Professional Documents
Culture Documents
E9030144A45B65A98086FD136A1B8990¼⌐Ñ ƒΘÜ⌐áπ∩δ ƒΘδφφ∩í
E9030144A45B65A98086FD136A1B8990¼⌐Ñ ƒΘÜ⌐áπ∩δ ƒΘδφφ∩í
E9030144A45B65A98086FD136A1B8990¼⌐Ñ ƒΘÜ⌐áπ∩δ ƒΘδφφ∩í
0
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
المقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرأسإل رأسإوله بالهدى و كفى بالله شهيدا ،و أشهد أل إله إل
الله إقرارأا ً به و توحيدا ،و أشهد أن ماحمد عبده و رأسإوله صلى الله عليه و
على آله و صحبه و سإّلم تسليما ً مازيدا.
أماا بعد:
فقد شرح شيخنا العلماة/صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله -ماتن
الرأبعين النووية و ذلك ضمن أحد الدورأات العلمية التي تقام بجاماع شيخ
للسإلم ابن تيمّية -رأحمه الله -و قد فرغ المسؤولون عن هذه الدورأة هذه
الدرأوس ووضعوها في ماوقع الجاماع http://www.taimiah.comو جعلوا كل
حديث في مالف ماستقل.
ن الله علي بأن جمعت ماا فّرغّوه في مالف واحد و أعدت تنسيق بعضو قد ما ّ
ماا لزم تنسيقه و جعلت له فهرسإا ً في نهاته.
و أسإأل الله أن يتقبل عملي هذا و أن يثيب شيخنا العلماة صالحا ً خير الجزاء
و أن يثيب المسؤولين على جاماع شيخ السإلم ابن تيمّية على إقاماة هذه
الدورأة و على قياماهم بتفريغ الدرأوس.
و صلى الله على نبينا ماحمد و على آله و صحبه أجمعين.
أبو عبد الله أحمد الثأري
مقدمة الشارح
بسم الله الرحمن الرحيم
1
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
2
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
طالب العلم فإنه يبقى ،وهذا يعظححم التبعححة علححى طححالب العلححم
في أل يتساهل في طلبه للعلم.
فل يقححولن قائححل ماثل :هححذا الكتححاب سإححهل ،وهححذا المتححن لححم
يشرح؛ لنه سإهل واضح ،أحاديث ماعروفة ،فححإن هححذا يححؤتى ماححن
هححذه الجهححة ،حيححث اسإتسححهل الصححول وعقححد العلححم ،وقححد قححال
طائفة مان أهل العلححم" :العلححم عقححد ومالححح ،فمححن أحكححم العقححد
سإهل عليه العلم ،ومان فاته حل العقححد فححاته العلححم" وهححذا إنمححا
يكون بإحكام أصول العلوم.
وإذا ضبط طالب العلم المتون المعروفة في الحححديث ،وفححي
العلوم المختلفة ،فإنه يكون ماهيئ ًححا للنتقححال إلححى درأجححات أعلححى
بفهم وتأسإيس لمححا سإححبق؛ فلهححذا أحححض جميححع الخححوة ،وجميححع
طلب العلم مامن يسمعون كلماي هذا أحضهم علححى أن يأخححذوا
العلم بحزم ،وأل يأخذوه على أن هذه المسألة مافهوماححة ،وهححذه
حا،
سإححهلة ،وهححذه واضحححة؛ بححل إنححه يكححررأ الواضححح ليححزداد وضححو ً
ويكررأ المعلوم ليزداد به علما وهكذا.
ونسأل الله -جل وعل -أن يجعل هذا الشرح الذي نبتدئه هذه
ماححا ماكمًل ،وأن ينفححع
حا تا ّ
الليلة ،أسإأله -جل وعل -أن يجعله شر ً
به الملقي والسححاماع ،وأن يجعلنححا فيححه ماححن المبتصححرين ،والححذين
يقولون بعلم ل برأي أو هوى.
ثــم إن هــذا الكتــاب الــذي ســنعاني شــرحه هــو
الحاديث المختارة المعروفة بـالربعين النووية جمعها
ضححا،
العلمة يحيى بن شــرف النــووي ،ويقححال :النححواوي أي ً
وهححو ماححن علمححاء الشححافعية البححارأزين ،ومامححن شححرح كتب ًححا فححي
ضا في لغة الفقهاء ،وغّير ذلك مان الحديث ،وكتًبا في الفقه ،وأي ً
العلوم.
وأصل كتابه "الرأبعون النوويححة" أن ابححن الصححلح -رأحمححه اللححه
تعالى -جمع فحي ماجلححس ماححن ماجححالس تدرأيسحه للحححديث ،جمححع
الحاديث الكلية التي يححدورأ عليهححا علححم الشححريعة ،فجعلهححا سإححتة
وعشرين حديًثا ،فنظر فيها العلماة النووي -رأحمححه اللححه -فزادهححا
3
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
4
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث الول
إنما العمال بالنيات
بسم الله الرحمن الرحيم ،الحمد لله رأب العالمين ،والصلة والسححلم
علححى أشححرف النبيححاء والمرسإححلين ،نبينححا ماحمححد ،وعلححى آلححه وصحححبه
أجمعين.
قال المصنف -رأحمه الله تعالى :-وعن أماير المؤمانين أبححي حفححص
عمححر بححن الخطححاب قححال :سإححمعت رأسإححول اللححه يقححول :إنم ا
العمال بالنيات ،وإنما لكل امارئ ماا نححوى ،فمححن كححانت هجرتححه
إلى الله ورأسإوله فهجرته إلى الله ورأسإوله ،ومان كانت هجرتححه
لدنيا يصيبها أو امارأة ينكحها فهجرته إلى ماا هاجر إليه .
رأواه إمااماا المحدثأين أبو عبححد اللححه ماحمححد بححن إسإححماعيل بححن
إبراهيم بن المغيرة بن بردذبه البخارأي ،وأبو الحسين ماسلم بن
الحجاج بن ماسلم القشيري النيسححابورأي فححي صحححيحيهما الححذين
هما أصح الكتب المصنفة.
هذا هو الحديث الول؛ حديث عمر أنه سإمع النبي يقول:
إنم ا العمححال بالنيححات ،وإنمححا لكححل اماححرئ ماححا نححوى وهححذا
الحديث حديث عظيم حتى قال طائفة مان السلف ،ومان علماء
الملة :ينبغي أن يكون هذا الحديث في أول كل كتاب مان كتححب
العلم؛ ولهذا بدأ به البخارأي -رأحمححه اللححه -صحححيحه ،فجعلححه أول
حديث فيه حديث إنما العمال بالنيححات وإنمححا لكححل اماححرئ ماححا
نوى بحسب اللفظ الذي أورأده في أوله.
وهذا الحــديث أصــل مــن أصــول الــدين ،وقــد قــال
المام أحمد :ثلثة أحاديث يدور عليها السلم:
حديث عمر :إنما العمال بالنيات .
وحديث عائشة :مان أحدث في أمارنحا هحذا ماحا ليحس مانحه
فهو رأد .
5
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
6
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
7
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وإنما لكل امارئ ماا نوى هذا فيه أن ماا يحصححل للمححرء
مان عمله ماا نححواه نيححة صحححيحة ،يعنححي :إذا كححانت النيححة صححالحة
حا ،فصارأ له ذلك العمل. صارأ ذلك العمل صال ً
والقول الول أصح؛ وذلححك لن تقريححب مابعححث العمححال،
وأنها رأاجعة لعمل القلب ،هذا ليححس هححو المححراد بالحححديث ،كمححا
هو ظاهر مان سإياقه ،وإنما المححراد اشححتراط النيححة للعمححل ،وأن
النية هي المصححة للعمل ،وهذا فيححه وضححوح؛ لن قححوله -عليححه
الصلة والسلم -إنما العمال بالنيات وإنما لكل امارئ ماا نححوى
بيان لما تطلبه الشريعة ،ل لما هو ماوجود في الواقع.
فلهذا نقول :الراجح مان التفسيرين أن قوله -عليه الصححلة
والسلم -إنم ا العمححال بالنيححات يعنححي :إنمححا العمححال صحححة
وقبوًل أو فساًدا بسححبب النيححات ،وإنمححا لماححرئ ماححن عملححه ثأواب ًححا
وأجًرا ماا نواه.
إذا تقرر هذا فالعمال ما هي؟
العمال جمع عمل ،والمقصود به هنا ماا يصدرأ عن المكلححف،
ويدخل فيه القوال فليس المقصود بالعمل قسيم القول ،القول
والعمل والعتقاد قسيم القول والعتقاد ،وإنما العمال هنا كححل
ماا يصدرأ عن المكلف مان أقوال وأعمال ،قححول القلححب ،وعمححل
القلب ،وقول اللسان ،وعمل الجوارأح.
فيدخل في قححوله :إنم ا العمححال بالنيححات كححل ماححا يتعلححق
باليمان؛ لن اليمان قول وعمل ،قححول اللسححان ،وقححول القلححب
وعمل القلب وعمل الجوارأح ،فقححوله :إنم ا العمححال بالنيححات
يدخل فيها جميع أنواع ماا يصدرأ مان المكلف.
طبًعا هذا العموم عموم ماراد به إلى الخصححوصا؛ لن العمححوم
عند الصوليين على ثألثأة أقسام :عام باق علححى عمححوماه ،وعححام
دخله التخصيص ،وعام ماراد به إلى الخصوصا ،يعنححي :أن يكححون
ماا ،ويراد به بعض الفراد.
اللفظ عا ً
وهنا ل يدخل في العمال في قوله :إنما العمال بالنيححات
ل يححدخل فيهححا العمححال الححتي ل تشححترط لهححا النيححة ماثححل أنححواع
8
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
9
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فالنية قسمان:
نية ماتعلقححة بالعبححادة ،ونيححة ماتعلقححة بححالمعبود ،فأماححا المتعلقححة
بالعبادة فهي التي يسححتعملها الفقهححاء فححي الحكححام حيححن يححأتون
إلى الشروط ،الشرط الول :النية ،يقصدون بذلك النية المتوجه
للعبادة ،وهي تمييز العبادات بعضها عن بعض.
تمييز الصلة عن الصيام ،تمييز الصلة المفروضة عن النفل،
يعني :أن يميز القلححب فيمححا يححأتي ماححا بيححن عبححادة وعبححادة ،أتححى
المسجد وأرأاد أن يركع رأكعتين ،مايز قلبه هححاتين الركعححتين هححل
هي رأكعتا تحية المسجد ،أو هي رأكعتا رأاتبة؟ أو هل هي رأكعتححا
اسإتخارأة؟ إلى آخره ...فتمييز القلب ماا بين عبادة وعبححادة هححذه
هي النية التي يتكلم عنها الفقهاء في الكتب الفقهية وهي النية
المتوجه للعبادة.
القسم الثـانى :النيححة المتححوجه للمعبححود ،وهححذه هححي الححتي
يتحدث عنها باسإم الخلصا :إخلصا القلب ،إخلصا النية ،إخلصا
العمل للححه -جححل وعل -وهححي الححتي تسححتعمل كححثيًرا بلفححظ النيححة
والخلصا والقصد.
فححإًذا هححذا الحححديث شححمل نححوعي النيححة :النيححة الححتي تححوجهت
للمعبود ،والنية التي توجهت للعبادة ،فح إنما العمححال بالنيححات
يعني :إنما العبححادات تقححع صحححيحة ،أو ماقبولححة بسححبب النيححة،
يعني :النية التي تميز العبادة بعضها عن بعض أول.
والنية التي هي إخلصا العبادة للمعبود ،وهو الله -جل جلله-
فلهححذا ل يصححلح أن نقححول :النيححة هنححا هححي النيححة الححتي بمعنححى
الخلصا ،ونقححول :إن كلم الفقهححاء فححي النيححات لححم يححدخل فيححه
الخلصا ،ول القسم الثاني ،فححإن تحقيححق المقححام انقسححام النيححة
إلى هذين النوعين -كما أوضحت لكم.-
نححوى قال -عليه الصححلة والسححلم :-وإنم ا لكححل اماححرئ ماححا
وأجححًرا ضا ،وإنما لكل امارئ ماححن عملححه ثأواب ًححا
يعني :هذا حصر أي ً
يعنححي: لما نواه بعمله ،فإن كان نوى بعمله الله والدارأ الخححرة،
10
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
أخلص لله -جل وعل -ماريدا وجه الله -جل وعل -فعملححه صححالح،
وإن كان عمله للدنيا فعمله فاسإد؛ لنه للدنيا.
وهذا كما جاء في آيات كثيرة إخلصا الدين لله -جححل عل:-
(1) يعني:
الدين يقع على نية الخلصا ،كما في قوله -جل وعل :-
. (2)
وقد جاء فححي أحححاديث كححثيرة بيححان إخلصا العمححل للححه -جححل
وعل -كقححوله -عليححه الصححلة والسححلم -فححي الحححديث الححذي رأواه
ماسلم في الصحيح :أنا أغّنى الشركاء عن الشححرك ،ماححن عمححل
عمًل أشرك فيه ماعي غّيري تركته وشححركه وفححي لفححظ آخححر
قال -عليه الصحلة والسحلم -فحي هحذا الححديث القدسإحي :فه و
للذي أشرك ،وأنا مانه بريء .
صححا للححه -جححل
وهذا يدل على أن العمححل ل بححد أن يكححون خال ً
وعل -حتى يكون ماقبوًل ،ويؤجر عليه العبد ،إذا وصحلنا إلحى هحذا
فمعناه أن مان عمل عمًل ،ودخل في ذلك العمل نية غّيححر اللححه
-جل وعل -بذلك العمل ،فححإن العمححل باطححل لقححوله :ما ن عمححل
عمًل أشححرك فيححه ماعححي غّيححري تركتححه وشححركه فهححو للححذي
أشرك إنما العمال بالنيات وإنما لكل امارئ ماا نوى .
ل الذي يكحون ل العم َ
وهذه يحتمل أن يكون المراد بذلك العم ِ
في أصل العبادة ،أو في أثأناء العبادة ،أو غّّير نيته بعححد العبححادة،
يحتمل هذا ،أو تكون العبادة أيضا في بعضها للححه ،وفححي بعضححها
لغير الله ،فما المراد؟
قال العلماء :تحقيق هذا المقام أن العمل إذا خححالتطه نيححة
فاسإدة ،يعني :رأياء نوى للخلق ،أو سإمعة ،فإنه إن أنشأ العبححادة
للخلححق فهححي باطلححة ،يعنححي :صححلى دخححل فححي الصححلة ،ل لرأادة
الصلة؛ ولكن يريد أن يراه فلن ،فهذه الصلة باطلة.
وهو ماشرك كما جاء فححي الحححديث :ما ن صححلى يرائححي فقححد
أشرك ،ومان صام يرائي فقد أشرك ،وماححن تصححدق يرائححي فقححد
- 1سإورأة البينة آية .5 :
11
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
12
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
13
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
جاهد في سإبيل الله يريد أيضا ماغنما ،ونيته خالصة لله -جححل
وعل -لتكون كلمة الله هي العليا؛ ولكن يريد شححيئا حححض عليححه،
أو ذكره الشارأع في ذلك ،هححذا قصححده ليححس ماححن الشححرك فححي
النية؛ لن الشارأع هو الذي ذكر الثواب الدنيوي في ذلك.
فإًذا تنقسم العمال إلى عبادات ذكر الشارأع الثواب الدنيوي
عليها ،وإلى عبححادات لححم يححذكر الشححارأع الثححواب الححدنيوي عليهححا،
وهححذا كمححا جححاء فححي قححول اللححه -جححل وعل :-
الية. )(1
14
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ثأم بين الصنف الثاني فقال :ومان كانت هجرته لدنيا يصيبها،
أو امارأة يتزوجها لحدنيا يصحيبها هحذا ححال التححاجر الححذي
هاجر لكي يكسب مااًل ،أو هاجر ليكسب زوجة أو اماححرأة ،فهححذا
هجرته إلى ماا هاجر إليه.
وقوله -عليه الصححلة والسححلم :-فم ن كححانت هجرتححه لححدنيا
هذه النية يعني :هاجر العمل الظاهر يشارأك فيه ،مان هاجر إلى
الله ورأسإوله؛ لكن نيته أنه في هجرته يريد التجارأة ،أو يريد أن
يتزوج امارأة فنيته فاسإدة ،قال :فهجرته إلى ماححا هححاجر إليححه
يعني :مان حيث أنه ل ثأواب له فيها ول أجححر ،وقححد يكححون عليححه
فيها وزرأ.
والهجرة هي ترك -كما ذكرت لك ترك -بلد الشرك إلححى بلححد
السإلم ،أو ترك بلد تظهر فيححه البدعححة إلححى بلححد ل تظهححر فيححه
البدعة ،وإنمححا تظهححر فيححه السححنة ،أو القسححم الثححالث :تححرك بلححد
تظهر فيه الفححواحش والمنكححرات إلححى بلححد تقححل فيححه الفححواحش
والمنكرات ظهوًرأا ،وهذه كل واحدة مانها لها أحكام ماذكورأة في
كتب الفقه بالتفصيل.
الحديث الثاني
مجيء جبريل ليعلم المسلمين أمر دينهم
وعن عمر أيضا قال :بينما نحن جلوس عند رأسإححول اللححه
ذات يوم ،إذ طلع علينا رأجل شديد بياض الثيححاب ،شححديد سإححواد
الشعر ،ل يرى عليه أثأر السفر ،ول يعرفه مانا أحد حححتى جلححس
إلى النبي فأسإند رأكبتيه إلى رأكبتيه ،ووضع كفيه على فخذيه.
16
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
17
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
قال طائفة مان مافسري السلف :دخل فححي هححذه اليححة جميححع
أحكام الدين ،جميع الدين في هذه الية ،وجميع أصول الحاديث
النبوية في هذا الحديث ،وهذا الحديث ماعروف بحححديث جبريححل،
ضا ،ماقطًعا ببعححض ورأوايته على هذا الطول عن عمر ورأوي أي ً
الختصارأ في الصحيحين مان حديث أبي هريرة .
وهذا الحديث فيه ذكر السإلم واليمححان والحسححان ،وفيححه أن
هححذه الثلثأححة هححي الححدين؛ لنححه فححي آخرهححا قححال -عليححه الصححلة
والسلم :-أتاكم يعلمكم دينكم فإًذا الدين الذي هو السإححلم
مانقسم إلى ثألث ماراتب :السإلم ،واليمان ،والحسان.
وهذا نخلص مانه إلى قاعدة ماهمة وهي أن السإم العححام قححد
يندرأج عنه ،قد يندرأج فيه أنواع مانها السإم العححام؛ لن السإححلم
هححو الححدين فجمححع هححذه الثلثأححة :السإححلم واليمححان والحسححان؛
فالسإلم مانه السإلم ،وهذا ماهم في فهم الشححريعة بعاماححة؛ لن
مان اللفاظ ماا يكون القسم هو اللفظ ذاته ،يعني :أحد القسام
هو اللفظ ذاتححه ،ولححه نظححائر إذا وجححد هححذا ،فالسإححم العححام غّيححر
السإم الخاصا.
ولهذا نقول :السإم العام للسإلم يشمل السإححلم واليمححان
والحسان ،وليس هو السإححم الخححاصا إذا جححاء ماححع اليمححان وماححع
الحسان؛ لهححذا لححم يلحححظ هححذا الماححر طائفححة ماححن أهححل العلححم،
فجعلححوا السإححلم واليمححان واحححدا ،ولححم يفرقححوا بيححن السإححلم
واليمان حتى عزا بعضححهم هححذا القححول لجمهححورأ السححلف ،وهححذا
ليس بصحيح ،فإن السلف فرقوا ماححا بيححن السإححلم واليمححان إذا
كان هذا في ماورأد وهذا فححي ماححورأد ،إذا كححان السإححلم واليمححان
في ماورأد واحد.
وأماا إذا كان السإلم في ماورأد واليمان في ماورأد ،يعني :هذا
في سإياق وهذا في سإياق ،هذا فححي حححديث وهححذا فححي حححديث،
18
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
19
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
21
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
22
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
24
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ضا ،يزيد ماعها السإلم ويزيد ماعهححا اليمححان ،كيححف يزيححد ماعهححا
أي ً
السإلم؟ لن السإلم اسإتسلم.
ماا السإلم؟ السإلم هو السإتسلم لله بالتوحيد ،والنقيححاد لححه
بالطاعة ،والبراءة مان الشرك وأهله ،فالسإلم فيه اسإتسلم لله
بالتوحيد ،وهذا داخل في الشهادتين ،أو تححدخل فيححه الشححهادتان،
فهححذا إًذا يزيححد النححاس فيححه وينقححص اسإتسححلماهم للححه بالتوحيححد
ضا يتفاوتون فيه. ماختلف يتفاوتون فيه ،والنقياد بالطاعة أي ً
إًذا مان أطلق هذا القول فل يغلححط ،وقححد أطلقححه ماححرة شححيخ
السإححلم ابححن تيميححة؛ ولكححن القححول المعتمححد عنححد السححلف أنهححم
يعبرون في الزيادة والنقصان عن اليمان دون السإلم؛ لن في
ذلك ماخالفة للمرجئة الذين يجعلححون اليمححان النححاس فححي أصححله
سإواء ،يعني :في اعتقاده القلححب ،وإنمححا يتفححاوت النححاس عنححدهم
في العمال الظاهرة.
فتقيححد السححلف بلفححظ اليمححان يزيححد وينقححص ،خلفًححا للمرجئححة
الذين جعلوا الزيادة والنقصان في العمال الظاهرة دون اعتقاد
القلب ،وعندهم اعتقاد القلحب النحاس فيحه سإحواء ،كمحا يعحبرون
عنه بقولهم وأهله في أصله سإواء.
فيعبرون عن اليمان بأنه هو الذي يزيد وينقص دون السإلم،
لهححذا فتأخححذ بتعححبيرهم ،ول تطلححق العبححارأة الخححرى؛ لنهححا غّيححر
ماستعملة عندهم ماححع أنهححا إن أطلقحت فهححي صحححيحة إن احتيححج
إليها.
قال :صدقت يعني :في جوابه عن ماسألة السإلم ،وهذا
فيه عجححب أن يسححأل ويصححدق ،وهححذا فيححه لفححت النتبححاه؛ انتبححاه
الصحابة إلى هذه المسائل ،كيف يسححأل ويصححدق؟ فححالمتعلم إذا
أتى بأسإلوب في السؤال يلفت النظر ليستفيد البقيححة ماححع علححم
المسئول فإن هححذا حسححن ليسححتفيد مانححه الخححرون؛ لن النححبي
يعرف أن هذا جبريل ،وتصديقه له دال على هذا بوضوح.
ففي هذا أن المتعلم يأتي للعالم بمعرفته بمححا يسححأل لفححادة
غّيره ،وأن هذا أسإحلوب حسححن ماحن أسإحاليب التعليححم الشحرعية،
25
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
26
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
بالقدرأ ماا قام بناء اليمان أصًل ،إذا تخلف رأكححن اليمححان بححاليوم
الخر ماا قام البناء؛ لن الركن في التعريف الصطلحي هو ماححا
تقوم عليه مااهية الشيء ،فإذا تخلف رأكن لم يقم الشيء أصًل،
يعني :لححم يقححم الشححيء وجححودا شححرعّيا؛ لن قيححاماه مابنححي علححى
تكامال أرأكانه.
وهذا يورأد علينا إشكال وهو أنه في السإححلم قيححل :هححذه هححي
أرأكان السإلم الخمسة ،والعلماء لم يتفقححوا علححى أن ماححن تححرك
الحححج والصححيام جميعًححا ماححن أرأكححان السإححلم أنححه ليححس بمسححلم،
واتفقوا على أنه مان ترك رأكًنا ماححن أرأكححان اليمححان فححإنه ليححس
بمؤمان أصًل ،وهذا يرجع إلى أن اصطلح الركن اصطلح حاجز.
فينبغححي أن تفهححم -خاصححة فححي ماسححائل اليمححان والسإححلم
والتكفير وماا يتعلق به ،وماا يتعلق بهححا -أن العلمححاء أتححوا بألفححاظ
للفهام ،فهذه اللفححاظ الححتي للفهححام ل تحكححم علححى النصححوصا،
وإنمححا النصححوصا الححتي تحكححم علححى ماححا أتححى العلمححاء بححه ماححن
اصطلحات ،يعني :أن نفهم الصحطلحات علححى ضحوء النصحوصا،
وأن نفهم النصوصا على ضوء الصطلحات.
حا مان جهة الححدليل الشححرعي رأجعنححا فإذا صارأ الصطلح صحي ً
في فهم الدليل الشرعي للصححطلح ففهمنححا ذلححك ،وهححذا يتضححح
ببيان أرأكان السإلم ،فإنه لو تخلف رأكنان ماححن أرأكححان السإححلم،
تخلف الحج -ماثل -والصيام ،فإن أهل السنة والجماعة ماا اتفقححوا
على أن مان لم يححأت بالحححج والصححيام فححإنه ليححس بمسححلم؛ بححل
دا رأسإولقالوا :هو ماسلم؛ لنه شهد أن ل إله إل الله وأن ماحم ً
اللححه؛ ولنححه أقححام الصححلة -ماثل -واختلفححوا فيمححا عححدا ذلححك ماححن
الرأكان فيما إذا تركها ،يعني :ولم يأت بها دون جهد لها ماع أن ه
تخلف عنه رأكن أو أكثر.
وهذا يعني :أنه في فهم أرأكان السإححلم ،نجعححل هححذه الرأكححان
تختلف في تعريف الركن عن فهم أرأكححان اليمححان ،فنقححول فححي
أرأكان السإلم :يكتفى فحي السإحلم بوجحود الشحهادتين والصحلة،
وفي غّيرهما خلف ،وأماا في أرأكححان اليمححان فمححن تخلححف مانححه
رأكن مان هذه الرأكان فإنه ليس بمؤمان هذا مان حيث التأصيل.
27
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ما ولو تخلححف عنححه بعححض ذا نقول :يمكن أن يسمى ماسل ً فإ ً
أرأكان السإلم ،ول يصح أن يسمى ماؤماًنحا إن تخلحف عنحه رأكحن
مان أرأكان اليمان ،إذا تقررأ هذا فأرأكان اليمان الستة هذه فيها
قدرأ واجب ل يصح إسإلم بدونه ،قدرأ واجححب علحى كححل ماكلحف،
مان لم يأت به فليس بمؤمان ،وهناك قدرأ زائححد علححى هححذا تبعححا
للعلم ،أو تبعا لما يصله مان الدليل.
فما هو القدرأ المجزئ وهو الذي مان لم يأت به صارأ كافًرا؟
فهححذا هنححاك قححدرأ ماجححزئ فححي اليمححان بححالله ،قححدرأ ماجححزئ فححي
اليمان بالرسإل ،قدرأ ماجزئ في اليمان بححالكتب ،وقححدرأ ماجححزئ
في اليمان باليوم الخر والقدرأ ...إلى آخره.
أما اليمان بالله فهو ثلثة أقســام :إيمححان بححالله بححأنه
واحد في رأبوبيته ،وإيمان بالله بأنه واحد في ألوهيته ،يعني :في
اسإتحقاقه العبادة ،وإيمان بححالله يعنححي :بححأنه واحححد فححي أسإححمائه
وصفاته ل ماثيل له -سإبحانه وتعالى -
. (1)
القدرأ المجزئ مان الول أن يعتقحد أن اللحه -جحل جللحه -هححو
رأب هذا الوجححود ،يعنححي :أنححه هححو إلححى الخححالق لححه ،المححدبر لححه،
المتصرف فيه ،خالق له ،مادبر له ،وماتصححرف فيححه كيححف يشححاء،
هذه الربوبية ،باللهية بأنه ل أحد يستحق العبححادة ،أو شححيئا ماححن
أنواع العبادة ،ل أحد يستحق شيئا مان أنواع العبادة مان الخلق؛
بل الذي يستحق هو الله -جل جلله -وحده.
والثالث :أن يؤمان بأن الله -جححل وعل -لححه السإححماء الحسححنى
والصفات العل دون تمثيل لها بصفات المخلوقين ،ودون تعطيل
له عن أسإححمائه وصححفاته بالكليححة ،أو جحححد لشححيء ماححن أسإححمائه
وصفاته بعد وضححوح الحجححة فيهححا لححه ،هححذا القححدرأ المجححزئ ماححن
اليمان بالله.
اليمان بالملئكة القدرأ المجزئ أن يؤمان بأن الله -جل وعل-
له خلق مان خلقحه اسإححمهم الملئكححة ،عبححاد يححأتمرون بححأمار اللححه
28
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
29
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فمن عِلم شيئا بدليله ،بنصه وجب عليححه أن يححؤمان بححه ،لكححن
أول ماححا يححدخل فححي الححدين يجححب عليححه أن يححؤمان بهححذا القححدرأ
المجزئ ،وهو الذي يصح ماعه إيمان المسلم.
وكتبه ورسله اليمان :وهو العتقاد الجازم الذي ل رأيب
فيححه ،ول تححردد بححأن اللحه -جححل وعل -أرأسإححل رأسإححل ً لخلقححه ،وأن
هؤلء الرسإل ماوحى إليهححم ماححن اللححه -جححل وعل ،-وأن خححاتمهم
ماحمد -عليه الصلة والسلم -فيؤمان به -عليه الصححلة والسححلم-
ويتبعه ،فهذا هو القدرأ المجزئ ،وماا بعد ذلك -أيضا -يكون واجبا
بقدرأ ماححا يصححله ماححن العلححم ،وفيهححا أشححياء -أيضححًا -ماسححتحبة فححي
تفاصيله .
طبعا ً هذا الحديث قد ُندخل فيه العقيدة كلها ،ويطول الكلم،
لكن ننبهك على أصول في فهم هذه الحاديث .
واليوم الخر :القدرأ المجزئ مانه ،الححذي يتحقححق بححه قيححام
الركن -أن يؤمان بأن الله -جححل وعل -جعححل يوماححا ً يحاسإححب فيححه
الناس ،يعودون إليه ويبعثهم مان قبورأهم ويلقون رأبهححم ويجححازي
المحسن بإحسانه والمسيء بإسإاءته ،وأن المحسن يدخل الجنة
وأن المسححيء -يعنححي :الكفححارأ -يححدخل النححارأ ،وأن المسححلم يححدخل
الجنة ،هذا القدرأ واجب ،رأكن ،وماا بعد ذلك يكون بحسب العلم
.
در :يؤمن بالقدر :خيره وشره مان اللححه -تعححالى -بححأن وال َ
ق َ
درأ المجزئ ،بححأنه ماححا ماححن شححيء يكححون إل
يؤمان … هذا هو الق ْ
درأه الله -جل وعل. وقد ق ّ
عل ْ ُ
محه بمعنى :أنه -سإبحانه -عل ِححم هححذا الشححيء قبححل وقححوعه ،و ِ
بذلك أّول ،وأنه كتب ذلك عنده -سإبحانه وتعالى.-
درأ
ويغني عن اعتقاده الكتابة قبل العلم بدليلها أن يؤمان بالقحح َ
درأ سإابق ،فيشمل ذلك … يشمل اعتقححاده السابق ،يعني :أن الق َ
أن القححدرأ سإححابق العلححم :علححم اللححه -جححل وعل ،-والكتابححة؛ لن
القسام التية ماقاَرأنة أو لحقة ،وليست سإابقة .
30
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ويؤمان -أيضًا -بأن ماا شاء الله -جل وعل -كححان وماححا لححم يشححأ
لم يكن ،وأنه ماا مان شيء إل والله -جل وعل -هو الذي يخلقححه
-سإبحانه -فيخلق -جل وعل -جميع الشياء كما قال :
. (1)
درأ السحابق وبمشحيئة اللحه فإًذا اليمان بالقحدرأ … إيمحا ٌ
ن بالقح َ
درأ السابق.وقدرأته وخلقه؛ لنفاذ الق َ
هذا قدرأ واجب ل يصح اليمححان بححدونه ،وهححو الركححن فيححه أن
يؤمان بسبق القدرأ.
وفيما يتعلق بالمقدورأ الواقع ،يعني :بالقضاء الواقع ،يعتقد أنه
بمشيئة اللححه وخلقححه لهححذا الفعححل يعلححم ماراتححب القححدرأ الرأبعححة،
وتفاصيل ذلك ،هذا بحسب ماا يصل إليه مان العلم فمنه واجب،
ومانه ماستحب.
إذا تقررأ هذا فاليمان الشرعي المراد به في هححذا المححوطن:
الذي يكون قرينا ً للسإلم -كما فسرت لححك ،-يححراد بححه :العتقححاد
الباطن.
فإذا قرن بين السإلم واليمححان انصححرف السإححلم إلححى عمححل
اللسان وعمل الجوارأح ،واليمان إلى العتقادات الباطنة؛ فلهححذا
نقححول إًذا :ل ُيتصححورأ أن يوجححد إسإححلم بل إيمححان ،ول أن يوجححد
إيمان بل إسإلم.
فكل ماسلم ل بد أن يكون ماعه مان اليمححان قححدٌرأ هححو الححذي
سإححمي
حح به إسإلماه ،ولو لم يكن عنده ذلك القدرأ ماا ُ ذكرنا ص ّ
ماسلما ً أصلً ،فل ُيتصورأ ماسلم بل إيمان ،فكل ماسلم عنده قدرأ
مان اليمان ،وهذا القدرأ هو القدرأ المجزئ الذي ذكرت لك.
حح ليمححانه ،فححإنه ل
وكل ماؤمان عنده قدرأ ماححن السإححلم ماصحح ّ
ُيقبل مان أحد إيمان بل إسإلم ،كما أنه ل يقبل مان أححد إسإححلم
بل إيمان.
31
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فإذا قلنا :هذا ماسلم ،فمعنححاه :أنححه وجححد إسإححلماه الظححاهر ماححع
أصل اليمان الباطن ،وهو القدرأ المجزئ.
إذا تقرر هذا فنقول :اليمان يتفاوت أهله فيحه ،ولتفحاوت
أهله فيه صارأ اليمان أعلى مارتبة مان السإححلم ،وصححارأ المححؤمان
أعلى مارتبة ماححن المسححلم؛ لن اليمححان فححي المرتبححة الححتي هححي
أعلى مان مارتبة السإلم قد حقق فيها السإححلم ،وماححا ماعححه ماححن
القدرأ المجزئ ماحن اليمححان ،وزاد علححى ذلحك فيكحون إًذا إيمححانه
أرأفع رأتبة مان إسإلماه؛ لنه اشتمل على السإلم وزيادة.
ولهححذا قححال العلمححاء :كححل ماححؤمان ماسححلم ،وليححس كححل ماسححلم
ماؤمانا؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن النبي قال لححه أحححد
ط فلنا فإنه -يا رأسإول اللححه -ماححؤمان ،فقححال -عليححه
الصحابة :أع ِ
الصلة والسلم :-أو ماسلم ،فأعادها عليه الصحابي ،فقال -عليححة
الصلة والسلم :-أو ماسلم .
فهذا قوله" :أو ماسلم" فيها دليل على تفريق ماا بين المسلم
والمؤمان ،فإن مارتبة المححؤمان أعلححى ماححن مارتبححة المسححلم ،كمححا
دلت عليها آية الحجححرات :
) (1فدل على أنهم لم يبلغوا مارتبة اليمان الذي هي أعلححى ماححن
مارتبة السإلم .
فإًذا نخلص مان هذا إلححى أن اليمححان الححذي هححو تحقيحق هححذه
الرأكان الستة بالقدرأ المجزئ مانه ،ليس هو المححراد بححذكر هححذه
المراتب؛ لنه داخل في قوله :أن تشهد أن ل إلححه إل اللححه وأن
ماحمدا رأسإول الله.
فتحقيق مارتبة اليمان يكون بالقدرأ المجححزئ ،وماححا هححو أعلححى
مان ذلك؛ لن اليمان أعلى رأتبة ماححن السإححلم ،والمححؤمان أعلححى
رأتبة مان المسلم .
ف تنوعت عبارأاتهم في اليمان وأنححواعه ،فقححالت طائفححة
سل ُ
ال ّ
مانهم :اليمان قول وعمل ،وقالت طائفححة :اليمححان قححول وعمححل
واعتقاد ،وقال آخرون :اليمان قول وعمل ون ِّية .
- 1سإورأة الحجرات آية .14 :
32
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
صير مانهم إلى شيء واحد وهو أن اليمان إذا ُأطلححق، ما ِ
وهذا َ
أو جاء على صفة المدح لهله في النصوصا أو فححي السإححتعمال
فإنه يراد به اليمان الذي يشمل السإلم .
ظ هذا! إذا ُأطلق … قلنا :اليمان ولححم نححذكر السإححلم ،أو ح ْ
ال ْ َ
جاء في ماورأد فيه المدح له ،ولو كان ماع السإلم؛ فإنه يشححمل
السإلم -أيضًا -لدخول العمل فيه ،فنقول :هنا تنححوعت عبححارأاتهم،
فقال بعضهم :اليمححان قححول وعمححل ،ماححن قححال هححذا فححإنه يعنححي
بالقول :قول القلب وقول اللسان ،والعمل عمل القلححب وعمححل
الجوارأح.
وقول القلب :هو اعتقاده ،وعمل القلب وعمل الجححوارأح :هححذا
هو العمل ،وقول اللسان :هو القول رأجع إلى أنححه قححول وعمححل
واعتقاد؛ لن العتقاد داخححل فححي قححول ماححن قححال :قححول وعمححل،
فالعتقاد داخل في القول؛ لن المححراد بحه قححول القلححب ،وقحول
اللسان ،وقول القلب :هو اعتقاده .
مان قال -وهححم كححثير -ماححن السححلف :قححول وعمححل ونيححة ،يريححد
بالنية :ماا يصح به اليمان ،فزاد هححذا القيححد تنبيهححا علححى أهميتححه،
لقول الله -جل وعل :-
مل وهو ماؤمان صارأ القول والعمححل ماححع النيححة، ن ع ِ
ما ْ
َ
)(1
يعني :النية في القول والعمل ،وهذا رأاجححع أيضححا ً إلححى العتقححاد؛
لن النية هي توجه القلب وإرأادة القلب وقصد القلب.
فإًذا إذا اختلفححت العبححارأات فححالمعنى واحححد ،واليمححان عنححدهم
-كما ذكرت لك -يزيححد وينقححص؛ يزيححد بالطاعححة وينقححص بشححيئين؛
بنقص الطاعات الواجبة أو ارأتكاب المحرماات .
قوله هنا" :بالقد َرأِ خيره وشّره" ،الشر هنا مان بححاب إضححافة
القدرأ إلى العامال ،أماا فعل الله -جل وعل -فليس فيه شر كمححا
جاء في الحديث :والشر ليس إليك .
قال :صدقت .قال :فأخبرني عن الحسان .قال :أن تعبد الله
كأنك تراه ،فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
- 1سإورأة النحل آية .97 :
33
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وقوله هنا في بيان رأكنه :أن تعبد الله كأنك تراه ،فححإن لححم
تكححن تححراه فححإنه يححراك هححذا رأكححن بحه يحصححل الحسححان؛ لن
مان أحسن العمل إذا جعله حسًنا. الحسان ِ
وإحسان العمل يتفاوت فيه الناس ،ومانححه قححدرأ ماجححزئ يصححح
ماعححه أن يكححون العمححل حسححًنا ،وأن يكححون فححاعله حسححًنا ،فكححل
ماسلم عنده قدرأ -أيضًا -مان الحسان ل يصحح عملحه بحدونه ،ثأحم
هناك القححدرأ الححواجب أو المسححتحب الخححر ليتفححاوت النححاس فيححه
بحسب الحال الذي يتحقق به هذه المرتبة.
فأماا القدرأ المجزئ فأن يكون العمل حسًنا ،بمعنى :أن يكون
خالصا ً ثأوابه ،يعني :أن تكون النية فيه صحيحة ،وأن يكون على
وفق السنة ،وأماا القدرأ المستحب فأن يكون قائمححا ً فححي عملححه
على ماقام المراقبة ،أو ماقام المشاهدة.
فمقححام المراقبححة هححذا أقححل ،وماقححام المشححاهدة هححذا أعظححم
المراتب التي يصير إليهححا العبححد المححؤمان ،وهححو أن يكححون عنححده
الشياء حق اليقين .
فأماا المرتبة الولى مارتبة المراقبة :فهي في قول النححبي
أن تعبد الله كأنك تراه ،فإن لم تكن تححراه فححإنه يححراك ذكححر
ماقام المراقبة في قوله :فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهي
ماقام أكثر الناس ،فإنهم إذا وصلوا لهذه المرتبة فححإنهم يعبححدونه
-جل وعل -على ماقام المراقبة.
34
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ل صلة فهذا ماقام الحسان بمراقبة الله -جل وعل -للعبد ،ص ّ
دع لتعلم أن الله -جل وعل -ماراقبك ،وأنه -جححل وعل -ماطلححع ماوَ ّ
ُ
عليك ،وماا تفيض في شيء إل وهو يعلمه -سإححبحانه -يعلححم ذلححك
ويراه ويبصره مانك -سإبحانه وتعالى.-
فهذا ماقام المراقبة ،وكلما عظمت هذه رأجعت إلححى إحسححان
العمححل .فححإذا -ماثلً -المححرء تحححرك فححي صححلته فاسإتحضححر ماقححام
ماراقبة الله -جل وعل -له واطلعه عليه فإنه ماباشححرة سإيخشححع
لسإتحضارأه هذا المقام.
ماقام المراقبة أعلى مانه لهل العلححم ماقححام المشححاهدة ،وهححو
الذي أخبر به النبي بقوله :أن تعبد الله كأنك تراه وهححذه
المشاهدة المقصحود بهحا ماشحاهدة الصحفات ل ماشحاهدة الحذات؛
ضلل هححم الححذين جعلححوا ذلححك ماححدخل لمشححاهدة لن الصوفية وال ّ
الذات كما يزعمون ،وهححذا ماححن أعظححم الباطححل والبهتححان ،وإنمححا
يمكن ماشاهدة الصفات ،وي ُعَْنى بهححا ماشححاهدة آثأححارأ صححفات اللححه
-جل وعل -في خلقه.
علمه وعظم يقينه بصفات الله فإن العبد المؤمان كلما عظم ِ
-جل وعل -وبأسإمائه أرأجعَ كل شححيء يحصححل فححي مالكححوت اللححه
إلى اسإم مان أسإماء الله -جل وعل -أو إلى صفة مان صفاته.
فإذا رأأى حسًنا أمااماه أرأجعه إلى صفة مان صفات الله وإلححى
أثأر مان آثأارأ أسإمائه الحسنى في مالكوته ،وإذا رأأى سإيًئا أرأجعححه
إلى صفة مان صفات الله ،وإذا رأأى خلقا فيه كححذا أرأجعححه إلححى
صفة مان صفات الله ،وإذا رأأى طاعححة أرأجعهححا إلححى صححفة ،وإذا
رأأى ماعصحية ،وإذا رأأى ماصحيبة ،وإذا رأأى حرًبحا ،وإذا رأأى قتحال،
ما ،أي حالة مان الحالت يراها في السححماء أو فححي وإذا رأأى عل ً
- 1سإورأة يونس آية .61 :
35
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
36
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
37
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
38
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وهذا فيه تغيححر النححاس وكححثرة المحال ،وأن يكحون المحال فحي
مان ليس له بأهل . أيدي َ
قححال :ثأ م انطلححق ،فلبثححت مالّيححا انطلححق يعنححي :جبريححل،
ت" :ذلك عمر مالّيا :جاءت في بعض الروايححات أنهححا ثألثأححة "فلبث ُ
أيام ،ثأم قال النبي يا عمُر أتدرأي مان السححائل؟ قلححت :اللححه
ورأسإوله أعلم .قال :فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم .
أخبره -عليه الصلة والسلم -بححذلك ماححع علمححه -عليححه الصححلة
والسلم -به ،أخبره حتى يعظم وقع هذه السإئلة ،وجححواب هححذه
السإئلة .
