القضاء‪ ،‬وم� � ��ن ثم فإن الوظيفة‬
‫الت� � ��ي يؤديها احملكم هي الفصل في املنازعة اإلدارية املعروضة عليه بحكم نهائي‪،‬‬
‫وهي وظيفة القاضي نفس� � ��ه في محاكم الدولة‪ ،‬فالتحكيم وأن كان مصدره أتفاق‬
‫ال قضائياً في آثاره‪ ،‬ومن‬ ‫أطرافه على حس� � ��م منازعاتهم من خالله‪ ،‬فإنه يعد عم ً‬
‫ثم يح� � ��وز احلكم الصادر من احملكم حجية األمر املقضي به‪ ،‬وهي حجية ال تثبت‬
‫إال لألحكام القضائية‪.‬‬
‫وقد وصفت هذه احلجية أنها من مقتضيات املصلحة العامة واخلاصة بضرورة‬
‫وضع حد للمنازعات‪ ،‬واحملافظة على اس� � ��تقرار احلق� � ��وق واملراكز القانونية‪ ،‬كما‬
‫أن ع� � ��دم تقرير مثل هذه احلجية س� � ��يؤدي إلى فقدان الثق� � ��ة باألحكام‪ ،‬وزعزعة‬
‫ال على أنه قد يؤدي إلى صدور أح� � ��كام متباينة في النزاع الواحد‪،‬‬ ‫التعام� � ��ل‪ ،‬فض ً‬
‫وهذه احلجية محددة النطاق من حيث املوضوع واألشخاص‪ ،‬فمن حيث املوضوع‪،‬‬
‫ف� � ��إن املنازعة اإلدارية املنظورة من قبل هي� � ��أة التحكيم ومت الفصل فيها‪ ،‬هي التي‬
‫حتوز احلجية وحدها من دون غيرها من املس� � ��ائل‪ ،‬التي مت االتفاق على عرضها‬
‫عل� � ��ى التحكيم اإلداري‪ ،‬ولكنه� � ��ا لم تنظم من قبل احملكمني‪ ،‬ولم يتم البت فيها من‬
‫قبلهم‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪119‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أما من حيث األشخاص فقد حددت املادة (‪ )2/272‬من قانون املرافعات املدنية‬
‫العراقي النافذ‪ ،‬من هم املعنيون باحلكم بقولها‪:‬‬
‫(ال ينف� � ��ذ قرار احملكمني إال ف� � ��ي حق اخلصوم الذين حكموهم في اخلصوص‬
‫الذي جرى التحكيم من أجله)‪.‬‬
‫ونالح� � ��ظ مما تقدم أن حك� � ��م التحكيم اإلداري له حجية نس� � ��بية تقتصر على‬
‫أطرافه فقط‪ ،‬وال ميتد أثرها إلى الغير‪ ،‬الذي لم يكن طرفاً فيه‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫عرض موجز‬
‫مقدم من طرف مجلس الدولة اجلزائري‬

‫�إجراءات التحكيم‬
‫يف العقود الإدارية‬
‫(اتفاق التحكيم‪ ،‬ت�شكيل هيئة التحكيم‪)...‬‬

‫إعداد‬
‫املسشارة‪ :‬سمية عبد الصدوق‬
‫رئيسة مجلس الدولة اجلزائري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪123‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫م� � ��ن أهم الظواه� � ��ر القانونية احلديثة هي انتش� � ��ار التّحكيم كطريق بديل حلل‬
‫النزاعات‪ ،‬إلى جانب طرق أخرى وهي الصلح والوساطة‪.‬‬
‫إن اجلزائر كرست التحكيم كوسيلة أخرى للفصل في النزاعات وجاء ذلك في‬
‫الباب اخلامس الفصل الثاني من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية من املادة ‪975‬‬
‫إلى املادة ‪ ،989‬ثم في الباب الثاني املادة ‪ 1006‬إلى املادة ‪.1061‬‬
‫وسنّت القوانني التي تكفل سالمة إجراءات التّحكيم‪ ،‬والتّحكيم هو نظام قانوني‬
‫ناشىء عن فعل املتنازعني الذين يختارونه كأداة حلسم نزاعاتهم‪ .‬ويتّسم التحكيم‬
‫بعدة مزايا جعلته محط أنظار األطراف املتنازعة مبا في ذلك س� � ��رعة اإلجراءات‬
‫وسرعة الفصل والتّخصص الفني‪.‬‬
‫ونظراً للتط ّور الكبير الذي يشهده النشاط اإلداري وامتداده ليشمل كل مظاهر‬
‫النش� � ��اط اإلنس� � ��اني فإن ذلك أدى إلى ظهور نظام حتكيم� � ��ي خاص يعرف بنظام‬
‫التحكي� � ��م في العق� � ��ود اإلدارية‪ ،‬ويعتب� � ��ر التّحكيم في مجال العق� � ��ود اإلدارية آخر‬
‫مجال شمله التّحكيم‪ ،‬وقد ساير املش� � ��رع اجلزائري التشريعات املُقارنة بتكريسه‬
‫لقواعد تضبط إجراءات التّحكيم في العقود اإلدارية (اتفاق التحكيم‪ ،‬تشكيل هيئة‬
‫التّحكيم‪ )...‬وهو ما سوف نتطرق إليه في هذا البحث الوجيز‪.‬‬
‫‪ -1‬التّ طور التّ اريخي للتّ حكيم في التّ شريع اجلزائري‪:‬‬

‫قبل اس� � ��تقالل اجلزائر س� � ��نة ‪ 1962‬كان يُط ّبق على اجلزائر قانون اإلجراءات‬
‫الفرنسية الذي يتض ّمن قواعد عن التّحكيم في مجال العقود اإلدارية‪.‬‬
‫إال أنه بعد االس� � ��تقالل وعند صدور قان� � ��ون اإلجراءات املدنية القدمي مبوجب‬
‫األمر رقم ‪ 154/66‬الصادر بتاريخ ‪ 1966/06/08‬جند أن املش � � � ّرع اجلزائري قد‬
‫نظمة للتّحكيم بني أش� � ��خاص القانون اخلاص فقط في املادة ‪442‬‬ ‫وضع تدابير ُم ّ‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪124‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وم� � ��ا يليها منه‪ ،‬بينما ُمن� � ��ع التّحكيم على ال ّدولة وعلى جميع األش� � ��خاص املعنوية‬
‫العا ّم� � ��ة مبا في ذلك التّحكيم ف� � ��ي مجال العقود اإلدارية وذلك بصريح العبارة في‬
‫الفقرة األخيرة من املادة ‪ 442‬املذكورة أعاله‪.‬بعد تكريس املش ّرع اجلزائري للنظام‬
‫الليبرالي مبوجب دس� � ��تور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬وتخلّيه عن النظام االش� � ��تراكي الذي‬
‫إعتنقه منذ اإلستقالل وإلى جانب اإللتزامات ال ّدولية التي صادقت عليها اجلزائر‬
‫نشئة ملركز تسوية‬ ‫املتعلقة بالتّحكيم بصفة عامة واملتم ّثلة في اتفاقية واش� � ��نطن امل ُ ِ‬
‫اخلالفات في ما ّدة االس� � ��تثمار املص� � ��ادق عليها بتاري� � ��خ ‪ 1965/03/18‬واتفاقية‬
‫نيوي� � ��ورك املتعلقة باالعتراف بأحكام التّحكي� � ��م األجنبية وتنفيذها املصادق عليها‬
‫بتاري� � ��خ ‪ 1988/06/10‬مت تعديل األمر رق� � ��م ‪ 154/66‬املتض ّمن قانون اإلجراءات‬
‫املدنية مبوجب املرسوم التّشريعي رقم ‪ 09/93‬املؤره في ‪ 1993/04/25‬أين سمح‬
‫املشرع بإجراء التّحكيم بالنسبة للمؤسسات العمومية االقتصادية وذلك في املواد‬
‫من ‪ 458‬مكرر إلى ‪ 458‬مك ّرر ‪ 28‬منه‪.‬‬
‫وعن� � ��د صدور القان� � ��ون رقم ‪ 09/08‬املؤره ف� � ��ي ‪ 2008/04/25‬املتض ّمن قانون‬
‫الص� � ��ادر بتاريخ‬‫اإلج� � ��راءات املدني� � ��ة واإلداري� � ��ة الذي ألغى األم� � ��ر رقم ‪ّ 154/66‬‬
‫‪ 1966/06/08‬املتض ّمن قانون اإلجراءات املدنية الس� � ��ابق ّ‬
‫نظم املش � � � ّرع مس� � ��ألة‬
‫التّحكيم بصفة عامة مبا في ذلك التّحكيم في العقود اإلدارية في الكتاب اخلامس‬
‫حت� � ��ت عنوان «في الطرق البديلة حلل النزاعات» وهذا في الباب الثاني منه حتت‬
‫عنوان «في التّحكيم» ضمن املواد من ‪ 1006‬إلى ‪1061‬منه‪ ،‬إال أن املواد من ‪1039‬‬
‫الدولي‬‫إلى ‪ 1061‬من هذا القان� � ��ون تض ّمنت األحكام اخلاصة بالتّحكيم التجاري ّ‬
‫تخص التّحكيم بصفة‬ ‫ّ‬ ‫والتي تخرج من نطاق دراس� � ��تنا هذه‪ ،‬لذلك فإن املّواد التي‬
‫عامة والتّحكيم في مجال العقود اإلدارية بصفة خاصة وردت في املواد من ‪1006‬‬
‫إلى ‪ 1039‬من هذا القانون‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪125‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -2‬تعريف التّ حكيم‪:‬‬

‫ممن يت ّم االحتكام‬ ‫التّحكي� � ��م لُغة كلمة ُمش� � ��تقة من «ح ّكم» وتعني طلب ا ُ‬
‫حلك� � ��م ّ‬
‫إلي� � ��ه(‪ .)1‬أما إصطالحاً فيُقص� � ��د بالتّحكيم إتفاق أطراف عالق� � ��ة قانونية مع ّينة‪،‬‬
‫عقدية أو غير عقدية‪ ،‬على أن يتم الفصل في املنازعات التي ثارت بينهم بالفعل‪،‬‬
‫أو التي يُحتمل أن تثور عن طريق أشخاص يت ّم إختيارهم كمح ّكمني(‪.)2‬‬
‫ول� � ��م يخرج الفقهاء عن التّعري� � ��ف اللّغوي للتّحكيم‪ .‬فبعضه� � ��م يع ّرفه على أنه‪:‬‬
‫«االتفاق على طرح النزاع على ش� � ��خص أو أش� � ��خاص معين� �ي��ن ليفصلوا فيه دون‬
‫املختصة»(‪.)3‬‬
‫ّ‬ ‫احملكمة‬
‫والبعض اآلخر يُع ّرفه على أ ّنه «نظام لتسوية املنازعات عن طريق أفراد عاديني‬
‫يختارهم اخلصوم إ ّما مباشرة أو عن طريق وسيلة أخرى يَ ْرتض ْونها» (‪ .)4‬في حني‬
‫يُقصد بالتّحكيم في القانون اجلزائري باتفاق األطراف على عرض نزاع ناش� � ��ىء‬
‫ال عن‬ ‫أو سينش� � ��أ عند تنفيذ عقد سابق بينهما إلى هيئة حتكيمية للفصل فيه بدي ً‬
‫القضاء العمومي‪ .‬والدافع لذلك هو ممارسة حر ّية منحها املش ّرع لألشخاص في‬
‫اختي� � ��ار ُمح ّكم يفترضون فيه األمانة واحلياد والكفاءة القانونية للحكم بالعدل في‬
‫الن� � ��زاع هذا من جهة ومن جهة أخرى تفادياً لإلجراءات ّ‬
‫والش� � ��كليات املتّبعة أمام‬
‫القضاء العمومي والتي قد تتم ّيز بالضغوط وإطالة أمد التّقاضي ناهيك عن مت ّيز‬
‫التّحكيم عن القضاء العمومي بسرية اجللسات‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمود مختار أحمد بربري‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2007 ،‬ص‪.50‬‬
‫(‪ )2‬أبو زيد ُرضوان‪ ،‬األسس العامة في التّحكيم التّجاري الدولي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫(‪ )3‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬عقد التحكيم وإجراءاته‪ ،‬مصر‪ ،1996 ،‬ص ‪.34‬‬
‫(‪ )4‬مصطف� � ��ى محمد اجلمال‪ ،‬عكاش� � ��ة عبدالعال‪ ،‬التحكيم في العالقات اخلاص� � ��ة الدولية والداخلية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫لبنان بيروت منشورات احللبي احلقوقية ‪ 1998‬ص‪.28‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪126‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -3‬تعريف العقد اإلداري‪:‬‬

‫يُع� � ��رف العق� � ��د اإلداري طبقاً للقانون اجلزائري على أن� � ��ه هو ذلك العقد الذي‬
‫يُبرمه ش� � ��خص معنوي عام بقصد تسيير مرفق عام أو تنظيمه أو توفير حاجيات‬
‫املصلحة املتعاقدة في مجال األش� � ��غال واللوازم واخلدمات والدراسات‪ ،‬تظهر فيه‬
‫ن ّية اإلدارة لألخذ بأحكام القانون العام‪ ،‬ويتضمن العقد ش� � ��روطاً إستثنائية وغير‬
‫مألوفة في القانون اخلاص‪.‬‬
‫‪ -4‬العقود اإلدارية اجلائز التحكيم فيها‪:‬‬

‫أجاز املش � � � ّرع اجلزائري لكل ش� � ��خص طبيعي اللّجوء إلى التّحكيم في احلقوق‬
‫الت� � ��ي له ُمطل� � ��ق احلرية للتص ّرف فيها ما عدى املس� � ��ائل املتعلقة بالنظام العام أو‬
‫حالة األش� � ��خاص وأهليتهم وذلك حسب الفقرة األوى والثانية من املادة ‪ 1006‬من‬
‫قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪ ،‬أما بالنسبة لألشخاص املعنوية العامة فليست‬
‫له� � ��ا ُمطلق احلرية ف� � ��ي اللّجوء إلى التّحكيم بل هيمقيدة في ذلك‪ ،‬بحيث أجاز لها‬
‫املش ّرع أن تطلب التّحكيم في عالقاتها االقتصادية الدولية أو في إطار الصفقات‬
‫العمومية فقط‪ ،‬أما بالنس� � ��بة للمجاالت األخرى فال يجوز لها ذلك‪ ،‬وهذا ما ورد‬
‫ف� � ��ي الفقرة الثالثة من امل� � ��ادة ‪ 1006‬من قانون اإلج� � ��راءات املدنية واإلدارية التي‬
‫تنص على أنه «وال يجوز لألشخاص املعنوية العامة أن تطلب التّحكيم‪ ،‬ما عدا في‬
‫عالقاتها اإلقتصادية الدولية أو في إطار الصفقات العمومية»‪.‬‬
‫‪ -5‬كيفية إبرام اتفاق التّ حكيم‪:‬‬

‫نص قانون اإلجراءات املدني� � ��ة واإلدارية اجلزائري على طريقتني إلبرام إتفاق‬
‫ّ‬
‫التّحكيم وهما‪ :‬شرط التّحكيم و ُمشارطة التّحكيم‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪127‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أ‪ -‬شرط التّحكيم (‪:)la clause compromissoire‬‬
‫يُقصد به اتفاق أطراف عقد معينّ صراحة على عرض أي نزاع ُمستقبلي ينشأ‬
‫بينهما أثناء تنفيذ هذا العقد على التّحكيم من خالل اإلش� � ��ارة إلى ذلك في العقد‬
‫األصلي أو في وثيقة ُمنفصلة ُملحقة بالعقد األصلي‪.‬‬
‫وق� � ��د وردت هذه الطريقة في كيفي� � ��ة إعداد اتفاق التّحكيم في املادة ‪ 1007‬من‬
‫قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية التي تنص على أنه «شرط التّحكيم هو اإلتفاق‬
‫ال� � ��ذي يلتزم مبوجبه األطراف في عقد ُمتصل بحقوق متاحة مبفهوم املادة ‪1006‬‬
‫أعاله‪ ،‬لعرض النزاعات التي قد تُثار بشأن هذا العقد على التّحكيم»‪.‬‬
‫ويجب أن يُثبت ش� � ��رط التّحكيم كتاب ًة وأن يتض ّمن تعيني املحُ ّكم أو احمل ّكمني أو‬
‫حتدي� � ��د طريقة تعيينهم وهو ماورد في امل� � ��ادة ‪ 1008‬من قانون اإلجراءات املدنية‬
‫واإلدارية التي تنص على أنه «يُثبت شرط التحكيم‪ ،‬حتت طائلة البطالن‪ ،‬بالكتابة‬
‫في االتفاقية األصلية أو في الوثيقة التي تَس � � �تَند إليها‪ .‬يجب أن يتض ّمن ش� � ��رط‬
‫التّحكي� � ��م‪ ،‬حتت طائلة البط� �ل��ان‪ ،‬تعيني احمل ّكم أو احمل ّكم� �ي��ن‪ ،‬أو حتديد كيفيات‬
‫تعيينهم»‪.‬‬
‫ب ‪ُ -‬مشارطة التّحكيم (‪:)un compromis d'arbitrage‬‬
‫يُقصد به اتفاق أطراف عقد معينّ على عرض نزاع ناشىء بينهما على التّحكيم‪.‬‬
‫مبعنى أن ُمشارطة التّحكيم تكون بعد نشوء ال ِنّزاع‪.‬‬
‫وق� � ��د وردت هذه ّ‬
‫الطريقة في كيفي� � ��ة إعداد إتفاق التّحكيم في املادة ‪ 1011‬من‬
‫قان� � ��ون اإلجراءات املدنية واإلدارية التي تنص على أنه «اتفاق التّحكيم هو االتفاق‬
‫الذي يقبل األطراف مبوجبه عرض نزاع سب َق نُ ُشووه على التّحكيم»‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪128‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ويج� � ��ب أن تُثبت ُمش� � ��ارطة التحكيم كتاب ًة وأن تتض ّمن موضوع النّزاع وأس� � ��ماء‬
‫احمل ّكمني أو حتديد طريقة تعيينهم وهو ما ورد في املادة ‪ 1012‬من قانون اإلجراءات‬
‫املدنية واإلدارية التي تنص على أنه «يحصل اإلتفاق على التّحكيم كتابياً‪ .‬يجب أم‬
‫يتض ّمن اتفاق التّحكيم‪ ،‬حتت طائلة البطالن‪ ،‬موضوع النزاع وأسماء املحُ ك ّمني‪ ،‬أو‬
‫كيفية تعيينهم»‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر أن املش � � � ّرع اجلزائري س� � ��مح بإبرام اتفاق التحكيم حتى أثناء‬
‫س� � ��ير الدعوى أمام القضاء العادي وقبل صدور حكم نهائي وهو ما ورد في املادة‬
‫‪ 1013‬م� � ��ن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية التي تنص على أنه «يجوز لألطراف‬
‫االتفاق على التّحكيم‪ ،‬حتى أثناء سير اخلصومة أمام اجلهة القضائية»‪.‬‬
‫‪ -6‬كيفية تشكيل هيئة التحكيم‪:‬‬

‫أجاز املش � � � ّرع اجلزائري أن تتش � � � ّكل محكمة التّحكيم من مح ّكم واحد أو عدة‬
‫مح ّكمني بعدد فردي حس� � ��ب ما ورد في املادة ‪ 1017‬من قانون اإلجراءات املدنية‬
‫واإلداري� � ��ة‪ .‬ويُش� � ��ترط أن يقبل املحُ ّكم امله ّمة املُس� � ��ندة إليه وهو م� � ��ا ورد في املادة‬
‫‪ 1015‬م� � ��ن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية التي تنص على أنه «ال يُعد تش� � ��كيل‬
‫محكمة التّحكيم صحيحاً‪ ،‬إال إذا قبل احمل ّكم أو احمل ّكمون بامله ّمة املسندة إليهم‪»...‬‬
‫واحلكمة من ذلك أنه ال يجوز إجبار شخص على ممارسة التّحكيم‪.‬‬
‫وقد يتولى مه ّمة التّحكيم إ ّما ش� � ��خص طبيعي أو ش� � ��خص معنوي‪ .‬فبالنس� � ��بة‬
‫للش� � ��خص الطبيعي فإن املش� � ��روع اجلزائري قد إش� � ��ترط أن يكون هذا الشخص‬
‫ُمتمتعاً بحقوقه املدنية حس� � ��ب ما نصت عليه الفق� � ��رة األولى من املادة ‪ 1014‬من‬
‫قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪129‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أما بالنسبة للشخص املعنوي فإنه يتولى تعيني عضو أو أكثر من أعضائه بصفة‬
‫ِّ‬
‫محكم حس� � ��ب ما نصت عليه الفقرة الثانية من املادة ‪ 1014‬من قانون اإلجراءات‬
‫املدنية واإلدارية‪.‬‬
‫‪ -7‬تدخل القضاء في تشكيل هيئة التحكيم‪:‬‬

‫أن إرادة اخلصوم‬ ‫تشكيل محكمة التّحكيم يحكمها مبدأ أساسي يتم ّثل في كون ّ‬
‫هي املرجع األ ّول في تشكيل هاته الهيئة‪ .‬غير أنه إذا اعترضت صعوبة في تشكيل‬
‫محكمة التّحكيم بفعل أحد األطراف أو مبناس� � ��بة تنفيذ إجراءات تعيني املحُ ِ ّكم أو‬
‫املحُ ّكمني‪ ،‬يتم تعيني املحُ ّكم أو املحُ ّكمون من قبل رئيس احملكمة التي يقع في دائرة‬
‫اختصاصها محل إبرام العقد أو محل تنفيذه‪.‬‬
‫ال أو غير ٍ‬
‫كاف لتش� � ��كيل محكمة التّحكيم‪ ،‬يُعاين‬ ‫وإذا كان ش� � ��رط التّحكيم باط ً‬
‫رئي� � ��س احملكمة ذلك ويص ّرح بأ ّال وجه لتعيني املحُ ّكم أو املحُ ّكمني وهو ما ورد في‬
‫املادة ‪ 1009‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪.‬‬
‫وكما سبق ذكره‪ ،‬فإنه يتعينّ على احمل ّكم قبول مهمة التحكيم املُسندة إليه‪ ،‬وفي‬
‫حال� � ��ة رفضه القيام مبه ّمة التحكيم يُس� � ��تبدل هذا احمل ّك� � ��م بغيره بأمر من طرف‬
‫رئيس احملكمة املُختصة حس� � ��ب ما تنص عليه امل� � ��ادة ‪ 1012‬من قانون اإلجراءات‬
‫تدخل القضاء في تش� � ��كيل هيئة‬‫املدني� � ��ة واإلدارية وهو ما يش� � ��كل وجه من أوجه ّ‬
‫التّحكيم‪.‬‬
‫‪ -8‬حاالت رد حُ‬
‫امل ِ ّكم‪:‬‬

‫يُقصد برد املحُ َ ِ ّكم تعبير أحد أطراف اخلصومة التّحكيمية عن إرادته في عدم‬
‫نص عليها‬‫املث� � ��ول أم� � ��ام ُمح ّكم معينّ في قضية مع ّينة لتوافر أحد األس� � ��باب التي ّ‬
‫القانون‪ .‬ولقد منح املش ّرع اجلزائري لل ُمحتكمني صالحية رد احمل ّكم أو احمل ّكمني‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪130‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫في حاالت محددة حصرته� � ��ا الفقرة األولى من املادة ‪ 1016‬من قانون اإلجراءات‬
‫املدنية واإلدارية التي تنص على أنه «يجوز رد احملكم في احلاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬عندما ال تتوفر فيه املُؤهالت املُتّفق عليها بني األطراف‪.‬‬
‫‪ -2‬عندما يوجد س� � ��بب رد منصوص عليه ف� � ��ي نظام التّحكيم املوافق عليه من‬
‫قبل األطراف‪.‬‬
‫‪ -3‬عندما تتبينّ من الظروف ش� � ��بهة مشروعة في استقالليته‪ ،‬ال سيما بسبب‬
‫وجود مصلحة أو عالقة اقتصادية أو عائلية مع أحد األطراف مباش� � ��رة أو‬
‫عن طريق وسيط‪.»...‬‬
‫كاف في بعض األحيان بحيث‬ ‫أن تو ّفر سبب من هذه األسباب قد يكون غير ٍ‬ ‫غير ّ‬
‫ال يُسمح لل ُمحتكِ م برد املحُ ّكم الذي ساهم في تعيينه إذا كان عاملاً بسبب ال ّرد قبل‬
‫تعيني املحُ َ ّكم وهو ما جاء في الفقرة الثانية من املادة ‪ 1016‬من قانون اإلجراءات‬
‫املدني� � ��ة واإلدارية التي تنص على أنه «‪ .......‬ال يجوز طلب رد احمل ّكم من ّ‬
‫الطرف‬
‫الذي كان قد ع ّينه‪ ،‬أو شارك في تعيينه‪ ،‬إال لسبب َع ِل َم به بعد التعيني»‪.‬‬
‫وجتدر اإلش� � ��ارة إلى أن املش � � � ّرع اجلزائري ألزم احمل ّك� � ��م بإخبار احملتكمني في‬
‫حالة ما إذا توفر فيه سبب من أسباب الرد الواردة في املادة ‪ 1016‬السالفة الذكر‬
‫وال يجوز له القيام بالتحكيم إال مبوافقة احملتكمني وهو ما ورد في الفقرة الثانية‬
‫م� � ��ن املادة ‪ 1015‬من قانون اإلج� � ��راءات املدنية اإلدارية التي تنص على أنه «‪...‬إذا‬
‫عل� � ��م املحُ ّكم بأنه قابل لل ّرد‪ ،‬يُخبر األطراف بذل� � ��ك وال يجوز له القيام باملهمة إال‬
‫بعد موافقتهم»‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪131‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -9‬إجراءات رد حُ‬
‫املكّ م‪:‬‬

‫حدد املش � � � ّرع اجلزائري في الفق� � ��رة الرابعة من امل� � ��ادة ‪ 1016‬من قانون‬
‫ل� � ��م يُ ّ‬
‫اإلجراءات املدنية واإلدارية بوضوح إجراءات رد احملكمني مكتفياً بالقول أنه «‪....‬‬
‫في حالة النزاع‪ ،‬إذا لم يتضمن نظام التّحكيم كيفيات تسويته أو لم يسع األطراف‬
‫لتس� � ��وية إجراءات ال� � ��رد‪ ،‬يفصل القاضي في ذلك بأمر بن� � ��ا ًء على طلب من يهمه‬
‫التّعجيل»‪.‬‬
‫وعلي� � ��ه ميكن القول أن املش � � � ّرع اجلزائري قد ك ّرس مب� � ��دأ حرية األطراف في‬
‫االتف� � ��اق على إجراءات رد املحُ ّكم‪ ،‬وفي حالة غي� � ��اب هذا اإلتفاق فإنه يتعينّ على‬
‫الطرف الذي يعتزم رد احمل ّكم أن يقدم طلبه كتاب ًة إلى املحُ ّكم الذي يعتزم رده كما‬
‫يقوم بتبليغ محكمة التّحكيم والطرف اآلخر بسبب ال ّرد‪.‬‬
‫مت قبول طلب ال ّرد الذي تقدم به أحد األطراف أو احمل ّكم ذاته فال إشكال‬‫وإذا ّ‬
‫في ذلك‪ ،‬وفي حالة عدم قبول طلب ال ّرد‪ ،‬تتم إحالة النزاع سواء من طرف مقدم‬
‫الطل� � ��ب أو من هيئة التّحكيم إلى اجله� � ��ة القضائية املختصة التي تصدر أمراً في‬
‫ّ‬
‫ذلك ويكون هذا األمر غير قابل ألي طعن حسب ما تنص عليه الفقرة الرابعة من‬
‫املادة ‪ 1016‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪.‬‬
‫‪ -10‬سير اخلصومة التّ حكيمية‪:‬‬

‫األص� � ��ل أن تُطبق على اخلصوم� � ��ة التّحكيمية اآلجال واألوض� � ��اع املقررة أمام‬
‫اجله� � ��ات القضائية غير أنه يمُ ك� � ��ن لل ُمحتكمني تكريس قواعد مختلفة لس� � ��ريان‬
‫اخلصومة التّحكيمية وهو ما تنص عليه املادة ‪ 1019‬من قانون اإلجراءات املدنية‬
‫واإلدارية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪132‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وتب� � ��دأ اخلصومة التّحكمية بطرح النّزاع عل� � ��ى احمل ّكم أو احمل ّكمني‪ .‬وفي حالة‬
‫تعدد احمل ّكمني فإن جميعهم يش� � ��ترك في إجناز أعمال التحقيق واحملاضر إال إذا‬
‫خ ّول لهم اتفاق التّحكيم سلطة ندب أحدهم للقيام بها حسب ما تنص عليه املادة‬
‫‪ 1020‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪.‬‬
‫وال يجوز لل ُمحكمني التّخلي عن امله ّمة إذا شرعوا فيها وال يجوز ر ّدهم إ ّال طرأ‬
‫الطعن بالتزوير مدنياً في‬ ‫س� � ��بب من أس� � ��باب ال ّرد بعد تعيينهم‪ .‬غير أنه في حالة ّ‬
‫س� � ��ند أو في محض� � ��ر أو إذا حصل عارض جنائي‪ ،‬فإنه يتع� �ّي��نّ على احمل ّكمني أن‬
‫املختصة على أن يت ّم س� � ��ريان أجل التّحكيم‬
‫ّ‬ ‫يُحيلوا األطراف إلى اجلهة القضائية‬
‫م� � ��ن تاريخ احلكم في املس� � ��ألة العارضة وذلك طبقاً ألح� � ��كام املادة من ‪ 1021‬من‬
‫قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪.‬‬
‫ويتعينّ على املحُ تكِ م تقدمي دفاعه و ُمس� � ��تنداته إلى احمل ّكمني قبل إنقضاء أجل‬
‫مت الفصل بناء على ما مت تقدميه قبل هذا‬ ‫التحكيم بخمسة عشر (‪ )15‬يوماً وإال ّ‬
‫األجل وذلك طبقاً ألحكام املادة ‪ 1022‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪.‬‬
‫‪ -11‬إنتهاء التّ حكيم‪:‬‬
‫م� � ��ن املنطقي أن اتف� � ��اق التّحكيم غير ُمؤ ّبد كما أنه غي� � ��ر ُمحتّم على احمل ّكمني‬
‫إج� � ��راء التّحكيم في جميع الظروف‪ ،‬وعليه فإن املش � � � ّرع اجلزائري قد وضع عدة‬
‫أس� � ��باب لنهاية التّحكيم‪ .‬وفي هذا الش� � ��أن فإن املادة ‪ 1024‬من قانون اإلجراءات‬
‫املدنية واإلدارية تنص على أنه «ينتهي التّحكيم‪:‬‬
‫‪ -1‬بوف� � ��اة أحد احمل ّكمني أو رفضه القي� � ��ام مبه ّمته مببرر أو تنحيته أو حصول‬
‫مانع له‪ ،‬ما لم يوجد ش� � ��رط ُمخالف‪ ،‬أو إذا اتّفق األطراف على اس� � ��تبداله‬
‫م� � ��ن قبل احمل ّكم أو احمل ّكمني الباقني‪ .‬وفي حالة غياب االتّفاق تُط ّبق أحكام‬
‫املادة ‪ 1009‬أعاله‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪133‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املدة املقررة للتّحكيم‪ ،‬فإذا لم تُشترط املدة‪ ،‬فبانتهاء مدة أربعة (‪)4‬‬
‫‪ -2‬بانتهاء ّ‬
‫أشهر‪.‬‬
‫‪ -3‬بفقد الشيء موضوع النزاع أو انقضاء ال ّدين املُتنازع فيه‪.‬‬
‫‪ -4‬بوفاة أحد أطراف العقد»‪.‬‬
‫‪ -12‬صدور حكم التّ حكيم‪:‬‬

‫على غرار أغلب ال ّتش� � ��ريعات املُقارنة لم يُعرف املش ّرع اجلزائري حكم التّحكيم‬
‫وإمنا ترك مس� � ��ألة تعريفه إلى الفقه والقضاء‪ ،‬وبالرجوع إلى القانون رقم ‪09/08‬‬
‫املتعلق باإلج� � ��راءات املدنية واإلدارية جند أن املش � � � ّرع اجلزائري تطرق في املواد‬
‫‪ 1025‬إل� � ��ى ‪ 1031‬منه إلى كيفية صدور حكم التّحكيم والبيانات الواجب توافرها‬
‫فيه إلى جانب حجيته‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى الفقه فقد ع ّرف حكم التّحكيم بأنه‪:‬‬
‫«احلكم النهائي الذي تصدره هيئة التّحكيم في موضوع النزاع املعروض عليها‪،‬‬
‫س� � ��واء تعلّق هذا احلكم مبوضوع املنازعة في حد ذاتها وكان شام ً‬
‫ال لكل النّزاع أو‬
‫جلزء منه‪ ،‬وكانت هيئة التّحكيم قد قبلت طلبات أي من الطرفني ُكلّها أو رفضتها‬
‫ُكلّه� � ��ا أو قبلت ج� � ��زءاً منها ورفضت اجل� � ��زء اآلخر‪ ،‬أو تعلّق هذا احلكم مبس� � ��ألة‬
‫حلحكم بإنهاء‬ ‫اإلختص� � ��اص أو اإلجراءات وأ ّدت باملحُ ّكم أو الهيئة التّحكيمية إلى ا ُ‬
‫اخلصومة»‪.‬‬
‫وعليه فإن ما يصدر من هيئة التّحكيم في غير اخلصومة ال يعد حكم حتكيمي‪،‬‬
‫ومثال ذلك القرارات املتعلّقة بتحديد زمان ومكان جلسات التّحكيم‪ ،‬وكذلك قرارات‬
‫التّأجيل أو ندب خبير أو القرار املُتض ّمن معاينة بضائع أو سماع شاهد‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪134‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫غير أنه بالرجوع إلى املادة ‪ 1035‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية جند أن‬
‫املش � � � ّرع اجلزائري لم يف ّرق فيما يخص أحكام التّحكيم بني حكم التّحكيم النهائي‬
‫وب� �ي��ن حكم التّحكي� � ��م اجلزئي وكذا حكم التّحكيم التحضي� � ��ري‪ ،‬بل إعتبر أن هذه‬
‫األحكام قابلة للتنفيذ بأمر من رئيس احملكمة التي صدر في دائرة إختصاصها‪.‬‬
‫عد حكم � � �اً حتكيمياً طبقاً للقانون اجلزائ� � ��ري كل حكم فصل بصفة‬
‫وبالتّال� � ��ي يُ ّ‬
‫نهائي� � ��ة أو جزئية في النّزاع‪ ،‬وكذلك كل حكم حتضيري صدر عن املحُ ّكم أو هيئة‬
‫التّحكيم مبناسبة الفصل في النّزاع املعروض عليها كاحلكم القاضي بتعيني خبير‬
‫أو سماع شاهد إلى غير ذلك‪.‬‬
‫يخضع حكم التّحكيم إلجراءات وأشكال خاصة ح ّددها املش ّرع في املادة ‪1025‬‬
‫تنص على إلزامية إجراء املداوالت بني‬ ‫من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية التي ّ‬
‫احمل ّكمني قبل إصدار حكم التّحكيم وتكون هذه املداوالت س� � ��ر ّية وليس� � ��ت علنية‪،‬‬
‫وفي حالة تعيني مح ّكم واحد فال داعي للمداولة وال للتّصويت فحكمه هو الفاصل‬
‫وفقاً للقواعد القانونية‪ ،‬وفي حالة تعيني عدة مح ّكمني وجب مشاركتهم جميعاً في‬
‫إصدار حكم التّحكيم‪.‬‬
‫وقد نصت املادة ‪ 1026‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية على صدور احلكم‬
‫بأغلبي� � ��ة األصوات‪ .‬كما يجب أن يتض ّمن حك� � ��م التّحكيم عرضاً موجزاً إلدعاءات‬
‫األطراف وأوجه دفاعهم ويجب أن يكون مس� � ��بباً‪ ،‬ويُقصد بالتسبيب أن يكون حكم‬
‫التّحكيم مسبباً من حيث الوقائع والقانون مثل احلكم القضائي متاماً‪.‬‬
‫ويص� � ��در حك� � ��م التّحكيم وفق ش� � ��كليات معينة ح ّددتها امل� � ��ادة ‪ 1028‬من قانون‬
‫اإلجراءات املدنية واإلدارية وتتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪135‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -1‬إسم ولقب احمل ّكم أو احمل ّكمني‪.‬‬
‫‪ -2‬تاريخ صدور حكم التّحكيم‪.‬‬
‫‪ -3‬مكان إصدار حكم التّحكيم‪.‬‬
‫‪ -4‬أس� � ��ماء وألق� � ��اب األطراف وموطن كل منهم وتس� � ��مية األش� � ��خاص املعنوية‬
‫ومقرها اإلجتماعي‪.‬‬
‫‪ -5‬أسماء وألقاب احملامني أو من م ّثل أو ساعد األطراف عند اإلقتضاء‪.‬‬
‫ويت � � � ّم توقيع حكم التّحكيم م� � ��ن طرف املحُ ّكمني وفي ح� � ��ال امتناع األقلية عن‬
‫التّوقيع يُش� � ��ير بقية احمل ّكمني إلى ذلك وير ّت� � ��ب حكم التّحكيم أثره باعتباره موقعاً‬
‫م� � ��ن جميع احمل ّكمني طبقاً ملا تنص عليه املادة ‪ 1029‬من قانون اإلجراءات املدنية‬
‫واإلدارية‪.‬‬
‫ومبج� � ��رد الفص� � ��ل في اخلصوم� � ��ة التّحكيمية يتخلّى احمل ّك� � ��م أو احمل ّكمني عن‬
‫الن� � ��زاع‪ .‬غير أنه يمُ كن ال ّرجوع إلى احمل ّكم أو احمل ّكمني لتفس� � ��ير حكم التّحكيم أو‬
‫تصحي� � ��ح األخطاء املادية واإلغفاالت التي تش� � ��وبه وذلك طبق � � �اً للمادة ‪ 1030‬من‬
‫قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪.‬‬
‫حجية الش� � ��يء املقضي في� � ��ه مبجرد صدوره فيما يخص‬ ‫ويحوز حكم التّحكيم ّ‬
‫النزاع املفصول فيه ويُعتبر س� � ��ند تنفيذي حس� � ��ب ما تن� � ��ص عليه املادة ‪ 1031‬من‬
‫قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪136‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اخلامتة‬

‫لقد س� � ��اير املش ّرع اجلزائري أغلب التّشريعات املُقارنة ّ‬


‫بالسماح لألفراد بطرح‬
‫النزاعات الناش� � ��ئة عن بعض العقود اإلدارية على التّحكيم وهو ما أدى إلى ازدياد‬
‫اإلهتمام بالتحكيم في املجال اإلداري وإنشاء مراكز ُمختصة بالتّحكيم في املجال‬
‫اإلداري وعقد املُؤمترات والندوات اخلاصة بهذا النوع من التّحكيم‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إلى أن عدد القضايا املطروحة على القضاء اجلزائري واملتعلقة‬
‫بالنزاعات الناش� � ��ئة عن إجراءات التّحكيم في العقود اإلدارية محدود وذلك راجع‬
‫إلى احترام احمل ّكمني لإلجراءات املنصوص عليها في اتفاقيات التّحكيم في املادة‬
‫اإلدارية وهو ما يحد من عرض هذا النوع من النزاعات على القضاء‪.‬‬
‫وجتد اإلش� � ��ارة كذلك أن� � ��ه ال يوجد نص قانوني أو دس� � ��توري مينع اللجوء إلى‬
‫التحكي� � ��م في منازعات العقود اإلدارية الدولي� � ��ة‪ ،‬وعليه يمُ كن لألفراد اللجوء إلى‬
‫هذا النوع من التّحكيم وال يعد ذلك إعتداء على إختصاص القضاء اإلداري الذي‬
‫يظل اإلختصاص األصيل حلل املنازعات اإلدارية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪137‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫‪ -1‬محمود مختار أحمد بربري‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية‪.2007 ،‬‬
‫‪ -2‬أبو زيد ُرضوان‪ ،‬األسس العامة في التّحكم التّجاري الدولي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -3‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬عقد التحكيم واجراءاته‪ ،‬مصر‪.1996 ،‬‬
‫‪ -4‬مصطف� � ��ى محمد اجلمال‪ ،‬عكاش� � ��ة عبد العال‪ ،‬التحكيم في العالق� � ��ات اخلاصة الدولية‬
‫والداخلية‪ ،‬ط‪ ،1‬لبنان بيروت منشورات احللبي احلقوقية ‪.1998‬‬

‫النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ -1‬دستور ‪ 23‬فبراير ‪ ،1989‬اجلريدة الرسمية عدد‪ ،9‬صادرة بتاريخ ‪ 1‬مارس ‪.1989‬‬
‫‪ -2‬األمر رقم ‪ 1966/154‬الصادر بتاري� � ��خ ‪ 1966/06/08‬املتضمن قانون اإلجراءات املدنية‬
‫املعدل واملتمم‪.‬‬
‫‪ -3‬املرس� � ��وم ال ّتش� � ��ريعي رقم ‪ 1993/9‬املؤرخ في ‪ 1993/04/25‬املتضم� � ��ن تعديل األمر رقم‬
‫‪ 154/66‬املتضمن قانون اإلجراءات املدنية‪.‬‬
‫‪ -4‬القان� � ��ون رق� � ��م ‪ 2008/9‬املؤرخ ف� � ��ي ‪ 25‬فبراير ‪ 2008‬املتضمن قان� � ��ون اإلجراءات املدنية‬
‫واإلدارية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫تطور ق�ضاء التحكيم‬
‫يف جمال‬
‫العقود الإدارية الدولية‬
‫(التوافق والتناغم في احللول مع استبعاد سلبيات املاضي)‬

‫بقلم‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬أحمد صادق القشيري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪141‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫تطور قضاء التحكيم‬
‫في مجال العقود اإلدارية الدولية‬
‫(التوافق والتناغم في احللول مع استبعاد سلبيات املاضي)‬

‫‪ -1‬كان صدور قرار الهيئة التحكيمية التي نظرت قضية اململكة العربية السعودية‪/‬‬
‫أرامكو في عام ‪ 1958‬إيذاناً بنهاية مرحلة تاريخية اتس� � ��مت بإعطاء قدس� � ��ية‬
‫مطلقة لإلمتيازات البترولية املمنوحة في الثلث األول من القرن العشرين من‬
‫جانب دول الش� � ��رق األوس� � ��ط للشركات العاملية الناش� � ��طة بدءاً من ‪D'Arcy‬‬
‫ف� � ��ي بالد فارس ع� � ��ام ‪ 1901‬إلى أرامكو في الس� � ��عودية وزميالتها في العراق‬
‫والكويت وأب� � ��و ظبي وقطر‪ ،‬حيث امتدت جميعها لتش� � ��مل كامل إقليم الدولة‬
‫مانحة اإلمتياز البترولي ومقابل إتاوة مقدارها عدة ش� � ��لنات لكل برميل بترول‬
‫مستخرج وطوال عشرات السنني املمتدة والتي تشمل عمليات اإلستخراج من‬
‫باطن األرض أو املياه املجاورة ومتدي� � ��د األنابيب والتصنيع والنقل والتصدير‬
‫خارج البالد دون ضرائب على أرباح تلك الشركات وذلك الوضع استمر طوال‬
‫الفترة السابقة على إكتشاف الدول األعضاء بجامعة الدول العربية من خالل‬
‫املؤمتر األول للبترول في أوائل اخلمسينات بالقاهرة أن دول أمريكا الالتينية‬
‫مث� � ��ل فينزويال حتصل في املقاب� � ��ل على عائد يعرف ب� � ��ال‪ 50/50-‬كضرائب‬
‫تساوي نصف قيمة البترول املستخرج‪.‬‬
‫‪ -2‬وعندما علم جاللة امللك‪ /‬عبدالعزيز الس� � ��عود مؤس� � ��س اململكة بهذا التفاوت‪،‬‬
‫قام فوراً باس� � ��تدعاء مالك أرامكو وإلزامهم بتغيير الش� � ��روط املجحفة للدول‬
‫العربية إلدخال نظام أقس� � ��ام العوائد عن طريق فرض ضرائب يتم س� � ��دادها‬
‫باإلضافة إلى اإلتاوة املمنوحة سابقاً‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪142‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وكان هذا إيذاناً بأفول مرحلة اإلس� � ��تغالل اإلستعماري الذي ظل قائماً طوال‬
‫النصف األول من القرن العش� � ��رين‪ ،‬والذي متثل على وجه اخلصوص في أول‬
‫قضيتني حتكيميني قد مت الفصل فيها عامي ‪ 1951‬و ‪ 1953‬بواس� � ��طة محكم‬
‫منفرد‪( ،‬اللورد‪ Asquith /‬في حتكيم إمارة أبو ظبي‪ ،‬والسيد‪ Dunhill /‬في‬
‫حتكي� � ��م قطر) واللذين انتهيا إلى القضاء بإس� � ��تبعاد تطبي� � ��ق القانون الواجب‬
‫التطبيق في كل من اإلمارتني بزعم أن الشرعية اإلسالمية في مفهومها األول‬
‫نظام بدائي متخلف ليس به قواعد حتكم املعامالت البترولية املعاصرة‪ ،‬بينما‬
‫الثاني حاول التعرف على القواعد الواجبة التطبيق بواسطة استاذين فرنسي‬
‫وبريطاني متخصصني‪.‬‬
‫ولكن إزاء عجزهما عن الوصول إلى التعريف مبفهوم هذه القواعد في املذهب‬
‫الواجب اإلتباع شرعاً‪ ،‬انتهى إلى ضرورة استبدال هذا النظام الواجب التطبيق‬
‫بقواعد القانون اإلجنليزي الذي يعد رمزاً للعدالة وتقنيناً للقانون الطبيعي‪.‬‬
‫وجاء هذان احلكمان بأس� � ��وأ ما تكش� � ��ف عنه العقلية االستعمارية التي كانت‬
‫حتكم العالقات البترولية في منتصف القرن العشرين‪ ،‬حيث يتم تعيني احملكم‬
‫الفرد بواس� � ��طة املمثل السياس� � ��ي البريطاني في منطقة اخلليج العربي على‬
‫نحو مثير لالش� � ��مئزاز وين� � ��م عن غياب القدر األدنى م� � ��ن اإلحترام للحضارة‬
‫اإلسالمية عريقة األصول‪.‬‬
‫‪ -3‬وكان املأمول بعد الدرس الذي تلقته الش� � ��ركات البترولية االستعمارية على يد‬
‫جاللة امللك‪ /‬عبدالعزيز ومحاوالت اململكة الس� � ��عودية إلدخال قدر أدنى من‬
‫التعديالت في نظام االمتيازات كما رس� � ��مته العقود االستعمارية القدمية تبدأ‬
‫بها صفحة جديدة عن طري� � ��ق التطوير عن طريق اإلتفاق على حتكيم حديث‬
‫يكون لكل ط� � ��رف فيه محكماً على عل� � ��م بتراثه القانون� � ��ي والقواعد الواجبة‬
‫اإلتباع في تفسير وتطبيق القواعد املتفق عليها على نحو منصف وعادل‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪143‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وجاءت املناسبة في مجال تنفيذ عقد شحن أبرمته اململكة السعودية لتصدير‬
‫قدر من إنتاجها النفطي على س� � ��فن االس� � ��طول البح� � ��ري اململوك حني ذاك‬
‫الوناس� � ��يس اليوناني‪ ،‬ولكن أرامكو اعترضت على أساس أن حقوقها املطلقة‬
‫واملكتسبة ال تسمح للحكومة السعودية بالتدخل في تصدير البترول املستخرج‬
‫الذي تتمتع أرامكو بإحتكار عمليات تصنيعه ونقله خارج البالد‪.‬‬
‫ورغم وجود أسماء عربية فاضلة ضمن املشاركني في تلك القضية التحكيمية‪،‬‬
‫س� � ��واء كمحكم يعني عن اجلانب السعودي ومستش� � ��ارين مدافعني عن حقوق‬
‫الدولة‪.‬‬
‫فقد جاءت النتيجة مخيبة لآلمال‪ ،‬وصدر حكم حتكيمي لصالح شركة أرامكو‬
‫وقدس� � ��ية عقد إمتيازها الذي ال متلك س� � ��لطات الدول� � ��ة أن تغير في ظله أي‬
‫قواع� � ��د ال يقبلها الطرف اآلخ� � ��ر طوال فترة اإلمتي� � ��از البترولي مهما تغيرت‬
‫الظروف وجدت إعتبارات توجب إعادة التوازن إلى عقد فقد مقومات وجوده‬
‫واستمراره‪.‬‬
‫‪ -4‬وإذا كانت اململكة قد عبرت عن إس� � ��تيائها حني ذاك بإصدار قرار من مجلس‬
‫الوزراء يحذر وضع ش� � ��رط حتكي� � ��م في عقود الدولة مس� � ��تقب ً‬
‫ال إال بعد أخذ‬
‫موافق� � ��ة من مجلس ال� � ��وزراء في كل حالة على حدة‪ ،‬ف� � ��إن القوي الفاعلة في‬
‫العال� � ��م العربي قد بدأت حينذاك في إتخ� � ��اذ اخلطوات الالزمة ملعاجلة ذلك‬
‫احلوار الذي لم يعد مقبوالً إس� � ��تمراره‪ .‬وس� � ��اعد على ذل� � ��ك حدوث تطورات‬
‫عميقة تتمثل في ثالث إجتاهات‪:‬‬
‫(أو ًال)‪ :‬ب� � ��دء افول عصر للس� � ��يطرة للدوالر األمريكي عل� � ��ى املجال البترولي‪،‬‬
‫خاص � � � ًة في نهاية س� � ��تينات القرن املاضي عندما اضط� � ��رت الواليات املتحدة‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪144‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫األمريكية إلى التخلي عن قاعدة الذهب‪ ،‬حيث قام الرئيس األمريكي نيكسون‬
‫بإتخاذ قرار مقتضاه أن الدوالر األمريكي لم يعد ميثل قدراً معيناً من الذهب‪،‬‬
‫وبذلك افقدت احلرب الفيتنامية الدوالر األمريكي دوره التاريخي سابقاً‪ ،‬مع‬
‫ما إستتبعه ذلك من تدخل منظمة االوبيك عن طريق اتفاقيات طهران لزيادة‬
‫أسعار املقابل النقدي لنفط دول املنظمة‪.‬‬
‫(ثاني��� ًا)‪ :‬إقرار دول االوبيك للسياس� � ��ة العامة وتأصي� � ��ل مبدأ تغيير الظروف‬
‫وضرورات التخلص من االمتيازات األجنبية عن طريق إنشاء شركات وطنية يتم‬
‫تدريجياً إشراكها في كافة العمليات البترولية من بداية عمليات اإلستكشاف‬
‫والبحث ليشمل كافة مراحل اإلنتاج والتسويق‪.‬‬
‫(ثالث��� ًا)‪ :‬التفاوض بصفة جماعية بقيادة الوزير الس� � ��عودي الفذ‪ /‬أحمد زكي‬
‫مياني الذي متكن في الوقت املناسب‪ ،‬مع زيادة حدة الصراع العربي اإلسرائيلي‬
‫وإستخدام سالح البترول في حرب اكتوبر في عام ‪ ،1973‬للتخلص نهائياً من‬
‫االمتيازات البترولية في صورتها القدمية وبداية مرحلة جديدة تس� � ��ترد فيها‬
‫الدول الوطنية سلطاتها في رسم سياستها البترولية وحتديد القواعد الواجبة‬
‫اإلتباع في مختلف املجاالت مبا يحمي ابتداء مصاحلها الوطنية‪.‬‬
‫‪ -5‬وتتويج � � �اً لهذه التغييرات اجلوهرية‪ ،‬جاء حتكيم الكويت‪ /‬أمينويل ليؤكد مدى‬
‫عمق التطورات التي حدثت خالل الس� � ��نوات ما بني ‪ 1969‬و ‪ 1977‬في تغيير‬
‫كافة مالمح التحكيم الدولي في صدد العقود البترولية والوصول إلى التوازن‬
‫املنش� � ��ود بني املصلحة العامة التي متثلها الدولة صاحبة السيادة الدائمة على‬
‫مصادر ثرواتها الطبيعية‪ ،‬وعلى رأس� � ��ها الطاق� � ��ة الالزمة لتحديث اقتصادها‬
‫واإلستجابة ملتطلبات ش� � ��عبها‪ ،‬في عالقاتها باألشخاص االعتباريني الوطنية‬
‫واألجنبية على الس� � ��واء الت� � ��ي يتم التع� � ��اون معها والتعاق� � ��د لتحقيق مصالح‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪145‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫مشتركة على نحو يحكمه مزيج من القواعد القانونية تتمثل في نظام قانوني‬
‫متسق‪ ،‬أساسه التنظيم القانوني التش� � ��ريعي في الدولة ذاتها وتلعب القواعد‬
‫عبر الدولية دوراً تكميلياً لتوضيح ما يعد من قبيل «حس� � ��ن إستغالل الثروات‬
‫الطبيعي� � ��ة» وما ال يع� � ��د كذلك‪ ،‬والضوابط البيئية الواجب� � ��ة اإلتباع تكنولوجياً‬
‫وفنياً وإقتصادياً‪.‬‬
‫وقد لعب النزاع الذي قام خالل تلك الفترة بني دولة الكويت وش� � ��ركة أمينول‬
‫العاملة في املنطقة احملايدة دوراً هاماً في رسم معالم احللول اجلديدة الواجبة‬
‫اإلتباع في احلال وفي املستقبل‪.‬‬
‫ذلك أن الش� � ��ركة املذكورة كانت ق� � ��د رفضت اخلضوع طواعية للنظام اجلديد‬
‫املمثل في املشاركة وحتويل التعامل من قبيل التملك إلى تأدية خدمات مقابل‬
‫عائداً عادل‪ ،‬مع تصفيات كافة املش� � ��كالت العالقة في شأن أسعار املوجودات‬
‫الت� � ��ي تؤول إلى الدولة وقيمة اإلمتياز الذي يتم إنهائه على نحو مبتس� � ��ر‪ ،‬مع‬
‫ال في إطار توازن تعاقدي قابل للتعديل بالتوافق أو‬ ‫إستمرار التعامل مس� � ��تقب ً‬
‫عن طريق التحكيم مهما لزم األمر‪.‬‬
‫ذل� � ��ك أن احلكومة الكويتي� � ��ة كانت قد تفاوضت في حينه مع ش� � ��ركة إمانويل‬
‫وصوالً إلى حل على غرار ما مت مع ش� � ��ركة الـ‪ KOC‬املنتج األساسي للغالبية‬
‫العظمى من بترول الكويت‪ ،‬ونظراً لتعذر املفاوضات الودية‪ ،‬مت جتميد املوقف‬
‫إلى أن انتهت تصفيات كافة املسائل املعلقة مع الــ‪.KOC‬‬
‫‪ -6‬وص� � ��ار التأميم هو الس� �ل��اح الوحيد الذي ميكن أن تلج� � ��أ إليه احلكومة‪ ،‬وهو‬
‫ما مت في عام ‪ 1977‬باإلس� � ��تيالء على كاف� � ��ة املوجودات املادية وإنهاء اإللتزام‬
‫التعاقدي الذي كانت مدته ممتدة حتى عام ‪.2008‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪146‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وفي جلوئها إلى التحكيم لم تكن دولة الكويت ملزمة بذلك‪ ،‬ألن اتفاق التحكيم‬
‫املنصوص عليه في إمتياز عام ‪ 1948‬كان غير قابل للتطبيق ألنه يجعل اجلهة‬
‫التي تتولى اختيار احملكم املرجح هو املمثل السياس� � ��ي البريطاني في منطقة‬
‫اخلليج كما كان عليه احلال في حتكيمي أبو ظبي وقطر‪ ،‬وهذا املنصب لم يعد‬
‫له وجود عند التأميم في عام ‪.1977‬‬
‫وإظهاراً من جانب حكومة الكويت لنواياها التي تتس� � ��م مببدأ حسن النية في‬
‫كاف� � ��ة تصرفاتها‪ ،‬قبلت التفاوض عل� � ��ى اتفاقية حتكيم يكون من مقتضاها أن‬
‫يتم تعي� �ي��ن احلكم املرجح عن طريق رئيس محكمة الع� � ��دل الدولية‪ ،‬وهذا ما‬
‫مت بالفعل حيث ام إختيار رئيس هيئة التحكيم بواس� � ��طة رئيس محكمة العدل‬
‫الدولية الذي قام بتس� � ��مية أس� � ��تاذ القانون الدولي الفرنس� � ��ي الشهير ‪Paul‬‬
‫‪ Reuter‬رئيس � � �اً للمحكمة‪ ،‬واختارت احلكومة الكويتية‪ ،‬أس� � ��تاذ أجيال رجال‬
‫القانون العرب‪ ،‬الدكتور‪ /‬حامد س� � ��لطان‪ ،‬بينما قامت ش� � ��ركـة امينويل بتعيني‬
‫‪ Sir Gerard Fitzmaurice‬محكماً عنها‪.‬‬
‫‪ -7‬ومن اجلدير بالذكر كذلك أن حكومة الكويت كانت حريصة في مرسوم التأميم‬
‫ذاته أن تذكر تعيني جلنة لتقوم بتحديد التعويض الذي يستحق للشركة نتيجة‬
‫للتأميم وإنهاء العق� � ��د البترولي‪ ،‬مبعنى أنها تعتزم الوفاء مبا عليها من إلتزام‬
‫يتقرر قانوناً في هذا الشأن‪ ،‬وهذا أوضح تعبير عن أن ما قامت به ليس عقاباً‬
‫أو مصادرة وإمنا إنهاء ملواجهة أزمة تعذر اخلروج منها بالتفاوض الذي حدث‬
‫في حينه‪.‬‬
‫وامللحوظة األخ� � ��رى الواجب ابرازها في هذا الص� � ��دد أن معالي وزير النفط‬
‫الكويتي كان حريصاً عقب قرار التأميم أن يوضح للجميع أن فريق احملاميني‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪147‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫البريطانيني الذين ميثلون احلكومة الكويتية عاد ًة في قضاياها اخلارجية وهو‬
‫املكتب الشهير ‪ Freshfields‬س� � ��يتولى املهمة في مجال متثيل احلكومة‪ ،‬على‬
‫أن يضاف إلى فريق دفاع قانوني عربي يتولى مهمة معاجلة مسألة مشروعية‬
‫التأميم وآثاره كعمل مش� � ��روع مما يؤثر على حج� � ��م التعويض الواجب كمقابل‬
‫عادل ومناسب‪.‬‬
‫وإذ كان لي هذا الش� � ��رف‪ ،‬فإنني أجد من واجبي أن أعبر عن عميق ش� � ��كري‬
‫له� � ��ذه الثقة الكبيرة التي أولتني إياها دولة الكويت الكرمية‪ ،‬والذي أحمد الله‬
‫انن� � ��ي قمت مبهمت� � ��ي على أفضل وجه‪ ،‬بل إن جناحي في ه� � ��ذه املهمة الغالية‬
‫كان مفتاحاً لنجاحات الحقة جاء على رأس� � ��ها تشريف مصر احلبيبة لي بأن‬
‫أكون عضو فريق الدفاع عن طابا من ما مكنني من الترافع أمام محكمة طابا‬
‫الدولي� � ��ة ع� � ��ن ‪ 13‬عالقة حدود من الــ‪ 14‬عالقة املتن� � ��ازع عليها‪ ،‬وكان الزميل‬
‫الفاضل ‪ Sir Derek Bowet‬هو الذي ترافع عن العالقة ‪( 91‬الرابعة عش� � ��ر)‬
‫املطلة على مياه خليج العقبة‪.‬‬
‫‪ -8‬ويسعدني أن أخلص فيما يلي أهم النجاحات التي أسفر عنها حتكيم امانيويل‬
‫الذي دخل التاريخ ومت نشر مقال عنه في الكتاب الذي صدر في العام املاضي‬
‫عن مركز ‪ Stockolm‬للتحكيم الدولي حتت عنوان «التحكيم من أجل السالم»‬
‫(‪.)Arbitration for Peace‬‬
‫وتضم� � ��ن الكت� � ��اب حتت الرقم (‪ )7‬حك� � ��م الكويت‪ /‬أمينويل م� � ��ع إضافة‪its« :‬‬
‫‪ ،»legacy‬بالنظ� � ��ر إلى ما كان له من صدى خالل العقود األربعة التالية‪ :‬حيث‬
‫جاء نبراساً اهتدت به احملكمة اإليرانية‪ /‬األمريكية في القضايا التي عاجلتها‬
‫مبثابة «أحكام حتكيمية صدرت باتفاق األطراف»‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪148‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وفي القضايا التحكيمية التي اتبعت ذات املنهج مبعاجلات اآلثار املالية املترتبة‬
‫ال غير مشروع وإمنا إصالحاً لظروف اختلت‬ ‫على التأميم الذي ال يتضمن عم ً‬
‫ولم يعد من املمكن استمرارها دون تعديالت مقبولة‪.‬‬
‫النجاح األول‪:‬‬

‫قب� � ��ول فكرة أن العقود التي تبرمها الدولة في مباش� � ��رة س� � ��يادتها على مصادر‬
‫ثرواتها الطبيعية ليس� � ��ت لها قدسية حتول دون إمكانية إعادة النظر فيها‪ .‬باعتبار‬
‫أن قدس� � ��ية العقد (‪ )Pacta Sunt Servanda‬ليس� � ��ت قاع� � ��دة مطلقة وإمنا تعمل‬
‫ف� � ��ي احلدود التي تقتضيها الظروف‪ ،‬فإذا ما ح� � ��دث تغيير جوهري في الظروف‬
‫احمليط� � ��ة وحتقق إختالل في التوازن العقدي بني حقوق وإلتزامات الطرفني‪ ،‬تعني‬
‫إعادة النظر ملعاجلة ذلك باعتبار أن الـ(‪ )Pacta‬يقتضي الس� � ��تمراره كما هو عدم‬
‫حدوث ما مؤداه ضرورة إع� � ��ادة التوازن املفتقد اعماالً لهذا املبرر الذي يعبر عنه‬
‫(‪ )rebus sic stantibus‬أي أن بناء العقد ملزم شريطة بقاء التوازن األصلي قائماً‬
‫دون تغيير‪.‬‬
‫فاملبدآن وجهان لعملة واحدة‪ ،‬فإذا حدث ما يوجب تعديل اإللتزامات القانونية‬
‫تع� �ي��ن إعادة التفاوض أو اللجوء إلى القاض� � ��ي أو احملكم لتحقيق التوازن املطلوب‬
‫في صورته اجلديدة‪.‬‬
‫النجاح الثاني‪:‬‬

‫التطور س� � ��نة احلياة‪ ،‬وهذه الظاهرة هامة للغاية في العالقات املس� � ��تمرة ملدة‬
‫زمنية ممت� � ��دة‪ ،‬وديناميكية العالق� � ��ات التعاقدية التي تغطي عدداً من الس� � ��نوات‬
‫تقتض� � ��ي النظر لهذه العالقات بأنه� � ��ا مبثابة نظم متطورة متر مبراحل يتعني على‬
‫األطراف وعلي كل من القاضي واحملكم أن ميارس دوراً في تعميمها وجعلها قابلة‬
‫للحياة بأقل أضرار ممكنة‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪149‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬يجب فهم ش� � ��روط تثبيت العالق� � ��ة التعاقدية (‪stabilization‬‬
‫‪ )clauses‬عل� � ��ى أن لها دوراً هاماً في مرحلة بداية امل� � ��دة‪ ،‬ويبدأ التثبيت في فقد‬
‫أهميته كلما إس� � ��تطاع الطرف الذي حتمل استثمارات بالغة في جاني حصاد هذه‬
‫االستثمارات‪.‬‬
‫ولعل ما انتهى إليه البرفسور (‪ )Virally‬في رأيه القانوني الذي صدر بنا َء على‬
‫طلب من ش� � ��ركة إمينويل ذاتها خير دليل على صحة ما انتهت عليه هيئة التحكيم‬
‫من أن وجود ش� � ��رط تثبيت طوال مدة العقد (أي ستون عاماً) أمر غير مقصور أو‬
‫مقبول‪ ،‬فالدولة ميكنها أن تغير ما دام املس� � ��تثمر األجنبي قد متكن من إس� � ��ترداد‬
‫اس� � ��تثماره وبالتالي‪ ،‬تفسير الشرط على أنه واجب اإلتباع في نطاق املدة املعقولة‬
‫وليس طوال مدة الس� � ��نوات الستني‪ ،‬فإذا جاء تأميم الدولة بعد أربعني عاماً متت‬
‫خاللها اإلفاءة الكاملة من االس� � ��تثمار يتعذر وصف ذلك التأميم املتأخر بأنه عمل‬
‫غير مشروع ويكون وصفه بالتعسف أمراً متعذر قبوله مبراعاة أن اإللتزام بالتثبيت‬
‫مت احترامه في حدوده املقبولة‪.‬‬
‫النجاح الثالث‪:‬‬

‫ال تكون الدول� � ��ة محرومة خاللها من فرض‬ ‫بقاء االمتياز ملدة س� � ��تني عاماً كام ً‬
‫ضرائب على ش� � ��ركة إمانويل أمر يتعارض مع مقتضيات السيادة للدولة الوطنية‪،‬‬
‫ومن ثم ف� � ��إن مقررات منظمة األوبيك اخلاصة بف� � ��رض ضرائب دخل مرتفعة أو‬
‫زي� � ��ادة اإلتاوة أو إنهاء اإلمتياز قبل عش� � ��رين عاماً من مدت� � ��ه األصلية‪ ،‬كلها أمور‬
‫ال مشروعاً دولياً وال‬
‫مشروعة دولياً‪ ،‬وال تخل بضرورة إعتبار ما مت من تأميم عم ً‬
‫يترتب عليه مسؤولية دولية كاملة تتمثل في تعويض الشركة عن ما فاتها من كسب‬
‫خالل فترة اإلنهاء املبكر‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪150‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وال يك� � ��ون لش� � ��ركة إميينويل حقوق � � �اً تتجاوز ما حلقها من خس� � ��ارة نتيجة نقل‬
‫أصوله� � ��ا املادية إلى احلكوم� � ��ة الكويتية‪ .‬وهذه األصول املادية أجمع احملاس� � ��بون‬
‫املعترف بهم دولياً أنها ال تزيد عن مبلغ مائة وس� � ��تون مليون دوالر أمريكي بحسب‬
‫قيمته� � ��ا النقدية عند التأميم‪ ،‬وهو ما يقتضي رفض م� � ��ا اقترحه خبراء جامعات‬
‫هارفارد والــ‪ MIT‬م� � ��ن تطبيق مفهوم ال � � �ـ(‪،)Discounted Cashflow Method‬‬
‫ال� � ��ذي وصلوا إال احتس� � ��ابه مببلغ يتجاوز اإلثنان ملي� � ��ار دوالر أمريكي حني ذاك‪،‬‬
‫ويتمث� � ��ل فيما كان متوقعاً أن تدره عملي� � ��ات إمانويل من دخل حتى عام ‪ 2008‬في‬
‫نهاية مدة اإللتزام البترولي بعد إجراء عملية تخصيمه إلحتس� � ��اب املبالغ الواجبة‬
‫الدفع في عام ‪ 1982‬في تاريخ تنفيذ حكم هيئة التحكيم‪.‬‬
‫فالثابت أن هيئ� � ��ة التحكيم في حكمها اإلجماعي الصادر في مارس ‪ 1982‬قد‬
‫رفضت متاماً عنصر ما فات من كس� � ��ب بنا ًء على قضائها مبش� � ��روعية التأميم مع‬
‫فرض ضرائب وإتاوات على الشركة كانت قد رفضت هذه األخيرة سدادها‪.‬‬
‫وم� � ��ن ثم‪ ،‬فإن قيمة العقد الذي تقرر إنهائه املبتس� � ��ر في عام ‪ 1977‬ال يتجاوز‬
‫ال بضعة عش� � ��رات من ماليني الدوالرات التي تضاف إلى قيمة األصول املادية‬ ‫عم ً‬
‫لتمث� � ��ل مبلغ التعويض اإلجمالي الذي تلقته ش� � ��ركة إمينويل في املوعد احملدد من‬
‫هيئ� � ��ة التحكيم لتنفيذ حكمها ف� � ��ي أول يوليو ‪ 1982‬وجملته تقع في حدود املائتني‬
‫وستون مليون دوالر أمريكي‪.‬‬
‫وج� � ��اءت أح� � ��كام التحكيم الدولي الالحق� � ��ة الصادرة عن احملكم� � ��ة اإليرانية‪/‬‬
‫األمريكية أو في حتكيمات بترولية أخرى صدرت في دول أمريكا الالتينية مؤكدة‬
‫أن حك� � ��م حتكيم إمنويل قد فتح الباب إلعادة التوازن املنش� � ��ود بني الدول املنتجة‬
‫للبترول والشركات غير الدولية العاملة فيها‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪151‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وق� � ��د حرصنا على إبراز هذه احلقيقة بياناً لل� � ��دور الرائد الذي قامت به دولة‬
‫الكويت في معاجلتها للقضية التحكيمية محل البحث والتي ميثل احلكم اإلجماعي‬
‫الصادر بش� � ��أنها معلماً هاماً من معالم تطور التحكيمات الدولية في شأن العقود‬
‫الدولية املتعلقة بالبترول‪ ،‬والت� � ��ي امتدت في العقود األخيرة لتغطي فروعاً أخرى‬
‫من األنشطة اإلقتصادية في مختلف دول العالم‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫تنفيذ �أحكام هيئات التحكيم‬
‫ً‬
‫وفقا لإتفاقية نيويورك‬
‫عام ‪ 1958‬املطبقة يف �أكرث‬
‫من ‪ 180‬دولة‬
‫�أع�ضاء يف الأمم املتحدة‬

