Professional Documents
Culture Documents
ترجمة الحبيب عبد الله بن عمر بن يحيى
ترجمة الحبيب عبد الله بن عمر بن يحيى
ترمجة ػن :الؼالهة اإلهام ،املقدام اهلُوام ،اجلاهغ بني ػلوٌ الظاهر والباطن ،الؼارف
باهلل والداػٌ إلَه ،الورع الصادق ،الؼامل الؼابد الكرٍن الزاهد يف الدنَا ،احلبَب :
( ػبد اهلل بن ػور بن حيَي باػلوً ) رضٌ اهلل ػنه وػنا به
املتوفي :لَلة اإلثنني ،يف الثانٌ والؼشرٍن هن مجادى األوىل ،ػام 5621هـ
نسبته الشرٌفة
هو سٌدنا وإمامنا ومن علٌه بعد هللا ورسوله معتمدنا ،اإلمام العالمة
النحرٌر القدوة ،الذي بذكره تنشرح الصدور وبنشر سٌرته تنزل رحمة ربنا
الؽفور ،الداعً إلى هللا بفعله وحاله ولسانه ،المناضل عن هللا بسره وإعالنه،
إمام أهل الدٌن ،وشٌخ المتقٌن ،ورئٌس العلماء العارفٌن ،ومقدم ذوي
المعرفة والٌقٌن ،شٌخ الشرٌعة وإمامها ،وحبر الطرٌقة وهمامها ،ولب
الحقٌقة ومقدامها ،الجامع ألسرار السلؾ الصالحٌن ،وآباءه األقدمٌن،
الوارث لعلوم األنبٌاء والمرسلٌن القطب الؽوث الفرد :
عبد هللا بن عمر بن أبً بكر بن عمر بن طه بن محمد بن شٌخ بن أحمد بن
ٌحٌى ابن حسن بن علً بن علوي بن محمد (مولى الدوٌلة) ابن علً (مولى
الدرك) ابن علوي (الؽٌور) ابن سٌدنا االستاذ األعظم الفقٌه المقدم محمد بن
علً باعلوي ،إلى آخر النسبة الشرٌفة .
ٔ
ووالدته :هً الحبابة الشرٌفة الصالحة :خدٌجة بنت حسٌن بن طاهر
باعلوي ،أخت الحبٌبٌن طاهر وعبد هللا ابنً حسٌن بن طاهر ،وقد اجتمعت
فٌها شروط اإلمامة الكبرى لوال الذكورة .
والدته ونشأته
ولد سٌدنا رضً هللا عنه ونفعنا به :لٌلة الجمعة لعشرٌن خلت من شهر
جماد األولى ،سنة ٕٔٓ9هـ ،بقرٌتهم المسماة ؼرؾ آل شٌخ ،بالجهة
الحضرمٌة ،نسبة القرٌة المذكورة إلى السٌد اإلمام شٌخ بن أحمد جد سٌدنا
المذكور .
وظهرت آثار الوالٌة علٌه والعناٌة به وهو فً المهد أوان الرضاع .
ونشؤ سٌدنا على ؼاٌة النجابة ،والصٌانة ،والشهامة ،وعلو الهمة ،وقوة
العزٌمة فً طلب العلوم ،وما ٌرضً به الحً القٌوم ،فجد وأجتهد فً طلب
العلوم على مشاٌخه األجالء البقٌة فً ذلك العصر حتى بلػ ؼاٌتها ،وتبحّ َر
فً رواٌتها .
فؤما الفقه فهو حامل لوائه ،وإلٌه المرجع عند تشاجر فرسانه فً مبدئه
وانتهائه .
وأما الحدٌث فهو فٌه إمام محرابه ،والقائم بتحقٌقه وحفظه وهو أحرى به .
الحبر ابن عباس -رضً هللا عنهما ، -والمتقدم فٌه
وأما التفسٌر فهو خلٌفة َ
على ؼٌره تقدم النص على القٌاس .
وأما التصوؾ فقد بلػ التخلق بؤخالقهم ،والتحقق بؤسرارهم ما تال به لسان
هللا ٌ ُْإ ِتٌ ِه َمنْ ٌَ َشا ُء َوهللاُ ُذو ْال َفضْ ِل ْال َع ِظٌم} حاله القوٌم { َذلِ َ
ك َفضْ ُل ِ
[الحدٌد. ]ٕٔ :
ٕ
وكانت له الٌد الطولى فً سائر العلوم أصوالً وفروعا ً ،وعربٌة ونحواً
وصرفا ً ،وؼٌر ذلك من العلوم ،كالتارٌخ ،والسٌر ،والفلك ،والطب ،والقراءة،
والتجوٌد ،بحٌث ٌقضً له من كل فن بالجمٌع ،وٌظنه السامع له أنه ال ٌحسن
ؼٌره من الفنون .
ٖ
من مشائخه
من تالمٌذه
من أشهرهم :ابنه العالمة عمر وابنه السٌد عقٌل ،والسٌد علً بن علوي
بن عبد هللا بن حسٌن بن طاهر ،والعالمة عٌدروس بن عمر الحبشً ،
ومفتً الدٌار الحضرمٌة الحبٌب عبد الرحمن المشهور ،والسٌد عٌدروس
بن أحمد بن شهاب ،والعالمة عثمان بن عبد هللا بن عقٌل بن ٌحٌى ،والسٌد
عبد الرحمن بن علً السقاؾ والسٌد علً بن سالم بن الشٌخ أبً بكر بن
سالم ،وؼٌرهم ،رضً هللا عنهم .
٘
من ثناء العارفٌن علٌه
من كالم شٌخه اإلمام السٌد عبدهللا بن الحسٌن ما معناه :إن عبدهللا سار
بسٌرة عظٌمة فً االستقامة واإلتباع لرسول هللا -صلى هللا علٌه وآله وسلم،-
لم ٌَ ِسر بها أحد من متقدمً سلفه آل باعلوي وال متؤخرٌهم .
_ وقال :رأٌت بٌوت المسٌلة ،ورأٌت بٌت الولد عبد هللا بن عمر مرتفع
على البٌوت كلِّها ،فؤصبح وأخبر الحبٌب عبد هللا بالرإٌا ،فقال له :أنا كل
رقدة -أي درجة -قرأت عندها جزء من القرآن أو قال ختمة ،وأما الؽٌلة
قرأت فٌها كذا كذا ختمة ،فلهذا ارتفع داري على الدٌار .
ومن كالم شٌخه العارؾ باهلل السٌد حسن بن صالح البحر (( :عبدهللا بن
عمر بقٌة السلؾ وقدوة الخلؾ)) ،وذكر مرة عند سٌدي الحسن المذكور فً
ٌن َه َدى هللاُ َف ِب ُهدَا ُه ُم ا ْق َت ِده} واقعة حال فاستشهد بقوله سبحانه{ :أُولَ ِئ َ
ك ال ِذ َ
[األنعام ، ]9ٓ :وقال (( :عبدهللا بن عمر هو القدوة وبه األسوة)) .
ومن كالم شٌخه اإلمام العارؾ باهلل عبدهللا بن سعد بن سمٌر ((:لو وضع
أهل المشرع فً كفة والحبٌب عبدهللا فً كفة لرجح بهم )) .
وقال عنه الحبٌب العالمة عٌدروس بن عمر الحبشً -رضً هللا عنه: -
وحبر الطرٌقة وهُمامُها ،الداعً إلى
( شٌخنا ،بل شٌخ الشرٌعة وإمامُها َ ،
هللا بفعله وحاله ولسانه ،المناضل عن دٌن هللا بسره وإعالنه ) ،ووصفه
أٌضا ً بؤنه :
( واح ٌد من نقوة السادة العلوٌٌن الحضرمٌٌن فً عصره ) .