ضححا -يطححول الكلم عليححه ،وطححال بنححا الححوقت
هححذا الحححديث -أي ً
ضا ،فعذًرأا لجل طول هححذا الحححديث والكلم علححى تفححارأيعه … أي ً
تفارأيع اليمان بالله ومالئكته وكتبه ورأسإله يطول أيضا ،وتفححارأيع
الكلم عن الحسان ،وإخلصا العمل ،وكيف يكححون ذلححك يطححول
الكلم عليه.
وإنما نقصد مان هذا الشرح إلى ذكر أصول عاماححة فححي فهححم
هذه الحاديث ينبني عليها ،أي :على تلك الصول فهم العلم في
فروعححه ،فهححم الحححديث والسححنة والفقححه والعقيححدة فيمححا نرجححو،
ونسححأل اللححه -جححل وعل -أن ييسححره لححي ولكححم ،وأسإححتغفر اللححه
العظيم ،وصلى الله وسإلم وبارأك على نبينا ماحمد .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رأب العالمين ،والصلة والسححلم علححى نبينححا ماحمححد
وعلى آله وصحبه أجمعين .أماا بعد:
فأسإأل الله -جل وعل -لي ولكم العلم النافع والعمل الصححالح
والقلب الخاشع والدعاء المسموع ،رأبنا ل تكلنححا لنفسححنا طرفححة
عين ،وخذ بأيدينا إلى ماا تحب وترضى.
ثأم إننا -إن شاء الله تعالى -سإننتهي مان هححذا الححدرأس تقريبححا ً
في كل ليلة حوالي السححاعة العاشححرة قححد تزيححد دقححائق أو نحححو
ذلك ،ونروم -إن شاء الله -أن ننهي هحذا الجمحع ماحن الححاديث،
39
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
40
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
41
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
)(1
وعل:-
إلخ وقال -جل وعل :-
)(2
الية ،وقال -جل وعل :-
(3) وقال -جل وعل-
عحن إبراهيحم -علي ه السحلم :-
(4) وقال -جل وعل :-
. (5)
فالمقصود :أن لفظ السلم هححذا هححو الححذي يقبلححه اللححه
-جل وعل -مان العباد المكلفين دينًا ،فححآدم عليححه السححلم ماسححلم
وكل النبياء وأتباع النبيححاء والرسإححل جميعححا ً علححى ديححن السإححلم
الذي هو السإلم العام ،وهذا السإلم العام هو الذي يفسر بأنه:
السإتسححلم للححه بالتوحيححد ،والنقيححاد لححه بالطاعححة ،والححبراءة ماححن
ن بححه جميححع الشرك وأهله ،فهذا هو مالة إبراهيححم وهححو الححذي دا َ
مان تبعهم .النبياء والمرسإلين و َ
أما السلم الخاص فيــراد بــه :السإححلم الححذي بعححث بححه
ماحمد بن عبد الله -عليه الصلة والسلم -وهو الححذي إذا أطلححق
السإلم لم يعن بحه إل هححذا علححى وجححه الخصححوصا؛ لن الخححاصا
ماقدم على العام في الدللة؛ ولن هذا السإححم خصححت بححه هححذه
الماححة ،وخححص بححه النححبي -عليححه الصححلة والسححلم -فجعححل ديححن
المصطفى السإلم.
ذا المقصود هنا بقوله :بني السإلم يعني :السإلم فإ ً
الذي جاء به نبينا ماحمد بن عبد الله -عليه الصلة والسلم. -
أماا السإلم الذي كان عليه النبياء والمرسإلون فهو مان حيث
التوحيد والعقيدة كالسإححلم الححذي بعححث بححه النححبي ماحمححد فححي
أصوله وأكثر فروع العتقاد والتوحيد.
42
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وأماا مان حيث الشريعة فإنه يختلف؛ فإن شريعة السإلم غّير
شريعة اليهود غّير شححريعة عيسححى -عليححه السححلم -غّيححر شححريعة
ماوسإى … إلى آخر الشرائع .
وقد جاء في الصحيح أن النبي قححال :النبي اء أخححوة لعلت
الححدين واحححد والشححرائع شححتى فقححوله هنححا -عليححه الصححلة
والسلم :-بني السإححلم يعنححي :الححذي جححاء بححه ماحمححد -عليححه
الصلة والسلم -فل يتصورأ مان هذا أنه يعم ماا كان عليه النبياء
مان قبل -فالنبياء ليس عنححدهم هححذه الشححريعة ماححن جهححة إقاماححة
الصلة على هذا النحو ،أو إيتاء الزكاة على هذا النحو أو صححيام
رأماضان ...إلخ ،فهذا بقيوده ماما اختصت به هذه الماة .
قال :على خمس :شهادةِ أن ل إلححه إل اللححه ويجححوز فححي
شهادةِ ونظائرها أن تكون ماجححرورأة ً علححى أنهححا بححدل بعححض ماححن
شححمول ،وشححهادة ة ،فخمس ُ س شهاد ِ كل ،يعني :تقول :على خم ٍ
بعض هذا الشمول ،فتكون بدل بعض مان كل.
س :شححهادة ُ أنويجوز أن تستأنفها ،فتقول :على خمــ ٍ
ل إله إل الله على القطع كما قال -جل وعل : -
دهما ،وهحذا ش ائع (1) رأجلي ن أحح ُ
كححثير ،وإذا ذكححرت نظائرهححا فيجححوز فيهححا الوجهححان :الجححّر علححى
البدلية ،والرفع على القطع والسإتئناف.
شححهادة أن ل إلححه إل اللححه وأن ماحمححدا ً رأسإححول اللححه
الشهادة ماأخوذة مان شهد يشهد شهوًدا وشححهادة إذا علححم ذلححك
بقلبه فأخبر به بلسانه وأعلم به غّيححره ،ول تكححون شححهادة حححتى
يجتمع فيها هذه الثلث :أن يعتقد ،ويعلححم بقلبححه ،وأن يتلفححظ …
يقححول بلسححانه ماعلمححا بهححا الغيححر ،طبعححا ً إذا لححم يكححن ثأمححة عححذرأ
شرعي عن العلم -إعلم الغير -كالكراه أو اختفاء أو ماا أشححبه
قّية .ذلك ماما تجوز فيه الت ّ ِ
ذا قوله :شهادة أن ل إله إل الله يعني :العلم بأن ل فإ ً
إله إل الله وأن ماحمدا ً رأسإول الله ،والنطق بذلك والعلم به.
43
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
45
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
46
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
47
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
48
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فإذا قيل في الكفر :كفر ،فهذا الصحل فيحه أنحه كفحر أص غر؛
لن الشححارأع جعلححه مانكححرا ً فححي الثأبححات ،وإذا كححان مانكححرا فححي
الثأبات فإنه ل يعم ،كما هو ماعلوم في قواعد الصححول ،أماححا إذا
أتى ماعّرفا ً فإن المقصود به الكفر الكبر.
فإًذا نقول :الصحيح أن ترك الصلة تهاونا ً وكسحل ً كفحر أكحبر،
لكن كفره بححاطن وليححس كفححره ظححاهرا ،وليححس ببححاطن وظححاهر
جميعا ً حتى يثبت عند القاضححي؛ لنححه قححد يكححون لححه شححبهة ماححن
خلف أو فهم أو نحو ذلك.
ولهذا ل يحكححم بححردة ماححن تححرك الصححلة بمجححرد تركححه ،وإنمححا
مان ترك الصلة فهو كافر الكفر الكححبر، يطلق على الجنس أن َ
وأماا المعّين فإن الحكم عليه بالكفر وتنزيل أحكححام الكفححر كلهححا
ض يحدرأأ عنحه الشححبهة ويسححتتيبه
عليه هذا ل بد فيه مان حكم قا ٍ
حتى يؤدي ذلك.
وهذا هو المعتمد عند جمهورأ أهل السححنة -كمححا ذكححرت لححك،-
وغّير الصلة المار على عكس ماا ذكرت .
مان ترك الزكاة تهاونا ً وكسححل ً أو جمهورأ أهل السنة على أن َ
مان ترك الصيام أو مان ترك الحج فححإنه ل يكفححر بتركهححا تهاونححا ً
وكسلً؛ لنه ماا دل الدليل على ذلك
وقالت طائفة مان أهل العلم ماححن الصحححابة وماححن بعححدهم :إن
مان ترك بعض هذه أنه كافر على خلف بينهم في ذلك.
فعمر ظاهر قوله :أن ترك الحححج ماحع القحدرأة عليحه ووجححود
السإححتطاعة الماليححة والبدنيححة أنححه كفححر ،حيححث قححال لعمححاله فححي
ماححن وجححد سإححعة ماححن المسححلمين ثأححم لححم
الماصارأ :أن يكتبوا لححه َ
يحجوا أن تضرب عليهم الجزية ،قال :ماححا هححم بمسححلمين … ماححا
هم بمسلمين.
49
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ترك الصيام أو ترك الحج تهاونا ً مانه أنححه ل يكفححر ،ومانهححم ماححن
قال بكفره يعني :على عكس ماسألة الصلة .
فنقول :إًذا ماسألة الصلة الجمهورأ -جمهورأ أهل السححنة -علححى
تكفير مان تركها تهاونا ً وكسل ً .
فر مان تركها تهاونححا ً وكسححل ً
وهناك مان أهل السنة مان لم يك ّ
،وبقية الثلثأة الرأكان العملية جمهورأ أهححل السححنة علححى أنححه ل
فره.
يكفر وهناك مان ك ّ
هذه الرأكان مانقسمة إلى ثألثأة أقسام ،وخصت بالذكر لعظم
ماقاماها في هذه الشريعة وعظم أثأرها على العبد.
فالشححهادتان نصححيب القلححب واليمححان ،فبهمححا يتحقححق اليمححان
الذي هو أصل العتقاد والعمححل ،والصححلة عبححادة بدنيححة ماحضححة،
والزكاة عبادة ماالية ماحضة ،والحج ماركححب ماححن العبححادة الماليححة
والعبادة البدنية ،وصوم رأماضان عبادة بدنية ماحضة.
لهذا قال طائفة من المحققين من أهل العلم :إنححه
جاء في هذه الرواية تقححديم الحححج علححى الصححوم فقححال :وإيت اء
الزكاة وحج البيت وصوم رأماضان وصححوم رأماضححان فححي بقيححة
الروايات قدم على الحج فقال :وإيت اء الزكححاة وصححوم رأماضححان
وحج البيت مان اسإتطاع إليه سإبيل ً .
وسبب تقديم الحــج علــى الصــيام :أن الماححر علححى ماححا
ل فححي مث ّحح ٌ
ما َ
ذكرت لك مان أن الصححوم ماححن حيححث جنححس دللتححه ُ
الصلة ،فالصلة حق البدن المحض يعني :عبادة وجبت وتعلقححت
بالبححدن ماحضححة ،والزكححاة عبححادة تعلقححت بالمححال ماحضححة ،والحححج
عبادة تركبت مان المال والبححدن فصححارأت قسححما ً ثأالثححا ً ماسححتقلً،
وأماا الصوم فهو مان حيث هذا العتبارأ ماكررأ للصلة ،وعلى هذا
الفهم بنى البخححارأي -رأحمححه اللححه تعححالى -صحححيحه فجعححل كتححاب
الحج ماقدماا على كتاب الصوم؛ لجل أن الحج عبادة ماركبة مان
المال والبدن؛ فهي جنس مان حيث هذا العتبارأ جديد ،والصححيام
جنس سإبق ماثله وهو إقام الصلة .
50
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث الرابع
إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ً نطفة
وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن ماسعود قححال حححدثأنا رأسإححول
الله وهو الصادق المصدوق :إن أحدكم ُيجمع خلقه في بطن
أماه أرأبعين يوماا ً نطفة ،ثأححم يكححون علقححة ماثححل ذلحك ،ثأححم يكححون
ماضغة ماثل ذلك ،ثأم يرسإل إليه الملك فينفخ فيه الروح ،ويؤمار
ب رأزقحه ،وأجلحه ،وعملحه ،وشححقي أو سإحعيد، بحأرأبع كلمحات :بكت ْحح ِ
فوالله الذي ل إله إل غّيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهححل الجنححة
حتى ماا يكون بينه وبينها إل ذرأاع فيسبق عليححه الكتححاب فيعمححل
بعمل أهل النارأ فيحدخلها ،وإن أححدكم ليعمحل بعمحل أهحل النحارأ
حتى ماا يكون بينه وبينها إل ذرأاع فيسبق عليححه الكتححاب فيعمححل
بعمل أهل الجنة فيدخلها رأواه البخارأي وماسلم
هذا الحححديث هححو الرابححع ماححن هححذه الحححاديث المبارأكححة ،وهححو
حديث ابن ماسعود فيه ذكر القدرأ وذكر جمع الخلق في رأحم
الم.
وهذا الحديث أصل في بححاب القححدرأ والعنايححة بححذلك ،والخححوف
مان السوابق والخوف مان الخححواتيم ،وكمححا قيححل :قلححوب البححرارأ
ماعلقة بالخواتيم ،يقولون :ماححاذا يختححم لنححا ،وقلححوب السححابقين أو
المقربين ماعلقة بالسوابق يقولون :مااذا سإبق لنا.
وهححذا وهححو اليمححان بالقححدرأ والخححوف ماححن الكتححاب السححابق
والخوف مان الخاتمة ،هذا مان آثأارأ اليمان بالقدرأ خيححره وشححره،
فإن هذا الحديث دل على أن هناك تقديًرا عمرًيا لكححل إنسححان،
ملك بأمار الله -جل وعل -كما جححاء وهذا التقدير العمري يكتبه ال َ
في هذا الحديث .
سوقٌ لبيححان التقححدير العمححري لكححل إنسححان؛ إًذا هذا الحديث َ
ما ُ
وليخاف المرء السوابق والخحواتيم؛ وليحؤمان بحأن ماححا أصحابه لحم
يكن ليخطئه وماا أخطأه لم يكن ليصححيبه ،والسححوابق فححي عمححل
العبد والخواتيم ماتصلة كما قيل :الخواتيم مايراث السوابق.
51
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
52
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
أذكر أم أنثى؟ فيأمار الله ماا شاء ويكتب المَلحك ،ثأحم يقحول :أي
رأبي ،شقي أم سإعيد؟ فيقول اللححه أو يححأمار اللححه بمححا شححاء ثأححم
مَلك ،ثأم يقول :أي رأبي ،رأزقه؟ فيقول الله ماا شاء ثأم يكتب ال َ
يكتب الملك .
فهذا يدل علححى أن التصححوير سإححابق لتمححام هححذه المححدة ،وأن
التصوير يكون بعد ثأنتين وأرأبعين ليلة ،وقححد قححال -جححل وعل : -
(1) وهذا التصوير ماعناه التخطيط،
فإن هناك ثألثأة ألفاظ ،ألفاظ التكححوين :تكححوين المخلححوق وهححي
رء :
التصوير ،والخلق ،والب َ ْ
. (2)
فالمصححورأ ماعنححاه :الححذي يجعححل الشححيء علححى هيئححة صححورأة
ماخططة ،الخالق أو خلق الشيء … خلق الجنين :أن يجعل لهححا
ماقاديرها ماححن الطححراف والعضححاء ونحححو ذلححك ،والححبرء :أن تتححم
وتكون تاماة ،يعني :أن يبرأ ماا سإححبق وهححذا فححي الجنيححن واضححح،
فإن الجنين يصورأ -أولً -قبل أن تخلق له العضاء.
فلو ُرأئي الجنين … بعض الجنة إذا سإقط في تسححعين يوماححا ً
أو في أكثر مان ثأمانين يوماا ً وُنظر إليه إذا أسإححقطته الم ونظححر
ماإليه ُوجد أنه كلوحة عليها خطوط ،يعني :العين مارسإوماة رأسإحح ً
. (3)
وتجححد أنححه كححالتخطيط فححي شححيء شححفاف ،وهححذا لححم تتكححون
العضاء ،وإنما هذا التصوير ،وهذا كما جححاء فححي حححديث حذيفححة
يفعله الملك بأمار الله -جل جلله.
والملئكة ماوكلون بما يريحد الل ه -جحل وعل -مانهحم كمحا قحال
-سإبحانه :-
)(4
فالملئكة ماوكلححون بمححا شححاء اللححه -جححل وعل -أن يفعلححوه
. (5)
- 1سإورأة النفطارأ آية .8 :
54
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
55
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
56
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
بححأول هنححا ،يعنححي :نفححخ الححروح سإححبق وجححود النسححل ،بححدأ خلححق
جعححل النسححل ماححن ماححاء
النسان مان طين ثأم نفخت الححروح ثأححم ُ
ماهين.
خر نفخ الروح ماع أنه بينهما؛ لجل أن يتناسإححب الطيححن فهنا أ ّ
ماع الماء ،قال :
. (3)
وبهححذا تتفححق الحححاديث ول يحسححن فححي ماثححل هححذه المجححالس
المختصرة أن نعرض اختلف الرواية في هذا وكثرة العتراضات
أو الشكالت فيها لكن هذا هو أولى القوال في هذه المسححألة
وأقربها مان حيث اللغة ومان حيث جمع الحاديث.
إذا تقررأ هذا فنفخ الروح هل هو ماتعلق بالكتابححة أو هححو بعححد
المائة والعشرين يوماا ً ؟ اختلف العلماء -أيضا ً -في ذلك فقححالت
طائفة مان أهل العلم :ل يكون نفخ الروح إل بعد الرأبعة أشهر؛
لنه قال هنا" :ثأم يرسإل إليه الملححك فينفححخ فيححه الححروح" و"ثأححم"
تقتضي التراخي الزماني؛ ولهذا قال طائفة مان الصحابة واختارأه
الماام أحمد وجماعة :أنه ينفخ فيه الروح في العشرة أيام التي
تلي الرأبعة أشهر.
وقال آخرون مان أهل العلم :إنه ينفخ فيححه الححروح بعححد تمححام
أرأبعة أشهر وعشرة الروايات رأويت عن الصحابة في ذلك .
- 1سإورأة السجدة آية .9 -7 :
57
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وقال آخرون :أن نفححخ الححروح هنححا ع ُل ّححق أو جعححل ماقترنححا بححه
الكتابة ،فقال -عليه الصحلة والسحلم :-ثأ م يرسإحل إليحه الملحك
فينفخ فيححه الححروح ويححؤمار بححأرأبع كلمححات فجعححل الماححر بححأرأبع
خححر أن الكتابححةكلمات تابعا ماع نفخ الروح ،ونعلححم بالحححاديث ال ُ َ
-كتابححة هححذه الكلمححات -كححانت قبححل ذلححك ،وأحححاديث النححبي ل
تتعححارأض بححل تتفححق؛ لن الحححق ل يعححارأض الحححق وكلهححا يصححدق
بعضها بعضًا؛ فلهذا قالوا :هذا بناء على الغّلب.
وقد تنفخ الروح وتوجد الحركة قبل ذلك؛ لنه هنا قححرن نفححخ
الروح بالكتابة ،والكتابة دلت أحاديث على سإبقها ،فمعنى ذلححك:
أنه يمكن أن يكون نفخ الروح في أثأناء المائة وعشرين يوماححا ً .
هل تكون الكتابة بعد نفخ الروح ؟ .
هذا الحديث ليس فيححه دللححة وإنمححا فيححه ترتححب الكتابححة علححى
الححروح بححالواو فقححال :ثأ م يرسإححل إليححه الملححك … ويححؤمار بححأرأبع
كلمات والواو ل تقتضي ترتيبًا ،وإنما تقتضي اشتراكًا ،فمعنى
ذلك أنه قد تتقدم الكتابة ،وقد يتقدم نفخ الروح والظهر تقححدم
الكتابة على نفخ الروح كما دلت عليه أحاديث كثيرة.
فإًذا نخلص مان هذا … فيه خلف طويححل لهححل العلححم ،لكححن
ذكرت لكم لبه ،وخلصته أن الغالب أن يكون نفححخ الححروح كمححا
جاء فحي هحذا الححديث بعحد ماائحة وعشحرين يوماحًا ،وقحد يتححرك
الجنين وينفخ قبححل ذلححك ،وهححذا ماشححاهد؛ فححإنه كححثير ماححا تحصححل
الحركة والحساس بالجنين مان قَِبل الم وتنقله في رأحمها قبل
تمام الرأبعة أشهر.
والنحححححححبي
دق بعضها بعضا . (1) وكلماته وأحاديثه يص ّ
قال هنا :ويؤمار بأرأبع كلمات قال :فينف خ فيححه الححروح
قبل ذلك فينفخ فيه الروح :الححروح ماخلححوق ماححن ماخلوقححات اللححه
-جححل وعل -ل نعلححم كيفيححة هححذا النفححخ ،ول كيححف تتلبححس الححروح
بالبدن ،والروح أضيفت إلى الله -جل وعل -تشريفا ً لها وتعظيما ً
.
- 1سإورأة النجم آية .4-3 :
58
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
59
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
. )(2
قال -عليه الصلة والسلم : -قَد َّرأ الله ماقادير الخلئححق قبححل
أن يخلق السماوات والرأض بخمسين ألف سإححنة ،وكححان عرشححه
على الماء .
درأ ماقادير الخلئق يعنححي :كتبهححا ،أماححا العلححم فححإنه أول
ق ّ
ليححس ماقصححورأا بقبححل خلححق السححماوات والرأض بخمسححين ألححف
سإنة.
صل مان هذا أن هذا التقدير اسإمه التقدير العمححري ،وهححو فتح ّ
بعض القححدرأ السححابق ،يعنححي :أنححك إذا تصححورأت التقححدير العمححري
للنححاس جميعححا ،فححإن هححذا يوافححق التقححدير الححذي فححي اللححوح
المحفوظ ،كل أحد بحسبه.
فالتقدير الذي في اللوح المحفححوظ عححام وخححاصا أيضححا ،وأماححا
هذا التقدير فهو تقدير عمري يخص كل إنسان.
وهذا القدرأ ليس ماعناه أنه إجبارأ؛ يعنححي :يححؤمار الملححك بكتححب
أرأبع كلمات ،يؤمار بكتب رأزقه ،وأجله ،وعمله ،وشقي أو سإعيد.
هذه الرأبع كلمحات ليسحت إجبححارأا ،يعنححي :ل يكححون العبححد بهححا
ن يكتححب ماححا كتبححه اللححه -جححل
ماجبرا؛ وإنما هي إخبححارأ للملححك بححأ ْ
وعل -ليظهر ماوافقة علححم اللححه -جححل وعل -فححي العبححاد ،ليظهححر
علححم اللححه فيهححم -جححل وعل ،-وهححذا التقححدير ل يمكححن لحححد أن
يخالفه.
ب عليه أنه شقي فإنه سإححيكون شححقيا؛ لن علححم اللححه مان ك ُت ِ َ
-جل وعل -نافححذ ،بمعنححى أن اللححه -جححل وعل -يعلححم ماححا سإححيكون
60
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
عليه العباد ،وسإيكون عليه ماا خلق إلى قيام الساعة ،وماححا بعححد
ذلك أيضا.
فهذا التقدير العمري كتابة ،فتكححون بيححد الملححك ،وهححو يختلححف
عن التقدير الذي في اللححوح المحفححوظ بشححيء ،وهححو أنححه يقبححل
التغيير ،وأماا الذي فححي اللححوح المحفححوظ فححإنه ل يقبححل التغييححر،
حو
م ْ
بمعنى :أن ماا كتبه الله -جل وعل -في أم الكتب ل يقبل ال َ
ول التغييححر ،وغّيححره ماححن أنححواع التقححديرات -يعنححي :السححنوية أو
العمرية -فإنها تقبل التغيير.
قال -جل وعل: -
. (1)
(2) يعني: قال ابن عباس:
عنده اللوح )(3
فيما في صحف الملئكة .
المحفوظ ،ل يتغير ول يتبدل.
ولهذا كان عمر يقول فححي دعححائه" :اللهححم إن كنححت كتبتنححي
شقيا فاكتبني سإعيدا".
وهذا يعني به الكتابة في صحف الملئكة ،ل الذي في اللححوح
المحفوظ؛ فإن الذي فححي اللححوح المحفححوظ ل يتغيححر ول يتبححدل،
وهذا له حكمة بالغة ،وهححو أن ينشححط العبححد فيمححا فيححه صححلحه،
وأن يعظم الرغّححب إلححى اللححه -جححل وعل ، -وأن اللححه -سإححبحانه-
يعلم ماا العباد عامالون ،وماما يعلم دعاؤهم ورأجاؤهم بالله -جححل
وعل -ووسإائلهم إليه -سإبحانه -في تحقيححق ماححا بححه صححلحهم فححي
الخرة.
بكتب رأزقه ،وأجله ،وعمله ،وشقي أو سإعيد كما ذكرت
خّير،
ما َ
لك هذه ليس فيها إجبارأ ،والعبد عندنا -أهل السنة -العبد ُ
وفي اختيارأه ل يخرج عن قدرأ الله -جححل وعل -السححابق ،وليححس
بمجبر على ماا يفعل ،وليس -أيضا -خالقا لفعل نفسه؛ بححل اللححه
-جل وعل -هو الذي يخلق فعل العبد .
- 1سإورأة الرعد آية .39 :
61
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
جححة
ماد َْرأ َ
هنا قال :فوالله الذي ل إله غّيره هححذه الكلمححة ُ
مان كلمات ابن ماسعود كتعليق على ماا سإبق مان كلم النححبي
قال :فوالله الذي ل إله غّيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهححل
الجنة حتى ماا يكون بينححه وبينهححا إل ذرأاع فيسححبق عليححه الكتححاب
فيعمل بعمل أهل النارأ فيدخلها ؛
لن الكتاب فيما ذكر الخاتمة ،شقي أو سإححعيد ،وهححذا باعتبححارأ
الخاتمة ،سإارأ طول عمره في طاعة ،ثأم بعد ذك اختارأ الشقاء،
فوافق ماا كتبه الملك أنه شقي ،وليس ماعنححى ذلححك أنححه ماجححبر،
ولكن وافق ذلك.
وكما قلت لك :قال جماعة ماححن السححلف " :الخححواتيم مايححراث
السوابق" .فلهذا يبعححث هححذا الحححديث -وكلم ابححن ماسححعود هححذا-
يبعث على الخوف الشديد مان الخاتمة؛ لن العبد ل يححدرأي بمححا
خَتم له ،والسوابق هي التي تكون وسإائل للخواتيم ،والعبد بين يُ ْ
خوف عظيم في أمار خاتمته ،وماا بين رأجحاء عظيحم ،وإذا جاهحد
جححى لححه أن في الله حق الجهاد ،واسإتقام على الطاعة ،فإنه ي ُْر َ
خَتم له بخاتمة السعادة .يُ ْ
قال :إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ماا يكون بينه
وبينها إل ذرأاع .
يعني :عن القرب ،أن الجل قريب ،لكن يسبق عليه الكتححاب،
فيكون أماره في آخر أماره على الردة -والعياذ بالله.-
وعمله بعمل أهل الجنة ،هذا فيما يظهححر للنححاس ،وفححي قلبححه
الله أعلم به ،ماا ندرأي مااذا كان في قلوب الحذين زاغّحوا فحأزاغ
حك َحح ٌ
م الله قلوبهم ،لكن نعلم -على اليقيححن -أن اللححه -جححل وعلَ -
دل ،ل يظلم الناس شيئا ،ولكن الناس أنفسهم يظلمون. عَ ْ
قال :وإن أحدكم ليعمل بعمل أهححل النححارأ ،حححتى ماححا يكححون
بينه وبينهححا إل ذرأاع ،فيسححبق عليححه الكتححاب فيعمححل بعمححل أهححل
الجنة فيدخلها رأواه البخارأي وماسلم .
وهذا مان فضل الله العظيم علحى بع ض عبحاده أن يختحم ل ه
بخاتمححة السححعادة ،هححذا الحححديث -كمححا ذكححرت لححك ،وكلم ابححن
62
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
نمشي -إن شاء الله -لن ماا بعدها يكون قد سإبق فيما قبل أو
يكون الكلم عليه قليل .
بارأك الله فيكم ،ونفعني -وإياكم ،-وثأبتنا -وإياكم -على الحق
والعلم والهدى ،وصلى الله وسإلم على نبينا ماحمد .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمححد للححه حححق الحمححد وأوفححاه ،وأشححهد أن ل إلححه إل اللححه،
وأشهد أن ماحمدا عبححده ورأسإححوله وماصححطفاه ،صححلى اللححه عليححه
وعلى آله وصحبه وسإلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أماا بعد ،فإن الهتمام بشرح الحاديث يثري طلب العلم في
ماادته ،وفي فهمه للشريعة عاماححة ،والحححاديث مانهححا ماححا يشححتمل
على أصول وقواعد ،فهمها يريح طالب العلم في فهححم ماسححائل
كححثيرة إذا اشححتبهت عليححه رأدهححا إلححى هححذه الصححول الواضحححات،
فاتضح له علم ماا رأبما أشكل أو خفي في بعض المواضع.
فعلم الحديث وفهححم كلم العلمححاء علححى الحححاديث ينبغححي أن
يكون ماتسلسل بحسب أهمية تلك الحاديث ،فكمححا ذكححرت لكححم
سإالفا أن هححذه الرأبعيححن النوويححة ماهمححة؛ لن فححي شححرحها بيححان
كثير مان الصول الشرعية ،التي إذا اسإتوعبها طححالب العلححم َرأد ّ
إليها ماا أشكل عليه.
تجد -ماثل -أن العالم أو طالب العلححم إذا ورأدت عليححه ماسححألة
ماشححكلة ،رأبمححا لححم يطلححع فيهححا علححى كلم لهححل العلححم ،وهححي
ماشكلة ،فيرد ذلك المشكل إلى ماا يعلمه مان الصول الشرعية
التي دلت عليها أدلة الكتاب أو أدلة السنة ،فيتضح له الشكال؛
لن ماما يميز أهل العلم أنهم يردون المتشابه إلى المحكم.
فحإذا ضححبط طحالب العلحم المحكمححات ماحن الدلحة الواضححات
البينححات ،وتب َّيححن لححه كلم أهححل العلححم الراسإححخين عليهححا ،فححإنه
يستطيع -بفضل الله ونعمتححه ورأحمتححه -أن يححرد ماححا يشححكل فيمححا
يقرأ ،أو فيما يسمع ،أو رأبما فيما ُيورأد عليه مان سإؤال ،أو في
كل إلى ماا اتضح له ماجلس مان حديث ،أو نحو ذلك ،يرد ماا أ َ ْ
ش َ
أو يتوقف فيه .
64
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
صححل وطححالب العلححم مؤ َ ّ وهذا هو الفرق ماا بين طالب العلم ال ُ
الححذي يقححرأ فقححط؛ فطححالب العلححم المؤصححل يكححون عنححده بنححاء
المحكمات شيئا فشيئا في العقيححدة والحححديث والفقححه ،فل تجححد
أنه يضطرب عند إيراد المشكلت ،أو أنححه يغيححر رأأيححه تححارأة هنححا
وتارأة هناك ،كما قال الماام ماالك -رأحمه الله" :-مان جعل دينححه
عرضة للخصوماات أكثر التنقل" .لنه ل يكون عند كل أحححد ماححن
العلم بالشريعة وفهم أصولها وفروعها والمحكمات ماا يمكنه أن
م ماحن أدل ة هحذه ُ
كح َ
ح ِيحرد الشحبه ،أو يحرد الشحكالت إلحى ماحا أ ْ
الشريعة العظيمة.
م شححروح فهَحح َ
لهذا ل بد مان أن يؤخذ العلم شيئا فشيئا ،وأن ت ُ ْ
أهل العلم علححى الحححاديث علححى ماححر اليححام والليححالي ،فيتحصححل
طالب العلم على حصيلة علمية ماتينة يكون ماعها -إن شاء الله
تعالى -وضوح الشريعة ،وفهم الدلة ،وهكذا كان يسححير العلمححاء،
فيحرصون على فهم الولويات ،فهم الشياء ،أو الحححاديث الححتي
هي ماختصرة أو جواماع أو كليات ،ثأححم ينتقلححون إلححى المطححولت
بحسب الحاجة .
65
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث الخامس
من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
قال -عليه الصلة والسلم :-مان أحححدث فححي أمارنححا هححذا ماححا
ليس مانه فهو رأد .
قال :مان أحدث ولفححظ "ماححن" هححذا للشححتراك ،وجححوابه
فهو رأد والحدث في قوله :أحدث هححو كححل ماححا لححم يكححن
على وصف الشريعة ،على وصف ماا جاء به المصححطفى لهححذا
قال فيه :مان أحدث في أمارنا .
والمار هنا هو الدين ،كقوله -جل وعل : -
. )(1
فمن أحدث في الدين ماا ليس مانه فهو ماردود عليححه ،وقححوله
دث شيئا باعتبارأ الناس ،ولكنححه ح ِ
هنا :ماا ليس مانه لنه قد ي ُ ْ
ن سإححنة ماححن الححدين،
سإحح ّ
سإنة ماهجورأة ،هجرها النححاس ،فهححو قححد َ
وذ َك ّححر بهححا النححاس ،كمححا جححاء فححي الحححديث أنححه -عليححه الصححلة
ن في السإلم سإنة حسححنة فلححه أجرهححا سإ ّ
والسلم -قال :ومان َ
وأجر مان عمل بها إلى يوم القياماة .
فححإذن قححوله أول :ما ن أحححدث هححذا فيححه المحححدثأات فححي
الدين ،ودل عليها قوله :في أمارنا هذا يعني :في ديننا هححذا،
وماا عليه أمار النبي وهو شريعته.
قال :ما ا ليححس مانححه وهححذه هححي الروايححة المشححتهرة فححي
الصحيحين وفي غّيرهمححا ،ورأوي فححي بعححض كتححب الحححديث :ما ا
ليس فيه فهو رأد يعني :ماا ليس في أمارنا ،فهذا يححدل يعنححي
فححى هذه الرواية تدل على اشتراط العمل بذلك الشيء ،ول ي ُك ْت َ َ
فيه بالكليات في الدللة .
قال :فهو رأد يعني :فهو ماححردود عليححه كمححا قححال علمححاء
اللغة :رأد هنا بمعنى ماردود ،كسد بمعنححى ماسححدود ،ففعححل تححأتي
بمعنى مافعول ،يعني :مان أتى بشيء ماحدث في الدين لم يكححن
عليه النبي فهححو ماححردود عليححه كائنححا ماححن كححان ،وهححذا فسححرته
الرواية الخرى :مان عمل عمل ليس عليه أمارنا فهو رأد .
- 1سإورأة النورأ آية .63 :
67
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
68
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
البيوت ،أو اسإتخدام أنواع مان البسط فيها ،واتخاذ القصورأ فححي
المزارأع ،وماا أشبه ذلك ماما كان في زمان الصحابة وماححا بعححده،
أو اتخاذ الدواوين ،أو ماححا أشححبه ذلححك ،فهححذه أحححدثأت فححي حيححاة
الناس فهي ماحدثأححة ،ولكنهححا ليسححت بمذماوماححة؛ لنهححا لححم تتعلححق
بالدين.
كححذلك البححدع ،مانهححا بححدع فححي اللغححة يصححح أن تسححمى بدعححة،
باعتبارأ أنها ليس لها ماثال سإححابق عليهححا فححي حححال ماححن وصححفها
بالبدعة ،وبححدع فحي الححدين ،وهححذه البححدع الحتي فححي الحدين كحان
ُ
حد ِثأ َ ْ
ت. الحال على خلفها ،ثأم أ ْ
ماثاله :قول عمر لما جمع الناس علححى إماححام واحححد ،وكححانوا
يصلون أشتاتا في رأماضان ،جمعهم في التراويح على إماام واحد
قال :نعمت البدعة هذه .
فسماها بدعة باعتبارأ اللغة؛ لنها في عهده بدعححة ،يعنححي :لححم
يكن لها ماثال سإححابق فححي عهححد عمححر ،فتعلقححت باللغححة أول ،ثأححم
بالمتكلم ثأانيا .
إذا تبين هذا فالمقصود بهحذا الححديث المححدثأات والبحدع فحي
ل الحححديث علححى رأدهححا ،ودل علححى الدين ،والبدعة فححي الححدين د َ ّ
ذلك آيات كثيرة وأحاديث كثيرة ،كمححا قححال -جححل وعل : -
.
)(1
ت بححه
فسماهم شركاء؛ لنهم شرعوا مان الححدين شححيئا لححم يححأ ِ
ماحمد -عليه الصلة والسلم ،-لم يأذن الله به شرعا.
وقد قال -جل وعل: -
. )(2
وقححال -جححل وعل: -
. (3)
69
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
70
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الول :أن البدعة مالتزم بها؛ لنه قححال طريححق فححي الححدين،
والطريقة هي الملتزم بها ،يعني :أصبحت طريقححة يطرقهححا الول
زم به مان والثاني والثالث ،أو تتكررأ ،فهذه الطريقة يعني ماا الت ُ ِ
هذا المار .
خت ََرعة ،يعني :أنها لم تكححن علححى عهححد النححبي
ما ْ
والثاني :أنها ُ
-صلى الله عليه وسإلم.
هى الطريقححة الشححرعية ماححن ضححا َ
والثالث :أن هذه الطريقححة ت ُ َ
حيث إن الطريقة الشححرعية لهحا وصححف ولهححا أثأححر ،أماححا الوصححف
فمن جهة الزماان والمكان والعدد ،وأماا الثأحر فهحو طلحب الجحر
مان الله -جل وعل.
فتحصل لنا أن خلصححة ماححا يتصححل بتعريححف الشححاطبي للبدعححة
يتعلق بثلثأة أشياء:
أن البدعة ي ُل ْت ََزم بها ،الثححاني :أنهححا ماخترعححة ،لححم يكححن عليهححا
عمل سإابق ،وهذه توافق الرواية الثانية :مان عمل عمل ليس
هى بهححا الطريقححة ضححا َ
عليححه أمارنححا فهححو رأد والثححالث :أنححه ت ُ َ
الشرعية ،ماححن حيححث الزماححان والمكححان والوصححف والثأححر ،يعنححي:
العدد الذي هو الوصف ماع الزماان والمكحان ،والثأحر وهحو طلحب
الجر مان الله -جل وعل -بذلك العمل .
وعّرَفه غّيره بتعريف أوضح ،وهو تعريف السمني ،حيث قال:
قى عن رأسإول اللححه مت َل َ ّ ُ
ث على خلف الحق ال ُ حد ِ َ
إن البدعة ماا أ ْ
ل ذلك دينححا قويمححا وصححراطا جع ِ َ
مان قول أو عمل أو اعتقاد ،و ُ
ماستقيما.
وهححذا التعريححف -أيضححا -صحححيح ،ويتضححح لنححا مانححه أن البدعححة
أحدثأت على خلف الحق ،فهي باطل ،وأنها تكون فححي القححوال،
م بها؛ لنححه قححال فححي مال ْت ََز ٌ
وفي العمال ،وفي العتقادات ،وأنها ُ
آخره :جعل ذلك دينا قويما وصراطا ماستقيما.
إذا تقررأ ذلك فمن المهمححات فححي ماعرفححة البدعححة أن البدعححة
تكون في القول والعمححال والعتقححادات ،إذا كححان القححول علححى
ل للقول طريقة مان حيث الزماان جع ِ َ
غّير وصف الشريعة ،يعنيُ :
71
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
والمكان ،أو مان حيث العدد ،ت ُعُب ّد َ بقول ليس وصححف الشححريعة،
بل له وصف مان حيث الزماان أو المكححان أو العححدد ،وط ُل ِحح َ جع ِ َ
و ُ
به الجر مان الله -جل وعل.
ث أعمححال يتقححرب بهححا إلححى اللححه -جححل وعل- حد ِ ُ
أو العمال ،ي ُ ْ
هى بهححا الصححفة الشححرعية علححى نحححو ماححا ضححا َ
ويجعل لهححا صححفة ت ُ َ
قى عن رأسإول مت َل َ ّ
ذكرنا ،أو يعتقد اعتقادات على خلف الحق ال ُ
الله -صلى الله عليه وسإلم.
فهذه كلهححا ماححن أحححدثأها -بمعنححى :ماححن أنشححأها -فهححي ماححردودة
عليه ،ومان تبعه على ذلك فهو -أيضا -عملححه ماححردود عليححه ،ولححو
كان تابعا؛ لن التابع -أيضا -ماحححدث بالنسححبة لهححل زماححانه ،وذاك
ماحدث بالنسبة لهل زماانه ،فكل مان عمل ببدعححة فهححو ماحححدث
لها.
مال ْت َححَز ٌ
م بهححا ،فححي لهححذا يتقححررأ ماححن هححذا التأصححيل أن البدعححة ُ
القوال أو العمال أو العتقادات ،فل يقال إنه ماححن أخطححأ ماحرة
في اعتقاد ولم يلتزم به أنه مابتدع ،ول يدخل فيمححن فعححل فعل
على خلف السنة إنه مابتدع ،إذا فعله ماححرة ،أو مارتيححن أو نحححو
ذلك ،ولم يلتزماه.
فوصف اللتزام ضابط ماهم كما ذكر شيخ السإلم ابن تيميححة
في بعض كلماه أن ضابط اللتزام ماهم في الفرق بيححن البدعححة
وماخالفة السنة ،فنقول :خالف السنة فححي عملححه ،ول نقححول إنححه
مابتدع ،إل إذا إلتزم ماخالفة السنة ،وجعل ذلك دينا يلتزماه.
فإذن مان أخطأ في عمل مان العمال في العبادات ،وخححالف
السنة فيه ،فإنه -إن كان يتقرب به إلححى اللححه -فنقححول لححه :هححذا
الفعل مانك ماخالف للسنة.
فإن التزماه بعد البيان ،أو كان مالتزماححا لححه ،دائمححا يفعححل هححذا
الشيء ،فهذا يدخل في حيز البدع ،وهذا ضابط ماهم في الفرق
بين البدعة وماخالفة السنة .
مامحححا يتصحححل -أيضحححا -بهحححذا الححححديث ،والكلم علحححى البحححدع
والمحدثأات يطول ،لكن ننبه علححى أصحول فيهحا ،مامحا يتصحل بحه
72
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
73
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
مححعَ
ج ِ
مححعُ القححرآن ُ
ج ْ
فإذن إذا نظرنا -ماثل -إلى جمححع القححرآنَ ،
بعححد النححبي -عليححه الصححلة والسححلم ،-فححي عهححده -عليححه الصححلة
مع ،فهل نقول جمع القرآن بدعة؟ ج َ
والسلم -لم ي ُ ْ
العلماء أجمعوا -مان الصحابة وماححن بعححدهم -أن جمححع القححرآن
مان الواجبات العظيمة التي يجب أن تقوم بهححا الماححة ،هنححا فححي
عهد النبي ماا قام المقتضححي للفعححل؛ لن الححوحي يتنححزل ،فلححو
خ القرآن كامال لكان هنححاك إدخححال لليححات فححي الهححواماش أوس َ
نُ ِ
بين السطورأ ،وهذا عرضة لشياء غّير ماحمودة.
فكان مان حكمة الله -جل وعل -أنه ماا أمار نبيه بجمع القرآن
في كتاب واحد في حياته -عليححه الصححلة والسححلم -؛ وإنمححا لمححا
انتهى الوحي بوفاة المصطفى -عليه الصلة والسلم -جمعه أبححو
معَ بعد ذلك .
ج ِ
بكر ،ثأم ُ
وفي أشياء شتى ماححن إنشححاء دواويححن الجنححد ،وماححن اسإححتخدام
اللت ،وماححن تحححديث العلححوم ،وماححن الهتمححام بعلححوم ماختلفححة،
وأشباه ذلك مان فتححح الطرقححات ،وتكححوين البلححديات والححوزارأات،
وأشباه هذا في عهد عمر وفي عهد أماراء المؤمانين فيما بعد
ذلك .
حد َثأ َححة ،ولكححن
ما ْ
إذن فالحاصل مان هذا أن المصلحة المرسإححلة ُ
ل ينطبق عليها هذا الحديث :مان أحدث في أمارنا هذا ماا ليس
مانه فهو رأد لن هذه ليست في المار؛ وإنما هي في وسإيلة
تحديث المار ،فخرجت عن شمول هذا الحديث مان هذه الجهة.
