Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 302

‫ﺳﻠﺴﻠﺔ اﺻﺪارات ﺷﺮﻛﺔ ﺑﻴﺖ اﻟﻤﺸﻮرة ﻟﻼﺳﺘﺸﺎرات اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ رﻗﻢ )‪(10‬‬

‫اﻟـﺮاﻋــﻲ اﻟﻤﺎﺳـﻲ‬ ‫اﻟﺸﺮﻳﻚ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ‬

‫اﻟـﺮاﻋـــﻲ اﻟﺒﺮوﻧﺰي‬ ‫اﻟـﺮاﻋـــﻲ اﻟﺮﺳـــﻤﻲ‬

‫ﺗـﻨـﻈـﻴــــــﻢ‬
‫اللجنة العلمية‬
‫ــ د‪ .‬أسامة قيس الدريعـي‬
‫ــ د‪ .‬فؤاد محيد الدليمـي‬
‫ــ د‪.‬إبراهيم حسن مجـال‬
‫ــ د‪ .‬عمر يوسف عبابنـه‬
‫ــ حممد نفيـل حمبـــوب‬
‫ــ حممــد مـصلح الديــن‬
‫املقدمة‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل نبينا حممد وعىل آله وصحبه‬
‫أمجعني‪ .‬وبعد‪:‬‬
‫بعد قرابة نصف قرن من الزمن عىل جتربة التمويل اإلسالمي‪ ،‬شهد‬
‫فيها تطورات وحتوالت هائلة يف هياكله ومنتجاته وأنظمته‪ ،‬وتفاعل‬
‫كثًريا من مالحمه‪ ،‬فمن بدايات‬
‫فيها مع بيئته التي كانت يف الغالب ترسم ً‬
‫جيل التنظري والفكرة وبنوك االدخار املحل ّّية‪ ،‬إىل املرصفية اإلسالمية‪،‬‬
‫ورشكات التكافل والتمويل واالستثامر اإلسالمية‪ ،‬واألسواق املالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬واملنتجات والصكوك العاملية‪ ،‬إضافة إىل تطور مؤسسات‬
‫املعايري والترشيعات اخلاصة بالصناعة املالية اإلسالمية‪ .‬خالل هذه الرحلة‬
‫الطويلة‪ ،‬سعى التمويل اإلسالمي ملواكبة التغرّير ات وجماهبة حتدياهتا مع‬
‫التزامه باألطر الرشعية واملبادئ األخالقية التي يرتكز عليها‪.‬‬
‫لقد أثبت التمويل اإلسالمي خالل مراحل تطوره قدرته عىل التكيف مع‬
‫املستجدات واملتغريات‪ ،‬ومرونته يف التعامل مع التحديات‪ ،‬لكن التطور‬
‫األهم متثل يف مسرية التحول الرقمي املضطرب واملتسارع‪ ،‬والذي قد يعيد‬
‫تشكيل وجه التمويل اإلسالمي‪ ،‬وتقديم صورته لآلخر بطريقة خمتلفة‪ ،‬إذ‬
‫يرى مراقبون أن الفرتة األخرية التي اتسعت فيها تطبيقات التكنولوجيا‬
‫املالية وبروز الذكاء االصطناعي التوليدي واتساع استخداماته‪ ،‬تؤذن‬
‫بحقبة جديدة للتمويل اإلسالمي‪ ،‬وبلوغه مرحلة متقدمة عنواهنا‬

