Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 38

‫بسن اهلل الرمحن الرحَن‬

‫ترمجة ػن ‪ :‬الؼالهة اإلهام ‪ ،‬املقدام اهلُوام ‪ ،‬اجلاهغ بني ػلوٌ الظاهر والباطن ‪ ،‬الؼارف‬

‫باهلل والداػٌ إلَه ‪ ،‬الورع الصادق ‪ ،‬الؼامل الؼابد الكرٍن الزاهد يف الدنَا ‪ ،‬احلبَب ‪:‬‬

‫( ػبد اهلل بن ػور بن حيَي باػلوً ) رضٌ اهلل ػنه وػنا به‬

‫املتوفي‪ :‬لَلة اإلثنني ‪ ،‬يف الثانٌ والؼشرٍن هن مجادى األوىل ‪ ،‬ػام ‪5621‬هـ‬

‫نسبته الشرٌفة‬

‫هو سٌدنا وإمامنا ومن علٌه بعد هللا ورسوله معتمدنا ‪ ،‬اإلمام العالمة‬
‫النحرٌر القدوة ‪ ،‬الذي بذكره تنشرح الصدور وبنشر سٌرته تنزل رحمة ربنا‬
‫الؽفور‪ ،‬الداعً إلى هللا بفعله وحاله ولسانه‪ ،‬المناضل عن هللا بسره وإعالنه‪،‬‬
‫إمام أهل الدٌن ‪ ،‬وشٌخ المتقٌن ‪ ،‬ورئٌس العلماء العارفٌن ‪ ،‬ومقدم ذوي‬
‫المعرفة والٌقٌن ‪ ،‬شٌخ الشرٌعة وإمامها ‪ ،‬وحبر الطرٌقة وهمامها ‪ ،‬ولب‬
‫الحقٌقة ومقدامها ‪ ،‬الجامع ألسرار السلؾ الصالحٌن‪ ،‬وآباءه األقدمٌن‪،‬‬
‫الوارث لعلوم األنبٌاء والمرسلٌن القطب الؽوث الفرد ‪:‬‬
‫عبد هللا بن عمر بن أبً بكر بن عمر بن طه بن محمد بن شٌخ بن أحمد بن‬
‫ٌحٌى ابن حسن بن علً بن علوي بن محمد (مولى الدوٌلة) ابن علً (مولى‬
‫الدرك) ابن علوي (الؽٌور) ابن سٌدنا االستاذ األعظم الفقٌه المقدم محمد بن‬
‫علً باعلوي ‪ ،‬إلى آخر النسبة الشرٌفة ‪.‬‬
‫ٔ‬
‫‪ ‬ووالدته ‪ :‬هً الحبابة الشرٌفة الصالحة ‪ :‬خدٌجة بنت حسٌن بن طاهر‬
‫باعلوي ‪ ،‬أخت الحبٌبٌن طاهر وعبد هللا ابنً حسٌن بن طاهر ‪ ،‬وقد اجتمعت‬
‫فٌها شروط اإلمامة الكبرى لوال الذكورة ‪.‬‬

‫والدته ونشأته‬

‫ولد سٌدنا رضً هللا عنه ونفعنا به ‪ :‬لٌلة الجمعة لعشرٌن خلت من شهر‬
‫جماد األولى ‪ ،‬سنة ‪ٕٔٓ9‬هـ ‪ ،‬بقرٌتهم المسماة ؼرؾ آل شٌخ ‪ ،‬بالجهة‬
‫الحضرمٌة ‪ ،‬نسبة القرٌة المذكورة إلى السٌد اإلمام شٌخ بن أحمد جد سٌدنا‬
‫المذكور ‪.‬‬
‫وظهرت آثار الوالٌة علٌه والعناٌة به وهو فً المهد أوان الرضاع ‪.‬‬
‫ونشؤ سٌدنا على ؼاٌة النجابة ‪ ،‬والصٌانة ‪ ،‬والشهامة ‪ ،‬وعلو الهمة ‪ ،‬وقوة‬
‫العزٌمة فً طلب العلوم ‪ ،‬وما ٌرضً به الحً القٌوم ‪ ،‬فجد وأجتهد فً طلب‬
‫العلوم على مشاٌخه األجالء البقٌة فً ذلك العصر حتى بلػ ؼاٌتها ‪ ،‬وتبحّ َر‬
‫فً رواٌتها ‪.‬‬
‫فؤما الفقه فهو حامل لوائه ‪ ،‬وإلٌه المرجع عند تشاجر فرسانه فً مبدئه‬
‫وانتهائه ‪.‬‬
‫وأما الحدٌث فهو فٌه إمام محرابه ‪ ،‬والقائم بتحقٌقه وحفظه وهو أحرى به ‪.‬‬
‫الحبر ابن عباس ‪-‬رضً هللا عنهما‪ ، -‬والمتقدم فٌه‬
‫وأما التفسٌر فهو خلٌفة َ‬
‫على ؼٌره تقدم النص على القٌاس ‪.‬‬
‫وأما التصوؾ فقد بلػ التخلق بؤخالقهم ‪ ،‬والتحقق بؤسرارهم ما تال به لسان‬
‫هللا ٌ ُْإ ِتٌ ِه َمنْ ٌَ َشا ُء َوهللاُ ُذو ْال َفضْ ِل ْال َع ِظٌم}‬ ‫حاله القوٌم { َذلِ َ‬
‫ك َفضْ ُل ِ‬
‫[الحدٌد‪. ]ٕٔ :‬‬
‫ٕ‬
‫‪ ‬وكانت له الٌد الطولى فً سائر العلوم أصوالً وفروعا ً ‪ ،‬وعربٌة ونحواً‬
‫وصرفا ً‪ ،‬وؼٌر ذلك من العلوم‪ ،‬كالتارٌخ‪ ،‬والسٌر‪ ،‬والفلك‪ ،‬والطب‪ ،‬والقراءة‪،‬‬
‫والتجوٌد‪ ،‬بحٌث ٌقضً له من كل فن بالجمٌع‪ ،‬وٌظنه السامع له أنه ال ٌحسن‬
‫ؼٌره من الفنون ‪.‬‬

‫‪ ‬وشهد له مشائخه بالكمال فً كل حال ‪ ،‬فجد باجتهاد كبٌر‪ ،‬وشمر ؼاٌة‬


‫التشمٌر‪ ،‬فحفظ القرآن فً شهر من الزمان‪ ،‬وحفظ اإلرشاد فً الفقه لإلمام‬
‫ابن المقري وؼٌره من المتون ‪ ،‬وقرأ على مشاٌخه من كتب العلوم الشرعٌة‬
‫وآالتها المختصرة والمبسوطة ‪ ،‬من الفقه والحدٌث والتفسٌر والتصوؾ ما‬
‫ٌعسر عده ‪ ،‬وٌتعذر ضبطه ‪ ،‬حتى فاق فً ذلك أؼلب مشاٌخه ‪ ،‬بل بعضهم‬
‫أخذ عنه ‪ ،‬واستمد منه ‪.‬‬

‫ٖ‬
‫من مشائخه‬

‫وقد الزم مشاٌخه األجالء ‪ ،‬ومنهم ‪:‬‬


‫‪ ‬خاله اإلمام فرد العصر ونادرة الدهر الؽوث السٌد الشرٌؾ ‪ :‬طاهر بن‬
‫الحسٌن وجل انتفاعه به ‪.‬‬
‫‪ ‬وخاله اإلمام العارؾ باهلل ‪ ،‬وعلم األعالم ‪ :‬عبدهللا بن الحسٌن ‪.‬‬
‫‪ ‬ووالده العارؾ باهلل اإلمام ‪ :‬عمر بن أبً بكر ‪.‬‬
‫‪ ‬والسٌد العارؾ باهلل قطب ذوي العرفان ‪ :‬عمر بن سقاف السقاف ‪.‬‬
‫‪ ‬وأخٌه اإلمام ‪ :‬علوي بن سقاف السقاف الصافً ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنهم السٌد اإلمام ‪ :‬عبدالرحمن بن الحبٌب حامد بن عمر المنفر ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنهم السٌدان اإلمامان ‪ :‬عمر وعلوي ابنً أحمد بن حسن بن الحبٌب‬
‫عبدهللا الحداد ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنهم السٌد اإلمام الولً ذي الكشؾ الجلً ‪ :‬محمد بن سالم الجفري‬
‫ساكن قسم ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنهم السٌد اإلمام بحر الحقائق وإمام أهل الطرائق العارؾ باهلل ‪ :‬الحسن‬
‫بن صالح البحر الجفري ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنهم السٌد اإلمام قطب اإلسالم شهاب الدٌن ‪ :‬أحمد بن عمر بن سمٌط ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنهم السٌد اإلمام العالمة العارؾ باهلل ‪ :‬عبدهللا بن أبً بكر عٌدٌد ‪.‬‬
‫رضً هللا عنهم أجمعٌن ‪.‬‬
‫وله ؼٌر المشاٌخ المذكورٌن من أهل الٌمن‪ ،‬ومصر‪ ،‬والحرمٌن‪ ،‬والشام‪،‬‬
‫وحضرموت‪ٌ ،‬طول ذكرهم‪ ،‬وجمٌعهم أذنوا له فً التدرٌس‪ ،‬ونشر العلم‬
‫ٗ‬
‫الشرٌؾ‪ ،‬والدعوة إلى هللا‪ ،‬وأؼلبهم ألبسه اللباس الخاص المتعارؾ بٌن‬
‫الصوفٌة الخواص‪ ،‬وحكموه ‪ ،‬ولقنوه ‪ ،‬وصافحوه ‪ ،‬وأجازوه ‪ ،‬وجمٌعهم‬
‫أثنوا علٌه بالثناء البالػ العظٌم ‪.‬‬

‫من تالمٌذه‬

‫من أشهرهم ‪ :‬ابنه العالمة عمر وابنه السٌد عقٌل ‪ ،‬والسٌد علً بن علوي‬
‫بن عبد هللا بن حسٌن بن طاهر ‪ ،‬والعالمة عٌدروس بن عمر الحبشً ‪،‬‬
‫ومفتً الدٌار الحضرمٌة الحبٌب عبد الرحمن المشهور ‪ ،‬والسٌد عٌدروس‬
‫بن أحمد بن شهاب ‪ ،‬والعالمة عثمان بن عبد هللا بن عقٌل بن ٌحٌى ‪ ،‬والسٌد‬
‫عبد الرحمن بن علً السقاؾ والسٌد علً بن سالم بن الشٌخ أبً بكر بن‬
‫سالم‪ ،‬وؼٌرهم ‪ ،‬رضً هللا عنهم ‪.‬‬

‫٘‬
‫من ثناء العارفٌن علٌه‬

‫‪ ‬من كالم شٌخه اإلمام السٌد عبدهللا بن الحسٌن ما معناه ‪ :‬إن عبدهللا سار‬
‫بسٌرة عظٌمة فً االستقامة واإلتباع لرسول هللا ‪-‬صلى هللا علٌه وآله وسلم‪،-‬‬
‫لم ٌَ ِسر بها أحد من متقدمً سلفه آل باعلوي وال متؤخرٌهم ‪.‬‬
‫_ وقال ‪ :‬رأٌت بٌوت المسٌلة ‪ ،‬ورأٌت بٌت الولد عبد هللا بن عمر مرتفع‬
‫على البٌوت كلِّها ‪ ،‬فؤصبح وأخبر الحبٌب عبد هللا بالرإٌا ‪ ،‬فقال له ‪ :‬أنا كل‬
‫رقدة ‪-‬أي درجة‪ -‬قرأت عندها جزء من القرآن أو قال ختمة ‪ ،‬وأما الؽٌلة‬
‫قرأت فٌها كذا كذا ختمة ‪ ،‬فلهذا ارتفع داري على الدٌار ‪.‬‬

