Professional Documents
Culture Documents
المركز_القانوني_للاحداث_في_الدعوى_العمومية-3_البحث[111[1]
المركز_القانوني_للاحداث_في_الدعوى_العمومية-3_البحث[111[1]
تحت عنوان
الجامعية
اجلامعية السنةسنة
ال
2023/2024
2023/2024
الشكر:
نشكر هللا وافر الشكر على توفيقه لنا وأعاننا على إتمام هذا البحث العلمي ،فاللهم لك
الحمد كما ينبغي لجالل وجهك وعظيم سلطانك ،كما نتقدم بشكر خاص مرفوقا
بخالص اإلحترام والتقدير لألستاذ الغالي الغيالني ،الذي له دور كبير في هذا البحث
على الرغم من كثرة انشغاالته إال أنه لم يبخل علينا بالنصائح والتوجيهات ،فنعم
األستاذ الذي يجمع بين الكفاءة والتواضع،فأطال هللا في عمره وجعله نبراسا للعلم
والمعرفة لتتكون على يده األجيال.
كما نتقدم بجزيل الشكر إلى كل من مدوا لنا يد العون والمساعدة في إخراج هذا
البحث على أكمل وجه.
1
اإلهداء
بكل امتنان و تقدير نهدي بحثنا هذا إلى من أوصى هللا بهما خيرا وأمر أن
نخفض لهما جناح الذل من الرحمة .
إ لى األصدقاء الذين جمعتنا بهم دروب الدراسة وكانوا رمز العون والوفاء
1
الئحة المختصرات:
ص :صفحة.
ط :طبعة.
2
المقدمة:
لقد اهتمت معظم الشرائع السماوية بالطفل وأولته عناية خاصة ،وأخذت
الشريعة اإلسالمية دورا في تكريم اإلنسان عموما ،و الطفل خاصة منذ مرحلة
الصغر إلى مرحلة البلوغ ،إذ يعرف في القانون الجنائي بالطفل الحدث باعتباره
اللبنة األولى التي ينبني عليها المجتمع ،بحيث أن رقي الحضارات وتطورها نحو
األفضل يكون بالبناء الصحيح و السليم لهذه النواة بتسخير كل اإلمكانيات المادية
والمعنوية ،إذ تضمن للطفل حقوقه األساسية في الحياة والنمو والسالمة واألمن
واألسرة والتعليم والتعبير والمشاركة والحماية والتقاضي.
ساهمت إتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن األمم المتحدة بإخضاع الدول التي
صادقت عليها بتنفيذ مقتضيات هذه اإلتفاقية ،ومن بين هذه الدول المغرب الذي بذل
مجموعة من المجهودات من خالل وضع ترسانة قانونية تعنى بحماية هذه الفئة
الضعيفة ،وإحاطتها بسياج من الحماية لكل األفعال التي يمكن أن تطالها ،استنادا
إلى مبادئ العناية والتكريم الذي أقرتها الشريعة اإلسالمية للطفل والمواثيق
والمعاهدات التي صادقت عليها المملكة.
أولى المشرع المغربي عناية شاملة للحدث مقارنة بالراشد و ضاعف هذه
العناية في حالة ارتكاب الحدث لفعل جانح في إطار المسؤولية الجنائية ،وعرفت
هذه األخيرة مجموعة من التطورات خالل عدة مراحل :
3
كانت الدولة المغربية تطبق األعراف والشريعة اإلسالمية .
4
إجراءات محاكمتهم كما أورد نصوصا قصد بها حماية األطفال ضحايا الجنح
والجنايات ونص على التدابير المقررة للعالج والوقاية من اإلنحراف.
أهمية الموضوع:
تكمن أهمية هذا الموضوع في اإلهتمام البالغ الذي أصبح يعطى لألحداث
الجانحين في مراحل الدعوى العمومية ،ولقد سار المشرع المغربي على هذا
اإلتجاه عن طريق نهجه لمجموعة من اإلجراءات ،تبتدئ بمرحلة البحث
التمهيدي وتنتهي بمرحلة المحاكمة ،مرفقة بتدابير تربوية وتهذيبية والعقوبات
التي تعتبر نسبيا خفيفة لألحداث ،كما تكمن هذه األهمية أيضا في معرفة مدى
نجاعة فعالية هذه التدابير و العقوبات المتبعة في هذا المجال ،خاصة أن خطورة
الحدث الجانح ال تنعكس على المجتمع الذي يعيش فيه فقط ،بل يؤثر كذلك على
المنظومة القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية المتواجدة في هذا المجتمع.
قواعد األمم المتحدة النموذجية إلدارة شؤون قضاء األحداث (قواعد -
بكين.)1985
قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة لسنة 1985بشأن منع جنوح -
األحداث.
إتفاقية حقوق الطفل الصادرة بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم -
125/44لسنة .1989
5
إشكالية البحث:
سنعتمد في هذا البحث على اتباع المنهج التحليلي ،وذلك بالتحليل والتفسير
للوصول إلى نتائج تكون مقبولة منطقا وعمال.
6
املبحث األول :اإلجراءات الخاصة باألحداث خالل مراحل
الدعوى العمومية:
يعد جنوح األحداث ظاهرة كونية خطيرة تعاني منها كل المجتمعات لكونها
تعيق تنمية الدولة ومرتكزاتها باعتبار الحدث كل طفل لم يبلغ سن الرشد
القانوني ،و يمكن تعريف الحدث لغة بفتح الدال والحاء بصغير السن أي شاب
فإن ذكر السن يقال حديث السن وجاء في كتاب مختار الصحيح بأن الحدث هو "
صغير السن ،وعلى ذلك تطلق عبارة حداثة السن على المرحلة األولى للعمر
وهي مرحلة الطفولة وهي كناية على الصبي الذي يدعى طفال إلى أن يحتلم.
و تعتبر أيضًا قواعد األمم المتحدة النموذجية إلدارة شؤون قضاء األحداث
المسماة بقواعد بكين ،من أبرز اإلتفاقيات الدولية المهتمة بحقوق اإلنسان عامة
و الطفل خاصة حيث عرفت بدورها الحدث في المادة األولى بأنه الطفل أو
الشخص صغير السن يجوز بموجب النظم القانونية ذات العالقة مساءلته عن
جرم بطريقة تختلف عن طريقة مساءلة البالغ .
وهناك مرحلة التحقيق اإلعدادي التي تكون إلزامية ويتم فيها تجميع األدلة
المتعلقة بالجريمة والمعلومات المتعلقة بالحدث قصد تفادي محاكمة سريعة.
7
أما مرحلة المحاكمة فهي المرحلة الحاسمة في تحديد مصير الحدث.
وبناء على هذا ،فقد ارتأينا أن نقسم هذا المبحث إلى مطلبين أساسيين،
التدابير المتخدة في حق األحداث في مرحلة البحث التمهيدي ( المطلب األول )
والتدابير المتخدة في إطار مرحلة التحقيق والمحاكمة ( المطلب الثاني).
8
المطلب األول :التدابير المتخذة في حق األحداث في مرحلة البحث
التمهيدي
إن البحث التمهيدي حسب بعض الفقهاء باعتبارهم ركزوا على المكون
المرحلي في تعريفهم له ،هو مرحلة التثبث من وقوع الجريمة ،وجمع األدلة
عنهxا والبحث عن مرتكبيهxا ،1ويقxال أيضxا أن البحث التمهيxدي هxو مجxرد تمهيxد أو
تحضير للتحقيق في التهمة ،يهدف إلى تبصير السلطة المكلفة بالتحقيق
بالمعلومات التي تمكنها من التصرف فيه بإجراء أو بإجراء آخر.2
أناط قانون المسطرة الجنائية مهمة البحث والتحري إلى ضباط الشرطة
القضxائية،4الxذي لم تصxدر في حقهم مسxطرة خاصxة لكيفيxة تعxيينهم وجxاء هxذا
التعيين تماشيا مع اتجاه المواثيق الدولية والقوانين المقارنة التي ركزت على
1أحمد الخمليشي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،مكتبة المعارف ،الطبعة . 12الرباط -ص .193
2أحمد عوض بالل ،اإلجراءات الجنائية المقارنةوالنظام اإلجرائي في المملكة العربية السعودية ،دار النهضة العربية،
القاهرة ،1990ص.218
3أحمد الخمليشي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،مكتبة المعارف ،الطبعة . 12الرباط -ص .204
4المادة 18من ق.م.ج
9
ضرورة وجود شرطة خاصة باألحداث تنفرد بمميزاتها سواء على صعيد
مسطرة التعيين والممارسة أو على صعيد التكوين و المراقبة.5
تعتبر الواليات المتحدة األمريكية في مقدمة الدول التي أخدت بنظام شرطة
األحداث و الشرطة النسائية ،وذلك منذ أن حملت منظمة الشرطة الدولية
الجنائية لواء الدعوة إلى إنشاء شرطة خاصة لألحداث عام ،1967مستندة في
ذلك إلى نتائج الدراسات القانونية واإلجتماعية التي أجرتها العديد من الدول.6
ومن مهام ضباط الشرطة القضائية المكلفة باألحداث القيام بأبحاث تمهيدية
،بناءا على تعليمات النيابة العامة أو تلقائيا ،و يسير هذه العمليات وكيل الملك أو
الوكيxل العxام للملxك كxل فيمxا يخصxه ،7ويقومxون كxذلك بجمxع معلومxات عن الحxدث
وأسرته و البحث عن العوامل التي أدت به لإلنحراف.