‫‪6‬‬
‫«التمويل اإلسالمي ‪ ،»2.0‬حينها يتحول التمويل اإلسالمي بشكل واسع‬
‫نحو الرقمية والتكامل التكنولوجي‪ ،‬بمنتجات مالية رقمية مبتكرة‪ ،‬تراعي‬
‫معايري االستدامة‪ ،‬وتندمج فيها مع منظومة املبادئ والقيم واألخالق‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫نسعى يف هذا املؤمتر ملحاولة حتديد الوجه اجلديد الذي سيكون عليه‬
‫التمويل اإلسالمي يف املستقبل الرقمي ويف عامل اآللة الذكية‪ ،‬وكيف يمكن‬
‫فرًصا للمنافسة والتأثري بطريقة‬
‫أن خيرتق هذه التحديات ويصنع منها ً‬
‫مبتكرة متتزج فيها املبادئ مع التكنولوجيا‪.‬‬
‫ينعقد هذا املؤمتر برعاية كريمة من معايل الشيخ‪ /‬حممد بن عبد الرمحن آل‬
‫ثاين ‪ -‬رئيس جملس الوزراء ووزير اخلارجية‪ ،‬والراعي الرسمي «وزارة‬
‫التجارة والصناعة»‪ ،‬وبتنظيم من بيت املشورة لالستشارات املالية مع‬
‫الرشيك االسرتاتيجي «بنك دخان»‪ ،‬والراعي املايس «اإلدارة العامة‬
‫لألوقاف بوزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية»‪ ،‬والراعي الربونزي «مركز‬
‫قطر للامل»‪ ،‬وبرشاكة أكاديمية مع «كلية الرشيعة والدراسات اإلسالمية»‬
‫بجامعة قطر‪ ،‬و»كلية الدراسات اإلسالمية» بجامعة محد بن خليفة‪.‬‬
‫سائلني هلل تعالى التوفيق والسداد‪.‬‬

‫اللجنة العلمية‬

‫‪7‬‬
‫(البحوث المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها)‬
‫أهداف املؤمتر‬
‫•التعرف عىل تطورات تقنية الذكاء االصطناعي‬
‫التوليدي‪ ،‬وأثرها عىل الفتوى والرقابة الرشعية يف‬
‫املؤسسات املالية اإلسالمية‪.‬‬
‫•بيان أثر تطبيقات الذكاء االصطناعي عىل أداء‬
‫املؤسسات املالية اإلسالمية‪.‬‬
‫•استكشاف فرص وحتديات املؤسسات الوقفية يف عامل‬
‫الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫•الوقوف عىل االعتبارات األخالقية والقانونية للتمويل‬
‫اإلسالمي يف ظل األنظمة الذكية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مشروعية اإلفتاء‬
‫عبر تقنية الذكاء االصطناعي‬
‫مع اختبار لفتاوى التعامالت املالية عبر تطبيق (‪)Chat GPT‬‬