أما المإرّ خ ابن حمٌد الكندي المعاصر ،فقد قال فٌه :عالمة إمام ،مقدام
همام ،باذ ٌل مقاله وحاله وماله فً إحٌاء الشرٌعة المطهرة ،وما لها من
رسوم ،وفً اإلصالح .
ٙ
وقال عنه الحبٌب العالمة عبد الرحمن بن عبٌد هللا السقاف ( :جب ٌل من
جبال التقوى ،وبح ٌر من بحور العلم ) .
وقال عنه السٌد عبد هللا بن محمد السقاؾ ،فً {تارٌخ الشعراء
الحضرمٌٌن} ،ما لفظه :
( من أعالم دٌن هللا ،وكبار الشرٌعة المطهرة ،ذوي الهداٌة واإلرشاد
واإلصالح االجتماعً ) .
وحصل اإلجماع على فضله ،وسعة اطالعه ،فإنه واحد العصر ،وبقٌة
العلماء المجتهدٌن ،وأقر له بذلك العلماء ،وسلم له سائر الفضالء ،فً أقطار
األرض كالحرمٌن والٌمن وؼٌر ذلك من علماء اآلفاق شرقا ً وؼربا ً .
وكان رضً هللا عنه له همة عالٌة فً جمٌع أموره الدٌنٌة والدنٌوٌة وسائر
أحواله ،قال الشٌخ العالمة المحقق ذو التصانٌؾ الجامعة سعٌد بن محمد
باعشن :وأعطى هللا الحبٌب عبدهللا بن عمر همة عالٌة لم نسمع بمثلها إال
فً أكابر الصحابة وأعٌانهم .
وسُئل الحبٌب علً الحبشً :هل اجتمعتم بالحبٌب عبد هللا بن عمر بن
ٌحٌى ؟ فقال :ال ،وهو عظٌم الحال ،وهو عُمري زمانه .
اهـ فٌوضات البحر صـٕٗ .
وقال ابنه الحبٌب عقٌل بن عبد هللا :حججت بحمد هللا أول حجة فً
صحبته فرأٌته فً حجه ذلك أمة وحده من إتٌانه بالسنن المطلوبة فً جمٌع
أعمال الحج ،من أؼساله وأذكاره وؼٌر ذلك ،حتى أنه ٌقؾ ما بٌن كل
جمرة بقدر سورة البقرة ،وؼٌر ذلك مما لم أرى أحداً من سائر من حج تلك
السنة ٌفعلها ؼٌره ،بل رأٌته منفرداً بذلك هو وبعض أصحابه المقتدٌن به .
وبالجملة فإنه صار فً كمال االستقامة واإلتباع للنبً صلى هللا علٌه وآله
وسلم فً أحواله العادٌة فضالً عن العبادٌة كالشمس فً رابعة النهار ،مجمع
7
على ذلك جمٌع العلماء األخٌار ،مشتهر ذلك بٌن الخاص والعام فً سائر
األقطار .
ولم ٌزل رضً هللا عنه مشمراً ساق الجد واالجتهاد ،باذالً طاقته فً ما
ٌرضى به البر الجواد ،حتى أظهره هللا لخلقه ومأل الكون بذكره فؽمر ذكره
سائر البالد ،وعم نفعه جمٌع العباد ،الحاضر منهم الباد ،وأشاع صٌته فً
جمٌع األرض الطول منها والعرض ،شرقا ً وؼرباً ،عجما ً وعرباً ،فدعا إلى
هللا وأنذر وحذر وبشر فؤحٌى هللا به الدٌن ،وقمع بصولة دعوته دابر
المفسدٌن ،وهدى به المرٌدٌن ،وعمت دعوته ؼالب األقطار خصوصا ً أرض
الٌمن والحرمٌن الشرٌفٌن والهند وجاوا وحضرموت وؼٌر ذلك ،فكم هدى
هللا به من أمم ال تحصى ،وكم أحٌا هللا به من سنن ال ٌعمل بها وال تذكر .
كانت الظلَمة تهابه الهٌبة الشدٌدة حتى تكاد قلوبهم تتفطر من مهابته ،
وكانوا ٌتوارون من مواجهته ،وٌذعنون طوعا ً وكرها ً لهٌبته وصولته ،فكم
تاب بدعوته من فاجر ،وكم أسلم على ٌده كافر ،فؤضحت الشرٌعة بوجوده
عالٌة البنٌان ،مشٌدة األركان ،وكم رجع مبتدع ببركته عن سبٌل االبتداع،
والزم مذهب أهل السنة واإلتباع .
وكان مجلسه رضً هللا عنه مهٌبا ال ٌكاد ٌتكلم أحد فٌه أو ٌتحرك به .
8
من شمائله
كان رضً هللا عنه ونفعنا به ٌدعو إلى هللا باللطؾ واللٌن ،وٌؽلظ فً
المواطن التً ال تصلح إال بالؽلظة على المفسدٌن ،وكان محبوبا ً مقبوالً عند
األنام قد وضع هللا له القبول التام والمحبة فً قلوبهم ٌ ،جد جلٌسه من األنس
والسرور ما ٌنسى به ما هو فٌه من الهموم واالشتؽال بالدنٌا .
وكان رضً هللا عنه :حامل لواء الفتٌا فً زمانه تحمل إلٌه األسئلة من
أؼلب األقطار واألقالٌم ،وٌرجع إلى قوله العلماء عند كل مشكلة ،وٌفزعون
إلٌه فً كل معضلة ،وقد ألقوا مقالٌد السلم لدٌه ،واعتمدوا فٌما أشكل علٌه
إال أن فتاواه لم تجمع فً حٌاته ف ُجمعت ما قُدر علٌه بعد وفاته فجاء فً مجلد
ضخم .
وكان رضً هللا عنه عظٌم المحبة والتعظٌم لكتب العلم الشرٌؾ وكان
ٌقول (( :إنً أحبها أكثر من محبتكم واشتٌاقً لها أكثر من اشتقٌاقً لكم))
مشٌراً إلى أوالده كثٌر االستؽراق بقراءتها ومطالعتها ال ٌنفك عن ذلك
أصالً.
وكان فً منزلة خاصة فً داره مجلسه وفراشه بٌن الكتب ،والكتب
مرصوصة بجنبه وال ٌسافر سفراً طوٌالً وال قصٌراً إال صحب معه منها
عدة أحمال ،وإذا نزل فً السفر شرع فً قراءتها والمطالعة فٌها .
وكان رضً هللا عنه باذالً نفسه وعلمه وماله وجاهه لنفع المسلمٌن،
مجتهداً ؼاٌة االجتهاد فً إٌصال النفع إلٌهم بؤي وجه كان دٌنً أو دنٌوي،
عظٌم االهتمام بؤمورهم ،وإصالح ذات بٌنهم ،مإثرهم على نفسه ،مجتهداً
فً صالح والتهم ،وإرشادهم إلى ما فٌه صالح معاشهم ومعادهم .
9
وكان رضً هللا عنه فً مجالسه كلها الخاصة والعامة ال ٌتكلم قط بكالم
لٌس فٌه فائدة تعود على الحاضرٌن فً ما ٌنفعهم فً دٌنهم أو دنٌاهم ،وٌشق
علٌه التكلم بالكالم المٌت الذي ال فائدة فٌه .
وكان رضً هللا عنه ٌحب الخلوة والسٌاحة ،فكان كثٌراً ما ٌخرج من بٌته
إلى الجبال والبرٌة الخالٌة بعد صالة العصر وٌرجع إلى بٌته بعض األحٌان
بعد العشاء .
وكان رضً هللا عنه ممن نفع هللا به األمة شرقا ً وؼربا ً ،عجما ً وعربا ً،
حضراً وبادٌة ،ج ّنا ً وإنسا ً .