ومان جهة ثأانية أنها إحداث ليس فححي الححدين؛ وإنمححا هححو فححي
الدنيا لمصلحة شرعية تعلقت بهذا العمل.
جعِل َحح ْ
ت ماطلوبححة ماححن بححاب ماها العلمححاء ماصححالح مارسإححلة ،و ُ
سإ ّ
تحقيق الوسإائل؛ لن الوسإائل لها أحكححام الغايححات ،فهححي واجبححة
ول بد مان عملها؛ لن لها حكم الغايات.
العبادات قسم مان الشريعة ،والمعامالت قسم مان الشححريعة،
فالعبادات إحداث أمار في عبادة على خلف سإححنة المصححطفى
ماحدث وبدعة في الدين.
74
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
75
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث السادس
إن الحلل بين وإن الحرام بين
وعن أبي عبد الله النعمان بن البشير قال :سإمعت رأسإول الله
يقححول :إن الحلل ب َّيححن وإن الحححرام ب َّيححن ،وبينهمححا أماححورأ
ماشتبهات ،ل يعلمهن كثير مان الناس ،فمن اتقى الشبهات فقححد
اسإتبرأ لدينه وعرضه ،ومان وقع في الشبهات وقع في الحححرام،
كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتححع فيححه ،أل وإن لكححل
مالححك حمححى ،أل وإن حمححى اللححه ماحححارأماه ،أل وإن فححي الجسححد
ماضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ،وإذا فسححدت فسححد الجسححد
كله ،أل وهي القلب رأواه البخارأي وماسلم.
ده العلمححاء ثألححث
هذا الحديث -حديث النعمان بححن بشححير ع َحح ّ
الدين أو رأبع الدين ؛ فححإن الماححام أحمححد قححال :أحححاديث السإححلم
تدورأ على ثألثأة أحاديث :حححديث عمححر :إنم ا العمححال بالنيححات
وحديث عائشة السابق :مان أحدث في أمارنا هذا ماا ليس مانه
فهو رأد وحديث النعمان بن بشير.
وذلك أن حديث النعمان د َ ّ
ل علححى أن الشححياء مانقسححمة إلححى
حلل ب َّين ،وإلى حرام ب َّين ،وإلى ماشتبه.
فالحلل الب َّين والحححرام الب َي ّححن واضححح الحكححم ،والمشححتبه جححاء
حكمه في هذا الحديث ،والحلل يحتاج إلححى نيححة ،وإلححى ماتابعححة،
وعححدم إحححداث فيححه ماححن أماححورأ العبححادات والمعححامالت ،وكححذلك
الحرام يحتاج إلى نية في تركه حتى يؤجر عليه ،إلى آخر ذلححك
.
فصارأ هذا الحديث ثألث السإلم.
وأبو داود صاحب السححنن جعححل الحححاديث أرأبعححة ،وزاد عليهححا
حديث :الدين النصيحة الحديث الححذي سإححيأتي بعححد هححذا -إن
شاء الله تعالى.
هذا يدل على أن هذا الحديث ماوضعه عظيححم فححي الشححريعة؛
فهو ثألث الدين لمن فهمححه ،ففيححه أن الحكححام ثألثأححة :حلل ب َي ّححن
76
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
77
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
78
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
أن يستبرئ لدينه ويحذهب إلحى القحول الخحر ،فحي أكحل الض ب
السنة فيححه واضحححة ،فينبغححي أن يححترك رأأيححه إلححى السححنة للماححر
الواضح ،يعني :قالوا إنها مان المشححتبهات باعتبححارأ الخلف ،وهححذا
ليححس هححو المقصححود بالحححديث؛ وإنمححا هححم نظححروا فححي اختلف
العلماء في ذلك.
والحذي ينبغححي حمححل الححاديث عليحه ماححا ذكححرت لحك ماححن أن
المشبهات ،أو المشتبهات ،أو المتشابهات هي ماا اشححتبه علمححه،
ماا اشتبه حكمه على مان يحتاج إليه ،فإذا اشتبه عليه حكم هذا
البيع فاسإتبراؤه له حماية لعلمه ،حماية لدينه ،إذا اشححتبه عليححه
حكم هذه المرأة ،هل هي ماباحة له أم غّير ماباحة؟ فالسإححتبراء
أن يتوقف حتى يأتيه إماا أن تكون حلل بينا أو حراماا بينا .
إذا تقرر ذلك فإنه ،إن المشتبهات هذه لها حالن:
الحال الولى :ماا يتوقف فيه العلماء ،فيتوقححف العححالم فححي
حكم المسألة ،يقول :أنا ماتوقف فيها .والعلماء توقفوا في شيء
ماثل بعض المسائل الحادثأة الن ،تأتي ماسألة -ماثل -مان ماسححائل
البيوعات أو ماسائل المال الجديدة التي يحدثأها الناس ،والعلماء
حتى ينظروا فيها ل بد أن يتوقفوا.
فححي بعححض المسححائل الطبيححة -ماثل -توقححف العلمححاء ،والعلمححاء
توقفهم ليس عن عجز ،ولكن حماية لدينهم هم؛ لنهم سإححيفتون
الماححة ،وإذا أفتححوا الماححة فححالحلل الححذي صححارأ فححي الماححة حلل
مانسوب إليهم ،وهم وقعوا عن رأب العححالمين -جححل وعل -يعنححي:
أفتوا عن الله -سإبحانه ، -فينبغي أن يتوقفححوا حححتى تتححبين لهححم،
فإذا توقف العلماء في ماسألة فإذن هي ماححن المشححتبهات حححتى
يتبين حكمها للعالم ،هذا النوع الول.
والنوع الثــاني مــن المشــتبهات :ماححا تشححتبه علححى غّيححر
العالم ،فينبغي أن ل يواقعهححا حححتى يردهححا إلححى العححالم ،ينبغححي:
يعني وجوبا؛ لنه -عليه الصححلة والسححلم -قححال" :وبينهمححا" يعنححي:
بين الحلل والحرام .أماورأ ماشتبهات ل يعلمهن كثير مان الناس
.
80
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
في قححوله :ل يعلمهححن كححثير ماححن النححاس إرأشححاد إلححى أن
هناك مان يعلم ،فتسأل مان يعلم عن حكم هذه المسألة.
قال :فمن اتقى الشبهات يعني :قبل أن يصل إليه العلم،
أو في المسألة التي توقف فيها أهل العلم.
فمححن اتقحى الشحبهات فقحد اسإحتبرأ لححدينه وعرضححه أماحا
اسإححتبراء الححدين فهححو ماححن جهححة اللحه -جححل وعل-؛ حيححث إنححه إذا
اسإتبرأ فقد أتى ماا يجب عليه ،ماتوقف فيها فأنا ل أقدم عليهححا؛
ماك َّلف ،فينبغي عليححه وجوبححا أل لنها رأبما كانت حراماا ،والمؤمان ُ
دم علححى شححيء، قحح ِ
يأتي شيئا وهو يعلم أنه حلل ،وإذا أرأاد أن ي ُ ْ
يقدم على شيء يعلم أنه غّير حرام.
فمن توقف عن الحلل المشتبه أو عن الحرام المشتبه فقححد
اسإتبرأ للدين؛ لنه رأبما واقع ،فصارأ حراماا ،وهو ل يدرأي.
هل يقال هنا :هو ل يدرأي ماعذورأ ؟ ل ،غّير ماعذورأ؛ لنه يجب
عليه أن يتوقف حتى يتبين له حكم هححذه المسححألة ،يأتيهححا علححى
أي أسإ اس؟ هحو ماكلحف ،ل يعمحل عمحل إل بحأمار ماحن الشحرع،
فلهذا قال :فقد اسإتبرأ لدينه .
قال" :وعرضه" وعرضه لنه -في أهل اليمان -مان أقدم على
الماورأ المشتبهات فإنه قد ُيوَقع فيه ،قد ي ُت َك َل ّححم فيححه بححأنه قليححل
الديانة؛ لنه لم يستبرئ لدينه ،فإنه إذا ترك ماواقعة المشتبهات
اسإتبرأ لعرضه ،وفي هذا حث على أن المرء ل يحأتي ماحا ُيعحاب
عليه في عرضه ،فالمؤمان يرعى حال إخوانه المؤمانين ،ونظححرة
إخوانه المؤمانين إليه ،ول يأتي بشيء يقححول :أنححا ل أهتححم بقححول
أهل اليمححان ،ل أهتححم بقححول أهححل العلححم ،ل أهتححم بقححول طلبححة
العلم؛ فإن اسإتبراء العرض حتى ل يوقع فيه هذا أمار ماطلوب.
وقد جاء في الثأر" :إياك وماا يشارأ إليه بالصابع" .يعنححي :ماححن
أهل اليمان ،حيث ينتقدون على العامال عمله فيمححا لححم يوافححق
فيه الشريعة .
قال :ومان وقع في الشبهات وقع في الححرام هنححا "وقحع
ت بتفسيرين :الحرام الححذي هححو أحححد الجححانبين في الحرام" فُ ّ
سَر ْ
81
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
82
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
نفهم مان هذا الحديث أن الحلل الب َّين واضح ،والحرام الححبين
واضحححح ،والمشحححبهات المشحححتبهات عرفنحححا تعريفهحححا ،وحكمهحححا،
وتقسيمات الكلم عليها ،وأنه يجب علححى صححاحب الححدين ،يجححب
على المسلم أل يأتي شيئا إل وهححو يعلححم حكمححه ،إذا لححم يعلححم
فليسأل ،فتكححون إذن المسححألة ماشححتبهة عليححه ،ويححزول الشححتباه
بسؤال أهل العلم ،فإن بقيت ماشححتبهة علححى أهححل العلححم ،فححإنه
-يعني حتى يحكموا فيها -فإنه يتوقف ماعهم حتى يعمل ذلك.
هناك ماسائل ليست ماشتبهة -يعني فححي الحكححام -لكونهححا تبححع
الصححل جريححان القواعححد عليهححا ،دخولهححا ضححمن الححدليل ،فححإذن
المسائل التي اختلف العلماء فيها ل تدخل ضححمن هححذا الحححديث
مان جهة كونهححا ماشححتبهة؛ بححل نقححول :هححذه ماسححألة اختلححف فيهححا
العلماء ،فإذن يخرج مانها بتاتا على جهة أن مان وقع فيهححا وقححع
في الحرام ،ل ؛ ولكن هذا على وجه السإتحباب.
وهذا هو الذي فهمححه العلمححاء ماححن الحححديث :أن الخححروج ماححن
خلف العلمححاء ماسححتحب ،يعنححي :أن العلمححاء إذا اختلفححوا فححي
ماسألة ،فالخروج مان خلفهم إلى ماححتيقن ،هححذا ماسححتحب ،وهححذا
صحيح باعتبارأات ،وفي بعض تطبيقاته قد ل يكححون صحححيحا فححي
تفاصيل ماعلوماة.
ماثاله -ماثل :-قصر الصلة في السفر ،جمهححورأ العلمححاء -يعنححي
دوا المححدة بنيححة ححح ّ
جمهورأ الئمة الرأبعة -ماالك والشافعي وأحمد َ
وى إقاماحة أرأبعحة أيحام إقاماة أرأبعة أيام فصحاعدا ،فحي أن ه إذا نح َ
ن للحنفيححةفصاعدا لم يترخص برخصة السححفر ،وهنححاك قححول ثأححا ٍ
ماع إقاماححة أكححثر ماححن خمسححة عشححر بأن له أن يترخص ماا لم ي ُْز ِ
يوماا ،وهناك قول ثأالث لشيخ السإححلم ابححن تيميححة وجماعححة ماححن
أهل العلم :بأن له أن يترخص حتى يرجع إلى بلده.
ح
جحح َ
فهذه أقوال ثألثأة :القول الول -وهو كونهححا أرأبعححة أيححامُ -رأ ّ
على غّيرها مان جهة أن المسألة مان حيث الدليل ماشتبهة ،وإذا
كان كذلك فالخذ فيها باليقين اسإتبراء للدين؛ لن الصححلة رأكححن
ل عليححه خذ ُ اليقين في أمار الصلة هذا مامححا د َ ّ َ
السإلم الثاني ،فأ ْ
هذا الحديث ،لنه اسإتبراء للدين؛ لن الرأبعة أيام هححذه بالتفححاق
83
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
أنه يترخص فيها ،وأماا ماححا عححداها فهححو ماختلححف فيححه ،فححإذا كححان
كذلك فالخروج مان الخلف هنا ماستحب ،فنأخذ بالحوط.
ولهذا رأجح كثير مان المحققين هذا القححول باعتبححارأ السإححتبراء،
وأن في الخححذ بحه اليقيحن فحي أماححر الصحلة ،الححتي هحي الركححن
الثاني مان أرأكان السإلم ،وأعظم الرأكان العملية.
مان المسائل التي -أيضا -يتعرض لها العلماء في هذا الحديث
الكل مان ماال مان اختلط في مااله الحلل الحححرام ،أعنححي رأجل
ماثل في مااله حرام ،نعلم أنه يكتسب مان ماكاسإب ماحرماة؛ إماححا
أنححه يرتشححي ،أو عنححده ماكاسإححب ماححن الربححا ،أو ماححا أشححبه ذلححك،
وعنده ماكاسإب حلل ،فما الحكم في شأنه؟
جعله بعض العلماء داخل في هذا الحديث ،وأن الححورأع الححترك
على سإبيل السإتحباب؛ لنه اسإتبراء.
وطائفة مان أهل العلححم قححالوا :بحسححب ماححا يغلححب ،فححإن كححان
ست َب َْرأ ،وإن كان الغححالب عليححه الحلل الغالب عليه الحرام فإنه ي ُ ْ
فإنه يجوز أن تأكل مانه ،ماا لم تعلم أن ع َْين ماا قُححد ّ َ
م لححك ماححن
الحرام .
وقال آخححرون -مانهححم ابححن ماسححعود لححك أن تأكححل ،والحححرام
عليه ،لت َغَّير الجهة ،فهو اكتسبه مان حرام ،وحين قدم لك قدماه
على أنه هدية ،أو على أنه إضححافة أو هبححة ،أو ماححا أشححبه ذلححك،
وت َغَّير الجهة يغير الحكم كما في حديث بريرة :قالوا :يححا رأسإححول
الله ،في اللحم إنه تصدق بححه علححى بريححرة ،والنححبي ل يأكححل
الصدقة ،فقال -عليه الصلة والسلم :-هو عليها صححدقة ،ولنححا
هدية .
دى وهو اللحم ،فقال جماعة مه ْ َ
لختلف الجهة ،ماع أنه عين ال ُ
مان الصحابة ومان أهل العلم :إنه يأكححل والحححرام علححى صححاحبه،
على مان قدماه ،وأماا هذا فقدماه على أنه هدية ،فل بأس بذلك.
وقال آخرون في هذه المسألة :إنه يأكل مانه ماا لم يعلححم أن
دم حرام ،فححإذا علححم هذا المال بعينه حرام ،يعني :أن عين ماا قَ ّ
أن عين ماا قدم حرام فل يجححوز لححه أكححل هححذا المعيححن ،ويجححوز
84
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
أكل ماا سإواه ،واسإتدلوا علححى ذلححك بححأن اليهححود كححانوا يقححدماون
الطعام للنبي -عليححه الصححلة والسححلم ، -وكححانوا يححأكلون الربححا ،
وكان -عليه الصلة والسلم -رأبما أكل مان طعاماهم.
فيه تفاصيل ،المقصود مان هذا -كمثال -لختلف العلمححاء فححي
تنازٍع في هذه المسحألة ،هحل تحدخل فححي هحذا الححديث أم ل ؟
وجملتهم على دخوله مان جهة الورأع ،وليححس علححى دخححوله ماححن
جهة أنه مان أكل فقد أكل حراماا ،ماع أن عححددا ماححن المحققيححن
جحوا قول ابن ماسعود ،وهو ترجيح ظححاهر ماححن حيححث الححدليل، َرأ ّ
كححابن عبححد الححبر فححي "التمهيححد" ،وكغيححره ماححن أهححل العلححم فححي
تفاصيل يطول الكلم عليها.
قال -عليه الصلة والسلم : -أل وإن في الجسححد ماضححغة إذا
صلحت صلح الجسححد كلححه ،وإذا فسححدت فسححد الجسححد كلححه؛ أل
وهي القلب .
فهذا فيه أن صلح القلب -الذي هو ماعدن اليمان -بححه يكححون
التورأع ،به يكون التوقف عن الشبهات ،به يكححون القححدام علححى
المحرماححات ،هححذا رأاجححع إلححى القلححب ،والقلححب إذا صححلح ،صححلح
الجسد كله في تصرفاته ،وإذا فسد فسد ،الجسد كله.
تعليححق هححذا بححالقلب ،قححال :أل وإن فححي الجسححد ماضححغة
والقلححب -ماححن حيححث إدرأاك المعلوماححات -هححو الححذي يححدرأك ،فعنححد
المحققين ماححن أهححل العلححم ،والححذي تححدل عليححه نصححوصا الكتححاب
والسنة أن هذا ماعلق بالقلب ،يعني :حصول الدرأاكات ،وحصححول
العلححوم ،والصححلح والفسححاد والنيححات ..إلححى آخححره ،هححذا ماعلححق
بالقلب.
إذا كان كذلك ،فما وظيفة الدمااغ أو المخ ؟
وظيفته الماداد ،هذا على قول المحققيححن ماححن أهححل العلححم،
فححاختلفوا فححي العقححل؛ هححل هححو فححي القلححب أم فححي الححرأس؟
والصحيح أنه في القلب ،والعقل ليس جرماا؛ وإنما المقصود بححه
إدرأاك المعقولت ،والححدمااغ وماححا فححي الححرأس هححذه وسإححيلة تمححد
القلب بالدرأاكات.
85
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
86
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث السابع
الدين النصيحة
بسححم اللححه الرحمححن الرحيححم ،الحمححد للححه رأب العححالمين ،والصححلة
والسححلم علححى أشححرف النبيححاء والمرسإححلين ،نبينححا ماحمححد وعلححى آلححه
وصحبه أجمعين .
قال المصنف -رأحمه الله تعالى :-وعن أبححي رأقيححة تميححم بححن أوس
الدارأي قال :إن رأسإول الله قال :الدين النصيحة .قلنححا لمححن
؟ قال :للححه ،ولكتححابه ،ولرسإححوله ،ولئمححة المسححلمين وعححاماتهم
رأواه ماسلم .
هححذا الحححديث -حححديث تميححم الححدارأي -ماححن الحححاديث الكليححة
العظيمححة الححتي اشححتملت علححى الححدين كلححه ،علححى حقححوق اللححه،
م أجمع في بيححان وحقوق رأسإوله وعلى حقوق عباده ،فليس ثأ َ ّ
تلك الحقوق مان لفظ النصيحة.
والنصيحة -هــذه فعيلــة -مــن النصــح ،وأصــل النصــح
سَر بأحد تفسيرين: في لغة العرب ُ
ف ّ
الول :أن النصح بمعنى الخلوصا ماححن الشححوائب والشححركة،
ه شيء. فيقال :عسل ناصح أو نصوح ،إذا لم ي َ ُ
شب ْ ُ
ت النصححيحة بأنهححا التئححام شححيئين سَر -وهو الثاني -فُ ّ
سَر ْ و ُ
ف ّ
م تنافر بينهما ،في ُعْط َححى هححذا الصححلة بهححذا حححتىبحيث ل يكون ثأ َ ّ
يكون التئام يوافق ماا بين هذا وهذا.
قححالوا :ومانححه قيححل للخيححاط :ناصححح؛ لنححه ينصححح الطرفيححن ،إذ
يجمعهما بالخياطة.
والنصيحة ع ُّرفَ ْ
ت -يعني :في هححذا الحححديث -بأنهححا :إرأادة الخيححر
للمنصوح له ،وهذا يتعلق بنصح أئمة المسلمين وعاماتهم.
أماا فححي الثلثأححة الول ،فححإن النصححيحة -كمححا ذكرنححا -أن تكححون
الصلة بين الذاتين على التئام ،بحيث يكون هذا قد أعطحى ححق
هذا ،فلم يكن بينهما تنافر.
87
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
جه بها إلى غّير الله -جل وعل -فهي خروج عن النصححيحة للححه
ت ُوُ ّ
-جل وعل ،-يعني عن أداء الحق الذي له سإبحانه وتعالى.
وفي السإماء والصفات النصيحة لله -جل وعل -أن نؤمان بأنه
مي له،سإ ِ
-سإبحانه -له السإماء الحسنى ،والصفات العل ،وأنه ل َ
ول ند له ،ول كفوَ له ،كما قال -جل وعل : -
. (1)
. )(2
وكما قال -جل وعل:-
وكما قال -جل وعل:-
(3) إلى غّير ذلك مان اليات .
فيعتقد المسلم أن الله -جل وعل -لححه ماححا أثأبححت لنفسححه ماححن
السإماء الحسنى ،ومان الصححفات العل ،وأنححه فححي أسإححمائه وفححي
صفاته ليححس لححه ماثيححل ،كمححا أخححبر عححن نفسححه بقححوله :
. (4)
فححالغلو فححي الصححفات بالتجسححيم تححرك للنصححيحة الواجبححة،
والتفريححط فيهححا ،والجفححاء بالتعطيححل تححرك للنصححيحة الواجبححة،
والنصيحة بالتئام ماا بينك وبين الله -جل وعل -في شأن أسإمائه
وصفاته أن تثبت له السإماء الحسنى ،والصفات العل ،ماححن غّيححر
تمثيححل ول تعطيححل ،وماححن غّيححر تحريححف ول تأويححل يصححرفها عححن
حقائقها اللئقة بالله جل وعل .
ب -جححل وعل ، -وأنححح ّ
أيضا مان النصيحة لله -جل وعل -أن ي ُ َ
ي ُت َّبع أماره ،وأن تتبع شريعته -جل وعل ،-وأن يصدق خبره -جححل
وعل ،-وأن يقبل عليه المرء بقلبه ماخلصا له الدين.
فالخلصا في القوال والعمال حق الله -جححل وعل ،-والححذي
يقع في قلبه غّير الله في العمال -مان جهة الرياء أو مان جهة
التسميع -ماا أدى الذي لله -جل وعل.-
89
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وهنحاك -أيضحا -أشححياء ماسححتحبة للحه -جحل وعل -ماحن ماثحل أن
-يعني في حق الله -جل وعل -مان ماثل أل يقححوم بححالقلب غّيححره
-جل وعل ،-في ُححْزد ََرأى الخلححق فححي جنححب اللححه -جححل جللححه ،-وأن
يراقب الله -جل وعل -دائما في السر والعلححن ،فيمححا يححأتي وماححا
يذرأ مان الماورأ المستحبة ،وأن يستحضر ماقححاماه بيححن يححدي اللححه
-جححل وعل -دائمححا فححي الخححرة ،ونحححو ذلححك مامححا يححدخل فححي
المستحبات؛ فإن النصحيحة فيحه لل ه -جحل وعل -ماسحتحبة ،فهحي
مانقسمة إلى ماا أوجبه الشرع في حق الله ،فيكون واجبا ،وماححا
كان ماستحبا ،فيكون مان النصيحة المستحبة.
قححال :وكت ابه يعنححي :النصححيحة ماسححتحقة للكتححاب ،وهححو
طى القرآن حقه ،وهو أن ُيوقن بححأنه القرآن ،وماعنى ذلك أن ي ُعْ َ
كلم الله -جل وعل.-
قال " :وكتابه" يعني :النصيحة ماستحقة للكتاب ،وهححو القححرآن،
وماعنى ذلك أن ي ُعْط َححى القححرآن حقححه ،وهححو أن ي ُححوَقن بححأن كلم
الله -جل وعل ،-تكلم به -سإبحانه وتعالى ،-وأنححه آيححة عظيمححة ،
وأعظم اليات التي أوتيها النبياء ،وأنه الحجة البالغة إلححى قيححام
الساعة.
وأن هذا القرآن فيه الهدى والنححورأ
. (1)
وأن حكمه واجب النفاذ ،ماا أمار الله بححه فححي القححرآن وجححب
إنفاذه ،وماا نهى عنه وجب النتهاء عنه ،وماا أخبر بححه -سإححبحانه-
مححا
فيححه وجححب تصححديقه ،وعححدم الححتردد فيححه ،إلححى غّيححر ذلححك ما ّ
يستحقه القرآن.
وأيضا مان الحقوق المستحّبة والنصيحة المستحبة للقححرآن أن
ُيكثر مان تلوته ،وأل يهجره في تلوته وتدبره ،وفححي العلج بححه،
وأشباه ذلك ماما جاءت به السنة في حق القرآن.
فهذا مان التواصل ماا بين ذي النصيحة -وهححو العبححد المكل ّححف-
وماا بين القرآن ؛ فإن النصيحة التحام واجتمححاع فيمححا بيححن هححذا
- 1سإورأة السإراء آية .9 :
90
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وهذا ،ول يكون الهتمام إل بأداء الحق ،وهذا الحق علححى العبححد
للقرآن على نحو المعنى الذي أسإلفت.
كححذلك النصححيحة للرسإححول تكححون بطححاعته -عليححه الصححلة
والسلم -فيما أمار ،وتصديقه فيما أخبر ،واجتنححاب ماححا عنححه ن َهَححى
-عليه الصلة والسلم -وزجر ،وأل ي ُعَْبد الله إل بما شرع رأسإوله
وأن يؤمان العبد بأنه -عليه الصلة والسلم -هححو خححاتم النبيححاء
والمرسإلين ،وأن كل دعوة للرسإالة بعده -عليه الصلة والسلم-
كذب وزورأ وباطححل وطغيححان ،وأنححه -عليححه الصححلة والسححلم -هححو
الذي يطاع
. (1)
حب -عليه الصلة والسلم -لمار الله -جححل وعل -بححذلك، وأنه ي ُ َ
ولما يستحقه -عليه الصلة والسححلم -ماححن المحبححة الواجبححة ،وأن
ب العبد ،ونحو ذلححك ماححن النصححيحة الححتي
حا ّ
ما َ
حاّبه على َ ما َ
م َقد ّ َ
تُ َ
هي -أيضا -مانقسمة إلى واجبة وماستحبة .
قححال :ولئم ة المسححلمين وعححاماتهم والنصححيحة لئمححة
طوا حقهم الذي أعطاهم الله -جل وعل ،-وبينه المسلمين أن ي ُعْ َ
-تعالى -في الكتاب ،وبينه رأسإول الله في السنة؛ مان طاعتهم
في المعروف ،وعدم طاعتهم في المعصية ،وأن يجتمححع ماعهححم
على الحق والهدى ،وعلى ماا لم نعلم فيححه ماعصححية ،وأن تؤلححف
عى لهححم ،وهححذا يشححملجَتمع عليهم ،وأن ي ُححد ْ َ
القلوب لهم ،وأن ي ُ ْ
الحق الواجب والحق المستحب.
ل وعل- وأن ي ُت ْححَرك الخححروج عليهححم بالسححيف طاعححة للححه -جحح ّ
وطاعححة لرسإححوله وأن يبححايع ولححي الماححر المسححلم ،وأل يمححوت
ل ماسلم ،وليس في عنقه بيعة له ،وأن يأتمر إذا م وا ٍ
المرء ،وثأ ّ
أماره بما ليس بمعصية ،وأن ينتهي إذا نهححاه عححن غّيححر الطاعححة،
يعني :ماا كان مان قبيل الواجبححات ،فححإن أماححره بخلفهححا ل ي ُطححاع
فيححه ،وإذا أماححر بمعصححية ل ُيطححاع فيححه ،وماححا كححان ماححن قبيححل
المستحبات والجتهادات -يعنححي ماححا يححدخله الجتهححاد -فححإنه ي ُت ْححَرك
91
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
92
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
93
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
أماا لفظ "ولي المار" فإنه في الصل أن ولي المار ي ُعَْنى بححه
الماححام العححام للمسححلمين؛ لن ولة الماححر فححي عهححد الخلفححاء
الراشدين ،وفي عهد ماعاوية ،لن ولة الماححر فححي ذاك الزماححان
كانوا يجمعون بين فهم الدنيا وفهم الشريعة .
وأماححا بعححد ذلححك فقححد قححال العلمححاء :إن ولة الماححر كّل فيمححا
يخصه ،هم العلماء والماراء؛ الماراء في المار العام الذي يتعلق
بأماورأ المسلمين العاماة ،والعلمححاء فححي أماححر ديححن النححاس ،فهححذا
حصل تفسير بحأن ولة الماحر ُيعن َححى بهححم هحذا وهحذا؛ لنححه صحارأ
مان ليس بعالم لمححا شححاع الملححك المار فيما بعد أنه تولى المار َ
في عهد بن أماية ،ثأم في عهد بني العباس ،فما بعد ذلك.
فالنصيحة الئمة المسلمين المقصود بهم في الحححديث الئمححة
الذين يلحون الماححر العححام ،أماححا أئمحة الححدين فححإنهم -أيضحا -لهحم
نصيحة ،ولهم الحححق ،والنصححيحة لهححم -يعنححي العلمححاء -أن تحبهححم
لجل ماا هم عليححه ماححن الححدين ،وماححا يبححذلون للنححاس ماححن العلححم
صححروا فيمححا يقولححونه ماححن أماححر الشححريعة ،وفيمححا والخيححر ،وأن ُين َ
ب عنهم ،وعححن أعراضححهم، يبلغونه عن الله -جل وعل ،-وأن ي ُذ َ ّ
وأن يحبوا أكثر مان ماحبة غّيرهم مان المححؤمانين؛ لن اللححه -جححل
وعل -عقحححد الوليحححة بيحححن المحححؤمانين بقحححوله :
. (1)
يعني :بعضهم يحححب بعضححا ،وينصححر بعضححا ،وماححن المعلححوم أن
أعلى المؤمان إيمانا هم الراسإخون في العلم ،أو هم أهل العلم
العامالون به ،كما قال -جل وعل : -
. (2)
حّبوا ،وأن يذب عن أعراضهم ،وأن فالنصيحة لهل العلم أن ي ُ َ
يؤخححذ ماححا ينقلححونه ماححن العلححم ،وأن ينصححروا فيمححا نصححروا فيححه
فظ لهم ماكانتهم وسإابقتهم ،ونشححرهم للعلححم، ح َ
الشريعة ،وأن ت ُ ْ
ونشرهم للدين ،وهححذه كلهححا حقححوق واجبححة لهححم؛ لن لهححم فححي
ذل لهححمن في أهل العلم ،أو لم ت ُب ْ َالملة ماقاماا عظيما ،وإذا ط ُعِ َ
النصححيحة الواجبححة بهححذا المعنححى ،فححإن ذلححك يعنححي أن الشححريعة
- 1سإورأة التوبة آية .71 :
94
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
95
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث الثامن
أمرت أن أقاتل الناس
وعن ابن عمر -رأضي الله عنهما -أن رأسإول اللححه قححالُ :أما رت
دا
ن ماحمحح ً
أن أقاتل الناس حححتى يشححهدوا أن ل إلححه إل اللححه ،وأ ّ
رأسإول اللححه ،ويقيمححوا الصححلة ويؤتححوا الزكححاة ،فححإذا فعلححوا ذلححك
عصموا ماني دمااءهم وأماوالهم إل بحق السإلم ،وحسابهم علححى
الله -تعالى -رأواه البخارأي وماسلم
هذا الحديث -حديث ابن عمر -رأضي اللححه عنهمححا -أن رأسإححول
الله قال ُ :أمارت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إله إل
دا رأسإول الله ،ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة . ن ماحم ً
الله ،وأ ّ
قححوله :أما رت أن أقاتححل النححاس حححتى يشححهدوا يعنححي :أن
دا رأسإول الله ،وماححا يلححزم عنهححا شهادة أل إله إل الله ،وأن ماحم ً
مان إقام الصلة وإيتاء الزكاة ،هذه ل بد مان ماطالبة الناس بهححا
ل إليهححم المصححطفى سإ َ ُ
جميعا ،المؤمان والكافر ،وللناس جميعا أْرأ ِ
ماَر أن يقاتلهم بقول الله -جل وعل: - ُ
-عليه الصلة والسلم ،-وأ ِ
(1) وبقوله
:
… الية. )(2
. )(3
96
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
97
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
98
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
99
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
هذا لداء حقححوق كلمححة التوحيححد "ل إلححه إل اللححه ماحمححد رأسإححول
الله".
اختلف العلماء في الفرد الذي يمتنع عن أداء الصلة ،يمتنححع
يعني يقول :ل أؤديها .أماا الذي ل يلتزم ،بمعنححى يقححول :أنححا غّيححر
ماخاطب .فسواء كان فرد أو جماعة ،فإنه كافر ،ليس لححه حححق،
صم مااله ول دماه.ول ي ُعْ َ
لكن الذي يمتنع عن الداء ،ماع التزاماه بححذلك ،فححاختلفوا :هححل
قَتل حتى يستتيبه إماام قَتل تارأك الصلة؟ والصحيح فيها أن ل ي ُ ْ يُ ْ
أو نائبه ،ويتضايق وقت الثانية عنهححا ،ويححؤمار بهححا ثألثأححا ،ثأححم بعححد
ذلك يقتل مارتدا على الصحيح.
قت َححل ؟ علححى رأوايححتين
فاختلفوا أيضا في المانع للزكححاة هححل ي ُ ْ
عند الماام أحمد ،وعلى قولين -أيضا -عنححد بقيححة العلمححاء ،يعنححي
قوله :أنه يقتل ،والثاني ل يقتل في الفرد الذي يمتنححع عححن أداء
الزكاة .
م خلف بيححن أهححل وهكذا في سإائر الحكام والصوم والحج ،ثأ َ ّ
قَتل ؟ يعني :وأصر على الححترك ،ودعححاه العلم فيمن تركه ،هل ي ُ ْ
الماام وقال :افعل ،هل يقتل أو ل يقتل؟ اختلفوا في هححذا كلححه
بما هو مابسوط في كتب الفروع ،وماعروفة.
قححال -عليححه الصححلة والسححلم -بعححد ذلححك :ف إذا فعلححوا ذلححك
عصموا ماني دمااءهم وأماوالهم .
ل على أن الكافر ماباح المال ،وماباح الدم ،وأن مااله -وهححو دَ ّ
الحربي -أن مااله ماباح ،يعني :ل شيء في سإرقة ماال الحربي،
وهو مان بينك وبينه حرب ،تحارأبه ،فوجدت شيئا ماححن ماححاله ،فل
ح دماححه ،وأبيححح ماححاله بححالتبع ،بخلف ُ
له ل يحرم مااله؛ لنه قد أِبي َ
المعاهد والمستأمان ،أو مان خانك؛ فإنه ل يجوز أن تعتدي علححى
شيء مان أماوالهم ،حتى ولو كان غّير ماسلم ،إل إذا كان حربيا.
ذماي -ولو خانوا فححي المححال- يعني :أن المستأمان والمعاهد وال ّ
فإنه ل يجوز التعححدي علححى أماححوالهم ،وإذا لححم يخونححوا ماححن بححاب
ح ماالهم ،وقد جاء فححي الحححديث :أد ّ الماانححةأولى؛ لنهم لم ي ُب َ ْ
100
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
إلى مان ائتمنك ،ول تخن مان خانك لنك تعامالهم لحححق اللححه
-جل وعل ،-فل تستبيح ماالهم لجل ماا هم عليه؛ بل تؤدي فيهم
حق الله -جل وعل.
مان ليس كذلك -يعني المشححرك الححذي أب َححى أن يشححهد أل أماا َ
إله إل الله ،وأن يقيم الصلة ،وأن يؤتي الزكححاة -فهححذا ل يحححرم
مااله ودماه؛ بل يباح مانححه الححدم ،فيقتححل علححى الكفححر؛ لنححه أصححر
على ذلك ،يعني بعححد إقاماححة الحجححة عليححه ،أو بعححد العححذارأ؛ لن
هذه هو الصل .
وجاء في صحححيح ماسححلم ماححا هححو بخلف الصححل ،أن النححبي
حديث ابن عباس المعروف :أن النبي غّزا قوماا وهم غّححاّرأون
يعني :بدون أن يححؤذنهم .وهححذا كالسإححتثناء ماححن الصححل ،ولححه
بعض أحكاماه ماما هو اسإححتثناء ماححن القاعححدة ،فالصححل أن النححبي
-عليححه الصححلة والسححلم -ل يقاتححل قوماححا حححتى يححؤذنهم ،حححتى
يبلغهم ،ورأبما فعل غّير ذلك في قصة بني المصطلق المعروفححة
،أنه غّزاهم وهم غّاّرأون ،في تفاصيل ذلك .
قححال :عص موا مانححي دماححاءهم وأماححوالهم إل بحححق السإححلم
وحسابهم على الله جل وعل .
حق السإلم :يعني ماا جاء في السإلم التشريع به ،مان إباحة
الدم ،أو إباحة المال ،فإذا شححهدوا الشححهادتين ،وأقححاماوا الصححلة،
وآتوا الزكاة ،فإنهم إخواننا ،فتحرم دماححاؤهم وأماححوالهم إل بحححق
السإلم ،يعني :إل بما أباح السإلم ،أو شرع اللححه -جححل وعل-
في هذه الشريعة أن دماهم ماباح ،ماثل الثيب الزاني ،والنفس
بالنفس ،وماا أشبه ذلك ماما هححو ماعححروف ،وسإححيأتي بعضححه فححي
الحديث :ل يحل دم امارئ ماسلم إل بإحدى الثلث .
قال :وحسابهم على الله .
هذا لما تقدم مان أنه قد يشهد ،ويقيم الصلة ،ويؤتي الزكححاة
ل سإريرته إلى الله -جل ظاهرا ،فنقول :نقبل مانه الظاهر ،ون َك ِ ُ
وعل -كحال المنافقين ،المنافقون نعلم أنهم كفارأ ،لكححن نعصححم
دماهم وماالهم بما أظهروه ،وحسابهم على الله -جل وعل.
101
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
102
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث التاسع
ما نهيتكم عنه فاجتنبوه
وعن أبي هريرة عبد الرحمن بححن صححخر قححال :سإححمعت رأسإححول
الله يقول :ماا نهيتكم عنححه فححاجتنبوه ،وماححا أمارتكححم بححه فححأتوا
مانه ماا اسإتطعتم؛ فإنما أهلك الذين مان قبلكححم كححثرة ماسححائلهم
واختلفهم على أنبيائهم رأواه البخارأي وماسلم .
هذا الحديث هو الحديث التاسإححع ماححن هححذه الرأبعيححن النوويححة،
وهو حديث أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسإي أن النبي
-عليه الصلة والسححلم -قححال :ما ا نهيتكححم عنححه فححاجتنبوه ،وماححا
أمارتكم به فأتوا مانه ماا اسإتطعتم .
قال -عليه الصلة والسلم :-ماا نهيتكم عنه فاجتنبوه فما
نهى عنه فإنه ُيجت ََنب ،وهذا عام في كححل مانهححي عنححه ،والمنهححي
عنه قسمان :مانهي عنه للتحريم ،ومانهححي عنححه للفضححلية ،يعنححي:
يكون النهي فيه للكراهة ،وماا كان للتحريم يجب فيه الجتناب،
وماا كان للكراهية يستحب فيه الجتناب.
إذن قوله -عليه الصلة والسلم : -ماا نهيتكم عنه فاجتنبوه
هذا كقول الله -جل وعل : -
. (1)
فالححذي نهححى عنححه -عليححه الصححلة والسححلم -نحححن ماححأماورأون
بالنتهاء عنه ،فإن كان ماحرماا فالمار بالنتهاء عنححه أماححر إيجححاب،
وإن كان ماكروها فالمار بالنتهاء عنه أمار اسإتحباب.
إذا تقررأ هححذا ،فححالمنهي عنححه خلف الصححل؛ لن الصححل فححي
الشريعة ليس هو النهححي ،وإنمححا الصححل فيهححا الماححر ،والمنهيححات
ي عنه لجل أنه خلف الصححل لححم بالنسبة للوامار قليلة ،وماا ن ُهِ َ
يجعل الله -جل وعل -النفوس ماحتاجة إليه في حياتها؛ بححل هححي
ي عنه.
ماستغنية عما ن ُهِ َ
103
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
104
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
105
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
يعنى :هو عبادة ،أو هو أدب لشرط مان شرائط العبادة وهححو
اللباس؟
هو أدب ،أل يكف ثأوبا ،أل يكف شعرا هذا أدب ،ولهذا ذهب
عاماححة أهححل العلححم -إل عححدد قليححل -ذهبححوا إلححى أن النهححي هنححا
ف ثأححوبه ،أو وهححو عححاقص شححعره، للكراهة ،فلححو صححّلى وهححو كححا ّ
فالصلة صحيحة ،ول إثأم عليه ،ولو كان النهي للتحريم لصححارأت
الصلة فاسإدة كنظائرها.
ل بيمينك ،وك ُ ْ
ل ماما يليك . م الله ،وك ُ ْ
سإ ّ
ماثل الوامارَ :
كل بيمينححك عاماحة أهححل العلحم علحى أن الكحل بححاليمين
ماستحب ،والكل بالشحمال ماكحروه ،وهنحاك ماحن قحال بحالتحريم،
وفي كل المسائل هححذه خلف بتعححارأض الصححل فيمححا بيححن أهححل
العلم.
لكن الجمهورأ هنا قالوا :هذا أدب ،كل بيمينك ،فلما كان أدب
صارأ الصل فيه أنه للسإتحباب ،و"كل ماما يليك" الصل فيه أنه
للسإتحباب.
ولهذا ترى في كثير مان كتب أهححل العلححم يقححول :النهححي هححذا
للكراهة؛ لنه مان الداب ،والماححر للسإححتحباب؛ لنححه ماححن الداب،
فيجعلون مان الصوارأف كون الشيء مان الداب ،وهذا ماهم.
قال -عليه الصلة والسلم -هنا :ماا نهيتكم عنححه فححاجتنبوه
ولم يقيد بالسإتطاعة ،بل أوجب الجتناب ،بححل قيححد -كمححا قلنححا-
لن النتهاء مان المنهيات ليححس فيححه تحميححل فححوق الطاقححة؛ بححل
المنهيات ل حاجة للعبد بهححا ،يعنححي :ل تقححوم حيححاته بهححا ،بححل إذا
اسإتغنى عنها تقوم حياته ،فليس ماحتاجا ول ماضطرا إليها ،وأماححا
إذا احتححاج لبعححض المنهيححات فهنححا الحاجححة يكححون لهححا ترخيححص
بحسبها.
قال :وماا أمارتكم به فأتوا مانه ماا اسإتطعتم .
106
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
. )(2
وقال -جل وعل:-
وقال -جل وعل: -
) (3إلى آخر الدلة على تعليق الوجوب بالقدرأة والسإتطاعة.
إذن دلنا قوله -عليه الصلة والسلم : -وماا أمارتكم به فححأتوا
مانه ماا اسإتطعتم أن الوامار كححثيرة ،وأنححه ل واجححب إل ماححع
القدرأة ،تجب إذا قدرأت عليها ،وإذا كنت عاجزا وغّير ماسححتطيع
فل يجب عليك ذلك بنص النبي عليه الصلة والسلم .
هنا اختلف العلماء في ماسألة يطول الكلم عليها :هل مانزلححة
النهي أعظم ،أو مانزلة المار؟ يعني :هل النتهححاء عححن المنهيححات
أفضل ،أم فعل الوامار والتيان بها الفضل؟
تنازع العلماء في هذا على قولين -:
القول الول :أن النتهاء عن المنهيححات أفضححل ماححن فعححل
الواماححر ،واسإححتدلوا عليححه بأدلححة مانهححا هححذا الحححديث ،بححأنه أماححر
بالنتهاء ماطلقا ،وقالوا :النتهححاء فيححه كلفحة؛ لنهحا أشححياء تتعلححق
107
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
108
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ي الصحححابة أن يسححألوا
وقت التشريع ،في وقت نزول الوحي ن ُهِ َ
م عليهم بسبب المسألة. حّر َ
النبي عن ماسائل؛ لنه رأبما ُ
قد جاء في الحديث :إن الله فححرض فرائححض فل تضححيعوها،
حد ّ حححدودا فل تعتححدوها ،وسإححكت عححن أشححياء رأحمححة بكححم غّيححر
و َ
نسيان فل تسألوا عنها .