ولقد عمل قانون المسطرة الجنائية بدوره بتحديد تكوين وحدة الشرطة
القضxائية في المxادة ،819وهxو نفس األمxر الxذي نصxت عليxه قواعxد األمم المتحxدة
النموذجية إلدارة شؤون األحداث (قواعد بكين) بحيث يجب على ضباط الشرطة
القضائية الذين يتعاملون مع األحداث أو الذين يتناولون بالدرجة األولى مهمة
منع جرائم األحداث أن يتلقوا تعليما أوتدريبا لكي يتسنى لهم أداء مهامهم على
5مصطفى لمحمدي الشرادي ،الوضع الشرعي والقانوني للطفل القاصر ،دار السالم ،الرباط ،الطبعة األولى ،ص.286
احمد وهدان ،دور شرطة االحداث في مرحلة الضبط القضائي ،اآلفاق الجديدة للعدالة الجنائية فى مجال االحداث ،دار 6
للشرطة القضائية :أوال :ضباط شرطة القضائية ،ثانيا :ضباط الشرطة القضائية المكلفين باالحداث ،ثالثا :اعوان الشرطة
القضائية ،رابعا :الموظفون واألعوان الدين ينيط بهم القانون مهام الشرطة القضائية.
10
أحسن وجه باإلضافة إلى مراعاتهم للطبيعة الفيزيولوجية والنفسية للحدث بحيث
ال يجوز معاملتهم بنفس معاملة الرشداء" .
كما أن للنيابة العامة دور مهم في هذه المرحلة بحيث تعتبر صاحبة الرقابة
على أعمال ضباط الشرطة القضائية المكلفة باألحداث ،كما أعطي لها وبصفة
استثنائية أن تأمر بإخضاع الحدث خالل فترة البحث التمهيدي للحراسة
المؤقتة ،ولكن تكون هذه الحراسة إذا تطلبتها ضرورة البحث أو سالمة الحدث
على أن أال تتجاوز مدة التدبير المأمور به 15يومًا.9
و لقد بلغ سنة 2021عدد األحداث أمام النيابة العامة لدى المحاكم اإلبتدائية
19546حxدث،10كمxا أن النيابxة العامxة هي المؤهلxة الوحيxدة القxادرة على ممارسxة
المتابعة باإلضافة إلى أنها القادرة على منع إقامة الدعوى العمومية في حق
الحدث من قبل الطرف المدني.11
11
فالنيابة العامة هنا أيضًا تلعب دورًا مهما يتمثل في كونها تمارس هذا
اإلحتفاظ ،وهذا األخير مرتبط بتواجد إحدى الشروط التالية سواء كان الفعل
الصادر من الحدث فعال خطيرًا أم ال:
فمدة اإلحتفاظ يجب أن تكون قصيرة بقدر اإلمكان ،و تطبيقا لذلك فقد
نصت المادة 460من ق .م .ج على ما يلي" :يمكن دون المساس بمقتضيات
المادة 470اآلتية بعده لضباط الشرطة القضائية المكلفة باألحداث أن يحتفظ
بالحدث المنسوب إليه الجرم في مكان مخصص لألحداث لمدة ال يمكن أن
12
تتجاوز المدة المحددة للحراسة النظرية".
ويبدو أن المشرع لم ُيميز بين األحداث و الرشداء فيما يتعلق بمدة الحراسة
النظرية ،بل ساوى بين الفئتين عندما أحال على مقتضيات المادة 460من
ق.م.ج ،أما بالنسبة لمكان اإلحتفاظ به فقد نصت عليه هذه المادة األخيرة من
قانون المسطرة الجنائية.13
ولقد قيد المشرع المغربي أعمال ضباط الشرطة القضائية في هذه المرحلة
بمجموعة من القيود تتمثل في:
12
أوال :يتعين على ضباط الشرطة القضائية أن يحتفظوا بالمشتبه فيه في مكان
مخصص لألحداث.
ثانيا :إشعار ولي الحدث أو المقدم أو الوصي عليه ،أو كافله أو حاضنه أو
الشخص أو المؤسسة المعهود إليها برعايته باإلجراء المتخذ وذلك فور اتخاذ قرار
وضع الحدث تحت الحراسة النظرية بأي وسيلة من الوسائل ،ويشير إلى ذلك
بالمحضر و جاء هذا اإلجراء لتكريس الفقرة األولى من المادة 10من قواعد األمم
المتحدة الدنيا النموذجية بإدارة شؤون قضاء األحداث لسنة 1986م.
13
و من المعايير التي يجب أن يتوفر عليها ضباط الشرطة القضائية حسب
المعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء واألطفال نذكر منها ما يلي :
باإلضافة إلى توفير مكان مالئم لإلستماع يتميز بالهدوء و مزود بمقاعد
مريحة ومالئمة تضمن الخصوصية للطفل خاصة إذا كان الموضوع متعلق
بالبوح بمعلومات شخصية ،وإذا رغب في حضور شخص بالغ أو صديق له
فيمكن له ذلك.15
يعتبر هذا اإلجراء من أهم مستجدات المسطرة الجنائية ،ألن نظام الحراسة
المؤقتة كان من اختصاص قاضي التحقيق أو قضاة الحكم فقط ،وال يلجأ إليه إال
15الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء واألطفال ،مديرية الشؤون الجنائية والعفو.
16مادة 460من ق م .ج " .يمكن كذلك للنيابة العامة ،بصف استثنائية أن تأمر باخضاع الحدث خالل فترة البحث التمهيدي
لنظام الحراسة المؤقتة".
14
عند المتابعة ،ولكن قد أحيل األمر هنا إلى النيابة العامة حيث أصبحت هي
صاحبة االختصاص.
15
المطلب الثاني :التدابير المتخذة في إطار مرحلة التحقيق اإلعدادي
وتأتي مرحلة التحقيق كمرحلة تابعة لمرحلة البحث التمهيدي ،والتي تنعدم
فيه الكثير من الضمانات بالنسبة للحدث ،وتتجلى أهمية مرحلة التحقيق (الفقرة
األولى) في تأثيرها على المرحلة التي تليها وهي مرحلة المحاكمة (الفقرة
الثانية).
تنص المادة 467من ق.م .ج على أنه " :يعين قاضي أو أكثر من قضاة
المحكمة اإلبتدائية للقيام بمهام قاضي األحداث لمدة ثالث سنوات قابلة
للتجديد."...
وبناء على المقتضى أعاله ،يظهر منذ الوهلة األولى أن قاضي األحداث
كقاضي التحقيق يعين من بين قضاة المحكمة اإلبتدائية لمدة ثالث سنوات قابلة
16
للتجديد بموجب قرار لوزير العدل ،بناء على اقتراح من رئيس المحكمة
اإلبتدائية ،وفي حالة تعذر أو حدث عائق يمنع قاضي األحداث ( كقاضي
التحقيق) من مزاولة مهامه ،فإن رئيس المحكمة اإلبتدائية يكلف قاضيا من بين
قضاة المحكمة ليقوم مقامه بصفة مؤقتة.17
17
بالغة حينما يتعلق األمر بالحدث الذي لم يبلغ سن الرشد الجنائي،واعتبارا
لخصوصية هذا األخير ألزم المشرع القضاء بتفعيل الضمانات الممنوحة لهم
أثناء التحقيق والتي نذكر منها:18
وينص المشرع المغربي على هاته الضمانة بموجب المادة 134من ق .م
ج 20بxل وجعلهxا إلزاميxة حxتى في القضxايا الجنحيxة بالنسxبة لألحxداث وفقxا للمxادة
216من القانون المذكور ،21مسايرا في ذلك المواثيق الدولية لحقوق الطفل
وخاصة قواعد بكين التي تؤكد في مادتها العاشرة على ضرورة توفير مؤازرة
المحامي في كافة مراحل تتبع قضية الحدث.22
18يوسف تملكوتان ،الحماية القانونية للحدث أثناء التحقيق في التشريع المغربي ،ع ،15الموسم الرابع :1444يناير – مارس
،2023بدون صفحة.
خالد أيت وغاض ،خصوصيات إجراء معاملة األحداث قبل المحاكمة ،رسالة لنيل دبلوم الماسترفي القانون الخاص ،كلية 19
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض مراكش ،السنة الجامعية .2008/2009
20المادة 134من ق.م.ج.