وكان رضً هللا عنه زاهداً فً الدنٌا وجاهها ،معرضا ً عنها بعد أن أقبلت
علٌه فؤعرض عنها وزهد فٌها ،وكان رضً هللا عنه ٌقول (( -:زهدت فً
الدنٌا من جمٌع الوجوه ،وذهبت عنً شهوات الدنٌا جمٌعها ،وقلبً قد مال
عن صحبة الخلق والمال ،ونحن بحمد هللا فً ؼناء وعندنا من االكتفاء
بفضل موالنا ما هو أكبر من كل مال )) .
وكان رضً هللا عنه آٌة باهرة فً الكرم ،والسخاء ،واإلنفاق ،وإطعام
الطعام والصدقة ،فاق أهل عصره فً ذلك ،مقرٌا ً لألضٌاؾ باألطعمة
الوافرة الفاخرة ،التزال الوفود تفد إلٌه ،والٌخلو ٌوم من األٌام وال لٌلة من
اللٌالً عن الضٌؾ ،وٌفرح الفرح الكلً بالضٌؾ ،وٌزٌد سروره كلما كثر
الضٌؾ ،فإذا قل الضٌؾ ٌحصل معه قبض ،وكان ٌقول لألضٌاؾ (( -:من
أراد من البركة كثٌراً فلٌؤكل كثٌراً)) .
وكان ؼالبا ً ٌدعوا أصحابه وأقاربه وؼٌرهم للضٌافة وكان ٌقول ((-:أنا ما
ادعوا أحداً للضٌافة للمكابرة أو للمحاذرة إال من انشرح به خاطري ،وأنا
صادق بدعوته ،وال أطٌل الكالم بذلك ،وأما من ال ٌنشرح خاطرنا به فال
ندعوه وال نكره حضوره))
ٓٔ
ظل ُمه على حسب ما وكان رضً هللا عنه ٌقول (( -:أرى على كل أحد ُ
عنده من الؽفلة والذنوب ،وأقدر على مجالسة الجمٌع ومباسطتهم إال الذي
تمكن حب الدنٌا من قلبه فؤرى علٌه ظلمة شدٌدة جداً ،وال أقدر على
مجالسته ومخالطته إال بقهر النفس على ذلك ،وأعرؾ المحل الذي فٌه أحد
منهم قبل أن أدخله ،وأحس بالجانب الذي ٌلٌه منً تعترٌه فتره )) .
وكان رضً هللا عنه شدٌد الورع والتوقً عن الشبهات ،تاركا ً ما لٌس به
بؤس خوفا ً من الوقوع فٌما به بؤس .
وكان رضً هللا عنه ال ٌعتد بشًء من العلوم واألعمال واألحوال إال ما
كان على محض المتابعة للنبً صلى هللا علٌه وآله وسلم ظاهراً وباطنا ً،
وؼٌر ذلك ال ٌعتد به ،وال ٌمٌل ،وال ٌلتفت إلٌه ،وكان آخذاً بعزائم الشرٌعة
فً نفسه فً جمٌع أموره ،مالزما على ذلك فً جمٌع أحوالهٌ ،ؤتً بذلك
على الوجه األتم األكمل حسب ما أمر هللا به والرسول صلى هللا علٌه وآله
وسلم ،ولم ٌترك شٌئا ً من أوراده وال من تهجده وقٌام اللٌل ال حضراً وال
سفراً ،وال براً وال بحراً ،وال صحة وال مرضا ً ،وال صلى صالة من قعود ال
فرضا ً وال نفالً فٌما أعلم إال ما كان من أول عمره أصابه مرض فً رجلٌه
منعه من القٌام بالكلٌة ثم من هللا علٌه بالشفاء ،وال نعلم أنه ترك التهجد وقٌام
اللٌل قط إلى اللٌلة التً توفاه هللا فٌها .
وكان رضً هللا عنه أخالقه قرٌبة المشابهة بؤخالق جده المصطفى -صلى
هللا علٌه وآله وسلمٌ ، -ؽضب هلل ،وٌرضى لرضاه ،وإذا ؼضب هلل ال ٌقوم
لؽضبه أحد ،طارحا ً للتكلؾ ،متواضعا ً ،عظٌم االعتناء بؤصحابه ،والتعهد
لهمٌ ،باسطهم ،وٌعود مرضاهم ،وٌتفقدهم ،وٌشهد جنائزهم ،من دعاه إلى
ولٌمة أجابه ،ومن رآه بدٌهة هابه ،فإذا جالسه أحبه ،تؽلب علٌه الرحمة
والشفقة الوافرة بالمسلمٌن ،وخصوصا ً الضعفاء والمساكٌن ،الذٌن ٌعرض
عنهم األؼنٌاء ،وٌتكبر علٌهم األقوٌاء ،وال ٌتفطن لهم أحد ،فٌإثرهم على
نفسه ،وٌإنسهم ،وٌفرحهم بما قدر علٌه ،ومن عظم شفقته كثٌراً ما كان ٌدخل
ٔٔ
على المرٌض فٌشفى المرٌض فً الحال ،وٌنتقل المرض إلٌه ،وله فً ذلك
وقائع متعددة .
وبالجملة فال سبٌل إلى إحصاء أخالقه وصفاته وأحواله ،وما أعلمه من ذلك
ٌحتمل مجلداً ضخما ً ،والقصد التنبٌه على بعض صفاته السنٌة ،وأحواله
العلٌة .
وكان رضً هللا عنه ٌقول :أود من طالب العلم أن ٌجعل ؼاٌة قراءته فً
كتب الفقه ؛ لٌعرؾ ما ٌصحح به عبادته ومعامالته مع ربه ومع الخلق ؛
ألنه لم ٌبعث النبً -صلى هللا علٌه وآله وسلم -وٌنزل القرآن العظٌم إال
لتعرٌؾ الحالل والحرام ،وتمٌٌز الصحٌح من الباطل ،والخٌر كله فً إتباع
هللا َفات ِبعُو ِنً ٌُحْ ِب ْب ُك ُم الحبٌب صلى هللا علٌه وآله وسلم {قُ ْل إِنْ ُك ْن ُت ْم ُت ِحب َ
ُّون َ
هللا} [آل عمران ، ]ٖٔ :وأٌضا فإنه فً مطالعة الكتب رٌاضة للنفس ألن
النفس تمله وحاجة الناس إلٌه أكثر .
وٌقول :كنت أٌام الصؽر أقرأ على خالً طاهر بن حسٌن فً (فتح الجواد
شرح اإلرشاد) وأطالع علٌه بقٌة شروحه المجتمعة عندي كـ(اإلمداد)
و(اإلسعاؾ) و(التمشٌة) وؼٌرها مع (التحفة) و(النهاٌة) و(المؽنً) وؼٌرها،
وكنت أحفظ جمٌع ما ٌقرره وٌتكلم به خالً طاهر فً ْ
المد َرس فً قراءتً
وقراءة ؼٌري من الطلبة وكان خالً طاهر رضً هللا عنه ٌتكلم على كل
عبارة .
وكنت دائم المطالعة فً اللٌل حتى أستوعب اللٌل فٌها ،وقد تجًء بعض
األحٌان الوالدة رحمها هللا فتؤخذ السراج من عندي قهراً شفقة منها علً من
ٕٔ
كثرة السهر ومواصلته ،وكانت تصٌبنً حمى شدٌدة ٌؽمى علً منها ،وكنت
حال اإلؼماء أعد مسائل الفقه حتى قال خالً طاهر(( :من أراد أن ٌتفقه
فلٌحضر عند عبدهللا بن عمر حٌن تجٌه الحمى)) وطلب العلم ٌحتاج إلى همة
كبٌرة وعشقة صادقة .
وكان رضً هللا آٌة باهرة فً استحضار أصول المذهب وفروعه ،وال
ٌسؤل عن شًء من العلوم إال وجوابه فً طرؾ لسانه متبحراً فً معرفة
المذاهب األربعة ،عالما ً بمذاهب الصحابة والتابعٌن واألئمة المنقرضٌن
عارفا ً بدلٌل ك ٍّل من الكتاب والسنة .
