Professional Documents
Culture Documents
معنى حديث من كان آخر كلامه لا إله إلا الله
معنى حديث من كان آخر كلامه لا إله إلا الله
معنى حديث من كان آخر كلامه لا إله إلا الله
أخبر النبي صلى هللا عليه وسلم أن من مات وكان آخر ما تكلم به ال إله إال هللا فإن ثوابه
أصًل؛ ألن األعمال بالخواتيم ،ويحتمل : ا دخول الجنة ،أي أن مصيره دخول الجنة ولن يدخل النار
دخل الجنة وإن سبق ذلك دخول للنار ،إذا كانت له ذنوب لم يشأ ربنا سبحانه وتعالى أن يغفرها؛
ألنه يُخرج من النار كل من يشهد أن ال إله إال هللا ،وهللا أعلم بحقيقة المآل .وفي هذا الحديث ما
يدل على تلقين المحتضر الذي حضره الموت ،فإنه يلقن الشهادة ،وليس المقصود التلقين بعد
الموت ،فإن ذلك لم يصح فيه شيء عن النبي صلى هللا عليه وسلم ،وال التلقين في القبر ،وإنما
هو التلقين عند الموت ،فما دام أن اإلنسان في نهاية الحياة الدنيا فإنه يل َّقن الشهادة ،ليكون آخر
كًلمه من الدنيا النطق بالشهادة .وهذا يدلنا على فضل ختام هذه الحياة الدنيا بكلمة الشهادة،
والشهادة كما أنها هي الختام فهي المبتدأ ،ولهذا فقد كان النبي عليه الصًلة والسًلم أول ما بعثه
هللا يطوف في القبائل ويقول :يا أيها الناس ! قولوا :ال إله إال هللا تفلحوا ،والدخول في اإلسًلم ال
يكون إال بالشهادتين ،فهي إذن المبتدأ والمنتهى ،وهذا يدلنا على أن الشهادة تكون آخر شيء
يتكلم به اإلنسان ،وإذا حصل كًلم آخر بعد الشهادة فإنه يذكر ويلقن مرة أخرى؛ حتى تكون
الشهادة هي آخر ما يتكلم به.
المعنى التفصيلي
فللعلماء في معنى الحديث قوالن :
األول :أن من ختم بكلمة التوحيد دخل الجنة ،أي ال بد له من دخولها :إما معجًلا معافى ،وإما
مؤخراا بعد عقابه.
وعلى هذا المعنى فًل يختص ذلك بمن ختم له بهذه الكلمة .وال عبرة بمفهوم المخالفة ألنه
سيعارض نصوصا ا منطوقة كثيرة ،والمنطوق مقدم على المفهوم.
الثاني :أن من ختم له بًل إله إال هللا ،وكانت خاتمة لفظه -وإن كان قبل ذلك مخلطا ا -كان ذلك سبباا
لرحمة هللا تعالى إياه ،ونجاته رأسا ا من النار ،وتحريمه عليها ،بخًلف من لم يكن ذلك آخر كًلمه
من الموحدين المخلطين ،فإنه تحت مشيئة هللا سبحانه ،إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة بًل
عذاب ،وإن شاء عذبه بذنبه ثم أدخله الجنة.
في الحديث جملة من الفوائد والمسائل الهامة ،موجز أهمها فيما يلي :
.1بيان فضل كلمة التوحيد (( ال إله اال هللا ))
.2استحباب ختم اإلنسان حديثه بهذه الكلمة العظيمة ،خصوصا اذا نوى الصمت وعزم عليه،
وليجعلها آخر حديثه ،فالعبد ال يدري ما يعرض له ،ومن أهم مواطن هذا األمر؛ كل موطن يخشى
العبد هالك نفسه فيه ،وإذا آوى الى فراشه فقد تكون نومته األخيرة فيلقى هللا بها.
.3تكفير األعمال واألقوال الصالحة لصغائر الذنوب ،كما قال الحق جل وعال( :ان الحسنات يذهبن
السيئات).
.4أن هذه الكلمة العظيمة ال تغني العبد عن مظالمه شيئا ،ولعل المعنى انه يستحق الجنة ولكن بعد
استيفاء ما عليه من حقوق للعباد.
1
قال ابن بطال رحمه هللا ( :قال المهلب :ال خالف بين أئمة المسلمين أنه من قال :ال إله إال هللا ،
ومات عليها أنه البد له من الجنة ،ولكن بعد الفصل بين العباد ورد المظالم إلى أهلها) أهـ .شرح
صحيح البخاري البن بطال ().236 /3
.5وجوب صون اللسان عن قول الباطل او الدعوة اليه او الداللة عليه ،وجعلها رطبة عامرة بذكر
هللا والدعوة الى دينه ،حتى يوفق العبد الى هذه الكلمة عند مماته.