21المادة 316من ق.م.ج.
22المادة 10من قواعد بكين.
18
ويعتبر المشرع الفرنسي من بين المشرعين الذين أولوا أهمية كبيرة لحق
الحدث المتهم في اإلستعانة بمدافع طبقا للمادة 10من أمر ، 1945 /2/2
والمالحظ أن حق الحدث في اإلستعانة بمحامي للدفاع عن حقوقه أصبح من
الضمانات التي ال يمكن التغاضي عنها طيلة مراحل الدعوى الجنائية مهما كان
السلوك الذي اقترفه.23
ولم تقتصر الحماية القانونية للحدث في حضور المحامي فقط ،بل امتدت
إلى ضمانة أخرى وهي حضور أسرة الحدث طبقا للفصل 475من ق.م.ج الذي
ينص على أنه" :يشعر قاضي األحداث األبوين أو الوصي أو الكافل أو الحاضن
أو الشخص أو المؤسسة المكلفة برعاية الحدث".
لكن على الرغم من هذا اإلجراء إال أن المشرع لم يوضح المراحل التي
يمكن فيها حضور أسرة هذا األخير وبالتالي تبقى إرادة المشرع غامضة.
ولمنح حق االتصال بالمحامي قوة اإللزام ،فإن المشرع المغربي عندما نص على أن تسهيالت االتصال بالحدث يمكن أن
تكون محل منع في حاالت خاصة بناء على قرار صادر عن قاضي التحقيق اإللزام ،طبقا للمادة 136فقد استثنى من ذلك
حق االتصال بالمحامي.
23
Art 10 alinéa 3 de l'ordonnance du 2/2/1945 modifié par la loi n° 96 du 7/2008/ 1 , edition
dalloz, 2018.
19
المالحظة والتربية في الوسط المفتوح ، S.O.E.M.Oفالمشرع الجنائي كان
متشددا في هذا الشأن طبقا للمادة الخامسة من قانون األحداث الفرنسي الصادر
سنة .1945
وحتى ال تتم إدانة الحدث باطال ،خصص المشرع جهات مختلفة يؤول
إليها اختصاص التحقيق مع الطفل مع إعطائه ضمانات كفيلة لحمايته ،وطبقا
للمادة 33من القانون رقم 12 - 15فإنه يقوم قاضي األحداث بإعالم الطفل أو
ممثله الشرعي بالعريضة المقدمة إليه فورا ،ويقوم بسماع أقوالهما وتلقي
آرائهما بالنسبة لوضعية الطفل ،كما يتولى قاضي األحداث دراسة شخصية
الطفل ال سيما في إطار البحث اإلجتماعي والفحوصات الطبية والعقلية
والنفسxانية ومراقبxة السxلوك ، 24وبxالرجوع إلى الفقxرة األولى من المxادة 474من
ق م ج التي تفيد بأن قاضي األحداث یأمر بإجراء نوعين من األبحاث:
24نظر المواد 33و 34من ق رقم - 15 - 12الموافق 15يوليو سنة 2015والمتعلق بحماية الطفل المعدل بالقانون 04.23
لسنة .2023
20
المؤسسات السالفة الذكر أو الهيئات المنصوص عليها في الفقرة األخيرة من
المادة 474من ق.م.ج.25
إن المشرع المصري أوجب على المحكمة اإلطالع على ملف الفحص
الشامل للطفل طبقا للمادة 127من قانون الطفل الذي تنص على أنه " ينشئ
المراقبون (المراقبين االجتماعيين)المشار إليهم في المادة 118من نفس
القانون ،لكل طفل متهم بجناية أو جنحة وقبل التصرف في الدعوى ملفا
يتضمن فحصا كامال لحالته التعليمية والنفسية والعقلية والبدنية واإلجتماعية،
وبهذا يكون المشرع المصري كمثيله المغربي ،بحيث يعتبر هذا اإلجراء
جوهريا يترتب عليه البطالن في حالة إغفاله.
لمراني الكصري يوسف ،محاكمة الحدث خصوصية اإلجراءات والجزاءات -دراسة مقارنة ،رسالة لنيل دبلوم 25
21
250
200
150
100
50
0
الجانحات اإلناث الجانحون الذكور
و من هذا المنطلق فإن المشرع المغربي عند إقراره توقيع الجزاء على
الحدث فإنه أخذ بعين االعتبار درجة مسؤوليته الجنائية مع مراعاة سنه،
وخطورة الفعل الجرمي المرتكب من قبله ،على اعتبار أن هناك فئة من
الجانحين ال تجري معها التدابير الوقائية نفعا ،مما يضطر معها القاضي توقيع
22
عقوبة حبسية أو سجنية مخفضة ،زَياَد ًة أن قضاء األحداث هو قضاء متابعة
بحيث ال يتخلى القاضي عن القضية بمجرد إصدار حكمه فيها ،بل يتابع تنفيذ
الحكم ويجري التعديالت التي تتطلبها مصلحة الحدث ،وهذا ما أعطى قضاء
األحداث بعد اجتماعيا ووقائيا.28
إن األصل في اإلنسان أنه لم يقترف فعال يجرمه القانون ،ألن القيام بأي
فعل أمر حادث يجب ثبوته طبقا لقاعدة فقهية تقول " األصل في الصفات
العارضة العدم" وهذا األصل يعتبر وصفا واقعيا يتطابق مع طبائع األشياء،
ويتفق مع المصلحة العامة الممثلة في ضرورة الحفاظ على حريات األفراد و
حقوقهم.29
إن المبادئ التي تحكم مرحلة المحاكمة ترد عليها بعض اإلستثناءات وتتميز
ببعض الخصوصیات نذكر منها:
سرية المحاكمة:
األصل في المحاكمة أن تكون علنية ،ولكن طبقا للمادة 31من قانون رقم (
)1لسنة 1994الذي ينص على أنه تجري محاكمة الحدث من غير عالنية وال
يجوز أن يحضرها إال الحدث وأقاربه والشهود والمحامون وممثلوا الجهة
المختصة بوزارة الداخلية والمراقبون اإلجتماعيون ومن تجيز له المحكمة
بالحضxور"، 30إال أن لكxل طxابع اسxتثناء بحيث اعتxبرت محكمxة النقض الفرنسxية
28السعيد بنماذ ،العدالة الجنائية لألحداث ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون 2014/2015ص.99
29حاتم بكار ،حق المتهم في محاكمة عادلة ،ص.58
30المادة 31ومايليها من ق رقم 1لسنة ،1994المنشور بالجريدة الرسمية ع 3تاريخ النشر 1/1/1994بدولة قطر ،وهي
نفس القاعدة التي أقرها المشرع المغربي في الفصل 478من ق.م.ج.
23
في قرارها الصادر بتاريخ 13/5/1998أن المحاكمة العادلة التي يضمنها
الفصxل السxادس في اإلتفاقيxة األوربيxة لحقxوق اإلنسxان 31تسxتوجب أساسxا حxق كxل
شخص متهم في مناقشة الوقائع شخصيا وأن قيام رئيس الهيئة بإخراج الحدث
من قاعة المحكمة وحرمانه من إمكانية اإلستماع شخصيا لمختلف التصريحات
وإفادات الشهود دون تعليل ذلك يجعل قراره معرضا للبطالن .
وتجدر اإلشارة إلى أن سرية محاكمة الحدث المتهم تتعلق بالنظام العام،
مما يترتب على مخالفتها بطالن ما يتم اتخاذه من إجراءات في جلسة علنية ،ذلك
أن هذه السرية روعي فيها متطلبات حق الدفاع بتهيئة الجو المالئم للنظر في
دعواه وبث الطمأنينة في نفسه من ناحية ،وتجنبه ما يصاحب العلنية من
صخب ،بحيث يترتب على مبدأ العلنية المقيدة أن يكون الحضور إلى الجلسة
محدودا أو مقصورا على أشخاص حددهم المشرع حصرا ،و ذلك لعالقتهم إما
بالحدث ،وإما بالجريمة المرتكبة .كنوع من الحماية التي يحرص القانون على
إحاطxة الحxدث بهxا في مرحلxة المحاكمxة ، 32وهxو مxا أشxارت إليxه المxادة 1-8من
قواعد بكين إلى أنه يحترم حق الحدث في حماية خصوصياته في جميع المراحل
تفاديا ألي ضرر قد يناله ،كما أنه ال يمكن نشر أية معلومة يمكنها ان تؤدي إلى
24
التعرف على هوية الحدث الجانح ،وهو ما سار عليه القانون الفرنسي لسنة
1996في مادته .44
ويعتبر مبدأ الحضورية بالنسبة للخصوم أهم المبادئ التي ال يجوز أن تعقد
أية جلسة من جلسات المحاكمة من دونه ،ألنه ال بد ألطراف الدعوى بالحضور
للجلسة من أجل مناقشة كل األدلة سواء كانت لإلثبات أو للنفي ،وهذا الحضور
ال يمكن أن يتحقق إال باستدعاء الخصوم بالشكل المطلوب قانونا طبقا للمواد من
308الى 310من ق.م .ج ،كما أكد المشرع المغربي من خالل المادة 478من
ق .م .ج في فقرتها األولى التي جاء فيها " ...ويجب أن يحضر الحدث شخصا
و مساعدا بمحاميه وممثله القانوني ،مالم تعف المحكمة الحدث أو ممثله القانوني
من الحضور .بحيث يشكل هذا الحضور األخير حماية للحدث من اآلثار السيئة
بمفرده في الجلسة ،وال يمكن أن نتجاهل ما يمكن أن يشكله هذا الحضور
األخير من مؤازرة نفسية للحدث كي ال يعتبر بأنه مجرم.33
أما بالنسبة للحاالت التي ال يجوز الحكم فيها على الحدث الجانح بالعقوبة
الجزائية فتطبق بحقه مجموعة من القواعد التي تنص عليها المادة 8من القانون
االتحادي رقم 6والتي حددت على الشكل االتي
25
-اليجوز أن تزيد مدة عقوبة الحبس التي يحكم بها على الحدث الجانج
34
على نصف الحد األقصى المقررة للعقوبة األصلية.