وكان رضً هللا عنه كثٌر التعظٌم لحملة الشرٌعة ،والطالبٌن للعلم
الشرٌؾٌ ،بالػ فً تعظٌمهم المبالؽة الكلٌة ،وٌخصهم بمزٌد نفقة ،وتعهد
وإكرام على من سواهم ،وتولى ذلك بنفسه إكراما ً لهم .
ٖٔ
من مجاهداته ومناقبه
كان رضً هللا عنه ٌبتهج االبتهاج العظٌم بدخول اللٌل ،وٌزٌد انشراحه
وانبساطه ،وذلك لمناجاته لربه وخلوته به ،وكان له الحظ األوفر من قٌام
اللٌل .
وكان رضً هللا عنه ٌقول (( :إن كثر نومً باللٌل ال ٌزٌد على ساعتٌن
ونصؾ)) وكان ٌطٌل القٌام ،وٌطٌل الركوع نحو القٌام ،والسجود قرٌبا ً منه،
وقد ٌقرأ فً الركعة الواحدة الربع من القرآن ،والذي استقر علٌه آخر عمره
إلى لٌلة وفاته أنه ٌقرأ كل لٌله فً تهجده عشرة أجزاء من القرآن العظٌم،
وقد ٌزٌد بعض األحٌان على ذلك ،وقد ٌقتصر على العشرة األجزاء فقط .
وكان له االعتناء التام بالصلوات الخمس ،وسائر الصالة ،فرضها ونفلها،
وإذا دخل الصالة ال ٌشعر بنفسه وال بمرضه فضالً عن ؼٌر ذلك ،وكنا
نعرؾ أن أكبر لذاته وأعظم راحاته الصالة .
وكان رضً هللا عنه ٌقول (( :لم تبق لً راحة فً الدنٌا إال الصالة،
وأخشى أن ال أإجر منها ،ألنه لم ٌبق لً ما أسترٌح به فً الدنٌا ؼٌرها)).
ولم ٌُعلم أنه صلى صالة منفرداً قط إلى أن توفاه هللا .
وكان ٌقول (( :إنً عددت على بعض الطلبة السنن التً تسن إلمام ؼٌر
محصورٌن فبلػ عددها ألؾ سنة إذا قصر اإلمام منها بشًء عد من المطففٌن
ال من المخففٌن)) .
وكان رضً هللا عنه ٌقول (( :من حافظ على الصلوات الخمس وأتى
بآدابها الظاهرة والباطنة أربعٌن ٌوما ً ..ظهرت آثار الوالٌة العظمى علٌه)).
ومن كالمه رضً هللا عنه :الصالة رأس الدٌن وشؤنها عظٌم كما قال هللا
ٌرةٌ إِال َعلَى ْال َخ ِ
اش ِعٌن} [البقرةٌ ]ٗ٘ :عنً كبٌرة القٌام بها {وإِن َها لَ َك ِب َ
تعالى َ
ٗٔ
مع اإلحسان إال على من كملت متابعته للحبٌب محمد صلى هللا علٌه وآله
وسلم)) ،وصارت الصالة له قرة عٌن ولذة ٌتلذذ بها كما قال علٌه الصالة
والسالم (( :أرحنا بها ٌابالل)) ،ومن أراد أن ٌعرؾ شؤن الصالة وعظٌم
موقعها فلٌنظر إلى ما ورد فً فضل التسبٌح والتهلٌل والتكبٌر ،وسائر
األذكار وقراءة القرآن ،واستخراج العلوم منه ،وفضل العلم وتعلٌمه وكذا
فضائل األحوال كاإلخالص والمراقبة وؼٌر ذلك فمن حافظ علٌها باإلحسان
فال ٌحتاج لتقوٌة إٌمانه بشًء ؼٌرها ففٌه الخٌر كله .
وأٌضا ً لما كان أشرؾ مقاماته وأحواله صلى هللا علٌه وآله وسلم لٌلة
اإلسراء لم تكثر مراجعته فً شًء من العبادات مع الحق سبحانه وتعالى
أكثر من مراجعته وشفاعته فً الصالة ألنه سبحانه فرض أوالً خمسٌن
صالة ومراده أن تستؽرق أوقاتهم كلها فً الصالة فلم ٌزل الحبٌب صلى هللا
علٌه وآله وسلم ٌسؤل التخفٌؾ وهو سبحانه وتعالى ٌحط بعد خمس إلى أن
فرضت هذه الصلوات الخمس ،وفً هذا إشارة إلى أن اإلنسان ٌستكثر منها
ما استطاع لكن مع اإلحسان – الشؤن كله فً اإلحسان – وأٌضا ً فان الصالة
لم تذكر فً القرآن إال بلفظ اإلقامة نحو قوله عز وجل ((وأقٌموا الصالة)) ،
((والمقٌمٌن الصالة)) وأقام اإلقامة هً التعدٌل واإلحسان .
وكان رضً هللا عنه من شدة محبته للصالة ،وكمال حفظ مواله له أنه
ٌكون فً مرض شدٌد مؽمى علٌه فإذا جاء وقت طهوره أفاق حتى ٌتطهر،
وكان ٌتطهر قبل دخول الوقت ،وٌصلً ما ٌعتاده من فرض ونفل ،فإذا فرغ
من جمٌع ذلك رجع له اإلؼماء إلى وقت الفرض الثانً ،فٌفٌق وهكذا إلى أن
ٌزول عنه المرض .
وكان رضً هللا عنه لم تزل قدماه الشرٌفتان مورمتان إلى أن توفً رحمه
هللا .
٘ٔ
وكان رضً هللا عنه ٌقول (( :ما أحب البقاء فً الدنٌا إال للصالة،
وخصوصا ً صالة اللٌل ،وللدعوة إلى هللا ،ولتعلٌمكم ،مشٌراً إلى أوالده)) .
وكان رضً هللا عنه كثٌر التالوة للقرآن مشٌراً أن فتحه كان فٌه ،وكان
ٌقول من فتح هللا علٌه فً القرآن ٌنبؽً له أن ٌشؽل به ألن جمٌع العلوم
واألذكار واألدعٌة مستنبطة منه .
وكان رضً هللا عنه عظٌم الفكر والتؤمل فً مصنوعات هللا الباهرة،
وآٌاته الباطنة والظاهرة ،فً الدنٌا واآلخرة ،وكان ٌقول (( :الفكر كحل
البصٌرة ونور القلب والسرٌرة)) .
وكان رضً هللا عنه عظٌم المحبة لجده رسول هللا -صلى هللا علٌه وآله
وسلم -حبا ً ال ٌقدر أحد على وصفه ،قد فاض من باطنه على ظاهره حتى أنا
نراه فً سفره إلى الحرمٌن الشرٌفٌن ٌكون أصل عزمه ونٌة مقصده وؼلبة
توجهه المدٌنة النبوٌة ،ومكة تابعة لها ،وكان عظٌم االستؽراق حال زٌارته
له فً المواجهة الشرٌفة ال ٌتحرك منه بش ٌر وال شعرٌ ٌ ،طٌل القٌام مع كمال
األدب فً تلك الحضرة المنٌفة ،وربما ارفض عرقا ً بعض األحٌان جسده
الشرٌؾ حتى ٌسٌل العرق على وجه األرض كالماء ،وتبتل ثٌابه كؤنها
ؼسلت بماء ،وكان ٌرؼب الناس ؼاٌة الترؼٌب فً زٌارته -صلى هللا علٌه
وآله وسلم -وٌقول (( :أرى على من وقؾ فً حضرته صلى هللا علٌه وآله
وسلم خلعة تخلع علٌه من الحضرة الشرٌفة)) .
وكان شدٌد االحترام لمآثره ،عظٌم المحبة ألصحابه ،شدٌد اإلنكار على من
تعرض ألحد منهم بنقص ،ذابا ً عنهم ،ومبالؽا ً فً الثناء علٌهم ،عظٌم
االعتناء والشفقة والرحمة بؤمته صلى هللا علٌه وآله وسلم إكراما ً له .