‫‪ ‬ومن كالم شٌخه العارؾ باهلل السٌد حسن بن صالح البحر ‪(( :‬عبدهللا بن‬
‫عمر بقٌة السلؾ وقدوة الخلؾ)) ‪ ،‬وذكر مرة عند سٌدي الحسن المذكور فً‬
‫ٌن َه َدى هللاُ َف ِب ُهدَا ُه ُم ا ْق َت ِده}‬ ‫واقعة حال فاستشهد بقوله سبحانه‪{ :‬أُولَ ِئ َ‬
‫ك ال ِذ َ‬
‫[األنعام‪ ، ]9ٓ :‬وقال ‪(( :‬عبدهللا بن عمر هو القدوة وبه األسوة)) ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن كالم شٌخه اإلمام العارؾ باهلل عبدهللا بن سعد بن سمٌر ‪ ((:‬لو وضع‬
‫أهل المشرع فً كفة والحبٌب عبدهللا فً كفة لرجح بهم )) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال عنه الحبٌب العالمة عٌدروس بن عمر الحبشً ‪-‬رضً هللا عنه‪: -‬‬
‫وحبر الطرٌقة وهُمامُها ‪ ،‬الداعً إلى‬
‫( شٌخنا ‪ ،‬بل شٌخ الشرٌعة وإمامُها ‪َ ،‬‬
‫هللا بفعله وحاله ولسانه ‪ ،‬المناضل عن دٌن هللا بسره وإعالنه ) ‪ ،‬ووصفه‬
‫أٌضا ً بؤنه ‪:‬‬
‫( واح ٌد من نقوة السادة العلوٌٌن الحضرمٌٌن فً عصره ) ‪.‬‬
‫‪ ‬أما المإرّ خ ابن حمٌد الكندي المعاصر ‪ ،‬فقد قال فٌه ‪ :‬عالمة إمام ‪ ،‬مقدام‬
‫همام ‪ ،‬باذ ٌل مقاله وحاله وماله فً إحٌاء الشرٌعة المطهرة ‪ ،‬وما لها من‬
‫رسوم ‪ ،‬وفً اإلصالح ‪.‬‬
‫‪ٙ‬‬
‫‪ ‬وقال عنه الحبٌب العالمة عبد الرحمن بن عبٌد هللا السقاف ‪ ( :‬جب ٌل من‬
‫جبال التقوى ‪ ،‬وبح ٌر من بحور العلم ) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال عنه السٌد عبد هللا بن محمد السقاؾ ‪ ،‬فً {تارٌخ الشعراء‬
‫الحضرمٌٌن} ‪ ،‬ما لفظه ‪:‬‬
‫( من أعالم دٌن هللا ‪ ،‬وكبار الشرٌعة المطهرة ‪ ،‬ذوي الهداٌة واإلرشاد‬
‫واإلصالح االجتماعً ) ‪.‬‬
‫‪ ‬وحصل اإلجماع على فضله‪ ،‬وسعة اطالعه‪ ،‬فإنه واحد العصر‪ ،‬وبقٌة‬
‫العلماء المجتهدٌن‪ ،‬وأقر له بذلك العلماء‪ ،‬وسلم له سائر الفضالء‪ ،‬فً أقطار‬
‫األرض كالحرمٌن والٌمن وؼٌر ذلك من علماء اآلفاق شرقا ً وؼربا ً ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه له همة عالٌة فً جمٌع أموره الدٌنٌة والدنٌوٌة وسائر‬
‫أحواله‪ ،‬قال الشٌخ العالمة المحقق ذو التصانٌؾ الجامعة سعٌد بن محمد‬
‫باعشن ‪ :‬وأعطى هللا الحبٌب عبدهللا بن عمر همة عالٌة لم نسمع بمثلها إال‬
‫فً أكابر الصحابة وأعٌانهم ‪.‬‬
‫‪ ‬وسُئل الحبٌب علً الحبشً ‪ :‬هل اجتمعتم بالحبٌب عبد هللا بن عمر بن‬
‫ٌحٌى ؟ فقال ‪ :‬ال ‪ ،‬وهو عظٌم الحال ‪ ،‬وهو عُمري زمانه ‪.‬‬
‫اهـ فٌوضات البحر صـٕٗ ‪.‬‬

‫‪ ‬وقال ابنه الحبٌب عقٌل بن عبد هللا ‪ :‬حججت بحمد هللا أول حجة فً‬
‫صحبته فرأٌته فً حجه ذلك أمة وحده من إتٌانه بالسنن المطلوبة فً جمٌع‬
‫أعمال الحج ‪ ،‬من أؼساله وأذكاره وؼٌر ذلك ‪ ،‬حتى أنه ٌقؾ ما بٌن كل‬
‫جمرة بقدر سورة البقرة‪ ،‬وؼٌر ذلك مما لم أرى أحداً من سائر من حج تلك‬
‫السنة ٌفعلها ؼٌره ‪ ،‬بل رأٌته منفرداً بذلك هو وبعض أصحابه المقتدٌن به ‪.‬‬

‫وبالجملة فإنه صار فً كمال االستقامة واإلتباع للنبً صلى هللا علٌه وآله‬
‫وسلم فً أحواله العادٌة فضالً عن العبادٌة كالشمس فً رابعة النهار‪ ،‬مجمع‬
‫‪7‬‬
‫على ذلك جمٌع العلماء األخٌار‪ ،‬مشتهر ذلك بٌن الخاص والعام فً سائر‬
‫األقطار ‪.‬‬
‫ولم ٌزل رضً هللا عنه مشمراً ساق الجد واالجتهاد‪ ،‬باذالً طاقته فً ما‬
‫ٌرضى به البر الجواد‪ ،‬حتى أظهره هللا لخلقه ومأل الكون بذكره فؽمر ذكره‬
‫سائر البالد‪ ،‬وعم نفعه جمٌع العباد‪ ،‬الحاضر منهم الباد‪ ،‬وأشاع صٌته فً‬
‫جمٌع األرض الطول منها والعرض‪ ،‬شرقا ً وؼرباً‪ ،‬عجما ً وعرباً‪ ،‬فدعا إلى‬
‫هللا وأنذر وحذر وبشر فؤحٌى هللا به الدٌن‪ ،‬وقمع بصولة دعوته دابر‬
‫المفسدٌن‪ ،‬وهدى به المرٌدٌن‪ ،‬وعمت دعوته ؼالب األقطار خصوصا ً أرض‬
‫الٌمن والحرمٌن الشرٌفٌن والهند وجاوا وحضرموت وؼٌر ذلك‪ ،‬فكم هدى‬
‫هللا به من أمم ال تحصى‪ ،‬وكم أحٌا هللا به من سنن ال ٌعمل بها وال تذكر ‪.‬‬

‫من هٌبته رضً هللا عنه‬

‫كانت الظلَمة تهابه الهٌبة الشدٌدة حتى تكاد قلوبهم تتفطر من مهابته ‪،‬‬
‫وكانوا ٌتوارون من مواجهته ‪ ،‬وٌذعنون طوعا ً وكرها ً لهٌبته وصولته ‪ ،‬فكم‬
‫تاب بدعوته من فاجر‪ ،‬وكم أسلم على ٌده كافر‪ ،‬فؤضحت الشرٌعة بوجوده‬
‫عالٌة البنٌان‪ ،‬مشٌدة األركان‪ ،‬وكم رجع مبتدع ببركته عن سبٌل االبتداع‪،‬‬
‫والزم مذهب أهل السنة واإلتباع ‪.‬‬
‫وكان مجلسه رضً هللا عنه مهٌبا ال ٌكاد ٌتكلم أحد فٌه أو ٌتحرك به ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫من شمائله‬

‫‪ ‬كان رضً هللا عنه ونفعنا به ٌدعو إلى هللا باللطؾ واللٌن ‪ ،‬وٌؽلظ فً‬
‫المواطن التً ال تصلح إال بالؽلظة على المفسدٌن ‪ ،‬وكان محبوبا ً مقبوالً عند‬
‫األنام قد وضع هللا له القبول التام والمحبة فً قلوبهم ‪ٌ ،‬جد جلٌسه من األنس‬
‫والسرور ما ٌنسى به ما هو فٌه من الهموم واالشتؽال بالدنٌا ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ‪ :‬حامل لواء الفتٌا فً زمانه تحمل إلٌه األسئلة من‬
‫أؼلب األقطار واألقالٌم ‪ ،‬وٌرجع إلى قوله العلماء عند كل مشكلة ‪ ،‬وٌفزعون‬
‫إلٌه فً كل معضلة ‪ ،‬وقد ألقوا مقالٌد السلم لدٌه ‪ ،‬واعتمدوا فٌما أشكل علٌه‬
‫إال أن فتاواه لم تجمع فً حٌاته ف ُجمعت ما قُدر علٌه بعد وفاته فجاء فً مجلد‬
‫ضخم ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه عظٌم المحبة والتعظٌم لكتب العلم الشرٌؾ وكان‬
‫ٌقول ‪(( :‬إنً أحبها أكثر من محبتكم واشتٌاقً لها أكثر من اشتقٌاقً لكم))‬
‫مشٌراً إلى أوالده كثٌر االستؽراق بقراءتها ومطالعتها ال ٌنفك عن ذلك‬
‫أصالً‪.‬‬
‫‪ ‬وكان فً منزلة خاصة فً داره مجلسه وفراشه بٌن الكتب ‪ ،‬والكتب‬
‫مرصوصة بجنبه وال ٌسافر سفراً طوٌالً وال قصٌراً إال صحب معه منها‬
‫عدة أحمال‪ ،‬وإذا نزل فً السفر شرع فً قراءتها والمطالعة فٌها ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه باذالً نفسه وعلمه وماله وجاهه لنفع المسلمٌن‪،‬‬
‫مجتهداً ؼاٌة االجتهاد فً إٌصال النفع إلٌهم بؤي وجه كان دٌنً أو دنٌوي‪،‬‬
‫عظٌم االهتمام بؤمورهم‪ ،‬وإصالح ذات بٌنهم‪ ،‬مإثرهم على نفسه‪ ،‬مجتهداً‬
‫فً صالح والتهم‪ ،‬وإرشادهم إلى ما فٌه صالح معاشهم ومعادهم ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه فً مجالسه كلها الخاصة والعامة ال ٌتكلم قط بكالم‬
‫لٌس فٌه فائدة تعود على الحاضرٌن فً ما ٌنفعهم فً دٌنهم أو دنٌاهم‪ ،‬وٌشق‬
‫علٌه التكلم بالكالم المٌت الذي ال فائدة فٌه ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ٌحب الخلوة والسٌاحة‪ ،‬فكان كثٌراً ما ٌخرج من بٌته‬
‫إلى الجبال والبرٌة الخالٌة بعد صالة العصر وٌرجع إلى بٌته بعض األحٌان‬
‫بعد العشاء ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ممن نفع هللا به األمة شرقا ً وؼربا ً‪ ،‬عجما ً وعربا ً‪،‬‬
‫حضراً وبادٌة‪ ،‬ج ّنا ً وإنسا ً ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه زاهداً فً الدنٌا وجاهها‪ ،‬معرضا ً عنها بعد أن أقبلت‬
‫علٌه فؤعرض عنها وزهد فٌها ‪ ،‬وكان رضً هللا عنه ٌقول ‪ (( -:‬زهدت فً‬
‫الدنٌا من جمٌع الوجوه‪ ،‬وذهبت عنً شهوات الدنٌا جمٌعها‪ ،‬وقلبً قد مال‬
‫عن صحبة الخلق والمال ‪ ،‬ونحن بحمد هللا فً ؼناء وعندنا من االكتفاء‬
‫بفضل موالنا ما هو أكبر من كل مال )) ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه آٌة باهرة فً الكرم‪ ،‬والسخاء‪ ،‬واإلنفاق‪ ،‬وإطعام‬
‫الطعام والصدقة‪ ،‬فاق أهل عصره فً ذلك‪ ،‬مقرٌا ً لألضٌاؾ باألطعمة‬
‫الوافرة الفاخرة‪ ،‬التزال الوفود تفد إلٌه‪ ،‬والٌخلو ٌوم من األٌام وال لٌلة من‬
‫اللٌالً عن الضٌؾ‪ ،‬وٌفرح الفرح الكلً بالضٌؾ‪ ،‬وٌزٌد سروره كلما كثر‬
‫الضٌؾ‪ ،‬فإذا قل الضٌؾ ٌحصل معه قبض ‪ ،‬وكان ٌقول لألضٌاؾ ‪(( -:‬من‬
‫أراد من البركة كثٌراً فلٌؤكل كثٌراً)) ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان ؼالبا ً ٌدعوا أصحابه وأقاربه وؼٌرهم للضٌافة وكان ٌقول ‪((-:‬أنا ما‬
‫ادعوا أحداً للضٌافة للمكابرة أو للمحاذرة إال من انشرح به خاطري‪ ،‬وأنا‬
‫صادق بدعوته‪ ،‬وال أطٌل الكالم بذلك‪ ،‬وأما من ال ٌنشرح خاطرنا به فال‬
‫ندعوه وال نكره حضوره))‬