‫د‪ .‬طه أمحد محيد الزيدي‬


‫املجمع الفقهي العراقي‪ -‬بغداد‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل رسول اهلل حممد األمني وعىل آله وصحبه‬
‫أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫سّخر ما يف هذا الكون من خملوقات لإلنسان الذي جعله اهلل‬ ‫فإن اهلل سبحانه وتعاىل ّ‬
‫َرْش ِاِق‬ ‫اِجْلَب َاَل َمَعُه ُيَسِّبْحَْن ِبِا �‬
‫ِّيِش ََو � ِ‬
‫اِإْل � َ‬ ‫ْلَْع ِ‬‫ليعّمرها‪ ،‬قال تعاىل‪ِ( :‬إَِّنَا ََس ََّخْرَْنَا �ِ َ َ َ ُ ُ َ ِ َ َ‬ ‫خليفة يف االرض ّ‬
‫ْصَْل � ِ‬
‫اِخْل ََط ِ‬ ‫ْكَْم ََة ََو ََف َ‬ ‫ْحَم�ُْشوَر ًًة ُكُ ٌٌّل ََلُه ََأَّواٌب * َو ََشَدَ ْدَْنَا ُمْلَْكَ ُه َوآ ََتْيَْنَاُه � ِ‬ ‫* ََو َ‬
‫اِب) (سورة‬ ‫اِحْل َ‬ ‫ُ ُ َ ُ‬ ‫ُ َ ٌ َ‬ ‫الَّط َ�َرْي ُ َ‬
‫ص‪ ،)20-18 :‬ومن جماالت هذا التسخري ما يكون يف حتصيل املعارف واستنباط‬
‫اَحْل ِ‬ ‫ِ‬
‫ِث ِإِْذْ‬ ‫ْيْاَماَن ِإِْذْ ْحَي�ُْكُاَماِن يِفي � َْرْ‬
‫(َو ََد ُاُوو ََد ََو ُُس ََل َ‬ ‫األحكام (إفتا ًًء وقضا ًًء) ونرشها‪ ،‬قال تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫َاَها ُُس ََل َ‬ ‫ْكِْم ِِه ََش ِ ِ‬ ‫ُحِل� ِ‬ ‫ََن ََف ََشْتْ ِفِ ِيِه ََغَن َُُم ا َْلَْق ِ‬
‫ْيْاَماَن ََوُك اُاًّل آ ََتْيَْنَا ُُحْكْاًما ََوِعْلْاًما‬ ‫اِهِدي ََن* ََف ََف ََّهْمَْن َ‬ ‫ْوِْم ََو ُُكَّنَا ُ ْمْ‬
‫اِجْلَب َاَل ُيَسِّبْحَْن َوال ََّطَرْي َو ُُكَّنَا ََف ِ‬
‫اِع ِِل َ‬
‫َني)‪( ،‬سورة األنبياء‪.)79-78 :‬‬ ‫ََو ََس ََّخْرَْنَا ََم ََع ََد ُاُوو ََد �ِ َ ُ َ ِ َ َ � َ َ‬
‫وما من عرص يف عمر البرشية إال متيز بمبتكرات وخمرتعات ُُينعم اهلل تعاىل عىل العقل‬
‫البرشي اكتشافها وابتكارها‪ ،‬وكلها ختضع لقانون التسخري وإعانة اإلنسان يف صناعة‬
‫حياة كريمة‪ ،‬وهي تدخل يف جماالت احلياة كافة‪ ،‬ومنها املجال املعريف‪.‬‬
‫وقد مرت عملية تقديم املعارف الدينية والسيام الفتاوى بمراحل عدة‪ ،‬منها‪ :‬الشفوية‬
‫واملكتوبة واملسموعة‪ ،‬واملرئية واإللكرتونية‪ ،‬وصواًلا اآلن إىل مرحلة اإلفتاء االفرتايض‪،‬‬
‫إذ تصدر اإلجابة عن السؤال من قبل جهاز إلكرتوين يمثل تطبي ًًقا للذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫ولعل ما يشهده عرصنا من تطورات يف التقنيات واألجهزة التي تعتمد عىل الربجميات‬
‫احلاسوبية‪ ،‬متيل عىل املسلمني (تقنيني ورشعيني) توظيفها يف تسهيل تقديم املعارف‬
‫الدينية إىل من حيتاجها وهم يف تزايد يتطلب سعة ورسعة يف التقديم ملواكبة تقارب‬
‫الزمان وانحسار املكان وارتفاع نمو السكان وزيادة اإلقبال عىل تلقي املعارف الرشعية‪.‬‬
‫وقد ظهرت برجميات حاسوبية تتعلق بتخزين وتقديم العلوم اإلسالمية‪ ،‬كام ظهرت‬
‫تطبيقات هلذه العلوم أسهمت يف حفظها‪ ،‬وسهولة التعامل معها وتوظيفها يف البحث‬
‫والدراسة والتأصيل‪ ،‬يواكبه إنشاء مواقع عىل شبكة املعلومات الدولية (اإلنرتنت)‪،‬‬

‫‪12‬‬
‫تقدم خدمات للمتصفحني تتعلق باإلجابة عن أسئلتهم واستفساراهتم‪.‬‬
‫واليوم يعّدّ الذكاء االصطناعي (‪ ((()AI‬من أهم وأحدث إسهامات عرص املعلوماتية‬
‫والتواصل الرقمي‪ ،‬وقد تم توظيفه يف أغلب جماالت احلياة‪.‬‬
‫ومع جدلية طبيعة التعامل مع مصطلح الذكاء االصطناعي وتطبيقاته‪ ،‬يربز التساؤل‬
‫عن مدى إمكانية توظيف الذكاء االصطناعي يف تقديم املعارف اإلسالمية والسيام يف‬
‫صناعة الفتوى‪ ،‬التي من أشد ما حيتاجها املسلم يف تنظيم سلوكياته وضبط ترصفاته‬
‫عىل وفق الرشع‪ ،‬وهي مسألة مستجدة إذ مل يدر يف ذهن الفقهاء البحث يف التكييف‬
‫الفقهي آللة تتمتع بذكاء‪ ،‬وحتاكي الترصف البرشي وتنجز بعض أعامله املعتمدة عىل‬
‫القرار الذايت‪.‬‬

