Professional Documents
Culture Documents
(شرح كتاب النقطة )بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
(شرح كتاب النقطة )بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
بسم هللا الرحمن الرحيم والصالة والسالم على سيدنا محمد الرؤوف الرحيم نقطة
الوجود المحدث والقديم ونقطة الجود بالرحمة والنعيم وعلى اله وصحبه اجمعين.
ذكر سيدي القطب الجيلي في كتابه المسمى ب 《 كتاب النقطة الموسوم بحقيقة
الحقائق التي هي للحق من وجه ومن وجهه للخالئق 》
مفهوم النقطة وشرحها وظهورها في الحروف
وسنضع بالترتيب جميع ماذكره في كتابه الكريم ،
على شكل نصوص ،وتحتها شرحا مفصال سائلين المولى عز وجل ان يلهمنا
ويسددنا الفهم وااللقاء كي تكون العبارة سديدة على وجه من التبسيط كي يحصل
الفهم عند القارئ ،الن علوم النقطة من علوم االولياء الكمل وال يتحصل الي احد
االحاطة الكاملة بفهمها ،والفهم يكون حسب كل شخص ومقامه وسعيه ومرامه..
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
حتى نفهم كالم سيدي الجيلي قدس هللا سره ،يجب ان نعلم ان الوجود هو مايطلق عليه بالكتاب
الكبير او الكتاب المنظور او الكتاب المنشور او الكتاب المرقوم
( معانيهم تختلف لكن بمجملهم ان الوجود هو كتاب )
وقد قال سيدي ابن عربي قدس هللا سره :ان الوجود ماهو اال حروف وكلمات...
وهذا الكتاب الكبير هو القرآن الكبير ،وكتاب القرآن الصغير هو الكتاب الذي بين ايدينا من
حروف وكلمات مكتوبة مسمى بالمصحف
والفرقان هو الوصل بين الكتاب الكبير الذي هو الوجود ،والكتاب الصغير الذي هو المصحف
،
بمعنى ان الوجود مكون من حروف وكلمات وايات وسور واحزاب واجزاء وقراءات مختلفة
ويفهم كالمنا من اختص بعلم البرمجيات والحواسيب ،حيث يقال صورة رقمية ،او برمجة
حرفية
فالصورة او الفديو او غيره ،هو عبارة عن ارقام وحروف مكتوبة على قرص يقوم الحاسب
باظهارها بشكل صور وفديو
(ووضعنا هذا المثال لتقريب الفهم وليس ان الوجود هكذا بالضبط ،وكل مثال نضعه هو
لتقريب الفهم وليس عين حقيقة المعنى )
وبالتالي فان هذا الوجود المملوء بالم خلوقات على صور شتى ال حصر لها ،ماهو اال حروف
اجتمعت مع بعضها فاعطتت كلمة ،والكلمة اعطتت صورة مناسبة لمعناها على حسب ما
فهمه الوجود منها
يعني ان الكلمة الواحدة قد يكون لها عدة معاني على حسب اللغة وفهم المستمع ،فكلمة شجرة
عندنا معناها كما نعرفه ،ولكن اذا قلت شجرة لشخص اجنبي ،فلن يفهمها اال اذا كانت عندهم
في لغتهم كلمة بنفس اللفظ ،عندها يفهمها على حسب ماعنده من المعاني ،واجتماع هذه
الحروف سماه سيدي ابن عربي بالنكاح العلوي او نكاح االباء واالمهات العلويات
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الن كل اجتماع للحروف بترتيب معين يولد عنه كلمة ،والكلمة لها معاني شتى حسب لفظها
وطريقة كتابتها
وسبب ذكرنا ترتيب معين ،ذلك ان الحروف اذا تغير ترتيبها تغيرت الكلمة ،وتغيرت معانيها
تبعا لها
فلك ان تتخيل يرحمك هللا كم ينتج من كلمات ال نهاية لها ولها معاني ال نهاية لها ،فقط من
اختالف ترتيب الحروف بين بعضها
وبالتالي فان هذا الوجود هو قرأن ال حد له ،الن حروف القرأن اذا تغير ترتيبها اعطتت
معنى جديدا ..
وهذا التغيير ال نهاية له ،الن العالم دائم الظهورات وال حد وال نهاية لمخلوقاته وصوره ...
وقد وصف العارفون الوجود بالعالم الكبير ،واالنسان بالعالم الصغير ،الن االنسان نسخة
مصغرة عن الوجود ،جمع هللا فيه كل شيء من الوجود على حسب مقامه،
وجميع كل هذا الوجود بكامله اجتمع في انسان واحد ،اطلق عليه اسم االنسان الكامل الندراج
جميع الوجود باكمله فيه ،وهو سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم
لذلك قالت ستنا عائشة واصفة اياه ( :قرآنا يمشي على االرض )
الن الوجود هو عالم القرآن ،وسيدنا محمد هو االنسان القرآن
■ وبعد ان اتضح ان الوجود هو كتاب مكون من حروف ال حد لها وكلمات ال حصر لها ذات
معاني النهاية لها...
يقول سيدي الجيلي ان النقطة هي حقيقة حقائق الحروف كما ان الذات هي حقيقة حقائق
الوجود ،
يعني ان جميع الحروف اصلهم نقطة ،الن الحرف مكون من نقاط صغيرة ،مرتبته بترتيب
معين ،حتى اظهرته بهذا الشكل واللفظ والمعنى
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فمثال :اي جسم مكون من ذرات ،وكل جسم يوجد فيه عدد ذرات محدد يختلف عن جسم اخر
،وحتى ولو كان عدد الذرات نفسه لكن يختلف الجسم بترتيب وتموضع هذه الذرات ،وحتى
ولو كان نفس العدد ونفس الترتيب فيختلفان بامور اخرى يعلمها من درس الفيزياء
وبالتالي فان كل هذه االجسام مكونة من ذرات ،وتختلف بين بعضها بالعدد والترتيب
والتموضع وغيره...
وهكذا الحروف ،فجميعها مكونة من نقاط ،وتختلف بين بعضها بالترتيب والتموضع والشكل
وووو
كمن يقول :جميع الحروف والكلمات من حبر واحد فال فرق ...
( ال فرق بين عربي واعجمى اال بالتقوى )
فكانت النقطة حقيقة حقائق الحروف ،الن جميع الحروف صادرة عنها .
وشبهها سيدي الجيلي بالذات ،الن جميع الصفات واالسماء صادرة عن الذات ،فالذات حقيقة
حقائق الوجود
وهو ماشرحناه في االعلى ،فالنقطة تظهر في كل الحروف بشكل وترتيب معين ،يؤدي الى
تميز واختالف كل حرف عن اخر ،فحرف الدال مختلف عن حرف الشين ....مع ان
اصلهما واحد وهو النقطة
والذات ايضا تظهر في كل صفة بتجلي وسريان محدد ،يؤدي الى اختالف وتميز كل صفة
عن اخرى ،فصفة المنعم مختلفة عن صفة المنتقم ....مع ان اصلهما واحد وهو الذات
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
وهو ماشرحناه ايضا في االعلى ،ان الحرف هو مجموع من النقط مرتبة بترتيب ونسق
وشكل معين ،
وبالتالي نسبة الحرف من النقطة كنسبة الجسم من الجوهر الفرد
وهو كنسبة االجسام من الذرات كما وضحنا في المثال في االعلى عن الذرات..
وهو كنسبة الصفات من الذات
وهنا ينوه سيدي الجيلي الى حقيقة االنسان ،بانه نقطة الوجود وهو العالم الصغير الجامع
للعالم الكبير
كما قال سيدنا علي ك رم هللا وجهه ( :اتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم االكبر )
لذلك خاطبه سيدي الجيلي لوال انت لما ظهر الحرف ،الن االنسان حرف من احرف الوجود ،
وهذا في حق االنسان غير الكامل
اما في حق االنسان الكامل فقد قال له تعالى :لوالك لما خلقت االفالك ،النه هو الوجود باسره
صلى هللا عليه وسلم.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
ثم يخاطب سيدي الجيلي االنسان ويقول له انت النقطة فاظهر بذاتك في حقائق حروف الوجود
يعني افهم مقامك في الوجود ومرتبتك وسرك يا ايها العالم الصغير الجامع للعالم الوجودي
الكبير
فانت يمكن ان تتصور في اي صورة تشاء كما قال لك تعالى :في اي صورة ماشاء ركبك
الن جميع صور الوجود لها نسبة داخلك ونسبة في علمك ،مطبوعة فيك ،مرقومة داخلك ،
مجبولة بجبلتك ،فانت نقطة جامعة لحروف الوجود ،فاكتب بنقطة ما تشاء من حروف ،
فتظهر لك النها داخلك
والفرق بين االنسان واالنسان الكامل ،ان االنسان بشكل عام هو نقطة قابلة النشاء اي حرف
تشاء ،ولكن تختلف قابليتها النشاء الحروف
فمثال نقطة تشكل حرفا واحد واخرى حرفين وهكذا
فاختلف االنسان عن انسان اخر ،باختالف مايستطيع اظهاره من حروف التجليات
فاختلف مقامات العارفين ودرجاتهم على هذا االساس
اما االنسان الكام ل فانه يستطيع اظهار جميع حروف التجلي الوجودي بالكامل وهي فقط لسيدنا
محمد صلى هللا عليه وسلم النه قرآن كامل شامل
فاحمد هللا ايها االنسان بما اختصك به الرحمن من جمعية الوجود والخالفة واالعالن ،فركبك
في صور المعاني والكالم ،فانت الحرف الذي يظهر منه المضمر والجوهر ،واعلم حقيقة
نبيك التي جهلتها وحجبتك نفسك عن دركها ،فهو االنسان الكامل نقطة الوجود التي انبثق
عنها كل موجود والجوهر الفرد الذي تشكل منه العرش و الفرش والسموات واالرض ،فهو
السر الساري في االكوان سريان النقطة في الحروف والكالم ،صلوات هللا عليه وعلى اله
وصحبه الكرام.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
قال سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره في الباب االول من كتاب النقطة :
《《《 إعلم أن النقطة بكمالها أو بوسعها ال تتعدى وال تعرف وال تنضبط ،
فعلى أي صورة حرفية بصورتها ظهر من حقيقتها معنى خالف تلك الصورة
لحرف غير ذلك الحرف ،
وهب أنك تعقلت في النقطة جميع ما تعلمه من الحروف التي ال تعلمها ،فهذه
الفرس لها في الحروف ثالثة أخرى زائدة على ما عندنا ،وهذه الهنود لها في
الحروف أربعة وثمانون حرفا ً زائدة على حروفنا ألن جملة حروفهم مائة حرف
وإثنا عشر حرفا متغيرة من حيث المخرج والخط ،
وهب أنك تعقلت هذا وهذا ،فأين أنت من المعاني التي يبان تقييدها الحروف حتى
تتعقلها مع الحروف عند تعقلك الحروف في شهود النقطة ،
وهب أنك قدرت على ذلك فأين أنت من تعقل الكلمات الصادرة من الحروف ،
فإن الشيء ال يتم إال بجزئه ،واألصل ال تكمل معرفتك له إال بفرعه ،فمعرفة
الحرف فرع على معرفة النقطة ،ومعرفة الكلمة فرع على معرفة الحرف ،
ومعرفة معاني الكالم فرع على معرفة الكلمة ،
فمتى تتعقل معنى جميع الكلمات المعقولة التي قيلت إذا تقال ،وهل يمكن
ذلك ؟ وما تدرك ما تحت كل كلمة من األسرار والفوائد والخصاص التى هي من
ورد فائدة المعنى ،
ومتى تجمع إلى ذلك المعرفة بالحروف بهذه المثابة ،حتى تعقل جميع تلك المعاني
في شهودك للنقطة فتلحظها بتلك الكلمات كلها ،
ولما كان ذلك ممكن ،قال هللا تعالى فيما يختص به سبحانه و تعالى ( وما قدروا
هللا حق قدره ) ،فانظر يا أخى هذه المناسبات فيك》》》》.
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح:
يتكلم سيدي الجيلي كما شرحنا سابقا عن ان النقطة موجودة في كل الحروف ،وتختلف من
حرف الخر حسب حكم هذا الحرف ،كما تختلف االجسام عن بعضها حسب عدد وطريقة
ترتيب الذرات وخواصها...
وبهذا التعبير فان النقطة بكمالها ليس لها حد ،وال يمكن ان تنفذ الحروف التي يمكنها الخروج
عنها ،
فلنفترض انك تعرف كل حروف لغتك وتقول النقطة فقط يمكنها كتابة ٢٩حرف فقط
لكن ماذا عن حروف اللغة الفارسية ؟ فهم لديهم ثالثة احرف زيادة عن لغتنا
لكن ماذا عن حروف اللغة الهندية ؟ هم لديهم ١١٢حرفا
ولما كان االنسان عاجزا عن ذلك قال تعالى ( :وما قدروا هللا حق قدره )
يعني بعجزهم عن ادراك جميع الخلق والصور ،واالحاطة بهم جميعا ،لم يعرفو هللا حق
معرفته ،وظنوا انهم عرفوه ووصلو واتصلو
فقال :عرفت اني ال اعرف ،وعلمت اني ال اعلم ،وانا الجاهل المتعلم
ولذلك قال االنسان الكامل صلى هللا عليه وسلم ( :سبحانك ماعرفناك حق معرفتك )
فطلب ان يعرف هللا اكثر فقال ( :ربي زدني علما )
وقال ( :زدني فيك تحيرا )
ومقام الحيرة اعلى مقام في العلم وهو مقام الالجهة ( ،ولكل وجهة هو موليها )
ولما كانت النقطة ال جهة لها ،النها كروية الشكل ،غير محدودة الحرف والرسم والحجم
والجسم ،
وسيدنا محمد هو الوجود الكامل الذي هو النقطة المطلقة ،فال جهة لها ،
طلب من هللا ان يزيده تحيرا ويزيده علما ،فاطلق نفسه بدون جهات
فقال لمن سأله ( :كان في عماء مافوقه هواء وماتحته هواء )
فنفى الجهات ونفى االين ونفى البين وقدر هللا حق قدره فهو عبد هللا الكامل الذي عبد هللا عند
كل شأن ،وهللا تعالى كل يوم في شأن .
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فاعرف هذا القدر عن نبيك صلى هللا عليه وسلم ،وانظر بما كرمك هللا به بهذه الصورة التي
على صورته ،النك صورة عنه ،وانت نقطة منه ،شابهته بالشكل وتميز عنك باالصل
والفصل ،فهو النقطة الكبرى وانت النقطة الصغرى
سالم هللا وصالته عليه وعلى اله وصحبه اجميعن في كل وقت وحين.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
قال سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره في الباب االول من كتاب النقطة :
《《《《 واعلم أن النقطة مع صغرها عظيمة القدر كبيرة الجرم ،ألن كل
الحروف والكلمات صادرة منها ،وهي ال تنقص فال تغير في نسبة ما ظهر أو
سيظهر في الوجود من الحروف والكلمات إلى النقطة إال بنسبة ما ينقص المخيط
إذا غمس في البحر من مائه ،
ولهذا قال الخضر لموسى على نبينا وعليهما أفضل الصالة والسالم لما فارقه
عندما علم موسى وسع الخضر في العلوم اللدنيات ،وكانا بساحل البحر ،فجاء
طائر و نقر في البحر بمنقاره فقال له الخضر :إنما نسبة علمى وعلمك إلى هللا
تعالى إال مثل ما أخذ هذا الطير بمنقاره من هذا البحر 》》》》 .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يقول سيدي الجيلي قدس هللا سره ان النقطة رغم صغرها
فهي كالجوهر الفرد من االجسام الذي ال ينقسم
او كاصغر ذرة يتكون منها الجسم وال تنقسم
والحرف يتكون من مجموعة نقاط وكل نقطة من هذه النقاط التنقسم اال في ذاتها ( يعني يوجد
فيها معاني الحرف وجميع احتماالت موضعه ال تظهرها اال اذا اتصل بحرف اخر )
يعني مثال كلمة بحر ،اذا اختلف تموضع حروفها تصبح ،برح ،حبر ،حرب ،ربح ،رحب
..
مع ان الحروف نفسها ،لكن تموضعها وموقعها غير من معنى الكلمة
وهذا بسبب النقط الموجودة داخل الحروف التي اتاحت للحرف التقييد في اطالق المعاني على
جهتين هما اليمين واليسار ،الن النقطة في الحروف مختصة باظهار معاني الفوق والتحت
(هذا ماس نتكلم عنه في معاني النقط اعلى واسفل الحروف عندما يتكلم عنها سيدي الجيلي )
وبالتالي فان النقطة رغم صغرها وان الحروف مكونة منها ،لكنها عظيمة الجرم والسعة ،
النها تحوي داخلها جميع المعاني الحروف ،كما شرحنا في المثال االعلى حيث انها اعطت
معنى مختلف لكل كلمة باعطائها موضع مختلف لكل حرف
وحتى في الحروف فان النقطة الواحدة تغير معنى حرف بشكل كامل
مثال :حرف ( ح) اضف له نقطة اسفله يصبح (ج) او اضف له نقطة فوقه يصبح (خ)
وفي هذا بيت قاله سيدي القطب عبد الغني النابلسي :
عين الحبيب تراها غين في غلطة ....ان تطلب الوصل فامح هذه النقطة
فالنقطة رغم انك تراها اصغر جزء من الحروف لكن كل الحروف والمعاني داخلها ،بل
الحروف والمعاني جزء منها ،فهي تستطيع التشكل باي شكل شاءت ،وتأخذ شكل الوعاء
الذي يحدها ،
فهي كالهواء ال تلمسه ولكن تتقين بوجوده وانه موجود في االناء ،
اما الماء فيختلف فهو مايدع ى بالنقطة الحسية التي تأخذ موضعها في العبارات والكلمات
وهذا يطول الكالم فيه النه يدخل في تراتيب الوجود وظهورات النقطة ،ولكن سنتطرق الى
شيء منه عند حديث سيدي الجيلي عن النقطة البيضاء و النقطة السوداء...
النقطة رغم صغرها تحوي كل المعاني ،وتظهر بحسب حكم وجودها في كل حرف
فال نقصان فيها مهما اخرجت منها من المعاني ،النها تحوي جميع هذه المعاني في كل مرة
ترسم بها حرفا ،وكل ماتفعله انت هو اظهار جزء من المعاني وابطان الباقي
فالنقطة بهذا المعني ،تحوي جميع الحروف والمعاني داخلها ،وال تنفذ ،وهي كلمات هللا
تعالى الذي ذكرها في االية ( :قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل ان تنفذ
كلمات ربي )...
فالبحر هو الصور والمعاني والخلق الظاهر وهو الهيولى ،فلو كانت هذه الصور والمعاني
مدادا للنقطة لنفذت ،ولم ينفذ ماعند النقطة من المعاني ...