‫ٓٔ‬
‫ظل ُمه على حسب ما‬ ‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ٌقول ‪ (( -:‬أرى على كل أحد ُ‬
‫عنده من الؽفلة والذنوب‪ ،‬وأقدر على مجالسة الجمٌع ومباسطتهم إال الذي‬
‫تمكن حب الدنٌا من قلبه فؤرى علٌه ظلمة شدٌدة جداً ‪ ،‬وال أقدر على‬
‫مجالسته ومخالطته إال بقهر النفس على ذلك‪ ،‬وأعرؾ المحل الذي فٌه أحد‬
‫منهم قبل أن أدخله‪ ،‬وأحس بالجانب الذي ٌلٌه منً تعترٌه فتره )) ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه شدٌد الورع والتوقً عن الشبهات‪ ،‬تاركا ً ما لٌس به‬
‫بؤس خوفا ً من الوقوع فٌما به بؤس ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ال ٌعتد بشًء من العلوم واألعمال واألحوال إال ما‬
‫كان على محض المتابعة للنبً صلى هللا علٌه وآله وسلم ظاهراً وباطنا ً‪،‬‬
‫وؼٌر ذلك ال ٌعتد به‪ ،‬وال ٌمٌل‪ ،‬وال ٌلتفت إلٌه‪ ،‬وكان آخذاً بعزائم الشرٌعة‬
‫فً نفسه فً جمٌع أموره‪ ،‬مالزما على ذلك فً جمٌع أحواله‪ٌ ،‬ؤتً بذلك‬
‫على الوجه األتم األكمل حسب ما أمر هللا به والرسول صلى هللا علٌه وآله‬
‫وسلم‪ ،‬ولم ٌترك شٌئا ً من أوراده وال من تهجده وقٌام اللٌل ال حضراً وال‬
‫سفراً‪ ،‬وال براً وال بحراً‪ ،‬وال صحة وال مرضا ً‪ ،‬وال صلى صالة من قعود ال‬
‫فرضا ً وال نفالً فٌما أعلم إال ما كان من أول عمره أصابه مرض فً رجلٌه‬
‫منعه من القٌام بالكلٌة ثم من هللا علٌه بالشفاء‪ ،‬وال نعلم أنه ترك التهجد وقٌام‬
‫اللٌل قط إلى اللٌلة التً توفاه هللا فٌها ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه أخالقه قرٌبة المشابهة بؤخالق جده المصطفى ‪-‬صلى‬
‫هللا علٌه وآله وسلم‪ٌ ، -‬ؽضب هلل‪ ،‬وٌرضى لرضاه‪ ،‬وإذا ؼضب هلل ال ٌقوم‬
‫لؽضبه أحد‪ ،‬طارحا ً للتكلؾ‪ ،‬متواضعا ً‪ ،‬عظٌم االعتناء بؤصحابه‪ ،‬والتعهد‬
‫لهم‪ٌ ،‬باسطهم‪ ،‬وٌعود مرضاهم‪ ،‬وٌتفقدهم‪ ،‬وٌشهد جنائزهم ‪ ،‬من دعاه إلى‬
‫ولٌمة أجابه‪ ،‬ومن رآه بدٌهة هابه‪ ،‬فإذا جالسه أحبه ‪ ،‬تؽلب علٌه الرحمة‬
‫والشفقة الوافرة بالمسلمٌن‪ ،‬وخصوصا ً الضعفاء والمساكٌن‪ ،‬الذٌن ٌعرض‬
‫عنهم األؼنٌاء‪ ،‬وٌتكبر علٌهم األقوٌاء ‪ ،‬وال ٌتفطن لهم أحد‪ ،‬فٌإثرهم على‬
‫نفسه‪ ،‬وٌإنسهم‪ ،‬وٌفرحهم بما قدر علٌه‪ ،‬ومن عظم شفقته كثٌراً ما كان ٌدخل‬
‫ٔٔ‬
‫على المرٌض فٌشفى المرٌض فً الحال‪ ،‬وٌنتقل المرض إلٌه‪ ،‬وله فً ذلك‬
‫وقائع متعددة ‪.‬‬

‫وبالجملة فال سبٌل إلى إحصاء أخالقه وصفاته وأحواله‪ ،‬وما أعلمه من ذلك‬
‫ٌحتمل مجلداً ضخما ً‪ ،‬والقصد التنبٌه على بعض صفاته السنٌة‪ ،‬وأحواله‬
‫العلٌة ‪.‬‬

‫حثه على كتب الفقه واستغراقه فً المطالعة‬

‫وكان رضً هللا عنه ٌقول ‪ :‬أود من طالب العلم أن ٌجعل ؼاٌة قراءته فً‬
‫كتب الفقه ؛ لٌعرؾ ما ٌصحح به عبادته ومعامالته مع ربه ومع الخلق ؛‬
‫ألنه لم ٌبعث النبً ‪-‬صلى هللا علٌه وآله وسلم‪ -‬وٌنزل القرآن العظٌم إال‬
‫لتعرٌؾ الحالل والحرام‪ ،‬وتمٌٌز الصحٌح من الباطل‪ ،‬والخٌر كله فً إتباع‬
‫هللا َفات ِبعُو ِنً ٌُحْ ِب ْب ُك ُم‬ ‫الحبٌب صلى هللا علٌه وآله وسلم {قُ ْل إِنْ ُك ْن ُت ْم ُت ِحب َ‬
‫ُّون َ‬
‫هللا} [آل عمران‪ ، ]ٖٔ :‬وأٌضا فإنه فً مطالعة الكتب رٌاضة للنفس ألن‬
‫النفس تمله وحاجة الناس إلٌه أكثر ‪.‬‬
‫وٌقول ‪ :‬كنت أٌام الصؽر أقرأ على خالً طاهر بن حسٌن فً (فتح الجواد‬
‫شرح اإلرشاد) وأطالع علٌه بقٌة شروحه المجتمعة عندي كـ(اإلمداد)‬
‫و(اإلسعاؾ) و(التمشٌة) وؼٌرها مع (التحفة) و(النهاٌة) و(المؽنً) وؼٌرها‪،‬‬
‫وكنت أحفظ جمٌع ما ٌقرره وٌتكلم به خالً طاهر فً ْ‬
‫المد َرس فً قراءتً‬
‫وقراءة ؼٌري من الطلبة وكان خالً طاهر رضً هللا عنه ٌتكلم على كل‬
‫عبارة ‪.‬‬
‫وكنت دائم المطالعة فً اللٌل حتى أستوعب اللٌل فٌها ‪ ،‬وقد تجًء بعض‬
‫األحٌان الوالدة رحمها هللا فتؤخذ السراج من عندي قهراً شفقة منها علً من‬
‫ٕٔ‬
‫كثرة السهر ومواصلته ‪ ،‬وكانت تصٌبنً حمى شدٌدة ٌؽمى علً منها‪ ،‬وكنت‬
‫حال اإلؼماء أعد مسائل الفقه حتى قال خالً طاهر‪(( :‬من أراد أن ٌتفقه‬
‫فلٌحضر عند عبدهللا بن عمر حٌن تجٌه الحمى)) وطلب العلم ٌحتاج إلى همة‬
‫كبٌرة وعشقة صادقة ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا آٌة باهرة فً استحضار أصول المذهب وفروعه‪ ،‬وال‬
‫ٌسؤل عن شًء من العلوم إال وجوابه فً طرؾ لسانه متبحراً فً معرفة‬
‫المذاهب األربعة‪ ،‬عالما ً بمذاهب الصحابة والتابعٌن واألئمة المنقرضٌن‬
‫عارفا ً بدلٌل ك ٍّل من الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه كثٌر التعظٌم لحملة الشرٌعة‪ ،‬والطالبٌن للعلم‬
‫الشرٌؾ‪ٌ ،‬بالػ فً تعظٌمهم المبالؽة الكلٌة‪ ،‬وٌخصهم بمزٌد نفقة‪ ،‬وتعهد‬
‫وإكرام على من سواهم‪ ،‬وتولى ذلك بنفسه إكراما ً لهم ‪.‬‬

‫ٖٔ‬
‫من مجاهداته ومناقبه‬

‫‪ ‬كان رضً هللا عنه ٌبتهج االبتهاج العظٌم بدخول اللٌل‪ ،‬وٌزٌد انشراحه‬
‫وانبساطه‪ ،‬وذلك لمناجاته لربه وخلوته به ‪ ،‬وكان له الحظ األوفر من قٌام‬
‫اللٌل ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ٌقول ‪(( :‬إن كثر نومً باللٌل ال ٌزٌد على ساعتٌن‬
‫ونصؾ)) وكان ٌطٌل القٌام‪ ،‬وٌطٌل الركوع نحو القٌام‪ ،‬والسجود قرٌبا ً منه‪،‬‬
‫وقد ٌقرأ فً الركعة الواحدة الربع من القرآن‪ ،‬والذي استقر علٌه آخر عمره‬
‫إلى لٌلة وفاته أنه ٌقرأ كل لٌله فً تهجده عشرة أجزاء من القرآن العظٌم‪،‬‬
‫وقد ٌزٌد بعض األحٌان على ذلك‪ ،‬وقد ٌقتصر على العشرة األجزاء فقط ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان له االعتناء التام بالصلوات الخمس‪ ،‬وسائر الصالة‪ ،‬فرضها ونفلها‪،‬‬
‫وإذا دخل الصالة ال ٌشعر بنفسه وال بمرضه فضالً عن ؼٌر ذلك‪ ،‬وكنا‬
‫نعرؾ أن أكبر لذاته وأعظم راحاته الصالة ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ٌقول ‪(( :‬لم تبق لً راحة فً الدنٌا إال الصالة‪،‬‬
‫وأخشى أن ال أإجر منها‪ ،‬ألنه لم ٌبق لً ما أسترٌح به فً الدنٌا ؼٌرها))‪.‬‬
‫‪ ‬ولم ٌُعلم أنه صلى صالة منفرداً قط إلى أن توفاه هللا ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان ٌقول ‪(( :‬إنً عددت على بعض الطلبة السنن التً تسن إلمام ؼٌر‬
‫محصورٌن فبلػ عددها ألؾ سنة إذا قصر اإلمام منها بشًء عد من المطففٌن‬
‫ال من المخففٌن)) ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ٌقول ‪(( :‬من حافظ على الصلوات الخمس وأتى‬
‫بآدابها الظاهرة والباطنة أربعٌن ٌوما ً ‪ ..‬ظهرت آثار الوالٌة العظمى علٌه))‪.‬‬
‫‪ ‬ومن كالمه رضً هللا عنه ‪ :‬الصالة رأس الدٌن وشؤنها عظٌم كما قال هللا‬
‫ٌرةٌ إِال َعلَى ْال َخ ِ‬
‫اش ِعٌن} [البقرة‪ٌ ]ٗ٘ :‬عنً كبٌرة القٌام بها‬ ‫{وإِن َها لَ َك ِب َ‬
‫تعالى َ‬
‫ٗٔ‬
‫مع اإلحسان إال على من كملت متابعته للحبٌب محمد صلى هللا علٌه وآله‬
‫وسلم))‪ ،‬وصارت الصالة له قرة عٌن ولذة ٌتلذذ بها كما قال علٌه الصالة‬
‫والسالم ‪(( :‬أرحنا بها ٌابالل))‪ ،‬ومن أراد أن ٌعرؾ شؤن الصالة وعظٌم‬
‫موقعها فلٌنظر إلى ما ورد فً فضل التسبٌح والتهلٌل والتكبٌر‪ ،‬وسائر‬
‫األذكار وقراءة القرآن‪ ،‬واستخراج العلوم منه‪ ،‬وفضل العلم وتعلٌمه وكذا‬
‫فضائل األحوال كاإلخالص والمراقبة وؼٌر ذلك فمن حافظ علٌها باإلحسان‬
‫فال ٌحتاج لتقوٌة إٌمانه بشًء ؼٌرها ففٌه الخٌر كله ‪.‬‬
‫وأٌضا ً لما كان أشرؾ مقاماته وأحواله صلى هللا علٌه وآله وسلم لٌلة‬
‫اإلسراء لم تكثر مراجعته فً شًء من العبادات مع الحق سبحانه وتعالى‬
‫أكثر من مراجعته وشفاعته فً الصالة ألنه سبحانه فرض أوالً خمسٌن‬
‫صالة ومراده أن تستؽرق أوقاتهم كلها فً الصالة فلم ٌزل الحبٌب صلى هللا‬
‫علٌه وآله وسلم ٌسؤل التخفٌؾ وهو سبحانه وتعالى ٌحط بعد خمس إلى أن‬
‫فرضت هذه الصلوات الخمس‪ ،‬وفً هذا إشارة إلى أن اإلنسان ٌستكثر منها‬
‫ما استطاع لكن مع اإلحسان – الشؤن كله فً اإلحسان – وأٌضا ً فان الصالة‬
‫لم تذكر فً القرآن إال بلفظ اإلقامة نحو قوله عز وجل ((وأقٌموا الصالة)) ‪،‬‬
‫((والمقٌمٌن الصالة)) وأقام اإلقامة هً التعدٌل واإلحسان ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه من شدة محبته للصالة‪ ،‬وكمال حفظ مواله له أنه‬
‫ٌكون فً مرض شدٌد مؽمى علٌه فإذا جاء وقت طهوره أفاق حتى ٌتطهر‪،‬‬
‫وكان ٌتطهر قبل دخول الوقت‪ ،‬وٌصلً ما ٌعتاده من فرض ونفل‪ ،‬فإذا فرغ‬
‫من جمٌع ذلك رجع له اإلؼماء إلى وقت الفرض الثانً‪ ،‬فٌفٌق وهكذا إلى أن‬
‫ٌزول عنه المرض ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه لم تزل قدماه الشرٌفتان مورمتان إلى أن توفً رحمه‬
‫هللا ‪.‬‬

