وجه تشومسكي انتقادات للنظريات البنيوية في اهتمامها بنتائج عملية الكالم واالكتفاء بالجوانب السطحية للغة .وعدم اهتمامها بالعملية الفكرية والذهنية التي تسبق النطق في الكالم ،وتبه على ضرورة التفريق بين البنية السطحية والبنية العميقة في التحليل اللغوي ،فاللغة عنده ليست مجرد أداء صوتي ،بل يسبق ذلك الجانب العقلي المعرفي .والغرض من المنهج التوليدي عند تشومسكي هو تفسير اآللية الكامنة في الذهن، والقادرة على توليد عدد غير محدود من الجمل ،وهذه اآللية مشتركة بين جميع البشر ،وتصلح إلنتاج أي لغة إذا تم اكتساب المعرفة اللغوية الخاصة بها. -أسباب نشأة التوليدية كان تشومسكي عارفا بالسلبيات واإليجابيات السائدة في البحوث اللسانية في الثالثينيات واألربعينيات ،وال سيما في أعمال البنيويين السلوكيين، وعلى رأسهم بلومفيلد وأتباعه ،كما كان تلميذا لـ (هاريس) ،وقد أفاد من هذه الصلة وتلك ا لتلمذة حيث أفاد من األولى بالتخلص من مبادئ بلومفيلد في عمومها لعجزها عن الوفاء بحاجة البحث اللساني الدقيق ،وأفاد من الثانية (تلمذته لهاريس) إذ أخذ من عمله نقطة انطالق مع تعميق وتشعيب األمر الذي جعله في النهاية مستقال عنه. -أسس االختالف بين النظرية الوصفية والنظرية التوليدية: * اتخذت الوصفية البنيوية منهجا سلوكيا متأثرا بالفلسفة السلوكية ،وهذا يعني أن الوصفية نظرت إلى اللغة على أنها سلوك كالمي متأثر بالعوامل الخارجية التي تحيط باإلنسان ،فكل نطق صوتي هو استجابة إلثارة خارجية محيطة به. * بينما نظرت التوليدية إلى اللغة على أنها قدرة فطرية مناسبة لإلنسان لذلك ينبغي على التحليل اللساني أن يصف ويشرح تلك المقدرة بوسائل فكرية ونفسية وبيولوجية إلدراك طبيعة اللغة وفعاليتها لذا يرى تشومسكي أن أي منهج يحاول أن يشرح ه ذه القدرة اللسانية بمصطلح سلوكي خارجي فقط إنما هو غين ،وإماتة للخلق اللغوي الالمتناهي. * تتخذ الوصفية (الوصف) وحده منهجا للدراسات اللسانية ،فقد كان هم الوصفية جمع مواد الغوية ووصفها وصفا خارجيا فقط .أما النظرية التوليدية فنظرية تفسيرية ال تكتفي بالوصف. * ت تخذ المدرسة الوصفية الكالم المنطوق منهجا للدراسة في وضع نظرية لغوية ،أما النظرية التوليدية فقد رفضت االكتفاء بالكالم الفعلي وحده ألن وصف الكالم المنطوق أو وصف عينة منه عاجز عن الوصول إلى قواعد اللغة ،تلك القواعد التي تشبه المصدر الدائم العميق الذي يستمد منه اإلنسان كالمه أو جمله الصحيحة لذلك التزم تشومسكي بالمنهج العقلي الذي يعد اللغة تنظيما عقليا ،تستمد حقيقتها من أنها أداة للتعبير والتفكير اإلنساني. * تستند النظرية الوصفية في وصفها إلى االستقراء الذي يعني وصف اللغة انطالقا من مالحظة القضايا وتصنيفها واستقصاء قواعدها فالوصفية منهج تجريبي تعتمد على ذكاء عالم اللسانيات وخبرته في التحليل اللساني ،بينما رفضت النظرية التوليدية اتخاذ (االستقراء) منهجا في دراستها وذلك ألن هذا األسلوب ينطلق من الواقع اللغوي إلى النظرية اللسانية ،وهذا يع ني أنه ال يشرح اللغة من الداخل بل يصفها وصفا خارجها فقط لذا فقد اتخذ تشومسكي منهج االستنباط في دراسة اللغة عن طريق وضع أنموذج يفسر القضايا اللغوية التي يمكن مالحظتها ،ودراسة العالقات القائمة فيما بينها .