وهو مثال لتقريب الفهم ،وانما ما اخذه الخيط من البحر هو عين ذلك البحر ،واصبح يدعى
خيط مغموس بالماء بعد ان كان خيط جاف ،
■ ثم يتابع سيدي الجيلي شارحا هذا المعنى بذكره لقصة سيدنا موسى والخضر عليهما السالم
عندما اندهش سيدنا موسى من كمية العلم اللدني لدى سيدنا الخضر ،
فجاء طائر فنقر بمنقاره واخذ قطرة ماء من البحر
فقال سيدنا الخضر لسيدنا موسى :علمي وعلمك بالمقارنة مع علم هللا ،كمثل ما اخذه هذا
الطائر من البحر
وهذا المعنى في هذه القصة شرحه سيدي النابلسي قدس هللا سره وسنذكره عندما نكتب عن سر
النقطة عنده
البحر :هو ظاهر النقطة المسمى بحرا او هيولى ،وباطنه كلمات هللا التي ال تنفذ وهو النقطة
بذاتها
منقار الطائر :هو ظاهر القطرة المأخوذة من البحر ،وباطنه البحر بذاته
الخضر عليه السالم :هو ظاهر علم هللا المسمى بالعلم اللدني ،وباطنه المغيب هو علم هللا
الذي ال ينفذ ،ومابين ظاهر وباطنه كما بين القطرة والبحر ،فهو لم يظهر من علم هللا سوا
قطرة وهي علم الطريقة
موسى عليه السالم :هو ظاهر علم هللا المسمى بالعلم الظاهري او علم الشريعة ،وباطنه
المغيب هو علم هللا الذي ال ينفذ ،فهو لم يظهر من علم هللا سوا قطرة وهي علم الشريعة
لذلك فان هذا التمايز في االظهار اعطى صور مختلفة من العلوم ،
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
لذلك قال سيدنا الخضر لسيدنا م وسى ( :انت على علم علمك اياه هللا ال اعلمه ،وانا على علم
علمني اياه هللا ال تعلمه )
فاختلف مظهر العلم فيهما باختالف ما اظهروه من علم هللا ،الذي هو كالنقطة مغيب داخلهما
ويأتي من يسأل
كيف يكون سيدنا محمد ﷺ هو النقطة والهيولى والوجود باسره وهو ساري فيه ،وقد ظهر
بجسمه الشريف بيننا ؟
الجواب :
اذا رسمت لك نقطة على ورقة ،وقلت لك ما هذه ؟
فتقول :نقطة
وانت تعلم جيدا ان جميع الحروف مكونة منها ،مع ذلك استطعت ان تميزها لدى ظهورها
منفردة
فظ هور سيدنا محمد ﷺ بجسمه الشريف هو كظهور النقطة بفرديتها بين الحروف ،والكل
يشير اليها بالنقطة
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فالكل يشير الى سيدنا محمد ﷺ بجسمه الشريف انه حقيقة الحقائق او الحقيقة الكلية ....فافهم
وسنتكلم عن ظهورات النقطة ال ٣٣في الحروف ،فظهورها في الباء غير ظهورها في الجيم
،وظهورها في الواو غير ظهورها في الهاء ،عند كالم سيدي الجيلي عن النقطتين البيضاء
والسوداء
وظهور النقطة بمفردها دون حروف وال كالم هي ظهور سيدنا محمد ﷺ بجسده وجسمه
الشريف في عالم الشهادة
وظهور النقطة مع الحروف ،هي ظهورات سيدنا محمد ﷺ في احكام مختلفة وهي ٣٣ظهور
وحكم او نور
وقد ذكر سيدي ابن سبعين االنوار المحمدية الثالثة وثالثين ،وهم ظاهرهم مختلف لكنهم
حقيقة واحدة ظهرت بانوار مختلفة هي نور نبينا محمد صلوات هللا وسالمه على اله وصحبه
اجمعين.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
《《《《 إعلم أن للذات اإللهية في الذات تجليات ذاتية ليس لها بأيدينا اسم
وال صفة وال تعرف الحق بها إلى أحد من عباده ،وال يتعرف ،بل هي من
خصائص الذات ،
وإلى تلك التجليات اإلشارة في قوله ﷺ في دعائه ( :اللهم إني أسألك بكل اسم هو
لك علمته أحداً من خلقك واستأثرت به في علم الغيب عندك )
فما أعرفه ﷺ بربه ،فإنه سأله بجميع شئون الذات ألن هلل سبحانه و تعالى في كل
عبد من عباده سر مخصوص ال يطلع عليه إال هو ،وكذلك السر ،اسم إلهي هو
عند محتد ذلك العبد من هللا تعالى ,
فسأله ﷺ بجميع مظاهره الوجودية األسمائية والصفاتية ،ثم سأله بجميع شئونه
الذاتية ،التي له بحكم اإليثار من دون غيره ،
فما أجمع هذا المظهر المحمدي لجميع الكماالت اآللهية حيث سأل هللا بحقيقة
السؤال ،ولذلك حصلت له اإلجابة ،فكان أكمل الموجودات وأفضلها ﷺ ،
وكل من سأل هللا تعالى شيئا ً بحقيقة السؤال فالبد من االجابه ألن هللا يجيب
المضطر إذا دعاه ،وما يقع التأخر في سؤال بعض السائلين إال أنهم لم يسألوا
بحقيقة السؤال .
وشرح هذا المعنى يطول ،وقد ذكرنا ذلك في اإلنسان الكامل وفي قطب العجائب
من مؤلفاتنا وفى غير ذلك ،
وخالصة هذا الكالم أن التجلي الذاتي الذي هو الذات في الذات ،لما كان من
خصائص الذات األقدس إذ كانت الموجودات التقوى على حمل ذلك ،ألن الحق
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
سبحانه وتعالى لم يستأثر بها ضنا على المخلوقات ،ولكنهم قصروا عن علمها ،
فلو ظهر للوجود بلمحة من بارق تلك التجليات ،النعدم المكونان ،الدنيا واآلخره
،في أسرع لمحة ،
فإخفاؤه سبحانه وتعالى لتلك التجليات الذاتية عن خلقه رحمة بهم ولبقاء وجودهم
،ولما كان الوجود األلهي يقتضي أال يدخر الحق شيئا عن خلقه بما فيه سعادتهم
،جعل النقطة في الوجود عبارة عن تلك التجليات الذاتية
فكما أنها التدرك ...كذلك النقطة التدرك ،
وكما أنه ليس في أحد أن يستحضر ما في النقطة من الكماالت التي شرحناها في
الباب المتقدم ...كذلك تلك المستأثرات ليس في طاقة شيء من الموجودات أن
يتسع لها 》》》》.
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يتكلم سيدي الجيلي قدس هللا سره عن التجلي االلهي من حيث النقطة
ويقول ان هلل تعالى وجل ،تجليات ذاتية ،وهي تجليات الذات االلهية في الذات االلهية ،
سبحان من تجلى لنفسه بنفسه وسبحان من تجلى لذاته بذاته ،
ويقول سيدي الجيلي ان التجليات الذاتية ليس لها اسم وال صفة ولم يظهرها الحق الحد من
خلقه بل استأثرها في غيبه النها تجليات ال تتسع للخلق باي شكل ،بل اذا تجلى بها هللا
الحرقت سبحات وجهه الوجود ،فهو استأثر بها تعالى حبا بخلقه لعدم استطاعتهم على تحملها
،
ولما عرف الخلق ربهم بصفاته واسمائه التي دعاهم اليها ،فهي كحجاب عن ذاته كي يعرفه
مخلوقاته ،
فلم يعرف لهذه التجليات الذاتية اسم وال صفة اال ما اظهره هللا من اسمائه وصفاته لكي يعرفه
الخلق بها ويطيقوا تجلياته عليهم.
واالشارة الى تلك التجليات الذاتية في قوله ﷺ في دعائه ( :اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك
علمته أحدا ً من خلقك واستأثرت به في علم الغيب عندك )
فكم هو عظيم سيدنا محمد ﷺ وعارف بربه فسأله من حيث جميع تجلياته الفعلية واالسمائية
والصفاتية والذاتية
فكل االسماء هلل تعالى اظهرها في خلقه بتجليه عليهم (وعلم ادم االسماء كلها )
فقال سيدنا محمد ﷺ علمته احدا من خلقك
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
واستاثرت به في علم الغيب عندك :هو التجلي الذاتي في هذا االسم ،وهو قسمين ؛ قسم
ظاهر في العبد من خالل االسم ،وقسم في الغيب الذاتي لم يطلع عليه احد من خلقه
فق د سأل ﷺ هللا تعالى بحقيقة السؤال ،وهو كمال االدب مع هللا تعالى ،لذلك كان ﷺ ذو خلق
عظيم ،النه يخاطب ربه تعالى عند كل حكم ومقتضى بما يليق بجالله تعالى
ومعنى ذلك انه ﷺ يطلب هللا عند كل تجلي بما يليق بهذا التجلي ،وهو حقيقة السؤال ،فاجابه
هللا تعالى حق االجابة النه سئل حق السؤال وتمام االدب
ومن يسأل هللا وال يجيبه ،او تأخرت اجابته ،انما الن العبد اليسأل هللا حق سؤاله ،وجهل
العبد ادى الى سوء ادبه مع ربه فسأل ربه تعالى وخاطبه في مقام دون مقام وفي مرتبة دون
مرتبة
فمن سوء االدب ان تخاطب هللا في مقام اسمه المنتقم وتسأله بسؤال اخر هو مناسب السمه
المنعم
فاذا عرفت حقيقة كل اسم وعلمت حقيقة كل حكم ،فتسأله تعالى عند كل اسمه بما يقتضيه هذا
االسم ،
وحكم االسماء هو االضطرار ( افمن يجيب المضطر اذا دعاه )
فاهلل تعالى دائم االجابة عظيم الكرم ،ولكن العبد يدعوه من باب غير باب اضطراره فال يجيبه
،وتتأخر االجابة حتى يدرك العبد سوء ادبه فيطلب هللا تعالى من حيث اسمه الذي يجيبه منه.
وهذا علم عميق صعب جدا جدا ،النه يدخل في حكم االسماء االلهية كلها وكيفية الدعاء من
حيث كل اسم وتداخل االسماء مع بعضها في حكم الدعاء كالمنتقم الجبار ،غير المنتقم القهار
..
فما اعظم نبينا ﷺ كيف دعى ربه بحكم كل اسم ،وكل شأن ،وكل امر ،فهو المظهر االتم
االجمع .
■ ثم يتابع سيدي الجيلي شرح التجليات الذاتية وان استئثار الحق بها ليس حرامانا للخلق بل
هو رحمة بهم النه لو تجلى الحق تعالى بلمحة من بارق هذه التجليات لفني الوجود باسره.
ولما لم يستطع الخلق اطاقة التجليات االلهية ،رحمهم ربهم باخفائها عنهم ،ثم رحمه ربهم بان
ارسل لهم ماينوب عن هذه التجليات ،الن هللا تعالى لم يدخر شيئا عن خلقه بما فيه سعادتهم ،
فر حمه وارسل لهم ماينوب عن تلك التجليات الذاتية وهي النقطة
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
والتجليات الذاتية التي استأثرها الحق في غيبه اليستطيع احد من الخلق تحملها
كذلك النقطة ،ال يستطيع احد من الخلق ان يستحضر جميع كماالتها كما شرحناه سابقا من
كماالت
فلذلك كانت الحقيقة المحمدية نائبا عن التجليات االلهية الذاتية ،فلم يستطع احد من الخلق
االحاطة بها
فما احاط بهذه الحقيقة اال هللا تعالى لذلك قال ﷺ ( :وما يعلم قدري اال ربي )
فهو ﷺ نقطة التجليات الذاتية التي اظهرها الحق للخلق رحمة بهم ،فهي الحجاب الذي رحم
هللا به الخلق الن لواله ﷺ لفني الخلق باسره .
صلى هللا عليه وعلى اله وصحبه اجمعين بحق الى يوم الدين.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
قال سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره في الباب الثاني من كتاب النقطة
المسمى ((( في التجلي اإللهي من حيث النقطة )))
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .
يصل سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره الى سر النقطة باعالن صريح ،قد ذكرناه
فيما سبق وافضنا في ذكره ان النقطة هي سيدنا محمد ﷺ بكمالها ووجودها ،وان لوال هذه
النقطة لم يشم احد رائحة التجليات االلهية الذاتية فهي مظهر من مظاهر التجليات الذاتية التي
استأثر بها الحق عنده لعدم استطاعة الخلق تحملها فظهرت لهم النقطة كنائب ينوب مناب هذه
التجليات لكي يطيقها الخلق والينحرموا منها.
واالولياء اليكتبون علما بدون كشف شهود ،فالعلم عندهم كما قال سيدي ابي يزيد البسطامي
قدس هللا سره ( :اخذتم علمكم ميتا عن ميت ،واخذنا علمنا عن الحي الذي اليموت )
وكان سيدنا قطب االقطاب الشاذلي قدس هللا سره عندما يروي حديثا عن سيدنا محمد ﷺ يقول
(حدثني جدي ) اي انه يأخذ الحديث من سيدنا محمد مباشرة بال واسطة ،فعرف كل االحاديث
ضعيفها وصحيحها ووضعها في مواضعها .
فلما ابحر سيدي الجيلي في بحر النقطة ،باحثا عن سرها االنقى ،فدرج في معارج الغيب
االخفى ،فاشهده تعالى وجل صورة النقطة ،فوجدها هي عين الحقيقة المحمدية وصورتها
االبهى.
فقالوا :محمد ﷺ
لذلك كانت صالة الفاتح ( :اللهم صل على الفاتح لما اغلق ..والخاتم لماسبق )
وذلك لظهوره ﷺ في عالم الشهادة التي اقتضت الوجهين ( وجه للحق ،ووجه للخلق )
لذلك سمى سيدي الجيلي كتابه ب كتاب النقطة الموسوم بحقيقة الحقائق التي هي للحق من
وجه ومن وجه للخالئق
اما اسمه ﷺ احمد وجهه بالكامل للحق ،وليس للخلق له من سبيل اال من اذن له .
ولما كان سيدنا محمد ﷺ هو حقيقة الحقائق التي هي للحق من وجه ،ومن وجه للخلق
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فظهر في الحروف ،ثالثة حروف ،لها وجه للحق ووجه للخلق وهم
و،م،ن
لذلك كان ﷺ واسطة بين الحق والخلق ،فكانت النقطة مظهره من حيث هذه الحقيقة
فهو نق طة فلك الحمد االول ،االنسان الكامل ،عبد هللا ،وجهه للحق بالعبودية المحضة ،
ووجهه للخلق بالملك االسمى .
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد نقطة فلك الحمد الميم االول الفاتح لعالم الملك والميم
الثاني الخاتم بالعبد المحض ،وعلى اله وصحبه اجمعين بحق الى يوم الدين.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
قال سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره في الباب الثالث من كتاب النقطة
المسمى ((( في مراتب النقطة ومالها من علو المكانة )))
《《《《 إعلم أن النقطة لها مرتبة المراتب في الوجود ،فكما أن األلوهية من
خصائص الذات كذلك المرتبة العليا في الحروف من خصائص النقطة ،فالنقطة
إليها من كل مرتبة الحروف ،
كما أنه ينسب إلى هللا كل كمال الهى ،كما ينسب إلى محمد ﷺ كل المحاسن
اإلنسانية اال تراه يقول ( :بعثت ألتمم مكارم األخالق ) .
فكل خلق حسن وصفة حسنة من أوصاف المخلوقات وشمائلها الحسنة ،إنما ظهر
ذلك فيهم بالنيابة عن محمد ﷺ وحقيقتها له دونهم ،
كما أن كل الكماالت اإللهية الظاهرة في جميع أفراد الوجود إنما هو هلل تعالى وحده
من دون كل موجود سواه من الم وجودات ،فهي للكمال االلهي مظاهر و أوصافه
هي الظاهرة فيهم.
كما أن الحروف مظاهر النقطة فالفعل في تأثير الحروف للنقطة ،كما أن أفعال
العباد كلها هللا تعالى ،وفي هذا التجلي الفعلى مظاهر ذكرنا جملة منها في اإلنسان
الكامل ،وبينا مغاليط فيها بحسب الطاقة فمن شاء أن ينظر إلى عجائب هذا
التجلي فلينظر في ذلك الكتاب 》》》》 .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يقول سيدي الجيلي قدس هللا سره الشريف ،ان للنقطة مرتبة المراتب ثم يوضح ذلك مناسبة.
ف االلوهية هي مرتبة المراتب العليا وهي من خصائص الذات
كذلك النقطة لها مرتبة المراتب في الحروف
فكما ان االلوهية هي الحاكمة على جميع الصفات واالسماء ،كذلك النقطة هي الحاكمة على
جميع الحروف والكالم
وكل كمال الهي هو منسوب الى هللا تعالى ( حتى لو ظهر الخلق به ،لكن اصله هو هللا تجلى
بهذا الكمال في مظهرهم )
وكل المحاسن واالخالق االنسانية هي منسوبة الى سيدنا محمد ﷺ ( حتى ولو ظهر الناس به
،لكن اصله هو النبي ﷺ تجلى بهذه المكارم واالخالق والمحاسن في مظهرهم )
وكل مراتب الحروف العليا وتمام الكلمات هي منسوبة الى النقطة ( حتى ولو ظهر الحرف
بهذه المرتبة العظيمة ،لكن اصلها هو للنقطة حيث ظهرت بهذه المرتبة في الحرف )
وكما ان الكالم ناتج عن فعل الحروف ،والحروف تفعل ماتفعل فيمن يسمعها ( كمن يقول لك
ياجميل فتسعد ،ليس كمن يقول لك ياشنيع فتحزن او تغضب ،فالحرف تأثيره عميق على من
يسمعه ويتلقاه )
ولكن كل هذه االفعال اصلها النقطة فهي الفاعل الحقيقي ،فتارة ظهرت في القول ياجميل
واثرت فيك ،وتارة ظهرت في القول ياشنيع واثرت فيك ،فجميع هذه االفعال واالثار التي
تقوم بها الحروف والكلمات انما اصلها النقطة فهي الفاعل الحقيقي .
وكما ان افعال العباد ظاهرا منسوب للخلق ،لكنه حقيقة عائد الى الحق باختالف النسب ،فهو
تعالى الفاعل والمؤثر وال فاعل غيره ( ليس ثمة اال هللا )...
وقد بين سيدي الجيلي هذه التجليات الفعلية في كتابه االنسان الكامل ،موضحا ان هذه التجليات
هي تاثير من الحق وتأثر من الخلق ،وليست حلوال او اتحادا .
فعندما يقول ان الفاعل هو هللا على الحقيقة ،انما هو فاعل في معدوم ( الذي هو الخلق ) فال
موجود اال هللا ،
فان كنا عدم فكيف يتصف ربنا بالعدم تعالى وجل ،بل هو موجود ونحن العدم ،ووجودنا في
ذاتنا عدم النه تعالى اقامنا متى شاء ويمحقنا متى يشاء ،
فافهم ان الفاعل هو هللا ال تعني حلوال وال اتحاد .