26
املبحث الثاني :التدابير املتخذة في حق الحدث الجانح املدان بمراكز
التربية واإلدماج واإلكراهات التي يواجهها
تعتبر مكافحة الجريمة وإعادة تأهيل األحداث الجانحين جزءا حیویا من
النظام القانوني واالجتماعي في العديد من البلدان بما في ذلك المغرب ،بحيث أن
العقوبات المتخذة في حق األحداث الجانحين تستند على الجرائم التي ارتكبوها
وتشمل السجن والغرامات والتأديب اإلداري وغيرها بهدف تأديبهم ومنع
ارتكاب المزيد من الجرائم ،في الوقت نفسه تقوم المراكز المتخصصة في إعادة
إدماج األحداث الجانحين بتقديم برامج تأهيلية شاملة تشمل التعليم ،التدريب
المهني و الدعم النفسي واإلجتماعي بهدف تغيير السلوكيات السلبية وتمكين
األحداث من اإلندماج اإليجابي في المجتمع ،ويعتمد نجاح هذه الجهود على
الدعم الشامل بين العديد من الجهات ،بما في ذلك السلطات القضائية والجهات
اإلنفاذية 35والمؤسسات االجتماعية والمجتمع المحلي.
الجهات اإلنفاذية ،هي الجهات المسؤولة عن تنفيذ القوانين واألنظمة في المجتمع ،في السياق القانوني تشمل الجهات 35
اإلنفاذية في المغرب الشرطة الوطنية المغربية والقوات المسلحة المحلية الملكية والسلطة المحلية والقوات الخاصة بحفظ
األمن.
27
المطلب األول :العقوبات المتخذة في حق الجانح المدان
ذهب بعض الفقهاء للقول بأن التدابير التي یواجه بها الحدث الجانح هي
بمثابة وسائل تربية وإصالح وتقويم و لیست من قبيل العقوبات ،فالتدبير هو رد
فعل المجتمع إزاء جريمة الصغير الذي ال ينطوي على معنى اإليالم ،في حين
ذهب البعض اآلخر للقول بأن التدابير التي تطبق على األحداث هي عقوبات
حقيقية ألنها تهدف إلى التأديب واإلصالح وهو هدف مشترك للعقوبات والتدابير
على حد سواء ،وإذا كانت هذه التدابير تخلو من العقاب فما الذي يمنع توقيعها
على الصغار دون السابعة.
فهذه الوسائل والتدابير تعد عقوبات لكنها عقوبات ذات طبيعة خاصة،
يقررها القانون لنوع من المجرمين ،ألن المشرع يرى أنها تحقق أغراض
العقاب بالنسبة لهم لكون هذه العقوبات أو التدابير التي تطبق على األحداث
هدفها األساسي هو العالج ،التربية ،التهذيب واإلصالح من خالل مد المساعدة
للحدث وحمايته ومراقبته من خالل القيام بتدابير تربوية وهو موضوع الفقرة
األولى وأخرى إصالحية سالبة للحرية وهو موضوع الفقرة الثانية.
28
الفقرة األولى :التدابير التربوية
توجد عدة أنواع من التدابير التربوية التي يمكن اتخاذها إثر ارتكاب الحدث
لفعل مخالف للقانون ،لوجوده في حالة خطورة اجتماعية أو خطر اإلنحراف ،و
تتوزع هذه التدابير بين التوبيخ والتسليم و نظام الحرية المحروسة ،و غاية هذه
التدابير هي إبقاء هذا الحدث في محيطه العائلي واإلجتماعي إذا كان صالحا أو
وضعه في بيئة عائلية بديلة ،و في أقصى الحاالت إيداعه بمؤسسة تربوية على
أساس تنشئته تنشئة صحيحة.
أ -التوبيخ:
يقصد بالتوبيخ لوم الحدث على فعل ارتكبه ،وذلك إلثارة انتباهه إلى
خطورة ما ارتكبه من أفعال مجرمة في القانون ،وما قد يترتب عنه من مساوئ
وأضرار ،ومن تم فاختیار العبارات والطريقة التي يتم بها التوبيخ متروك أمره
للقاضي في حدود ترك تأثير إيجابي على الحدث دون أن يكون له انعكاس سلبي
على نفسxيته ، 36كمxا يجب أن يصxدر عن القاضxي شخصxيا في الجلسxة في
مواجهة الحدث وذلك في جلسة حضورية يحضرها الحدث ،حيث ال يعقل أن
يتخذ تدبیر في غياب الحدث ،ويعد التوبيخ أخف أنواع التدابير ،ومن تم فهو
يالئم بعض حاالت الجنوح التي ال تتسم بالخطورة كقضايا المخالفات مثال.37
29
وقد أخذت به التشريعات المعاصرة 38ومن بينها المشرع المغربي الذي
نص على هذا التدبير في الفقرة الثانية من المادة 468من ق .م .ج " في حالة
ثبوت المخالفة يمكن للقاضي أن يقتصر على توبيخ الحدث أو الحكم بالغرامة
المنصوص عليها قانونا".
كما نجد التوبيخ كأحد التدابير المنصوص عليها في المادة 400من ق.م.ج
عن الجنح المرتكبة من طرف الحدث الذي تقل سنه عن 12سنة.
ب -التسليم:
يعد التسليم تدبيرا تربويا يهدف إلى إخضاع الحدث لرقابة شخص له
مصلحة في تهذيبه ويفترض فيه القيام باإلجراءات الهادفة إلى حسن توجيهه
وإرشاده ،وإذا كان التسليم يبدو ألول وهلة كتدبير غير ذي فائدة للحدث الجانح
فهو مع ذلك يبقى التدبير الطبيعي واألكثر مالءمة في حاالت كثيرة ،إذ يتيح
للحدث الفرصة إلعادة التكيف في بيئته الطبيعية دون حواجز تفصله عن
المجتمع.
حيث نصت المادة 481من ق.م.ج على التسليم كأحد تدابير الحماية
والتهذيب ،فالقاضي يقوم بتسليم الحدث ألبويه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو
الكافل له أو لحاضنه أو لشخص جدير أو للمؤسسة أو الشخص المكلف برعايته،
وإذا كان المشرع المغربي هنا لم يحدد شروطا معينة لمن يتسلم الحدث ،فإن
المادة 480تعتبر أن الحدث أقل من 12سنة والمرتكب ألفعال لها صفة الجنحة
تتخذ في حقه المحكمة تدبير التسليم ،ويجب على من يتسلمه التوفر على
المشرع المصري في المادة 101من قانون الطفل لسنة ،1996والمشرع العراقي في المادة 26من قانون األحداث، 38
30
الصفات األخالقية المطلوبة ،وإال فإنه يسلم لشخص جدير بالثقة أو لمؤسسة
مرخص لها ،كما نجد التسليم ضمن تدابير الحراسة المؤقتة المنصوص عليها
في المادة 471من ق.م.ج.
و بخصوص نفقة الحدث أثناء مدة التسليم نحيل على المادة 508من ق .م
ج التي توجب في جميع الحاالت التي سلم فيها الحدث مؤقتا أو نهائيا لغير أبيه
أو أمه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو كافله أو حاضنه ،إصدار حكم تتضمن
تحدید الحصة التي تتحملها األسرة من صوائر الرعاية واإليداع مع مراعاة
مداخيها لكن المشرع المغربي أعفى األسر المعوزة من هذه المصاريف.