وينطلق االستنباط من المقدمات المنطقية األولية والمباشرة والمفترض صحتها وصوابها للتوصل إلى التحقق من النتائج الحاصلة. -المنطلقات الفلسفية للنحو التوليدي: لم تحظ أي نظرية لسانية بالدراسة بمثل ما حظي به النحو التوليدي، ويعود هذا اإلقبال المنقطع النظير إلى المنطلقات الفكرية والعلمية المتميزة التي قام عليها النحو التوليدي وهي في مجملها منطلقات جديدة بالقياس إلى اللسانيات البنيوية األمريكية التي ظهر النحو التوليدي في أحضانها. يمكن أن تميز في هذا الخصوص بين ما هو فلسفي وما هو علمي: فالمنطلقات الفلسفية العقالنية وجد فيها تشومسكي ركيزة مهمة من التصورات والمبادئ الفكر ية ،وبالفعل عاد تشومسكي في تصوره لطبيعة اللغة البشرية إلى أراء الفالسفة والنجاة العقالنيين وال سيما أراء الفيلسوف الفرنسي رتبه ديكارت ( ،)1596-1650وتحليالت النحاة المعروفين بنحاة بور رويال وأراء المفكر األلماني ويليام همبولدت. -تأثر تشومسكي بفلسفة ديكارت: اع تبر ديكارت اللغة عند اإلنسان من مميزات الجنس البشري ،ورأى أن هذه القدرة على اللغة ال ترجع إلى وجود الجهاز الناطق عند اإلنسان فبعض الكائنات األخرى تكون قادرة على إنتاج أصوات معينة حتى ولو كانت قليلة .فما يميز اللغة عند اإلنسان في نظر ديكارت هو ارتباط الفعل اللغوي بالعقل ،بهذا الموقف الفكري كان ديكارت سباقا إلى القول بفطرية اللغة التي تعد من األفكار اللغوية التي كان لها تأثير كبير على مسار الدرس اللغوي منذ القرن السابع عشر عامة وعلى تطور نظرية تشومسكي في النحو التوليدي التحويلي ابتداء من سنة (1957م) على وجه الخصوص. -م رت اللسانيات التوليدية بمراحل ،وتميزت في كل مرحلة بنموذج خاص:
أحدث كتاب تشومسكي "البنى التركيبية" ثورته العلمية التطورية على اللسانيات الوصفية التي كانت مهيمنة على الفكر اللغوي في ذلك الوقت بوصفه كتابا يؤرخ األول ظهور للنظرية التوليدية التحويلية وبعد هذا الكتاب إطارا نظريا أرسى فيه تشومسكي المبادئ العامة للنحو التوليدي، وكان شغله الشاغل في هذه المرحلة هو التركيز على األبعاد البنيوية للجمل دون إعارة المعنى أي اهتمام بدعوى أنه يجب الفصل بين النحو والمعنى. من أهم القضايا التي تناولها هذا الكتاب: -1الدعوة إلى تغيير األسس الفلسفية التي يتأسس عليا البحث اللغوي، فقد دعا شومسكي في كتابه هذا إلى أن يتحول النظر إلى اللغة من نظرة سلوكية ليس فيها إال ما نجده في ظاهر الكالم ،وأنه يجري تعلمها كما يجر ي تعلم أي سلوك آخر .وأن اإلنسان يولد بصفحة بيضاء إلى النظر إليها على أنها نظام معرفي عقلي ال يكفي لمعرفته وصف ما يظهر منه، بل يتعدى ذلك إلى تفسير طبيعة اكتسابه واستخدامه ضمن ما تفرضه حدود العقل البشري عليه وعلى غيره من النظم المعرفية ،وأن اإلنسان ال يول د صفحة بيضاء ،بل يولد ولديه استعداد فطري الكتساب اللغة. -2تحليل قدرة المتكلم أو كفايته اللغوية على إنتاج جمل لم تسمع من قبل وفهمها. -التوليد: يقصد بالتوليد في ال لغة عند تشومسكي الجانب اإلبداعي فيها ،أي القدرة التي يمتلكها كل إنسان لتكوين وفهم عدد ال متناه من الجمل في لغته األم بما في ذلك الجمل التي لم يسمعها من قبل .وكل هذا يصدر عن اإلنسان بطريقة طبيعية دون شعور منه بتطبيق قواعد نحوية معينة .ومعنى هذا أن اإلنسان لديه مقدرة إبداعية تمكنه من تكوين كل الجمل الممكنة في اللغة. قواعد التوليد: تعد القاعدة التوليدية جزءا من جهاز توليد الجمل التي تتخذ شكل قاعدة إعادة الكتابة ،أي تعيد كتابة رمز يشير إلى عنصر معين من عناصر الكالم برمز آخر أو بعدة رموز أخرى ،فجواز اشتمال الجملة مثال على مركب فعلي مؤلف من فعل وفاعل ومفعول به يتمثل بالقاعدة التالية: مركب فعلي ← فعل +مركب اسمي فاعل ) مركب اسمي مفعول به