جاء -أيضا -في صحيح ماسلم أنه -عليه الصلة والسححلم -قححال
:إن أعظم المسلمين في المسححلمين جرماححا رأجححل سإححأل عححن
م لجل ماسألته . حّرم فَ ُ
حّر َ شيء لم ي ُ َ
فكثرة المسححألة ل تجححوز ،قححد كححان الصحححابة -رأضححوان اللححه
عليهححم -ل يسححألون النححبي -عليححه الصححلة والسححلم ، -وكححانت
ماسألتهم قليلة كلها في الفرائض ،وكانوا يفرحون بالرجححل يححأتي
مان البادية ليسأل وليستفيدوا.
وهذا مان الدب المهم الذي ي ُل ْت َححَزم بححه؛ فححإن كححثرة المسححائل
ليست دالة على ِدين ،ول على ورأع ،ول على طلب علم؛ وإنما
دين والخيححر أن ُيقحح ّ
ل ينبغححي علححى طححالب الحححق ،وصححاحب الحح ّ
المسائل ماا اسإتطاع ،وقد قال -جححل وعل : -
. )(1
109
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
110
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث العاشر
إن الله تعالى طيب ل يقبل إل طيبا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رأب العححالمين ،والصححلة والسححلم علححى أشححرف النبيححاء
والمرسإلين ،نبينا ماحمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال المصنف -رأحمه الله تعالى :-وعن أبي هريححرة قححال :قححال
رأسإول الله إن الله -تعالى -طيب ل يقبل إل طيبا ،وإن الله
أمار المؤمانين بما أمار به المرسإلين ،فقال تعححالى :
. (1)
وقال تعالى :
. (2)
ثأم ذكر الرجل يطيححل السححفر ،أشححعث أغّححبر ،يمححد يححديه إلححى
السماء :يا رأب ،يا رأب .وماطعمه وماشربه حرام ،ومالبسه حرام،
غّذيَ بالحرام ،فأّنى يستجاب له رأواه ماسلم . و ُ
هذا الحديث -أيضا -مان الحاديث الححتي قيححل فيهححا :إنهححا أصححل
مان أصول الدين ،يعني :أن كثيرا مان الحكام تدورأ عليها.
وهححذا الحححديث فيححه الماححر بالكححل ماححن الطيححب ،وأنححه سإححمة
المرسإلين ،وسإمة المؤمانين بالمرسإلين ،وأثأر ذلك الكل الطيححب
مان الحلل على عبادة المرء ،وعلححى دعححائه ،وعلححى قبححول اللححه
-جل وعل -لعمله ،فقال -رأحمه الله تعالى -وعححن أبححي هريححرة
قال :قال رأسإول الله إن الله طيب ل يقبل إل طيبا .
وقوله :إن اللححه طيححب يعنححي :أنححه -جححل وعل -مانححّزه عححن
النقائص والعيوب ،وأنه -جل وعل -له أنواع الكمالت في القححول
والفعل ،فكلماححه -جححل وعل -أطيححب الكلم ،وأفعححاله -جححل وعل-
كلها أفعال خير وحكمة ،والشر ليس إلى الله جل وعل .
111
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فالله -سإبحانه -طيب بما يرجع إلى ذاته ،وإلى أسإمائه ،وإلححى
صححفاته -جححل وعل -وماححن أوجححه كححونه طيبححا أنححه -جححل وعل -هححو
ن يسححلمالمستحق للعبادة وحده دونما سإواه ،وهو المسححتحق ل ْ
المرء وجهه وقلبه إليه -سإبحانه -دونما سإواه.
ولكونه -جل وعل -طيبا ل يقبل إل طيب ،فقال -عليه الصححلة
والسلم :-إن الله طيب ل يقبل إل طيبا .
وماعنححى قححوله :ل يقبححل يعنححي :ل يرضححى ،ول يحححب إل
الطيب ،وأيضا يعنححي :ل يححثيب ،ول يححأجر إل علححى الطيححب؛ فححإن
كلمة "ل يقبل" هذه -في نظائرها ماما جاء في السنة -قد تتوجه
إلى إبطال العمل ،وقد تتوجه إلحى إبطحال الثححواب ،وقححد تتححوجه
زم فححي الغححالب لبطححال إلى إبطال الرضححا بالعمححل ،وهححو ماسححتل ِ
الثواب والجر.
جزًئا ول يكون ماقبول ،كما جاء في
ما ْ
يعني :أن العمل قد يقع ُ
الحديث :ل يقبل الله صلة عبد إذا أبق حتى يرجع .
و مان أتى كاهنا أو عرافا لم تقبل له صلة أرأبعيححن ليلححة
وأشباه ذلك .
فتقررأ أن كلمة "ل يقبل" هذه تتجه إلححى نفححي أصححل العمححل،
يعني :إلى إبطاله ،كما في قوله :ل يقبل الله صلة حائض إل
بالخمارأ .
ل يقبل الله صلة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ .
هذه فيه إبطال العمل إل بهذا الشرط ،وقد تتجه إلى إبطال
الرضا به ،أو الثواب عليه ،فهذه ثألثأة أقسام.
هنححا إن اللححه طيححب ل يقبححل إل طيبححا تحتمححل بحسححب
العمل ،أن يكححون المنفححي الجححزاء ،أو أن يكححون المنفححي الجححر
والثواب ،أو أن يكون المنفي الرضا به والمحبة له ،يعنححي :لهححذا
العبد حين عمل هذا العمل.
112
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
113
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
والطيححب لححه دارأ الطيححبين ،كمححا قححال -جححل وعل: -
. (1)
ومان صارأ عنده خبث في بدنه ورأوحه ،نتيجة لخبث قححوله ،أو
خبث عمله ،أو خبث اعتقاد ،ولم يغفر الله -جل وعل -له ،فححإنه
ي ُط َّهر بالنارأ حتى يدخل الجنة طيبا؛ لن الجنة طيبة ل يصلح لها
إل الطيب.
وهذا -في الحقيقة -فيه تحذير شديد ،ووعيد وتخويف مان كل
قححول أو عمححل أو اعتقححاد خححبيث ،يعنححي :لححم يكححن علححى وفححق
الشريعة ،فالطيب هو المبرأ ماححن النقححص ،وأعظححم النقححص فححي
العمل ،أو مان أعظم ماا ينقص العمححل أن يتححوجه بححه إلححى غّيححر
صد به الدنيا.
ق َ
الله -جل وعل ،-وأن ت ُ ْ
صل هنححا أن قححوله :إن اللححه طيححب ل يقبححل إل طيبححا ح ّ
فت َ َ
يعني :ل يقبل مان العمل والقول والعتقاد إل ماا كان على وفق
الشريعة ،وأ ُِرأيد َ به وجهه -جل وعل ،-هذا حاصل تعريف الطيب؛
لن العلماء نظروا في كلمة "طيب" في وصف الله -جححل وعل-
وفيما ماا يقابلها ،وتنوعت أقوالهم ،والذي يحقق المقححام هححو ماححا
ذكرته لك.
قال -عليه الصلة والسلم :-وإن الله أمار المؤمانين بما أمار
به المرسإلين .
ماححُروا وأتبححاع المرسإححلين -الححذين هححم المؤمانححون-ُ
المرسإححلون أ ِ
ُأماروا -أيضا -بما ُأمار به المرسإلون ،فقال -جل وعل -فححي قححوله
في )(2
:
آية "المؤمانون".
وقال -جل وعل -في وصف المؤمانين ،أو في أماره للمححؤمانين
في آية "البقرة" :
. (3)
114
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
115
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
116
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
117
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
118
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وقد ثأبت بالسنن مان حديث سإححلمان الفارأسإححي أن النححبي
ي كريم ،يستحيي مان عبده أن يمد إليه يديه، حي ّ
قال :إن الله َ
يطلب فيها خيرا ،فيردهما صفرا خائبتين .
وهذا مان أعظم الداب ،فإذن نخلص مان ذلححك إلححى أن آداب
الدعاء كثيرة ،وهذا ماثل قاله -عليه الصلة والسلم -يعني ماثل
أثأر الحلل الطيب في العبادة ذكر الدعاء ،كححذلك لححه أثأححر فححي
الصلة ، ،له أثأر في العبادات ،في الذكر ،إلى آخره.
فالله -جل وعل -ل يقبل إل طيبا ،فمن أكححل حراماححا فيتحححرك
بجسده في حرام ،فقد تجزئه صلته ،لكن ل يكون بتحركه فححي
بححدنه بحححرام مارضححيا عنححد اللححه -جححل وعل ،-ولححو كححانت صححلته
خاشعة؛ بل أعظم ماا ي ُب َّر به البدن أن يكون البدن طيبا بالكل،
فل يأكل إل ماا يعلم أنه حلل ،بما يعلم أنه طيب ،فهذا له أثأححر
في رأضا اللححه -جححل وعل -عححن العبححد ،وقبححوله لصححلته وصححياماه،
وقبوله لعماله كلها.
قوله في آخححره :ف أنى يسححتجاب لححذلك " أن ى يسححتجاب
لذلك" :يعني عجيب وبعيد أن يستجاب له ،وقد يستجاب له ،قد
يسححتجاب لححه لعححارأض آخححر ، ،صححادفه اضححطرارأ ،وشححدة إلحححاح،
طى ماعها حتى الكافر وحاجة مااسإة ،فهذه ي ُعْ َ
. (1)
فالمشرك قد يستجاب له ،وكذلك المؤمان العاصي الذي أكل
الحرام قد يستجاب له ،لكن في حححالت قليلححة ،وذلححك إذا كححان
- 1سإورأة العنكبوت آية .65 :
119
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ماجححاب الححدعوة
ماعها حالة اضطرارأ ،أو شفع له غّيره ،وكان ماع ُ
ن عليه ،أو ماا شابه ذلك مان السإتثناءات الححتي ذكرهححا أهححل َ
ما َ
فأ ّ
العلم .
120
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
121
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
المسألة ،أو إلى ماا هو حلل بيقين عنده ،أو ماال اشححتبه عليححه،
فيدع ماا يريبه مانه ،ويأتي ماا ل يريبه .
وكذلك في العبادات ،وإذا قلنا :العبادات ،فنعني بها الشححعائر؛
لن العلماء إذا قالوا :العبادة -بالفراد -أرأادوا مانها ماا يدخل فححي
تعريف العبادة" :اسإم جاماع لكل ماا يحبه الله ويرضححاه " ..إلححى
آخره.
وإذا قيل :العبححادات -بححالجمع -فيريححدون بهححا الشححعائر :الصححلة،
والزكاة ،والصيام ،والحج ،والجهاد ،وأشباه ذلك .ففححرق ماححا بيححن
الفراد والجمححع ،كمححا فرقححوا بيححن السححماء والسححماوات ،ونظححائر
ذلك.
في العبادات -أيضا -يححأتي اليقيححن ،وإذا طححرأ الشححك عليححه فل
يدع هذا اليقين لشك طرأ؛ لن اليقين ل يريبححه ،وماححا وقححع فيححه
مان الشك هذا يريبه ،ول يطمئن إليه.
فإذا اشتبه عليه -ماثل -في الصلة هل أحدث ،أم لم يحححدث
؟ هل خرج مان شيء ،أم لم يخرج مانححه شححيء ؟ فيبنححي علححى
الصل ،وهو ماا ل يريبححه ،وهححو أنححه دخححل الصححلة علححى طهححارأة،
ماتيقن مانها ،فيبني على الصل ،ويدع ماا طرأ عليححه ماححن الشححك
ك هححل أحححدث أم ل؟ يبنححي علحى إلى اليقين ،كان ماتطهحرا فشح ّ
الصل ،ويدع الشك.
وهذا أصل عظيم -كما ذكرنا -هذا الحححديث أصححل عظيححم ماححن
ماّر ماعنححا فححي حححديث النعمححان بححن البشححير،
أصول الشريعة كما َ
فيدخل فيه ترك جميع ماا يريب المسلم إلى شححيء يححتيقن ماححن
جوازه ،وأل يلحقه به ،وأنه ل يلحقه به إثأم ،أو شيء فححي دينححه
أو عرضه.
لهذا جاء هذا المعنى في أحاديث كححثيرة ،وقححال ابححن ماسححعود
-رأحمه اللححه" :-د َع ْ الواحححد الححذي يريبححك -يعنححي :الشححيء الواحححد
الذي يريبك -إلى أرأبعة آلف ل تريبك".
يعني ابن ماسعود -رأحمه الله -أن الذي يريب قليل ،والذي ل
يريححب المححرء -سإححواء فححي القححوال أو فححي العمححال أو فححي
122
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
123
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
124
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
125
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
126
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
127
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الشرع المسلم له بها عناية ،وأن فقه الكتححاب والسححنة لححه بححه
لكل ماسلم به عناية ،يعني :فيشتد اهتماماه بها .
فإذا ً الهتمام بما فيه فقه للنصوصا هذا ماما يدل على حسن
إسإلم المرء ،قال :مان حسن إسإلم المرء تركه ماا ل يعنيححه
بالمفهوم أن مان حسن إسإلم المرء الهتمام بما يعنيه ،ماححا
ل يعني المرء المسلم مان القوال التي ليس لهححا نفححع لححه فححي
دينه ،ول في دنياه أو في آخرته أو في أوله ،فإن تركها مان
حسن إسإلم المرء ،وهذا عام يشمل ماا يتصل بفضول العلححوم
التي ل تنفعه ،وبفضول المعامالت ،وبفضول العلقات ،ونحححو
ذلك فتركه ماا ل يعنيه في دينه فإنه هذا دليل حسن إسإلماه.
يعني :دليل رأغّبتححه فححي الخيححر؛ لن التوسإححع ،أو إتيححان ماححا ل
يعني في العلقات ،أو في القوال أو في السمع … إلححخ هححذا
زرأيعححة لن يرتكححب شححيئا ماحرماححا ،أو أن يفححرط فححي واجححب ،
تفوته رأتبة المقتصدين التي هي أقل رأتب أهل حسن السإلم.
أدخل الشراح أيضا وهذا واضح وب َي ّححن ،وقححد جححاء فحي بعحض
الحاديث أن ماما ل يعني المرء الكلم أو السماع ،الكلم نطقا
أو سإماع الكلم ،يعني :أن مان حسن إسإلم المرء تححرك ماححا ل
يعنيححه ماححن الكلم ،سإححماعا أو نطقححا ،وهححذا ظححاهر بيححن ؛ لن
اللسححان هححو ماححورأد الزلححل ،والذن أيضححا هححي ماححورأد الزلححل ،
فاللسححان نطقححا ماحاسإححب عليححه العبححد
(1) وهذه الية عاماة ،فححإن الملححك
يكتب كل شيء حتى الشياء التي ل تؤاخذ بها .
قال بعض السلف :يكتب حتى أنين المريض ،يعني :حتى ماححا
ل يؤاخذ به فإنه يكتبه ،وهذا هححو الراجححح فححي أنححه يكتححب كححل
شححيء ،ول تختححص كتححابته بمححا فيححه الثححواب والعقححاب ،وذلححك
لدليلين :
الول :أن قوله" :مان قول" هذه نكرة فححي سإححياق النفححي ،
وسإبقتها مان ،وهذا يدل علححى التنصححيص الصححريح فححي العمححوم
128
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
يعنححي :الححذي ل يتخلححف ماعححه شححيء ماححن أفححراده ألبتححه
(1) فأي قول لفظ فإنه يكتب .
الدليل الثاني :أن تقسيم ماا يكتبه الملك إلححى أنححه يكتححب
ماا فيه الثواب والعقاب ،هحذا ُيحتحاج لحه ،أن ُيثبحت أن الملحك
الذي يكتب عنده التمييز في العمال ماا بين ماححا فيححه الثححواب ،
وماا ل ثأواب فيه ،والتمييز في النيات وأعمال القلححب والقححوال
التي تصدرأ عن أعمال القلوب ...وإلخ .
قال شيخ السإلم ابن تيمية في كتاب اليمان :وهذا ل دليل
عليه ،يعني :أن الملك يعلم ماا يثاب عليه مان القوال ،وماا ل
يثاب عليه ،وإنما الملك كاتب ،كما قححال -جححل وعل : -
(3) (2) إلخ .دل هذا على أن ترك ماا
ل يعني في القوال فححي القححول لفظححا أو سإححماعا أن هححذا مامححا
تعظم به درأجة العبد .
(4) فلهذا يظهر مان الحديث عند
كثيرين أن المراد به -كمحا ذكحرت -القحول أو السحماع ،فيحدخل
فيه إذن البحث عن أحوال ل تخصك ،أو ل تعنيك فححي دينححك ،
أو الحرصا على ماعرفححة الخبححارأ ،أخبححارأ فلن ،وأيححش عمححل ،
وى وقال وفعل ،وخبره ماع فلن ،وأيش عنححدك ماححن وأيش سإ ّ
الخبارأ ،وأيش قال فلن ،والناس أيش عملوا ،ونحو ذلك .
فالهتمام بهذه الشياء بما ل يعني هذا ماخالف لما يدل عليه
حسن السإلم ،فمن أدلة حسن السإلم ترك ماححا ل يعنححي ماححن
فضول القوال ،وفضول ماا يسمع .
هحذا الححديث ماحن أححاديث الداب العظيمحة فينبغحي لنحا فإذا ً
أن نحرصا على حسن السإححلم ؛ لن فيححه ماححن الفضححل -وجوبا-
ماا فيه ،ومان حسن السإلم أن نترك ماححا ل يعنححي ماححن العظيم
- 1سإورأة ق آية .18 :
129
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
131
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
132
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
اليمان فيها علححى بححاب واحححد ،وهححو أنححه ينفححي كمححال اليمححان
الواجب .
ثأم قوله -عليه الصلة والسلم : -حتى يحب لخيه ماححا يحححب
لنفسه هذا يشمل العتقاد والقححول والعمححل ،يعنححي :يشححمل
جميححع العمححال الصححالحة ماححن القححوال والعتقححادات والفعححال ،
فقوله :حتى يحب لخيه ماا يحب لنفسححه يشححمل أن يحححب
لخيححه أن يعتقححد العتقححاد الحسححن كاعتقححاده ،وهححذا واجححب ،
ويشمل أن يحب لخيه أن يكون ماصليا كفعله .
فلححو أحححب لخيححه أن يكححون علححى غّيححر الهدايححة فححإنه ارأتكححب
ماحرماا فانتفى عنه كمال اليمان الواجب ،لححو أحححب أن يكححون
فلن مان الناس على غّيححر العتقححاد الصحححيح الموافححق للسححنة ،
يعني :على اعتقاد بدعي فححإنه كححذلك ينفححي عنححه كمححال اليمححان
الواجب ،وهكذا في سإائر العبادات ،وفي سإائر أنححواع اجتنححاب
المحرماات ،فإذا أحب لنفسه أن يترك الرشوة ،وأحححب لخيححه
أن يقع في الرشوة حتى يبرز هو كان مانفيا عنه كمال اليمححان
الواجب ،وهكذا في نظائرهما .
وقد جاء في النسائي -يعني :في سإنن النسححائي -وفححي غّيححره
تقييد ماا يحب هنا بمححا هححو ماعلححوم ،وهححو قححوله :ح تى يحححب
لخيه ماا يحب لنفسه مان الخير وهذا ظاهر غّير بين ،ولكن
التنصيص عليه واضح .
أماا أماورأ الدنيا فإن ماحبة الخير لخيه كما يحححب لنفسححه هححذا
ماسحتحب ؛ لن اليثحارأ بهحا ماسححتحب ،وليححس بححواجب ،فيححب
لخيه أن يكون ذا ماال ماثححل ماححا يحححب لنفسححه هححذا ماسححتحب ،
يحب لخيه أن يكون ذا وجاهة ماثل ماا له هذا ماستحب ،يعني:
لو فرط فيه لم يكن مانفيا عنه ،لم يكن كمال اليمان الواجب
مانفيا عنه ؛ لن هذه الفعال ماستحبة ،فححإذا صححارأ المقححام هنححا
على درأجتين ،إذا كان ماا يحبه لنفسه ماتعلقا بأماورأ الدين فهذا
واجب أن يحب لخوانه ماا يحب لنفسه ،وهذا هو الذي تسححلط
نفي اليمان عليه .
133
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ل يؤمان أحدكم حتى يحب لخيه ماا يحب لنفسه يعني:
مان أماورأ الدين أو مان الماورأ التي يرغّب فيها الشارأع وأمار بها
أمار إيجححاب أو أماححر اسإححتحباب وكححذلك ماححا نهححى عنححه الشححارأع ،
فيحب لخيه أن ينتهححي عححن المحرماححات ويحححب لخيححه أن يححأتي
الواجبات ،هذا لو لم يحب لنتفى عنه كمال اليمان الححواجب ،
أماا أماورأ الدنيا -كما ذكرنا -فإنها على السإتحباب يحب لخيه أن
يكون ذا سإعة في الرزق فهذا ماستحب ،يحب أن يكون لخيححه
ماثل ماا له مان الجاه ماثل أو مان المال أو ماححن حسححن الححترتيب
أو مان الكتب أو… إلخ فهذا كله رأاجع إلى السإتحباب.
ويتفرع عن هذا ماسألة اليثارأ ،واليثارأ مانقسم إلححى قسححمين
:إيثارأ بالقرب ،وإيثارأ بأماورأ الدنيا ،...أماا اليثححارأ بححالقرب فححإنه
ماكروه لنه يخححالف ماححا أمارنححا بححه ماححن المسححابقة فححي الخيححرات
والمسارأعة فححي أبححواب الطاعححات
(2) (1) فالمسارأعة والمسابقة
تقتضححي أن كححل بححاب ماححن أبححواب الخيححر يسححارأع إليححه المسححلم
ويسحححححححححبق أخحححححححححاه إليححححححححه
. (3)
والقسم الثاني اليثارأ في أماورأ الدنيا يعني :فححي الطعححام فححي
الملبس في المركب في التصدرأ في ماجلس أو ماححا أشححبه ذلححك
فهذا ماستحب أن يؤثأر أخاه في أماورأ الدنيا كما قال -جل وعل-
في وصف خاصة المؤمانين :
)(4
فدلت الية على أن اليثارأ بححأماورأ الححدنيا ماححن صححفات المححؤمانين
وهذا يدل على اسإتحبابه ،
صلة هذا بالحديث ،قال :ل يؤمان أحدكم حتى يحب لخيححه
ماا يحب لنفسه يحب للخأ ماا يحب للنفس ،قد يقتضي هذا
أن يقدماه ،فهل إذا كان في أماورأ الدنيا يقدماه على ماححا ذكرنححا
؟
- 1سإورأة الحديد آية .21 :
134
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
136
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
137
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
رأسإول الله ! هذا القاتححل فمححا بححال المقتححول ؟ قححال :إنحه كححان
حريصا على قتل صاحبه وهذا يدل على أن ماححن سإححعى فححي
قتل المسلم ،وأتى بالسإباب التي بها يقتل المسحلم فحإنه فحي
النارأ ،قال :فالقات ل والمقتححول فححي النححارأ وهححذا ل ينححافي
عدم المؤاخذة ،ماؤاخذة المسلم بهمه .
وماا جحاء فحي الححديث إذا هحم عبحدي بالسحيئة فل تكتبوهحا
عليه والحححديث الخححر -أيضححا -الححذي فححي الصحححيح إن اللححه
تجاوز لماتي ماا حدثأت به أنفسها ،ماا لم تعمححل أو تتكلححم ؛
لن هححذا الحححديث الححذي هححو القاتححل والمقتححول فححي النححارأ
المقتحول وإن ل م يفعحل فهحو فحي النحارأ ؛ لنحه قحد سإحعى فحي
السإباب ،وعدم الحصول لم يكن لرأادته عدم الحصول ،وإنما
لتخلف ذلك عنه بأمار قحدرأي ،فيحدل هحذا علحى أن ماححن سإحعى
في أسإباب القتل ،أو في أسإباب المحرم ،وتمكححن مانهححا لكححن
تخلفت عنه لسبب ليس إليه فإنه يعتبر كفاعلها مان جهححة الثأححم
،بل إن الذي يرضى بالذنب كالذي فعله يعني :مان جهححة الثأححم
وهذا ظاهر مان الدلة .
فقوله -عليه الصلة والسلم -هنا :ل يحل دم امارئ ماسححلم
إل بإحدى ثألث يدل على تعظيم حرماة دم المرء المسححلم ،
وقححوله :دم اماححرئ ماسححلم هنححا قححال :ماسححلم ،والمقصححود
بالمسلم هو :الذي حقق السإححلم ،يعنححي :أصححبح ماسححلما علححى
الحقيقة ،ل على الدعوة ،يعني :مان شهد أن ل إله إل اللححه ،
وأن ماحمدا رأسإول الله ،وأتى بالتوحيد .
أماححا المشححرك -الشححرك الكححبر -والمبتححدع -البدعححة المكفححرة
المخرجة مان الدين -وأشباه ذلك فل يدخلوا في وصححف السإححلم
في هذا الحديث ،ول في غّيححره ؛ لن المسححلم هححو ماححن حقححق
السإلم بتحقيق التوحيد يعني :بإتيانه بالشهادتين وماقتضى ذلك ،
وكونه لم يرتكب ماكفرا ،ول شححركا أكححبر ..قححال :إل بإحححدى
ثألث وهذا اسإتثناء أو يسمى حصرا ؛ لنه اسإتثناء بعد النفححي
.
138
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
139
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وأشباه ذلك في حوادث تدل على أن الرجم فعل مان غّير جلد
.
وقد قال بعض أهل العلم مان الصحابة فمن بعححدهم كعلححي
إنه يجلد ثأم يرجم ،كما ثأبت في صحيح البخارأي -رأحمححه اللححه -
أن عليحا جلححد زانيححا ثأيبحا ثأحم رأجمححه فقحال :جلححدته بكتحاب اللحه
ورأجمته بسنة رأسإول الله يريححد أنححه جلححده بعمححوم قححوله
-جل وعل (1) : -لن
الية ليس فيها تفصيل هل هو ماحصححن أم غّيححر ماحصححن ؟ هححل
هو ثأيب أم بكر ؟
والسنة فيها الرجم ،فدل هذا عنده على الجمع بين الجلد
والرجم ،وهو رأواية عن الماام أحمد ،وكححثير ماححن أهححل العلححم
على الكتفاء بالرجم ؛ لن النبي اكتفى بححالرجم فححي حححوادث
كثيرة ،أو في حوادث ماتعددة ،حيث رأجم ماححاعزا والغاماديححة ،
واليهودي واليهودية دون جلد -كما هو ماعروف. -
فقال بعضهم :الجمع بيححن الجلححد والرجححم رأاجححع إلححى الماححام
فيما يراه مان جهة كثرة النكال ،والمبالغة فيه .
المقصحود ماحن هحذا :أن الحثيب إذا زنحى ،وتحققححت شحروط
الزنا كامالة ،بما هو ماعروف بشهادة أرأبعة ،أو بححاعترافه علححى
نفسه اعترافا ماحققححا ،ل يرجححع فيححه أنححه يرجححم ،وذلححك حححتى
يموت ،قال هنا :الثيب الزاني يعني :يحل دماه ،يحححل دم
الثيب إذا زنححى ،قححال :والنف س بححالنفس النفححس بححالنفس
هذه كما قال -جل وعل -في القرآن :
(2) وقال -جل وعل -أيضا :
(3) الية فدل ذلك على أن النفس تقتححل بححالنفس ،
فححإذا اعتححدى أحححد علححى نفححس ماعصححوماة فححإنه يقتححل ،إذا كححان
اعتداؤه بالقتل عمدا .
140
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
141
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
142
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
رأأيته بعيني فاسإتبحت دماه لذلك فإنه يقتل ،ول يجوز له ؛ لن
الله -جل وعل -جعل ثأبوت الزنا مانوطا بشهادة أرأبع .
ولو شهد ثألثأة مان أعظم المسلمين صلحا على حصول الزنا
،وأنهححم رأأوا ذلححك بححأعينهم ل َححد ُرأِئَ الحححد ّ ،ولقيححم علححى هححؤلء
الص لحاء ححد القحذف ؛ لنهحم قحذفوه ،ول م يكمحل أرأبعحة ماحن
الشهداء ،كما هو بين لكم في أوائل سإورأة النورأ .
كذلك مان قال :هححذا ارأتححد عححن دينححه فأنححا أقيححم عليححه الحححد
وأقتله ،وأبيح دماه لجل هذا الحديث فححإن هححذا افتئححات وتعححد ،
ول يباح له أن يفعل ذلك ،ودماه ل يحل لكل أحد .
فإذن قوله -عليه الصلة والسلم : -ل يحل دم امارئ ماسلم
إل بإحدى ثألث إحلله لولي المار أو لنوابه مامن جعححل اللححه
-جل وعل -إليهم إنفاذ الحدود وقتل مان يستحق القتل ،أماا لححو
جعل هذا لكل أحد لصارأ في ذلك اسإتباحة عظيمححة للححدمااء ؛ إذ
المختلفون كثيرا ماا يكفر أحدهم الخر إذا لم يكونححوا ماححن أهححل
السنة والعتدال ،فإذا قيل بظاهره -ول قائل به -فإنه يعني أن
مان حكم على الخر بأنه كافر فإنه ينفذ ذلك .
ثأم ها هنا ماسألة ماتعلقححة بححذلك :إذا كححان فححي بلححد ل يوجححد
إماام أو ولي أمار ينفذ الحكححام ،فهححل للمسححلم إذا ثأبححت عنححده
شيء مان ذلك أن ينفذ الحكام ؟ والجواب :ل ،كما هو قححول
عاماة أهل العلم ،إذ يشترط لنفاذ الحكام التي فيهححا اسإححتباحة
للدم أو المال أو العراض ،أو ماا أشبه ذلك ،هذا إنمححا يكححون
للماام ،فإذا لم يوجد لم يجز لحد أن ينفذ هححذا إل فححي حالححة
واحدة وهي :أن يأتي أحد إلى مان يرى فيححه العلححم أو الصححلح
ويقول :أنا ارأتكبت حدا -فيما دون القتححل -يعنححي ارأتكبححت زنححا ،
وكححان غّيححر ماحصححن أو قححال :شححربت الخمححر أو قححذفت فلنححا
فطهرني بالجلد يعني :بما دون القتل فهذا ل بأس به عند كححثير
مان أهل العلم ؛ لن إرأادة التطهير له ،وإذا جلد فإن هذا له ،
وليس فيه اسإتباحة الدم .
أماححا اسإححتباحة الححدم ،أو تطححبيق الحححدود فححي غّيححر حححال ماححن
يرضى بتطبيقها عليححه فححإنه ل يجححوز بقححول عاماححة أهححل العلححم ،
143
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فتلخص مان هذا أن إقاماة هذه الشياء رأاجعة إلححى الماححام ولححي
المار المسلم ،أو مان ينيبه .
والثاني :أنه في بلد ل يوجححد فيهححا ماححن ينفححذ أحكححام اللححه
-جل وعل -فل يجوز إنفاذ أحكام القتل ؛ لن هذه ماعلقححة بححولي
المار المسلم ،والنبي في ماكة ،والصحححابة فححي بعححض البلد
التي ل يقام لم يقيموا فيها ذلححك ،وكححذلك العلمححاء فححي بعححض
البلد كما كان في الدولة العبيدية ،وأشححباه ذلححك فححإن العلمححاء
لم يقيموا الحدود بالقتل ،وأشباه ذلك .
الحالة الثالثة :فيما دون القتل ،يعنححي فيمححا فيححه تطهيححر
بجلد ونحوه :
إذا اختارأ المسلم عالما وقال :طهرني بالجلد مان ذلححك فححإن
ذلك جائز ؛ لن هذا فيححه حححق لححه ،ويريححد التطهيححر ول يتعححدى
ضررأه ،وهذا عند بعض أهل العلم .
وآخرون يشترطون في الجميححع إذن الماححام ،أو وجححود ولححي
المار المسلم .
144
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
145
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
قال -جل وعل: -
. )(1
146
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
147
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ماوقف السيارأات -ماثل -أو في غّذاء الطفال ،أو ماا أشبه ذلححك
،فيدخل هذا جميعا في إكححرام الجححارأ ،ويححدخل فيححه -أيضححا -أن
يكرم الجارأ في المطعم والملبس ،وأشباه ذلححك يعنححي أنححه إذا
كان عنده طعام فإنه يطعم جارأه مانه .
وقد كان -عليه الصححلة والسححلم -رأبمححا طهححا فححي بيتححه بعححض
اللحم فقال :أرأسإلوا لجارأنا اليهودي ماححن مارقححة هححذا اللحححم
وهذا في حق الجارأ الكافر ،ولهذا رأأى طائفة ماححن أهححل العلححم
كأحمد في رأواية ،وكغيححره أن إكححرام الجححارأ فححي هححذا الحححديث
عام يدخل فيه إكرام الجارأ المسلم ،وإكرام الجارأ الكافر .
وإكرام الجححارأ المسحلم لححه حقححان :لسإححلماه ولجححوارأه ،فححإذا
إكرام الجارأ كلمة عاماة يدخل فيهححا أداء ماححا لححه ماححن الحقححوق ،
وكف الذى عنه ،وبسط اليد له بالطعححام وماححا يحتححاجه ،وهححذا
-أيضححا -ماححع قححول اللححه -جححل وعل : -
(1) والماعون هو :ماا يحتاج إليه في العارأة
.
(2) يعني :يمنعححون ماححا يحتححاج إليححه
المسلمون في العارأة ،فإذا احتاج جارأك إلححى أن تعيححره شححيئا
مان أدوات الطهي أو شيئا مان أدوات المنزل ،أو مان الثأححاث ،
أو ماا أشبه ذلك فإن مان إكراماه أن تعطيه ذلك .
أماا إذا كان يتعدى على أشيائك ،ويتلف المال فهذا ل يكون
له الحق في إكراماه بذلك ؛ لنه ماظنة التعدي .
الجارأ هنا قسمان :جارأ قريب ،وجارأ بعيد ،وفححي القسححمين
جاء قول الله -جححل وعل -فححي سإححورأة النسححاء :
(3) فق وله :
(4) فسرت بتفسيرين :
148
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
149
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فيها الخان ،ويوجد فيها الدورأ التي تؤجر فإنه ل تجب الضيافة
؛ لنه ل يضيف ماع ذلك إل إذا كان ماحتاجا لها ،ول ماكححان لححه
يؤويه فإنه يجب علححى الكفايححة أن يعطيححه كفححايته ،وأن يضححيفه
يوماا وليلة ،وتمام الثلثأة ماستحب ،يعنححي فححي ماكححان ل يوجححد
فيه دارأ يمكنه أن يستأجرها .
أماا ماثل الن فححي ماححدننا الكبححارأ هححذه فإنهححا ل تجححب ،وإنمححا
تستحب ،في القرى في الطراف ،وأهل الخيام ،ونحححو ذلححك
إذا نزل بهم الضياف فإنه يجب عليه أن يقريهححم يوماححا وليلححة ،
وتمام الضيافة ثألثأة أيام بلياليها .
إذا تقررأ هححذا فمححا الحذي يقحدماه ؟ الححذي يقححدماه للضحيف ماحا
تيسححر لححه ،يعنححي ماححا يطعمححه هححو وأهلححه ،ول يجححب عليححه أن
يتكلف له في ذبح ،أو تكلف طعام كثير ،أو ماا أشححبه ذلححك ،
فالذي يجب ماا يطعمه به ،ويسد عححوزة هححذا الضححيف ،أو ماححا
يسد جوعه يعني مان الطعام المعتاد الذي يأكله .
وقد جاء في الثأر :أن قوماا مان أهل الكتاب أرأسإلوا لعمر
عمر بن الخطاب فقالوا له :إن المسلمين إذا ماروا بنححا كلفونححا
ذبح الدجاج لهم ،وإن هذا ل نطيقه ،فأرأسإل إليهححم عمححر بمححا
حاصله أن أطعموهم ماما تأكلون ول تتكلفوا لهم .
وهذا ظاهر مان حيث الصول في أن الكرام ل يعني التكلف
،وهذا الوجوب في حححق ماححن عنححده فضححل فححي ماححاله ،يفيححض
ويزيد عن حاجته الضرورأية ،وحاجة ماححن يعححوله ،أماححا إذا كححان
ماحتاجا هو ومان يعوله ماحتححاج لهححذا الطعححام ،فححإن ماححن يعححوله
أولى مان الضيف في الشرع .
150
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
152
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
154
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وفعله كلما كان أقرب إلى الله -جل وعل ، -وهححذا ماححن صححفات
خاصة عباد الله .
155
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فدل على وجوبها أشياء مانها :أنه وصفها بأنها كتاب فقال -جل
وعل (2) : -وقال -جل وعل : -
(3) وقال -جل وعل : -
(4) وقال -جل وعل : -
(5) في آيات كثيرة فيها لفظ الكتاب .
فلفظ "كتب" وماا تصرف مانه يححدل علححى أنححه واجححب ،يعنححي
يدل على أن المكتوب واجب ،ومانه الحسان ،إن الله كتب
الحسان على كل شيء وقوله هنححا :كت ب الحسححان علححى
كل شيء كلمححة "علححى" هنححا فيهححا احتمححال أن تكححون كتححابته
الحسان على كل شيء كتابة قدرأية ،يعني أنه كتبها قدرأا بححأن
الشححياء تمشححي علححى الحسححان ،وأن اللححه -جححل وعل -ألهححم
ماخلوقاته الحسان .
ويحتمل أن تكون الكتابة هنا شرعية ،فيكون ماعنى قوله :
كتب الحسان على كل شيء أن تكححون "علححى" هنححا بمعنححى
- 1سإورأة النساء آية .103 :
156
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
157
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
لهذا أمار الله -جل وعل -فححي سإححورأة النحححل بالحسححان فقححال
-جل وعل -
(1) هذا يشمل جميع الشريعة.
الحسان في التعامال ماع الخلق ،وهذا يكححون بححأداء الحقححوق
الححتي لهححم ،وعححدم ظلمهححم فيمححا لهححم ،والخلححق ماتنوعححون ،
أصناف شتى فكححل أحححد ماححن الخلححق لححه حححق ،فححأعلى الخلححق
ماقاماححا مامححا لححه حححق النححبي -عليححه الصححلة والسححلم -فالحسححان
المتعلححق بالمصححطفى -عليححه الصححلة والسححلم -أن تحسححن فححي
الشهادة له بالرسإالة ،بأن تصدقه -عليه الصلة والسححلم -فيمححا
أخبر ،وأن تعبد الله على ماا جححاء بححه المصححطفى وأن تقححدم
ماراده -عليه الصلة والسلم -في الححدين علححى ماححا تشححتهيه أنححت
مان الهواء والبدع ،فهذا إحسان في حق المصطفى .
إحسان في حق الوالدين ،أمار الله -جل وعل -به فححي قححوله
)(2
:
فهذا إحسان في حق الوالدين )(3
بإعطاء الوالدين الحقوق الواجبة التي لهححم ،إحسححان فححي حححق
المؤمانين بعاماة ،إحسان في ححق العصحاة ،إحس ان فحي ححق
العلماء ،إحسان في حق ولة المار ،إحسان في حححق الكححافر
-أيضا. -
وهكذا فكل نوع مان أنواع الخلححق يتعلححق بحه نححوع ماححن أنححواع
الحسان ،جاءت الشريعة بتفصيله ،حتى الحيححوان ماححن الخلححق
تعلق الحسان به ،بما ماثل به المصطفى بقوله فإذا قتلتم
فأحسنوا القتلة هذا تمثيل لنوع مان أنححواع الحسححان ،تعلححق
بنححوع ماححن أنححواع المخلوقححات ،فححذكرنا أن الحسححان علححى كححل
المخلوقات يعني :في كل المخلوقات التي تعاشرها ،ومان هذه
المخلوقات الحيوانات ،فالحيوان كيف تحسن ؟
ل المصطفى بالحيوان تمثيل وتنبيها للحسان في غّيره ، ماث ّ َ
فقال -عليه الصلة والسلم -فإذا قتلتم فأحسنوا القتلححة ،وإذا
- 1سإورأة النحل آية .90 :
158
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
159
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
في التعامال ماع نفسه ،وماع الخلق ،وماع الحيوان ،حححتى ماححع
النبات فيه إحسان ،حتى ماع الجن ،حتى ماححع الملئكححة ،إلححى
آخر ذلححك ،حححتى ماححع ماخلوقححات اللححه فححي كححل شححيء إحسححان
بحسبه .
وهذا ماقام عظيم أمار الله -جل وعل -به :
(1) فعل ى طلب العلححم أن يحسححنوا فححي
أقوالهم ،وفي أعمالهم ،وفي تعامالهم ماححع رأبهححم -جححل وعل، -
وفي تعححامالهم ماححع الخلححق بححأنواعه المكلفيححن وغّيححر المكلفيححن ،
الجبال والنبات والشجر والدواب ،إلى آخر ذلك .
فالله -جل وعل -كتب الحسان على كل شيء .
وبهذا القدرأ الكفايحة ،وص لى الل ه وسإحلم وبحارأك علحى نبينحا
ماحمد .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله ،والصلة والسلم على رأسإول اللححه ،وعلححى آلححه
وصحبه ومان اهتدى بهداه .
أماا بعد ،فنكمل شرح الحاديث النووية الرأبعين ،وقد وقفنا
على الحديث الثامان عشر .
160
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
161
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وأشباه ذلك . )(1
162
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
163
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
164
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
تكون فيه أو زماان تكون فيه إل وثأم أمار أو نهي مان الله -جل
وعل -يتوجه للعبد.
والوصية بححالتقوى هححي أعظححم الوصححايا ،
(1) وكان الصحابة -رأضححوان اللححه عليهححم -كححثيرا
ماا يوصي بعضهم بعضا بتقوى الله ،فهححم يعلمححون ماعنححى هححذه
الوصية العظيمة .
قال -عليه الصلة والسلم : -وأتبع السيئة الحسححنة تمحهححا
.
أتبع الفاعححل أنححت ،والسححيئة هححي المتبوعححة ،والحسححنة هححي
التابعة ،يعنححي :اجعححل الحسححنة ورأاء السححيئة -بعححد السححيئة ،-إذا
عملت سإيئة فأتبعها بحسنة ؛ فإن الحسححنات يححذهبن السححيئات ،
كما قال -جل وعل : -
. )(2
165
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وكححل سإححيئة لهححا ماححا يقابلهححا ،فليححس كححل سإححيئة تمحوهححا أي
حسححنة فححإذا عظمححت السححيئة وكححبرت فل يمحوهححا إل الحسححنات
العظام؛ لن كل سإيئة لها ماا يقابلها مان الحسنات .
ولهذا جاء أن الرجل إذا غّلط أو جححرى علححى لسححانه كلمححة :
والكعبة أو أقسم بغير الله فإن كفارأة ذلحك ماحن الحلححف بالبحاء
وأشباه ذلك أن يقول ل إله إل اللححه؛ لن ذاك شححرك ،وكفححارأة
الشححرك أن يححأتي بالتوحيححد ،وكلمححة ل إلححه إل اللححه هححي ماححن
الحسنات العظام ،كلمة التوحيد مان الحسنات العظام .
إذن فالسيئات لها حسنات يمحو الله -جل وعل -بها السححيئات
،وهذا يدل على أن السيئة تمحى ،ول تححدخل فححي الموازنححة ،
وظاهر الحديث :أن هذا فيمن أتبعها يعني :أنححه إذا أتححى بسححيئة
أتبعها بحسنة بقصد أن يمحححو اللححه -جححل وعل -مانححه السححيئات ؛
لنه قال وأتبع السيئة الحسنة تمحها فإذا فعل سإيئة سإعى
في حسنة لكي تمحى عنه تلك السيئة .