أما بالنسبة لمدة التسليم فقد نصت الفقرة األخيرة من المادة 481من ق.م.ج
على أنه يتعين في جميع األحوال أن تتخذ التدابير -ومن بينها التسليم لمدة معينة
ال يمكن أن تتجاوز التاريخ الذي يبلغ فيه عمر الحدث 18سنة ميالدية كاملة،
ونتيجة لألثر اإليجابي لهذا التدبير و نظرا لفعاليته فإن المحكمة االبتدائية بفاس
قضت بهذا التدبير خالل سنة 2007ب 350حكم من مجموع 1443حكما أي
بنسبة ،%25.24وخالل سنة 2008ب 220حكما من مجموع 803حكما أي
بنسبة %40.27
31
لألحداث المطبق عليهم نظام الحرية المحروسة ،حيث أن المشرع المغربي لم
يxأتي بتعريxف نظxام الحريxة المحروسxة ،مxا دفxع الفقxه 39إلى تعريفxه بكونxه " وضxع
الحدث بصفة موقتة أو نهائية تحت مراقبة قضائية تباشر باإلستعانة بمندوبين
دائمين أو متطوعين توكل إليهم مهمة السهر بتنسيق مع أسرة الحدث أو من يقوم
مقامها ،على تصحيح سلوك الحدث وإعادة تربيته وتمكينه من اإلندماج في
المجتمع".
وأثره في حماية الطفولة ،دراسة في ضوء ق.م.ج الجديد ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في األسرة والطفولة،
.2002/2003
40محمد علي جعفر ،األحداث المنحرفون ،ص.538
32
بأحد اإلجراءات التربوية في الوسط المفتوح كإجراء التوبيخ والتسليم إلى
الوالدين أو إلى أسرة بديلة ،حيث أن الحرية المحروسة ال تشكل في جميع
األحوال نوعا من العقوبة فالقاضي یأمر بها بعد توضیح جوهرها لألباء كي
يساهموا في إنجاحها ،لكون القاضي يراعي مجموعة من األمور المرتبطة
بالحدث كالظروف اإلجتماعية و انعدام سوابقه ،حيث جاء في حيثيات حكم
صادر عن المحكمة اإلبتدائية بفاس ...":وحيث أنه ومراعاة لظروف الحدث
اإلجتماعية وانعدام سوابقه ،ارتأت المحكمة في إطار مصلحة الحدث وضعه
تحت نظام الحرية المحروسة لمدة 6أشهر".41
ومن إيجابيات هذا النظام أنه يسمح بترك الطفل في محيطه األصلي ،وال
يلحق األذى بالعالقات العاطفية التي تربطه بعائلته زيادة على ذلك يبقى الطفل
في إطار الظروف الحمائية الحقيقية والواقعية.
33
عن المستشار المكلف باألحداث بمحكمة االستئناف ،أو بمقرر صادر عن إحدى
الهيئات القضائية المشار إليها في المادة 462من ق.م.ج.
ولقد حدد قانون المسطرة الجنائية مهام مندوبي الحرية المحروسة في ما
يلي:
العمل على تجنيب األحداث كل عود إلى الجريمة واقتراح كل تدبير مفيد -
إلعادة تربيته.
مراقبة الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها الحدث. -
ويمارس مندوبو الحرية المحروسة مهامهم بواسطة تقارير ترفع إلى الجهات
القضائية المعنية باألحداث ،وتختلف هذه التقارير من حيث طبيعتها إذ هناك نوعان
من التقارير:
34
تقارير عادية أو دورية :توجه إلى الجهة القضائية المختصة كل ثالثة أشهر -
يبين فيها المندوب كل األعمال التي أجراها خالل هذه المدة ،ويكشف
للقاضي حالة الحدث وتطوره سواء على الصعيد السلوكي أو النفسي أو
االجتماعي أو المادي.
وهناك تقارير فورية :وهي تقارير ترفع إلى الجهة القضائية المختصة في أي -
وقت ،وكلما دعت الضرورة إلى ذلك وخصوصا إذا اعترضت مندوب
الحرية المحروسة صعوبات أو عراقيل أدت إلى عدم قيامه بمهمته على
أحسن وجه ،أو إذا ساءت سيرة الحدث أو تعرض لخطر أو أصبح يعاني من
سوء المعاملة وعموما كلما حصل حادث أو حالة تظهر للمندوب أنها
تستوجب تغييرا في تدابير اإليداع أو الكفالة ،لزمه تقديم تقرير فوري إلى
الجهة القضائية التي عينته.
وحرصا على تحقيق التوازن بين مندوبي الحرية المحروسة والجهات المكلفة
برعاية الحدث ،نص المشرع في المادة 500من ق.م.ج على أنه " :في جميع
الحاالت التي يتقرر فيها نظام الحرية المحروسة ،يعلم الحدث أبواه أو كافله أو
الوصي عليه أو المقدم عليه أو حاضنه أو الشخص أو المؤسسة المكلفة برعايته
بطبيعة هذا التدبير وموضوعه وااللتزامات التي يستوجبها.
وفي حالة وفاة الحدث أو إصابته بمرض خطير أو تغيير محل إقامته أو تغيبه
بدون إذن ،يتعين على األشخاص المذكورين أعاله أو مشغله أن يعلم المندوب بذلك
بدون تأخير.
35
كما أجاز المشرع للقاضي أو للهيئة القضائية التي أمرت بإخضاع الحدث
لنظام الحرية المحروسة ،أيا كان المقرر المتخذ في شأن الحدث ،أن يحكم على
الشخص المكلف برعايته بغرامة مدنية تتراوح بين 200و 1200درهم ،إذا كان
هناك إهمال واضح من جانبه في مراقبة الحدث ،أو عن عراقيل متكررة تحول دون
قيام مندوب الحرية المحروسة بمهمته.
ومما ينبغي ذكره أن تدبير الحرية المحروسة يمكن اتخاذه إما خالل مدة
سريان المسطرة فقط ،وإما إلى غاية بلوغ الحدث 18سنة ،أو إلى حين االطمئنان
على سلوكه".
أولت السياسات الجنائية الحديثة اهتماما كبيرا لإلصالح الذي يأتي نتيجة
الخروقات التي يقوم بها الحدث بالرغم من التدابير التي يكون دورها هو الحد
والتقليل من هذه الخروقات ،وهذه التدابير على الرغم من تعددها إال أن هدفها
واحد أال وهو تأهيل الجانح وإصالحه وهذا ما نص عليه قانون المسطرة
الجنائية من خالل المواد 481 471حيث أعطى المشرع األولوية لتدابير
الحراسة المؤقتة أو تدابير الحماية أو التهذيب.
إال أنه قد ال تؤدي هذه التدابير الهدف المقصود بسبب عدة عوامل متعلقة
إما بالحدث أو بطريقة تطبيق هذا التدبير ،وهذا ما دفع قضاة األحكام باستبدال
36
هذه التدابير والتي قد تبتدئ بعقوبات مالية أو عقوبة حبسية ،فغالبا ما يتم الحكم
بالغرامة في حالة ارتكاب الحدث لمخالفة.
وقد دفعت هذه التدابير لقيام المغرب بنهج سياسة مراکز االصالح والتهديد
التي تم إنشاؤها بمقتضى المادة 12من قانون 98.23المتعلق بتنظيم وتسيير
المؤسسات السجنية باعتبار هذه المراكز تهتم باستقبال الحدث الذي صدرت في
43
حقه تدابير سالبة للحرية.
وتعتبر هذه المراكز مختصة باألحداث الذين ال تتراوح أعمارهم بين 12و
18سنة ،ولقد تم إنشاء ثالثة مراكز بالمغرب لهذا اإل ختصاص بكل من عين
السبع بالدارالبيضاء ومركز علي مومن بسطات ومرکز بسال.
فبالنسبة للعقوبة السالبة للحرية فالحدث الذي يقل سنه عن 12سنة ال يمكن
الحكم عليه بأي عقوبة مالية ،وهذا ما نصت عليه المادة 468من ق.م.ج " :ال
يمكن لقاضي األحداث أن يحكم على الحدث الذي لم يبلغ الثانية عشر من
عمره ،بل يتخذ في حقه التسليم ألبويه او لحاضنه او الوصي عليه أو المقدم عليه
أو كافله أو المؤسسة أو الشخص المعهود إليه رعايته".
أما بالنسبة للحدث الذي يتجاوز سنه 12سنة ،فحسب المادة 468من
قانون المسطرة الجنائية يحق للقاضي في حالة ثبوت مخالفة فىي حقه أن يقوم
بتوبيخه أوالحكم عليه بالغرامة.
كما يمكن لقاضي األحداث أن يحكم بالعقوبة السالبة للحرية إذا تبين له أنه
ال مجال إلصالح الحدث إال باتخاذ هذه التدابير ،فلجوء القاضي لهذه التدابير ما
43مجلة المنلرة للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد خاص ،شتنبر ،2018ص .131
37
هو إال استثناء وهذا ما أكدته المادة 482من ق.م.ج" :يمكن للمحكمة بصفة
استثنائية أن تعوض أو تكمل التدابير بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة لألحداث
الذين تتراوح أعمارهم بين 12و 18سنة".
