Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 62

‫بحث لنيل شهادة اإلجازة في القانون الخاص‬

‫تحت عنوان‬

‫املركز القانوين لأل حداث يف ادلعوى العمومية‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطلبة‪:‬‬

‫الغالي الغيالني‬ ‫فاطمة بوازيض‬


‫نور الهدى بنصغير‬
‫حفصة بنطاطا‬

‫الجامعية‬
‫اجلامعية‬ ‫السنةسنة‬
‫ال‬
‫‪2023/2024‬‬
‫‪2023/2024‬‬
‫الشكر‪:‬‬

‫نشكر هللا وافر الشكر على توفيقه لنا وأعاننا على إتمام هذا البحث العلمي‪ ،‬فاللهم لك‬
‫الحمد كما ينبغي لجالل وجهك وعظيم سلطانك ‪،‬كما نتقدم بشكر خاص مرفوقا‬
‫بخالص اإلحترام والتقدير لألستاذ الغالي الغيالني‪ ،‬الذي له دور كبير في هذا البحث‬
‫على الرغم من كثرة انشغاالته إال أنه لم يبخل علينا بالنصائح والتوجيهات ‪،‬فنعم‬
‫األستاذ الذي يجمع بين الكفاءة والتواضع‪،‬فأطال هللا في عمره وجعله نبراسا للعلم‬
‫والمعرفة لتتكون على يده األجيال‪.‬‬

‫كما نتقدم بجزيل الشكر إلى كل من مدوا لنا يد العون والمساعدة في إخراج هذا‬
‫البحث على أكمل وجه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اإلهداء‬

‫بكل امتنان و تقدير نهدي بحثنا هذا إلى من أوصى هللا بهما خيرا وأمر أن‬
‫نخفض لهما جناح الذل من الرحمة ‪.‬‬

‫إلى الوالدين العزيزين‪.‬‬

‫إلى جميع اإلخوة واألخوات وكل أفراد العائلة‬

‫إلى جميع األساتذة األجالء‪ ،‬وخاصة األستاذ‬

‫الغالي الغيالني لما أسراه لنا من نصائح وتوجيهات‬

‫إ لى األصدقاء الذين جمعتنا بهم دروب الدراسة وكانوا رمز العون والوفاء‬

‫إلى كل طالب للعلم والمعرفة‬

‫إلى كل هؤالء‪ ،‬نهدي ثمرة هذا العمل ‪.‬‬

‫وهللا ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الئحة المختصرات‪:‬‬

‫ق‪.‬م‪.‬ج‪ :‬قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫م‪.‬ش‪ :‬المشرع المغربي‪.‬‬

‫ص‪ :‬صفحة‪.‬‬

‫ط‪ :‬طبعة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫لقد اهتمت معظم الشرائع السماوية بالطفل وأولته عناية خاصة‪ ،‬وأخذت‬
‫الشريعة اإلسالمية دورا في تكريم اإلنسان عموما‪ ،‬و الطفل خاصة منذ مرحلة‬
‫الصغر إلى مرحلة البلوغ‪ ،‬إذ يعرف في القانون الجنائي بالطفل الحدث باعتباره‬
‫اللبنة األولى التي ينبني عليها المجتمع‪ ،‬بحيث أن رقي الحضارات وتطورها نحو‬
‫األفضل يكون بالبناء الصحيح و السليم لهذه النواة بتسخير كل اإلمكانيات المادية‬
‫والمعنوية‪ ،‬إذ تضمن للطفل حقوقه األساسية في الحياة والنمو والسالمة واألمن‬
‫واألسرة والتعليم والتعبير والمشاركة والحماية والتقاضي‪.‬‬

‫ساهمت إتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن األمم المتحدة بإخضاع الدول التي‬
‫صادقت عليها بتنفيذ مقتضيات هذه اإلتفاقية‪ ،‬ومن بين هذه الدول المغرب الذي بذل‬
‫مجموعة من المجهودات من خالل وضع ترسانة قانونية تعنى بحماية هذه الفئة‬
‫الضعيفة‪ ،‬وإحاطتها بسياج من الحماية لكل األفعال التي يمكن أن تطالها‪ ،‬استنادا‬
‫إلى مبادئ العناية والتكريم الذي أقرتها الشريعة اإلسالمية للطفل والمواثيق‬
‫والمعاهدات التي صادقت عليها المملكة‪.‬‬

‫أولى المشرع المغربي عناية شاملة للحدث مقارنة بالراشد و ضاعف هذه‬
‫العناية في حالة ارتكاب الحدث لفعل جانح في إطار المسؤولية الجنائية‪ ،‬وعرفت‬
‫هذه األخيرة مجموعة من التطورات خالل عدة مراحل ‪:‬‬

‫أ‪ -‬قبل الحماية‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫كانت الدولة المغربية تطبق األعراف والشريعة اإلسالمية ‪.‬‬

‫ب‪ -‬أثناء الحماية‪:‬‬

‫صدر أول نص تشريعي بالمغرب ينظم المسؤولية الجنائية لألحداث سنة‬


‫‪ 1925‬بمنطقة طنجة الدولية‪ ،‬وفي ‪ 19‬يناير ‪ 1939‬صدر نص تشريعي آخر في‬
‫منطقة الحماية الفرنسية‪ ،‬حيث جاء متضمنا لإلجراءات التي يجب مراعاتها عند‬
‫النظر في وصايا األحداث المحالين على المحاكم العصرية وفي ‪ 20‬شتنبر ‪1953‬‬
‫صدر بنفس المنطقة ظهير جديد ينص على أنه ال يجوز أن يحال أي حدث لم يبلغ‬
‫‪ 18‬سنة على المحاكم الزجرية‪.‬‬

‫وفي ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1953‬صدر القانون الجنائي المغربي الذي اشتمل على‬


‫مقتضيات خاصة باألحداث المغاربة‪ ،‬وحدد سن الرشد الجنائي ما بين ‪ 13‬و‬
‫‪16‬سنة وتخفيف العقوبة لألحداث ما بين ‪ 16‬و ‪ 18‬سنة‪.‬‬

‫ت‪ -‬بعد الحماية‪:‬‬

‫بعد الحماية‪ ،‬صدر قانون المسطرة الجنائية في ‪ 10‬فبراير ‪ 1959‬الموافق‬


‫لفاتح شعبان ‪ ،1378‬وتضمن كل النصوص والمقتضيات الخاصة باألحداث وذلك‬
‫في الكتاب الثالث من هذا القانون تحت عنوان قواعد خاصة بالمجرمين األحداث‬
‫حيث قضى من خالله المشرع المغربي على كافة الفوارق واإلمتيازات التي كان‬
‫يتمتع بها األحداث األجانب عن أقرانهم المغاربة‪ ،‬ثم صدر ظهير اإلجراءات‬
‫االنتقالية ل‪ 28‬شتنبر ‪ 1974‬المعدل لقانون المسطرة الجنائية لسنة ‪ 1959‬والذي‬
‫نص فى مجموعة من التغييرات المتعلقة بمؤسسات قضاء األحداث‪ ،‬ثم قانون‬
‫المسطرة الجنائية ل‪3‬أكتوبر ‪ 2002‬الذي خصص الكتاب الثالث منه لألحداث و‬

‫‪4‬‬
‫إجراءات محاكمتهم كما أورد نصوصا قصد بها حماية األطفال ضحايا الجنح‬
‫والجنايات ونص على التدابير المقررة للعالج والوقاية من اإلنحراف‪.‬‬

‫‪ ‬أهمية الموضوع‪:‬‬

‫تكمن أهمية هذا الموضوع في اإلهتمام البالغ الذي أصبح يعطى لألحداث‬
‫الجانحين في مراحل الدعوى العمومية‪ ،‬ولقد سار المشرع المغربي على هذا‬
‫اإلتجاه عن طريق نهجه لمجموعة من اإلجراءات‪ ،‬تبتدئ بمرحلة البحث‬
‫التمهيدي وتنتهي بمرحلة المحاكمة‪ ،‬مرفقة بتدابير تربوية وتهذيبية والعقوبات‬
‫التي تعتبر نسبيا خفيفة لألحداث‪ ،‬كما تكمن هذه األهمية أيضا في معرفة مدى‬
‫نجاعة فعالية هذه التدابير و العقوبات المتبعة في هذا المجال‪ ،‬خاصة أن خطورة‬
‫الحدث الجانح ال تنعكس على المجتمع الذي يعيش فيه فقط ‪ ،‬بل يؤثر كذلك على‬
‫المنظومة القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية المتواجدة في هذا المجتمع‪.‬‬

‫لهذا قام المجتمع الدولي لهذه الظاهرة‪ ،‬وأصدر العديد من القرارات‬


‫واإلتفاقيات الدولية العامة والخاصة‪ ،‬التي تكفل الحماية والعناية والرعاية‬
‫لألحداث ونذكر منها ‪:‬‬

‫قواعد األمم المتحدة النموذجية إلدارة شؤون قضاء األحداث (قواعد‬ ‫‪-‬‬
‫بكين‪.)1985‬‬
‫قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة لسنة ‪ 1985‬بشأن منع جنوح‬ ‫‪-‬‬
‫األحداث‪.‬‬
‫إتفاقية حقوق الطفل الصادرة بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 125/44‬لسنة ‪.1989‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ ‬إشكالية البحث‪:‬‬

‫تتمحور إشكالية الدراسة في مجموعة من النقط األساسية التي سنتطرق‬


‫فيها لمراحل الدعوى العمومية لألحداث الجانحين‪ ،‬والدور الذي ستلعبه التدابير‬
‫والعقوبات في عملية تأصيل وإدماج األحداث‪ ،‬وهذا ما يدفعنا إلى طرح التساؤل‬
‫اآلتي ‪:‬‬

‫هل نجحت الترسانة القانونية المغربية في إعطاء اإلمتياز لألحداث في‬


‫الدعوى العمومية؟‬

‫وينبثق من هذا السؤال الجوهري جملة من األسئلة الفرعية التي تتمحور‬


‫أساسا حول‪:‬‬

‫‪ -‬ما دور المشرع المغربي واإلتفاقيات الدولية في حماية األحداث خالل‬


‫مراحل الدعوى العمومية ؟‬
‫‪ -‬ما هي التدابير المتخذة في حق األحداث وتمظهراتها العملية ؟‬
‫‪ -‬ما هي المراكز والمؤسسات الخاصة المكلفة بمعاقبته ؟ وما هي‬
‫العراقيل التي تواجهها ؟‬
‫‪ ‬المنهج المعتمد‪:‬‬

‫سنعتمد في هذا البحث على اتباع المنهج التحليلي‪ ،‬وذلك بالتحليل والتفسير‬
‫للوصول إلى نتائج تكون مقبولة منطقا وعمال‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫املبحث األول‪ :‬اإلجراءات الخاصة باألحداث خالل مراحل‬
‫الدعوى العمومية‪:‬‬
‫يعد جنوح األحداث ظاهرة كونية خطيرة تعاني منها كل المجتمعات لكونها‬
‫تعيق تنمية الدولة ومرتكزاتها باعتبار الحدث كل طفل لم يبلغ سن الرشد‬
‫القانوني ‪ ،‬و يمكن تعريف الحدث لغة بفتح الدال والحاء بصغير السن أي شاب‬
‫فإن ذكر السن يقال حديث السن وجاء في كتاب مختار الصحيح بأن الحدث هو "‬
‫صغير السن ‪ ،‬وعلى ذلك تطلق عبارة حداثة السن على المرحلة األولى للعمر‬
‫وهي مرحلة الطفولة وهي كناية على الصبي الذي يدعى طفال إلى أن يحتلم‪.‬‬

‫و تعتبر أيضًا قواعد األمم المتحدة النموذجية إلدارة شؤون قضاء األحداث‬
‫المسماة بقواعد بكين ‪ ،‬من أبرز اإلتفاقيات الدولية المهتمة بحقوق اإلنسان عامة‬
‫و الطفل خاصة حيث عرفت بدورها الحدث في المادة األولى بأنه الطفل أو‬
‫الشخص صغير السن يجوز بموجب النظم القانونية ذات العالقة مساءلته عن‬
‫جرم بطريقة تختلف عن طريقة مساءلة البالغ ‪.‬‬

‫فالحدث المرتكب لجرم تتم مساءلته جنائيا في إطار الدعوى العمومية‬


‫بحيث تتخد في حقه مجموعة من اإلجراءات خالل مرحلة البحث التمهيدي التى‬
‫تعتبر من المراحل األولية للوصول للحقيقة عن طريق جمع األدلة والمعلومات‬
‫وذلك من خالل مرحلتي البحث والتحري ومرحلة االحتفاظ‪.‬‬

‫وهناك مرحلة التحقيق اإلعدادي التي تكون إلزامية ويتم فيها تجميع األدلة‬
‫المتعلقة بالجريمة والمعلومات المتعلقة بالحدث قصد تفادي محاكمة سريعة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أما مرحلة المحاكمة فهي المرحلة الحاسمة في تحديد مصير الحدث‪.‬‬

‫وبناء على هذا‪ ،‬فقد ارتأينا أن نقسم هذا المبحث إلى مطلبين أساسيين‪،‬‬
‫التدابير المتخدة في حق األحداث في مرحلة البحث التمهيدي ( المطلب األول )‬
‫والتدابير المتخدة في إطار مرحلة التحقيق والمحاكمة ( المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التدابير المتخذة في حق األحداث في مرحلة البحث‬
‫التمهيدي‬

‫إن البحث التمهيدي حسب بعض الفقهاء باعتبارهم ركزوا على المكون‬
‫المرحلي في تعريفهم له ‪،‬هو مرحلة التثبث من وقوع الجريمة ‪،‬وجمع األدلة‬
‫عنه‪x‬ا والبحث عن مرتكبيه‪x‬ا‪ ،1‬ويق‪x‬ال أيض‪x‬ا أن البحث التمهي‪x‬دي ه‪x‬و مج‪x‬رد تمهي‪x‬د أو‬
‫تحضير للتحقيق في التهمة‪ ،‬يهدف إلى تبصير السلطة المكلفة بالتحقيق‬
‫بالمعلومات التي تمكنها من التصرف فيه بإجراء أو بإجراء آخر‪.2‬‬

‫تعتبر مرحلة البحث والتحري من المراحل األولية للبحث التمهيدي‪ ،‬التي‬


‫تهدف بدورها للوصول إلى الحقيقة‪ ،‬هذا ما دفع المشرع للتدخل بالموازاة مع‬
‫اإلتفاقيات الدولية‪ ،‬وأقر بدوره على مجموعة من التدابير التي من شأنها القيام‬
‫بدور الحماية القانونية للحدث خالل مرحلتي البحث والتحري (الفقرة األولى)‬
‫ومرحلة اإلحتفاظ(الفقرة الثانية) ‪. 3‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مرحلة البحث والتحري‬