قال العالمة الصنعاني رحمه هللا( :وال يوفق لقولها إال من كانت أعماله صالحة من قبل ذلك) أهـ،
التنوير شرح الجامع الصغير ().367 /10
.6ان العبد م ثاب او معاقب على أقواله كما هو الحال في أفعاله ،ولعل األقوال أش د كما صرحت
بذلك نصوص الكتاب والسنة.
.7ان من عالمات صالح العبد؛ خاتمته الحسنة.
.8استحباب نشر البشارة الطيبة بين المسلمين ،خصوصا اذا ترتب على نشرها سعيهم الى الخير
والتنافس عليه.
.9استحباب تلقين المحتضر هذه الكلمة العظيمة حتى يختم له بها فيفوز بهذه البشارة العظيمة ،وفي
الحديث الصحيح« :لَ ِّقنُوا َم ْوتَاكُ ْم َال ِّإلَهَ ِّإ اال ا ُ
ّللا»َ .ر َواهُ ُم ْس ِّلم ،والمراد بالم يت هنا المحتضر ال من
فارق الحياة.
قال الشيخ األلباني رحمه هللا( :والمراد بـ (موتاكم) من حضره الموت ،ألنه ال يزال في دار
التكليف ،ومن الممكن أن يستفيد من تلقينه فيتذكر الشهادة ويقولها ،فيكون من أهل الجنة.
وأما تلقينه بعد الموت ،فمع أنه بدعة لم ترد في السنة فال فائدة منه ألنه خرج من دار التكليف إلى
دار الجزاء ،وألنه غير قابل للتذكر( ،لتنذر من كان حيا) أهـ .سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء
من فقهها وفوائدها ().838 /1
بين أَ ْم ُر نَ ْد ٍ ّللاُ دَخَ َل ْال َجناةَ َو ْاألَ ْم ُر بِّ َهذَا التا ْل ِّق ِّآخ ُر ك ََال ِّم ِّه َال إِّلَهَ إِّ اال ا
قال النووي رحمه هللاَ ( :م ْن َكانَ ِّ
ق َحا ِّل ِّه َو ِّش اد ِّة ك َْر ِّب ِّه ضي ِّ ار َعلَ ْي ِّه َو ْال ُم َو َاالةَ ِّلئَ اال َيضْ َج َر ِّب ِّ ين َوك َِّرهُوا ْ ِّ
اإل ْكثَ َ علَى َهذَا التا ْل ِّق ِّ َوأَ ْج َم َع ْال ُعلَ َما ُء َ
يق قَالُوا َو ِّإذَا قَالَهُ َم ارةً َال يُك َِّر ُر َعلَ ْي ِّه ِّإ اال أَ ْن يَتَكَلا َم بَ ْع َدهُ ِّبك ََال ٍم آ َخ َر فَيَ ْك َرهُ ذَ ِّل َك ِّبقَ ْل ِّب ِّه َويَتَك اَل ُم ِّب َما َال َي ِّل ُ
آخ َر ك ََال ِّم ِّه) أهـ .شرح النووي على مسلم ().219 /6 يض بِّ ِّه ِّليَكُونَ ِّفَيُعَادُ التا ْع ِّر ُ
والذي يظهر ان قول ال إله اال هللا ،دون شهادة ان محمدا رسول هللا ،كافية للمؤمن ،بخالف الكافر
فالبد ان يقول الشهادة كاملة ،وان قالها المؤمن كاملة فحسن.
قال المباركفوري – رحمه هللا – في مرعاة المفاتيح (( :)308 /5قال في
المجموع :يذكر عند المحتضر ال إله إال هللا بال زيادة عليها فال تسن زيادة محمد رسول هللا لظاهر
األخبار وقيل :تسن زيادته ألن المقصود بذلك التوحيد ،ورد بأن هذا موحد ،ويؤخذ من هذه العلة م ا
بحثه األسنوي :أنه لو كان كافراً لقن الشهادتين وأمر بهما) أهـ.
.10ان الكافر متى نطق بشهادة التوحيد مؤمنا بها ،ثم مات على الفور؛ استحق الجنة ،وان لم يأت
بشيء غيرها.
2
.11أن الجنة دار الموحدين ،ومن مات على غير التوحيد فال مكان له فيها ،مهما كان عمله او
سعيه ،كما دلت على هذا نصوص الكتاب والسنة.
.12أن أهل التوحيد واإلحسان في الدنيا هم أهل التكريم في اآلخرة.
.13أن اإليمان قول وعمل ونية ،فمتى ما ثبت العبد في حياته على
التوحيد الصحيح بقوله وعمله الخالص هلل ،الخالي من أدران الشرك ومحبطات العمل ،لقي ربه
بهذه الكلمة العظيمة التي يودع الدنيا بها لتكون كالخاتم على أعماله وأقواله.
3