‫بقلم‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬أحمد صادق القشيري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪155‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫تنفيذ أحكام هيئات التحكيم‬
‫وفق ًا إلتفاقية نيويورك عام ‪1958‬‬
‫املطبقة في أكثر من ‪ 180‬دولة أعضاء في األمم املتحدة‬

‫‪ -1‬إذا أخذنا في االعتبار أن التحكيم يعتبر في بدايته مجرد إتفاق بني األطراف‬
‫املتعاق� � ��دة حلل املنازعات التي تنش� � ��أ بصدد العقود التي يبرمونها بواس� � ��طة‬
‫محكمني يقومون بإختيارهم مباشرة أو عن طريق جهات تقوم بذلك وفق نظم‬
‫إتفقوا على اللجوء اليها في هذا الش� � ��أن‪ ،‬فإن التحكيم في وسطه يعد إجراء‬
‫يت� � ��م على ه� � ��دى قواعد إتفاقية أو تنظيمية من املق� � ��رر ضرورة إتباعها خالل‬
‫مختلف املراح� � ��ل منذ إقامة دعوى التحكيم إلى حني أن تصدر هيئة التحكيم‬
‫قراره� � ��ا املنهى للنزاع‪ ،‬واحملصلة النهائية لذلك كله الوصول إلى قضاء يتمثل‬
‫في حكم حتكيمي صادر عن محكمني مفروض أنهم ميسكون مبيزان العدالة‪،‬‬
‫ولكنهم يفترقون عن قضاة احملاكم املعينني من الدولة في أنه ينقصهم س� � ��يف‬
‫التنفيذ بواسطة السلطات العامة‪ ،‬مبعنى أن احلكم الصادر من هيئة التحكيم‬
‫يحتاج في تنفيذه جبراً على الطرف اخلاس� � ��ر يتطل� � ��ب اللجوء حملاكم الدولة‬
‫املطل� � ��وب التنفيذ على إقليمه� � ��ا للحصول على أم� � ��ر بالتنفيذ ميكن مبقتضاه‬
‫أن يباش� � ��ر الطرف احملكوم لصاحله إج� � ��راءات التنفيذ اجلبري ضد احملكوم‬
‫عليه‪.‬‬
‫وفي ذات الوقت‪ ،‬فإن هذا األخير يجوز الطعن بطلب إبطاله ألحد األس� � ��باب‬
‫املق� � ��ررة وفق � � �اً للنظام املعمول به ف� � ��ي الدولة التي صدر حك� � ��م التحكيم على‬
‫إقليمها أو وفقً للقواعد املعمول بها في مجال صحة إتفاق التحكيم وس� �ل��امة‬
‫إجراءاته وخلو محصلته من عيب مخالفة النظام العام‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪156‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -2‬وتشجيعاً للتحكيم كأسلوب عصري حلل املنازعات في املعامالت الدولية التي‬
‫صارت تتطلب إملاماً واس� � ��عاً باألوضاع القانونية واإلقتصادية الس� � ��ائدة عاملياً‪،‬‬
‫ال عن اإلجادة للغات املس� � ��تخدمة في مجاالت التجارة واملال واإلس� � ��تثمار‪،‬‬ ‫فض ً‬
‫وبخاصة اللغة اإلجنليزية الش� � ��ائعة في إبرام العقود واملراسالت بني املتعاقدين‬
‫وسائر املتعاملني في األس� � ��واق العاملية‪ ،‬فقد سعت الدول األعضاء في منظمة‬
‫األمم املتح� � ��دة إلى الدعوة ملؤمتر دولي انعقد في مدينة نيويورك عام ‪ 1958‬أو‬
‫إنضم� � ��ت إليها الحقاً وصادقت عليها بحيث صارت حالياً مبثابة جزء ال يتجزأ‬
‫من نظامها القانوني‪ .‬وهذه الدول تشمل مختلف الدول العربية بإستثناء ليبيا‪.‬‬
‫‪ -3‬وم� � ��ن املس� � ��لم في ظل إتفاقي� � ��ة نيويورك أن مجال تطبي� � ��ق قواعدها ال يتناول‬
‫س� � ��وى األحكام التحكيمية الصادرة خارج البالد‪ ،‬بإعتبار أن هذه وحدها التي‬
‫تعد أجنبية وفق � � �اً ملعياري الدولية واألجنبية اللذين أخذت بهما اإلتفاقية في‬
‫الفق� � ��رة الثالثة من مادتها األولى عندما نصت على أن تطبيق أحكام اإلتفاقية‬
‫تقتص� � ��ر «على اإلعت� � ��راف وتنفيذ أحكام احملكمني الص� � ��ادرة على إقليم دولة‬
‫أخرى متعاقدة»‪.‬‬
‫ورغ� � ��م أن إتفاقية نيويورك تنص على خض� � ��وع التنفيذ لقواعد املرافعات في‬
‫الدول� � ��ة التي يجري فيها التنفيذ‪ ،‬فإن املعاهدة في مادتها الرابعة قد فرضت‬
‫ش� � ��روطاً جتب مراعاتها من جانب كل ش� � ��خص يطلب اإلعت� � ��راف باحلكم أو‬
‫صدور أمر بتنفيذه‪ ،‬كما أوردت املادة اخلامس� � ��ة بياناً حصرياً باحلاالت التي‬
‫جتيز رفض اإلعتراف باحلكم أو حتول دون إصدار أمر بتنفيذه‪.‬‬
‫‪ -4‬وجتدر اإلش� � ��ارة إبتداء إلى أنه وفقاً للمادتني الرابعة واخلامس� � ��ة ال يقع عبء‬
‫إثبات ما ورد بهاتني املادتني من شروط على طالب األمر بالتنفيذ‪ ،‬وإمنا ألقت‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪157‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫االتفاقية كأصل عام على الطرف اآلخر عبء إثبات توافر س� � ��بب يبرر رفض‬
‫اإلعتراف أو التنفيذ‪.‬‬
‫فوفقاً للمادة ‪ 1/5‬من اإلتفاقية‪« ،‬ال يجوز رفض اإلعتراف وتنفيذ احلكم بناء‬
‫على طلب اخلصم الذي يحتج عليه باحلكم إال إذا قدم هذا اخلصم للس� � ��لطة‬
‫املختصة ف� � ��ي الدولة املطلوب اإلعتراف أو التنفيذ الدليل على أي من األمور‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬بطالن االتفاق على التحكيم لس� � ��بب من األس� � ��باب التي أوردتها املادة‬
‫الثانية من اإلتفاقية (املادة‪/1/5‬أ)‪.‬‬
‫ب‪ -‬وج� � ��ود عيب إجرائي مؤثر‪ ،‬مثل ع� � ��دم توافر املواجهة بني الطرفني أو‬
‫ع� � ��دم اإلعالن إعالناً صحيحاً مما أدى إلى إس� � ��تحالة تقدمي الطرف‬
‫املضرور دفاعه (املادة ‪/1/5‬ب)‪.‬‬
‫ت‪ -‬أن يكون احلكم قد فصل في نزاع ال يدخل في نطاق ما ورد في إتفاق‬
‫التحكيم من أش� � ��خاص أو موضوعات‪ ،‬مبعنى أن هناك جتاوزاً حلدود‬
‫اإلختصاص الشخصي أو املوضوعي لهيئة التحكيم (املادة‪/1/5‬ج)‪.‬‬
‫ث‪ -‬أن يتسم تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءاته بعيب مخالفة إتفاق التحكيم‬
‫أو القواعد القانونية الواجبة اإلتباع (املادة‪/1/5‬د)‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن يكون حكم التحكيم لم يصبح ملزماً للخصوم في الدولة التي صدر‬
‫فيها أو مبوجب قانونها‪ ،‬أو كان قد ألغى أو أوقف تنفيذه من السلطة‬
‫القضائية املختصة في تلك الدولة التي صدر على إقليمها أو مبوجب‬
‫قانونها (املادة ‪ /5‬هـ)‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪158‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -5‬وإل� � ��ى جانب الدفوع املذك� � ��ورة التي نصت عليها املادة اخلامس� � ��ة والتي يجوز‬
‫التمس� � ��ك بها من جانب الطرف صاحب الش� � ��أن‪ ،‬ف� � ��إن اإلتفاقية قد تضمنت‬
‫أحواالً أخرى يكون فيها للمحكمة املرفوع أمامها اإلعتراض على األمر بالتنفيذ‬
‫أن ترفض من تلقاء نفسها األمر باإلعتراف أو التنفيذ‪ ،‬وبيانها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان حكم التحكيم صادراً في مس� � ��ألة تعد من املسائل التي ال يجوز‬
‫التحكيم في شأنها وفقاً للنظام القانوني في الدولة املطلوب اإلعتراف‬
‫أو األمر بالتنفيذ بواسطة محاكمها (املادة‪/2/5‬أ)‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان حكم التحكيم يتضمن ما يخالف النظام العام أو اآلداب بحسب‬
‫املفهوم الس� � ��ائد في النظ� � ��ام القانوني للدولة املطل� � ��وب اإلعتراف أو‬
‫التنفيذ بواسطة محاكمها (املادة‪/2/5‬ب)‪.‬‬
‫‪ -6‬وميك� � ��ن أن نوجز أهم املش� � ��كالت التي تثور من الناحي� � ��ة العملية بصدد تنفيذ‬
‫أحكام حتكيم صادرة في اخلارج بالتطبيق لقواعد إجرائية مغايرة ملا يس� � ��ود‬
‫في النظام القانوني الوطني على النحو التالي‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬إذا كان حكم التحكيم صادراً بلغة أجنبية واملطلوب األمر بتنفيذه داخل‬
‫الدولة‪ ،‬فإنه يتعني‪ ،‬ليس فقط إيداع أصل احلكم أو صورة معتمدة منه‬
‫ل� � ��دى اجلهة القضائية املختصة بإصدار األمر بالتنفيذ ووضع الصيغة‬
‫التنفيذية عليه (‪ ،)Exequatur‬وإمنا يجب كذلك أن تودع ترجمة باللغة‬
‫العربي� � ��ة يتم التصديق عليها من جهة رس� � ��مية أو من محلفني مرخص‬
‫لهم بترجمة الوثائق الرسمية‪.‬‬
‫ثاني��� ًا‪ :‬األصل أن األحكام التحكيمية الص� � ��ادرة في اخلارج ال يجوز أن ترفع‬
‫في شأنها دعوى بطالن في احلاالت التي جتيز فيها اتفاقية نيويورك‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪159‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ذلك وباألوضاع املقررة لذلك‪ ،‬ألن هذا اإلجراء ال يصح اللجوء إليه إال‬
‫بالنس� � ��بة لألحكام التحكيمية الصادرة عل� � ��ى إقليم دولة مقر التحكيم‪،‬‬
‫أي ف� � ��ي البلد الذي أقيمت فيه الدعوى التحكيمية ومت نظرها لنظمها‬
‫اإلجرائي� � ��ة الى حني صدور احلكم املراد الطعن فيه توطنه ملنع صدور‬
‫امر بتنفيذه‪.‬‬
‫وقد حدثت في بعض األحي� � ��ان جتاوزات بحيث أقيمت دعاوى بطالن‬
‫في صدد أحكام صادرة خارج البالد‪ ،‬ولكن االجتاه الس� � ��ائد قد إنتهى‬
‫إلى عدم جواز ذلك‪ ،‬إال في حاالت نادرة كما لو كان التحكيم قد تخلف‬
‫ركن من أركانه األساس� � ��ية مثل إنعدام األهلية لدى الشخص الطبيعي‬
‫احملتكم ض� � ��ده أو أقيمت الدعوى التحكيمية على غير املمثل القانوني‬
‫للش� � ��خص اإلعتباري‪ ،‬أو تعلقت املنازع� � ��ة بأمر ال يصح أن يكون مح ً‬
‫ال‬
‫للتحكي� � ��م‪ ،‬أو إنقضت املدة الزمنية التي كان يجب اللجوء إلى التحكيم‬
‫خاللها‪ ،‬أو كان موضوع التحكيم متعلقاً مبس� � ��ائل مخالفة للنظام العام‬
‫أو حسن اآلداب‪.‬‬
‫ثالث ًا ‪ :‬وجتدر اإلشارة إلى أن اجلهة القضائية التي تختص بإصدار األمر أو‬
‫رفضه‪ ،‬تقتصر س� � ��لطتها على مراعاة توافر حالة أو أكثر من احلاالت‬
‫التي تبرر عدم األمر بإصدار وضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم‬
‫الصادر في اخلارج‪ ،‬أي أنها في وضع مماثل متاماً للوضع الذي تواجه‬
‫فيه دعوى بطالن حكم حتكيمي صدر داخل الدولة وبالتطبيق لنظامها‬
‫اإلجرائي‪.‬‬
‫ففي احلالتني ليس جلهة القضاء الوطني أن متد سلطتها لتراجع ما إذا‬
‫كانت هيئة التحكيم قد أصابت أو اخطأت في تفسير أو إعمال القانون‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪160‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫الواجب التطبيق من حيث املوضوع أو في استخالص الوقائع حيث أن‬
‫قاضي األمر بالتنفيذ مثله مثل قاضي البطالن ليس جهة اس� � ��تئنافية‬
‫تنظر حجج وطلبات األطراف وتعيد نظر الدعوى التحكيمية‪.‬‬
‫وبعب� � ��ارة أخرى‪ ،‬فاألمر في احلالتني إما أم� � ��ر بتنفيذ احلكم أو رفض‬
‫ذلك‪ ،‬كما في حاالت الطعن بالبطالن ألحد األس� � ��باب التي جاءت بها‬
‫إتفاقية نيويورك حيث ال يكون امام القاضي الذي ينظر دعوى البطالن‬
‫سوى اخليار بني أحد أمرين‪:‬‬
‫إما إلغاء أو رفض ذلك‪ ،‬دون أن يكون له إعادة نظر النزاع لتقييم مدى‬
‫سالمة النتائج التي توصل إليها احملكمون‪.‬‬
‫والف� � ��ارق الوحيد بني األمرين‪ ،‬أنه في مجال طلب األمر بالتنفيذ‪ ،‬يقوم‬
‫القاض� � ��ي املنظور أمامه هذا الطلب إما بإصدار األمر أو رفضه‪ ،‬بينما‬
‫في حال� � ��ة الطعن بالبطالن ف� � ��إن القاضي يس� � ��تطيع أن يبطل احلكم‬
‫التحكيمي بأكمل� � ��ه أو االكتفاء ببطالن جزء منه‪ ،‬كما يحدث في مصر‬
‫بصدد صدور حكم حتكيمي يقرر إس� � ��تحقاق فوائ� � ��د مركبة أو فوائد‬
‫تزيد عن احلدود القصوى التي يسمح بها القانون املصري‪.‬‬
‫رابع��� ًا‪ :‬وأخي� � ��راً‪ ،‬فإنه م� � ��ن املالحظ أن إتفاقية نيوي� � ��ورك قد تضمنت قاعدة‬
‫مقتضاها أنه إذا ما كان احلكم التحكيمي قد أوقف تنفيذه في الدولة‬
‫الت� � ��ي صدر على إقليمها وبالتطبي� � ��ق لقانونها أو قضى بإلغائه في بلد‬
‫ص� � ��دوره‪ ،‬فإن قاضي األمر بالتنفيذ الذي يلجأ إليه الطرف الكاس� � ��ب‬
‫للتحكيم في دولة أخرى طاباً األمر بتنفيذه على أموال للطرف اخلاسر‬
‫في ذلك البلد يكون له أن يرفض األمر بالتنفيذ‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪161‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وقد اس� � ��تعمل النص االجنليزي التفاقية نيويورك لفظ (‪ )May‬وليس‬
‫(‪ ،)Shall‬مما أدى في دولة مثل فرنسا إلى أن يتجه قضاؤها في بعض‬
‫القضايا إلى األمر بتنفيذ أحكام حتكيمية كان قد قضى ببطالنها في‬
‫الدولة التي صدر على إقليمها احلكم التحكيمي‪.‬‬
‫ويلقى هذا االجتاه معارضة فقهية وقضائية في غالبية النظم القانونية‬
‫األخرى بإعتبار أن� � ��ه إذا ما صدر حكم قضائي في دولة مقر التحكيم‬
‫ببط� �ل��ان حكم التحكيم صار مبثابة حكم حتكيمي منعدم‪ ،‬فكيف ميكن‬
‫بعث� � ��ه من جديد في دولة أخ� � ��رى متنحه قوة النفاذ كس� � ��ند ميكن عن‬
‫طريق� � ��ه احلجز على أموال الش� � ��خص املعنى املوج� � ��ودة في ذلك البلد‬
‫األجنبي‪.‬‬
‫ويأخذ الفقه والقضاء الفرنس� � ��ي مبنط� � ��ق مغاير ينهض على مقولة أن‬
‫ال هائماً في الفضاء‬
‫حكم التحكيم متى صدر صار كياناً قانونياً مستق ً‬
‫القانوني ال يرتبط بأقليم معني‪ ،‬مبا في ذلك دولة مقر التحكيم‪ ،‬وإمنا‬
‫ينطلق بنوع من احلياة اخلاصة التي تس� � ��مح بإستقطابه إلعمال أثاره‬
‫في أي دولة أخرى يكون للطرف اخلاس� � ��ر على إقليمها من األموال ما‬
‫ال للحجز لصالح الطرف الذي كسب التحكيم‪.‬‬ ‫يصح أن تكون مح ً‬

‫وفي تقديرنا أن هذا املوقف الفرنسي الذي استخدم في قضايا حتكيمية متس‬
‫دوالً عربية مثل اجلزائر ومصر معيب وينبو عن جادة الطريق في تفسير وإعمال‬
‫القواعد التي أوردتها إتفاقية نيويورك في مفهومها الصحيح‪.‬‬
‫وعلى خالف املفهوم الذي سمح للقضاء الفرنسي بأن يعيد إلى احلياة أحكاماً‬
‫حتكيمي� � ��ة كان قد قرر القضاء الوطني في الدول� � ��ة التي مت التحكيم على إقليمها‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪162‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وف� � ��ي ظل النظام القانوني املعمول بها كنوع من النظام العام الواجب اإلتباع س� � ��اد‬
‫القض� � ��اء التحكيمي في جمهورية مصر العربية وخاصة في قضية تتصل بالتأهيل‬
‫الفني لطائرات مروحية للقوات اجلوية‪.‬‬
‫ولكن للقضية املذكورة ظروفاً خاصة‪ ،‬حيث أن هيئة التحكيم املشكلة في إطار‬
‫غرفة التجارة الدولية إستمرت في نظر القضية التحكيمية على أساس أن التحكيم‬
‫في عقود صيانة طائرات مروحية تخضع لقواعد القانون املدني‪.‬‬
‫وأودع احلك� � ��م املصري رأيه بعدم جواز التحكيم ف� � ��ي العقود اإلدارية وخضوع‬
‫عق� � ��ود الدولة لقواعد مغايرة في رأي معارض (‪ )dissenting opinion‬أودع ملف‬
‫القضية بعد صدور حكم هيئة التحكيم مباالً يشكك في صحة حكم التحكيم وأن‬
‫قد ش� � ��ابه عيب يؤدي إلى عدم صحته على عكس ما إنتهت إليه محكمة إستئناف‬
‫القاه� � ��رة التي قضت ببطالن حكم التحكيم ملخالفته قاعدة آمرة من النظام العام‬
‫جتعل القانون اإلداري وحدة دون غيره هوالقانون الواجب التطبيق إبتداء‪.‬‬
‫وال يفوتن� � ��ا أن ننوه إل� � ��ى أن إتفاقية نيويورك عندم� � ��ا مت إبرامها عام ‪ 1985‬لم‬
‫تكن حينذاك اللغة العربية قد صارت بعد إحدى اللغات الرس� � ��مية لألمم املتحدة‪،‬‬
‫حيث كللت جهود دولة الكويت بالنجاح عقد ذلك بعدة سنوات‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن اللغة‬
‫العربية ليست إحدى اللغات الرسمية في خصوص معاهدة تنفيذ أحكام التحكيم‬
‫األجنبية لعام ‪ ،1958‬مبعنى أن الترجمة املنش� � ��ورة في مكان أو آخر بهذه اللغة ال‬
‫يعد نصاً رسمياً ميكن االستناد إليه لترجيح تفسيرها‪.‬‬
‫هناك دول كثيرة نشرت نص إتفاقية نيويورك في جريدتها الرسمية بواحدة أو‬
‫أخرى من اللغات األصلية‪ ،‬كما فعلت هولندا عندما نشرت النص األصلي باللغتني‬
‫اإلجنليزية والفرنسية‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪163‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وملواجه� � ��ة املثال� � ��ب املترتبة على مثل هذا الوضع على فقه� � ��اء العالم العربي أن‬
‫يضاعفوا اجلهد وصوالً إلى إعالء فقه قد يعالج مشكالت العالم العربي املعاصر‬
‫ويضع حدا ملثل هذه املشكالت‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫ورقة عمل بعنوان‬

‫التحكيم يف العقود الإدارية‬


‫نبذة تاريخية عن تطور القضاء اإلداري في األردن‬
‫واختصاصات محكمة العدل العليا سابق ًا‬
‫ومن بعدها احملكمة اإلدارية‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪167‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫مقدمة‬

‫«نب���ذة تاريخي���ة ع���ن تطور القض���اء اإلداري ف���ي األردن واختصاص���ات محكمة‬
‫العدل العليا سابق ًا ومن بعدها احملكمة اإلدارية»‪.‬‬
‫ال بُد من إضاءة س� � ��ريعة على تطور القضاء اإلداري في األردن حيث أنه وقبل‬
‫إنش� � ��اء الدولة األردنية كانت املنطقة خاضعة للحكم العثماني الذي كان في عهده‬
‫القض� � ��اء موحداً تتولى في� � ��ه احملاكم العادية الفصل في كاف� � ��ة النزاعات مبا فيها‬
‫الدعاوى التي تقيمها احلكومة أو التي تقام عليها‪ ،‬وفي عهد االنتداب البريطاني‬
‫عل� � ��ى األردن أبقى االنتداب على األنظمة التي كانت س� � ��ائدة إبان احلكم العثماني‬
‫إلى أن صدر القانون األساسي إلمارة شرق األردن لعام ‪ 1928‬الذي نظم السلطة‬
‫القضائي� � ��ة في األردن وح� � ��دد أنواع احملاك� � ��م باملدنية والديني� � ��ة واخلاصة وحدد‬
‫اختصاصاتها لتش� � ��مل املنازعات اخلاصة بجميع األش� � ��خاص في اإلمارة مبا في‬
‫ذلك الدعاوى التي تقيمها احلكومة أو تقام عليها‪.‬‬
‫وبقي هذا الوضع س� � ��ائداً حتى اندماج الضفتني الغربية والشرقية لنهر األردن‬
‫في دولة واحدة عام ‪( 1950‬اململكة األردنية الهاشمية) وبدأت مرحلة جديدة كان‬
‫م� � ��ن نتائجها وجود نظام قضائي جديد ف� � ��ي اململكة كان من أبرز مظاهره إصدار‬
‫الدس� � ��تور األردني لعام ‪ 1952‬والذي جاء فيه إعطاء الصالحية للمش� � ��رع إصدار‬
‫قانون خاص بإنشاء محكمة عدل عليا وبناء على ذلك صدر قانون تشكيل احملاكم‬
‫النظامية رقم ‪ 26‬لس� � ��نة ‪ 1952‬املنش� � ��ور على الصفحة رق� � ��م ‪ 159‬من ملحق عدد‬
‫اجلريدة الرس� � ��مية رقم ‪ 1104‬الص� � ��ادر بتاريخ ‪ 1952/4/8‬ال� � ��ذي أكد في املادة‬
‫‪ 3/10‬منه على اختصاص محكمة التمييز بصفتها محكمة عدل عليا وتختص في‬
‫الطعون اخلاصة بانتخاب املجالس البلدية واحمللية واإلدارية واملنازعات اخلاصة‬
‫مبرتبات التقاعد املستحقة للموظفني العموميني ورثتهم والطلبات التي يقدمها ذوو‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪168‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫الش� � ��أن بالطعن بالقرارات اإلدارية النهائية الصادرة بالتعيني بالوظائف العامة أو‬
‫مبنح الزيادات السنوية والطلبات التي يقدمها املوظفني العموميني بإلغاء القرارات‬
‫النهائية للس� � ��لطات التأديبية والطلبات بإلغاء قرارات فصل املوظفني بصورة غير‬
‫قانونية على أن يكون سبب الطعن عدم االختصاص أو مخالفة القوانني واألنظمة‬
‫أو اخلطأ في تطبيقها أو إس� � ��اءة استعمال السلطة ويكون في حكم القرار اإلداري‬
‫امتناع السلطة أو رفضها اتخاذ أي قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وقد طبقت‬
‫محكم� � ��ة التمييز بصفتها محكمة عدل عليا قواعد القانون اإلداري على املنازعات‬
‫اإلدارية التي كانت تعرض عليها‪.‬‬
‫إال أن هذا القانون لم يستجب للنص الدستوري املشار إليها سابقاً الذي قضى‬
‫بإنشاء محكمة عدل عليا وفي عام ‪ 1989‬صدر قانون محكمة العدل العليا املؤقت‬
‫رقم ‪ 11‬لس� � ��نة ‪ 1989‬والذي نص على إنشاء محكمة العدل العليا كمحكمة قضاء‬
‫إداري مس� � ��تقلة عن احملاكم النظامية وجعل لها تش� � ��كيلها اخلاص واختصاصتها‬
‫احمل� � ��ددة في مجال املنازع� � ��ات اإلدارية ونصت املادة ‪ 9‬م� � ��ن قانون محكمة العدل‬
‫العليا املشار إليه على اختصاصات احملكمة على سبيل احلصر وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬م���ع مراع���اة أحكام الفقرة (ب) من هذه امل���ادة وأحكام املادتني (‪ 10‬و ‪ )11‬من‬
‫هذا القانون‪:‬‬
‫تخت� � ��ص محكمة الع� � ��دل العليا دون غيرها بالنظ� � ��ر والقضاء في الدعاوى‬
‫املتعلقة باألمور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الطع� � ��ون اخلاصة بانتخاب املجالس البلدية واإلدارية وغرف الصناعة‬
‫والتجارة واجلمعيات وال تش� � ��مل هذه الصالحية اإلجراءات الس� � ��ابقة‬
‫لعملية االقتراع أو املمهدة لها‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪169‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -2‬الطعون التي يقدمها ذو الش� � ��أن في القرارات اإلدارية النهائية املتعلقة‬
‫بالتعيني ف� � ��ي الوظائف العامة أو مبنح الزيادات الس� � ��نوية للموظفني‬
‫العامني‪.‬‬
‫‪ -3‬طلب� � ��ات املوظفني العامني بإلغاء الق� � ��رارات اإلدارية النهائية الصادرة‬
‫بفصلهم من وظائفهم بغير الطريق القانوني‪.‬‬
‫‪ -4‬طلب� � ��ات املوظفني العامني بإلغاء الق� � ��رارات اإلدارية النهائية الصادرة‬
‫بفصلهم من وظائفهم بغير الطريق القانوني‪.‬‬
‫‪ -5‬املنازعات املتعلقة برواتب التقاعد املستحقة للمتقاعدين من املوظفني‬
‫العامني أو لورثتهم‪.‬‬
‫‪ -6‬الدع� � ��اوى الت� � ��ي يقدمها األف� � ��راد والهيئات بإلغاء الق� � ��رارات اإلدارية‬
‫النهائية‪.‬‬
‫‪ -7‬الدع� � ��وى بإبطال أي ق� � ��رار صادر مبوجب نظام يخالف الدس� � ��تور أو‬
‫القانون بناء على طلب املتضرر‪.‬‬
‫‪ -8‬املنازع� � ��ات واملس� � ��ائل التي تعتبر من اختصاص محكم� � ��ة العدل العليا‬
‫مبوجب أي قانون آخر‪.‬‬
‫ب‪ -‬ال يقب���ل الطع���ن ل���دى محكمة الع���دل العليا في أي ق���رار يتعلق بعمل من‬
‫أعمال السيادة‪.‬‬
‫وبإنشاء محكمة العدل العليا مت فتح أفاق رحمه أمام القضاء اإلداري األردني‬
‫إلرسال قواعد إدارية وتكريس مبادىء حماية حقوق وحريات األفراد في مواجهة‬
‫السلطة اإلدارية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪170‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وبقي هذا القانون سارياً إلى أن صدر قانون محكمة العدل العليا رقم ‪ 12‬لسنة‬
‫‪ 1992‬املنشور على الصفحة رقم ‪ 516‬من عدد اجلريدة الرسمية رقم ‪ 3813‬تاريخ‬
‫‪ 1992/3/25‬ال� � ��ذي ح� � ��ل محل القانون املؤقت رقم ‪ 11‬لس� � ��نة ‪ 1982‬والذي أقره‬
‫مجل� � ��س النواب ومثل هذا القانون مرحل� � ��ة جديدة وهامة في طريق تطور القضاء‬
‫اإلداري في األردن‪ ،‬ووسع هذا القانون من اختصاصات هذه احملكمة دون غيرها‬
‫بالنظر في الطعون املقدمة من ذوي املصلحة حيث نصت املادة ‪ 9‬من القانون رقم‬
‫‪ 12‬على اختصاصات محكمة العدل العليا على سبيل احلصر وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تخت���ص احملكمة م���ن غيرها بالنظر في الطعون املقدم���ة من ذوي املصلحة‬
‫واملتعلقة مبا يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الطع� � ��ون بنتائ� � ��ج انتخابات مجالس الهيئات التالي� � ��ة‪ :‬البلديات‪ ،‬غرف‬
‫الصناعة والتج� � ��ارة والنقاب� � ��ات‪ ،‬واجلمعيات والنوادي املس� � ��جلة في‬
‫اململك� � ��ة‪ ،‬وفي س� � ��ائر الطع� � ��ون االنتخابية التي جتري وف� � ��ق القوانني‬
‫واألنظمة النافذة املفعول‪.‬‬
‫‪ -2‬الطعون التي يقدمها ذوو الشأن في القرارات اإلدارية النهائية الصادرة‬
‫بالتعيني في الوظائف العامة أو املتعلقة بالزيادة الس� � ��نوية‪ ،‬أ‪ ،‬بالترفيع‬
‫أو بالنقل أو االنتداب أو اإلعارة‪.‬‬
‫‪ -3‬طلب� � ��ات املوظفني العموميني بإلغاء القرارات اإلدارية النهائية الصادرة‬
‫بإحالته� � ��م عل� � ��ى التقاعد أو االس� � ��تيداع أو بفصلهم م� � ��ن وظائفهم أو‬
‫فقدانهم لها أو إيقافهم عن العمل بغير الطريق القانوني‪.‬‬
‫‪ -4‬طلبات املوظف� �ي��ن العموميني بإلغاء القرارات النهائية الصادرة بحقهم‬
‫من قبل السلطات التأديبية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪171‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -5‬املنازعات اخلاصة بالرواتب والعالوات واحلقوق التقاعدية املستحقة‬
‫للموظفني العموميني أو املتقاعدين منهم أو لورثتهم‪.‬‬
‫‪ -6‬الطعون التي يقدمها أي متضرر بطلب إلغاء أي قرار أو إجراء مبوجب‬
‫أي قانون يخالف الدستور أو أي نظام يخالف الدستور أو القانون‪.‬‬
‫‪ -7‬الطع� � ��ون التي يقدمها أي متضرر بطلب وقف العمل بإحكام أي قانون‬
‫مؤقت مخالف للدستور أو نظام مخالف للقانون أو الدستور‪.‬‬
‫‪ -8‬الطعون واملنازعات واملسائل التي تعتبر من اختصاص احملكمة مبوجب‬
‫أي قانون آخر‪.‬‬
‫‪ -9‬الدع� � ��اوى الت� � ��ي يقدمها األف� � ��راد والهيئات بإلغاء الق� � ��رارات اإلدارية‬
‫النهائية‪.‬‬
‫‪ -10‬الطعن في أي قرار إداري نهائي حتى لو كان محصناً بالقانون الصادر‬
‫مبقتضاه‪.‬‬
‫‪ -11‬الطعن في أي قرارات نهائية صادرة عن جهات إدارية ذات اختصاص‬
‫قضائي فيما عدا القرارات الصادرة عن هيئات التوفيق والتحكيم في‬
‫منازعات العمل‪.‬‬
‫ب‪ -‬تخت���ص احملكمة في طلب���ات التعويض عن القرارات واالجراءات املنصوص‬
‫عليها الفقرة (أ) السابقة من املادة رفعت إليها بصفة أصلية أو تبعية‪.‬‬
‫ج‪ :1 -‬ال تخت� � ��ص محكمة العدل العليا بالنظ� � ��ر في الطلبات أو الطعون املتعلقة‬
‫بإعمال السيادة‪.‬‬
‫‪ :2‬ال تقبل الدعوى املقدمة من أشخاص ليست لهم مصلحة شخصية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪172‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وعلى أثر التعديالت التي طرأت على الدستور األردني في عام ‪ 2011‬مت تعديل‬
‫املادة (‪ )100‬منه بالنص على أنشاء قضاء إداري على درجتني ألول مره‪.‬‬
‫وبناء عليه صدر قانون القضاء اإلداري رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 2014‬الذي بدأ العمل به‬
‫من تاريخ ‪ 2014/10/16‬ونص القنون في املادة (‪ )3‬منه على إنش� � ��اء قضاء إداري‬
‫على درجتني يتكون من احملكمة اإلدارية واحملكمة اإلدارية العليا‪.‬‬
‫وقد جعل املش� � ��رع األردني اختصاص احملكمة اإلداري� � ��ة املكاني جميع أراضي‬
‫اململكة ومقرها في عمان ويكون عقد جلس� � ��اتها في أي مكان آخر يقرره رئيس� � ��ها‬
‫أما اختصاصها النوعي فقد وسع املشرع األردني من اختصاصاتها ونُص في املادة‬
‫(‪ )5‬من قانون القضاء اإلداري على اختصاصات هذه احملكمة على سبيل احلصر‬
‫على أن يشمل اختصاصها دون غيرها النظر في جميع الطعون املتعلقة بالقرارات‬
‫اإلدارية النهائية مبا في ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬الطعون في نتائج انتخابات مجالس هيئة غرف الصناعة والتجارة والنقابات‬
‫واجلمعيات والنوادي املس� � ��جلة في اململكة‪ ،‬وفي الطع� � ��ون االنتخابية التي‬
‫جت� � ��ري وفق القوانني واألنظمة املعم� � ��ول بها ما لم يرد نص في قانون آخر‬
‫على إعطاء هذا االختصاص حملكمة أخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬الطع� � ��ون التي يقدمها ذوو الش� � ��أن في القرارات اإلداري� � ��ة النهائية املتعلقة‬
‫بالتعيني في الوظائف العامة أو بالترفيع أو بالنقل أو باالنتداب أو باإلعارة‬
‫أو بالتكليف أو بالتثبيت في اخلدمة أو بالتصنيف‪.‬‬
‫‪ -3‬طعون املوظفني العموميني املتعلقة بإلغاء القرارات اإلدارية النهائية املتعلقة‬
‫بإنهاء خدماتهم أو إيقافهم عن العمل‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪173‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -4‬طعون املوظفني العموميني املتعلقة بإلغاء القرارات النهائية الصادرة بحقهم‬
‫من السلطات التأديبية‪.‬‬
‫‪ -5‬الطعون اخلاصة بالرواتب والعالوات واملكافآت والزيادات السنوية واحلقوق‬
‫التقاعدية املس� � ��تحقة للموظفني العموميني أو للمتقاعدين منهم أو لورثتهم‬
‫مبوجب التشريعات النافذة‪.‬‬
‫‪ -6‬الطع� � ��ون التي يقدمها أي متضرر لطلب إلغاء أي نظام أو تعليمات أو قرار‬
‫واملستندة إلى مخالفة النظام للقانون الصادر مبقتضاه أو مخالفة التعليمات‬
‫للقانون أو للنظام الصادرة مبقتضاه أو مخالفة القرار للقانون أو النظام أو‬
‫التعليمات التي صدر باالستناد إليها‪.‬‬
‫‪ -7‬الطعون التي يقدمها أي متضرر بإلغاء القرارات اإلدارية النهائية ولو كانت‬
‫محصنة بالقانون الصادر مبقتضاه‪.‬‬
‫‪ -8‬الطعون ف� � ��ي أي قرارات نهائية صادرة عن جه� � ��ات إدارية ذات اختصاص‬
‫قضائ� � ��ي فيما عدا الق� � ��رارات الصادرة عن هيئ� � ��ات التوفيق والتحكيم في‬
‫منازعات العمل‪.‬‬
‫‪ -9‬الطع� � ��ون الت� � ��ي تعتبر من اختص� � ��اص احملكمة اإلدارية مبوج� � ��ب أي قانون‬
‫آخر‪.‬‬
‫وتخت� � ��ص بالنظر في طلبات التعويض عن األض� � ��رار الالحقة نتيجة القرارات‬
‫واإلج� � ��راءات إذا رفعت إليها تبعاً لدع� � ��وى إللغاء‪ ،‬كما تختص بالنظر في الطلبات‬
‫املتعلقة باألمور املس� � ��تعجلة التي تقدم إليها بشأن الطعون والدعاوى الداخلة في‬
‫اختصاصه� � ��ا مبا في ذلك وقف تنفيذ القرار املطعون فيه مؤقتاً إذا رأت أن نتائج‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪174‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫تنفيذه يتعذر تداركها‪ ،‬ويجوز تقدمي الطلب املس� � ��تعجل عند تقدمي الدعوى أو بعد‬
‫مباش� � ��رة النظر فيها‪ ،‬وتنظ� � ��ر احملكمة في الطلب املس� � ��تعجل تدقيقاً إال إذا رأت‬
‫خالف ذلك‪.‬‬
‫واستثنى املش� � ��رع من اختصاصها الطعون املتعلقة بالعقود اإلدارية والضرائب‬
‫والرسوم وجعل الطعن بها مبوجب طرق الطعن املبينة في القوانني اخلاصة كذلك‬
‫وال تختص احملكمة اإلدارية بالنظر في الطلبات أو الطعون املتعلقة بأعمال السيادة‬
‫وال تقبل الدعوى املقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫ورقة عمل بعنوان‬

‫�أ�شكال اتفاق التحكيم‬


‫(شرط التحكيم ومشارطة التحكيم)‬

‫إعداد‬
‫عبداإلله حنني‬
‫مستشار مبحكمة النقض‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪177‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أشكال اتفاق التحكيم‬
‫(شرط التحكيم ومشارطة التحكيم)‬

‫يعتبر التحكيم أداة هامة لفض النزاعات وتس� � ��ويتها من قبل محكم أو محكمني‬
‫يتفق األطراف على توليتهم مهمة الفصل في خالفاتهم القائمة أو املستقبلية‪ ،‬وهو‬
‫بذلك له صبغة اتفاقية من جهة ووظيفة قضائية من جهة أخرى‪ ،‬مما يجعله يتميز‬
‫بالتراضي ف� � ��ي مرحلة االنعقاد واإللزام في مرحل� � ��ة التنفيذ‪ ،‬ويتخذ هذا االتفاق‬
‫التحكيمي أحد شكلني‪ ،‬فهو إما عقد للتحكيم ‪ Le compromis‬وهو الوثيقة التي‬
‫يتف� � ��ق األطراف مبوجبها على عرض النزاعات الت� � ��ي حدثت بينهم على محكم أو‬
‫محكمني‪.‬‬
‫كما ميكن أن يتخذ شكل شرط للتحكيم ‪ la clause compromission‬إذ يتفق‬
‫أطراف العقد األصلي على عرض ما قد ينش� � ��أ بينهم من نزاع حول تفس� � ��ير هذا‬
‫العقد أو تنفيذه على محكمني للفصل فيه‪.‬‬
‫فعقد التحكيم يأتي إذن الحقاً حلدوث النزاع بني املتعاقدين‪ ،‬يتفقان مبقتضاه‬
‫على حل نزاعهما القائم بواس� � ��طة التحكيم‪ ،‬وهو ما يطلق عليه الفقه مبش� � ��ارطة‬
‫التحكيم‪ ،‬خالف شرط التحكيم الذي يشكل شرط أو بند في العقد األصلي‪.‬‬
‫هذا ولقد تأثر املش� � ��رع بهذا التمييز الفقهي فنص مبقتضى الفقرة الثانية من‬
‫الفصل ‪ 307‬من قانون املس� � ��طرة املدنية كما وقع تعديله وتتميمه مبوجب القانون‬
‫رق� � ��م ‪ 08-05‬صراحة عل� � ��ى أن «اتفاق التحكيم هو الت� � ��زام األطراف باللجوء إلى‬
‫التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن عالقة قانونية معينة تعاقدية أو غير‬
‫تعاقدية‪ .‬يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد حتكيم أو شرط حتكيم»‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪178‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ولدراس� � ��ة موضوع ش� � ��رط التحكيم ومش� � ��ارطة التحكيم ارتأين� � ��ا التعرض أوال‬
‫لألركان ال� �ل��ازم توافرها إلبرامهم� � ��ا‪ ،‬ثم نقارن بينهما من خ� �ل��ال التطرق ألوجه‬
‫اتفاقهما وأوجه اختالفهما‪.‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬األركان الالزمة النعقاد االتفاق على التحكيم‪:‬‬

‫لقيام االتفاق على التحكيم التجاري صحيحاً سواء ورد في شكل شرط حتكيمي‬
‫أم في شكل مشارطة للتحكيم يلزم توفر األركان التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬األهلية‪:‬‬
‫نص الفصل ‪ 308‬من قانون املسطرة املدنية على أنه‪:‬‬
‫«يج� � ��وز جلميع األش� � ��خاص من ذوي األهلية الكاملة س� � ��واء كان� � ��وا طبيعيني أو‬
‫معنوي� �ي��ن أن يبرموا اتفاق التحكي� � ��م في احلقوق التي ميلكون حرية التصرف فيها‬
‫ضمن احلدود ووفق اإلجراءات واملساطر املنصوص في هذا الباب‪ ،»...‬وعلى هذا‬
‫األساس‪ ،‬فاألشخاص الذين ال تتوفر لديهم هذه األهلية كالقصر واحملجور عليهم‬
‫ليسوا أهال إلبرام اتفاقات التحكيم‪.‬‬
‫ف� � ��إذا ما أب� � ��رم أحدهم اتفاقا من هذا القبيل كان االتف� � ��اق باط ً‬
‫ال‪ ،‬كما ال يجوز‬
‫للوكيل بغير إذن خاص إبرام هذا العقد‪.‬‬
‫‪ -2‬الكتابة‪:‬‬
‫استوجب املشرع مبقتضى الفصلني ‪ 313‬و‪ 317‬من قانون املسطرة املدنية لصحة‬
‫االتفاق على اللجوء للتحكيم ‪-‬س� � ��واء تتعلق األمر بش� � ��رط حتكيمي أم مبش� � ��ارطة‬
‫التحكيم‪ -‬أن يصاغ في شكل محرر مكتوب‪ ،‬غير أن املشرع لم يلزم الطرفني بشكل‬
‫محدد للكتابة‪ ،‬وإمنا أجاز لهما إبرام اتفاقهما إما في شكل عقد رسمي أو عرفي‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪179‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أو مبحضر يحرر أمام الهيئة التحكيمية املختارة نفسها أو في أي وثيقة موقعة من‬
‫الطرفني أو في رس� � ��ائلهما املتبادلة أو أي وسيلة اتصال أخرى من شأنها أن تفيد‬
‫اتفاقهم� � ��ا كتابة على اللج� � ��وء للتحكيم‪ ،‬وبذلك ال يقع صحيحاً االتفاق على اللجوء‬
‫للتحكيم دون ورود ذلك كتابة‪ ،‬فالكتابة تعتبر ركناً النعقاد االتفاق وليس� � ��ت مجرد‬
‫شرط لإلثبات‪.‬‬
‫‪ -3‬الرضا‪:‬‬
‫إن اتفاق التحكيم ش� � ��أنه شأن كافة العقود البد إلبرامه من اجتاه إرادة طرفيه‬
‫إل� � ��ى ع� � ��رض نزاعهما القائم أو املس� � ��تقبلي على التحكيم‪ ،‬وأن تك� � ��ون تلك اإلرادة‬
‫سليمة وخالية من عيوب الرضا‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون موضوع النزاع مما يجوز الفصل فيه بالتحكيم‪.‬‬
‫ليقع االتفاق على اللج� � ��وء للتحكيم صحيحاً يجب أن ينصب اتفاق التحكيم أو‬
‫مشارطة التحكيم على موضوع ال يحظر القانون إجراء التحكيم بشأنه‪.‬‬
‫فبالرجوع إلى مقتضيات قانون املس� � ��طرة املدني� � ��ة ذات الصلة كما وقع تعديله‬
‫وتتميم� � ��ه مبقتضى القانون رقم ‪ ،08-05‬جند أن املش� � ��رع منع مبقتضى الفصلني‬
‫‪ 309‬و‪ 310‬منه االتفاق على إجراء التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة‬
‫األشخاص وأهليتهم أو احلقوق الشخصية التي تكون موضوع جتارة وكذا النزاعات‬
‫املتعلقة بالتصرف� � ��ات األحادية للدولة أو اجلماعات احمللية أو غيرها من الهيئات‬
‫املتمتعة باختصاصات الس� � ��لطة العمومية‪ ،‬علماً أنه بالنسبة لهذا النوع األخير من‬
‫التصرفات أجاز (املش� � ��رع) االتفاق على إجراء التحكيم لتس� � ��وية النزاعات املالية‬
‫الناجتة عنها ما عدا ما يتعلق منها بتطبيق القانون اجلنائي‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪180‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ثاني ًا‪ :‬مقارنة بني شرط التحكيم ومشارطة التحكيم‪:‬‬

‫‪ :1‬أوجه االختالف بني شرط التحكيم ومشارطة التحكيم‪:‬‬


‫‪ -‬شرط التحكيم يرد بالعقد األصلي‪ ،‬ويتعلق بنزاعات مستقبلية محتملة وليس‬
‫ال جلميع النزاعات التي قد‬ ‫بنزاع قائم بذاته‪ ،‬فيكون في الغالب األعم ش� � ��ام ً‬
‫تنجم عن ذلك العقد برمته‪ ،‬اللهم إال إذا تبني من س� � ��ياق العقد األصلي أن‬
‫إرادة الطرف� �ي��ن اجتهت إلى جعل ذلك الش� � ��رط خاصاً فقط بنوع محدد من‬
‫ال ويخصص‬ ‫النزاع� � ��ات دون غيرها‪ ،‬كأن يكون األمر متعلقاً بعقد مقاولة مث ً‬
‫القس� � ��م األول من العقد لتنفيذ األشغال املتفق عليها‪ ،‬بينما يخصص القسم‬
‫الثان� � ��ي من ذات العقد للضمانات الت� � ��ي يتحملها املقاول أو لضمانات األداء‬
‫ويرد الشرط التحكيمي في قسم معني دون اآلخر‪ ،‬فهنا قد يفسر األمر على‬
‫أن الشرط التحكيمي قاصر فقط على القسم الذي ورد فيه‪.‬‬
‫أما مشارطة التحكيم فتفترض مبدئياً عدم وجود شرط حتكيمي في العقد‬
‫األصلي‪ ،‬وملا يقع النزاع بني الطرفني يفضال عوض اللجوء للقضاء الرسمي‬
‫االتف� � ��اق عل� � ��ى إحالة نزاعهما على التحكيم‪ ،‬ومن ث� � ��م فالفرق بينهما هو أن‬
‫ش� � ��رط التحكيم يتعلق بنزاع مستقبلي محتمل‪ ،‬بينما مشارطة التحكيم فهي‬
‫تتعلق بنزاع موجود‪.‬‬
‫مم� � ��ا يفترض مع� � ��ه أن االتفاق في ه� � ��ذه احلالة األخي� � ��رة يقتضي تضمينه‬
‫ن� � ��وع النزاع وطبيعته وبيان مكان التحكيم وتس� � ��مية الهيئة التحكيمية وأجل‬
‫الب� � ��ت ف� � ��ي النزاع‪ ،‬ولهذا جند ف� � ��ي االتفاق في مثل هذه األح� � ��وال غالباً ما‬
‫يستهل ببيان النقط موضوع النزاع القائم بني الطرفني ثم تتضمن بعد ذلك‬
‫اتفاقهما على عرضه على التحكيم وتعيني هيئة التحكيم ومكانه ومدة البت‪،‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪181‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫بل إن ملش� � ��رع املغربي شأنه في ذلك شأن بعض التشريعات العربية األخرى‬
‫(املصري والعماني) نص على ذلك صراحة‪ ،‬إذ اس� � ��توجب مبقتضى الفصل‬
‫‪ 315‬من قانون املس� � ��طرة املدنية تضمني عقد التحكيم (مشارطة التحكيم)‬
‫حت� � ��ت طائلة البطالن موضوع النزاع وتعيني الهيئة التحكيمية أو التنصيص‬
‫على طريقة تعيينها‪.‬‬
‫خالف شرط التحكيم الذي لم يستلزم سوى تضمينه تعيني الهيئة التحكيمية‬
‫أو بينان كيفية تعيينها (الفصل ‪ 317‬من قانون املسطرة املدنية)‪.‬‬
‫علماً أن ما فرضه املش� � ��رع من بيان للنزاع موض� � ��وع اتفاق التحكيم ال يعني‬
‫بالضرورة اإلش� � ��ارة بدقة إلى كاف� � ��ة تفاصيله‪ ،‬وإمنا يكفي لتحقق ذلك فقط‬
‫اإلشارة للنقط موضوع خالف الطرفني بكيفية مجملة‪.‬‬
‫هذا وجتب اإلشارة هنا إلى أنه يعتبر من قبيل شرط التحكيم كذلك االتفاق‬
‫الالحق على إبرام العقد بإحالة النزاعات التي ستنجم عن تنفيذ ذلك العقد‬
‫إلى التحكيم‪ ،‬والذي يتم إبرامه قبل وقوع أي من تلك النزاعات‪ ،‬لكونه يتعلق‬
‫دائماً بنزاع مستقبلي‪.‬‬
‫وقد يحث كذلك أن يكون هناك ش� � ��رط حتكيمي منصوصاً عليه بصلب العقد‬
‫األصل� � ��ي أو بعقد الحق مبرم قبل حدوث نش� � ��وب الن� � ��زاع‪ ،‬غير أن الطرفني يبرما‬
‫بع� � ��د وقوع النزاع‪ ،‬اس� � ��تناداً لذلك الش� � ��رط التحكيمي اتفاقاً آخر يتعلق بتس� � ��وية‬
‫النزاع حتكيمياً‪ ،‬يحددا مبقتضاه طبيعة النزاع‪ ،‬أو مدة التحكيم أو يعينا فيه هيئة‬
‫التحكيم‪ ،‬ففي هذه احلالة ال نكون أمام مش� � ��ارطة التحكيم‪ ،‬وإمنا أمام اتفاق آخر‬
‫ال مجبران على إبرامه لتفعيل الشرط التحكيمي األول‪.‬‬ ‫للتحكيم لم يكونا أص ً‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪182‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -‬يكون األطراف عند إبرامهما التفاق مش� � ��ارطة التحكيم على بينة من النزاع‬
‫القائم‪ ،‬وم� � ��ن ثم يحصرا موضوعه فال يكون للطرف املدعي عليه أن يتقدم‬
‫بدعوى مقابلة أو أصلية ناش� � ��ئة عن تنفي� � ��ذ نفس العقد األصلي إال إذا وقع‬
‫االتفاق على ذلك صراحة‪ ،‬بينما في الغالب تتيح له الصيغة العامة التي يرد‬
‫بها شرط التحكيم ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬أوجه االتفاق بني شرط التحكيم ومشارطة التحكيم‪:‬‬
‫‪ -‬إن كالهما يهدف على حل النزاع‪ ،‬إذ أن الباعث على إبرام االتفاق هو رغبة‬
‫الطرف� �ي��ن في حل نزاعهما القائم أو املس� � ��تقبلي احملتم� � ��ل عن طريق هيئة‬
‫حتكيمية خاصة غير القضاء الرسمي للدولة‪.‬‬
‫‪ -‬إن كال منهم� � ��ا مل� � ��زم للطرفني‪ ،‬ذلك أنه مبجرد اتف� � ��اق الطرفني على إحالة‬
‫نزاعهما إلى التحكيم يكونا قد نزعا من القضاء الرس� � ��مي للدولة صالحية‬
‫الفص� � ��ل فيه لفائدة الهيئة التحكيمية ويصير ذلك االتفاق ملزماً لهما‪ ،‬يكون‬
‫مبوجبه ألي منهما التمس� � ��ك بعدم قب� � ��ول الدعوى التي يرفعها خصمه أمام‬
‫القضاء الرسمي‪ ،‬لوجود عقد حتكيمي أو شرطه‪ ،‬شريطة أن يثير ذلك قبل‬
‫كل دفع أو دفاع (الفصل ‪ 327‬من ق م م)‪.‬‬
‫ه� � ��ذا علماً أن االتفاق على التحكيم ‪-‬مبقتضى عقد أو ش� � ��رط‪ -‬ال مينع من‬
‫االلتجاء إلى القضاء التجاري االس� � ��تعجالي‪ ،‬التخاذ اإلجراءات املس� � ��تعجلة‬
‫الضرورية كالوضع حتت احلراسة أو إجراء بعض احلجوز التحفظية أو أي‬
‫إجراء حتفظي آخر‪ ،‬اعتباراً ألن احملكمني ليست لهم الصالحية التخاذ هذه‬
‫اإلج� � ��راءات التي لها طابع اس� � ��تعجالي وال متس بجوهر احلق املتنازع حوله‬
‫(الفصل ‪ 1-327‬من قانون املسطرة املدنية)‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪183‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -‬ثم إنه س� � ��واء أكنا أمام ش� � ��رط حتكيمي أم مش� � ��ارطة للتحكيم‪ ،‬فإنه بصرف‬
‫النظ� � ��ر عما إن تعل� � ��ق األمر بتحكيم داخلي أم دول� � ��ي‪ ،‬فإن األمر يفضي في‬
‫كل األحوال في النهاية إل� � ��ى عرض النزاع على التحكيم‪ ،‬فيصدر احملكم أو‬
‫ال في موضوع‬ ‫احملكمني‪ ،‬بعد دراس� � ��ة النزاع ومناقشته حكماً حتكيمياً فاص ً‬
‫النزاع‪ ،‬ليس مس� � ��تمداً فقط من عق� � ��د التحكيم وحده‪ ،‬وإمنا أيضاً من إرادة‬
‫املشرع التي تعترف به وجتعل له حجية األمر املقضي‪ ،‬إذ أنه يكون في شكل‬
‫حكم قضائي‪ ،‬ينط� � ��وي على احليثيات واملنطوق ويص� � ��در باألغلبية‪ ،‬فيكون‬
‫اعتباراً لذلك ملزماً ألطراف اخلصومة التحكيمية‪ ،‬ما دام أنه لم يتجاوز أو‬
‫يخالف نصوص االتفاق الذي أعطى للمحكمني والية الفصل‪ ،‬كما أنه يتمتع‬
‫ا للطعن فيه إال للبطالن‬ ‫بالصف� � ��ة النهائية لكونه منه للنزاع وال يكون قاب� �ل � ً‬
‫وألس� � ��باب محددة‪ ،‬وبذلك فتنفيذه من قبل األطراف قد يتم طواعية إن هم‬
‫رضوا به‪ ،‬وإال فيلجأ احملكوم له ملسطرة تذيله بالصيغة التنفيذية‪ ،‬ليكتسب‬
‫بذل� � ��ك القوة التنفيذية من لذن اجلهة القضائية املختصة وفق ما تقضي به‬
‫اتفاقية نيويورك لس� � ��نة ‪ 1958‬املعلقة باالعتراف بقرارات التحكيم األجنبية‬
‫وتنفيذها وكذا الفصلني ‪ 26-327‬و ‪ 46-327‬من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫‪ -‬وأخيراً فإن تصريح احملكمة ببطالن إجراءات التحكيم مبناسبة نظرها الطعن‬
‫السالف الذكر ال يترتب عنه بطالن سند التحكيم سواء أكان شرطاً حتكيمياً‬
‫أو مشارطة للتحكيم الستقالل االتفاق املذكور عن إجراءات التحكيم‪.‬‬
‫صفوة القول يترتب عن االتفاق على إحالة النزاع إلى التحكيم سواء أمت مبقتضى‬
‫ش� � ��رط حتكيمي أم مبشارطة للتحكيم نزع صالحية الفصل في النزاع من القضاء‬
‫الرس� � ��مي للدولة لفائ� � ��دة الهيئة التحكيمية‪ ،‬التي مع ذلك تظل خاضعة ملس� � ��اعدة‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪184‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫القضاء أحياناً ومراقبته أحياناً أخرى‪ ،‬وذلك من خالل تدخله إما لتعيني احملكمني‬
‫كلما اقتضى األمر ذلك أو إلكساء احلكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية أو ملراقبة‬
‫عمل احملكمني ولو في حدود ضيقة من خالل الفصل في دعوى بطالن إجراءات‬
‫التحكيم التي ميارس� � ��ها الطرف املتضرر استناداً إلى األسباب التي أوردها املشرع‬
‫على سبيل احلصر مبقتضى الفصل ‪ 36-327‬من القانون املسطرة املدنية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫ورقة عمل مختصرة مقدمة من‬
‫املستشار الدگتور‪ /‬عادل ماجد بورسلي‬
‫بعنوان‬

‫التحكيم يف املنازعات الإدارية‬


‫بدولة الكويت‬

‫في امللتقى العلمي الثالث لالحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫املنعقد بدولة الگويت‬
‫بتاريخ ‪2018/4/30‬‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪187‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التحكيم في املنازعات اإلدارية‬
‫في دولة الگويت‬

‫املقدمة‬

‫التحكيم أحد الوسائل البديلة حلل املنازعات وهو آلية خاصة تهدف إلى تسوية‬
‫منازع� � ��ات األفراد‪ ،‬وحتقيق نوع من العدالة اخلاصة املتحررة من أغالل إجراءات‬
‫وقواعد قوانني املرافعات يسمو فيه مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬قد تنوعت أمناطه فإما‬
‫أن يك� � ��ون عن طري� � ��ق اللجوء إلى التحكيم احلر الذي يخت� � ��ار فيه اخلصوم محكم‬
‫أو أكثر‪ ،‬وإما أن يلجأ ذوو الش� � ��أن إلى التحكيم املؤسس� � ��ي عن طريق مؤسس� � ��ات‬
‫ومنظم� � ��ات دائمة للتحكيم‪ ،‬وقد توس� � ��عت عملية التحكيم بتوس� � ��ع التجارة العاملية‬
‫وزيادة نشاطها توسعها‪.‬‬

‫وفي دولة الكويت‪ ،‬وبسبب ازدهار احلياة االقتصادية وتزايد معدالت املعامالت‬
‫التجاري� � ��ة برزت قوانني عدة لتنظيم التحكيم جلها في املجال التجاري أما بش� � ��أن‬
‫ميدان املنازعات اإلدارية فاملشهد يظهر لنا أن التحكيم غير مرغوب فيه وال مرب‬
‫به وسنبني ذلك الحقاً ونشير في هذا اخلصوص أن‪:‬‬

‫املذكرة التفسيرية لقانون املرافعات املدنية والتجارية أكدت في معرض شرحها‬


‫للم� � ��ادة (‪ )173‬أن التحكيم طريق اس� � ��تثنائي للتقاضي‪ ،‬ورغب� � ��ة في أن يكون هذا‬
‫االستثناء واضحاً ومحدداً حتديداً ال يأتيه اللبس‪ ،‬فقد حرص املشرع على النص‬
‫صراح� � ��ة على وجوب حتديد موضوع النزاع الذي يطرح من االتفاق على التحكيم‬
‫حتديداً نافياً للجهالة‪ ،‬يستوي في ذلك التحكيم بالقضاء والتحكيم بالصلح‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪188‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وأوضح� � ��ت الفق� � ��رة األخيرة من املادة آنف� � ��ة الذكر أن ج� � ��زاء مخالفة ذلك هو‬
‫البطالن‪.‬‬

‫التنظيم التشريعي للتحكيم في دولة الكويت‬

‫في ع� � ��ام ‪ 1971‬صدر القانون رق� � ��م (‪ )3‬الذي ينظم التحكيم بني املؤسس� � ��ات‬
‫والهيئ� � ��ات في دول� � ��ة الكويت وهذا القانون عبارة عن تعدي� � ��ل طرأ على أول قانون‬
‫للمرافعات في دولة الكويت وكان برقم ‪ 6‬لسنة ‪ ،1960‬وأجاز في املادة ‪ 264‬مكرر‬
‫اشتراك قضاه في هيئات التحكيم‪.‬‬

‫وأف� � ��رد قانون املرافعات املدنية والتجارية رقم ‪ 38‬لس� � ��نة ‪ 1981‬للتحكيم الباب‬
‫الثاني عشر منه املواد من ‪ 173‬حتى ‪.188‬‬

‫ونصت املادة (‪ )1/15‬من قانون إنش� � ��اء الدائرة اإلدارية رقم ‪ 1981/20‬املعدل‬
‫بالقانون رقم ‪ 61‬لس� � ��نة ‪ 1982‬على أن «فيما عدا ما نص عليه‪ .‬في هذا القانون‪،‬‬
‫يس� � ��ري على الدعاوى املنصوص عليها فيه‪ ،‬واألحكام الصادرة فيها‪ ،‬وطرق الطعن‬
‫في هذه األحكام القواعد واإلجراءات املنصوص عليها في قانون املرافعات املدنية‬
‫والتجارية»‪.‬‬

‫وبتاري� � ��خ ‪ 1995/12/19‬صدر القانون رقم ‪ 11‬لس� � ��نة ‪ 1995‬بش� � ��أن التحكيم‬
‫القضائي‪.‬‬

‫وقد انضمت دولة الكويت إلى العديد من االتفاقيات الدولية املتعلقة بالتحكيم‪،‬‬
‫وصدرت بش� � ��أنها قوانني ومراس� � ��يم أميري� � ��ه أضحت مبوجبها لبن� � ��ات في البناء‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪189‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫القانون� � ��ي للدولة‪ ،‬ولعل أهمها اتفاقية نيويورك لس� � ��نة ‪ 1958‬اخلاصة باالعتراف‬
‫وتنفيذ أح� � ��كام التحكيم األجنبية وفق � � �اً للقانون رقم ‪ 10‬لس� � ��نة ‪ 1978‬باإلضافة‬
‫إلى اتفاقية جامعة ال� � ��دول العربية واتفاقية مركز التحكيم التجاري لدول مجلس‬
‫التعاون اخلليجي وأنش� � ��أت بعض مراكز التحكيم املؤسس� � ��ي منها في غرفة جتارة‬
‫وصناعة الكويت‪ ،‬وجمعية املهندسني الكويتية‪ ،‬وجمعية احملاميني الكويتية‪.‬‬
‫موقف الفقه من مدى جواز التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬

‫تباين� � ��ت توجهات الفقه حول هذه املس� � ��ألة وذهب البع� � ��ض إلى عدم جواز ذلك‬
‫باس� � ��تثناء احلقوق املالية الناشئة عن العقود اإلدارية (‪ )1‬في حني ذهب جانب آخر‬
‫إلى التشكيك في دس� � ��تورية التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬ومرد ذلك يجد أساسه‬
‫في املادة (‪ )169‬من الدستور الكويتي التي نصت على أن‪:‬‬
‫«ينظم القانون الفصل في اخلصومات اإلدارية بواسطة غرفة أو محكمة خاصة‬
‫يبني القانون نظامها وكيفية ممارستها للقضاء اإلداري شام ً‬
‫ال والية اإللغاء ووالية‬
‫التعويض بالنسبة للقرارات اإلدارية املخالفة للقانون» وبالتالي لم يفوض الدستور‬
‫املش� � ��رع العادي في وضع نصوص حتد أو تنتقص شيئاً من الوالية الكاملة للدائرة‬
‫اإلدارية بالنظر في املنازعات اإلدارية على إطالقها دون تقييد أو استثناء‪ ،‬وإمنا‬
‫جعل مهمة املش� � ��رع قاصرة على إنش� � ��اء هذه الدائرة‪ ،‬ومن ثم ال يجوز للمشرع أن‬
‫يتعدى حدوده التي رس� � ��مها له الدستور‪ ،‬ويذهب إلى حد تقييد اختصاص الدائرة‬
‫اإلدارية الذي أطلقه الدس� � ��تور أو إخراج بعض املنازعات الداخلة في اختصاصها‬
‫إلى جهة أخرى قضائية أو غير قضائية (‪ )2‬أما بشأن ما نص عليه القانون رقم ‪11‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬عزمي عبدالفتاح‪ ،‬قانون التحكيم الكويتي‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت «‪ »1990‬ص‪.8‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عثمان عبدامللك والية الدائرة اإلدارة في نظر طعون املوظفني‪ ،‬بحث منشور في كلية احلقوق‪ ،‬جامعة‬
‫الكويت‪ ،‬السنة العاشرة‪ ،‬العدد الرابع ص‪.7‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪190‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫لس� � ��نة ‪ 1995‬في شأن التحكيم القضائي فهناك رأي يرى أن املشرع الكويتي أجاز‬
‫صراحة للجهات اإلدارية اللجوء إلى التحكيم في املنازعات التي تكون طرفاً فيها‬
‫بل أوجب عليها ذلك في األحوال التي يقدم فيها األفراد أو األشخاص االعتبارية‬
‫اخلاصة طلب لهيئة التحكيم القضائي ألجل حسم النزاع الذي نشب بينهم‪.‬‬
‫وترتيباً على ذلك ال يصح قياس القانون الكويتي على القانون الفرنس� � ��ي الذي‬
‫ال يجيز جلوء الدولة أو أشخاص القانون العام إلى التحكيم في غير احلاالت التي‬
‫يوجد فيها نص تش� � ��ريعي خاص يجيز اللجوء للتحكيم بصدد نوع معني من أنواع‬
‫املنازعات(‪.)1‬‬
‫موقف القضاء الكويتي من مدى جواز التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬

‫متي� � ��ل محكمة التميي� � ��ز الكويتية إلى رفض ومنع التحكيم ف� � ��ي العقود اإلدارية‬
‫وأشارت في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 1989/11/26‬إلى أن من املقرر أن «اختصاص‬
‫القض� � ��اء اإلداري بالعق� � ��ود اإلدارية مرجعه ما تتضمنه م� � ��ن روابط «هي مجاالت‬
‫القان� � ��ون العام‪ ،‬وليس كل عقد تبرمه اإلدارة هو عقد إداري يخضع لذلك القانون‬
‫مبا مقتضاه أن يقتصر اختصاص القضاء اإلداري على املنازعات املتعلقة بالعقود‬
‫اإلداري� � ��ة باملعنى الفني‪ ،‬وإذ عقدت املادة الثانية من القانون رقم ‪ 20‬لس� � ��نة ‪1981‬‬
‫للدائرة اإلدارية وحدها االختصاص بنظر املنازعات التي تنشأ بني اجلهات اإلدارية‬
‫واملتعاقد اآلخر في «عقود االلتزام واالش� � ��غال العامة والتوريد‪ ،‬أو أي عقد إداري‬
‫آخ� � ��ر» فيكون البني من أن تعداد تلك العقود بالنص س� � ��الف الذكر إمنا جاء على‬
‫سبيل املثال ال احلصر باعتبارها من أهم العقود اإلدارية املسماة‪ ،‬ومن ثم ال يكون‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬يس� � ��ري العصار‪ ،‬التحكيم في املنازعات اإلدارية العقدي� � ��ة وغير العقدية دار النهضة العربية‪22010 ،‬‬
‫ص‪.145‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪191‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اختص� � ��اص الدائرة اإلدارية مقصوراً على تل� � ��ك العقود بل ميتد إلى جميع العقود‬
‫اإلدارية بطبيعتها ووفق � � �اً خلصائصها الطبيعية ال بتحديد القانون أو وفقاً إلدارة‬
‫الطرف� �ي��ن(‪ )1‬وقضت محكمة التمييز الكويتية في حكم آخر لها أن «املنازعات التي‬
‫تختص هيئة التحكيم بالفصل فيها طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم ‪ 11‬لس� � ��نة‬
‫‪ 1995‬بشأن التحكيم القضائي في املواد املدنية والتجارية وعلى ما هو مقرر هي‬
‫املنازعات املدنية والتجارية التي صدر بشأن التحكيم فيها‪ ،‬ومن ثم فال اختصاص‬
‫له� � ��ا بالفصل في املنازعات اإلدارية مما تخت� � ��ص الدائرة اإلدارية باحملكمة الكلية‬
‫بوالي� � ��ة الفصل فيها وحده� � ��ا دون غيرها إلغاء وتعويضاً عم� �ل � ً‬
‫ا باملادة الثانية من‬
‫القانون رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 1981‬املعدل بالقانون ‪ 61‬لسنة ‪.)2(1982‬‬

‫ونشير في هذا الصدد إلى احلكم الذي قررت فيه محكمة التمييز الكويتية أن‬
‫«م� � ��ن مقومات العقود اإلدارية أن لها طبيعة خاص� � ��ة بالنظر ملا ميثله طرفاها من‬
‫مصال� � ��ح غير متعادلة‪ ،‬حيث تنوب اإلدارة فيها ع� � ��ن املصلحة العامة ويحق لها أن‬
‫تضمنها من اجلزاءات اإلدارية غير املألوفة في عقود القانون اخلاص ما تستهدف‬
‫به تأمني س� � ��ير املرافق العامة وتأمني حسن س� � ��يرها بانتظام واضطراد‪ ،‬ويقصر‬
‫حمل املتعاقد اآلخر على احترام ش� � ��روط العقد‪ ،‬وب� � ��ذل العناية وتوخي الدقة في‬
‫تنفيذها فإنه سواء بالنظر إلى أطراف العقد أو غايته أو شروطه تكون قد توافرت‬
‫ل� � ��ه مقومات العقد اإلداري‪ ،‬ومن ثم ال تختص هيئة التحكيم التي أصدرت احلكم‬
‫املطعون فيه بالفصل فيما نش� � ��أ عن تنفيذه يب� �ي��ن املتعاقدين فيه من خالفات من‬
‫(‪ )1‬الطعن رقم ‪ 122‬لس� � ��نة ‪ 1988‬جتاري إداري‪ ،‬جلس� � ��ة ‪ 1989/11/23‬مجلة القضاء والقانون الس� � ��نة ‪،17‬‬
‫العدد األول ص‪.71‬‬
‫(‪ )2‬الطعن رقم ‪ 51‬لس� � ��نة ‪ 1997‬جتاري إداري‪ 2/‬جلس� � ��ة ‪ 1998/3/15‬منشور في موسوعة القضاء اإلداري‬
‫الكويتي الكتاب األول اجلزء األول املستشاران (ناصر معالوي‪ ،‬جمال اجلالوي) طبعة ‪ ،2015‬ص‪.445‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪192‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫مثل النزاع املثار بينهما حول خطاب الضمان وإمنا ‪-‬وعلى ما جرى به قضاء هذه‬
‫احملكمة‪ -‬تكون والية الفصل فيه للدائرة اإلدارية باحملكمة الكلية املنشأة بالقانون‬
‫رقم ‪ 21‬لسنة ‪ 1981‬املعدل وحدها دون غيرها(‪.)1‬‬
‫واملس� � ��تفاد مما تق� � ��دم أن توجه محكم� � ��ة التمييز الكويتية مس� � ��تقر على عدم‬
‫اختصاص هيئ� � ��ات التحكيم والئياً بنظر املنازعات الناش� � ��ئة عن العقود اإلدارية‪،‬‬
‫واختص� � ��اص الدوائر اإلدارية وحدها ودون غيرها عم ً‬
‫ال بقانون إنش� � ��ائها رقم ‪20‬‬
‫لسنة ‪ 1981‬املعدل‪.‬‬
‫تقدير مدى جواز التحكيم في العقود اإلدارية في دولة الكويت‪.‬‬

‫بعد االستعراض السريع للتنظيم التشريعي للتحكيم في دولة الكويت‪ ،‬وموقف‬


‫الفق� � ��ه والقضاء م� � ��ن إمكانية التحكيم في العقود اإلداري� � ��ة نخلص إلى القول بأن‬
‫الود مفقود والعداء قائم بني العقود اإلدارية‪ ،‬وبني نظام التحكيم أيا كانت أنواعه‬
‫ومس� � ��مياته في النظام القانوني الكويتي‪ ،‬إس� � ��تناداً لآلراء الفقهية التي تذهب في‬
‫هذا االجتاه‪ ،‬وما تواترت عليه أقضية محكمة التمييز في هذا اخلصوص‪ ،‬ونضيف‬
‫أن املنازعات الناشئة واملنبثقة عن العقود اإلدارية تندرج في نطاق املسائل املتعلقة‬
‫ال للصلح وإذ‬‫بالنظام العام وأن األمور املتعلقة بالنظام العام ال يجوز أن تكون مح ً‬
‫ال للتحكيم‪.‬‬‫القاعدة أن ما يخضع للصلح فقط ميكن أن يكون مح ً‬

‫وق� � ��د نصت املادة (‪ )554‬من القانون املدني الكويتي رقم ‪ 67‬لس� � ��نة ‪ 1980‬في‬
‫فصل� � ��ه اخلامس املخصص لباب الصلح أنه «ال يجوز الصلح في املس� � ��ائل املتعلقة‬
‫بالنظام العام‪ ،‬ولكن يجوز على احلقوق املالية املترتبة عليها»‪.‬‬
‫(‪ )1‬الطعن رقم ‪ 431‬لس� � ��نة ‪ 1999‬جتاري إداري جلس� � ��ة ‪ ،2000/3/5‬منش� � ��ور في موسوعة القضاء اإلداري‬
‫الكويتي املرجع السابق‪ ،‬ص‪.455‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪193‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ومن جانب آخر‪ :‬نص املرس� � ��وم األميري بقانون تنظيم القضاء رقم ‪ 19‬لس� � ��نة‬
‫‪ 1959‬عل� � ��ى عدم ج� � ��واز الغاء األمر اإلداري وأجاز التعوي� � ��ض عنه وكانت الدوائر‬
‫التجارية تتصدى للعقود اإلدارية وبصدور الدس� � ��تور الكويتي عام ‪ 1963‬أفرد بابه‬
‫اخلامس للس� � ��لطة القضائية‪ ،‬ونقل املشرع الدستوري للمشرع العادي االختصاص‬
‫ف� � ��ي تنظيم الفصل في املنازعات اإلدارية وخيرة بني ثالثة س� � ��بل‪ ،‬ال يجوز اللجوء‬
‫لغيرها في أي نزاع إداري وهذه الطرق الثالثة هي‪:‬‬
‫غرفة أو دائرة في كنف النظام القضائي املوحد وهذا ما اختاره املشرع العادي‬
‫مبقتضى القانون رقم ‪ 20‬لس� � ��نة ‪ 1981‬بإنش� � ��اء دائرة إداري� � ��ة في احملكمة الكلية‬
‫املعدل بالقانون رقم ‪ 61‬لس� � ��نة ‪ 1982‬أو محكم� � ��ة قضاء إداري كما هو احلال في‬
‫مصر قبل إنشاء مجلس الدولة‪.‬‬
‫واخلياران الس� � ��ابقني كانا مبقتضى املادة (‪ )169‬من الدستور أما املادة (‪)171‬‬
‫فقد أجازت إنشاء مجلس دولة كجهة مستقلة عن القضاء العادي‪.‬‬
‫واملستفاد مما تقدم أن املشرع الدستوري احتكر الفصل في املنازعات اإلدارية‬
‫عن طريق الوس� � ��ائل الثالثة السابقة‪ ،‬ولم يفوض املشرع العادي بابتداع أي أسلوب‬
‫آخر مبا في ذلك التحكيم بأنواعه وهذا ما تبناه أستاذنا الدكتور عثمان عبد امللك‬
‫وفقاً ملا سلف ذكره ونورد دعماً ملا تقدم أن القانون رقم ‪ 116‬لسنة ‪ 1992‬في شأن‬
‫التنظي� � ��م اإلداري وحتديد االختصاصات والتفوي� � ��ض فيها وضع في مجمل مواده‬
‫شروطاً للتفويض أخصها ما نستخلصه من املادة األولى أنه يلزم توافر نص يأذن‬
‫أو يس� � ��مح بالتفويض والتش� � ��ريعات في دولة الكويت خاويه على عروشها من نص‬
‫ي� � ��أذن ألي وزير بالتصالح في أي نزاع محله أم� � ��وال اخلزينة العامة وانطالقاً من‬
‫هذه احلجه نؤكد على انطباق املادة (‪ )554‬من القانون املدني التي حتظر الصلح‬
‫في املسائل املاسة بالنظام العام‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪194‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وال ينال من ذلك ما ورد في قانون التحكيم القضائي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1995‬الفقرة‬
‫الثاني� � ��ة من مادته الثانية التي نصت على أن «تخت� � ��ص هيئة التحكيم دون غيرها‬
‫بالفصل في املنازعات التي تقوم بني الوزارات أو اجلهات احلكومية أو األشخاص‬
‫االعتبارية العامة‪ ،‬وبني الش� � ��ركات التي متلك الدولة رأس مالها بالكامل‪ ،‬أو فيما‬
‫بني هذه الشركات فقد جاء في املذكرة اإليضاحية للقانون أن املشرع استهدف من‬
‫هذا النص تخفيف العبء على جهات القضاء‪ ،‬وباعتبار أن تلك املنازعات يجمعها‬
‫قاسم مشترك هو أن محلها املال العام وقد استخلص الفقه أن الهدف والقصد من‬
‫وراء ذلك التحكيم اإلجباري هو هيمنة الس� � ��لطة القضائية على منازعات التحكيم‬
‫في الب� �ل��اد وتفادي عيوب تطبيق امل� � ��ادة (‪ )177‬من قانون املرافع� � ��ات بإعتبار أن‬
‫هيئات التحكيم القضائي الغلبه في تش� � ��كيلها لرجال القضاء‪ ،‬وهي أقرب حملكمه‬
‫خاصة متثل ج� � ��زءاً من النظام القضائي الكويتي‪ ،‬وأن احلكم الصادر عنها مماثل‬
‫ألي حكم صادر عن محكمة االستئناف(‪.)1‬‬
‫ولع� � ��ل التطور احلديث ف� � ��ي قضاء منازعات العقود اإلدارية يش� � ��جع على تبني‬
‫وجهة النظر املن� � ��اوءه الختصاص هيئات التحكيم في منازع� � ��ات العقود اإلدارية‪،‬‬
‫فقد تصدت احملكمة اإلدارية العليا في مصر لطلبات وقف تنفيذ القرار العقدي‪،‬‬
‫وأقرت اختصاصها بنظره وهذا التوجه احملمود بال شك إضافة مؤثرة يشجع على‬
‫حجب هيئات التحكيم من االختصاص في نظر منازعات العقود اإلدارية‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد مليجي‪ ،‬قواعد التحكيم في القانوني الكويتي‪ ،‬مؤسسة دار الكتب‪ ،1996 ،‬ص‪.294‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪195‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اخلـامتة‬

‫ينتهي بنا املطاف في هذه الورقة املوجزة إلى نتيجة مفادها‪ ،‬اختصاص القاضي‬
‫اإلداري وحده دون س� � ��واه في التصدي لكافة املنازعات اإلدارية أيا كان منطها في‬
‫النظام القانوني الكويتي‪.‬‬
‫ويتأكد عدم االختصاص الوالئي لهيئات التحكيم س� � ��واء فردي أو مؤسس� � ��ي أو‬
‫قضائي في نظر جميع املنازعات اإلدارية‪ ،‬ومنها بال شك منازعات العقود اإلدارية‪،‬‬
‫والواقع العملي يبارك هذا االس� � ��تخالص ويعضده فاالحصائيات تثبت ندرة جلوء‬
‫أصحاب الش� � ��أن للتحكيم في دولة الكويت لي� � ��س فقط في العقود اإلدارية بل في‬
‫س� � ��ائر املنازعات واخلصومات‪ ،‬فضمانات احملاكمة العادلة‪ ،‬والفصل في القضايا‬
‫في املدد املعقولة‪ ،‬وتوافر الرادع الذاتي لدى القاضي‪ ،‬وقيم وتقاليد القضاء‪ ،‬كلها‬
‫عوامل تدفع أصحاب الش� � ��أن للعزوف عن الوسائل البديلة لفض املنازعات‪ ،‬ومن‬
‫ناحي� � ��ة أخرى‪ ،‬فإن اس� � ��تلزام تذييل حكم التحكيم احملل� � ��ي بالصيغة التنفيذية من‬
‫ال باملادة ‪ 185‬من قانون املرافعات املدنية والتجارية‪ ،‬والرقابة‬ ‫رئي� � ��س احملكمة عم ً‬
‫الدقيقة على الشأن اإلجرائي‪ ،‬أثارت اخلشية والتوجس من عودة النزاع إلى نقطة‬
‫البداية بعد صدور حكم التحكيم جزاء أية أخطاء قد تشوبها‪.‬‬
‫ونختم هذه الورقة بالقول بأن القضاء اإلداري هو املختص دون غيره في فض‬
‫املنازعات اإلدارية بأنواعها‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫�أ�شكال اتفاق التحكيم‬
‫(�شرط التحكيم ‪ -‬م�شارطة التحكيم)‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪199‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أشگال اتفاق التحگيم‬
‫(شرط التحكيم ‪ -‬مشارطة التحكيم)‬

‫تعريف التحكيم‬

‫التحكيم لغة جعل احلكم فيما لك لغيرك‪ ،‬وشرعاً وردت اإلشارة إليه في سورة‬
‫النس� � ��اء { َو ِإ ْن ِخ ْفتُ ْم ِش َقا َق بَيْنِهِ َما َفابْ َعثُوا َح َك ًما ِ ّم ْن أَ ْهلِهِ َو َح َك ًما ِ ّم ْن أَ ْه ِل َها}‪ ،‬وقد‬
‫أقره الرس� � ��ول صلى الله عليه وس� � ��لم‪ ،‬وعمل به اخللفاء الراش� � ��دون‪ ،‬وقد أجمعت‬
‫املذاهب اإلسالمية على األخذ به‪.‬‬
‫والتحكيم هو نظام قانوني يتفق مبوجبه طرفان على عدم عرض النزاع بينهما‬
‫على محاكم الدولة‪ ،‬وإمنا يختاران شخصاً أو أشخاصاً من الغير‪ ،‬للفصل في النزاع‬
‫القانون� � ��ي بينهما بحكم ملزم لهما‪ ،‬فهو يرتكز على أساس� �ي��ن هما إرادة اخلصوم‬
‫وإقرار املشرع لهذه اإلرادة‪ ،‬فاحملكم يحل محل القاضي ولكنه ليس قاضياً وليس‬
‫موظفاً رسمياً‪ ،‬وليست له صفة رسمية لكن القانون هو الذي منحه ذلك‪.‬‬
‫ومؤدى ذلك أيضاً أن التحكيم قضاء خاص يصدر حكماً له حجية األمر املقضي‪،‬‬
‫وهو نظام استثنائي للتقاضي‪ ،‬كما يتضمن نزوالً من الطرفني عن حق رفع الدعوى‬
‫زمام محاكم الدولة بسبيل آخر حلل النزاع بينهما وهو التحكيم‪ ،‬وال يجوز للخصم‬
‫أن يتأرجح بني قبول السبيل القضائي أو اللجوء للمحاكم‪ ،‬وبني التمسك بالتحكيم‪،‬‬
‫كأن ينتظر فترة ملعرفة اجتاه محاكم الدولة في املسألة فإن كان في صاحله سكت‪،‬‬
‫وإن كانت األخرى جلأ للتحكيم‪.‬‬
‫فالتحكيم يبدأ بعقد بإرادة طرفني‪ ،‬وينتهي بحكم ملزم لهما‪ ،‬وملا كان من أخص‬
‫واجبات الدولة إقامة العدل بني األشخاص والفصل في املنازعات التي تنشأ بينهم‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪200‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ورد اإلعتداء حتى يطمأنوا على أرواحهم وحرياتهم وأموالهم‪ ،‬فالدولة لها وحدها‬
‫ح� � ��ق فرض العدالة‪ ،‬فال ميلك أح� � ��د أن يرفض تدخلها أو يتحرر من س� � ��لطانها‪،‬‬
‫ألن القضاء هو مصدر س� � ��يادتها‪ ،‬ولكن الدولة ال تس� � ��تطيع أن حترم مواطنيها من‬
‫اللج� � ��وء للتحكي� � ��م‪ ،‬ألنها ال تغف� � ��ل أن التحكيم كان هو طري� � ��ق العدالة األول الذي‬
‫عرفته البشرية‪ ،‬وأقرته الش� � ��رائع السماوية‪ ،‬وهو يرمي للسالم في املجتمع سواء‬
‫داخل الدولة بني املواطن� �ي��ن‪ ،‬أو في املجتمع الدولي والعالقات الدولية بني الدول‬
‫وأشخاص القانون الدولي العام األخرى‪.‬‬

‫مزايا نظام التحكيم‬

‫إذا أخذ الطرفان بنظام التحكيم فله عدة مزايا‪ ،‬يختلف فيها عن أي نظام آخر‬
‫للمطالبة باحلقوق وتعطيه أفضلية عليها‪ ،‬ومن هذه املزايا ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الطرفان يختاران ش� � ��خصاً أو أش� � ��خاصاً محل ثقة لهم� � ��ا‪ ،‬ومعروفني لديهما‪،‬‬
‫للفصل في املنازعة بينهما‪.‬‬
‫‪ -2‬ال يشترط في احملكم أن يكون قانونياً‪.‬‬
‫‪ -3‬الهدف األساسي من اللجوء للتحكيم هو السرعة في الفصل في النزاع وتوفير‬
‫الوقت واجلهد وبخاصة في منازعات االستثمار‪.‬‬
‫‪ -4‬أح� � ��كام التحكيم ال يطعن فيها إال بالبطالن‪ ،‬وفي حاالت محددة على س� � ��بيل‬
‫احلصر‪.‬‬
‫‪ -5‬يختار الطرفان القانون الواجب التطبيق على منازعتهما‪.‬‬
‫‪ -6‬جتن� � ��ب مبدأ عالنية التقاض� � ��ي‪ ،‬والتحلل من غالبية اإلج� � ��راءات املقررة أمام‬
‫محاكم الدولة‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪201‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -7‬ي� � ��ؤدي األخذ بنظام التحكيم إلى تخفيف العبء عن محاكم الدولة‪ ،‬مما يؤدي‬
‫لسرعة إجناز القضايا‪ ،‬وبالتالي استقرار املجتمع‪.‬‬

‫عيوب نظام التحكيم‬

‫رغم ما س� � ��بق فإن لنظام التحكيم بعض الس� � ��لبيات التي تواجهه أثناء التطبيق‬
‫ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬يتحمل الطرفان املتنازعات مصروفات التحكيم وأتعابه‪.‬‬
‫‪ -2‬قد تط� � ��ول إجراءات التحكيم إذا مت الطعن بالبط� �ل��ان على اتفاق التحكيم أو‬
‫حكم التحكيم‪.‬‬
‫‪ -3‬قد يتولى التحكيم أشخاص غير أكفاء أو غير أمناء‪.‬‬
‫‪ -4‬ع� � ��دم قابلية حكم التحكيم للطعن الع� � ��ادي أو غير العادي‪ .‬التحكيم جزئي في‬
‫نطاقه‪ ،‬نسبي في أثره‪ ،‬مقصور على ما اتفق عليه الطرفان من منازعات‪.‬‬

‫نظام التحكيم وما قد يتشابه معه‬

‫رغم أن التحكيم نظام متفرد وله خصوصية متيزه عن غيره‪ ،‬إال أنه قد يتشابه‬
‫مع بعض األنظمة األخرى منها‪:‬‬
‫‪ -1‬التحكيم والوكالة‪:‬‬
‫م� � ��ن املعروف أن الوكيل يقوم بعمله باس� � ��م املوكل وحلس� � ��ابه ويلت� � ��زم بتعليماته‬
‫ولصاحله‪ ،‬أما احملكم فيصدر حكمه باسمه طبقاً للقانون‪ ،‬ويتمتع في عمله بوالية‬
‫قضائية‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪202‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -2‬التحكيم والصلح‪:‬‬
‫ال بينهما‪ ،‬بأن يتنازل كل طرف عن‬ ‫الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعاً محتم ً‬
‫ج� � ��زء مما يراه حقاً ل� � ��ه‪ ،‬فالطرفان يفصالن في النزاع بينهما بإرادتيهما أي بعمل‬
‫تعاقدي‪ ،‬أما في التحكيم فيتم الفصل في النزاع بحكم يصدر عن احملكم له حجية‬
‫األم� � ��ر املقضي‪ ،‬وال يجوز الطعن عليه‪ ،‬ويج� � ��وز للمحكم أن يقضي ألحد الطرفني‬
‫بكام� � ��ل حقه‪ ،‬ويرفض طلب اآلخر‪ ،‬فهو حكم نهائ� � ��ي ملزم‪ ،‬أما في الصلح فيجوز‬
‫للطرفني اللجوء لقضاء الدولة بعد هذا الصلح‪ ،‬بل يجوز لهما اللجوء للتحكيم‪.‬‬
‫‪ -3‬التحكيم والوساطة‪:‬‬
‫في الوس� � ��اطة يلجأ الطرفان لشخص ثالث للتوس� � ��ط بينهما ولتقريب وجهات‬
‫النظ� � ��ر‪ ،‬ورأيه غير ملزم لهما‪ ،‬على عكس التحكيم فيلجأ الطرفان فيه لش� � ��خص‬
‫ثالث (احملكم) للفصل في النزاع بينهما بحكم ملزم لهما‪.‬‬
‫‪ -4‬التحكيم واخلبرة‪:‬‬
‫مل� � ��ا كان حكم التحكيم عمل قضائي‪ ،‬له خصائ� � ��ص وحجية األحكام القضائية‪،‬‬
‫ويلت� � ��زم الطرفان بتنفيذه جب� � ��راً عنهما‪ ،‬رغم أنهما بإرادتيهما س� � ��بق لهما اختيار‬
‫احملكم الذي أصدر هذا احلكم‪.‬‬
‫إال أن اخلبي� � ��ر يكل� � ��ف عادة بإبداء رأيه في مس� � ��ألة فنية بحت� � ��ة‪ ،‬يندب اخلبير‬
‫لبحثها وإعداد تقرير برأيه فيها من الناحية الفنية فقط‪ ،‬وال يجوز له إبداء الرأي‬
‫م� � ��ن الناحية القانونية‪ ،‬وه� � ��ذا الرأي الفني الذي يودع� � ��ه اخلبير ال يلزم احملكمة‬
‫الت� � ��ي طلبته‪ ،‬على عكس حكم التحكيم‪ ،‬فهو مل� � ��زم للطرفني‪ ،‬كما أن اخلبير عادة‬
‫يؤدي اليمني قبل مباش� � ��رة مأموريته‪ ،‬على خالف احملكم الذي اتفق الطرفان على‬
‫اختياره في املنازعة بينهما‪ ،‬فهو محل ثقتهما فال مجال الشتراط حلف اليمني‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪203‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫شرط التحكيم‬

‫هو اتفاق بني طرفني على أن أي خالف قد ينشأ بينهما مستقب ً‬


‫ال‪ ،‬بشأن عالقة‬
‫قانونية معينة‪ ،‬يتم الفصل فيه بواسطة التحكيم‪.‬‬
‫وغالباً ما يرد ش� � ��رط التحكيم في العقد األصلي كبند من بنوده‪ ،‬ولكن ال يوجد‬
‫م� � ��ا مينع من وروده في اتفاق الحق‪ ،‬بعد إبرام العقد األصلي‪ ،‬قبل نش� � ��وء النزاع‪،‬‬
‫إال أن ش� � ��رط التحكيم يتميز عن غيره بأنه ينصب على منازعات محتملة لم تنشأ‬
‫بعد‪ ،‬فإذا مت شرط التحكيم بعد وقوع النزاع فهو مشارطة أو اتفاق حتكيم‪ ،‬وليس‬
‫شرط حتكيم‪.‬‬
‫وش� � ��رط التحكيم قد يكون مؤسس� � ��ياً أي يتضمن بصراح� � ��ة أنه في حالة وقوع‬
‫خ� �ل��اف بني الطرفني يفصل فيه مركز حتكيم معني‪ ،‬أو غرفة محددة باإلس� � ��م‪ ،‬أو‬
‫جهة معروفة في هذا املجال‪.‬‬
‫ال‪ ،‬يق� � ��رر صراحة اللجوء‬‫ويجب في ش� � ��رط التحكيم أن يكون واضحاً وش� � ��ام ً‬
‫للتحكيم وعدم عرض النزاع على قضاء الدولة‪ ،‬كما يجب أن يحدد نطاق التحكيم‬
‫أي املس� � ��ألة التي س� � ��يفصل فيها احملك� � ��م‪ ،‬وضوابط اختيار ه� � ��ذا احملكم‪ ،‬ومكان‬
‫التحكيم‪ ،‬ولغته‪ ،‬والقانون الواج� � ��ب التطبيق‪ ،‬وميعاد التحكيم‪ ،‬فإذا جاء خلواً مما‬
‫سبق فال يرقى ملستوى شرط التحكيم‪.‬‬
‫وش� � ��رط التحكيم يغني عن إبرام مشارطة حتكيم بعد وقوع اخلالف‪ ،‬فهو ليس‬
‫وعداً بإبرام مشارطة حتكيم‪ ،‬ولكنه اتفاق كامل ونهائي على ولوج الطرفني لطريق‬
‫التحكيم حلس� � ��م النزاع بينهما‪ ،‬ورغم قيام شرط التحكيم‪ ،‬فهذا ال مينع الطرفان‬
‫من إبرام مش� � ��ارطة حتكيم بعد ذلك عن� � ��د وقوع اخلالف بينهما‪ ،‬وفي هذه احلالة‬
‫تعتبر املشارطة هي املرجع‪ ،‬ولها تناول ما لم يتسع له أو يتناوله شرط التحكيم‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪204‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وإذا كان شرط التحكيم باط ً‬
‫ال فال تبطل مشارطة التحكيم التي مت إبرامها بعد‬
‫ذلك‪ ،‬كما أن بطالن املشارطة ال ينسحب على شرط التحكيم‪.‬‬
‫ومن خصائص ش� � ��رط التحكيم أنه مستقل عن بنود العقد األصلي الوارد فيه‪،‬‬
‫فه� � ��و عقد داخل عقد‪ ،‬حتى لو أبرم في اتفاق مس� � ��تقل ولم يرد ضمن بنود العقد‬
‫األصلي‪ ،‬فلكل من شرط التحكيم والعقد األصلي محل مختلف‪ ،‬فمحل الشرط هو‬
‫الفصل في أي منازعة محتملة بني الطرفني قد تنش� � ��أ بينهما عن طريق التحكيم‪،‬‬
‫وعدم اللجوء لقضاء الدولة‪ ،‬أما محل العقد األصلي فشيء آخر‪ ،‬حسب نوع العقد‬
‫سواء بيع أو مقاولة أو غيرها‪.‬‬

‫مشارطة التحكيم‬

‫هي االتفاق الذي يتم بني الطرفني‪ ،‬بعد وقوع نزاع بينهما‪ ،‬على الفصل في هذا‬
‫النزاع بنظام التحكيم‪ ،‬وعدم عرضه على قضاء الدولة‪.‬‬
‫فاملش� � ��ارطة اتفاق بني الطرف� �ي��ن بعد وقوع اخلالف فع ً‬
‫ال‪ ،‬على عكس ش� � ��رط‬
‫التحكيم فهو يتناول نزاع محتمل وقوعه فيما بعد بني الطرفني في املستقبل‪.‬‬
‫وقد تس� � ��مى املشارطة وثيقة التحكيم اخلاصة‪ ،‬أو اتفاق أو عقد التحكيم‪ ،‬وهي‬
‫تص� � ��ح ولو كان النزاع مطروح � � �اً على القضاء ما دام لم يص� � ��در فيه حكم نهائي‪،‬‬
‫وميكن إبرام مشارطة التحكيم‪ ،‬سواء كانت مسبوقة بشرط حتكيم أم ال‪.‬‬
‫شروط صحة املشارطة‪:‬‬
‫مشارطة التحكيم كأي عقد يتم بتقابل إرادتني متطابقتني‪ ،‬أي بتراضي الطرفني‬
‫على ولوج طريق التحكيم حلل النزاع بينهما‪ ،‬وعدم اللجوء لقضاء الدولة‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪205‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وتخضع املشارطة في هذا للقواعد العامة في العقود‪ ،‬ولكن نركز بصفة خاصة‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون املشارطة مكتوبة‪ ،‬فالكتابة شرط النعقادها‪:‬‬
‫وليس� � ��ت مجرد شرط لإلثبات كغالبية العقود‪ ،‬وعلة اشتراط الكتابة لصحة‬
‫مش� � ��ارطة التحكيم هو احلرص على عدم فت� � ��ح الباب أمام منازعات فرعية‬
‫ح� � ��ول وجود أو محتوى أو مضمون املش� � ��ارطة‪ ،‬وال يش� � ��ترط في املش� � ��ارطة‬
‫الرس� � ��مية أو الش� � ��كلية‪ ،‬وإمنا يكفي تدوين املش� � ��ارطة في وثيقة ولو عرفية‬
‫يوقعها الطرفان‪ ،‬أو ترد في مراس� �ل��ات مكتوبة متبادلة بينهما مباش� � ��رة أو‬
‫عن طريق ش� � ��خص ثالث‪ ،‬ما دامت هذه املراسالت تعبر صراحة عن اتفاق‬
‫الطرف� �ي��ن على اللجوء للتحكيم للفصل في النزاع بينهما‪ ،‬وعدم عرضه على‬
‫قضاء الدولة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تتضمن املشارطة تعيني محل النزاع الذي يخضع للتحكيم‪.‬‬
‫فالتحكيم باعتباره طريق استثنائي للتقاضي‪ ،‬يجب أن يكون مقصوراً على ما‬
‫تنصرف إليه إرادة الطرفني‪ ،‬واتفقا على عرضه على التحكيم وعدم اللجوء‬
‫لقض� � ��اء الدولة‪ ،‬فإذا خرج احملكم عن ح� � ��دود ما اجته إليه الطرفان وفصل‬
‫ال‪ ،‬ويتعني أن يتم حتديد املنازعة موضوع‬ ‫في مسألة أخرى فحكمه يقع باط ً‬
‫التحكي� � ��م بعبارة نافي� � ��ة للجهالة‪ ،‬ولكن الطلبات اخلتامي� � ��ة لطرفي التحكيم‬
‫يحددانها أمام احملكم نفسه أثناء تداول القضية التحكيمية‪.‬‬
‫‪ -3‬صالحية احلق املتنازع عليه كمحل للتحكيم‪:‬‬
‫يش� � ��ترط أن يكون احلق املتنازع عليه ناش� � ��ئاً عن عالق� � ��ة قانونية ذات طابع‬
‫اقتصادي‪ ،‬س� � ��واء تعلق بحق ش� � ��خصي‪ ،‬أو عيني‪ ،‬أو بعقار أو منقول‪ ،‬وسواء‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪206‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫كان مص� � ��دره عقداً أو عم ً‬
‫ال غير مش� � ��روع أو غير ذلك من مصادر االلتزام‪،‬‬
‫وسواء كان احلق له طابع مدني أو جتاري أو إداري‪.‬‬
‫كم� � ��ا أنه ال يجوز التحكيم فيما ال يجوز الصلح في� � ��ه‪ ،‬فكما ال يجوز الصلح‬
‫ال‪ ،‬أيضاً ال يجوز‬
‫في املس� � ��ائل املتعلقة بالنظام الع� � ��ام واآلداب‪ ،‬كاجلرائم مث ً‬
‫التحكيم بخصوص حالة شخص معني وأهليته أو صاحب الوالية أو الوصاية‬
‫أو حتديد نسب شخص معني أو صاحب احلق في احلضانة‪.‬‬
‫فمش� � ��ارطة التحكيم شأنها أي عقد آخر يجب أن يكون محله قاب ً‬
‫ال للتعامل‬
‫فيه وال يخالف النظام العام أو اآلداب‪.‬‬
‫ومثال ذلك عدم جواز االتفاق على التحكيم بخصوص احلد األدنى لألجور‪،‬‬
‫أو دستورية القوانني‪ ،‬أو عدم استحقاق ضريبة‪.‬‬
‫‪ -4‬أهلية التصرف في احلق املتنازع عليه‪:‬‬
‫فال يج� � ��وز االتفاق على التحكيم إال للش� � ��خص الطبيعي كام� � ��ل األهلية‪ ،‬أو‬
‫الش� � ��خص االعتباري الذي ميلك التصرف في حقوقه‪ ،‬فال يجوز للقاصر أو‬
‫عدمي األهلية االتفاق على اللجوء للتحكيم‪ ،‬وبالنس� � ��بة للش� � ��خص االعتباري‬
‫يتع� �ي��ن التثبت أوالً من أن الذي يوقع املش� � ��ارطة ميثل الش� � ��خص االعتباري‬
‫ال صحيحاً طبقاً للقانون‪ ،‬والش� � ��خص االعتباري العام يجوز له االتفاق‬ ‫متثي ً‬
‫عل� � ��ى التحكي� � ��م بضوابط وردت ف� � ��ي القانون املصري منه� � ��ا موافقة الوزير‬
‫املختص أو م� � ��ن يتولى اختصاصه‪ ،‬وأن يؤخ� � ��ذ رأي مجلس الدولة املصري‬
‫دون اشتراط االلتزام بهذا الرأي‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪207‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫آثار اتفاق التحكيم‬

‫لشرط التحكيم وملشارطة التحكيم أثران أحدهما إيجابي واآلخر سلبي‪،‬‬


‫فاإليجابي‪ :‬هو حق طرفيه في اللجوء للتحكيم‪ ،‬وعرض منازعتهما عليه‪ ،‬واألثر‬
‫السلبي‪ :‬هو التزام طرفيه بعدم عرض منازعتهما على قضاء الدولة‪.‬‬
‫الدفع بوجود اتفاق حتكيم‪:‬‬
‫من املقرر أنه رغم وجود شرط أو مشارطة حتكيم‪ ،‬فإذا جلأ أحد الطرفني إلى‬
‫احملاكم مطالباً بحقه‪ ،‬ولم يعترض الطرف اآلخر وس� � ��كت ولم يدفع بوجود شرط‬
‫أو مش� � ��ارطة حتكيم‪ ،‬فعلى احملكمة نظر اخلصومة بينهما‪ ،‬ويعتبر اتفاق التحكيم‬
‫الغي � � �اً في هذه احلالة‪ ،‬ألن الطرفني تخليا بإرادتيهم� � ��ا عن االتفاق على التحكيم‬
‫وتقايال عنه رضاء‪.‬‬
‫أم� � ��ا إذا كان اتفاق التحكيم صحيحاً ونافذاً ورفعت دعوى قضائية أمام محاكم‬
‫الدولة‪ ،‬كان للطرف اآلخر أن يدفع بوجود اتفاق حتكم‪.‬‬
‫وقد اختلف الرأي حول هذا الدفع هل هو دفع بعدم االختصاص أم دفع بعدم‬
‫القبول‪ ،‬إال أنه ال يتصور أن يكون دفعاً بعدم االختصاص ألن ذلك يتم بني احملاكم‪،‬‬
‫والتحكي� � ��م ليس محكمة‪ ،‬ولكن� � ��ه دفع إجرائي متعلق بقب� � ��ول الدعوى أمام محاكم‬
‫الدولة‪ ،‬فإذا دفع أمام احملكمة قبل الكالم في املوضوع بوجود اتفاق حتكيم فيجب‬
‫على احملكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى‪ ،‬وهذا الدفع ال يتعلق بالنظام العام فال‬
‫يجوز للمحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها‪ ،‬بل يجب التمسك به أمام احملكمة‪،‬‬
‫ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً‪ ،‬ويسقط احلق فيه بالكالم في املوضوع‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪208‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وعندما حتكم احملكمة باالس� � ��تجابة للدفع وبعدم قب� � ��ول الدعوى لوجود اتفاق‬
‫عل� � ��ى التحكيم‪ ،‬فال حتكم احملكمة باإلحالة وإمنا تنتهي س� � ��لطتها عند هذا احلد‪،‬‬
‫وتترك الطرفني وشأنهما‪.‬‬
‫< أثر االتفاق على التحكيم على مواعيد السقوط والتقادم‪:‬‬
‫ال يؤدي مجرد االتفاق على التحكيم إلى أي أثر على تقادم الدعوى‪ ،‬أو سريان‬
‫الفوائد‪ ،‬أو مواعيد السقوط‪.‬‬
‫< أثر االتفاق على التحكيم على األوامر الوقتية أو الدعاوى املستعجلة‪:‬‬
‫ال ش� � ��ك أن اللجوء للتحكيم ال يعني س� � ��لب والية قضاء الدولة‪ ،‬وإمنا ال تقبل‬
‫إقام� � ��ة الدع� � ��وى بخصوص املنازع� � ��ة التي مت االتفاق عل� � ��ى الفصل فيها عن‬
‫طريق التحكيم فقط‪ ،‬فيظل لقضاء الدولة الفصل في الدعاوى املس� � ��تعجلة‪،‬‬
‫أو إص� � ��دار األوامر الوقتية‪ ،‬فهذا مما يدخل في الوالية العامة حملاكم الدولة‬
‫وال تس� � ��لبه الوالية اخلاصة للمحكمة‪ ،‬فهو يستمد سلطاته من التحكيم‪ ،‬وهي‬
‫سلطة استثنائية ومقصورة على ما ورد في اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫طرق الطعن يف �أحكام‬
‫هيئة التحكيم‬
‫يف العقود الإدارية‬

‫إعداد‬
‫السيد ميسوري اعمارة‬
‫مستشار الدولة‪ ،‬مبجلس الدولة اجلزائري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪211‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫طرق الطعن في أحكام هيئة التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية‬

‫إن املعام� �ل��ات ب� �ي��ن األفراد أو بني األفراد واألش� � ��خاص االعتبارية ال تخلو من‬
‫حدوث منازعات‪ ،‬وأن هذه املنازعات أسبابها مختلفة‪ ،‬قد تكون بإرادة أحد طرفي‬
‫املعامل� � ��ة أو ب� � ��دون إرادة‪ ،‬بل قد تكون حتى بقوة قاهرة‪ ،‬وملا كان من الضروري حل‬
‫هذه املنازع� � ��ات‪ ،‬ألن عدم حلها يؤدي إلى عرقلة س� � ��ير احلياة االجتماعية‪ ،‬ومنذ‬
‫القدم وجد ما يس� � ��مى بالصل� � ��ح كطريقة لفض املنازعات‪ ،‬وم� � ��ع تطور املجتمعات‬
‫وجد ما يس� � ��مى بــ«القضاء» والذي مبوجب� � ��ه أصبحت الدولة هي التي تقوم بفض‬
‫النزاعات بني مواطنيها مهما كان نوعها‪ ،‬بأحكام تصدر باس� � ��م الش� � ��عب‪ ،‬ولكن ملا‬
‫كانت إجراءات التقاضي تتميز بالبطء وطول مدة الفصل فيها‪ ،‬فإن األفراد كانوا‬
‫ف� � ��ي كثير من األحيان يلجؤون إلى الصلح بعيداً عن أروقة احملاكم حلل املنازعات‬
‫فيم� � ��ا بينهم‪ ،‬ولكن وبالرغم مما للصلح من آث� � ��ار ايجابية في حل املنازعات بعيداً‬
‫عن تدخل الدولة‪ ،‬فإن بعض اإلشكاالت تبقى دائماً قائمة ولو في كيفية تنفيذ ما‬
‫يتوصل إليه املتصاحلون‪ ،‬لذلك تدخل املش� � ��رع وأوجد ما يس� � ��مى بالطرق البديلة‬
‫لفض املنازعات بني األطراف‪ ،‬ومن هذه الطرق ما يسمى بــ«التحكيم»‪ ،‬وهو طريقة‬
‫سريعة لفض املنازعات سواء على املستوى احمللي أو الدولي‪ ،‬يلجأ إليها األطراف‬
‫لفض أي نزاع قد ينش� � ��أ مبناسبة تنفيذ أي عقد سواء أكان بني أشخاص طبيعية‬
‫أو اعتبارية‪ ،‬وتدخل املش� � ��رع كذلك في حتديد طريقة سيره‪ ،‬والهيئات املكلفة به‪،‬‬
‫وطريقة تنفيذ األحكام الصادرة عن هيئاته‪ ،‬بل أكثر من ذلك فقد أجاز لألطراف‬
‫الطعن في األحكام الصادرة عن هيئات التحكيم سواء أكانت دولية أو محلية وهذا‬
‫الشق اآلخر وهو الطعن في أحكام هيئات التحكيم هو الذي سيكون موضوع هذه‬
‫املداخلة وذلك حسب متطلبات ورقة عمل امللتقى‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪212‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫إن التحكي� � ��م هو طريقة بديل� � ��ة حلل النزاعات بعيداً ع� � ��ن مرفق القضاء يلجأ‬
‫إلي� � ��ه األطراف طواعية حلل أي نزاع قد يطرأ أثناء تنفيذ العقد املبرم بينهم‪ ،‬لكن‬
‫وبالرغم من ذلك فإن املش� � ��روع وباعتباره ينظم جميع شؤون املتعاملني فإنه أوجد‬
‫آلي� � ��ات للجوء إليه‪ ،‬وطريقة اختيارهم احملكمني‪ ،‬وأن� � ��واع العقود التي تكون مح ً‬
‫ال‬
‫للتحكيم‪ ،‬واألشخاص املعنوية التي لها احلق في اختيار هذه العملية‪ ،‬كما أنه نظم‬
‫أحكام التحكيم نفس� � ��ها‪ ،‬وأوكل للقضاء مهم� � ��ة مراقبة كل ذلك عن طريق الطعن‪،‬‬
‫من أجل مراقبة كل هذه اآلليات عن طريق ما يسمى بالطعن في أحكــــام التحكيم‬
‫بكل أنواعها‪ ،‬س� � ��واء كانت محلية أو دولية‪ ،‬وأن املشرع اجلزائري شأنه كمشرعي‬
‫باق� � ��ي الدول حذا هذا احل� � ��ذو‪ ،‬وبالتالي نص قانون اإلج� � ��راءات املدنية واإلدارية‬
‫ف� � ��ي الفصل الرابع من الباب الثاني م� � ��ن الكتاب الرابع منه على أحكـــام التحكيمــ‬
‫وأوامر رفض تنفيذ‪ ،‬وعليه سنقس � � �ـم هذه املداخل إلى فرعني‪ ،‬األول حول أحكام‬
‫الطعن في التحكيم احمللي‪ ،‬فيما يخصص الفرع الثاني ألحكام الطعن في التحكيم‬
‫الدولي‪.‬‬

‫> الفرع األول‪ :‬الطعن في حكم التحكيم الداخلي‪:‬‬

‫أجاز املش� � ��رع اجلزائري كما ذكرنا أعاله كجميع مش� � ��رعي الدول األخرى ألي‬
‫ط� � ��رف الطعن في حكم التحكيم الصادر ع� � ��ن هيئة حتكيمية محلية‪ ،‬وذلك باملادة‬
‫‪ 1032‬م� � ��ن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية بقول� � ��ه‪« :‬أحكام التحكيم غير قابلة‬
‫للمعارضة‪.‬‬
‫يجوز الطعن فيها عن طريق اعتراض الغير اخلارج عن اخلصومة أمام احملكمة‬
‫املختصة قبل عرض النزاع على التحكيم»‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪213‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ثم نصت املادة ‪ 1033‬من‪« :‬يرفع االس� � ��تئناف في أحكام التحكيم في أجل شهر‬
‫واح� � ��د (‪ )1‬م� � ��ن تاريخ النطق بها‪ ،‬أم� � ��ام املجلس القضائي ال� � ��ذي صدر في دائرة‬
‫اختصاصه حكم التحكيم‪ ،‬ما لم يتنازل األطراف عن حق االس� � ��تئناف في اتفاقية‬
‫التحكيم»‪.‬‬
‫كما نصت املادة ‪« :1034‬تكون القرارات الفاصلة في االس� � ��تئناف وحدها قابلة‬
‫للطعن بالنقض طبقاً لألحكام املنصوص عليها في هذا القانون»‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬ومبراجع� � ��ة هذه املواد يتضح أوالً‪ :‬أح� � ��كام التحكيم غير قابلة للمعارضة‪،‬‬
‫وبالتالي فإن املش� � ��رع استبعد هذا النوع من الطعون‪ ،‬أي أن حكم التحكيم ولوكان‬
‫غيابي � � �اً‪ ،‬كما أنه أجاز طريقة غير عادية للطعن في أحكام التحكيم وهي اعتراض‬
‫الغير اخلارج عن اخلصومة‪ ،‬وبالتالي فإنه يجوز لكل من له مصلحة أن يطعن في‬
‫حك� � ��م التحكي� � ��م عن هذا الطريق وذلك في إطار القواع� � ��د املنظمة لهذا النوع من‬
‫الطعن‪ ،‬ذلك أن املادة ‪ 977‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪ ،‬تنص على ما يلي‪:‬‬
‫«تطبق املقتضيات الواردة في هذا القانون املتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم وطرق‬
‫الطعن فيها على أحكام التحكيم الصادرة في املادة اإلدارية»‪.‬‬
‫وبالتال� � ��ي فإن من يرغب في اللجوء له� � ��ذا الطريق للطعن في حكم التحكيم أن‬
‫يتقيد مبا ورد في هذا القانون فيما يخص الش� � ��روط الشكلية واإلجرائية الواجب‬
‫توافرها‪ ،‬واملبينة في امل� � ��واد ‪ 961 ،960‬و‪ 962‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪ ،‬والهدف من هذا النوع‬
‫من الطعون هو مراجعة حكم التحكيم كلياً أو جزئياً‪.‬‬
‫كما أن املش� � ��رع أجاز الطع� � ��ن في أحكام التحكيم عن طريق االس� � ��تئناف‪ ،‬وهو‬
‫الطري� � ��ق الوحي� � ��د من طرق الطعن العادية التي س� � ��مح بها املش� � ��رع وهذا مبوجب‬
‫املادة ‪ 1033‬املذكورة أعاله‪ ،‬ولكن بش� � ��رط أن ال يتنازل عن هذا احلق في اتفاقية‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪214‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التحكي� � ��م‪ ،‬وبالتالي يظهر أوالً أن االس� � ��تئناف ميكن قبوله بش� � ��رط أن تكون إرادة‬
‫أطراف اتفاقية التحكيم مطابقة على اس� � ��تعمال هذا النوع من الطعون‪ ،‬كما يجب‬
‫أن يك� � ��ون األطراف قد اتفقوا مبوجب بند في اتفاقية التحكيم على أنه غير قابل‬
‫لالستئناف‪ ،‬أي أنه مبفهوم القانون يصدر نهائياً‪ ،‬وال يكون االستئناف حينئذ جائزاً‬
‫حت� � ��ى ولو عرض على القضاء‪ ،‬أما إذا لم يرد هذا الش� � ��رط في اتفاقية التحكيم‪،‬‬
‫ورغم أن املشرع قد أكد‪ ،‬كما ذكر أعاله‪ ،‬في املادة ‪ 977‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا على أنه تطبق‬
‫املقتضيات املتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم وطرق الطعن فيها على أحكام التحكيم‬
‫الصادرة في املادة اإلدارية‪ ،‬إال أن املشرع أورد شرطاً خاصاً فيما يخص قبول هذا‬
‫االستئناف من حيث امليعاد‪ ،‬وهو شهر واحد من يوم النطق بحكم التحكيم‪ ،‬وكذلك‬
‫من حيث االختصاص اإلقليمي اش� � ��ترط أن يتم ذلك في دائرة اختصاص املجلس‬
‫القضائي الذي صدر في نطاق اختصاصه حكم التحكيم‪ ،‬ويتضح من هذا كله أن‬
‫الشروط الشكلية لقبول االستئناف هي‪:‬‬
‫< أوالً‪ :‬أال يكون حكم التحكيم غير قابل لالستئناف‪ ،‬أي أال يرد في اتفاقية‬
‫التحكيم شرط بعدم خضوع حكم التحكيمي ألي طعن‪.‬‬
‫< ثاني � � �اً‪ :‬أن يت� � ��م هذا االس� � ��تئناف في خالل ش� � ��هر من يوم ص� � ��دور حكم‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫< ثالثاً‪ :‬أن يتم هذا االستئناف أمام املجلس القضائي الذي صدر في دائرة‬
‫اختصاصه حكم التحكيم‪.‬‬
‫لك� � ��ن حصل هنا جدل حول االختصاص النوعي للجهة املختصة نوعياً في هذا‬
‫النوع من االس� � ��تئناف‪ ،‬هل يرفع االختصاص للقض� � ��اء العادي أو القضاء اإلداري‪،‬‬
‫وذل� � ��ك أن املش� � ��رع اجلزائري أخذ مبب� � ��دأ الفصل بني القضاء الع� � ��ادي‪ ،‬والقضاء‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪215‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اإلداري‪ ،‬وأرجع االختصاص في هذا النوع األخير على أساس املعيار العضوي‪ ،‬إذ‬
‫نصت املادة ‪ 800‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا على أنه‪:‬‬
‫«احملاك� � ��م اإلدارية هي جهات الوالي� � ��ة العامة في املنازع� � ��ات اإلدارية‪ .‬تختص‬
‫بالفص� � ��ل في أول درجة‪ ،‬بحكم قابل لالس� � ��تئناف في جمي� � ��ع القضايا‪ ،‬التي تكون‬
‫الدول� � ��ة أو الوالية أو البلدية أو إحدى املؤسس� � ��ات العمومية ذات الصبغة اإلدارية‬
‫طرفاً فيها»‪.‬‬
‫وبالتالي ذهب البعض للقول بأن االستئناف في حكم التحكيم يكون أمام مجلس‬
‫الدولة ملا يكون أحد أطرافه األش� � ��خاص االعتباري� � ��ة املذكورون أعاله‪ ،‬وقد صدر‬
‫في هذا الش� � ��أن قرار عن مجل� � ��س الدولة اجلزائري في ‪ 2017-12-07‬متس� � ��ك‬
‫باختصاص� � ��ه النوعي في اس� � ��تئناف حكم حتكيم كانت أحد أطرافه والية س� � ��وق‬
‫أهراس‪ ،‬استناد للمادة ‪ 976‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا التي تنص على أنه‪:‬‬
‫«تطبق األحكام املتعلقة بالتحكيم املنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬أمام اجلهات‬
‫القضائي� � ��ة اإلدارية»‪ ،‬ومل� � ��ا كان مجلس الدولة هو اجلهة الفاصلة في االس� � ��تئناف‬
‫لألحكام الص� � ��ادرة عن احملاكم اإلدارية‪ ،‬فإنه يكون كذلك مختصاً في اس� � ��تئناف‬
‫أح� � ��كام التحكيم‪ ،‬بينما ذهب البعض اآلخر للق� � ��ول بأن هذا نص خاص واخلاص‬
‫يقيد العام‪ ،‬وما دام املشرع ذكر حرفياً أن االستئناف يكون أمام املجالس القضائية‬
‫املختص� � ��ة محلياً‪ ،‬فإن حك� � ��م التحكيم يكون أمام هذه اجله� � ��ة‪ ،‬حتى ولو كان أحد‬
‫أطرافها لألشخاص املذكورين في املادة ‪ 800‬أعاله‪ ،‬وأخيراً فإن هذه هي الشروط‬
‫الشكلية لقبول االس� � ��تئناف‪ ،‬وزيادة على ذلك فإن شرطي الصفة واملصلحة يجب‬
‫كذلك توافرهما في االس� � ��تئناف‪ ،‬إذ ال ميك� � ��ن قبول أي دعوى قضائية من دونهما‬
‫طبقاً ملقتضيات املادة ‪ 13‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪ ،‬هذا عن الشروط الشكلية لقبول االستئناف‪،‬‬
‫أما عن االس� � ��تئناف بحد ذاته‪ ،‬فإذا كانت القاع� � ��دة العامة‪ ،‬فيه أن له األثر الناقل‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪216‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫للنزاع أمام جهة االستئناف‪ ،‬فهذا يعني أن النزاع يتم نقله برمته أمام هذه اجلهة‪،‬‬
‫وبالتال� � ��ي فلهذه األخيرة احلق في مراجعة حك� � ��م التحكيم بناء على طلب الطرف‬
‫املستأنف‪ ،‬وتكون هذه املراجعة من حيث مدى احترام محكمة التحكيم لقانون في‬
‫إص� � ��دار حكمها‪ ،‬وهذا كله بناء على ما جاء في املادة ‪ 1000‬وما يليها من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪،‬‬
‫ف� � ��إذا خالف حكم التحكيم اإلجراءات املنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬فإن جهة‬
‫االس� � ��تئناف تلغي احلكم‪ ،‬على أساس أنه مخالف للقانون‪ ،‬وجتدر اإلشارة هنا أن‬
‫جهة االس� � ��تئناف ملا تلغ� � ��ي أو تبطل حكم التحكيم‪ ،‬ال تتص� � ��دى للنزاع وحتكم فيه‬
‫من جديد‪ ،‬ألن االس� � ��تئناف حلكم التحكيم يبنى عل� � ��ى مدى احترام حكم التحكيم‬
‫لإلجراءات املنصوص عليها قانوناً في كيفية إصدار حكم التحكيم‪ ،‬وال يبنى على‬
‫الرضا بالنتيجة التي توصل إليها حكم التحكيم في حالة احترامه لكل اإلجراءات‬
‫املنص� � ��وص عليها قانوناً في إصدار هذا احلكم‪ ،‬كما يجب اإلش� � ��ارة كذلك إلى أن‬
‫حك� � ��م التحكي� � ��م ملا يكون نهائياً ه� � ��و قابل للتنفيذ بأمر صادرع� � ��ن رئيس احملكمة‬
‫املختصة‪ ،‬وأن هذا األمر هو اآلخر قابل لالستئناف‪ ،‬وهو ما جاء في املادة ‪1035‬‬
‫من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪.‬‬
‫وفي األخير يجب كذلك اإلشارة إلى أن املشرع أجاز الطعن بالنقض في احلكم‬
‫القضائي الصادر أثر االس� � ��تئناف في حكم التحكيم أمام اجلهة املختصة‪ ،‬وهو ما‬
‫نصت عليه املادة ‪ 1034‬من ق‪.‬ا‪.‬م بقولها‪« :‬تكون القرارات الفاصلة في االستئناف‬
‫وحده� � ��ا قابلة للطعن بالنقض طبقاً لألح� � ��كام املنصوص عليها في هذا القانون»‪،‬‬
‫وبالتالي تكون األحكام هي القابلة للطعن بالنقض بناء على األس� � ��باب الواردة في‬
‫املادة ‪ 358‬من ق‪.‬م‪.‬ا وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬مخالفة قاعدة جوهرية في اإلجراءات‪.‬‬
‫‪ -2‬إغفال األشكال اجلوهرية لإلجراءات‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪217‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -3‬عدم االختصاص‪.‬‬
‫‪ -4‬جتاوز السلطة‪.‬‬
‫‪ -5‬مخالفة القانون الداخلي‪.‬‬
‫‪ -6‬مخالفة القانون األجنبي املتعلق بقانون األسرة‪.‬‬
‫‪ -7‬مخالفة االتفاقيات الدولية‪.‬‬
‫‪ -8‬انعدام األساس القانوني‪.‬‬
‫‪ -9‬انعدام التسبيب‪.‬‬
‫‪ -10‬قصور التسبيب‪.‬‬
‫‪ -11‬تناقض التسبيب مع املنطوق‪.‬‬
‫‪ -12‬حتريف املضمون الواضح والدقيق لوثيقة معتمدة في احلكم أو القرار‪.‬‬
‫‪ -13‬تناق� � ��ض أحكام أو قرارات ص� � ��ادرة في آخر درج� � ��ة‪ ،‬عندما تكون حجية‬
‫الش� � ��يء املقضي فيه قد أثيرت بدون جدوى‪ ،‬وفي هذه احلالة يوجه الطعن‬
‫بالنقض ضد آخر حكم أو قرار من حيث التاريخ‪ ،‬وإذا تأكد هذا التناقض‪،‬‬
‫يفصل بتأكيد احلكم أو القرار األول‪.‬‬
‫‪ -14‬تناق� � ��ض أحكام غير قابل� � ��ة للطعن العادي في ه� � ��ذه احلالة يكون الطعن‬
‫بالنقض مقبوالً‪ ،‬ولو كان أحد األحكام موضوع طعن بالنقض س� � ��ابق انتهى‬
‫بالرفض‪.‬‬
‫‪ -15‬وفي هذه احلالة يرفع الطعن بالنقض حتى بعد فوات األجل املنصوص عليه‬
‫ف� � ��ي املادة ‪ 354‬أعاله‪ ،‬ويجب توجيهه ض� � ��د احلكمني‪ ،‬وإذا تأكد التناقض‪،‬‬
‫تقضي احملكمة العليا بإلغاء أحد احلكمني أو احلكمني معاً‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪218‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -16‬وجود مقتضيات متناقضة ضمن منطوق احلكم أو القرار‪.‬‬
‫‪ -17‬احلكم مبا لم يطلب أو بأكثر مما طلب‪.‬‬
‫‪ -18‬السهو عن الفصل في أحد الطلبات األصلية‪.‬‬
‫‪ -19‬إذا لم يدافع عن ناقصي األهلية‪.‬‬

‫> الفرع الثاني‪ :‬الطعن في أحكام التحكيم الدولية‪:‬‬

‫يقص� � ��د بالتحكيم الدول� � ��ي‪ ،‬التحكيم الذي يخص النزاع� � ��ات املتعلقة باملصالح‬
‫االقتصادي� � ��ة لدولتني على األقل‪ ،‬وهو ما نصت عليه املادة ‪ 1039‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪ ،‬وأن‬
‫ال حلل النزاعات بعيداً عن مرفق القضاء‬ ‫ه� � ��ذا النوع من التحكيم يعتبر كذلك بدي ً‬
‫الذي يتس� � ��م بطول اإلجراءات في حني أن النزاعات االقتصادية تتطلب الس� � ��رعة‬
‫في الفصل‪ ،‬وبالتالي فإن املش� � ��رع اجلزائري أجاز لألشخاص املعنوية اللجوء إلى‬
‫التحكيم في عالقاتها االقتصادية الدولية أو في إطار الصفقات العمومية‪ ،‬وحكم‬
‫التحكي� � ��م هذا قد يص� � ��در من اجلزائر أو خارجها‪ ،‬والقاع� � ��دة العامة أنه ال ميكن‬
‫الطع� � ��ن في أحكام التحكي� � ��م إال إذا كانت صادرة باجلزائ� � ��ر ألن املادة ‪ 1058‬من‬
‫ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪ ،‬تنص على أنه‪« :‬ميكن أن يكون حكم التحكيم الدولي الصادر في اجلزائر‬
‫موض� � ��وع طعن بالبطالن في احلاالت املنص� � ��وص عليها في املادة ‪ 1056‬أعاله‪،»..‬‬
‫ومبفه� � ��وم املخالفة‪ ،‬ف� � ��إن حكم التحكيم الدولي الصادر خ� � ��ارج اجلزائر غير قابل‬
‫للطعن أمام اجلهات القضائية اجلزائرية‪ ،‬ألن القاضي اجلزائري في هذه احلالة‬
‫ال ميكن له مراجعة حكم صادر عن هيئة أجنبية‪ ،‬وأن دوره يكمن فقط في مراقبة‬
‫مدى صحة تنفيذ هذا احلكم‪ ،‬هذا أوالً‪ ،‬وثانياً‪ ،‬فإن املشرع حدد األوجه التي يبنا‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪219‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫عليها هذا الطعن‪ ،‬ملا يكون احلكم صادراً باجلزائر في املادة ‪ 1056‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا فصل� � ��ت محكمة التحكيم ب� � ��دون اتفاقية حتكيم‪ ،‬أو بن� � ��اء على اتفاقية‬
‫باطلة‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا كانت تشكيلة التحكيم أو تعيني احملكم الوحيد مخالفاً للقانون‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا فصلت احملكمة مبا يخالف املهمة املسندة إليها‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا لم يراع مبدأ الوجاهية‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها‪.‬‬
‫‪ -6‬إذا كان حكم التحكيم مخالفاً للنظام العام الدولي‪.‬‬
‫ومن هنا يظهر أن املشرع أجاز للقاضي أن يبطل حكم التحكيم الدولي لألسباب‬
‫املذك� � ��ورة أعاله على س� � ��بيل احلصر‪ ،‬وبالتالي فإن مراقب� � ��ة القاضي محصورة في‬
‫هذه األس� � ��باب‪ ،‬وال يجوز له أن يتعداها‪ ،‬أي أن دور القاضي هنا يشبه دور قاضي‬
‫النقض‪ ،‬كما أن املشرع سمى هذا الطعن بطعن البطالن‪ ،‬وبالتالي استبعد كل أنواع‬
‫الطع� � ��ون األخرى‪ ،‬س� � ��واء العادية أو غير العادية‪ ،‬وبالتال� � ��ي تكون هذه الدعوى هي‬
‫طريق خاص ملراجعة قرارات صادرة في التحكيم الدولي باجلزائر‪ ،‬أما عن اجلهة‬
‫التي يرفع أمامها هذا الطعن‪ ،‬فقد نصت املادة ‪ 1059‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪ ،‬على أنه‪:‬‬
‫«يرف� � ��ع الطعن بالبطالن في حك� � ��م التحكيم املنصوص عليه ف� � ��ي املادة ‪1058‬‬
‫أعاله‪ ،‬أم� � ��ام املجلس القضائي الذي صدر حكم التحكي� � ��م في دائرة اختصاصه‪.‬‬
‫ويقب� � ��ل الطعن ابتداء من تاري� � ��خ النطق بحكم التحكيم» وأضاف� � ��ت الفقرة الثانية‬
‫م� � ��ن نفس املادة‪« :‬ال يقبل هذا الطعن بعد أجل ش� � ��هر واحد (‪ )1‬من تاريخ التبليغ‬
‫الرس� � ��مي لألمر القاضي بالتنفيذ»‪ ،‬وبالتالي فإن� � ��ه يظهر من هذه املادة أن اجلهة‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪220‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املختصة بالفصل في دعوى البطالن حلكم التحكيم الدولي هي املجلس القضائي‬
‫رغم أن اجلدل يبقى قائماً كما ذكرنا أثناء تعرضنا للطعن باالس� � ��تئناف في حكم‬
‫التحكيم الداخلي مل� � ��ن يرجع هذا االختصاص إذا كان أحد أطراف حكم التحكيم‬
‫من األش� � ��خاص االعتبارية املذكورين في املادة ‪ 800‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا‪ ،‬والتي يسند على‬
‫أساس� � ��ها االختصاص للقضاء اإلداري‪ ،‬والش� � ��رط الثاني لقبول هذا الطعن هو أن‬
‫يتم في خالل شهر من يوم التبليغ الرسمي لألمر القاضي بالتنفيذ‪.‬‬

‫ه� � ��ذا فيما يخص الطعن بالبطالن في حكم التحكي� � ��م الدولي بذاته‪ ،‬أما األوامر‬
‫القضائية الصادرة في شأن االعتراف بأحكام التحكيم الدولي سواء كانت صادرة في‬
‫اجلزائر أو خارجها‪ ،‬فإن تنفيذها يخضع ملا سمي باالعتراف بأحكام التحكيم الدولي‬
‫وتعتبر قابلة للتنفي� � ��ذ بأمر صادر عن رئيس احملكمة التالي صدرت أحكام التحكيم‬
‫في دائرة اختصاها‪ ،‬أو محكمة محل التنفيذ إذا كان مقر احملكمة التي أصدرت حكم‬
‫التحكيم موجوداً باخلارج‪ ،‬وأن املادة ‪ 1055‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا نصت على أن‪:‬‬
‫«يكون األمر القاضي برفض االعتراف أو برفض التنفيذ قاب ً‬
‫ال لالس� � ��تئناف»‪،‬‬
‫ث� � ��م نصت املادة ‪ 1056‬على أنه ال يجوز اس� � ��تئناف األم� � ��ر القاضي بالتنفيذ ال في‬
‫احلاالت الس� � ��ت املذكورة أعاله فيما يتعلق بأسباب الطعن في حكم التحكيم‪ ،‬وأن‬
‫القرار الصادر في ش� � ��أن هذا االستئناف ميكن أن يكون محل طعن بالنقض‪ ،‬وهو‬
‫ما نصت عليه املادة ‪ 1061‬من نفس القانون‪.‬‬

‫وأخيراً يظهر من هذا كله أن املش� � ��رع في اجلزائر قد أخذ مبا أخذت به باقي‬
‫الدول في شأن مسألة الطعون في أحكام التحكيم سواء أكانت داخلية أو خارجية‪،‬‬
‫وذلك ألن تنفيذ أحكام التحكيم مرتبطة باالتفاقيات الدولية والتي تسعى لالعتراف‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪221‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وتنفيذ األحكام التحكيمية وتوحيد اجلهود والتعاون الدولي إليجاد قواعد خاصة‬
‫لتنفيذ هذه األحكام‪.‬‬

‫كم� � ��ا يجب التنوية كذلك إلى أن املش� � ��رع اجلزائري ول� � ��م كان قد ذكر في املادة‬
‫‪ 977‬م� � ��ن ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا عل� � ��ى أن تطبق املقتضي� � ��ات الواردة في ه� � ��ذا القانون واملتعلقة‬
‫بتنفيذ أح� � ��كام التحكيم الصادرة ف� � ��ي املادة اإلدارية‪ ،‬وبالتالي فإن تفس� � ��ير حكم‬
‫التحكيم أو تصحيحه يكون بناء على ما جاء في القانون في باب تفس� � ��ير األحكام‬
‫وتصحيحها‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫ورقة عمل مقدمة من وفد محكمة القضاء اإلداري‬
‫بسلطنة ُعمان‬

‫رقابة الق�ضاء الإداري‬


‫على �أعمال املحكمني‬

‫إعداد ك ًال من‪:‬‬


‫املستشار‪ /‬سعيد بن خلف التوبي‬
‫نائب رئيس محكمة القضاء اإلداري‬
‫عقيل بن سالم الشريف‬
‫رئيس الدائرة االبتدائية الثانية‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪225‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫رقابة القضاء اإلداري على أعمال احملكمني‬