‫أناط قانون المسطرة الجنائية مهمة البحث والتحري إلى ضباط الشرطة‬
‫القض‪x‬ائية‪،4‬ال‪x‬ذي لم تص‪x‬در في حقهم مس‪x‬طرة خاص‪x‬ة لكيفي‪x‬ة تع‪x‬يينهم وج‪x‬اء ه‪x‬ذا‬
‫التعيين تماشيا مع اتجاه المواثيق الدولية والقوانين المقارنة التي ركزت على‬
‫‪ 1‬أحمد الخمليشي ‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الطبعة ‪ . 12‬الرباط ‪ -‬ص ‪.193‬‬
‫‪ 2‬أحمد عوض بالل‪ ،‬اإلجراءات الجنائية المقارنةوالنظام اإلجرائي في المملكة العربية السعودية‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ،1990‬ص‪.218‬‬
‫‪ 3‬أحمد الخمليشي ‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الطبعة ‪ . 12‬الرباط ‪ -‬ص ‪.204‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 18‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬

‫‪9‬‬
‫ضرورة وجود شرطة خاصة باألحداث تنفرد بمميزاتها سواء على صعيد‬
‫مسطرة التعيين والممارسة أو على صعيد التكوين و المراقبة‪.5‬‬

‫تعتبر الواليات المتحدة األمريكية في مقدمة الدول التي أخدت بنظام شرطة‬
‫األحداث و الشرطة النسائية ‪،‬وذلك منذ أن حملت منظمة الشرطة الدولية‬
‫الجنائية لواء الدعوة إلى إنشاء شرطة خاصة لألحداث عام ‪ ،1967‬مستندة في‬
‫ذلك إلى نتائج الدراسات القانونية واإلجتماعية التي أجرتها العديد من الدول‪.6‬‬

‫ومن مهام ضباط الشرطة القضائية المكلفة باألحداث القيام بأبحاث تمهيدية‬
‫‪ ،‬بناءا على تعليمات النيابة العامة أو تلقائيا‪ ،‬و يسير هذه العمليات وكيل الملك أو‬
‫الوكي‪x‬ل الع‪x‬ام للمل‪x‬ك ك‪x‬ل فيم‪x‬ا يخص‪x‬ه‪ ،7‬ويقوم‪x‬ون ك‪x‬ذلك بجم‪x‬ع معلوم‪x‬ات عن الح‪x‬دث‬
‫وأسرته و البحث عن العوامل التي أدت به لإلنحراف‪.‬‬

‫ولقد عمل قانون المسطرة الجنائية بدوره بتحديد تكوين وحدة الشرطة‬
‫القض‪x‬ائية في الم‪x‬ادة ‪ ،819‬وه‪x‬و نفس األم‪x‬ر ال‪x‬ذي نص‪x‬ت علي‪x‬ه قواع‪x‬د األمم المتح‪x‬دة‬
‫النموذجية إلدارة شؤون األحداث (قواعد بكين) بحيث يجب على ضباط الشرطة‬
‫القضائية الذين يتعاملون مع األحداث أو الذين يتناولون بالدرجة األولى مهمة‬
‫منع جرائم األحداث أن يتلقوا تعليما أوتدريبا لكي يتسنى لهم أداء مهامهم على‬

‫‪ 5‬مصطفى لمحمدي الشرادي‪ ،‬الوضع الشرعي والقانوني للطفل القاصر‪ ،‬دار السالم ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪.286‬‬
‫احمد وهدان‪ ،‬دور شرطة االحداث في مرحلة الضبط القضائي ‪،‬اآلفاق الجديدة للعدالة الجنائية فى مجال االحداث ‪ ،‬دار‬ ‫‪6‬‬

‫النهضة العربية ‪ ،1996 ،‬ص‪.611‬‬


‫‪ 7‬المادة ‪ 78‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫الشرطة القضائية تضم باالضافة الى الوكيل العام للملك أو الوكيل‪ ،‬نوابهما و قاضي التحقبق‪ ،‬بوصفهم ضباط سامين‬ ‫‪8‬‬

‫للشرطة القضائية ‪ :‬أوال ‪ :‬ضباط شرطة القضائية‪ ،‬ثانيا‪ :‬ضباط الشرطة القضائية المكلفين باالحداث ‪ ،‬ثالثا ‪ :‬اعوان الشرطة‬
‫القضائية‪ ،‬رابعا‪ :‬الموظفون واألعوان الدين ينيط بهم القانون مهام الشرطة القضائية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫أحسن وجه باإلضافة إلى مراعاتهم للطبيعة الفيزيولوجية والنفسية للحدث بحيث‬
‫ال يجوز معاملتهم بنفس معاملة الرشداء‪" .‬‬

‫كما أن للنيابة العامة دور مهم في هذه المرحلة بحيث تعتبر صاحبة الرقابة‬
‫على أعمال ضباط الشرطة القضائية المكلفة باألحداث‪ ،‬كما أعطي لها وبصفة‬
‫استثنائية أن تأمر بإخضاع الحدث خالل فترة البحث التمهيدي للحراسة‬
‫المؤقتة ‪ ،‬ولكن تكون هذه الحراسة إذا تطلبتها ضرورة البحث أو سالمة الحدث‬
‫على أن أال تتجاوز مدة التدبير المأمور به ‪ 15‬يومًا‪.9‬‬

‫و لقد بلغ سنة ‪ 2021‬عدد األحداث أمام النيابة العامة لدى المحاكم اإلبتدائية‬
‫‪ 19546‬ح‪x‬دث‪،10‬كم‪x‬ا أن النياب‪x‬ة العام‪x‬ة هي المؤهل‪x‬ة الوحي‪x‬دة الق‪x‬ادرة على ممارس‪x‬ة‬
‫المتابعة باإلضافة إلى أنها القادرة على منع إقامة الدعوى العمومية في حق‬
‫الحدث من قبل الطرف المدني‪.11‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مرحلة اإلحتفاظ بالحدث‬

‫توحي كلمة اإلحتفاظ إلى اإلحساس بالطمأنينة عكس الحراسة بالنسبة‬


‫للحدث‪ ،‬فاإلحتفاظ بهذا األخير هو إجراء ذات محددات تختلف عن تلك المتعلقة‬
‫بوضع الرشداء تحت الحراسة النظرية‪ ،‬فهذا اإلجراء يتسم بالخطورة لما قد‬
‫يترتب عنه من آثار لألحداث سواء على المستوى النفسي أو الجسدي‪.‬‬

‫‪ 9‬المادة ‪ 460‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬


‫‪ 10‬تقرير النيابة العامة لسنة ‪ ،2021‬ص‪.90‬‬
‫‪11‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 463‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫فالنيابة العامة هنا أيضًا تلعب دورًا مهما يتمثل في كونها تمارس هذا‬
‫اإلحتفاظ‪ ،‬وهذا األخير مرتبط بتواجد إحدى الشروط التالية سواء كان الفعل‬
‫الصادر من الحدث فعال خطيرًا أم ال‪:‬‬

‫‪ -‬أن يتعذر تسلم الحدث لمن يتولى رعايته ‪.‬‬


‫‪ -‬أن تقتضي ضرورة البحث ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أن تقتضي سالمة الحدث ذلك‪.‬‬

‫فمدة اإلحتفاظ يجب أن تكون قصيرة بقدر اإلمكان‪ ،‬و تطبيقا لذلك فقد‬
‫نصت المادة ‪ 460‬من ق ‪ .‬م‪ .‬ج على ما يلي‪" :‬يمكن دون المساس بمقتضيات‬
‫المادة ‪ 470‬اآلتية بعده لضباط الشرطة القضائية المكلفة باألحداث أن يحتفظ‬
‫بالحدث المنسوب إليه الجرم في مكان مخصص لألحداث لمدة ال يمكن أن‬
‫‪12‬‬
‫تتجاوز المدة المحددة للحراسة النظرية‪".‬‬

‫ويبدو أن المشرع لم ُيميز بين األحداث و الرشداء فيما يتعلق بمدة الحراسة‬
‫النظرية‪ ،‬بل ساوى بين الفئتين عندما أحال على مقتضيات المادة ‪ 460‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬أما بالنسبة لمكان اإلحتفاظ به فقد نصت عليه هذه المادة األخيرة من‬
‫قانون المسطرة الجنائية‪.13‬‬

‫ولقد قيد المشرع المغربي أعمال ضباط الشرطة القضائية في هذه المرحلة‬
‫بمجموعة من القيود تتمثل في‪:‬‬

‫‪ 12‬المادتين ‪ 66‬و‪ 80‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬


‫‪ 13‬مادة ‪ 460‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ " :‬يمكن دون المساس بمقتضيات المادة ‪ 470‬اآلتية بعده لضباط الشرطة القضائية المكلفة باألحداث‬
‫أن يحتفظ بالحدث المنسوب إليه الجرم في مكان مخصص لألحداث لمدة ال يمكن أن تتجاوز المدة المحددة لحراسة النظرية‪".‬‬

‫‪12‬‬
‫أوال ‪ :‬يتعين على ضباط الشرطة القضائية أن يحتفظوا بالمشتبه فيه في مكان‬
‫مخصص لألحداث‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إشعار ولي الحدث أو المقدم أو الوصي عليه‪ ،‬أو كافله أو حاضنه أو‬
‫الشخص أو المؤسسة المعهود إليها برعايته باإلجراء المتخذ وذلك فور اتخاذ قرار‬
‫وضع الحدث تحت الحراسة النظرية بأي وسيلة من الوسائل‪ ،‬ويشير إلى ذلك‬
‫بالمحضر و جاء هذا اإلجراء لتكريس الفقرة األولى من المادة ‪ 10‬من قواعد األمم‬
‫المتحدة الدنيا النموذجية بإدارة شؤون قضاء األحداث لسنة ‪1986‬م‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬يحق للحدث في هذه المرحلة أن يطلب من ضابط الشرطة القضائية‬


‫اإلتصال بالمحامي في أي وقت‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الحفاظ على سرية البحث‬

‫وبالتالي فالشرطة القضائية تقوم بدور متمثل في تحقيق السالمة النفسية‬


‫والجسدية لألحداث‪ ،‬ويجب على ضباط الشرطة القضائية التوفر على صفات‬
‫تساعدهم على احترام شخصية الحدث‪.‬‬

‫وال شك أن األستاذ عمر الفاروق الحسني ‪ ،‬قد لخص السمات األساسية‬


‫لرجال الشرطة القضائية بقوله " ينبغي أن يكون مأمور الضبط الذي يتعامل مع‬
‫الحدث على قدر من اإللمام بكيفية معاملة الحدث‪ ،‬وال شك أن ذلك يستلزم قدرا‬
‫من التدريب و اإللمام بعلم النفس واإلجتماع وما يليها‪ ،‬فضال عن اإللمام بأحكام‬
‫‪14‬‬
‫قوانين األحداث واستيعابها نصا وروحا‪".‬‬

‫‪ 14‬عمر الفاروق الحسني‪ ،‬انحراف األحداث‪ :‬المشكلة والمواجهة‪ ،‬ص‪.337‬‬

‫‪13‬‬
‫و من المعايير التي يجب أن يتوفر عليها ضباط الشرطة القضائية حسب‬
‫المعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء واألطفال نذكر منها ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬القدرة على التعامل مع الطفل ومشاركته في األسلوب الذي يرتاح له‬


‫كاللغة والجلوس‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على استخدام لغة بسيطة تناسب سن الطفل وثقافته‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على كسب ثقة الطفل مع التحلي بالصبر لبلوغ هذا الهدف‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على فهم تعابير الطفل وخاصة منها الرمزية‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على تفهم الخلفية الثقافية للطفل‪.‬‬

‫باإلضافة إلى توفير مكان مالئم لإلستماع يتميز بالهدوء و مزود بمقاعد‬
‫مريحة ومالئمة تضمن الخصوصية للطفل خاصة إذا كان الموضوع متعلق‬
‫بالبوح بمعلومات شخصية‪ ،‬وإذا رغب في حضور شخص بالغ أو صديق له‬
‫فيمكن له ذلك‪.15‬‬

‫فبالرغم من هذه التدابير و اإلجراءات التي من شأنها تسهيل هذا اإلحتفاظ‪،‬‬


‫إال أنه لجأ المشرع إلى إجراء جديد كمراعاة منه لوضعية الحدث‪ ،‬وسمىي هذا‬
‫اإلجراء بالحراسة المؤقتة وهو ما نصت عليه المادة ‪ 460‬من ق ‪ .‬م ‪ .‬ج في‬
‫فقرتها الثالثة‪.16‬‬

‫يعتبر هذا اإلجراء من أهم مستجدات المسطرة الجنائية‪ ،‬ألن نظام الحراسة‬
‫المؤقتة كان من اختصاص قاضي التحقيق أو قضاة الحكم فقط‪ ،‬وال يلجأ إليه إال‬
‫‪ 15‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء واألطفال‪ ،‬مديرية الشؤون الجنائية والعفو‪.‬‬
‫‪ 16‬مادة ‪ 460‬من ق م ‪.‬ج‪ " .‬يمكن كذلك للنيابة العامة ‪ ،‬بصف استثنائية أن تأمر باخضاع الحدث خالل فترة البحث التمهيدي‬
‫لنظام الحراسة المؤقتة‪".‬‬

‫‪14‬‬
‫عند المتابعة‪ ،‬ولكن قد أحيل األمر هنا إلى النيابة العامة حيث أصبحت هي‬
‫صاحبة االختصاص‪.‬‬

‫والهدف األساسي من هذا اإلجراء هو الحد من اآلثار النفسية التى قد تلحق‬


‫باألحداث أثناء مرحلة اإلحتفاظ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التدابير المتخذة في إطار مرحلة التحقيق اإلعدادي‬

‫إن مرحلة التحقيق اإلعدادي هي ثمرة مباشرة لنضج وتقدم الفكر‬


‫الجنائي العلمي الذي عمل على تنقية مساطر التحقيق مع الحدث من جميع‬
‫المظاهر العشوائية واألساليب القمعية الالإنسانية التي كانت سائدة على نطاق‬
‫واسع في المحاكمات‪.‬‬

‫وتأتي مرحلة التحقيق كمرحلة تابعة لمرحلة البحث التمهيدي‪ ،‬والتي تنعدم‬
‫فيه الكثير من الضمانات بالنسبة للحدث‪ ،‬وتتجلى أهمية مرحلة التحقيق (الفقرة‬
‫األولى) في تأثيرها على المرحلة التي تليها وهي مرحلة المحاكمة (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلجراءات المتخذة خالل مرحلة التحقيق‬

‫وعيا من المشرع بخطورة القضايا المتعلقة باألحداث والرغبة إلى فضها‬


‫بأنجع الوسائل فإنه بين مدى استقالل مرحلة التحقيق اإلعدادي عن سلطات‬
‫التحري والمتابعة من عدة زوايا نختزلها في اثنتين‪:‬‬

‫أ استقالله من حيث القائم بإجراءاته وأعماله‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 467‬من ق‪.‬م ‪.‬ج على أنه‪ " :‬يعين قاضي أو أكثر من قضاة‬
‫المحكمة اإلبتدائية للقيام بمهام قاضي األحداث لمدة ثالث سنوات قابلة‬
‫للتجديد‪."...‬‬