والحديث الذي ذكرنا ،وعموم الية :
)(1
يدل على عدم القصد ،فالحديث هذا دل على القصححد ،يعنححي:
أن يتبعهححا قاصححدا ،واليححة والحححديث ؛ آيححة هححود وحححديث ابححن
ماسعود الذي في البخارأي تدل على عدم اعتبارأ القصححد ،فهححل
هذا في كل العمال؟ أم أنه يحتاج إلى أن يتبع السيئة الحسنة
حتى يمحوها الله -جل وعل -عنه بقصد التباع ؟
هذا ظاهر في أثأره ،فححأعظم ماححا يمحححو اللححه -جححل وعل -بححه
السيئات أن يأتي بالحسنة بقصد التكفير ،فهذا يمحو الله -جل
وعل -به الخطيئة ؛ لنه جمححع بيححن الفعححل والنيححة ،والنيححة فيهححا
التوبة والندم على تلك السيئة ،والرغّبححة إلححى اللححه -جححل وعل-
في أن يمحوها الله -جل وعل -عنه .
إذن فهي مرتبتان -:
166
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
167
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
168
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
169
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
يريد )(1
كما قال -جل وعل: -
. )(2
بها ماا جاء في الية قبلها :
وثأبت -أيضا -في ماسلم أنححه -عليححه الصححلة والسححلم -قححال :
أصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد :
170
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
171
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الفتححن وأن يحفظححه اللححه -جححل وعل -ماححن تقليححب القلححب ،يححا
ماقلب القلوب ثأبت قلبي على طاعتك يا ماصححرف القلححوب
صرف قلوبنا إلى طاعتك ونحو ذلك .
وكان كثيرا ماا يقسم ل وماقلححب القلححوب فالعبححد أعظححم
المطالب التي يحححرصا عليهححا أن يسححلم لححه دينححه ،واللححه -جححل
وعل -قححد يبتلححي العبححد بخلححل فححي دينححه ،وشححبهات تطححرأ عليححه
ه -جححل وعل -فيححه ؛ لتفريطه في بعض ماححا يجححب أن ُيحفححظ اللحح ُ
فلهذا العبد إذا حصل له إخلل في الدين ،فإنه قد أخل بحفظ
الله -جل وعل ، -وقححد يعححاقب بححأن ُيجعححل غّححافل ،وقححد ي ُعححاقب
بحرماانه البصيرة في العلم ،وقد ُيعاقب بححأن تححأتيه الشححبهة ول
يحسن كيف يتعامال ماعها ،ول كيف يردها .
وقد ُيعاقب بأنه تأتيه الشبهة فتتمكححن مانححه ،كمحا قححال -جححل
وعل (1) : -وكما قال :
(2) وكما قال -جل وعل -
وكما قال -جل وعل- )(3
الية )(4
في العراف .
وهكذا في آيات أخر دلت على أن العبد قد يخذل ،وخححذلنه
فححي أماححر الححدين هححو أعظححم الخححذلن ،ولهححذا ينبغححي للعبححد أن
يحرصا تمام الحرصا على أن يحفظ الله -جححل وعل -فححي أماححره
سإبحانه ،وإن فاته الماتثال فل يفته السإتغفارأ ،والنابة واعتقاد
الحق ،وعدم التردد والسرعة باتباع السيئة بالحسححنة لعلهححا أن
ُتمحى .
لهذا فإن حفظ الله -جل وعل -للعبد بأن يكححون الحفححظ فححي
الدين أعظم مان أن يحفظ في أمار دنياه ،ولهذا في قول الله
-جححل وعل -فححي سإححورأة المائححدة
172
صالح بن عبد العزيز/لمعالي الشيخ العلماة
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
173
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
174
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
قال :إذا سإألت فاسإأل الله ،وإذا اسإتعنت فاسإتعن بالله
ظححاهر فححي الوجححوب إذا سإححألت فاسإححأل اللححه ،وإذا اسإححتعنت
فاسإتعن بحالله علححى القيحد الححذي ذكرنححا لكحم ؛ ماحن أن هحذا
يتنححاول المرتبححة الولححى علححى الوجححوب ،والمرتبححة الثانيححة علححى
السإتحباب.
قال -عليه الصلة والسلم -بعد ذلححك :واعل م أن الماححة لححو
اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إل بشيء قد كتبححه
الله لك ،وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لححم يضححروك إل
بشيء قد كتبه الله عليك ،رأفعححت القلم ،وجفححت الصحححف
.
هذا فيه بيان القدرأ الثابت ،وأن العباد لححن يغيحروا ماحن قحدرأ
مان عظم توكله بالله -جححل الله -جل وعل -الماضي شيئا ،وأماا َ
وعل ، -فإنه لن يضره الخلق ،ولححو اجتمعححوا عليححه ،كمححا قححال
-جل وعل -لنححبيه -عليححه الصححلة والسححلم :-
. (1)
وجاء في عدد مان الحاديث بيان هذا الفضل ،في أن العبححد
إذا أحسن توكله على الله -جل وعل ، -وطاعته لله ،فإن اللححه
يجعل له ماخرجا ،ولححو كححاده ماححن فححي السححماوات ،وماححن فححي
الرأض لجعل الله -جل وعل -له مان بينهن ماخرجا .
والتوكل على الله -جل وعل -ظاهر مان هذه الوصححية ؛ حيححث
قال :واعلم أن الماة لو اجتمعت على أن ينفعوك ثأم قال
:واعلم أن الماة لو اجتمعت على أن يضروك ...إل ى آخححر
الجملتين ،وهذا فيه إعظام التوكل على الله -جل وعل. -
والتوكل على الله -سإحبحانه وتعحالى -ماحن أعظحم المقاماحات ؛
ماقاماات اليمان ،بل هو ماقام النبيححاء والمرسإححلين فححي تحقيححق
عبوديتهم العظيمة للرب -جل وعل. -
والتوكل على الله ماعناه :أن يفعل السححبب الححذي أ ُماححر بححه ،
ثأم يفوض أماره إلححى اللححه -جححل وعل -فححي النتفححاع بالسإححباب ،
- 1سإورأة المائدة آية .67 :
175
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وإذا كان ماا لديه ماححن الماححر ل يملححك أن يفعححل لححه سإححببا فححإنه
يفوض أماره إلحى اللحه -جحل وعل -كمحا قحال سإحبحانه فحي ذكحر
ماؤمان آل فرعون :
(1) وهذا التفويض إلى الله -جححل وعل -عمححل القلححب
خاصة ،يعنححي :أن يلتجحئ بقلبحه ،وأن يعتمحد بقلبحه علححى اللحه
-جل وعل -في تحصيل ماححراده ،أو دفححع الشححر الححذي يخشححاه ،
والعباد إذا تعامال ماعهم فإنما يتعامال ماعهم على أنهم أسإححباب ،
والسبب قد ينفع ،وقد ل ينفع ،فإذا تعلق القلب بالخلق أوتي
مان هذه الجهة ،ولم يكن كامال في توكله .
فتعلق القلب بالخلق ماذماوم ،والذي ينبغي :أن يتوكل على
الله ،وأن يعلق قلبححه بححالله -جححل وعل ، -وأل يتعلححق بححالخلق ،
حتى ولو كانوا أسإبابا ،فينظر إليهم على أنهم أسإباب ،والنافع
والذي يجعل السبب سإببا ،وينفع به هو الله -جل وعل. -
إذا قام هذا في القلب فإن العبد يكون ماع رأبه -جححل وعل، -
ويعلم أنه لن يكون له إل ماا قححدرأه اللححه -جححل وعل -لححه ،ولححن
يمضي عليه إل ماا كتبه الله -جل وعل -عليه .
قال -عليه الصلة والسلم -رأفعت القلم ،وجفت الصحححف
يعني :أن المار ماضححى وانتهححى ،وهححذا ل يححدل ،كمححا ذكرتححه
لكم فيما سإبق ،ل يدل على أن الماححر علححى الجبححارأ ،بححل إن
القدرأ مااض ،والعبد يمضي فيما قدرأه اللحه -جححل وعل -؛ لجحل
التوكل عليه ،وحسن الظححن بححه ،وتفححويض الماححر إليححه ،وهححو
إخلء القلب مان رأؤية الخلق .
قال :وفي رأواية غّير الترماذي :احفظ الله تجححده أمااماححك ،
تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فححي الشححدة ،واعلححم أن ماححا
أخطأك لم يكن ليصيبك ،وماا أصابك لم يكن ليخطئك .
قوله :تعرف إلححى اللححه فححي الرخححاء يعرفححك فححي الشححدة
تعّرف العبد إلى رأبححه هححو :علمححه بمححا يسححتحقه -جححل وعل ، -
تعرف إلى الله في الرخاء يعنححي : :تعلححم ماححا يسححتحقه -جححل
وعل -عليك ،ماا يستحقه -جل وعل -مانك ؛ توحيده فححي رأبححوبيته
- 1سإورأة غّافر آية .44 :
176
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
177
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
178
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الفرج ،وأن ماع العسر يأتي اليسححر ،كمححا قححال -جححل وعل: -
. (1)
وهذا مان فضل الله وثأبت عنه أنه قال :لن يغلب عسر يسرين
-جل وعل -قد قال الشاعر:
179
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
180
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
لطارأئ طرأ ،وسإنكمل -إن شاء الله -هذا الشرح ،ولححو أخححذنا
وقتا بعد الفجر أو بعد العصر -إن شححاء اللححه -نعححدكم بإكمححاله ،
إكمال شرح هذه الرأبعين .
أسإأل الله لي ولكم العون والتوفيق والسداد
أماا بعد فهذه صله لمححا تقححدم ماححن شححرح الحححاديث الرأبعيححن
النووية ،وقد وقفنا عند الحديث العشرين .
181
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث العشرون
إذا لم تستح فاصنع ما شئت
بسم اللححه الرحمححن الرحيححم ،الحمححد للححه رأب العححالمين ،والصححلة
والسلم علححى أشححرف النبيححاء والمرسإححلين ،نبينححا ماحمححد وعلححى آلححه
وصحبه أجمعين .
قال المصنف -رأحمه الله -تعالى وعن أبي ماسعود عقبة بن عححامار
النصححارأي البححدرأي قححال :قححال رأسإححول اللححه إن مامححا أدرأك
الناس مان كلم النبوة الولى إذا لم تسححتح فاصححنع ماححا شححئت
رأواه البخارأي.
بسم الله الرحمن الرحيححم ،الحمححد للححه والصححلة ،والسححلم
على رأسإول الله ،وعلى آله وصحبه ومان اهتدى بهداه.
هذا الحديث فيححه الكلم علححى شححعبة ماححن شححعب اليمححان أل
وهي الحياء ،فقد أ ُسإححند الكلم هنححا إلححى ماححا بقححي للنححاس ماححن
النبوة الولى فقد قال -عليححه الصححلة والسححلم -هنححا :إن مامححا
أدرأك الناس ماححن كلم النبححوة الولححى إذا لححم تسححتح فاصححنع ماححا
شئت .
فقوله -عليه الصلة والسلم -هنا :إن ماما أدرأك الناس مان
كلم النبوة الولى يقتضي أن هناك كلماا أدرأكححه النححاس ماححن
كلم النبياء ،وماعنى الدرأاك :أنه فشا فححي النححاس ،وتنححاقلوه
عن النبياء .
وقوله :ماما أدرأك الناس مان هنححا تبعيضححيه فيكححون هححذا
القول وهو :إذا لم تستح فاصنع ماا شئت يكون بعححض ماححا
أدرأك مان كلم النبوة الولى ،فقال -عليه الصححلة والسححلم : -
ُ
إن ماما أدرأك الناس مان كلم النبوة الولححى والنبححوة الولححى
المقصود بها :النبوات المتقدماة ،يعني :أوائححل الرسإححل والنبيححاء
كنوح -عليه السلم ، -وإبراهيم -عليه السلم -وهكذا .
182
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فإن نوحا -عليه السلم -له كلم فشا في أتباعه فيما بعححده ،
وإبراهيم -عليه السلم -كذلك في كلم له ،وكذلك ماما أعطححاه
الله -جل وعل -وأوحاه إليه فيما في صحفه .
فالنبوة الولى المقصود بهححا :النبححوات السححابقة البعيححدة عححن
إرأث النححاس لححذلك الكلم ،فيكححون ماقتضححى النبححوة الولححى أن
هناك نبححوات ماتححأخرة ،وهححذا صحححيح ؛ لنححه إذا ُأطلححق النبححوات
الولى فإنما ُيعَنى به الرسإل والنبياء المتقححدماون ،أماححا ماوسإححى
-عليححه السححلم ، -وعيسححى -عليححه السححلم ، -وهكححذا أنبيححاء بنححي
إسإرائيل ،داود وغّيره هؤلء مان النبححوات المتحأخرة ،يعنححي :ماحن
النبياء والرسإل المتأخرين.
وقوله -عليه الصلة والسحلم : -مام ا أدرأك النححاس ماحن كلم
النبححوة الولححى هححذا يعنححي :أن هححذا الكلم كلم أنبيححاء ،ولححه
تشريعه ،ولححه فائححدته العظيمححة ،فهححذا فيححه لفححت النظححر إلححى
الهتمام بهذا الكلم .
قال :إذا لم تستح فاصنع ماا شئت تستحي يعني :الحححاء
هنا؛ لن الفعل اسإتحى يستحي فهنا تستحي فجزم لم أثأ ّححَر فححي
الفعل بحذف الياء؛ لن هناك يائين ،وتظهر هذه في قول اللححه
-جل وعل (1) : -فثم ياءان ،هنا لما أتت
لم حذفت اليححاء الححتي هححي ماححن الفعححل ،وبقيححت اليححاء الخححرى
ح على كسر الحاء إشارأة إلى حذف الداخلة ،وإذا قيل لم تست ِ
الياء فل بأس في نظائرها المعروفة في النحو .
قوله هنا :لم تستح فاصنع ماا شئت هذا فيه ذكر الحياء
،والحياء كما جاء في الحديث الخر شعبة ماححن اليمححان ،وهححو
مالكة باطنة ،والحياء هذا يأتي تححارأة بالجبلححة والخلححق المطبححوع
عليه النسان ،وتارأة يأتي بالكتساب ،أماا بالجبلة والطبع فهذا
يكون بعض الناس حييا .
كما جاء في الصحيح أن رأجل مان النصارأ كححان يعححظ أخححاه
في الحياء -يعني :يقححول لحه :لمححاذا تسححتحي ؟ لمححاذا أنححت كححذا
وكذا فقال له النبي -عليه الصلة والسلم : -دعه فإن الحيححاء ل
- 1سإورأة البقرة آية .26 :
183
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
184
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
يعني :اعملوا ماا شئتم مان العمال ،وليححس هححذا تخييححرا لهححم ،
)(1
ولكنحححه تهديحححد ،
هذا توبيخ ليس فيه المار الذي هو يوجب الماتثال ،ولكححن هححذا
مان باب التهكم والتوبيخ والتخويف وهكذا .
فإذن صيغة "افعل" تخرج عن مارادها مان أنححه إلححزام بالفعححل
إلى صيغ أخرى بلغّية مانها :التهديححد والتوبيححخ ،وأشححباه ذلححك ،
فهنا في قوله :فاصنع ماا شئت هححذا علححى جهححة التهديححد ،
إذا لم يكن لك ماانع مان الحياء يمنعك عن ماقارأفة المنكر فححإنه
افعل ماا شئت ،وسإتلقى الحسححاب وسإححتلقى سإححوء هححذا الفعححل
الذي لم يمنعك عنه الحياء .
والوجه الثاني لهذا القول :أن طائفة مان أهححل العلححم قححالوا:
هذا خرج ماخرج الخبر ،يعني :أن ماا ل يستحيا مانه فإن النححاس
يصححنعونه ،وهححذا خححبر عححن النححاس ،وعمححا يفعلححونه ،وهححو أن
الماورأ التي ل يستحيون مانها يصنعونها ،إذا لم تستح مان ذلححك
الفعل فلك صنعه ،أو فالناس يفعلونه ،فهو أماححر فححي ظححاهرة
خبر في باطنه.
وهذان القولن ظاهران ،فححي الول ،وفححي الثححاني ،يعنححي:
أنه أمار أو أنه ليس بأمار خرج على التهديححد ،أو علححى الخححبر ،
كل هذا قريب ،والحديث يحتمل القول الول ،ويحتمل القححول
الثاني .
185
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
186
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
187
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
لنه قال :قل لي في السإلم قول ل أسإأل عنه أحدا غّيرك
وفي لفظ ل أسإأل عنه أحدا بعححدك فقححال :ق ل :آمانححت
بالله وقوله :آمانت بالله المقصود به اليمان الشرعي ؛
لنححه هححو الححذي يتعححدى بالبححاء ،فاليمححان إذا تعححدى بالبححاء فححي
نصوصا الكتاب والسنة فيعنى به اليمححان الشححرعي ،الححذي هححو
قول وعمل واعتقاد.
وكما ذكرنا لكم سإلفا فححي شححرح حححديث جبريححل أن اليمححان
ماشتق مان المان ،وأصله أن ماححن آماححن بشححيء أماححن الغائلححة ،
يعني :مان صدق بححه تصححديقا جازماححا ،وعمححل بمححا يقتضححيه ذلححك
التصديق فإنه يأمان غّائلة التكذيب؛ لن تكذيب المخبر له غّائلححة
ذب لم يأمان فاليمان ذب ،فمن ك َ يعني :له أثأر سإيئ على المك ِ
والمان ماتلزماان مان حيث الثأر .
واليمان ماشتق مان المان ،يعني :مان جهة الشتقاق اللغححوي
البعيد ،واليمان ماعناه :التصديق الجازم الححذي ل رأيححب ماعححه ،
ول تردد فيه .
ثأم اسإتقم ثأم هذه لتراخي الجمل ،وإل فإن السإتقاماة
مان اليمان ،فل يفصل بين السإتقاماة واليمححان ،كمححا تقححول :
آمان بالله ثأم اعمل مان الصالحات فهذا تراخي جملة عن جملة
،وتراخي الجمل بح "ثأم" له فائدة مان جهححة علححم المعححاني فححي
البلغّة ماحل الكلم عليها هناك .
وقوله :ثأم اسإححتقم فيححه الماححر بالسإححتقاماة ،والسإححتقاماة
لفظها اسإتفعل ،اسإتقام فيها ماعنى الطلب ،ولكححن هححذا ليححس
بظاهر؛ لن الفعل اسإتفعل أو هذه الصيغة اسإتفعل تححأتي ويححراد
بها الطلب ،وتأتي ويراد بها لزوم الشيء ،وكثرة التصاف بححه
.
فمن الول ؛ وهو أن اسإتفعل تأتي ويراد بها الطلححب كقولححك
:اسإتسقى فلن يعني :طلب السقيا ،واسإتغاث طلب الغّاثأححة ،
واسإتعان طلب العانة ،وهكذا في أشباهها .
188
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
189
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
190
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
192
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
193
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
إذا تقررأت هذه القاعدة فهذا الحديث فيه ذكر دخححول الجنححة
على أنه ل يزيد على هذه شيئا ،ولم يذكر فححي ذلححك أنححه فعححل
الزكاة ،ول أنححه أتححى بالحححج ،وماححن تححرك الزكححاة فهححو ماححن أهححل
الوعيد ،ومان ترك الحج فهو مان أهل الوعيد… وهكذا.
فححإذا تقححررأ هححذا فقححوله :ول م أزد علححى ذلححك شححيئا ،أأدخححل
الجنة؟ قال :نعم ماحمول على أحد توجيهين:
الول :أنه في قوله :لم أزد على ذلك شيئا يعني :أنححه
فعل الواجبات التي أوجب الله -جل وعل -فتدخل الواجبات فححي
قوله" :حرمات الحرام"؛ لن ترك الواجبات حرام ،فهو إذا حححرم
ترك المحرماات ،ماعناه :أنه فعلها.
والتـوجيه الثـاني :أن هححذا الحححديث يفهححم ماححع غّيححره ماححن
الحاديث كقاعدة أهل السنة في نصوصا الوعد والوعيد ،وأننا ل
نفهم نصا مان نصوصا الوعد أو مان نصوصا الوعيد على حححدته،
بل نضمه إلى أشباهه فيتضح المقام ،فيكون إذن دخححوله الجنححة
ماع وجود الشروط وانتفاء الموانع.
أو يقال :دخول الجنة هنا ماححع القتصححارأ علححى ماححا ذكححر دخححول
ماآليا ،وإذا أتم فإنه يدخل دخول أوليا ،ول بد أنه إذا كححان علححى
ذلك النحو فإنه مان أهل الجنححة؛ لن اللحه -جححل وعل -هححو الححذي
وعده بححذلك وبلغححه رأسإححوله -عليححه الصححلة والسححلم -قححوله :إذا
صليت المكتوبات تدل على تعلححق ذلححك بالصححلوات الخمححس،
وهذا يخرج النوافل.
كذلك قوله :صمت رأماضان تعلقه بالشهر الححواجب ،وهححذا
يخححرج النوافححل ،وقححوله :وأحلل ت الحلل هححذا اختلححف فيهححا
العلماء على قولين :القحول الول :هحو الحذي ذكحره النحووي فححي
آخر ذكححره للحححديث حيححث قححال" :وماعنححى أحللححت الحلل :فعلتححه
ماعتقدا حله" فهذا وجه عند أهل العلم؛ لن ماعنى أحللت الحلل
أنه اعتقد وفعل.
والوجه الثاني :أنه اعتقد ولححم يفعححل ،فمعنححى قححوله :أحلل ت
الحلل يعني :اعتقدت حل كل ماا أحله الله -جل وعل -وليس
194
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
في نفسي اعتراض على ماا أحححل اللححه -جححل وعل ،-وهححذا أحححد
المعنيين.
والمعنى الول الذي ذكححره النححووي :أن إحلل الحلل يقتضححي
أن تفعل ،أو أن تعمل ،أو أن تأتي الحلل الذي أحله الله -جححل
وعل -لك ،وأل تستنكف عنه -بمعنى :أن ماححن حححرم علححى نفسححه
شيئا مان الحلل ماطلقا فإنه لم يحل الحلل فعل-؛ وهذا المعنى
ليس بجيد عندي؛ لن فعل كل حلل مامتنع قد ل يستطيعه كل
أحد؛ لن الحلل -ولله الحمد -كثير جدا والمباحات كثيرة ،فإتيانه
فعله باعتقاد حله هذا صعب ،وماثل هذا الرجل السائل ل يعلححق
بكل شيء ،وهذا أيضا ماما يكون في غّير السإتطاعة.
والوجه الثححاني الححذي ذكرنححاه ماححن أن قححوله" :أحللححت الحلل"
-يعني :اعتقدت حله -فلم يأت في نفسي رأيب مان أن ماححا أحححل
الله جل وعل فهو حلل ،فهذا ظححاهر طيححب -يعنححي :ظححاهر ماححن
الحديث حسن -وهو أولى؛ لنه ل يلزم عنه لوازم غّير جيدة.
أماا قول الرجل :حرما ت الحححرام ولححم أزد علححى ذلححك شححيئا
أأدخل الجنة ؟ فقال :نعم فتحريم الحرام يشححمل المرتبححتين:
يشححمل العتقححاد والححترك :فتحريححم الحححرام أن تعتقححد حرماتححه،
والثانية :أن تفعل ماا اعتقدته مان ترك المحرماححات .فمححن اعتقححد
حرماححة الحححرام وفعححل فهححو ماححن أهححل الوعيححد -يعنححي :ماححن أهححل
العصيان ،-وأماا مان لم يعتقد حرماة الحرام فهو كافر ؛ لنححه ماححا
صدق الله -جل وعل -في خبره ،أو لنه اعتقد غّير ماا أمار اللححه
-جل وعل -باعتقاده.
فإن العتقاد بتحريم المحرماات فرض مان الفرائض ،وعقيححدة
ل بححد مانهححا؛ لن ماعنححاه اللححتزام بححأمار اللححه -جححل وعل ،-وأماححر
رأسإوله والنهي نهي الله ونهي رأسإول الله .
195
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
196
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
197
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
198
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
كلماه ،وحمد لله -جل وعل -على أماره الكوني والقدرأي وحكمحه
في بريته ،وحمد لله -جل وعل -على أماره الشرعي.
فالحمححد فححي نصححوصا الكتححاب والسححنة تكتنفححه هححذه النححواع
الخمسة التي ذكرنحا؛ ولهحذا تجحد أن ه فحي القحرآن يحأتي الحمحد
ماتعلقا بأحدها -بأحد هذه الخمسة ل غّير -انظر ماثل :
(1) تعلق بالربوبية :
(2) فهذا أيضا في
الربوبيححححححححححححححة ،
(3)
)(4
وهكذا في نصوصا كثيرة في الكتاب والسنة. )(5
199
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فالحمد إثأبات ،وكما سإيأتي في" :سإبحان الله والحمد لله" أن
الحمد والتسبيح ماتلزماان ،وقوله هنا -عليححه الصححلة والسححلم :-
تمل الميزان على قاعدتنا :أن الملء هنا على ظاهره حسححي
وليس مالئا ماعنويا ،كما قاله طائفة ،وهذا نوع ماححن التأويححل؛ لن
الدخول في الماورأ الغيبية بما ل يوافق ظححاهر اللفححظ هححذا نححوع
مان التأويل المذماوم.
فإذن نقول :الحمد لله تمل الميزان علححى ظاهرهححا ،وهححو
أن الله -جل وعل -يأتي بهذه الكلمححة فيمل بهححا الميححزان ،واللححه
-جححل وعل -يححوم القياماححة يجعححل فححي الميححزان العمححال فيزنهححا،
فتكون العمال التي هي أقوال واعتقادات وحركات تكححون فححي
الميزان ،فيثقل بها ويخف بها مايزان آخرين ،فإذن على ظاهرها
أن "الحمد لله" هذه تمل الميزان.
لماذا وهنا نظر أهل العلم في قوله :تمل الميزان
صارأت تمل على تفسيرين:
الول :أن تمل نفهم مانه أنها ل توضع أول ،يعنححي :ل يححؤتى
بالحمد أول فتوضع في الميزان ،وإنما الذي يؤتى العمال يؤتى
بالعمال فتوضع في الميزان ،فيؤتى بالحمد فتمل الميزان ،هححذا
تفسير.
والتفسير الثاني :أن اليمان والدين نصححفان ،نصححف تنزيححه
ونصححف إثأبححات الكمححالت ،والتنزيححه فيححه التسححبيح ،التنزيححه تنزيححه
الرب -جل وعل -عن النقص في رأبوبيته ،أو في إلهيتححه ،أو فححي
أسإمائه وصفاته ...إلى آخره.
هذا فيه إبعاد عححن النقححائص ،والحمححد إثأبححات للكمححالت ،فححإذا
وضعت "سإبحان الله" أول -فالحمد لله تأتي ثأانيا فتمل الميححزان،
ونفهم مان قوله -عليه الصلة والسلم :-ثأقيلت ان فححي الميححزان
سإبحان الله وبحمده سإبحان اللححه العظيححم أن التسححبيح أكححثر
مان جهة وضعه في الميزان؛ فيكون الحمد تتمة لذلك.
وقححد يتأيححد هححذا بشححيء ،وهححو أن التسححبيح -المعححاني يطححول
ذكرهححا ،لكححن نححذكر بعححض فائححدة -يختلححف عححن الحمححد ،وهححو أن
200
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
201
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
202
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فالقمر نورأ:
فالقمر يوصف بححأنه نححورأ وهححو :الححذي )(2) (1
يعطحححي الضحححاءة بل إشحححعاع -يعنحححي :بل إشحححعاع ماحسحححوس،-
والبرهان :أشعة بل حرارأة ،أعظم درأجة مان النورأ ،وأقححل درأجححة
مان الضياء ،وأماا الضياء :فهو النورأ الشححديد ،نححورأ ماسححلط شححديد
يكون ماعه حرارأة.
فهححذه ثألث ماراتححب ماححن أنححواع الضححواء ،وإذا نظححرت لححذلك
وجدت قوله -عليه الصلة والسلم -هنا :والصلة نححورأ والصححدقة
برهححان والصححبر ضححياء مارتححب علححى أجمححل ماححا يكححون ماححن
الترتيب ،فإن الصلة سإبقت الصدقة؛ ولهذا سإبق النورأ البرهان،
والصبر ل بد مانه للصلة وللصدقة ولكل الطاعات ،ولكن الصبر
ماحرق كشدة حرارأة الضياء ،فالضياء نورأ قوي فيه حرارأة ونححوع
إحراق.
فلهذا جعل الصبر ضياء ،ولم يجعل الصلة ضياء ،لكن الصلة
نورأ؛ لنه فيها إعطححاء ماححا تحتححاجونه براحححة وطمأنينححة ،والصححدقة
جعلها برهانا؛ لن البرهان وهو :الضياء الححذي يكححون ماعححه أشححعة
تنعكس في العيححن ،الصححدقة فيهححا إخححراج المححال ،وهححو ماحبححوب
للنفس ،وهذا يحتاج إلى شيء مان المعاناة ،والصبر :فهححو ضححياء
كما قال -عليه الصلة والسلم-؛ لن ماعه المعاناة.
وتذكرون في قول اللححه -جححل وعل -فححي وصححف القححرآن بححأنه
نورأ ،وصف الله -جل وعل -القرآن بأنه نورأ :
(3) فوصف القرآن أيضا في آيات أخر بأنه
نورأ ،والتورأاة ماثل وصفها الله -جل وعل -بأنها ضياء.
وتعلمون ،الحق كلم المفسححرين علححى ذلححك حيححث قححالوا :إن
التورأاة فيها آصارأ وأغّلل على بني إسإرائيل؛ ولهذا سإححماها اللححه
-جل وعل -ضياء ماناسإبة ماا بين الضياء ووجود التكاليف العظححام
على بني إسإرائيل :
203
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
204
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
205
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
206
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وافتقارأه إلى رأبه -جل وعل -وماا يحبه الله -جل وعل -مان العبحد
وماا يكرهه.
وهذا مان الحاديث القدسإية؛ لنه صدرأ بقوله فيما يرويه عححن
رأبه والذي يروي عن الله -جححل وعل -هححو المصححطفى وهححذا
يعني أن الحديث القدسإي يرويححه النححبي عححن رأبححه -جححل وعل-
بهذا اللفظ؛ لنها رأواية ،والرواية تكون باللفظ لنححه هححو الصححل؛
ولهذا فالحديث القدسإي الذي ينمى إلى الححرب -جححل وعل -ماححن
الكلم وليس مان القرآن ،يعنححي :فيمححا يقححول فيححه المصححطفى
قال الله -تعالى ،-قال رأبكم ... وأشباه ذلك.
وليس مان القرآن فيسمى حديثا قدسإيا ،وماعنى كونه قدسإححيا
يعني :أنه جاء مان القدوس -جل وعل -يعني :أنححه حححديث ماطهححر
عال على كلم الخلق ،وهذا في ماعناه العام.
أماا الحديث القدسإي ماححن حيححث الصححطلح فقححد اختلححف فيححه
العلماء ،وعبارأاتهم ماتنوعة ،والذي يتفق ماع اعتقححاد أهححل السححنة
والجماعة أن الحديث القدسإي ماححن حيححث اللفححظ هححو ماححن اللححه
-جل وعل ،-وأن النبي يرويه رأوايحة بلفظحه ،وليحس لحه -عليحه
الصلة والسلم -أن يغير ماعناه ،وبعض أهل العلم :ليححس لححه أن
يغير لفظه.
وبعض أهل العلم قالوا :إن ماعناه مان الله -جل وعل -ولفظححه
مان المصطفى أبيح لححه أن يغيححر فححي لفظححه ،وهححذا القححول ل
دليل عليه؛ لنه جاء ذلك بالنقل :قال الله -تعحالى ،-قححال رأبكححم.
والصحابة يقولون :فيما ينميه إلى رأبه ،فيما يبلغه عن رأبه ،فيما
يرويه عن رأبه.
يجعلون الله -جل وعل -مانزها عن أن يحرم عليه شححيء ،أو أن
يجب عليه شيء.
والذي حرم على اللححه هححو اللححه -جححل وعل ،-وهححو -سإححبحانه-
يحق مان الحق على نفسححه ماححا شححاء ،ويححوجب علححى نفسححه ماححا
شححاء ،ويحححرم علححى نفسححه ماححا شححاء ،وهححذا بمححا يوافححق صححفات
المولى -جل وعل -ويوافق حكمته ،وماا يشاؤه في بريتححه ،فححالله
-سإبحانه -حرم الظلححم علححى نفسححه ،وماعنححى كححونه حححرم الظلححم
على نفسه أي :مانع نفسه -جل وعل -مان أن يظلم أحدا شيئا.
وفي القرآن نصوصا كثيرة فيها أن اللححه -سإححبحانه وتعححالى -ل
يظلم الناس شيئا ،وأنه -جححل وعل -لححم يححرد الظلححم ،ولححم يخححتر
الظلححم علححى العبححاد كمححا قححال -سإححبحانه :-
(1) وقال -جل وعل :-
) (2وقال -سإبحانه (3) :-وقال
-جل وعل -أيضا (4) :واليات في هذا
كثيرة ماتنوعة :
(5) وهكذا.
فالله -جل وعل -وصف نفسه بححأنه ل يظلححم أحححدا شححيئا ،وأن
الظلم ليس إليه ،وأنه ل يريد الظلم -سإبحانه وتعالى ،-والظلححم
المنفي عن الله -جل وعل -هو الظلححم الححذي يفسححر بححأنه :وضححع
الماححورأ فححي غّيححر ماواضححعها؛ لن الظلححم فححي اللغححة بححأن يوضححع
الشيء في غّير ماوضعه.
ولهذا قيل للحليب الذي خلط بلبن حتى يروب ،فخلط قبل أن يبلغ ماا يصححلح بححه قيححل لحه :ظليحم،
يعني :أنه ظلم حيث وضع الخلط في غّير ماوضعه وقبل أوانه ،ماثل ماا قال الشاعر:
209
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ومانه أيضا سإميت الرأض التي حفرت لسإتخراج مااء وليست بذات مااء قيل لها :ماظلوماححة ،كقححول
الشاعر وهو مان شواهد النحو المعروفة:
ض في
حو ِ والُنؤي كال َ لواري ل ًْيا ما
إلل ا َ
جلد
ة ال َالمظلوم ِ أ ُب َي ُّنها
210
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
211
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
. )(1
212
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ضالون إل مان مان الله -جل وعل -عليه بالهداية ،وهححذه الهدايححة
تطلب مان الله -جل وعل -قحال :فاسإ تهدوني أهحدكم يعنحي:
اطلبوا ماني الهداية أهدكم إليها.
وهذا يدل على رأغّبة ابن آدم في الهداية إن طلبها ماححن اللححه
-جل وعل -فل بد مان ابن آدم أن يسححعى فححي أسإححباب الهدايححة،
فإذا رأغّحب فيهحا وفقحه اللحه -جحل وعل ،-وهحذا مارتبحط بمسحألة
عظيمة مان ماسائل القدرأ ،وهي أن الله -جل وعل -يعامال عباده
بالعدل ،وخص طائفة مانهم بالتوفيق ،وهو أنححه يعينهححم علححى ماححا
فيه رأضاه -سإبحانه وتعالى :-كلكم ضال
(1) يعني :كان قبل البعثة ضال فهححداه إلححى الطريححق :
كلكم ضال إل مان هححديته فاسإححتهدوني أهححدكم يعنححي :اطلبححوا
ماني الهداية أهدكم إليها.
الهداية يطلبها كححل أحححد :الكاماححل -يعنححي :السححابق بححالخيرات،-
والمقتصد ،والظالم لنفسه ،كل ينبغي عليه بححل يجححب عليححه أن
يطلب الهداية مان الله -جل وعل-؛ لهذا فرض اللححه -جححل وعل-
في الصلة سإورأة الفاتحة ،ومان أعظم ماا فيها قوله يعنححي :ماححن
الدعاء قوله -جل وعل (2) :-فطلب
الهداية للصراط المستقيم.
هذا مان أعظم المسائل وأجلها ،يعني :أعظم ماححا تطلبححه ماححن
الله -جل وعل -أن تطلب مانه الهداية إلححى الصححراط المسححتقيم،
والهدايححة مارتبتححان :هدايححة إلححى الطريححق ،بمعنححى الرأشححاد إليححه
والتوفيق له ،والهداية بمعنححى الرأشححاد مانهححا شححيء قححد جححاء بححه
الرسإول عليه الصلة والسلم.
فهداية الدللة والرأشاد تمححت وقححامات ،ومانهححا الهدايححة :هدايححة
الدللة والرأشاد التي تسأل الله -جل وعل -أن يعطيك إياها ،أن
تكون مارشدا إليها؛ لن اللتفات إلى الرأشاد نوع ماححن الهتححداء،
فهداية النبي والهداية التي في القرآن ماوجودة بيححن ظهرانححي
المسلمين لم يفقد مانها شيء ولله الحمد ،لكن مان يوفق إلححى
أن يرشد إلى هذه الهداية؟
- 1سإورأة الضحى آية .7 :
213
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
214
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ومان ذلك الرأزاق التي تسد بها الجوارأح ،فقال -جل وعل:-
كلكم جائع إل مان أطعمتححه فاسإححتطعموني أطعمكححم وإطعححام
الجائع ورأزق الفقير وأشباه ذلك هذه مان سإأل الله -جححل وعل-
إياهححا فححإن اللححه -سإححبحانه -يعطيححه ،سإححواء أكححان كححافرا أم كححان
ماسلما ،أكان عاصيا أم كان صالحا؛ لن ذلك مان أنواع الربوبية،
مان آثأارأ الربوبية.
ورأبوبية الله -جل وعل -غّير خاصححة بالمسححلم دون الكححافر ،أو
بالصالح دون الطالح ،فالجميع سإواء فححي تعرضححهم لثأححارأ عطححاء
الله -جل وعل -بإفراد رأبوبيته ،فيرزق -سإححبحانه وتعححالى -الجميححع
ويهب الولد للجميع ،ويجيب دعوة المضطر مان الجميع ،وهكححذا
في إفراد الربوية ،فقوله -سإبحانه :-ي ا عبححادي ،كلكححم جححائع إل
مان أطعمته فاسإتطعموني أطعمكم مان اسإححتطعم اللححه -جححل
وعل -وسإححأله الطعحام ،سإحأله الحرزق فححإن اللحه -جححل وعل -قححد
يجيب دعاءه.
قححال :ي ا عبححادي ،كلكححم عححارأ إل ماححن كسححوته فاسإتكسححوني
أكسكم وهذا على نحو ماا سإبق ،يا عبادي ،إنكححم تخطئححون
بالليل والنهارأ وأنا أغّفر الذنوب جميعا فاسإتغفروني أغّفر لكم
إنكم تخطئون بالليل والنهارأ ،الخطأ هنا بمعنى الثأم؛ لن الخطأ
الذي هو بمعنى الخطأ ،أو عححدم التعمححد هححذا ماعفححو عنححه ،وهنححا
قال :إنكم تخطئون بالليل والنهارأ وأنا أغّفر الذنوب جميعا .
فالخطيئححة المقصححود بححح "تخطئححون" أي :تعملححون بالخطايححا،
تعملححون الخطيئححة ،وهححذا ماعنححاه العمححل بححالثأم ،وهححذا يغفححر
بالسإتغفارأ والتوبة والنابة ،فليس المراد طبعا الخطححأ؛ لن اللححه
-جل وعل -عفا عن هذه الماة الخطححأ والنسححيان وماححا اسإححتكرهوا
عليه ،كما قال -سإححبحانه -فححي آخححر سإححورأة البقححرة :
. (1)
قال :فاسإتغفروني وأنا أغّفر الذنوب جميعا .هذا ماقيد بما هححو
غّير الشرك ،أماا الشرك فإن الله -جل وعل -ل يغفححره إل لمححن
215
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
تاب وأسإلم ،أماا غّير الشرك ماما هو دونه فإن الله -جححل وعل-
يغفره -سإبحانه وتعالى -إذا شاء أو لمن تاب.
قال -سإبحانه -في آخر سإورأة الزمار :
(1) أجمع المفسرون مان الصحابة ومان بعدهم
أنها في التائبين ،فح (2) :لمن
تاب ،وقوله في سإورأة النساء :
" (3) ل يغفر أن يشرك به
الشححرك" غّيححر داخححل فححي المغفححرة ،
(4) يعني :في حق غّير التائب.
فحصل لنا أن مان تاب تاب الله عليه ،فيغفححر اللححه ذنبححه أيححا
كان الشرك أو ماا دونه ،ومان لم يتححب فححإن كححان ماشححركا فححإن
الله ل يغفر الشرك ،وإن كان ذنبه ماا دون الشرك فححإنه تحححت
المشيئة ،إن شاء غّفر له وإن شاء عذبه بذنبه ،فإذن قوله هنا:
وأنا أغّفر الذنوب جميعا ماقيد بما ذكرت لك.
فاسإتغفروني أغّفر لكم يعني :اطلبوا ماني المغفرة فأنححا
أغّفر ذلك لكم ،الحقيقة الحديث طويل ،وكل كلمححة تحتححاج إلححى
بيان وإلى تفصيل ،فلعلي أجمل فيما يأتي :يا عبادي ،إنكم لن
تبلغوا ضحري فتضحروني ،ولحن تبلغحوا نفعحي فتنفعحوني وهحذا
لجل كمححال الغنححى ،كمححال غّنححى المححولى -جححل وعل -فححإن اللححه
-سإبحانه -ذو الكمال في أسإمائه وصفاته ،وماححن أسإححمائه الغنححي،
ومان صفاته الغنى ،فهو -سإبحانه -غّنححي عححن العبححاد ولححن يبلغححوا
نفعه ولن يبلغوا ضره -سإبحانه وتعالى -بل هو الغني عن خلقححه
أجمعين.
وكما قال هنا :إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعححوني ،ولححن تبلغححوا
ضري فتضروني بل هو -سإبحانه -أجل وأعظححم ماححن أن يححؤثأر
216
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
لن مالك الله -جل وعل -واسإححع ،ولن مالكححوته عظيححم ،وحاجححات
العباد ليست بشيء في جنب مالكوت الله -جل وعل.-
فإنهم يعطون مامحا فحي الرأض -يعنححي :بعحض ماحا فحي الرأض
يكفي العباد أجمعين -ومالك اللححه -جححل وعل -واسإححع ،وماححا الرأض
والسماوات السبع في كرسإي الرحمححن إل كححدرأاهم ألقيححت فححي
ترس -يعني :أنها صغيرة جدا ،-فحاجححات العبححاد ماتعلقححة بححالرأض
وماا حولها -يعني :والسماء الححتي تقححرب مانهححم -وهححذا إذا أعطححي
كل أحد ماا سإأل فإنه يعطى ماما في الرأض ،وهذا شيء يسححير
جدا بالنسبة لما في الرأض ،فكيححف بالنسححبة إلححى مالكححوت اللححه
جل وعل.
قححال -جححل وعل -بعححد ذلححك :ي ا عبححادي ،إنمححا هححي أعمححالكم
أحصيها لكم ثأم أوفيكم إياهححا إنمححا هححي أعمححالكم -يعنححي :أن
المقصود مان إيجادكم البتلء والتكليف -فإنمححا الماححر رأاجححع إلححى
أعمالكم ،لم يخلق اللححه -جححل وعل -الخلححق لنهححم سإححينفعوه ،أو
لنححه يخشححى مانهححم أن يضححروه ،أو لنححه -سإححبحانه -ماحتححاج أن
يعطيهم ،بل إنما هو البتلء ،ابتلؤهم بهححذا التكليححف بهححذا الماححر
العظيم ،وهو عبادته سإبحانه.
كمححا قححال :
) (1وكما قال -جل وعل :-
. )(2
218
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وعل:-
. )(1
وكما قال -جل وعل (2) :-والحصاء
يشمل ماعرفة التفاصيل وكتابة ذلك ،ويشمل أيضا الحفظ وعدم
التضحييع :فإنم ا هححي أعمحالكم أحصحيها يعنحي تكتحب عليكحم
بتفاصيلها ،وأعرفكم إياها بتفاصيلها ،وأحفظها لكم فل تضيع
ثأم أوفيكححم إياهححا الحسححنات بالحسححنات ،والسححيئات بمححا
يحكم الله -جل وعل -فيه ،فمن فعل السيئات فهحو علحى خطحر
عظيححم ،وماححن فعححل الحسححنات فهححو علححى رأجححاء أن يكححون ماححن
الناجين.