فهذه العقوبات بالرغم من أنها مخففة ،إال أنها تعتبر قاسية بالنسبة للحدث،
هذا ما دفع المشرع للقيام بوضع حدود لهذه العقوبات ،وذلك لتجنب ضياع
حقوق األحداث ،حيث اشترط المشرع على المحكمة تعليل حكمها بأي تدبير
تعليال مقنعًا وكافيا موضحا األسباب التي دفعته للحكم على الحدث بتدبير العقوبة
السالبة للحرية مكان التدابير التهذيبية وال يعرض حكمها لإلبطال.
38
في حين جاء في القرار الصادر عن المجلس األعلى في المادة الجنائية أنه:
" يحكم قاضي األحداث على الحدث الذي لم يبلغ 16سنة بالحبس بسبب هتك
44
العرض بالعنف والسرقة من غير تعليل وذلك بصورة خاصة".
األصل هو الحكم على الحدث بتدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في
المادة 481من قانون المسطرة الجنائية ،وإذا ما قررت غرفة األحداث استثناء أن
تعوض أو تكمل هذه التدابير بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة للحدث الجانح الذي يقل
عمره عن 18سنة نظرا لظروفه أو شخصيته ،فإنه يشترط أن تعلل مقررها بهذا
الخصوص.
نقض وإحالة.
حيث إن طالب النقض كان يوجد رهن اإلعتقال خالل األجل المضروب لطلب
النقض فهو معفى بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 530من قانون المسطرة الجنائية
من اإليداع المقرر بالفقرة األولى من نفس المادة.
44قرار المجلس األعلى في المادة (الجنائية ،منشورات تنمية البحوث والدراسات القضائية ،ص – 106الرباط.
45
39
بواسطة محام مقبول للترافع أمام المجلس األعلى خالل 60يوما من تاريخ تسجيل
الملف بها.
وحيث إن الطاعن الذي لم يتسلم نسخة من المقرر المذكور ،لم يقم بإيداع
المذكرة رغم مرور 60يوما عن تسجيل الملف بكتابة ضبط المجلس األعلى
بتاريخ ، 2011/3/1إال أن الفقرة الثالثة من المادة المذكورة تجعل من تقديم تلك
المذكرة إجراء اختياريا في قضايا الجنايات بالنسبة للمحكوم عليه طالب النقض
دون سواه.
وحيث إن الطاعن المحكوم عليه من أجل جناية فهو غير ملزم باإلدالء
بالمذكرة.
وحيث كان الطلب عالوة على ذلك موافقا لما يقتضيه القانون ،فإنه مقبول
شكال.
وفي الموضوع:
في شأن الوسيلة المثارة تلقائيا من طرف المجلس األعلى والمتخذة من نقصان
التعليل الموازي النعدامه.
حيث إنه بمقتضى الفقرة 8من المادة 365والفقرة 3من المادة 370من
القانون المذكور ،فإن كل حكم أو قرار يجب أن يكون معلال من الناحيتين الواقعية
والقانونية وإال كان باطال.
40
وحيث تنص الفقرة 1من المادة 482من نفس القانون على أنه« :يمكن لغرفة
األحداث بصفة استثنائية ،أن تعوض أو تكمل التدابير المنصوص عليها في المادة
السابقة بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة لألحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 12و
18سنة ،إذا ارتأت أن ذلك ضروري نظرا لظروف أو لشخصية الحدث الجانح
وبشرط أن تعلل مقررها بخصوص هذه النقطة .وفي هذه الحالة يخفض الحدان
األقصى واألدنى المنصوص عليهما في القانون إلى النصف.
وحيث إن المحكمة المطعون في قرارها لما أثبتت أن الحدث كان ال يبلغ 18
سنة كاملة أثناء الواقعة المتابع من أجلها ،وأدانته من أجل جناية السرقة المقرونة
بالسالح والضرب والجرح العمدي بالسالح وخفضت الحد األدنى للعقوبة عن
الجريمة األشد عللت سبب رفع العقوبة من 3سنوات إلى ،5وقفزت على األصل
الذي هو الحكم على الحدث بتدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في المادة
481من قانون المسطرة الجنائية إلى اإلستثناء ،وهو الحكم بعقوبة سالبة للحرية
دون اإللتزام المقرر قانونا بتعليل مقررها بخصوص ذلك ،األمر الذي يكون معه
قرارها الصادر على النحو المذكور مشوبا بعيب نقصان التعليل الموازي النعدامه
وهو ما يعرضه للنقض واإلبطال".
41
المطلب الثاني :المراكز الخاصة باألحداث الجانحين واإلكراهات التي
تواجهها
في إطار الجهود الرامية إلى تجاوز العقوبات السالبة للحرية وآثارها
السلبية على األحداث نظرا لما يحظى به هذا األخير أي الحدث من عناية من
طرف كل التشريعات واالتفاقيات الدولية التي تسعى إلى حماية األطفال ،وكذا
القانون 15-12المتعلق بمحاكم األحداث الذي تم تبنيه لتعديل وتتميم القانون
الجنائي وقانون المسطرة الجنائية ،ما دفع المغرب باعتباره من الدول المشاركة
في االتفاقية الدولية لحماية الطفل على اتباع نهج يفضي إلى اإلصالح من خالل
إعادة إدماجهم وتربيتهم في مراكز متخصصة توفر لهم كل ما يحتاجونه من
تعليم وتدريب مهني و تهذيب لتحقيق غاية الدولة من هذه المراكز والمتمثلة في
إصالح المجتمع والحفاظ على أمنه واستقراره ،وفي الوقت نفسه إعادة تأهيل
األحداث ليصبحوا فاعلين داخل المجتمع.
وفي شأن المسؤولية الجنائية لألشخاص عموما نص الفصل 138على أن "الحدث الذي لم يبلغ اثنتي عشرة سنة كاملة 46
يعتبر غير مسؤول جنائيا النعدام تمييزه ال يجوز الحكم عليه إال طبقا للمقتضيات المقررة في الكتاب الثالث من القانون
المتعلق بالمسطرة الجنائية كما نص الفصل 139على أن الحدث الذي أتم اثنتي عشرة سنة ولم يبلغ الثامنة عشرة يعتبر
مسؤوال مسؤولية جنائية ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه .يتمتع الحدث في الحالة المذكورة في الفقرة األولى من هذا الفصل
بعذر صغر السن وال يجوز الحكم عليه إال طبقا للمقتضيات المقررة في الكتاب الثالث من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية،
بينما نص الفصل 140على أنه يعتبر كامل المسؤولية الجنائية كل شخص بلغ سن الرشد بإتمام ثمان عشرة سنة ميالدية
كاملة.
42
عدیم المسؤولية أو ناقصها ،وهنا يطرح التساؤل حول التدبير أو اإلجراء
الالزم اتباعه في حالة ارتكاب القاصر أو الحدث لجنحة أو جناية ،ونظرا
للجهود المتواصلة التي قام بها المشرع المغربي ،تم تقديم حلول لهذه اإلشكالية،
وتتضمن هذه الحلول إحداث مراكز متخصصة إلعادة إدماج وتربية هذه الفئات
الضعيفة داخل المجتمع لكونها تتميز بعدم اإلدراك وعدم الوعي الكافي وعدم
التمييز بين األفعال الخيرة والسيئة باإلضافة إلى مجموعة من العوامل المساهمة
في ارتكاب األحداث لجنح و جنایات من بينها المحيط الذي ترعرع فيه الطفل،
وكذا المخدرات التي أصبحت منتشرة بين المراهقين نظرا لسهولة الحصول
عليها ،باإلضافة إلى قيمتها المادية التي أصبحت في متناول الجميع ،وباعتبار
أطفال اليوم هم شباب المستقبل ورجاله عملت كل سلطات الدولة المغربية
وتضامنت كل أطرها على تحسين وإصالح المجتمع من خالل المراكز المهتمة
بإعادة تربية األحداث ،ومن بين هذه المراكز نجد مراكز حماية الطفل المتواجدة
في الرباط.47
43
تهدف المراكز المتخصصة في إعادة التربية لألحداث القاصرين الذين
تتراوح أعمارهم بين 12و 18عاما الذين ارتكبوا أعماال إجرامية جنائية يعاقب
عليها القانون إلى:
وتتحقق هذه األهداف من خالل اعتماد أساليب ومنهجية عمل يتعامل بها
المربون العاملون بمراكز حماية الطفل قصد ضمان كفاءة وفعالية واتساق
العمل التربوي تجاه القاصرين ،حيث يتوفر القسم على مهنيين معينين
متخصصين وينظمون اجتماعات دراسية من أجل تحسين وإتقان األساليب
التربوية والنفسية في مجال حماية الطفل ،وتشتمل مراکز حماية الطفولة على
بنیات استقبال متعددة حيث تتوفر هذه المراكز على فضاءات اإلقامة وتضم
مرافق جماعية للنوم وقاعات لألكل ،ومرافق للنظافة واإلستحمام وفضاءات
التكوين كما تضم مجموعة من األقسام للدروس النظرية الخاصة بالتخصص
المهني و أقساما دراسية وأقساما للتعليم غير النظامي ،إضافة إلى فضاءات
44
تربوية للتنشيط والترفيه ومالعب رياضية لمزاولة األنشطة الرياضية في
الهواء الطلق.