‫وبناء على المقتضى أعاله ‪ ،‬يظهر منذ الوهلة األولى أن قاضي األحداث‬
‫كقاضي التحقيق يعين من بين قضاة المحكمة اإلبتدائية لمدة ثالث سنوات قابلة‬

‫‪16‬‬
‫للتجديد بموجب قرار لوزير العدل‪ ،‬بناء على اقتراح من رئيس المحكمة‬
‫اإلبتدائية‪ ،‬وفي حالة تعذر أو حدث عائق يمنع قاضي األحداث ( كقاضي‬
‫التحقيق) من مزاولة مهامه ‪ ،‬فإن رئيس المحكمة اإلبتدائية يكلف قاضيا من بين‬
‫قضاة المحكمة ليقوم مقامه بصفة مؤقتة‪.17‬‬

‫يعين المستشار المكلف باألحداث طبقا للمادة ‪ 485‬من ق ‪.‬م‪.‬ج بقرار‬


‫لوزير العدل في كل محكمة استئناف للقيام بمهام المستشار المكلف باألحداث‬
‫لمدة ثالث سنوات قابلة للتجديد‪ ،‬وفي حالة تغيب هذا األخير فإن الرئيس األول‬
‫يكلف من يقوم مقامه بعد استشارة الوكيل العام للملك‪.‬‬

‫ب ‪ -‬استقالله من حيث ذاتيته‪:‬‬

‫فضال عن كون قاضي األحداث متخصصا ومؤهال‪ ،‬فإن األمر يستلزم‬


‫كذلك أن يكون لديه الرغبة واإلستعداد للعمل في هذا المجال الذي لديه من‬
‫المميزات والدقة ما يقتضي من صاحبه الصبر والتضحية بالجهد‪ ، ،‬فقاضي‬
‫األحداث يجب أن يكون مقتنعا بوظيفته ومؤمنا برسالة قضاء األحداث في حماية‬
‫ورعاية وإصالح الحدث ‪.‬‬

‫حيث أعطى المشرع لقاضي التحقيق صالحيات القيام بجميع اإلجراءات‬


‫التي يراها صالحة للكشف عن الحقيقة ‪ ،‬ودوره هذا يتطلب منح المتهم ضمانات‬
‫قانونية دون المساس بقواعد المحاكمة العادلة‪ ،‬وتكتسي هذه الضمانات أهمية‬
‫‪ 17‬مصطفى مالك‪ ،‬مرجع في المسطرة الجنائية‪ ،‬محور التحقيق اإلعدادي‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫بالعودة إلى المادة ‪ 52‬من ق‪.‬م‪.‬ج نستشف أن المشرع المغربي تبنى ثنائية التحقيق باستحداث قاضي التحقبق على مستوى‬
‫المحاكم االبتدائية باإلضافة إلى تواجده بمحاكم االستئناف ليتم بذلك تجاوز جمود الفصل ‪ 6‬من الظهير بمثابة قانون‬
‫‪ 1.74.448‬الصادر ب‪ 28‬شتنبر ‪ ، 1974‬والمتعلق باإلجراءات االنتقالية‪ ،‬الذي حصر تواجد قضاة التحقيق على محاكم‬
‫االستئناف‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫بالغة حينما يتعلق األمر بالحدث الذي لم يبلغ سن الرشد الجنائي‪،‬واعتبارا‬
‫لخصوصية هذا األخير ألزم المشرع القضاء بتفعيل الضمانات الممنوحة لهم‬
‫أثناء التحقيق والتي نذكر منها‪:18‬‬

‫‪ ‬إجراء االستجواب في حضور المحامي‪:‬‬

‫يجب أن يتم اإلستجواب بحضور محامي الحدث‪ ،‬ألن في ذلك ضمانة‬


‫إلجراء تحقيق عادل ‪ ،‬ويشكل حضور المحامي خالل مرحلة االستنطاق بنوعيه‬
‫(اإلبتدائي والتفصيلي) ضمانة أساسية‪ ،‬والهدف من ذلك فرض نوع من الرقابة‬
‫على الجهة المكلفة بالتحقيق مع الحدث في مباشرة إجراءات التحقيق‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى أنه تمنح للحدث فرصة متابعة هذه اإلجراءات والتأكد من سالمتها انطالقا‬
‫من هيئة الدفاع‪.19‬‬

‫وينص المشرع المغربي على هاته الضمانة بموجب المادة ‪ 134‬من ق ‪ .‬م‬
‫ج ‪ 20‬ب‪x‬ل وجعله‪x‬ا إلزامي‪x‬ة ح‪x‬تى في القض‪x‬ايا الجنحي‪x‬ة بالنس‪x‬بة لألح‪x‬داث وفق‪x‬ا للم‪x‬ادة‬
‫‪ 216‬من القانون المذكور‪ ،21‬مسايرا في ذلك المواثيق الدولية لحقوق الطفل‬
‫وخاصة قواعد بكين التي تؤكد في مادتها العاشرة على ضرورة توفير مؤازرة‬
‫المحامي في كافة مراحل تتبع قضية الحدث‪.22‬‬

‫‪ 18‬يوسف تملكوتان‪ ،‬الحماية القانونية للحدث أثناء التحقيق في التشريع المغربي‪ ،‬ع‪ ،15‬الموسم الرابع ‪ :1444‬يناير – مارس‬
‫‪ ،2023‬بدون صفحة‪.‬‬
‫خالد أيت وغاض‪ ،‬خصوصيات إجراء معاملة األحداث قبل المحاكمة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماسترفي القانون الخاص‪ ،‬كلية‬ ‫‪19‬‬

‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008/2009‬‬
‫‪ 20‬المادة ‪ 134‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ 21‬المادة ‪ 316‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ 22‬المادة ‪ 10‬من قواعد بكين‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ويعتبر المشرع الفرنسي من بين المشرعين الذين أولوا أهمية كبيرة لحق‬
‫الحدث المتهم في اإلستعانة بمدافع طبقا للمادة ‪ 10‬من أمر ‪، 1945 /2/2‬‬
‫والمالحظ أن حق الحدث في اإلستعانة بمحامي للدفاع عن حقوقه أصبح من‬
‫الضمانات التي ال يمكن التغاضي عنها طيلة مراحل الدعوى الجنائية مهما كان‬
‫السلوك الذي اقترفه‪.23‬‬

‫ولم تقتصر الحماية القانونية للحدث في حضور المحامي فقط‪ ،‬بل امتدت‬
‫إلى ضمانة أخرى وهي حضور أسرة الحدث طبقا للفصل ‪ 475‬من ق‪.‬م‪.‬ج الذي‬
‫ينص على أنه‪" :‬يشعر قاضي األحداث األبوين أو الوصي أو الكافل أو الحاضن‬
‫أو الشخص أو المؤسسة المكلفة برعاية الحدث‪".‬‬

‫لكن على الرغم من هذا اإلجراء إال أن المشرع لم يوضح المراحل التي‬
‫يمكن فيها حضور أسرة هذا األخير وبالتالي تبقى إرادة المشرع غامضة‪.‬‬

‫‪ ‬البحث االجتماعي لشخصية الحدث‪:‬‬

‫يقوم قاضي التحقيق بإجراء البحث اإلجتماعي للوصول إلى الحقيقة‪،‬‬


‫ويستطيع أن يعهد إلى أخصائيين أو أعوان اجتماعيين أو مربين كمصلحة‬

‫ولمنح حق االتصال بالمحامي قوة اإللزام‪ ،‬فإن المشرع المغربي عندما نص على أن تسهيالت االتصال بالحدث يمكن أن‬
‫تكون محل منع في حاالت خاصة بناء على قرار صادر عن قاضي التحقيق اإللزام ‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 136‬فقد استثنى من ذلك‬
‫حق االتصال بالمحامي‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪Art 10 alinéa 3 de l'ordonnance du 2/2/1945 modifié par la loi n° 96 du 7/2008/ 1 , edition‬‬
‫‪dalloz, 2018.‬‬

‫‪19‬‬
‫المالحظة والتربية في الوسط المفتوح ‪ ، S.O.E.M.O‬فالمشرع الجنائي كان‬
‫متشددا في هذا الشأن طبقا للمادة الخامسة من قانون األحداث الفرنسي الصادر‬
‫سنة ‪.1945‬‬

‫وحتى ال تتم إدانة الحدث باطال ‪ ،‬خصص المشرع جهات مختلفة يؤول‬
‫إليها اختصاص التحقيق مع الطفل مع إعطائه ضمانات كفيلة لحمايته‪ ،‬وطبقا‬
‫للمادة ‪ 33‬من القانون رقم ‪ 12 - 15‬فإنه يقوم قاضي األحداث بإعالم الطفل أو‬
‫ممثله الشرعي بالعريضة المقدمة إليه فورا‪ ،‬ويقوم بسماع أقوالهما وتلقي‬
‫آرائهما بالنسبة لوضعية الطفل‪ ،‬كما يتولى قاضي األحداث دراسة شخصية‬
‫الطفل ال سيما في إطار البحث اإلجتماعي والفحوصات الطبية والعقلية‬
‫والنفس‪x‬انية ومراقب‪x‬ة الس‪x‬لوك‪ ، 24‬وب‪x‬الرجوع إلى الفق‪x‬رة األولى من الم‪x‬ادة ‪ 474‬من‬
‫ق م ج التي تفيد بأن قاضي األحداث یأمر بإجراء نوعين من األبحاث‪:‬‬

‫‪ ‬البحث المستعجل‪ :‬يهدف من خالله إلى معرفة التدابير الواجب‬


‫اتخاذها لضمان حماية الحدث وتنفيذها‪ ،‬بحيث يتمكن قاضي األحداث من‬
‫اتخاذ التدابير المؤقتة المنصوص عليها في المادة ‪ 471‬من ق ‪.‬م ‪ .‬ج والتي‬
‫من شأنها أن تعالج وضعية الحدث المستعجلة‪.‬‬
‫‪ ‬البحث االجتماعي‪ :‬هو الذي يهتم بكافة ظروف الحدث المادية‬
‫والمعنوية واألسرية‪ ،‬وكل ما يحيط بالحدث‪ ،‬بحيث تتولى إنجازه أحد‬

‫‪ 24‬نظر المواد ‪ 33‬و ‪ 34‬من ق رقم ‪ - 15 - 12‬الموافق ‪ 15‬يوليو سنة ‪ 2015‬والمتعلق بحماية الطفل المعدل بالقانون ‪04.23‬‬
‫لسنة ‪.2023‬‬

‫‪20‬‬
‫المؤسسات السالفة الذكر أو الهيئات المنصوص عليها في الفقرة األخيرة من‬
‫المادة ‪ 474‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.25‬‬

‫إن المشرع المصري أوجب على المحكمة اإلطالع على ملف الفحص‬
‫الشامل للطفل طبقا للمادة ‪ 127‬من قانون الطفل الذي تنص على أنه " ينشئ‬
‫المراقبون (المراقبين االجتماعيين)المشار إليهم في المادة ‪ 118‬من نفس‬
‫القانون‪ ،‬لكل طفل متهم بجناية أو جنحة وقبل التصرف في الدعوى ملفا‬
‫يتضمن فحصا كامال لحالته التعليمية والنفسية والعقلية والبدنية واإلجتماعية‪،‬‬
‫وبهذا يكون المشرع المصري كمثيله المغربي‪ ،‬بحيث يعتبر هذا اإلجراء‬
‫جوهريا يترتب عليه البطالن في حالة إغفاله‪.‬‬

‫وهنا سنقدم معطيات خاصة بمحكمة األحداث بالمحمدية تبين عدد‬


‫األحداث المحالون على قاضي األحداث‪.26‬‬

‫لمراني الكصري يوسف‪ ،‬محاكمة الحدث خصوصية اإلجراءات والجزاءات ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬ ‫‪25‬‬

‫الماسترقي القانون الخاص ‪ .‬سنة ‪ ، 2011 - 2010‬ص‪.26 ،25‬‬


‫تم الحصول على هذه المعطيات من المملكة المغربية‪ ،‬وزارة العدل والحريات ‪ ،‬محكمة االستئناف بالدار البيضاء‪،‬‬ ‫‪26‬‬

‫المحكمةاالبتدائية بالمحمدية ‪ -‬النيابة العامة – مصلحة اإلحصاء‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪250‬‬

‫‪200‬‬

‫‪150‬‬

‫‪100‬‬

‫‪50‬‬

‫‪0‬‬
‫الجانحات اإلناث‬ ‫الجانحون الذكور‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلجراءات المتخذة خالل مرحلة المحاكمة‬

‫تعتبر مرحلة المحاكمة المرحلة األخيرة من مراحل الدعوى الجنائية‪،‬‬


‫ويكون الهدف منها التحقق من أركان الجريمة وتمحيص أدلة الدعوى‪ ،‬بقصد‬
‫الوصول إلى الحقيقة الواقعية والقانونية في شأنها‪ ،‬ثم الفصل في موضوعها‬
‫بإصدار حكم في موضوع القضية إما بالبراءة أو اإلدانة‪ ،‬فقاضي األحداث‬
‫وبموجب مبدأ التفريد القضائي‪ ،‬له سلطة واسعة في اختيار نوع الجزاء الواجب‬
‫اتخاذه في حق الحدث الجانج‪.27‬‬

‫و من هذا المنطلق فإن المشرع المغربي عند إقراره توقيع الجزاء على‬
‫الحدث فإنه أخذ بعين االعتبار درجة مسؤوليته الجنائية مع مراعاة سنه‪،‬‬
‫وخطورة الفعل الجرمي المرتكب من قبله‪ ،‬على اعتبار أن هناك فئة من‬
‫الجانحين ال تجري معها التدابير الوقائية نفعا ‪ ،‬مما يضطر معها القاضي توقيع‬

‫‪ 27‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية ع ‪ 2018 / 23‬ص ‪.302‬‬

‫‪22‬‬
‫عقوبة حبسية أو سجنية مخفضة‪ ،‬زَياَد ًة أن قضاء األحداث هو قضاء متابعة‬
‫بحيث ال يتخلى القاضي عن القضية بمجرد إصدار حكمه فيها ‪ ،‬بل يتابع تنفيذ‬
‫الحكم ويجري التعديالت التي تتطلبها مصلحة الحدث ‪ ،‬وهذا ما أعطى قضاء‬
‫األحداث بعد اجتماعيا ووقائيا‪.28‬‬

‫إن األصل في اإلنسان أنه لم يقترف فعال يجرمه القانون ‪ ،‬ألن القيام بأي‬
‫فعل أمر حادث يجب ثبوته طبقا لقاعدة فقهية تقول " األصل في الصفات‬
‫العارضة العدم" وهذا األصل يعتبر وصفا واقعيا يتطابق مع طبائع األشياء‪،‬‬
‫ويتفق مع المصلحة العامة الممثلة في ضرورة الحفاظ على حريات األفراد و‬
‫حقوقهم‪.29‬‬