أكل الولد التفاحة
تختلف القواعد التوليدية عن القواعد التقليدية والبنيوية في نقطتين
أساسيتين: -أوال :عدم االهتمام بالجمل الفعلية أو الحقيقية ،أي التي وردت من قبل، ولكن العناية بالجمل الممكنة .وقد لجأ تشومسكي إلى هذا التمييز بسبب أن المدونة مهما كا ن حجمها ال تضم إال عددا محددا من الجمل ،في حين أن اللغة تتكون من عدد ال متناه من الجمل. -ث انيا :إن القواعد التوليدية تبين بدقة الجمل الممكنة في لسان ما ،وال تترك مجاال للصدفة ،أو الذكاء القارئ أو معرفته بلسانه. -التحويل: يقوم مبدأ التحويل على تحويل جملة إلى أخرى متى تقاربت معانيها وإن اختلفت مباتها ،فعبارة( :كسر الزجاج) تعد تحويال لعبارة :كسر الولد الزجاج كما أن مبدأ التحويل يمكننا من دراسة الصلة القائمة بين الجمل، كما في: )1أكل الولد التفاحة ) ( 2الولد أكل التفاحة) ( 3التفاحة أكل الولد) تفيد هذه الجمل المعنى ذاته بالرغم من تباين تراكيية .ولكي نفسر العالقة بين هذه الجمل البد لنا من مفهوم يتيح لنا أن نبحث في عالقة الجمل بعضها ببعض ويسمح أن نعيد تركيب عناصرها. قواعد التحويل: إن قواعد التحويل تبين الكيفية التي يتم االنتقال بها من المستوى المجرد للبنية العميقة إلى مستوى آخر هو الشكل النهائي للجملة في البنية السطحية .وهذا ما يفسر تنوع البنى السطحية وتعددها ،قياسا إلى العدد المحدود للبنى العميقة. ومن أهم قواعد التحويل الحذف -الزيادة -التعويض -إعادة الترتيب وهي في مجموعها نوعان :قواعد تحويلية اختيارية ،وقواعد تحويلية إجبارية -النموذج الثاني :نموذج 1965 حين ألف تشومسكي كتابه األول "البنى التركيبية سنة 1957استبعد المعنى من تحليل الجملة ،فتبين له فيما بعد أن ذلك كان من شأنه أال يمنع إنتاج جملة ال ينطبق عليها مفهوم الجملة حقيقة ،مثل :شرب الحليب الطفل ،ولهذا أدخل المعجم في التحليل النحوي في النموذج الثاني ،حين ألف كتابه ( عناصر النظرية النحوية) سنة 1965 ذهب تشومسكي -في النموذج الثاني -إلى أن قواعد تركيب الجمل في البنية العميقة ال بد أن تضاف إليها قواعد تعمل على تحليل الكلمات إلى السمات المكونة لها ،كما في:
-كلمة "الحليب" تحتوي على سمة ( متحرك )
-كلمة "الطفل" تحتوي على سمة ( متحرك) -كلمة "شرب" فعل يتطلب فاعال يحتوي على سمة ( +متحرك ) ،وهو ال يقبل فاعال يحتوي على سمة ( -متحرك) أضاف تشومسكي العنصر الداللي إلى نظريته ،وعرف هذا التطوير بالنظرية المعيارية أو النموذجية وأهم ما يميز هذه المرحلة أن السالسل النهائية في التحليل الشجري لم تعد هي األساس الذي تحول منه الجمل، بل تميزت البلية العميقة من البنية السطحية ،وترتب على ذلك أن التحويالت أصبحت تحول البنية العميقة إلى البنية السطحية ،فخضعت الجملة لثالثة مكونات هي: * المستوى التركيبي ويشمل بدوره مكونين هما: -مكون توليدي يضم القواعد التفريعية والمعجمية -مكون تحويلي ويتضمن التحويالت اإلجبارية واالختيارية * المستوى الداللي ويفسر البنية العميقة * ا لمستوى الصوتي الفونولوجي يظهر منطوقا في البنية الصوتية يتكون المكون التركيبي من مكونين هما :المكون األساس والمكون التحويلي. المكون األساس :ويشتمل على -قواعد البناء قواعد التكوين -المعجم المكون التحويلي -أصبحت اغلب التحويالت في هذه النظرية اجبارية النموذج الثالث نظرية المعيار الموسع :1972 تتجلى التطورات التي أحدثها نموذج المعيار الموسع في: -اإلبقاء على مبدأ مركزية التركيب واستقالليته في التوليد -رفض الطروحات األساس للداللة التوليدية المتمثلة في القول بأن التمثالت العميقة للتركيب تمثالت منطقية وداللية. -وجود روابط متينة بين التركيب والداللة -إسهام التمثيالت السطحية في التأويل الداللي للجمل بعد أن كان التأويل الداللي للجمل في النموذج المعيار منحصرا في البنية العميقة .