‫٘ٔ‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ٌقول ‪(( :‬ما أحب البقاء فً الدنٌا إال للصالة‪،‬‬
‫وخصوصا ً صالة اللٌل‪ ،‬وللدعوة إلى هللا‪ ،‬ولتعلٌمكم‪ ،‬مشٌراً إلى أوالده)) ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه كثٌر التالوة للقرآن مشٌراً أن فتحه كان فٌه ‪ ،‬وكان‬
‫ٌقول من فتح هللا علٌه فً القرآن ٌنبؽً له أن ٌشؽل به ألن جمٌع العلوم‬
‫واألذكار واألدعٌة مستنبطة منه ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه عظٌم الفكر والتؤمل فً مصنوعات هللا الباهرة‪،‬‬
‫وآٌاته الباطنة والظاهرة‪ ،‬فً الدنٌا واآلخرة‪ ،‬وكان ٌقول ‪(( :‬الفكر كحل‬
‫البصٌرة ونور القلب والسرٌرة)) ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه عظٌم المحبة لجده رسول هللا ‪-‬صلى هللا علٌه وآله‬
‫وسلم‪ -‬حبا ً ال ٌقدر أحد على وصفه‪ ،‬قد فاض من باطنه على ظاهره حتى أنا‬
‫نراه فً سفره إلى الحرمٌن الشرٌفٌن ٌكون أصل عزمه ونٌة مقصده وؼلبة‬
‫توجهه المدٌنة النبوٌة‪ ،‬ومكة تابعة لها ‪ ،‬وكان عظٌم االستؽراق حال زٌارته‬
‫له فً المواجهة الشرٌفة ال ٌتحرك منه بش ٌر وال شعرٌ ‪ٌ ،‬طٌل القٌام مع كمال‬
‫األدب فً تلك الحضرة المنٌفة‪ ،‬وربما ارفض عرقا ً بعض األحٌان جسده‬
‫الشرٌؾ حتى ٌسٌل العرق على وجه األرض كالماء‪ ،‬وتبتل ثٌابه كؤنها‬
‫ؼسلت بماء‪ ،‬وكان ٌرؼب الناس ؼاٌة الترؼٌب فً زٌارته ‪-‬صلى هللا علٌه‬
‫وآله وسلم‪ -‬وٌقول ‪(( :‬أرى على من وقؾ فً حضرته صلى هللا علٌه وآله‬
‫وسلم خلعة تخلع علٌه من الحضرة الشرٌفة)) ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان شدٌد االحترام لمآثره‪ ،‬عظٌم المحبة ألصحابه‪ ،‬شدٌد اإلنكار على من‬
‫تعرض ألحد منهم بنقص ‪ ،‬ذابا ً عنهم‪ ،‬ومبالؽا ً فً الثناء علٌهم‪ ،‬عظٌم‬
‫االعتناء والشفقة والرحمة بؤمته صلى هللا علٌه وآله وسلم إكراما ً له ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال الحبٌب عٌدروس بن عمر ‪ :‬إن الحبٌب عبد هللا بن عمر لما سار إلى‬
‫ِمصر‪ ،‬فبعد إال وٌصله مكتوب من أخواله طاهر بن حسٌن وعبد هللا بن‬
‫حسٌن من المسٌلة‪ ،‬وقالوا له ‪ :‬حال وصول المكتوب إلٌكم اخرجوا إلى‬
‫‪ٔٙ‬‬
‫حضرموت ‪ ،‬قال الحبٌب عٌدروس ‪ :‬فلما المكتوب من أخواله ‪ ..‬خرج‬
‫الحبٌب عبد هللا بن عمر حاالً من ِمصر‪ ،‬حتى إنه ترك أمتعته فً مصر ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬هإالء أخوالً ما ٌشٌرون علً بالخروج إال وٌرون شًء ولهم نظر‪،‬‬
‫فخرج حاالً ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال الحبٌب عبد الرحمن المشهور للحبٌب علوي ابن شهاب ‪:‬‬
‫شفنا أحفظ لعبد هللا بن عمر بن ٌحٌى ألؾ حكاٌة ‪ ،‬أو قال خمسمائة حكاٌة ‪.‬‬
‫‪ ‬ومرة طلع من المسٌلة هو وبعض أخدامه ‪ ،‬فقال له‪ :‬بانعد سنن الصالة ‪..‬‬
‫فعد الحبٌب عبد هللا بن عمر ثمانمائة سنة ‪ ،‬ثم وصلوا إلى ترٌم وزاروا‬
‫التربة ورجعوا فً طرٌقهم ‪ ،‬وعد مائتٌن سنة ‪ ،‬الجملة ألؾ سنة لً عدها‬
‫الحبٌب عبد هللا بن عمر بن ٌحٌى ‪.‬‬

‫للمترجم له‬
‫َ‬ ‫صٌغة صالة جامعة‬

‫قال رضً هللا عنه ‪ :‬خطر لً وأنا فً المواجهة الشرٌفة أن ٌلهمنً هللا‬
‫صالة على النبً ‪-‬صلى هللا علٌه وآله وسلم‪ -‬جامعة لخٌر الدارٌن فؤلهمنً هللا‬
‫هذه الصالة وهً‪:‬‬
‫( اللهم صل على سٌدنا وموالنا محمد ‪ ،‬صالة تهب لنا بها منه أكمل‬
‫اإلمداد‪ ،‬وفوق المراد ‪ ،‬فً دار الدنٌا ودار المعاد ‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫وبارك بقدر عظمة ذاتك عدد ما علمت وزنة ما علمت وملء ما علمت )‪.‬‬
‫وكان سٌدنا ٌكثر منها‪ ،‬وٌشٌر إلى مالزمتها ‪.‬‬

‫‪ٔ7‬‬
‫تعظٌمه ألهل البٌت خصوصا سادتنا أل أبً علوي وطرٌقتهم‬

‫‪ ‬كان رضً هللا عنه عظٌم المحبة ألهل البٌت النبوي‪ ،‬شدٌد االعتقاد فٌهم‪،‬‬
‫ٌشهد ما فٌهم من بضعة النبً ‪-‬صلى هللا علٌه وآله وسلم‪ ، -‬خصوصا ً السادة‬
‫آل باعلوي ‪ ،‬ال ٌفضل علٌهم ؼٌرهم ‪ ،‬وٌبالػ فً الثناء علٌهم ‪ ،‬وتعظٌم‬
‫أحوالهم‪ ،‬وما منحهم هللا به من المواهب العظٌمة‪ ،‬والمقامات العالٌة ‪.‬‬
‫وكان مجتهداً فً ضبط أنسابهم وحفظها‪ ،‬ذا ؼٌرة شدٌدة علٌهم‪ ،‬وشفقة‬
‫وافرة بهم‪ ،‬ومعرفة كاملة بؤنسابهم‪ ،‬وسٌرهم‪ ،‬وكراماتهم‪ ،‬وما كانوا علٌه ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ال ٌفضل شٌئا ً من سائر طرق الصوفٌة أجمعٌن على‬
‫طرٌقتهم‪ ،‬وٌلوم كل من تعلق من السادة العلوٌٌن بؽٌر طرٌقة أسالفهم‪،‬‬
‫وٌقول ‪(( :‬أنه ال ٌنتج منه شًء‪ ،‬وأنه ربما ٌصاب‪ ،‬وأن لهم ؼٌرة شدٌدة‬
‫على من خرج من طرٌقتهم إلى طرٌقة أخرى من أوالدهم‪ ،‬أو ممن دخل فً‬
‫طرٌقتهم‪ ،‬وأعظمهم ؼٌرة على ذلك ‪ :‬سٌدنا الفقٌه المقدم محمد بن علً ‪،‬‬
‫وسٌدنا القطب الكبٌر أبً بكر بن عبدهللا العٌدروس صاحب عدن ‪ ،‬والحبٌب‬
‫الؽوث عبدهللا بن علوي الحداد )) ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان رضً هللا عنه ٌقول ‪ُ ((:‬جل كرامات ساداتنا آل باعلوي إنما تكون‬
‫فً األمور الدٌنٌة ‪ ،‬وما ٌعود نفعه على اإلنسان فً اآلخرة‪ ،‬وما حصل‬
‫علٌهم من كرامات فً هذه الدار فهً اتفاقٌة‪ ،‬وربما تكون بؽٌر قصد‪ ،‬وهً‬
‫بالنسبة لعظم أحوالهم وما منحهم هللا به من الخصوصٌات والمزاٌا صؽٌرة‪،‬‬
‫وإن كانت بالنسبة لكرامات ؼٌرهم عظٌمة )) انتهى ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫( من أراد أن ٌعرؾ طرٌقة ساداتنا آل باعلوي ‪ ..‬فلٌطالع كتب سٌدنا الحبٌب‬
‫عبد هللا الحداد باعلوي ؛ فإن طرٌقتهم رضً هللا عنهم ‪ :‬إنما هً الكتاب‬

‫‪ٔ8‬‬
‫والسنة وكمال اإلتباع لرسول هللا ‪-‬صلى هللا علٌه وآله وسلم‪ -‬فً جمٌع‬
‫األقوال واألفعال ‪.‬‬
‫والحبٌب عبد هللا قد شرحها بتقرٌب ألنه المجدد لطرٌقهم كما قال نفع هللا به ‪:‬‬
‫ضمن اتباعك للنبً المشفع‬ ‫واعلم بؤن الخٌر كله أجمع‬
‫)‪.. .‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫( العلم والعمل مع اإلخالص هلل عز وجل هو طرٌق أسالفنا العلوٌٌن‪ ،‬صفوة‬
‫األولٌاء المقربٌن‪ ،‬وهً مشروحة فً إحٌاء علوم الدٌن وؼٌره من المصنفات‬
‫الؽزالٌة ‪ ،‬وتآلٌؾ ساداتنا البهٌة ؛ كالكتب الحدادٌة ‪ ،‬والمشرع ‪ ،‬وشرح‬
‫العٌنٌة ‪ ،‬والؽرر ‪ ،‬وال ِعقد ‪ ،‬والسلسلة العٌدروسٌة ‪.‬‬
‫_ وخالصة القول فٌها أنها ‪:‬‬
‫توزٌع األوقات باألعمال الصالحات مع كمال االقتداء فٌها بسٌد السادات‪،‬‬
‫وتصحٌحها باإلخالص من الشوائب واآلفات ‪.‬‬
‫وتطهٌر القلب من كل خلق دنً وتحلٌته بكل خلق سنً ‪.‬‬
‫والرحمة والشفقة على عباد هللا ‪.‬‬
‫وبذل الوسع فً تعلٌمهم وإرشادهم إلى ما فٌه النجاة ‪.‬‬
‫والتورع عند الحرام والشبهات ‪.‬‬
‫والتقلل من المباحات والشهوات ‪.‬‬
‫واؼتنام ساعات األعمار باالعتزال عن الكبار والصؽار‪ ،‬فال ٌخالطون‬
‫الناس إال للتعلم والتعلٌم ‪ ،‬أو الجمعة والجماعات وزٌارة كل حمٌم ‪ ،‬وعمارة‬
‫تلك المزاورات بمذاكرة العلوم النافعات ‪.‬‬
‫وخزن اللسان عن كل زور وبهتان ‪.‬‬
‫‪ٔ9‬‬
‫وصلة األقارب واإلخوان ‪.‬‬
‫وبذل المعروؾ لكل إنسان ‪.‬‬
‫وكمال اإلنصاؾ وترك االنتصاؾ ‪.‬‬
‫وحسن المعاملة‪ ،‬وترك الؽش والمداخلة‪ ،‬وتجنب الحٌل‪ ،‬وإن كانت فً ظاهر‬
‫الشرع تقبل ‪.‬‬
‫والنهً عن المنكر‪ ،‬واألمر بالمعروؾ ‪.‬‬
‫وإؼاثة كل مكروب وملهوؾ ‪.‬‬
‫والصٌانة والتعفؾ ‪ ،‬والتواضع والتلطؾ ‪.‬‬
‫ومراقبة الخالق‪ ،‬والوفاء بالوعد والمٌثاق ‪.‬‬
‫والزهد فً كل فان ‪ ،‬والتوكل على هللا فً كل شؤن ‪.‬‬
‫والرضاء والتسلٌم لما قضاه العزٌز الحكٌم ‪.‬‬
‫واالقتصاد فً المعاش ‪ ،‬والخمول واالنكماش ‪.‬‬
‫فهذا قلٌل من أوصافها العظام وكمال تفصٌلها إذا أردته ففً (إحٌاء) حجة‬
‫اإلسالم ) ‪.‬‬