‫إن المبادئ التي تحكم مرحلة المحاكمة ترد عليها بعض اإلستثناءات وتتميز‬
‫ببعض الخصوصیات نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬سرية المحاكمة‪:‬‬

‫األصل في المحاكمة أن تكون علنية‪ ،‬ولكن طبقا للمادة ‪ 31‬من قانون رقم (‬
‫‪ )1‬لسنة ‪ 1994‬الذي ينص على أنه تجري محاكمة الحدث من غير عالنية وال‬
‫يجوز أن يحضرها إال الحدث وأقاربه والشهود والمحامون وممثلوا الجهة‬
‫المختصة بوزارة الداخلية والمراقبون اإلجتماعيون ومن تجيز له المحكمة‬
‫بالحض‪x‬ور"‪، 30‬إال أن لك‪x‬ل ط‪x‬ابع اس‪x‬تثناء بحيث اعت‪x‬برت محكم‪x‬ة النقض الفرنس‪x‬ية‬

‫‪ 28‬السعيد بنماذ ‪ ،‬العدالة الجنائية لألحداث ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون ‪ 2014/2015‬ص‪.99‬‬
‫‪ 29‬حاتم بكار‪ ،‬حق المتهم في محاكمة عادلة‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪ 30‬المادة ‪ 31‬ومايليها من ق رقم ‪ 1‬لسنة ‪ ،1994‬المنشور بالجريدة الرسمية ع‪ 3‬تاريخ النشر ‪ 1/1/1994‬بدولة قطر‪ ،‬وهي‬
‫نفس القاعدة التي أقرها المشرع المغربي في الفصل ‪ 478‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 13/5/1998‬أن المحاكمة العادلة التي يضمنها‬
‫الفص‪x‬ل الس‪x‬ادس في اإلتفاقي‪x‬ة األوربي‪x‬ة لحق‪x‬وق اإلنس‪x‬ان‪ 31‬تس‪x‬توجب أساس‪x‬ا ح‪x‬ق ك‪x‬ل‬
‫شخص متهم في مناقشة الوقائع شخصيا وأن قيام رئيس الهيئة بإخراج الحدث‬
‫من قاعة المحكمة وحرمانه من إمكانية اإلستماع شخصيا لمختلف التصريحات‬
‫وإفادات الشهود دون تعليل ذلك يجعل قراره معرضا للبطالن ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن سرية محاكمة الحدث المتهم تتعلق بالنظام العام‪،‬‬
‫مما يترتب على مخالفتها بطالن ما يتم اتخاذه من إجراءات في جلسة علنية‪ ،‬ذلك‬
‫أن هذه السرية روعي فيها متطلبات حق الدفاع بتهيئة الجو المالئم للنظر في‬
‫دعواه وبث الطمأنينة في نفسه من ناحية‪ ،‬وتجنبه ما يصاحب العلنية من‬
‫صخب‪ ،‬بحيث يترتب على مبدأ العلنية المقيدة أن يكون الحضور إلى الجلسة‬
‫محدودا أو مقصورا على أشخاص حددهم المشرع حصرا‪ ،‬و ذلك لعالقتهم إما‬
‫بالحدث‪ ،‬وإما بالجريمة المرتكبة ‪ .‬كنوع من الحماية التي يحرص القانون على‬
‫إحاط‪x‬ة الح‪x‬دث به‪x‬ا في مرحل‪x‬ة المحاكم‪x‬ة‪ ، 32‬وه‪x‬و م‪x‬ا أش‪x‬ارت إلي‪x‬ه الم‪x‬ادة ‪ 1-8‬من‬
‫قواعد بكين إلى أنه يحترم حق الحدث في حماية خصوصياته في جميع المراحل‬
‫تفاديا ألي ضرر قد يناله‪ ،‬كما أنه ال يمكن نشر أية معلومة يمكنها ان تؤدي إلى‬

‫‪ 31‬محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ ‪.13/5/1998‬‬


‫‪Arrét de la cour de cassation chambre criminelle n°82431/97 www.huyet.com‬‬
‫مبدأ العلنية المقيدة في األحداث هو السائد في التشريعات العربية‪ ،‬كما في مختلف القرانين واألنظمة العربية‪ ،‬وهي تشير‬ ‫‪32‬‬

‫كلها إلى وجوب أن تكون محاكمة الماحداث في جلسات سرية‪.‬‬


‫فالحضورية كمصطلح ال يفيد مجرد تواجد أطراف الدعوى وهيأة الحكم بالجلسة بل إنها تفيد إلى جانب ذلك التواجد المادي‬
‫وهو امران حيويان‪:‬‬
‫األول‪ :‬فسح المجال أمام الحضور للدفاع عن وجهات نظرهم عن طريق إبداء الرأي ومقارعة الحجة بالحجة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الثاني‪ :‬إعطاء الفرصة للمحكمة لكي تقوم بكل ما يمكن أن يساعدها على فهم وإدراك النازلة المعروضة عليه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪24‬‬
‫التعرف على هوية الحدث الجانح‪ ،‬وهو ما سار عليه القانون الفرنسي لسنة‬
‫‪ 1996‬في مادته ‪.44‬‬

‫ويعتبر مبدأ الحضورية بالنسبة للخصوم أهم المبادئ التي ال يجوز أن تعقد‬
‫أية جلسة من جلسات المحاكمة من دونه‪ ،‬ألنه ال بد ألطراف الدعوى بالحضور‬
‫للجلسة من أجل مناقشة كل األدلة سواء كانت لإلثبات أو للنفي‪ ،‬وهذا الحضور‬
‫ال يمكن أن يتحقق إال باستدعاء الخصوم بالشكل المطلوب قانونا طبقا للمواد من‬
‫‪ 308‬الى ‪ 310‬من ق‪.‬م ‪ .‬ج‪ ،‬كما أكد المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 478‬من‬
‫ق ‪ .‬م ‪ .‬ج في فقرتها األولى التي جاء فيها "‪ ...‬ويجب أن يحضر الحدث شخصا‬
‫و مساعدا بمحاميه وممثله القانوني‪ ،‬مالم تعف المحكمة الحدث أو ممثله القانوني‬
‫من الحضور‪ .‬بحيث يشكل هذا الحضور األخير حماية للحدث من اآلثار السيئة‬
‫بمفرده في الجلسة ‪ ،‬وال يمكن أن نتجاهل ما يمكن أن يشكله هذا الحضور‬
‫األخير من مؤازرة نفسية للحدث كي ال يعتبر بأنه مجرم‪.33‬‬

‫أما بالنسبة للحاالت التي ال يجوز الحكم فيها على الحدث الجانح بالعقوبة‬
‫الجزائية فتطبق بحقه مجموعة من القواعد التي تنص عليها المادة ‪ 8‬من القانون‬
‫االتحادي رقم ‪6‬والتي حددت على الشكل االتي‬

‫‪ -‬ان اليحكم على الحدث الجانح بعقوبة اإلعدام أو السجن‪.‬‬


‫‪ -‬تستبدل عقوبة اإلعدام أو السجن التي ارتكبها الحدث الجانج بعقوبة‬
‫الحبس لمدة ال تزيد عن ‪ 10‬سنوات‪.‬‬

‫‪ 33‬لمراني لكصري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ 23‬و‪.24‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬اليجوز أن تزيد مدة عقوبة الحبس التي يحكم بها على الحدث الجانج‬
‫‪34‬‬
‫على نصف الحد األقصى المقررة للعقوبة األصلية‪.‬‬

‫‪ 34‬القانون االتحادي رقم ‪ 6‬لسنة ‪ 2022‬بشأن األحداث الجانحين والمعرضين للجنوح‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬التدابير املتخذة في حق الحدث الجانح املدان بمراكز‬
‫التربية واإلدماج واإلكراهات التي يواجهها‬

‫تعتبر مكافحة الجريمة وإعادة تأهيل األحداث الجانحين جزءا حیویا من‬
‫النظام القانوني واالجتماعي في العديد من البلدان بما في ذلك المغرب‪ ،‬بحيث أن‬
‫العقوبات المتخذة في حق األحداث الجانحين تستند على الجرائم التي ارتكبوها‬
‫وتشمل السجن والغرامات والتأديب اإلداري وغيرها بهدف تأديبهم ومنع‬
‫ارتكاب المزيد من الجرائم‪ ،‬في الوقت نفسه تقوم المراكز المتخصصة في إعادة‬
‫إدماج األحداث الجانحين بتقديم برامج تأهيلية شاملة تشمل التعليم‪ ،‬التدريب‬
‫المهني و الدعم النفسي واإلجتماعي بهدف تغيير السلوكيات السلبية وتمكين‬
‫األحداث من اإلندماج اإليجابي في المجتمع‪ ،‬ويعتمد نجاح هذه الجهود على‬
‫الدعم الشامل بين العديد من الجهات‪ ،‬بما في ذلك السلطات القضائية والجهات‬
‫اإلنفاذية‪ 35‬والمؤسسات االجتماعية والمجتمع المحلي‪.‬‬

‫الجهات اإلنفاذية ‪ ،‬هي الجهات المسؤولة عن تنفيذ القوانين واألنظمة في المجتمع‪ ،‬في السياق القانوني تشمل الجهات‬ ‫‪35‬‬

‫اإلنفاذية في المغرب الشرطة الوطنية المغربية والقوات المسلحة المحلية الملكية والسلطة المحلية والقوات الخاصة بحفظ‬
‫األمن‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫المطلب األول‪ :‬العقوبات المتخذة في حق الجانح المدان‬

‫يثار التساؤل في هذا المطلب حول طبيعة العقوبات أو التدابير اإلصالحية‬


‫المقررة لألحداث الجانحين وهل تعد بمثابة عقوبات أم مجرد تدابير تنتفي عنها‬
‫الصفة الجزائية ؟‬

‫ذهب بعض الفقهاء للقول بأن التدابير التي یواجه بها الحدث الجانح هي‬
‫بمثابة وسائل تربية وإصالح وتقويم و لیست من قبيل العقوبات‪ ،‬فالتدبير هو رد‬
‫فعل المجتمع إزاء جريمة الصغير الذي ال ينطوي على معنى اإليالم‪ ،‬في حين‬
‫ذهب البعض اآلخر للقول بأن التدابير التي تطبق على األحداث هي عقوبات‬
‫حقيقية ألنها تهدف إلى التأديب واإلصالح وهو هدف مشترك للعقوبات والتدابير‬
‫على حد سواء ‪ ،‬وإذا كانت هذه التدابير تخلو من العقاب فما الذي يمنع توقيعها‬
‫على الصغار دون السابعة‪.‬‬

‫فهذه الوسائل والتدابير تعد عقوبات لكنها عقوبات ذات طبيعة خاصة‪،‬‬
‫يقررها القانون لنوع من المجرمين‪ ،‬ألن المشرع يرى أنها تحقق أغراض‬
‫العقاب بالنسبة لهم لكون هذه العقوبات أو التدابير التي تطبق على األحداث‬
‫هدفها األساسي هو العالج‪ ،‬التربية‪ ،‬التهذيب واإلصالح من خالل مد المساعدة‬
‫للحدث وحمايته ومراقبته من خالل القيام بتدابير تربوية وهو موضوع الفقرة‬
‫األولى وأخرى إصالحية سالبة للحرية وهو موضوع الفقرة الثانية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التدابير التربوية‬

‫توجد عدة أنواع من التدابير التربوية التي يمكن اتخاذها إثر ارتكاب الحدث‬
‫لفعل مخالف للقانون‪ ،‬لوجوده في حالة خطورة اجتماعية أو خطر اإلنحراف‪ ،‬و‬
‫تتوزع هذه التدابير بين التوبيخ والتسليم و نظام الحرية المحروسة‪ ،‬و غاية هذه‬
‫التدابير هي إبقاء هذا الحدث في محيطه العائلي واإلجتماعي إذا كان صالحا أو‬
‫وضعه في بيئة عائلية بديلة ‪،‬و في أقصى الحاالت إيداعه بمؤسسة تربوية على‬
‫أساس تنشئته تنشئة صحيحة‪.‬‬

‫أ‪ -‬التوبيخ‪:‬‬

‫يقصد بالتوبيخ لوم الحدث على فعل ارتكبه‪ ،‬وذلك إلثارة انتباهه إلى‬
‫خطورة ما ارتكبه من أفعال مجرمة في القانون‪ ،‬وما قد يترتب عنه من مساوئ‬
‫وأضرار‪ ،‬ومن تم فاختیار العبارات والطريقة التي يتم بها التوبيخ متروك أمره‬
‫للقاضي في حدود ترك تأثير إيجابي على الحدث دون أن يكون له انعكاس سلبي‬
‫على نفس‪x‬يته‪ ، 36‬كم‪x‬ا يجب أن يص‪x‬در عن القاض‪x‬ي شخص‪x‬يا في الجلس‪x‬ة في‬
‫مواجهة الحدث وذلك في جلسة حضورية يحضرها الحدث‪ ،‬حيث ال يعقل أن‬
‫يتخذ تدبیر في غياب الحدث ‪ ،‬ويعد التوبيخ أخف أنواع التدابير‪ ،‬ومن تم فهو‬
‫يالئم بعض حاالت الجنوح التي ال تتسم بالخطورة كقضايا المخالفات مثال‪.37‬‬

‫‪ 36‬منير العصرية‪ ،‬انحراف األحداث مشكلة العوامل‪.‬‬


‫‪ 37‬عبد الرحمان مصلح الشرادي‪ ،‬عوامل انحراف األحداث في التشريع المغربي والقانون المقارن‪ .‬ص‪.257‬‬

‫‪29‬‬
‫وقد أخذت به التشريعات المعاصرة‪ 38‬ومن بينها المشرع المغربي الذي‬
‫نص على هذا التدبير في الفقرة الثانية من المادة ‪ 468‬من ق ‪ .‬م ‪ .‬ج " في حالة‬
‫ثبوت المخالفة يمكن للقاضي أن يقتصر على توبيخ الحدث أو الحكم بالغرامة‬
‫المنصوص عليها قانونا‪".‬‬

‫كما نجد التوبيخ كأحد التدابير المنصوص عليها في المادة ‪ 400‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫عن الجنح المرتكبة من طرف الحدث الذي تقل سنه عن ‪ 12‬سنة‪.‬‬