‫مقدمة‬

‫يحظ� � ��ى التحكيم بأهمية فائقة كوس� � ��يلة فاعلة لس� � ��رعة الفصل في املنازعات‬
‫بصفة عامة‪ ،‬ومن بينها منازعات العقود اإلدارية التي تبرمها الدولة‪ ،‬لذلك نصت‬
‫التش� � ��ريعات املختلفة في أغلب الدول ومنها س� � ��لطنة عمان على األخذ به وضمان‬
‫تطبيقه التطبيق األمثل‪ ،‬وأقرت مبدأ استقالل التحكيم الذي يُعد من أهم املبادىء‬
‫التي حترص عليها التشريعات احلديثة والتي اعتنقت التحكيم كنظام بديل لتسوية‬
‫املنازعات املدني� � ��ة والتجارية‪ ،‬بحيث ال يجوز للقضاء إعادة فحص وتقييم الوقائع‬
‫الت� � ��ي نظرها احملكم ‪-‬أو هيئة التحكيم‪ -‬وإعادة النظر في حكمه لكون احملاكم ال‬
‫تُعد جهة اس� � ��تئنافية بالنس� � ��بة ألحكام احملكمني‪ ،‬كما يجب على احملكمة أن حتكم‬
‫بعدم قبول الدعوى املرفوعة إليها إذا ُدفع أمامها بوجود شرط التحكيم في العقد‬
‫املب� � ��رم بني طرفيها‪ ،‬إال أن ذلك ال يعني االنفصال الت� � ��ام بينهما‪ ،‬وإمنا يعني عدم‬
‫طرح النزاع مرة أخرى على القضاء اختصاراً للوقت واجلهد والنفقات‪.‬‬
‫ويخض� � ��ع التحكيم ملجموعة من القواع� � ��د العامة التي تتعل� � ��ق بتحديد ماهيته‬
‫وطبيعت� � ��ه القانونية‪ ،‬وأمناط� � ��ه املختلفة‪ ،‬وهو ما ينطبق ب� � ��دوره على التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية‪.‬‬
‫فيمكن تعريف التحكيم بش� � ��كل عام بأنه‪« :‬اتفاق على طرح النزاع على شخص‬
‫معني أو أشخاص معينني ليفصلوا فيه دون احملكمة املختصة»‪.‬‬
‫وبالنسبة للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية فهو‪:‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪226‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫«وسيلة يلجأ مبقتضاها طرفا العقد اإلداري ‪-‬جهة اإلدارة واملتعاقد معها‪ -‬إلى‬
‫إخراج بعض أو كل املنازعات الناش� � ��ئة عن العقد املب� � ��رم بينهما من والية القضاء‬
‫اإلداري وطرحه� � ��ا على محكم أو هيئة حتكيم‪ ،‬م� � ��ع التزامهم باحلكم الصادر عن‬
‫هيئ� � ��ة التحكيم في إطار الضوابط التي يضعها املش� � ��رع بهذا الصدد‪ ،‬وذلك حتت‬
‫غطاء الرقابة القضائية اإلدارية»‪.‬‬
‫< أهمية الرقابة القضائية على أعمال احملكمني‬

‫تبرز أهمية الرقابة القضائية على أعمال احملكمني في أنه ال غنى للتحكيم عن‬
‫ال� � ��دور الذي يقوم به القضاء لكفالة فعالي� � ��ة التحكيم وحتقيقه ألهدافه‪ ،‬إذ توجد‬
‫جملة من األمور تقتضي مؤازرة ومعاونة القضاء لهيئة التحكيم لضمان حسن سير‬
‫وصحة إجراءات التحكيم من ناحية‪ ،‬وكفالة تنفيذ أحكام التحكيم وتالفي الس� � ��ير‬
‫في إجراءات مصيرها البطالن من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ف� � ��إذا كان الهدف من التحكيم هو اس� � ��تبعاد األط� � ��راف اختصاص احملاكم من‬
‫الفصل في املنازعات التي قد تثور بينهم‪ ،‬وتكليفهم لش� � ��خص أو أشخاص خاصة‬
‫بنظرها والبت فيها وفقاً إلرادتهم في هذا الش� � ��أن‪ ،‬إال أن الرقابة القضائية تبقى‬
‫ض� � ��رورة حتمية في هذا املجال‪ ،‬وذلك حماية إلرادة األطراف أنفس� � ��هم من جهة‪،‬‬
‫والدول� � ��ة من جهة أخرى‪ ،‬ويبرز ذلك م� � ��ن خالل تدخل القاضي إلزالة كل ما يعيق‬
‫تشكيل هيئة التحكيم في حالة عدم اتفاق أو االمتناع عن اختيار محكم‪ ،‬وتصحيح‬
‫التش� � ��كيل غير الس� � ��ليم لهيئة التحكيم من خالل رد احملكم� �ي��ن‪ ،‬أو عزلهم وبعدم‬
‫إمكاني� � ��ة االعتراف بقرار التحكيم وتنفي� � ��ذه دون التحقق من عدم مخالفته للنظام‬
‫العام‪ ،‬أو القضاء ببطالن حكم التحكيم في احلاالت التي تقتضي ذلك‪ ،‬وذلك كله‬
‫وفقاً للقواعد واإلجراءات التي نص عليها قانون التحكيم املنظم لهذه املسائل في‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪227‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫كل دولة‪ ،‬على أنه يجب أن تكون هذه الرقابة القضائية لهيئة التحكيم رقابة مرنة‬
‫حتفظ لهيئة التحكيم استقالليتها‪ ،‬وفي الوقت ذاته حتافظ على اعتبارات النظام‬
‫العام في الدولة‪.‬‬
‫التحكيم في النظام القانوني العماني‬
‫عنى املشرع العماني عناية خاصة بأهمية التحكيم في املنازعات املدنية والتجارية‬
‫في سلطنة ُعمان‪ ،‬فصدر في شأن ذلك املرسوم السلطاني رقم (‪ )97/47‬بإصدار‬
‫قان� � ��ون التحكيم في املنازع� � ��ات املدنية والتجارية‪ ،‬وال� � ��ذي مت تعديل بعض أحكام‬
‫باملرس� � ��وم الس� � ��لطاني رقم (‪ ،)2007/3‬فنظم طريقة اختيار احملكم وتنظيم عمله‬
‫وتش� � ��كيل هيئة التحكيم وكيفية مراقبة أعمال احملكمني‪ ،‬حماية ملصالح األطراف‬
‫وحفاظ � � �اً على النظام العام‪ ،‬كما أبرز املش� � ��رع دور الرقاب� � ��ة القضائية على أعمال‬
‫احملكمني مع ضمان اس� � ��تقالليتهم في ممارس� � ��تها‪ ،‬فأخضع حك� � ��م هيئة التحكيم‬
‫للرقاب� � ��ة القضائية في احل� � ��االت التي تقتضي ذلك‪ ،‬وح� � ��دد احملاكم التي تختص‬
‫بها‪ ،‬للتحقق من مراعاة حكم التحكيم للشروط التي يتطلبها القانون‪ ،‬والتثبت من‬
‫وظيفة احملكم واملهام املنوطة به للقيام بها‪ ،‬ومدى احترامه للقواعد القانونية سواء‬
‫تل� � ��ك املتصلة باتفاق التحكيم ذاته أو بإج� � ��راءات التحكيم‪ ،‬وذلك في حالة الطعن‬
‫عل� � ��ى حكم التحكيم بدع� � ��وى البطالن‪ ،‬وصوالً إلى االعت� � ��راف بحكم التحكيم من‬
‫خالل شموله بالصيغة التنفيذية الالزمة لتنفيذه‪.‬‬
‫فقد أكد قانون التحكيم في املنازعات املدنية والتجارية املش� � ��ار إليه في املادة‬
‫(‪ )1‬منه على أ ّنه‪:‬‬
‫«مع عدم اإلخالل بأحكام االتفاقيات الدولية املعمول بها في الس� � ��لطنة تسري‬
‫أح� � ��كام هذا القانون عل� � ��ى كل حتكيم بني أطراف من أش� � ��خاص القانون العام أو‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪228‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫القانون اخلاص أياً كانت طبيعة العالقة القانونية التي يدور حولها النزاع‪ ،‬إذا كان‬
‫هذا التحكيم يجري في الس� � ��لطنة أو كان حتكيماً جتارياً دولياً يجري في اخلارج‬
‫اتفق أطرافه على إخضاعه ألحكام هذا القانون»‪.‬‬
‫وتنص املادة (‪ )6‬بند (‪ )2‬على أ ّنه‪:‬‬
‫«إذا اتف� � ��ق طرفا التحكيم على إخضاع العالق� � ��ة القانونية بينهما ألحكام عقد‬
‫منوذجي أو اتفاقية دولية أو أية وثيقة أخرى وجب العمل بأحكام هذه الوثيقة مبا‬
‫تشمله من أحكام خاصة بالتحكيم»‪.‬‬
‫كما أكد املش� � ��رع العماني على أهمية التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬واختصاص‬
‫محكمة القضاء اإلداري بنظر املس� � ��ائل املتعلقة به‪ ،‬فأضاف مادة جديدة برقم (‪6‬‬
‫مكرراً) إلى قانون احملكمة‪ ،‬مبوجب املرس� � ��وم الس� � ��لطاني رق� � ��م (‪ )2009/3‬الذي‬
‫أجرى تعديالت على هذا القانون‪ ،‬ومن بينها املادة (‪ 6‬مكرراً) املش� � ��ار إليها والتي‬
‫تنص على أنه‪:‬‬
‫«تسري أحكام قانون التحكيم في املنازعات املدنية والتجارية على اخلصومات‬
‫املتعلق� � ��ة بالعقود اإلدارية‪ ،‬ويكون االختصاص بنظر مس� � ��ائل التحكيم التي يحيلها‬
‫القان� � ��ون املذكور إلى القضاء فيم� � ��ا يتعلق بالعقود اإلدارية للدائ� � ��رة االبتدائية أو‬
‫للدائرة االستئنافية أو لرئيس احملكمة بحسب األحوال‪.‬‬
‫وفي ضوء ه� � ��ذا النص أصبح اختصاص محكمة القض� � ��اء اإلداري اختصاصاً‬
‫شام ً‬
‫ال لكافة مسائل التحكيم املتعلقة بالعقود اإلدارية‪ ،‬واملنصوص عليها في قانون‬
‫التحكيم في املنازعات املدنية والتجارية س� � ��الف الذكر‪ ،‬وهو ما جرى عليه العمل‬
‫لدى هذه احملكمة منذ تطبيق املرسوم السلطاني املشار إليه‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪229‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أما بالنسبة إلى جواز التحكيم في العقود اإلدارية التي تبرمها اجلهات اإلدارية‬
‫بالس� � ��لطنة‪ ،‬فيرجع أصل ذلك إلى نص املادة (‪ )67‬من وثائق العقد املوحد إلنشاء‬
‫املباني واألعمال املدنية (طبعة عام ‪1982‬م وما بعدها وطبعة سبتمبر عام ‪1999‬م)‪،‬‬
‫املعمول به قبل صدور قانون التحكيم في املنازعات املدنية والتجارية سالف الذكر‪،‬‬
‫والتي تلتزم اجلهات احلكومية بالتعاقد في معظم العقود التي تبرمها مع شركات‬
‫القط� � ��اع اخلاص وفقاً لنموذج ه� � ��ذا العقد املوحد‪ ،‬حيث تنص املادة (‪ )67‬من هذا‬
‫أن‪:‬‬
‫العقد على ّ‬
‫«تس���وية اخلالف���ات والتحكي���م‪ :‬إذا حصل خالف أو نزاع ما بني صاحب العمل‬
‫أو املهندس من جهة واملقاول من جهة أخرى حول أي أمر سواء فيما يتعلق بالعقد‬
‫أو ما ينتج عنه أو فيما يتعلق بتنفيذ األعمال أكان ذلك أثناء التنفيذ أو بعد إمتام‬
‫األعمال وس� � ��واء كان ذلك قبل أو بعد إنهاء العقد أو التخلي عنه أو فسخه‪ ،‬يحال‬
‫هذا اخلالف إلى املهندس ليقوم بالفصل فيه‪.‬‬
‫وعل� � ��ى املهندس وخالل فترة ال تتعدى (‪ )90‬يوماً من إحالة اخلالف إليه بطلب‬
‫م� � ��ن أي من الطرفني أن يبعث بقراراته بهذا الش� � ��أن إل� � ��ى كل من صاحب العمل‬
‫واملقاول‪.‬‬
‫ويك� � ��ون هذا القرار فيما يتعلق بأي أمر أحيل إلى املهندس بهذا الش� � ��كل نهائياً‬
‫وملزماً لصاحب العمل وللمقاول‪ ،‬وعلى الطرفني العمل بقرار املهندس هذا‪.‬‬
‫ويتوجب على املقاول أن يتابع التنفيذ بكل جهد مس� � ��تطاع بغض النظر عما إذا‬
‫كان ق� � ��د طلب إحالة املوضوع على التحكيم‪ ،‬أو إذا كان هذا الطلب قد مت من قبل‬
‫صاحب العمل أوالً‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪230‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وإذا ل� � ��م يتقدم أي من صاحب العمل أو املقاول خالل مدة تس� � ��عني (‪ )90‬يوماً‬
‫م� � ��ن تاريخ قرار املهندس املبلّغ خطي � � �اً إلى الطرفني بأي طلب للتحكيم يبقى قرار‬
‫املهندس نهائياً وملزماً لصاحب العمل واملقاول‪ ،‬أما إذا فشل املهندس في إصدار‬
‫قراراته كما ورد أعاله خالل مدة تس� � ��عني (‪ )90‬يوماً بعد إحالة املوضوع إليه كما‬
‫ورد أع� �ل��اه‪ ،‬أو إذا لم يرض أي من صاح� � ��ب العمل أو املقاول بقرار املهندس فإنه‬
‫يح� � ��ق ألي م� � ��ن صاحب العمل أو املق� � ��اول في أي من هذه احل� � ��االت‪ ،‬وخالل مدة‬
‫تسعني (‪ )90‬يوماً من تاريخ تسلم مثل هذا القرار‪ ،‬أو خالل تسعني (‪ )90‬يوماً من‬
‫تاريخ انقضاء مدة التسعني (‪ )90‬يوماً األولى املذكورة آنفاً‪ ،‬حسب مقتضى احلال‪،‬‬
‫أن يطل� � ��ب إحالة األم� � ��ر أو األمور املتنازع عليها إل� � ��ى التحكيم مبوجب اإلجراءات‬
‫املوجودة أدناه‪.‬‬
‫إن جمي� � ��ع اخلالفات والنزاعات الت� � ��ي لم يصبح فيها قرار املهندس ‪-‬إن وجد‪-‬‬
‫نهائي � � �اً وملزم � � �اً كم� � ��ا ورد أعاله يجب أن حت� � ��ال إلى محكم يتف� � ��ق عليه فيما بني‬
‫الطرفني‪.‬‬
‫أما إذا لم يتفق الطرفان على احملكم فعند ذلك يحال أمر التحكيم إلى احملكم‬
‫املعني من قبل احملكمة التجارية (محكة القضاء اإلداري حالياً) في س� � ��لطنة عمان‬
‫التي تقوم بتعني محكم مهني تعتبر قراراته نهائية وملزمة للطرفني‪.».....‬‬
‫ويستفاد من نص املادة (‪ )67‬من العقد املوحد وجوب جلوء طرفا العقد اإلداري‬
‫إلى التحكيم حلل أي خالف أو نزاع يحصل بني صاحب العمل أو املهندس من جهة‬
‫واملقاول من جهة أخرى وفق � � �اً لإلجراءات واملواعيد التي نصت عليها‪ ،‬وفي حالة‬
‫قي� � ��ام أحد الطرفني برفع دعوى أمام القضاء مباش� � ��رة‪ ،‬فإنه يحق للطرف اآلخر‬
‫الدف� � ��ع بعدم قبول الدعوى لوجود ش� � ��رط التحكيم‪ ،‬ففي ه� � ��ذه احلالة يتعني على‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪231‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫احملكم� � ��ة املعروضة عليها الدعوى أن حتكم بعدم قبولها لوجود ش� � ��رط التحكيم‪،‬‬
‫وم� � ��ع ذلك يجوز للطرفني التنازل عن التحكيم وح� � ��ل نزاعهما عن طريق احملكمة‬
‫املختصة‪.‬‬
‫وقد قضت محكمة القضاء اإلداري في حكم لها في هذا الشأن بأنه‪:‬‬
‫أن املشرع مراعا ًة منه إلرادة املتعاقدين وحتقيقاً‬
‫تقدم ّ‬
‫مما ّ‬
‫إن املستفاد ّ‬
‫«وحيث ّ‬
‫لنيتهما التي ارتضوها لدى تضمني التعاقد ش� � ��رط اللجوء للتحكيم ‪-‬حال نش� � ��وء‬
‫نزاع بينهما‪ -‬فقد أوجب على احملكمة التي تنظر نزاعاً يوجد بشأنه اتفاق حتكيم‬
‫أن حتك� � ��م بعدم قبول الدع� � ��وى إذا دفع املدعى عليه بذلك قب� � ��ل إبدائه أي طلب‬
‫أو دف� � ��اع في الدعوى‪ ،‬واملش� � ��رع في ه� � ��ذه املادة راعى باإلضاف� � ��ة إلى االعتبارات‬
‫املتقدمة مس� � ��ألة االختصاص القضائي للمحكمة باملنازعات املتعلقة بالعقود وما‬
‫متثله مس� � ��ألة اللجوء إلى التحكيم من ش� � ��رط اس� � ��تثنائي لوالية القضاء على هذا‬
‫الصنف من املنازعات‪ ،‬وبالتالي اش� � ��ترط أن يك� � ��ون الدفع املبدى من املدعي عليه‬
‫أي طلب موضوع أو دفاع في الدعوى وإ ّال سقط احلق‬ ‫للجوء للتحكيم سابقاً على ّ‬
‫في التمسك بعد ذلك بهذا الشرط‪ ،‬واملغزى الذي ابتغاه املشرع من ذلك يتم ّثل في‬
‫أن إبداء دفوع موضوعية أو طلبات أخرى في الدعوى يع ّد تنازالً من املدعي عليه‬ ‫ّ‬
‫عن شرط التحكيم وقبوله االحتكام إلى القضاء بحكم واليته املقررة قانوناً»‪.‬‬
‫وف� � ��ي هذا الش� � ��أن تنص املادة (‪ )8‬م� � ��ن قانون التحكيم ف� � ��ي املنازعات املدنية‬
‫والتجارية العماني على أ ّنه‪:‬‬
‫«إذا اس� � ��تمر أحد طرفي النزاع في إج� � ��راءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة‬
‫مما يجوز االتفاق على‬
‫لشرط في اتفاق التحكيم أو حلكم من أحكام هذا القانون ّ‬
‫يقدم اعتراضاً على هذه املخالفة ف� � ��ي امليعاد املتفق عليه أو خالل‬
‫مخالفت� � ��ه ولم ّ‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪232‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫س� � ��تني يوماً من تاريخ العلم عند عدم االتفاق‪ ،‬اعتبر ذلك نزوالً منه عن ح ّقه في‬
‫االعتراض»‪.‬‬
‫< نطاق الرقابة القضائية على مسائل التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪:‬‬

‫باس� � ��تقراء أحكام املرسوم السلطاني رقم (‪ )97/47‬بإصدار قانون التحكيم في‬
‫املنازعات املدنية والتجارية وتعديالته‪ ،‬يتبني أن الرقابة القضائية بش� � ��أن مسائل‬
‫التحكيم الت� � ��ي تختص احملاكم املختلفة بنظرها س� � ��واء محاكم القضاء العادي أم‬
‫محكمة القضاء اإلداري ‪-‬حس� � ��ب األح� � ��وال‪ -‬تتضمن نوعني م� � ��ن الرقابة‪ :‬رقابة‬
‫س� � ��ابقة‪ ،‬ورقابة الحقة‪ ،‬والذي يهمنا في هذا الش� � ��أن ه� � ��و رقابة محكمة القضاء‬
‫اإلداري فيما يتعلق مبس� � ��ائل التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬وهو ما سيتم توضيحه‬
‫على النحو اآلتي‪:‬‬
‫أو ًال‪ :‬نطاق الرقابة السابقة على صدور حكم التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪:‬‬
‫تتجلى أهمية رقابة محكمة القضاء اإلداري على التحكيم في املرحلة الس� � ��ابقة‬
‫على صدور حكم التحكيم في الدور املعاون واملس� � ��اعد الذي يلعبه القضاء بصدد‬
‫تعي� �ي��ن احملكم عند تقاعس أحد اخلص� � ��وم عن تعيني احملكم الواجب عليه تعيينه‪،‬‬
‫ودوره ف� � ��ي طلب رد أحد احملكمني أو عزله أو إنهاء إجراءات التحكيم‪ ،‬وكذلك كل‬
‫ما يتعلق بدوره بشأن تشكيل هيئة التحكيم أثناء سير إجراءات خصومة التحكيم‪،‬‬
‫حي� � ��ث غاية املش� � ��رع من إقرار رقابة قضائية س� � ��ابقة على ص� � ��دور حكم التحكيم‬
‫التأك� � ��د من صحة التحكيم في تلك املرحلة حتى يتس� � ��نى إص� � ��دار حكم حتكيمي‬
‫ل� � ��ه من الفاعلية وعناصر الصحة ما يكفل تنفي� � ��ذه دون النعي عليه بالبطالن من‬
‫ال عن احلد من رفع القضاي� � ��ا وتخفيف العبء عن كاهل القضاء من‬ ‫ناحي� � ��ة‪ ،‬فض ً‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬وذلك عبر تسليط القضاء لرقابته على صحة اتفاق التحكيم‪ ،‬وعلى‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪233‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫صحة تشكيل هيئة التحكيم باعتبارهما حجرا الزاوية لصدور حكم حتكيمي قابل‬
‫للتنفيذ‪.‬‬
‫‪ -‬الشروط اخلاصة بصحة اتفاق التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪:‬‬
‫ف� � ��ي األصل يُعد اتفاق التحكي� � ��م تصرفاً إدارياً ينصب عل� � ��ى محل معني‪ ،‬بغية‬
‫إح� � ��داث أثر قانوني محدد‪ ،‬األمر الذي يس� � ��توجب لصحته ونف� � ��اذه ضرورة توفر‬
‫الش� � ��روط اخلاصة بانعق� � ��اد العقد املتمثلة في ضرورة حتق� � ��ق الرضا اخلالي من‬
‫العيوب‪ ،‬وأن يصدر الرضا من ش� � ��خص مكتمل األهلية‪ ،‬وأن يكون موضوع االتفاق‬
‫هو اللجوء االختيار إلى التحكيم في مس� � ��ألة تدخل ضمن املس� � ��ائل التي يجوز في‬
‫ش� � ��أنها التحكيم‪ ،‬إلى جانب توفر الش� � ��روط املوضوعية لصحة اتفاق التحكيم‪ ،‬إال‬
‫أنه بالنس� � ��بة للعقود اإلدارية في الس� � ��لطنة ‪-‬فكما ذكرنا سابقاً‪ -‬فإن االتفاق على‬
‫التحكيم منصوص عليه في منوذج العقد املوحد إلنش� � ��اء املباني واألعمال املدنية‪،‬‬
‫وبالتالي أصبح شرطاً منصوص عليه قانوناً‪ ،‬توفرت بشأنه كافة الشروط الالزمة‬
‫لصحته‪.‬‬
‫وتتطلب معظم التشريعات التي تنظم عملية التحكيم إفراغ االتفاق على التحكيم‬
‫في ش� � ��كل مكتوب‪ ،‬بحيث يترتب البطالن عل� � ��ى مخالفة ذلك‪ ،‬وفي بعض األحيان‬
‫تتطلب بعض التش� � ��ريعات التزام جهة اإلدارة بأخذ رأي اجلهات املختصة املعنية‪،‬‬
‫وموافقتها في أحيان أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬اجلهة املختصة بنظر الطعن ببطالن اتفاق التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪:‬‬
‫يُعد اتفاق التحكيم أس� � ��اس س� � ��لطة احملكمني‪ ،‬بل هو حجر األساس في نظام‬
‫التحكيم بأس� � ��ره‪ ،‬مم� � ��ا يتعني معه التأكد من صحة األس� � ��اس الذي يس� � ��تمد منه‬
‫احملكمون اختصاصهم من حيث نطاقه ومداه‪ ،‬وعدم بطالنه أو قابليته لإلبطال‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪234‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وقد أس� � ��ند املش� � ��رع ال ُعماني للقضاء والية الفصل ف� � ��ي صحة أو بطالن اتفاق‬
‫التحكيم قبل بدء خصومة التحكيم‪ ،‬بحيث يتعني على القاضي ‪-‬احملكمة املختصة‪-‬‬
‫التحق� � ��ق من صحة اتف� � ��اق التحكيم وفقاً ملا يثيره األط� � ��راف قبل أن يقضي بعدم‬
‫اختصاصه بنظر النزاع‪ ،‬ش� � ��ريطة أن يكون االتف� � ��اق ظاهره البطالن‪ ،‬وذلك جتنباً‬
‫للسير في إجراءات مصيرها احلتمي إلى البطالن‪ ،‬أو رفض االستمرار في نظره‬
‫إذا تبني له صحة ذلك االتفاق‪.‬‬
‫وال ريب أن إس� � ��ناد والية الفصل في مدى صحة أو بطالن اتفاق التحكيم قبل‬
‫ب� � ��دء خصومة التحكيم يكفل نوع � � �اً من الرقابة القضائية عل� � ��ى التحكيم في تلك‬
‫املرحل� � ��ة‪ ،‬األمر ال� � ��ذي يحد من حاالت بطالن التحكيم وجتنيب األطراف مش� � ��قة‬
‫العودة إل� � ��ى القضاء من جديد‪ ،‬مع ما ينطوي عليه ذلك من إهدار للوقت واجلهد‬
‫والنفقات‪.‬‬
‫‪ -‬اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في مدى صحة أو بطالن اتفاق التحكيم‪:‬‬
‫أقر القانون بس� � ��لطة احملكم في الفصل في كافة الدفوع املتعلقة بحدود ونطاق‬
‫واليت� � ��ه واختصاصه متى ب� � ��دأت خصومة التحكيم (الدفع بع� � ��دم القبول)‪ ،‬وميكن‬
‫القول هنا بأن الفصل في مدى صحة أو بطالن اتفاق التحكيم بعد بدء إجراءات‬
‫التحكيم يُعد اختصاصاً مش� � ��تركاً بني هيئ� � ��ة التحكيم واحملكمة املختصة ملختصة‬
‫ا بنظر الن� � ��زاع‪ ،‬وأن اختصاص هيئة التحكيم بالفصل ف� � ��ي الدفوع املتعلقة‬‫أص� �ل � ً‬
‫باختصاصها‪ ،‬ومنها تلك املتعلقة مبدى صحة ومشروعية اتفاق التحكيم ال يسلب‬
‫اختصاص القضاء اإلداري بنظر تلك الدفوع متى رفعت أمامه‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪235‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -‬نط���اق الرقاب���ة القضائي���ة على صحة تش���كيل هيئ���ة التحكيم ف���ي منازعات‬
‫العقود اإلدارية‪:‬‬

‫يرتكز التحكيم في املقام األول على إرادة اخلصوم وتعاونهم وحس� � ��ن نواياهم‪،‬‬
‫بي� � ��د أن تعارض مصالح األطراف ف� � ��ي خصومة التحكيم قد تفضي لتضاؤل فكرة‬
‫تعاونهم مع هيئة التحكيم‪ ،‬مما تستوجب حملهم على هذا التعاون لوصول خصومة‬
‫التحكيم إلى منتهاها‪.‬‬

‫وبالرغ� � ��م من أن احملكم ه� � ��و قاضي خصومة التحكيم إال أنه كش� � ��خص عادي‬
‫ال يتمتع بس� � ��لطة اإلجبار التي يتمتع بها القاض� � ��ي‪ ،‬مما يظهر عجزه عن احلماية‬
‫القضائية امليسرة للمحتكمني‪ ،‬ولضمان فعالية التحكيم‪ ،‬فإن األمر يقتضي تعاوناً‬
‫وثيقاً بني القضاء وهيئات التحكيم‪ ،‬يلعب القضاء من خالله دوراً مساعداً ورقابياً‬
‫على إجراءات خصومة التحكيم‪ ،‬فضال عن إكماله لسلطة احملكم املنقوصة‪ ،‬ومن‬
‫ثم يلجأ احملكم إلى القضاء يلتمس املس� � ��اعدة إلجبار اخلصوم على إمتام اإلجراء‬
‫املطل� � ��وب‪ ،‬واالنصياع لق� � ��رارات هيئة التحكيم أو يلتمس األطراف املس� � ��اعدة في‬
‫ال عن التحقق من صحة تش� � ��كيل هيئة التحكيم‬ ‫تعيني احملكم أو رده أو عزله‪ ،‬فض ً‬
‫طبقاً للضوابط التي يتطلبها القانون‪ ،‬مما يتيح للقضاء تس� � ��ليط رقابته على تلك‬
‫األمور ملساعدة احملكمني في إجناز مهمتهم‪.‬‬

‫‪ -‬دور القضاء في اختيار احملكم‪:‬‬

‫إن األصل املس� � ��تقر علي� � ��ه أن لطرفي التحكيم االتفاق عل� � ��ى اختيار احملكم أو‬
‫احملكم� �ي��ن‪ ،‬وعل� � ��ى كيفية ووقت اختياره� � ��م‪ ،‬بحيث إذا لم يتم ذل� � ��ك أو امتنع أحد‬
‫األط� � ��راف عن املش� � ��اركة في تعيني احملكم فال مندوحة م� � ��ن االلتجاء إلى القضاء‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪236‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ملعاونة األطراف في تش� � ��كيل هيئة التحكيم حتاش� � ��ياً إلنكار العدالة‪ ،‬وهو ما تبناه‬
‫املشرع ال ُعماني‪ ،‬حيث تنص املادة (‪ )17‬من قانون التحكيم على أنه‪:‬‬
‫«لطرفي التحكيم االتفاق على اختيار احملكم‪ ،‬وعلى كيفية ووقت اختيارهم فإذا‬
‫لم يتفقا اتبع ما يأتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولى رئيس احملكمة التجارية‬
‫(أو محكمة القضاء اإلداري بالنس� � ��بة للعقود اإلداري� � ��ة) اختياره بناء على‬
‫طلب أحد الطرفني‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثالثة محكمني اختار كل طرف محكماً‪،‬‬
‫ثم يتفق احملكم� � ��ان على اختيار احملكم الثالث‪ ،‬فإذا لم يعني أحد الطرفني‬
‫محكمه خالل الثالثني يوماً التالية لتس� � ��لمه طلباً بذلك من الطرف اآلخر‪،‬‬
‫أو إذا ل� � ��م يتفق احملكمان املعينان على اختيار احملكم الثالث خالل الثالثني‬
‫يوماً التالية لتاريخ تعيني ثانيهما تولى رئيس احملكمة التجارية اختياره بنا ًء‬
‫على طلب أحد الطرفني‪.‬‬
‫ويكون للمحكم الذي اخت� � ��اره احملكمان املعينان أو الذي اختاره رئيس احملكمة‬
‫رئاسة هيئة التحكيم‪ ،‬وتسري هذه األحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر‬
‫من ثالثة محكمني‪. ........‬‬
‫ويتب� �ي��ن من النص املذك� � ��ور أن القانون فرق بني حالتني بش� � ��أن تدخل القضاء‬
‫باملساعدة لتعيني هيئة التحكيم‪ ،‬احلالة األولى‪ :‬تتحقق عندما تكون هيئة التحكيم‬
‫ُمش� � ��كلة من محكم واحد‪ ،‬وال يتفقا على تسمية هذا احملكم أو على طريقة معينة‬
‫ومحددة لتعيينه‪ ،‬فيتقدم أحد األطراف إلى احملكمة بطلب تعيني احملكم الفرد‪ ،‬أو‬
‫عندما تكون الهيئة ُمش� � ��كلة من ثالثة محكمني أو أكثر‪ ،‬ويتمثل ذلك في عدم قيام‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪237‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أح� � ��د األطراف بتعيني ُمحكمه‪ ،‬بينما يقوم الط� � ��رف اآلخر بتعيني ُمحكمه‪ ،‬فتقوم‬
‫احملكم� � ��ة بناء على طلب من الطرف اآلخر لتعي� �ي��ن احملكم اآلخر‪ ،‬واحلالة الثانية‬
‫عندما يقوم الطرفان بتعيني محكميهما دون أن يتفقان على اختيار احملكم الثالث‪،‬‬
‫حي� � ��ث تتولى احملكمة تعيني احملكم الثالث‪ ،‬مع مالحظ� � ��ة أن يتولى احملكم الثالث‬
‫رئاسة هيئة التحكيم سواء مت تعيينه من قبل احملكمني أم بواسطة القضاء‪.‬‬
‫واحملكم� � ��ة املختص� � ��ة بتعيني احملكم الواح� � ��د أو احملكم األرج� � ��ح هي احملكمة‬
‫ال بنظر الن� � ��زاع‪ ،‬واحلكم الصادر بتعيني محك� � ��م أو أكثر يُعد حكماً‬‫املختص� � ��ة أص ً‬
‫نهائياً ال يقبل الطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن العادية وغير العادية؛ بغية‬
‫وضع حد للخالف حول تشكيل هيئة التحكيم‪ ،‬ودعماً لها في سرعة تفرغها لنظر‬
‫الدعوى التحكيمية والفصل فيها‪.‬‬
‫‪ -‬دور القضاء في رد احملكم‪:‬‬
‫من املس� � ��لم به أن من يجلس مجلس القضاء واحلكم بني الناس قاضياً كان أو‬
‫محكماً يتمتع بجملة من الس� � ��مات يأتي في مقدمتها احلياد واالستقالل‪ ،‬وبالتالي‬
‫يتطلب في احملكم الش� � ��روط والضوابط التي تكفل حياده واس� � ��تقالله‪ ،‬فإذا قامت‬
‫أي من الظروف التي تثير شكوكاً جدية حول حيدة احملكم أو استقالله‪ ،‬فإنه وفقاً‬
‫ألحكام املادة (‪ )18‬من قانون التحكيم العماني يجوز ألي من طرفي التحكيم طلب‬
‫رد احملكم‪ ،‬إ ّال أنه ال يجوز ألي من الطرفني رد احملكم الذي عينه أو اش� � ��ترك في‬
‫تعيينه إال لسبب تب ّينه بعد أن ّ‬
‫مت هذا التعيني»‪.‬‬
‫ووفقاً ألحكام املادة (‪ )19‬من القانون املشار إليه فإن طلب الرد يقدم كتابة إلى‬
‫هيئة التحكيم‪ ،‬مبيناً فيه أسباب الرد خالل خمسة عشر يوماً من تاريخ علم طالب‬
‫الرد بتش� � ��كيل هذه الهيئة أو بالظروف املب� � ��ررة للرد‪ ،‬فإذا لم يتنح احملكم املطلوب‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪238‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫رده‪ ،‬فصل� � ��ت هيئة التحكيم في الطلب‪ ،‬على أنه ال يقبل طلب الرد ممن س� � ��بق له‬
‫تقدمي طلب برد احملكم نفسه في ذات التحكيم‪.‬‬
‫ولطال� � ��ب ال� � ��رد أن يطعن في احلكم برفض طلبه خ� �ل��ال ثالثني يوماً من تاريخ‬
‫إعالن� � ��ه به أمام احملكم� � ��ة املنصوص عليها في املادة (‪ )9‬من ه� � ��ذا القانون‪ ،‬وهي‬
‫محكمة القضاء اإلداري بالنس� � ��بة إلى املنازعات املتعلقة بالعقود اإلدارية‪ ،‬وتختص‬
‫الدائ� � ��رة اإلبتدائية بهذه احملكمة في نظر الطعن في حكم هيئة التحكيم القاضي‬
‫برفض طلب رد احمل ّكم‪ ،‬وتصدر حكماً نهائياً فيه‪ ،‬غير قابل للطعن بأي طريق من‬
‫طرق الطعن‪ ،‬وهذا ما قضت به الدائرة االس� � ��تئنافية مبحكمة القضاء اإلداري في‬
‫أحد أحكامها‪.‬‬
‫‪ -‬دور القضاء في عزل احملكم‪:‬‬
‫م� � ��ن األصول املتع� � ��ارف عليها أن خصومة التحكيم‪ ،‬ش� � ��أنها ش� � ��أن اخلصومة‬
‫القضائية‪ ،‬تبدأ لتنتهي بحكم في موضوعها‪ ،‬بيد إنه قد تطرأ أس� � ��باب تقضي إلى‬
‫عدم مباشرة احملكم ملهمته بالفصل في املنازعة التحكيمية أو انقطاعه عن أدائها‪،‬‬
‫س� � ��واء أكان ذلك بإرادته احلرة أم رغماً عن� � ��ه‪ ،‬كوفاته أو لعذر ألم به‪ ،‬كما لو فقد‬
‫أهليته أو أعجزه املرض أو كان ذلك بإيعاز من اخلصم س� � ��يء النية للمحكم الذي‬
‫اختاره باالمتناع عن إكمال مهمته‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى إفراغ شرط التحكيم من‬
‫مضمونه‪ ،‬وهنا ال يكون أمام طرفي التحكيم أو أحدهما سوى اللجوء إلى القضاء‬
‫املخت� � ��ص لوضع األمور في نصابه� � ��ا الصحيح‪ ،‬عبر منحه احلق ف� � ��ي إنهاء مهمة‬
‫احملكم متى طلب منه ذلك أي من الطرفني‪ ،‬بحيث ينفتح الباب أمامهما في سلوك‬
‫الطريق الذي اتفقا عليه الستبدال هذا احملكم بآخر سواء باتفاقهما أم عن طريق‬
‫القضاء عند تعذر اتفاقهما عليه‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪239‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ففي هذا الشأن تنص املادة (‪ )20‬من قانون التحكيم العماني على أنه‪:‬‬
‫«إذا تعذر على احملكم أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها مبا يؤدي‬
‫إلى تأخير ال مبرر له في إجراءات التحكيم ولم يتنح ولم يتفق الطرفان على عزله‬
‫جاز لرئيس احملكمة التجارية األمر بإنهاء مهمته بنا ًء على طلب أي من الطرفني»‪،‬‬
‫كم� � ��ا تنص املادة (‪ )21‬من هذا القانون على أنه‪« :‬إذا انتهت مهمة احملكم بعزله أو‬
‫تنحيه أو باحلكم برده أو بأي س� � ��بب آخر وجب تعيني بديل طبقاً لإلجراءات التي‬
‫اتبعت في اختيار احملكم الذي انتهت مهمته‪.‬‬
‫‪ -‬دور القضاء في تكملة سلطة احملكم‪:‬‬
‫احملكم هو قاضي اخلصومة التحكيمية‪ ،‬وأنه كش� � ��خص عادي ال يتمتع بسلطة‬
‫اإلجب� � ��ار الت� � ��ي يتمتع بها قاضي الدولة‪ ،‬مما يس� � ��توجب اس� � ��تعانته بقضاء الدولة‬
‫ملس� � ��اعدته في اتخاذ م� � ��ا يراه من إج� � ��راءات الزمة لنظر اخلصوم� � ��ة التحكيمية‬
‫والفص� � ��ل فيها لضمان فاعلية التحكيم‪ ،‬ومن ذلك ما يتعلق باس� � ��تدعاء الش� � ��هود‬
‫واتخاذ الوس� � ��ائل الكفيلة بإجبارهم على احلضور‪ ،‬وإلزام الغير بتقدمي مستندات‬
‫حت� � ��ت يده منتج� � ��ه في الدعوى التحكيمية‪ ،‬إلى جانب م� � ��ا تطلبه األمر من اللجوء‬
‫إلى اإلنابة القضائية في بعض املس� � ��ائل التي يتعذر على هيئة التحكيم مباشرتها‬
‫مبعرفتها‪ ،‬كندب خبير أو إجراء معاينة أو االطالع على أوراق أو مستندات محرزة‬
‫أو سماع شهادة شخص مقيد احلرية أو مقيم باخلارج‪.‬‬
‫‪ -‬مدى رقابة القضاء بشأن صحة تشكيل هيئة التحكيم‪:‬‬
‫تتطلب النظم التحكيمية‪ ،‬ومن بينها قانون التحكيم ال ُعماني جملة من الشروط‬
‫لضمان صحة تش� � ��كيل هيئة التحكيم مبا يكفل صحة ما تتخذه من إجراءات‪ ،‬وما‬
‫تصدره من أحكام من ناحية‪ ،‬وتوفير الضمانات الالزمة ألطراف خصومة التحكيم‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪240‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫م� � ��ن ناحي� � ��ة أخرى‪ ،‬وهو ما يجب توف� � ��ره فيمن يقوم بعملي� � ��ة التحكيم‪ ،‬من أهلية‪،‬‬
‫وقبوله للمهمة املسندة إليه‪ ،‬واحلِ يادة واالستقالل‪ ،‬كما أورد القانون شرطاً يوجب‬
‫بوترية عدد احملكمني‪ ،‬ورتب البطالن في حالة مخالفة ذلك‪.‬‬
‫وميك� � ��ن القول ب� � ��أن تخلف ش� � ��رط أو أكثر في احملكم أو أح� � ��د احملكمني حال‬
‫تعددهم يقضي بالضرورة إلى بطالن تش� � ��كيل هيئة التحكيم‪ ،‬وبالتالي بطالن حكم‬
‫التحكيم الصادر عنها‪ ،‬ويرى بعض الفقه ضرورة توفر شرط اخلبرة في احملكم‪.‬‬
‫ثاني��� ًا‪ :‬نطـ���اق الرقابـ���ة القضائيـ���ة الالحقـ���ة عل���ى حكـ���م التحكيـم ف���ي منازعات‬
‫العقود اإلدارية ‪:‬‬

‫ال يقتصر دور التحكيم على مرحلة ما قبل صدور حكم التحكيم على ما أسلفنا‪،‬‬
‫وإمنا ميتد ليس� � ��تغرق مرحلة ما بعد صدور حكم التحكيم‪ ،‬بل تتعاظم أهمية تلك‬
‫ال بش� � ��رياً عرضة‬
‫الرقاب� � ��ة في مرحلة ما بعد ص� � ��دور حكم التحكيم باعتباره عم ً‬
‫للغش أو التدليس أو الغلط أو النس� � ��يان‪ ،‬األمر ال� � ��ذي يقتضي إخضاعه لنوع من‬
‫الرقاب� � ��ة القضائية بقصد مراجعته حفاظ � � �اً على حقوق أطراف خصومة التحكيم‬
‫الذين يضارون من س� � ��هو احملكمني وأخطائهم‪ ،‬ولضمان احلد األدنى من ضمانات‬
‫التقاضي‪ ،‬وإال انقلب التحكيم وباال على النظام القضائي بعد أن كان يتغيا تخفيف‬
‫العبء عن كاهل القضاء‪ ،‬وتوفير عدالة سريعة وناجزة للمتقاضني‪.‬‬
‫وعلي� � ��ه اهتمت قوانني التحكيم املختلفة ‪-‬ومن بينه� � ��ا قانون التحكيم العماني‪-‬‬
‫بتنظي� � ��م طرق الرقاب� � ��ة القضائي على أحكام احملكمني س� � ��واء متثل� � ��ت في رقابة‬
‫البطالن‪ ،‬عبر دعوى البطالن التي يتم رفعها بعد صدور حكم التحكيم بغية إلغائه‬
‫ومنع تنفيذه‪ ،‬أم متثلت في رقابة التنفيذ التي يتم ممارستها مبناسبة إصدار األمر‬
‫من احملكمة املختصة بتنفيذ احلكم أو عند تنفيذه‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪241‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫بيد إن تلك الرقابة ليس� � ��ت مطلقة تعيد النظر والترجيح فيما فصل فيه حكم‬
‫التحكي� � ��م‪ ،‬وإمنا هي رقابة مقيدة متارس في إط� � ��ار مجموعة من الضوابط التي‬
‫يضعه� � ��ا املش� � ��رع تنظيماً لها‪ ،‬بحي� � ��ث يقتصر دورها على التثب� � ��ت من صحة حكم‬
‫التحكيم‪ ،‬وتوفر املقومات األساس� � ��ية لألحكام بش� � ��أنها‪ ،‬فض ً‬
‫ال ع� � ��ن التزام هيئة‬
‫التحكيم بالقواعد املنصوص عليها في القانون أو اتفاق التحكيم‪ ،‬وس� � ��نوضح فيما‬
‫يل� � ��ي ش� � ��رحاً موجزاً عن دعوى بطالن حك� � ��م التحكيم كطري� � ��ق للرقابة القضائية‬
‫الالحقة على حكم احملكم‪.‬‬
‫‪ -‬رقابة القضاء اإلداري بشأن دعوى بطالن حكم التحكيم في منازعات العقود‬
‫اإلدارية‪:‬‬
‫إن املس� � ��تقر عليه أن دعوى بطالن حكم التحكيم ليست طريقاً من طرق الطعن‬
‫ف� � ��ي أحكام احملكمني‪ ،‬وإمن� � ��ا هي دعوى خاصة بنظام التحكي� � ��م‪ ،‬هدفها محاكمة‬
‫احلكم دون أن متتد ألبعد من ذلك‪ ،‬باعتبارها متثل الس� � ��بيل املشترك بني مختلف‬
‫النظم القانونية ملراقبة حكم التحكيم لالس� � ��تيثاق م� � ��ن صحته أو بطالنه‪ ،‬مبعنى‬
‫أن القضاء املختص بنظرها ال ميلك س� � ��وى تقرير صحة حكم التحكيم أو القضاء‬
‫ببطالنه‪ ،‬دون أن يتجاوز ذلك إلى معاودة النظر فيما فصل فيه حكم التحكيم ألن‬
‫دعوى البطالن ليست طريقاً للطعن على األحكام التحكيمية؛ ألنها ال تعد جزءاً من‬
‫هي� � ��كل خصومة التحكيم‪ ،‬وال مرحلة من مراحلها‪ ،‬ولكنها دعوى ترفع باإلجراءات‬
‫املعت� � ��ادة لرفع الدعاوى‪ ،‬وينطبق عليها قانون اإلجراءات املدنية والتجارية فيما لم‬
‫يرد بشأنه نص خاص في قانون التحكيم‪.‬‬
‫وفي هذا الش� � ��أن قضت محكمة القضاء اإلداري بالس� � ��لطنة في أحد أحكامها‬
‫على أن‪:‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪242‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫«حك� � ��م التحكي� � ��م الصادر في منازع� � ��ات العقود اإلدارية ال يقب� � ��ل الطعن عليه‬
‫أن اللجوء إلى التحكيم‬
‫ب� � ��أي طريق من ط� � ��رق الطعن العادية وغير العادية‪ ،‬ذل� � ��ك ّ‬
‫االختياري يقوم في نش� � ��أته وإجراءاته وما يتولد عنه من قضاء على إرادة أطرافه‬
‫التي تتراضى بحرياتها على اللجوء إليه كوسيلة لفض منازعاتهم بدي ً‬
‫ال عن اللجوء‬
‫إل� � ��ى القضاء‪ ،‬وبالتالي فإ ّنه احتراماً له� � ��ذه اإلرادة واعترافاً بحجية حكم التحكيم‬
‫ووج� � ��وب نفاذه من جهة‪ ،‬ومواجهة احلاالت الت� � ��ي يعتري فيها حكم التحكيم عوار‬
‫ينال من مقوماته األساسية كحكم ويدفعه إلى دائرة البطالن مبدارجه املختلفة من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬أقام املشرع توازناً دقيقاً بني هذين البعدين من خالل السماح لطرفي‬
‫التحكيم بإقامة دعوى البطالن األصلية على حكم التحكيم بعد صدوره‪ ،‬مستصحباً‬
‫الطبيعة القضائية لهذا احلكم ليس� � ��اوي بينه وبني أحكام احملاكم القضائية بصفة‬
‫عامة من حيث جواز إقامة دعوى بطالن أصلية عليها إذا توفر موجبها‪ ،‬وذلك كله‬
‫احتراماً للضمانات األساس� � ��ية في التقاضي‪ ،‬ومبا يؤدي في النهاية إلى إهدار أي‬
‫حكم يفتقر إلى املقومات األساس� � ��ية لألحكام القضائية‪ ،‬إ ّال أنه وملّا كانت القاعدة‬
‫الفقهية تقرر أن «احلاجة تقدر بقدرها» ومن ثم ال غرو أن يأتي املشرع في املادة‬
‫أن‬
‫(‪ )53‬م� � ��ن قانون التحكيم ف� � ��ي املنازعات املدنية والتجارية املش� � ��ار إليه ويقرر ّ‬
‫حاالت بطالن حكم التحكيم محددة على س� � ��بيل احلص� � ��ر ال يجوز القياس عليها‬
‫أو التوس� � ��ع في تفسيرها‪ ،‬وهذه احلاالت تنقس� � ��م إلى قسمني األول‪ :‬حاالت يكون‬
‫البطالن فيها نس� � ��بياً‪ ،‬وهي احلاالت التي يتع� �ّي��نّ أن يثيرها الطاعن أمام احملكمة‬
‫حتى يتسنّى لها التصدي بالفصل فيها وتشمل كافة احلاالت الواردة في البند (‪)1‬‬
‫من املادة املش� � ��ار إليها‪ ،‬والثاني ح� � ��االت يكون البطالن فيها مطلقاً‪ :‬وهي احلاالت‬
‫التي يجوز للمحكمة أن تثير البطالن من تلقاء ذاتها دون دفع به من الطاعن‪ ،‬وهي‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪243‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫احلالة الواردة في البند (‪ )2‬من ذات املادة املذكورة واملتعلقة ببطالن حكم التحكيم‬
‫ملخالفته النظام العام في السلطنة‪.‬‬
‫وحي� � ��ث إن قضاء ه� � ��ذه احملكمة قد جرى على أ ّنها تخت� � ��ص بالفصل في طلب‬
‫بطالن احلكم الصادر في التحكيم إذا ش� � ��ابه عيب جس� � ��يم يس� � ��مح بإقامة دعوى‬
‫البط� �ل��ان‪ ،‬وأ ّنه إذا اعتبر اس� � ��تثناء الطعن بدعوى البط� �ل��ان في األحكام الصادرة‬
‫فإن هذا االستثناء يجب أن يقف عند احلاالت املق ّررة والتي‬ ‫عن هيئات التحكيم‪ّ ،‬‬
‫تنطوي علي عيب جسيم‪ ،‬ومت ّثل إهداراً للعدالة ويفقد فيها احلكم وظيفته وتنتفي‬
‫عنه صفة األحكام‪ ،‬ومن ذلك أن يصدر احلكم عن تش� � ��كيل غير مكتمل أو تنظره‬
‫هيئ� � ��ة التحكيم مبعزل وفي غيبة اخلصوم أو اإلخالل بحق الدفاع‪ ،‬أ ّما إذا اقتصر‬
‫الطع� � ��ن في أحكام التحكيم على مناقش� � ��ة األدلة التي اس� � ��تند إليها احلكم وعلى‬
‫موضوع الدعوى من حيث تأويل القانون وتطبيقه‪ ،‬وليس مما يعتبر عيباً جسيماً‪،‬‬
‫أو قام الطعن على مس� � ��ائل موضوعية تندرج كلّها حتت اخلطأ في تفسير القانون‬
‫وتأويل� � ��ه أو حتى صدور احلكم على خالف حكم آخر حائز لقوة األمر املقضي به‪،‬‬
‫فإن هذه األس� � ��باب ال متثل إهداراً للعدالة يفقد معها احلكم وظيفته‪ ،‬وبالتالي ال‬ ‫ّ‬
‫مما يجعل الطعن عليه بعد ذلك‬ ‫تصم� � ��ه بأي عيب ينحدر به إلى وجوب االنعدام‪ّ ،‬‬
‫غير قائم على أساس ويتعني االلتفات عنه»‪.‬‬
‫< حاالت دعوى بطالن أحكام التحكيم في النظام القانوني العماني‪:‬‬
‫أورد قانون التحكيم في املنازعات املدنية والتجارية في املادة (‪ )53‬منه احلاالت‬
‫التي يجوز بسببها رفع دعوى بطالن حكم التحكيم‪ ،‬تضمنت اآلتي‪:‬‬
‫ال أو قاب ً‬
‫ال لإلبطال أو‬ ‫‪ -1‬إذا ل� � ��م يوجد اتفاق حتكيم أو كان ه� � ��ذا االتفاق باط ً‬
‫سقط بانتهاء مدته‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪244‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -2‬إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم ‪-‬وقت إبرامه‪ -‬فاقد األهلية أو ناقصها‬
‫وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقدمي دفاعه بسبب عدم إعالنه إعالناً‬
‫صحيحاً بتعيني محكم أو بإجراءات التحكيم‪ ،‬أو ألي س� � ��بب آخر خارج عن‬
‫إرادته‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق األطراف على تطبيقه‬
‫على موضوع الدعوى‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا مت تش� � ��كيل هيئة التحكيم أو تعيني احملكمني على وجه مخالف للقانون‬
‫أو التفاق الطرفني‪.‬‬
‫‪ -6‬إذا فصل حكم التحكيم في مسائل ال يشملها اتفاق التحكيم‪ ،‬أو جاوز حدود‬
‫ه� � ��ذا االتفاق‪ ،‬ومع ذل� � ��ك إذا أمكن فصل أجزاء احلكم اخلاصة باملس� � ��ائل‬
‫اخلاضعة للتحكيم عن أجزائه اخلاصة باملسائل غير اخلاضعة له‪ ،‬فال يقع‬
‫البطالن إال على األجزاء األخيرة وحدها‪.‬‬
‫‪ -7‬إذا وقع بطالن في حكم التحكيم‪ ،‬أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطالناً‬
‫أثر في احلكم‪.‬‬
‫كم� � ��ا تقضي احملكمة التي تنظر دعوى البطالن من تلقاء نفس� � ��ها ببطالن حكم‬
‫التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في السلطنة‪.‬‬
‫وف� � ��ي ضوء ما تق� � ��دم ميكن إرجاع حاالت الطعن بالبط� �ل��ان إما لتعلقها باتفاق‬
‫التحكيم أو بإجراءات خصومة التحكيم أو بحكم التحكيم‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪245‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -‬إجراءات دعوى البطالن واحملكمة املختصة بنظرها‪:‬‬
‫حدد قانون التحكيم في املنازعات املدنية والتجارية ال ُعماني إجراءات ومواعيد‬
‫معينة لرفع دعوى البطالن أمام احملكمة املختصة بنظر العقد محل النزاع‪ ،‬سواء‬
‫محكم� � ��ة القض� � ��اء العادي أو محكمة القضاء اإلداري ‪ -‬حس� � ��ب األحوال‪ ،‬إذ تنص‬
‫املادة (‪ )54‬من هذا القانون على أنه‪:‬‬
‫‪ -1‬ترفع دعوى بطالن حكم التحكيم خالل التسعني يوماً التالية لتاريخ إعالن‬
‫حك� � ��م التحكيم للمحكوم عليه‪ ،‬وال يحول دون قب� � ��ول دعوى البطالن نزول‬
‫مدعي البطالن عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم‪.‬‬
‫‪ -2‬تختص بدعوى البطالن محكمة االس� � ��تئناف املختصة املشار إليها في املادة‬
‫(‪ )9‬من هذا القانون»‪.‬‬
‫‪ -‬إجراءات رفع الدعوى‪:‬‬
‫تُرف� � ��ع دعوى بط� �ل��ان حكم التحكيم باإلج� � ��راءات املعتادة لرف� � ��ع الدعاوى‪ ،‬أي‬
‫بصحيفة تودع أمانة س� � ��ر احملكمة املختصة س� � ��واء قدمت م� � ��ن صاحب املصلحة‬
‫أو من يوكله في ذلك‪ ،‬ويش� � ��ترط في الدعوى ‪-‬إذا رفعت أمام الدائرة االستئنافية‬
‫مبحكمة القضاء اإلداري بالنس� � ��بة إلى العقود اإلدارية‪ -‬أن تكون موقعة من محام‬
‫مقبول للمرافعة أمامها‪ ،‬على أن تعلن للطرف اآلخر بشخصه أو في موطنه طبقاً‬
‫للقواع� � ��د العامة في اإلعالن القضائي‪ ،‬وال تقبل إال ممن كان طرفاً في اخلصومة‬
‫الت� � ��ي صدر فيها حكم التحكيم‪ ،‬ويجب أن تش� � ��تمل الصحيفة على أس� � ��باب النعي‬
‫على احلكم بالبطالن‪ ،‬طبقاً لألس� � ��باب التي أوردها القانون على س� � ��بيل احلصر‪،‬‬
‫وإال كانت باطلة‪ ،‬وال يفهم من ذلك أن حتوي الصحيفة كل أس� � ��باب الطعن الواردة‬
‫بالقانون‪ ،‬وإمنا يجوز االس� � ��تناد إلى س� � ��بب واحد أو أكثر فقط‪ ،‬كما يجوز العدول‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪246‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫عن بعض األس� � ��باب وإبداء غيرها ما دامت من بني األس� � ��باب التي ذكرها القانون‬
‫على سبيل احلصر‪.‬‬
‫‪ -‬ميعاد رفع دعوى البطالن‪:‬‬
‫يقصد بهذا امليعاد األجل الذي حدده املشرع لرفع الدعوى خالله‪ ،‬وتعد املواعيد‬
‫من الش� � ��روط الشكلية التي تتغيا حسن سير اخلصومة القضائية‪ ،‬وضمان حقوق‬
‫الدف� � ��اع في آن واحد‪ ،‬بحي� � ��ث يتعني على اخلصوم التقيد بتل� � ��ك املواعيد حتى ال‬
‫تتراخى إجراءات اخلصومة‪ ،‬ويتأخر الفصل فيها إلى ما ال نهاية‪.‬‬
‫ال يتع� �ي��ن رفع دعوى البطالن خالله‪ ،‬وهو تس� � ��عون يوما‬‫وقد حدد املش� � ��رع أج ً‬
‫من تاريخ إعالن حكم التحكيم للمحكوم عليه‪ ،‬بحيث إذا لم يتم التقيد به س� � ��قط‬
‫احلق في رفعها‪ ،‬وهذا الس� � ��قوط يتعلق بالنظام العام‪ ،‬ومن ثم فال يجوز لألطراف‬
‫االتفاق على ما يخالفه‪ ،‬كما تقضي به احملكمة من تلقاء نفس� � ��ها ‪-‬أي بعدم قبول‬
‫الدعوى‪ -‬متى رفعت بعد امليعاد املقرر قانوناً‪.‬‬
‫احملكمة املختصة بنظر دعوى البطالن‬
‫تختص بنظر هذه الدعوى محكمة االستئناف في القضاء العادي إذا كان النزاع‬
‫متعلقاً بعقد جتاري أو مدني‪ ،‬أما إذا كان النزاع متعلقاً بعقد إداري فتختص بنظره‬
‫الدائرة االستئنافية مبحكمة القضاء اإلداري‪.‬‬
‫وقد فرق القانون بني التحكيم التجاري الدولي وغيره من أنواع التحكيم‪ ،‬بحيث‬
‫يكون االختصاص بنظر مس� � ��ائل التحكيم التي يحيلها القانون للمحكمة املختصة‬
‫ال بنظر النزاع‪ ،‬أما إذا كان التحكيم جتارياً دولياً س� � ��واء جرى داخل عمان أو‬
‫أص ً‬
‫في اخلارج‪ ،‬فيكون االختصاص حملكمة استئناف مسقط ما لم يتفق الطرفان على‬
‫اختصاص محكمة استئناف أخرى في عمان‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪247‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫حدود سلطة احملكمة املختصة بنظر دعوى البطالن‪:‬‬
‫يثور التس� � ��اؤل حول سلطة احملكمة املختصة بنظر دعوى البطالن‪ ،‬هل يقتصر‬
‫دورها على مجرد القضاء ببطالن حكم التحكيم أو صحته‪ ،‬ومن ثم رفض الدعوى‪،‬‬
‫أو يتعدى ذلك أو معاودة النظر والترجيح في هذا احلكم من كافة جوانبه الواقعية‬
‫والقانوني� � ��ة‪ ،‬وفي حالة ما إذا قضت ببطالن حك� � ��م التحكيم هل ميكنها التصدي‬
‫للفصل في موضوع النزاع أم ال؟‬
‫انقس� � ��م الفقه بصدد اإلجابة على هذا التس� � ��اؤل بني مؤي� � ��د لتصدي احملكمة‬
‫الت� � ��ي تنظر دعوى البطالن للفصل في موضوع النزاع محل التحكيم حال قضائها‬
‫بإبطال حكم التحكيم‪ ،‬وذلك اختصاراً للوقت واجلهد‪ ،‬وحسما للنزاع بشكل سريع‪،‬‬
‫ال عن تالفي دعاوى البطالن الكيدية والتي غايتها تعطيل الفصل في النزاع‪،‬‬ ‫فض ً‬
‫وبني معارض لهذا الرأي‪ ،‬بحجة أن دور احملكمة يقتصر على احلكم ببطالن حكم‬
‫التحكيم وبيان السبب في ذلك‪ ،‬دون املساس بالفصل في أصل النزاع الذي يختص‬
‫بالبت فيه احملكم بناء على إرادة طرفي العقد الس� � ��ابق‪ ،‬أو احلكم برفض الدعوى‬
‫إذا لم تتحقق في الدعوى أي حالة من حاالت البطالن املقررة قانوناً‪.‬‬
‫وبالنسبة لقضاء محكمة القضاء اإلداري في سلطنة ُعمان فقد استقر على أن‬
‫احملكمة حتكم إما ببطالن حكم التحكيم‪ ،‬أو برفض الدعوى حس� � ��ب األحوال‪ ،‬وال‬
‫ميتد قضاؤها ليش� � ��مل الفصل في النزاع محل حكم التحكيم‪ ،‬وإمنا على الطرفني‬
‫معاودة طرح نزاعهما على احملكم ذاته أو غيره من احملكمني‪.‬‬
‫‪ -‬رقابة القضاء اإلداري على أحكام التحكيم لدى طلب األمر بتنفيذها‪:‬‬
‫يتعني الكتس� � ��اب حكم التحكيم القوة التنفيذية اللجوء لقضاء الدولة للحصول‬
‫على أمر بتنفيذه‪ ،‬وأمر التنفيذ ال يعدو كونه إجراءاً يصدر عن القاضي املختص‪،‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪248‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫فيضفي على حكم التحكيم القوة التنفيذية‪ ،‬وهو بهذه املثابة يش� � ��كل نقطة التقاء‬
‫ب� �ي��ن قضاء الدولة وقضاء التحكيم‪ ،‬بحيث يتدخ� � ��ل مبقتضاه القضاء ليكمل عمل‬
‫احملك� � ��م‪ ،‬ويتيح إص� � ��دار أمر التنفيذ لقض� � ��اء الدولة نوعاً م� � ��ن الرقابة على حكم‬
‫التحكيم املأمور بتنفيذه؛ ضماناً حلماية تنفيذية عادله لهذا احلكم‪.‬‬
‫‪ -‬اجلهة املختصة بإصدار األمر بتنفيذ حكم التحكيم‪:‬‬
‫وفق � � �اً ألحكام امل� � ��ادة (‪ )56‬من قانون التحكيم ال ُعمان� � ��ي يختص رئيس احملكمة‬
‫االبتدائية املختصة أو من يندبه من قضاتها بإصدار األمر بتنفيذ حكم احملكمني‪،‬‬
‫إال إذا كان التحكيم دولياً فإن االختصاص يكون معقوداً لرئيس محكمة االستئناف‪،‬‬
‫أو ما يعادلهما في محكمة القضاء اإلداري‪.‬‬
‫ويك� � ��ون تقدمي طلب تنفيذ حكم التحكيم من طالب التنفيذ في ش� � ��كل أمر على‬
‫عريضة من نس� � ��ختني متتطابقتني ومش� � ��تملة على وقائع الطلب وأسانيده وتعيني‬
‫موط� � ��ن مخت� � ��ار للطالب في املدين� � ��ة التي بها مقر احملكمة‪ ،‬ويرف� � ��ق بالعريضة ما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أصل احلكم أو صورة موقعة منه‪.‬‬
‫‪ -2‬صورة من اتفاق التحكيم‪.‬‬
‫‪ -3‬ترجمة مصدق عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية حلكم التحكيم إذا‬
‫لم يكن صادراً بها‪.‬‬
‫‪ -4‬ص� � ��ورة من احملضر الدال على إيداع حكم التحكي� � ��م وفقاً للمادة (‪ )47‬من‬
‫قانون التحكيم‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪249‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -‬شروط إصدار األمر بتنفيذ حكم التحكيم‪:‬‬
‫أورد قان� � ��ون التحكيم في امل� � ��ادة (‪ )58‬جملة من الش� � ��روط التي ال يجوز األمر‬
‫بتنفيذ حكم التحكيم إال بعد التحقق منها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬ال يقب� � ��ل تنفي� � ��ذ حكم التحكي� � ��م إذا لم يكن ميعاد رفع دع� � ��وى البطالن قد‬
‫انقضى‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه ال يتعارض مع حكم سبق صدوره من احملاكم ال ُعمانية في موضوع النزاع‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه ال يتضمن ما يخالف النظام العام في سلطنة عمان‪.‬‬
‫‪ -4‬أنه قد مت إعالنه للمحكوم عليه إعالناً صحيحاً‪.‬‬
‫وعلى القاضي املختص التحقق من تلك الش� � ��روط‪ ،‬وإال امتنع عن إصدار هذا‬
‫األمر‪.‬‬
‫‪ -‬النظام من األمر الصادر برفض التنفيذ‪:‬‬
‫وفقاً ألحكام املادة (‪ )58‬بند (‪ )3‬من قانون التحكيم ال ُعماني‪ ،‬ال يجوز التظلم من‬
‫األمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم‪ ،‬أما األمر الصادر برفض التنفيذ فيجوز التظلم‬
‫منه إلى محكمة االستئناف املختصة خالل ثالثني يوماً من تاريخ صدوره‪.‬‬
‫‪ -‬أثر الطعن بالبطالن على تنفيذ حكم التحكيم‪:‬‬
‫منح املش� � ��رع ال ُعماني الفاعلية الكاملة حلكم التحكيم مبجرد صدوره‪ ،‬بحيث ال‬
‫يترتب على رفع دعوى البطالن وقف تنفيذه إال اس� � ��تثناء وبش� � ��روط خاصة‪ ،‬وهي‬
‫االقتران واجلدية‪ ،‬ويقصد باالقت� � ��ران أن يطلب رافع دعوى بطالن حكم التحكيم‬
‫وق� � ��ف تنفيذ احلكم في صحيفة دعوى البطالن‪ ،‬بحيث ال يجوز له تقدميه كطلب‬
‫عارض أو بدعوى مستقلة‪ ،‬واجلدية تعني احتمالية أحقية املدعي فيما يطلبه بحسب‬
‫الفحص الظاهر ألسباب وقف التنفيذ التي يستند إليها املدعي في صحيفة دعوى‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪250‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫البطالن‪ ،‬وتقدير ذلك متروك لسلطة احملكمة التي تنظر دعوى البطالن‪.‬‬
‫وفي هذا الشأن تنص املادة (‪ )57‬من قانون التحكيم على أنه‪:‬‬
‫«ال يترت� � ��ب على رفع دع� � ��وى البطالن وقف تنفيذ حكم التحكيم ومع ذلك يجوز‬
‫للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب املدعي ذلك في صحيفة الدعوى‪ ،‬وكان‬
‫الطلب مبنياً على أسباب جدية وعلى احملكة الفصل في طلب وقف التنفيذ خالل‬
‫س� � ��تني يوماً من تاريخ أول جلسة محددة لنظره‪ ،‬وإذا أمرت بوقف التفنيذ جاز لها‬
‫أن تأم� � ��ر بتقدمي كفالة أو ضمان مالي وعليها إذا أمرت بوقف التنفيذ الفصل في‬
‫دعوى البالن خالل ستة أشهر من تاريخ صدور هذا األمر‪.‬‬
‫‪ -‬مدى رقابة القضاء اإلداري على حكم التحكيم لدى طلب األمر بتنفيذه‪:‬‬
‫تص� � ��در أح� � ��كام التحكيم حائزة حلجية األمر املقضي‪ ،‬بي� � ��د أنه ال تكون واجبة‬
‫التنفي� � ��ذ إال بعد صدور األمر بتنفيذها من القاض� � ��ي املختص‪ ،‬ويتيح إصدار أمر‬
‫التنفي� � ��ذ لقضاء الدول� � ��ة رقابة حكم التحكيم املأمور بتنفي� � ��ذه‪ ،‬وهي رقابة يختلف‬
‫مداها ومضمونها من تش� � ��ريع آلخر‪ ،‬حي� � ��ث يرى البعض التضييق من تلك الرقابة‬
‫ألضيق احلدود‪ ،‬وبالتالي رقابته ليس� � ��ت رقابة موضوع‪ ،‬ذلك أن القاضي ال يبحث‬
‫واقعات النزاع أو س� �ل��امة تطبيق القانون عليها أو صحة تفس� � ��ير احملكم للقانون‬
‫أو لواقعات النزاع ألن التوس� � ��ع في تلك الرقابة من ش� � ��أنه أن يفضي للخلط بني‬
‫ال عن منافاته لألس� � ��س التي‬‫إج� � ��راءات التنفيذ وإجراءات الطعن بالبطالن‪ ،‬فض ً‬
‫يرتك� � ��ز عليها التحكيم‪ ،‬بينما يرى البعض اآلخر منح القاضي اآلمر بالتنفيذ دوراً‬
‫رقابي � � �اً أكبر ميكن� � ��ه من مراقبة صحة حكم التحكيم وش� � ��رعيته قبل إعطاء األمر‬
‫بتنفيذه‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪..‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫ورقة عمل بعنوان‬