‫ٕٓ‬
‫منتقٌات من كالمه‬

‫‪ ‬كان رضً هللا عنه ٌقول ‪ ( :‬نفعً لمن تعلق بً‪ ،‬أو نسب إلً بعد موتً‬
‫أعظم من نفعً لهم فً حٌاتً ) ‪.‬‬
‫[فً ثمرة مقام الرضاء]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫(( إذا أراد العبد أن ٌسترٌح فلٌرضى بكل ما ٌجرٌه علٌه مواله )) ‪.‬‬
‫[ فً الحث على اإلتباع ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫(( الخٌر كله فً اإلتباع والشر كله فً المخالفة واالبتداع )) ‪.‬‬
‫[ فً كمال االستسالم للشرٌعة ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫(( كل مإمن ٌلزمه أن ٌكون تحت إشارة الشرع كالمٌت بٌن ٌدي الؽاسل‪،‬‬
‫ٌعزل عند إشارة الشرع رأٌه ورأي كل عاقل )) ‪.‬‬
‫[ فً ثمرة اإلتباع ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫(( ال وصول إلى نٌل كل مؤمول إال بمتابعة سٌدنا الرسول ))‪.‬‬
‫[ فً بٌان زٌادة ألطاؾ الحق ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫(( إذا كثر الضعؾ زاد اللطؾ )) ‪.‬‬
‫[ فً الرجاء فً الحق ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫(( الظن جمٌل‪ ،‬والكرم جزٌل‪ ،‬وكلما زادت األوزار زاد التعلق باألستار‪،‬‬
‫واالعتماد على الكرم المدرار )) ‪.‬‬
‫[ فً بٌان عاقبة ترك المندوبات ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫(( من تساهل فً ترك المندوبات وقع فً الخلل بالواجبات‪ ،‬ومن هان علٌه‬
‫ارتكاب المكروهات أ ّداه ذلك إلى الوقوع فً المحرمات ‪ ،‬والمعاصً هً‬
‫ٕٔ‬
‫برٌد الكفر‪ ،‬ودلٌل البعد والخسر‪ ،‬فلٌجتهد العبد فً البعد عنها‪ ،‬وٌعتنً‬
‫باالحتراس منها ‪ ،‬فإن فٌها سخط هللا وهً سبب نقمه وبالٌاه كما قال سبحانه‬
‫ت أَ ٌْ ِدٌ ُك ْم َو ٌَعْ فُو َعنْ َك ِث ٍ‬
‫ٌر}‬ ‫ُصٌ َب ٍة َف ِب َما َك َس َب ْ‬ ‫{و َما أَ َ‬
‫صا َب ُك ْم ِمنْ م ِ‬ ‫فً كتابه المنٌر َ‬
‫[الشورى‪. ))]ٖٓ :‬‬
‫[ فً بٌان حسن الخلق ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫((الخلق الحسن هو احتمال األذى واإلحسان إلى من أساء وهو وصؾ‬
‫األخٌار‪ ،‬وأما اإلحسان إلى من أحسن إلٌك فإنما هو مكافؤة ومجازاة)) ‪.‬‬
‫[ فً بٌان شهود النعم ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫((الدنٌا ال تصفوا من األكدار ‪ ،‬وال تخلوا من الحوادث واألؼٌار‪ ،‬خصوصا ً‬
‫فً جناب ذوي المراتب واألقدار‪ ،‬لكن إذا نظر العبد إلى ما عنده من النعم‬
‫وتؤمل فٌها تؤمل من ٌفهم وٌعلم وجد تلك األكدار ٌسٌرة قلٌلة حقٌرة عند تلك‬
‫النعم الكثٌرة‪ ،‬والمنن الخطٌرة‪ ،‬بل هً نعم كبٌرة عند ذوي البصٌرة‪ ،‬ولكن‬
‫ي الش ُكورُ } [سبؤ‪. ))]ٖٔ :‬‬
‫{و َقلٌِ ٌل ِمنْ ِع َبا ِد َ‬
‫اإلنسان لكفور َ‬
‫[ فً بٌان أصول المعاصً ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫(( أصول المعاصً ثالثة أشٌاء‪ -ٔ :‬الجهل ‪ -ٕ ،‬والهوى ‪-ٖ ،‬‬
‫والدعوى))‪.‬‬

‫[ فً بٌان وجوب اإلتباع وثمرته ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬


‫((السالك ٌجعل النبً ‪-‬صلى هللا علٌه وآله وسلم‪ -‬قدوته ‪ ،‬ال تصدر منه‬
‫حركة وال سكون إال لمحض المتابعة‪ ،‬فإن الخٌر كله فً اإلتباع ‪ ،‬ومن ادعى‬
‫شٌئا ً من الوالٌة والكرامات وال عنده كمال متابعة لرسول هللا صلى هللا علٌه‬
‫وآله وسلم فذلك كذب وؼرور ال ٌصدق وال ٌنظر إلٌه ‪.‬‬
‫والنبً ‪-‬صلى هللا علٌه وآله وسلم‪ -‬شؤنه عظٌم‪ ،‬وأعطاه هللا من الخصوصٌات‬
‫ٕٕ‬
‫وأرفع المقامات ما لم ٌطلع علٌه نبً مرسل وال ملك مقرب ‪.‬‬
‫هللا َوأَ ِطٌعُوا الرسُو َل } [المائدة‪َ { ]9ٕ :‬منْ‬ ‫{وأَ ِطٌعُوا َ‬
‫قال سبحانه وتعالى ‪َ :‬‬
‫هللا َفات ِبعُو ِنً‬
‫ُّون َ‬ ‫هللا } [النساء‪{ ]8ٓ :‬قُ ْل إِنْ ُك ْن ُت ْم ُت ِحب َ‬ ‫اع َ‬ ‫ٌ ُِط ِع الرسُو َل َف َق ْد أَ َط َ‬
‫ٌرةٍ}‬
‫ص َ‬‫هللا َعلَى َب ِ‬ ‫ٌُحْ ِب ْب ُك ُم هللاُ} [آل عمران‪{ ]ٖٔ :‬قُ ْل َه ِذ ِه َس ِبٌلًِ أَ ْدعُو إِلَى ِ‬
‫[ٌوسؾ‪ ،]ٔٓ8 :‬وؼٌر ذلك من اآلٌات الدالة على عظمة فضله ورفٌع‬
‫مرتبته‪.‬‬
‫والذي أراه فً قوله تعالى‪{ :‬آ َم َن الرسُو ُل ِب َما أ ُ ْن ِز َل إِ َل ٌْ ِه ِمنْ َر ِّب ِه َو ْالم ُْإ ِم ُن َ‬
‫ون}‬
‫[البقرة‪ ]ٕ8٘ :‬أن الواو الذي بعد الضمٌر واو ابتداء ال واو عطؾ‪ ،‬وكذلك‬
‫ٌن َم َع ُه } [الفتح‪ ]ٕ9 :‬فواوه واو ابتداء‬ ‫فً قوله تعالى‪{ :‬م َُحم ٌد َرسُو ُل ِ‬
‫هللا َوال ِذ َ‬
‫أٌضا ً ألن مقامه صلى هللا علٌه وآله وسلم وما خصه هللا به ال ٌناله أحد من‬
‫أمته صلى هللا علٌه وآله وسلم‪ ،‬وال تقاس صفاتهم بصفاته صلى هللا علٌه وآله‬
‫وسلم‪ ،‬ال ظاهراً وال باطناً‪.‬‬
‫وال ٌنال أحد من أمته صلى هللا علٌه وآله وسلم شٌئا ً من األحوال والمقامات‬
‫إال بواسطته وكمال متابعته ومحبته‪ ،‬وكذا محبة أهل بٌته قال صلى هللا علٌه‬
‫وآله وسلم‪ ( :‬أهل بٌتً كسفٌنة نوح من ركبها نجا ومن تخلؾ عنها ؼرق )‬
‫ٌعنً أنها كؤهل سفٌنة نبً هللا نوح علٌه السالم فؤهل السفٌنة كلهم ناجٌن‪،‬‬
‫ولكنهم متفاضلٌن ‪.‬‬
‫ومثل أهل البٌت مثل أهل السفٌنة فالقطب منهم كالناخوذا ٌطلع من أراده‪،‬‬
‫وٌترك من أراده‪ ،‬وبقٌة أهل السفٌنة بعضهم ٌحمل نفسه وؼٌره على حسب‬
‫مقامه‪ ،‬وقربه من صاحب السفٌنة ٌعنً القطب‪ ،‬وبعضهم ؼاٌته حمل نفسه‬
‫فقط‪ ،‬وهو من لم ٌبذل جهده فً كمال المتابعة واالقتداء)) ‪.‬‬

‫ٖٕ‬
‫[ فً فضل الدعوة عموما ً وخصوصا ً إلى الصالة ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫((ال أفضل أٌها العبد عند هللا من الدعوة إلى دٌنه وهداه ‪ ،‬خصوصا ً‬
‫الصلوات التً هً عماد الدٌن‪ ،‬ومدرجة الوصول إلى شهود رب العالمٌن‪،‬‬
‫التً هً قرة عٌن سٌد المرسلٌن ‪ ،‬فاحرص ؼاٌة الحرص علٌها واجتهد فً‬
‫{وإِنْ ُت ِطعْ أَ ْك َث َر َمنْ‬ ‫دعوة الخلق إلٌها‪ ،‬ودع العواذل وال تتلفت لقول قائل ‪َ :‬‬
‫{و َال ُت ِطعْ َمنْ أَ ْؼ َف ْل َنا َق ْل َب ُه‬
‫هللا} [األنعام‪َ ]ٔٔٙ :‬‬
‫ٌل ِ‬ ‫ُضلُّو َ‬
‫ك َعنْ َس ِب ِ‬ ‫ضٌ ِ‬ ‫ِفً ْاألَرْ ِ‬
‫َعنْ ِذ ْك ِر َنا َوات َب َع َه َواهُ} [الكهؾ‪.)) ]ٕ8 :‬‬