‫ب‪ -‬التسليم‪:‬‬

‫يعد التسليم تدبيرا تربويا يهدف إلى إخضاع الحدث لرقابة شخص له‬
‫مصلحة في تهذيبه ويفترض فيه القيام باإلجراءات الهادفة إلى حسن توجيهه‬
‫وإرشاده‪ ،‬وإذا كان التسليم يبدو ألول وهلة كتدبير غير ذي فائدة للحدث الجانح‬
‫فهو مع ذلك يبقى التدبير الطبيعي واألكثر مالءمة في حاالت كثيرة‪ ،‬إذ يتيح‬
‫للحدث الفرصة إلعادة التكيف في بيئته الطبيعية دون حواجز تفصله عن‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫حيث نصت المادة ‪ 481‬من ق‪.‬م‪.‬ج على التسليم كأحد تدابير الحماية‬
‫والتهذيب‪ ،‬فالقاضي يقوم بتسليم الحدث ألبويه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو‬
‫الكافل له أو لحاضنه أو لشخص جدير أو للمؤسسة أو الشخص المكلف برعايته‪،‬‬
‫وإذا كان المشرع المغربي هنا لم يحدد شروطا معينة لمن يتسلم الحدث ‪ ،‬فإن‬
‫المادة ‪ 480‬تعتبر أن الحدث أقل من ‪ 12‬سنة والمرتكب ألفعال لها صفة الجنحة‬
‫تتخذ في حقه المحكمة تدبير التسليم‪ ،‬ويجب على من يتسلمه التوفر على‬
‫المشرع المصري في المادة ‪ 101‬من قانون الطفل لسنة ‪ ،1996‬والمشرع العراقي في المادة ‪ 26‬من قانون األحداث‪،‬‬ ‫‪38‬‬

‫والمشرع الجزائري في المادة ‪ 49‬من قانون العقوبات‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الصفات األخالقية المطلوبة ‪ ،‬وإال فإنه يسلم لشخص جدير بالثقة أو لمؤسسة‬
‫مرخص لها‪ ،‬كما نجد التسليم ضمن تدابير الحراسة المؤقتة المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 471‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫و بخصوص نفقة الحدث أثناء مدة التسليم نحيل على المادة ‪ 508‬من ق ‪ .‬م‬
‫ج التي توجب في جميع الحاالت التي سلم فيها الحدث مؤقتا أو نهائيا لغير أبيه‬
‫أو أمه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو كافله أو حاضنه‪ ،‬إصدار حكم تتضمن‬
‫تحدید الحصة التي تتحملها األسرة من صوائر الرعاية واإليداع مع مراعاة‬
‫مداخيها لكن المشرع المغربي أعفى األسر المعوزة من هذه المصاريف‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمدة التسليم فقد نصت الفقرة األخيرة من المادة ‪ 481‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫على أنه يتعين في جميع األحوال أن تتخذ التدابير ‪ -‬ومن بينها التسليم لمدة معينة‬
‫ال يمكن أن تتجاوز التاريخ الذي يبلغ فيه عمر الحدث ‪ 18‬سنة ميالدية كاملة‪،‬‬
‫ونتيجة لألثر اإليجابي لهذا التدبير و نظرا لفعاليته فإن المحكمة االبتدائية بفاس‬
‫قضت بهذا التدبير خالل سنة ‪ 2007‬ب‪ 350‬حكم من مجموع ‪ 1443‬حكما أي‬
‫بنسبة ‪ ،%25.24‬وخالل سنة ‪ 2008‬ب ‪ 220‬حكما من مجموع ‪ 803‬حكما أي‬
‫بنسبة ‪%40.27‬‬

‫ث‪ -‬نظام الحرية المحروسة‪:‬‬

‫الحرية المحروسة ترجمة حرفية للمصطلح الفرنسي ‪liberté veillée‬‬


‫‪sur‬أورده المشرع المغربي في المادة ‪ 481‬من ق ‪ .‬م‪ .‬ج كأحد تدابير الحماية و‬
‫التهذيب‪ ،‬وخصص له القسم الثالث من الكتاب الثالث من ق‪ .‬م ج ‪ ،‬لتحديد مهام‬
‫المندوبين الدائمين أو المندوبين المتطوعين المكلفين باإلشراف والتتبع التربوي‬

‫‪31‬‬
‫لألحداث المطبق عليهم نظام الحرية المحروسة ‪ ،‬حيث أن المشرع المغربي لم‬
‫ي‪x‬أتي بتعري‪x‬ف نظ‪x‬ام الحري‪x‬ة المحروس‪x‬ة ‪،‬م‪x‬ا دف‪x‬ع الفق‪x‬ه‪ 39‬إلى تعريف‪x‬ه بكون‪x‬ه " وض‪x‬ع‬
‫الحدث بصفة موقتة أو نهائية تحت مراقبة قضائية تباشر باإلستعانة بمندوبين‬
‫دائمين أو متطوعين توكل إليهم مهمة السهر بتنسيق مع أسرة الحدث أو من يقوم‬
‫مقامها‪ ،‬على تصحيح سلوك الحدث وإعادة تربيته وتمكينه من اإلندماج في‬
‫المجتمع‪".‬‬

‫ويعتبر نظام الحرية المحروسة من أهم و أنجع تدابير حماية األحداث‬


‫الجانحين أو المهددين بالجنوح‪ ،‬ذلك أنه يستهدف إعادة تأهيل وإدماج الحدث في‬
‫وسطه وبيئته الطبيعية تحت رعاية وإشراف المسؤولين عن هذا النظام‪،‬وقد‬
‫أوصت المؤتمرات الدولية باألخذ بهذا النظام فكان من ضمن توصيات المجلس‬
‫اإلقتصادي واإلجتماعي التابع لألمم المتحدة عام ‪ ، 1951‬حيث اعتبر أن‬
‫اإلختبار القضائي كما يسميه البعض أي نظام الحرية المحروسة يعد طريقة‬
‫إنسانية فعالة في عالج المذنبين وبالتالي الوقاية من حالة العود‪.40‬‬

‫و تتميز الحرية المحروسة بوجود نظامين ‪ ،‬أحدهما للتجربة واآلخر‬


‫للتربية‪ ،‬فبالنسبة للحرية المحروسة لإلختبار يتعلق األمر باختيار حسن نية‬
‫وإرادة الحدث‪ ،‬و ذلك بتمديد المالحظة إلى مدة زمنية محددة تحت إشراف‬
‫المندوب‪ ،‬وإذا نجح هذا التدبير في تحقيق الغاية التي وضع من أجلها فإن‬
‫المحكمة تأمر بالحرية المحروسة النهائية التي تكون مرفوقة في بعض األحيان‬
‫لالطالع على تعريفات الفقه لنظام الحرية المحروسة‪ ،‬يرجى مراجعة موحى ولحسن ميموني‪ :‬نظام الحرية المحروسة‬ ‫‪39‬‬

‫وأثره في حماية الطفولة‪ ،‬دراسة في ضوء ق‪.‬م‪.‬ج الجديد‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في األسرة والطفولة‪،‬‬
‫‪.2002/2003‬‬
‫‪ 40‬محمد علي جعفر‪ ،‬األحداث المنحرفون‪ ،‬ص‪.538‬‬

‫‪32‬‬
‫بأحد اإلجراءات التربوية في الوسط المفتوح كإجراء التوبيخ والتسليم إلى‬
‫الوالدين أو إلى أسرة بديلة‪ ،‬حيث أن الحرية المحروسة ال تشكل في جميع‬
‫األحوال نوعا من العقوبة فالقاضي یأمر بها بعد توضیح جوهرها لألباء كي‬
‫يساهموا في إنجاحها ‪ ،‬لكون القاضي يراعي مجموعة من األمور المرتبطة‬
‫بالحدث كالظروف اإلجتماعية و انعدام سوابقه‪ ،‬حيث جاء في حيثيات حكم‬
‫صادر عن المحكمة اإلبتدائية بفاس‪ ...":‬وحيث أنه ومراعاة لظروف الحدث‬
‫اإلجتماعية وانعدام سوابقه‪ ،‬ارتأت المحكمة في إطار مصلحة الحدث وضعه‬
‫تحت نظام الحرية المحروسة لمدة ‪ 6‬أشهر"‪.41‬‬

‫ومن إيجابيات هذا النظام أنه يسمح بترك الطفل في محيطه األصلي‪ ،‬وال‬
‫يلحق األذى بالعالقات العاطفية التي تربطه بعائلته زيادة على ذلك يبقى الطفل‬
‫في إطار الظروف الحمائية الحقيقية والواقعية‪.‬‬

‫ولضمان تطبيق الحرية المحروسة‪ 42‬فقد نص المشرع المغربي في المادة‬


‫‪ 496‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه ‪" :‬يعهد في دائرة كل محكمة استئناف إلى مندوب أو‬
‫عدة مندوبين متطوعين باإلشراف والتتبع التربوي لألحداث الجاري عليهم نظام‬
‫الحرية المحروسة‪ ،".‬ويتعين علينا أن نشير إلى أنه تمت اإلشارة سابقا إلى‬
‫مندوبي نظام الحرية المحروسة دون تفصيل‪ ،‬ما دفعنا إلى شرح وتفصيل كيفية‬
‫تعيينهم نظرا لما لهم من أهمية في سير هذا التدبير حيث يعين مندوب لكل‬
‫حدث‪ ،‬إما بأمر من قاضي األحداث لدى المحكمة اإلبتدائية‪ ،‬وإما بأمر صادر‬

‫‪ 41‬حكم جنحي عدد ‪ 74‬صادر بتاريخ ‪ 2005/02/07‬عن المحكمة االبتدائية بفاس‪.‬‬


‫‪ 42‬الدكتور مصطفى لمحمدي الشرادي‪ ،‬الوضع الشرعي والقانوني للطفل القاصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪.315_313‬‬

‫‪33‬‬
‫عن المستشار المكلف باألحداث بمحكمة االستئناف‪ ،‬أو بمقرر صادر عن إحدى‬
‫الهيئات القضائية المشار إليها في المادة ‪ 462‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫وهكذا يظهر أن مندوبي الحرية المحروسة يقسمون إلى نوعين هما‪:‬‬


‫مندوبي الحرية المحروسة الدائمون‪ ،‬ومندوبي الحرية المحروسة المتطوعون‬
‫ولقد نصت المادة ‪ 499‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أن المندوبين الدائمين للحرية المحروسة‬
‫يعينون بمقرر إداري تصدره السلطة الحكومية المكلفة بالطفولة و يتقاضون‬
‫أجرة عن أعمالهم‪ ،‬ويختارون نظرا لسلوكهم الحسن والهتمامهم بمصالح‬
‫األحداث‪.‬‬

‫أما المندوبون المتطوعون فإنهم يعينون من طرف القضاة والمستشارين‬


‫المكلفين باألحداث من بين األشخاص الذين يبلغون من العمر ‪ 25‬سنة على‬
‫األقل ويشترط فيهم أيضا أن يكونوا حسني السلوك وذوي اهتمام معروف‬
‫بمصالح األحداث‪.‬‬

‫ولقد حدد قانون المسطرة الجنائية مهام مندوبي الحرية المحروسة في ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫العمل على تجنيب األحداث كل عود إلى الجريمة واقتراح كل تدبير مفيد‬ ‫‪-‬‬
‫إلعادة تربيته‪.‬‬
‫مراقبة الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها الحدث‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ويمارس مندوبو الحرية المحروسة مهامهم بواسطة تقارير ترفع إلى الجهات‬
‫القضائية المعنية باألحداث‪ ،‬وتختلف هذه التقارير من حيث طبيعتها إذ هناك نوعان‬
‫من التقارير‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫تقارير عادية أو دورية‪ :‬توجه إلى الجهة القضائية المختصة كل ثالثة أشهر‬ ‫‪-‬‬
‫يبين فيها المندوب كل األعمال التي أجراها خالل هذه المدة‪ ،‬ويكشف‬
‫للقاضي حالة الحدث وتطوره سواء على الصعيد السلوكي أو النفسي أو‬
‫االجتماعي أو المادي‪.‬‬
‫وهناك تقارير فورية‪ :‬وهي تقارير ترفع إلى الجهة القضائية المختصة في أي‬ ‫‪-‬‬
‫وقت‪ ،‬وكلما دعت الضرورة إلى ذلك وخصوصا إذا اعترضت مندوب‬
‫الحرية المحروسة صعوبات أو عراقيل أدت إلى عدم قيامه بمهمته على‬
‫أحسن وجه‪ ،‬أو إذا ساءت سيرة الحدث أو تعرض لخطر أو أصبح يعاني من‬
‫سوء المعاملة وعموما كلما حصل حادث أو حالة تظهر للمندوب أنها‬
‫تستوجب تغييرا في تدابير اإليداع أو الكفالة‪ ،‬لزمه تقديم تقرير فوري إلى‬
‫الجهة القضائية التي عينته‪.‬‬

‫وحرصا على تحقيق التوازن بين مندوبي الحرية المحروسة والجهات المكلفة‬
‫برعاية الحدث‪ ،‬نص المشرع في المادة ‪ 500‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه ‪ " :‬في جميع‬
‫الحاالت التي يتقرر فيها نظام الحرية المحروسة‪ ،‬يعلم الحدث أبواه أو كافله أو‬
‫الوصي عليه أو المقدم عليه أو حاضنه أو الشخص أو المؤسسة المكلفة برعايته‬
‫بطبيعة هذا التدبير وموضوعه وااللتزامات التي يستوجبها‪.‬‬

‫وفي حالة وفاة الحدث أو إصابته بمرض خطير أو تغيير محل إقامته أو تغيبه‬
‫بدون إذن‪ ،‬يتعين على األشخاص المذكورين أعاله أو مشغله أن يعلم المندوب بذلك‬
‫بدون تأخير‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫كما أجاز المشرع للقاضي أو للهيئة القضائية التي أمرت بإخضاع الحدث‬
‫لنظام الحرية المحروسة‪ ،‬أيا كان المقرر المتخذ في شأن الحدث‪ ،‬أن يحكم على‬
‫الشخص المكلف برعايته بغرامة مدنية تتراوح بين ‪ 200‬و ‪ 1200‬درهم‪ ،‬إذا كان‬
‫هناك إهمال واضح من جانبه في مراقبة الحدث‪ ،‬أو عن عراقيل متكررة تحول دون‬
‫قيام مندوب الحرية المحروسة بمهمته‪.‬‬

‫ومما ينبغي ذكره أن تدبير الحرية المحروسة يمكن اتخاذه إما خالل مدة‬
‫سريان المسطرة فقط‪ ،‬وإما إلى غاية بلوغ الحدث ‪ 18‬سنة‪ ،‬أو إلى حين االطمئنان‬
‫على سلوكه‪".‬‬

‫وبالنسبة للمصاريف التي يستوجبها تنقل المندوبين الدائمين والمتطوعين‬


‫إلجراء مراقبة األحداث تؤدى بصفتها مصاريف القضاء الجنائي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬العقوبات السالبة للحرية‬

‫أولت السياسات الجنائية الحديثة اهتماما كبيرا لإلصالح الذي يأتي نتيجة‬
‫الخروقات التي يقوم بها الحدث بالرغم من التدابير التي يكون دورها هو الحد‬
‫والتقليل من هذه الخروقات‪ ،‬وهذه التدابير على الرغم من تعددها إال أن هدفها‬
‫واحد أال وهو تأهيل الجانح وإصالحه وهذا ما نص عليه قانون المسطرة‬
‫الجنائية من خالل المواد ‪ 481 471‬حيث أعطى المشرع األولوية لتدابير‬
‫الحراسة المؤقتة أو تدابير الحماية أو التهذيب‪.‬‬