وقال الحبٌب عٌدروس بن عمر :إن الحبٌب عبد هللا بن عمر لما سار إلى
ِمصر ،فبعد إال وٌصله مكتوب من أخواله طاهر بن حسٌن وعبد هللا بن
حسٌن من المسٌلة ،وقالوا له :حال وصول المكتوب إلٌكم اخرجوا إلى
ٔٙ
حضرموت ،قال الحبٌب عٌدروس :فلما المكتوب من أخواله ..خرج
الحبٌب عبد هللا بن عمر حاالً من ِمصر ،حتى إنه ترك أمتعته فً مصر ،
وقال :هإالء أخوالً ما ٌشٌرون علً بالخروج إال وٌرون شًء ولهم نظر،
فخرج حاالً .
وقال الحبٌب عبد الرحمن المشهور للحبٌب علوي ابن شهاب :
شفنا أحفظ لعبد هللا بن عمر بن ٌحٌى ألؾ حكاٌة ،أو قال خمسمائة حكاٌة .
ومرة طلع من المسٌلة هو وبعض أخدامه ،فقال له :بانعد سنن الصالة ..
فعد الحبٌب عبد هللا بن عمر ثمانمائة سنة ،ثم وصلوا إلى ترٌم وزاروا
التربة ورجعوا فً طرٌقهم ،وعد مائتٌن سنة ،الجملة ألؾ سنة لً عدها
الحبٌب عبد هللا بن عمر بن ٌحٌى .
للمترجم له
َ صٌغة صالة جامعة
قال رضً هللا عنه :خطر لً وأنا فً المواجهة الشرٌفة أن ٌلهمنً هللا
صالة على النبً -صلى هللا علٌه وآله وسلم -جامعة لخٌر الدارٌن فؤلهمنً هللا
هذه الصالة وهً:
( اللهم صل على سٌدنا وموالنا محمد ،صالة تهب لنا بها منه أكمل
اإلمداد ،وفوق المراد ،فً دار الدنٌا ودار المعاد ،وعلى آله وصحبه وسلم
وبارك بقدر عظمة ذاتك عدد ما علمت وزنة ما علمت وملء ما علمت ).
وكان سٌدنا ٌكثر منها ،وٌشٌر إلى مالزمتها .
ٔ7
تعظٌمه ألهل البٌت خصوصا سادتنا أل أبً علوي وطرٌقتهم
كان رضً هللا عنه عظٌم المحبة ألهل البٌت النبوي ،شدٌد االعتقاد فٌهم،
ٌشهد ما فٌهم من بضعة النبً -صلى هللا علٌه وآله وسلم ، -خصوصا ً السادة
آل باعلوي ،ال ٌفضل علٌهم ؼٌرهم ،وٌبالػ فً الثناء علٌهم ،وتعظٌم
أحوالهم ،وما منحهم هللا به من المواهب العظٌمة ،والمقامات العالٌة .
وكان مجتهداً فً ضبط أنسابهم وحفظها ،ذا ؼٌرة شدٌدة علٌهم ،وشفقة
وافرة بهم ،ومعرفة كاملة بؤنسابهم ،وسٌرهم ،وكراماتهم ،وما كانوا علٌه .
وكان رضً هللا عنه ال ٌفضل شٌئا ً من سائر طرق الصوفٌة أجمعٌن على
طرٌقتهم ،وٌلوم كل من تعلق من السادة العلوٌٌن بؽٌر طرٌقة أسالفهم،
وٌقول (( :أنه ال ٌنتج منه شًء ،وأنه ربما ٌصاب ،وأن لهم ؼٌرة شدٌدة
على من خرج من طرٌقتهم إلى طرٌقة أخرى من أوالدهم ،أو ممن دخل فً
طرٌقتهم ،وأعظمهم ؼٌرة على ذلك :سٌدنا الفقٌه المقدم محمد بن علً ،
وسٌدنا القطب الكبٌر أبً بكر بن عبدهللا العٌدروس صاحب عدن ،والحبٌب
الؽوث عبدهللا بن علوي الحداد )) .
وكان رضً هللا عنه ٌقول ُ ((:جل كرامات ساداتنا آل باعلوي إنما تكون
فً األمور الدٌنٌة ،وما ٌعود نفعه على اإلنسان فً اآلخرة ،وما حصل
علٌهم من كرامات فً هذه الدار فهً اتفاقٌة ،وربما تكون بؽٌر قصد ،وهً
بالنسبة لعظم أحوالهم وما منحهم هللا به من الخصوصٌات والمزاٌا صؽٌرة،
وإن كانت بالنسبة لكرامات ؼٌرهم عظٌمة )) انتهى .
وقال رضً هللا عنه :
( من أراد أن ٌعرؾ طرٌقة ساداتنا آل باعلوي ..فلٌطالع كتب سٌدنا الحبٌب
عبد هللا الحداد باعلوي ؛ فإن طرٌقتهم رضً هللا عنهم :إنما هً الكتاب
ٔ8
والسنة وكمال اإلتباع لرسول هللا -صلى هللا علٌه وآله وسلم -فً جمٌع
األقوال واألفعال .
والحبٌب عبد هللا قد شرحها بتقرٌب ألنه المجدد لطرٌقهم كما قال نفع هللا به :
ضمن اتباعك للنبً المشفع واعلم بؤن الخٌر كله أجمع
).. .
وقال رضً هللا عنه :
( العلم والعمل مع اإلخالص هلل عز وجل هو طرٌق أسالفنا العلوٌٌن ،صفوة
األولٌاء المقربٌن ،وهً مشروحة فً إحٌاء علوم الدٌن وؼٌره من المصنفات
الؽزالٌة ،وتآلٌؾ ساداتنا البهٌة ؛ كالكتب الحدادٌة ،والمشرع ،وشرح
العٌنٌة ،والؽرر ،وال ِعقد ،والسلسلة العٌدروسٌة .
_ وخالصة القول فٌها أنها :
توزٌع األوقات باألعمال الصالحات مع كمال االقتداء فٌها بسٌد السادات،
وتصحٌحها باإلخالص من الشوائب واآلفات .
وتطهٌر القلب من كل خلق دنً وتحلٌته بكل خلق سنً .
والرحمة والشفقة على عباد هللا .
وبذل الوسع فً تعلٌمهم وإرشادهم إلى ما فٌه النجاة .
والتورع عند الحرام والشبهات .
والتقلل من المباحات والشهوات .
واؼتنام ساعات األعمار باالعتزال عن الكبار والصؽار ،فال ٌخالطون
الناس إال للتعلم والتعلٌم ،أو الجمعة والجماعات وزٌارة كل حمٌم ،وعمارة
تلك المزاورات بمذاكرة العلوم النافعات .
وخزن اللسان عن كل زور وبهتان .
ٔ9
وصلة األقارب واإلخوان .
وبذل المعروؾ لكل إنسان .
وكمال اإلنصاؾ وترك االنتصاؾ .
وحسن المعاملة ،وترك الؽش والمداخلة ،وتجنب الحٌل ،وإن كانت فً ظاهر
الشرع تقبل .
والنهً عن المنكر ،واألمر بالمعروؾ .
وإؼاثة كل مكروب وملهوؾ .
والصٌانة والتعفؾ ،والتواضع والتلطؾ .
ومراقبة الخالق ،والوفاء بالوعد والمٌثاق .
والزهد فً كل فان ،والتوكل على هللا فً كل شؤن .
والرضاء والتسلٌم لما قضاه العزٌز الحكٌم .
واالقتصاد فً المعاش ،والخمول واالنكماش .
فهذا قلٌل من أوصافها العظام وكمال تفصٌلها إذا أردته ففً (إحٌاء) حجة
اإلسالم ) .