‫التحكيم يف منازعات‬
‫العقود الإدارية‬

‫إعداد األستاذ‬
‫سالم األمني بالقاسم‬
‫املستشار باحملكمة العليا الليبية‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪253‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‬

‫متهيـد‬
‫نظراً ملا تتس� � ��م ب� � ��ه اخلصومة أمام محاكم الدولة من بطء الس� � ��ير وتعقيد في‬
‫اإلج� � ��راءات وإف� � ��راط في النفقات إلى غير ذلك من أش� � ��باه هذه األمور فقد صار‬
‫اللج� � ��وء إلى التحكيم باعتباره نوعاً من العدال� � ��ة اخلاصة(‪ )1‬هو احلل األمثل لتلك‬
‫املسائل واملش� � ��اكل‪ ،‬وذلك بإخراج بعض املنازعات من والية القضاء العادي ليعهد‬
‫بها إلى أشخاص عاديني يتم اختيارهم من قبل أطراف النزاع للفصل فيه‪.‬‬
‫ومل� � ��ا كانت اتفاقية نيويورك ‪1958‬م‪ ،‬بش� � ��أن االعتراف وتنفيذ أحكام احملكمني‬
‫األجنبية لم تضع قاعدة موضوعية موحدة حتدد املسائل التي يجوز فيها التحكيم‬
‫وتل� � ��ك التي ال يجوز فيها ذلك‪ ،‬وتركت املج� � ��ال مفتوحاً لالجتهاد في املراحل التي‬
‫تس� � ��بق صدور حكم هيئة التحكيم بدليل أنها طبقاً للفق� � ��رة الثانية ببند رابعاً من‬
‫املادة اخلامسة منها حصرت أسباب رفض االعتراف بحكم احملكمني وتنفيذه في‬
‫حالة ك� � ��ون البلد املطلوب االعتراف أو التنفيذ بواس� � ��طة قضائه الوطني ال يجيز‬
‫تسوية النزاع عن طريق التحكيم‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد أصبح التحكيم اليوم هو الطريق األصيل حلس� � ��م املنازعات التي‬
‫تنش� � ��أ بشأن العقود اإلدارية‪ ،‬وما تعلق منها بالتجارة الدولية خاصة‪ ،‬وصار الفقه‬
‫القانوني يرى أن التحكيم هو األصل وأن عدم التحكيم هو االس� � ��تثناء(‪ ،)2‬وصارت‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد أبو الوفا ‪ -‬التحكيم اإلختياري واإلجباري‪ ،‬ط‪ ،4‬منش� � ��أة املعارف باإلسكندرية ‪1983‬م‪ ،‬بند (‪)1‬‬
‫ص ‪ ،15‬أشار إليه د‪ .‬عاشور مبروك‪ -‬التحكيم لسنة ‪2010‬م‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد قس� � ��مت اجلداوي ‪ -‬التحكيم في مواجهة االختصاص القضائي الدولي ‪ -‬دار النهضة العربية‬
‫‪ -‬القاهرة ‪1982‬م‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪254‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التش� � ��ريعات الداخلية للدول حتدد بشكل حصري املنازعات التي ال ميكن تسويتها‬
‫بالتحكيم‪ ،‬بينما املنازعات القابلة للتسوية عن طريق التحكيم أصبح املجال أمامها‬
‫مفتوحاً(‪ )1‬ولنبني هذا التطور من الناحية القانونية والفقهية والقضائية يحسن بنا‬
‫أن نبدأ بتعري� � ��ف العقد اإلداري محلياً ودولياً (باب أول) لنلج إلى مفهوم التحكيم‬
‫اإلداري لتس� � ��وية منازعات العق� � ��ود اإلدارية (باب ثاني) ث� � ��م لنعرض من خاللهما‬
‫لتط� � ��ور مبدأ اللجوء إلى التحكيم ف� � ��ي منازعات العقود اإلدارية (باب ثالث) وذلك‬
‫مبشيئة الله وعونه‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حس� � ��ام الدي� � ��ن فتحي ناصف ‪ -‬قابلية محل النزاع للتحكيم في عق� � ��ود التجارة الدولية ‪ -‬دار النهضة‬
‫العربية ‪1999‬م‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪255‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫الباب األول‬
‫العقد اإلداري‬
‫س� � ��وف أقوم إن ش� � ��اء الله في هذا الباب بتعريف العقد اإلداري فقهاء وقضاء‬
‫بالق� � ��در الالزم للوقوف على فحواه‪ ،‬وكذلك نفعل مع العقد اإلداري الدولي كل في‬
‫مبحث مستقل‪.‬‬

‫< املبحث األول‪ :‬العقد اإلداري‪.‬‬


‫عرف العقد اإلداري وفق الغالب في قضاء مجلس الدولة الفرنس� � ��ي بأنه ذلك‬
‫العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد تسيير مرفق عام أو تنظيمه‪ ،‬وتظهر‬
‫في� � ��ه نية اإلدارة ف� � ��ي األخذ بأحكام القان� � ��ون العام‪ ،‬وأية ذل� � ��ك أن يتضمن العقد‬
‫شروطاً استثنائية وغير مألوفة في القانون اخلاص أو أن يخول املتعاقد مع اإلدارة‬
‫االشتراك مباشرة في تسيير املرفق العام (‪.)1‬‬
‫كما س� � ��ارت احملكمة اإلدارية العليا في مصر على نفس مس� � ��ار مجلس الدولة‬
‫الفرنسي (‪.)2‬‬
‫وتبينت احملكمة العليا الليبية ذات التعريف حينما قضت بأن‪( :‬العقدين قد تضمنا‬
‫ش� � ��روطاً غير مألوفة في العقود اخلاصة املماثلة‪ ،‬فإنهما يكونان قد اتسما بالطابع‬
‫املمي� � ��ز للعقود اإلدارية من حيث اتصالهما مبرفق عام وأخذهما بأس� � ��لوب القانون‬
‫العام فيما تضمنا من شروط استثنائية‪ ،‬ومن ثم يكونان عقدين إداريني)(‪.)3‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي ‪ -‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ -‬ط‪ ،2‬دار الفكر العربي ‪1965‬م‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫(‪ )2‬أنظر في بيان ذلك ‪ -‬د‪ .‬مازن ليلو راضي‪ ،‬العقود اإلداري في القانون الليبي واملقارن ‪2002‬م‪ ،‬داراملطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪ )3‬طعن إداري رقم ‪17/4‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪1970/6/20‬م‪ ،‬مجلة احملكمة العليا س‪ ،8‬ع‪ ،1‬ص ‪.52‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪256‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وق� � ��د حدد املش� � ��رع الليبي ثالث عق� � ��ود بكونها عقوداً إداري� � ��ة‪ ،‬فنص في املادة‬
‫الرابعة من القانون رقم (‪ )88‬لسنة ‪1971‬م‪ ،‬في شأن القضاء اإلداري‪ ،‬على أن‪:‬‬
‫(تفصل دائرة القضاء اإلداري في املنازعات اخلاصة بعقود االلتزام‪ ،‬واألشغال‬
‫العام� � ��ة والتوريد) ثم أتى بتعريف محدد للعقد اإلداري‪ ،‬فنص في املادة الثالثة من‬
‫الئح� � ��ة العقود اإلدارية الصادرة بقرار اللجنة الش� � ��عبية العامة رقم (‪ )563‬لس� � ��نة‬
‫‪2007‬م‪ ،‬على أنه‪:‬‬
‫يقص� � ��د بالعق� � ��د اإلداري في تطبيق أحكام هذه الالئح� � ��ة‪ ،‬كل عقد تبرمه جهة‬
‫من اجلهات املش� � ��ار إليها في املادة السابقة‪ ،‬بقصد تنفيذ مشروع من املشروعات‬
‫املعتمدة في خطة التنمية أو امليزانية أو اإلش� � ��راف على تنفيذ أو تقدمي املش� � ��ورة‬
‫الفني� � ��ة أو تطويره أو تس� � ��يير مرفق من املرافق العام� � ��ة بانتظام واطراد‪ ،‬متى كان‬
‫ذلك العقد يشمل على شروط استثنائية غير مألوفة في العقود املدنية وتستهدف‬
‫املصلحة العامة‪.‬‬
‫وتعتبر العقود اآلتية من العقود اإلدارية متى توافرت بشأنها الشروط السالف‬
‫ذكرها‪:‬‬
‫‪ -‬عقود مقاوالت األشغال العامة‪.‬‬
‫‪ -‬عقود التوريد‪ ،‬وعقود التوريد والتركيب‪.‬‬
‫‪ -‬عقود الصيانة والتشغيل للمشروعات واملرافق العامة‪.‬‬
‫‪ -‬عق� � ��ود اإلدارة مبختل� � ��ف أنواعها للمراف� � ��ق العامة واملنش� � ��آت الصناعية أو‬
‫السياحية وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬عقود بيع األشياء التي تقرر االستغناء عنها‪.‬‬
‫‪ -‬عقود استخدام املكاتب اإلستشارية‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪257‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -‬عقود تنفيذ املشروعات غير احملمولة من امليزانية العامة (‪.)1‬‬
‫ومن هذه التعاريف للعقد اإلداري والنصوص التش� � ��ريعية السالفة الذكر يتضح‬
‫أن العقد اإلداري يقوم على أسس ثالث هي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون اإلدارة أو أي شخص معنوي عام أحد أطرافه‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتصل العقد مبرفق عام تسييراً أو تنظيماً‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يتبع بشأنه أسلوب القانون العام‪.‬‬
‫ويالحظ أن اجتماع هذه األس� � ��س ش� � ��رط لقيام العقد اإلداري‪ ،‬إذ يترتب على‬
‫تخل� � ��ف أحدها فق� � ��د العقد لصفته اإلدارية‪ ،‬ويصبح عق� � ��داً مدنياً يخضع ألحكام‬
‫القانون املدني(‪.)2‬‬

‫< املبحث الثاني‪ :‬العقد اإلداري الدولي‪.‬‬


‫عرف العقد اإلداري الدولي بأنه (عقد تبرمه الدولة بوصفها س� � ��لطة عامة أو‬
‫يبرمه شخص معنوي من رعايا الدولة مع شخص طبيعي أو معنوي من رعايا دولة‬
‫أخرى‪ ،‬وقد يكون موضعه اس� � ��تغالل الثروات الطبيعي� � ��ة للدولة‪ ،...‬لعدم امتالكها‬
‫تقنية علمية متكنها من ذلك)(‪ )3‬كما عرف بأنه ذلك العقد الذي يجمع بني مقومات‬
‫العق� � ��د اإلداري م� � ��ن كون أحد أطرافه ش� � ��خصاً معنوياً عام � � �اً‪ ،‬ويتصل برفق عام‬

‫(‪ )1‬مدونة اإلجراءات عدد (‪ )9‬سنة (‪2007 ،)6‬م‪ ،‬ص ‪.427‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬عزيزة الشريف ‪ -‬التحكيم اإلداري في القانون املصري ‪ -‬دار النهضة العربية ‪1993‬م‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬حفيظة الس� � ��يد احلداد‪ ،‬العقود املبرمة بني الدول واألشخاص األجنبية‪ ،‬دار النهضة العربية‪1996 ،‬م‪،‬‬
‫ص ‪ ،27‬املرجعني الس� � ��ابقني أش� � ��ار إليهما د‪ .‬عبدالعزيز عبداملنعم خليفة‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود‬
‫اإلدارية الداخلية والدولية‪ ،‬دار الفكر اجلامعي ‪2007‬م‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪258‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫تس� � ��ييراً أو تنظيماً‪ ،‬وتظهر فيه إرادة الش� � ��خص املعنوي الع� � ��ام في األخذ بأحكام‬
‫القانون العام باشتماله على شروط استثنائية غير مألوفة في العقود املدنية وبني‬
‫الصف� � ��ة الدولية من حيث اتصاله مبصالح التج� � ��ارة الدولية الحتوائه على عالقة‬
‫تتجاوز االقتصاد الداخلي للدولة املتعاقدة (‪.)1‬‬
‫وللعقد اإلداري الدولي معايير معينة يحدد بها‪.‬‬
‫اختلف الفقه القانوني حول املعيار الواجب االعتبار لتحديد دولية العقد اإلداري‬
‫الدول� � ��ي فأخذ الفقه التقليدي معياراً قانونياً يرتكز على عناصر العالقة العقدية‬
‫التي متثل في جنس� � ��ية األطراف ومكان إقامتهم ومكان إبرام العقد وتنفيذه‪ ،‬ولغة‬
‫العقد والعملة املستخدمة في الوفاء بااللتزام التعاقدي‪.‬‬
‫ف� � ��إذا كانت هذه العناصر عل� � ��ى اتصال بأكثر من نظام قانوني واحد كان العقد‬
‫اإلداري دولي � � �اً‪ ،‬ويش� � ��ترط أن تتطرق الصفة األجنبية إلى ه� � ��ذه العناصر كلها أو‬
‫بعضه� � ��ا حتى يوصف بالعقد الدولي (‪ ،)2‬ورأى البعض أن تتطرق الدولية إلى أحد‬
‫العناصر املؤثرة في العقد كي تسبغ عليه هذه الصفة (‪.)3‬‬
‫أم� � ��ا جانب م� � ��ن الفقه احلديث فقد أخ� � ��ذ مبعيار اقتصادي وه� � ��و الذي يعتبر‬
‫العق� � ��د عقداً دولياً إذا اتصلت فيه الرابطة العقدية مبصالح التجارة الدولية تأثراً‬
‫بأحكام محكمة النقص الفرنس� � ��ية (‪ ،)4‬ويرى هذا اجلان� � ��ب أن املعيار االقتصادي‬
‫لتحدي� � ��د دولية العق� � ��د ال يتعارض بالقطع مع املعيار القانون� � ��ي الذي يعتبر العقد‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬عصمت عبدالله الش� � ��يخ ‪ -‬التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية سنة‬
‫‪2000‬م‪ ،‬ص ‪ ،148‬أشار إليه د‪ .‬عبد العزيز عبداملنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق ص‪.130‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬هش� � ��ام علي صادق‪ ،‬القانون الواجب التطبيق على عقود التج� � ��ارة الدولية‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫س ‪ ،2014‬ص‪.60‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عبدالعزيز عبداملنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬هشام علي صادق‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.86‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪259‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫مبقتضاه دولياً إذا اتصل� � ��ت عناصره أو بعضها بأكثر من نظام قانوني واحد‪ ،‬ألن‬
‫الرابط� � ��ة التي يترتب عليها انتقال األموال أو اخلدمات من دولة إلى أخرى والتي‬
‫تتعل� � ��ق مبصالح التجارة الدولية ويتحقق به� � ��ا املعيار االقتصادي هي رابطة تتصل‬
‫بالضرورة بأكثر من نظام قانوني واحد الذي يفيد توافر املعيار القانوني في نفس‬
‫الوقت (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬هش� � ��ام علي صادق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،93‬وكذلك د‪ .‬عمران علي السائح‪ ،‬القانون الواجب التطبيق‬
‫على منازعات عقود التجارة الدولية‪ ،‬دار الكتب الوطنية‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪2012‬م‪ ،‬ص‪ ،14‬وما بعدها‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪260‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫الباب الثاني‬
‫التحكيم اإلداري‬
‫أن التحكيم باملطلق اصطالح عام يقترن به مس� � ��ميات فرعية تختلف بحس� � ��ب‬
‫املنازعة التي يراد حس� � ��مها عن طريقة‪ ،‬فإذا كانت املنازعة جتارية سمي بالتحكيم‬
‫التج� � ��اري‪ ،‬وإذا كانت مدنية أطلق عليه حتكيماً مدني � � �اً‪ ،‬وإذا كانت املنازعة إدارية‬
‫سمي حتكيماً إدارياً‪.‬‬

‫< املبحث األول‪ :‬مفهوم التحكيم اإلداري‪.‬‬


‫بدراس� � ��تنا لهذا املوضوع لم جند تش� � ��ريعاً يضع تعريفاً للتحكيم في املنازعات‬
‫الناش� � ��ئة عن العقود اإلدارية‪ ،‬مع أنه مت تعري� � ��ف التحكيم الدولي وعرف التحكيم‬
‫التجاري الدولي (‪.)1‬‬
‫وق� � ��د عرف الفقه املص� � ��ري التحكيم اإلداري بأنه‪( :‬وس� � ��يلة قانونية تلجأ إليها‬
‫الدولة أو أحد األش� � ��خاص املعنوية العامة األخرى لتس� � ��وية كل أو بعض املنازعات‬
‫احلالية أو املس� � ��تقبلية الناشئة عن عالقات قانونية ذات طابع إداري عقدية فيما‬
‫بينها‪ ،‬أو بني إحداها وأحد أش� � ��خاص القانون اخلاص الوطنية أو األجنبية‪ ،‬سواء‬
‫كان اللجوء إلى التحكيم اختيارياً أو إجبارياً وفقاً لقواعد القانون اآلمرة) (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬التش� � ��ريع الفرنس� � ��ي عرف التحكيم الدولي في الباب اخلامس من القانون الصادر واملرس� � ��وم رقم (‪-81‬‬
‫‪ )500‬لسنة ‪1981‬م‪ ،‬كما وضع التشريع املصري تعريفاً للتحكيم التجاري والتحكيم الدولي في الباب األول‬
‫من القانون رقم ‪1994/27‬م‪ ،‬بشأن التحكيم في املواد املدنية والتجارية‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عزيزة الش� � ��ريف‪ ،‬التحكيم اإلداري في القانون املصري‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬س� � ��نة ‪ ،1993‬ص ‪ ،21‬أشار إليه‬
‫د‪.‬عبدالعزيز عبداملنعم خليفة‪ ،‬مرجع س� � ��ابق‪ ،‬ص‪ ،14‬وأيضاً د‪ .‬محمود الس� � ��يد عمر التحيوي ‪ -‬التحكيم‬
‫بالقضاء والتحكيم مع التفويض بالصلح منشأة املعارف باإلسكندرية ‪2002‬م‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪261‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ومن هذا التعريف نستخلص اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬إن طبيع� � ��ة التحكيم ف� � ��ي املنازعات اإلداري� � ��ة تتعلق مبنازع� � ��ات اإلدارة أو‬
‫األشخاص املعنوية العامة فيما بينها أو مع غيرها‪.‬‬
‫‪ -2‬إنه يش� � ��مل جميع أعمال اإلدارة س� � ��واء العقدية أو غير عقدية وسواء كانت‬
‫هذه املنازعات داخلية أو خارجية‪.‬‬
‫‪ -3‬إن من ش� � ��أن التحكيم في املنازعات اإلدارية أن يخرج موضوع املنازعة من‬
‫اختصاص القضاء العادي بشكل عام والقضاء اإلداري بشكل خاص وسواء‬
‫كان ذلك أثناء نظر املنازعة أو قبلها‪.‬‬
‫‪ -4‬إن التحكيم في املنازعات اإلدارية قد يكون اختيارياً أو إجبارياً‪.‬‬
‫‪ -5‬إن اللج� � ��وء إلى التحكيم ف� � ��ي املنازعات اإلدارية لي� � ��س مطلقاً‪ ،‬بل مرهون‬
‫بوج� � ��ود نص في القانون يجي� � ��زه‪ ،‬إذا األصل فيه املنع‪ ،‬ألن القضاء اإلداري‬
‫ه� � ��و املختص بالنظر والفص� � ��ل في املنازعات اإلداري� � ��ة‪ ،‬واخلروج عنه إلى‬
‫التحكيم استثناء‪.‬‬

‫< املبحث الثاني‪ :‬حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬


‫ثأر خالف في الفقه والقضاء في مدى جوازاً وعدم جواز اللجوء إلى التحكيم‬
‫لتسوية املنازعات الناشئة عن العقود اإلدارية‪.‬‬
‫وس� � ��نبني هنا أس� � ��باب هذا اخلالف‪ ،‬ثم نذكر مبررات اللجوء إلى التحكيم في‬
‫منازعات العقود اإلدارية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪262‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -1‬االختالف القضائي في هذه املسألة في مصر‪:‬‬
‫بتاريخ (‪ )18‬ديس� � ��مبر ‪1996‬م‪ ،‬أص� � ��درت اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى‬
‫والتشريع فتوى بعدم مشروعية إدراج شرط التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬وأسست‬
‫رأيها على حجتني األولى هي انعدام األساس التشريعي للتحكيم في العقود اإلدارية‬
‫لعدم وجود نص صريح في قانون التحكيم رقم ‪1994/27‬م‪ ،‬أو في أي قانون آخر‬
‫يسمح بالتحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬والثانية هي عدم تالؤم التحكيم مع‬
‫طبيعة العقد اإلداري‪ ،‬وأن القضاء اإلداري ينفرد بالفصل في املنازعات الناش� � ��ئة‬
‫ع� � ��ن العقود اإلدارية‪ ،‬وهو ال� � ��ذي يتفق مع الطبيعة القانوني� � ��ة التي متيز بها هذه‬
‫العقود‪.‬‬
‫بينما أصدرت محكمة استئناف القاهرة بتاريخ (‪ )19‬مارس ‪1997‬م‪ ،‬حكماً انتهت‬
‫فيه إلى القضاء بصحة شرط التحكيم الذي ثار النزاع بشأنه بني املجلس األعلى‬
‫لآلثار والش� � ��ركة اإلجنليزية في تنفيذ بعض األعمال في متحف أسوان وهو نفس‬
‫شرط التحكيم الذي اقتنعت اجلمعية العمومية املذكورة بعدم مشروعيته(‪.)1‬‬
‫ثم تدخلت اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع وردت على وزارة الثقافة‬
‫بخصوص نفس املوضوع قائلة‪ :‬بأن شرط التحكيم الوارد في العقدين املبرمني من‬
‫قبل املجلس األعلى لآلثار مع ش� � ��ركة املقاوالت اإلجنليزية لتنفيذ أعمال تكميلية‬
‫مبتحف آثار أس� � ��وان باطل بطالناً مطلقاً‪ ،‬وأن حكم محكمة اس� � ��تئناف القاهرة ال‬
‫يحوز حجية فيما قضى به ألن احلجية ال تثبت إال للحكم الصادر عن جهة القضاء‬
‫التي منحها القانون والية إصدار هذا احلكم (‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬يس� � ��ري محم� � ��د العصار‪ ،‬التحكيم في املنازع� � ��ات اإلدارية العقدية وغير العقدية ‪ -‬دراس� � ��ة مقارنة ‪-‬‬
‫‪2009‬م‪ ،‬ص ‪ 130‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬فتوى اللجنة الثانية لقس� � ��م الفتوى مبجلس الدولة‪ ،‬بتاريخ ‪1997/4/9‬م‪ ،‬أش� � ��ار إليها د‪ .‬يس� � ��ري محمد‬
‫العصار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.137‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪263‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -2‬االختالف الفقهي في مصر في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪:‬‬
‫رأى جان� � ��ب من ه� � ��ذا الفقه عدم ج� � ��واز اللجوء إلى التحكيم ف� � ��ي هذه العقود‬
‫ألن القان� � ��ون رق� � ��م ‪1994/27‬م‪ ،‬ال يتضمن نصاً صريحاً يجيز ذلك‪ ،‬وال خروج عن‬
‫األصل إال بنص في القانون وهو ما يوافق فتوى اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى‬
‫والتشريع سالف الذكر‪.‬‬
‫وذهب جانب آخر إلى اجلواز‪ ،‬ألن القانون املذكور لم مينع ذلك صراحة بل إنه‬
‫أجاز لألش� � ��خاص العامة اللجوء إلى التحكيم في العالقات القانونية ذات الطابع‬
‫التجاري أو االقتصادي التي تقبل الصلح والتصرف‪ ،‬وأن هذه العالقات قد تشمل‬
‫املنازعات التي تدخل في دائرة العقود اإلدارية اتي تتسم بالطابع االقتصادي(‪.)1‬‬
‫ومن أس� � ��باب اخلالف أيضاً م� � ��ا يرجع إلى طبيعة العق� � ��د اإلداري الذي يتميز‬
‫ع� � ��ن غيره من العقود كالعقود التجارية والعمالية‪ ،‬إذ تتمتع اإلدارة في مجال إبرام‬
‫العقد اإلداري وتنفيذه وإنهائه بس� � ��لطة واس� � ��عة ملا في ذل� � ��ك من تغليب للمصلحة‬
‫العامة على املصلحة اخلاصة دون أن يتحدى املتعاقد معها بحجة العقد ش� � ��ريعة‬
‫املتعاقدين أو يطالب بالتعويض‪ ،‬على خالف العقود املدنية التي ال يجوز أن يستقل‬
‫أحد الطرفني بفس� � ��خها دون إرادة الطرف اآلخر(‪ ،)2‬ومنها أيضاً مساس التحكيم‬
‫بالدس� � ��تور وتعارضه مع فكرة النظام العام(‪ ،)3‬ذل� � ��ك أن القضاء الوطني والقانون‬
‫الوطني من أهم مظاهر السيادة الوطنية ورد على ذلك بأن اللجوء إلى التحكيم ال‬
‫يكون إال بناء على نص في القانون الوطني(‪.)4‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمود سمير الشرقاوي ‪ -‬مفهوم التجارة الدولية وفقاً لقانون التحكيم املصري اجلديد ‪ -‬بحث سنة‬
‫‪1999‬م‪ ،‬أشار إليه د‪ .‬يسري محمد العصار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.138‬‬
‫(‪ )2‬طعن إداري رقم ‪ 4/1‬سنة ‪1961‬م‪ ،‬أشار إليه د‪ .‬مازن ليلو راضي‪ ،‬السابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬سليمان الطماوي ‪ -‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ -‬دار الفكر العربي ‪ -‬ط‪ ،5‬س ‪ ،1991‬ص ‪.192‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬جابر جاد نصار ‪ -‬التحكيم في العقود اإلدارية ‪ -‬دراس� � ��ة مقارنة ‪ -‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص‪ ،6‬أش� � ��ار‬
‫إلى املرجعني األخيرين د‪ .‬عبدالعزيز عبداملنعم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.76 ،72‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪264‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -3‬مبررات اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪:‬‬
‫ملا كانت إرادة طرفي العقد هي الفيصل في اللجوء إلى التحكيم لتسوية أي نزاع‬
‫قائم أو محتمل في موضوع معني من موضوعات العقد اإلداري‪ ،‬فإننا نود أن نقف‬
‫على املميزات واملبررات الت� � ��ي جتد بهما إلى التحكيم‪ ،‬دون االلتجاء إلى القضاء‪،‬‬
‫وقد وجدنا أن الفقه القانوني قد اس� � ��تنبط بع� � ��ض املميزات الدافعة إلى التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية اس� � ��تناداً إلى طبيعة التحكيم ذاته والقضاء على السواء‪ ،‬فكان‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬بساطة إجراءات التحكيم‪ ،‬وسرعة اتخاذ القرار في موضوعه‪:‬‬
‫ذلك أن إجراءات التحكيم س� � ��هلة وبس� � ��يطة حيث يحدده� � ��ا أطراف النزاع‬
‫بأنفس� � ��هم مما يؤدي إلى س� � ��رعة إصدار القرار‪ ،‬ألن التحكيم فيه اختصار‬
‫ش� � ��ديد لدرج� � ��ات التقاضي لكون حكم هيئة التحكيم يك� � ��ون باتاً وغير قابل‬
‫للطعن فيه من حيث املوضوع‪ ،‬وقابل للتنفيذ الفوري(‪.)1‬‬
‫‪ -‬السرية‪:‬‬
‫إن إج� � ��راءات القض� � ��اء العادي تتصف بالعالنية‪ ،‬وه� � ��و أمر ال يرغبه طرفي‬
‫العقد اإلداري ملا في العالنية من كشف ألسرار املهنة وإذاعتها ونشرها مبا‬
‫قد يؤدي إلى املساس باملراكز االقتصادية التي يترتب عليها غالباً إساءة إلى‬
‫السمعة التجارية‪ ،‬وأضراراً مالية مفجعة‪ ،‬لذلك فإنهم يلجأون إلى اشتراط‬
‫الس� � ��رية في إجراءات التحكيم بينما ال يس� � ��تطيعون اشتراطها أمام القضاء‬
‫لكون األصل في إجراءاته العالنية‪.‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد أبو الوفاء‪ ،‬التحكيم االختياري واإلجباري‪ ،‬منشأة املعارف باإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪1978‬م‪ ،‬ص ‪،68‬‬
‫أشار إليه د‪ .‬عبدالعزيز عبداملنعم خليفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،21‬وأيضاً د‪ .‬علي عوض حسن ‪ -‬التحكيم‬
‫االختياري واإلجباري في املنازعات املدنية والتجارية ‪ -‬دار الفكر اجلامعي ‪2001‬م‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪265‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫الباب الثالث‬
‫تطور مبدأ التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‬
‫يكاد يجمع الفقه الفرنس� � ��ي على أن اللجوء إل� � ��ى التحكيم في منازعات العقود‬
‫اإلدارية بالنس� � ��بة ألش� � ��خاص القانون الع� � ��ام غير جائ� � ��ز إال إذا وجد نص قانوني‬
‫بإجازت� � ��ه‪ ،‬وذل� � ��ك تطبيقاً لقاعدة حظر التحكيم في العق� � ��ود اإلدارية التي وضعها‬
‫املشرع الفرنسي بقانون اإلجراءات املدنية القدمي والتي حتظر االتفاق على التحكيم‬
‫ف� � ��ي القضايا التي تخضع إلبالغ النيابة العامة‪ ،‬وهي التي تخص الدولة واألمالك‬
‫العامة واملؤسس� � ��ات والهيئات العامة (‪ ،)1‬وأن احلظر يش� � ��مل كافة املنازعات التي‬
‫تكون األشخاص العامة طرفاً فيها حتى ولو تعلق األمر بعقد من عقود اإلدارة (‪،)2‬‬
‫وقد اس� � ��تقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على بطالن أي اتفاق تلتزم به الدولة‬
‫أو أي شخص من أشخاص القانون العام باللجوء إلى التحكيم بطالناً مطلقاً (‪ )3‬إال‬
‫أن هذا املنع لم يبق على إطالقه‪ ،‬إذ دفعت الضرورات العملية والرغبة في إيجاد‬
‫حل س� � ��ريع لبعض املنازعات املشرع الفرنسي إلى اس� � ��تثناء بعض العقود اإلدارية‬
‫التي تكون فيها الدولة وغيرها من أشخاص القانون العام طرفاً فيها ومنها عقود‬
‫الصناع� � ��ة والتج� � ��ارة فأصدر القانون رقم (‪ )9‬لس� � ��نة ‪1975‬م‪ ،‬على أن يتم حتديد‬
‫طوائف املؤسسات التي تستفيد من هذا االستثناء مبوجب مرسوم يصدره مجلس‬
‫الوزراء‪ ،‬ولوحظ أن مجلس الوزراء لم يصدر املرسوم التنفيذي لهذا القانون (‪ ،)4‬ثم‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عاطف سعد محمد‪ ،‬عقد التوريد بني النظرية والتطبيق ‪ -‬دراسة مقارنة‪2006 -‬م‪ ،‬مؤسسة الطوبجي‬
‫للتجارة وللطباعة والنشر‪ ،‬ص‪.516‬‬
‫(‪ )2‬بحث بعنوان (التحكيم في العقود اإلدارية في القانون)‪ ،‬شبكة التواصل االجتماعي فيس بوك‬
‫‪HTTP://WWW.startimes/2T=3486166‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬يسري محمد العصار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫ً‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬يسري محمد العصار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،103‬وأنظر أيضا جورج ڤودال‪ ،‬وبيار دل ڤول ڤية‪ ،‬القانون‬
‫اإلداري ط‪2001-1‬م‪ ،‬ص‪ ،32‬ترجمة منصور القاضي‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪266‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫توالت التشريعات التي جتيز اللجوء إلى التحكيم في بعض العقود اإلدارية‪ ،‬إلى أن‬
‫صدر قانون بتاريخ (‪ )19‬أغس� � ��طس ‪1986‬م‪ ،‬فوسع من نطاق اللجوء إلى التحكيم‬
‫بحيث شمل جميع صور العقود التي تبرمها الدولة أو أحد وحدات اإلدارة احمللية‬
‫أو املؤسس� � ��ات العامة مع الش� � ��ركات األجنبية(‪ ،)1‬ثم القان� � ��ون الصادر بتاريخ (‪)2‬‬
‫يونيو ‪1990‬م‪ ،‬الذي أجاز ملصلحة البريد واالتصاالت اللجوء إلى التحكيم حلس� � ��م‬
‫املنازع� � ��ات التي قد تكون طرفاً فيها‪ ،‬والقانون الصادر بتاريخ (‪ )12‬يوليو ‪1999‬م‪،‬‬
‫الذي س� � ��مح للمؤسسات العلمية والثقافية التي تس� � ��اهم في مرفق التعليم العالي‬
‫اللجوء إلى التحكيم لتسوية املنازعات التي قد تثور مع نظيراتها األجنبية مبناسبة‬
‫تنفيذ عقد من عقودها(‪ ،)2‬كما سمح املشرع الفرنسي مبوجب القانون رقم (‪)972‬‬
‫لسنة ‪1986‬م‪ ،‬للدولة وأجهزتها واملؤسسات العامة أن تضمن عقودها التي تبرمها‬
‫مع ش� � ��ركات أجنبية في املجاالت االقتصادية الوطنية ش� � ��رط التحكيم لتسوية أي‬
‫نزاع عند تفسير أو تنفيذ تلك العقود(‪.)3‬‬
‫ومن هذه التش� � ��ريعات يتضح أن إج� � ��ازة التحكيم في القانون الفرنس� � ��ي تكون‬
‫فقط في العقود اإلدارية الدولية‪ ،‬وأن احلظر في العقود اإلدارية الداخلية ال زال‬
‫قائماً‪.‬‬
‫وق� � ��د رفض مجلس الدولة الفرنس� � ��ي إدراج ش� � ��رط حتكيم ف� � ��ي عقد رغم أنه‬
‫مس� � ��تند إلى اتفاقيات دولية جتيز التحكيم‪ ،‬ألنه يعتبر مبدأ خطر جلوء أشخاص‬
‫القانون العام للتحكيم من املبادىء العامة التي تسمو على االتفاقيات الدولية‪ ،‬التي‬
‫كان يسبغ عليها حتى ‪1989‬م‪ ،‬قيمة قانونية مساوية للتشريع‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬يسري محمد العصار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.105‬‬


‫(‪ )2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬أنور أحمد رس� �ل��ان ‪ -‬التحكيم في منازعات العقود اإلداري ص‪ ،5‬أش� � ��ار إليه د‪ .‬عاطف سعد محمد‪،‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.616‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪267‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫< املبحث الثاني‪ :‬مدى جواز اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود اإلدارية مبصر‪.‬‬
‫إن االلتج� � ��اء إلى التحكيم ف� � ��ي منازعات العقود اإلدارية أث� � ��ار جدالً في الفقه‬
‫والقضاء كما سبق أن رأينا في املبحث الثاني من الباب الثاني لهذا البحث‪ ،‬إال أن‬
‫املش� � ��رع املصري أراد حس� � ��م هذا اخلالف حينما أصدر القانون رقم ‪1994/27‬م‪،‬‬
‫بشأن التحكيم في املواد املدنية والتجارية فأجاز اللجوء إلى التحكيم بني أشخاص‬
‫القان� � ��ون العام أو اخلاص أياً كانت طبيعي� � ��ة العالقة القانونية محل النزاع إذا كان‬
‫التحكي� � ��م يجري ف� � ��ي مصر أو كان حتكيم � � �اً جتارياً دولياً يتم ف� � ��ي اخلارج واتفق‬
‫األط� � ��راف عل� � ��ى إخضاعه ألحكام القانون اخلارجي‪ ،‬وم� � ��ع ذلك لم يرفع اخلالف‬
‫فأصدر القانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪1997‬م‪ ،‬بتعديل القانون السابق فأجاز اللجوء إلى‬
‫التحكيم باتفاق األطراف بش� � ��رط موافقة الوزير املختص أو من يتولى اختصاصه‬
‫بالنسبة لألشخاص االعتبارية العامة‪ ،‬وأنه ال يجوز التفويض في ذلك‪ ،‬وقد اعتبر‬
‫القض� � ��اء في مصر أنه إذا ص� � ��درت املوافقة على االلتجاء إل� � ��ى التحكيم من غير‬
‫الوزي� � ��ر املختص أو بتفويض منه للغير فإن من يوق� � ��ع املوافقة يكون غير مختص‪،‬‬
‫ألن االختص� � ��اص هنا يقوم مقام األهلية في مجال القانون اخلاص‪ ،‬فينعقد العقد‬
‫ال غير منتج ألثره‪ ،‬وتنحسر عنه والية هيئة التحكيم إذا‬ ‫ويقع ش� � ��رط التحكيم باط ً‬
‫رفع النزاع إليها(‪ ،)1‬ومع ذلك فقد صدرت بعد ذلك أحكام قضائية متناقضة بشأن‬
‫االلتزام بهذا الشرط بعضها يقضي بعدم البطالن استناداً إلى أن املوافقة أو عدمها‬
‫يرج� � ��ع إلى اجلهة اإلدارية املتعاقدة فال يضار املتعاقد معها من عدم اس� � ��تيفائها‪،‬‬
‫وأن القانون رقم ‪1994/27‬م‪ ،‬املع� � ��دل بالقانون رقم ‪1997/9‬م‪ ،‬لم يرتب البطالن‬
‫على عدم احلصول على موافقة الوزير املختص أو من يتولى اختصاصه(‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬حك� � ��م مرك� � ��ز القاهرة اإلقليمي للتحكي� � ��م التجاري الدولي‪ ،‬القضية ‪2002/292‬م‪ ،‬أش� � ��ار إليه د‪ .‬عاطف‬
‫سعدي محمد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.621‬‬
‫(‪ )2‬حكم مركز القاهرة اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي‪ ،‬القضية ‪2006/464‬م‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪268‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ويقض� � ��ي البعض اآلخر بل� � ��زوم موافقة الوزير املختص ألنه ش� � ��رط صحة في‬
‫التحكي� � ��م ذاته (‪ )1‬ومما س� � ��بق يتب� �ي��ن أن األمر في حكم اللجوء إل� � ��ى التحكيم في‬
‫منازعات العقود اإلدارية لم يحسم قضائياً في مصر‪.‬‬

‫(‪ )1‬حك� � ��م محكمة اس� � ��تئناف القاهرة‪ ،‬القضي� � ��ة رقم ‪ 126/111‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪2010/3/30‬م‪ ،‬مش� � ��ار إلى هذين‬
‫احلكمني في بحث املستشار‪ /‬محمد أمني مهدي‪ ،‬بعنوان (عود إلى إشكالية التحكيم في منازعات العقود‬
‫اإلدارية) مجلة التحكيم العاملية ‪2013‬م‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪269‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫< املبحث الثالث‪ :‬مدى جواز التحكيم في منازعات العقود اإلدارية في ليبيا‪.‬‬
‫لبيان هذا األمر س� � ��نبدأ بالقواعد واألحكام العامة للتحكيم في القانون الليبي‬
‫(أوالً) ثم نوضح تطور التش� � ��ريع الليبي بش� � ��أن اللجوء إلى التحكيم في منازعات‬
‫العقود اإلدارية (ثانياً)‪.‬‬
‫أو ًال‪ :‬األسس والقواعد العامة للتحكيم في القانون الليبي‪.‬‬
‫وضع املش� � ��رع الليبي األس� � ��س والقواعد العامة للتحكيم ف� � ��ي الباب الرابع من‬
‫الكت� � ��اب الثالث املعن� � ��ون (في إجراءآت وخصومات متنوعة) م� � ��ن قانون املرافعات‬
‫املدنية والتجارية الصادر في (‪ )28‬نوفمبر ‪1952‬م‪ ،‬في املواد من (‪ 739‬إلى ‪)777‬‬
‫فتضمن� � ��ت امل� � ��ادة (‪ )739‬مبدأ إجازة اللجوء إلى التحكي� � ��م لفض املنازعات بصفة‬
‫عامة حيث نصت على أنه‪:‬‬
‫(يجوز للمتعاقدين أن يش� � ��ترطوا عرض ما قد ينش� � ��أ من النزاع في تنفيذ عقد‬
‫معني على محكمني‪ ،‬ويجوز االتفاق على التحكيم في نزاع معني مبش� � ��ارطة حتكيم‬
‫خاصة)‪.‬‬
‫ومفاد هذا النص أن املش� � ��رع الليبي أجاز اللجوء إلى التحكيم لفض نزاع معني‬
‫في تنفيذ عقد معني بإحدى طريقتني األولى أن يتم اش� � ��تراط عرض أي نزاع قد‬
‫ينش� � ��أ بشأن تنفيذ عقد على التحكيم الثانية أن يشترط التحكيم في اتفاق خاص‬
‫ينشأ بعد قيام نزاع معني بشأن تنفيذ عقد‪.‬‬
‫ولكن املشرع أخرج من هذه اإلجازة مبا نص عليه في املادة (‪ )740‬وهي األمور‬
‫املتعلقة بالنظام العام‪ ،‬أو املنازعات بني العمال وأرباب العمل فيما يتعلق باألحكام‬
‫اخلاص� � ��ة بالتأمني االجتماعي وإصابة العمل أو أمراض املهنة واملنازعات املتعلقة‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪270‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫باجلنس� � ��ية أو باحلالة الش� � ��خصية‪ ،‬واعتبر أن التحكيم ال يصلح إال ممن له أهلية‬
‫التصرف في احلقوق‪ ،‬وال يصح في املسائل التي ال يجوز فيها الصلح أيضاً‪.‬‬
‫كما اش� � ��ترط مبوجب املادة (‪ )742‬أن مش� � ��ارطة التحكي� � ��م ال تثبت إال بالكتابة‬
‫وأوجب باملادة (‪ )743‬أن يحدد فيها موضوع النزاع أو أن يتم حتديده أثناء املرافعة‬
‫ولو كان احملكمون منوطني بالصلح ورتب على تخلف ذلك بطالن التحكيم‪.‬‬
‫وقد عرفت احملكمة العليا الليبية النظام العام بأنه كل ما يرتبط مبصلحة عامة‬
‫متس النظام األعلى للمجتمع س� � ��واء كانت سياس� � ��ية أو اجتماعية أو اقتصادية أو‬
‫خلقية (‪ ،)1‬وقالت بشأن أحكام قانون العمل‪ ،‬إن نص املادة (‪ )740‬مرافعات‪ ،‬صريح‬
‫ف� � ��ي عدم جواز التحكيم في األمور املتعلقة بالنظام العام‪ ،‬وأن أحكام قانون العمل‬
‫كلها تعتبر من النظام العام (‪.)2‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬تطور مبدأ اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪.‬‬
‫كما رأينا في البند السابق إن قانون املرافعات املدنية والتجارية ال مينع أطراف‬
‫العقد اإلداري من إدراج ش� � ��رط التحكيم ضمن بن� � ��ود العقد‪ ،‬وقد ذهبت احملكمة‬
‫العليا إلى ذلك في أحد أحكامها حيث قالت‪( :‬إن القانون الليبي خال من أي نص‬
‫مانع يحول دون اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية) (‪ ،)3‬ورغم أن هذا الشرط‬
‫ال� � ��ذي صار مألوفاً ومعروفاً في الداخل واخلارج‪ ،‬إال أن أمر الوصول إليه لم يكن‬
‫ال حيث حصل بعد تطورات تشريعية بني اإلجازة واملنع على النحو التالي‪.‬‬ ‫سه ً‬

‫‪ -‬في س� � ��نة ‪1970‬م‪ ،‬منع املش� � ��رع الليبي اللجوء إل� � ��ى التحكيم لفض منازعات‬

‫(‪ )1‬طعن مدني رقم ‪ 8/44‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪1964/2/19‬م‪ ،‬مجلة احملكمة العليا الليبية س ‪ ،1‬ع ‪ ،3‬ص‪.28‬‬
‫(‪ )2‬طعن مدني رقم ‪ 84/23‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ ،1977/12/25‬مجلة احملكمة العليا س ‪ ،14‬ع‪ ،3‬ص‪.178‬‬
‫(‪ )3‬طعن إداري رقم ‪ 17/1‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪1970/4/5‬م‪ ،‬مجلة احملكمة العليا ع‪ ،4‬س‪ ،6‬ص‪.19‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪271‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫العقود اإلدارية بنص صريح حيث أصدر القانون رقم (‪ )76‬لس� � ��نة ‪1970‬م‪ ،‬بشأن‬
‫املنازعات الناش� � ��ئة ع� � ��ن العقود اإلدارية العامة‪ ،‬ونص في امل� � ��ادة األولى منه على‬
‫أنه‪:‬‬
‫(يقع باط ً‬
‫ال كل ش� � ��رط في العقود التي تبرمها الوزارات واملصالح واملؤسس� � ��ات‬
‫والهيئ� � ��ات العامة يتضمن فض املنازعات الناش� � ��ئة عن العق� � ��د بطريق التحكيم أو‬
‫باختصاص جهة قضائية أخرى غير القضاء الليبي)‪.‬‬
‫ثم حد من هذا املنع قلي ً‬
‫ال حيث نص في املادة األولى من القانون رقم (‪ )1‬لسنة‬
‫‪1971‬م‪ ،‬بتعديل القانون رقم (‪ )76‬لسنة ‪1970‬م‪ ،‬املشار إليه‪ ،‬على أنه‪:‬‬
‫(تضاف إلى املادة األولى من القانون رقم (‪ )76‬لسنة ‪1970‬م‪ ،‬املشار إليه فقرة‬
‫جديدة بالنص اآلتي‪:‬‬
‫وم� � ��ع ذلك يجوز ملجلس الوزراء بناء على اعتبارات الضرورة التي يقدمها الوزير‬
‫املختص املوافقة على اإلعفاء من هذا القيد بالنسبة لبعض اجلهات أو العقود) (‪.)1‬‬
‫إال أن املش� � ��رع الليبي في ذلك الوقت نكس على عقبيه وعاد مجدداً إلى حظر‬
‫اللج� � ��وء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬فألغى القانون الس� � ��ابق مبوجب القانون‬
‫رقم (‪ )49‬لسنة ‪1972‬م (‪.)1‬‬
‫‪ -‬وفي سنة ‪1980‬م‪ ،‬في ظل التحفظ واحلذر الشديد من املشرع الليبي صدرت‬
‫الئح� � ��ة العقود اإلدارية بقرار من اللجنة الش� � ��عبية العامة ف� � ��ي (‪ )6‬مايو ‪1980‬م‪،‬‬
‫ال للقواعد واملبادىء التي حتكم العقود‬ ‫ال متكام ً‬
‫وتضمنت ألول مرة تنظيماً ش� � ��ام ً‬
‫اإلدارية‪ ،‬ونصت في املادة (‪ )99‬منها على ما يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬املوسوعة التشريعية الليبية ‪ -‬القوانني الصادرة سنة ‪1971‬م‪ ،‬املجلد الثالث‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪272‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫(يراعي النص في العقود اإلدارية على إسناد االختصاص بنظر املنازعات التي‬
‫تنش� � ��أ عن العقد للقضاء الليبي وذلك بصفة أساس� � ��ية‪ ،‬على أنه يجوز إذا اقتضت‬
‫الضرورة في حاالت التعاقد مع شركات أو منشآت أجنبية أن ينص على االلتجاء‬
‫للتحكيم‪ ،‬ويجب في هذه احلاالت أن يحدد العقد أوجه النزاع التي يلجأ فيها إلى‬
‫التحكي� � ��م وإجراءات التحكيم وقواعد اختي� � ��ار احملكمني‪ ،‬مبا يكفل للجانب الليبي‬
‫فرصة متكافئة في اختيارهم ومدى ما للحكمني من سلطة واختصاص‪ ،‬مع حظر‬
‫االتف� � ��اق عل� � ��ى التحكيم مبعرفة محكم ف� � ��رد) (‪ ،)2‬ثم توالت اللوائ� � ��ح املنظمة لهذه‬
‫العق� � ��ود‪ ،‬حتى صدرت الالئحة النافذة بقرار اللجنة الش� � ��عبية العامة رقم (‪)563‬‬
‫لسنة ‪2007‬م‪ ،‬فأكدت نفس األحكام السابقة (‪.)3‬‬
‫ومما س� � ��بق في نصوص لوائ� � ��ح العقود اإلداري� � ��ة يتبني أن األصل هو إس� � ��ناد‬
‫االختص� � ��اص بنظر منازع� � ��ات العقود اإلدارية إلى القضاء الليبي‪ ،‬وأن االس� � ��تثناء‬
‫هو اللجوء إلى التحكيم بش� � ��روط هي‪ :‬األول أن يكون هناك حالة ضرورة تقتضي‬
‫ذلك‪ ،‬والثاني أن يكون التعاقد مع جهات غير وطنية‪ ،‬والثالث أن يتم ذلك مبوافقة‬
‫مجلس الوزراء‪.‬‬
‫‪ -‬وقد لوحظ على هذا النص‪ ،‬أن التحكيم مقصور في حالة ما إذا كان التعاقد‬
‫مع جهات أجنبية‪ ،‬وليس للشركات الوطنية حق اللجوء إليه‪ ،‬أي أن الالئحة‬
‫به� � ��ذا النص تتيح التحكيم الدولي ومتن� � ��ع التحكيم الداخلي وهو ما يخالف‬
‫القواعد العامة الواردة في قانون املرافعات املدنية والتجارية الليبي‪.‬‬
‫‪ -‬أن النص اشترط وضع مشارطة حتكيم خاصة بني أوجه النزاع محل التحكيم‬
‫وإجراءات وقواع� � ��د اختيار احملكمني وس� � ��لطاتهم واختصاصاتهم‪ ،‬وأال يتم‬
‫(‪ )1‬اجلريدة الرسمية سنة ‪1972‬م‪ ،‬العدد ‪ ،55‬ص‪.2797‬‬
‫(‪ )2‬اجلريدة الرسمية سنة ‪1980‬م‪ ،‬العدد ‪ ،14‬السنة ‪ ،18‬ص ‪.634‬‬
‫(‪ )3‬مدونة اإلجراءات‪ ،‬السنة السادسة ‪2007‬م‪ ،‬عدد ‪ ،9‬ص ‪.427‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪273‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫االتف� � ��اق على التحكيم مبحكم فرد‪ ،‬وهو ما ينس� � ��جم م� � ��ع نص املادة (‪)754‬‬
‫م� � ��ن قانون املرافعات التي تترك ألطراف العق� � ��د حرية االتفاق على قواعد‬
‫وإجراءات معينة للتحكيم يرتضونها‪.‬‬
‫‪ -‬إن اس� � ��تبعاد أن يكون التحكيم مبحك� � ��م فرد يوفر هيئة حتكيم جماعية تكون‬
‫أكثر قدرة وكفاءة في فض املنازعات املتعلقة بالعقود اإلدارية خاصة ما تعلق‬
‫منها بحاالت التحكيم الدولي(‪.)1‬‬
‫‪ -‬كما عرف املشرع الليبي في فترة مبكرة جداً مبدأ اللجوء إلى التحكيم الدولي‬
‫حلس� � ��م منازعات العقود اإلدارية الدولية ومن ذلك ما ورد من قانون البترول‬
‫رقم (‪ )25‬لسنة ‪1955‬م(‪ ،)2‬حيث نصت املادة (‪ )20‬منه بند (‪ )1‬على أنه‪:‬‬
‫جتري تسوية كل نزاع ينشأ بني اللجنة وبني صاحب العقد املمنوح وفقاً ألحكام‬
‫ه� � ��ذا القانون عن طري� � ��ق التحكيم‪ ،‬وذلك على الوجه املب� �ي��ن في امللحق الثاني‬
‫لهذا القانون)‪ ،‬وقد بني البند الثامن والعش� � ��رون من هذا امللحق طريقة تسوية‬
‫أي نزاع ينش� � ��أ بني طرفي العقد‪ ،‬ونصت الفقرة السابعة من هذا البند على أن‬
‫يخضع العقد للقوانني الليبية وللمبادىء والقواعد املناسبة من القانون الدولي‬
‫ويفس� � ��ر مبقتضاها جميعاً‪ ،‬وبينت الفقرة الثامنة منه على أن قرارات التحكيم‬
‫غير قابلة لالستئناف وأنه على طرفي العقد االمتثال له بإخالص‪.‬‬
‫ومفاد هذه النصوص أن املشرع الليبي جعل التحكيم هو السبيل الوحيد لتسوية‬
‫املنازعات الناشئة عن عقود البترول‪ ،‬وأن العقد خاضع للقوانني الليبية والقواعد‬
‫واملبادىء املناسبة في القانون الدولي على السواء وأنه يفسر مبقتضاها جميعاً‪،‬‬
‫وأن قرارات التحكيم بشأنها نهائية وغير قابلة لالستئناف‪.‬‬
‫(‪ )1‬أ‪ .‬مصطف� � ��ى العال� � ��م‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية ‪ -‬بحث منش� � ��ور مبحلة احملامي ‪ -‬أكتوبر ‪-‬‬
‫ديسمبر ‪1985‬م‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫(‪ )2‬اجلريدة الرسمية العدد الرابع السنة اخلامسة‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪274‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -‬وبتاري� � ��خ ‪1996/6/17‬م‪ ،‬أبرمت املؤسس� � ��ة الوطنية للنفط مع ش� � ��ركة أجيب‬
‫ش� � ��مال أفريقيا والش� � ��رق األوس� � ��ط احملدودة اتفاق االستكشاف ومقاسمة‬
‫األرباح فنص فيه على اللجوء إلى التحكيم وفقاً لقواعد املصلحة والتحكيم‬
‫لغرفة التجارة الدولية في باريس في حالة عدم التوصل ودياً إلى تسوية أي‬
‫خالف ينش� � ��أ بينهما يتعلق باالتفاقية املذكورة خالل س� � ��تة أشهر من حلظة‬
‫إثارة موضوع النزاع رسمياً(‪.)1‬‬
‫‪ -‬أجاز املش� � ��رع أيضاً مبوجب القانون رقم (‪ )3‬لس� � ��نة ‪2006‬م‪ ،‬بشأن شركات‬
‫القطاع العام االتف� � ��اق على التحكيم في املنازعات التي تقع فيما بينها وبني‬
‫األشخاص االعتبارية اخلاصة أو األفراد‪ ،‬واشترط أن تطبق في هذا الشأن‬
‫التش� � ��ريعات الوطنية ذات العالقة‪ ،‬ومؤدي هذا القانون أنه س� � ��مح لشركات‬
‫القطاع العام أن تلجأ إلى التحكيم الداخلي فقط وأن تطبق في سبيل حسم‬
‫النزاع عن طريق التحكيم التشريعات الليبية دون سواها(‪.)2‬‬
‫‪ -‬كما أنه فيما يتعلق باالس� � ��تثمار فقد أصدر املش� � ��رع الليبي القانون رقم (‪)5‬‬
‫لس� � ��نة ‪1997‬م‪ ،‬بشأن تش� � ��جيع اس� � ��تثمار رؤوس األموال األجنبية ونص في‬
‫امل� � ��ادة (‪ )41‬من� � ��ه على أن االختصاص بنظر أي نزاع ينش� � ��أ بني املس� � ��تثمر‬
‫األجنبي والهيئة يكون للمحاكم الليبية ما لم يوجد اتفاقيات ثنائية أو متعددة‬
‫األط� � ��راف تتضمن نصوصاً صريحة تقضي بالصل� � ��ح أو التحكيم‪ ،‬أو اتفاق‬
‫خاص بني املستثمر والدولة ينص على شرط التحكيم‪ ،‬ثم ألغي هذا القانون‬
‫بالقانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪2010‬م‪ ،‬الذي ينص في املادة (‪ )24‬منه على أن‪:‬‬

‫(‪ )1‬أش� � ��ار إليه أ‪ .‬د‪ /‬الكوني أعبودة‪ ،‬الدور الفعال للقضاء في مجال التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مؤمتر ش� � ��رم‬
‫الشيخ ‪ 28-27‬نوفمبر ‪2012‬م‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫(‪ )1‬مدونة الشريعات السنة السابعة العدد (‪ )3‬ص ‪.77‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪275‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫(يعرض أي نزاع ينشأ بني املستثمر األجنبي والدولة بفعل املستثمر أو نتيجة‬
‫إلج� � ��راءات اتخذتها ضده الدولة على احملاك� � ��م املختصة في الدولة‪ ،‬إال إذا‬
‫كان� � ��ت هناك اتفاقية ثنائية بني الدولة والدولة التي ينتمي إليها املس� � ��تثمر‪،‬‬
‫أو اتفاقيات متعددة األطراف تكون الدولة والدولة التي ينتمي إليها طرفني‬
‫فيه� � ��ا‪ ،‬تتضم� � ��ن نصوصاً متعلقة بالصل� � ��ح أو التحكي� � ��م أو اتفاق خاص بني‬
‫املستثمر والدولة ينص على شرط التحكيم)(‪.)1‬‬
‫وبالتال� � ��ي فإن التحكيم وفق ألحكام هذا القان� � ��ون ال يلجأ إليه إال في حالة‬
‫وجود ن� � ��ص يقضي به في اتفاقية ثنائية أو متع� � ��ددة األطراف تكون الدولة‬
‫الليبية والدولة التي ينتمي إليها املس� � ��تثمر طرف� �ي��ن فيها‪ ،‬وأن التحكيم هنا‬
‫مقصور على وج� � ��ود الطرف األجنبي فقط‪ ،‬أما منازعات االس� � ��تثمار التي‬
‫يكون املستثمر فيها وطنياً فإنها تخضع الختصاص القضاء الليبي‪ ،‬وال محل‬
‫فيها لالتفاق على التحكيم لوجود النص اخلامس س� � ��الف الذكر(‪ ،)2‬وهو ما‬
‫يتعارض مع املبادىء العامة للتحكيم ومبدأ املساواة‪.‬‬

‫(‪ )1‬مدونة التشريعات ع‪ ،4‬ص‪ ،10‬ص ‪.158‬‬


‫(‪ )2‬أ‪ .‬د‪ /‬الكوني أعبودة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪276‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اخل ـ ــامتة‬
‫ال محتم ً‬
‫ال لنشوء‬ ‫تعرضنا في الباب األول للتعريف بالعقد اإلداري باعتباره مح ً‬
‫املنازعات عند تنفيذه أو تفسيره سواء كان عقداً داخلياً أو دولياً‪ ،‬ثم بحثنا التحكيم‬
‫في مجال منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬فلم جند تشريعاً يضع له تعريفاً محدداً‪ ،‬وقد‬
‫تول� � ��ى الفقه القانون� � ��ي بيان ذلك‪ ،‬ومن خالل ذلك ثبت أن التحكيم في تلك العقود‬
‫ال يك� � ��ون إال بوجود نص قانوني يجيزه إذا األصل فيه املنع‪ ،‬ألن من ش� � ��أنه إخراج‬
‫موضوع النزاع من اختصاص القضاء العادي واإلداري على السواء‪ ،‬لذلك ثأر نزاع‬
‫وجدل كبير في حكم اللجوء إليه‪ ،‬فحظره البعض ألس� � ��باب وحبذه آخرون ملبررات‬
‫ومزايا‪.‬‬
‫ث� � ��م تعرضنا في الباب الثان� � ��ي لتطور مبدأ اللجوء إل� � ��ى التحكيم في منازعات‬
‫العقود اإلدارية فعرضنا موقف الفقه والقضاء الفرنس� � ��ي الذي استقر على جواز‬
‫اللج� � ��وء إليه في منازعات العقود اإلدارية الدولية دون غيرها‪ ،‬أما العقود اإلدارية‬
‫احمللية فإن احلظر ال زال قائماً بشأنها‪.‬‬
‫كما بينا اختالف الفقه والقضاء في مصر من مس� � ��ألة اللجوء إلى التحكيم في‬
‫هذه املنازعات‪ ،‬فكان سبب اخلالف في ذلك راجع إلى عدم وجود نص صريح في‬
‫القانون يجيزه أو مينعه رغم محاولة املشرع املصري حسم هذا اخلالف بإصداره‬
‫القانون رقم (‪ )9‬لس� � ��نة ‪1997‬م‪ ،‬بتعديل القانون رقم (‪ )27‬لس� � ��نة ‪1994‬م‪ ،‬بش� � ��أن‬
‫التحكي� � ��م في املواد املدني� � ��ة والتجارية‪ ،‬حيث أجاز اللجوء إل� � ��ى التحكيم في تلك‬
‫العقود بإتفاق األطراف بش� � ��رط موافقة الوزي� � ��ر املختص أو من يتولى اختصاصه‬
‫بالنسبة لألش� � ��خاص االعتبارية العامة‪ ،‬وعدم جواز التفويض في ذلك‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فإن القضاء املصري ال زال متناقضاً فيما يتعلق بأمر احلصول على موافقة الوزير‬
‫املختص أو من في حكمه‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪277‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وأخي� � ��راً بين� � ��ا القواعد العامة للتحكيم في القانون الليب� � ��ي التي جتيز التحكيم‬
‫بص� � ��ورة عامة ما لم يكن األمر متعلقاً بالنظام العام‪ ،‬أم التحكيم في مجال العقود‬
‫اإلدارية‪ ،‬فإن املش� � ��رع الليبي لم مينع أطراف العقد من إدراج شرط التحكيم فيه‪،‬‬
‫وقضاء احملكمة العليا الليبية أخذ بذلك‪.‬‬
‫ثم تعرضن� � ��ا لتطور مبدأ اللجوء إلى التحكيم في التش� � ��ريعات الليبية املختلفة‬
‫الذي بدأ باملنع الصريح مبوجب القانون رقم (‪ )76‬لس� � ��نة ‪1970‬م‪ ،‬ثم استثنى من‬
‫ه� � ��ذا املنع بعض اجلهات العامة في بعض العقود مبوافقة مجلس الوزراء‪ ،‬ثم نص‬
‫صراح� � ��ة على اللج� � ��وء إلى التحكيم في مجال منازعات العق� � ��ود اإلدارية بإصدار‬
‫الئحة العقود اإلدارية بقرار اللجنة الشعبية العامة رقم (‪ )6‬لسنة ‪1980‬م‪ ،‬بشرط‬
‫أن يكون القضاء الليبي هو املختص بنظر املنازعات الناش� � ��ئة عن العقد اإلداري‪،‬‬
‫ويج� � ��وز عند الضرورة في حالة التعاقد مع ش� � ��ركات أجنبية أن يلجأ إلى التحكيم‬
‫مب� � ��ا يضمن للجانب الليبي فرضه متكافئة فيه مع حظر االتفاق على محكم فرد‪،‬‬
‫وتأكد ذلك بالئح� � ��ة العقود اإلدارية الصادرة بالقرار رقم (‪ )563‬لس� � ��نة ‪2007‬م‪،‬‬
‫وهي الالئحة النافذة وقد جعل املش� � ��رع الليب� � ��ي مبدأ اللجوء إلى التحكيم الدولي‬
‫في مجال العقود اإلدارية الدولية املتعلقة بالبترول هي الس� � ��بيل الوحيد لتس� � ��وية‬
‫املنازعات التي قد تنش� � ��أ عنها وذلك بإصداره القانون رقم (‪ )25‬لس� � ��نة ‪1955‬م‪،‬‬
‫واش� � ��ترط فيه أن تطبق بش� � ��أن املنازعة أحكام القانون الليبي واملبادىء والقواعد‬
‫املناسبة في القانون الدولي وأن تفسير العقد يكون مبقتضاهما معاً‪.‬‬
‫ومبوجب القانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪2010‬م‪ ،‬بشأن تشجيع االستثمار األجنبي أجاز‬
‫املش� � ��رع الليبي اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود اإلدارية التي تنش� � ��أ بني‬
‫الدولة الليبية واملس� � ��تثمر األجنبي‪ ،‬واش� � ��ترط أن يكون القضاء الليبي هو املختص‬
‫بنظره� � ��ا ما لم يوجد ن� � ��ص في اتفاقية ثنائي� � ��ة أو متعددة األط� � ��راف تكون ليبيا‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪278‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫واملس� � ��تثمر طرفاً فيها تتضمن نصوصاً متعلقة بالصلح أو التحكيم أو وجود اتفاق‬
‫خاص بني ليبيا واملستثمر ينص على شرط التحكيم‪.‬‬
‫وبذلك نكون ق� � ��د أوضحنا التحكيم في مجال العقود اإلدارية ‪-‬داخلياً ودولياً‪-‬‬
‫حس� � ��ب ما ظهر لنا من الفقه والقضاء املقارن وأساسهما من النصوص التشريعية‬
‫ونأمل أن نكون قد وفقنا إلى ذلك‪.‬‬
‫والسالم عليكم‪..‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪279‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫(قائمة املراجع)‬
‫أو ًال‪ :‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬أحم���د أب���و الوفاء ‪ -‬التحكيم االختياري واإلجباري‪ ،‬ط‪ ،4‬منش���أة املعارف باإلس���كندرية‬
‫‪1983‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬أحمد قس� � ��مت اجلداوي ‪ -‬التحكيم في مواجهة االختص� � ��اص القضائي الدولي ‪ -‬دار‬
‫النهضة العربية‪ -‬القاهرة ‪1982‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬حس� � ��ام الدين فتحي ناصف ‪ -‬قابلية محل النزاع للتحكيم في عقود التجارة الدولية ‪-‬‬
‫دار النهضة العربية ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬س� � ��ليمان محمد الطماوي ‪ -‬األس� � ��س العامة للعقود اإلدارية ‪ -‬ط‪ ،2‬دار الفكر العربي‬
‫‪1965‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬د‪ .‬م� � ��ازن ليلو راضي‪ ،‬العق� � ��ود اإلدارية في القانون الليبي واملقارن ‪2002‬م‪ ،‬دار املطبوعات‬
‫اجلامعية‪.‬‬
‫‪ -6‬د‪ .‬عبدالعزيز عبداملنعم خليفة ‪ -‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الداخلية والدولية‬
‫‪ -‬دار الفكر اجلامعي ‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬د‪ .‬هش� � ��ام علي ص� � ��ادق‪ ،‬القانون الواجب التطبيق على عقود التج� � ��ارة الدولية‪ ،‬دار الفكر‬
‫اجلامعي‪ ،‬ط‪ ،1‬س‪2014‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬د‪ .‬عمران علي الس� � ��ائح ‪ -‬القانون الواجب التطبيق على منازعات عقود التجارة الدولية‪،‬‬
‫دراسة في التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دار الكتب الوطنية‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪2012‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬د‪ .‬يسري محمد العصار ‪ -‬التحكيم في املنازعات اإلدارية العقدية وغير العقدية ‪ -‬دراسة‬
‫مقارنة ‪2009 -‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬د‪ .‬عاطف سعد محمد‪ ،‬عقد التوريد بني النظرية والتطبيق ‪ -‬دراسة مقارنة ‪2006 -‬م‪،‬‬
‫مؤسسة الطوبجي للتجارة وللطباعة والنشر‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪280‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -11‬د‪ .‬محمود الس� � ��يد عمر التحيوي ‪ -‬التحكيم بالقضاء والتحكيم مع التفويض بالصلح ‪-‬‬
‫منشأة املعارف باإلسكندرية ‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬د‪ .‬علي عوض حسن ‪ -‬التحكيم االختياري واإلجباري في املنازعات املدنية والتجارية ‪-‬‬
‫دار الفكر اجلامعي ‪2001‬م‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬البحوث‪:‬‬
‫‪ -1‬أ‪ .‬د‪ /‬الكون� � ��ي أعبودة‪ ،‬الدور الفعال للقضاء ف� � ��ي مجال التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مؤمتر‬
‫شرم الشيخ ‪ 28-27‬نوفمبر ‪2012‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬أ‪ .‬مصطف� � ��ى العال� � ��م‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود اإلداري� � ��ة ‪ -‬مجلة احملامي ‪ -‬أكتوبر ‪-‬‬
‫ديسمبر ‪1985‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬أ‪ .‬محمد أمني املهدي ‪ -‬عودة إلى إشكالية التحكيم في منازعات العقود اإلدارية ‪ -‬مجلة‬
‫التحكيم العاملية ‪2013‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬دراس� � ��ة في القانون ش� � ��بكة التواصل االجتماعي فيس بوك‬
‫‪HTTP://www.startime/2T=3486166‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫تنفيذ القرار التحكيمي‬
‫يف‬
‫القانون العراقي‬

‫اعداد املستشار‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬علي فوزي املوسوي‬
‫املستشار في مجلس الدولة‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪283‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫تنفيذ القرار التحگيمي‬
‫في القانون العراقي‬