‫إال أنه قد ال تؤدي هذه التدابير الهدف المقصود بسبب عدة عوامل متعلقة‬
‫إما بالحدث أو بطريقة تطبيق هذا التدبير‪ ،‬وهذا ما دفع قضاة األحكام باستبدال‬

‫‪36‬‬
‫هذه التدابير والتي قد تبتدئ بعقوبات مالية أو عقوبة حبسية‪ ،‬فغالبا ما يتم الحكم‬
‫بالغرامة في حالة ارتكاب الحدث لمخالفة‪.‬‬

‫وقد دفعت هذه التدابير لقيام المغرب بنهج سياسة مراکز االصالح والتهديد‬
‫التي تم إنشاؤها بمقتضى المادة ‪ 12‬من قانون ‪ 98.23‬المتعلق بتنظيم وتسيير‬
‫المؤسسات السجنية باعتبار هذه المراكز تهتم باستقبال الحدث الذي صدرت في‬
‫‪43‬‬
‫حقه تدابير سالبة للحرية‪.‬‬

‫وتعتبر هذه المراكز مختصة باألحداث الذين ال تتراوح أعمارهم بين ‪ 12‬و‬
‫‪ 18‬سنة‪ ،‬ولقد تم إنشاء ثالثة مراكز بالمغرب لهذا اإل ختصاص بكل من عين‬
‫السبع بالدارالبيضاء ومركز علي مومن بسطات ومرکز بسال‪.‬‬

‫فبالنسبة للعقوبة السالبة للحرية فالحدث الذي يقل سنه عن ‪ 12‬سنة ال يمكن‬
‫الحكم عليه بأي عقوبة مالية ‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 468‬من ق‪.‬م‪.‬ج ‪" :‬ال‬
‫يمكن لقاضي األحداث أن يحكم على الحدث الذي لم يبلغ الثانية عشر من‬
‫عمره‪ ،‬بل يتخذ في حقه التسليم ألبويه او لحاضنه او الوصي عليه أو المقدم عليه‬
‫أو كافله أو المؤسسة أو الشخص المعهود إليه رعايته‪".‬‬

‫أما بالنسبة للحدث الذي يتجاوز سنه ‪ 12‬سنة‪ ،‬فحسب المادة ‪ 468‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية يحق للقاضي في حالة ثبوت مخالفة فىي حقه أن يقوم‬
‫بتوبيخه أوالحكم عليه بالغرامة‪.‬‬

‫كما يمكن لقاضي األحداث أن يحكم بالعقوبة السالبة للحرية إذا تبين له أنه‬
‫ال مجال إلصالح الحدث إال باتخاذ هذه التدابير‪ ،‬فلجوء القاضي لهذه التدابير ما‬
‫‪ 43‬مجلة المنلرة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬شتنبر ‪ ،2018‬ص ‪.131‬‬

‫‪37‬‬
‫هو إال استثناء وهذا ما أكدته المادة ‪ 482‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪" :‬يمكن للمحكمة بصفة‬
‫استثنائية أن تعوض أو تكمل التدابير بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة لألحداث‬
‫الذين تتراوح أعمارهم بين ‪ 12‬و‪ 18‬سنة‪".‬‬

‫كما نصت نفس المادة في فقرتها األخيرة ‪ ،‬على أن في حالة حكمت‬


‫المحكمة بعقوبة حبسية إضافة للتدابير المنصوص عليها في المادة ‪ 481‬من ق‪.‬‬
‫م ‪.‬ج فإن العقوبة السالبة للحرية تنفذ باألسبقية‪.‬‬

‫و من جهة أخرى فالمشرع نص في المادة ‪ 482‬من قانون المسطرة‬


‫الجنائية على تتمة التدابير بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة لألحداث الذين يتراوح‬
‫عمرهم بين ‪ 12‬و ‪ 18‬سنة إذا اضطرت ضرورة ذلك‪ ،‬وفي هذه الحالة يخفف‬
‫الحد األدنى واألقصى المنصوص عليه فى هذا القانون إلى النصف‪ ،‬أما إذا‬
‫كانت العقوبة األصلية المقررة للجريمة هي اإلعدام أو السجن المؤبد أو السجن‬
‫لمدة ‪ 30‬سنة فإن الغرفة تستبدلها بعقوبة تتراوح بين ‪ 10‬سنوات و ‪ 15‬سنة‬
‫سجنا حسب المادة ‪ 493‬من ق‪ .‬م ‪ .‬ج ‪.‬‬

‫فهذه العقوبات بالرغم من أنها مخففة‪ ،‬إال أنها تعتبر قاسية بالنسبة للحدث‪،‬‬
‫هذا ما دفع المشرع للقيام بوضع حدود لهذه العقوبات‪ ،‬وذلك لتجنب ضياع‬
‫حقوق األحداث‪ ،‬حيث اشترط المشرع على المحكمة تعليل حكمها بأي تدبير‬
‫تعليال مقنعًا وكافيا موضحا األسباب التي دفعته للحكم على الحدث بتدبير العقوبة‬
‫السالبة للحرية مكان التدابير التهذيبية وال يعرض حكمها لإلبطال‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫في حين جاء في القرار الصادر عن المجلس األعلى في المادة الجنائية أنه‪:‬‬
‫" يحكم قاضي األحداث على الحدث الذي لم يبلغ ‪ 16‬سنة بالحبس بسبب هتك‬
‫‪44‬‬
‫العرض بالعنف والسرقة من غير تعليل وذلك بصورة خاصة‪".‬‬

‫وجاء في قرار آخر عن محكمة النقض‪ 45‬أن ‪:‬‬

‫األصل هو الحكم على الحدث بتدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 481‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وإذا ما قررت غرفة األحداث استثناء أن‬
‫تعوض أو تكمل هذه التدابير بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة للحدث الجانح الذي يقل‬
‫عمره عن ‪ 18‬سنة نظرا لظروفه أو شخصيته‪ ،‬فإنه يشترط أن تعلل مقررها بهذا‬
‫الخصوص‪.‬‬

‫نقض وإحالة‪.‬‬

‫حيث إن طالب النقض كان يوجد رهن اإلعتقال خالل األجل المضروب لطلب‬
‫النقض فهو معفى بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ‪ 530‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫من اإليداع المقرر بالفقرة األولى من نفس المادة‪.‬‬

‫وحيث إن المادة ‪ 528‬من القانون المذكور بعد تعديلها بمقتضى ظهير‬


‫‪ 2005/11/23‬تنص في فقرتها األخيرة على أنه إذا لم تسلم للمصرح بالنقض‬
‫نسخة من المقرر المطعون فيه داخل األجل المنصوص عليه في الفقرة ‪ 1‬من المادة‬
‫المذكورة ‪ -‬وهو ‪ 30‬يوما من تاريخ تلقي التصريح بالنقض‪ ،‬فإنه يتعين عليه‬
‫اإلطالع على الملف بكتابة ضبط المجلس األعلى وتقديم مذكرة وسائل النقض‬

‫‪ 44‬قرار المجلس األعلى في المادة (الجنائية ‪ ،‬منشورات تنمية البحوث والدراسات القضائية‪ ،‬ص ‪ – 106‬الرباط‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫‪39‬‬
‫بواسطة محام مقبول للترافع أمام المجلس األعلى خالل ‪ 60‬يوما من تاريخ تسجيل‬
‫الملف بها‪.‬‬

‫وحيث إن الطاعن الذي لم يتسلم نسخة من المقرر المذكور‪ ،‬لم يقم بإيداع‬
‫المذكرة رغم مرور ‪ 60‬يوما عن تسجيل الملف بكتابة ضبط المجلس األعلى‬
‫بتاريخ ‪، 2011/3/1‬إال أن الفقرة الثالثة من المادة المذكورة تجعل من تقديم تلك‬
‫المذكرة إجراء اختياريا في قضايا الجنايات بالنسبة للمحكوم عليه طالب النقض‬
‫دون سواه‪.‬‬

‫وحيث إن الطاعن المحكوم عليه من أجل جناية فهو غير ملزم باإلدالء‬
‫بالمذكرة‪.‬‬

‫وحيث كان الطلب عالوة على ذلك موافقا لما يقتضيه القانون‪ ،‬فإنه مقبول‬
‫شكال‪.‬‬

‫وفي الموضوع‪:‬‬

‫في شأن الوسيلة المثارة تلقائيا من طرف المجلس األعلى والمتخذة من نقصان‬
‫التعليل الموازي النعدامه‪.‬‬

‫بناء على المواد ‪ 365‬و ‪ 370‬و ‪ 482‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫حيث إنه بمقتضى الفقرة ‪ 8‬من المادة ‪ 365‬والفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 370‬من‬
‫القانون المذكور‪ ،‬فإن كل حكم أو قرار يجب أن يكون معلال من الناحيتين الواقعية‬
‫والقانونية وإال كان باطال‪.‬‬

‫وحيث إن نقصان التعليل يوازي انعدامه‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫وحيث تنص الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 482‬من نفس القانون على أنه‪« :‬يمكن لغرفة‬
‫األحداث بصفة استثنائية‪ ،‬أن تعوض أو تكمل التدابير المنصوص عليها في المادة‬
‫السابقة بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة لألحداث الذين تتراوح أعمارهم بين ‪ 12‬و‬
‫‪ 18‬سنة‪ ،‬إذا ارتأت أن ذلك ضروري نظرا لظروف أو لشخصية الحدث الجانح‬
‫وبشرط أن تعلل مقررها بخصوص هذه النقطة‪ .‬وفي هذه الحالة يخفض الحدان‬
‫األقصى واألدنى المنصوص عليهما في القانون إلى النصف‪.‬‬

‫وحيث إن المحكمة المطعون في قرارها لما أثبتت أن الحدث كان ال يبلغ ‪18‬‬
‫سنة كاملة أثناء الواقعة المتابع من أجلها‪ ،‬وأدانته من أجل جناية السرقة المقرونة‬
‫بالسالح والضرب والجرح العمدي بالسالح وخفضت الحد األدنى للعقوبة عن‬
‫الجريمة األشد عللت سبب رفع العقوبة من ‪ 3‬سنوات إلى ‪ ،5‬وقفزت على األصل‬
‫الذي هو الحكم على الحدث بتدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 481‬من قانون المسطرة الجنائية إلى اإلستثناء‪ ،‬وهو الحكم بعقوبة سالبة للحرية‬
‫دون اإللتزام المقرر قانونا بتعليل مقررها بخصوص ذلك‪ ،‬األمر الذي يكون معه‬
‫قرارها الصادر على النحو المذكور مشوبا بعيب نقصان التعليل الموازي النعدامه‬
‫وهو ما يعرضه للنقض واإلبطال‪".‬‬

‫‪41‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المراكز الخاصة باألحداث الجانحين واإلكراهات التي‬
‫تواجهها‬

‫في إطار الجهود الرامية إلى تجاوز العقوبات السالبة للحرية وآثارها‬
‫السلبية على األحداث نظرا لما يحظى به هذا األخير أي الحدث من عناية من‬
‫طرف كل التشريعات واالتفاقيات الدولية التي تسعى إلى حماية األطفال ‪،‬وكذا‬
‫القانون ‪ 15-12‬المتعلق بمحاكم األحداث الذي تم تبنيه لتعديل وتتميم القانون‬
‫الجنائي وقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ما دفع المغرب باعتباره من الدول المشاركة‬
‫في االتفاقية الدولية لحماية الطفل على اتباع نهج يفضي إلى اإلصالح من خالل‬
‫إعادة إدماجهم وتربيتهم في مراكز متخصصة توفر لهم كل ما يحتاجونه من‬
‫تعليم وتدريب مهني و تهذيب لتحقيق غاية الدولة من هذه المراكز والمتمثلة في‬
‫إصالح المجتمع والحفاظ على أمنه واستقراره‪ ،‬وفي الوقت نفسه إعادة تأهيل‬
‫األحداث ليصبحوا فاعلين داخل المجتمع‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المراكز المتخصصة في إعادة تربية األحداث‬

‫ترتبط المسؤولية الجنائية بالسن القانوني للشخص‪ ،46‬وقد حدد المشرع‬


‫المغربي سن الرشد في ‪ 18‬سنة أي أن الشخص الذي لم يبلغ هذا السن يعتبر إما‬

‫وفي شأن المسؤولية الجنائية لألشخاص عموما نص الفصل ‪ 138‬على أن "الحدث الذي لم يبلغ اثنتي عشرة سنة كاملة‬ ‫‪46‬‬

‫يعتبر غير مسؤول جنائيا النعدام تمييزه ال يجوز الحكم عليه إال طبقا للمقتضيات المقررة في الكتاب الثالث من القانون‬
‫المتعلق بالمسطرة الجنائية كما نص الفصل ‪ 139‬على أن الحدث الذي أتم اثنتي عشرة سنة ولم يبلغ الثامنة عشرة يعتبر‬
‫مسؤوال مسؤولية جنائية ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه‪ .‬يتمتع الحدث في الحالة المذكورة في الفقرة األولى من هذا الفصل‬
‫بعذر صغر السن وال يجوز الحكم عليه إال طبقا للمقتضيات المقررة في الكتاب الثالث من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية‪،‬‬
‫بينما نص الفصل ‪ 140‬على أنه يعتبر كامل المسؤولية الجنائية كل شخص بلغ سن الرشد بإتمام ثمان عشرة سنة ميالدية‬
‫كاملة‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫عدیم المسؤولية أو ناقصها‪ ،‬وهنا يطرح التساؤل حول التدبير أو اإلجراء‬
‫الالزم اتباعه في حالة ارتكاب القاصر أو الحدث لجنحة أو جناية‪ ،‬ونظرا‬
‫للجهود المتواصلة التي قام بها المشرع المغربي ‪ ،‬تم تقديم حلول لهذه اإلشكالية‪،‬‬
‫وتتضمن هذه الحلول إحداث مراكز متخصصة إلعادة إدماج وتربية هذه الفئات‬
‫الضعيفة داخل المجتمع لكونها تتميز بعدم اإلدراك وعدم الوعي الكافي وعدم‬
‫التمييز بين األفعال الخيرة والسيئة باإلضافة إلى مجموعة من العوامل المساهمة‬
‫في ارتكاب األحداث لجنح و جنایات من بينها المحيط الذي ترعرع فيه الطفل‪،‬‬
‫وكذا المخدرات التي أصبحت منتشرة بين المراهقين نظرا لسهولة الحصول‬
‫عليها‪ ،‬باإلضافة إلى قيمتها المادية التي أصبحت في متناول الجميع ‪ ،‬وباعتبار‬
‫أطفال اليوم هم شباب المستقبل ورجاله عملت كل سلطات الدولة المغربية‬
‫وتضامنت كل أطرها على تحسين وإصالح المجتمع من خالل المراكز المهتمة‬
‫بإعادة تربية األحداث‪ ،‬ومن بين هذه المراكز نجد مراكز حماية الطفل المتواجدة‬
‫في الرباط‪.47‬‬