ٕٓ
منتقٌات من كالمه
كان رضً هللا عنه ٌقول ( :نفعً لمن تعلق بً ،أو نسب إلً بعد موتً
أعظم من نفعً لهم فً حٌاتً ) .
[فً ثمرة مقام الرضاء] وقال رضً هللا عنه :
(( إذا أراد العبد أن ٌسترٌح فلٌرضى بكل ما ٌجرٌه علٌه مواله )) .
[ فً الحث على اإلتباع ] وقال رضً هللا عنه :
(( الخٌر كله فً اإلتباع والشر كله فً المخالفة واالبتداع )) .
[ فً كمال االستسالم للشرٌعة ] وقال رضً هللا عنه :
(( كل مإمن ٌلزمه أن ٌكون تحت إشارة الشرع كالمٌت بٌن ٌدي الؽاسل،
ٌعزل عند إشارة الشرع رأٌه ورأي كل عاقل )) .
[ فً ثمرة اإلتباع ] وقال رضً هللا عنه :
(( ال وصول إلى نٌل كل مؤمول إال بمتابعة سٌدنا الرسول )).
[ فً بٌان زٌادة ألطاؾ الحق ] وقال رضً هللا عنه :
(( إذا كثر الضعؾ زاد اللطؾ )) .
[ فً الرجاء فً الحق ] وقال رضً هللا عنه :
(( الظن جمٌل ،والكرم جزٌل ،وكلما زادت األوزار زاد التعلق باألستار،
واالعتماد على الكرم المدرار )) .
[ فً بٌان عاقبة ترك المندوبات ] وقال رضً هللا عنه :
(( من تساهل فً ترك المندوبات وقع فً الخلل بالواجبات ،ومن هان علٌه
ارتكاب المكروهات أ ّداه ذلك إلى الوقوع فً المحرمات ،والمعاصً هً
ٕٔ
برٌد الكفر ،ودلٌل البعد والخسر ،فلٌجتهد العبد فً البعد عنها ،وٌعتنً
باالحتراس منها ،فإن فٌها سخط هللا وهً سبب نقمه وبالٌاه كما قال سبحانه
ت أَ ٌْ ِدٌ ُك ْم َو ٌَعْ فُو َعنْ َك ِث ٍ
ٌر} ُصٌ َب ٍة َف ِب َما َك َس َب ْ {و َما أَ َ
صا َب ُك ْم ِمنْ م ِ فً كتابه المنٌر َ
[الشورى. ))]ٖٓ :
[ فً بٌان حسن الخلق ] وقال رضً هللا عنه :
((الخلق الحسن هو احتمال األذى واإلحسان إلى من أساء وهو وصؾ
األخٌار ،وأما اإلحسان إلى من أحسن إلٌك فإنما هو مكافؤة ومجازاة)) .
[ فً بٌان شهود النعم ] وقال رضً هللا عنه :
((الدنٌا ال تصفوا من األكدار ،وال تخلوا من الحوادث واألؼٌار ،خصوصا ً
فً جناب ذوي المراتب واألقدار ،لكن إذا نظر العبد إلى ما عنده من النعم
وتؤمل فٌها تؤمل من ٌفهم وٌعلم وجد تلك األكدار ٌسٌرة قلٌلة حقٌرة عند تلك
النعم الكثٌرة ،والمنن الخطٌرة ،بل هً نعم كبٌرة عند ذوي البصٌرة ،ولكن
ي الش ُكورُ } [سبؤ. ))]ٖٔ :
{و َقلٌِ ٌل ِمنْ ِع َبا ِد َ
اإلنسان لكفور َ
[ فً بٌان أصول المعاصً ] وقال رضً هللا عنه :
(( أصول المعاصً ثالثة أشٌاء -ٔ :الجهل -ٕ ،والهوى -ٖ ،
والدعوى)).
ٖٕ
[ فً فضل الدعوة عموما ً وخصوصا ً إلى الصالة ] وقال رضً هللا عنه :
((ال أفضل أٌها العبد عند هللا من الدعوة إلى دٌنه وهداه ،خصوصا ً
الصلوات التً هً عماد الدٌن ،ومدرجة الوصول إلى شهود رب العالمٌن،
التً هً قرة عٌن سٌد المرسلٌن ،فاحرص ؼاٌة الحرص علٌها واجتهد فً
{وإِنْ ُت ِطعْ أَ ْك َث َر َمنْ دعوة الخلق إلٌها ،ودع العواذل وال تتلفت لقول قائل َ :
{و َال ُت ِطعْ َمنْ أَ ْؼ َف ْل َنا َق ْل َب ُه
هللا} [األنعامَ ]ٔٔٙ :
ٌل ِ ُضلُّو َ
ك َعنْ َس ِب ِ ضٌ ِ ِفً ْاألَرْ ِ
َعنْ ِذ ْك ِر َنا َوات َب َع َه َواهُ} [الكهؾ.)) ]ٕ8 :
[ فً بٌان التساهل الذي طرأ على الناس ] وقال رضً هللا عنه :
( ؼلب على الناس التساهل فً أمور دٌنهم ،حتى أنه ٌسهل على بعضهم
ارتكاب المحذور وال إظهار خلل فً نفسه .
وقد صلى بالناس سٌدنا أبو موسى األشعري فً المسجد النبوي صالة الفجر
فلما خرج الناس تبٌن له أن الصالة قبل طلوع الفجر ،فناداهم من بٌوتهم
وصلى بهم ثانٌا ً ،ثم خرجوا ولم ٌظهر الفجر فناداهم وصلى بهم ثالثا ً .
والٌوم من صلى هو وواحد قبل الوقت شق علٌه أن ٌخبره بذلك ،لئال ٌظهر
الخلل من نفسه وهذا كله من مكائد الشٌطان ) .
ٕٙ
[ فً بٌان معنى التقوى ] وقال رضً هللا عنه :
( التقوى هً :سبب النجاة والفوز والمصافاة وحسن الحال والمآل ونٌل
المطالب واآلمال ،وهً فعل الطاعات والواجبات والمندوبات وترك
المنهٌات المحرمات والمكروهات .فال بد من علم هذه األربعة وطلبها ثم
التشمٌر والجد فً العمل بها فٌلزم العبد :أداء الواجبات ؛ إذ به قوام الدٌن
وحٌاته .
وٌستكثر من المندوبات :إذ بذلك تحصل محبة هللا ومصافاته .
وٌجنب المحرمات :اجتنابه للسم إذ بارتكابها ٌضعؾ الدٌن وٌخشى على من
أكثر منها ولم ٌتب أن ٌموت مٌتة المنافقٌن .
وٌحذر المكروهات :ألنها برٌد المحرمات وسبب اللهو والؽفالت ) .
ٕ7
[ فً بٌان تمٌز وادي حضرموت ] وقال رضً هللا عنه :
( من أَلِؾ حضرموت وسٌرتها ..فال ٌناسبه مكان آخر خصوصا ً بالنظر
إلى الذرٌة وحفظ الزي والمروءة ،وطٌب الماء والهواء والرقاد والبالد
وطعم العٌش ،فال ٌعادلها ؼٌرها مع ما فٌها من الصالحٌن األحٌاء والمٌتٌن،
باطل وبطال ) .
ٍ بوال ٌزٌل منها كل
ٍ وقٌام شعائر الدٌن ،فاهلل ٌصلحها
[ فً فرحه بإقامة ذرٌته بحضرموت ] وقال رضً هللا عنه :
( فرحنا برجوع الولد أبً بكر ؼاٌة الفرح ،إن جلوسه فً حضرموت أولى
وأرجح رجاء أن ٌتؤدب بآداب الصالحٌن ،وٌكون من العلماء العاملٌن ،
فالسفر ضٌاع الدٌن ،وسبب االنخراط فً زمرة الشٌاطٌن ،ألن الكل والؽالب
فً الهند وؼٌرها من البلدان منهمكون فً رذائل األخالق والعصٌان،
واللبٌب العاقل عندهم من أحكم دنٌاه ،وإن كان ساه واله عن أخراه ،فإذا
جالسهم اإلنسان فالبد أن ٌكتسب شٌئا ً من تلك األنتان ،هذا شًء مصادق
للقرآن ،وأحادٌث خٌر الحسان ،والمشاهدة والعٌان ،فما بعد هذا بٌان ) .