اذا بقاء الصورة متعلق ببقاء الشخص امام المرآة ،وببقاء المرآة نفسها امام الشخص
والصورة بحد ذاتها خيال وليست عين الحقيقة ،فهي موجودة في المرآة معدومة عند الشخص
الحقيقي الواقف ،ومعدومة في المرآة نفسها الن بزوال المرآة تزول هذه الصورة
ان الحقيقة المحمدية هي المرآة ،والوجود هو الصورة في هذه المرآة التي نتجت عن تجلي
الحق للحقيقة المحمدية ،التي عكست هذا التجلي على حسب قابلية الوجود داخلها فمنهم ظهر
محجوب ومنهم ظهر مكشوف ...
ولذلك سميت الحقيقة المحمدية بالحقيقة النها الحقيقة الوحيدة الموجودة في الوجود ( وهي
قبضة من نور هللا ،وقبضة الحق حق موجود ،فلما احب الحق ان يعرف فتجلى لهذه
القبضة ،فظهرت صورة تجليه فيها ،فخلق االنسان على هذه الصورة )
فالوجود موجود في ذاته داخل الحقيقة المحمدية باستمرار تجلي هللا تعالى لها
والوجود معدوم ،فاذا اراد هللا افنى هذا الوجود ،وهو تمام قوله كل من عليها فان ( النهم
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فلذلك ظهرت صورة الحق في الخلق بما اراد اظهاره عن طريق تجليه لمرآة الحقيقة المحمدية
فظهور صورة الحق في الخلق ظهور تجلي وتأثير وتأثر ،وليست هذه الصورة هي عين
الحق ،
وهذه الصورة الظاهرة الكلية هي االنسان الكامل لذلك قال سيدي ابن عربي واصفا سيدنا النبي
ﷺ بظل الحق ،وصورة الحق
ولذلك قال النبي ﷺ ( :من رآني فقد رآى الحق )
فسيدنا النبي هو مرآة التجلي العظمى التي اظهرت تجلي الحق للخلق ،ولوال هذه المرآة لما
شم احد من الخلق هذه التجليات .
واالولياء الورثة المحمديين يصلون الى بحر الحقيقة المحمدية ،فيرفع لهم الغطاء ،فيرون
انهم صورة عن الحق اظهرتها مرآة التجلي المحمدية ،
فيرون النور االلهي الذي تجلى عليهم من الحق على هذه المرآة المحمدية ،فيحصل
الفناء والبقاء
فهم موجودين وغير موجودين ،معدومين وغير معدومين ،فانين وباقين ،في نفس الوقت
وفي كل وقت
فيتحقق حديث ( :كنت سمعه الذي يسمع به ،وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بها،
ورجله التي يمشي بها ،وإن سألني ألعطينه ،ولئن استعاذني ألعيذنه )
وهذا كله بواسطة المرآة المحمدية ،فهم باقون ببقائها ،ولوالها لما رآو انوار الحق المتجلية
فيهم .
وقد اطلنا في العبارة ضاربين المثل واالشارة لتقريب الفهم واالستنارة ،ال امثال تشبيه واال
استعارة ،بل اللغة قاصرة عند اهل المنارة ،وال يفهم اال من ذاق المعاني جهارا ،والصالة
والسالم على سيدنا محمد نور الحق الساري في كل خلق حسب مقامه اعتبارا ،وعلى اله
وصحبه نجوم الهدى المتحققين بحق االستنارة ،صالة تجعلنا من اهل الجدارة لشق حجاب
النفس االمارة ،وتقلدنا بانوار صورته المختارة ،كي نرى نور الحق المتجلي فينا حبا
واختيارا .
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يتكلم سيدي الجيلي قدس هللا سره ،عن اعظم االسرار الروحانية للنقطة
■الطالسم :
طالسم عددية ،طالسم حرفية .....
■االرصاد :
رصد فلكي ،رصد نجمي ،رصد مجري ،رصد حركي ،رصد زمني ،رصد مكاني ....
■االقسام :
اقسام وعهود الحروف ،اقسام جبروتية ،اقسام خادم الخلوات ،اقسام خادم االيات ،اقسام
العهد ،اقسام العقود ....
■االسرار :
اسرار عددية ،وزيراجة ،ونطق االسرار ،استنطاق الحروف ....
■االسماء :
علم االسماء بشكل عام ومالها من اوفاق وطالسم وعهود واقسام واسرار وارصاد
واعمال اخرى من الروحانية التي توجد في كل قسم من اقسام الوجود ،فقسمت سفلية وعلوية
انسية وجنية جبروتية ومالئكية ظلمانية ونورانية ....
وكل هذه االعمال تندرج في االية ( وكال نمد هؤالء وهؤالء من عطاء ربك وما كان عطاء
ربك محظورا )
الثاني :اليقين الحجابي ،وهو وصل باالرادة عن طريق الخلوات والتأمالت ،ومن شدة
ارادته استطاع ان يخرجها الى الخارج ،فاراد المشي على الماء فتحقق له ذلك ،واي ذرة
شك تخرب له كل ذلك ،الن االمر منوط بارادته ،فعندما يمشي على الماء يبقى مركزا على
ارادته وثقته بنفسه ،فمثال اذا اغمي عليه او اذا شتت احد ما تركيزه ،فانه يسقط في الماء
ويغرق .
وهلل دره سيدنا االمام الشعراوي لما سأله احد :لما الغرب متقدم علينا بالعلوم وو ، ...فقال انهم
مؤمنين بانفسهم مخلصين لعملهم ..
فااليمان للجميع ،والمؤمن الحقيقي هو المسلم الموحد ،المؤمن بربه ويقول للكافرين :ال اعبد
ماتعبدون وال انتم عابدون ما اعبد ،اي لكم ايمانكم بالحجب ،ولي ايماني بالرب االحد
الصمد..
واما الثاني :فهو اليقين الكاشف ،فيتيقن الولي بربه ،ويقينه متصل بربه ( وكانوا باياتنا
يوقنون )
وهنا الولي اذا وصل الى هذا اليقين ،تنفعل له االكوان كما يريد باذن هللا ،ويقينه هنا ثابت ال
يتغير ،كيقين سيدنا ابراهيم في النار ،ويقين سيدنا يوسف في الجب ،ويقين سيدنا الحالج
وهو على الخشبة ،
فان غاب او نام او مات فيقينه ثابت النه يقين متصل باهلل ،وليس يقين متصل باالنفس او
باالكوان ..فافهم
.............
وياتي من يسأل
هل التصوف له عالقة بالروحانيات ؟
الجواب :
حتى نجيب على ذلك يجب ان تعلم ان العالم بحد ذاته روحانية متجسدة ،ولكن اطالع اهل
الشرك على بعض اسرار الكون ال يعني انها مغلوطة ،فالناس لهم جميعا نفس الجسد وهذا
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
يستخدمه ليعصي هللا والثاني يستخدمه ليعبد هللا ،كما وصف هللا تعالى نبيه سليمان عليه
السالم ( وماكفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر )
فما اتصف باهل الشرك والفجور سمي شعوذة وسحر واستراق سمع وتسخير بدع .
وما اتصف باهل الصالح سمي فتح وعلم ،كمواقع النجوم لسيدي ابن عربي ،والجفر المعلوم
له في الشجرة النعمانية وشرحها لتلميذه سيدي ابو المعالي صدر الدين القونوي ،
هل ترى الجهاز الذي يعمل باوامر الصوت ،وبرمج ان يستجيب فقط لصوتك وبصمة صوتك
؟
انه االذن ،وشروط تحصيله هو االقسام والعهود ،واالتفاق وغيره
وهذا العلم واسع شاسع النه من علوم المحيط وليس االصول ،
واالولياء تركوه لوصولهم للكشف االعظم والوالية الكبرى ( كنت سمعه وبصره ويده )....
فاذا حصل ذلك ما التفت الى هذه العلوم
ويلتفت لها فقط من اراد الترميز واالشارة لالخبار عن نهاية الزمان والعالمات ...
كما فعل سيدي ابن عربي في الشجرة النعمانية ،كي يستوفي حق العلوم جمعا ،فال يبقى علم
اال وبثه بالتنزيل ال بالتحصيل
..........................
اعلم ان النقطة في الحروف واالعداد والكلمات واالسماء واالوفاق ،والطالسم ،والرصد ،
والسر ،والقسم ( ....سنشرح ظهور النقطة في االعداد واالشكال الحقا )
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
مرتبتها فيهم
كمرتبة اسمه تعالى ( هللا ) بين االسماء
فاالسم هللا ينوب مناب جميع االسماء ،ويعطي كل اسم حقه ،اما اسمه تعالى الرحمن ينوب
مناب االسماء ولكنه يصبغها بصبغة الرحمة ،اما اسمه هللا فيعطي االسم كما هو ..
وبالتالي فان نسبة جميع االع مال الروحانية الى النقطة ،كنسبة االسماء الى االسم هللا
فالنقطة يمكن ان تنوب مكان اي عمل روحاني ،سواء كان حرفا او سرا او رصدا او طلسما
او وفقا او قسما او عهدا اوووووو.....
فاذا كان لديك مثال طلسم ويوجد مانع فلكي له انه يجب ان تكون الزهرة في برج الحوت ،او
الشمس في بيت الجدي ،
فتعقل هذا الطلسم في عقلك وخيالك ،ثم ضع النقطة وتخيل انها نفسه هي الطلسم ،ثم تخيل ان
الر صد يزول عن طريق تخيل ان الشمس اصبحت في بيت الجدي ،
فيتحقق عملك وينفذ بسرعة على حسب قوة يقينك وارادتك وصفاء خيالك وصدق نيتك ودقة
تخيلك ...
وهذا السر عند جميع االولياء كما قيل ( السر ليس في النون ،ولكن السر في كف سحنون )
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
وكان عند االم النورانية لسيدنا اب ن عربي فاطمة القرطبية ( فكانت تتخيل الفاتحة في الجو ،
وترسل االيات لفعل ما تشاء في اي وقت تشاء ) وهذا من اسرار روحانية النقطة ،سواء
كانت سيدتنا القرطبية دارسة للعلوم الروحانية ام لم تدرس ،فهي استخدمت روحانية النقطة
وقد وضح سيدي ابن عربي في الفتوحات الفرق بين روحانية عالم السيمياء العادي ،وبين
روحانية الولي العالم بالسيمياء فقال 《 :الفرق بيننا في هذا المقام و بين علم السيمياء ،إنك
إذا أكلت بالسيمياء أكلت و ال تجد شبعا ،و الذي يقبض عندك مما تقبضه من هذا العلم أنما
ذلك في نظرك ثم تطلبه فال تجده ،و إذا أراك صاحب هذا العلم السيماوي تدخل الحمام ثم
ترجع إلى نفسك ال ترى لذلك حقيقة ،
بل كل ما تراه بطريق السيمياء إنما هو مثل ما يرى النائم فإذا انتبه لم يجد شيئا مما رآه ،فإن
صاحب علم السيمياء له سلطان و تحكم على خيالك بخواص األسماء أو الحروف أو
القلقطيرات ،فإن السيمياء لها ضروب أكثفها القلقطيرات و ألطفها التلفظ بالكالم الذي يخطف
به بصر الناظر عن الحس و يصرفه إلى خياله فيرى مثل ما يرى النائم و هو في يقظته
و هذا المقام الذي ذكرناه ( يعني مقام الولي ) ليس كذلك فإنك إن أكلت به شبعت و إن مسكت
فيه شيئا من ذهب أو ثياب أو ما كان بقي معك على حاله ال يتغير و قد وجدنا هذا المقام من
نفوسنا و أخذناه ذوقا في أول سلوكنا مع روحانية عيسى عليه السالم 》》
وقد حكى سبط بن الجوزي عن الشيخ االكبر سيدنا ابن عربي :أنه كان يقول إنه يحفظ االسم
األعظم و يقول إنه يعرف السيمياء بطريق التنزل ال بطريق التكسب .
والمقصد بطريق التنزل انه يعلم علم النقطة ،فهذه روحانية االولياء وعلومها علوم تنزل
وعلوم وهبية لدنية ،
وليست علوم كسبية تحصيلية كما هو الحال عند روحانية الكافرين وغيرهم من المشركين ....
وعلوم النقطة من علوم التوحيد ،وهي علم لدني افاض به هللا تعالى على اوليائه من عباده (
وعلمناه من لدنا علما )
وسنوضح اكثر عن روحانية النقطة عند حديث سيدي الجيلي عنها ،والصالة والسالم على
سيدنا محمد واله وصحبه اجمعين.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
قال سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره في الباب الرابع من كتاب النقطة
المسمى ((( في بطون النقطة ومالها من الشئون في ذلك البطون )))
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يقول سيدي الجيلي قدس هللا سره ،كما شرحنا فيما سطرناه سابقا ،
وكذلك الحروف الوضعية متمايزة داخل النقطة ،والتراها اال عند انتقالها من النقطة الى
الوجود عن طريق اللفظ او التعقل
ويقصد بالحروف الرقمية :جميع ما يكتب على الورق او ماشاكلها من كتابات على لوح او
معدن او ...
وسميت رقمية ،من المرقوم وهو الموسوم والمنقوش ،النها تنقش الحبر على الورق فرقمته
رقما .
ويقصد بالحروف الوضعية :بالحروف المتعقلة المعاني في الذهن ،وبالحروف الملفوظة عند
الكالم ،وسميت وضعية النها تضع المعاني على االلفاظ .
وتشبه النقطة بهذا المعنى ،الذات االلهية فهي حاوية على كل الصفات واالسماء واالفعال ،
فال تميز منها شيء كالنقطة اال عند انتقال الذات وظهورها في التجليات بال حلول وال اتحاد
فالمعنى اليرتبط واليتحد بالحرف الن اذا غيرت مواضع الحرف تغير المعنى
وكذلك ال ذات ال ترتبط وال تتحد وال تحل في التجلي الن اذا تغير التجلي تغيرت الصفة وتغير
االسم الذي تجلى به
واالعي ان الثابتة :تدعى عند القوم بالحروف العاليات ،ويقصد منها الحروف االصلية ،
وسميت اعيان ثابتة الن منها انبثق كل العلوم وهي ثابتة بهذا المعنى وهي اعيان النها سارية
في عين جميع العلوم
ومثلها مثل الحروف ،فجميع الكلما ت والمعاني ناتجة عن هذه الحروف ،
واصل هذه الحروف هي النقطة
وعلى هذا ال يستطيع احد من الوجود تحمل التجلي الذاتي ،اال اذا انتقل هذا التجلي الى تجلي
صفاتي او اسمائي او افعالي
كما شرحنا اعاله ان الحبر يحوي جميع الحروف الرقمية ،ولكنك ال تستطيع فهمها او تمييزها
،اال اذا انتقل الحبر الى الورق بالكتابة والنقش ،
وهذا هو ماقصده سيدي الجيلي بعدم القدرة على فهم التجلي الذاتي ،لذلك ظهر التجلي
الصفاتي واالسمائي واالفعالي ،كي يستطيع الخلق تحمله وادراكه ،
والعلم االلهي هو تجلي صفاتي ،الن العلم صفة سواء كان قديم او محدث اعيان ثابتة او
اعيان ممكنة ...
■ثم يذكر سيدي الجيلي خطأ من اعتقد ان التجلي الذاتي ال يدرك الن ليس له صفة او اسم ،
واالدراك من العلم ،والعلم صفة ،وكون التجلي الذاتي ليس له اسم وال صفة ،فاعتقدوا انه ال
يدرك بهذا المعنى..
وهو خطأ وقد وضح سيدي الجيلي ،ان التجلي الذاتي اليدرك الن العلم حصر هذا التجلي
بعدم االدراك ،او بعدم القدرة ،او بعدم الفهم
وانما الصفات واالسماء هي عين هذا التجلي ال فرق اال بظهور الذات وتجليها بصفة او اسم
مختلف في كل موقع ،
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فاعطت صفة العلم ان التجلي هنا صفاتي للقدرة على ادراك هذه الصفة من قبل المخلوق ،
واعطت صفة العلم ان التجلي هنا اسمائي للقدرة على ادراك هذا االسم من قبل المخلوق،
واعطت صفة العلم ان التجلي هنا ذاتي لعدم القدرة على االدراك
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء ،فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق ،ثم ذكر
أنه استوى على العرش ،فهذا أيضا تحديد .
ثم ذكر أنه ينزل إلى سماء الدنيا ،فهذا تحديد ،ثم ذكر أنه في السماء ،وأنه في األرض ،
وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا .ونحن محدودون ،فما وصف نفسه َّإال بالحد .
فاإلطالق عن التقييد تقييد والمطلق مقيد باإلطالق لمن فهم .وإن جعلنا الكاف للصفة ،فقد
حددناه .
وإن أخذنا « ليس كمثله شيء » على نفي المثل ،تحققنا بالمفهوم وباإلخبار الصحيح أنه عين
األشياء ،غير هذا المحدود ".
فإن قلت بالتنزيه كنت مقيدا ......وإن قلت بالتشبيه كنت محددا
وإن قلت باألمرين كنت مسددا ......وكنت إماما في المعارف سيدا 》》》
فاالطالق عن تقييد الحق هو تحديد في نفس الوقت ،النك تصفه انه غير محدود
وهذا خاط ىء عند المحققين ،النك قيدته وانت تظن انك نزهته باالطالق عن التقييد
النك قلت هللا غير محدود ،من مقامك انت ،
ومعنى عدم الحدود عندك له نهاية ،النك بعجزك تقول ان السماء ال نهاية لها ،
ولكنها عند اسرافيل عليه السالم كشحمة اذنه ،
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فكلما ارتفع مقام الشخص وقال ان هللا غير محدود سياتي من هو اعلى منه مقاما وتكون
الالمحدود عنده محدودا
فافهم هذه المعاني ففيها سر الدعوة المحمدية ( تنزيه بعين التشبيه ،وتشبيه بعين التنزيه )
وهو غاية مايدعوك اليه سيدي الجيلي ،ان تكون نقطة وليس حرفا مقيدا
ان تكون على صورة سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم
كن نقطة بال جهة والحد والنقصان ،تعرف الحق بال جهة والحد والنسيان وال بهتان
فانت ايها االنسان نقطة الحدثان ،وسيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم نقطة االصل والقران ،
فتعلم ايها الصغير من عالمك الكبير ،واخلع عنك خلعة الحروف واتصف بمعاني كل
الحروف ،حتى تصبح بالنقطة موصوف ،ولك العلم مكشوف ،فتقف على معاني كل الوجود
وتعبد هللا حق العابد للمعبود دون حد وال قيد ودون شبه وال ميد ،وهذا حق التوحيد بلسان اهل
القرآن سيد العرب والعجام محمد خير االنام صلوات هللا عليه وعلى اله وصحبه الكرام.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
《《《 ورد في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال حاكيا عن هللا تعالى ( :كنت كنزاً
مخفيا ً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني ) .