‫باعتبار هذه المراكز مؤسسات سوسيو تربوية تابعة لوزارة الشباب‬


‫والرياضة تستقبل بناء على مقرر قضائي األطفال في نزاع مع القانون وكذلك‬
‫األطفال في وضعية صعبة‪ ،‬وتتمثل مهامها في ضمان إعادة التربية وإدماج‬
‫األحداث المودعين بها‪.‬‬

‫األهداف التي تسعى إليها هذه المراكز‪:‬‬

‫‪ 47‬المملكة المغربية‪ ،‬وزارة الشباب والثقافة ‪ ،2024 /4 /17‬الساعة ‪20:00‬‬

‫‪43‬‬
‫تهدف المراكز المتخصصة في إعادة التربية لألحداث القاصرين الذين‬
‫تتراوح أعمارهم بين ‪ 12‬و ‪ 18‬عاما الذين ارتكبوا أعماال إجرامية جنائية يعاقب‬
‫عليها القانون إلى‪:‬‬

‫‪ -‬صياغة مقترحات توجيهية يتم تقديمها إلى السلطات القضائية بهدف‬


‫اتخاذ اإلجراءات القضائية المناسبة ‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم الخدمات اإلجتماعية والتعليمية والصحية التي من المحتمل أن‬
‫تساعد في إعادة التعليم واإلدماج االجتماعي للقاصرين‪.‬‬
‫‪ -‬تزويد األحداث أو القاصرين بالتدريب التربوي والمهني قصد تعزيز‬
‫استقالليتهم وإعادة إدماجهم اإلجتماعي واإلقتصادي عند انقضاء فترة إقامتهم‬
‫في المراكز‪.‬‬
‫‪ -‬ترسيخ الروابط اإلجتماعية للقاصرين مع أسرهم‪.‬‬

‫وتتحقق هذه األهداف من خالل اعتماد أساليب ومنهجية عمل يتعامل بها‬
‫المربون العاملون بمراكز حماية الطفل قصد ضمان كفاءة وفعالية واتساق‬
‫العمل التربوي تجاه القاصرين‪ ،‬حيث يتوفر القسم على مهنيين معينين‬
‫متخصصين وينظمون اجتماعات دراسية من أجل تحسين وإتقان األساليب‬
‫التربوية والنفسية في مجال حماية الطفل‪ ،‬وتشتمل مراکز حماية الطفولة على‬
‫بنیات استقبال متعددة حيث تتوفر هذه المراكز على فضاءات اإلقامة وتضم‬
‫مرافق جماعية للنوم وقاعات لألكل‪ ،‬ومرافق للنظافة واإلستحمام وفضاءات‬
‫التكوين كما تضم مجموعة من األقسام للدروس النظرية الخاصة بالتخصص‬
‫المهني و أقساما دراسية وأقساما للتعليم غير النظامي‪ ،‬إضافة إلى فضاءات‬

‫‪44‬‬
‫تربوية للتنشيط والترفيه ومالعب رياضية لمزاولة األنشطة الرياضية في‬
‫الهواء الطلق‪.‬‬

‫تتألف مراكز حماية الطفولة من فرع المالحظة وفرع إعادة التربية‪ 48‬وفي‬
‫القسم األول يودع األحداث بصفة مؤقتة‪ ،‬من أجل دراسة شخصية كل منهم‬
‫وتشخیص الصعوبات النفسية و اإلجتماعية التي يعانون منها‪ ،‬كما يتم تجميع‬
‫المعلومات المتعلقة بالوسط العائلي و اإلجتماعي الذي عاش فيه الحدث‬
‫والتقصي حول سوابقه الصحية والسلوكية قبل جنوحه‪ ،‬وتحليل المعلومات و‬
‫المعطيات المتوصل إليها من قبل أخصائيين والذين توكل إليهم مهمة تحديد‬
‫المقترح المالئم للحدث موضوع المالحظة‪ ،‬وتقديم هذا المقترح للجهات‬
‫القضائية قصد اتخاذ التدبير القضائي المناسب لفائدة الحدث سواء بإرجاع‬
‫الحدث إلى عائلته أو إلحاقه بمراكز حماية الطفولة (اإلصالحيات) في الجنحة‬
‫المرتكبة بحيث يتوقف إعادة الحدث إلى عائلته على التقرير الذي يقدمه الطاقم‬
‫التربوي المشرف على الحالة ‪،‬فبعد تشخيص حالة الحدث يقترح المشرفون‬
‫األخصائيون على القضاء إرجاع الحدث لعائلته إذا توافرت جملة من الشروط‬
‫أهمها عدم خطورة الجنحة المرتكبة من طرف الحدث‪ ،‬وعدم وجود اهتمام‬
‫األسرة بالحدث وقدرتها على تلبية الحاجيات األساسية له ‪.‬‬

‫أما إلحاق الحدث بمراكز حماية الطفولة إلى حين أن يبلغ سن الرشد و من‬
‫ثم ترحيله إلى السجن فيتم هذا اإلجراء في حالة خطورة الجنحة المرتكبة من‬
‫لدن الحدث ووجود وسط عائلي متفكك أو غير تربوي وغياب اهتمام األسرة‬
‫بابنها أو عجزها على تلبية حاجياته األساسية‪ ،‬كما تتم إحالة الحدث على نظام‬
‫‪ 48‬المغرب يتبنى قوانين لتقويم سلوك الجانحين ‪ 19‬أكتوبر ‪www.aletihad.ae 20:32 2010‬‬

‫‪45‬‬
‫الحرية المحروسة و يستدعي اقتراح هذا التدبير عدم خطورة الجنحة المرتكبة‬
‫من لدن الحدث ورغبة األسرة في إرجاع ابنها‪ ،‬و توافر وسط عائلي تربوي‬
‫وقدرة األسرة على تلبية الحاجيات األساسية للحدث ورغبة الحدث في الرجوع‬
‫ألسرته ‪ .‬وفي فرع إعادة التربية يتم إجراء الفحص الطبي للحدث و اختبارات‬
‫لمعرفة مستواه الدراسي أو الذهني وتتبعه في كل األنشطة التربوية والرياضية‬
‫و مالحظة سلوكه‪.‬‬

‫ويستقبل فرع إعادة التربية كل األحداث الذين تبين خالل إقامتهم بفرع‬
‫المالحظة‪ ،‬أنهم في حاجة إلى الحماية واإلصالح وتقويم السلوك‪ ،‬وتتم إحالتهم‬
‫لهذا الفرع بموجب تدبير قضائي الهدف منه اكتساب الحدث قواعد النظام والقيم‬
‫اإلجتماعية والتدرب على الحياة داخل الجماعة وتمتد الروابط بين الحدث‬
‫ووسطه العائلي‪.‬‬

‫وخالل إقامته بمركز حماية الطفولة (اإلصالحية) يستفيد الحدث من‬


‫تكوين مهني ودراسي يؤهله لإلندماج اإلقتصادي واإلجتماعي في المجتمع كما‬
‫يستفيد بدرجة أكبر من أنشطة تقويم السلوك عن طريق إدماجه في الجماعة‪،‬‬
‫وإناطته بأدوار ومهام إلنجاز بعض األعمال اليومية بالمركز وإشراكه في‬
‫األنشطة الترفيهية والرياضية‪ ،‬و يستفيد األحداث الذين أبانوا عن انضباط‬
‫وحسن سلوك من إقرار نظام الزيارات دون أي شرط كأن يستفيد الحدث من‬
‫عطل دورية لقضائها مع أسرته وعطل استثنائية عند الضرورة‪.‬‬

‫وعند انتهاء األحداث الجانحين من مدة إقامتهم بمراكز التربية واإلصالح‪،‬‬


‫يحال األحداث على أندية العمل اإلجتماعي باعتبارها مؤسسات تربوية تفتح في‬

‫‪46‬‬
‫وجه األطفال الذين غادروا مراكز إعادة التربية حيث واصلوا دراستهم أو‬
‫تكوينهم المهني إلى أن حصلوا على دبلوم أو شهادة لكنهم مع ذلك ما زالوا في‬
‫أمس الحاجة إلى مرحلة انتقالية بين نظام الحياة في المركز الذي كانوا فيه‪ ،‬وبين‬
‫الحياة في الوسط الطبيعي الذي يمكن أن يرجعوا إليه عند إتمام مدة التدبير‬
‫المقرر في حقهم‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن أندية العمل اإلجتماعي‬
‫يمكن أن يحال عليها األحداث مباشرة من مراكز المالحظة في الحاالت التالية‪:‬‬

‫إذا كانت حالة الحدث تتطلب مدة قصيرة إلدماجهن جديد في المجتمع وكان‬ ‫‪-‬‬
‫عمره يبلغ ‪ 17‬سنة‪.‬‬
‫إذا كان الحدث يتابع دراسته بإحدى المدارس الثانوية أو استفاد من تكوين‬ ‫‪-‬‬
‫مهني خارج المؤسسات ويتطلب مدة قصيرة لتعويده على الحياة العملية‪.‬‬

‫وتتميز أندية العمل اإلجتماعي بكونها مؤسسات شبه داخلية‪ ،‬تتواجد قرب‬
‫أماكن العمل‪ ،49‬وترمي إلى تحقيق جملة من األهداف منها‪:‬‬

‫مساعدة األحداث على تتميم تكوينهم المهني‪ ،‬وتنمية مداركهم الفنية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تمكين األحداث المتمدرسين من متابعة دراستهم في أحسن الظروف وضمان‬ ‫‪-‬‬
‫عدم انقطاع الطفل عن المدرسة نظرا لما قد يترتب عن ذلك من عواقب‬
‫وخيمة على مستقبله المهني والشخصي والعائلي‪.‬‬
‫تهييء الحدث نفسيا ومهنيا لإلنخراط في المجتمع والعودة إلى محيطه‬ ‫‪-‬‬
‫بعادات سلوكية ومهنية ونفسانية جديدة‪.‬‬

‫‪ 49‬السراج حسن‪ ،‬منهجية العمل بمؤسسات ومصالح حماية الطفولة‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪47‬‬
‫استقراء سلوك الحدث وردود أفعاله وكيفية تعامله‪ ،‬ودرجة اندماجه قبل‬ ‫‪-‬‬
‫إطالق سراحه واسترجاعه لحريته بصفة تامة‪ ،‬لمعرفة مدى قدرته على‬
‫اإلنضباط للواجب اإلجتماعي في الحياة العملية‪.‬‬
‫تعويد الحدث على اإلعتماد على النفس والمبادرة والقدرة على اإلنتاج بدل‬ ‫‪-‬‬
‫الركون إلى أساليب اإلتكال والالقانون في تحقيق ذاته والوصول إلى غاياته‪.‬‬

‫والمالحظ أن أندية العمل اإلجتماعي قد تراجع دورها نسبيا بعد إحداث ما‬
‫يسمى بأندية ما قبل الخروج والتي سنتحدث عنها ال حقا‪ ،‬ولهذا فقد تم إغالق نادي‬
‫العمل االجتماعي بمكناس رغم سعة جهة مكناس تافياللت وحاجتها الماسة إلى هذا‬
‫النادي‪ ،‬بحيث أصبحت المحكمة القضائية بمكناس تحيل األحداث المحكومين لديها‬
‫على نادي العمل اإلجتماعي في فاس‪.‬‬

‫وهناك أندية ما قبل الخروج وهي مؤسسات تربوية واجتماعية تم إحداثها‬


‫مؤخرا‪ ،‬وتكمن مهامها األساسية في استقبال األحداث الذين أوشكوا على إنهاء مدة‬
‫الوضع في مراكز إعادة التربية وهي بذلك تقوم أساسا مقام أندية العمل اإلجتماعي‬
‫داخل المؤسسات الموجودة في المناطق التي ال تتوفر على نادي العمل اإلجتماعي‪.‬‬

‫المراحل التي يقطعها الحدث عند إحالته على المؤسسات التابعة لمصلحة حماية الطفولة‪:‬‬

‫األسرة‬
‫‪48‬‬
‫المحكمة أو وكيل الملك أو‬
‫قاضي األحداث‬

‫مصالح الحرية‬
‫مراكز حماية الطفولة‬ ‫المحروسة‬

‫فروع المالحظة‬ ‫طور التجربة والتربية‬

‫‪-‬فترة المالحظة‪.‬‬
‫‪-‬فترة التوجيه‪.‬‬

‫أندية العمل‬
‫االجتماعي‬ ‫أندية ما قبل الخروج‬

‫‪49‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلكراهات والواقع الحالي لمراكز إعادة تربية األحداث بالمغرب‬

‫مراكز إعادة التربية لألحداث الجانحين بالمغرب قد تواجه إكراهات على‬


‫‪50‬‬
‫وكذلك علی مستوی دور مراکز‬ ‫مستوى أداء مراكز اإلصالح و التهذيب‬
‫حماية الطفولة‬

‫أ‪ -‬إكراهات ومعيقات تأهيلية على مستوى مراكز اإلصالح والتهذيب‪:‬‬

‫خولت المواد ‪ 486 481‬و ‪ ,489 ,492‬و ‪ 493‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫للمستشار المكلف باألحداث والهيئات التي تبت في قضايا األحداث وتتخذ تدبيرا من‬
‫تدابير الحماية والتهذيب الواردة في المادة ‪ 481‬والتي تم التطرق لها في المطلب‬
‫الخاص بالتدابير المتخذة في حق الحدث الجانح‪ ،‬فحين تنتهي مسطرة محاكمة‬
‫الحدث الجانح بمقرر يقضي بإدانته ‪،‬تبدأ مرحلة جديدة وهي ما بعد محاكمة الحدث‬
‫الجانح والمتمثلة في إيداعه بمراكز اإلصالح و التهذيب‪.‬‬

‫فالمؤسسة السجنية لم تستطع القيام بمهمتها األساسية التي وجدت من أجلها أال‬
‫وهي العمل على الحد و الوقاية من الجريمة وتحقيق اإلندماج اإلجتماعي لألحداث‬
‫المنحرفين في المجتمع‪.‬‬

‫وذلك لكون السجون لم تعد ذات فاعلية في تقويم المنحرفين وذلك راجع إلى‬
‫مجموعة من العوامل كاإلكتظاظ وهو ما أكدته دراسة حديثة عن وضعية السجناء‬
‫‪51‬‬
‫وأشارت إلى أنه رغم اإلرادة الحسنة والجهود المبذولة‬ ‫األحداث بالمغرب‬
‫للنهوض بمراكز إعادة التربية واإلدماج إال أن ظاهرة اإلكتظاظ تحد من فعالية‬

‫‪ 50‬محمد بنبراهيم ‪ ،01.01.2014‬مجلة الحكمة للدراسات االجتماعية ‪volume 2, numero 3, page 260-280‬‬
‫‪ 51‬سفیان رازق ‪ 11‬أكتوبر ‪ 14:00 2023‬دراسة ترصد وضعية السجناء األحداث بالمغرب‪ ،‬العمق المغربي‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫اإلجراءات المتخذة في مجال رعاية األحداث حيث أن لهذه األخيرة تأثير كبير على‬
‫جودة الخدمات المقدمة لألطفال وكمثال على ذلك نشير إلى إصالحية عين السبع‬
‫بالدارالبيضاء‪ ،‬حيث كان عدد النزالء بها حين تمت زيارتها سنة ‪ 2023‬من طرف‬
‫لجنة إعداد الدراسة ‪ 916‬نزيال في حين أن طاقتها اإلستيعابية ال تتعدى‬
‫‪، 688‬وأشار المصدر ذاته أنه قد حدث وأن تم إيداع أزيد من ‪ 320‬حدثا خالل شهر‬
‫واحد نتيجة ألحداث شغب إثر مباريات في كرة القدم األمر الذي تكون له انعكاسات‬
‫على الخدمات التي تقدمها المؤسسة‪.‬‬