‫مقدمة‬

‫يعد تنفيذ القرار الصادر من احملكمني من املسائل املعقدة التي تثير اشكاليات‬
‫قانونية داخل الدولة وخارجها قد حظى هذا املوضوع باهتمام على صعيد القوانني‬
‫الداخلية واالتفاقيات الدولية على حد سواء‪.‬‬
‫إن التنفيذ مبعناه اللغوي ينصرف إلى إخراج الشيء من نطاق الفكر إلى مجال‬
‫العم� � ��ل والواقع املادي‪ ،‬أما من الناحية االصطالحي� � ��ة فيقصد به الوفاء بااللتزام‬
‫بحيث تبرأ ذمة املدين منه وهو على نوعني رضائي (اختياري) وجبري (قهري)‪.‬‬
‫ال توجد قواعد منفردة في القانون العراقي لتنفيذ أحكام احملكمني س� � ��وى ما‬
‫ذكره قانون مرافعات املدنية رقم ‪ 83‬لس� � ��نة ‪ 1969‬ضمن الباب املخصص للتحكيم‬
‫واملكون من ‪ 26‬مادة قانونية تبدأ باملادة ‪ 251‬وتنتهي باملادة ‪ 276‬وفي هذا الصدد‬
‫نص قرار محكمة التمييز املرقم ‪/286‬اس� � ��تئنافية ف� � ��ي منقول‪( 2011/‬إن أحكام‬
‫التحكيم التي نص عليها قانون املرافعات املدنية لم تفرق بني التحكيم الذي يجرى‬
‫داخل العراق أو خارجه وأن نص املادة ‪ 253‬من هذا القانون وردت مطلقة واملطلق‬
‫يجري على اطالقه) سنتناول بحث املوضوع من خالل محورين احملور األول يتعلق‬
‫بتنفي� � ��ذ القرار التحكيمي وفقاً للقواعد القانوني� � ��ة النافذة واحملور الثاني التنفيذ‬
‫من خالل االتفاقيات الدولية واإلقليمية التي صادق عليها العراق يس� � ��بقهما فكرة‬
‫عامة عن التنفيذ‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪284‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫احملور األول‪ :‬فكرة عامة عن التفنيذ‪:‬‬

‫إن التنفيذ س� � ��واء كان لقرارات احملاكم أو لقرارات احملكمني له قواعد خاصة‬
‫وأشخاص يتولون القيام به‪.‬‬
‫أشخاص التنفيذ‪:‬‬
‫هما ثالثة أشخاص‪:‬‬
‫‪ -1‬السلطة العامة والتي يكون لها دوران‪.‬‬
‫أ‪ -‬دور املصادقة على القرار‪.‬‬
‫ب‪ -‬دور الفصل في النزاعات املتعلقة بالتنفيذ‪.‬‬
‫‪ -2‬طالب التنفيذ‪.‬‬
‫والذي يشترط فيه شروط إقامة الدعوى من األهلية واملصلحة والصفة‪.‬‬
‫‪ -3‬املطلوب تنفيذ ضده‪.‬‬
‫والذي يشترط فيه شرطان هما الصفة واألهلية‪.‬‬
‫أنظمة التنفيذ‬

‫هناك عدة أنظمة للتنفيذ‪:‬‬


‫نظ� � ��ام رفع دعوى التنفي� � ��ذ (الدول االنكلوسكس� � ��ونيه) ومبوجبه يتم رفع دعوى‬
‫للتنفيذ في احملكمة املختصة‪.‬‬
‫نظام األم� � ��ر بالتنفيذ (هذا معمول فيه في ال� � ��دول الالتينية والعربية) والدول‬
‫التي تتبنى هذا االجتاه تأخذ بنظامني‪:‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪285‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -1‬نظ� � ��ام املراقب� � ��ة ومبوجبه يخضع القرار التحكيم� � ��ي أو القرار األجنبي إلى‬
‫رقابة القاضي الذي يتولى تنفيذه وهذه الرقابة أيضاً تكون على نوعني‪.‬‬
‫أ‪ -‬نظام الرقابة احملدودة الذي يتولى فحص الشروط الشكلية في القرار‪.‬‬
‫ب‪ -‬نظام الرقابة غير احملدودة يكون مبوجبه دور القاضي واس� � ��عاً ويفحص‬
‫القرار من حيث الشكل واملوضوع وفي كل األحوال ال يتعدى دور القاضي‬
‫الرقابة الشبيهة برقابة قاضي محكمة التمييز‪.‬‬
‫‪ -2‬نظ� � ��ام املراجعة ومبوجب� � ��ه يراجع احلكم بكل أوليات� � ��ه ويكون للمحكمة دور‬
‫واس� � ��ع في قبول التنفيذ من عدمه أو أنها حتل محل مصدر القرار وهذا ال‬
‫يؤدي إلى احترام احلقوق املكتسبة‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪286‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫احملور الثاني القواعد الداخلية للتنفيذ في العراق‪:‬‬

‫تق� � ��وم احملاكم في العراق بتبني االجتاه األول باتخاذ نظام املراقبة ولكنها تكون‬
‫مح� � ��دودة إذا تعلق األمر بتنفيذ احلكم األجنبي بالعراق اس� � ��تناداً إلى قانون تنفيذ‬
‫األحكام األجنبية رقم ‪ 30‬لسنة ‪ 1928‬والذي حدد شروطاً لتنفيذ مثل هذا احلكم‬
‫بعد صدوره نهائياً من محكمة أجنبية‪.‬‬
‫‪ -1‬إقامة الدعوى أمام محكمة البراءة إلصدار قرار التنفيذ‪.‬‬
‫‪ -2‬تقدمي نسخة مصدقة من احلكم األجنبي حسب األصول‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يقتصر على املسائل املالية‪.‬‬
‫‪ -4‬أن ال يتعارض مع النظام العام واآلداب في العراق‪.‬‬
‫‪ -5‬استيفاء الرسوم املقررة‪.‬‬
‫بعد توافر هذه الش� � ��روط يقرر القاضي تنفيذ احلك� � ��م األجنبي واملالحظ من‬
‫النصوص الواردة في قانون تنفيذ األحكام األجنبية أن رقابة احملكمة محدودة ولكن‬
‫األمر يكون مختلفاً بالنس� � ��بة لتنفيذ ق� � ��رارات احملكمني فقد أجمع الفقه والقضاء‬
‫عل� � ��ى أن دور احملكمة في مراقب� � ��ة وتصديق قرار التحكيم وه� � ��ل أنه ينصب على‬
‫اإلج� � ��راءات التي تتبعها أم على اإلجراءات وموضوع النزاع فاملش� � ��رع عندما يقرر‬
‫للقضاء س� � ��لطة التحقيق في مطابقة أحكام احملكمني من حيث الش� � ��كل واملوضوع‬
‫إمن� � ��ا يجعل للقض� � ��اء على حكم احملكمني رقابة متاثل رقاب� � ��ة محكمة التمييز وأن‬
‫تكون هذه الرقابة مقيدة باآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬التحقق من سالمة اإلجراءات التي تبعت في التحكيم وعلى األخص مراعاة‬
‫مبدأ املواجهة واملجابهة في التقاضي‪.‬‬
‫‪ -2‬التحقق من س� �ل��امة النتائج التي توصلت إليها هيئ� � ��ة التحكيم في قرارها‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪287‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ومطابقتها ملبادىء القانون األساس� � ��ية وع� � ��دم خروجها على قواعد النظام‬
‫العام واآلداب‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يجوز للمحكمة أن تتطرق ملناقشة املسائل التي يكون فيها للمحكم سلطة‬
‫الترجي� � ��ح والتقرير مثل اس� � ��تخالص الوقائع وترجيح البينات واس� � ��تعمال‬
‫الرخص التي يخولها املشرع للقاضي‪.‬‬
‫أم� � ��ا التحكيم الذي يجرى داخل العراق تكون رقابة احملكمة منبس� � ��طة وممتدة‬
‫بش� � ��كل غير محدود فقد نصت املادة ‪ 274‬من قانون املرافعات املدنية على (يجوز‬
‫احملكمة أن تصدق قرار التحكيم أو تبطله كال أو بعضاً ويجوز لها في حالة االبطال‬
‫كال أو بعض � � �اً أن تعيد القضية إلى احملكمني إلصالح ما ش� � ��اب قرار التحكيم أو‬
‫تفصل في النزاع بنفسها إذا كانت القضية صاحلة للفصل فيها)‪.‬‬
‫تأكي� � ��داً لهذا النص صدرت العديد من قرارات محكمة التمييز االحتادية منها‬
‫القرار (‪/1131‬الهيئة االستئنافية منقول‪ )2008/‬في ‪ 2008/12/21‬وكذلك القرار‬
‫(‪/103‬هيئة املوسعة املدنية‪ )2007/‬في ‪)2007/7/26‬‬
‫يتض� � ��ح من النص املتقدم وق� � ��رارات محكمة التمييز االحتادي� � ��ة آنفة الذكر أن‬
‫الرقابة غير محدودة في مجال القرار التحكيمي وتخالف أهداف الرقابة القضائية‬
‫املتمثلة باآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬حتقق احملكمة من سالمة اجراءات احملكمني‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم مخالفة القرار التحكيمي للنظام العام‪.‬‬
‫‪ -3‬الرقابة القضائية على التحكيم احلر واملؤسس‪.‬‬
‫إن رقابة احملكمة تظهر أيضاً عند الطعن ببطالن القرار التحكيمي وباحلاالت‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪288‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫احمل� � ��ددة على س� � ��بيل احلصر والتي نصت عليها املادة ‪ 273‬م� � ��ن قانون املرافعات‬
‫سواء كان ذلك بطلب من اخلصوم أو من احملكمة من تلقاء نفسها‪.‬‬
‫‪ -1‬إذا كان قرار التحكيم قد صدر بغير بينة حتريرية أو بناء على اتفاق باطل‬
‫أو إذا كان قد خرج عن حدود االتفاق‪.‬‬
‫‪ -2‬مخالفته للنظام العام‪.‬‬
‫‪ -3‬حتقق سبب من أسباب إعادة احملاكمة‪.‬‬
‫‪ -4‬وجود خطأ جوهري في اإلجراءات‪.‬‬
‫هناك حاالت غير منصوص عليها في القانون العراقي ولكن ظهرت من خالل‬
‫التطبيق العملي في احملاكم األجنبية ميكن اعتبارها أسباب موجبة البطال القرار‬
‫التحكيمي‪.‬‬
‫‪ -1‬عدم النزاهة وعدم احلياد يعطي احلق للمحكمة بالتدخل‪.‬‬
‫‪ -2‬الرشوة‪.‬‬
‫‪ -3‬االحتيال بالدليل‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم التسبيب‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم مراعاة املدة احملددة إلصدار القرار التحكيمي‪.‬‬
‫‪ -6‬خرق القانون بعدم مراعاة‪.‬‬
‫أ‪ -‬قانون املنافسة‪.‬‬
‫ب‪ -‬قانون حماية املستهلك‪.‬‬
‫ت‪ -‬الرقابة على الصرف النقدي والتحويالت اخلارجية بعملة مغايره لعملة‬
‫بلد تنفيذ احلكم‪.‬‬
‫ث‪ -‬القيود املفروضة على االستيراد والتصدير‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪289‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫احملور الثالث‪ :‬تنفيذ القرار التحكيمي مبوجب االتفاقيات التي صادق عليها العراق‪:‬‬

‫صادق العراق على بروتوكول جنيف عام ‪ 1923‬والذي تضمن في مادته األولى‬
‫بصحة أي اتفاق في مجال التجارة الدولية س� � ��واء كان بصيغة ش� � ��رط أو مشارطة‬
‫التحكي� � ��م ولكنه قصر الت� � ��زام الدولة باالعتراف بق� � ��رارات التحكيم الداخلية ولم‬
‫يصادق العراق على اتفاقية جنيف لس� � ��نة ‪ 1927‬والتي ألزمت الدول املوقعة على‬
‫البروتوكول والتي صادقت عليها أن تنفيذ أحكام احملكمني األجنبية على أراضيها‬
‫ول� � ��م يص� � ��ادق العراق أيضاً حل� � ��د اآلن على اتفاقية نيويورك لس� � ��نة ‪ 1958‬إال أنه‬
‫صادق على اتفاقية واش� � ��نطن لس� � ��نة ‪ 1965‬املتعلقة باملنازعات االس� � ��تثمارية بني‬
‫رعاية الدول املس� � ��تثمرة والدول املضيفة لالستثمار بالقانون رقم ‪ 64‬لسنة ‪2012‬‬
‫واجلهود ماضية لتش� � ��جيع العراق النضمامه إلى اتفاقية نيويورك ألن عدد الدول‬
‫املوقع� � ��ة عليها جتاوز ‪ 157‬دولة في املجتمع الدولي وهذه االتفاقيات مبجملها لها‬
‫دور كبير في تنفيذ القرار التحكيمي على إقليم الدولة مباش� � ��رة وإلغاء مبا يسمى‬
‫باإلكس� � ��اء املزدوج (نهائية وتصديق القضاء للقرار التحكيمي في البلد الذي صدر‬
‫به ونهائية وتصديق القضاء للقرار التحكيمي في البلد املطلوب التنفيذ فيه)‪.‬‬
‫س� � ��نتناول اتفاقيتني إقليميتني صادق عليهم� � ��ا العراق من خاللهما ميكن تنفيذ‬
‫قرارات احملكمني بش� � ��كل مباش� � ��ر أو غير مباش� � ��ر وهما اتفاقية الرياض للتعاون‬
‫القضائي وتس� � ��ليم املجرمني لعام ‪ 1983‬واتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري‬
‫كما يأتي‪:‬‬
‫اتفاقية الرياض لعام ‪:1983‬‬
‫ه� � ��ذه االتفاقية حتتوي على ‪ 72‬مادة قانونية صادق العراق عليها بالقانون ‪110‬‬
‫لسنة ‪ 1983‬وانضمت إليها ‪ 21‬دولة عربية باستثناء مصر‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪290‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫إن ال� � ��ذي يهمنا من ه� � ��ذه اإلتفاقية هو املتعلق بتنفيذ الق� � ��رار التحكيمي بنص‬
‫امل� � ��ادة ‪ 37‬والت� � ��ي جاء فيها (مع ع� � ��دم اإلخالل بنص املادت� �ي��ن (‪ )28 ،30‬من هذه‬
‫االتفاقي� � ��ة يعترف بأحكام احملكمني وتنفذ لدى أي من األطراف املتعاقدة بالكيفية‬
‫ذاته� � ��ا واملنصوص عليها في هذه الباب مع مراعاة القواعد القانونية لدى الطرف‬
‫املتعاق� � ��د املطلوب التنفيذ لديه‪ ،‬وال يج� � ��وز للهيئة القضائية املختصة لدى الطرف‬
‫املتعاقد املطلوب التنفيذ لديه أن تبحث في موضوع التحكيم وال أن ترفض تنفيذ‬
‫احلكم إال في احلاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان قان� � ��ون الطرف املتعاق� � ��د املطلوب إليه االعتراف أو تنفيذ احلكم ال‬
‫يوجز حل موضوع النزاع عن طريق التحكيم‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا كان حك� � ��م احملكمني صادراً تنفيذاً لش� � ��رط أو لعقد باطل أم لم يصبح‬
‫نهائياً‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا كان احملكم� � ��ون غي� � ��ر مختصني طبقاً لعقد أو ش� � ��رط التحكيم أو طبقاً‬
‫للقانون الذي صدر حكم احملكمني على مقتضاه‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا كان اخلصوم لم يبلغوا باحلضور على الوجهة الصحيح‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا كان في حكم احملكمني ما يخالف محاكم الشريعة اإلسالمية أو النظام‬
‫العام أو اآلداب لدى الطرف املتعاقد املطلوب إليه التنفيذ)‪.‬‬
‫ث� � ��م تكلمت املادة عن اإلج� � ��راءات إذا يتعني على اجلهة الت� � ��ي تطلب االعتراف‬
‫بحك� � ��م احملكمني وتنفيذه أن تق� � ��دم صورة معتمدة من احلكم مصحوبة بش� � ��هادة‬
‫ص� � ��ادرة من اجلهة القضائية تفيد حيازته للقوة التنفيذية وفي حالة وجوب اتفاق‬
‫صحيح مكتوب من قبل األطراف يتم مبوجبه اخلضوع الختصاص احملكمني وذلك‬
‫للفص� � ��ل في نزاع معني أو فيما قد ينش� � ��أ بني الطرفني م� � ��ن منازعات في عالقة‬
‫قانونية معينة يجب تقدمي صورة معتمدة من االتفاق املشار إليه‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪291‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري لعام ‪:1987‬‬
‫احت� � ��وت هذه االتفاقي� � ��ة على ‪ 42‬مادة صادق العراق عليها بالقانون ‪ 86‬لس� � ��نة‬
‫‪ 1988‬وانضم� � ��ت إليها ‪ 14‬دولة عربية‪ ،‬وتعد هذه االتفاقية اتفاقية متخصصة في‬
‫مس� � ��ائل التحكيم التجاري فقد نصت املادة ‪ 2‬منها على (تطبق هذه االتفاقية على‬
‫النزاعات التجارية بني أشخاص طبيعيني أو معنويني أي كانت جنسياتهم يربطهم‬
‫تعام� � ��ل جتاري مع إحدى ال� � ��دول املتعاقدة أو أحد أش� � ��خاصها أو تكون لهم مقار‬
‫رئيس� � ��ية فيها) كما نصت املادة ‪ 35‬على سلطة القضاء بإضفاء الصبغة التنفيذية‬
‫على قرارات هيئة التحكيم من قبل احملكمة العليا والتي يقصد بها محكمة التمييز‬
‫ويجوز رفض األمر بالتنفذ إذا كان القرار التحكيمي مخالفاً للنظام العام وحددت‬
‫امل� � ��ادة ‪ 44‬احلاالت التي يجوز فيها ألي من الطرفني بناءاً على طلب كتابي يوجهة‬
‫إلى رئيس املركز إلبطال القرار التحكيمي إذا توفرت سبب من األسباب اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬إن الهيئة التحكيمية قد جتاوزت اختصاصها بشكل ظاهر‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا ثب� � ��ت بحك� � ��م قضائي وجود واقعة جديدة كان م� � ��ن طبيعتها أن تؤثر في‬
‫القرار التحكيمي تأثيراً جوهرياً‪.‬‬
‫‪ -3‬وقوع تأثير غير مشروع على أحد احملكمني كان له أثراً في القرار‪.‬‬
‫يتضح من العرض املتقدم أن كلتا االتفاقيتني تش� � ��ير إلى إمكانية تنفيذ القرار‬
‫التحكيمي تنفيذاً مباش� � ��راً بني الدول املوقعة عليهم� � ��ا دون احلاجج إلى إجراءات‬
‫معقدة وميكن أيضاً اللجوء إلى أس� � ��لوب التنفيذ غير املباشر باختيار اجلهة طالبة‬
‫التحكيم مكاناً ملركز حتكيمي في إحدى الدول املوقعة على هاتني االتفاقيتني فيما‬
‫إذا ص� � ��در القرار التحكيمي من هذا املرك� � ��ز فإنه ميكن تنفيذه في الدولة األخرى‬
‫املطل� � ��وب تنفيذه القرار التحكيمي على أراضيها تنفيذاً غير مباش� � ��ر‪ ،‬وقد قضت‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪292‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫في هذا الشأن محكمة التمييز االحتادية بالقرار ‪/2438‬استئنافية منقول‪2013/‬‬
‫والذي جاء فيه (ال يصح إقامة الدعوى بش� � ��أن قرار حتكيم أقيمت بش� � ��أنه دعوى‬
‫تصديق أمام احملكمة االبتدائية في دبي كونه حكماً معترفاً به في اتفاقية الرياض‬
‫العربية لتعاون القضائي والتي صادق العراق عليها)‪.‬‬
‫نش� � ��ير أخي� � ��راً إلى أن جمهورية العراق ماضية بش� � ��أن االنضم� � ��ام إلى اتفاقية‬
‫نيوي� � ��ورك لعام ‪ 1958‬وقد أحيل األمر مؤخراً من احلكومة إلى مجلس النواب كما‬
‫وأن اخلطوات تبدو متس� � ��ارعة لتشريع قانون التحكيم التجاري في العراق ومن ثم‬
‫تتهاوى الصعوبات بشأن تنفيذ القرار التحكيمي‪.‬‬
‫نأمل أن تكون هذه الدراسة املوجزة في تنفيذ القرار التحكيمي في العراق ذات‬
‫فائدة علمية ومن الله التوفيق‪.‬‬
‫مع التمنيات بالنجاح والتقدم للجميع‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫ورقة عمل‬

‫التحكيم يف العقود الإدارية‬

‫اعداد وتقدمي‬
‫عبداملنعم القنديل احلسن‬
‫قاضي محكمة االستئناف ‪ -‬اخلرطوم ‪ -‬السودان‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪295‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التعريف بالتحكيم في العقود اإلدارية‬

‫التحكيم عموماً نظام بديل لتسوية املنازعات املدنية والتجارية احمللية والدولية‬
‫كما بعرف بأنه إحدى الطرق البديلة لتس� � ��وية املنازعات حيث أن الطريق األصيل‬
‫هو طريق القضاء‪ ،‬وهذه الطرق البديلة عن القضاء كثيرة منها (التحكيم والصلح‬
‫والتوفيق والوساطة واخلبرة واملساعي احلميدة واإلستشارة واملفاوضة) وكل هذه‬
‫الوسائل تعتبر وس� � ��ائل ودية مخرجاتها غير ملزمة لألطراف بينما يعتبر القضاء‬
‫والتحكيم وس� � ��ائل قضائية تنتهي بصدور أحكام حت� � ��وز حجية األمر املقضي فيه‬
‫وتنفذ بواسطة احملاكم‪.‬‬
‫التحكيم بشكل عام نظام إجرائي مياثل قوانني اإلجراءات أو املرافعات املدنية‬
‫التي تنظم التقاضي أمام احملاكم املدنية والتجارية‪ ،‬كما أن التحكيم كنظام إجرائي‬
‫ال يختلف من دولة ألخرى أو من قواعد دولية إال بالقدر اليسير‪ ،‬االمر الذي جند‬
‫كثي� � ��راً أن األطراف يتفقون على قواعد غير القان� � ��ون الوطني ولم يحظر القانون‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ومع تزايد االهتمام مؤخراً بالتحكيم فإنني أود أن أسلط بعض الضوء في هذه‬
‫الورقة على التحكيم كوس� � ��يلة من وس� � ��ائل الفصل في املنازع� � ��ات املتعلقة بالعقود‬
‫اإلدارية نظراً ألن هذه العقود تعتبر إحدى وس� � ��ائل الدولة في تنفيذ مش� � ��روعاتها‬
‫وبرامجها اإلمنائية‪.‬‬
‫ولذل� � ��ك ال بد من أن نبدأ بتحديد مفه� � ��وم العقد اإلداري ‪Administrative‬‬
‫‪ Contract‬فالعق� � ��د يعتب� � ��ر إدارياً إذا كان أح� � ��د طرفيه ش� � ��خصاً اعتبارياً عاماً‬
‫ال بنش� � ��اط مرفق عام وملحوظ فيه سلطة اإلدارة العامة أي‬ ‫وكان موضوعه متص ً‬
‫احلكومية في اإلش� � ��راف على تنفيذه ومراقبة كيفية سيره مبا لها من سلطة عامة‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪296‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ومتضمناً ش� � ��روطاً غير مألوفه في نطاق العقود اخلاصة وهو ما يعبر عنه فقهاء‬
‫القانون اإلداري بلجوء اإلدارة إلى وسائل القانون العام بوصفها سلطة عامة تتمتع‬
‫بحقوق والتزامات ال يتمتع املتعاقد معها‪.‬‬
‫ومصطلح (العقد اإلداري) هو املصطلح السائد في الدول التي تأخذ مبفاهيم‬
‫النظام القانوني الالتيني مثل القانون الفرنس� � ��ي‪ ،‬أما دول النظام القانوني االجنلو‬
‫سكس� � ��وني فتأخذ مبصطل� � ��ح العق� � ��د احلكوم� � ��ي ‪Government Contract‬‬
‫(وتختلف فلسفة النظامني حول هذه العقود‪ ،‬ففي النظام القانوني الالتيني تسمو‬
‫إرادة الط� � ��رف اإلداري (أي احلكومي)‪ ،‬بينما في النظام االجنلو سكس� � ��وني ليس‬
‫للط� � ��رف احلكومي هذه املي� � ��زة‪ ،‬وهناك فوارق أخرى عديدة بني النظامني لس� � ��نا‬
‫بصدد احلديث عنها‪.‬‬
‫وتتن� � ��وع العقود اإلداري إلى أنواع عديدة منها عق� � ��د التوريد‪ ،‬وعقد التوظيف‪،‬‬
‫وعقد االشغال العامة والتي يكون موضوعها إنشاء اجلسور أو االنفاق أو املطارات‬
‫أو املوان� � ��ىء وغير ذلك من األعمال اإلنش� � ��ائية‪ ،‬وعقد التش� � ��غيل والصيانة وعقد‬
‫استثمار ثروة طبيعية مثل املياه أو النفط أو الغاز أو املعادن‪ ،‬وعقد نقل التكنولوجيا‪،‬‬
‫وغير ذلك من العقود الالزمة لتس� � ��يير املرافق العامة وتنفيذ املشروعات والبرامج‬
‫اإلمنائية‪.‬‬
‫واألصل في العقود اإلدارية أن اخلالفات الناش� � ��ئة عن تنفيذها أو تفس� � ��يرها‬
‫تدخل ضمن اختصاص هيئات القضاء اإلداري‪ ،‬ففي مصر وفرنسا يختص مجلس‬
‫الدولة (وهو هيئة قضائية إدارية) بالفصل في املنازعات املتعلقة بالعقود اإلدارية‪.‬‬
‫وفي اململكة العربية الس� � ��عودية يختص ديوان املظالم كهيئة قضاء إداري بالفصل‬
‫ف� � ��ي العقود التي تكون احلكومة أو أحد الش� � ��خصيات املعنوي� � ��ة العامة طرفاً فيها‬
‫سواء أكانت هذه العقود إدارية أم غير إدارية‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪297‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫واختلف� � ��ت اجتاهات األنظمة القانونية حيال مش� � ��روعية اللج� � ��وء إلى التحكيم‬
‫ف� � ��ي الفصل في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬ففي مص� � ��ر ثار خالف كبير في الفقه‬
‫والقضاء حول مشروعية التحكيم في منازعات هذه العقود إلى أن تدخل املشروع‬
‫للقان� � ��ون رقم ‪1997/9‬م الذي أج� � ��از االتفاق على التحكيم ف� � ��ي منازعات العقود‬
‫اإلدارية شريطة أن يكون هذا االتفاق قد مت مبوافقة الوزير املختص أو من يتولى‬
‫اختصاصه بالنسبة للشخصيات االعتبارية وال يجوز التفويض في ذلك‪.‬‬
‫أما في فرنسا فقد كان محظوراً اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية إال أن‬
‫هذا الوضع قد تعدل مبوجب قانون صدر في ‪1986‬م حيث اقتصر حظر التحكيم‬
‫ف� � ��ي العقود الداخلية مع بعض االس� � ��تثناءات وأجاز التحكيم بش� � ��روط معينة في‬
‫العقود اإلدارية الدولية أي العقود التي تبرم مع مؤسسات وشركات أجنبية‪.‬‬
‫ومن نافلة القول أن التحكيم هو إحدى الوسائل التي تساعد على تشجيع أصحاب‬
‫رؤوس األموال األجنبية لالستثمار في الدول التي تسعى جلذب األموال األجنبية‬
‫لالستثمار على أرضها‪ .‬ألن املستثمر األجنبي يفضل عادة أسلوب التحكيم كوسيلة‬
‫لتس� � ��وية املنازعات ألنه يتوجس خيفة من انحياز القضاء الوطني لدولته ويرى في‬
‫التحكيم وس� � ��يلة محاي� � ��دة تدعو إلى الطمأنينة‪ .‬ولعل أكث� � ��ر عقود الدولة في دول‬
‫العالم الثالث أخذاً بأس� � ��لوب التحكيم كوسيلة لفض املنازعات هي عقود استثمار‬
‫الثروات الطبيعية كالنفط والغاز واملعادن‪ ،‬وعقود اإلنش� � ��اء واإلدارة وحتويل امللكية‬
‫املعروفة اختصاراً باس� � ��م ‪ B.O.T‬وقد استقر أحكام هيئات التحكيم الدولية على‬
‫أن الدولة التي تقبل بشرط التحكيم في العقود التي تبرمها مع أطراف أجنبية ال‬
‫ميكنها التمسك بحصانتها القضائية أمام هيئة التحكيم ألن الدولة بقبولها شرط‬
‫التحكيم تكون قد تنازلت عن حصانتها ومن ثم ال ميكن بعد قبول شرط التحكيم‬
‫وعن� � ��د بدء إجراءاته أن تدف� � ��ع الدولة برد دعوى التحكيم اس� � ��تناداً إلى حصانتها‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪298‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫القضائية ألن هذا يتنافى مع مبدأ حسن النية في تنفيذ االلتزامات الدولية‪ ،‬وهو‬
‫من املبادىء املس� � ��تقرة في املعامالت الدولية‪ ،‬يضاف إلى ذلك أن محاولة التحلل‬
‫من ش� � ��رط التحكيم بع� � ��د االتفاق عليه في العقد املبرم م� � ��ع طرف أجنبي بذريعة‬
‫احلصانه القضائية من ش� � ��أنه أن يهز ثقة املتعاملني مع اجلهات احلكومية ويجعل‬
‫املستثمرين األجانب ميتنعون عن االستثمار في الدولة التي ال حتترم تعهداتها‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فقد اس� � ��تقرت قاعدة في الفق� � ��ه والقضاء الدوليني مفادها‬
‫أن ش� � ��رط التحكيم يبقى س� � ��ارياً ونافذاً بعد إنهاء الدولة للعقد بإرادتها املنفردة‪،‬‬
‫وقد أكدت هذه القاعدة اتفاقية واش� � ��نطن املبرمة سنة ‪1965‬م واخلاصة بتسوية‬
‫منازعات االس� � ��تثمار ب� �ي��ن الدولة ورعايات الدول األخ� � ��رى‪ ،‬حيث نصت املادة ‪25‬‬
‫م� � ��ن هذه االتفاقية عل� � ��ى أنه إذا اتفق األطراف على التحكيم فال يجوز ألي طرف‬
‫أن يس� � ��حب موافقت� � ��ه منفرداً‪ ،‬يضاف إل� � ��ى ذلك أن قرار اجلمعي� � ��ة العامة لألمم‬
‫املتح� � ��دة رقم ‪ 1803‬بتاريخ ‪1962/12/21‬م نص على أنه مع التس� � ��ليم بالس� � ��يادة‬
‫الدائم� � ��ة للش� � ��عوب واألمم على مواردها الطبيعية فإنه يج� � ��ب التأكيد على التزام‬
‫الدول باحترام اتفاقيات التحكيم‪.‬‬
‫وملا كان شرط التحكيم املنصوص عليه في العقد ملزماً لطرفيه‪ ،‬فإن من األفضل‬
‫للجهة احلكومية أال تلتزم مس� � ��بقاً بهذا االلتزام وإمنا تترك موضوع االتفاق على‬
‫التحكيم في املستقبل أي بعد نشوب النزاع‪ ،‬فإن قدرت حينئذ أن املصلحة العامة‬
‫تس� � ��توجب اللجوء إلى التحكيم لتس� � ��وية النزاع أبرمت مع الطرف املتعاقد اتفاقاً‬
‫ال بش� � ��أن التحكيم يسمى في املصطلح القانون باس� � ��م (مشارطة التحكيم)‬‫مستق ً‬
‫متييزاً له عن (شرط التحكيم) الذي يرد في صلب العقد‪.‬‬
‫كم� � ��ا أن التحكيم كنظام إجرائي يصلح لكافة املنازع� � ��ات املدنية والتجارية من‬
‫جتارة‪ ،‬إس� � ��تثمار‪ ،‬بترول‪ ،‬تصنيع‪ ،‬إداري‪ ،‬خدمة وغيرها‪ ،‬غير أن املش� � ��رع الوطني‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪299‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أو الدولي قد يرى أنه من املناس� � ��ب إفراد إج� � ��راءات حتكيم معينة لنزاع ذو طابع‬
‫مع� �ي��ن تقديراً لظروف معينة وتلك اإلجراءات أيضاً ال تختلف كثيراً عن إجراءآت‬
‫التحكيم العادية بل قد تكون موجزة أو مفصلة وعلى س� � ��بيل املثال في الس� � ��ودان‬
‫هنالك قوانني نصت على حل نزاعات بعينها عن طريق التحكيم وحددت إجراءات‬
‫معينة له� � ��ا منها‪ :‬قانون بيع األموال املرهونة للمصارف لس� � ��نة ‪ 1990‬وقانون نزع‬
‫ملكي� � ��ة األرضي لس� � ��نة ‪ 1930‬وقانون العمل لس� � ��نة ‪ 1997‬وهذه القواعد اخلاصة‬
‫بالتحكيم متثل التحكيم اإلجباري‪.‬‬
‫أما في الس� � ��ودان ال يوجد مصطلح للعقود اإلدارية بل يوجد ما يسمى بالعقود‬
‫احلكومية ولربط تسوية املنازعات املتعلقة بها بالتحكيم فلم يصدر في السودان أي‬
‫تشريع ينظم تسوية النزاعات املتعلقة بها عن طريق التحكيم بل ترك ذلك إلتفاق‬
‫الطرفني س� � ��واء جهات حكومية أو حكوم� � ��ة وأفراد‪ ،‬لكن هناك الئحة النائب العام‬
‫(وزير العدل حالياً) للتحكيم بني أجهزة الدولة لسنة ‪ 1981‬وهذه الالئحة صادرة‬
‫مبوجب املاد ‪ 20‬من قانون النائب العام لسنة ‪1981‬م التي نصت على سلطة النائب‬
‫العام في التحكيم بني أجهزة الدولة‪ ،‬من عدد تسع مواد شملت نطاق التطبيق وهو‬
‫أن يطبق على كل نزاع مدني ينشأ بني أجهزة الدولة بعد إحالته للتحكيم بواسطة‬
‫النائب العام من تلقاء نفسه أو بناءاً على طلب أحد طرفي النزاع‪ ،‬كما نصت املادة‬
‫اخلامس� � ��ة في حل النزاع على وجه السرعة دون التقيد بقواعد اإلجراءات املدنية‬
‫إال فيما يتعلق بالضمانات واملبادىء األساسية في التقاضي‪.‬‬
‫أيض � � �اً نصت على مس� � ��ألة الفصل غيابياً في حالة تخل� � ��ف أحد األطراف عن‬
‫حضور اجللس� � ��ة بالرغم من علمه بذلك‪ ،‬في املادة (‪ )9‬نصت على جواز استئناف‬
‫قرار الهيئة للنائب العام خالل شهر من تاريخ صدوره وأن يكون قراره نهائياً واجب‬
‫التنفيذ‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪300‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫نسبة لصدور هذه الالئحة في ظل قانون النائب العام لسنة ‪1981‬م وإلغاء ذلك‬
‫بقانون تنظيم وزارة العدل لسنة ‪1983‬م القانون احلالي وبقاء الالئحة على حالها‬
‫دون تعديل إلى اليوم‪ ،‬ونس� � ��بة للقصور الوارد في الالئحة فقد أصدر وزير العدل‬
‫قراراً في العام ‪ 2014‬بتش� � ��كيل جلنة ملراجع� � ��ة وتعديل الالئحة وقد رفعت اللجنة‬
‫تقريرها للسيد الوزير إال أنه لم يصدر قرار باعتماده حتى اآلن‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪،،،،‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫مشاركة بعنوان‬
‫التحكيم يف العقود الإدارية‬
‫بني املنع واجلواز‬

‫إعداد القاضي‪:‬‬
‫ختار سيد إبراهيم‬

‫رئيس الغرفة اإلدارية باحملكمة العليا‬


‫باجلمهورية اإلسالمية املوريتانية‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪303‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫مقدمة‬
‫عرف التحكيم والتجأ إليه الناس حلل النزاعات التي تنش� � ��أ بينهم في العصور‬
‫القدمية‪ ،‬فقد عرفه الس� � ��ومريون والرومان واليونان من� � ��ذ قرون قبل امليالد‪ ،‬كما‬
‫عرفه العرب في اجلاهلية‪ ،‬وعرفوه بفضل مجيء اإلس� �ل��ام كما عرفته التشريعات‬
‫احلديثة املختلفة أيضاً‪ ،‬مع اختالف في درجات األخذ به‪ ،‬الرتباط ذلك باختالف‬
‫نظام احلكم الس� � ��ائد في الدولة والنظام القانوني املتب� � ��ع فيها‪ .‬وتزايد في اآلونة‬
‫األخيرة اإلقبال على التحكيم كأسلوب حلسم املنازعات اخلاصة الدولية‪ ،‬ال سيما‬
‫م� � ��ن قبل األطراف في العقود املدني� � ��ة والتجارية واإلداري� � ��ة ذات الطابع الدولي‪،‬‬
‫وتعاظم االهتمام به وتنظيمه سواء على صعيد التشريعات الوطنية أو على صعيد‬
‫االتفاقي� � ��ات واملجه� � ��ودات الدولية؛ ويع� � ��زى هذا االجتاه في اختي� � ��ار التحكيم إلى‬
‫م� � ��ا يعرفه عاملنا املعاصر الي� � ��وم من حتوالت اجتماعية واقتصادية تدعو بش� � ��كل‬
‫اس� � ��تعجالي إلى التفكير والبحث في عدة قضايا ذات صلة بهذه التحوالت ومنها‬
‫التفكير في مستقبل العدالة‪ ،‬وتوسيع املنظور إليها‪ ،‬لكي تأخذ بعدا جديداً يتجاوب‬
‫مع االضطرار املتواتر في ارتفاع عدد القضايا والوس� � ��ائل املتاحة لديها‪ ،‬والتفكير‬
‫في إيجاد وس� � ��ائل بديلة لفض املنازعات‪ ،‬رغم ما يكلفه القضاء من سيادة القانون‬
‫وإشاعة الثقة واألمن وحتفيز التنمية واالستثمار‪.‬‬
‫وإذا كان� � ��ت النظري� � ��ة العامة للعقود اإلدارية تعطي لإلدارة عدة س� � ��لطات متثل‬
‫امتيازات لها في مواجهة املتعاقد معها‪ ،‬فقد طرح إشكال بخصوص جواز التحكيم‬
‫في منازعات هذه العقود‪ .‬ومن ثم ظهر تباين في اآلراء الفقهية والقضائية ما بني‬
‫معارض ومؤيد إلى أن تدخل املش� � ��رع في عدة دول وحس� � ��م اخلالف سواء بإجازة‬
‫التحكيم في العقود اإلدارية أو بعدم إجازته؛ وفي الدول التي أجازت تش� � ��ريعاتها‬
‫الوطني� � ��ة اللجوء إلى التحكيم في هذا النوع من العقود‪ ،‬لم تس� � ��تبعد تدخل قضاء‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪304‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫الدولة بصفة نهائية بل يظل رهن إش� � ��ارة أطراف التحكيم وهيئة التحكيم لتذليل‬
‫الصعاب التي قد تعجز هذه األخيرة عن مواجهتها في كل مراحل التحكيم‪ ،‬فكيف‬
‫وق� � ��ف فقهاء القانون من هذه اإلش� � ��كالية؟ وكيف تعامل� � ��ت القوانني معها؟ ذلك ما‬
‫سندرسه من خالل املبحثني التاليني‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪305‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املبحث األول‬
‫القائلون بعدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫إن األصل في التحكيم في العقود اإلدارية في القانون الفرنسي احلظر إال إذا‬
‫نص القانون على إجازته‪.‬‬
‫َف َوفقاً لنص املادة ‪ 2060‬من تقنني املرافعات املدنية الفرنسي املعدلة بقانون رقم‬
‫‪ 626‬ف� � ��ي ‪ 5‬يوليو ‪1972‬م واملع� � ��دل بالقانون الصادر في ‪ 1975/7/9‬فإن التحكيم‬
‫في املنازعات املتعلقة بالوحدات واملؤسس� � ��ات العامة‪ ،‬والتي منها عقودها اإلدارية‬
‫هو احلظر‪.‬‬
‫وهذا األصل باحلظر يس� � ��ري ويش� � ��مل كافة املنازعات التي تكون األش� � ��خاص‬
‫العامة طرفاً فيها حتي ولو تعلق األمر بعقد من عقود اإلدارة‪.‬‬
‫إال أن هذا املنع ليس على إطالقه بل له اس� � ��تثناءات في بعض العقود اإلدارية‪،‬‬
‫ومنها عقود بعض املؤسس� � ��ات الصناعية والتجارية كما في قانون ‪ 9‬لعام ‪1975‬م‪،‬‬
‫وكذل� � ��ك العق� � ��ود اإلدارية املبرمة مع ش� � ��ركات أجنبية‪ .‬فقد نص� � ��ت املادة ‪ 19‬لعام‬
‫‪1986‬م على أنه‪:‬‬
‫«يجوز للدولة والوحدات احمللية واملؤسس� � ��ات العامة ف� � ��ي العقود التي تبرمها‬
‫مع ش� � ��ركات أجنبية إلجناز عمليات تتصل باملصلح� � ��ة العامة إن تضمنت عقودها‬
‫شروط حتكيم لتسوية املنازعات املتصلة بتطبيق وتفسير هذه العقود»‪.‬‬
‫وكذلك العقود املتعلقة بالنقل الداخلي من قبل الشركة الوطنية لسكك احلديد‪،‬‬
‫والذي ينص في مادته اخلامسة والعشرين على أن املؤسسة العامة‪:‬‬
‫«متل� � ��ك أهلية املصاحلة وإب� � ��رام اتفاقيات حتكيم‪ »....‬وكذل� � ��ك قانون ‪1990‬م‬
‫اخلاص بتنظيم مصلحة البريد‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪306‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وف� � ��ي موريتانيا نصت املادة ‪ 8‬من مدونة التحكيم على أنه ال يجوز في احلاالت‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬في املسائل املتعلقة بالنظام العام‪.‬‬
‫‪ -‬في النزاعات املتعلقة بالدولة واملؤسس� � ��ات العمومية واجلماعات احمللية إال‬
‫إذا كان� � ��ت هذه النزاعات ناجتة عن عالق� � ��ات دولية ذات طابع اقتصادي أو‬
‫جتاري أو مالي املنظمة بالفصل الثالث من هذه املدونة‪.‬‬
‫أما في مصر فقبل صدور قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪1994‬م وتعديله بالقانون‬
‫رقم ‪ 9‬لس� � ��نة ‪1997‬م املنش� � ��ور باجلريدة الرس� � ��مية العدد ‪ 20‬في ‪1997/5/15‬م‪،‬‬
‫والذي حس� � ��م مس� � ��ألة جلوء اجلهات اإلدارية إلى التحكيم ف� � ��ي العقود اإلدارية‪،‬‬
‫ف� � ��إن النصوص القانونية املتعلقة بالقانون اإلداري لم تتعرض ملوضوع التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية منعاً أو حظراً‪.‬‬
‫كم� � ��ا أن نصوص القانون املدني لم تبني حكم اللج� � ��وء إلى التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية باعتباره الش� � ��ريعة العامة لفروع القان� � ��ون األخرى‪ .‬ففي قانون املرافعات‬
‫املدنية والتجارية رقم ‪ 13‬لس� � ��نة ‪1968‬م الذي نظم موضوع التحكيم‪ ،‬وكذلك في‬
‫قان� � ��ون التحكيم رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪1994‬م‪ ،‬والذي ألغى املواد م� � ��ن ‪ 501‬وحتى ‪513‬‬
‫اخلاصة بالتحكيم في قانون املرافعات املدنية والتجارية‪ ،‬لم توضح موقف القانون‬
‫املصري في موضوع التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫فالقانون املصري قد خال قبل قانون ‪1997‬م من أي نصوص صريحة في مجال‬
‫املنازعات اإلدارية‪.‬‬
‫ل� � ��ذا صار االختالف في أح� � ��كام القضاء املصري الع� � ��ام والقضاء اإلداري في‬
‫مسألة اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪307‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أما ف� � ��ي لبنان فإن األصل هو حظر اللجوء إل� � ��ى التحكيم في العقود اإلدارية‪،‬‬
‫إال أن هناك اس� � ��تثناءات من هذا احلظر‪ ،‬كما هو الش� � ��أن في القانون الفرنس� � ��ي‪،‬‬
‫فالقان� � ��ون اللبنان� � ��ي يجيز اللجوء إل� � ��ى التحكيم في العقود اإلداري� � ��ة التي تبرمها‬
‫املؤسسات العامة الصناعية والتجارية‪.‬‬
‫أم� � ��ا القانون التونس� � ��ي واجلزائري فقد حظ� � ��راً اللجوء للتحكي� � ��م في العقود‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫وكذل� � ��ك احلال في املغرب حيث نص الفصل ‪ 306‬من قانون املس� � ��طرة الصادر‬
‫بتاريخ ‪1994/9/18‬م على‪:‬‬
‫«غير أنه ال ميكن االتفاق عليه في املس� � ��ائل الت� � ��ي متس النظام العام‪ ،‬وخاصة‬
‫النزاعات املتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام»‪.‬‬
‫أما في بلجيكا‪ ،‬فقد منع القانون البلجيكي جلوء اجلهات اإلدارية إلى التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية‪ ،‬فاملادة ‪ 1676‬من القانون القضائي البلجيكي الصادر ‪1972‬م‬
‫نصت على‪:‬‬
‫«منع الدولة وس� � ��ائر األش� � ��خاص املعنوية العموميني اللجوء إلى التحكيم ما لم‬
‫يكن يوجد نص قانوني خاص يسمح بذلك أو معاهدة دولية جتيز ذلك»‪.‬‬
‫وق� � ��د أخذ برأي عدم صحة اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية بعض دول‬
‫أمريكا الالتينية وأوروبا الشرقية كاألرجنتني ويوغوسالفيا وبلغاريا‪.‬‬
‫هذا من جانب التشريع أما اجلانب القضائي فقد استقر القضاء الفرنسي على‬
‫ا بطالناً مطلقاً لتعلقه بالنظام‬
‫اعتبار ش� � ��رط التحكيم في العقود الداخلية باط� �ل � ً‬
‫العام وميتد البطالن كذلك إلى مشارطة التحكيم‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪308‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وقد فرقت أحكام القضاء الفرنس� � ��ي بني التحكيم في العقود اإلدارية الداخلية‬
‫والعقود الدولية فحظرت اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية الداخلية‪.‬‬
‫أم� � ��ا القضاء اإلداري الفرنس� � ��ي فإن� � ��ه اعتنق الرأي القائل بحظ� � ��ر اللجوء إلى‬
‫التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫ويعتبر القضاء اإلداري الفرنسي رائد االجتاه املعارض في اللجوء إلى التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية‪ ،‬وهذا احلظر مقرر من قبل مجلس الدولة منذ وقت طويل‪.‬‬
‫وقد بني حكم صادر من مجلس الدولة الفرنس� � ��ي س� � ��بب احلظر حيث ذكر أن‬
‫الوزراء ال يس� � ��تطيعون اللجوء إلى التحكيم حلل املس� � ��ائل املتنازع عليها‪ ،‬ألن هذا‬
‫العمل محظور عليهم مبقتضى نصوص املادتني ‪ 1004‬و ‪ 83‬من قانون اإلجراءات‬
‫املدني� � ��ة‪ ،‬كما ذكر مجلس الدولة س� � ��بباً آخر وهو نق� � ��ص أهلية اجلهة اإلدارية إلى‬
‫إبرام اتفاق التحكيم‪.‬‬
‫كما حكم مجلس الدولة الفرنس� � ��ي ببطالن ش� � ��رط التحكيم في عقد أش� � ��غال‬
‫عامة أُبْ ِر َم بني ش� � ��ركة خاصة صاحبة امتياز في مجال الطرق السريعة ومجموعة‬
‫مشروعات‪.‬‬
‫أم� � ��ا في مصر فقد ع� � ��رض على القضاء املصري مس� � ��ألة التحكيم في العقود‬
‫اإلداري� � ��ة لدى محكمة القضاء اإلداري في القضية رقم ‪ 486‬لس� � ��نة ‪ 38‬ق ‪ -‬قبل‬
‫صدور قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪1994‬م وتعديله بالقانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪1997‬م‬
‫الذي حس� � ��م مس� � ��ألة جلوء اجلهات اإلدارية إلى التحكيم ف� � ��ي العقود اإلدارية ‪-‬‬
‫فقررت احملكم� � ��ة في حكمها الصادر بتاري� � ��خ ‪1986/5/18‬م جواز جلوء اجلهات‬
‫اإلدارية للتحكيم لفض منازعاتها املتعلقة بالعقود اإلدارية‪.‬‬
‫وكانت دعوى أقيمت بخصوص عقد مبرم بني وزارة اإلسكان والتعمير والشركة‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪309‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ضبة املقطم‬
‫املصرية للمساهمة للتعمير واإلنشاءات السياحية بشأن عقد امتياز َه ْ‬
‫ونص العقد في البند اخلامس منه على‪:‬‬
‫«إن أي خ� �ل��اف بني الطرفني على تفس� � ��ير العقد أو تنفي� � ��ذه‪ ...‬يفصل فيه عن‬
‫طري� � ��ق التحكيم ‪ ،»...‬وعندما طلبت الش� � ��ركة إحالة النزاع إل� � ��ى التحكيم امتنعت‬
‫وزارة اإلسكان‪.‬‬
‫وقد أقامت الش� � ��ركة دعوى أمام محكمة القض� � ��اء اإلداري تطلب وقف القرار‬
‫الس� � ��لبي باالمتناع عن إحالة النزاع إلى التحكيم فأجابت محكمة القضاء اإلداري‬
‫طلب الش� � ��ركة بتاريخ ‪1986/5/18‬م‪ ،‬إال أن إدارة قضايا الدولة طعنت في احلكم‬
‫أمام احملكمة اإلدارية العليا التي قررت في حكمها الصادر في جلسة ‪1990/2/20‬م‬
‫عدم جواز التجاء اجلهات اإلدارية في العقود اإلدارية إلى التحكيم‪ ،‬وس � � � َّببت املنع‬
‫أن االتفاق على التحكيم ال يجوز أن يسلب اختصاص محاكم مجلس الدولة املقرر‬
‫باملادة العاش� � ��رة من القانون رقم ‪ 47‬لس� � ��نة ‪1972‬م‪ ،‬وإن اتفاق التحكيم يجب أ ّالَ‬
‫يه� � ��دم خصائص العقد اإلداري وال يزيل اختصاص مجلس الدولة بنظر املنازعات‬
‫املتعلقة بذلك العقد‪.‬‬
‫وفي لبنان قضى مجلس شورى الدولة اللبناني بعدم صحة التحكيم في قضايا‬
‫اإلدارات العامة؛ ألن التحكيم يفترض بحد ذاته تنازال مسبقاً من اإلدارة عن بعض‬
‫حقوقها‪ ،‬أو التس� � ��ليم مقدماً للخصم بحقوق ق� � ��د ال يكون لها نصيب من الصحة‪،‬‬
‫وهذا يحظره القانون على الدوائر العامة‪.‬‬
‫ويتفق قاضي القضايا اإلدارية في لبنان مع اآلراء التي تصدرها هيئة التشريع‬
‫واالستش� � ��ارات في وزارة العدل اللبنانية على عدم صحة اللجوء إلى التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية‪.‬‬
‫وفي تونس فإن القضاء انتهى كذلك إلى حظر التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪310‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املبحث الثاني‬
‫القائلون بجواز التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫ذهب عدد من فقهاء القانون في فرنس� � ��ا إلى القول بجواز التحكيم في العقود‬
‫اإلداري� � ��ة وانتقدوا ال� � ��رأي القائل بعدم ج� � ��واز االلتجاء إلى التحكي� � ��م في العقود‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫ومن أولئك املؤيدين جلواز التحكيم في العقود اإلدارية األستاذ «شارل جارسو»‬
‫الذي انتقد حجج منع التحكيم وس� � ��بب ذلك وجود غموض وعدم وضوح يدعو إلى‬
‫األسس لتعارضها مع بعضها وضعفها وكونها ليست قانونية؟ وذهب رأي آخر إلى‬
‫أن مجلس الدولة الفرنسي يطبق احلظر دون نص‪.‬‬
‫وإزاء وجود انتقادات موجهة إلى ما هو مس� � ��تقر في القضاء الفرنسي من منع‬
‫اللج� � ��وء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬فإن عدداً من فقهاء القانون الفرنس� � ��ي‬
‫يأملون تطور موقف مجلس الدولة الفرنسي في هذا املوضوع‪ .‬أما في مصر فقد‬
‫ذهب بعض فقهاء القانون قبل صدور قانون رقم ‪ 9‬سنة ‪ 1997‬إلى جواز التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية‪ ،‬وأن أصل اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية هو اجلواز»‬
‫وأن االس� � ��تثناء هو احلظر بنص خاص أو اتفاق األطراف؛ بناء على املادة ‪ 58‬من‬
‫قان� � ��ون اإلجراءات املدنية التي تنص على أنه «ال يجوز ألية وزارة أو هيئة عامة أو‬
‫مصلح� � ��ة من مصالح الدول� � ��ة أن تبرم أو تقبل أو جتيز أي عقد أو صلح أو حتكيم‬
‫أو تنفيذ قرار محكمني في مادة تزيد قيمتها على خمسة آالف جنيه بغير استيفاء‬
‫اإلدارة املختصة وجه االستشهاد»‪.‬‬
‫م� � ��ن هذه املادة يتضح أن القانون قيد التحكيم في العقود اإلدارية إذا كان يزيد‬
‫عن خمس� � ��ة آالف جنيه بشرط استيفاء إدارة الفتوى املختصة مبجلس الدولة قبل‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪311‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫إب� � ��رام التحكيم ولو كان التحكيم غير جائز ملا وضع القانون هذا الش� � ��رط؛ وبهذا‬
‫الرأي أخذ قلة من الفقهاء بالقانون‪.‬‬
‫ويس� � ��تند اجلانب املؤيد جلواز التحكيم في العقود اإلدارية إلى عدة أدلة منها‪:‬‬
‫أن املنازعات في مج� � ��ال العقد اإلداري بطبيعتها مثلها مثل غيرها من املنازعات؛‬
‫ويجي� � ��ز كل من القان� � ��ون املدني والتجاري االتفاق على االلتج� � ��اء إلى التحكيم ولم‬
‫يصدر نص صريح يحظر على اجلهات اإلدارية عملية اللجوء إلى التحكيم ومن ثم‬
‫ال يجوز تقييد النص أو تخصيصه بغير موجب‪.‬‬
‫االتفاقي� � ��ات الدولية كجزء من النظام القانوني للدولة جتيز للدولة وأش� � ��خاص‬
‫القانون العام االلتجاء إلى التحكيم‪ ،‬كما أن انضمام العديد من الدول إلى العديد‬
‫م� � ��ن االتفاقيات الدولية كاتفاقية نيويورك لس� � ��نة ‪ 1958‬بش� � ��أن االعتراف وتنفيذ‬
‫أحكام احملكم� �ي��ن األجنبية؛ وكذا القان� � ��ون النموذجي للتحكي� � ��م التجاري الدولي‬
‫(االونس� � ��يترال ‪ ) UN Citral -‬الذي يتناول جميع مراحل عملية التحكيم بدءاً من‬
‫اتف� � ��اق التحكيم إلى إصدار قرار التحكي� � ��م واالعتراف به وتنفيذه والذي يعبر عن‬
‫توافق اآلراء في العالم بأن ممارسات التحكيم الدولي واملنازعات الهامة املرتبطة‬
‫ب� � ��ه‪ ،‬وغير ذلك من االتفاقيات األخرى التي يصدر بها تش� � ��ريع يقرها فتصبح من‬
‫القوانني السارية املفعول الواجبة النفاذ‪ ،‬وهو األمر الذي يؤكد جواز التجاء اإلدارة‬
‫في منازعات العقد اإلداري إلى التحكيم سواء كان محلياً أو دولياً‪.‬‬
‫ويج� � ��د هذا االجتاه تأييداً كبي� � ��راً من الفقه والقضاء ف� � ��ي مواجهة املعارضني‬
‫مستندين في ذلك إلى األسباب التالية‪:‬‬
‫< أن التحكيم جائز وفقاً لقانون املرافعات املدنية والتجارية ألنه لم يوجد نص‬
‫صري� � ��ح يحظر على اجلهات اإلدارية االتفاق على التحكيم‪ ،‬ومن ثم ال يجوز‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪312‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫افت� � ��راض احلظر بغير موجب أو نص قانوني كم� � ��ا أن قانون مجلس الدولة‬
‫الصادر برقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬قد أورد باملادة ‪ 58‬منه ما يقطع صراحة بجواز‬
‫التج� � ��اء اإلدارة إلى التحكيم في منازعاتها العقدي� � ��ة مدنية كانت أو إدارية‪،‬‬
‫حيث ألزمت الفقرة الثالثة من هذه املادة الوزارات والهيآت العامة بإبرام أو‬
‫تقبل أو إجازة أي عقد صلح أو حتكيم أو تنفيذ قرار محكمني في مادة تقل‬
‫قيمتها على خمس� � ��ة آالف جنيه بغير استفتاء إدارة الفتوى مبجلس الدولة‪،‬‬
‫وهي ما تكشف اجتاه املشرع إلجازة هذا الشرط في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫< أن نص املادة العاش� � ��رة من قانون مجلس الدولة املصري لم تستبعد إمكانية‬
‫اللج� � ��وء إلى التحكيم‪ ،‬إمن� � ��ا كان القصد منها اس� � ��تبعاد اختصاص القضاء‬
‫العادي لهذه النوعية من املنازعات‪ ،‬ألن الوضعية السابقة على وجود مجلس‬
‫الدول� � ��ة كانت تعطي حملاكم القضاء العادي احلق في نظر املنازعات املتعلقة‬
‫بالعقود اإلدارية‪.‬‬
‫< إن انضم� � ��ام مصر للعدي� � ��د من االتفاقيات الدولية الت� � ��ي جتيز االتفاق على‬
‫التحكيم للدولة وأش� � ��خاص القانون العام‪ ،‬تعد مبثاب� � ��ة املوافقة الكاملة من‬
‫املش� � ��رع على عدم تقييد أش� � ��خاص القانون العام على االتفاق على التحكيم‬
‫ف� � ��ي العقود اإلدارية‪ ،‬مثل اتفاقية نيويورك بش� � ��أن تنفيذ األحكام األجنبية‪،‬‬
‫وكذا القانون النموذجي والقواع� � ��د املوحدة لألمم املتحدة ‪UNCITRQl‬‬
‫بش� � ��أن التحكيم‪ ،‬وه� � ��و األمر الذي يؤكد جواز التحكي� � ��م في العقود اإلدارية‬
‫سواء على الصعيد الدولي أو احمللي‪.‬‬
‫< اجت� � ��اه اجلمعية العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتش� � ��ريع بج� � ��واز التحكيم في‬
‫منازعات العقود اإلدارية في الفتوى الصادرة منها بجلسة ‪.1989/5/17‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪313‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫< باإلضاف� � ��ة إلى هذا االجتاه األخير حاول املش� � ��رع أن يدلي بدلوه في اجلدل‬
‫الدائر حول جواز اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬خاصة‬
‫بعد أن تدخل بنصوص وذلك مبوجب القانون رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ 1994‬بش� � ��أن‬
‫التحكي� � ��م في املواد املدنية والتجاري� � ��ة والذي نص في مادته األولى على أنه‬
‫تسري أحكام هذا القانون على كل حتكيم بني أطراف من أشخاص القانون‬
‫العام أو القانون اخلاص أيا كانت طبيعة العالقات القانونية التي يدور حولها‬
‫الن� � ��زاع‪ ،‬إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر أو كان التحكيم جتارياً دولياً‬
‫يجري في اخلارج أو اتفق األطراف على إخضاع التحكيم لهذا القانون‪.‬‬
‫وق� � ��د ظ� � ��ن البعض أن هذه املادة قد قفلت الباب أمام اجلدل بإباحتها لش� � ��رط‬
‫التحكي� � ��م في العقود اإلدارية‪ ،‬لكن س� � ��رعان ما جتدد اجل� � ��دل بعد فتوى اجلمعية‬
‫العمومية لقس� � ��مي الفتوى والتشريع مبجلس الدولة التي رفضت االعتراف بجواز‬
‫االتفاق على التحكيم في العقود اإلدارية في الفتوى الصادرة في ‪ ،1994/2/22‬مما‬
‫حدا باملش� � ��رع إلى التصدي مرة أخرى ملسألة التحكيم في العقود اإلدارية وأصدر‬
‫القانون رقم ‪ 9‬لس� � ��نة ‪ 1997‬بتعديل بع� � ��ض أحكام قانون التحكيم رقم ‪،1994/27‬‬
‫وذلك بإضافة الفقرة الثانية من املادة األولى‪ ،‬والتي جاء نصها كما يلي‪:‬‬
‫«بالنس� � ��بة إلى منازع� � ��ات العقود اإلدارية يكون االتف� � ��اق على التحكيم مبوافقة‬
‫الوزير املختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة لألشخاص االعتبارية العامة وال‬
‫يجوز التفويض في ذلك»‪.‬‬
‫وبهذا أغلق املش� � ��رع املصري الباب أمام أي جدل يثور حول مدى جواز االتفاق‬
‫على التحكيم في العقود اإلدارية بالنص على جواز ذلك سواء أكان التحكيم داخلياً‬
‫أو خارجياً‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫التحكيم‬
‫يف العقود الإدارية‬