واعلم أن كثرة الخلق على ما هي عليه لم تغيره ،ألنه على ما عليه كان ال يتغير
وال يتبدل ،فلم يزده خلق الخلق صفة ،ولم تكن له غاية ،
كما في الباب السابق من أنهم عرفوه على قدر قوابلهم ،ومعرفته من وراء
معرفتهم إياه ،فلم يعرفوه حقيقة المعرفة ألن الكون ليس فيه قوة قابلية فهم
معاني الكلمات اإللهية بحال وال يفهم من معنى الكمال الهي إال قدر وسع القابلية
الكونية ،ولو كانت القابلية ترجع إلى هللا تعالى ،فهي له فيما أمر يرجع إليه
بواسطة الكون كأمر هو له بغير واسطة ،
ومن عرف هــــذا أقر بالعجز فقال( :العجز عن درك اإلدراك إدراك ).
وقال سيد أهل هذا المقام عليه أفضل الصالة والسالم ( ما عرفناك حق معرفتك
أنت كما أثنيت على نفسك ) .
فرجع األمر إلى هللا تعالى في معرفة هللا ،وأحال أنه كما يعلم نفسه ويثني عليها
ليكون ثناؤه على هللا عين ثنائه على نفسه ،
فمن عرف هذه المعرفة فقد عرف هللا باهلل حق المعرفة ،وإلى هذا المعنى اإلشارة
( فبي عرفوني ).
وإذا فهمت هذا عرفت أن النقطة مع مابرز من معانيها على الحروف والكلمات
باقية على شأن البطون فهي کالهيولى لصور الحروف والكلمات و المعاني ،
فال يمكن ظهور جميع ما في النقطة ،
كما ال يمكن ظهور جميع ما للهيولى من الصور بحال ،
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
ثم نرجع فنقول إن كل معرفة توجد في المخلوقات هي راجعة إلى معرفة هللا تعالى
،سواء كانت تلك المعرفة مما تتعلق بالحادثات عند عارفها أو باهلل ،ألن تلك
الحادثات إنما هي مظاهر هلل تعالى فمن عرفها فقد عرف هللا تعالى ،
وعلى هذا فكل من في الوجود فقد عرف هللا معرفة ،فما في الوجود جاهل به ابدا
سواء كان كافراً أو مؤمنا ً ،فما تحته عارف و اعرف منه ،
فغاية ما في الباب أن الكافر أنكر وجود هللا من حيث الصفات الكمالية اإللهية ،
وأثبته من حيث الوجود الخلقي ،ألنه ال يقدر أن ينفى الموجودات ،ولما أثبتها
فقد أثبت وجود هللا ضمنا ً ،ألنه المتجلى في حقائق الموجودات في الموجودات ال
كشيء في شي .
فمن أثبت وجود موجود ما ،فقد أثبت وجود هللا تعالى على ماهو له بذلك االعتبار
وعرفه من ذلك الوجه حق المعرفة ،ولهذا آل الكل إلى السعادة ألنه القائل (
سبقت رحمتي غضبي) ،
ومن الحظ هذا المعنى عرف ما أشار إليه الشيخ محي الدين بن العربي رضي هللا
عنه من ذكره لفرعون في كتاب الفصوص ،ونهاية ما يقوله لمن لم يدرك مدارك
العارفين 《 إن المعرفة مع تنوع حقائقها على قسمين :قسم موافق لما جاءت
به الرسل وذلك عبارة عن المعرفة التي تعبدنا هللا بها ،
وقسم خارج عن ظهور ما جاءت به الرسل ،بل هو مما فطر هللا عليها األنفس ،
قال ﷺ ( كل مولود يولد على الفطرة ،فأبواه يهودانه وينصرانه ) 》.
يعنى أن الكل على الفطرة األصلية التي هي عبارة عن حقيقة التوحيد المأخوذ
عليهم فيه ال عهد حيث قال لهم ( ألست بربکم قالوا بلى ) ،فهم مولودون على تلك
الفطرة وال تبديل لخلق هللا .
فهم على ذلك في كل حال ،والتهود والتنصر راجع إلى طرف المعرفة المختصة
بهم من حيث أتت الرسل ..فافهم .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح:
يقول سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس سره الشريف ،
ان خلق هللا تعالى للخلق على امرين :
االول :كان الحق كنزا مخفيا في تجلي اسمه الباطن ،ثم تجلى بالتجلي الحبي كي يعرف ،
فخلق الخلق كي يعرفوه ( وما خلقت الجن واالنس اال ليعبدون ) اي ليعرفوني ...
الثاني :ان خلق هللا تعالى للخلق لم يغير منه شيء تعالى وجل ،فهو كما كان عليه ال تغيير
وال تبديل ،كل يوم هو في شأن ،وخلق الخلق هو احد هذه الشؤون ،ويدعى بالتجلي الحبي
من قوله ( احببت ان اعرف )
فالحق هو الموجود وال موجود سواه ،والخلق هو تجلي الحق في مرآة الحقيقة المحمدية
،وقد افضنا شرحها فيما سبق ،ولكن نزيد سرا من اسرارها ..
اعلم ان الحق عندما احب ان يعرف ،تجلى لمرآة الحقيقة المحمدية ،باسميه االول واالخر ،
فاستدارت المرآة كهيئة المكنون ،فكانت نقطة بال جهة وال كيف وال اين ،فاولها عين اخرها
،واخرها عين اولها
ونتيجة هذا االنعكاس ،ظهرت االضداد ،وهي عين بعضها ،الن لو عكست المرآة الفوق
بالتحت النقلب الحق باطال وهذا محال ،ولكنها عكست اليمين واليسار ،فظهرت االضداد ،
وكل االضداد حق ،فالشافي حق والمبلي حق ،مع انهما ضدين ...فافهم
وهذا هو ظهور النقطة في الحروف ،فالحروف تكتب فقط يمين او يسار ،
والنقطة توضع فوق او تحت الحرف ،فاخ تصت النقطة بالعلو والسفل ،واختصت الحروف
باليمين واليسار...
فلما تجلى الحق للمرآة ،عكست المرآة الصورة واظهرت خلق ( لهذا قال العارفون الحقيقة
حق في خلق ،وخلق في حق )
لذلك الحقيقة المحمدية هي التي اظهرت الخلق بهذا المعنى
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فاما الحق الباطن في الخلق فهو ( من عرف نفسه ،عرف ربه ،وهي الفطرة التي فطر الناس
عليها )
واما الحق الظاهر في الخلق فهو ( جاءكم من ربكم نور )
فاظهرت مرآة الحقيقة المحمدية ،تجليات الحق عليها ،بمظاهر الخلق ،فمدحه رب العزة
فقال ( وانك لعلى خلق عظيم )
االول :معرفتهم اياه على حسب قوابلهم ،فال احد يعرف الحق تمام المعرفة ،لعدم قدرتهم
على االحاطة بكل تجليات الحق ،فالحق حق والخلق خلق .
وهذا العجز عن المعرفة لخصه قول العارفين ( :العجز عن درك االدراك ادراك )
فهم عاجزين عن معرفة الحق معرفة تامة كاملة احاطية ...فيقروا بالعجز ويدركوا ان حدهم
في المعرفة هو حدود قوابلهم من االدراك.
الثاني :ان معرفتهم اياه ،ليست منهم ،بل منه هو تعالى وجل ،لذلك قال ( فبي عرفوني ) ،
لذلك قال اعظم الخلق حبيبنا محمد ﷺ (ما عرفناك حق معرفتك أنت كما أثنيت على نفسك )
فطلب ﷺ ان يعرف هللا كما اثنى هللا تعالى على نفسه ،فتكون معرفته ﷺ اياه هي عين ثناء
الحق على نفسه ،
اذ لوال ان الحق اراد ان يعرفنا نفسه ،لما عرفناه
كما قال احد العارفين ( ولوال انت ماعرفت انت )
فمن عرف هاتين االشارتين فقد عرف هللا باهلل حق معرفته ،فيدرك انه ماعرف هللا اال الن هللا
اذن له ان يعرفه ،وما عرف هللا حق معرفته النه عاجز عن معرفته تمام االحاطة واالدراك.
....
■ ثم يوضح سيدي الجيلي :ان ماثمة في الوجود احد اال وقد عرف هللا تعالى ،سواء احتجب
ام لم يحتجب
فما ثمة في الوجود جاهل به سواء كان كافرا او مؤمنا
(ولئن سألتهم من خلق السموات واالرض ليقولن هللا ،قل الحمدهلل بل اكثرهم ال يعلمون )
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فالجميع يقول ان هللا خلق السموات واالرض ولكن اكثرهم اليعلمون من هو هللا الحق
فالعارف :يعرف ويشهد ويقر ويؤمن باهلل الواحد االحد ،فعرفه معرفة بدون حجاب
والمسلم :يؤمن ويشهد من وراء الحجاب باهلل الواحد االحد ،فعرفه معرفة من وراء حجاب ،
ولكنه مقر ومذعن هلل الحق االحد الصمد
والكافر :يؤمن ويشهد بالحجاب ،فهو قد عبد الحجاب من دون هللا ( وهذا الحجاب هواه ،او
اصنام ،او الهة ،او علم ،او عمل ،او انكار )....
فعرف ان هللا خلق السموات واالرض لكنه اخطأ وظن ان الحجاب هو هذا الخالق فكفر
واشرك والحد وانكر
وبهذا المعنى اجاب جميع من في الذر عندما سألهم تعالى ( الست بربكم ،فقالوا بلى )
ومشركي قريش عندما سألهم النبي ﷺ لما تعبدون هذه االلهة قالوا ( ليقربونا الى هللا زلفى )
فاقروا بوجود هللا ،ولكنهم اشركوا به
وهذا ما اشار اليه سيدي الجيلي بقوله ان الكفار انكروا الكمال االلهي النه محجوبون عنه ،
واثبتوا الموجودات النها امام عينهم فال يستطيعون انكارها ،
وباثباتهم وجود هذه الموجودات ،فقد اثبتو وجود الحق من حيث اليعلمون .
لذلك فان عين الدعوة المحمدية ،هي توحيد الحق كماال وخلقا ( وهو الذي في السماء اله وفي
االرض اله )
وقد وقع النصارى في هذا الخطأ ،حيث نسبوا الحق الى سيدنا عيسى عليه السالم
فالصور تجليات الحق ،بال حلول وال اتحاد وال تجزئة وال مماثلة وال ممازجة ،بل هذه
الصور هي تجلي ا لحق لمرآة الحقيقة المحمدية وليست هي عين الحق وذاته ،تعالى وجل عن
ذلك علوا كبيرا.
والكافر يعرفه بالفطرة ولكنه تاه عنه في الحجب ،فاتبع اليهود والنصارى في التجسم والتشبيه
والتحديد
فالجمال جمال الحق وليس هو عين الحق ( فاهلل جميل يحب كل جميل ) ،وصلى هللا على نبينا
الو كيل صاحب الخلق العظيم ومتمم الخلق الكريم ،وعلى اله وصحبه اجمعين بحق الى يوم
الجمع القديم.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
قال سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره في الباب السادس من كتاب النقطة المسمى
((( في النقطة البيضاء والنقطة السوداء )))
《《《 إعلم أيدك هللا بروح منه ،أنه قد سبق ذكر أقداس الميم المحمدي إنما كان مجوفا ً
ألنه محل النقطة ،فلما تميزت النقطة عنها بقي الموضع فارغا ،فمأل بالبياض فصارت
نقطة بياضية ،
وذلك إشارة إلى المقام المحمدي حيث كان محال للتنزالت االلهية ،ألن البياض يقبل مايرد
عليه من األلوان ،بخالف السواد فإنه ال يقبل لونا ً غيره ،
فكان محمد ﷺ مهبط الوحي ومنزل المالئكة القدسية ومظهر الصفات اآللهية ،
فنسبة نقطة الميم المحمدي من النقطة المطلقة نسبة العرش من االستواء الرحماني ،
فكما أن العرش محل االستواء الرحماني ،كذلك الميم المحمدي محل النقطة وظهورها ،
كما أن هيكله ﷺ ظاهر في الوجود بالصفات االلهية الكمالية ،كذلك باطنه الموصوف ،فافهم
ثم أعلم بأن النقطة وإن تعددت في الحروف فهي حقيقة واحدة ،كما يتعدد االشخاص من
النوع اإلنساني ،واالنسانية في نفسها حقيقة واحدة
وفي هذا المقام ،قال الشبلي لتلميذه ( :انا محمد رسول هللا ،فقال التلميذ نعم أنت محمد
رسول هللا )
وإليه اإلشارة في قوله من قال ( :خضنا بحرا ً وقف األنبياء على ساحله ) لحصوله في
المقام المحمدي ،وهذا األمر في أوصاف محمد ﷺ ،وقائله سيدي الشيخ أبو الغيث بن
جميل نفعنا هللا به .
ومن هذا المقام قول الشيخ محي الدين بن العربي أن سيدنا محمدا ً ﷺ هو خالد بن سنان هو
بعينه إلياس عليهما السالم .
ومن هذا المقام قوله رضي هللا عنه في مقتضياته أنه الجيم يعني خاتم األولياء .
وحاصل هذا الكالم أن من اجتمع هو وآخر في مقام من المقامات الكمالية ،كان كل منهما
عين اآلخر في ذلك المقام .فمن عرف ما قلناه ،علم معنى قول الحالج وغيره 》》》 .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح:
يبدأ سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره ،في شرح معاني النقطة البيضاء والسوداء ،
وقبل ان يدخل في شرحهم ،يبين ان ظهور النقطة في الحروف سواء كانت نقطة بياضية او
نقطة سوادية ،هو عين النقطة ال اختالف ،وانما االختالف باختالف صور هذا الظهور .
كما ان االسماء والصفات هي عين الذات الفرق بينهم اال بحكم ظهور الذات في كل اسم وكل
صفة بحكم وظهور مختلف عن االخر...
*وقد ذكر سيدي الجيلي سابقا عندما اخذه المشهد االلهي في مدارج الغيب ،ان حقيقة النقطة
هي سيدنا محمد ﷺ ،وان النقطة هي حرف الميم الموجود في اسمه ﷺ
وقد شرحنا ذلك في موقعه فعد اليه واقرأه لمزيد الفهم والعلم.
وكون سيدنا ﷺ هو النقطة ،فجميع الوجود هو حروف ظهر فيهم سيدنا محمد ﷺ بحكم
وظهور مختلف حسب كل صورة من صور هذا الوجود.
ولما اطلقنا على النقطة تحت الباء اسم نقطة ،والنقطة فوق الفاء اسم نقطة ،ووووو
اجتمعت هذه النقط مع النقطة االصلية ،باالسم ،واختلفت عنها بالصورة وحكم الظهور
فسيدنا علي كرم هللا وجهه قال انا النقطة تحت الباء ،فاجتمع مع سيدنا محمد في اسم النقطة ،
واختلف معه في حكم صورة الظهور وهو حرف الباء ،
وكل من يقول انه النقطة تحت الباء ،فهو قد اجتمع مع سيدنا علي في هذا المقام واختلف عنه
باالصل ،
فسيدنا علي هو اول صورة تظهر للنقطة تحت الباء
والباقي اختلف عنه في مرتبة الظهور
وجميعهم اجتمعوا مع سيدنا محمد في اسم النقطة
وبالتالي نفهم كالم سيدي الشبلي عندما قال لتلميذه ( انا محمد رسول هللا )
اي اجتمع مع سيدنا محمد باالسم ،وليس هو عين سيدنا محمد وذاته
يعني ان سيدنا الشبلي ،دخل حقيقة النقطة وتحقق وتخلق بها فاصبح اسمه نقطة ،اي دخل
الحقيقة المحمدية وتحقق وتخلق بها فاصبح اسمه محمد ،وهو مقام الوارث المحمدي
وهو البحر المحمدي الذي اشير بقوله ( :خضنا بحرا وقف االنبياء على ساحله )
لذلك اختلف الورثة المحمديين ،باختالف صورهم ،وباختالف ما تحققوا به وتخلقوا به من
الحقيقة المحمدية
وهو كاختالف ظهورات النقطة في الباء والجيم والقاف والنون والميم....
فلذلك فان االنبياء والرسل واالولياء والمتحققين ،هم صور عن سيدنا محمد نالوها بعد تحققهم
بمقام وصورة من مقامات الحقيقة المحمدية
فمثال
سيدنا علي كرم هللا وجهه قال :انا النقطة تحت الباء
فهو صورة سيدنا محمد ﷺ ظهرت تحت الباء
الن سيدنا علي والشبلي كالهما صور عن سيدنا محمد ﷺ ،كل صورة ظهرت بحكم معين
،اجتمعوا بنفس المقام ،
ولكن سيدنا علي ظهر باالولية فهو اول صورة للنقطة البائية ،وكل من اتى بعده ظهر بصور
المراتب التي حققها ،
فمثال سيدنا على يقول :انا اول نقطة باء ظهرت
وسيدنا الشبلي يقول :انا اخر نقطة باء ظهرت
وسيدنا محمد ﷺ يقول :انا جميع النقاط التي ظهرت تحت الباء ،فعلي انا والشبلي انا ...
ولذلك قال سيدي ابن عربي :ان سيدنا خالد ابن سنان هو سيدنا الياس وهو سيدنا محمد ﷺ
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فجميعهم اصلهم سيدنا محمد ﷺ ،وجميعهم صور عنه ﷺ ،واختلفوا باختالف الصور ولكنهم
حقيقة واحدة
لذلك قال سيدنا محمد ﷺ واصفا سيدنا الحس ين رضي هللا عنه ( :حسين مني وانا من حسين )
وقال ﷺ واصفا اهل بيته ( :اولنا محمد واوسطنا محمد واخرنا محمد )
فالعارف المتحقق عند وصوله بحر الحقيقة المحمدية ،يخرج من طبع الحروف الى حقيقة
النقطة ،ثم يبحر في بحر النقطة حتى يتحقق بصورة من صور النقطة ،فيلبس هذه الصورة
ويصبح اسمه النقطة ،وعندما يعود الى حرفه الذي جاء منه ،يقول انا النقطة تحت او فوق
او داخل هذا الحرف
فسيدنا الشبلي خرج من طبع حرف الباء ثم دخل الى بحر النقطة وتحقق بحقيقتها ،ثم عاد الى
حرف الباء ،فقال انا النقطة تحت الباء
وسيدنا ابن عربي خرج من طبع حرف الجيم ثم دخل بحر النقطة وتحقق بحقيقتها ،ثم عاد الى
حرف الجيم ،فقال ان الجيم خاتم االولياء
وهذا هو الفناء والبقاء في الحقيقة المحمدية ،وهو التحقق بالصورة المحمدية وهو معنى
الوراثة المحمدية
وقد اختص هللا تعالى االنسان فقط بهذه القابلية واكرمه بهذه الكيفية ،فالمالئكة لهم مقام معلوم
اليتجاوزوه لعدم القابلية على ذلك ،فهم حروف نورانية بظهور وحكم معين محدد ال تبديل له
.