قال :فمن وجد خيرا فليحمد الله وماححن وجححد غّيححر ذلححك فل
يلومان إل نفسه لن العبد هو الحسيب علححى نفسححه :
(3) كل نفس تعلم ماا تعمححل وصححوابها
وخطأها ،ولو ألقت المعاذير :
(4) قال :فمن وجد خيرا فليحمد الله
يعني :فليثن على الله -جل وعل -بذلك؛ لنه هو الذي أعانه.
ومان وجد غّير ذلك فل يلومان إل نفسه؛ لن العبد هححو الححذي
جنى على نفسححه ،واللححه -سإححبحانه -أقححام الحجححة وبيححن المحجححة،
وسإلك بنا السبيل القوم ،فالمار واضح والعباد هم الذين يجنون
على نفسهم.
اللهم ،اهححدنا فيمححن هححديت ،وعافنححا فيمححن عححافيت ،وتولنححا
فيمن توليت .
219
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
220
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
222
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
223
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
(1) فدل في الية
على إشتراط ابتغاء مارضاة الله ،ودل فححي الحححديث أيضححا علححى
أن النفقة إذا ابتغي بها وجه الله -فإنه يؤجر عليها في العبد.
فحمل أكثر أهل العلم هذا الظاهر ماححن الحححديث علححى غّيححره
مان النصححوصا مامححا يكححون العبححد بححه مانصححرفا عححن الحححرام إلححى
الحلل بنية ،فإذا قام في قلبه أنه لحن يححأتي الححرام ،بححأن اللحه
أباح لححه الحلل ليقتصححر علححى الحلل دون الحححرام -فححإنه يححؤجر
على ماا يأتي مان الحلل ،ويؤجر علححي شححهوته فححي هححذه النيححة،
وإنما العمال بالنيات.
225
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
226
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
المرء مان الثأم في عدم شكر نعمححة البححدن -أل يسححتعمل هححذه
المفاصل في ماعصية الله جل وعل.
فإذا كان يوم مان اليام سإلم في ذلك اليوم ماححن المحرماححات
التي فعلها بهححذه المفاصححل ،أو سإححلم ماححن تححرك أداء الواجبححات،
واسإتعمل المفاصل في أداء الواجبات ،فقد أدى الشكر الواجب
في ذلك اليوم ،فكل ماقتصد -يعني :فاعل للواجب تارأك المحرم
في يوم قححد أدى شححكر ذلححك اليححوم الححواجب الححذى يجححب عليححه
لنعمة البدن.
ثأححم هنححاك شححكر ماسححتحب ،وهححو أن يححأتي بححأنواع الصححدقات
المستحبة :القولية ،والعملية ،والمالية ،وأن يأتي بنوافل العبادات
المتنوعة ،فإذن الصححدقات نوعححان :واجبححة ،وماسححتحبة ،فالواجبححة:
هي أن تستعمل اللت في الطاعة ،وأن تبتعد بها عن الحححرام،
فإذا فعلت ذلك فقد أديت شكر تلك اللت.
قال -عليه الصلة والسححلم :-ك ل يححوم تطلححع فيححه الشححمس
تعححدل بيححن اثأنيححن صححدقة كححل يححوم تطلححع فيححه الشححمس
كلمة "يوم" قد تأتي في النصحوصا وفححي اللغحة ويححراد بهححا أكححثر
مان يوم ،فيكون عدة أيام إذا كان يجمعها شيء واحد ،كما أنححه
يقححال :سإححاعة ،وقححد تكححون سإححاعات كححثيرة ،وهححذا لححه فوائححده
المعروفة في اللغة ،والبلغّة.
المقصود :قال هنححا :ك ل يححوم تطلححع فيححه الشححمس فلمححا
قيده بح تطلع فيه الشمس علمنا أن الوجوب يوماا ،يعنححي:
كل يوم مان طلوع الشمس إلى طلوعها المرة الخححرى ،يعنححي:
كما نقول في كل أرأبع وعشرين سإاعة يجب عليححك تجححاه هححذه
النعمة ،وهححي نعمححة البححدن :المفاصححل ،العظححام -أن تشححكر اللححه
-جل وعل -عليها .
فمثل -عليه الصلة والسلم -بقوله :تعدل بين اثأنين صدقة
"تعدل" يدخل في العدل الحكم بينهما بالعدل ،يححدخل فححي ذلححك
الصلح فيما يصلح به كما قال :
)(1
228
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
قال :وتعين الرجححل فححي دابتححه فتحملححه عليهححا ،أو ترفححع لححه
عليها ماتاعه صدقة العانة في كل ماححا يحتححاج إليححه هححذا ماححن
أنواع الصدقات :تعينه في سإيارأته ،تعينه في إصلح شححيء فيهححا،
تعينه في الرأكاب ،تساعد كبير السن أو المحتححاج ...إلححى آخححره،
كل هذا مان أنواع الصدقات التي يحصححل بهححا شححيء ماححن شححكر
نعمة المفاصل والعظام.
قححال :والكلم ة الطيبححة صححدقة ،وبكححل خطححوة تمشححيها إلححى
الصلة صدقة وهذا واضح وتميط الذى عن الطريق صدقة
هذه أماثلة ماتنوعحة للصحدقات اللزماححة والمتعديحة ،وجححاء فححي
رأواية ،ويجزئ مان ذلك في الصحيح :ويجزئ مان ذلححك رأكعتححان
يركعهما المرء مان الضحى
فححإذا اسإححتعملت هححذه المفاصححل فححي رأكعححتين تركعهمححا ماححن
الضحى -فقد أديت الشكر المستحب لهذه المفاصل.
229
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فذكر البر الذي يجب على العبد لله -جل وعل ،-فهححذا النححوع
مان البر يأتي في القرآن كثيرا ،والله -جل وعل -هو الذي جعححل
هذا برا ،فالعبد مان أهل البر إذا قام بمححا جحاء فححي هحذه اليحة،
فيقال :هذا مان البرارأ إذا اماتثل ماا في هذه اليححة ،وابتعححد عمححا
يكرهه الله جل وعل.
230
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
والقسم الثاني مان البر :البر ماع الخلق ،وهححذا جمححاعه حسححن
الخلق؛ ولهذا قال -عليه الصلة والسلم :-البر حسن الخلححق
فجمع البر في عبارأة وجيححزة وهححي :حس ن الخلححق وحسححن
الخلق -كما ذكرنا لك -يجمعه أنه بذل النححدى ،وكححف الذى ،وأن
تحسححن إلححى الخلححق ،وأن تجححزي بالسححيئة الحسححنة ،وأن تعاماححل
النححاس بمححا فيححه عفححو عححن المسححيء ،وكظححم للغيححظ ،وإحسححان
للخلق.
فمن كان باذل للندى ،غّير مانتصر لنفسه ،كافا الذى ،ماقححدماا
المعروف للخلق -فهو مان ذوي حسن الخلق فيمحا بيحن النحاس،
فإن جمع إليك ماا يستحب مان ذلك ،وماا يجب مان حقوق العباد
-كان حسن الخلق عنده شرعيا.
فإذا حسن الخلق الذي يكون فيه اماتثال لما جاء في الشرع
مان صفات عباد الله المؤدين لحقوقه وحقوق عباده ،هذا يكححون
ماعه البر ،فالبر إذن درأجات؛ لن اليمان بالله والملئكة واليححوم
الخر… إلى آخره ،وإقام الصلة وإيتاء الزكاة… إلى آخره ،هححذا
درأجات ،وماعامالة الخلق درأجات.
فتحصححل ماححن هححذا أن قححوله -عليححه الصححلة والسححلم :-ال بر
حسن الخلق أن درأجة الححبر تختلححف بححإختلف حسححن الخلححق،
والبر إذا أرأدته فهو حسن الخلق؛ لنه بذلك تؤدي حقوق الخلق
الواجبة والمستحبة.
قال :والثأ م ماححا حححاك فححي نفسححك وكرهححت أن يطلححع عليححه
الناس عرف الثأم -وهو ماا يقابل البر -بشيئين :شيء ظححاهر،
وشيء باطن .وهذا مان الميزان الذي يمكن تطبيقه ،وهو -عليححه
الصلة والسلم -مامن ،...بل هو -عليه الصلة والسلم -الححرؤوف
الرحيم بهذه الماة ،فقال لك :الثأم ماا حاك في نفسك هذا
أماححر بححاطن ،وكرهححت أن يطلححع عليححه النححاس وهححو الماححر
الظاهر.
فإذا أتيت إلى شيء ماشتبه عليك فحاك في نفسك ،هل هذا
مان الثأم أم مان الححبر ،وتححرددت فيححه ولححم تعلححم أنححه ماححن الححبر،
231
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وانضم إلى ذلك الظاهر أنحك لحو فعلتحه كرهحت أن يطلحع عليحه
الناس -فهذا هو الثأم.
فالثأم يجمعه شيئان :شححيء بححاطن ماتعلحق بحالقلب ،وهحو أنحه
يحوك في النفس ،وتتردد في فعله النفس ،وفي الظحاهر يكحره
أنه لو عمله أن يطلع عليححه النححاس ،فهححذا يححدل علححى أنححه إثأححم،
وهححذا وصححف عظيححم مانححه -عليححه الصححلة والسححلم -للححبر والثأححم،
فححالبر :حسححن الخلححق ببححذل النححدى ،وكححف الذى ،والعفححو عححن
المسيء ،والصفح عن المخطئ في حقه.
والثأم :ماا حححاك فححي نفسححك وجهححه ،وكرهححت أن يطلححع عليححه
الناس فيما لو فعلته ظاهرا.
في الرواية الخرى :وعن وابصة بن ماعبد قال :أتيت رأسإححول
الله فقال :جئت تسححأل عححن الححبر .فقلححت :نعححم .قححال :اسإححتفت
قلبححك ،الححبر :ماححا اطمئنححت إليححه النفححس ،واطمئححن إليححه القلححب،
والثأم :ماا حاك في النفس ،وتردد في الصدرأ .
ذكرت لكم أن البر نوعان :بر ماتعلق بحق اللححه ،وبححر ماتعلححق
بحق العباد .فالحديث الول ذكر فيه -عليه الصلة والسلم -الححبر
المتعلق بحق الناس فقال :البر حسن الخلق وهنا ذكر البر
بعاماة فقال :اسإتفت قلبك يعني :عن البر ،هل هححذا الشححئ
مان البر أم ليس مان البر ،هل هححو ماححن الطاعححة أم ليححس ماححن
الطاعة ؟
اسإتفت قلبك ،البر :ماا اطمئنت إليه النفس ،واطمئححن إليححه
القلب يعني :أنه لم يصر فححي القلححب تححردد ماححن هححذا الشححئ
المعين ،ول يكره أن يطلع عليه الناس ،وهذا يعححم جميححع أنححواع
الطاعات ،وقابله بالثأم حيث قال :والثأم ماا حاك في النفححس،
وتردد في الصدرأ ،وإن أفتاك الناس وأفتوك .
فعرف الثأم أو جعل -عليه الصلة والسلم -علماة للثأم بححأنه:
ماا حاك في النفس ،وتردد في الصدرأ على نحو ماا ذكرنححا،
وإن أفتححاك النححاس وأفتححوك ولهححذا يححدخل فححي ذلححك جميححع
232
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
233
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
234
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
235
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
236
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
237
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
239
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
240
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
241
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
243
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
هو العلم بالحق والعمل به .فسموا رأاشدين؛ لنهم كححانوا علمححاء
في الحق عملوا به ،وليست هذه الصفة إل لهؤلء الرأبعة.
وفي عمر بن عبد العزيز -رأحمححه اللححه -خلف ،هححل يعححد ماححن
الخلفاء الراشدين أم ل يعد مان الخلفاء الراشدين؟ والذي عليه
نححص كححثير ماححن أهححل العلححم كأحمححد وغّيححره أنححه ماححن الخلفححاء
الراشدين؛ لنه علم الحق فعمل به ،وعاماة الححولة ليسححوا علححى
ذلك بل مانهم مان ل يعلم الحق أصل ،ومانهححم ماححن يعلححم الحححق
فيخالفه لهواء وشهوات ،ونوازع ماختلفة.
فالححذين وصححفوا بححأنهم خلفححاء رأاشححدون هححؤلء هححم الرأبعححة
أصحاب ماحمد بن عبد الله -عليه الصلة والسححلم ،-وعمححر بححن
عبد العزيز كذلك خليفة رأاشد ،وهنا تنبيه على ماقالة رأبمححا تححرد
على ألسنة بعض الكتححاب ،وهححي غّيححر سإححليمة ماححن جهححة ماكانححة
الصحابة -رأضوان الله عليهححم ،-غّيححر ماتفقححة بالجملححة ماححع عقائححد
أهل السنة والجماعة فيما نفهم مان عقائدهم ،وهي قولهم عححن
عمر بن عبد العزيز -رأحمه الله :-إنه خاماس الخلفاء الراشدين.
وهذا ليس بسديد؛ لن ماعاوية أعظم مانزلححة ماححن عمححر بححن
عبد العزيز -رأحمه اللححه تعححالى ،-وإذا كححان ثأححم خححاماس للخلفححاء
الراشدين فهو ماعاوية؛ لنه أحق بهذا الوصف مان عمر بن عبححد
العزيز ،لكن عمححر وصححفه جماعححة ماححن أهححل العلححم بححأنه خليفححة
رأاشد ،وماعاوية بحسححب العتبححارأ أنححه اجتمححع عليححه؛ فححإنه خليفححة
رأاشد.
لكن لما جعل المار مالكا في بنيه -مالكا في يزيد -كححان أهححل
العلم يعبرون عنه بأنه مالك رأاشد ،وخير مالوك المسلمين علححى
الطلق ،وهححو خليفححة؛ لنححه خلححف ماححا بعححده بححالحق ،وليححس ثأححم
خححاماس للرأبعححة الخلفححاء ،فححإذا قيححل :إن عمححر بححن عبححد العزيححز
-رأحمه الله -خليفة رأاشد هذا حححق ،ولكححن ل يقححال :هححو خححاماس
الخلفاء الراشدين؛ لن ماعاوية أحق مانه بهذا الوصححف ،لححو كححان
هذا الوصف سإائغا.
244
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
مان العبادات أو ماما يتقرب بححه إلححى اللححه -جححل وعل -ماححع قيححام
المقتضي بفعله ولم يفعل ،فهو ماحدثأة في الدين ،فهو بدعة.
وهذا القسم هو الذي يتوجه إليه قوله وإيححاكم وماحححدثأات
الماورأ؛ فإن كل بدعة ضححللة وهححذا يعنححي أن نعكححس الماححر،
فيكون المنهي عنه هي الضحللت ماحن البحدع ،وهححي البحدع فححي
الشريعة البدع في الدين.
وأماا البدع مان حيث هي في اللغة فإنها قد تكحون ،ول ينهحى
عنها في الشرع كما قال عمر حين جمع الناس ،أو حيححن جمححع
الناس على إماام واحد ،فقال" :نعمت البدعة هذه" فجعلها بدعة
-يعني :في اللغة -فليست كل بدعة في اللغة بدعة في الشححرع؛
لنها قد تكون بدعة لغحة ،ول تكححون بدعححة شححرعا لححدخولها فححي
تعريف المصالح المرسإلة ،أو في العفو العام أو ماا أشبه ذلك.
أماا ماا يتقرب إلى الله به مان العبادات ،وقححد قححام المقتضححى
بفعله في عهده -عليه الصلة والسلم ،-ولححم يفعححل -فححإنه ماححن
البدع المحدثأات ،وماححن البححدع الضححللة ،فقححال :ف إن كححل بدعححة
ضللة وهذه الكلية مان صيغ العموم ،وهذا يدل علححى إبطححال
قول مان قال :إن مان البدع في الدين ماا ليس بضللة.
وهو ماا أحدثأه العز بححن عبححد السححلم فححي الماححة ماححن تقسححيم
البدعة إلى خمسة أقسام :واجبة ،وماستحبة ،وماباحة ،وماكروهححة،
وماحرماة .فتبعه النححاس علححى ذلححك ،وانتشححرت البححدع علححى هححذا
التعريف أو هذا التقسيم بقححوله :إن ماححن البححدع ماححا هححو واجححب،
ومان البدع ماا هححو ماسححتحب ،وأشححباه ذلححك ،وهححذا ماصححادم لهححذا
النححص ،وقححولهم بححالرأي ،والقححول بححالرأي ماححذماوم إذا كححان فححي
ماقابلة النص وماصادماته.
فالنبي -عليه الصلة والسلم -قال لنا :فإن كل بدعة ضححللة
فهذه الكلية ،فمن قال" :إن ثأم مان البدع ماا ليححس بضححللة"
فهو ماخالف لقوله -عليه الصلة والسلم :-إن كل بدعة ضححللة
فما مان بدعححة فححي الححدين إل وهححي ضححللة ،كمححا قححال عليححه
الصلة والسلم.
246
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
247
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
248
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
به على ماا ينبغي التححأدب بححه لهححل العلححم؛ لن ماعححاذ بححن جبححل
-رأضي الله عنه ،ورأحمه -مان أعلم هذه الماة بححالحلل والحححرام،
بل هو أعلم الماة بالحلل والحرام.
فهو مان أهل العلم ،وهذا يدل علححى أن طححالب العلحم ينبغححي
عليه أن يكون حريصا على ماا يقربححه ماحن الجنحة ،ويباعححده عححن
النارأ ،قال ماعاذ :يا رأسإول الله ،أخبرني بعمححل يححدخلني الجنححة،
ويباعدني عن النححارأ وهححذا مامححا ينبغححي لكححل طححالب علححم أن
يحرصا عليه :ماا يقربه إلى الجنة ،وماا يباعده مان النارأ.
لن العلم له شهوة ،والعلم له عنفوان ،وقد يصححرف صححاحبه
عن السعي في الغاية مان العلم ،وهو ماا يقرب مان الجنة ،وماحا
يباعد عن النارأ ،وقححد قححال عبححد اللححه بححن المبححارأك -رأحمححه اللححه
تعالى :-إن للعلم طغيانا كطغيححان المححاء ،فححالعلم يطغححي إذا لححم
يكن صاحبه يسعى فيما يقربه إلى الجنة ،ويباعده عن النارأ.
فححالعلم لححه ماقتضححيات كححثيرة ،وأصحححاب العلححم وأهححل العلححم
وطلبة العلم ينبغي لهم أن يكونوا ألين الناس في غّير تفريححط،
وأن يكونححوا أبصححر النححاس ،وأحححق النححاس بالحكمححة والخححذ بمححا
يقربهم إلى الله -جححل وعل-؛ فهححم القححدوة ،وهححم البصححراء فححي
العلم والعمل.
لهذا سإئل ماعححاذ هححذا السححؤال ،وذلححك ماححن حكمححة اللححه -جححل
وعل -أن يسأل ليبصر أهل العلححم جميعححا بمححا ينبغححي أن يكونححوا
عليه ،قال :أخبرني بعمل يدخلني الجنححة ،ويباعححدني عححن النححارأ.
قال -عليه الصلة والسلم :-لقد سإألت عن عظيم ،وإنححه ليسححير
على مان يسره الله -تعالى -عليه .
هذا السؤال العظيم ماا يقرب إلححى الجنححة ،ويبعححد عححن النححارأ،
سإؤال عظيم ،وهو شاق مان حيححث الماتثححال ،لكنححه يسححير علححى
مان يسره الله عليه ،فإذن نفهم مان هذا أن ثأححم كلفححة فححي أن
يمتثل المرء بمقتضى العلم ،ولكنه يسير على ماححن يسححره اللححه
عليه.
249
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
والله -جل وعل -إذا أقبل العبححد يسححر عليححه الماححر ،كمححا قححال
-جل وعل :-
(1) فتيس ير الل ه -جحل وعل -أماحورأ الخيحر
للعبد هذا يكون بشيء يبذله العبد :
. (2)
قال -عليه الصلة والسلم -هنا :وإنه ليسير على مان يسححره
الله تعالى عليه ثأححم فصححل فقححال :تعب د اللححه ل تشححرك بححه
شيئا " تعبد الله" يعني :أن تتوجه بجميع أنححواع العبححادات إلححى
اللححه -جححل وعل -وحححده ،فححإذا دعححوت دعححوت اللححه ،وإذا سإححألت
سإألت الله ،وإذا صليت صليت لله ،وإذا اسإتغثت اسإتغثت بالله،
وإذا أعظمت الرجاء أعظمته بالله.
وكححل العبححادات القلبيححة ،واللسححانية ،والعمليححة بححالجوارأح كلهححا
تكون لله -جل وعل -وحده ،ول يكون لمخلوق فيها نصيب ،قال:
تعبد الله ل تشرك بححه شححيئا يعنححي :كححبير الشححرك وصححغيره
وخفيه؛ لن كلمة شيئا نكرة جاءت في سإياق النفي فتعححم كححل
ماا كان في ماعناها.
فل يشرك بأي شيء :ل يشرك بححالهوى ،ل يشححرك بححالمخلوق
البشر ،ل يشرك بالملئكة ،ل يشرك بعظيححم ،ل يشححرك بصححالح،
ل يشرك بجني ،بإنسي ،بشجر ،بحجر ،بأي نوع ماما خلححق اللححه
-جل وعل ،-وهححذا ل شححك أنححه عظيححم ،ولكنححه يسححير علححى ماححن
يسره الله عليه.
فعبادة الله -جل وعل -وحده دون ماا سإواه هذه غّاية إرأسإححال
المرسإلين ،ونفي الشرك ونبذه والتخلص مانه ،أيضا ماما جاء بححه
المرسإلون وأقاماوا رأسإالتهم عليحه ،وهحذا يتنحوع ،فمحا كحان ماحن
قبيل الشرك الكبر فظاهر وجوب اجتنابه ،وأن ماححن فعلححه فهححو
ماشرك كافر تارأك للدين ماع اجتماع الشروط وانتفاع الموانع.
وماا هو أقل مان ذلك الشحرك الصحغر والخفحي ،ينبغحي علحى
العبد أن يسعى في تجنبه -يعني :ينبغححي وجوبححا -يجححب عليححه أن
- 1سإورأة الليل آية .7-5 :
250
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
251
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
252
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وبها يحصل للمرء مان النورأ في قلبه ،وحسن تعححاماله ماححع رأبححه،
وخشيته له ،والتنقب عن دارأ الدنيا ،والرغّب فححي الخححرة ماححا ل
يدخل تحت وصف.
أعاننا الله وإياكم على ذلك ،فإن صحلة الرجحل والمحرأة فحي
جوف الليل هذه يكون ماعها التدبر للقرآن ،وحسن مانجاة اللححه،
والدماعة التي تسيل مان خشية الله -جححل وعل -إذ يكححون المححرء
في ذلك على يقين ماححن أنححه إنمححا قححام للححه -جححل وعل -وحححده،
فتعظم الصلة ،ويعظم التعلححق ،ويعظححم إخبححات القلححب ،ويعظححم
الرجححاء ،وتعظححم الرهبححة ،ويعظححم الخححوف ،ويححؤثأر القححرآن فححي
القلوب تأثأيرا عظيما.
فأصحاب الليل هم أهل التقوى ،قال -جل وعل:-
(1) يعن ي :ف ي وصححف عبححاده المخبححتين
المنيححبين فححي سإححورأة الححم السححجدة :
وهذا مان فضل الله -جل وعل -عليهم. )(2
253
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
254
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
عنها وأرأضاها -باللسان بمححا بلححغ بهححا المبلححغ الححذي تعلمححون فححي
قصة الفك ،باللسان يحصل نشر الخير وباللسححان يحصححل نشححر
الشر.
فإذا حاسإب المرء نفسه علححى لسححانه ،حصححل لححه مالك هححذا
المار ،وهو أنه مالك عليه دينه ،وأماا إذا أطلححق لسححانه فححي كححل
شيء ،فإنه يضر نفسه ضررأا بالغا ول يملك علححى نفسححه دينححه،
واللسان قد جاءت الحاديث الكثيرة في بيان شححأنه ،وماححر ماعنححا
في حديث ماضى بعض ذلك فقال :ك ف عليححك هححذا يعنححي:
أماسك ،فالكلمة إذا لم تعلم أنها مان الحححق الححذي تححؤجر عليححه،
فاتركها؛ لنها عليك ،وليست لك ،قال :قلت :يا نبي اللححه وإنححا
لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال :ثأكلتححك أماححك ؛ لنححه ل يتوقححع
مان ماعاذ ،وهو العححالم بححالحلل والحححرام الفقيححه أن يسححأل هححذا
السححؤال ،فقححال :ثأكلت ك أماححك يعنححي :اسإححتغراب ماححن هححذا
السؤال الذي لم يتوقع مان ماعاذ أن يسأله فقال :ثأكلتك أماححك،
وهل يكب الناس في النارأ على وجوههم ،أو قححال مانححاخرهم إل
حصائد ألسنتهم .
يستنكف كححثير ماححن النححاس ،يعنححي :ماححن المسححلمين أن يعمححل
عمل ماحرماا مان الكبائر بجححوارأحه ،تجححد أنححه يسححتنكف أن يأكححل
الربححا ،ويسححتنكف أن يشححرب الخمححر ،يسححتنكف أن يححأتي كححبيرة
الزنا ،يستنكف أن يأتي كبيرة السحر ،يستنكف أن يححأتي كححبيرة
قححذف المحصححنات الغححافلت ،يسححتنكف أن يححأتي كححذا وكححذا ماححن
الكبائر ،ولكنه في كبائر اللسان يقع فيهححا بل مابححالة ،فيقححع فححي
النميمة مان دون أن يشعر ،فينقل كلماا ،وبه يفحرق بيحن المحرء
وبين أخيححه ،يقححول :فلن سإححمعته يقححول فيححك كححذا وكححذا ،وهححذه
نميمة أن تنقل كلماا يوقححع الضححغينة والشححر فححي نفححس ماسححلم
علحى أخيحه المسحلم ،وهحي كحبيرة ماحن الكبحائر ،وهحي الحالقحة،
ويغتاب ،والغيبة ماحرماة ،وهي عند كثير مان أهححل العلححم كححبيرة،
ومادارأها على اللسان ،وقد قال -جل وعل :-
. )(1
255
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
قال طائفة مان أهل العلم :لما شبه الغيبة بأكل لحححم الميححت
دل على أنها مان الكبائر؛ لن المشبه به كبيرة ،فيأخححذ المشححبه
حكم المشبه به ،فدل على أنها مان الكبائر.
وهكذا في أصناف شتى ،فما وجححدت العححداوات والبغضححاء إل
باللسان ،وماا تفرقت الماة إل باللسان قبححل العمححال ،فاللسححان
هو مادارأ المار؛ ولهذا قال -عليه الصلة والسححلم : -أل أخححبرك
بملك ذلك كله ؟ يعني :برأس المار وعموده وذرأوة سإححناماه،
قال :بلى ،يححا رأسإححول اللححه ،قححال :كححف عليححك هححذا فهححذه
وصية عظيمة ،وسإبب التعذيب ،تعذيب كثيرين فححي النححارأ ،أنهححم
لححم يكفححوا ألسححنتهم عمححا ل يحححل لهححم؛ فلهححذا علينححا أن نحححذرأ
اللسان أعظم الحححذرأ ،فنوصححي بهححذه الوصححية الححتي أوصححى بهححا
المصطفى -عليه الصلة والسلم -بقوله :كف عليك هذا .
فأوصي نفسي وإياكم بأن نكف ألسنتنا ،إل عن شيء علمنححا
حسححنه ،فححإذا خاطبنححا إخواننححا ،فلنخححاطبهم بححالتي هححي أحسححن
(1) أحسن ماححا
تجد مان اللفظ قله لوالدك ،لوالدتك ،لخوانك ،لخواتك ،لهلححك،
لخوانك المؤمانين؛ لنه بهذا تبعد مادخل الشيطان فححي التفريححق
ماا بين أهل اليمان.
وماا حصل ،ماا حصل في تارأيخ السإلم ،وفي زمااننا هذا ماححن
أماححورأ مانكححرة إل بسححبب إطلق اللسححان فيمححا ل يعلححم أنححه ماححن
الحق ،وكل يتكلم بما شاء ،فحصححل ماححا لححم يحمححد ،نسححأل اللححه
-جل وعل -أن يلهمني وإياكم ماا فيه صلحنا في قلوبنا وألسنتنا
وجوارأحنا.
256
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث الثلثون
إن الله فرض فرائض فل تضيعوها
وعن أبي ثأعلبة الخشني -جرثأوم بن ناشر ،رأضى اللحه عنححه -قححال :
قال رأسإول الله إن اللححه فححرض فرائححض ،فل تضححيعوها ،وحححد
حححدودا فل تعتححدوها ،وحححرم أشححياء ،فل تنتهكوهححا ،وسإححكت عححن
أشياء لكم غّير نسيان ،فل تبحثوا عنهححا حححديث حسححن ،رأواه
الدارأقطني وغّيره .
هذا الحديث -أيضا -مان الحاديث الصول العظيمة.
عن أبي ثأعلبة الخشني -جرثأوم بن ناشححر -جرثأححوم ،وجرثأوماححة
ماعناها الصل الذي يرجع إليه ،هذه بالمناسإححبة ،فجرثأححوم ،يعنححي:
كلمة ،اسإم له دللته القوية في اللغة ،يعنححي :هححو أصححل لغيححره،
والجرثأوماة هي الصل ،وليسحت هحي كلمحة ذم ،وإنمحا هحي فحي
اللغة ماا يدل على أنه أصل لغيره ،قال جرثأوم بن ناشر -رأضى
الله عنه : -قال رأسإول الله إن الله -تعححالى -فححرض فرائححض
فل تضيعوها ،وحد حدودا فل تعتدوها الحديث .
قوله -عليه الصلة والسلم -إن الله تعالى فححرض فرائححض،
فل تضيعوها يعني :هنا بالفرائض ماا جاء إيجابه فححي القححرآن،
قال :إن الله فرض فرائض فل تضيعوها .
"فرض" :يعني :أوجب واجبات فل تضيعوها ،ومان المعلوم أن
كلمة "فححرض" فححي القححرآن قليلححة ،والفححرض قليححل فححي الكتححاب
والسنة؛ ولهذا ماا دل القرآن علححى وجححوبه ،فهححو فححرض ،فقححوله
-عليححه الصححلة والسححلم -هنححا :إن اللححه فححرض فرائححض فل
تضيعوها يعني :ماححا أوجبححه اللححه -جل وعل -فححي القححران ،فمححا
ثأبت في القححرآن وجححوبه ،فيسححمى فححرض بهححذا الحححديث؛ ولهححذا
ذهب جماعة مان أهل العلم ،مانهم الماام أحمد على أن الفرض
أعظم مان الواجب مان جهة أن ماا أوجب الله -جل وعل -يقححال
له فرض ،وماا دلت السنة على وجححوبه يقححال لححه :واجححب إل إذا
أتى بصيغة الفرض ،ففرق أحمد وجماعححة ماححن أهححل العلححم بيححن
الفرض والواجب مان جهة الدليل ،ل مان جهة المرتبة.
257
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
258
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ليمتثححل ،وهححذا دليححل علححى أن ماححن ضححيع أثأححم؛ لنححه نهححى عححن
التضييع ،وهذا داخل ضمن القاعدة أن ترك الواجب ماحرم.
قال :وحد حدودا فل تعتححدوها هححذا اللفححظ حححد حححدودا
فل تعتدوها يدخل فيه البحث مان جهات كثيرة ،لكححن ألخححص
لك ذلك بتقرير قاعدة عاماة في فهم نصححوصا الكتححاب والسححنة،
التي جاء فيها لفظ الحد والحدود ،وهي أنها جححاءت علححى ثألثأححة
أنواع مان السإتعمال:
الول :أن يؤتى بلفظ الحدود بإطلق ،يعنححي :بل أماححر أو نهححي
بعدها ،كقوله -تعالى -في سإورأة النساء :
(1) أو تأتي ،ويكون بعدها النهي عن العتداء،
كقوله -جل وعل :-
(2) وكقوله. (3) :
والثالث :أن يكون بعد ذكر الحححدود النهححي عححن المقارأبححة ،فل
تقربوها فححي آيححة البقححرة الححتي فيهححا ذكححر الصححيام والعتكححاف
(4) فهذه ثألثأة أنححواع فححي
القرآن .
وفي السنة أتى الحد -أيضا -ويراد بححه العقوبححات المقححدرأة ،أو
يراد به الذنوب التي عليها عقوبات ،يعني :المحرماات التي يجب
في حق مان اقتحمها أن يعاقب.
إذا تقررأ ذلك ،فنرجع إلى تأصيل هححذا فححي أن الحححدود لفححظ
اسإححتعمل فححي الكتححاب والسححنة ،واسإححتعمل فححي كلم الفقهححاء،
وكلماححي -السححالف -فححي التقسححيم إلححى النححواع ،هححذا إنمححا هححو
لنصوصا الكتاب والسنة ،وأماححا التعححبير بالحححدود فححي كتححب أهححل
العلم وأهل الفقه ،فهذا اسإتعمال اصطلحي ،ليس هو اسإتعمال
الحدود في نصوصا الكتاب والسنة .إذا تبين هذا ،فالنوع الول -
ذكرنا لكم ثألثأة أنواع -النوع الول :كقوله :
259
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
260
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
261
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
262
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فما حرم الله -جل وعل -أو حرماه رأسإوله مان أشياء ،فححإنه
ل حاجححة لبححن آدم إليححه فححي إقاماححة حيححاته ،أو التلححذذ بحيححاته،
فالمباحات والمستحبات يمكنه أن يتلذذ فيها بأشياء كثيرة تغنيححه
عن الحرام.
قال :وسإكت عن أشياء رأحمة لكم غّيححر نسححيان فل تبحثححوا
عنها .
"سإكت عححن أشححياء" :يعنححي :أن اللححه سإححكت ،وهححذا السححكوت
الذي وصححف اللححه -جححل وعل -بححه ليححس هححو السححكوت المقابححل
للكلم ،يقال :تكلم وسإكت ،وإنما هذا سإححكوت يقابححل بححه إظهححارأ
الحكم ،فالله -جل وعل -سإكت عن التحريم ،بمعنى لححم يحححرم،
لم يظهر لنا أن هذا حححرام ،فالسححكوت هنححا ماححن قبيححل الحكححم،
سإكوت عن الحكم ،ليس سإححكوتا عححن الكلم ،فغلححط علححى هححذا
مان قال :إن هذه الكلمة يستدل بها على إثأبات صححفة السححكوت
لله -جل وعل ،-وهذا ماما لححم يححأت فححي نصححوصا السححلف فححي
الصفات ،وهذا الحديث وأماثاله ل يدل على أن السححكوت صححفة؛
لن السكوت قسمان :سإكوت عن الكلم ،وهححذا ل يوصححف اللححه
-جل وعل -به ،بل يوصححف اللححه -سإححبحانه وتعححالى -بححأنه ماتكلححم،
ويتكلم كيف شاء ،وإذا شاء ،ماتى شاء ،وأماا صفة السكوت عن
الكلم ،فهذه لم تأت في الكتاب ول في السنة ،فنقف على ماا
وقفنا عليه ،يعني :على ماا أوقفنا الشارأع عليه ،فل نتعدى ذلك.
والقسم الثاني :مان السكوت ،السكوت عن إظهارأ الحكم ،أو
عن إظهارأ الخبر وأشباه ذلك ،فلو فححرض -ماثل -أن أنححا أماححاماكم
الن ،وأتكلم باسإترسإال ،سإكت عن أشياء ،وأنححا ماسترسإححل فححي
الكلم ،بمعنى أني لم أظهر لكم أشياء أعلمها ،تتعلق بالحاديث
التي نشرحها ،وسإكوتي في أثأناء الشرح عن أشياء لم أظهرهححا
لكم ،أوصف فيه بالسكوت؟
فتقول -ماثل :-فلن سإكت في شرحه عححن أشححياء كححثيرة ،لححم
يبدها لجل أن المقححام ل يتسححع لهححا ،ماححع أنححي ماتواصححل الكلم،
فإذا ً ل يدل السكوت ،يعني :في هذا ،يعني :السكوت عن إظهارأ
263
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
264
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ذلك ،وإذا أرأدنا أن نسرد الماثلة ،فهي كثيرة يضيق المقام عنها
تراجعونها في المطولت.
النــوع الثــاني :أشححياء ماسححكوت عنهححا ،لكححن داخلححة ضححمن
القيسة ،يعني :يمكن أن يقاس المسكوت عنه على المنصححوصا
عليه ،وقد ذهب جمهورأ علمححاء الماححة إلححى القححول بالقيححاس ،إذا
كانت العلة واضحة ،اجتمعت فيهححا الشححروط ،ومانصوصححا عليهححا،
فإذا كان القياس صحيحا ،فإن المسألة ل تعد ماسكوتا عنها.
الحالة الثالثة :أن تكون المسألة ماسكوتا عنها ،بمعنححى أنححه
ل يظهر إدخالها ضمن دليححل ،فكححانت فححي عهححده -عليححه الصححلة
والسلم -هذا نوع ،ولححم ينححص علححى حكمهححا ،ولححم تححدخل ضححمن
دليححل عححام ،فسححكت عنهححا ،فهححذا يححدل أنهححا علححى الباحححة؛ لن
اليجاب أو التحريم نقل عن الصل ،فالصححل أن ل تكليححف ،ثأححم
جاء التكليف بنقل أشياء عن الصل ،فل بد للوجوب مان دليححل،
ول بد للتحريم مان دليل ،فما سإكت عنه ،فل نعلم له دليل ماححن
النص ،مان الكتاب والسنة ،ول يدخل في العموماات ،وليححس لححه
قياس ،فهذا يدل على أنه ليس بواجب ،ول يجححوز البحححث عنححه،
ولهذا أنكر النبي -عليه الصلة والسححلم -علححى ماححن سإححأله عححن
الحج فقال الرجل :يا رأسإول الله ،أفححي كححل عححام ؟ هححذه
ماسألة ماسكوت عنها ،وتحوجه الخطحاب للرجحل بحأل يبححث عحن
هذا ،فسكت عن وجوب الحج ،هل يتكررأ أم ل يتكررأ؟ والصححل
أنه يحصل الماتثال بفعله مارة واحدة ،فقال النبي -عليه الصححلة
والسلم: -
لو قلت :نعم؛ لوجبت .زرأوني ماا تركتكم يعني :إذا تركت
البيان ،فاسإكتوا عن ذلك ،قد ثأبت في صحيح ماسلم أنححه -عليححه
الصلة والسححلم -قححال :إن أشححد المسححلمين -فححي المسححلمين-
جرماا رأجل سإأل عن شيء ،فحرم لجل ماسألته .
قد قال -جل وعل :-
(1) فإذا هذا النحوع مامحا
سإححكت عنححه ،فل يسححوغ لنححا أن نبحححث ،ونتكلححف الححدليل عليهححا،
- 1سإورأة المائدة آية .101 :
265
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
تلحظ -أحيانا -مان بعض الدلة التي يقيمها بعض أهححل العلححم أن
فيها تكلفا للسإتدلل لحكم المسألة ،فإذا كححان الححدليل ل يححدخل
فيها بوضوح ،فإنها تبقى علي الصل.
وسإكت عن أشياء رأحمة بكم غّير نسيان ،فل تبحثوا عنها
وهذا مان رأحمة الله -جل وعل -بعباده.
أسإححأل اللححه الكريححم بأسإححمائه الحسححنى وصححفاته العليححا ،أن
يلهمني وإياكم الرشد والسداد ،وأن يعلمنا ماا ينفعنا ،وأن يثبححت
العلم في قلوبنا ،ويرزقنا زكاته والعمل به ،وتعليمححه ،والحسححان
في ذلك كله.
بقي عندنا اثأنا عشححر حححديثا ،وبقحي عنححدنا جلسححتان غّححدا بعححد
العشاء ،ويوم الخميس عصرا نكمل -إن شاء الله تعالى -البقية؛
لن الحاديث الباقية قصحيرة ،وليسحت بطويلحة ،وأححاديث اليحوم
وماا قبل كانت طويلة فححي ألفاظهححا ،وإلححى لقححاء -إن شححاء اللححه
تعالى -وأثأابكم الله.
نعم ...
بسم الله الرحمححن الرحيححم ،الحمححد للحه ححق الحمحد وأوفحاه،
وأشهد أن ل إله إل الله ،وأن ماحمدا عبده ورأسإوله وماصححطفاه،
صلى الله عليه ،وعلى آله وصحبه وسإلم تسليما كثيرا إلى يححوم
الدين.
أماا بعد:
فهذه صلة للشرح ،ووقفنا عند الحديث الحادي والثلثأين ماححن
الرأبعين النووية.
اقرأ ...
266
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
267
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
لله -جل وعل ،-فالعبححاد كححثيرون مانهححم ماححن يحبححون اللحه -جححل
وعل ،-بححل كححل ماتححدين بالباطححل أو بححالحق ،فححإنه ماححا تححدين إل
لمحبة الله -جل وعل ،-وليس هذا هو الذي يميز الناس ،وإنمححا
الذي يميز الناس عند الله -جل وعل -هو مان الذي يحبححه اللححه،
-جل وعل .-
وقد قال بعض أئمة السلف -رأحمهم اللححه :-ليححس الشححأن أن
حححب ،يريححد أن ماحبححة العبححد حب ،ولكن الشأن كل الشأن أن ت ُ َ ت ِ
لربه -جل وعل -هذه تحصل إماا بموافقة ماراد الله ،أو بمخالفححة
ماراد اللححه ،فالنصححارأى يحبححون اللححه ،وعبححاد اليهححود يحبححون اللححه،
وعباد الملل يحبون اللحه ،وعبحاد جهلحة المسحلمين يحبحون اللحه،
ولكن ليس هؤلء بمحبوبين لله -جل وعل -إل إذا كانوا على ماححا
يحبه الله -جل وعل -ويرضاه مان القوال والعمال.
إذا ً فحصل مان ذلك أن السعي في ماحبة الله للعبد هذا هححو
المطلب ،وهذا إنما بالرغّب فححي العلححم وماعرفححة ماححا يحبححه اللححه
-جل وعل -ويرضاه ،فإذا عرفت كيححف يحححب اللححه العبححد ،أو إذا
عرفت بما يحب الله -جل وعل -العبد ،حصل لححك السححعي فححي
ماحبة الله -جل وعل .-
وقححد قححال -تعححالى: -
فصرفهم عن الدعوة )(1
إلى البرهان ،قال هنا :دلني على عمل إذا عملته أحبني اللححه
وفي قوله :دلني على عمل ماا يشعر أن الصحابي فقححه
أن ماحبة الله -جل وعل -للعبححد تكححون بالعمححل ،وهححذا خلف ماححا
يححدعيه بعضححهم أنححه يكتفححي بمححا يقححوم فححي القلححب ،وإن كححانت
العمال ماخالفة لححذلك ،بححل إنمححا يحصححل حححب اللححه -جححل وعل
-للعبد بعمل قلبي وعمل بدني مان العباد ،وقد قال -جححل وعل
:-
… (2)
الية.
268
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
قال :دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني النححاس
فقال :ازهد في الدنيا يحبك الله يحححب هححذه ماجزوماححة،
ولكن لجل التقاء الساكنين صارأت مافتوحة ،ول تقرؤها بالضم ؛
لن المعنى يتغير ،كما تقول لم يحب فلن كححذا؛ لنهححا إذا كححان
الحرف ماشددا ،فإنه إذا دخل عليه جازم يصححبح مافتوحححا؛ لجححل
التقاء الساكنين ،وكمححا هححو ماعلححوم فححي النحححو ،ويحبححك ماجححزوم
جواب الطلب ،أو جواب المار ،قححال :ازه د فححي الححدنيا يحبححك
الله ،وازهد فيما عنححد النححاس يحبححك النححاس الوصححية جمعححت
الزهد.