وضع افتراض عام يتعلق بطبيعة البلية الداخلية المكونات الجملة الكبرى المركب االسمي ،والمركب الفعلي ،والمركب الوصفي وهو االقتراض المعروف بنظرية (س خط) -ضبط اآلليات المتعلقة بأجزاء التحويالت مثل مبدأ السلكية ،ووضع القيود أو الشروط على قواعد التحويالت وتقليص عددها ونوعها ودورها في التوليد -النموذج الرابع نظرية الربط العاملي 1981 ي رى تشومسكي أن اإلنسان يولد مزودا بجهاز فطري في ذهنه يساعده على اكتساب اللغة .ويتبلور هذا االستخدام عندما يتفاعل الطفل مع تجربته االجتماعية ،والجهاز الفطري يعتمد على مبادئ وقيود تمثل المبادئ التي سعى النحو الكلي وتمثل القيود الفروق التي تختلف فها اللغة المحددة عن النحو الكلي .ولدراسة الجملة اقترح تشومسكي نموذج المبادئ والوسائط خالل تقديمه لنظرية العمل و الربط .ويمتاز هذا النموذج بأنه يضم عددا من القوالب تسهم في صياغة القواعد النحوية التي تعتمد أسسا رياضية ،وكل قالب يتناول ناحية محددة من نواحي النموذج تقوم مقاربة المبادئ والوسائط في نظرية الربط العاملي بجعل المبادئ النحوية التي تحدد اللغة فطرية وثابتة ،واالختالف بين لغات العالم من الممكن أن يوصف من خالل وسائط موجودة بالضبط في الدماغ (مثل عامل الحذف أثناء النطق) .ويجادل أصحاب هذا الرأي بأن الوقت الذي يتعلم فيه الطفل اللغة سريع بنحو غير قابل للتفسير ،ما لم يملك األطفال قدرة فطرية لتعلم اللغة ،وأنه يحتاج لخصائص معينة ومحدودة من لغته األم ،ويسمى هذا المضمون الفطري للمعرفة اللغوية بالنحو الكلي ،وأن ما يؤكد الفطرية في اكتساب اللغة ما يالحظ من تتبع لألطفال في العالم الخطوات مشابهة حين يتعلمون اللغة ،ووقوعهم في أخطاء محددة أثناء تعلمهم للغتهم األولى.
-المقوالت المعجمية والمقوالت الوظيفية
من أهم ما أنت به نظرية المبادئ والوسائط التمييز بين المقوالت المعجمية والمقوالت الوظيفية .فالمقوالت المعجمية تتمثل في( :الفعل، واالسم والصفة ،والظرف ،واألداة) .والمقوالت الوظيفية تتمثل في: (الزمن ،والتطابق )... سمات المقوالت الوظيفية: -ليس لها مضمون وصفي: تتحقق أغلب المقوالت الوظيفية من دون مضمون وصفي ،ويتجلى ذلك في الزمن والتطابق ،فاقتران الزمن بالفعل ال يصف جزءا من الواقع يمكن تصوره ،بل يرمز إلى عالقة بين فعلين هما فعل التلفظ والفعل الموصوف قبل التلفظ ،وهذا نفسه ينطبق على التطابق بالنسبة للفعل والفاعل .خالفا للوحدات المعجمية التي تحيل إلى مرجع خارج اللغة ،فالتلفظ بكلمة "تفاحة" يهدف إلى وصف شيء محسوس في الواقع ،ومميز عن غيره من المسميات الموجودة في الواقع. -ثابتة ومغلقة: المقوالت الوظيفية أقسام مغلقة ،لو انحها ثابتة محدودة العناصر ،ولهذا يصعب خلق مقوالت وظيفية جديدة. -ليس لها استقالل صواتي: فال تتحقق المقوالت الوظيفية بمفردها خالفا للوحدات المعجمية أ ) جاءت الطالبة ب) الطالب جاؤوا ج) حضرت الطالبات الجميالت ذ) الطالبات حضرن