فاخرج ايها االنسان من ظلمة حروف وجودك الى ما اختصك به الرحمن الذي علم القرآن
وخلق االنسان وعلمه البيان ،وتقلد بصورة نبيك العدنان ،اكمل صورة واعظم شان ،ترى
بها حقيقة المكون في االكوان ،وتعرف من انت فتعرف ربك الديان ،وصلى هللا على سيدنا
محمد وعلى اله وصحبه في كل وقت وآن.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
قال سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره في الباب السادس من كتاب النقطة المسمى
((( في النقطة البيضاء والنقطة السوداء )))
《《《 ثم أعلم أن :النقطة السوداء تبرز في الحروف اثنين وعشرين مرة ( ،واحدة في
الباء واثنان في التاء وثالثة في الثاء ،وواحدة في الجيم وواحدة في الخاء ،وواحدة في
الذال ،وواحدة في الزاي ،وثالثة في الشين ،وواحدة في الضاد ،وواحدة في الظاء ،
وواحدة في الذين ،وواحدة في الفاء واثنتان في القاف ،وواحدة في النون ،واثنتان في
الياء )
وسنذكر سر كل نقطة من ذلك عند حرفه فيما يجيء ان شاء هللا تعالى...
فاضرب اثنين وعشرين في ثالثة ( ألن النقطة إنما ظهرت واحدة في مواضع واثنتان في
مواضع وثالثة في مواضع وليس للظهور إال ثالث مراتب )
فاضرب الجملة عددها في مراتها تخرج لك الجملة ست وستون ،وهذا عدد اسم هللا ،
وحقيقة هذا المعنى أن مظاهر الذات في الوجود على ثالث مراتب ،أسماء وصفات وأفعال
والكل هو هللا تعالى ..فافهم ،
واذا اردت ان تفهم سر ذلك ،فخذ بسائط حروف اسم محمد ﷺ تلقاه عين هذا العدد ،
فقل الميم ثالثة ( م ي م )
والحاء اثنان ( ح ا )
والميم ثالثة ( م ي م)
والدال ثالثة ( د ا ل )
فجملة البسائط أحد عشر وهو عدد تكرار البيضاء في الحروف 》》》.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يبدأ سيدي قطب اال قطاب الجيلي قدس سره ونور ضريحه ،في بيان ماهي النقطة البيضاء
والنقطة السوداء
والظهور الثاني :بعد ظهور عالم الحروف ،وسيدي الجيلي يشرح هذا الظهور فيما كتبناه في
االعلى .
وهذا يضرب به مثال في النهار :اليمكنك رؤية النجوم الن نور الشمس اقوى من نورهم ،
فطمستهم في نورها ،فال تميز وال ترى نورا الي نجم ،طالما الشمس بازغة
وهذا يدعى بعماء النقطة او النور االصلي او النور المحض ويدعى بالظلمة السوداء من شدة
النور
وهذا هو معنى النقطة السوداء ،قبل ظهور عالم الحروف ( اي نور محض ال تميز منه شيئ
)
وهو مايقابل الهيولى قبل ظهور الصور والمخلوقات منها
وهو مايدعى بالميم المصمتة ● اي ميم سيدنا محمد قبل ظهورها في عالم الخلق ،وهي ميم
الغيب وميم العماء
وهي مرحلة انتقال النور المحض الى مركز النقطة ،اي من مرحلة النور الصرف الى مرحلة
النور الذاتي ،وهو نور مطلسم في مركز النقطة ،ونتيجة هذا لمعت انوار الحروف وهي
داخل النقطة ،
ونشبه ذلك بغياب الشمس وحلول الليل ،فيظهر نور القمر والنجوم على اختالفها
فكان المركز هو القمر الن نوره ذاتي من نور الشمس ،وهو ميم سيدنا محمد ،بعد ان ظهر
تجويف داخل الميم المصمتة ،وهذا التجويف هو النقطة البيضاء
وهو معنى ( ال الشمس ينبغى لها ان تدرك القمر وال الليل سابق النهار )
الن اول ظهور هو النور المحض المعبر عنه بالظلمة السوداء او النقطة السوداء ،وهو
مايقابل الشمس في النهار ( لذلك سبق النهار الليل )
وثان ي ظهور هو النور الذاتي المعبر عنه بالنقطة البيضاء ،وهو مايقابل القمر في الليل ( لذلك
قال وال الليل سابق النهار )
وهذين الظهورين هم في عالم النقطة الذي هو ميم سيدنا محمد التي تشبه دائرة محيطها اسود
وجوفها ابيض .
وضحنا سابقا ان حرف الميم االولى من اسم سيدنا محمد ،هي النقطة ،و هي قبل ظهور عالم
الحروف ،الذي هو فلك الحمد
م +حمد = محمد
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
القسم االول :هو الحروف ذاتها ،وماتحويه من نقط داخلها ،وهذا الظهور هو من النقطة
السوداء في ميم سيدنا محمد 🔘
القسم الثاني :ظهور النقطة تحت وفوق الحروف ،وهم ٢٢ظهور ،عددهم سيدي الجيلي في
االعلى ،
وهذا الظهور هو ظهور للنقطة السوداء من ميم سيدنا محمد 🔘
والفرق بينه وبين القسم االول ،
ان القسم االول ظهرت النقطة السوداء فيه ظهورا جزئيا ،هو مايدعى بالحرف ،يعني اختلف
ظهور النقطة السوداء من حرف الى اخر ،تبعا لحكم كل حرف
اما القسم الثاني فهو ان النقطة السوداء ظهرت كما هي بكمالها ،كي تعطي معنى وحكم معين
للحرف ،هو معنى ظاهري محض ( الن كما قلنا هي كنور الشمس ،يخفي نور النجوم )
فظهورها مثال في ب ،اعطاه معنى ظاهري كظهور الشمس ،
واما القسم الثالث :فهو ظهور النقطة البيضاء داخل الحروف ،وعدد هذا الظهورات ١١مرة
،وضحهم سيدي الجيلي في االعلى ،
وذكر اول حرف منهم ص ،الن ص هي منبع االنوار ،اي منبع الصور الباطنة ،وهو كما
ذكره سيدي ابن عربي في الفتوحات ،ان ص هي منبع االنوار ،وهي الصورة المحمدية
الباطنة
وظهور النقطة البيضاء في الحروف ،اعطى معنى باطني للحرف ،كظهور القمر في الليل ،
فالشمس ظ اهر والقمر باطن ،وبغياب الشمس يظهر القمر فافهم ..
القسم الثاني :حروف سوداء وبيضاء ،وهي ان جسم الحرف من نقط سوداء ،والنقطة التي
داخله هي نقطة بيضاء ،واذا ظهرت نقطة فوقه او تحته فهي سوداء
مثال :ص ،ض ،ط ،ظ
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
القسم الثالث :حروف مجهولة الماهية ،فجسم الحرف من نقط سوداء ،ولكن نقطته البيضاء او
السوداء مخفية
وهم الحروف السبعة المجر دة ،وقد يبدو انهم دون نقاط بيضاء او سوداء ،لكن عند العارفين
جميع الحروف لها نقاط سواء ظهرت ام لم تظهر
وسبب عدم ظهور النقاط في هذه الحروف السبعة ،هو لغلبة التجلي ،فمثال حرف االف لم
تظهر نقطته النه من تجلي االحدية ،وفي تجلي االحدية يفنى العارف ويبقى ببقاء االحد
والنقطة البيضاء :لها 11ظهور في الحروف وهم [ ه ،و ،ط ،م ،ع ،ف ،ص ،ق ،ظ
،ض،غ]
وسبب اعتبار العين والغين نقاط بيضاء مع انهم مفتوحين ،لكن عند الكتابة يصبحو مغلقين
(العين ،الغين )
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
ويذكر سيدي الجيلي ان عدد حروف اسم سيدنا محمد ﷺ اذا قمنا بتبسيطها
فكان سيدنا محمد هو واسطة الهوية ،بين الحق والخلق ،فلوالها لما ظهر الخلق وال سطعت
انوارهم ،الن اذا سطع نور الحق الفناهم اجمعين ،
واعلم ان النقطة البيضاء :سميت بيضاء دونا عن غيره من االلوان ،الن اللون االبيض
يعكس جميع االلوان في ان واحد فيظهر اللون ابيض
مثال :
الجسم االحمر ،هو جسم امتص جميع االلوان ماعدا اللون االحمر فقام بعكسه ،فاصبح لونه
احمر
الجسم االبيض :هو جسم لم يمتص اي لون بل قام بعكس جميع االلوان ،وهذا العكس اعطى
للجسم لونه االبيض
الجسم االسود :هو جسم امتص جميع االلوان ،ولم يقم بعكس اي لون ،بل امتصهم جميعا ،
فظهر لونه اسود
وبالتالي ،فالنقطة البيضاء :هي مظهرة وعاكسة لجميع االنوار ،ومنهم ظهرت جميع
التجليات
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
والنقطة السوداء ،هي مطلسمة وخاتمة وجميع االنوار والتجليات مغيبة ،داخلها ،فال يظهر
منها شيء
لذلك كان اول ظهور للنقطة هو كنقطة سوداء ،اي كان سيدنا محمد في الغيب االلهي ،
ويسمى بالذات المطلسمة ،والغيب المطمطم .
ثم ظهر واظهر كل التجليات فسمي بالنور االول ،والفيض االقدس و التجلي االعظم
وهذا كله من نتاج تجلي الحق لمرآة الحقيقة المحمدية باسميه الظاهر والباطن كما شرحنا في
الباب السابق .
والكالم طويل ،والتأويل ثقيل ،اال لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد ،فصلي على
سيدنا محمد صالة تمدنا بالفهم الجليل ،وتهدينا السبيل الى معرفته حق معرفته دون ضياع او
تضليل ،وعلى اله وصحبه اجمعين نجوم الهدي واصحاب السبيل .
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
《《《 فإذا علمت ذلك ،فاسألني وقل لم سميت تكرار النقطة البيضاء بنصف
تكرار النقطة السوداء ؟
أقول لك :ألن الوجود المطلق هو الحق تعالى ،والوجود المقيد للخلق .
وإن لم تفهم هذه العبارة ،قلت لك ألن الوجود هو للحق وليس للخلق ،فتقول
وجود الخلق إنما هو للحق ،وليس لك أن تعكس .....
فائدة هذا الكالم أن الحق سبحانه وتعالى هو المتجلى في مظاهر أسمائه وصفاته ،
وأسماؤه وصفاته تجليات في الوجود أي ظهوره في المخلوقات ،فرجع إليه
الوجود المنسوب إلى المخلوق ،وكذا وجوده المنسوب إليه ،فله الوجود جميعه ،
وهذا حقيقة التوحيد ألن وحدانيته لم تترك في الوجود غيره ،فهو كل الوجود (
لمن الملك اليوم هلل الواحد القهار ) ،
وجرت لنا واقعة في هذا الكالم ،حضرتني في الساعة أن أذكرها في هذا المحل ،
وذلك أنه 《 :ورد علينا األخ العارف المسمى بالشيخ عارف ،قد ذكر أنه اجتمع
في غيبته عنا بالشيخ العارف جمال الدين الملقب بالمجنون ،فذكر له أن الشيخ
محمد بن شريف قال له ذات يوم أن الشيخ محي الدين بن عربي رضي هللا عنه ،
ذكر في بعض مصنفاته أن سلطنة األسماء والصفات في الظاهر ( الرحمن ) ،
ثم قال الشيخ محمد بن شريف للشيخ المجنون :ما عندك في السلطنة الباطنة في
األسماء ألي اسم هي ؟
فقال الشيخ المجنون :أنه وقع عنده أن السلطنة الباطنة في األسماء السمه القهار
،
قال ذلك للشيخ محمد بن شريف فاستحسنه منه وقبله كل القبول 》
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فلما سمعت هذه الرواية وقع عندي من هذا الكالم اختالج في القبول ،وذلك ألن
اسمه القهار من أسماء صفات األفعال ،ومرتبة أسماء األفعال هي مرتبة أسماء
الصفات النفسية ،ومرتبتها دون مرتبة األسماء الذاتية ،
فكيف يكون له السلطنة وفي األسماء ما هو أعلى منه ،
ومع هذا فما استطعت أن أرد عليه الكالم في أول وهلة لعلمى بالوسع االلهي ،
وألن الشيخ محمد بن شريف هذا الذي ذكروا أنه قبل هذا الكالم ،هو من يشار
إليه باألصابع في زماننا في معرفته بكالم اإلمام محي الدين بن العربي رضي هللا
عنه ،
ثم اني رجعت إلى هللا تعالى في تحقيق هذا األمر ،فورد علي الخطاب االلهي أن
سلطنة األسماء في الباطن لالسم الواحد ،
فكما أن االسم الرحمن اقتضى ظهورات كثيرة ،لتنبسط الرحمة بإيجاد الموجودات
إلظهار آثار األسماء والصفات .
كذلك االسم الواحد اقتضى أحدية األشياء في الباطن ،فتالشت عندها حقيقة الكثرة
وعـدم العدد
فهذا معنى سلطنة الباطن والظاهر في األسماء بهذين اإلسمين ،
ثم أجرى الحق على خاطري عند ذلك قوله تعالى عند رجوع األمر إليه بالكلية (
لمن الملك اليوم هلل الواحد القهار )
فظهر باآلية تقدم الواحدية على القاهرية في هذا المعنى ،ولو كان للقاهرية مظنة
حكم في هذا المقام فإنما حقيقتها للواحدية ،وهللا أعلم به 》》》 .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يتابع سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره ،شرحه على ظهور النقطة البيضاء والنقطة
السوداء في الحروف
وقد ذكر ان النقطة السوداء ظهرت 22مرة في الحروف وهم [ ب ،ج ،ز ،ي ،ن ،ف ،ق
،ش ،ت ،ث ،خ ،ذ ،ض ،ظ ،غ ]
وذكر ان عدد مرات ظهور النقطة البيضاء ،هو نفسه عدد تبسيط اسم سيدنا محمد ﷺ ( ميم ،
حا ،ميم ،دال) وهم ١١حرفا على عدد ظهورات النقطة البيضاء
يعني ان ا لنقطة البيضاء ،هي سيدنا محمد ﷺ بهذا االسم الكريم ،وهي حرف الميم الذي في
اسمه
وعدد ظهوراتها يساوي ١١مرة ،وهو نصف عدد ظهورات النقطة السوداء التي هي ٢٢
مرة
■واالن يوضح سيدي الجيلي ،لماذا عدد ظهورات النقطة البيضاء يساوي نصف عدد
ظهورات النقطة السوداء ؟
الجواب :
(ألن الوجود المطلق هو الحق تعالى ،والوجود المقيد للخلق ).
اي ان ظهور سيدنا محمد ﷺ هو نصفه للخلق ،وهو ظهوره لهم بالنقطة البيضاء ( اسمه
محمد ) ○
ونصفه للحق بالنقطة السوداء (اسمه هو ) ●
وهو ماذكرناه سابقا ،ان جميع الصور هي تجليات الحق ،دون حلول او اتحاد ،
اي الصورة منسوبة للحق ،وليس الحق منسوب للصورة
ووضحنا غلط النصارى حين نسبوا الحق الى صورة سيدنا المسيح عيسى
وان الصحيح هو كما قال سيدنا محمد ﷺ حين نسب نفسه للحق فقال ( :من رآني فقد رآى
الحق )
■ وبالتالي يقول سيدي الجيلي ،ان ال موجود اال هللا ،وكل الوجود منسوب اليه ،ولكن ليس
الوجود هو عين الحق ،
وهذا هو حقيقة التوحيد ،الن وحدانية الحق توجب ان الموجود سواه فهو كل الوجود وليس
كل الوجود هو ،فيقول تعالى ( لمن الملك اليوم ،هلل الواحد القهار )
■ وبالتالي فان الحق تجلى باسمائه وصفاته ،واسمائه تجلت في الوجود كصور لمخلوقاته ،
وبالتالي هناك ظاهر وباطن
ان الشيخ محمد بن شريف قال :ان الحاكم على االسماء في الظاهر عند سيدي ابن عربي هو
اسمه تعالى الرحمن
وسال الشيخ محمد الشيخ جمال الدين الملقب بالمجنون عن االسم الحاكم على االسماء في
الباطن
فاجاب الشيخ ال مجنون :ان االسم الحاكم على االسماء في الباطن هو اسمه تعالى ( القهار )
ولكن سيدي الجيلي لم يقبل هذا ،مع عدم رده في الحال على ذلك الكالم ( ادبا مع الشيوخ ،
وهذا ادب العارفين ،النهم عارفين بالوسع االلهي بقولهم في اخر كل كالم لهم (وهللا اعلم )
فكل مجتهد مصيب ولو اخطأ ،
والن سيدي الشيخ محمد بن شريف كان من القلة التي تشرح كالم سيدي ابن عربي ،في
زمان سيدي الجيلي )،
فرد سيدي الجيلي هذا االمر الى هللا تعالى ،فرجع في تحقيق ذلك ،فجاءه الخطاب االلهي ،
ان الحاكم على سلطنة االسماء االلهية في الباطن هو اسمه تعالى ( الواحد)
فاالسم الرحمن :اقتضى ظهورات كثيرة ،لتنبسط الرحمة بإيجاد الموجودات إلظهار آثار
األسماء والصفات .
واالسم الواحد :اقتضى أحدية األشياء في الباطن ،فتالشت عندها حقيقة الكثرة وعـدم العدد .
فاجرى هللا تعالى على خاطره االية ( لمن الملك اليوم ،هلل الواحد القهار )
وبذلك ينتفي كالم الشيخ المجنون ان االسم القهار هو الحاكم على االسماء في الباطن ،
الن االسم الواحد سبقه في الترتيب
ولم يقل ( هلل القهار الواحد )
■فسيدنا محمد ﷺ له تجليان ،وجه للخلق بالنقطة البيضاء وهي التجويف االبيض في حرف
الميم في اسمه ( م)
ووجه للحق ،بالنقطة السوداء المحيطة بالتجويف االبيض في حرف الميم في اسمه (م)
فهو الواسطة بين الحق والخلق ،هللا يعطي ،وهو يقسم ،سيدي ابو القاسم صلى هللا عليه
وعلى آله وصحبه اجمعين بحق الى يوم الدين.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
قال سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره في الباب السادس من كتاب النقطة المسمى
((( في النقطة البيضاء والنقطة السوداء )))
《《《 فلنعطف على ما كنا نتكلم عليه من عدد النقطة السوداء والنقطة البيضاء .