والزهد في اللغة :هو المار القليل الححذي ل يححؤبه لححه ،وكححذلك
زهد في الشيء يعني :إذا جعلحه شحيئا قليل ل يحؤبه ل ه ،وسإحعر
زهيد ،إذا كان قليل ليس ماثله ماما يلتفت إليه ،وهكححذا ،فالزهححد
في الدنيا أن تكون الدنيا في القلححب غّيححر مارفححوع بهححا الححرأس،
يعني :أل تكون الدنيا في القلب ،واختلفت عبارأات العلماء كثيرا
في تفسير الزهد ،ففسره طائفة بأن الزهد هو أن تكححون فيمححا
في يدي الله -جل وعل -وبعطاء الله أوثأق ماما في يدك ،يعني:
أن يصح اليقين بأن ماححا عنححد اللححه -جححل وعل -أو ثأححق مامححا فححي
يححديك ،وهححذا تفسححير رأوي عححن بعححض الصحححابة ،ورأوي مارفوعححا
-أيضا -إلى النبي لكن الصحيح أنه عن بعض الصحابة ،هو عن
أبي صبيح الخولني قال فيه :
"إن الزهد أن تكون فيما في يدي الله أوثأق ماما في يححدك"،
وهذا يعني أن ماا عند الله -جل وعل -في الححدنيا مامححا وعححد بححه
عباده ،وماا عنده في الخرة ،تكون الثقة به أعظم ماما تمارأسإه
في الدنيا ،وهذا ينشححأ عححن قلححب عظححم يقينححه بربححه -جححل وعل
-وعظم يقينه وتصديقه بوعده ووعيده ،وعظم توكله علححى اللححه
-جل وعل -وهذا حقيقه الزهد ،وأيضا فسر الزهد بأنه العححراض
عن الحرام ،والكتفاء بالحلل ،وهححذا طريقححة ماححن قححال :إن كححل
ماقتصد مان عباد الله زاهد.
يعني :كل مان ابتعد عن الحرام ،وأقبل على الحلل ،فاقتصححر
عليه ،فإنه زاهد ،وهذا عندهم زهد في المحرم ،فيصححح الوصححف
بأنه زاهد إذا زهد في المحرم ،وهذا النححوع ماححن الزهححد ،وليححس
269
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
270
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
كلما أقبل عليه ماباح غّشيه دون ماوارأبححة ،فقححال :هححذا ل يجححوز
وهو مان اختيارأات الشيخ ابن تيمية ،رأحمه الله تعالى.
واسإتدل بقوله -تعالى :-
(1) والسإتدلل ظاهر ،حيث نهي -عليه
الصلة والسلم -والنهي لماته علححى وجححه التبححع ،أن يمححد المححرء
عينيه إلى ماا ماتع به الخلق مان زهححرة الحيححاة الححدنيا ،وماححن ماححد
عينيه إلى ماا ماتع به الخلق مان زهرة الحياة الدنيا ،فححإنه يفححوته
الزهد في الدنيا؛ لنه ل بد وأن يحصل بالقلب نوع تعلق بالدنيا،
وهذا خلف الزهادة ،فتحصححل ماحن ذلحك أن الزهحد ليحس ماعنحاه
الفقر ،وليس ماعناه ترك المال ،وإنما الزهد حقيقة فححي القلححب
بتعلقه بالخرة ،وتجانبه وابتعاده عححن الححدنيا ،ماححن حيححث التعلححق،
فيتعامال بححأماورأ الححدنيا علححى أنهححا فححي يححده ،وليسححت فححي قلبححه،
فتخلص قصده ،ونيته في كل عمل يعملححه فححي أن يكححون نافعححا
له في الخرة.
فإذا عامال -ماثل -بالبيع والشراء ،فإنه يستعين به على الحححق،
وعلى ماا ينفعه في الخرة ،وقد قال رأجل للماام أحمححد -رأحمححه
الله تعالى :-هل يكون الغنى زاهححدا ؟ قححال :نعححم ،إذا لححم يححأس
على ماا فاته مان الدنيا ،ولم يفرح بما كثر عنده مانها.
قد يكون الرجل عنده ماححال وفيححر جححدا ،ولكنححه إن نقححص ماححا
تححأثأر ،وإن زاد ماححا فححرح بححه ،فهححذا عنححده وجححوده يعنححي :زيححادته،
ونقصححه واحححد لقبححاله علححى الخححرة ،وإنمححا حصححل هححذا بيححده،
فيستعمله فيما ينفعه في الخرة ،وهذا مان المار العظيححم الححذي
فات إدرأاكه على كثير ماححن النححاس فححي هححذه الماححة ،فظنححوا أن
الزهادة العراض عن المال ،والعراض عمححا يحصححل للمححرء بححه
نفع في الخرة ،وسإححئل الحسححن فقيححل لححه- :الحسححن ،أو غّيححره-
فقيل له :مان الزاهححد ؟ فقححال :الزاهححد هححو الححذي إذا رأأى غّيححره
ظن أنه خير مانه.
وهذا مان عظيم المعاني ،التي اخترعها الحسن -رأحمححه اللححه-
حيث قال :إن الزاهد هو الذي يفضل غّيره عليه ،يعنححي :إذا رأأى
- 1سإورأة طه آية .131 :
271
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
أحدا مان المسلمين ظن أنه خير مانه ،يعني :عند الله -جل وعل
.-
وهذا يعني :أنه غّير ماتعلق بالدنيا مازدرأ نفسه في جنححب اللححه
-جل وعل -غّير ماترفع على الخلق ،وهذا إنما يحصححل لمححن ماححن
الله عليه ،فعمر قلبه بالرغّبة في الخححرة ،وبالبعححد عححن التعلححق
بالدنيا ،والكلم على تارأيخ الزهد كثير.
إذا تقررأ هذا ،فنرجع إلى قوله -عليه الصلة والسلم :-ازهد
في الدنيا يحبك الله .
والزهد في الدنيا ماعنححاه :أن تكححون الححدنيا قليلححة حقيححرة فححي
قلبك فل ترفحع ،فل ترفحع بهحا رأأسإحك ،يعنحي أنحه إذا تصحرف ل
يتصرف للدنيا ،إذا فعل ل يفعحل للحدنيا ،وإنمحا يكحون لل ه -جحل
وعل ،-فينقلححب حاماححده وذاماححه ماححن النححاس سإححواء ،رأضححي عنححه
الناس ،أو لم يرضوا عنه ،فإنه يعامال رأبه -جححل وعل -بمححا أماححر
الله -جل وعل -به مان التصححرفات والعمححال ،فححإذا :ازه د فححي
الدنيا يحبك الله يعني :ليكححن تعلقححك بححالخرة ،وأخححرج الححدنيا
مان قلبك ،أو قللها مان قلبك؛ لن "ازهد" ماعناه :قلل ،وإذا كححان
كذلك حصلت لك ماحبة الله؛ لنه إذا اجتمع فححي القلححب الرغّبححة
في الخرة ،فإنه يكون ماع القبال على الله -جل وعل -والبتعاد
عن دارأ الغرورأ.
قال :يحبك الله وحب الله -جل وعل -صفة ماححن صححفاته،
التي يتبعها أهل السححنة والجماعححة لححه علححى الححوجه الححذي يليححق
بجلل الله -جل وعل -وعظمته ،وقححد جححاء إثأباتهححا فححي القححرآن
في آيات كثيرة ،وكذلك في السنة ،فهو -جححل وعل -يحححب كمححا
يليق بجلله وعظمتححه ،يحححب ل حاجححة لمحبححوبه ،أو لضححعفه ماححع
ماحبوبه ،وإنما يحححب -جحل وعل -لخيحر يسححوقه إلحى ماححن يحححب،
فحبه -جل وعل -كمال ل لحاجة ،بل هو عن كمال غّنححي ،وعححن
كمال اقتدارأ فيحب عبده؛ لتقحرب العبحد مانحه ،وححب -جحل وعل
-للعبد مان ثأمراته أن يكون ماع العبد المعية الخاصة ،قال -عليه
الصلة والسلم : -وازهد فيما عند الناس يحبك الناس .
272
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ازهد فيما عند الناس يعني :ل يكن قلبححك ماتعلقححا فيمححا
في أيدي الناس ،فإذا فعلت ذلك ،فأخرجت ماا في أيدي الناس
مان التعلق ومان الهتمححام ،وكححان ماححا عنححد النححاس فححي قلبححك ل
قيمة له ،سإححواء أعظححم أم قححل ،فححإنه بححذلك يحبححك النححاس؛ لن
الناس يرون فيه أنك غّير ماتعلق بما في أيححديهم ،ل تنظححر إلححى
ماا أنعم الله به عليهم نظر رأغّبة ،ول نظر طلححب ،وإنمححا تسححأل
الله -جل وعل -لهم التخفيف ماححن الحسححاب ،وتحمححد اللححه -جححل
وعل -على ماا أعطاك ،وماا أنت فيه ،فهذا إخراج ماا فححي أيححدي
الناس مان القلب ،هذه حقيقححة الزهححادة فيمححا عنححد النححاس ،وإذا
فعل ذلك المرء أحبححه النححاس؛ لن النححاس جبلححوا علححى أنهححم ل
يحبون مان نازعهم ماا يختصون ب ه ،مامحا يملكحون ،أو ماحا يكحون
في أيديهم حتى إذا دخلت بيت أحد ،ورأأيت شيئا يعجبك ،وظهر
عند ذلك أنك أعجبت بكححذا ،فححإنه يكححون فححي نفححس ذاك الخححر
بعض الشيء .وهذا يعكر صفو المحبة ،فوطن نفسك أن ماا عند
الناس في قلبحك شحيء قليحل ل قيمحة ل ه ،حقيحر ل قيمحة ل ه،
حقير قيمة له ماهما بلغ ،وهذا فححي الحقيقححة ل يكححون إل لقلححب
زاهد ماتعلق بالخرة ،ل ينظحر إلحى الححدنيا أماححا ماححن ينظححر إلححى
الدنيا ،فإنه يكون ماتعلقا بما في أيدي الناس.
فإذا نظر إلى مالك هذا تعلححق بححه ،وإذا نظححر إلححى مالححك هححذا
تعلق به ،ول يزال يسححأل ،أو ينظححر إليححه ،أو يتمتححع بححه حححتى ل
يكون ماحبوبا عند الناس ،فإذن هححذه الوصححية جمعححت ماححا يكححون
فيه أداء حق الله -جل وعل -والتخلص مان حقوق الناس ،فحححق
الله -جل وعل -عظيم وطريقه أن تزهد فيمححا ابتلححي بححه الخلححق
مان الدنيا ،أن تقلل الدنيا في قلبك وكححذلك أن تقلححل شححأن ماححا
في أيدي الناس ،فتكون ماعلقا بالخرة .
فهذه هي حقيقة هذه الوصية العظيمة ،ول شححك أننححا بحاجححة
إلى ذلك ،خاصة في هذا الزمان الذي صارأ أكثر الخلححق ماعلقيححن
بالدنيا في قلوبهم ،وينظرون إذا نظروا على جهة المحبة للدنيا،
وهذا ماما يضعف قلب المححرء فححي تعلقححه بححالخرة ،وتعلقححه بمححا
يحب الله -جل وعل -ويرضى.
273
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
274
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
276
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الله -جل وعل -نفى وجود الضررأ شرعا ،بقححول المصححطفى
ل ضررأ ول ضرارأ إذا تبين هذا فما ماعنى الضررأ؟ وماا ماعنى
الضرارأ؟ اختلفت عبارأات العلماء في ذلك ،وفي الفرق ماححا بيححن
الضررأ والضرارأ ،فمنهم مان قال:
إن الضررأ والضرارأ واحد ،لكن كررأ للتأكيد ،فالضررأ والضححرارأ
بمعنى واحد ،وهو إيصال الذى للغير.
وقححال آخححرون ماححن أهححل العلححم :الضححررأ والضححرارأ ماختلفححان،
فالضررأ هو السإم ،والضرارأ هو الفعل يعني :نفي وجود الضححررأ،
ونفي فعل الضررأ ،فيكون علححى هححذا القححول ،الول :ماتجححه إلححى
الشرع بعض الضررأ في الشريعة ،والثاني :ماتجححه إلححى المكلححف،
فل فعل للضررأ والضرارأ ماأذون به شرعا ،ويؤيد هذا بححأنه جححاء
في بعض الروايات ل ضررأ ول إضرارأ يعني :بححالغير ،وقححال
آخححرون ماححن أهححل العلححم -وهححو القححول الثححالث :-إن الضححررأ هححو
إيصال الذى للغير ،بما فيححه مانفعححة للموصححل ،والضححرارأ إيصححال
الذى للغير بما ليس لموصل الذى نفع فيححه ،يعنححي :أن الضححررأ
على هذا القول ،هو أن تضر بأحد لكي تنتفع ،فإذا وصله ضررأ:
أذى ماعين ،انتفعت أنت بذلك إماا في الماورأ المالية ،أو غّيرها،
والنوع الثاني :الذي هو الضرارأ أن توصل الذى -نسححأل اللححه
العافيححة -دون فائححدة لححك ول ماصححلحة ،وهححذا قححول عححدد ماححن
المحققيححن مانهححم العلماححة ابححن الصححلح ،وقبلححه ابححن عبححد الححبر
وجماعة مان أهل العلم ،وهذا التعريف أولى وأظهر لعدة أماورأ:
مانها :أن فيه تفريقا بين الضررأ والضرارأ ،والصححل فححي الكلم
التأسإيس ل التأكيد ،والثاني :أن لفظ الضححررأ يختلححف عححن لفححظ
الضححرارأ ،فححي أن الضححررأ ظححاهر مانححه أن الموصححل لهححذا الضححررأ
مانتفع ب ه ،وأماحا المضحارأ بالشحيء ،فحإنه غّيحر مانتفحع ب ه لمعنحى
المفاعلة في ذلك ،وهذا -أيضا -يعني :مان جهة اللغة بين ،ومانهححا
-أيضا -يعني :ماما يترجح به هذا المعنححى أن الفعححال ماختلفححة ،ل
ضررأ ول ضرارأ إذا انتفى في الشرع ،يعني :أنه لن يصححل الذى
إلى المكلف ،أو نفي إيصال الذى للمكلف هذا يشمل الحححالت
277
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
التي ذكرنا جميعا ،وهذا يتضح ماع تقسيم يأتي ،وكما ذكرنا لكححم
في أول الكلم:
أن نفي الضررأ رأاجع إلى جهححة الشححرع فححي العبححادات ،وإلححى
الشرع والمكلححف فححي المعححامالت وماححا بعححدها ،وإذا قلنححا :إنححه ل
ضررأ يعني :في الشريعة ،ففي الشريعة ل يصل أذى لحد لنفي
انتفاع المؤذي ،فإن الله -جل وعل -ل ينتفع بأذى عباده ،بل هو
-سإبحانه -يبتليهم لحكمة يعلمها -جل وعل ،-فالضررأ مانفي فححي
التشريع ،وكذلك الضححرارأ مانفححي -أيضححا -فححي التشححريع إذا تقححررأ
هذا ،فإن الضررأ والضرارأ يعني :فححي عححدم اعتبححارأه فيمححا يححدخل
في فعل المكلف على قسمين:
الول :أن المكلف يدخل الضررأ على غّيححره ،وهححو ل ينتفححع
بهححذا الدخححال ،يعنححي :يكححون ماضححارأا علححى التعريححف هححذا ،وهححذا
بإجماع أهل العلم ،إنه ل يجوز وماحرم يعني :أن يضر غّيره بمححا
ل نفع له فيه ،وهو المضارأة على تعريفنا ،وهو الضرارأ ،هذا لححه
أماثلة كثيرة في الفقه ماعلوماة.
الثاني :أن يدخل الضررأ على ماكلف آخر على وجححه ينتفححع
هو مانه ،وهذا اختلف فيه العلماء ،هل يسوغ ماثححل هححذا ؟ أم ل
يسوغ ؟ فمنهم مان قال :إن الحديث دل على أنححه ل ضححرارأ ول
ضررأ ،فل يجوز الضررأ ،فإذا أدخل على غّيره ضححررأا علححى وجححه
ينتفع هو مانه ،فإنه دل الحديث على انتقائه ،فيعني أن هذا غّير
ماعتبر ،وهذا ماذهب جماعححة ماححن أهححل العلححم ،مانهححم أبححو حنيفححة
-رأحمه الله -والشافعي -رأحمه الله -قالوا :
إن إدخال الضررأ على أي ماسلم ،ولو لححك فيححه انتفححاع ،فححإنه
هذا ل يجوز ،ويجب إزالة الضررأ ،ووجود الضمان لححو حصححل ماححا
يوجبه ،ماثاله :ماثل أن يحتاج إلى فتح نوافححذ لتهويححة بيتححه علححى
جهة بيت جارأه ،والجارأ يتضررأ مان فتححح هححذه النوافححذ؛ لنححه بهححا
يطلع الجارأ على حرماات جارأه ،فهذا عند أبي حنيفة والشححافعي
مامنوع؛ لنه ل ضررأ ،وقد دخل الضررأ على الغيححر ،ماثل يحتححاج
إلى أن يعمل شيئا في بيته ،يشححب نححارأا فححي بيتححه لغححرض ماححن
الغّراض ،يتأذى بها جارأه ،فهذا ضححررأ دخحل علححى الجحارأ ،وصححل
ف ،يجب إليه ،وأذى ،وهو مانتفع بذلك ،عند هؤلء هذا الضررأ مانت ٍ
278
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
رأفعه وإذا اشتكوا ،إذا اشتكى الجارأ جححارأه عنححد القاضححي ،أماححره
بإزالة ماا يلحقه مان أذى.
والقول الثاني في هذا ،وهو قول الماام أحمد ووافقه ماالك
فححي بعححض المسححائل ،أن إيصححال الضححررأ للغيححر ينقسححم إلححى
قسمين:
الول :أن يكون ماعتححادا ،والمصححلحة فيححه ظححاهرة ،والثححاني :أل
يكون ماعتححادا ،والمصححلحة فيححه غّيححر ظححاهرة ،فححإن كححان ماعتححادا،
والمصلحة فيه ظاهرة ،فيجوز أن يفعله؛ لن الناس ل يمكن أن
يفعلوا فيما بينهم أشياء إل وثأم أذى يصيب الخر مانححه ،يبنححي ل
بد أنه يشب نارأا ،ويعمل أشياء ،يصححل لححو رأائحححة كريهححة إليححك،
لكن هذا شيء ماعتححاد ل بححد مانححه ،يريححد أن يعمححر -ماثل -بجححانب
جارأه ل بححد ماححن الصححباح ،وهححم يضححربون حححتى يتححأذى الجححارأ ،ل
يستطيع الجارأ أن يلوماه ،ماع أنه ل ينام صباحا مان جراء العمل،
فهذا عمل ماعتاد وماثل هذا ،ولو وصل الضررأ عند الماام أحمححد،
فإن ماثل هذا غّير مانفححي؛ لنححه ل تصححلح أماححورأ النححاس إل بهححذا،
وأماا إذا كان إيصال الضررأ غّير ماعتاد في أماححر ل ماصححلحة فيححه،
وغّير ماعتاد ،فإنه يجب إزالته ،في أشياء كثيرة ،مان الماثلة:
يعني :ماثل المثححال الحذي ذكرنحا سإحالفا ماثححل أبحواب وشحبابيك
على الجارأ ،عند الماححام أحمححد هححذا مامححا جححرت العححادة بححه؛ لن
الغرف تحتاج إلى تهوية إلى آخره ،فل يمنع مانه ،وهو المعمحول
به عندنا في ضوابط ماعلوماة ،وأماححا إذا عمححل عمل يوصححل إليححه
الضررأ بشيء غّير ماعتاد ،فإنه ل يقر عليه ،ماثل أن يحفححر قليبححا
بجنب قليب صححاحبه فسحححبت المححاء عليححه ،والمححاء لمححن سإححبق؛
فلهذا يؤمار المتأخر بأن يزيل هذا الضححررأ؛ لنححه غّيححر ماعتححاد ،ول
ماصلحة فيه ظاهرة له؛ لن ماصلحة الول ماتقدماة عليه.
ماثال آخر :لو أرأاد أن يحفر فححي بيتححه ،أو يبنححي ،يححذهب يححأتي
بححدينامايت -ماثل -ول بأشححياء ،يتضححررأ ماعهححا بيححت المجححاورأ بتهححدم
بعضه ،أو بخلل في أرأكانه ،أو في أسإسه ،أو أشبه ذلححك ،فهححذا
ماما ل يكون ماعتادا ،فيمنع مانه ،وهذا القول قححول الماححام أحمححد
هو التحقيق ،وهو الصواب؛ لن العمل جرى عليه؛ ولن ماصلحة
الناس ل تتم إل بهذا ،فإذا سإيحصل لنا ماححن هححذا -والبحححث فححي
279
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
هذا الحديث يطول؛ لنه قاعدة عظيمححة ،يححدخل فيهححا كححثير ماححن
أبواب المعامالت والماححورأ الجتماعيححة :النكححاح والوصححية والطلق
وإلى آخره -تحصل لنا مان هذا أن الضررأ والضرارأ ماختلفان وأن
هححذا لححه ماعنححى ،وهححذا لحه ماعنححى ،وأنحه مانتححف الضححررأ والضححرارأ
شرعا ،يعني :في التشريع.
وكححذلك يجححب علححى العبححاد أن ل يضححر بعضححهم بعضححا ،وأن
الضررأ مانه ماححا هححو للعبححد فيححه ماصححلحة ،فهححذا ل يجححوز باتفححاق،
والضرارأ الذي ل ماصلحة للعبد فيه ،ولم تجر العادة فهححذا أيضححا
مانفي ،وأماا ماا يحصل به نوع أذى ماع بقححاء المصححلحة ،وجريححان
العادة في ذلك ،فإنه ل ينفى شرعا ،ول يجب به إزالة الضرارأ،
هذا مالخص ماا في هذا الحديث مان ماباحث.
وهو يسححتدعي أطححول ماححن هححذا بكححثير ماححن جهححة التقسححيمات
والماثلة؛ لنه داخل -أيضححا -ضححمن قاعححدة فقيهححة ،وهححي :الضححررأ
يزال ،ولها تفريعات كثيرة ،رأبما مار ماعكم بعضها.
280
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وعن ابن عباس -رأضي الله عنهما -أن النبي قال :لو يعطححى
الناس بدعواهم ،لدعى رأجال أماوال قوم ودمااءهم ،ولكن البينة
علحى المحدعي واليميحن علحى ماحن أنكحر ححديث حسحن رأواه
البيهقي وغّيره ،هكذا وبعضه في الصحيحين.
هذا الحديث أصححل فححي بححاب القضححاء والبينححات والخصححوماات،
قال :عن ابن عباس -رأضى الله عنهما -أن رأسإول الله قححال :
لو يعطى الناس بدعواهم ،لدعى رأجال أماوال قححوم ودماححاءهم
.
لو يعطى الناس بدعواهم يعني أنه لححو كححانت المسححألة
في الحكم مابنية على ماجرد الدعوى ،فإنه سإيأتي لجل البغضاء
والشحناء بين الناس ،يأتي مان يدعي ماححال غّيححره ،بححل ،ويححدعي
دماه ،إذا ماات بأي طريقة ،ادعي أن فلنا هو القاتل .لو أعطححي
الناس -بمجرد الحدعوى ،بل بينحة -لحصحل خلحل كحثير فحي الماحة
وفححي النححاس؛ لن نفححوس النححاس مابنيححة علححى المشححاحة وعلححى
البغضاء وعلححى الكراهححة ،فقححد ينتححج ماححن ذلححك أن يححدعي أنححاس
أماوال قوم ودمااءهم ،فقال -عليه الصلة والسلم :-ل و يعطححى
الناس بدعواهم يعني :بل بينة على ماا ادعححوا ،لدعححى رأجححال
أماوال قوم ودمااءهم .
وهذا الادعاء بل بينة مارفوض؛ ولهذا كان لزاماا على المححدعي
أن يأتي بالبينة ،وعقب عليه كتفسير لذلك فقال -عليححه الصححلة
والسلم -ولكن البينة علححى المححدعي ،واليميححن علححى ماححن أنكححر،
قوله :البينة على المدعي البينة اسإم لكل ماححا يححبين الحححق،
ويظهره على الصحيح المختارأ ،فالبينات إذا كثيرة ،فالشهود مان
البينات ،والقرارأ مان البينات ،والقرائن الدالة على المسألة ماححن
البينات ،وفهم القاضي باختبارأ -أيضا -مان البينات ،فهححم القاضححي
281
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
282
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ترك ،والمدعى عليه مان إذا سإكت لم يترك ،ويعبر طائفححة ماححن
أهل العلم في كتب الفقه ،في القضاء في آخره ،عن المححدعي
والمدعى عليه بالداخل والخارأج ،المقصود أن المدعي في قوله
:ولكن البينة على المدعي أن المدعي ،هو مان إذا سإححكت
عن القضية ترك؛ لنه هو صاحبها ،فيدعي على غّيره شيئا ،فلو
قال :سإكت عن هذه الدعوى ،ترك إذ ل ماطالب له بشيء.
وقد ينقلب المدعي مادعى عليححه إذا كححان الخصححم ل يسححكت
عنه ،فإذا سإكت أحد الخصححمين ،وبسححكوته يححترك ،صححارأ ماححدعيا،
وإذا سإكت وبسكوته لم يححترك صححارأ ماححدعى عليححه ،وقححد ينقلححب
-كما ذكرت لك -المدعي إلى مادعى عليه في بعض الحالت.
قال :البينة على المدعي يعني :إذا أتححى أحححد وقححال :أنححا
أدعي على فلن بأنه أخذ أرأضي ،أو أخذ سإححيارأتي ،أو أنححه أخححذ
مان ماالي كذا وكذا ،أو أنححي أقرضححته كححذا وكححذا ،وأطححالبه بححرده
فيقال :أين البينة التي تثبت ذلك ؟ هل عندك شهود ؟ هذا نوع
مان البينات ،هل عنححدك ورأقححة ماشححهود عليهححا ؟ أو أشححباه ذلححك
تثبت ذلك ،ماا دليلك ،أو ماا بينتك على هذا ؟
فيأتي بالبينة ،فل ينظر إلى دعواه ماجححردة حححتى يححأتي ببينححة،
هناك بعض الحححالت ل يكححون ثأ َحح ّ
م بينححة للمححدعي ،فيتححوجه فيهححا،
وهي الماورأ الماليححة ،يتححوجه فيهححا اليميححن علححى المححدعى عليححه،
يعني :أنه يقول :هذا خصمي ،فيأتي فيقول :هذا ليس لححه عنححدي
شيء ،فهنا ينكر المدعى عليه أحقية المححدعي بشححيء ،ول بينححة
للمدعي على ذلك ،فيرى القاضي أن تتوجه اليمين إلى المنكر،
يعني :إلى المدعى عليه الذي يقول :ليس له عندي شيء.
وهذا ماعنححى قححوله :واليمي ن علححى ماححن أنكححر أو اليميححن
على المدعى عليه ،يعنححي :ماححن أنكححر حقححا طححولب بححه ،ول بينححة
ثأابتة تدل عليه بينة واضحححة ،وإنمححا هنححاك نححوع بينححة ولكنهححا لححم
تكمل ،أو ماا يرى القاضي فيححه ،أن فيححه حاجححة لطلححب اليميححن،
فإنه تتوجه اليمين للمدعى عليه؛ لنه مانكر.
283
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
284
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
285
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
286
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ه ،أو أشححباهكذلك إذا سإمع أصححوات ماعححازف ،أو أصححوات مال ٍ
ذلك بسماع ماحقق ،فإنه يجب عليه هنا النكارأ ،وأماا غّيححر ذلحك،
فل يدخل في الحديث ،فإذا علم بمنكر ،فإنه هنححا ل يححدخل فححي
النكارأ ،وإنما يدخل في النصيحة؛ لن النكارأ علححق بالرؤيححة فححي
هذا الحديث ،وينزل -كما قال العلماء -السماع المحقححق -فقححط-
مانزلححة الرؤيححة قححال :ما ن رأأى مانكححم مانكححرا وفححي قححوله:
"مانكرا" يظهر تعليق الماححر بححالمنكر ،دون الواقححع فيححه ،فححالحكم
بححالمار بححالتغيير باليححد هححذا رأاجححع إلححى المنكححر ،أماححا الواقححع فححي
المنكر ،فهذا له بحث آخر.
قال" :فليغيره" يعني :فليغير المنكححر ،فل يححدخل فححي الحححديث
عقاب فاعل المنكر؛ لن فاعل المنكر تكتنفه أبحاث ،أو أحححوال
ماتعددة ،فقد يكون الواجب ماعه الدعوة بالتي هي أحسن ،وقححد
يكون التنبيه ،وقد يكححون الحيلولححة بينححه وبيححن المنكححر والكتفححاء
بزجره بكلم ،ونحوه ،وقد يكون بححالتعزير ،وقححد يكححون ..إلححى
آخر أحوال ذلك المعروفة ،في كل ماقام بحسححب ذلححك المقححام،
وماا جاء فيه مان الحكام.
المقصود :أن الحديث دل بظاهره على تعليق وجوب النكححارأ،
ووجوب التغيير باليد بالرؤية ،وماا يقوم ماقاماها.
والثححاني :بححالمنكر نفسححه ،فتغييححر المنكححر ،يعنححي -ماثل :-رأجححل
أمااماه زجاجححة خمححر ،أو أماححاماه شححيء ماححن الملهيححات المحرماححة،
فإنكارأ المنكر ليس هو التعنيححف للفاعححل ،وإنمححا هححو تغييححر هححذا
المنكر ماححن الخمححر ،أو ماححن الملهححي المحرماححة ،أو ماححن الصححورأ
المحرماة ،أو أشباه ذلك بتغييره باليد ماع القدرأة .
تغييره باليد ماع القدرأة ،وأماا الفاعل له فهذا له حكم آخر.
قال :فليغيره بيده والتغيير هنا أوجب التغيير باليد ،وهححذا
ماقيد بما إذا كان التغيير باليد ماقدورأا عليه ،وأماححا إذا كححان غّيححر
ماقدورأ عليه ،فإنه ل يجب ،ومان أماثلححة كححونه ماقححدورأا عليححه :أن
يكون في بيتك الذي لك الولية عليه يعني :في زوجححك وأبنائححك
وأشباه ذلك ،أو في أيتام لك الولية عليهم ،أو في ماكححان أنححت
ماسئول عنه ،وأنت الولي عليححه ،هححذا نححوع ماححن أنححواع القتححدارأ،
287
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فيجب عليك هنا أن تزيله ،وإذا لم تغيححره بيححدك فتححأثأم ،أماححا إذا
كان فحي ولي ة غّيحرك ،فحإنه ل تحدخل القحدرأة هنحا ،أو ل توجحد
القدرأة عليه؛ لن المقتدرأ :هو مان لححه الوليححة فيكححون هنححا بححاب
النصححيحة لمححن هححذا تحححت وليتححه،ليغيححره ماححن هححو تحححت وليتححه
والتغيير في الشرع ليس بمعنى الزالة.
التغيير :اسإم يشمل الزالة ،ويشمل النكارأ باللسان بل إزالة،
يعني أن يقال :هذا حرام ،وهذا ل يجوز ،ويشمل -أيضا -العتقاد
أن هذا مانكر و ماحرم؛ ولهذا جاء فححي هححذا الحححديث بيححان هححذه
المعاني الثلث ،فقال عليه -الصلة والسلم -:فإن لححم يسححتطع
-التغيير بيده -فبلسانه يعني :فليغيره بلسانه ،ومان المعلححوم
أن اللسان ل يزيل المنكححر دائمححا ،بححل قححد يححزول ماعححه بحسححب
اختيارأ الفاعححل للمنكححر ،وقححد ل يححزول ماعححه المنكححر ،تقححول ماثل
لفلن :هذا حرام ،وهححذا مانكححر ل يجححوز لححك ،قححد ينتهححي وقححد ل
ينتهي ،فإذا أخبرت الخلق ،أو المكلف الواقع فححي هححذا المنكححر،
إذا أخبرته بأنه مانكر وحرام فقد غّيرت ،وإذا سإححكت ،فإنححك لححم
تغير.
وإن كنت ل تستطيع باللسان ،فتغيره بالقلب تغييرا لزماا لك
ل ينفك عنححك ،ول تعححذرأ بححالتخلف عنححه ،وهححو اعتقححاد أنححه مانكححر
وماحرم ،والبراءة مان الفعل يعني :بعدم الرضححا بححه؛ لهححذا جححاء
في سإنن أبي داود أنه عليه -الصلة والسلم -قححال :إذا عملححت
الخطيئة كان مان غّححاب عنهححا ورأضححيها كمححن عملهححا ،وكححان ماححن
غّاب عنها وكان مامن شهدها ،فلم يفعلها كمححن فعلهححا وهححذا
يعني :أن الراضي بالشيء كفاعله؛ لن المنكر ل يجوز أن يقححر،
يعني :أن يقره المرء ،ولححو ماححن جهححة الرضححا ،وهححذا ظححاهر فححي
قوله -جل وعل :-
(1) وفي الية الخرى :
. (2)
فمن جلس في ماكان يستهزأ فيه بآيات الله ،وهححو جححالس ل
يفارأق هذا المكان ،فهو في حكم الفاعل مان جهة رأضاه بححذلك؛
- 1سإورأة النساء آية .140 :
288
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
لن الراضي بالذنب كفاعله كما قال العلماء ،إذا تبين ذلك ،فها
هنا ماسائل تتعلق بهذا الحديث ،وهي أن النكارأ -وجوب النكارأ
-ماتعلق بالقدرأة بالجماع ،وماتعلق بظن النتفاع عنححد كححثير ماححن
أهل العلم.
قال طائفة مان العلماء :إنما يجب النكارأ إذا غّلب على ظنححه
أن ينتفع المنكر ،يعني :باللسان ،بما ل يدخل تحححت وليتححه ،أماححا
إذا غّلب على ظنححه أنححه ل ينتفححع ،فححإنه ل يجححب النكححارأ؛ وذلححك
لظاهر قول الله -جل وعل -:
)(1
فأوجب التذكير بشرط النتفاع ،وهذا ذهب إليه جماعة مان أهل
العلم مانهم شيخ السإلم ابن تيمية وغّيره ،ودل عليه عمل عدد
ماححن الصحححابة -رأضححوان اللححه عليهححم -كححابن عمححر وابححن عبححاس
وغّيرهما ،لما دخلوا على الححولة وأماححراء المححؤمانين فححي بيححوتهم،
وكان عندهم بعض المنكرات في ماجالسهم ،فلم ينكروها؛ وذلك
لغلبة الظن أنهم ل ينتفعون بذلك؛ لنها مان الماورأ التي أقروهححا
وصارأت فيما بينهم ،وهذا خلف قول الجمهورأ.
والجمهورأ على أنه يجب ماطلقا ،سإواء غّلحب علحى الظحن ،أو
لم يغلب الظن؛ لن إيجاب النكارأ لحق الله -جل وعل -وهححذا ل
يدخل فيه غّلبة الظن ،والقول الثاني ،وهححو قححول شححيخ السإححلم
ابن تيمية -كما ذكرت لكححم -وجماعححة ،ماححن أنححه يجححب ماححع غّلبححة
الظن هذا أوجه مان جهة نصوصا الشريعة؛ لن أعمال المكلفين
مابنية على ماا يغلب على ظنهم ،والنبي قال :مان رأأى مانكم
مانكرا فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه ،فححإن لححم يسححتطع
فبقلبه وعدم السإححتطاعة هححذه تشححمل عححدة أحححوال ،ويححدخل
فيها غّلبة الظن أل ينتفع الخصم ،ماثل :إذا قححابلت حليقححا للحيححة،
أو قابلت امارأة سإفرت وجهها ،ونحححو ذلححك ،فححي بعححض الماكنححة
نجد حرجا هل ننكر أم ل ننكر؟
يغلب على ظننا في بعض الحوال ،أننا لححو أنكرنحا لمححا انتفحع
أولئك بذلك؛ لعلمهم بهذه المسألة ،فيكتفى هنا بالنكارأ بححالقلب
مان جهة الوجوب ،ويبقى السإتحباب في أنه يسححتحب أن تبقححى
هذه الشعيرة ،وأن يفعلها مان أرأاد فعل المستحب ،وكما ذكرت
- 1سإورأة العلى آية .9 :
289
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
لك هذا خلف قول الجمهورأ ،لكنه يتأيد بمعرفححة حححال الصحححابة
-رأضوان الله عليهم -مان أنهم إنما أنكروا ماا غّلححب علححى ظنهححم
النتفاع به ،وإل للزم مانه أن يأثأموا في ترك كثير مان الواجبات
في أحوال كثيرة وماعلوماة.
قال في آخره :فإن لم يستطع فبقلبه ،وذلك أضعف اليمان
فححإن لححم يسححتطع فبقلبححه يعنححي :ينكححر بقلبححه ،والنكححارأ
بالقلب ،يعني :بغححض المنكححر ،وكراهتححه واعتقححاد أنححه مانكححر وأنححه
ماحححرم وذلححك أضححعف اليمححان يعنححي :هححذا أقححل درأجححات
اليمان؛ لنه هو الذي يجب على كل أحد ،كل أحححد يجححب عليححه
هذا وليس ورأاء ذلك مان اليمححان حبححة خححردل لن المنكححر
المجمححع عليححه إذا لححم يعتقححد حرماتححه ،ولححم يبغضححه ماححع اعتقححاد
حرماته ،فإنه على خطر عظيم في إيمانه.
هذا الحديث يدخل في بحثه النكارأ على الولة ،والنكارأ على
عاماة الناس ،ويدخل -أيضا -ماراتب النكارأ ،والقواعد التي تحكححم
ذلك ،وهي كثيرة ،يعني :مابححاحثه ،أعنححي :مابححاحثه وفروعححه كححثيرة
يطول المقام بذكرها ،لكن أنبه على ماسألة ماهمة ذكرتهححا عححدة
ماححرات ،وهححي أن هنححاك فرقححا ماححا بيححن النصححيحة والنكححارأ فححي
الشريعة ،وذلك أن النكارأ أضيق مان النصححيحة ،فالنصححيحة اسإححم
عام يشححمل أشححياء كححثيرة ،كمححا ماححر ماعنححا فححي حححديث الححدين
النصيحة ومانها النكححارأ ،فالنكححارأ حححال ماححن أحححوال النصححيحة؛
ولهذا كان ماقيدا بقيود وله ضوابطه ،فمن ضححوابطه :أن النكححارأ
الصل فيه أن يكون علنا؛ لقوله :مان رأأى مانكم فليغيره بيححده،
فإن لم يستطع فبلسانه وهذا بشرط رأؤية المنكر.
وهنا ندخل في بحث ماسألة بحثناهححا ماححرارأا ،وهححي أن الححولة
ينكر عليهم إذا فعلححوا المنكححر بأنفسححهم ،ورأآه ماححن فعححل أماححاماه
ذلك الشيء ،وعلى هذا يحمل هدي السلف في ذلك.
وكل الحاديث التي جاءت ،وهي كثيرة ،أكثر ماححن عشححرة ،أو
اثأني عشر حديثا في هذا الباب ،فيها إنكارأ طائفححة ماححن السححلف
على الماير ،أو على الوالي ،كلها على هذا الضححابط ،وهححو أنهححم
أنكروا شيئا رأأوه مان الماير أمااماهم ،ولم يكن هدي السححلف أن
290
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ينكروا على الوالي شيئا أجراه في وليته؛ ولهذا لما حصل ماححن
عثمان بعض الجتهادات وقيحل لسإححاماة بحن زيححد -رأضححي اللحه
عنهما : -أل تنصح لعثمان؟ أل ترى إلى ماا فعل؟ قال :أماححا إنححي
بذلته له سإرا ،ل أكون فاتح باب فتنة.
ففرق السححلف فححي المنكححر الححذي يفعححل أماححام النححاس كححال
الماير الذي قدم خطبتي العيد على الصلة ،وكالذي أتى للنححاس
وقد لبس ثأوبين ،وأحوال كثيرة في هذا ،فرقوا ماا بيححن حصححول
المنكر مانه أماام الناس علنححا ،وماححا بيححن ماححا يجريححه فححي وليتححه،
فجعلوا ماا يجريه في وليته بابا مان أبواب النصيحة ،وماححا يفعلححه
علنا يأتي هذا الحديث :مان رأأى مانكححم مانكححرا فليغيححره بيححده
ماع الحكمة في ذلك؛ ولهذا قال رأجل لبن عباس -رأضححي اللححه
عنهما :-أل آتي الماير ،فآماره وأنهاه ؟ قال :ل تفعل ،فإن كححان
ففيما بينك وبينه .قال :أرأأيت إن أمارني بمعصححية؟ قححال :أماححا إن
كان ذاك فعليك إذن.
فدل هذا على أن المار والنهححي المتعلححق بححالولي إنمححا يكححون
فيما بين المرء وبينه ،فيما يكون في وليته ،وأماا إذا كان يفعل
الشيء أماام الناس ،فإن هححذا يجححب أن ينكححر ماححن رأآه بحسححب
القدرأة وبحسب القواعد التي تحكححم ذلححك ،إذا تكححررأ هححذا ،فثححم
ماسألة ماتصلة بهذه ،وهي :أن قاعدة النكارأ مابنيححة علححى قاعححدة
أخرى ذكرها شيخ السإلم ابن تيميححة وابححن القيححم ،وهححي أنححه ل
يجوز إنكارأ مانكر حتى تتيقن أنححه لححن ينتقححل المنكححر عليححه إلححى
مانكر أشد مانه ،قال شيخ السإلم:
ومان أنكر ظانا أنه ينتقل ،فإنه يحأثأم ،حححتى يححتيقن أن إنكحارأه
سإينقل المنكر عليه إلى ماا هو أفضل.
وقد قال بعض أهل العلم :إن هححذا ماجمححع عليححه ،وماثححل لهححذا
ابن القيم بمسائل كثيرة في كتابه "إعلم الموقعين" فقال ماثل:
لححو أتيححت إلححى أنححاس يلعبححون لعبححا ماحرماححا ،أو يشححتغلون بكتححب
ماجون ،فإن أنكرت عليهم ذلححك ،فححإنه يكتنفححه أحححوال :الول :أن
ينتقلححوا ماححن هححذا المنكححر إلححى ماححا هححو أنكححر مانححه ،فهححذا حححرام
بالجماع يعني :يخححرج ماححن لهححوه بححالكتب إلححى التصححال بالنسححاء
ماباشرة ،أو إلى رأؤية النساء ماباشرة ،أو ماححا أشححبه ذلححك ،فهححذا
291
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
مانكر أشد مانه ،فبقاؤه على الول أقل خطرا في الشريعة ماححن
انتقاله إلى المنكر الثاني.
الحال الثانية :أن ينتقل إلى ماا هححو خيححر وديححن ،فهححذا هححو
الذي يجب ماعه النكارأ.
والثــالث :أن ينتقححل مانححه إلححى مانكححر يسححاويه ،فهححذا ماحححل
اجتهاد.
والرابع :أن ينتقل مانه إلى مانكر آخر.
ذكر أربعة :مانكر أشححد مانححه ،ومانكححر آخححر ،ومانكححر ماسححاويه،
وإلى خير ،هذه أرأبعة أقسام ،وإلى مانكححر آخححر ،فهححذا -أيضححا -ل
يجوز ،وإذا كان إلى مانكر ماساويه ،فهذا ماحل اجتهاد ،وإلى خير
فهذا واجب ،وإلى مانكر أشد مانححه فهححذا ل يجححوز ،فتحصححل مانححه
أن ثأم حالتين يحرم فيهمححا النكححارأ ،وهححي :إذا انتقححل ماححن مانكححر
إلى مانكر آخر غّير ماساٍو ،وإلى مانكر -يعني :إنك ماا تدرأي إنححه
ماساوٍ -وإلى مانكر أشد مانه بيقينك ،فهذه حرام بالجماع.
والثالث :أن ينتقل إلى مانكر ماساوٍ فهذا فيه ماحل اجتهاد.