‫[ فً بٌان أمر النصٌحة]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬


‫( من لم ٌنصح إخوانه المإمنٌن ‪ ،‬وٌؤمرهم بؤوامر رب العالمٌن وٌنهاهم‬
‫عن مخالفة سٌد المرسلٌن ‪ ،‬فقد داهن فً الدٌن ‪ ،‬ودخل فً زمرة الكاتمٌن‬
‫ُون َما أَ ْن َز ْل َنا ِم َن ْال َب ٌِّ َنا ِ‬
‫ت‬ ‫ٌن ٌَ ْك ُتم َ‬ ‫الذٌن قال هللا فٌهم فً كتابه المصون {إِن ال ِذ َ‬
‫ون}‬ ‫ب أُولَ ِئ َ‬
‫ك ٌَ ْل َع ُن ُه ُم هللاُ َو ٌَ ْل َع ُن ُه ُم الال ِع ُن َ‬ ‫اس فًِ ْال ِك َتا ِ‬
‫َو ْال ُهدَى ِمنْ َبعْ ِد َما َبٌناهُ لِلن ِ‬
‫[البقرة‪ ]ٔ٘9 :‬فوجب علٌنا البٌان‪ ،‬وحرم السكوت والكتمان‪ ،‬خصوصا ً عند‬
‫العشٌرة واإلخوان‪ ،‬إذ لهم فوق حق اإلسالم حق القرابة واألرحام‪ ،‬كما قال‬
‫ك ْاألَ ْق َر ِب َ‬
‫ٌن}‬ ‫ٌر َت َ‬ ‫{وأَ ْن ِذرْ َع ِش َ‬ ‫سبحانه مإكداً إنذارهم على لسان رسوله األمٌن َ‬
‫[الشعراء‪ ]ٕٔٗ :‬بعد دخولهم فً عموم الناس المذكور فً محكم الكتاب‬
‫ٌه ُم ْال َع َذابُ } [إبراهٌم‪.]ٗٗ :‬‬ ‫ْ‬ ‫{وأَ ْن ِذ ِر الن َ‬
‫اس ٌَ ْو َم ٌَؤ ِت ِ‬ ‫بقوله َ‬
‫وما كان متؤكداً علٌه صلى هللا علٌه وآله وسلم فهو كذلك فً حق أمته آكد‬
‫وألزم‪ ،‬فنصح السادة وتعلٌمهم واجب من ثالث جهات‪ :‬حق اإلسالم ‪ ،‬وحق‬
‫قرابة سٌد األنام وحق األ ُخوة واألرحام ) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪(( :‬علٌكم أٌها اإلخوان بالنصح لكل مسلم‪ ،‬باللطؾ‬
‫والرفق أوالً‪ ،‬ثم التوبٌخ ثانٌا ً‪ ،‬وال تسكتوا عن األمر بالمعروؾ‪ ،‬والنهً عن‬
‫المنكر‪ ،‬فإنه شؤن المداهنٌن فً الدٌن‪ ،‬الؽاشٌن ألمة سٌد المرسلٌن‪ ،‬والحذر‬
‫ٕٗ‬
‫الحذر من الؽٌبة‪ ،‬وهً ذكرك المسلم بما ٌكرهه سواء كان فٌه أو لم ٌكن‪،‬‬
‫وسواء كان باللسان أو بالفعل ‪ ،‬وإذا سمعتم من ٌؽتاب أحداً فامنعوه من الؽٌبة‬
‫وأشؽلوا المجلس إما بمذاكرة علم أو كالم مباح ‪ ،‬والتقلل من مجالسة أهل‬
‫الزمان أولى وأسلم‪ ،‬وفٌه ؼفلة عما هم فٌه من المعاصً والترهات‪ ،‬وهو‬
‫شؤن عقالء المإمنٌن‪ ،‬إذ شؤنهم االعتزال عن األنام‪ ،‬بل ٌمنعون من ٌؤتً‬
‫إلٌهم بذلك ‪ ،‬ألنه ٌتولد منه سوء الظن والحقد والحسد والؽٌبة والعداوة‬
‫والشحناء وؼٌر ذلك من المذام )) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪ ( :‬الجد والتشمٌر فً الذكر والتذكٌر‪ ،‬وتبلٌػ العوام‬
‫ما ؼفلوا عنه من مهمات دٌن البشٌر النذٌر مفتاح لكل خٌر‪ ،‬خاص وعام‪،‬‬
‫ألنه المقصود من إنزال الكتب وبعث الرسل واألنبٌاء وبه تصلح شإون‬
‫الدٌن والدنٌا‪ ،‬فاؼتنموا مساعدة الزمان على هذا المطلب العزٌز الشؤن‪ ،‬الذي‬
‫ٌنال به السعادة وكمال الحسنى والزٌادة‪ ،‬وحثوا الدولة أصلحهم هللا على‬
‫سوق الجاهلٌن من ال ُجند وأهل السوق والحراثٌن‪ ،‬وعلموهم أمهات الدٌن‪،‬‬
‫والفروض الواجبة على التعٌٌن‪ ،‬بٌنوا لهم األحكام والحالل والحرام ‪ ،‬وما‬
‫ٌخشى وقوعهم فٌه من فاسد المعامالت التً عمت فً هذه األوقات ودخل‬
‫بسببها على كل إنسان الحرام والشبهات ) ‪.‬‬
‫[ فً بٌان تساهل أهل البٌت بؤمور النساء ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫( تساهل الناس بؤمر النساء وصٌانتهن عن نظر األجانب ‪ ،‬وخصوصا ً أهل‬
‫البٌت فإنهم القدوة واألمر علٌهم آكد بحفظ نساءهم ‪.‬‬
‫قال تعالى‪ٌَ { :‬ا أَ ٌُّ َها الن ِبًُّ قُ ْل ِألَ ْز َوا ِج َ‬
‫ك َو َب َنا ِت َ‬
‫ك} [األحزاب‪ ]٘9 :‬اآلٌة ‪.‬‬
‫فإن الحق سبحانه وتعالى أكد األمر علٌهم ثالث مرات بقوله‪-:‬‬
‫{قُ ْل ِألَ ْز َوا ِج َ‬
‫ك } [األحزاب‪ ]٘9 :‬ومنهن خدٌجة رضً هللا عنها ثم بقوله‪-:‬‬
‫{و َب َنا ِت َ‬
‫ك} [األحزاب‪ ]٘9 :‬ومنهن الزهراء رضً هللا عنها ثم‪-:‬‬ ‫َ‬
‫ٕ٘‬
‫{و ِن َسا ِء ْالم ُْإ ِم ِن َ‬
‫ٌن} [األحزاب‪ ]٘9 :‬عام لهم ولؽٌرهم‪.‬‬ ‫َ‬
‫_ وقوله‪ٌَ { :‬ا ِن َسا َء الن ِبًِّ لَسْ ُتن َكؤ َ َح ٍد ِم َن ال ِّن َسا ِء إِ ِن ات َق ٌْ ُتن} [األحزاب‪]ٖٕ :‬‬
‫اآلٌة‪.‬‬
‫فاألمر متؤكد علٌهم أزٌد من ؼٌرهم بحفظهن وصٌانتهن‪.‬‬
‫_ كان سٌدنا الشٌخ أبً بكر بن سالم نفعنا هللا به ٌمنع بناته أن ٌجعلن شٌئا ً‬
‫من الحلً فً أٌدٌهن ‪ ،‬فقٌل له فً ذلك فقال ‪:‬‬
‫هو مباح لهن ولكن النساء ناقصات عقل ودٌن فربما لو كان شًء فً ٌدٌها‬
‫لحملها على كشؾ ذراعها لترٌه ؼٌرها ‪.‬‬
‫فقٌل له‪ :‬إن بناتك ال ٌطلع علٌهن إال محرم ‪ ،‬فقال ‪ :‬أنا ما أرٌد حتى المحرم‬
‫ٌنظر إلى ذراعها ‪.‬‬
‫وكان رضً هللا عنه صاحب ؼٌر ٍة نفع هللا به ولكن الخٌر كله ما ٌجًء إال‬
‫بالعلم‪ ،‬وأما الجهل فال ٌؤتً إال بكل رذٌلة ) ‪.‬‬

‫[ فً بٌان التساهل الذي طرأ على الناس ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫( ؼلب على الناس التساهل فً أمور دٌنهم‪ ،‬حتى أنه ٌسهل على بعضهم‬
‫ارتكاب المحذور وال إظهار خلل فً نفسه ‪.‬‬
‫وقد صلى بالناس سٌدنا أبو موسى األشعري فً المسجد النبوي صالة الفجر‬
‫فلما خرج الناس تبٌن له أن الصالة قبل طلوع الفجر‪ ،‬فناداهم من بٌوتهم‬
‫وصلى بهم ثانٌا ً‪ ،‬ثم خرجوا ولم ٌظهر الفجر فناداهم وصلى بهم ثالثا ً ‪.‬‬
‫والٌوم من صلى هو وواحد قبل الوقت شق علٌه أن ٌخبره بذلك ‪ ،‬لئال ٌظهر‬
‫الخلل من نفسه وهذا كله من مكائد الشٌطان ) ‪.‬‬

‫‪ٕٙ‬‬
‫[ فً بٌان معنى التقوى ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫( التقوى هً ‪ :‬سبب النجاة والفوز والمصافاة وحسن الحال والمآل ونٌل‬
‫المطالب واآلمال ‪ ،‬وهً فعل الطاعات والواجبات والمندوبات وترك‬
‫المنهٌات المحرمات والمكروهات‪ .‬فال بد من علم هذه األربعة وطلبها ثم‬
‫التشمٌر والجد فً العمل بها فٌلزم العبد ‪ :‬أداء الواجبات ؛ إذ به قوام الدٌن‬
‫وحٌاته ‪.‬‬
‫وٌستكثر من المندوبات ‪ :‬إذ بذلك تحصل محبة هللا ومصافاته ‪.‬‬
‫وٌجنب المحرمات‪ :‬اجتنابه للسم إذ بارتكابها ٌضعؾ الدٌن وٌخشى على من‬
‫أكثر منها ولم ٌتب أن ٌموت مٌتة المنافقٌن ‪.‬‬
‫وٌحذر المكروهات‪ :‬ألنها برٌد المحرمات وسبب اللهو والؽفالت ) ‪.‬‬

‫[ فً بٌان هوان الدنٌا وفناءها ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬


‫( إذا حصل بٌنك وبٌن أحد خالؾ فً أمر من أمور الدنٌا فاذكر أنها فانٌة‪،‬‬
‫وأنك ستنتقل عما قرٌب منها‪ ،‬وأنها مشحونة باألكدار‪ ،‬فإذا تذكرت ذلك‬
‫هانت علٌك‪ ،‬وعرفت أنها هٌنة ال ٌلٌق بعاقل أن ٌخاصم علٌها‪ ،‬أو ٌصرؾ‬
‫همه وفكره إلٌها ) ‪.‬‬
‫[ فً مجالسة الجهال ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫( إٌاكم ومجالسة الجهال فإنها تدعوا إلى الضالل‪ ،‬والتخلق بقبٌح الخالل‪،‬‬
‫ودنً األفعال واألقوال‪ ،‬فمن تشبه بهم هلك مع الهالكٌن‪ ،‬ومن أطاعهم انسل‬
‫ُضلُّو َ‬
‫ك‬ ‫ضٌ ِ‬ ‫{وإِنْ ُت ِطعْ أَ ْك َث َر َمنْ فًِ ْاألَرْ ِ‬ ‫من الدٌن انسالل الشعرة من العجٌن َ‬
‫{و َال ُت ِطعْ َمنْ أَ ْؼ َف ْل َنا َق ْل َب ُه َعنْ ِذ ْك ِر َنا َوات َب َع‬ ‫هللا} [األنعام‪َ ]ٔٔٙ :‬‬ ‫َعنْ َس ِب ِ‬
‫ٌل ِ‬
‫ضلُّ} [األعراؾ‪. ) ]ٔ79 :‬‬ ‫َه َواهُ} [الكهؾ‪{ ]ٕ8 :‬أُولَ ِئ َ‬
‫ك َك ْاألَ ْن َع ِام َب ْل ُه ْم أَ َ‬

‫‪ٕ7‬‬
‫[ فً بٌان تمٌز وادي حضرموت ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫( من أَلِؾ حضرموت وسٌرتها ‪ ..‬فال ٌناسبه مكان آخر خصوصا ً بالنظر‬
‫إلى الذرٌة وحفظ الزي والمروءة‪ ،‬وطٌب الماء والهواء والرقاد والبالد‬
‫وطعم العٌش ‪ ،‬فال ٌعادلها ؼٌرها مع ما فٌها من الصالحٌن األحٌاء والمٌتٌن‪،‬‬
‫باطل وبطال ) ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بوال ٌزٌل منها كل‬
‫ٍ‬ ‫وقٌام شعائر الدٌن‪ ،‬فاهلل ٌصلحها‬
‫[ فً فرحه بإقامة ذرٌته بحضرموت ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫( فرحنا برجوع الولد أبً بكر ؼاٌة الفرح ‪ ،‬إن جلوسه فً حضرموت أولى‬
‫وأرجح رجاء أن ٌتؤدب بآداب الصالحٌن‪ ،‬وٌكون من العلماء العاملٌن ‪،‬‬
‫فالسفر ضٌاع الدٌن‪ ،‬وسبب االنخراط فً زمرة الشٌاطٌن‪ ،‬ألن الكل والؽالب‬
‫فً الهند وؼٌرها من البلدان منهمكون فً رذائل األخالق والعصٌان‪،‬‬
‫واللبٌب العاقل عندهم من أحكم دنٌاه‪ ،‬وإن كان ساه واله عن أخراه ‪ ،‬فإذا‬
‫جالسهم اإلنسان فالبد أن ٌكتسب شٌئا ً من تلك األنتان‪ ،‬هذا شًء مصادق‬
‫للقرآن ‪ ،‬وأحادٌث خٌر الحسان ‪ ،‬والمشاهدة والعٌان ‪ ،‬فما بعد هذا بٌان ) ‪.‬‬
‫[ فً بٌان فضل الحسرة على األعمال ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫( التحسر على ترك العمل‪ ،‬وعدم الفرص والمهل‪ ،‬أتم وأفضل وأكمل‪،‬‬
‫لسالمته من شوائب اإلعجاب والرٌاء ولزوم صاحبه االنكسار لخالق األشٌاء‬
‫)‪.‬‬
‫[فً ذم اإلفراط وبٌان آثاره ]‬ ‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫( البطنة تذهب بالفطنة ‪ ،‬وتناول الشهوات تقسوا به القلوب‪ ،‬وتتوجه بها‬
‫النفوس الكتساب الذنوب ‪ ،‬ومن أكل كثٌراً شرب كثٌراً‪ ،‬ومن شرب كثٌراً نام‬
‫كثٌراً‪ ،‬وبالمنع من األكل والشرب ٌستنٌر القلب‪ ،‬وٌتؤتى اإلتٌان بالقرب‪،‬‬
‫وٌصلح التوجه إلى الرب)‪.‬‬