إعلم أنك إذا جمعت عدد تكرارها في الحروف ( وال تكرار ألن أمواج البحر مثال إذا شاهدتها
وجدتها كثيرة ،فليست هذه الموجة عين تلك الموجة ،ولو لم يكن بينهم فارق بحال ،فإن
العقل يعلم قطعا ً أن الموجتين ليس أحدهما عين األخرى ولو شاركتا في الحد ،فقد انتفى
التكرار ،وفائدة ذلك لتعلم الوسع اإللهى فال شيء في الوجود متكررا ً ،بل لو قلت باء ألف
مرة لم تكن هذه الكلمة متكررة ،ألن النقطة أبدا ليست األولى فقد مضت وجاءت نقطة
أخرى غيرها ،ولكنها تشابهها في الحد وال تكرار في الوجود )
وإذا علمت ذلك وجمعت العدد التي لها بين النقطتين وجدت جملتها ثالثة وثالثين وهي عدد
السبحات التي أمر النبي ﷺ أن يسبح هللا تعالى بها ،
فإذا هللت مثلها وزدت عليها العدد بلغت عدد اسم هللا تعالى وذلك ستة وستون ،
فإذا كررت مثلها أعني ثالثة وثالثون ،وأضفت ذلك إلى العدد األول ،بلغت الجملة تسعة
وتسعين وهى عدد أسماء هللا الحسنى التي هي أصل هذا الوجود الخلقي،
فإن العالم أثر تلك األسماء ،وليس المراد من العالم إال ظهور تلك األسماء ومعرفتها بآثارها
،وليس المراد من ظهورها ومعرفتها إال ذات هللا تعالى ،فانظر إلى هذا السر العجيب وافهم
ما تحت هذه اإلشارات ،أيها الغريب .
ثم أعلم أن هذا العدد عين الحروف ومراتبها ،ألن الحروف ثالثون حرفا ً وثالثة هي أم
الثالثين ،ألن الواحد ام العشرة والعشرة أم المائة ،وهلم جرا، ..
يعرف ما ذكرناه من كانت له معرفة برقم الوضع الهندساتي ،وال فائدة لذكر ذلك لشهرته ..
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يتابع سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره ،الكالم على اسرار ظهور النقطة البيضاء
والنقطة السوداء في الحروف ،
ويبين ان تكرار النقطة السوداء او البيضاء ،اليعني ابدا انهم نفس الشيء في كل تكرار
وضرب مثال :انك ترى تكرار امواج البحر فتظن ان الموجات هي نفسها ،ولكن كل موجة
تختلف عن االخرى في الحقيقة
وهذا ايضا يعني :ا ن حرف (ص) في اول سورة ص ،ليس هو عينه حرف (ص) في المص
،وليس هو عينه حرف (ص) في كهيعص
وهو ماينطبق على الحقيقة االنسانية ،فالجميع يطلق عليه انسان ،ولكنهم مختلفون اختالفا كليا
بحسب مل شخص منهم .
وهذا كله من حكمة الوسع االلهي في الوجود ،اذ ال تكرار ابدا في الوجود ( هذا من اعظم
اسرار الفيزياء ،فسبحان من اجرى علمه على لسان اوليائه )
ففي كل مرة تكرر فيها وردك ،تنزل عليك انوار مختلفة في كل مرة ،فمئة مرة تكرار هي
مئة نور نازل ،والف هي الف نور نازل ،فسبحان هللا الكريم المعطي
■ وبعد ان فهمت ان تكرار النقطة السوداء والنقطة البيضاء في الحروف ،اليعني ابدا انه
تكرار تشابه بل هم مختلفين اختالفا واضحا جليا .
فاعلم ان اذا جمع ت عدد ظهورات النقطة السوداء في الحروف وهم ، 22مع عدد ظهورات
النقطة البيضاء في الحروف وهم 11
وهذا الرقم 33هو عدد التسبيحات التي امرنا بها النبي محمد ﷺ نسبح هللا تعالى بها
فاالسماء هي اصل هذا الوجود الخلقي ،فليس المراد من هذا العالم اال معرفة هذه االسماء من
خالل ظهوراتها واثارها ،وليس المراد من هذه االسماء اال معرفة ذاته تعالى
واعلم ايضا ؛
ان العدد ، 33هو عين عدد الحروف ،
الن الحروف عددها ثالثون ( مع اضافة الهمزة وااللف المعتلة ،ء ى )
ومن هذه الحروف يوجد ثالث حروف هي امهم ،اي ام الثالثين حرفا
فمثال في االعداد الواحد ام العشرة ،والعشرة ام المئة ،والمئة ام االلف
وهكذا في الحروف
فااللف والياء والراء هم امهات هذه الحروف
فان ذاته تعالى هي الظاهرة في الوجود ظاهرا باسمائه وتجلياته ،وباطنا بصفاته ووحدانيته
فهو االول واالخر الظاهر والباطن ،ال موجود سواه
فالخلق حق ،وليس الحق خلق ،
فكل شيء منسوب اليه ،وتعالى وتنزه ان ننسبه الى شيء ،ليس كمثله شيء وهو السميع
البصير
فالزم هذه المعرفة ،توحد الخالق حق توحيده ،وتسبحه حق تسبيحه ،وتراه في كل صورة ،
وتعبده في احديته وربوبيته ال في خلقه وصوره .
كن موحدا ياغريب ،وتمسك باتباع نبينا الحبيب ،وصلي عليه صالة تجعلك منه قريب ،فاهلل
معطي وهو مجيب ،وعلى آله وصحبه اصحاب االيمان العجيب ،واليقين الرهيب ،بحق الى
يوم الجمع عند الكثيب .
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
《《《 إعلم أيدك هللا باإليمان حتى تقبل كل ما يرد عليك من الحق فتكون من
أهله ،
إن توحد النقطة :دليل على واحدية هللا تعالى في الوجود وأنه محض الوجود
المطلق ،إذ ال موجود سواه .
و أما تثنيتها :فدليل على أن هلل تعالى من حيث الجملة في الوجود مظهرين :
مظهر حقيقي قديم وهو عبارة عن تجليه من أسمائه وصفاته ،
ومظهر خلقي حادث وهو عبارة عن تجليه في مخلوقاته من غير حلول وال كشيء
في شيء بل كما يستحقه لنفسه ،
فألجل ذلك ظهرت النقطة في المرتبة الثانية لتدل بالوضع على هذه الحقائق.
وأما تثليثها :فدليل على أن تجليات الحق سبحانه وتعالى في المظاهر كلها على
ثالثة أقسام ،
قسم يسمى التجليات الذاتية وهى في األسماء التي ال تفيد معنى الوصفية ،كاسمه
االحد وغيره من األسماء الذاتية ،
وقسم يسمى تجليات الصفات وهي تجليه في باقي األسماء التي تفيد معنى
الوصفية ،
وقسم يسمى تجليات االفعال وهو ظهوره في صفته ،أعني في خلقه وفعله .
ثم أعلم أن من العارفين من يذكر أن للذات اسما وجعل األسماء كلها أسماء صفات
،
فقال :إن للذات من حيثيتها ال يقع عليها اسم وليس لها في مجلي حضرة الجمع
والوجود صفة ،ألنه مجلى من مجالي الصرافة الذاتية المطلقة ،فما وقع عليها
اسم أو صفة ،فقيدت األسماء والصفات الذات في تجليات أخرى غير هذا التجلى .
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يوضح سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره ،بشكل عام معاني ان يكون للحرف نقطة
واحدة او نقطتين او ثالثة ،ومعاني وجود النقطة تحت الحرف او فوقه او داخله .
وتدل النقطة الواحدة على وحدانية الذات االلهية وواحدية هللا تعالى ،اذ الموجود سواه على
الحقيقة
وقد ذكر سيدي ابن عربي في الفتوحات المكية 《 قد ورد أن "آية الكرسي سيدة آى القرآن"
ّٰللا فيها ،بين مضمر و ظاهر ،في ستة عشر موضعا منها إال آية
ألنه ليس في القرآن آية يذكر ه
الكرسي》.
■النقطتين :
واما وجود نقطتين كما في الحروف [ ه ،ي ،ق ،ت ]
فهي تشير الى اقسام التجلي ات االلهية في جميع المظاهر سواء كانت حقية او خلقية
وهي :التجليات الذاتية ،والتجليات الصفاتية ،والتجليات الفعلية
فالتجليات الذاتية :هي االسماء الذاتية التي التفيد معنى الوصف ،كاسمه تعالى االحد واسمه
االزل واسمه هللا
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
والتجليات الصفاتية :هي االسماء الصفاتية التي تفيد معنى الوصف الذاتي ،كاسمه تعالى
العليم ،الرحمن ،الرحيم
والتجليات الفعلية :هي االسماء التي تفيد معنى الوصف الصفاتي والخلقي ،كاسمه الكريم ،
الجميل ،الصادق
فيستطيع الخلق التخلق بها
فتجد ان الشخص اليسمى هللا بل يسمى عبد هللا
وشخص اليسمى رحمن بل يسمى عبد الرحمن
وشخص يسمى كريم ،صادق ،محسن ...
وقد ذكر سيدي ابن عربي في الفتوحات تفصيال في هذا المعنى فقال 《 :اسمه تعالى الرحيم :
فالياء الليالي العشر ،و النقطتان الشفع ،و األلف الوتر ،و االسم بكليته و الفجر ،و معناه
الب اطن الجبروتي و الليل إذا يسر و هو الغيب الملكوتي .
و ترتيب النقطتين ،الواحدة مما تلي الميم ،و الثانية مما تلي األلف ،
ّٰللا عنه ،
و الميم وجود العالم الذي بعث إليهم و النقطة التي تليه أبو بكر رضي ه
ّٰللا عليه و سلم و قد تقببت الياء عليهما كالغار ( ِإ ْذ َيقُو ُل
و النقطة التي تلي األلف محمد صلى ه
احبِ ِه ٰال تَحْ زَ ْن إِ َّن ه َ
ّٰللا َمعَ ٰنا ) ِلصٰ ِ
فإنه واقف مع صدقه و محمد ﷺ واقف مع الحق في الحال الذي هو عليه في ذلك الوقت ،فهو
الحكيم كفعله يوم بدر في الدعاء و اإللحاح و أبو بكر عن ذلك صاح ،فإن الحكيم يوفي
المواطن حقها ،
و لما لم يصح اجتماع صادقين معا لذلك لم يقم أبو بكر في حال النبي ﷺ و ثبت مع صدقه به ،
ّٰللا
فلو فقد النبي ﷺ في ذلك الموطن و حضره أبو بكر لقام في ذلك المقام الذي أقيم فيه رسول ه
ﷺ ،ألنه ليس ثم أعلى منه يحجبه عن ذلك فهو صادق ذلك الوقت و حكيمه و ما سواه تحت
حكمه
فلما نظرت نقطة أبي بكر إلى الطالبين أسف عليه فأظهر الشدة و غلب الصدق و قال ( ٰال
ّٰللا َم َع ٰنا ) كما أخبرتنا ،
تَحْ زَ ْن ) ألثر ذلك األسف ( ِإ َّن ه َ
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
و إن جعل منازع أن محمدا هو القائل لم نبال لما كان مقامه ﷺ الجمع و التفرقة معا و علم من
أبي بكر األسف و نظر إلى األلف فتأيد و علم أن أمره مستمر إلى يوم القيامة قال ( ٰال تَحْ زَ ْن
ّٰللا َم َع ٰنا )
ِإ َّن ه َ
ّٰللا قبله ) شهود بكري ّٰللا عليك ( ما رأيت شيئا إال رأيت هو هذا أشرف مقام ينتهي إليه تقدم ه
وراثة محمدية ،و خاطب الناس بمن عرف نفسه عرف ربه و هو قوله تعالى يخبر عن ربه
ّٰللا عنه و يؤيدناِين و المقالة عندنا إنما كانت ألبي بكر رضي ه تعالى َكاله ِإ َّن َم ِعي َر ِبي َ
س َي ْهد ِ
قول النبي ﷺ ( :لو كنت متخذا خليال التخذت أبا بكر خليال)
فالنبي ﷺ ليس بمصاحب و بعضهم أصحاب بعض و هم له أنصار و أعوان فافهم إشارتنا تهد
إلى سواء السبيل》 .
لذلك قال سيدنا عثمان رضی هللا تعالى عنه ( :ما رأيت شيئا إال رأيت هللا بعده )
لذلك قال سيدنا علي رضى هللا عنه ( ما رأيت شيئا إال رأيت هللا معه )
.................................................................................................... .....
................................................................................ .........................
اما سيدي ابن عربي فيذكر اسباب اختفاء و ظهور النقاط فوق الحروف وتحتها فيقول :
《 فاعلموا أن الشيء ال يعرف إال بوجهه ،أي بحقيقته ،فكل ما ال يعرف الشيء إال به فذلك
وجهه ،فنقط الحرف وجهه الذي يعرف به ،و النقط على قسمين :
نقط فوق الحرف ،و نقط تحته
فإذا لم يكن للشيء ما يعرف به عرف بنفسه مشاهدة و بضده نقال و هي الحروف اليابسة ،
فإذا دار الفلك أي فلك المعارف حدثت عنه الحروف المنقوطة من فوق
و إذا دار فلك المشاهدة حدثت عنه الحروف اليابسة غير المنقوطة
و فلك المشاهدة يعطي البراءة من هذا كله ،قيل ألبي يزيد كيف أصبحت قال ال صباح لي و
ال مساء إنما الصباح و المساء لمن تقيد بالصفة و أنا ال صفة لي 》
اي :
النقطة فوق الحرف :نتيجة ظهور فلك المعارف العلوي ومن يتحقق بها يتحقق بالخلق
والحال والكرامة
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
والنقطة تحت الحرف :نتيجة ظهور فلك االعمال االدنى ،ومن يتحقق بها يتحقق بالمقامات
والحقائق
والحرف بدون نقطة :نتيجة تجلي المشاهدة حيث تفنى النقطة وال تظهر ،كما ذكرنا سابقا انه
بسبب غلبة طابع التجليات كااللف ال نقطة له النه من تجلي االحدية
.........................................................................
.........................................................................
واما سيدي صدر الدين القو نوي يتوسع في الشرح عن سبب عدم ظهور نقط ،وعن سبب
ظهور نقطة واحدة ونقطتين وثالث ،وعن سبب ظهورها فوق الحرف وتحته ،وعن سبب
عدم ظهور اكثر من ثالث نقاط ،وعن سبب عدم ظهور ثالث نقاط تحت الحرف وظهرت
فوق الحرف ولما ظهرت في حرفين فقط هما ث و ش
《《《 لكل فرد من أف راد الموجودات العينية ،التي هي حروف النفس الرحماني ،من
حروف النفس اإلنساني ،خمسة أحكام ثبوتية في قوة أحدها جمعية ما في األربعة ،وحكم
سادس سلبي سار في الخمسة .
ولهذه األحكام الستة خمس عالمات :ثبوتية ،مرتبة تجمع إحداها ما تضمنته األربع ،وعالمة
سادسة سلبية تنتج حكما ثابتا ،فإن ترك العالمة عالمة ،فهذه اثنا عشر أمرا استحضارها
يعين في فهم ما يذكر من بعد.
فالتي تختص بالنقطة :كونها تكون واحدة واثنتين وثالثا ،من فوق الحرف ومن تحته ،
والسلبية عدم النقط.
واإلعراب :الرفع ،والنصب والجر ،والتنوين ،والسكون الحي ،والسادسة السلبية :السكون
الميت ،وحذف الحرف القائم مقام اإلعراب.
وكما أن المراتب الخمس يكون ظهور حكمها باعتبار األولية والحكم الجمعي األحدي ،
فكذلك ظهور األمر في هذه المراتب الثالث يكون باعتبارين :
أحدهما ظهور الغلبة المشار إليها من حيث القوى الروحانية ،
واآلخر من حيث القوى الطبيعية ،
ألن اختالف استعدادات األعيان واختالف تعلقات األسماء وتوجهاتها إليجادها يقتضي أن
بعضها إذا وجد يتعين في مراتب األرواح وينضاف إليها ،وبعضها في مراتب الطبيعة ،
والظه ور في إحدى المرتبتين المذكورتين أو فيهما معا -باعتبارين ومن وجهين -يستلزم
االنصباغ بحكم إحدى النسبتين -وهما :الفعل واالنفعال -أو األمر الثالث الجامع باعتبار .
فإن تعين الحرف -مثال -في المرتبة الفعلية من حيث النسبة الروحانية لغلبة أحد األحكام
الخمسة من حيث األولية أو الحكم الجمعي األحدي المرتبي ،نبه على الحكم باإلعراب وعلى
المرتبة بالنقطة ،وتكون واحدة من فوق الحرف ،
وإن كان األمر بالعكس -بمعنى أن تميز الحرف يكون في المرتبة االنفعالية بأحد االعتبارين
المذكورين أو كليهما -كان النقط من أسفل ،
وإن حصلت الغلبة في مرتبة الجمع والتكافؤ التي هي المرتبة األخيرة من الثالثة وكان الحكم
من أحد الخمسة للسكون الحي ،كان النقط ثالثا من فوق.
ولما لم يظهر هذا الجمع التركيبي إال بحسب االعتبارين المذكورين -وهما النسبة الروحانية
والنسبة الطبيعية -لذلك لم ينقط من الحروف ثالث نقط إال الثاء والشين ،
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
والسر في أن النقط من أسفل لم تكن أكثر من اثنتين أن االمتزاج المذكور إنما يقع بين األرواح
والطبائع لما بينا ،وألنهما مظاهر المعاني والحقائق والمراتب ،
فإن غلبت النسبة الروحانية بالتفصيل المقدم ذكره ،كانت النقط من فوق ،
وإن غلبت القوى الطبيعية ،كانت من تحت تعريفا لمرتبة األرواح والطبائع.
والنقطة الثالثة لما كانت منبهة على التكافؤ االعتدالي ،والسر الجمعي األحدي اإللهي الذي
تستند إليه سائر األحكام واآلثار -نبه عليه من فوق لشمول حكمه.
وأما من تحت فال ألنه األمر اإللهي الذي يغلب وال يغلب ،
ولهذا تجعل فوق النقطتين اللتين :إحداهما للروحانية ،واألخرى للطبيعية ،وترسمان في
صف واحد إشارة إلى تساويهما من حيث إن كل واحدة منهما من وجه تفعل في األخرى ،
وتؤثر فيها ،وتجعل الثالثة فوقهما لما بينا.
والسر في أن الحكم الجمعي ال ينبه عليه إال في الحرفين -وهما الثاء والشين -أن حكم الجمع
األحدي واالعتدال الوجودي في غير هاتين المرتبتين معقول غير مشهود ،ولهذا االعتدال
التام ال ينتج وال يظهر له صورة ،وكذا الجمع الكلي الشامل الحكم ،والكمال الذي ال أكمل
منه ،ال يتعينان في الوجود ،وإنما يشهد كل منهما بحسب المرتبة والمظهر الذي يظهر الكل
فيه وبه ،ال بحسبه.
ولما كانت الصور منقسمة إلى مركبة وبسيطة بالنسبة ،وكان البسيط لتشابه أجزائه وعروه
عن الكيفيات المختلفة من حيث ذاته ال يظهر للتركيب فيه حكم محسوس ،بل يعقل ذلك فيه ال
غير ،كانت الحروف المختصة به بحكم األغلبية والمنضافة إليه خالية عن النقط ألن النقط
وضعت للتعريف ،ونسبة هذه الحروف إلى الطبيعة والصور إنما كانت من وجه واحد واكتفي
في التنبيه على مرتبتها بمجرد الصورة ،وعلى حكمها باإلعراب ،فحصل االستغناء عن
معرف آخر》》》》 .