تتألف مراكز حماية الطفولة من فرع المالحظة وفرع إعادة التربية 48وفي
القسم األول يودع األحداث بصفة مؤقتة ،من أجل دراسة شخصية كل منهم
وتشخیص الصعوبات النفسية و اإلجتماعية التي يعانون منها ،كما يتم تجميع
المعلومات المتعلقة بالوسط العائلي و اإلجتماعي الذي عاش فيه الحدث
والتقصي حول سوابقه الصحية والسلوكية قبل جنوحه ،وتحليل المعلومات و
المعطيات المتوصل إليها من قبل أخصائيين والذين توكل إليهم مهمة تحديد
المقترح المالئم للحدث موضوع المالحظة ،وتقديم هذا المقترح للجهات
القضائية قصد اتخاذ التدبير القضائي المناسب لفائدة الحدث سواء بإرجاع
الحدث إلى عائلته أو إلحاقه بمراكز حماية الطفولة (اإلصالحيات) في الجنحة
المرتكبة بحيث يتوقف إعادة الحدث إلى عائلته على التقرير الذي يقدمه الطاقم
التربوي المشرف على الحالة ،فبعد تشخيص حالة الحدث يقترح المشرفون
األخصائيون على القضاء إرجاع الحدث لعائلته إذا توافرت جملة من الشروط
أهمها عدم خطورة الجنحة المرتكبة من طرف الحدث ،وعدم وجود اهتمام
األسرة بالحدث وقدرتها على تلبية الحاجيات األساسية له .
أما إلحاق الحدث بمراكز حماية الطفولة إلى حين أن يبلغ سن الرشد و من
ثم ترحيله إلى السجن فيتم هذا اإلجراء في حالة خطورة الجنحة المرتكبة من
لدن الحدث ووجود وسط عائلي متفكك أو غير تربوي وغياب اهتمام األسرة
بابنها أو عجزها على تلبية حاجياته األساسية ،كما تتم إحالة الحدث على نظام
48المغرب يتبنى قوانين لتقويم سلوك الجانحين 19أكتوبر www.aletihad.ae 20:32 2010
45
الحرية المحروسة و يستدعي اقتراح هذا التدبير عدم خطورة الجنحة المرتكبة
من لدن الحدث ورغبة األسرة في إرجاع ابنها ،و توافر وسط عائلي تربوي
وقدرة األسرة على تلبية الحاجيات األساسية للحدث ورغبة الحدث في الرجوع
ألسرته .وفي فرع إعادة التربية يتم إجراء الفحص الطبي للحدث و اختبارات
لمعرفة مستواه الدراسي أو الذهني وتتبعه في كل األنشطة التربوية والرياضية
و مالحظة سلوكه.
ويستقبل فرع إعادة التربية كل األحداث الذين تبين خالل إقامتهم بفرع
المالحظة ،أنهم في حاجة إلى الحماية واإلصالح وتقويم السلوك ،وتتم إحالتهم
لهذا الفرع بموجب تدبير قضائي الهدف منه اكتساب الحدث قواعد النظام والقيم
اإلجتماعية والتدرب على الحياة داخل الجماعة وتمتد الروابط بين الحدث
ووسطه العائلي.
46
وجه األطفال الذين غادروا مراكز إعادة التربية حيث واصلوا دراستهم أو
تكوينهم المهني إلى أن حصلوا على دبلوم أو شهادة لكنهم مع ذلك ما زالوا في
أمس الحاجة إلى مرحلة انتقالية بين نظام الحياة في المركز الذي كانوا فيه ،وبين
الحياة في الوسط الطبيعي الذي يمكن أن يرجعوا إليه عند إتمام مدة التدبير
المقرر في حقهم ،هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإن أندية العمل اإلجتماعي
يمكن أن يحال عليها األحداث مباشرة من مراكز المالحظة في الحاالت التالية:
إذا كانت حالة الحدث تتطلب مدة قصيرة إلدماجهن جديد في المجتمع وكان -
عمره يبلغ 17سنة.
إذا كان الحدث يتابع دراسته بإحدى المدارس الثانوية أو استفاد من تكوين -
مهني خارج المؤسسات ويتطلب مدة قصيرة لتعويده على الحياة العملية.
وتتميز أندية العمل اإلجتماعي بكونها مؤسسات شبه داخلية ،تتواجد قرب
أماكن العمل ،49وترمي إلى تحقيق جملة من األهداف منها:
مساعدة األحداث على تتميم تكوينهم المهني ،وتنمية مداركهم الفنية. -
تمكين األحداث المتمدرسين من متابعة دراستهم في أحسن الظروف وضمان -
عدم انقطاع الطفل عن المدرسة نظرا لما قد يترتب عن ذلك من عواقب
وخيمة على مستقبله المهني والشخصي والعائلي.
تهييء الحدث نفسيا ومهنيا لإلنخراط في المجتمع والعودة إلى محيطه -
بعادات سلوكية ومهنية ونفسانية جديدة.
47
استقراء سلوك الحدث وردود أفعاله وكيفية تعامله ،ودرجة اندماجه قبل -
إطالق سراحه واسترجاعه لحريته بصفة تامة ،لمعرفة مدى قدرته على
اإلنضباط للواجب اإلجتماعي في الحياة العملية.
تعويد الحدث على اإلعتماد على النفس والمبادرة والقدرة على اإلنتاج بدل -
الركون إلى أساليب اإلتكال والالقانون في تحقيق ذاته والوصول إلى غاياته.
والمالحظ أن أندية العمل اإلجتماعي قد تراجع دورها نسبيا بعد إحداث ما
يسمى بأندية ما قبل الخروج والتي سنتحدث عنها ال حقا ،ولهذا فقد تم إغالق نادي
العمل االجتماعي بمكناس رغم سعة جهة مكناس تافياللت وحاجتها الماسة إلى هذا
النادي ،بحيث أصبحت المحكمة القضائية بمكناس تحيل األحداث المحكومين لديها
على نادي العمل اإلجتماعي في فاس.
المراحل التي يقطعها الحدث عند إحالته على المؤسسات التابعة لمصلحة حماية الطفولة:
األسرة
48
المحكمة أو وكيل الملك أو
قاضي األحداث
مصالح الحرية
مراكز حماية الطفولة المحروسة
-فترة المالحظة.
-فترة التوجيه.
أندية العمل
االجتماعي أندية ما قبل الخروج
49
الفقرة الثانية :اإلكراهات والواقع الحالي لمراكز إعادة تربية األحداث بالمغرب
خولت المواد 486 481و ,489 ,492و 493من قانون المسطرة الجنائية
للمستشار المكلف باألحداث والهيئات التي تبت في قضايا األحداث وتتخذ تدبيرا من
تدابير الحماية والتهذيب الواردة في المادة 481والتي تم التطرق لها في المطلب
الخاص بالتدابير المتخذة في حق الحدث الجانح ،فحين تنتهي مسطرة محاكمة
الحدث الجانح بمقرر يقضي بإدانته ،تبدأ مرحلة جديدة وهي ما بعد محاكمة الحدث
الجانح والمتمثلة في إيداعه بمراكز اإلصالح و التهذيب.
فالمؤسسة السجنية لم تستطع القيام بمهمتها األساسية التي وجدت من أجلها أال
وهي العمل على الحد و الوقاية من الجريمة وتحقيق اإلندماج اإلجتماعي لألحداث
المنحرفين في المجتمع.
وذلك لكون السجون لم تعد ذات فاعلية في تقويم المنحرفين وذلك راجع إلى
مجموعة من العوامل كاإلكتظاظ وهو ما أكدته دراسة حديثة عن وضعية السجناء
51
وأشارت إلى أنه رغم اإلرادة الحسنة والجهود المبذولة األحداث بالمغرب
للنهوض بمراكز إعادة التربية واإلدماج إال أن ظاهرة اإلكتظاظ تحد من فعالية
50محمد بنبراهيم ،01.01.2014مجلة الحكمة للدراسات االجتماعية volume 2, numero 3, page 260-280
51سفیان رازق 11أكتوبر 14:00 2023دراسة ترصد وضعية السجناء األحداث بالمغرب ،العمق المغربي.