‫‪ٕ8‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه مخاطبا ً لبعض أوالده ‪ [ :‬فً تحذٌره من التبذٌر ]‬
‫( ال تظن ٌا ولدي أنً أشح علٌك بالمال ‪ ،‬فإن المال عندي حقٌر ‪ ،‬وإنما‬
‫أشح علٌك من التبذٌر ‪ ،‬وأن تذكر به‪ ،‬أو ٌقال فالن ؼٌر مستقٌم الطرٌقة ‪،‬‬
‫مال ال ٌكون‬ ‫فالزم الوسط فً أمورك كلها‪ ،‬واإلنسان إذا كان عنده فضل ٍ‬
‫كالبهٌمة ‪ ،‬حظه الملبس والمؤكل من المال ‪ ،‬بل ٌقدمه لٌوم الفاقة‪ ،‬وٌفعل من‬
‫المكارم حسب الطاقة‪ ،‬واحذر من كثرة الكالم فإنه َ‬
‫{ال َخٌ َْر ِفً َك ِث ٍ‬
‫ٌر ِمنْ‬
‫َنجْ َوا ُه ْم} [النساء‪ ]ٔٔٗ :‬اآلٌة ‪ ،‬وفٌه قسوة القلب وسقوط هٌب ٍة‪ ،‬وقلة مروءةٍ‪،‬‬
‫وعلٌك بالرفق فإنه خٌر كله ‪ ،‬واحذر من الخرق فإنه شر كله ) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪ ( :‬الوعٌد المذكور فً الحدٌث فً عدم التنزه من‬
‫البول ‪ ،‬هو ما ٌستمر إلى أن ٌصلً بذلك أما التضمخ به قبل الصالة فإن كان‬
‫اختٌاراً فحرام من الصؽائر‪ ،‬وإن كان بؽٌر اختٌار فال ) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪(( :‬هذه اآلٌة جمعت السٌاسة ‪ ،‬وما ٌفعله الملك مع‬
‫ب َوإِما أَنْ‬ ‫ْن إِما أَنْ ُت َع ِّذ َ‬ ‫الخلق وهً قوله سبحانه وتعالى‪{ :‬قُ ْل َنا ٌَا َذا ْال َقرْ َنٌ ِ‬
‫ٌه ْم حُسْ ًنا * َقا َل أَما َمنْ َظلَ َم َف َس ْو َ‬
‫ؾ ُن َع ِّذ ُب ُه ُثم ٌ َُر ُّد إِلَى َر ِّب ِه َف ٌُ َع ِّذ ُب ُه َع َذابًا‬ ‫َتت ِخ َذ فِ ِ‬
‫صالِحً ا َفلَ ُه َج َزا ًء ْالحُسْ َنى َو َس َنقُو ُل لَ ُه ِمنْ أَمْ ِر َنا‬ ‫ُن ْكرً ا * َوأَما َمنْ آ َم َن َو َع ِم َل َ‬
‫ٌُسْ رً ا} [الكهؾ‪)) ]88 - 8ٙ :‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪ (( :‬أوصٌكم بتقدٌم األهم فاألهم فً علومكم‪،‬‬
‫وأعمالكم‪ ،‬وعباداتكم‪ ،‬وعاداتكم‪ ،‬وانقباضكم‪ ،‬ومخالطتكم ‪ ،‬فقدموا الواجب‬
‫على المندوب‪ ،‬واألوجب على الواجب ‪ ،‬وأكثر المندوبات أجراً على ؼٌره‪،‬‬
‫زنوا ذلك بمٌزان العلم‪ ،‬وأكثروا البحث عن ذلك الحكم‪ ،‬فال تشتؽلوا بشً ٍء‬
‫عما هو أهم منه)) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪ ( :‬ال تتقٌدوا بعادات أهل الزمان إذا لم ٌشهد الشرع‬
‫باستحسانها وطلبها أو ٌشهد بها وؼٌرها أولى منها‪ ،‬ألن ذلك ٌإدي إلى‬
‫تكلفات تتولد منها هموم وآفات‪ ،‬وتتدرج فٌها كثٌر من المخالفات‪ ،‬وبسببها‬
‫‪ٕ9‬‬
‫مٌل ضعفاء النفوس إلى مدح األراذل والنسوان‪ ،‬وتركهم وزن األفعال بما‬
‫شرع هللا من المٌزان‪ ،‬واحذروا من معاداتهم ومشاوراتهم‪ ،‬فإن ذلك ٌشؽل‬
‫القلوب عن الحضور مع عالم الؽٌوب‪ ،‬وٌورث الدخول فً كثٌر من‬
‫الذنوب‪ ،‬والتلبس بجملة الؽٌوب‪ ،‬وال ٌشعر اإلنسان بتلك اآلفات لؽلبة الهوى‬
‫على العقل ‪ ،‬وعلٌكم بالرحمة لهم‪ ،‬والشفقة علٌهم‪ ،‬والمداراة واالحتمال‬
‫والصفح والعفو عنهم ‪ ،‬واإلعراض عن أذاهم‪ ،‬واشهدوا أن ذلك تؤدٌب من‬
‫الحق لكم‪ ،‬وأنهم آلة مقهورة ‪ ،‬وإذا أحسنوا إلٌكم فاشكروهم امتثاالً ألمر هللا‪،‬‬
‫واشهدوا المنة من هللا‪ ،‬وأنه المسخر ‪ ،‬فال تلتفتوا إلٌهم فً نفع أو ضر‪ ،‬بل‬
‫علقوا قلوبكم وأصلحوا ما بٌنكم وبٌنه‪ ،‬واطلبوا رضاه وإن سخط الناس‪ ،‬فإنه‬
‫ٌسخرهم لكم‪ ،‬وال تطلبوا رضاهم بسخطه فإنه ٌسخطهم علٌكم ) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪ ( :‬أوالد هذا الزمان اعتلوا بثالث علل ‪ :‬الجهل ‪،‬‬
‫والدعوى‪ ،‬وعدم قبول النصٌحة ) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪ (( :‬مثل الخلق مثل الؽرقى إال إنهم فً الزمان‬
‫السابق إذا جاءهم من ٌرٌد نجاتهم أعانوه بؤنفسهم‪ ،‬وسهلت علٌه نجاتهم ‪،‬‬
‫وأهل هذا الزمان ما حصلت منهم معاونة حتى إنهم إذا جاءهم من أراد‬
‫نجاتهم سحبوه إلى أن ٌؽرقوه معهم )) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪(( :‬الحذر من مودة الكفار وصحبتهم ‪ ،‬فإن ذلك ٌوهن‬
‫الدٌن ‪ ،‬ومحبتهم تورث سوء الخاتمة مجرب ‪ ،‬مجرب ‪ ،‬مجرب نسؤل هللا‬
‫العافٌة)) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪(( :‬أوصٌك بكتم سرك عن الناس وال تطلع على‬
‫سرك أحد إال من عرفت دٌانته وصدق محبته وكتمه للسر ‪ ،‬وهذا عزٌز‬
‫وجوده ‪ ،‬وباشر حوائجك بنفسك‪ ،‬فإن استعنت بؽٌرك فشاركه فً النظر‪ ،‬ألن‬
‫أهل الزمان ؼلب علٌهم التساهل واإلهمال‪ ،‬وعدم إحسان كل األعمال)) ‪.‬‬

‫ٖٓ‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪ ( :‬كفارة الحسد كراهته ‪ ،‬والدواء القامع له أن تساعد‬
‫من حسدته فً األمر الذي حسدته علٌه وتسعى فً كل ما ٌزٌده فً ذلك‬
‫األمر وتدعوا له ) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪ :‬عندما ذكروا عن النبً ‪-‬صلى هللا علٌه وآله وسلم‪-‬‬
‫أنه قام فً محراب العمل حتى ورمت قدماه ‪ ،‬وكانت سٌدتنا عائشة ‪-‬رضً‬
‫هللا عنها‪ -‬تقول‬
‫له ال تكلؾ نفسك ٌا رسول هللا وقد ؼفر هللا لك ذنبك ما تق ّدم منه وما تؤخر ‪،‬‬
‫فقال لها ‪ :‬أفال أكون عبداً شكوراً ‪.‬‬
‫قال الحبٌب عبد هللا بن عمر بن ٌحٌى ‪ ( :‬ال ٌظن اإلنسان أن النبً ‪-‬صلى‬
‫هللا علٌه وآله وسلم‪ -‬ورّ مت قدماه من طول القٌام ‪ ،‬بل ذلك من الواردات التً‬
‫والورم فً رجوله ) ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َت ِرد علٌه ‪ ،‬حتى مات‬

‫‪ ‬وقال رضً هللا عنه ‪ ( :‬أوصٌكم أٌها اإلخوان بحسن الظن فً جمٌع أهل‬
‫اإلٌمان فإذا قال أحد منهم قوالً أو فعل فعالً ٌحتمل السوء والحسن ‪ ،‬فاحملوه‬
‫على الحسن‪ ،‬وإذا كان ال ٌحتمل على الحسن فانصحوا فاعله برفق ولطؾ ‪،‬‬
‫وال تحتقروه نظراً إلى السابقة ورجاء التوبة وحصول المكفر ‪ ،‬خصوصا ً إذا‬
‫كان من أهل بٌت النبوة‪ ،‬فإن آٌة التطهٌر تشهد بسبق إرادة الحق لهم من كل‬
‫رجس وتقذٌر ‪ ،‬وكذلك دعوة البشٌر النذٌر للمرتضى والبتول بإخراج الطٌب‬
‫الكثٌر ‪ ،‬وال تتبدل إرادة الرب القدٌر وال ترد دعوة أعظم شفٌع ووزٌر ) ‪.‬‬
‫أو كما قال ‪.‬‬

‫ٖٔ‬
‫من ثنائه على سٌدنا المهاجر إلى هللا‬

‫‪ ‬قال رضً هللا عنه ‪:‬‬


‫( من أراد أن ٌعرؾ ما لسٌدنا المهاجر أحمد بن عٌسى بن محمد بن علً‬
‫العرٌضً من المنة علٌنا بسبب هجرته من البصرة إلى حضرموت فلٌنظر‬
‫كتاب (النواقض للروافض) للسٌد محمد البرزنجً أخو السٌد جعفر صاحب‬
‫المولد ؛ فإنه ما كان سبب خروجه من البصرة إال ما ذكره فً ذلك الكتاب‬
‫مما ظهر فٌها على وجهه وما ظهر بعده أشد وأعظم ‪.‬‬
‫وكانت هجرته إلى حضرموت قرٌبة المشابهة من هجرة جده علٌه الصالة‬
‫والسالم إلى المدٌنة ‪ ،‬بؤنه أمر بالسفر على راحلته إلى حٌث ما ناخت به‬
‫بنفسها ووصل إلى الحرمٌن الشرٌفٌن والٌمن ولم ٌزل ٌتنقل حتى وصل بلد‬
‫الهجرٌن فناخت الراحلة بنفسها فعرؾ أنها الوطن ‪.‬‬
‫وكانت مدة إقامته فً حضرموت نحو اثنا عشر سنة ؛ ألنه هاجر إلٌها وهو‬
‫شائب آخر عمره رضً هللا عنه ‪.‬‬
‫_ وكنت أجد بحضرته حال زٌارتً له قرٌبا ً مما أجده فً حضرة النبوة‬
‫جزاه هللا عنا أفضل ما جزى والداً عن ولده ) ‪.‬‬