النقطة فوق الحرف :لظهور الصفة الروحانية في مرتبة الفعل والفاعل والمؤثر ،كالمالئكة
والكائنات العلوية
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
النقطة تحت الحرف :لظهور الصفة الطبيعية في مرتبة المنفعل والمفعول به والمتأثر ،
كاالجسام واالجرام واالجساد
النقطتين فوق الحرف :لظهور الصفتين الروحانية والطبيعية معا ،في مرتبة الفعل والفاعل
والمؤثر ،كدحية الكلبي ،وضيوف سيدنا ابراهيم ،وايضا العارفين الذي تغلب عليهم
روحانيتهم فيطيرون ويفعلون الخوارق
النقطتين تحت الحرف :لظهور الصفتين الروحانية والطبيعية معا ،في مرتبة المنفعل
والمفعول به والمتأثر ،كاالنسان بصفة عامة
ثالث نقاط فوق الحرف :لتساوي الصفة الروحانية مع الصفة الطبيعية ،فوضعت نقطة
فوقهما لتعبر عن ذلك ،
كالرسل واالنبياء ،واالئمة ،واالولياء الحاكمين في الظاهر ،والخلفاء الذين يحكمون في
الظاهر والباطن
سبب عدم ظهور ثالث نقاط اسفل الحرف :الن تساوي الروحانية والطبيعية في مقام الفاعل
والمؤثر ،النه من تجلي االمر االلهي الذي يغلب وال يغلب ،فاهلل فاعل واليفعل به ،فالخليفة
تساوت روحانيته مع جسمانيته ولكنه يستمد من العلو االلهي ،وليس من السفل الطبيعي ،اي
يفعل ما يامره به هللا وال ينفعل وال يتأثر بالخلق
والن الحكم الجمعي االحدي ( الخليفة) في هذين الحرفين مشهود ،و معقول في بقية الحروف
اي مغيب ال يشاهد
نقطتين فوق الحرف :فاعل بظهورين روحاني طبيعي ولكن يغلب ظهور الروحانية
نقطتين تحت الحرف :منفعل بظهورين روحاني طبيعي ولكن يغلب ظهور الطبيعة
ثالث نقاط فوق الحرف :فاعل ومنفعل بظهور روحاني طبيعي متكافئ ومتساوي ( يأثرون
ويتأثرون ببعض )
عدم وجود نقاط :الن الحكم الجمعي الشامل اليمكن شهوده بل تعقله فقط من خالل االعراب ،
اي اليمكن شهود التجلي االحدي ،بل يتعقل بالفناء والمحق والبقاء
.........................................................................................................
.................................................................................. .......................
وقد طال الكالم الن الحكمة تستوجب االعالم ،ف اينما كنت عليك التوجه للحق باالستسالم ،
فهو احد اينما كان ،قبل كل آن ،وبعد كل زمان ،معك في كل حين وحان ،وصلى على نبيه
المصطفى نقطة االكوان ،وعلى آله وصحبه اجمعين في كل وقت ومكان.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
《《《 إعلم أيدك هللا ،أن النقطة من باب اإلشارة روح ،والحرف جسم ،فإذا
كتبت الحرف وجعلت عليه نقطته ،فقد نفخت فيه الروح وأكملت حقيقته وحينئذ
يثمر لك ما أردت من الحرف بحسب ما تختار من المعنى .
ومن أثر العمل بالخاصية ،فإن كتبت الحرف ولم تنفخ فيه روحه الذي هو له ،
وجاء غيرك فنفخ في ذلك الحرف روحا ً غيره ،انقلب الحرف وصار بحكم ذلك
الروح ،
مثال ذلك :كتبت (أطلب زٮدا ) ولم تنقط الياء المثناة من تحت ،فأتى آت ونفخ في
الياء بنقطة الباء الموحدة من تحت فصار الكالم (أطلب زبداً ) ،وكم بين الزبد
والزيد ،
وال يتوهم أن المعنى ال يختل إال بوضع النقطة فقط ،بل إن قرأ قارئ مصحفا ،
نقص قوة تأثير ذلك الحرف بحسب ما قرأه القارىء.
ثم أعلم أن النقطة السوداء كالنقطة البيضاء ،فإذا طمست الحرف الذي له نقطة
بيضاء فقد أسقطت نقطته ونقصت بذلك قوله في التأثير ،
وال يتوهم أن المهمل ليس له نقطة ،فإن عدم العالمة بين أهل العالمة عالمة ،
قال محي الدين بن عربي رضي هللا عنه ( :عدم العالمة بين اهل العالمات من
اسنى العالمات ) ،
فنقطة الدال المهملة نقطة متوهمة ،ولها في الفعل ما للنقطة الخطية ،ألن
سلطان الوهم أقوى السالطين
فافهم أرشدك هللا ما أردنا بالنقطة وما قصدنا بالحرف ،فكيف يكون الحرف بيتا
لما لم يوجد فيه ،
و أقل أقسام الفهم عن هذه اإلشارات أن تعلم أنك إذا نظرت إلى الخلق عدما عن
الحق ،فقد أسأت في حقه ورجعت أمره إليه وهللا يقول إن أمر الخلق راجع إليه
سبحانه و تعالى ،
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فال أقل لك :أن تش هد الحق تعالى عند رؤيتك لخلقه أي تراه بقوله ( فأينما تولوا
فثم وجه هللا ) ،
افال ترى إلى قوله عليه السالم ( إن هللا تعالى في قبلة المصلي ) ،فكن ناظر إليه
في خلقه من غير اعتقاد حلول ،
كما قال ﷺ ( أعبد هللا كأنك تراه )
ثم بين لك رسول هللا ﷺ كيفية الوصول إلى هذا الشهود بأن قال عقب ذلك ( فإن لم
تكن تراه ) بعين ،فإن لم يكن عند نفسك موجودا سواء تراه أنه كل الموجود وأنه
عينك أيها الرائى .
ثم قال عقب ذلك ( فإنه يراك ) يعني إذا لم تكن أنت كأنك تراه ،بل فهو الذي
يراك وتراه وهذا عين معنى قوله تعالى ( و ما رميت إذ رميت ولكن هللا رمى )
أثبت الرمي أوال لمحمد ﷺ ثم جعله هلل .
فافهم واعلم ما تحت هذه اإلشارات تفز برحمته على التحقيق إن شاء هللا .
》》》
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يذكر سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره ،منافع النقطة ،وهي التي ذكرنا بعضا منها
في جزء روحانية النقطة في الجزء ( ، )7ارجع اليه لمزيد الفهم .
وهنا يشبه سيدي الجيلي النقطة بالروح للجسد ،والحرف بالجسد الذي يتحرك حسب هذه
الروح ،
والنقطة كونها داخلة في الحروف ،فهي كالروح المدبرة الجسام متعددة ،وهي كالقطب الذي
تدبر روحه اجسام الوجود.
وقد قلنا في الجزء ( ) 7ان االولياء معهم روحانية النقطة ،بسر روحانية سيدنا عيسى عليه
السالم .
فكما ينفخ سيدنا عيسى في هيئة الطير فتكون طيرا باذن هللا ،
كذلك ينفخ الولي في ه يئة الحرف ،فيكون حرفا حيا مرتبطا بروح هذا الولي .
فالنقطة هي هذه الروح التي ينفخها الولي في الحرف ،فتعطي معنى تابعا لهذا الولي ،
فيختلف الحرف حسب النافخ فيه ،
فهو عند االنسان العادي حرف ميت الروح فيه والمعنى ،
وعند ولي هو حرف دبت فيه روح هذا الولي فاعطتت معنى اراده هذا الولي ،
فالحرف يختلف من ولي اال اخر حتى ولو كان نفس الحرف ،
لذلك جاء في قصة ان وليا صالحا اسمه سحنون ،كان اذا طلبه احد في حاجة ،يكتب حرف (
ن ) على ورقة ،فتقضى حاجة هذا الشخص ،
فجاء احد مرة يريد تقليد الولي ،فكتب حرف ( ن ) على ورقة ،ولم يحصل شيء
فقيل له ( :ليس السر في النون ،انما السر في كف سحنون )
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
وهذا سر من اسرار بحور معرفة االولياء ،حيث ان الولي اذا جاء االذن االلهي له بكتابة
كتاب ،فان هذا الكتاب بمثابة جزء من بحر ومدد ومعرفة هذا الولي .
فكتب سيدي ابن عربي من روحانية سيدي ابن عربي ،ولن يفهمها احد اذا لم يحصل على
االذن بفهمها ،واالذون على حسب مراتب الفهم كما ذكرها سيدي الجيلي في مقدمة كتاب
النقطة ،وفي كتابة االنسان الكامل
《 أما الطريق الثالث من العلم ،فهو ما يستفاد بطريق اإليمان من كالم هللا تعالى ،وحديث
رسول هللا ﷺ ،أو من عبارات أهل هللا تعالى وإشاراتهم .
فإن المريد إذا سمع بشيء من علوم الحقيقة مما هو فوق طوره ،فآمن به وأنصب فيه وأخذه
بكلى يد يه حتى يسكن قلبه إلى ما آمن به .وإذا سكن قلبه إلى ذلك واطمأنت نفسه به ،كان
ذلك العلم له حقيقة ،كما هو المتكلم به ،
والفرق بينه و بين المتكلم أن المتكلم أخذه من هللا تعالى بغير واسطة ،وهذا السامع أخذه
بواسطة ذلك المتكلم .
واستويا بعد ذلك في تلك المسألة ،إن فهمها على ما قاله المتكلم وإال فال .وقد سوى هللا بينهما
في قوله سبحانه و تعالى ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) ،
فصاحب القلب هو اآلخذ من هللا علومه بغير واسطة ،والذي ألقى السمع وهو شهيد ،هو
المؤمن بما يلق إليه المتكلم فيأخذه بكليته .كأنه يشهد صورة مايحكيله به 》 ..
واعلى درجات االخذ عن االولياء ان تفهم كالمهم كما هم شهدوه ،وكانك كنت مكانهم تشاهد
ماشهدوه ،واليعني مقامهم ،بل من مقام رؤيتهم .
■فاذا فإن وضع النقطة على الحرف ،هي كنفخ الروح في الجسد ،وهذا الوضع يكون تابعا
للنافخ الذي لديه القدرة على النفخ في الحرف .
فالشخص العادي يكتب ويؤلف ويصنف كتبا وعلوما شتى ،كعلماء الرسوم علمهم ميت الحياة
فيه ،
فالعارف يخاطبك من خالل كلماته ،الن روحه سارية في هذا الكالم .
وهنا سر عجيب ،نضعه هنا ،هو ان الولي اذا كتب كتابا بيديه ،وجاء شخص اخر ونسخ
هذا الكتاب بدون اذن الولي ،فان جميع من سيقرأ هذه النسخة لن يفهم شيئا.
والنسخة االصلية المكتوبة بخط الولي ،تكون ذات نور باهر لمن له كشف ،فيرى نورا
صادرا من الكتاب ،
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
لذلك كان الولي يضع اذنا عاما وخاصا ،حتى اذا جاء احد ونسخ كتابة ،كي يبقى مدده فيها
في االذن العام ،ويطلسمها باالذن الخاص .
لذلك قال سيدي الجيلي :ان المعنى اليتغير فقط بتغيير النقاط ،بل يختلف بتغير االلفاظ من
قارئ الى اخر ،
فمن يسمع القرآن الكريم من سيدنا محمد ﷺ مباشرة ،ليس كمن يسمعه من سيدنا جبريل عليه
السالم ،وليس كمن يسمعه من هللا عز وجل .
وحتى لو سمع القرآن من سيدنا محمد ﷺ ،اختلف تأثيره على حسب المستمع واستعداده وما له
من اذون ومقام كي يعرف ويرى ويشاهد
اال ترى الجن عندما استمعو الى تالوة سيدنا ﷺ فقالوا :انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد
فامنا بربنا ولن نشرك به احدا
فامنوا بمجرد السماع
والكفار قالوا هذا سحر وهذا شعر وهذا كالم اليسمن واليغني ،وحجبهم كفرهم عن رؤية نور
الحق في القرآن الكريم .
■فالحرف يختلف من كاتب الى كاتب ،ويختلف من قارئ الى قارئ ،ويختلف من متلقي الى
متلقي
فاختلفت روحانية النقطة بين اهل هللا على هذا االساس .
■ وسيدي الجيلي يريد منك ان تفهم هذه المعاني ،كي تفهم كالمه تعالى في كتابه على حسب
ما اراده هو تعالى وجل ،وليس على حسب مافهمته انت من مستويات فكرك وادراكك
فقد قلنا ان اعلى درجات االخذ عن االولياء ،ان تشهد ماشهدوه من الحق وكانك كنت معهم
في ذلك الموقف من االخذ والمشاهدة ،فتذوق المعاني من خاللهم
فاقرأ حروف الوجود كي تعبد هللا كانك تراه ،بال حلول وال اعتقاد اتحاد ،
فان لم تكن تراه :الحتجابك بطوابع الجهل ،وموانع الفهم ،وقواصر االدراك
فهو يراك :الن هو الكاتب والنافخ والخبير ،يكتب مايشاء ويمحو وعنده ام الكتاب
فانت تراه النه ارادك ان تراه كما يراك ،لذلك قال في حق سيدنا محمد ﷺ ( ومارميت اذ
رميت ولكن هللا رمى )
وسيدنا محمد ﷺ يرى هللا هو الرامي ،فنسب نفسه ﷺ للحق فقال ( :من رآني فقد رآى الحق )
فالفاعل هو هللا تعالى على االطالق ،ونسبة الفعل الى سيدنا محمد ،فنسب سيدنا محمد نفسه
الى الحق .
■فمنافع النقطة :هي ان تدرك انك حرف من حروف هذا الوجود ،نفخ هللا تعالى فيك من
روحه ،فاحياك بحياة المعاني ،فكنت صورة من صور معاني الحق فيك ،
فمن اتبع هدى الحق فهم المعنى على صورة ما اراده الحق فيه ،فكان على الصورة الكاملة
في احسن صورة وفي احسن تقويم
ومن حجب عن هدى الحق ،انحجبت عنه معاني ما اراده هللا فيه ،فكان على الصورة
الناقصة اسفل سافلين .
الرب قريب قريب يا انسان ،انصت انه يخاطبك في كل مكان ،افهم كل بيان ،كي يعلمك
القرآن ،الرحمن الذي خلق االنسان وعلمه البيان ،حروف وروح وريحان ،فبأي آالء ربكما
تكذبان ،سبحانه سبحان ،والصالة والسالم على رسول الهدى والفرقان ،عربي االصل
واللسان ،محمد طه يس العدنان ،وعلى آله وصحبه انوار اسرار الهدى والكتمان .
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
حتى ظهرت به ،فهو الظاهر بها عند قوله ( :يا رحمن ) ،
ويتعقل اإلحاطة الكلية اإللهية بالموجودات من حيث أعيانها وصفاتها ومن كل
حيثية عند قوله ( :يا محيط) ،
ويتعقل اإلدراك اإللهي لها جملة وتفصيال عند قوله ( :يا عليم ) ،
ويتعق ل رجوع العلم الذي عندها إليه بعين ما ينسب إليها ،فعلمها باألسباب عين
علمه عند قوله ( :يا خبير) ،
ويتعقل التنزيه الذاتي من أوصاف المخلوقات ولو ظهر فيها بأعيانها فإنه على ما
هو عليه من التقديس عن النقائص الكونية ،يتعقل هذا عند قوله ( :يا قدوس) ،
وكل هذه التعقالت لهذه المعاني الكمالية ،يكون شهودها :إما إطالقا من حيث
الذات اإللهية باإلجمال ،وذلك للمبتدئين .
وإما تحققا ً من حيث الظهور الذاتي ،فقيل بالكيف في هذا ألهل الطريق ،فافهم .
فكل من دوام على هذا الذكر بهذا الشرط فتح هللا عليه بما فتح هللا به على أهل
الكشف والشهود ،ومثل هذا الرجل ال يبعد عنه الفتح ،بل يرجى أن يفتح هللا
عليه ولو بجلسة واحدة على قدر ما قسم هللا له بحسب الفراغ من کدورات األشياء
المشوشة في الخاطر ،
فإنهم يقولون أعني أهل الطريق والذكر ( أن التجلى ثمرة التخلي ،والتحلي ثمرة
التجلي ) فا ألول بالجيم والثاني بالخاء المعجمة ،والثالث بالحاء المهملة والرابع
بالجيم فافهم .
واعلم أنى رمزت في ذلك التعقل حقائق معاني تلك األسماء والصفات ،وهكذا أمثل
معك في جميع ما سيأتي في هذا القسم فإن تحته أسرار كثيرة ،نبهتك عليهـا بهذه
الكلمات إن كنت من أهلها ،وهللا الموفق 》》》 .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يشرح سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره ،االسماء التي تختص بها النقطة من حيث
البطون والظهور.
□ فاالسم من ناحية البطون :هو الن النقطة باطنة من حيث هويتها ،واليمكن ادراكها وال
تعقل كيفيتها ،كالحبر الذي في الدواة ،ال تميز منه شيء حتى يخرج وينتقش على الورق
بشكل حروف ونقط.
فالهوية االلهية تقتضي االشارة ( النك اليمكن ان تقول عن شخص انه هو اال اذا اشرت اليه ،
) واالشارة تقتضي االحدية ( الن هللا تعالى احد في كل ظهور ،واليمكن االشارة اليه اال
باالحدية ) ،لذلك قال تعالى ( قل هو هللا احد ) فتمت الهوية باالشارة واالشارة باالحدية ...
فافهم.
اسمه هللا :لبطون النقطة وعدم ظهورها في الحروف ،الن االسم هللا ذاتي ،موجود وتستطيع
تعقله ،ولكن التستطيع رؤيته او االحاطة بكيفيته اال من خالل حركات االعراب الرفع والضم
والكسرة
فالرفع ان تشهده قبل كل شيء ( رفعك اليه)
والضم ان تشهده مع كل شيء (ضمك اليه )
والجر ان تشهده بعد كل شيء ( انكسرت له )
اسمه االحد :وهو ان هللا احد رغم جميع مظاهر الكثرة من اسماء وصفات ،وقد عبر سيدي
الجيلي عن ان ظهور نقطة واحدة يشير الى واحدية هللا.
اسمه الرحمن :وهو الذي اقتضى جميع الظهورات والصفات واالسماء االلهية ،على حسب
كل صفة واسم ،وهو مايعبر عنه بالنقطة فوق الحرف الن له سلطان الظاهر.
اسمه المحيط :وهو الذي اقتضى االحاطة بجميع الصفات واالسماء ،فاهلل مع كل شيء وليس
معه شيء ،وهو مايعبر عنه بالنقطة ضمن الحرف
اسمه العليم :وهو الذي اقتضى علم الخالق في ظهوره بمخلوقاته فالعلم تابع للمعلوم وهو الذي
اعطى االدراك ،وهو ما يعبر عنه بالنقطتين والثالث نقاط ،لظهور االثنينية وهو علمه القديم
بذاته ،وعلمه المحدث في مخلوقاته
والثالثة :اعطاء العلم خاصية لكل تجلي ذاتي وصفاتي وافعالي .