[ فً بٌان فضل الحسرة على األعمال ] وقال رضً هللا عنه :
( التحسر على ترك العمل ،وعدم الفرص والمهل ،أتم وأفضل وأكمل،
لسالمته من شوائب اإلعجاب والرٌاء ولزوم صاحبه االنكسار لخالق األشٌاء
).
[فً ذم اإلفراط وبٌان آثاره ] وقال رضً هللا عنه :
( البطنة تذهب بالفطنة ،وتناول الشهوات تقسوا به القلوب ،وتتوجه بها
النفوس الكتساب الذنوب ،ومن أكل كثٌراً شرب كثٌراً ،ومن شرب كثٌراً نام
كثٌراً ،وبالمنع من األكل والشرب ٌستنٌر القلب ،وٌتؤتى اإلتٌان بالقرب،
وٌصلح التوجه إلى الرب).
ٕ8
وقال رضً هللا عنه مخاطبا ً لبعض أوالده [ :فً تحذٌره من التبذٌر ]
( ال تظن ٌا ولدي أنً أشح علٌك بالمال ،فإن المال عندي حقٌر ،وإنما
أشح علٌك من التبذٌر ،وأن تذكر به ،أو ٌقال فالن ؼٌر مستقٌم الطرٌقة ،
مال ال ٌكون فالزم الوسط فً أمورك كلها ،واإلنسان إذا كان عنده فضل ٍ
كالبهٌمة ،حظه الملبس والمؤكل من المال ،بل ٌقدمه لٌوم الفاقة ،وٌفعل من
المكارم حسب الطاقة ،واحذر من كثرة الكالم فإنه َ
{ال َخٌ َْر ِفً َك ِث ٍ
ٌر ِمنْ
َنجْ َوا ُه ْم} [النساء ]ٔٔٗ :اآلٌة ،وفٌه قسوة القلب وسقوط هٌب ٍة ،وقلة مروءةٍ،
وعلٌك بالرفق فإنه خٌر كله ،واحذر من الخرق فإنه شر كله ) .
وقال رضً هللا عنه ( :الوعٌد المذكور فً الحدٌث فً عدم التنزه من
البول ،هو ما ٌستمر إلى أن ٌصلً بذلك أما التضمخ به قبل الصالة فإن كان
اختٌاراً فحرام من الصؽائر ،وإن كان بؽٌر اختٌار فال ) .
وقال رضً هللا عنه (( :هذه اآلٌة جمعت السٌاسة ،وما ٌفعله الملك مع
ب َوإِما أَنْ ْن إِما أَنْ ُت َع ِّذ َ الخلق وهً قوله سبحانه وتعالى{ :قُ ْل َنا ٌَا َذا ْال َقرْ َنٌ ِ
ٌه ْم حُسْ ًنا * َقا َل أَما َمنْ َظلَ َم َف َس ْو َ
ؾ ُن َع ِّذ ُب ُه ُثم ٌ َُر ُّد إِلَى َر ِّب ِه َف ٌُ َع ِّذ ُب ُه َع َذابًا َتت ِخ َذ فِ ِ
صالِحً ا َفلَ ُه َج َزا ًء ْالحُسْ َنى َو َس َنقُو ُل لَ ُه ِمنْ أَمْ ِر َنا ُن ْكرً ا * َوأَما َمنْ آ َم َن َو َع ِم َل َ
ٌُسْ رً ا} [الكهؾ)) ]88 - 8ٙ :
وقال رضً هللا عنه (( :أوصٌكم بتقدٌم األهم فاألهم فً علومكم،
وأعمالكم ،وعباداتكم ،وعاداتكم ،وانقباضكم ،ومخالطتكم ،فقدموا الواجب
على المندوب ،واألوجب على الواجب ،وأكثر المندوبات أجراً على ؼٌره،
زنوا ذلك بمٌزان العلم ،وأكثروا البحث عن ذلك الحكم ،فال تشتؽلوا بشً ٍء
عما هو أهم منه)) .
وقال رضً هللا عنه ( :ال تتقٌدوا بعادات أهل الزمان إذا لم ٌشهد الشرع
باستحسانها وطلبها أو ٌشهد بها وؼٌرها أولى منها ،ألن ذلك ٌإدي إلى
تكلفات تتولد منها هموم وآفات ،وتتدرج فٌها كثٌر من المخالفات ،وبسببها
ٕ9
مٌل ضعفاء النفوس إلى مدح األراذل والنسوان ،وتركهم وزن األفعال بما
شرع هللا من المٌزان ،واحذروا من معاداتهم ومشاوراتهم ،فإن ذلك ٌشؽل
القلوب عن الحضور مع عالم الؽٌوب ،وٌورث الدخول فً كثٌر من
الذنوب ،والتلبس بجملة الؽٌوب ،وال ٌشعر اإلنسان بتلك اآلفات لؽلبة الهوى
على العقل ،وعلٌكم بالرحمة لهم ،والشفقة علٌهم ،والمداراة واالحتمال
والصفح والعفو عنهم ،واإلعراض عن أذاهم ،واشهدوا أن ذلك تؤدٌب من
الحق لكم ،وأنهم آلة مقهورة ،وإذا أحسنوا إلٌكم فاشكروهم امتثاالً ألمر هللا،
واشهدوا المنة من هللا ،وأنه المسخر ،فال تلتفتوا إلٌهم فً نفع أو ضر ،بل
علقوا قلوبكم وأصلحوا ما بٌنكم وبٌنه ،واطلبوا رضاه وإن سخط الناس ،فإنه
ٌسخرهم لكم ،وال تطلبوا رضاهم بسخطه فإنه ٌسخطهم علٌكم ) .
وقال رضً هللا عنه ( :أوالد هذا الزمان اعتلوا بثالث علل :الجهل ،
والدعوى ،وعدم قبول النصٌحة ) .
وقال رضً هللا عنه (( :مثل الخلق مثل الؽرقى إال إنهم فً الزمان
السابق إذا جاءهم من ٌرٌد نجاتهم أعانوه بؤنفسهم ،وسهلت علٌه نجاتهم ،
وأهل هذا الزمان ما حصلت منهم معاونة حتى إنهم إذا جاءهم من أراد
نجاتهم سحبوه إلى أن ٌؽرقوه معهم )) .
وقال رضً هللا عنه (( :الحذر من مودة الكفار وصحبتهم ،فإن ذلك ٌوهن
الدٌن ،ومحبتهم تورث سوء الخاتمة مجرب ،مجرب ،مجرب نسؤل هللا
العافٌة)) .
وقال رضً هللا عنه (( :أوصٌك بكتم سرك عن الناس وال تطلع على
سرك أحد إال من عرفت دٌانته وصدق محبته وكتمه للسر ،وهذا عزٌز
وجوده ،وباشر حوائجك بنفسك ،فإن استعنت بؽٌرك فشاركه فً النظر ،ألن
أهل الزمان ؼلب علٌهم التساهل واإلهمال ،وعدم إحسان كل األعمال)) .
ٖٓ
وقال رضً هللا عنه ( :كفارة الحسد كراهته ،والدواء القامع له أن تساعد
من حسدته فً األمر الذي حسدته علٌه وتسعى فً كل ما ٌزٌده فً ذلك
األمر وتدعوا له ) .