‫إعداد‬
‫جمعه عبدالله املوسى‬
‫القاضي مبحكمة االستئناف العليا املدنية‬
‫رئيس احملكمة العليا اإلدارية‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪317‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املبحث األول‬
‫التطور التشريعي للتحكيم‬
‫يعد التحكيم نوعاً من القضاء اإلختياري‪ ،‬وقبل ظهور الدولة احلديثة واستقرار‬
‫مؤسس� � ��اتها كان التحكيم بشكله البدائي هو الوسيلة املعتمدة لفض املنازعات بني‬
‫اخلصوم(‪ ،)1‬وكانت اإلجراءات التحكيمية بس� � ��يطة وبدائي� � ��ة‪ ،‬وكان تنفيذ التحكيم‬
‫اختياري � � �اً أيضاً فرضته ظروف احلياة في الصحراء قبل اإلس� �ل��ام‪ ،‬والتي تركزت‬
‫على مبدأ االنتقام الش� � ��خصي‪ ،‬حيث لم يكن هناك س� � ��لطة مركزية حلفظ النظام‬
‫وحماي� � ��ة احلقوق‪ ،‬وكانت العادات والقواعد القبلية ه� � ��ي املعتمدة كمرجع‪ ،‬وكانت‬
‫السلطة تتمركز في يد شيـوخ القبيلة‪.‬‬
‫فقد مت اللجوء إلى التحكيم قبل اللجوء للقضاء ألن األفراد واجلماعات ظهرت‬
‫قبل تكوي� � ��ن الدولة والتي انبثق عنها بعد تطور الحق لس� � ��لطة القضاء‪ ،‬ولذا فقد‬
‫مت اللجوء إليه س� � ��واء للفصل في املنازعات التي تنش� � ��ب بني األفراد الطبيعيني أو‬
‫املعنويني في إطار القانون الداخلي أو للفصل في املنازعات بني أشخاص القانون‬
‫الدولي‪ ،‬وإذا كان التحكيم الدولي لم يتم اللجوء إليه بكثرة لتسوية املنازعات الدولية‬
‫إال أنه قد مت اللجوء إليه للفصل في املنازعات التي تتصف بطبيعتها الفنية والتي‬
‫يتطلب في تكوين اجلهاز احملكم أش� � ��خاصاً ذوي خبرات معينة فنية أو اقتصادية‬
‫أو علمي� � ��ة أو مالي� � ��ة أو جغرافية‪...‬إلخ‪ ،‬وكذلك فيما يتعل� � ��ق باملنازعات اإلقليمية‬
‫(خصوص � � �اً احلدود بني الدول س� � ��واء كانت برية أو بحري� � ��ة أو جوية)‪ ،‬وخصوصاً‬
‫فيما يتعلق مبنازعات االستثمار‪ ،‬أو امتيازات استغالل الثروات الطبيعية لبلد ما‪،‬‬
‫أو فيم� � ��ا يتعلق مبنازعات التجارة الدولية‪ ،‬أو تل� � ��ك املنازعات اخلاصة بالبيئة‪ ،‬أو‬
‫(‪ )1‬يحي� � ��ى اجلمل‪ :‬اختيار احملكمني‪ ،‬بحث مقدم إلى مؤمتر الكوي� � ��ت للتحكيم التجاري‪ ،‬الكويت‪ ،‬مطبوعات‬
‫وزارة العدل‪ ،1997 ،‬ص‪.14‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪318‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التأميم‪ ،‬ومن ثم فإن الناحية الهيكلية لتنظيم التحكيم ما زالت في مراحلها األولى‬
‫على الصعيد الدولي‪.‬‬
‫وإذا كان مؤمت� � ��ر الهاي العام ‪1899‬م قد قرر إنش� � ��اء احملكمة الدائمة للتحكيم‬
‫فإن ذلك ال يعد س� � ��وى قائمة تضم األشخاص والذين تعينهم حكوماتهم مستعدون‬
‫للقيام بوظيفة التحكيم متى متت املوافقة من أطراف النزاع على ذلك(‪.)1‬‬
‫وملا كانت الدول اآلخذة في النمو تقوم بطلب االحتياجات الرأس� � ��مالية‪ ،‬والفنية‬
‫نظراً للحاجة الكبيرة جداً لذلك‪ ،‬واملاسة لها من مصادر أجنبية نظراً لعدم قدرتها‬
‫في الوقت احلاضر على توفيرها من املوارد احمللية (‪ )2‬فقد أحوجها ذلك للتعاقد مع‬
‫طرف أجنبي غالباً ما يكون مستثمراً طبيعياً أودولة مع طول إجراءات القضاء وعند‬
‫ح� � ��دوث خالف أونزاع حاولت اللجوء إلى قضائه� � ��ا الوطني لفض النزاعات‪ ،‬األمر‬
‫الذي أدى إلى ضعف ثقة املستثمرين األجانب في الوسائل الداخلية لفض املنازعات‬
‫في الدول املضيفة‪ ،‬ونظراً الس� � ��تحالة مثول الفرد وبصفته الشخصية أمام احملاكم‬
‫القضائي� � ��ة الدولية‪ ،‬أدى ذلك إلى قناعة كثير من ال� � ��دول بضرورة وفائدة التحكيم‬
‫كوس� � ��يلة بديلة للفصل في املنازعات االس� � ��تثمارية‪ ،‬ولقد اتبعت هذا اإلجراء بقبول‬
‫منها‪ ،‬ومن ثم فإن األخذ بنظام التحكيم كوسيلة لتسوية املنازعات بني الدول املضيفة‬
‫واملس� � ��تثمر األجنبي دون تدخل دولة جنسيته تطوراً حديثاً وهاماً في وسائل فصل‬
‫املنازعات أس� � ��هم ذلك ‪-‬خالل القرن احلالي‪ -‬في تدفق االستثمار األجنبي وتزايد‬
‫اتفاقيات التنمية االقتصادية والتوسع في حجم املبادالت التجارية الدولية (‪.)3‬‬
‫(‪ )1‬أحمد أبو الوفا‪ :‬العالقات الدولية (دراسة لبعض جوانبها القنونية)‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،1999 ،‬‬
‫ص‪.400‬‬
‫(‪ )2‬عصام الدين مصطفى بس� � ��يم‪ :‬النظام القانون لالس� � ��تثمارات اخلاصة في الدول اآلخذة في النمو‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1972 ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )3‬أحمد عبد احلميد عش� � ��وش‪ :‬التحكيم كوس� � ��يلة لفض املنازعات في مجال االس� � ��تثمار‪ ،‬مؤسس� � ��ة شباب‬
‫اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1990 ،‬ص‪ 3‬وما بعدها‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪319‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ولقد اهتم املجتم� � ��ع الدولي بتنظيم التحكيم في العالقات االقتصادية الدولية‬
‫فظهر ذلك االهتمام منذ نهاية احلرب العاملية األولى‪ ،‬حيث توصلت جهود عصبة‬
‫األمم على وثيقتني أساسيتني‪:‬‬
‫بروتوك� � ��ول جنيف لعام ‪ 1923‬بش� � ��أن ش� � ��روط التحكيم‪ ،‬واتفاقي� � ��ة جنيف لعام‬
‫‪ 1927‬اخلاصة بتنفيذ أحكام التحكيم‪ ،‬وكان هدفها إيجاد أس� � ��اس قانوني إلعالء‬
‫اتفاقي� � ��ات وأحكام التحكيم عل� � ��ى النصوص القانونية الوطني� � ��ة‪ ،‬وفي عهد األمم‬
‫املتح� � ��دة مت إبرام اتفاقية نيويورك لعام ‪1985‬بش� � ��أن (االعت� � ��راف‪ ،‬وتنفيذ أحكام‬
‫التحكيم األجنبية)‪ ،‬وتعد تلك خطوة أخرى في س� � ��بيل تقنني القواعد الدولية التي‬
‫حتكم تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية‪ ،‬كما مت إبرام معاهدة واشنطن إلنشاء املركز‬
‫الدول� � ��ي لفض املنازعات الناش� � ��ئة عن االس� � ��تثمار في ‪ 18‬م� � ��ارس ‪ ،1965‬كما مت‬
‫إع� � ��داد قواعد للتحكيم الدولي والتي قامت به جلنة األمم املتحدة لقانون التجارة‬
‫الدولي وحتمل اس� � ��مها (يونس� � ��يترال‪ ،)Umcitral-‬كما مت إقرارها من اجلمعية‬
‫العامة لألمم املتحدة مبوج� � ��ب القرار رقم ‪ 98‬للدورة احلادية والثالثني في تاريخ‬
‫‪ 15‬ديسمبر عام ‪.1976‬‬
‫كما مت إنش� � ��اء مراكز التحكيم الدائمة سواء كانت على املستوى الوطني أو على‬
‫املس� � ��توى الدولي أو على املس� � ��توى اإلقليمي‪ ،‬وذلك إلى جانب التنظيمات الوطنية‬
‫والتنظيمات الدولية كما يتسم كل مركز من هذه املراكز بنظامه اخلاص سواء كان‬
‫ذلك في اختيار احملكمني‪ ،‬أو في اإلجراءات الواجبة االتباع أمام احملاكم(‪.)1‬‬
‫ث� � ��م أن التط� � ��ورات االقتصادية املعاصرة وما فرضته في االجتاه نحو تش� � ��جيع‬
‫االس� � ��تثمارات األجنبية في العالم من الدول املتقدمة‪ ،‬والدول النامية وما مت حله‬
‫(‪ )1‬مصطفى محمد اجلمال‪ ،‬عكاش� � ��ة محمد عبد العال‪ :‬التحكيم في العالقات اخلاصة الدولية والداخلية‪،‬‬
‫بدون ناشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1998 ،‬ص‪ 8‬وما بعدها‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪320‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫من منازعات استثمارية بوسيلة التحكيم‪ ،‬أدى ذلك إلى اعتبار أكثر الوسائل انتشاراً‬
‫ومالئمة لتس� � ��وية منازعات التجارة الدولي� � ��ة ذلك دون النظر إلى قضاء الدولة إن‬
‫كان يتمتع أو ال يتمتع باالستقاللية في مواجهة السلطة السياسية فيما يخص تلك‬
‫املنازعات‪ ،‬وإن كان هناك محاكم قضائية متخصصة في مجال االستثمار وشئونه‬
‫وغيره� � ��ا من مجاالت التجارة الدولية وتعقيداتها أم ال وإن كانت الس� � ��رعة أو قلة‬
‫التكالي� � ��ف في التحكيم واقعية أو ال‪ ،‬ال يوج� � ��د كل منها غالباً مبعظم األحيان‪ ،‬إال‬
‫أن وس� � ��يلة التحكيم وس� � ��يلة واقعية مقنعة وتظل هي الوسيلة األهم من وجهة نظر‬
‫املستثمر األجنبي وذلك للفصل في املنازعات ذات الطابع الدولي (‪.)1‬‬
‫ونتيج� � ��ة لصدور العديد من القوانني ف� � ��ي العديد من دول العالم الثالث تضمن‬
‫مزايا وضمانات تكفل تش� � ��جيع االس� � ��تثمار األجنبي وجتذب� � ��ه‪ ،‬وفي حني أن تلك‬
‫النصوص والتي يتم وضعها من قبل الدولة املضيفة ليست إال مجرد وعود بالنسبة‬
‫للدولة وللمستثمر األجنبي املتعاقد معها‪ ،‬وذلك نتيجة عدم وجود الوسيلة الفعالة‬
‫كالتحكي� � ��م الدولي وال� � ��ذي يكون له القدرة على مراقبة تنفيذها واإلش� � ��راف على‬
‫تطبيقه� � ��ا‪ ،‬وكذلك إجب� � ��ار الدولة املضيفة عند االقتضاء عل� � ��ى احترام ما تعهدت‬
‫به وتل� � ��ك االعتبارات والتي اس� � ��تنفذت جهوداً فقهية ومب� � ��ادرات قضائية توجتها‬
‫اتفاقيات دولية وتهدف إلى إرس� � ��اء الكثير م� � ��ن املبادىء الضرورية والفعالة والتي‬
‫متكن وتضمن إجناح هذه الوس� � ��يلة القضائية خاصة فيما يتعلق بوجود الدولة أو‬
‫أشخاص القانون العام االعتبارية األخرى طرفاً في اتفاقيات التحكيم(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬عبدالعزي� � ��ز س� � ��عد يحيى النعماني‪ :‬املركز القانوني للمس� � ��تثمر األجنبي في اليم� � ��ن ومصر‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2002 ،‬ص ‪.77-76‬‬
‫(‪ )2‬عصام الدين القبيصي‪ :‬خصوصية التحكيم في مجال منازعات االستثمار‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1993‬ص‪.3‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪321‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وللع���ودة لنش���أة التحكيم مرة أخرى في الفقه اإلس�ل�امي جند أن البعض يرى‬
‫التحكيم ثابت بنص الكتاب والس� � ��نة واإلجماع في مجال األحوال الشخصية لورود‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و ِإ ْن ِخ ْفتُ ْم ِش َقا َق بَيْنِهِ َما َفابْ َعثُوا َح َك ًما ِ ّم ْن أَ ْهلِهِ َو َح َك ًما ِ ّم ْن أَ ْه ِل َها إِن‬
‫ِصلاَ ًحا يُ َو ِ ّفقِ اللَّ ُه بَيْنَ ُه َما إ َِّن اللَّ َه َكا َن َعلِي ًما َخ ِبي ًرا}(‪.)1‬‬
‫يُ ِري َدا إ ْ‬
‫وكذلك اآلية (‪ )65‬من ذات السورة‪ ،‬والتي تبيح التحكيم { َفلاَ َو َر ِ ّب َك لاَ يُؤْمِ نُو َن‬
‫ضيْ َت‬ ‫�ج َر بَيْنَ ُه ْم ثُ� � � َّم لاَ يَ ِج ُدوا فِ ي أَنْف ُِس� � ��هِ ْم َح َر ًجا ممِ َّ ا َق َ‬ ‫َح َّت� � ��ى يُ َح ِ ّك ُم َ‬
‫وك فِ ي َما َش� � � َ‬
‫َويُ َس ِلّ ُموا ت َْسلِي ًما}‪.‬‬
‫وق� � ��د ثار خالف ح� � ��ول التحكيم في النزاع على الس� � ��لطة‪ ،‬وهل هو جائز أم ال‪،‬‬
‫وكان أول تطبي� � ��ق عملي في هذا املجال هو الن� � ��زاع بني اإلمام علي بن أبي طالب‬
‫] ومعاوية بن ُس� � ��فيان‪ ،‬ويرى البعض أن هذه الواقعه ‪-‬التحكيم‪ -‬أسست جواز‬
‫اعتماد التحكيم في املسائل املتعلقة على الصراع على السلطة من باب القياس(‪،)2‬‬
‫وقد اتفقت املذاهب األربعة مبشروعية وإلزامية التحكيم وإن كانت قد تباينت في‬
‫مرجعية االستناد إلى هذه املشروعية(‪.)3‬‬
‫وفي هذا املجال قرر الدكتور الس� � ��نهوري‪« :‬أن الفقه اإلس� �ل��امي لم يجمد عند‬
‫املرحلة األولى للفكر القانوني‪ ،‬بل خطى خطوات واس� � ��عة في طريق التطور يوسع‬
‫ما ضاق منه س� � ��داً حلاجات التعامل‪ ،‬إن مفهوم التحكي� � ��م وقواعده تتطور وتتغير‬
‫ال بالقاعدة التي وضعها الفقه اإلس� �ل��امي وليس التحكيم مقيداً‬ ‫بتغير األزمان عم ً‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ :‬اآلية ‪.35‬‬


‫(‪ )2‬الس� � ��يد املراكبي‪ ،‬التحكيم في دول مجلس التعاون لدول اخلليج العربية ومدى تأثيره بسيادة الدولة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،2010 ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )3‬عبد احلميد األحدب‪ ،‬موس� � ��وعة التحكيم (التحكيم في البل� � ��دان العربية)‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪،1998 ،‬‬
‫ص‪ 21‬وما بعدها‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪322‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫في تطور مفاهيمه وقواعده القانونية إال مبا نصت على حظره مصادر التش� � ��ريع‬
‫اإلس� �ل��امي‪ ،‬أي القرآن والسنة واالجماع والقياس‪ ،‬مثل حظر التحكيم في احلدود‬
‫املتعلقة بالله»(‪.)1‬‬
‫وكانت االجتاهات القدمية في الفقه اإلسالمي ترى عدم إلزامية اتفاق التحكيم‪،‬‬
‫وإنه يجوز الرجوع فيه وااللتجاء إلى القاضي‪ ،‬أما االجتاهات احلديثة في هذا الفقه‬
‫بدءاً من «ابن تيميه» الذي يقرر أن األصل في العقود والش� � ��روط اجلواز والصحة‪،‬‬
‫وال يبطل منها إال ما دل على حترميه أو إبطاله نص أو قياس مس� � ��تنداً في صحة‬
‫ذلك من حيث النقل على قوله تعالى {يَا أَ ُّي َها ا َّلذِ ي َن آ َمنُوا أَ ْو ُفوا بِالْ ُعقُودِ }(‪.)2‬‬
‫أما من حيث العقل‪ ،‬فيقرر أن العقود والش� � ��روط م� � ��ن باب األفعال العادية أي‬
‫ليست من العبادات ‪-‬واألصل فيها عدم التحرمي لقوله تعالى‪َ { :‬و َق ْد َف َّص َل لَ ُكم َّما‬
‫َح َّر َم َعلَيْ ُك ْم}(‪ ،)3‬وهو ما ورد عاماً في األعيان واألفعال وإذا لم تكن حراماً لم تكن‬
‫فاسدة ‪-‬ألن الفساد ينشأ من التحرمي‪ -‬وإذا لم تكن فاسدة كانت صحيحة‪ ،‬وعليه‬
‫فإن الوفاء بالعقد أمر واجب بالنقل والعقل إذا ما مت عن رضا‪ ،‬لقوله تعالى‪ِ { :‬إلاَّ‬
‫اض}(‪ ،)4‬ولذا فإن عقد التحكيم يعد عقداً ملزماً شرعاً(‪.)5‬‬ ‫أَن تَ ُكو َن جِ َ‬
‫تا َر ًة َعن تَ َر ٍ‬
‫ويقرر الدكتورالسنهوري «أن النظرية التي تفرق بني العقود امللزمة والعقود غير‬
‫امللزمة نظرية سطحية‪ ،‬حيث أن هناك قاعدة فقهية تفرض على املسلمني احترام‬
‫التزاماتهم التعاقدية لقوله [ املسلمون عند روطهم»‪.‬‬
‫(‪ )1‬عبدالرزاق الس� � ��نهوري‪ ،‬مصادر احلق في الفقه اإلس� �ل��امي‪ ،‬املجمع العربي العلمي اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ج‪ ،1‬ص‪.31‬‬
‫(‪ )2‬سورة املائدة‪ :‬اآلية األولى‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة األنعام‪ :‬اآلية ‪.119‬‬
‫(‪ )4‬سورة النساء‪ :‬اآلية ‪.29‬‬
‫(‪ )5‬السيد املراكبي‪ ،‬التحكيم في دول مجلس التعاون لدول اخلليج العربية ومدى تأثيره بسيادة الدولة‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪ 9‬وما بعدها‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪323‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وجتدر اإلشارة إلى أن قواعد اإلثبات في التحكيم هي ذاتها نفس القواعد في‬
‫الشريعة اإلسالمية بوجه عام‪ ،‬ويرى الدكتور السنهوري أنه قد مت إهمال القاعدة‬
‫الت� � ��ي وردت ف� � ��ي اآلية الكرمية {يَا أَ ُّي َه� � ��ا ا َّلذِ ي َن آ َمنُوا ِإ َذا تَ َدايَنتُ� � ��م ِب َديْ ٍن ِإلَى أَ َج ٍل‬
‫ِب أَن يَ ْكت َُب َك َما َعلَّ َم ُه اللَّ ُه‬‫ِب بِالْ َع ْدلِ َولاَ يَ ْأ َب َكات ٌ‬ ‫ُّم َس َّمى َفا ْكتُبُوهُ َولْ َي ْكتُب َّبيْنَ ُك ْم َكات ٌ‬
‫س مِ نْ ُه َشيْ ًئا }(‪.)1‬‬ ‫َفل ْ َي ْكت ُْب َولْيُ ْم ِللِ ا ّلَذِ ي َعلَيْهِ الحْ َ قُّ َولْ َيتَّقِ اللَّ َه َر َّب ُه َولاَ يَبْ َخ ْ‬
‫ويرى الدكتور السنهوري‪« :‬أن األولوية لإلثبات في الكتابة‪ ،‬ولكن ملا كانت حضارة‬
‫العصر تقصر دون ذلك وتقف عن مجاراة هذا التقدم لم يس� � ��تطع الفقهاء إال أن‬
‫يس� � ��ايروا حضارة عصرهم فارتفع الفقه اإلس� �ل��امي حني ذلك بالشهادة إلى مقام‬
‫تنزل عنه الكتابة نزوالً بيناً‪ ،‬ومن العجيب أن عصر التقليد في الفقه اإلس� �ل��امي‬
‫ل� � ��م يدرك العوامل الت� � ��ي كانت وراء تقدمي الش� � ��هادة على الكتاب� � ��ة فظل يردد ما‬
‫قاله الفقهاء األولون في تقدمي الش� � ��هادة على الكتابة‪ ،‬يؤازرهم في انتشار الكتابة‬
‫وتظاهرهم آيات القرآن العظيم(‪.)2‬‬

‫وجتدر اإلشارة أيضاً على أنه قد اشترط لصحة اتفاق التحكيم الرضا واألهلية‬
‫كغيره من العقود‪ ،‬وقد ترك للخصوم حرية تعيني احملكمني وحرية عددهم واشترط‬
‫الش� � ��رع توافر صفات القاضي في احملكم‪ ،‬وأن كان يرى البعض إضافة شرط أن‬
‫يكون مس� � ��لماً اس� � ��تناداً إلى قوله تعالى { َولَن يَ ْج َع َل اللَّ ُه ِلل ْ َكافِ ِري � � � َن َعلَى المْ ُؤْمِ ِن َ‬
‫ني‬
‫َس ِبي ًل}(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬سوة البقرة‪ :‬اآلية ‪.282‬‬


‫(‪ )2‬عبدالرزاق السنهوري‪ :‬مصادر احلق في الفقه اإلسالمي‪ ،‬املجمع العربي العلمي اإلسالمي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.47‬‬
‫(‪ )3‬سورة النساء‪ :‬اآلية ‪.141‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪324‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫إال أن هناك من يرى أنه من املمكن أن يكون احملكم غير مسلم استناداً إلى قوله‬
‫تعالى { َو ِإ ْن ِخ ْفتُ ْم ِش َقا َق بَيْنِهِ َما َفابْ َعثُوا َح َك ًما ِ ّم ْن أَ ْهلِهِ َو َح َك ًما ِ ّم ْن أَ ْه ِل َها إِن يُ ِري َدا‬
‫ِصلاَ ًحا يُ َو ِ ّفقِ اللَّ ُه بَيْنَ ُه َما}(‪)1‬؛ األمرالذي يعني صحة حتكيم الكتابي‪ ،‬وهذا هو ما‬ ‫إ ْ‬
‫يتفق مع االجتاهات احلديثة في الفقه اإلسالمي(‪ ،)2‬وكذا يتفق مع التطور والتسامح‬
‫في هذا العصر الذي بدأ التحكيم يشير فيه أهميته ألسباب عدة من أهمها تنامي‬
‫حك� � ��م التجارة الدولية وعدد منازعاته� � ��ا باإلضافة على تكدس احملاكم في العديد‬
‫من الدول بالقضايا‪ ،‬األمر الذي أدى إلى اللجوء إلى وس� � ��يله س� � ��ريعة وميس� � ��رة‪،‬‬
‫وأقرب عل� � ��ى أطراف النزاع وأقدر على معرفة جوان� � ��ب النزاع الفنية كل هذا مع‬
‫غي� � ��ره أدى على ازدهار التحكيم بعد نهاية احلرب العاملية الثانية وحتى اآلن‪ ،‬وقد‬
‫انتش� � ��رت مراكز التحكيم الدولي حول العالم ومن أهمها «محكمة التحكيم لغرفة‬
‫التجارة الدولية بباري� � ��س ‪ ،»I.C.C‬وهيئة التحكيم األمريكية ‪ ،»A.A.A‬ومحكمة‬
‫لندن للتحكيم ‪ ،»L.C.I.A‬ومركز حتكيم البنك الدولي لتسوية خالفات االستثمار‬
‫بني الدول‪ ،‬ومواطني الدول األخرى(‪.)3‬‬
‫أما في الوطن العربي فقد تعدد أيضاً مراكز التحكيم ومن أهمها مركز القاهرة‬
‫للتحكيم التجاري الدولي‪ ،‬ومت أيضاً إنش� � ��اء العديد من املراكز مثل مركز التحكيم‬
‫التجاري لدول مجلس التعاون اخلليجي‪ ،‬وأيضاً مركز جامعة عني شمس للتحكيم‪،‬‬
‫وهذه املراكز قواعد القان� � ��ون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي‪ ،‬والذي وضعته‬
‫جلنة التجارة الدولية لألمم املتحدة‪ ،‬وهو أيضاً ما تبنته معظم التشريعات الوطنية‪،‬‬
‫ومراكز التحكيم في العالم‪ ،‬حيث منا اتفاق عام أن التحكيم هو الوس� � ��يلة األجنح‪،‬‬
‫(‪ )1‬سورة النساء‪ :‬اآلية ‪.35‬‬
‫(‪ )2‬عبداحلميد األحدب‪ ،‬موسوعة التحكيم في البلدان‪ ،....‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42-41‬‬
‫(‪ )3‬يحيى اجلمل‪ ،‬اختيار احملكمني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 14‬وما بعدها‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪325‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫واألكثر س� � ��رعة حلل منازع� � ��ات التجارة الدولية‪ ،‬ولذا أصبح ش� � ��رط التحكيم من‬
‫مس� � ��لمات عقود التجارة الدولية‪ ،‬ومت إبرام العديد من االتفاقات الدولية للتأكيد‬
‫على ذلك(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬كان أخرها اتفاقيات اجلات التي وقعت في مراكش في ‪ 1994/4/15‬بعد سلس� � ��ة طويلة من املفاوضات‬
‫التجارية كان أخرها جوة أورجواي التي أنش� � ��ئت مبقتضاه� � ��ا منظمة التجارة العاملية «‪World Trade‬‬
‫‪Organization» W.T.O‬والت� � ��ي دخل� � ��ت التنفيذ في أول يناير ‪ ،1995‬للتفصي� � ��ل أكثر من ذلك أنظر‪،‬‬
‫آم� � ��ال الفزايري‪ :‬التدريب في املج� � ��االت عالية التخصص‪ ،‬بحث مقدم في ندوة تأهيل وتدريب احملكمني‪،‬‬
‫املنامة‪ ،‬البحرين‪ :‬نشرة التحكيم التجاري اخلليجي‪ ،‬مركز التحكيم التجاري الدولي لدول مجلس التعاون‬
‫اخلليجي‪ ،‬العدد ‪ ،10‬ديسمبر ‪ ،1998‬ص‪.6‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪326‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املبحث الثاني‬
‫عالقة التحكيم بالعقود اإلدارية بصفة عامة‬
‫إن اللجوء إلى التحكيم لفض املنازعات كافة عدا منازعات العقود اإلدارية أمر‬
‫ال جدال فيه فلم يثر خالف حول إمكانية اللجوء إلى التحكيم التجاري أو التحكيم‬
‫العمالي أو التحكيم األسري‪.‬‬
‫إال أن اللج� � ��وء إلى التحكيم في العقود اإلداري� � ��ة قد ثار اجلدل حوله في مدى‬
‫إمكانية اللجوء إليه‪ ،‬وتعود أسباب ذلك إلى األمور التالية‪:‬‬
‫أو ًال‪ -‬طبيعة العقود اإلدارية‪:‬‬
‫تتمي� � ��ز العقود اإلدارية بطبيعة خاصة ومغاي� � ��رة لكافة العقود األخرى‪ ،‬كالعقود‬
‫التجارية أو العقود العمالية وغيرهما‪ ،‬والقضاء اإلداري عندما ينظر في منازعات‬
‫العقود اإلدارية ينظرها بش� � ��يء من التمايز والتغاير الذي يتالءم مع طبيعة العقد‬
‫اإلداري وال� � ��ذي ال يطبقه التحكيم في الغالب لدى نظ� � ��ره منازعات العقود والتي‬
‫منها العقود اإلدارية‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ -‬ارتباط العقود اإلدارية بسيادة الدولة‪:‬‬
‫من العقود اإلدارية ما يرتبط بس� � ��يادة الدولة بصورة مباش� � ��رة ويتعلق بثروات‬
‫طبيعي� � ��ة للدولة كم� � ��ا في عقود االلت� � ��زام‪ ،‬والتي كثيراً ما متتد إلى س� � ��نني طويلة‬
‫فمنازعاته� � ��ا يجب أن تكون خاضعة للقضاء ألن ف� � ��ي خضوعها للتحكيم قد يكون‬
‫فيه نوع من خرق لسيادة الدولة‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪327‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ثالث ًا‪ -‬تقييد حرية اإلرادة في العقود اإلدارية‪:‬‬
‫إن التحكيم يؤس� � ��س على أس� � ��اس حرية األطراف في اللجوء إليه تطبيقاً ملبدأ‬
‫س� � ��لطان اإلرادة إال أن ه� � ��ذا األمر ال يوجد عند اللجوء إل� � ��ى التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية؛ ألن التعبير ع� � ��ن إرادة اإلدارة عند إبرامه حتكمه قواعد أخرى يحددها‬
‫القانون‪ ،‬وما استقر عليه األمر من ضرورة استخدام اإلدارة وسائل القانون العام‪،‬‬
‫أو تضمني العقد ش� � ��روطاً غير مألوفة في القان� � ��ون اخلاص عند إبرامه حيث أن‬
‫املوظف املختص بإبرام العقد اإلداري ال يتصرف في مال مملوك له‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية ليس باألمر السهل كما هو احلال بالنسبة‬
‫للعقود األخرى‪.‬‬
‫رابع ًا‪ -‬تطبيق قانون أجنبي أمام هيئة أجنبية على العقد اإلداري‪:‬‬
‫هناك س� � ��بب آخ� � ��ر يضاف إلى األس� � ��باب األخرى هو أن التحكي� � ��م في العقود‬
‫اإلداري� � ��ة رمبا يكون أمام هيئة حتكيم أجنبية‪ ،‬وقد ي� � ��ؤدي ذلك إلى تطبيق قانون‬
‫أجنبي على املنازعة بخالف القضاء اإلداري الوطني الذي ينظر في دعوى العقد‬
‫اإلداري حيث يطبق القانون الوطني على املنازعة‪.‬‬
‫خامس ًا‪ -‬مدى إطالق وتقييد حرية اجلهة اإلدارية في اللجوء إلى التحكيم‪:‬‬
‫كما أن من أس� � ��باب اخلالف في حكم اللج� � ��وء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‬
‫يرجع إلى مدى تقييد أو إطالق سلطة اإلدارة عند جلوئها إلى التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية‪ ،‬فإذا لم يوجد نص قانوني يجيز أو مينع التحكيم فإن سلطة اإلدارة تكون‬
‫دائرة بني احلظر إذا كانت مقيدة ودائرة السماح إذا كانت مطلقة‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪328‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫لهذه األسباب اختلفت اآلراء حول مدى اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‬
‫إلى اجتاهني‪ ،‬االجتاه األول يرى عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬واالجتاه‬
‫الثاني يرى جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫وحت� � ��ى ميكن حتديد نقاط اخلالف احلاصل في حكم اللجوء إلى التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية س� � ��وف أحدد في هذا املبحث إن شاء الله املسائل التي تخرج عن‬
‫هذا اخلالف وهي املسائل التالية(‪.)1‬‬
‫‪ -‬أو ًال‪ :‬الوس� � ��ائل األخرى لفض منازعات العقود اإلدارية مثل التسوية والصلح‬
‫والوساطة والتفاوض‪.‬‬
‫‪ -‬ثاني ًا‪ :‬التحكيم في عقود اإلدارة اخلاصة س� � ��واء كانت ذات طبيعة مدنية أو‬
‫جتارية‪.‬‬
‫‪ -‬ثالث��� ًا‪ :‬ال يش� � ��مل اخلالف أيضاً ف� � ��ي حكم اللجوء إل� � ��ى التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية التحكيم اإلجباري وإمنا يقتصر على التحكيم االختياري(‪.)2‬‬
‫فعندما يرد نص يفرض على اإلدارة اللجوء إلى التحكيم فيتعني على اإلدارة‬
‫في هذه احلالة اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬وإال كان تصرفها مخالفاً للقانون وغير‬
‫مشروع وميكن مهاجمته بالطعون احملددة في القانون‪.‬‬
‫إذن ف� � ��إن اخلالف في مدى جواز اللجوء إلى التحكي� � ��م في العقود اإلدارية‬
‫ينحسر في التحكيم االختياري فقط‪.‬‬
‫(‪ )1‬هش� � ��ام علي ص� � ��ادق‪ :‬القانون الواجب التطبيق على عق� � ��ود التجارة الدولية‪ ،‬الطبع� � ��ة الثانية‪ ،‬دار الفكر‬
‫اجلامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2001 ،‬ص‪.281‬‬
‫(‪ )2‬هان� � ��ي محمود حمزة‪ :‬النظام القانوني الواجب اإلعمال على العقود اإلدارية الدولية أمام احملكم الدولي‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2008 ،‬ص‪.46‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪329‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫لك� � ��ون األصل في التحكيم أن يك� � ��ون اختيارياً في كل أنواع املنازعات‪ ،‬والتي‬
‫منها منازعات العقود اإلدارية إذا ما رخص املنظم ذلك‪.‬‬
‫ف� � ��إذا كان هناك نص آذن بالتحكيم في العق� � ��د اإلداري فإن للجهة اإلدارية‬
‫واملتعاقد معها اخليار بني االلتجاء إلى القضاء‪ ،‬أو االتفاق على طرح النزاع‬
‫أمام التحكيم‪ ،‬ويكون االلتجاء إلى أحد الطريقني مسقطاً لآلخر(‪.)1‬‬
‫‪ -‬رابع ًا‪ :‬من املسائل التي تخرج عن بحث مدى جواز التحكيم في العقود اإلدارية‬
‫في حالة وجود نص قانوني يبني حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪،‬‬
‫سواء كان هذا احلكم باجلواز أو احلظر حيث أن النص القانوني يرفع اخلالف‬
‫في هذه املسألة‪ ،‬ويحسم املوضوع سواء كان باجلواز‪ ،‬أو املنع‪.‬‬
‫كم� � ��ا أن� � ��ه عند النص على حكم مع� �ي��ن في القانون فإن الواجب على الس� � ��لطة‬
‫القضائي� � ��ة عند تطبيقها على منازعة ما أن تتقيد بالنص القانوني‪ ،‬وكذلك احلال‬
‫على اجلهة اإلدارية عند تنفيذها له خاصة إذا لم يكن هناك مجال لالجتهاد فال‬
‫اجتهاد مع النص فإذا نص القانون على حظر أو جواز التحكيم في العقود اإلدارية‬
‫فإن الفقه والقضاء ليس له مجال في البحث عن مدى جوازه أو عدمه‪.‬‬
‫لذا أرى أن مجال بحث هذه املسألة يكون أمام فروض ثالثة‪:‬‬
‫‪ -‬األول‪ :‬في حالة عدم وجود نص قانوني يبني حكم اللجوء إلى التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬في حالة إعداد مشاريع التحكيم املرتبطة بالتحكيم في العقود‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫(‪ )1‬مصطف� � ��ى أحمد ف� � ��ؤاد‪ :‬القانون واجب التطبيق على العقد املبرم بني املنظمة الدولية وش� � ��خص القانون‬
‫الداخلي‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون تاريخ نشر‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪330‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -‬الثالث‪ :‬عند إعداد الدراس� � ��ات والبحوث حول قوانني التحكيم املتعلقة‬
‫بالتحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫بعد أن ذكرت أن هناك خالفاً في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‬
‫باملنع واجلواز‪ ،‬وبعد حصر أسباب هذا اخلالف‪ ،‬واملسائل التي تخرج عنه‪.‬‬
‫سيكون احلديث في هذا املبحث ‪-‬إن شاء الله‪ -‬مقتصراً على الرأي الذي يرى‬
‫أنه ال يجوز اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫وذل���ك ببي���ان موق���ف املنظ���م من عدم ج���واز اللجوء إل���ى التحكيم ف���ي العقود‬
‫اإلدارية‪ ،‬وموقف القضاء وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬موقف املنظم من اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫إن األصل في التحكيم في العقود اإلدارية في القانون الفرنس� � ��ي احلظر(‪ )1‬إال‬
‫إذا نص القانون على إجازته‪.‬‬
‫فوفق � � �اً لنص املادة ‪ 2060‬من تقنني املرافعات املدنية الفرنس� � ��ي املعدلة بقانون‬
‫رق� � ��م ‪ 626‬في ‪ 5‬يولي� � ��و ‪1972‬م واملعدل بالقانون الصادر ف� � ��ي ‪1975/7/9‬م فإن‬
‫التحكيم في املنازعات املتعلقة بالوحدات؛ واملؤسسات العامة‪ ،‬والتي منها عقودها‬
‫اإلدارية هو احلظر‪.‬‬
‫وهذا األصل باحلظر يسري وميشل كافة املنازعات التي تكون أشخاص العامة‬
‫طرفاً فيها حتى ولو تعلق األمر بعقد من عقود اإلدارة (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.415‬‬
‫(‪ )2‬ع� �ل��اء محي الدي� � ��ن مصطفى أبو أحمد‪ :‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية في ضوء القوانني‬
‫الوضعية واملعاهدات الدولية وأحكام محاكم التحكيم ‪-‬دراسة مقارنة‪ ،2012 ،‬ص‪.456‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪331‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫إال أن هذا املنع ليس على إطالقه بل له استثناءات(‪ )1‬في بعض العقود اإلدارية‪،‬‬
‫ومنها عقود بعض املؤسس� � ��ات الصناعية والتجارية كما في قانون ‪ 9‬لعام ‪1975‬م‪،‬‬
‫وكذلك العقود اإلدارية املبرمة مع شركات أجنبية‪.‬‬
‫فقد نصت املادة ‪ 19‬لعام ‪1986‬م على أنه‪:‬‬
‫«يجوز للدولة والوحدات احمللية واملؤسس� � ��ات العامة في العقود التي تبرمها مع‬
‫شركات أجنبية إلجناز عمليات تتصل باملصلحة العامة أن تضمن عقودها شروط‬
‫حتكيم لتسوية املنازعات املتصلة بتطبيق وتفسير هذه العقود»‪.‬‬
‫وكذلك العقود املتعلقة بالنقل الداخلي من قبل الشركة الوطنية لسكك احلديد‪،‬‬
‫والذي ينص في مادته اخلامس� � ��ة والعش� � ��رين على أن املؤسسة العامة متلك أهلية‬
‫املصاحل� � ��ة‪ ،‬وإبرام اتفاقي� � ��ات حتكيم‪ »....‬وكذلك قان� � ��ون ‪1990‬م اخلاص بتنظيم‬
‫مصلحة البريد‪.‬‬
‫أم� � ��ا في مص� � ��ر(‪ )2‬فقبل صدور قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪1994‬م‪ ،‬وتعديله‬
‫بالقانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪1997‬م املنشور باجلريدة الرسمية العدد ‪ 20‬في ‪1997/5/15‬م‪،‬‬
‫والذي حس� � ��م مس� � ��ألة جلوء اجلهات اإلدارية إلى التحكيم ف� � ��ي العقود اإلدارية؛‬
‫ف� � ��إن النصوص القانونية املتعلقة بالقانون اإلداري لم تتعرض ملوضوع التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية منعاً أو حظراً‪.‬‬
‫كم� � ��ا أن نصوص القانون املدني لم تبني حكم اللج� � ��وء إلى التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية باعتباره الشريعة العامة لفروع القانون األخرى‪.‬‬

‫(‪ )1‬مصطف� � ��ى أحمد ف� � ��ؤاد‪ :‬القانون واجب التطبيق على العقد املبرم بني املنظمة الدولية وش� � ��خص القانون‬
‫الداخلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫(‪ )2‬عصمت عبدالله الش� � ��يخ‪ :‬التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪.2008 ،‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪332‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ففي قانون املرافعات املدنية‪ ،‬والتجارية رقم ‪ 13‬لسنة ‪1968‬م الذي نظم موضوع‬
‫التحكيم‪ ،‬وكذلك في قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪1994‬م‪ ،‬والذي ألغى املواد من‬
‫‪ ،501‬وحت� � ��ى ‪ 513‬اخلاصة بالتحكيم في قانون املرافع� � ��ات املدنية‪ ،‬والتجارية لم‬
‫توض� � ��ح موقف القانون املصري في موضوع التحكيم في العقود اإلدارية؛ فالقانون‬
‫املص� � ��ري قد خال قبل قانون ‪1997‬م من أي نصوص صريحة في مجال املنازعات‬
‫اإلدارية (‪.)1‬‬
‫لذا صار االخت� �ل��اف في أحكام القضاء املصري الع� � ��ام‪ ،‬والقضاء اإلداري في‬
‫مسألة اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫أما في بلجيكا؛ فقد منع القانون البلجيكي جلوء اجلهات اإلدارية إلى التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية؛ فاملادة ‪ 1676‬من القانون القضائي البلجيكي الصادر ‪1972‬م‬
‫نصت على‪:‬‬
‫«منع الدولة وس� � ��ائر األش� � ��خاص املعنوية العموميني اللجوء إلى التحكيم ما لم‬
‫يكن يوجد نص قانوني خاص يسمح بذلك‪ ،‬أو معاهدة دولية جتيز ذلك»‪.‬‬
‫وق� � ��د أخذ برأي عدم صحة اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية بعض دول‬
‫أمريكا الالتينية وأوروبا الشرقية كاألرجنتني ويوغوسالفيا وبلغاريا‪.‬‬
‫‪ -2‬موقف القضاء من اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫لقد اس� � ��تقر القضاء الفرنسي على اعتبار شرط التحكيم في العقود الداخلية‬
‫ا بطالناً مطلقاً لتعلق� � ��ه بالنظام العام وميتد البطالن كذلك إلى مش� � ��ارطة‬ ‫باط� �ل � ً‬
‫التحكيم(‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.425‬‬
‫(‪ )2‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.563‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪333‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وقد فرقت أحكام القضاء الفرنسي بني التحكيم في العقود اإلدارية الداخلية‪،‬‬
‫والعقود الدولية فحظرت اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية الداخلية(‪.)1‬‬
‫أم� � ��ا القضاء اإلداري الفرنس� � ��ي فإن� � ��ه اعتنق الرأي القائل بحظ� � ��ر اللجوء إلى‬
‫التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫ويعتب� � ��ر القض� � ��اء اإلداري الفرنس� � ��ي رائد االجت� � ��اه املعارض ف� � ��ي اللجوء إلى‬
‫التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬وهذا احلظر مقرر من قبل مجلس الدولة منذ وقت‬
‫طويل(‪.)2‬‬
‫وقد بني حكم صادر من مجلس الدولة الفرنس� � ��ي س� � ��بب احلظر حيث ذكر أن‬
‫الوزراء ال يس� � ��تطيعون اللجوء إلى التحكيم حلل املس� � ��ائل املتنازع عليها؛ ألن هذا‬
‫العمل محظور عليهم مبقتض� � ��ى نصوص املادتني ‪ ،1004‬و‪ 83‬من قانو اإلجراءات‬
‫املدني� � ��ة كما ذكر مجلس الدولة س� � ��بباً آخر‪ ،‬وهو نق� � ��ص أهلية اجلهة اإلدارية إلى‬
‫إبرام اتفاق التحكيم(‪.)3‬‬
‫كما حكم مجلس الدولة الفرنس� � ��ي ببطالن ش� � ��رط التحكيم في عقد أش� � ��غال‬
‫عامة أُبْ ِر َم بني شركة خاصة صاحبة امتياز في مجال الطرق السريعة‪ ،‬ومجموعة‬
‫مشروعات(‪.)4‬‬
‫أم� � ��ا في مصر فقد ع� � ��رض على القضاء املصري مس� � ��ألة التحكيم في العقود‬
‫(‪ )1‬محمد عبداملجيد إسماعيل‪ :‬عقود األشغال الدولية والتحكيم فيها‪ ،‬منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،2003 ،‬ص‪.234‬‬
‫(‪ )2‬محمد حسني منصور‪ :‬العقود الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫(‪ )3‬علي� � ��وش قربوع كمال‪ :‬القانون الدولي ‪-‬تنازع القوانني‪ -‬اجلزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار هومه‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،2007‬ص‪.73‬‬
‫(‪ )4‬سعد الله عمر‪ :‬معجم في القانون الدولي املعاصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.122-121‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪334‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اإلداري� � ��ة لدى محكمة القضاء اإلداري في القضية رقم ‪ 486‬لس� � ��نة ‪ 38‬ق ‪ -‬قبل‬
‫صدور قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪1994‬م‪ ،‬وتعديله بالقانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪1997‬م‬
‫الذي حسم مسألة جلوء اجلهات اإلدارية إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪ -‬فقررت‬
‫احملكم� � ��ة في حكمها الصادر بتاريخ ‪1986/5/18‬م ج� � ��واز جلوء اجلهات اإلدارية‬
‫للتحكيم لفض منازعاتها املتعلقة بالعقود اإلدارية‪.‬‬
‫وكان� � ��ت دع� � ��وى أقيمت بخص� � ��وص عقد مبرم ب� �ي��ن وزارة اإلس� � ��كان‪ ،‬والتعمير‬
‫والش� � ��ركة املصرية للمساهمة للتعمير‪ ،‬واإلنشاءات الس� � ��ياحية بشأن عقد امتياز‬
‫ضبة املقطم‪ ،‬ونص العقد في البند اخلامس منه على‪:‬‬ ‫َه ْ‬
‫«إن أي خالف بني الطرفني على تفس� � ��ير العقد‪ ،‬أو تنفيذ العقد‪ ....‬يفصل فيه‬
‫عن طريق التحكيم‪ ،».....‬وعندما طلبت الشركة إحالة النزاع إلى التحكيم امتنعت‬
‫وزارة اإلسكان‪.‬‬
‫وقد أقامت الش� � ��ركة دعوى أمام محكمة القض� � ��اء اإلداري تطلب وقف القرار‬
‫الس� � ��لبي باالمتناع عن إحالة النزاع إلى التحكيم؛ فأجابت محكمة القضاء اإلداري‬
‫طلب الشركة بتاريخ ‪1986/5/18‬م إال أن إدارة قضايا الدولة طعنت في احلكم أمام‬
‫احملكمة اإلدارية العليا التي قررت في حكمها الصادر في جلس� � ��ة ‪1990/2/20‬م‬
‫عدم جواز التجاء اجلهات اإلدارية في العقود اإلدارية إلى التحكيم‪ ،‬وس � � � َّببت املنع‬
‫أن االتفاق على التحكيم ال يجوز أن يسلب اختصاص محاكم مجلس الدولة املقرر‬
‫باملادة العاش� � ��رة من القانون رقم ‪ 47‬لس� � ��نة ‪1972‬م‪ ،‬وأن اتفاق التحكيم يجب أ ّالَ‬
‫يهدم خصائص العقد اإلداري‪ ،‬وال يزيل اختصاص مجلس الدولة بنظر املنازعات‬
‫املتعلقة بذلك العقد(‪.)1‬‬
‫ال في هذا احلكم لدى‪ :‬طه أحمد علي قاس� � ��م‪ :‬تسوية املنازعات الدولية االقتصادية‪ ،‬دراسة‬ ‫(‪ )1‬أنظر تفصي ً‬
‫سياس� � ��ية قانونية لدور املركز الدولي لتس� � ��وية منازعات االس� � ��تثمار‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪.2008 ،‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪335‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وعندما عرض أيضاً موضوع التحكيم في العقود اإلدارية في قضية أخرى أمام‬
‫محكم� � ��ة القضاء اإلداري في القضية رقم ‪ 5439‬لس� � ��نة ‪43‬ق‪ ،‬بخصوص نفق‪.....‬‬
‫أحمد حمدي‪ ،‬التزمت محكمة القضاء اإلداري باملبدأ الصادر من احملكمة اإلدارية‬
‫العليا‪ ،‬وقضت بعدم جواز التحكيم في منازعات العقود اإلدارية تأسيس � � �اً على أنه‬
‫يسلب اختصاص محاكم مجلس الدولة املقررة باملادة العاشرة من القانون رقم ‪47‬‬
‫لسنة ‪1972‬م‪.‬‬
‫وقد أفتت اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع مبجلس الدولة املصري‬
‫في ‪1996/12/18‬م‪ ,‬بعدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية بناء على أنه يشترط‬
‫ال للتصرف بعوض في احلقوق التي‬ ‫جلواز صحة اتفاق التحكيم أن يكون عاقده أه ً‬
‫يشملها اتفاق التحكيم‪ ،‬وأال يكون التحكيم في مسائل متعلقة باحلالة الشخصية‪،‬‬
‫وال بالنظام العام‪.‬‬
‫وألن الوالية سواء كانت خاصة‪ ،‬أو عامة فاألصل فيها هو املنع‪ ،‬وعدم النفاذ إال‬
‫بعمل تش� � ��ريعي‪ ،‬وأن جلوء أية جهة عامة للقضاء ذي الوالية العامة في نزاع يتعلق‬
‫بعقد إداري هو االستعمال الطبيعي حلق التقاضي‪ ،‬وأن جلوءها إلى التحكيم يفيد‬
‫االس� � ��تعاضة عن القضاء بهيئة ذات والية خاصة‪ ،‬وهو حتكيم جلمعية خاصة في‬
‫شأن من صميم العمل العام الذي تقوم عليه الدولة‪ ،‬وما يتفرع عنها من أشخاص‬
‫القانون العام‪ ،‬وهو حتكيم من جهة خاصة في ش� � ��أن يتعلق بتسيير املرافق العامة‬
‫وتنظيمه� � ��ا وإدارته� � ��ا‪ ،‬وكل ذلك ال متلكه هيئة العام� � ��ة إال بإجازة صريحة وتخويل‬
‫صريح يرد من عمل تشريعي‪.‬‬
‫كما أن طبيعة العقد اإلداري جعلت املشرع ال يعهد للقضاء املدني نظر منازعات‬
‫العق� � ��ود اإلدارية‪ ،‬وبالتال� � ��ي فإنها تكون من باب أولى أن تكون في منأى عن طبيعة‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪336‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التحكيم وهيئاته‪ ،‬ويكون ش� � ��رط التحكيم متنافياً مع إدارية العقد وانتهت اجلمعية‬
‫إلى عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ع� �ل��اء محي الدي� � ��ن مصطفى أبو أحمد‪ :‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية في ضوء القوانني‬
‫الوضعية واملعاهدات الدولية وأحكام محاكم التحكيم ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.344‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪337‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املبحث الثالث‬
‫الوضع قبل وبعد تعديل قانون التحكيم املصري‬
‫بالقانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪1997‬‬
‫في مصر (‪ )1‬فقبل صدور قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪1994‬م‪ ،‬وتعديله بالقانون‬
‫رقم ‪ 9‬لس� � ��نة ‪1997‬م املنش� � ��ور باجلريدة الرس� � ��مية العدد ‪ 20‬في ‪1997/5/15‬م‪،‬‬
‫والذي حس� � ��م مس� � ��ألة جلوء اجلهات اإلدارية إلى التحكيم ف� � ��ي العقود اإلدارية؛‬
‫ف� � ��إن النصوص القانونية املتعلقة بالقانون اإلداري لم تتعرض ملوضوع التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية منعاً‪ ،‬أو حظراً‪.‬‬
‫كم� � ��ا أن نصوص القانون املدني لم تبني حكم اللج� � ��وء إلى التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية باعتباره الشريعة العامة لفروع القانون األخرى‪.‬‬
‫ففي قانون املرافعات املدنية والتجارية رقم ‪ 13‬لسنة ‪1968‬م الذي نظم موضوع‬
‫التحكيم‪ ،‬وكذلك في قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪1994‬م‪ ،‬والذي ألغى املواد من‬
‫‪ ،501‬وحت� � ��ى ‪ 513‬اخلاصة بالتحكيم في قان� � ��ون املرافعات املدنية‪ ،‬والتجارية‪ ،‬لم‬
‫توض� � ��ح موقف القانون املصري في موضوع التحكيم في العقود اإلدارية؛ فالقانون‬
‫املص� � ��ري قد خال قبل قانون ‪1997‬م من أي نصوص صريحة في مجال املنازعات‬
‫اإلدارية(‪.)2‬‬
‫لذا صار االخت� �ل��اف في أحكام القضاء املصري الع� � ��ام‪ ،‬والقضاء اإلداري في‬
‫مسألة اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬

‫(‪ )1‬عصمت عبدالله الشيخ‪ :‬التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )2‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.425‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪338‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫فق� � ��د عرض على القضاء املصري مس� � ��ألة التحكيم في العق� � ��ود اإلدارية لدى‬
‫محكم� � ��ة القض� � ��اء اإلداري في القضية رقم ‪ 486‬لس� � ��نة ‪ 38‬ق ‪-‬قبل صدور قانون‬
‫التحكيم رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪1994‬م‪ ،‬وتعديله بالقانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪1997‬م الذي حسم‬
‫مس� � ��ألة جلوء اجلهات اإلدارية إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪ -‬فقررت احملكمة‬
‫ف� � ��ي حكمها الصادر بتاريخ ‪1986/5/18‬م جواز جل� � ��وء اجلهات اإلدارية للتحكيم‬
‫لفض منازعاتها املتعلقة بالعقود اإلدارية‪.‬‬
‫وكان� � ��ت دعوى أقيم� � ��ت بخصوص عقد مبرم ب� �ي��ن وزارة اإلس� � ��كان‪ ،‬والتعمير‪،‬‬
‫والش� � ��ركة املصرية للمساهمة للتعمير‪ ،‬واإلنشاءات الس� � ��ياحية بشأن عقد امتياز‬
‫ضبة املقطم ونص العقد في البند اخلامس منه على‪:‬‬ ‫َه ْ‬
‫«إن أي خالف بني الطرفني على تفس� � ��ير العقد‪ ،‬أو تنفيذ العقد‪ ...‬يفصل فيه‬
‫عن طريق التحكيم‪ ،»...‬وعندما طلبت الش� � ��ركة إحالة النزاع إلى التحكيم امتنعت‬
‫وزارة اإلسكان‪.‬‬
‫وقد أقامت الش� � ��ركة دعوى أمام محكمة القضاء اإلداري� � ��ة تطلب وقت القرار‬
‫الس� � ��لبي باالمتناع عن إحالة النزاع إلى التحكيم؛ فأجابت محكمة القضاء اإلداري‬
‫طلب الش� � ��ركة بتاريخ ‪1986/5/18‬م‪ ،‬إال أن إدارة قضايا الدولة طعنت في احلكم‬
‫أمام احملكمة اإلدارية العليا التي قررت في حكمها الصادر في جلسة ‪1990/2/20‬م‬
‫عدم جواز التجاء اجلهات اإلدارية في العقود اإلدارية إلى التحكيم‪ ،‬وس � � � َّببت املنع‬
‫أن االتفاق على التحكيم ال يجوز أن يسلب اختصاص محاكم مجلس الدولة املقرر‬
‫باملادة العاش� � ��رة من القانون رقم ‪ 47‬لس� � ��نة ‪1972‬م‪ ،‬وأن اتفاق التحكيم يجب أال‬
‫يهدم خصائص العقد اإلداري‪ ،‬وال يزيل اختصاص مجلس الدولة بنظر املنازعات‬
‫املتعلقة بذلك العقد (‪.)1‬‬
‫(‪ )1‬أنظر تفصي ً‬
‫ال في هذا احلكم لدى د‪.‬طه أحمد علي قاسم‪ :‬تسوية املنازعات الدولية االقتصادية‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪339‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وعندم� � ��ا عرض أيض � � �اً موضوع التحكيم في العق� � ��ود اإلدارية في قضية أخرى‬
‫أم� � ��ام محكم� � ��ة القضاء اإلداري ف� � ��ي القضية رقم ‪ 5439‬لس� � ��نة ‪ 43‬ق‪ ،‬بخصوص‬
‫نف� � ��ق أحمد حمدي‪ ،‬التزمت محكمة القض� � ��اء اإلداري باملبدأ الصادر من احملكمة‬
‫اإلدارية العليا‪ ،‬وقضت بعدم جواز التحكيم في منازعات العقود اإلدارية تأسيس � � �اً‬
‫على أنه يسلب اختصاص محاكم مجلس الدولة املقررة باملادة العاشرة من القانون‬
‫رقم ‪ 47‬لسنة ‪1972‬م‪.‬‬
‫وقد أفتت اجلمعية العمومية لقسمي الفتوى‪ ،‬والتشريع مجلس الدولة املصري‬
‫في ‪1996/12/18‬م بعدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية بناء على أنه يش� � ��ترط‬
‫ال للتصرف بعوض في احلقوق التي‬ ‫جلواز صحة اتفاق التحكيم أن يكون عاقده أه ً‬
‫يشملها اتفاق التحكيم‪ ،‬وأال يكون التحكيم في مسائل متعلقة باحلالة الشخصية‪،‬‬
‫وال بالنظام العام‪.‬‬
‫وألن الوالية سواء كانت خاصة‪ ،‬أو عامة؛ فاألصل فيها هو املنع‪ ،‬وعدم النفاذ إال‬
‫بعمل تش� � ��ريعي‪ ،‬وأن جلوء أية جهة عامة للقضاء ذي الوالية العامة في نزاع يتعلق‬
‫بعقد إداري هو االستعمال الطبيعي حلق التقاضي‪ ،‬وأن جلوءها إلى التحكيم يفيد‬
‫االس� � ��تعاضة عن القضاء بهيئة ذات والية خاصة‪ ،‬وهو حتكيم جلمعية خاصة في‬
‫شأن من صميم العمل العام الذي تقوم عليه الدولة‪ ،‬وما يتفرع عنها من أشخاص‬
‫القانون العام‪ ،‬وهو حتكيم من جهة خاصة في ش� � ��أن يتعلق بتسيير املرافق العامة‪،‬‬
‫وتنظيمه� � ��ا وإدارتها‪ ،‬وكل ذل� � ��ك ال متلكه هيئة عامة إال بإج� � ��ازة صريحة وتخويل‬
‫صريح يرد من عمل تشريعي‪.‬‬
‫كما أن طبيعة العقد اإلداري جعلت املشرع ال يعهد للقضاء املدني نظر منازعات‬
‫العق� � ��ود اإلدارية‪ ،‬وبالتالي؛ فإنها تكون من باب أولى أن تكون في منأى عن طبيعة‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪340‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التحكيم وهيئاته‪ ،‬ويكون شرط التحكيم متنافياً مع إدارية العقد‪ ،‬وانتهت اجلمعية‬
‫إلى عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ع� �ل��اء مح� � ��ي الدين مصطفى أبو أحمد‪ :‬التحكي� � ��م في منازعات العقود اإلدارية الدولية‪ ،‬مرجع س� � ��ابق‪،‬‬
‫ص‪.344‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪341‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املبحث الرابع‬
‫الوضع في قانون التحكيم البحريني‬
‫إن كفالة الرقابة القضائية على مشروعية األعمال التي تقوم بها اإلدارة لتحقيق‬
‫املصلحة العامة‪ ،‬وما يصدر عنها من تصرفات يعد من سمات الدولة الدميقراطية‪،‬‬
‫وفي هذا الشأن جند أن هذه الرقابة إ ّما متارس من خالل أنظمة القضاء املزدوج‬
‫حيث يباش� � ��ر مثل هذه الرقابة قضاء مس� � ��تقل يختص بنظ� � ��ر املنازعات اإلدارية‬
‫والفص� � ��ل فيها‪ ،‬أو أن تكون الدولة قد اعتمدت في منظومتها القضائية على نظام‬
‫القضاء الواحد إال أنها متد والية هذا القضاء ليشمل االختصاص بنظر املنازعات‬
‫الت� � ��ي تكون بني اإلدارة واألفراد‪ ،‬ونود هنا أن نش� � ��ير إل� � ��ى أن مملكة البحرين قد‬
‫اعتم� � ��دت نظام القضاء الواحد (االجنلوسكس� � ��وني)‪ ،‬وال� � ��ذي يختص بنظر جميع‬
‫املنازعات س� � ��واء كانت إدارية مدنية أو جتارية بص� � ��رف النظر عن أطراف النزاع‬
‫وطبيعته‪ ،‬ولم يعرف ازدواجية القضاء رغم شمول واليته للمنازعات اإلدارية‪.‬‬
‫وقد صدر املرسوم بقانون رقم (‪ )42‬لسنة ‪ 2002‬ورتب احملاكم‪ ،‬وبني اختصاصات‬
‫كل منها فقد نصت املادة (‪ )6‬منه على «تتكون احملاكم املدنية من‪:‬‬
‫‪ -1‬محكمة التمييز‪.‬‬
‫‪ -2‬محكمة االستئناف العليا املدنية‪.‬‬
‫‪ -3‬احملاكم الكبرى املدنية‪.‬‬
‫‪ -4‬احملكمة الصغرى‪.‬‬
‫وتختص كل منها بالفصل في جميع املس� � ��ائل التي ترفع إليها طبقاً للقانون في‬
‫املواد املدنية والتجارية واإلدارية‪ ،‬وفي املنازعات املتعلقة باألحوال الشخصية لغير‬
‫املسلمني‪ ،‬وفي اجلرائم إال ما استثنى بنص خاص»‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪342‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫كما جاءت املادة (‪ )7‬من قانون الس� � ��لطة القضائي� � ��ة مؤكدة على والية احملاكم‬
‫املدنية على الفصل في املنازعات اإلدارية إذا نصت على‪:‬‬
‫«فيم� � ��ا عدا أعمال الس� � ��يادة تختص احملكمة الكبرى املدني� � ��ة ‪-‬بدائرة إدارية‪-‬‬
‫بالفصل في املنازعات اإلدارية التي تنشأ بني األفراد وبني احلكومة أو الهيئات أو‬
‫املؤسسات العامة عدا احلاالت التي ينص فيها القانون على خالف ذلك»‪.‬‬
‫وملا ذكر فإن الواقع التشريعي يشير إلى تبني املش ّرع البحريني للنظام القضائي‬
‫الواحد (االجنلوسكسوني)‪ ،‬وقد أخذ بفكرة القضاء اإلداري املوضوعي‪ ،‬وقد جعل‬
‫والي� � ��ة الفصل في هذه املنازع� � ��ات من اختصاص احملاكم املدني� � ��ة بدائرة إدارية‪،‬‬
‫وقص� � ��ر االختصاص الوالئي لنظر املنازعات اإلدارية عليها‪ ،‬والتي تش� � ��كلت وفقاً‬
‫للق� � ��رر رقم (‪ )3‬لس� � ��نة (‪ )2002‬حي� � ��ث نصت الفقرة الثانية من امل� � ��ادة األولى منه‬
‫عل� � ��ى «تختص هذه الدائرة بنظر املنازعات التي تكون اإلدارة طرفاً فيها واملتعلقة‬
‫مبمارسة سلطاتها العامة‪ ،‬وهي على وجه اخلصوص‪:‬‬
‫‪ -1‬الدعاوى املتعلقة بإلغاء القرارات اإلدارية‪ ،‬أو التعويض عنها‪.‬‬
‫‪ -2‬الدعاوى املتعلقة بالعقود اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -3‬دعاوى اجلوازات الناشئة عن قوانني اجلنسية‪ ،‬أو اجلوازات والهجرة‪.‬‬
‫ومن هذا نخل� � ��ص بأنه‪ ،‬وبالرغم من تبني املش � � � ّرع البحريني النظام القضائي‬
‫الواح� � ��د إال أنه لم يغفل املنازعات اإلدارية‪ ،‬وبناء علي� � ��ه مارس القضاء البحريني‬
‫موضوعي � � �اً رقابته على أعمال الس� � ��لطة اإلدارية عند نظره للمنازعات الناش� � ��ئة‬
‫ب� �ي��ن األفراد واإلدارة وفقاً ملبادىء القانون العام‪ ،‬واملبادىء التي أرس� � ��اها القضاء‬
‫اإلداري املزدوج حيث يتم فحص صحة ومشروعية التصرفات والقرارات اإلدارية‪،‬‬
‫وهل اس� � ��توفت أركانه املشروعية في مواجهة من صدر بحقه‪ ،‬وقد فصلت وقضت‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪343‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫احملاك� � ��م البحرينية في العديد من منازعات األفراد مع الس� � ��لطات اإلدارية‪ ،‬وفي‬
‫مختلف أنواع القضايا اإلدارية الناش� � ��ئة عن تصرفات اإلدارة املادية أو القانونية‪،‬‬
‫ولك� � ��ن هذا األمر ال يعني أن هذا الوضع كافي إذ أن الواقع الفعلي واحلاجة أثبت‬
‫ال وموضوعاً تختص بنظر املنازعات اإلدارية‬ ‫ضرورة أن تنشأ محاكم مستقلة شك ً‬
‫مستقلة عن القضاء العادي‪.‬‬
‫ونخلص م� � ��ن ذلك أنه ال يوجد قانون في البحرين يجي� � ��ز اللجوء إلى التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية إمنا صدرت فتوى قانونية من هيئة التشريع واإلفتاء القانوني‬
‫بجوازي� � ��ه اللجوء إلى التحكيم في العق� � ��ود اإلدارية‪ ،‬وقد أصدر مجلس املناقصات‬
‫تعميمياً بهذا اخلصوص إلى اجلهات احلكومية (‪.)1‬‬
‫ويرى البع� � ��ض (‪ )2‬بأن تطور التحكيم‪ ،‬وقوانينه هو القضاء األساس� � ��ي للتجارة‬
‫الدولي� � ��ة بينما القضاء الوطن� � ��ي أصبح هو االس� � ��تثناء ألن للتحكيم مميزات عدة‬
‫منها السرعة والس� � ��رية إال أن ميزته األساسية‪ ،‬واألهم هو أنه قضاء دولي يتمثل‬
‫فيه الطرفان بقاض يختاره هو بنفس� � ��ه؛ فإرادة األطراف هي الس� � ��مة األساس� � ��ية‬
‫لذلك؛ ف� � ��إن التحكيم يلعب دوراً مهماً في الفصل في املنازعات بش� � ��كل عام التي‬
‫منه� � ��ا منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬ففي كثير م� � ��ن الدول نصت قوانني التحكيم على‬
‫ج� � ��واز اللجوء إلى التحكيم في العق� � ��ود اإلدارية‪ ،‬منها على س� � ��بيل املثال القانون‬
‫الفرنس� � ��ي في بعض العقود اإلدارية كعقود بعض املؤسسات الصناعية والتجارية‪،‬‬
‫كما في قانون ‪ 9‬للعام ‪1975‬م‪ ،‬وكذلك العقود اإلدارية املبرمة مع شركات أجنبية‪،‬‬
‫وكذل� � ��ك في القانون املصري فق� � ��د صدر القانون رقم ‪ 9‬للعام ‪1997‬م‪ ،‬والتي يكون‬
‫(‪ )1‬جاء ذلك على هامش تنظيم مركز التحكيم التجاري بالتعاون مع غرفة جتارة وصناعة عمان فرع صاللة‬
‫امللتقى الس� � ��نوي السادس عشر عن «التحكيم في العقود اإلدارية» خالل الفترة من ‪ 11‬إلى ‪ 14‬سبتمبر‪/‬‬
‫أيلول ‪ 2011‬صاللة ‪ -‬سلطنة عمان‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد جنم‪ :‬األمني العام ملركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون اخلليجي‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪344‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫االتف� � ��اق على التحكيم مبوافقة الوزير املختص‪ ،‬أو من يتولى اختصاصه بالنس� � ��بة‬
‫إلى األش� � ��خاص االعتبارية العامة‪ ،‬وال يجوز التفويض في ذلك كما أجاز القانون‬
‫الس� � ��وري اللجوء إلى التحكيم في العقود الت� � ��ي تقل قيمتها عن مبلغ معني‪ ،‬وأجاز‬
‫القانون األردني إلى التحكيم‪.‬‬
‫وعن التحكيم في العقود اإلدارية في دول مجلس التعاون لدول اخلليج العربية؛‬
‫ف� � ��إن في دولة اإلمارات العربية املتحدة األص� � ��ل اإلباحة وال يوجد نص مقيد وإن‬
‫الشواهد العملية تؤكد إدراج الدولة لشرط التحكيم في كثير من العقود‪ ،‬وخاصة‬
‫املتعلق منها باملقاوالت العمومية‪ ،‬وفي مش� � ��روع القانون اجلديد يوجد نص صريح‬
‫باللجوء إلى التحكيم في عقود الدولة‪.‬‬
‫أم� � ��ا في مملك� � ��ة البحرين فنجد أنه ال يوجد قانون يجي� � ��ز اللجوء إلى التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية إمنا صدرت فتوى قانونية من هيئة التشريع واإلفتاء القانوني‬
‫بجوازي� � ��ة اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلداري� � ��ة وقد أصدر مجلس املناقصات‬
‫تعميماً بهذا اخلصوص إلى اجلهات احلكومية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪345‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫املبحث اخلامس‬
‫مقارنة موقف قانون التحكيم املصري‬
‫مع قانون التحكيم البحريني‬
‫ملوض� � ��وع التحكيم في مجال العقود اإلدارية أهمي� � ��ة بالغة مرجعها ما تتضمنه‬
‫هذه العقود من شروط استثنائية غير مألوفة في القانون اخلاص ومتيز األحكام‪،‬‬
‫وك� � ��ذا القضاء الناظر في منازعاتها‪ ،‬وبالنظ� � ��ر خلصوصية العقود اإلدارية بصفة‬
‫عامة فإن إدراج ش� � ��رط التحكيم في مثل هذه العقود س� � ��يجعلها تكتس� � ��ب طابعاً‬
‫خاصاً‪ ،‬وهو ما أدى الختالف التش� � ��ريعات في إجازة إدراج هذا الش� � ��رط في مثل‬
‫هذه العقود بالنظر ملا يترتب على ذلك من آثار‪.‬‬
‫بالنسبة لقانون التحكيم البحريني‪:‬‬
‫ا لفض منازعات هذه‬ ‫رفض املش� � ��رع البحريني أن يكون التحكيم طريقاً بدي� �ل � ً‬
‫العقود‪ ،‬ألنه يرى أنه ال يضمن خضوع هذه العقود اإلدارية لنظام متميز عن النظام‬
‫ال� � ��ذي تخضع له باقي العق� � ��ود ألن التحكيم ال يعتد بالتميي� � ��ز بني العقود املدنية‪،‬‬
‫والعق� � ��ود اإلدارية‪ ،‬وألن اللجوء إل� � ��ى التحكيم في هذه العق� � ��ود يؤدي لالصطدام‬
‫مببدأ احلصانة القضائية للدولة‪ ،‬ومببدأ سيادة الدولة على أراضيها حيث استند‬
‫املشرع في اعتراضه لفكرة التحكيم في العقود اإلدارية جلملة من األسانيد لتبرير‬
‫موقفه‪ ،‬وسنقوم ببيان مختلف األسانيد التي استند إليها‪.‬‬
‫‪ -1‬التحكيم س� � ��لب الختصاص القضاء الوطني ومس� � ��اس بس� � ��يادة الدولة إلى‬
‫جانب إحالل القانون األجنب� � ��ي محل القانون الوطني‪ ،‬والذي هو مظهر من‬
‫مظاهر سيادة الدولة‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪346‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -2‬التحكي� � ��م ليس مبنبت الصل� � ��ة بالقضاء ألن هذا األخير يكون له الس� � ��لطة‬
‫التدخل في أعمال احملكمني باملس� � ��اعدة‪ ،‬وهي أمور ينظمها املشرع الوطني‬
‫في النصوص املنظمة للتحكيم‪.‬‬
‫‪ -3‬ليس في التحكيم بش� � ��كل دائم تنحية للقانون الوطني‪ ،‬فليس هناك ما مينع‬
‫الدولة أو أحد األجهزة التابعة لها من إدراج ش� � ��رط تطبيق القانون الوطني‬
‫على النزاع الذي ميكن أن يثور‪ ،‬ومن ثم فاألمر يعود إلرادة األطراف (‪.)1‬‬
‫‪ -4‬واستند املشرع لفكرة النظام العام‪ ،‬ونادى بعدم جوازية التحكيم في العقود‬
‫اإلدارية لكونها تس� � ��تهدف حتقي� � ��ق الصالح العام والذي يع� � ��د قوام النظام‬
‫العام(‪.)2‬‬
‫‪ -5‬اصطدام التحكيم مببدأ احلصانة القضائية للدولة‪ ،‬فمن املبادىء املس� � ��تقر‬
‫عليه� � ��ا في القانون الدولي متتع كل دولة باحلصان� � ��ة القضائية في مواجهة‬
‫قضاء الدول األجنبية‪ ،‬اس� � ��تناداً ملبدأ الس� � ��يادة‪ ،‬واالستقالل‪ ،‬وكذا املساواة‬
‫ب� �ي��ن الدول‪ ،‬ومن ثم تس� � ��تطيع كل دولة أن تدف� � ��ع بحصانتها القضائية حال‬
‫اختصامه� � ��ا أمام قضاء دولة أجنبية؛ ألن قض� � ��اء التحكيم على غرار قضاء‬
‫الدول� � ��ة يعد منظم� � ��ة أجنبية؛ ألنه يجرى خارج إقليمه� � ��ا ويعمل على تطبيق‬
‫قوانني أجنبية وأن احملكمني الفاصلني في النزاع من جنسيات متعددة (‪.)3‬‬
‫ويرى أنصار هذا االجتاه أن القانون البحريني خال من أية نصوص تش� � ��ريعية‬
‫تنظ� � ��م إمكانية اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلداري� � ��ة ذات الطابع الدولي‪ ،‬وأن‬
‫النصوص التشريعية وضعت قاعدة عامة تتلخص في عدم جوازية جلوء أشخاص‬
‫القانون العام للتحكيم لفض منازعاتهم‪.‬‬
‫(‪ )1‬عبدالعزيز خليفة‪ ،‬الوجيز في األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.379 ،378‬‬
‫(‪ )2‬ماجد راغب احللو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.183 ،182‬‬
‫(‪ )3‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.214 ،212‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪347‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أما بالنسبة قانون التحكيم املصري‪:‬‬
‫صدر قانون التحكيم املصري اجلديد رقم ‪ 27‬سنة ‪ ،1994‬ونصت مادته األولى‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫«مع عدم اإلخالل باالتفاق� � ��ات الدولية املعمول بها في جمهورية مصر العربية‬
‫تسري أحكام هذا القانون على كل حتكيم بني أطراف من أشخاص القانون العام‪،‬‬
‫أو اخل� � ��اص أياً كانت طبيعة العالقة القانونية التي يدور حولها النزاع إذا كان هذا‬
‫التحكي� � ��م يجري في مر‪ ،‬أو كان حتكيماً جتارياً‪ ،‬أو دولياً يجري في اخلارج واتفق‬
‫أطرافه على إخضاعه ألحكام هذا القانون»(‪.)1‬‬
‫وقد اعتبر أنصار ه� � ��ذا االجتاه أن هذا النص دليل على عدم جوازية التحكيم‬
‫في العقود اإلدارية‪ ،‬واستندوا في ذلك للحجج التالية‪:‬‬
‫عدم ورود لفظ العقود اإلدارية صراحة في نص املادة السابقة‪ ،‬كما أنه بالرجوع‬
‫ألح� � ��كام املادة الثاني� � ��ة جندها عددت اخلضوع التي تخض� � ��ع للتحكيم‪ ،‬وقالوا بأن‬
‫الهدف من ذلك هو جتنب النص صراحة على التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫واستندوا كذلك لعنوان القانون ذاته حيث إنه يختص بالتحكيم في املواد املدنية‬
‫والتجارية (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أسرة التحرير‪« ،‬نصوص وقوانني واتفاقيات التحكيم وطنياً وإقليمياً ودولياً»‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫(‪ )2‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪348‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫غي� � ��ر أن احلج� � ��ة الثانية التي قال بها أنصار هذا االجت� � ��اه غير صحيحة‪ ،‬وقد‬
‫نفاه� � ��ا احلكم الصادر عن محكمة اس� � ��تئناف القاهرة‪ ،‬والذي أك� � ��د على إمكانية‬
‫التحكيم في العقود اإلدارية (‪.)1‬‬
‫ولك� � ��ن يوج� � ��د اجتاه آخر يقر بإمكاني� � ��ة التحكيم في العق� � ��ود اإلدارية‪ ،‬باعتبار‬
‫أن� � ��ه ليس هناك ما مينع إدراج هذا الش� � ��رط في مثل هذه العقود‪ ،‬ال س� � ��يما‪ ،‬وأن‬
‫االتفاقيات الدولية جتيز التحكيم‪ ،‬واستند هذا االجتاه للعديد من األسانيد لتبرير‬
‫موقفه‪ ،‬وق� � ��د مت تأييد هذا االجتاه في التش� � ��ريعات الوطنية‪ ،‬واالتفاقات الدولية‬
‫كما قد صدرت العديد من األحكام القضائية التي تؤكد على إمكانية إدراج شرط‬
‫التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫فبعد صدور قانون س� � ��نة ‪ 1994‬نصت مادته األولى على التحكيم‪ ،‬إال أن الفقه‬
‫اختلف في تفس� � ��ير النص فقال البعض بأنها ال تشمل العقود اإلدارية‪ ،‬وهناك من‬
‫قال بأنها تشملها لكون أحد أطرافها شخص عام (‪ ،)3‬وقد أيدت محكمة استئناف‬
‫القاهرة االجتاه القائل بإجازة التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬وجتدر اإلشارة في هذا‬
‫الصدد أن مجيء القانون رقم ‪ 9‬لس� � ��نة ‪ 1994‬املتضمن تعديل ألحكام القانون رقم‬
‫‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬نص صراحة على إمكانية التحكيم في العقود اإلدارية؛ فقد أجاز‬
‫املشرع املصري اللجوء للتحكيم كوسيلة لتسوية منازعات العقود اإلدارية كافة بغض‬
‫النظر عما إذا كانت ذات صفة دولية‪ ،‬وذلك مبوجب القانون رقم ‪ 9‬لس� � ��نة ‪،1997‬‬
‫املعدل لقانون التحكيم في املواد املدنية‪ ،‬والتجارية رقم ‪ 27‬لسنة ‪.1994‬‬