‫ٕٖ‬
‫صاحب البقرة‬

‫دخل المترجم له إلى الهند داعٌا ً إلى هللا ناشراً لدٌن اإلسالم ‪ ،‬وقد لقً فً‬
‫فلقً منهم قبوالً ‪ ،‬وقد عُرضت علٌه أحوا ُل بعض‬ ‫الهند ملو َكها ‪ ،‬وأعٌا َنها ‪َ ،‬‬
‫أهل الطرائق المقربٌن عند ملك {حٌدر أباد} ‪ ،‬فؤنكرها ور ّدها علٌهم رد‬
‫المفتً الذي ٌقؾ عند حدو ِد الشرع ‪ ،‬وال ٌلتمس تؤوٌالً ألح ٍد كائن من كان ‪.‬‬
‫رق ألولئك القوم ‪ ،‬فكادوا‬ ‫لكن هذا السلوك التقً وتلك الفتاوى الجرٌئة لم َت ْ‬
‫للعالم الداعٌة ‪ ،‬ودسّوا له سما ً ناقعا ً انتشر فً جسمه وكاد أن ٌُإ ِّدي بحٌاته‬
‫المضٌؾ ‪ ،‬الذي ّ‬
‫سخر له‬ ‫ِ‬ ‫{حٌدر أباد}‬
‫لوال رعاٌة هللا ولطفه ‪ ،‬ثم عطؾ ملك َ‬
‫ُحذاق األطباء الهنود الذٌن عكفوا على عالجه حتى من هللا علٌه بالشفاء ‪،‬‬
‫وأهدى له ملك حٌدر أباد بقرة هندٌة فرٌدة ‪ٌُ ،‬قال إن األطباء وصفوا له‬
‫حلٌبها لطرح ما بقً من سُم فً جسمه ‪.‬‬
‫المترجم طلب البقرة أو قبلها هدٌة ؛ ألن فً حلٌبها ؼذاء وشراب‬
‫َ‬ ‫ولعل‬
‫أكل وشرب ما ٌمكن أن تصل إلٌه أٌادي األعداء المتربصٌن به فً‬ ‫ٌُؽنٌه عن ٍ‬
‫تلك البالد رٌثما ٌؽادرها ‪ ،‬لكن البقرة المحظوظة ظلت تالزمه فً أسفاره‬
‫البرٌة والبحرٌة ‪ ،‬زمنا ً طوٌالً ‪ ،‬حتى ُنسب إلٌها وعُرؾ فً تلك الجهات بها‬
‫( صاحب البقرة ) ‪.‬‬

‫ٖٖ‬
‫أوالده‬

‫وقد أخلؾ الحبٌب طٌب هللا ثراه ستة من األبناء ‪ ،‬هم ‪:‬‬
‫ٔ) الحبٌب عمر ‪ )ٕ ،‬والعالمة الحبٌب عقٌل ‪ )ٖ ،‬والعالمة الحبٌب محمد ‪،‬‬
‫ٗ) والعارؾ باهلل السٌد أبوبكر ‪ ،‬وقد توفً فً حٌاة أبٌه ‪ )٘ ،‬وأحمد ‪،‬‬
‫‪ )ٙ‬ومحمد ؼٌر األول الملقب بـ (الطاهر) ‪ ،‬وهذان السٌدان األخٌران‬
‫انقرضا ولم ٌخلفا ذرٌة ‪.‬‬

‫مؤلفاته‬

‫للعالمة الحبٌب المترجم له عدد من المإلفات ‪ ،‬لعل أبرزها كتابه {فتاوى‬


‫شرعٌة} الذي لم ٌُجمع فً حٌاته ‪ ،‬وإنما جمعها نجله الحبٌب عقٌل بعد وفاة‬
‫والده ‪ ،‬فجاءت فً مجلد ضخم ‪ ،‬وقد ُ‬
‫طبع هذا لكتاب ‪.‬‬
‫_ ومن المإلفات األخرى ‪ :‬كتاب {السٌوؾ البواتر على من ٌقدم الصبح على‬
‫الفجر اآلخر} وقد ُ‬
‫طبع هذا الكتاب أٌضا ً ‪.‬‬
‫_ وذكر السٌد عبد هللا بن محمد السقاؾ ‪ :‬أن للحبٌب المذكور كتاب ٌُسمى‪:‬‬
‫{الفتاوى الكبرى} ‪ ،‬وهً التً اختصرها تلمٌذه العالمة الحبٌب عبد الرحمن‬
‫المشهور فً {بؽٌة المسترشدٌن} ‪.‬‬
‫_ ومن مإلفات العالمة المترجم له ‪{ :‬متن سفٌنة الصالة} فً الفقه ‪ ،‬وقد‬
‫شرحه السٌد ‪ :‬محمد بن عبد الرحمن شمٌلة األهدل والشٌخ محمد نووي‬
‫الجاوي ‪.‬‬
‫_ ومن مإلفاته ‪{ :‬مناسك الحج والعمرة وآداب الزٌارة النبوٌة} ‪ ،‬مطبوع ‪.‬‬
‫_ و {تذكرة المإمنٌن بفضائل عترة سٌد المرسلٌن} ‪ ،‬مطبوع ‪.‬‬
‫ٖٗ‬
‫_ و أسئلة حول من ٌذكرون هللا قٌاما ً وقعوداً بؤنؽام الموسٌقً ‪ ،‬مخطوط ‪.‬‬
‫_ و {خٌر أهل الكسا} ‪ ،‬مخطوط ‪.‬‬
‫_ و {تذكرة إخواننا الحجاج بسكان سرباٌا} ‪ ،‬مخطوط ‪.‬‬
‫المترجم بعض من مال إلى بدعة الوهابٌة} ‪ ،‬مخطوط‬
‫َ‬ ‫_ و {مذاكرة ذ ّكر بها‬
‫‪.‬‬
‫_ و {إجازة للحبٌب حسٌن بن عبد الحمن الجفري} ‪ ،‬مخطوط ‪.‬‬
‫_ وله جملة من القصائد الشعرٌة ‪ ،‬بٌن رثاء وابتهال ومدائح ‪ ،‬وكثٌر ما‬
‫ٌستهلها بقوله ‪ٌ{ :‬قول ابن هاشم} ؛ ٌعنً نفسه ‪ ،‬وقد جمع ابنه عقٌل عدداً من‬
‫تلك القصائد فً كراسة كتب علٌها (هذا ما جُمع من الكالم المنظوم للحبٌب‬
‫عبد هللا بن عمر بن ٌحٌى) ‪.‬‬
‫_ وله عد ٌد من الوصاٌا واإلجازات المتفرقة ‪ ،‬ومن طالع مإلفاته وجد بصمة‬
‫الفقٌه العالم بالمذهب ‪ ،‬والمفتً المزاول الصرٌح ‪ ،‬وتجد فً فتاوٌه آثار‬
‫أسفاره ‪ ،‬وفً إجازاته ووصاٌاه تمسكه بالشرٌعة المحمدٌة ‪ ،‬والسنة النبوٌة ‪،‬‬
‫وانتمائه للطرٌقة العلوٌة ‪.‬‬

‫ٖ٘‬
‫وفاته رحمه هللا‬

‫وكانت وفاته ‪-‬رضً هللا عنه‪ -‬بعد مضً نحو ثلثً اللٌل ‪ ،‬لٌلة االثنٌن ‪،‬‬
‫الثنٌن وعشرٌن خلت من شهر جماد األولى ‪ ،‬سنة خمس وستٌن ومائتٌن‬
‫وألؾ ‪ ،‬وحضر جنازته والصالة علٌه خالئق ال تحصر ‪ ،‬وصلى علٌه خاله‬
‫الحبٌب عبد هللا بن حسٌن بن طاهر ‪ ،‬ودفن بكرة االثنٌن بمسقط رأسه ؼرؾ‬
‫آل شٌخ ‪ ، ،‬وقبره ظاهر ٌزار ‪ ،‬داخل السقٌفة بجانب أخواله طاهر وعبد هللا‬
‫ابنً الحسٌن بن طاهر ‪.‬‬

‫رمحه اهلل رمحة األبرار ‪ ،‬ومجعـا وإقاه برمحمه يف دار اؾؼرار ‪ ،‬وؿنَّ‬

‫عؾقه باؾعطاء اؾواف ‪ ،‬وأدؽـه ػسقح جـمه ‪ ،‬وأعاد عؾقـا عؿقم برؽمه ‪،‬‬

‫وؼدّس أدراره ‪ ،‬وـػعـا به وبعؾوؿه يف اؾدارقن ‪.‬‬

‫ورضي اهلل عـه وأرضاه‪ ،‬وعـا به ‪ ،‬وؿـحـا مما أعطاه ‪.‬‬

‫وـسأل اهلل أن قمغشاه باملغػرة واؾرضوان ‪ ،‬وجيؿعـا به يف أعؾى‬

‫ػرادقس اجلِـان ‪ ،‬ؿن غري دابؼة عذاب وال اؿمحان‪ ،‬بل مبحض اؾػضل‬

‫واؾؽرم واالؿمـان ‪ ،‬وجزاه اهلل عن األؿّة واإلدالم خرياً ‪ ،‬وأعؼب اهلل ؿـه‬

‫اؾعُؼلى اؾصاحلة ‪ ،‬ؽؿا أعؼبَ علاده اؾصاحلني ‪ ،‬آؿني اؾؾفم آؿني ‪.‬‬

‫‪ٖٙ‬‬
‫ػاهلل قوػؼـا ؾألدب ‪ ،‬وحسن اؾظن بفم ‪ ،‬واحمللة هلم ‪ ،‬وجيؿعـا بفم يف‬

‫أحسن األحوال بػضؾه ورَوؾه ‪ ،‬اؾؾفم اجعؾـا ؿن حميب أوؾقائك ‪،‬‬

‫واؾؾفم إـك تعؾم أـا حنلفم ؾك ‪ ،‬ػأؽرؿـا قا ؿوالـا مبا ؿـحمفم ‪،‬‬

‫واحشرـا يف زؿرتفم ‪ ،‬قا أرحم اؾرامحني ‪.‬‬

‫اؾؾفم ؽؿا أجرقتَ ذؽرفم عؾى أؾسـمـا ػأجرِ عؾوؿفم عؾى أػكدتـا ‪،‬‬

‫اؾؾفم حبؼفم عؾقك ‪ ،‬ومبا هلم ؾدقك ‪ ،‬امجعـا بك عؾقك ‪ ،‬واذغؾـا بك‬

‫عن غريك ‪ ،‬وأمتم عؾقـا إػاضة خريك ‪ ،‬ػإـك غؿرت باؾـوال ‪ ،‬وأغـقت‬

‫عن اؾسؤال ‪ ،‬يف خري وؾطف وعاػقة ‪.‬‬

‫اؾؾفم ؽؿا ؼربمفم إؾقك حبلك ‪ ..‬ػؼربـا إؾقك حبلـا هلم ‪ ،‬اؾؾفم ؽؿا‬

‫تػضؾت عؾقفم مبا تػضؾت ‪ ،‬ػمػضل عؾقـا بموػقؼك وتسدقدك‪ ،‬إـك عؾى‬

‫ؽل ذيء ؼدقر ‪ ،‬وـسألُ اهللَ اؾؽرقم أن ميدـا مبددفم ‪ ،‬وأن قػقضَ‬

‫عؾقـا ؿن ػائضات ػفوؿفم ‪ ،‬إـه وؾي ذؾك واؾؼادر عؾقه ‪.‬‬

‫وصؾى اهلل ودؾم عؾى عني أفل اؾؽؿال ‪ ،‬وؿـلع اجلود واإلػضال ‪،‬‬

‫حلقلـا حمؿد ؿـمفى اآلؿال ‪ ،‬وعؾى صحله واآلل ‪ ،‬عؾى ممر األقام‬

‫‪ٖ7‬‬
‫واؾؾقال ‪ ،‬وآخر دعواـا أن احلؿدِ هلل ربّ اؾعاملني ‪ ،‬دلحان ربك رب‬

‫اؾعزة عؿا قصػون‪ ،‬ودالمٌ عؾى املردؾني ‪ ،‬واحلؿد هلل رب اؾعاملني ‪.‬‬

‫مصادر الترجمة ‪ :‬تذكرة األحٌاء ببعض مناقب الحبٌب عبد هللا بن عمر بن‬
‫المترجم السٌد عقٌل بن عبد هللا ‪ ،‬ومجموع كالم الحبٌب علوي‬
‫َ‬ ‫ٌحٌى ‪ ،‬لولد‬
‫ابن شهاب ‪ ،‬وشرؾ المحٌّا ‪ ،‬وتارٌخ الشعراء الحضرمٌٌن ‪ ،‬ومقدمة كتاب‬
‫السٌوؾ البواتر ‪.‬‬

‫تقدٍن ‪ :‬رباط اهلدار للؼلوم الشرػَة بـ(تؼز) ‪.‬‬

‫‪ٖ8‬‬

You might also like