‫أهداف البحث‪:‬‬
‫نسعى من خالل هذا البحث حتقيق اآليت(((‪:‬‬
‫‪-‬حتديد مفهوم اإلفتاء عرب تقنية الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪-‬التكييف الفقهي لتوظيف الذكاء االصطناعي يف صناعة الفتوى ومدى مرشوعيته‪.‬‬
‫‪-‬حتديد الضوابط املتعلقة هبذا التوظيف وتأثريه يف صناعة الفتوى‪.‬‬
‫‪-‬التعريف باجلهود التطبيقية لتقديم الفتوى عرب االنرتنت وتقنية الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪-‬اختبار تطبيقي لإلفتاء عرب تطبيق ‪ ،chat gpt-4‬بمسائل تتعلق بالتعامالت املالية‪.‬‬

‫منهجية البحث‪:‬‬
‫َ‬
‫إَّن طبيعة املسألة التي ندرسها‪ ،‬استلزم اتباع أكثر من منهج علمي يف البحث‪ ،‬يتالءم‬
‫مع طبيعة هذه الدراسة‪ ،‬فكان املنهجان املتبعان مها التأصييل والتجريبي؛ فاملنهج‬
‫التأصييل يؤدي إىل تتبع النصوص التي تستند إليها مرشوعية اإلفتاء عرب تطبيق الذكاء‬

‫((( احلرفان األوليان من الرتمجة االنكليزية للذكاء االصطناعي ‪.Artificial Intelligence‬‬


‫((( وأصل هذا البحث أجوبة عن أسئلة وردت إىل الباحث ضمن استبيان علمي‪ ،‬لبحث بعنوان «الذكاء االصطناعي وأثره يف صناعة الفتوى» للدكتور‬
‫عمر بن ابراهيم املحيميد‪ ،‬من جامعة القصيم يف اململكة العربية السعودية‪ ،‬ثم حتولت األجوبة إىل ورقة بحثية قدمت يف املؤمتر الدويل التاسع‪ ،‬للتطبيقات‬
‫اإلسالمية يف علوم احلاسوب وتقنياته‪ -‬إيامن ‪ ،2021‬واآلن تم التوسع فيه ليصبح بحث ًًا علمي ًًا مع اضافة مبحث يتعلق باجلانب التطبيقي لتقنية الذكاء‬
‫االصطناعي (‪ )chat gpt-4‬بام يتالءم مع طبيعة املؤمتر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫االصطناعي‪ ،‬وحتليلها للخروج باستنتاجات تساعد عىل فهمها وتأصيلها وضبطها(((‪،‬‬
‫يف حني يرتبط املنهج الوصفي بدراسة توظيف تقنية الذكاء االصطناعي يف تقديم‬
‫الفتوى‪ ،‬عرب إعداد جمموعة من األسئلة وتوجيهها لتطبيق الذكاء االصطناعي وتفسريها‬
‫لغرض الوصول إىل استنتاجات مفيدة‪ ،‬لرتشيد هذا التوظيف‪ ،‬أو حتديثه‪ ،‬أو استكامله‪،‬‬
‫أو تطويره»(((‪.‬‬
‫يًضا بمسح واستقراء للنصوص الرشعية‪ ،‬وألهم اآلراء‬ ‫واقتىض منهج الدراسة القيام ََأ ً‬
‫واألحكام التي وردت يف مصادر الترشيع واملراجع العلمية املعتمدة‪ ،‬وحتليلها لتحديد‬
‫تيرّس عىل املستفتيني الوصول إليها‬
‫ضوابط اإلفتاء االفرتايض‪ ،‬ليقدم فتاوى منضبطة ر‬
‫وتسهم يف نرش األحكام الرشعية املناسبة للوقائع‪ ،‬وحثهم عىل االلتزام به‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫يتضمن البحث مقدمة ومتهيًدً ا وثالثة مباحث وخامتة‪.‬‬
‫أما التمهـــيد فيتعلق بتحديد مفهوم اإلفتـــاء عرب تقنية الذكاء االصطنـــاعي‪،‬‬
‫وتطبيــق ‪.chat gpt‬‬
‫وأما املبحث األول‪ :‬فيبحث يف برجميات ومواقع إلكرتونية لإلفتاء وحكم استفتائها‪،‬‬
‫من خالل مطلبني مها‪ :‬برجميات ومواقع إلكرتونية لإلفتاء‪ ،‬وحكم االعتامد عىل الفتوى‬
‫عرب املواقع اإللكرتونية‪.‬‬
‫يف حني يتعلق املبحث الثاين‪ :‬بحكم اإلفتاء االفرتايض عرب الذكاء االصطناعي‬
‫أيًضا‪ ،‬ومها‪ :‬حكم اإلفتاء االفرتايض عرب تقنية الذكاء‬ ‫وضوابطه‪ ،‬وفيه مطلبان ً‬
‫االصطناعي‪ ،‬وضوابط توظيف الذكاء االصطناعي يف صناعة الفتوى وتأثرياته‪.‬‬
‫وأما املبحــث الثالـث فيمثل اجلانب التطبيــقي‪ ،‬ويتضــمن‪ :‬جتربة اإلفتاء عرب‬
‫تطبيـــق ‪chat gpt-4‬‬
‫وفيه مطلبان‪ ،‬األول‪ :‬نامذج ميدانية لإلفتاء عرب تطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬والثاين‪:‬‬