‫(‪ )1‬لإلطالع على احلكم ميكن الرجوع إلى‪ :‬حفيظة الس� � ��يد احلداد‪ ،‬االتفاق على التحكيم في عقود الدولة‬
‫ذات الطبيعة اإلدارية وأثره على القانون الواجب التطبيق‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اإلس� � ��كندرية‪ ،‬د ط‪،‬‬
‫‪.41 ،39 ،2001‬‬
‫(‪ )2‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬الوجيز في األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.381‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪349‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫إال أن تل� � ��ك اإلجازة تخضع للقيد العام الذي أورده التعديل التش� � ��ريعي املذكور‬
‫من أنه «بالنسبة إلى منازعات العقود اإلدارية يكون االتفاق على التحكيم مبوافقة‬
‫الوزير املختص‪ ،‬أو من يتولى اختصاصه بالنس� � ��بة لألش� � ��خاص االعتبارية العامة‪،‬‬
‫وال يجوز التفويض في ذلك»‪.‬‬
‫فإذا كان املش� � ��رع قد أجاز التحكيم ف� � ��ي منازعات العقود اإلدارية بنص صريح‬
‫إال أن حرصه على عدم املس� � ��اس باملصلحة الوطنية من جراء اللجوء إلى التحكيم‬
‫لتس� � ��وية منازعة إدارية ما جعله يتحوط بأن حتم إلجرائه موافقة الوزير املختص‪،‬‬
‫أو من يقوم مقامه مع حرمانهما من التفويض في ممارسة هذا االختصاص‪.‬‬
‫إضاف� � ��ة إلى تطلب املوافقة األولي� � ��ة إجازة اللجوء للتحكيم لتس� � ��وية منازعات‬
‫العقود اإلدارية دولية كانت أم داخلية‪ ،‬فإنه يتعني أن تكون املسألة التي يتفق على‬
‫اللجوء للتحكيم لتسويتها تقبل الصلح‪ ،‬وبذلك وضع املشرع حداً للخالف الناشىء‬
‫بني الفقهاء‪ ،‬وهذا ما وافقه عليه القضاء املصري الرأي حيث صدرت العديد من‬
‫األحكام القضائية التي أكدت إمكاني� � ��ة اللجوء إلى التحكيم لفض املنازعات التي‬
‫تنشأ بشأن العقود اإلدارية (‪.)1‬‬
‫(‪ )1‬صدر حكم عن محكمة استئناف القاهرة في ‪ 19‬مارس ‪ ،1996‬واملتعلق بدعوى البطالن املقامة من رئيس‬
‫املجلس األعلى لآلثار ضد ش� � ��ركة سيلجستر نايت اإلجنليزية بش� � ��أن حكم التحكيم الصادر لصالح هذه‬
‫األخيرة‪ ،‬والذي مبوجبه ألزم املجلس األعلى لآلثار بدفع مبالغ متعددة لصالح هذه الش� � ��ركة‪ ،‬ومت الطعن‬
‫في هذا احلكم من قبل املجلس األعلى لآلثار أمام محكمة اس� � ��تئناف القاهرة‪ ،‬ومتسك هذا األخير أمام‬
‫احملكمة ببطالن ش� � ��رط التحكيم لك� � ��ون العقد محل النزاع عقد إداري‪ ،‬وج� � ��اء احلكم الصادر عنها على‬
‫النحو التالي‪...« :‬حيث أنه عن السبب الثاني‪ ،‬وهو اإلدعاء ببطالن شرط التحكيم؛ ألن العقد محل النزاع‬
‫هو عقد إداري مما ال يجوز التحكيم فيه؛ فإنه غير س� � ��ديد؛ فقد نصت املادة األولى من قانون التحكيم‬
‫في املواد املدنية‪ ،‬والتجارية رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬على أن‪ ...« :‬تسري أحكام هذا القانون على كل حتكيم‬
‫بني أطراف من أشخاص القانون العام‪ ،‬أو القانون اخلاص أياً كانت طبيعة العالقات القانونية التي يدور‬
‫حولـه� � ��ا النـزاع إذا كان ه� � ��ذا التحكيم يجري في مصر‪ ،‬أو كان حتكيماً جتــاري � � �اً دولياً يجري في اخلارج‬
‫واتف� � ��ق أطرافه على إخضاعه ألحـكام هذا القانون»‪ ،‬والقاعدة أن� � ��ه ال اجتهاد مع وضــــوح النص‪ ،‬وداللــة‬
‫عبـــارة هـذا النص واضحـــة‪ ،‬وقاطـــعة في إجـازة املش� � ��رع لالتفـاق على التحكــيم حتى‪ ،‬ولـو كــان أحــد =‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪350‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬

‫=أطرافـــه من أش� � ��خاص القانون العام‪ ،‬وأياً كانت طبيعة العالقة القانونية التي يدور حولها النزاع»‪ ،‬وقد‬
‫ورد ف� � ��ي املذكرة اإليضاحية للقانون نفس املعنى بقولها‪ ،...:‬وحتديد نطاق تطبيق أحكام املش� � ��روع الذي‬
‫عينت� � ��ه املادة األولى بع� � ��د أن رجحت أحكام االتفاقيات املعمول بها في مصر بس� � ��ريان تلك األحكام على‬
‫كل حتكيم جتاري دولي يجري في مصر س� � ��واء كان أحد طرفيه من أش� � ��خاص القانون العام‪ ،‬أو أشخاص‬
‫القانون اخلاص؛ فحسم املشرع بذلك الشكوك التي دارت حول مدى خضوع بعض أنواع العقود التي يكون‬
‫أحد أطرافها من أش� � ��خاص القانون العام للتحكيم؛ فنص على خضوع جميع املنازعات الناش� � ��ئة عن هذه‬
‫العقود ألحكام هذا املشروع أياً كانت طبيعة العالقة القانونية التي يدور حولها النزاع‪.»...‬‬
‫وعند أخذ األصوات مبجلس الشعب على مشروع القانون متت املوافقة على نص املادة‪ ،‬وكان أحد النواب‬
‫ق� � ��د اقترح النص في املادة األولى على عدم ج� � ��واز التحكيم في العقود اإلدارية بيد أن االقتراح لم يحظ‬
‫مبوافقة األغلبية‪ ،‬ومما تقدم يتبني أن املشرع قصد على وجه القطع جوازية التحكيم في العقود اإلدارية‪،‬‬
‫وهو ما يتفق مع احلكمة التي شرع من أجلها قانون التحكيم‪ ،‬وهو مواكبة اجلهود التي تبذلها الدولة من‬
‫أجل تهيئة مناخ صالح لالستثمار‪.‬‬
‫وقد أضفت احملكمة‪« :‬أن الثابت من عبارات العقد املؤرخ في ‪ 1993/11/10‬محل النزاع‪ ،‬والذي تضمن‬
‫شرط التحكيم‪ ،‬أنه قد روجع باللجنة الثانية لقسم الفتوى‪ ،‬والتشريع مبجلس الدولة في ‪ ،1993/1/20‬أو‬
‫هذه اللجنة وافقت عليه بالتبايغ رقم ‪ 560‬في ‪ 1993/10/25‬بعد قيام النزاع بني الطرفن أبرماً مشارطة‬
‫التحكي� � ��م املؤرخة ف� � ��ي ‪ ،1996/3/24‬وإذا نظر املوض� � ��وع أمام هيئة التحكيم املنص� � ��وص عليها في تلك‬
‫املشارطة ترافع الطرفان دون أن يبدى أحدهما دفعاص ميس شرط التحكيم بينما تربص املجلس األعلى‬
‫حت� � ��ى أصدرت هيئة التحكي� � ��م قضائها لغير صاحله؛ فبادر إلى إقامة الدع� � ��وى املاثلة على قول ببطالن‬
‫شرط التحكيم؛ ألن املنازعة تتعلق بعقد إداري‪ ،‬وال شك أن مثل هذا اإلدعاء يتنافى مع مبدأ وجوب تنفيذ‬
‫االلتزامات مببدأ حس� � ��ن النية وهو مبدأ ع� � ��ام ال مييز بني عقد مدني وعقد إداري‪ ،‬كما أنه يتناقض مع‬
‫املستقر عليه في الفقه وقضاء التحكيم التجاري الدولي من عدم جواز تنصل الدول أو األشخاص العامة‬
‫من شرط التحكيم الذي أدرجته في عقودها استناداً إلى أية قيود تشريعية حتى وإن كانت حقيقية‪ ،‬فإن‬
‫فتح الباب أمام األش� � ��خاص العامة للتحلل من ش� � ��رط التحكيم الذي أدرجته في العقد املبرم مع الطرف‬
‫األجنب� � ��ي فإن ذلك س� � ��يهز ثقة املتعاملني مع تلك اجلهات ف� � ��ي مصداقيتها ويجلب أوخم األضرار بغرض‬
‫االس� � ��تثمارات األجنبية ومشروعات التنمية»‪ .‬وللتفصيل أكثر أنظر مؤلف حفيظة السيد احلداد‪ ،‬االتفاق‬
‫على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة اإلدارية وأثره على القانون الواجب التطبيق‪ ،‬ص‪.42-40‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪351‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اخلامتة‬
‫يع� � ��د التحكيم الطريق البديل أو الوس� � ��يلة األكثر مالءمة حلل منازعات العقود‬
‫الدولي� � ��ة بصف� � ��ة عامة‪ ،‬ألن احملاكم ل� � ��م تعد بالقادرة على التص� � ��دي ملختلف هذه‬
‫املنازعات بش� � ��كل منفرد إلى جانب ظهور احلاجة املاسة للتخصصية من قبل من‬
‫ا حلل منازعات التجارة‬ ‫ينظر ف� � ��ي هذه النازعات‪ ،‬ولم يعد التحكيم طريقاً بدي� �ل � ً‬
‫الدولي� � ��ة واالس� � ��تثمار فقط بل وأصبح ضرورة حتمية بالنس� � ��بة لطائفة أخرى من‬
‫العق� � ��ود‪ ،‬والتي كانت لوقت قري� � ��ب من منأى عنه وهي العقود اإلدارية‪ ،‬والت يكون‬
‫أحد أطرافها الدولة أو أحد أش� � ��خاص القانون العام بوصفه س� � ��لطة عامة‪ ،‬وعلى‬
‫الرغم من معارضة بعض الفقه إلدراج ش� � ��رط التحكيم في العقود اإلدارية بصفة‬
‫عامة‪ ،‬والعقود اإلدارية ذات الطابع الدولي بصفة خاصة إال أن ما طرأ من تغيرات‬
‫اقتصادي� � ��ة واجتماعية جعل من اللجوء إلي� � ��ه حتمية‪ ،‬وهو ما أدى لتزايد االهتمام‬
‫بالطرق البديلة حلل املنازعات في مختلف األنظمة القانونية والقضائية‪.‬‬
‫وقد اقتصرت دراس� � ��تنا على التحكيم كطريق بديل حلل هذه املنازعات‪ ،‬والذي‬
‫بدأت أهميته تبرز فيها بشكل جلي ال سيما مع زيادة التعاقدات في الوقت الراهن‬
‫التي تبرمها اإلدارة مع األش� � ��خاص األجانب لتسيير املرافق العامة ال سيما عقود‬
‫ال في اقتصاديات الدول‪.‬‬‫االمتياز مع الشركات األجنبية والتي تؤدي دوراً فاع ً‬

‫ودراس� � ��ة التحكيم ال تس� � ��تمد أهميتها من القيمة الكمي� � ��ة والكيفية فقط لهذه‬
‫العقود‪ ،‬بل يتعداها للدور الذي تؤديه في اقتصاديات الدول النامية واملتطورة على‬
‫حد سواء‪ ،‬وترتبط الدول في كثير من األحيان باتفاقيات ثنائية أو جماعية تهدف‬
‫حلماية تنظيمها من خالل إبرام العقود بني الدولة وبني أحد رعايا الدولة األخرى‪،‬‬
‫وتعد هذه العقود ذات أهمية قصوى بالنس� � ��بة للدول اآلخذة في النمو‪ ،‬ألنها تعد‬
‫ف� � ��ي الكثير من األحيان الركي� � ��زة التي من خاللها يتم بن� � ��اء هياكلها االقتصادية‪،‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪352‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وتنظيم بنيتها األساس� � ��ية‪ ،‬وإدارة مرافقها العامة على نحو يجعل من هذه العقود‬
‫ال حيوياً ورئيسياً في حتقيق اخلطة االقتصادية للدول اآلخذة في النمو‪.‬‬ ‫عام ً‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪353‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫قائمة بأهم املراجع العربية‪ ،‬واألجنبية للرسالة‪.‬‬
‫> املراجع العربية‪:‬‬
‫أو ًال‪ :‬املراجع املتخصصة‪:‬‬
‫‪ -‬إبراهي� � ��م طه فياض‪ :‬العقود اإلداري� � ��ة (النظرية العامة‪ ،‬وتطبيقاتها ف� � ��ي القانون الكويتي‪،‬‬
‫واملقارن مع ش� � ��رح قانون املناقصات الكويتي رقم (‪ )37‬لسنة ‪ ،1964‬مكتبة الفالح‪،1981 ،‬‬
‫الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد أبو الوفا‪ :‬العالقات الدولية (دراس� � ��ة لبعض جوانبها القانونية)‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.1999 ،‬‬
‫‪ -‬أحمد بن حس� � ��ن أحمد احلسيني‪ ،‬أوراق‪ ،‬وآراء في البوت بعنوان‪ :‬دراسة شرعية اقتصادية‬
‫خلصخصة مش� � ��اريع البنية التحتية بأس� � ��لوب البناء‪ ،‬والتشغيل ثم اإلعادة‪ ،‬اإلصدار األول‬
‫لشركة مجمعات األسواق التجارية الكويتية‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬جورجي شفيق ساري ‪ -‬التحكيم‪ ،‬ومدى جواز اللجوء إليه لفض املنازعات في مجال العقود‬
‫اإلدارية ‪ -‬الطبعة الثانية ‪ -‬القاهرة ‪ - 2005 -‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ -‬املراجع العامة‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد عبد الكرمي س� �ل��امة‪ :‬قان� � ��ون العقد الدولي‪ .‬دار النهضة العربي� � ��ة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.2001/2000 ،‬‬
‫‪ -‬أحمد عبدالكرمي س� �ل��امة ‪ -‬قانون التحكيم التج� � ��اري الدولي والداخلي ‪ -‬الطبعة األولى‪-‬‬
‫‪ - 2004‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد محمد محرز‪ :‬النظام القانوني لتحويل القطاع العام إلى القطاع اخلاص «اخلصخصة»‪،‬‬
‫القاهرة ‪.1995‬‬
‫‪ -‬أنس جعفر‪ :‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪.2007‬‬
‫‪ -‬السيد املراكبي‪ ،‬التحكيم في دول مجلس التعاون لدول اخلليج العربية‪ ،‬ومدى تأثيره بسيادة‬
‫الدولة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬جنالء حسن سيد ‪ -‬التحكيم في املنازعات اإلدارية ‪ - 2002 -‬بدون ناشر‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪354‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫ثالث ًا‪ -‬املجالت العلمية‪:‬‬
‫‪ -‬آمال الفزايري‪ :‬التدريب في املجاالت عالية التخصص بحث مقدم في ندوة تأهيل‪ ،‬وتدريب‬
‫احملكمني‪ ،‬املنامة‪ ،‬البحرين‪ :‬نش� � ��رة التحكيم التجاري اخلليج� � ��ي‪ ،‬مركز التحكيم التجاري‬
‫الدولي لدول مجلس التعاون اخلليجي‪ ،‬العدد ‪ ،10‬ديسمبر ‪.1998‬‬
‫‪ -‬مش� � ��اعل عبدالعزي� � ��ز الهاجري‪« ،‬بداي� � ��ة النهاية‪ :‬أثر ظهور مجالس تس� � ��وية املنازعات على‬
‫اضمحالل الدور ش� � ��به التحكيمي للمهندس االستشاري في عقد الفيديك ملقاوالت أعمال‬
‫الهندس� � ��ة املدنية (دراسة في آليات املنازعات العقدية وفقاً لتعديالت اإلصدار األخير من‬
‫عقد الفيديك)»‪ ،‬مجلة احلقوق‪ ،‬العدد ‪ ،1‬السنة ‪ ،31‬مارس ‪.2007‬‬
‫‪ -‬عادل الطبطائي‪ :‬الطعن بتجاوز الس� � ��لطة في مجال العقود اإلدارية‪« ،‬دراسة خاصة بقضاء‬
‫مجلس الدولة الفرنس� � ��ي» بحث منشور في مجلة احلقوق‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬السنة احلادية‬
‫عشر‪ ،‬العدل الثالث‪ ،‬محرم ‪ - 1409‬سبتمبر ‪.1987‬‬
‫> املراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪- BrunoDe Cazalet, The Evolution of the Concession and Public‬‬
‫‪Private Partnership Legal Concepts over the Last 20 years under‬‬
‫‪Dommon Law Influence, 2014 Int'l Bus. L.J. 271 (2014).‬‬
‫‪- Bruns et Motulsky -Tendances et perspectives de l'arbitrage inte -‬‬
‫‪national, Rev. int. dr.comp., 1957‬‬
‫‪- C.Cass l ch.c, 11 juillit 2006, Banque populaire loris et laynnans‬‬
‫‪c/ste Sengar, Rev.arb.2006,. P.969.Note CH Larroument..‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫ورقة عمل بعنوان‬

‫اتفاق التحكيم‬

‫اعداد‬
‫املستشار‪ /‬محمد أبو عجيلة دياب‬
‫احملكمة العليا الليبية‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪357‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫مقدمة‬

‫يعد وجود التحكيم منذ وجود اإلنس� � ��ان وعرفة العرب قبل اإلس� �ل��ام وأش� � ��هر‬
‫قضاي� � ��ا التحكيم في تاريخ العرب هي حادثة الن� � ��زاع الذي حصل عند إعادة بناء‬
‫الكعبة الش� � ��ريفة حول من يضع احلجر األس� � ��ود مبكانة م� � ��ن القبائل العربية وقد‬
‫اتفقوا على أن من يدخل عليهم أوالً من العرب هو من يفصل في هذا النزاع فكان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من دخل عليهم وحكم بينهم وحدد لهم كيفية‬
‫وضعه مبكانة ولقي حكمه قبولهم‪.‬‬
‫فالتحكيم بشكل عام هو وسيلة من وسائل فض املنازعات وتسويتها بني أطراف‬
‫النزاع‪.‬‬
‫وهو قضاء اتفاقي يكرس س� � ��لطان إرادة املتعاقدين‪ .‬فالعقد ينعقد بني أطرافه‬
‫وفقاً إلرادتهم واختيارهم ويتم حتريره طبقاً لالتفاق الذي وقع بينهم‪.‬‬
‫وهم من يحدد األش� � ��خاص من املتخصصني الذي ميت� � ��ازون بالكفاءة والنزاهة‬
‫واحلياد للفصل في النزاع‪ .‬وكذلك اختيار القواعد املنظمة لهذا املنازعات س� � ��واء‬
‫م� � ��ن حيث املوضوع أو اإلجراءات أو تعيني م� � ��كان التحكيم واللغة‪ .‬وطبيعة التحكم‬
‫ه� � ��و اخلروج على طرق التقاضي العادية ويعتمد أساس � � �اً على أطراف النزاع بدل‬
‫االعتماد على التنظيم القضائي‪.‬‬
‫والتحكي� � ��م في العقود اإلدارية هو وس� � ��يلة فض النزاع بني أطراف وأش� � ��خاص‬
‫القان� � ��ون الع� � ��ام كالدول والهيئ� � ��ات العامة وأطراف القانون اخلاص كاألش� � ��خاص‬
‫الطبيعي� � ��ة واالعتبارية ونتناول في هذه الورقة احمل� � ��ور الثالث والرابع وذلك وفقاً‬
‫ملا يلي‪:‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪358‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -‬اتفاق التحكيم شرط ومشارطة التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬التعريف بهما والفرق بينهما‪.‬‬
‫‪ -‬الشروط املوضوعية‪.‬‬
‫‪ -‬الشروط الشكلية‪.‬‬
‫‪ -‬محل التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬اآلثار اإليجابية والسلبية التفاق التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬طبيعة الدفع بشرط التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬تشكيل هيئة التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬طرق اختيار التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬التحكيم في الدول العربية‪.‬‬
‫‪ -‬موقف القانون الليبي من فض املنازعات الناشئة عن العقود اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬األحكام‪.‬‬
‫‪ -‬اخلامتة‪.‬‬
‫‪ -‬املراجع‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪359‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫إتفاق التحگيم‬
‫> تعريفه‪:‬‬
‫تع� � ��ددت التعريفات التف� � ��اق التحكيم وجميعها ال تخرج ع� � ��ن اعتباره اتفاق بني‬
‫ال عن طريق شخص‬ ‫أطراف العقد على حل النزاع القائم أو الذي س� � ��يقوم مستقب ً‬
‫أو أش� � ��خاص يخت� � ��اروا ملعارفهم الفني� � ��ة أو لتجربتهم ليفصلوا في� � ��ه دون احملكمة‬
‫املختصة‪.‬‬
‫وبه� � ��ذا املنظ� � ��ور فهو اتفاق أما إن يك� � ��ون قبل النزاع في صورة ش� � ��رط بالعقد‬
‫األصلي يس� � ��مى بش� � ��رط التحكيم وأما أن يكون في صورة اتفاق الحق على نشوء‬
‫النزاع ويسمى مبشارطة التحكيم أو وثيقة التحكيم أو عقد التحكيم‪.‬‬
‫واملش� � ��رع الليبي أج� � ��از اتفاق التحكيم مبوجد املادة ‪ 739‬م� � ��ن قانون املرافقات‬
‫بصورتيه‪:‬‬
‫< ش� � ��رط التحكيم إذا كان املتعاقدون اشترطوا بصفة عامة ما قد ينشأ بينهم‬
‫من نزاع في تنفيذ عقد على محكمني‪.‬‬
‫< مش� � ��ارطة التحكيم إذا كان االتفاق على التحكيم بشأن نزاع معني قد حصل‬
‫بني أطرافه‪.‬‬
‫> الفرق بني شرط االتفاق ومشارطة االتفاق‪:‬‬
‫ش� � ��رط التحكيم هو ما يرد ف� � ��ي العقد املبرم بني طرفيه بإحال� � ��ة النزاع الذي‬
‫ال بني الطرفني إلى التحكيم‪ ،‬أي إن وقوع النزاع مس� � ��ألة محتملة‬ ‫ينش� � ��أ مس� � ��تقب ً‬
‫مستقب ً‬
‫ال‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪360‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫بينما مشارطة التحكيم في حقيقتها هي اتفاق مستقل بني املتنازعني بعد وقوع‬
‫الن� � ��زاع‪ ،‬ودون أن يكون منصوصاً على التحكيم ف� � ��ي العقد األصلي‪ ،‬وذلك بإحالة‬
‫النزاع إلى التحكيم‪.‬‬
‫وبهذا فإن ش� � ��رط التحكيم هو بند أساس� � ��ي من بنود العقد األصلي‪ ،‬في حني‬
‫أن املش� � ��ارطة تعني ع� � ��دم ورود االتفاق على التحكيم ف� � ��ي العقد‪ ،‬فيتفق الطرفان‬
‫املتنازعان الحقاً على اختيار التحكيم بدالً عن اللجوء إلى القضاء العادي‪.‬‬
‫ففي ش� � ��رط التحكيم يك� � ��ون االتفاق على اللجوء إلى التحكيم مس� � ��بقاً أي قبل‬
‫ال‪ ،‬أما في حالة مشارطه التحكيم فيكون االتفاق بعد وقوع النزاع‬ ‫نشوء النزاع أص ً‬
‫فع ً‬
‫ال‪.‬‬
‫ال مثل بيان طبيعة النزاع وأسماء‬ ‫مع العلم أن مشارطة التحكيم تتضمن تفاصي ً‬
‫احملكمني مع بي� � ��ان اتفاق األط� � ��راف باإلحالة للتحكيم وقان� � ��ون املرافعات الليبي‬
‫اش� � ��ترط في املادة ‪ 743‬منه على أنه يجب أن يحدد موضوع النزاع في مش� � ��ارطه‬
‫التحكيم أو أثناء املرافعة وإال كان التحكيم باط ً‬
‫ال‪.‬‬
‫شروط التحكيم‪:‬‬
‫ولتمام اتفاق التحكيم يتطلب توافر شروط موضوعية وأخرى شكلية‪.‬‬
‫أو ًال‪ :‬الشروط املوضوعية‪:‬‬
‫يجب أن تتوافر في اتفاق التحكيم الشروط املوضوعية الالزمة لصحة التصرفات‬
‫بصف� � ��ة عامة فيجب أن يتوفر رضاء صحيح خال من العيوب التي تلحق به بحيث‬
‫يكون التعبير عن اإلرادة صريحاً وواضحاً في اللجوء إلى التحكيم كوس� � ��يلة حلسم‬
‫النزاع س� � ��واء مت ذلك في صورة أحد ش� � ��روط العقد األصلي (شرط التحكيم) أو‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪361‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫في صورة اتفاق مس� � ��تقل (مشارطة التحكيم) كما يجب أن يرد التحكيم على نزاع‬
‫جائز التحكيم فيه وأن يكون س� � ��ببه مش� � ��روعاً وضرورة توافر األهلية الالزمة في‬
‫األطراف إلبرام اتف� � ��اق التحكيم ويتضح من خالل نص املادة (‪ )1/720‬من قانون‬
‫املرافق� � ��ات الليبي أنه تش� � ��دد بنصه على أن األهلي� � ��ة الالزمة لصحة التحكيم هي‬
‫أهلية التصرف في احلقوق ومفهوم ذلك أن احملجور عليه ال ميلك صالحية إبرام‬
‫أو قب� � ��ول التحكي� � ��م وكذلك القاصر ولو كان مأذوناً له بأعم� � ��ال اإلدارة وال النائب‬
‫القانون� � ��ي كالولي أو الوص� � ��ي أو القيم إال إذا حصل عل� � ��ى أذن من احملكمة وكذا‬
‫الشأن بالنسبة للوكيل الذي يزود بوكالة خاصة م ‪ 1/702‬من القانون املدني ولعل‬
‫خشية املشرع من مخاطر التنازل عن قضاء الدولة الرسمي وما فيه من ضمانات‬
‫وهو الذي جعله يتطلب هذه األهلية لصحة التصرف ومس� � ��لك الشرع هذا يختلف‬
‫على ما ذهب إليه الش� � ��رع املصري في امل� � ��ادة ‪ 11‬من قانون التحكيم التي وضعت‬
‫قاعدة تتعلق بصالحية الش� � ��خص الطبيعي أو اإلعتب� � ��اري للقيام بالتصرفات في‬
‫حقوقه‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بتحديد أهلية الدولة أو أحداً أشخاص القانون العام فإنه يرجع‬
‫ف� � ��ي حتديد ذلك إلى قان� � ��ون الدولة التي ينتمي إليها األطراف حيث تس� � ��تقل كل‬
‫دولة بتحديد مس� � ��ألة أهلية األشخاص س� � ��واء كانوا من أشخاص القانون اخلاص‬
‫أو القان� � ��ون العام وغالبية االتفاقي� � ��ات الدولية ال متنع من أن تكون الدولة أو أحد‬
‫أشخاص القانون العام طرف في التحكيم‪.‬‬
‫فإذا كانت اتفاقية نيويورك لعام ‪1958‬م‪ ،‬بشأن االعتراف وتنفيذاً أحكام التحكيم‬
‫األجنبي لم تتضمن أي نص صريح يتعلق بأهلية الدولة أو أحد أش� � ��خاص القانون‬
‫الع� � ��ام إلبرام اتفاق التحكي� � ��م إال إن االتفاقية األوربية للتحكي� � ��م التجاري الدولي‬
‫العام ‪ 1991‬قد نصت صراحة على أهلية أشخاص القانون العام إلبرام اتفاقيات‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪362‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التحكيم وكذلك اتفاقية واش� � ��نطن اخلاصة بف� � ��ض املنازعات بني الدول املتعاقدة‬
‫وب� �ي��ن مواطني ال� � ��دول املتعاقدة األخرى حيث يجوز طبقاً ألح� � ��كام هذه االتفاقية‬
‫أن يك� � ��ون أحد أطراف اتفاق التحكيم أحد الدول أو أحد أش� � ��خاص القانون العام‬
‫وس� � ��وف نتناول هذه عند استعراض موقف القانون الليبي وبعض القوانني العربية‬
‫من جواز التحكيم في العقود اإلدارية التي تبرمها الدول‪.‬‬
‫> محل التحكيم‪:‬‬
‫يقصد مبحل التحكيم املنازعات التي يتفق األطراف على حلها بطريقة التحكيم‬
‫ويج� � ��ب أن يكون محل التحكيم محدداً فيها‪ ،‬ومن املس� � ��تقر عليه في التش� � ��ريعات‬
‫الوطني� � ��ة واالتفاقيات الدولية أنه ال يج� � ��وز أن يكون محل التحكيم مخالفاً للنظام‬
‫الع� � ��ام فإذا كان األصل في التحكيم أنه يجوز في أي منازعة اتفق عليها األطراف‬
‫إال أن املشرع في تلك التشريعات قد رأى أن بعض املنازعات ال جتوز فيها التحكيم‬
‫ال لعدم مشروعية محلة‪.‬‬ ‫وإذا ورد عليها التحكيم فإنه يكون باط ً‬

‫وقد أخذ املشرع املصري بهذا االجتاه في قانون التحكيم اجلديد الصادر سنة‬
‫‪1994‬م‪ ،‬وفق ما نصت عليه املادة ‪ 11‬منه وكذلك املش� � ��رع الليبي هو أيضاً أخذ به‬
‫ف� � ��ي املادة ‪ 470‬من قان� � ��ون املرافعات حيث نصت بأنه ال يجوز التحكيم في األمور‬
‫املتعلقة بالنظام العام أو املنازعات بني العامل وأرباب العمل بشأن تطبيق األحكام‬
‫اخلاص� � ��ة بالتأمني االجتماعي وإصابات العمل وأمراض املهنة واملنازعات املتعلقة‬
‫باجلنس� � ��ية أو احلالة الش� � ��خصية مبا في ذلك التفريق البدن� � ��ي على أنه يجوز أن‬
‫يكون موض� � ��وع التحكيم تقديراً لنفقة واجبة من (النظ� � ��ام الزوجي أو العائلي) أو‬
‫ف� � ��ي اخلالف عل� � ��ى مقدار املهر أو دعوى مالية أخرى ناش� � ��ئة عن قضايا األحوال‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪363‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫كما يجوز التحكيم بني الزوجني فيما جتيزه أحكام الش� � ��ريعة اإلس� �ل��امية‪ ،‬وال‬
‫يصح التحكيم في املسائل التي ال يجوز فيها الصلح‪.‬‬
‫ومن خالل النص جند أن املش� � ��رع الليبي أخرج املس� � ��ائل التي تتعلق باملصلحة‬
‫العام� � ��ة من نظام التحكيم والصلح إال إذا تعل� � ��ق األمر باملصلحة املالية فقط ذلك‬
‫أن عل� � ��ة املنع ال تتوافر إذا كان أساس� � ��ها احلالة الش� � ��خصية كما هو الش� � ��أن في‬
‫ح� � ��ق النفقة لتعلق األمر باملصلحة املالية وفي ه� � ��ذه احلالة يجوز الصلح وبالتالي‬
‫ال بنص املادة ‪ 550‬من القانون املدني املقابلة للمادة ‪ 551‬من القانون‬ ‫التحكيم عم ً‬
‫املدني املصري‪.‬‬
‫وقضت احملكمة العليا الليبية بهذا اخلصوص في الطعن املدني رقم ‪23/84‬ف‬
‫بنق� � ��ض احلكم املطعون فيه الذي رفض الدفع ببطالن ش� � ��رط التحكيم في طلب‬
‫يتعلق باألجر اإلضافي املس� � ��تحق طبقاً ألحكام قانون العمل واستندت احملكمة في‬
‫نقض احلكم لعدم جواز التحكيم في هذه املسألة طبقاً لنص املادة ‪ 740‬من قانون‬
‫املرافعات‪ ،‬ألن األجور اإلضافية املستحقة مقررة مبقتضى قانون العمل وأحكامه‬
‫من النظام العام‪.‬‬
‫> الشروط الشكلية‪:‬‬
‫األصل أن اتفاق التحكيم ينعقد مبجرد اتفاق الطرفني على إبرامه باعتباره من‬
‫العقود الرضائية‪ ،‬دون احلاجة إلى شكلية خاصة‪ ،‬ومع ذلك فإن غالبية تشريعات‬
‫الدول تشترط الكتابة إلبرامه‪ ،‬سواء مت في صورة شرط في العقد األصلي أو في‬
‫صورة اتفاق مستقل‪ ،‬كما أن االتفاقيات الدولية تشترط كتابة اتفاق التحكيم‪.‬‬
‫فقد نصت اتفاقية نيويورك على ذلك صراحة في الفقرة األولى من املادة الثانية‬
‫بأن (تعترف كل دولة متعاقدة باالتفاق املكتوب الذي يلتزم مبقتضاه األطراف بأن‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪364‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫يخضعوا للتحكيم كل أو بعض املنازعات الناش� � ��ئة أو التي قد تنش� � ��أ بينهم بش� � ��أن‬
‫موض� � ��وع من روابط القان� � ��ون التعاقدية أو غير التعاقدية املتعلقة مبس� � ��ألة يجوز‬
‫تس� � ��ويتها عن طريق التحكيم) كما بينت الفق� � ��رة الثانية املقصود باالتفاق املكتوب‬
‫بأن� � ��ه (ش� � ��رط التحكيم في عقد أو اتف� � ��اق التحكيم املوقع علي� � ��ه من األطراف أو‬
‫االتفاق الذي تضمنته اخلطابات املتبادلة أو البرقيات)‪.‬‬
‫كذل� � ��ك أخذ القان� � ��ون املصري بهذا االجت� � ��اه الغالب في التش� � ��ريعات الوطنية‬
‫واإلتفاقي� � ��ات الدولية‪ ،‬حي� � ��ث نصت املادة ‪ 12‬منه على أن� � ��ه (يجب أن يكون اتفاق‬
‫ال‪ ،‬ويكون اتف� � ��اق التحكيم مكتوباً إذا تضمنه محرر‬ ‫التحكي� � ��م مكتوباً وإال كان باط ً‬
‫وقع� � ��ه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادل الطرفان من رس� � ��ائل أو برقيات أو غيرها‬
‫من وسائل االتصاالت املكتوبة)‪.‬‬
‫فاملشرع املصري قد جعل كتابة اتفاق التحكيم شرطاً لصحته ال شرطاً إلثباته‬
‫متمشياً في ذلك مع االجتاه احلديث في تشريعات التحكيم‪.‬‬
‫واملش� � ��رع الليبي اش� � ��ترط في املادة ‪ 742‬من قانون املرافعات على أنه ال تثبت‬
‫مش� � ��ارطه التحكيم إال بالكتاب� � ��ة وهذا النص صريح في اش� � ��تراط الكتابة إلثبات‬
‫مش� � ��ارطه التحكيم وإن قصد املشرع من هذا الشرط هو استبعاد اإلثبات بشهادة‬
‫الشهود والقرائن‪.‬‬
‫وإذا كان يترت� � ��ب على التحكيم خروج النزاع موضوع عقد التحكيم من س� � ��لطة‬
‫القضاء العادي الذي نظمه املش� � ��رع وعليه فإن ش� � ��رط التحكي� � ��م في العقد يجب‬
‫أن يك� � ��ون واضح وظاهراً عن البن� � ��ود األخرى املدرجة في العقد وبالتالي فإن هذا‬
‫ال ونصت املادة‬ ‫الظهور يأخذ طابع الش� � ��كل يجب التقيد به وأال وقع الش� � ��رط باط ً‬
‫ال إذا ورد في وثيقة‬‫‪ 4/750‬من القانون املدني الليبي بأن يقع شرط التحكيم باط ً‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪365‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التأم� �ي��ن بني ش� � ��روطها العام� � ��ة املطبوعة ال في صورة اتفاق خ� � ��اص منفصل عن‬
‫الشروط العامة‪.‬‬
‫> آثار التحكيم‪:‬‬
‫ككل عقد يترتب عن اتفاق التحكيم نوعني من اآلثار‪:‬‬
‫‪ -1‬األثر السلبي‪:‬‬
‫يتمثل هذا األثر في حرمان أطراف العقد من االلتجاء إلى القضاء بشأن‬
‫اخلصومة التي اتفقوا فيها على التحكيم لنزولهم عن االلتجاء إلى القضاء‬
‫وذل� � ��ك ال يخالف املبادىء التي قررتها التش� � ��ريعات ومبادىء احملكمة العليا‬
‫بصدد حق التقاضي‪.‬‬
‫فاألم� � ��ر ال يتعل� � ��ق بغلق باب التقاضي بل بتمك� �ي��ن اإلرادات اخلاصة في‬
‫إنش� � ��اء قضاء يحقق لها مزايا ال جتده� � ��ا في قضاء الدولة وهي تدور حول‬
‫الثقة في ش� � ��خص احملكم فهو يتمتع باخلب� � ��رة والتخصص واحلصول على‬
‫قرار سريع وبأقل جهد وتفادي عالنية اجللسات واختصار الشكليات وقلة‬
‫النفقات‪.‬‬
‫‪ -2‬األثر اإليجابي‪:‬‬
‫يترتب على اتفاق التحكيم حق األطراف في عرض النزاع على التحكيم‬
‫للوصول إلى فض النزاع القائم وإذا امتنع أحد األطراف عن تنفيذ االتفاق‬
‫كان بإم� � ��كان الطرف اآلخر إبجاره عن طريق القض� � ��اء على تنفيذ االلتزام‬
‫بعرض النزاع على التحكيم ولو باستعمال التهديد املالي‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪366‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أم� � ��ا إذا كانت املخالفة تتمثل في تخلف� � ��ه عن تعني احملكمة أو احملكمني‬
‫رغم انقضاء عشرين يوماً من إعالنه لهذا الغرض فإن الطرف اآلخر ميلك‬
‫أن يطل� � ��ب من احملكم� � ��ة املختصة بأصل النزاع تعي� �ي��ن محكمني م ‪ 746‬من‬
‫قانون املرافعات الليبي‪.‬‬
‫> طبيعة الدفع بشرط التحكيم‪:‬‬
‫يتنازع الفقه والقضاء املقارن حول تكييف هذا الدفع من وجهني‪:‬‬
‫أ‪ -‬تكيف هذا الدفع على أنه دفع بعدم االختصاص ولكن هذا التكييف يتطلب‬
‫لس� �ل��امته أن يؤدي ش� � ��رط التحكيم إلى نزع اختصاص احملكمة والقضاء‬
‫ه� � ��و صاحب الوالية أص ً‬
‫ال‪ ،‬وعليه يتجه الرأي الس� � ��ائد إل� � ��ى اعتبار الدفع‬
‫باالعتداد بش� � ��رط التحكيم من قبل الدفوع بع� � ��دم القبول إذ باالتفاق على‬
‫التحكيم يتن� � ��ازل الفرقاء عن طريق اخلصومة القضائية العادية ويرتضون‬
‫بطريق التحكيم فالقضاء رغم اختصاصه األصيل يصبح ممنوعاً عن نظر‬
‫الدع� � ��وى وبالتال� � ��ي إذا اتض� � ��ح أن االتفاق باطل أو مت فس� � ��خه يزول املانع‬
‫املذكور وينفتح باب القضاء العادي من جديد‪.‬‬
‫وق� � ��د قضت احملكمة العلي� � ��ا الليبية في الطعن اإلداري رقم ‪8/1‬م جلس� � ��ة‬
‫‪ 24/6/1961‬برفض الدفع بعدم اختصاص احملكمة الشتراط التحكيم في‬
‫العقد تأسيس � � �اً على أن دعوى املدعي ألصله لها بأي نزاع يتعلق بش� � ��روط‬
‫العق� � ��د وإمنا جوهر اخلالف ب� �ي��ن الطرفني هو أق� � ��دام الدولة من جهتها‬
‫وحده� � ��ا على إلغ� � ��اء العقد وإنهائه ومن مت فإن ه� � ��ذا الدفع في غير محله‬
‫ويعني رفضه‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪367‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫> تشكل هيئة التحكيم‪:‬‬
‫تعت� � ��رف التش� � ��ريعات بحق األطراف ف� � ��ي اختيار محكميه� � ��م باتفاقهم وكذلك‬
‫االتفاقيات الدولية بشأن التحكيم ومن ذلك بروتوكول جنيف لعام ‪ 1923‬واتفاقية‬
‫جنيف ‪ 1937‬ومن شروط االعتراف بحكم التحكيم واألمر بتنفيذه أن يكون احلكم‬
‫قد صدر من محكمة التحكيم احملددة في مش� � ��ارطه أو شرط التحكيم أو املشكلة‬
‫طبقاً التفاق األطراف وإلى قواعد القانون واجب التطبيق على إجراءات التحكيم‪،‬‬
‫وتعتب� � ��ر طريقة اختيار هيئة التحكيم من مي� � ��زات التحكيم فاألطراف أو ممثلوهم‬
‫تكون لهم الفرصة األكبر في اختيار احملكمني‪.‬‬
‫> طريقة اختيار احملكمني‪:‬‬
‫‪ -1‬أس� � ��لوب االختيار املباشر ويكون ذلك بتحديد األطراف بأنفسهم أشخاص‬
‫احملكمني وتس� � ��ميتهم وذلك دون إش� � ��ارة أو إحالة إلى أي ش� � ��خص أو هيئة‬
‫أخرى وعادة يكون بإدراج أسماء هيئة التحكيم في اتفاق التحكيم وقد أخذ‬
‫القانون املصري في املادة ‪ 1/15‬من قانون التحكيم بهذا األسلوب‪.‬‬
‫‪ -2‬أس� � ��لوب االختيار الغير املباش� � ��ر أو بالتفويض ويكون ذلك باتفاق األطراف‬
‫على ش� � ��خص من الغير أو هيئة أو منظم� � ��ة تتولى مهمة تعني أعضاء هيئة‬
‫التحكيم وفقاً لقواعد أو الئحة معروفة وفي هذه احلالة يجب احترام تلك‬
‫القواعد أو الالئحة خاصة إذا كانت الزامية وأش� � ��ار املش� � ��رع املصري إلى‬
‫هذا األس� � ��لوب في نص املادة ‪ 17‬من قانون التحكيم الذي قرر أن لطرفي‬
‫التحكيم االتفاق عل� � ��ى اختيار احملكمني وعلى كيفية اختيارهم وواضح من‬
‫الن� � ��ص أن االتفاق ال ينصب على اختيار احملكمني بل على كيفية اختيارهم‬
‫أي الطريقة التي يتم من خاللها اختيار احملكمني باإلحالة إلى هيئة أو مركز‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪368‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫أو ش� � ��خص أو قانون معني ينظم عملية تعيني احملكمني املشرع الليبي أجاز‬
‫في املادة ‪ 746‬في حالة عدم االتفاق على احملكمني أو امتناع احملكمني عن‬
‫العمل أو اعتزالهم أو قام مانع من مباشرهم للمهمة ولم يكن بني اخلصوم‬
‫شرط خاص‪.‬‬
‫ألي من اخلصوم أن يعلن اآلخر عن طريق احملضرين باحملكم الذي اختاره‬
‫أو احملكمني الذين عينهم مع دعوته أن يعني هو اآلخر من جانبه من يختاره‬
‫من احملكمني وإذا تخلف ذلك اخلصم عن تعيني احملكمني من جانبه خالل‬
‫عش� � ��رين يوماً من إعالنه فللطرف األول أن يطل� � ��ب من احملكمة املختصة‬
‫بأصل احلكم في أصل الدعوى تعيني احملكمني‪.‬‬
‫> التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬التحكيم في الدول العربية‪.‬‬
‫اختلف� � ��ت التش� � ��ريعات العربية حول ج� � ��واز التحكيم في العق� � ��ود اإلدارية التي‬
‫تبرمها الدولة مع أش� � ��خاص القانون العام وأش� � ��خاص القانون اخلاص ال س� � ��يما‬
‫في العالقات الدولية فنص قانون اململكة العربية الس� � ��عودية في املرس� � ��وم امللكي‬
‫رق� � ��م ‪ 46‬في املادة ‪ 3‬منه الصادر بتاريخ ‪1403/7/12‬هـ على أنه ال يجوز للجهات‬
‫احلكومي� � ��ة اللجوء إلى فض منازعاتها م� � ��ع اآلخرين إال بعد موافقة رئيس مجلس‬
‫الوزراء وهذا املنع يش� � ��مل التحكيم في العالقات الداخلية واخلارجية وكذلك جاء‬
‫قان� � ��ون التحكيم املصري رقم ‪ 27‬لس� � ��نة ‪ 1994‬بالتوجه نحو حترير قبول التحكيم‬
‫من أثار فكرة سيادة الدولة فنص في املادة األولى منه على أنه (مع عدم اإلخالل‬
‫بإحكام االتفاقيات الدولية املعمول بها في جمهورية مصر العربية تس� � ��ري أحكام‬
‫ه� � ��ذا القانون على كل حتكيم بني أطراف من أش� � ��خاص القانون العام أو القانون‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪369‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫اخل� � ��اص أي كانت طبيعة العالقة القانونية التي ي� � ��دور حولها النزاع إذا كان هذا‬
‫التحكي� � ��م يجري في مصر أو كان حتكيم � � �اً دولياً يجري في اخلارج واتفق إطرافه‬
‫على إخضاعه لنظام هذا القانون)‪.‬‬
‫وأم� � ��ام عمومي� � ��ة هذا النص حصل خ� �ل��اف في الفقه على ج� � ��واز التحكيم في‬
‫العقود اإلدارية‪ .‬فقد رأى املشرع حسم هذا اخلالف بإصدار القانون رقم ‪ 9‬لسنة‬
‫‪ 1997‬بتعديل بعض أحكام قانون التحكيم في املواد املدنية والتجارية مضيفاً فقرة‬
‫ثانية إلى املادة األولى منه تقضي بأنه (بالنس� � ��بة للمنازعات اإلدارية يكون االتفاق‬
‫على التحكيم مبوافقة الوزير املختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة لألشخاص‬
‫االعتبارية العامة وال يجوز التفويض في ذلك)‪.‬‬
‫ويالحظ من التعديل املذكور أن ج� � ��واز التحكيم في املنازعات اإلدارية مرهون‬
‫مبوافقة الوزير املختص أو من يتولى اختصاصه بالنس� � ��بة لألشخاص االعتبارية‬
‫العامة وينصرف إلى التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي على حد س� � ��واء ذلك أن‬
‫القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬وضع تنظيماً موحداً للتحكيم بكافة صوره دون متيز‬
‫بني التحكيم الداخلي أو التحكيم الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬موق���ف القان���ون الليب���ي م���ن ف���ض املنازع���ات الناش���ئة ع���ن العق���ود اإلدارية‬
‫بالتحكيم‪:‬‬
‫ل� � ��م يتعرض املش� � ��رع الليبي في نصوص القانون رقم ‪ 88‬لس� � ��نة ‪ 1971‬بش� � ��أن‬
‫القضاء اإلداري للتحكيم بش� � ��أن املنازعات التي حتصل عن العقود اإلداري إال أن‬
‫قان� � ��ون املرافع� � ��ات وهو القانون العام قد اخص في م� � ��واده بالباب الرابع ما يتعلق‬
‫باألح� � ��كام التحكيم بصفة عامة وهو بهذا لم يعمل كما ذهبت بعض الدول العربية‬
‫في إصدار قانون يخص التحكيم‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪370‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫وفي الوقت احلالي فإن املادة رقم ‪ 83‬من القرار رقم ‪ 563‬لسنة ‪ 2007‬بإصدار‬
‫الئحة العقود اإلدارية فهي التي تتعلق بالتحكيم فقد نصت املادة املذكورة على أن‬
‫يراع� � ��ى النص في العقود اإلدارية بصفة أساس� � ��ية على اختصاص القضاء الليبي‬
‫بالنظر في املنازعات التي تنشأ عن هذه العقود على أنه يجوز إذا اقتضت الضرورة‬
‫ف� � ��ي حاالت التعاقد مع جهات غير وطنية ومبوافقة مجلس الوزراء حالياً أن ينص‬
‫في العقد على االلتجاء للتحكيم مبشارطه حتكيم خاصة ويجب في هذه احلاالت‬
‫أن حتدد مش� � ��ارطه التحكيم أوجه النزاع التي يلج� � ��أ فيها إلى التحكيم وإجراءاته‬
‫وقواع� � ��د اختيار احملكمني مبا يكف� � ��ل للجانب الليبي فرص� � ��ة متكافئة في اختيار‬
‫وحتديد مدى ما للمحكمني من سلطة واختصاص واجلوانب األخرى املتطلبة لهذا‬
‫الغرض‪ ،‬ويراعى في كل ذلك عدم االتفاق على التحكيم بواسطة محكم فرد ومفاد‬
‫ذلك أنها قررت مبدأ وأصدرت عليه استثناء‪.‬‬
‫املبدأ هو اختصاص القضاء الليبي بفض املنازعات التي قد تنش� � ��أ عن العقود‬
‫اإلداري� � ��ة ومن مت بطالن كل ش� � ��رط مانع لالختصاص س� � ��واء للتحكيم أو القضاء‬
‫األجنبي االستثناء هو جواز ذلك إذا توافر شرطان‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يتم اخلروج على املبدأ بقرار من مجلس الوزراء في شكل مكتوب‪.‬‬
‫‪ -2‬حتديد أوجه النزاع في مشارطة التحكيم وإجراءاته وقواعد اختيار احملكمني‬
‫وحظر االتفاق على التحكيم بواسطة محكم فرد‪.‬‬
‫> األحگام‪.‬‬
‫‪ -‬قضت احملكمة الليبية في الطعن اإلداري رقم ‪ 20/1‬ق جلس� � ��ة ‪1974/4/18‬‬
‫بع� � ��دم جواز الطعن في تقارير اخلبراء بعد صدور حكم احملكمني في قضية‬
‫التحكيم ألن� � ��ه صدر في أصل احلق واعتمد عل� � ��ى تقرير اخلبراء وإن ذلك‬
‫ينطوي ضمناً القضاء في النزاع حول التقرير‪.‬‬
‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬
‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪371‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -‬قض� � ��ت احملكم� � ��ة العليا الليبي� � ��ة في الطع� � ��ن اإلداري رقم ‪ 20/6‬ق جلس� � ��ة‬
‫‪ 1974/4/16‬بأن� � ��ه متى كانت املنازعة الت� � ��ي فصل فيها حكم احملكمني من‬
‫اختصاص القضاء اإلداري فإن محكمة القضاء اإلداري هي املختصة بوقف‬
‫ال بنظر النزاع عم ً‬
‫ال‬ ‫تنفي� � ��ذ حكم احملكمني بوصفها احملكمة املختص� � ��ة أص ً‬
‫باملادتني ‪ 765 ،762‬من قانون املرافعات‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪372‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬

‫اخلامتة‬
‫من خالل دراستنا ملوضوع التحكيم جند أن املشرع الليبي لم يضع قانون خاص‬
‫بالتحكي� � ��م كما فعل املش� � ��رع املصري بإصدار قانون التحكي� � ��م وكذلك العديد من‬
‫التش� � ��ريعات العربية وترك األمر بش� � ��أنه إلى ما ورد في قانون املرافعات باعتباره‬
‫القانون العام وما نصت عليه املادة ‪ 83‬من الئحة العقود اإلدارية الصادرة في سنة‬
‫‪.2007‬‬
‫ومل� � ��ا للتحكيم من خصائص يتميز بها عن القضاء العادي فهو ال يتقيد بقواعد‬
‫القانون اإلجرائية واملوضوعية ويطبق احملكمني القواعد التي يتفق عليها األطراف‬
‫ويتن� � ��وع التحكيم حس� � ��ب موضوع النزاع فقد يكون جتاري � � �اً أو مدنياً أو إدارياً كما‬
‫ميتاز بس� � ��رعة الفصل في النزاع على خالف سير الدعوى أمام القضاء فالتطور‬
‫في املعامالت االقتصادية الدولية واتس� � ��اع آف� � ��اق التبادل التجاري بني الدول وهو‬
‫ما يتس� � ��م به هذا العصر أدى إلى ظه� � ��ور العديد من املنازعات وهو ما يتطلب من‬
‫املشرع الليبي بإصدار قانون خاص بالتحكيم‪.‬‬
‫والله املوفق‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪373‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬

‫قائمة املراجع‬

‫اسم املرجع‪:‬‬
‫د‪ .‬الكوني عبودة‬ ‫‪ -1‬قانون علم القضاء التنظيم القضائي الليبي‬
‫د‪ .‬محمد حسني منصور‬ ‫‪ -2‬العقود الدولية‬
‫د‪ .‬عبد الباسط محمد عبد الواسع‬ ‫‪ -3‬شرط التحكيم‬
‫د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‬ ‫‪ -4‬التحكيم في القوانني العربية‬
‫د‪ .‬منير عبد املجيد‬ ‫‪ -5‬قضاء التحكيم‬
‫د‪ .‬أحمد عبد احلميد عشوش‬ ‫‪ -6‬التحكيم كوسيلة لفض املنازعات‬
‫د‪ .‬حفيظة السيد احلداد‬ ‫‪ -7‬النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي‬
‫د‪ .‬بحوث‬ ‫‪ -8‬مجلة التحكيم العربي ‪ -‬العدد الثامن عشر‬
‫اإلسكندرية بحوث‬ ‫‪ -9‬مجلة احلقوق للبحوث الثانونية العدد األول ‪2009‬‬
‫طرابلس بحوث‬ ‫‪ -10‬مجلة احملامي‬
‫بحث‬ ‫‪ -11‬فض املنازعات بالتحكيم‬
‫منشورات احملكمة العليا‬ ‫‪ -12‬موسوعة أحكام احملكمة العليا الليبية‬
‫تشريعات‬ ‫‪ -13‬قانون املرافعات الليبي‬
‫تشريعات‬ ‫‪ -14‬القانون املدني الليبي‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪375‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬

‫البيان الـختامي‬
‫للملتقى العلمي الثالث لالتحاد العربي‬
‫للقضاء اإلداري‬
‫عقد اإلحت� � ��اد العربي للقض� � ��اء اإلداري امللتق� � ��ى العلمي الثال� � ��ث حتت عنوان‬
‫«التحكيم في العقود اإلدارية»‪ ،‬يومي األحد واإلثنني املوافقني ‪ 29‬و ‪ 30‬أبريل سنة‬
‫‪ ،2019‬بدول� � ��ة الكويت‪ ،‬وذلك بالتع� � ��اون مع املجلس األعلى للقضاء ومعهد الكويت‬
‫للدراسات القضائية والقانونية وحتت رعاية كرمية من معالي املستشار الدكتور‪/‬‬
‫فهد محمد محس� � ��ن العفاس� � ��ي ‪ -‬وزير العدل ووزير األوقاف والشئون اإلسالمية‬
‫بدولة الكويت‪.‬‬
‫حيث افتتح س� � ��يادته فعاليات امللتقى مع الس� � ��يد املستشار‪ /‬أحمد عبد العزيز‬
‫أب� � ��و العزم رئيس مجلس الدولة املصري‪ ،‬ورئيس االحتاد العربي للقضاء اإلداري‪،‬‬
‫وبحضور السيد املستشار‪/‬يوسف جاسم املطاوعة ‪ -‬رئيس املجلس األعلى للقضاء‬
‫ورئيس محكمة التمييز واحملكمة الدستورية بالكويت ولفيف من املسئولني ورجال‬
‫القضاء والقانون بدولة الكويت‪.‬‬
‫وعق� � ��د امللتقى جلس� � ��اته الثمان بحضور الس� � ��ادة رؤس� � ��اء املجال� � ��س القضائية‬
‫العليا العربية ولفيف من الس� � ��ادة قضاة الدول العربية وقضاة الس� � ��لطة القضائية‬
‫بالكويت‪.‬‬
‫وتناول امللتقى خالل جلس� � ��اته التعريف بالتحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬واملوقف‬
‫الفقهي والقضائي من جواز اللجوء للتحكيم فيها‪ ،‬والتطور الذي حلق بتلك املسألة‪،‬‬
‫وتناول أيضاً إجراءات التحكيم‪ ،‬واش� � ��كال اتفاق التحكيم‪ ،‬وتطرق امللتقى للتحكيم‬
‫ف� � ��ي العقود اإلدارية الدولي� � ��ة‪ ،‬والقانون الواجب التطبي� � ��ق‪ ،‬وحجية أحكام هيئات‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪376‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫التحكيم أمام احملاكم الوطنية‪ ،‬وأخيراً تناول امللتقى طرق الطعن على أحكام هيئة‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫وناقش املش� � ��اركون ف� � ��ي امللتقى البحوث العلمية والفكرية املقدمة‪ ،‬وقد ش� � ��هد‬
‫النق� � ��اش إثرا ًء علمياً تطبيقياً حول مح� � ��اوره املختلفة من واقع تطبيقي لكل الدول‬
‫العربية املشاركة‪ ،‬وانتهى امللتقى إلى التوصيات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬إعداد مشروع قانون منوذجي استرشادي منظم للتحكيم في العقود اإلدارية‬
‫يحتذى به في الدول العربية وفقاً للتشريعات الداخلية لكل دولة‪.‬‬
‫‪ -2‬تشكيل جلنة متخصصة مهمتها إعداد مشروع مدونة استرشادية إلجراءات‬
‫وأح� � ��كام التحكيم‪ ،‬تعمم عل� � ��ى الدول العربية لالس� � ��تعانة بها حال جلوئها‬
‫للتحكيم‪ ،‬وللجنة عقد ورش عمل واالس� � ��تعانة مب� � ��ن تراه من املتخصصني‬
‫إلمتام إجناز مشروع املدونة في أقرب وقت‪.‬‬
‫‪ -3‬عقد دورات تدريبية وتأهيلية للقائمني على إعداد وصياغة العقود اإلدارية‬
‫بال� � ��دول العربية‪ ،‬واالس� � ��تعانة باخلبراء املتخصصني عن� � ��د صياغة العقود‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -4‬تدري� � ��س مادة العقود اإلدارية والتحكيم فيها في كليات القانون والش� � ��ريعة‬
‫بالدول العربية‪ ،‬واملعاهد املتخصصة‪.‬‬
‫‪ -5‬ينشىء االحتاد العربي للقضاء اإلداري مركزاً للتحكيم للنظر في منازعات‬
‫العقود اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -6‬إيفاد القضاة من الدول العربية لدراس� � ��ة أح� � ��دث نظم التحكيم في الدول‬
‫األخرى والوقوف على املستجدات في هذا الشأن‪.‬‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪377‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬
‫‪ -7‬تب� � ��ادل املعلوم� � ��ات واألحكام واخلبرات بني ال� � ��دول األعضاء باالحتاد فيما‬
‫يتعلق مبوضوع امللتقى‪.‬‬
‫‪ -8‬إنش� � ��اء جلنة مش� � ��تركة ملتابعة تنفيذ التوصيات وع� � ��رض تقرير بذلك على‬
‫اجلمعية العامة لالحتاد في أول دور انعقاد لها‪.‬‬
‫وف� � ��ي اخلتام وجه احلاضرون عميق ش� � ��كرهم ملعالي املستش� � ��ار الدكتور‪ /‬فهد‬
‫محمد العفاس� � ��ي وزير العدل ووزير األوقاف والش� � ��ئون اإلسالمية بدولة الكويت‬
‫راعى امللتقى‪ ،‬وملعالى املستش� � ��ار‪ /‬يوسف جاس� � ��م املطاوعة رئيس املجلس األعلى‬
‫للقضاء ورئيس محكمة التمييز واحملكمة الدستورية بالكويت على حسن االستقبال‬
‫وكرم الضيافة‪ ،‬كما أثنى احلاضرون على التنظيم الرائع واملشرف من جانب معهد‬
‫الكويت للدراسات القضائية والقانونية‪ ،‬واجلهود التي بذلها مسئولو املعهد وعلى‬
‫رأسهم سيادة املستش� � ��ار‪ /‬عويد ساري الثومير مدير املعهد ونوابه ومعاونيه‪ ،‬وهو‬
‫أمر ليس مبس� � ��تغرب على دولة الكويت التي كانت وس� � ��تظل أكبر الداعمني للعمل‬
‫العربي املشترك بصفة عامة‪ ،‬ولالحتاد العربي للقضاء اإلداري بصفة خاصة‪.‬‬
‫والله املوفق‪.‬‬
‫أمني عام االحتاد‬ ‫ ‬
‫املستشار‪ /‬محمد محمود رسالن‬ ‫ ‬
‫نائب رئيس مجلس الدولة املصري‬

‫رئيس مجلس الدولة املصري‬ ‫ ‬


‫رئيس االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬ ‫ ‬
‫املستشار‪ /‬أحمد عبد العزيز أبو العزم‬ ‫ ‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬

‫‪379‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬

‫الفهرس العام‬
‫‪3‬‬ ‫تقدمي‬ ‫‪1‬‬

‫‪7‬‬ ‫الئحة االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬ ‫‪2‬‬

‫‪11‬‬ ‫برنامج امللتقى العلمي الثالث‬ ‫‪3‬‬


‫التحكيم وتطور اخلالف الفقهي والقضائي‬
‫‪17‬‬ ‫جمهور ّية مصر العربية‬ ‫حول جوازه في العقود اإلدارية‬ ‫‪4‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬جابر جاد نصار‬

‫مدى مشروعية اتفاق التحكيم في العقود اإلدارية‬ ‫‪5‬‬


‫‪77‬‬ ‫جمهور ّية مصر العربية‬ ‫مستشار‪ /‬د‪ .‬برهان أمر ا&‬

‫التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‬ ‫‪6‬‬


‫‪91‬‬ ‫جمهور ّية العراق‬
‫مستشار‪ /‬د‪ .‬عبداللطيف نايف‬

‫اجلمهورية اجلزائرية‬ ‫إجراءات التحكيم في العقود اإلدارية‬ ‫‪7‬‬


‫‪121‬‬ ‫الدميقراطية الشعبية‬ ‫مستشارة‪ /‬سمية عبدالصدوق‬

‫تطور قضاء التحكيم في مجال العقود اإلدارية الدولية‬


‫‪139‬‬ ‫جمهور ّية مصر العربية‬ ‫‪8‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬أحمد صادق القشيري‬

‫تنفيذ أحكام هيئات التحكيم وفقاَ التفاقية نيويورك‬ ‫‪9‬‬


‫‪153‬‬ ‫جمهور ّية مصر العربية‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬أحمد صادق القشيري‬

‫‪165‬‬ ‫اململكة األردنية الهاشمية‬ ‫‪ 10‬التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫‪ 11‬أشكال اتفاق التحكيم‬


‫‪175‬‬ ‫اململكة املغرب ّية‬ ‫مستشار‪ /‬عبداإلله حنني‬

‫‪185‬‬ ‫دولة الگوت‬ ‫‪ 12‬التحكيم في املنازعات اإلدارية بدولة الكويت‬


‫‪197‬‬ ‫جمهور ّية مصر العربية‬ ‫‪ 13‬أشكال اتفاق التحكيم‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


‫العلمي الثالث‬
‫الملتقـى‬
‫‪380‬‬
‫التحگيم في العقود اإلداريـة‬

‫الفهرس العام‬
‫طرق الطعن في أحكام هيئة التحكيم‬
‫اجلمهورية اجلزائرية‬ ‫‪ 14‬في العقود اإلدارية‬
‫‪209‬‬ ‫الدميقراطية الشعبية‬ ‫مستشار‪ /‬السيد ميسوري اعماره‬

‫رقابة القضاء اإلداري على أعمال احملكمني‬


‫‪223‬‬ ‫سلطنة ُعمان‬ ‫‪ 15‬املستشار‪ /‬سعيد بن خلف التـوبي‬
‫املستشار‪ /‬عقيل بن سالم الشريف‬

‫‪ 16‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‬


‫‪251‬‬ ‫دولة ليبيا‬ ‫املستشار‪ /‬سالم األمني بالقاسم‬

‫تنفيذ القرار التحكيمي في القانون العراقي‬


‫‪281‬‬ ‫جمهور ّية العراق‬ ‫‪ 17‬أ‪ .‬د‪ .‬علي فوزي املوسوي‬

‫جمهور ّية السودان‬ ‫التحكيم في العقود اإلدارية‬


‫‪293‬‬ ‫‪ 18‬املستشار‪ /‬عبداملنعم القنديل احلسن‬

‫‪ 19‬التحكيم في العقود اإلدارية بني املنع واجلواز‬


‫‪301‬‬ ‫اجلمهور ّية اإلسالم ّية املوريتان ّية‬ ‫املستشار‪ /‬ختار سيد إبراهيم‬

‫مملكة البحرين‬ ‫‪ 20‬التحكيم في العقود اإلدارية‬


‫‪315‬‬ ‫املستشار‪ /‬جمعة عبدا& املوسى‬

‫اتفاق التحكيم‬
‫‪355‬‬ ‫دولة ليبيا‬ ‫‪ 21‬املستشار‪ /‬محمد أبو عجيلة دياب‬

‫‪375‬‬ ‫البيان اخلتامي للملتقى الثالث‬


‫‪22‬‬
‫لالحتاد العربي للقضاء اإلداري‬

‫االحتاد العربي للقضاء اإلداري‬


www.kijs.gov.kw.com kijs_gov_kw kijs.kw kijs.kw kijs.gov.kw@gmail.com

Fbi±EÒ¹
2019—2018cÒM±E42±

You might also like