وقال رضً هللا عنه :عندما ذكروا عن النبً -صلى هللا علٌه وآله وسلم-
أنه قام فً محراب العمل حتى ورمت قدماه ،وكانت سٌدتنا عائشة -رضً
هللا عنها -تقول
له ال تكلؾ نفسك ٌا رسول هللا وقد ؼفر هللا لك ذنبك ما تق ّدم منه وما تؤخر ،
فقال لها :أفال أكون عبداً شكوراً .
قال الحبٌب عبد هللا بن عمر بن ٌحٌى ( :ال ٌظن اإلنسان أن النبً -صلى
هللا علٌه وآله وسلم -ورّ مت قدماه من طول القٌام ،بل ذلك من الواردات التً
والورم فً رجوله ) .
َ َت ِرد علٌه ،حتى مات
وقال رضً هللا عنه ( :أوصٌكم أٌها اإلخوان بحسن الظن فً جمٌع أهل
اإلٌمان فإذا قال أحد منهم قوالً أو فعل فعالً ٌحتمل السوء والحسن ،فاحملوه
على الحسن ،وإذا كان ال ٌحتمل على الحسن فانصحوا فاعله برفق ولطؾ ،
وال تحتقروه نظراً إلى السابقة ورجاء التوبة وحصول المكفر ،خصوصا ً إذا
كان من أهل بٌت النبوة ،فإن آٌة التطهٌر تشهد بسبق إرادة الحق لهم من كل
رجس وتقذٌر ،وكذلك دعوة البشٌر النذٌر للمرتضى والبتول بإخراج الطٌب
الكثٌر ،وال تتبدل إرادة الرب القدٌر وال ترد دعوة أعظم شفٌع ووزٌر ) .
أو كما قال .
ٖٔ
من ثنائه على سٌدنا المهاجر إلى هللا
ٕٖ
صاحب البقرة
دخل المترجم له إلى الهند داعٌا ً إلى هللا ناشراً لدٌن اإلسالم ،وقد لقً فً
فلقً منهم قبوالً ،وقد عُرضت علٌه أحوا ُل بعض الهند ملو َكها ،وأعٌا َنها َ ،
أهل الطرائق المقربٌن عند ملك {حٌدر أباد} ،فؤنكرها ور ّدها علٌهم رد
المفتً الذي ٌقؾ عند حدو ِد الشرع ،وال ٌلتمس تؤوٌالً ألح ٍد كائن من كان .
رق ألولئك القوم ،فكادوا لكن هذا السلوك التقً وتلك الفتاوى الجرٌئة لم َت ْ
للعالم الداعٌة ،ودسّوا له سما ً ناقعا ً انتشر فً جسمه وكاد أن ٌُإ ِّدي بحٌاته
المضٌؾ ،الذي ّ
سخر له ِ {حٌدر أباد}
لوال رعاٌة هللا ولطفه ،ثم عطؾ ملك َ
ُحذاق األطباء الهنود الذٌن عكفوا على عالجه حتى من هللا علٌه بالشفاء ،
وأهدى له ملك حٌدر أباد بقرة هندٌة فرٌدة ٌُ ،قال إن األطباء وصفوا له
حلٌبها لطرح ما بقً من سُم فً جسمه .
المترجم طلب البقرة أو قبلها هدٌة ؛ ألن فً حلٌبها ؼذاء وشراب
َ ولعل
أكل وشرب ما ٌمكن أن تصل إلٌه أٌادي األعداء المتربصٌن به فً ٌُؽنٌه عن ٍ
تلك البالد رٌثما ٌؽادرها ،لكن البقرة المحظوظة ظلت تالزمه فً أسفاره
البرٌة والبحرٌة ،زمنا ً طوٌالً ،حتى ُنسب إلٌها وعُرؾ فً تلك الجهات بها
( صاحب البقرة ) .
ٖٖ
أوالده
وقد أخلؾ الحبٌب طٌب هللا ثراه ستة من األبناء ،هم :
ٔ) الحبٌب عمر )ٕ ،والعالمة الحبٌب عقٌل )ٖ ،والعالمة الحبٌب محمد ،
ٗ) والعارؾ باهلل السٌد أبوبكر ،وقد توفً فً حٌاة أبٌه )٘ ،وأحمد ،
)ٙومحمد ؼٌر األول الملقب بـ (الطاهر) ،وهذان السٌدان األخٌران
انقرضا ولم ٌخلفا ذرٌة .
مؤلفاته
ٖ٘
وفاته رحمه هللا
وكانت وفاته -رضً هللا عنه -بعد مضً نحو ثلثً اللٌل ،لٌلة االثنٌن ،
الثنٌن وعشرٌن خلت من شهر جماد األولى ،سنة خمس وستٌن ومائتٌن
وألؾ ،وحضر جنازته والصالة علٌه خالئق ال تحصر ،وصلى علٌه خاله
الحبٌب عبد هللا بن حسٌن بن طاهر ،ودفن بكرة االثنٌن بمسقط رأسه ؼرؾ
آل شٌخ ، ،وقبره ظاهر ٌزار ،داخل السقٌفة بجانب أخواله طاهر وعبد هللا
ابنً الحسٌن بن طاهر .
رمحه اهلل رمحة األبرار ،ومجعـا وإقاه برمحمه يف دار اؾؼرار ،وؿنَّ
عؾقه باؾعطاء اؾواف ،وأدؽـه ػسقح جـمه ،وأعاد عؾقـا عؿقم برؽمه ،
ػرادقس اجلِـان ،ؿن غري دابؼة عذاب وال اؿمحان ،بل مبحض اؾػضل
واؾؽرم واالؿمـان ،وجزاه اهلل عن األؿّة واإلدالم خرياً ،وأعؼب اهلل ؿـه
اؾعُؼلى اؾصاحلة ،ؽؿا أعؼبَ علاده اؾصاحلني ،آؿني اؾؾفم آؿني .
ٖٙ
ػاهلل قوػؼـا ؾألدب ،وحسن اؾظن بفم ،واحمللة هلم ،وجيؿعـا بفم يف
واؾؾفم إـك تعؾم أـا حنلفم ؾك ،ػأؽرؿـا قا ؿوالـا مبا ؿـحمفم ،
اؾؾفم ؽؿا أجرقتَ ذؽرفم عؾى أؾسـمـا ػأجرِ عؾوؿفم عؾى أػكدتـا ،
اؾؾفم حبؼفم عؾقك ،ومبا هلم ؾدقك ،امجعـا بك عؾقك ،واذغؾـا بك
عن غريك ،وأمتم عؾقـا إػاضة خريك ،ػإـك غؿرت باؾـوال ،وأغـقت
اؾؾفم ؽؿا ؼربمفم إؾقك حبلك ..ػؼربـا إؾقك حبلـا هلم ،اؾؾفم ؽؿا
تػضؾت عؾقفم مبا تػضؾت ،ػمػضل عؾقـا بموػقؼك وتسدقدك ،إـك عؾى
ؽل ذيء ؼدقر ،وـسألُ اهللَ اؾؽرقم أن ميدـا مبددفم ،وأن قػقضَ
وصؾى اهلل ودؾم عؾى عني أفل اؾؽؿال ،وؿـلع اجلود واإلػضال ،
حلقلـا حمؿد ؿـمفى اآلؿال ،وعؾى صحله واآلل ،عؾى ممر األقام
ٖ7
واؾؾقال ،وآخر دعواـا أن احلؿدِ هلل ربّ اؾعاملني ،دلحان ربك رب
اؾعزة عؿا قصػون ،ودالمٌ عؾى املردؾني ،واحلؿد هلل رب اؾعاملني .
مصادر الترجمة :تذكرة األحٌاء ببعض مناقب الحبٌب عبد هللا بن عمر بن
المترجم السٌد عقٌل بن عبد هللا ،ومجموع كالم الحبٌب علوي
َ ٌحٌى ،لولد
ابن شهاب ،وشرؾ المحٌّا ،وتارٌخ الشعراء الحضرمٌٌن ،ومقدمة كتاب
السٌوؾ البواتر .
ٖ8