والرابع :أن ينتقل إلى خير ،فهذا يجححب ماعححه النكححارأ ،وذكححر
قصة لشيخ السإلم ابن تيمية أنه مار وطائفة مان أصحابه علححى
قوم مان التتر يلعبون بالشطرنج ،ويشححربون الخمححر فححي شححارأع
مان شوارأع دماشق علنا ،فقال أحد أصحححاب شححيخ السإححلم ابححن
تيمية -رأحمه الله :-أل ننكر على هؤلء ؟ فقال شيخ السإححلم:
دعهم ،فإن انشغالهم بذلك أهون مان أن يعيثوا في المسححلمين،
أو أن يعتدوا عليهم ،وهححذا ماححن الفقححه العظيححم؛ لن هححذا مانكححر
وماحرم لكنه قاصر ،ولنكارأه عليهححم قححد يكححون ماعححه أن ينتقلححوا
إلححى مانكححر ماتعححد ٍ علححى بعححض المسححلمين ،وماعلححوم أن المنكححر
القاصر أهون مان المنكر المتعدي.
هذه بعض المباحث التي يحسن ذكرها عند هذا الحديث.
نعم.
292
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
نقف عند هذا ،بقي عندنا سإبعة أحاديث ننهيها غّدا -إن شاء
الله.-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ،والصححلة والسححلم علححى رأسإححول اللححه ،وعلححى آلححه
وصحبه ومان اهتدى بهداه ،ماعنا الحديث الخاماس والثلثأححون ماححن
الرأبعين النووية.
اقرأ.
293
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
البغضاء ،فإنه ينظر كما قال النبي ل يفححرك ماححؤمان ماؤمانححة،
إن سإخط مانها خلقا رأضي مانهححا خلقححا آخححر يعنححي :ل يبغححض
ماؤمان ماؤمانة.
وهكذا قاعدة عاماة أن المؤمان ل يسوغ له أن يبغض ماؤمانححا،
يعني :بعاماة ،بل ينظر إليه إن حصل فححي قلبححه بغضححاء ،فينظححر
إلى أخيه المؤمان ،وينظر ماا ماعه مان الخير واليمححان والطاعححة،
فيعظححم جححانب طححاعته للححه علححى نصححيب نفسححه ،وحححظ نفسححه،
فتنقلب البغضاء عنده هونا ماا ،ول يكون بغيضححا لححه بغضححا تاماححا،
أو ماا يوجب المقاطعة ،أو المدابرة.
قال بعدها -عليه الصححلة والسححلم :-ول تححدابروا يعنححي :ل
تسعوا في قول ،أو عمل تكونوا ماعه ماتقاطعين؛ لن التدابر أن
يفححترق النححاس كححل يححولي الخححر دبححره ،وهححذا يعنححي :القطيعححة
والهجران ،وهجر المسحلم وقطعحه ححرام إذا ك ان لماحر دنيحوي،
فالهجر ينقسم إلى قسمين :هجر لمار الدين ،وهححذا لححه أحكححاماه
المختصة ،وضابطها :أنه يجوز هجر المسلم لجل الدين إذا كححان
فيه ماصححلحة لححذلك الهجححر ،وهححذا كمححا هجححر النححبي المخلفيححن
الثلثأة في غّزوة تبوك وأماثال ذلك.
والقسم الثاني :الهجر لغرض دنيححوي أن يهجححر المسححلم أخححاه
لغرض له للدنيا؛ ليذاء… أذاه ،أو لشيء وقححع فححي قلبححه عليححه،
فالهجر إذا كان للدنيا فللمسلم أن يهجر أخاه للححدنيا إلححى ثألثأححة
أيام وماا بعدها ،فحرام عليحه أن يهجححره ،وقحد ثأبحت عنححه -عليحه
الصححلة والسححلم -أنححه قححال :ل يهجححر ماسححلم أخححاه فححوق ثألث،
يلتقيان فيعرض هذا ،ويعرض هذا ،وخيرهما الذي يبدأ بالسلم
.
قال العلماء :الهجران إلححى ثألث ماححأذون بححه فححي أماححر الححدنيا،
يعني :إذا كان لك هذا لحظ نفسححك ،أماححا… هححذا لحححظ نفسححك
إلى ثألثأة أيام وماا بعدها ،فحرام أن تهجححر أخححاك فوقهححا ،وخيححر
الرجليححن الححذي يبححدأ بالسححلم ،أماححا أماححورأ الححدين فهححذه بحسححب
المصلحة -كما ذكرنا في القسم الول ،-قد يكححون هجرانححا إلححى
297
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
أسإبوع ،أو إلححى شححهر ،أو يححوم بحسححب ماححا تقضححي بححه ماصححلحة
المهجورأ.
قححال :ول يبححع بعضححكم علححى بيححع بعححض وهححو -ماثل -أن
يقول… لمن أرأاد أن يشححتري سإححلعة بعشححرة أن يعطيححك ماثلهححا
بتسححعة ،أو لمححن أرأاد أن يححبيع سإححلعة بعشححرة :أنححا آخححذها مانححك
بإحدى عشر ،وأشححباه ذلححك يعنححي :أنححه يغريححه بححأل يشححتري ماححن
أخيه ،أو أن يبيع عليه ،ففي هححاتين الصححورأتين حصححل بيححع علححى
بيع المسلم ،وهنا حححرم النححبي ذلححك بقححوله :ول يبححع بعضححكم
على بيع بعض وهذا ماشروط بأن الذي يعححرض الشححراء ماححن
هذا الذي يريد أن يبيع شيئا ،أو يعرض البيع لهذا الذي يريححد أن
يشتري شيئا بأكثر في الول ،وأقل فححي الثححاني ،هححذا ماشححروط
بأنه حصل بين الول ،ومان يريححد أن يححبيعه ،أو أن يشححتري مانححه
انفصال وتراض.
ماثل :يأتي إلى صاحب دكان ويقول :أنا أرأيد أن أشتري هححذه،
فيتفاصححلن علححى أنححه سإيشححتريها بكححذا ،وهححذا رأاض ،سإيشححتريها
فيأتي أحد ويقول :تعال ،أنا أعطيك ماثلها بكذا وكححذا بححأنقص ،أو
أشباه ذلك ،فإذا كان هناك رأضا ماححن البححائع للسححلعة علححى ماححن
يبيع عليه ،أو رأضا مامن يشححتري ،وتفاصححل بينححه وبيححن ماححن أرأاد
الشححراء مانححه ،أو الححبيع عليححه ،فححإنه هنححا يحححرم أن يححدخل أحححد،
فيتدخل في هذا المححبيع إذا تفاصححل وتراضححيا ،وهنححا يعنححي :تمححت
ماقدماات العقد بالتفاق على الثمن ،والعزم على الشححراء ،فححإنه
ل يجوز لحد أن يدخل ،ونفهم مان هذا أنححه لححو تححدخل قبححل أن
يعقد هذا ،وهذا يعني :ماا دام أنه بفترة النظر انتقحل ماححن دكحان
إلى دكان وأشباه ذلك ،فهذا ل بأس به.
فيشترط لتحريم البيع علححى بيححع أخيححه بمححا كححان فيححه تفححارأق
بالقول ،أو انفصال في القححول بححالعزم علححى الشححراء ،أو العححزم
على البيع إذا حصل العزم وأجابه البححائع ،أو المشححتري ،فححإنه ل
يجوز التدخل في ذلححك ،فححي أماثالهححا ،ماثححل :ل يخطححب أحححدكم
على خطبة أخيه فإن المرء إذا تقدم إلى أحد خاطبا ،وسإمع
بححه فلن ماححن النححاس ،سإححمع أن فلنححا خطححب ،فححإن رأدوا عليححه
بالرضا ،فإنه ل يجوز لحد أن يأتي ويقول :أنا أرأيد ابنتكم ،مامن
298
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
علم أنهم أجابوه ورأضوا به ،لكن قبل أن يجيبوه بالرضا لححه أن
يدخل كخاطب مان الخطاب ،وهكذا في هذه المسألة في قححوله
:ل يبع بعضكم على بيع بعض .
قال -عليه الصلة والسلم -بعدها :وكونوا عباد الله إخوانححا
حققححوا أخححوة الححدين ،إذ قححال -جححل وعل : -
(1) وق ال -جححل وعل :-
(2) المسلم أخو المسلم ل يظلمه ول
يخذله ول يكذبه ول يحقره .
ل يظلمححه يعنححي :ل يظلمححه فححي ماححاله ،ول يظلمححه فححي
عرضه ،ول يظلمه في أهله ،ول يظلمه في أي أمار اختححص بححه،
بل يعدل ماعه ،ويكون خليفته فححي ماححاله وأهلححه وعرضححه؛ ولهححذا
جاءت الشححريعة ،وهححذا ماححن ماحاسإححنها العظيمححة فححي أن يتحلححل
المرء إخوانه فيما وقع مانه عليهم مان المظالم.
وقد ثأبت فححي الصحححيح ،صحححيح أبححي عبححد اللححه البخححارأي أنححه
-عليه الصلة والسلم -قال :ما ن كحانت عنحده لخيححه ماظلمحة -
بكسر اللم -في ماال ،أو عرض ،فليتحلل ه مانحه اليحوم قبحل أن
يكون يوم ل درأهم فيه ول دينارأ يعنححي :ماححن اغّتححاب ،أو ماححن
وقع في عرض إخوانه ،أو مان اعتححدى علححى بعححض… فعليححه أن
يرد هذه المظالم ،فححإن كححان فححي رأدهححا ماشححقة عليححه ،فيوسإححط
أحدا …إلى آخره.
المقصححود أنححه يجححب أن يححرد المظححالم ،وفححي الغيبححة تفصححيل
للعلماء مان أنه إذا ذكر لمن اغّتابه ،أنه قد اغّتححابه ،وهححذا يححؤدي
إلححى حصححول مانازعححة وماشححاقة فححي إخبححارأه بغيبتححه إيححاه وطلبححه
تحليلحه ،فححإنه يححترك هححذا الخبححارأ ،ويكتفححي مانححه بالسإححتغفارأ لححه،
وكثرة الدعاء له ،لعلها أن تشفع في تكفير غّيبته أو النيل مانه.
وهذا مان السنن التي ينبغححي لنححا أن نتعاهححدها فححي أن يحلححل
بعضنا بعضا ،وإذا سإححأل أحححد أخححاه أن يحللححه ،فيسححتحب لححه أن
يقول :حللك الله ،وأنت في حل ماني ،وأشباه ذلححك دون سإححؤال
- 1سإورأة التوبة آية .71 :
299
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
له مااذا قلت؟ ومااذا فعلت؟ وبأي شيء اعتديت علححي؟ وأشححباه
ذلك كما قررأ العلماء.
قال :ول يخذله ل يخذله ،الخذلن :ترك العانة والنصححرة،
والمسلم ولي المسلم ،يعني :ماحب له ،يعني :أن المسلم ماحب
للمسلم ،ناصر له ،وخذل المسلم للمسلم… وخذلنه لححه ينححافي
عقد المولة الذي بينهما؛ ولهذا تضمن عقد المولة في قححوله :
(1) أن خذل
المسلم للمسلم ل يجوز ،إذا كححان فححي ماقححدرأته أن يعينححه ،وأن
ينصره ولو بالدعاء.
قححال :ول يكححذبه يعنححي :ل يقححول لححه :أنححت كححاذب ،وكلمححا
أخححبره بخححبر قححال :هححذا كححاذب ،وأنححت كححاذب؛ لن الصححل فححي
المسلم أنه ل يكذب ،وقد ثأبت عنه -عليه الصلة والسححلم -أنححه
قيل له :أيزني المؤمان؟ قال :نعم ،قيحل ل ه :أيسحرق المحؤمان؟
قال :نعم .قال له :أيكذب المؤمان؟ قال :ل لن الكذب خصلة
تستحكم مان صححاحبها ،وتسححتمر ماعححه ،فيكححون ماعححه خصححلة ماححن
خصححال النفححاق ،وأماححا ماححا يقححع ماححن زنححا الشححهوة ،وماححن سإححرقة
الشهوة وأشباه ذلك ،فإنها عارأض يعرض ،ويزول ،ويرتفححع ماعححه
اليمان حتى يكون فوق صاحبه كالظلة ،ثأحم إذا فحارأق المعصحية
عاد إليه ،وأماا الكذب ،فإنه إذا اسإتمر بصاحبه ،فإنه يدل ويهدي
إلى الفجورأ ،والفجورأ يهدي إلى النارأ ،فقوله هنححا -عليححه الصححلة
والسلم : -ول يكذبه يدخل فيه أن يكذب في الحديث .
قال :ول يحقره يعنححي :ل يحتقححر المسححلم أخححاه المسححلم
بأن يعتقد ،أو أن يأتي في خاطره أن هذا وضيع ،وأن هذا أقححل
قدرأا مانه ،وأن هذا مارذول ،إماا لجل نسب ،أو لجححل صححناعة،
أو لجل بلد ،أو لجححل ماعنححى ماححن المعححاني ، ،بححل السإححلم هححو
الذي رأفع المسلم ،وجعله ماكرماا ماخصوصا مان بين المخلوقات؛
ولهذا فإن المسححلم عنححد اللححه -جححل وعل -كريححم عزيححز ،وتحقيححر
المسحلم يخححالف أصححل اححترام المسحلم لمححا ماعحه ماححن التوحيححد
واليمان ،فهذا البدن الذي أمااماك -بدن المسححلم -يحمححل عقيححدة
التوحيد ،وحسن ظن بالله ،وماعرفة بالله وعلم بالله بحسب ماححا
- 1سإورأة التوبة آية .71 :
300
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
301
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
302
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
303
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
مان الدنيا؛ ولهذا كان الثواب فححي الخححرة ،فقححال -عليححه الصححلة
والسلم :-نفس الله عنه كربة مان كرب يوم القياماة .
قال :وما ن يسححر علححى ماعسححر يسححر اللححه عليححه فححي الححدنيا
والخرة المعسر هو الذى عليه حق لغيره ل يسححتطيع أداؤه،
والتيسير على المعسر يكون بأشياء مانها أن يعطيه ماححال؛ ليفححك
به إعسارأه ،أو أن يكون الحق له فيضعه عن المعسر ،فيخفححف
عنه ،وقد قححال -جححل وعل :-وإن كححان ذو عسححرة فنظححرة إلححى
مايسرة فالتيسير على المعسر ماحن الماححورأ المسحتحبة ،وماحن
فضائل العمال ،ومان الصدقات العظيمة ،قال هنا -عليه الصلة
والسلم : -ومان يسر على ماعسححر يعنححي :خفححف عنححه شححأن
إعسارأه بإعطائه ماال ،أو بإسإقاط بعض المححال الححذي عليححه ،أو
بإسإقاط المال كله+ ،أو في التخلص مان العسارأ ،يسر اللححه
عليه جزاء وفاقا على ماا يسححر ،يسحر اللحه عليححه فحي الححدنيا
والخرة.
وهذا مان الثواب الذي جعل في الدنيا والخرة ،فل بأس ماححن
أن يقصده المسلم في أن ييسر على إخححوانه رأغّبححة فيمححا عنححد
الله -جل وعل -ورأغّبة في أن ييسححر عليححه فححي الححدنيا والخححرة؛
لن هذا كما ذكرنا في شرح حديث :إنما العمال بالنيات .
ل ينححافي الخلصا ،فححإن العمححل إذا رأتححب عليححه الثححواب فححي
الدنيا ،أو في الدنيا والخرة ،وجاءت الشريعة بذلك ،فإن قصده
ماع ابتغاء وجه الله -جل وعل -والخلصا له ل حرج فيه ،قححال :
ومان سإتر ماسلما ،سإتره الله في الدنيا والخرة ماححن سإححتر
ماسلما ماسلم :هنا -أيضا -تعم جميع المسلمين سإواء أكححانوا
ماطيعين صالحين ،أم كانوا فسقة ،فإن الستر على المسلم مان
فضائل العمال ،بل جعله طائفححة ماححن أهححل العلححم واجبححا ،فححإن
المسلم الذي ليس له ولية في الماححر بححالمعروف والنهححي عححن
المنكر ،يجب عليه أن يستر أخاه المسححلم ،أو يتأكححد عليححه أن
يستر ،فإذا علم مانه ماعصية كتمها ،وإذا علم مانححه قبيحححا كتمححه،
وسإعى في ماناصحته وتخليصه مانه.
304
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
فيها لتلوة كتاب الله ،ولتدارأسإه ،فإذا اجتمححع أي قححوم ،أي فئححة
لجل تلوة كتاب الله وتدارأسإححه ،فححإنهم يتعرضححون لهححذا الفضححل
العظيمز
قال :وماا اجتمع قوم في بيححت ماححن بيححوت اللححه والمححراد
بذلك المسجد ،والمسجد بيححت اللححه ،إضححافة تشححريف للمسححجد؛
لنه بيت يطلب فيه رأضا الله ،جل جلله.
قال :يتلون كتاب الله هذا حال أولئك الذين يتلون كتححاب
الله ،والمقصود بذلك أن يتلو واحد مانهم ،والبقية يسمعون كمححا
كان عليه هدي السلف ،أماا التلوة الجماعية ،فهححي ماحدثأححة ،ول
تقر ،وإنما الححذي كححان عليححه عمححل الصحححابة ،وماححا بعححدهم أنهححم
يجعلون قارأئححا يقححرأ القححرآن ،ثأححم يسححتمع البقيححة ،وقححد يتنححاوبون
القراءة فيما بينهم ،ويتدارأسإون كلم الله ،جل وعل.
قححال :إل نزلححت عليهححم السححكينة السححكينة :هححذه هححي
الطمأنينة ،والروح والرحمة الححتي تكححون ماححن اللححه -جححل وعل -
نزلت عليهم السكينة نفهم مان ذلك أنها مان عند اللححه -جححل
وعل -لنه قال" :نزلت عليهم " وهذا فيه تعظيم لها.
قال :وغّشيتهم الرحمة وقوله :غّشيتهم الرحمححة هححذا
فيه أن الرحمة صارأت لهم غّشاء ،يعني :أنها اكتنفت هؤلء ماححن
جميع جهاتهم ،فل يتسلط عليهم شيطان ،يعني :وهم علححى تلححك
الحال ،بل الرحمة اكتنفتهم مان جميع الجهححات ،فصححارأت عليهححم
كالغشاء ،وهذا ماححن فضححل اللححه العظيححم عليهححم ،حيححث تعرضححوا
للرحمة ،فصارأت غّشاء عليهم ،ل ينفذ إليهم غّيرها.
قال :وحفتهم الملئكة وأيضححا كلمححة حفتهححم الملئكححة
يعني :أحدقت بهم بتراصا ،حيث ل ينفذ إليهم مان الخارأج ،وهححذا
كمححا قححال -جححل وعل :-
(1) فحف الملئكحة بالشحيء،
يعني :بالعرش ،أو بهؤلء الذين يتلون ،يعنححي :أنهححم أحححدقوا بهححم
مان جميع الجهات ،وتراصوا بحيث كانوا حافين بهم ،وهذا يححدل
306
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
على أن هؤلء تعرضوا لفضل عظيم ،ل يتسلط عليهم -وهم إذ
ذاك -شيطان إل ماا كان مان هوى أنفسهم.
والقرينححة ،قححال :وذكره م اللححه فيمححن عنححده والححذكر هنححا
ماعناه الثناء ،يعني :أثأنى الله عليهححم فيمححن عنححده ،وماححن عنححده؟
هحم الملئكحة المقربحون ،كم ا قحال -جحل وعل :-
)(1
فالملئكة المقربون هم الذين عند الله -جل وعل-
(2) وقال بعده :ومان
بطأ به عمله ،لم يسرع به نسبه فيه أن التفححاخر بالنسححاب،
والظن أنه لجحل النسحب يكحون المحرء ماحبوبحا عنحد اللحه -جحل
وعل -هذا جاءت الشريعة بإبطاله ،والمار على التقوى والعمل
(3) فالتقوى هي ماححدارأ التفضححيل ،وماححدارأ التفاضححل
بين الناس.
307
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
308
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
309
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
يعمل ،فإنه ل تكتححب لححه حسححنة فححي ذلححك ،بححل إن سإححعى فححي
أسإباب المعصية ،فإنه تكتب عليه سإيئة ،كما جاء في الحديث :
إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النارأ ،قالوا
يا رأسإول الله :هذا القاتحل فمححا بحال المقتحول ؟ قحال :إنحه كحان
حريصا على قتل صاحبه .
قال العلماء :إذا تمكن المرء ماححن أسإححباب المعصححية ،وصححرفه
صارأف عنها ،خارأج عن إرأادته ،فإنه يجححزى علححى همححه بالسححيئة
سإيئة ،ويكون ماؤاخذا بها بدللة حححديث :القات ل والمقتححول فححي
النارأ .
قال :وإن هم بها ،فعملها كتبها اللححه سإححيئة واحححدة وهححذا
ماححن عظيححم رأحمححة اللححه -جححل وعل -بعبححاده المححؤمانين أنهححم إذا
عملوا سإيئة ل تضاعف عليهم ،بل إنمححا يكتبهححا اللححه -جححل وعل-
عليهم سإيئة واحدة ،وأماححا الحسححنات فتضححاعف عليهححم؛ ولهححذا ل
يهلك على الله يوم القياماة إل هالك ،ل ترجح سإيئات أحد على
حسناته إل هالك؛ لن الحسنات تضاعف بأضعاف كححثيرة ،وحححتى
الهم بالسيئة إذا تركه تقلب له حسححنة ،والسححيئة تكتححب بمثلهححا،
فل يظهححر بححذلك أن يزيححد مايححزان السححيئات لعبححد علححى مايححزان
الحسنات إل ،وهو خاسإر ،وقد سإححعى فححي كححثير ماححن السححيئات،
وابتعد عن الحسنات.
بهححذا نشححكر اللححه -جححل وعل -ونحمححدك رأبححي علححى إحسححانك
وفضلك ونعمتك على هذا الكرم ،وعلى هححذه النعمححة العظيمححة،
اللهم ل تؤاخذنا بما فعل السفهاء مانا.
310
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
311
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
أهل السحنة والجماعححة ،يعنحي :أن الحولي كحل ماححن عنححده إيمححان
وتقوى.
واليمان والتقوى يتفاضححل ،فتكححون الوليححة ،يعنححي ماحبححة اللححه
-جل وعل -لعبححده ونصححرته لعبححده تكححون تلححك الوليححة ماتفاضححلة،
وإنما يقصد بالولي مان كمل بحسب اسإتطاعته اليمان والتقوى،
وغّلب عليه في أ حواله اليمان والتقوى ،وذلك لقول الله -جحل
وعل :-
(1) فجعل الولياء هم المؤمانين
المتقين ،إذن فمن عاد ماؤمانا ماتقيا قد سإعى في تكميل إيمححانه
وتقواه بحسب قدرأته ،ولم يعرف عنه ماا يخدش كمححال إيمححانه،
وكمال تقواه ،فإنه ماؤذن بحرب مان اللححه ،يعنححي :ماعلححم وماهححدد
بإيصال عقوبة الله -جل وعل -له؛ لن هححذا الححولي ماحبححوب للححه
-جل وعل -مانصورأ مان الله -جل وعل -والواجب أن تحب المححرء
لمحبة الله -جل وعل-ا له.
قال :وماا تقرب إلي عبدي بشيء أحححب إلحي مامححا افترضححته
عليه يعني :أن أحب القربات إلى الله -جل وعل -أن يتقححرب
إليه بها العبد أن يتقحرب العبحد بحالفرائض ،هحذه أححب القربحات
إلى اللححه -جححل وعل :-الصححلوات الخمححس ،حيححث تصححلى وتقححام،
والزكححاة المفروضححة ،والصححيام المفححروض ،والحححج المفححروض ،
والماححورأ الواجبححة ،وكححل أماححر افترضححه اللححه -جححل وعل -عليححه
فالتقرب إليه به.
وأحب الشححياء إليححه -جححل وعل -وهححذا خلف ماححا يححأتي لبعححض
النفوس ،في أنهم يحصل عندهم خشوع و تذلل في النوافل ماا
ل يحصححل فححي الفرائححض ،بححل ويرجححون بالنوافححل ماححا ل يرجححون
بالفرائض ،وهذا خلف العلم ،واللححه -جححل جللححه -كمححا جححاء فححي
هذا الحديث القدسإي :إنما يحب بل أحححب ماححا يتقححرب إليححه بححه
-جل وعل -ماا افترضه سإبحانه.
فافترض الله -جل وعل -الفرائض؛ لنه يحب أن يتعبد بها
312
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
قححال :ول يححزال عبححدي يتقححرب إلححي بالنوافححل حححتى أحبححه
يعني :ل يزال يتقرب بالنوافححل :نوافححل العبححادات بعححد الفرائححض؛
حتى يحبه الله -جل وعل -وهذا يعني :أنه صارأ له كثرة النوافححل
وصفا ،بحيث كثر مانه إتيانه بنوافل العبادات ماححن صححلة وصححيام
وصدقات وحج وعمرة وأشباه ذلك.
قال :حتى أحبه وهذا يدل على أن ماحبة الله -جححل وعل
-تجلب بالسعي في طاعته بأداء النوافل ،والسعي فيها بعد أداء
الفرائض ،والتقرب إلى الله -جل وعل -بها.
قال :فإذا أحببته لمحبة الله -جل وعل -لعبده أثأححر ،فمححا
هححذا الثأححر؟ قححال :ف إذا أحببتححه كنححت سإححمعه الححذي يسححمع بححه،
وبصححره الححذي يبصححر بححه… إلححى آخححره ،هححذا فسححره علمححاء
الحديث وعلماء السنة بقوله :كن ت سإححمعه الححذي يسححمع بححه
يعني :أوفقه وأسإدده في سإححمعه وفححي بصححره ،وفححي ماححا يعمححل
بيده ،وفيما يمشي إليه برجلححه ،فمعنححى قححوله :كن ت سإححمعه
يعني :أوفقه في سإححمعه ،وهححذا ليححس ماححن التأويححل؛ لن القححاطع
الشرعي النصي أن الله -جل وعل -ل يكححون بححذاته سإححمعا ،ول
يكون بذاته بصرا ،ول يكون بذاته يدا ،ول يكون بذاته رأجل -جل
وعل -وتقدس وتعاظم رأبنا ،فدل علححى القححاطع الشححرعي علححى
أن قوله :كنت سإمعه الذي يسمع به يعني :أنححه يوفححق فححي
سإححمعه ،ويسححدد فل يسححمع إل ماححا يحححب اللححه -جححل وعل -أن
يسححمع ،ول يبصححر إل ماححا يحححب اللحه -جححل وعل -أن يبصحر ،ول
يعمل بيده ول يبطش بيححده إل بمححا يحححب اللححه -جححل وعل -أن
يعمل باليد ،أو يبطش بها ،وكذلك في الرجل التي يمشححي بهححا،
وغّلة الصوفية اسإتدلوا بهذا على ماسألة الحلول ،وهنححاك رأوايححة
ماوضححوعة زادوهححا فححي هححذا الحححديث بعححد قححوله :ورأجل ه الححتي
يمشي بها قال " :وحتى يقول للشححيء كححن فيكححون " ،وهححذا
مان جراء عقيدة الحلححول ،وهححذه مارويححة لكنهححا بأسإححانيد مانكححرة،
وحكم عليها طائفة مان أهل العلم بالوضع.
قححال :ولئ ن سإححألني لعطينححه ،ولئححن اسإححتعاذني لعيححذنه
يعني :والله لئن سإححألني لعطينححه؛ لن اللم فححي قححوله " لئححن "
هذه واقعة في جواب القسم ،ويكون قبلها قسم ،لئن سإألني
313
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
لعطينه يعني :والله لئن سإألني لعطينه ،ماا سإححأل يعنححي :أن
يكون ماجاب الدعوة ولئن اسإتعاذني لعيذنه وهذا فرع مان
الجملة قبلها ،جعلني الله وإياكم مان خاصة عباده وأوليائه.
314
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
315
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
بالحكم الوضعي عليه بالدية ،وماا يتبع ذلك ،وأماححا الثأححم ،فححإنه ل
إثأم عليه؛ لنه أخطأ ،وكذلك إذا أخطأ ،فاعتححدى علححى أحححد فححي
مااله ،أو في جسمه ،أو في أشباه ذلك ،فإنه ل إثأححم عليححه ماححن
جهة حق الله -جل وعل ،-أماا حق العباد في الحكححم الوضححعي،
فإنهم ماؤاخذون به ،يعني أن اليححة ،والحححديث دل علححى التجححاوز
فيما كان في حق الله؛ لن الله هو الذي تجاوز ،وتجاوزه -جححل
وعل -عححن حقححه -سإححبحانه وتعححالى -وهححذا هححو المتعلححق بححالحكم
التكليفي ،كما هو ماعروف فححي بحثححه فححي ماوضححوعه ،فححي علححم
أصول الفقه ،والخطححأ غّيححر النسححيان ،وكححذلك الكححراه ماححا يكححره
عليه -أيضا -يختلف عنهما ،فالخطأ إرأادة الشيء وحصححول غّيححره
مان غّير قصد لذلك ،والنسيان الذهول عن الشيء ،والكراه ،أو
قوله :ماا اسإحتكرهوا عليححه يعنحي :ماححا أكرهححوا عليححه ،فعملححوا
شيئا على جهة الكراه ،والله -جل وعل -قال :
(1) الية في سإورأة النحل ،وهذا فيححه ماححن حيححث
التفريعات الفقهية ماباحث كثيرة نطويها؛ طلبا للختصارأ.
316
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الحديث الربعون
كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
وعن ابن عمر -رأضححي اللححه عنهمححا -قححال :أخ ذ رأسإححول اللححه
بمنكبي فقال :كن في الدنيا كأنك غّريب ،أو عححابر سإححبيل وكححان
ابححن عمححر -رأضححي اللححه عنهمححا -يقححول :إذا أماسححيت فل تنتظححر
الصححباح ،وإذا أصححبحت فل تنتظححر المسححاء ،وخححذ ماححن صحححتك
لمرضك ،ومان حياتك لموتك .رأواه البخارأي.
هذا الحديث ،حديث ابن عمر ووصية النححبي لححه بححه حيححاة
القلوب؛ لن به البتعاد عن الغّترارأ بهذه الححدنيا بشححباب المححرء،
أو بصحته ،أو بعمره ،أو بما حوله.
قال ابن عمححر -رأضححي اللححه عنهمححا : -أخ ذ رأسإححول اللححه
بمنكبي وهذا يححدل علححى الهتمححام بححابن عمححر ،وكححان إذ ذاك
شابا صغيرا في العشر الثانيححة ماححن عمححره ،قححال :أخححذ بمنكححبي،
فقال :كن في الدنيا كأنك غّريب ،أو عابر سإبيل وهذه ماححن
أعظم الوصية المطابقة للواقع لححو عقححل النححاس ،فححإن النسححان
ابتدأ حياته في الجنححة ونححزل إلححى هححذه الرأض ابتلء ،فهححو فيهححا
غّريب ،أو عابر سإبيل ،فزيارأته للدنيا -زيارأة الجنس البشري -
بأجمعه للدنيا هذه زيارأة غّريب ،وإل فإن ماكححان آدم وماححن تبعححه
علححى إيمححانه وتقححواه وتوحيححد اللححه -جححل وعل -والخلصا لححه،
فالمنزل هو الجنة ،وإنما أخرج آدم مان الجنة ابتلء وجزاء على
ماعصيته ،وهذا إذا تححأمالته وجححدت أن المححرء المسححلم حقيححق أن
يوطن نفسه ،وأن يربيها على أن مانزله الجنة ،وليس هي هححذه
الدنيا ،وهو في هذه الدنيا فححي دارأ ابتلء ،وإنمححا هححو غّريححب ،أو
عابر سإبيل كما قال المصطفى. ،
وماا أحسن اسإتشهاد ابن القيم -رأحمه الله تعححالى -إذا ذكححر أن حنيححن المسححلم للجنححة ،وأن حبححه
للجنة ورأغّبه فيها هو بسبب أنها ماوطنه الول ،وأنه هو الن سإبي للعححدو ،ورأحححل عححن أوطححانه بسححبب
سإبي إبليس لبينا آدم ،وهل ترى أن يرجع إلى دارأه الولى أم ل؛ ولهذا ماا أحسن قول الشاعر:
317
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وهي الجنة.
وهذا إنمححا يخلححص لححه قلححب المنيححبين إلححى اللححه -جححل وعل -
دائما ،المخبتين له ،الذين تعلقت قلوبهم بالله حبا ورأغّبححا ورأهبححا
وطاعححة ،وتعلقححت قلححوبهم بححدارأ الكراماححة بالجنححة ،ويعملححون لهححا
وكأنها بين أعينهم ،فهم في الدنيا كأنهم غّرباء ،أو كأنهم عححابرو
سإبيل ،ومان كان على هذه الحال غّريب ،أو عابر سإبيل ،فإنه ل
يأنس بمقاماه؛ لن الغريب ل يأنس إل بين أهله ،وعابر السححبيل
دائما على عجل مان أماره ،وهذه حقيقة الححدنيا ،فححإنه لححو عححاش
ابن آدم ماا عاش ،عاش نوح ألف سإنة مانها تسعمائة وخمسون
سإنة في قوماه (1) :ثأم
ماضححت وانتهححت ،وعححاش أقححوام مائححات السححنين وماضححوا وانتهححوا،
وعاش قوم ماائة سإنة وثأمانين ،وأرأبعين وخمسين.
فالحقيقة أنهم غّرباء وعابرو سإبيل ،ماروا بهذه الدنيا وذهبححوا،
والموت يصبح المرء ويمسيه ،فيجب على المححرء أن ينتبححه إلححى
نفسه ،وأعظم ماا يصاب به العبد أن يصححاب بالغفلححة عححن هححذه
الحقيقة ،الغفلة عن حقيقة الدنيا ماا هي ،فإذا مان اللححه عليححك
بمعرفححة حقيقححة الححدنيا ،وأنهححا دارأ غّربححة ،وأنهححا دارأ ابتلء ،دارأ
اختبارأ ،دارأ مامر وليست دارأ ماقححر ،فححإنه يصحححو قلبححه ،وأماححا إذا
غّفل عن هذه الحقيقة ،فححإنه يصححاب قلبححه ماححن ماقححاتله ،أيقظنححا
الله وإياكم مان أنواع الغفلت.
ابن عمر كان يوصي بمقتضى الوصية ،فيقول :إذا أماسيت
فل تنتظر الصباح ،وإذا أصبحت فل تنتظر المساء يعني :كححن
على حذرأ دائما ماححن المححوت أن يفاجححأك ،فكححن علححى اسإححتعداد،
318
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
وقد قيل في عدد مان علماء السلف علماء الحححديث :كححان فلن
لو قيل له :إنك تموت الليلة لما اسإتطاع أن يزيد في عمله.
لو قيححل لححه :إنححك تمححوت الليلححة لمححا اسإححتطاع أن يزيححد فححي
عمله ،وهذا يكون باسإتحضارأ حق اللححه -جححل وعل -دائمححا ،وأنححه
إذا تعبد ،فإنه يستحضر ذلك ،ويخلص فيه لربه ،وإذا خالف أهله
يكححون علححى الخلصا واماتثححال الشححريعة ،وإذا بححاع ،أو اشححترى
يكححون علححى الخلصا ،ويكححون علححى الرغّححب فححي إتيححان الحلل،
وهكذا في كل أمار يأتيه ،فإنه يكون على علم ،وهذا فضل أهل
العلححم أنهححم إذا تحركححوا وعملححوا ،ففححي كححل حححال يكونححون فيححه
يستحضرون الحكححم الشححرعي فيححه ،فيمتثلححون ،أو يفعلححون ،وإن
غّلطححوا ،أو إن أذنبححوا فسححرعان ماححا يسححتغفرون ،فيكونححون بعححد
السإتغفارأ أماثل ماما هم قبله ،وهذه ماقاماات؛ ولهذا قححال :وخ ذ
مان صحتك لمرضك ،ومان حياتك لموتك رأواه البخارأي.
319
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
320
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
ماما سإواهما ،وإذا كان كذلك فسيكون هوى المرء تبعا لما جححاء
به المصطفى .
إذا ً فححي قححوله :ل يححؤمان أحححدكم هححذا فيححه نفححي لكمححال
اليمان الواجب ،وهذا ظاهر مان القاعدة التي سإبق أن ذكرناهححا
لكم ،وتتمة الكلم على شرح الحاديث فيما قدماناه مان شححرحنا
على كتاب التوحيد.
321
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
322
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
يدعو ،وهو ضعيف الظن بربه ،ل يحسن الظن بربحه ،وقحد ثأبحت
عنه -عليه الصلة والسلم -أنه قححال :قححال اللححه -تعححالى :-أن ا
عند ظن عبدي بي ،فليظن بي ماا شاء والعبد إذا دعححا اللححه
-جل وعل -ماستغفرا لذنبه يدعو ماستغفرا وماستحضرا أن فضل
الله عظيم ،وأنه يرجو الله أن يغفر ،وأن الله سإيغفر له.
فإذا عظم الرجاء بالله ،وأيقححن أن اللححه -جححل وعل -سإححيغفر
له ،وعظم ذلححك فححي قلبححه ،حصححل لححه ماطلححوبه؛ لن فححي ذلححك
إحسان الظن بححالله ،وإعظححام الرغّبححة بححالله -جححل وعل -وهنححاك
عبححادات قلبيححة كححثيرة تجتمححع علححى العبححد المححذنب حيححن طلبححه
السإححتغفارأ وقبححول التوبححة ،حيححن طلبححه المغفححرة وقبححول التوبححة،
تجتمع عليه عبادات قلبية كثيرة توجب ماغفرة الذنوب فضل مان
الله -جل وعل -وتكرماا.
قال :غّفرت لك والمغفرة :سإتر الذنب وسإتر أثأححر الححذنب
في الدنيا والخححرة ،والمغفححرة غّيححر التوبححة؛ لن المغفححرة سإححتر،
غّفر الشيء بمعنى سإتره ،والمقصود مان سإتر الذنب أن يسححتر
الله -جل وعل -أثأره في الدنيا والخرة ،وأثأر الذنب فححي الححدنيا
العقوبححة عليححه ،وأثأححر الححذنب فححي الخححرة العقوبححة عليححه ،فمححن
اسإتغفر الله -جل وعل -غّفر الله له يعني :مان طلب سإتر اللححه
عليه في أثأر ذنبه في الدنيا والخرة؛ سإححتر اللححه عليححه ،ماحححا أو
سإححتر أثأححر الححذنب بحجححب أثأححر الححذنب ماححن العقوبححة فححي الححدنيا
والخرة.
قال :يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء يعني :ماححن
كثرتهححا بلغححت عنححان السححماء :السحححاب العححالي ،ماححن كثرتهححا
وتراكمها.
قال :ثأم اسإتغفرتني غّفرت لححك وهححذا مامححا يجعححل العبححد
المنيب يحب رأبححه -جححل وعل -أعظححم ماحبححة؛ لن اللححه العظيححم
الححذي لححه صححفات الجلل والجمححال والكمححال ،والححذي لححه هححذا
الملكوت كله ،وهو الذي على كل شيء قدير ،وعلى كححل شححئ
وكيل ،وهو الذي مان صفاته كذا وكذا ،مان عظيم صفاته وجليل
النعوت والسإماء ،يتودد إلى عبده بهححذا التححودد ل شححك أن هححذا
323
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
يجعل القلححب ماحبححا لربححه -جححل وعل -ماتححذلل بيححن يححديه ،ماححؤثأرا
مارضاة الله على مارضاة غّيره -سإبحانه وتعالى.-
قال اللححه -جححل وعل -ي ا ابححن آدم لححو بلغححت ذنوبححك عنححان
السماء ،ثأم اسإححتغفرتني غّفححرت لححك وهححذا فيححه الحححث علححى
طلب المغفرة ،فإنححك إذا أذنبححت فاسإححتغفر ،فححإنه ماححا أصححر ماححن
اسإتغفر ،ولو عاد في اليوم سإبعين مارة كما جاء في الثأر ،فمع
السإتغفارأ والندم يمحو الله -جل وعل -الخطايا.
قال :يا ابن آدم لو آتيتني بقراب الرأض خطايا ،ثأححم لقيتنححي
ل تشرك بي شيئا لتيتك بقرابها ماغفرة يعنححي :لححو جححاء ابححن
آدم بملء الرأض خطايا ،ثأم لقححي اللحه -جححل وعل -ماخلصححا لحه
الدين ل يشرك به شيئا ،ل جليل الشرك ول صحغيره ول خفيححه،
بل قلبه ماخلص لله -جل وعل -ليس فيه سإوى الله -جححل وعل
-وليس فيه رأغّب إل إلى الله -جل وعل -وليس فيححه رأجححاء إل
رأجاء الله -جل وعل -ل يشرك بححه شححيئا ،بححأي نححوع ماححن أنححواع
الشرك ،فإن الله -جل وعل -يغفر الذنوب جميعا.
قال -سإبحانه : -ثأم لقيتني ل تشرك بي شيئا لتيتك بقرابهححا
ماغفرة يعني :بملء الرأض ماغفححرة ،وهحذا ماحن عظيحم رأحمحة
الله -جل جلله -بعباده ،وإحسانه لهم.
اللهم لك الحمححد علححى أسإححمائك وصححفاتك ،اللهححم لححك الحمححد
على ماا أنعمت به علينا مان شريعة السإحلم ،اللهحم لحك الحمححد
على ماا أنعمححت بحه علينحا ماحن بعثحة نبيححك ماحمححد عليحه الصححلة
والسلم ،اللهم لك الحمد على ماا ماننححت بححه علينححا ماححن سإححلوك
طريق سإلفنا الصالح ،اللهم لك الحمد على ماا ماننححت بححه علينححا
مان ماغفرة للذنوب ،ومان كسب للحسنات ومان ماحححو للسححيئات،
اللهم لك الحمد على آلئك العظيمححة ،اللهححم لححك الحمححد ،وأنححت
للحمد أهل.
324
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
325
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
الفهححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححرس
..............................................................................1المقدماحححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححة
.......................................................................................................................................1ماقدماة الشارأح
.........................................................................................................................................5الحديث الول
......................................................................................................................................16الحديث الثاني
.....................................................................................................................................40الحديث الثالث
......................................................................................................................................51الحديث الرابع
..................................................................................................................................66الحديث الخاماس
.................................................................................................................................76الحديث السادس
.....................................................................................................................................87الحديث السابع
.....................................................................................................................................96الحديث الثامان
...................................................................................................................................103الحديث التاسإع
..................................................................................................................................111الحديث العاشر
.........................................................................................................................121الحديث الحادي عشر
...........................................................................................................................125الحديث الثاني عشر
..........................................................................................................................132الحديث الثالث عشر
...........................................................................................................................137الحديث الرابع عشر
.......................................................................................................................145الحديث الخاماس عشر
......................................................................................................................151الحديث السادس عشر
..........................................................................................................................156الحديث السابع عشر
..........................................................................................................................161الحديث الثامان عشر
..........................................................................................................................169الحديث التاسإع عشر
..............................................................................................................................182الحديث العشرون
................................................................................................................186الحديث الحادي والعشرون
..................................................................................................................191الحديث الثاني والعشرون
.................................................................................................................196الحديث الثالث والعشرون
..................................................................................................................206الحديث الرابع والعشرون
..............................................................................................................221الحديث الخاماس والعشرون
.............................................................................................................227الحديث السادس والعشرون
.................................................................................................................230الحديث السابع والعشرون
.................................................................................................................237الحديث الثامان والعشرون
.................................................................................................................248الحديث التاسإع والعشرون
.................................................................................................................................257الحديث الثلثأون
...................................................................................................................267الحديث الحادي والثلثأون
.....................................................................................................................275الحديث الثاني والثلثأون
....................................................................................................................281الحديث الثالث والثلثأون
.....................................................................................................................286الحديث الرابع والثلثأون
.................................................................................................................294الحديث الخاماس والثلثأون
................................................................................................................303الحديث السادس والثلثأون
....................................................................................................................308الحديث السابع والثلثأون
....................................................................................................................311الحديث الثامان والثلثأون
....................................................................................................................315الحديث التاسإع والثلثأون
................................................................................................................................317الحديث الرأبعون
..................................................................................................................320الحديث الحادي والرأبعون
....................................................................................................................322الحديث الثاني والرأبعون
326
لمعالي الشيخ العلماة /صالح بن عبد العزيز
بن ماحمد آل الشيخ
شرح الرأبعين النووية
327