‫كما تعاني مراكز اإلصالح والتهذيب من خصاص األطر التي لها تكوين‬
‫خاص لضمان اإلشراف التربوي والنفسي للقاصرين‪ ،‬داعية إليالء اهتمام خاص‬
‫لتكوين العاملين في مثل هذه المؤسسات على التكفل باألطفال من خلفيات متنوعة‪،‬‬
‫خاصة أنهم من يقدمون الرعاية الصحية و يمارسون التعليم ويقومون ببرامج‬
‫األنشطة و المسابقات الوطنية وكذا الدعـم الروحي والتربوي ‪ ،‬وفي هذا السياق‬
‫يرى بعض الباحثين أن السجن كعقوبة لم يؤت ثماره وأنه قدم من برامج وأنشطة‬
‫فإن تأثيره على النزالء يبقى محدودا و غیر مجد في إصالحهم وإعادتهم أسوياء‬
‫للمجتمع ‪ ،‬ألن وظيفة السجن ال تعدو أن تكون وسيلة للترهيب في حين تراهن‬
‫طائفة أخرى على مواكبة المؤسسات السجنية لصيرورة التطور الذي تشهده‬
‫المجتمعات‪ ،‬وأن اعتماد األساليب التقويمية‪ ،‬الممنهجة سوسيولوجيا‪ ،‬تربويا‪ ،‬ثقافیا‪،‬‬
‫تکوینیا حقوقیا یمکن أن يؤتي أكله بالتدرج في مجال تصحيح اإلعوجاجات‬
‫واإلختالفات وتغيير المفاهيم البالية ‪ ،‬إذ تكتسي مسألة النهوض بواقع المؤسسات‬
‫السجنية مظهرا من مظاهر األلفية الثالثة التي يجب كسبها‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫فمراكز اإلصالح والتهذيب تعاني من إكراهات عدة تحول دون أدائها للدور‬
‫الذي أحدثت من أجله‪ ،‬فلئن كان يحسب للمشرع المغربي تبنيه للمقاربة التأهيلية‬
‫اإلصالحية حماية للحدث و سعيا لبلوغ العدالة الجنائية لألحداث إال أن الواقع يثبت‬
‫وجود مجموعة من المعيقات الحائلة دون النجاح المنتظر من دور هذه المؤسسات‪.‬‬

‫ب‪ -‬على مستوى مراكز حماية الطفولة‪:‬‬

‫على الرغم من التقدم المحرز ال يزال قطاع حماية الطفل يواجه تحديات‬
‫كبرى وإكراهات تعرقل حماية الطفل بالشكل المرغوب‪ ،‬وبالتالي تحد من‬
‫تكريس اختصاصات هذه المراكز التي تساهم في إعادة إدماج وتأهيل األطفال‬
‫داخل المجتمع بحيث يقدر عدد الذين يعيشون في مؤسسات الرعاية بنحو‬
‫‪ 100000‬طفل‪ ،‬إال أن هذه المؤسسات تعاني عموما من عدة اختالالت‬
‫وإكراهات لعل أبرزها ‪:‬‬

‫‪ -‬نقص التمويل المخصص لدعم مراكز حماية الطفولة‪.‬‬


‫‪ -‬غياب التكوين والتأطير داخل نسق هذه المراكز مما يفضي إلى غياب‬
‫كفاية الموظفين المؤهلين‪.‬‬
‫‪ -‬إيداع األطفال بدون تصنيف قائم على السن أو سبب اإليداع (األطفال‬
‫في وضعية صعبة أو في نزاع مع القانون) مما يشكل عائقا أمام توفير التكفل‬
‫المالئم لكل فئة ويطرح مشکل سالمة األطفال دون سن ‪ 12‬وكذلك الذين في‬
‫وضعية إعاقة‪.‬‬
‫‪ -‬إضافة إلى أنه لم يتم إلى حد اليوم تطوير مشروع األسر الحاضنة‬
‫بشكل جيد‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -‬كما أن نظام التبني ال يخضع لرقابة كافية‪ ،‬وقد ال يتم تسجيل األطفال‬
‫المولودين خارج إطار الزواح عند الوالدة أو يتم التخلي عنهم أو إيداعهم‬
‫بإحدى عين مؤسسات الرعاية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم أخذ ضرورة قرب المراكز من محل سکن األطفال بعين‬
‫اإلعتبار‪.52‬‬
‫‪ -‬التباينات الكبيرة بين المراكز فيما يخص النزالء‪.‬‬
‫‪ -‬عدم خضوع المراكز للمعايير الدولية المعتمدة في مجال اإلستقبال‬
‫والتكفل باألطفال (المعايير المتعلقة بالبيانات والتجهيزات و نوعية التأطير‬
‫وسالمة وحماية األطفال)‬
‫‪ -‬عدم خضوع المراكز لمراقبة منتظمة من قبل اإلدارة الوصية‪.‬‬
‫‪ -‬ظروف العيش (اإلقامة النظافة والتغدية )ال تضمن الحقوق الساسية‬
‫لألطفال‪.‬‬
‫‪ -‬عدم ضمان الحق في الصحة والسالمة البدنية والحماية من كافة‬
‫أشكال العنف واإلستغالل‪ ،‬وكذا الحق في إعادة تربية مناسبة وفي المشاركة‬
‫وحق األطفال في اإلنصات إليهم وحمايتهم ومساعدتهم قانونيا طوال‬
‫المسلسل القضائي‪.‬‬
‫‪ -‬كما تهم تلك اإلختالالت تعرض األطفال المودعين للعقوبات البدنية‬
‫والشتم واإلهانة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم احترام حق األطفال في اللجوء إلى آليات للتظلم طبقا للمعايير‬
‫الدولية المعمول بها‪.‬‬

‫‪ 52‬الدكتورة جوهرة بو سجادة ‪ 07.12.2001‬ورقة بحثية ‪ .‬الواقع المؤلم لمراكز حماية الطفولة بالمغرب‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬عدم تفعيل عملية تتبع األطفال في الوسط الطبيعي خالل مرحلة ما‬
‫بعد مغادرتهم للمراكز وهو ما يمس بحق الطفل في إعادة إدماجه‬
‫اإلجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬غياب سياسة أسرية ( دعم نفسي ‪ -‬اجتماعي دعم سوسيو اقتصادي‪،‬‬
‫مساعدة على األبوة) وغياب تدابير بديلة إليداع األطفال في‬
‫المراكز( صعوبة الحصول على الكفالة و غیاب مقتصیات مقننة ألسر‬
‫االستقبال)‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تنزيل نص قانوني ينظم مقتضيات مراكز حماية الطفولة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫خاتمة‪:‬‬

‫من خالل تتبعنا لمختلف المراحل التي تمر منها محاكمة األحداث‬
‫الجانحين‪ ،‬خلصنا الى أن المشرع المغربي سار على نفس نهج اإلتفاقيات‬
‫الدولية‪ ،‬بحيث شهد هذا النهج المتبع في الوقاية من الجنوح ومعالجته تطورا‬
‫متناميا على مستوى الفكر والعمل الدولي والوطني ‪ ،‬وهو تطور يهدف دون‬
‫أدنى شك إلى ضمان مقومات الرعاية المتكاملة لألحداث و لوقايتهم من الجنوح‬
‫وتوفير أفضل الوسائل الممكنة لمعالجة الجانحين منهم‪ ،‬مع الحفاظ على سالمة‬
‫تكوينهم وحقوقهم اإلنسانية‪ ،‬وعلى الرغم من تتبع المشرع المغربي هذا النهج‬
‫الصائب‪ ،‬إال أن هناك بعض المعايير التي تختلف من مجتمع آلخر والتي‬
‫يستحسن أن يأخدها المشرع بعين االعتبار‪ ،‬كالمستوى االقتصادي والمعيشي‬
‫ألسر األحداث الجانحين (الدخل ‪ -‬المستوى التعليمي ‪)...‬‬

‫إن المشرع المغربي أقام تشريعاته الخاصة بمساءلة األحداث على أساس‬
‫إصالحي وتربوي يهدف إلى إصالح الحدث وتقويمه وإعادة إدماجه في المجتمع‬
‫ليكون عنصرا فعاال ونافعا‪ ،‬ولكن لم يفرد لألحداث قانونا خاصا بهم وإنما وضع‬
‫مجموعة من األحكام الشكلية الخاصة وأورد األحكام الموضوعية الخاصة بهم في‬
‫مجموعة القانون الجنائي بالفصول (‪ ) 140 - 138‬والفصل (‪ . )162‬وعلى الرغم‬
‫من أن الهيئات القضائية تعمل كل ما في جهدها لتحقيق الغاية المنشودة من تقرير‬
‫الحماية لألحداث الجانحين رغم كل الصعوبات‪ ،‬فإنه يتوجب العمل على تحقيق ما‬
‫يلي (التوصيات)‪:‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -‬عدم إيداع األحداث باإلصالحيات إال في حالة عدم وجود بديل‪.‬‬
‫‪ -‬تنصیب محاكم خاصة باألحداث‪.‬‬
‫‪ -‬نشر الوعي بين اآلباء واألمهات حول المشاكل الصحية والنفسية‬
‫واإلجتماعية التي يتعرض لها األحداث وطرق معالجتها ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلكثار من البرامج التثقيفية والترفيهية المناسبة لألحداث‪.‬‬
‫‪ -‬وضع سياسات من شأنها أن تكفل تنشئة األحداث في بيئة أسرية‬
‫متزنة ومستقرة‪ ،‬وتزويد األسر التي تحتاج المساعدة بالخدمات الالزمة‬
‫لتسوية أوضاعها الداخلية‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة وتعزيز منظمات الشباب على المستوى المحلي‪ ،‬ومنحها مركز‬
‫المشارك الكامل في إدارة شؤون المجتمع المحلي‪ ،‬بحيث تسهر على تنظيم‬
‫المشاريع التي تستهدف تقديم المساعدة لألحداث الجانحين‪.‬‬

‫نتمنى أن نكون قد وفقنا في إنجاز هذا البحث ولو قليال‪ ،‬وإن كان هناك‬
‫نقص أو تقصير فألننا في بداية مجال البحث العلمي‪ ،‬ونرجوا من هللا أن يوفقنا‬
‫إلى ما هو أفضل‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫‪ ‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد الخمليشي ‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬مكتبة‬

‫المعارف‪ ،‬الطبعة ‪ – 12‬الرباط‪.‬‬

‫‪ -‬مصطفى المحمدي الشرادي‪ ،‬الوضع الشرعي والقانوني للطفل‬

‫القاصر‪ ،‬مكتبة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد وهدان ‪ ،‬دور شرطة األحداث‪ ،‬مرحلة الضبط القضائي اآلفاق‬

‫الجديدة للعدالة الجنائية في مجال األحداث ‪ .‬دار النهضة العربية ‪.1996‬‬

‫‪ -‬عمر الفاروق الحسنى انحراف األحداث ‪ /‬المشكلة والمواجهة‪.‬‬

‫‪ -‬يوسف تملكوتان‪ ،‬الحماية القانونية للحدث أثناء التحقيق في التشريع‬

‫المغربي ع ‪ 15‬الموسم الرابع ‪ 1444‬يناير‪ -‬مارس ‪. 2013‬‬

‫‪ -‬أحمد عوض بالل‪ ،‬اإلجراءات الجنائية المقارنة والنظام العام‬

‫اإلجرائي في المملكة العربية السعودية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‬

‫‪.1990‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ ‬النصوص القانونية‪:‬‬

‫‪ -‬قانون المسطرة الجنائية المغربي‪.‬‬

‫‪ -‬قانون الطفل في التشريع المصري‪.‬‬

‫‪ -‬قانون األحداث في التشريع العراقي‪.‬‬

‫‪ -‬قانون العقوبات في التشريع الجزائري‪.‬‬

‫‪ -‬قانون رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 1994‬بأن األحداث المنشور في الجريدة الرسمية‬

‫ع ‪2‬تاريخ النشر ‪ ، 1/1/1994‬وزارة العدل بدولة قطر‪.‬‬

‫‪ -‬القانون االتحادي رقم ‪ 6‬لسنة ‪ 2022‬بشأن األحداث الجانحين‬

‫والمعرضين للجنوح‪ ،‬لدولة اإلمارات العربية‪.‬‬

‫‪ ‬المواثيق الدولية‪:‬‬
‫‪ -‬قواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا إلدارة شؤون األحداث( قواعد‬

‫بكين) لسنة ‪.1985‬‬

‫‪ -‬االتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة عن جمعية األمم المتحدة في‬

‫‪ 20‬نونبر ‪.1989‬‬

‫‪ ‬القرارات‪:‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ ‪.13/5/1998‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -‬قرار المجلس األعلى في المادة الجنائية منشورات تنمية البحوث‬

‫والدراسات القضائية الرباط‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الفهرس‬

‫الشكر‪1............................................................................................ :‬‬
‫اإلهداء ‪1............................................................................................‬‬

‫الئحة المختصرات‪1.............................................................................. :‬‬


‫المقدمة‪1........................................................................................... :‬‬
‫املبحث األول‪ :‬اإلجراءات الخاصة باألحداث خالل مراحل الدعوى العمومية‪1.....................:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التدابير المتخذة في حق األحداث في مرحلة البحث التمهيدي‪1...............‬‬


‫الفقرة األولى ‪ :‬مرحلة البحث والتحري ‪1....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مرحلة اإلحتفاظ بالحدث ‪1.....................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التدابير المتخذة في إطار مرحلة التحقيق اإلعدادي‪1.........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلجراءات المتخذة خالل مرحلة التحقيق‪1..................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلجراءات المتخذة خالل مرحلة المحاكمة‪1.................................‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬التدابير املتخذة في حق الحدث الجانح املدان بمراكز التربية واإلدماج واإلكراهات التي‬
‫يواجهها ‪1............................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العقوبات المتخذة في حق الجانح المدان‪1.....................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬التدابير التربوية ‪1.............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬العقوبات السالبة للحرية ‪1.....................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المراكز الخاصة باألحداث الجانحين واإلكراهات التي تواجهها‪1...........‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المراكز المتخصصة في إعادة تربية األحداث‪1.............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلكراهات والواقع الحالي لمراكز إعادة تربية األحداث بالمغرب‪1.........‬‬
‫خاتمة‪1............................................................................................. :‬‬

‫الئحة المراجع‪1................................................................................... :‬‬

‫‪60‬‬

You might also like