50
اإلجراءات المتخذة في مجال رعاية األحداث حيث أن لهذه األخيرة تأثير كبير على
جودة الخدمات المقدمة لألطفال وكمثال على ذلك نشير إلى إصالحية عين السبع
بالدارالبيضاء ،حيث كان عدد النزالء بها حين تمت زيارتها سنة 2023من طرف
لجنة إعداد الدراسة 916نزيال في حين أن طاقتها اإلستيعابية ال تتعدى
، 688وأشار المصدر ذاته أنه قد حدث وأن تم إيداع أزيد من 320حدثا خالل شهر
واحد نتيجة ألحداث شغب إثر مباريات في كرة القدم األمر الذي تكون له انعكاسات
على الخدمات التي تقدمها المؤسسة.
كما تعاني مراكز اإلصالح والتهذيب من خصاص األطر التي لها تكوين
خاص لضمان اإلشراف التربوي والنفسي للقاصرين ،داعية إليالء اهتمام خاص
لتكوين العاملين في مثل هذه المؤسسات على التكفل باألطفال من خلفيات متنوعة،
خاصة أنهم من يقدمون الرعاية الصحية و يمارسون التعليم ويقومون ببرامج
األنشطة و المسابقات الوطنية وكذا الدعـم الروحي والتربوي ،وفي هذا السياق
يرى بعض الباحثين أن السجن كعقوبة لم يؤت ثماره وأنه قدم من برامج وأنشطة
فإن تأثيره على النزالء يبقى محدودا و غیر مجد في إصالحهم وإعادتهم أسوياء
للمجتمع ،ألن وظيفة السجن ال تعدو أن تكون وسيلة للترهيب في حين تراهن
طائفة أخرى على مواكبة المؤسسات السجنية لصيرورة التطور الذي تشهده
المجتمعات ،وأن اعتماد األساليب التقويمية ،الممنهجة سوسيولوجيا ،تربويا ،ثقافیا،
تکوینیا حقوقیا یمکن أن يؤتي أكله بالتدرج في مجال تصحيح اإلعوجاجات
واإلختالفات وتغيير المفاهيم البالية ،إذ تكتسي مسألة النهوض بواقع المؤسسات
السجنية مظهرا من مظاهر األلفية الثالثة التي يجب كسبها.
51
فمراكز اإلصالح والتهذيب تعاني من إكراهات عدة تحول دون أدائها للدور
الذي أحدثت من أجله ،فلئن كان يحسب للمشرع المغربي تبنيه للمقاربة التأهيلية
اإلصالحية حماية للحدث و سعيا لبلوغ العدالة الجنائية لألحداث إال أن الواقع يثبت
وجود مجموعة من المعيقات الحائلة دون النجاح المنتظر من دور هذه المؤسسات.
على الرغم من التقدم المحرز ال يزال قطاع حماية الطفل يواجه تحديات
كبرى وإكراهات تعرقل حماية الطفل بالشكل المرغوب ،وبالتالي تحد من
تكريس اختصاصات هذه المراكز التي تساهم في إعادة إدماج وتأهيل األطفال
داخل المجتمع بحيث يقدر عدد الذين يعيشون في مؤسسات الرعاية بنحو
100000طفل ،إال أن هذه المؤسسات تعاني عموما من عدة اختالالت
وإكراهات لعل أبرزها :
52
-كما أن نظام التبني ال يخضع لرقابة كافية ،وقد ال يتم تسجيل األطفال
المولودين خارج إطار الزواح عند الوالدة أو يتم التخلي عنهم أو إيداعهم
بإحدى عين مؤسسات الرعاية.
-عدم أخذ ضرورة قرب المراكز من محل سکن األطفال بعين
اإلعتبار.52
-التباينات الكبيرة بين المراكز فيما يخص النزالء.
-عدم خضوع المراكز للمعايير الدولية المعتمدة في مجال اإلستقبال
والتكفل باألطفال (المعايير المتعلقة بالبيانات والتجهيزات و نوعية التأطير
وسالمة وحماية األطفال)
-عدم خضوع المراكز لمراقبة منتظمة من قبل اإلدارة الوصية.
-ظروف العيش (اإلقامة النظافة والتغدية )ال تضمن الحقوق الساسية
لألطفال.
-عدم ضمان الحق في الصحة والسالمة البدنية والحماية من كافة
أشكال العنف واإلستغالل ،وكذا الحق في إعادة تربية مناسبة وفي المشاركة
وحق األطفال في اإلنصات إليهم وحمايتهم ومساعدتهم قانونيا طوال
المسلسل القضائي.
-كما تهم تلك اإلختالالت تعرض األطفال المودعين للعقوبات البدنية
والشتم واإلهانة.
-عدم احترام حق األطفال في اللجوء إلى آليات للتظلم طبقا للمعايير
الدولية المعمول بها.
52الدكتورة جوهرة بو سجادة 07.12.2001ورقة بحثية .الواقع المؤلم لمراكز حماية الطفولة بالمغرب.
53
-عدم تفعيل عملية تتبع األطفال في الوسط الطبيعي خالل مرحلة ما
بعد مغادرتهم للمراكز وهو ما يمس بحق الطفل في إعادة إدماجه
اإلجتماعي.
-غياب سياسة أسرية ( دعم نفسي -اجتماعي دعم سوسيو اقتصادي،
مساعدة على األبوة) وغياب تدابير بديلة إليداع األطفال في
المراكز( صعوبة الحصول على الكفالة و غیاب مقتصیات مقننة ألسر
االستقبال).
-عدم تنزيل نص قانوني ينظم مقتضيات مراكز حماية الطفولة.
54
خاتمة:
من خالل تتبعنا لمختلف المراحل التي تمر منها محاكمة األحداث
الجانحين ،خلصنا الى أن المشرع المغربي سار على نفس نهج اإلتفاقيات
الدولية ،بحيث شهد هذا النهج المتبع في الوقاية من الجنوح ومعالجته تطورا
متناميا على مستوى الفكر والعمل الدولي والوطني ،وهو تطور يهدف دون
أدنى شك إلى ضمان مقومات الرعاية المتكاملة لألحداث و لوقايتهم من الجنوح
وتوفير أفضل الوسائل الممكنة لمعالجة الجانحين منهم ،مع الحفاظ على سالمة
تكوينهم وحقوقهم اإلنسانية ،وعلى الرغم من تتبع المشرع المغربي هذا النهج
الصائب ،إال أن هناك بعض المعايير التي تختلف من مجتمع آلخر والتي
يستحسن أن يأخدها المشرع بعين االعتبار ،كالمستوى االقتصادي والمعيشي
ألسر األحداث الجانحين (الدخل -المستوى التعليمي )...
إن المشرع المغربي أقام تشريعاته الخاصة بمساءلة األحداث على أساس
إصالحي وتربوي يهدف إلى إصالح الحدث وتقويمه وإعادة إدماجه في المجتمع
ليكون عنصرا فعاال ونافعا ،ولكن لم يفرد لألحداث قانونا خاصا بهم وإنما وضع
مجموعة من األحكام الشكلية الخاصة وأورد األحكام الموضوعية الخاصة بهم في
مجموعة القانون الجنائي بالفصول ( ) 140 - 138والفصل ( . )162وعلى الرغم
من أن الهيئات القضائية تعمل كل ما في جهدها لتحقيق الغاية المنشودة من تقرير
الحماية لألحداث الجانحين رغم كل الصعوبات ،فإنه يتوجب العمل على تحقيق ما
يلي (التوصيات):
55
-عدم إيداع األحداث باإلصالحيات إال في حالة عدم وجود بديل.
-تنصیب محاكم خاصة باألحداث.
-نشر الوعي بين اآلباء واألمهات حول المشاكل الصحية والنفسية
واإلجتماعية التي يتعرض لها األحداث وطرق معالجتها .
-اإلكثار من البرامج التثقيفية والترفيهية المناسبة لألحداث.
-وضع سياسات من شأنها أن تكفل تنشئة األحداث في بيئة أسرية
متزنة ومستقرة ،وتزويد األسر التي تحتاج المساعدة بالخدمات الالزمة
لتسوية أوضاعها الداخلية.
-إقامة وتعزيز منظمات الشباب على المستوى المحلي ،ومنحها مركز
المشارك الكامل في إدارة شؤون المجتمع المحلي ،بحيث تسهر على تنظيم
المشاريع التي تستهدف تقديم المساعدة لألحداث الجانحين.
نتمنى أن نكون قد وفقنا في إنجاز هذا البحث ولو قليال ،وإن كان هناك
نقص أو تقصير فألننا في بداية مجال البحث العلمي ،ونرجوا من هللا أن يوفقنا
إلى ما هو أفضل.
56
الئحة المراجع:
الكتب:
-أحمد الخمليشي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،مكتبة
.1990
57
النصوص القانونية:
المواثيق الدولية:
-قواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا إلدارة شؤون األحداث( قواعد
20نونبر .1989
القرارات:
-قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ .13/5/1998
58
-قرار المجلس األعلى في المادة الجنائية منشورات تنمية البحوث
59
الفهرس
الشكر1............................................................................................ :
اإلهداء 1............................................................................................
60