اسمه الخبير :وهو الذي اقتضى الظهور باالتقان صنع هللا الخبير الذي اتقن كل شيء ،وهو
مايعبر عنه بالنقطة داخل جسم الحرف ،الن دقة ترتيبها اعطت حرفا.
اسمه القدوس :وهو الذي اقتضى قدسية الظهور في كل مظهر من مظاهر اسمائه تعالى الن
اسمائه حرمه وحرمه قدسه تعالى وجل ،وهو مايعبر عنه بالنقطة تحت الحرف ،لالشارة ان
تحت كل اسم من االسماء االلهية قدسية ظهور اوجبت له هذا الظهور وهذا الحكم .
○ [يا احد ] :تستحضر في نفسك وعقلك وتعقلك االحدية المطلقة هلل تعالى وجل ،فترى ان
كل اسماءه وصفاته وافعاله واحدة النه تعالى وجل واحد ،فال ترى فرقا بين بطشه ورحمته
وال بين عطائه ومنعه ،فتدرك ان هو هللا الواحد االحد
○ [يا رحمن ] :تستحضر في نفسك وعقلك وتعقلك ان هللا تعالى ساري في الموجودات بال
حلول وال اتحاد ،فهو ساري فيهم برحمته التي لوالها لما اظهرهم في الوجود وال اعطاهم
المظاهر الخلقية .فلوال رحمته الظاهرة فيك لما كنت موجودا االن تذكره بهذا الذكر.
○ [يا محيط ] :تستحضر في نفسك وعقلك وتعقلك ان هللا تعالى محيط بكل شيء بقدرته
وعلمه .
○ [يا عليم ] :تستحضر في نفسك وعقلك وتعقلك ،ان هللا تعالى محيط بكل شيء جملة
وتفصيال (يعلم مافي انفسكم ،يعلم مافي السموات واالرض ) .
○ [يا خبير] :تستحضر في نفسك وعقلك وتعقلك ان العلم تابع للمعلوم ،اي ان علم
المخلوقات تابع للمعلوم الذي هو هللا تعالى ،فعلمها هو علمه ،فالظهور لعلم المخلوقات
باالسباب ،والبطون كل راجع لعلم هللا تعالى.
فتدرك ان كل ماتعلمه وتفعله فالفاعل هو هللا تعالى ،وان كل ما تفعله هو سابق مقدر مقرر في
علم هللا .
○ [يا قدوس ] :تستحضر في نفسك وعقلك وتعقلك ،ان علم المخلوقات هو عين علم هللا ،
ولكن هللا منزه عن هذه االوصاف والنواقص الكونية ،الن هذا النقص ناتج عن المخلوقات
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
نتيجة تعلقهم باالسباب ،فلو تعلقو بالمسبب الذي هو هللا ،النتفت عنهم النقائص واصبح علمهم
هو عين علمه تعالى ( كنت سمعه وبصره ويده )...
فتكون قدست هللا عن كل نقص وعيب ،وترجع كل كمال له ،وترجع النقائص للمخلوقات
فتقول ( ما اصابك من حسنة فمن هللا ،وما اصابك من سيئة فمن نفسك )
■ فاحرص على فعلك لذلك عند قيامك بهذا الذكر واستحضر معانيه عند ترديدك اياه ،حتى
يمن هللا عليك بالكشف والشهود.
فالمبتدأ هو من يتعقل كل هذه المعاني بشكل اجمالي ،كمن يتخيل انه يطير ولكنه جالس مكانه
.
واما المتحققين هو من يشهد هذه المعاني شهودا وكشفا فيقول اشهد انك هللا االحد الرحمن
المحيط العليم الخبير القدوس ،حقا وصدقا .
فهو كمن يريد ان يطير فيطير حقا .
■ فاذا داومت على هذا الذكر بالشروط التي ذكرت باالعلى ،فتح هللا عليك واصبحت من اهل
الكشف والشهود ،فيفتح هللا عليك بمقدار ما قدره لك من علم ومقام وحال وشهود .
وشرط ذلك هو التخلص من االغيار وكل مايشوش بالك وخاطرك عند الذكر ،فتركز فيه
وتستغرق فيه حتى يحصل لك التجلي والتحلي .
فالتحلي والتجلي هما من ثمرة التخلي ،والتخلي هو من ثمرة المجاهدة واالرادة والعزيمة (
خل نفسك وتعال ) .فال تتعلق باالسباب وال تركن اليها ،بل خذ بها مع توكلك على المسبب
وهو الحق جل وعال .
فالتجلي يكون عند تمام التحلي والتحلى يكون عند تمام التخلي ،والتخلي يكون عند تمام توكلك
على هللا في كل شيء فال تتحرك وال تسكن اال باهلل وهلل .
والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين بحق الى يوم الدين.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
قال سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره في الباب العاشر من كتاب النقطة
المسمى ((( في الوفق المختص بالنقطة ،وفي بسائط النقطة وعدد البسائط ،وفي
األسماء التي يمتد منها وفق اعتباراتها من حيث الحقيقة ،وأن ذلك الوفق هو
االسم " هللا " من ح يث المعنى وأن اإلنسانية هو ذلك من حيث الصورة ))).
《《《 اعلم وفقنا هللا وإياك وأيدك بروح منه ،أن الوفق إنما سمي وفقا
لحصول الموافقة الكلية وضعا ً وعدداً و اطالعا وسطراً ومشاكلة للمطلوب وللوقت
وللشرف واالسم الناظر في ذلك الوقت ،فاذا اجتمع ذلك كله ،سمي وفقا ً .
حتى إن بعضهم يقول :إذا التوت أضالع الوفق في الرسم لم يكن له قوة في
التأثير .
فاذا علمت ذلك :فاعلم أن النقطة من حيث اإلشارة هي كما بيناه ،عبارة عن
الذات اإللهية وليس لها وفق إال اسم هللا ،اذ هو االسم الذاتي باتفاق العلماء باهلل .
ثم إن هذا االسم ليس له وفق إال اإلنسان ،وذلك أنك تجد فيه جميع االعتبارات
الموجودة في ذلك االسم ،هوية بهوية ،وانانية بانانية ،وذات بذات ،وحياة
بحياة ،وعلم بعلم ،وقدرة بقدرة ،وإرادة بارادة ،وتكلما بتكلم ،وسمعا سمع ،
وبصرا ببصر ،وقدما بقدم ،وبطونا ببطون ،وظهورا بظهور ،واحدية بأحدية
وواحدية بواحدية .
وقد بينا جميع ذ لك وكيفية صحة النسبة ووفاقها بتلك في كتابنا الموسوم " بقطب
العجائب وفلك الغرائب" .وذكرنا في ذلك جميع ما في اإلنسان من مناسبة
الحروف وبينا فيه ،أن وجهه ويده وكل جزء من أجزاء مكتوب فيها هذا االسم ،
فقلنا إن وجهه االسم -هللا -فالحد الواحد منه األلف ،واالنف هو الالم ،والحد
الثاني هو الالم الثاني واإلذن هو الهاء ،
وقلنا إن الخنصر الف ،والبنصر الم ،والوسطى الالم الثانية ،والسبابة باإلبهام
هاء إن فتحتها فمشقوقه و إن جمعتها فمدودة .
وذكرنا في هذا الكتاب توقيته أي وفقه بهذا المعنى .فكل جزء منه بل كل حركة
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
تجمع هذا االسم فهي الوفق الحقيقي السمه -هللا -فلهذا قال رسول هللا ﷺ ( خلق
هللا آدم على صورته ).
وقد ذكرنا في هذا الكتاب مضاهاته حقيقه ومجازا ،فقلنا إن مضاهاته المجازية
للصورة اإللهية فهي من كونه موصوفا ً باألوصاف النفسية التي وصف الحق بها
كما ذكرته في أول هذا الكتاب ،ثم قلنا إن مضاهاته الحقيقية إنما هي بقواه وما
أودع هللا تعالى فيه ،فقلت إن الروح مضاهية للذات ،و نفسه مضاهية للحياة ،
وعقله مضاه للعلم ،ومفكرته مضاهية لإلرادة وهمته مضاهية للقدرة ،ومخيلته
مضاهية للبصر ،وذاكرته مضاهية للسمع ،وحاسيته مضاهية للتكلم .
ورمزنا من بعد ذلك أسراراً عظيمة يعرفها أهلها ،
فحصل من هذه المقدمات ان االنسان بذاته هو الوفق المناسب لالسم وأنه متى
شاء تصرف في الكون بهمته ،ولوال ذلك لما صحت له الخالفة ،ألن كل خليفة ال
ينفذ حكمه في الملك ليس بخليفة ،ولكن يعمل فيك ،فانك ما عرفت مقدارك ،
وكفى هذا القدر من الكشف بهذا الباب الذي أحجم الكل عن الخوض فيه ،ولوال
أني أمرت ما تكلمت فيه بشيء》》》 .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يشرح سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره ،عن وفق النقطة .
ومعنى الوفق هو التوافق الكلي للنسبة بين امرين من حيث (الوضع ،العدد ،االطالع ،
السطر ،المطلوب ،الوقت ،الشرف ،االسم ،البيت )....
فالحيوان مثال متناسب مع االنسان ،ولكنه غير متوافق كليا ،باختالفات كالعقل والنطق
وغيره من االختالفات التي جعلتهما غير متوافقين ،
فاذا فقد االنسان عقله او اقل شروط االدراك والتدبير سمي حيوانا ،لتوافقه مع الحيوانات بهذه
الصفة .
وسبب ذلك ان اال نسان يستطيع ان يوافق جميع الكائنات بان ينزل لمستواها كالحيوانات
والشياطين ،او يصعد الى مقامها كالمالئكة واالنوار
لذلك قال سيدنا علي كرم هللا وجهه ( ان هللا خلق في االنسان عقال وشهوة ،فمن غلب عليه
عقله كان افضل من المالئكة ،ومن غلبت عليه شهوته كان اسوء من الشياطين )
وهذا معنى الوفق ،وتم استخدامه في االعمال الفلكية ،للموافقة بين حركة االفالك واعداد
االسماء وبسائطها مع االنسان .
لذلك سمي بحقيقة الحقائق ،والحقيقة البرزخية ،والواسطة بين الحق والخلق
لذلك سمي ﷺ باالنسان الكامل ،النه صورة الحق ،التي تجلت لمرآة الحقيقة المحمدية
فطابق سيدنا محمد ﷺ صورة الحق ،فخلقه على صورته (،وليس هو عينه ،وليس هو ذاته ،
وليس اتحادا ،وليس حلوال ،فافهم معنى الصورة كي اليقع سوء فهم المعنى )
فكان سيدنا محمد ﷺ صورة العبودية الكاملة ،الموافقة لصورة االلوهية فهو عبد هللا
الن عبودية هللا تعالى تقتضي ان تعبده تعالى وجل عند كل شأن ،في كل شؤون الهوية والذات
واالنية والقدرة واالرادة والعلم والكالم والسمع والبصر والقدم والبطون والظهور واالحدية
والواحدية ،
وما ال يعد وال يحصى من الشؤون االلهية .
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
فلما كان سيدنا محمد ﷺ ،عبد هللا الكامل ،فاستوجب ان يعبد هللا عند كل شأن ،فاقتضى
ظهور هذا التوافق مع الصورة االلهية.
وال يعني ان محمدا ﷺ هو بذاته الحق ،فهذا ال يصح ،بل هو صورة عن الحق جل تعالى .
فهو عبد هللا الذي يعبده ،فهويته ﷺ عابدة لهوية الحق ،وذاته عابدة لذات الحق ،وعلمه تابع
لعلم الحق ،وكالمه بكالم الحق ،وسمعه بسمع الحق فال يسمع اال للحق ،وبصره ببصر
الحق فال يبصر اال الحق ،وانيته عند انية الحق ،واحديته مستغرقة في احدية الحق ،
وواحديته سابحة في واحدية الحق ،،
ففي كل شان من شؤون الحق تجده ﷺ عابدا مستغرقا في هذه الشؤون ...فافهم .
اما الصورة الجسدية لسيدنا محمد ﷺ فهي توافق اسمه تعالى ( هللا ) كالتالي :
فكان وجهه ﷺ يوافق اسمه تعالى هللا ،لذلك سمي بوجه هللا ،الن االسم هللا هو وجه هللا ( فكل
مايدعى وجه هو الذي يدل على الشيء ،فوجه الحرف هو الذي يدل على معنى الحرف )...
فكان سيدنا محمد ﷺ صورة تجلى وجه هللا للمرآة الحقيقة المحمدية .
ثم خلق هللا تعالى سيدنا آدم على صورة سيدنا محمد ﷺ ،
قال سيدي الشيخ عبد العزيز يحيى واصفا اسم سيدنا محمد ( :فإن صورة هذا االسم على
صورة اإلنسان :فالميم األولى رأسه ،والحاء جناحاه ،والميم الثانية بطنه ،والدال رجاله).
فكان سيدنا آدم على صورة سيدنا محمد ﷺ الذي هو على صورة الحق .
فافهم هذه الواسطة ،تتوضح لك معاني كثيرة.
وقد ذكر سيدي الجيلي كل هذه المعاني في كتابه المسمى ب ( قطب االعاجب وفلك الغرائب )
وهو كتاب مفقود ،لم يجده احد حتى االن ،عسى ان يلهم هللا احد اليجاده واخراجه فهو كتاب
قيم نادر .
وقد اوضح فيه ،ان االنسان لوال هذا التوافق والمضاهاة بينه وبين الحق في الصورة ،لما
صحت له الخالفة اساسا ،الن هللا جعل في االرض خليفة وسخر له من كل شيء ،فاذا لم
يكن هذا االنسان مسخرا لجميع ذلك فهو ليس بخليفة ،وهو ليس بفاعل في االكوان ،بل
االكوان تفعل به .
خليفة نائب :وهو خليفة عن رسول هللا ﷺ ،وكل االنبياء والرسل واالولياء واالقطاب هم
خلفاء رسول هللا ﷺ بهذا المعنى .
اللهم صل على الذات المحمدية صورة الحق باطنا وظاهرا خليفة هللا االنسان الكامل والقرآن
الجامع ،البرزخ بين الحق والخلق ،وعلى آله وصحبه الخلفاء له ظاهرا وباطنا في كل وقت
وحين منذ االمر الى يوم الدين.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم18 (.......واالخير )..........
قال سيدي قطب االقطاب الجيلي قدس هللا سره في الباب العاشر من كتاب النقطة
المسمى ((( في الوفق المختص بالنقطة وفي بسائط النقطة وعدد البسائط ،وفي
األسماء التي يمتد منها وفق اعتباراتها من حيث الحقيقة ،وأن ذلك الوفق هو
االسم " هللا " من حيث المعنى وأن اإلنسانية هو ذلك من حيث الصورة ))).
《《《 ثم نرجع فنقول أن للنقطة بسائط ,فاذا ألغيت المتكرر منها بقى ذلك
سبعة أحرف ،وهي [ النون والواو والقاف واأللف والفاء والطاء وإلهاء ]
فاأللف إشارة إلى الحياة لسريانها في األحرف كما سرت الحياة االلهية في الوجود
،والنون إشارة إلى العلم ألن اللوح يسمى النون في الملكوت االعلى ،قال هللا
تعالى ( ن والقلم وما يسطرون ) يعني اللوح و القلم االعلى ،واللوح محل العلوم
االلهية ،
والهاء إشارة إلى اإلرادة ،
والقاف إلى القدرة ،
والفاء هي الفهوانية وتلك اإلشارة إلى المتكلم،
والطاء إشارة إلى السمع ،
و الواو إلى البصر
فك انت السبع أسماء النفسية هي الباطنة في هذه الحروف .وأما األسماء التي تمد
بالنقطة فهي كل اسم فيه حرف من هذه الحروف السبعة،
من جمع هذه األسماء إلى الوفق المكتوب بتكسير تلك الحروف السبعة ،كان
مجلال مهابا محبوبا ً مقضى الحوائج منجذبا إلى فعل الخيرات بالطبع ,فان داوم
على ذكر األسماء صار بذاته مغناطيس للخير باذن هللا تعالى .
تمت المقدمة من كتاب حقيقة الحقائق و وسمي احد الجزئين بكتاب النقطة وهو
جزء من تجزئة ثالثين جزء منه من كتاب حقيقة الحقائق ،وهللا أعلم بالصواب
وإليه المرجع والمآب ،وصلى هللا على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه وسلم .
》》》::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
الشرح :
يتابع سيدي الجيلي قدس هللا سره ،عن بسائط النقطة وتعلقها بالصفات االلهية النفسية السبعة
وكيفية التبسيط ،هو ان تلفظ حروف كلمة ( نقطة ) وتكتبهم ،هكذا :
[ نون قاف طا ها ]
االلف ( ا ) :الحياة
النون (ن ) :العلم
الهاء ( ه ) :االرادة
القاف ( ق ) :القدرة
الفاء ( ف ) :الفهوانية وهي الكالم
الطاء ( ط ) :السمع
الواو ( و ) :البصر
ولهم سبع اسماء ،هم ائمة االسماء االلهية كما جاء عند سيدي ابن عربي ،في الفتوحات
المكية ،وفي كتاب انشاء الدوائر .
فجمعت النقطة في بسائطها ائمة االسماء االلهية والصفات االلهية النفسية السبعة.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم
واي اسم الهي يحوي حرفا واحدا على االقل من هذه الحروف السبعة ،هو طريق ممد بالنقطة
،فمن داوم على ذكرهم ،فتح هللا له باب الخيرات من كل صوب .
تم كتاب النقطة وهو المقدمة من كتاب لسيدي الجيلي اسمه 《حقيقة الحقائق التي هي من وجه
للحق ومن وجه للخالئق 》
وهذا الكتاب مكون من 30جزء
مقدمة وخاتمة و 28جزء على عدد كل حرف
المقدمة :هي كتاب النقطة الذي شرحنا ماتيسر منه
واما باقي االجزاء ،فلم يتيسر لنا ان نحصل على كتاب حقيقة الحقائق ،وادعو هللا ان يجده
احد ويظهر للمنفعة ،نفعنا واياكم من غزيز علمه وواسع رحمته.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::
:::::::
الفاتحة لسيدنا محمد ﷺ
الفاتحة لسادتنا اهل بيته ﷺ
الفاتحة لسادتنا اصحابه ﷺ
الفاتحة لسادتنا آله وورثته ﷺ
الفاتحة لسيدي قطب االقطاب محيي الدين ابن عربي
الفاتحة لسيدي قطب االقطاب عبد الكريم الجيلي
نفعنا هللا بعلومهم ،وحققنا بانوارهم ،والحقنا بنسبهم ،واعزنا
باتباعهم ،وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
اجمعين.
بيان سر النقطة القديم عند القطب الجيلي عبد الكريم