‫((( معجم مصطلحات الدعوة واإلعالم اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬طه الزيدي‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫((( البحث اإلعالمي‪ ،‬د‪ .‬السيد أمحد مصطفى‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪14‬‬
‫نامذج من اإلفتاء بمسائل التعامالت املالية عرب تطبيق (‪.)chat gpt-4‬‬
‫وتضمنت اخلامتة أهم النتائج واالستنتاجات والتوصيات التي توصلت إليها الدراسة‪.‬‬
‫ويف اخلتام نتقدم بجزيل الشكر واالمتنان إىل بيت املشورة لالستشارات املالية القائمني‬
‫عىل مؤمتر الدوحة العارش للامل اإلسالمي‪ ،‬سائلني اهلل تعاىل أن يتقبل منا ومنهم هذا‬
‫خالًصا له‪ ،‬وأن يفتح به آفا ًًقا خلدمة العلوم الرشعية وتنمية املال‬
‫ً‬ ‫اجلهد‪ ،‬وأن جيعله‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫وصىل اهلل وسلم عىل نبينا حممد وعىل آله وصحبه والتابعني‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬
‫كلمات رئيسية‪ :‬الفتوى عرب الذكاء االصطناعي‪ -‬فتاوى املالية اإلسالمية‪ -‬الفقه‬
‫والذكاء االصطناعي‪ -‬اإلفتاء وتقنية ‪.chat gpt‬‬

‫‪15‬‬
‫التمهيد‪ :‬تحديد المفاهيم‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬مفهوم تقنية الذكاء االصطناعي‬

‫‪-1‬تعريف التقنية‪:‬‬
‫حِذق وأجاد وضبط‪ ،‬والتقانة‪ ،‬علم الصنائع والفنون‬ ‫لغة‪ :‬من تقَن الشخص‪ِ :‬‬
‫َ‬
‫واألساليب املستخدمة يف خمتلف فروع الصناعة‪.‬‬
‫اصطالًحا‪ :‬مجلة الوسائل واألساليب والطرائق التي ختتص بمهنة او فن‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫والتقنية‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬وعلم الصناعة(((‪.‬‬

‫‪-2‬تعريف الذكاء‪:‬‬
‫اٍذ‪ ،‬وذكت الشمس‪ :‬اشتدت حرارهتا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الْيَّش�ِْء َو ََن ََف ٍ‬ ‫لغة‪ :‬من ذكا يذكو ََذكاء‪ِِ ،‬حَّدَ ة يِفي‬
‫َ‬
‫اْلِْفْطَْن َِِة‪ ،‬والقدرة عىل‬
‫ْرُس�َْع ُُة ِ‬
‫وذكا الشخص‪ :‬كان رسيع الفهم متوقد البدهيية‪ ،‬والذكاء‪َ :‬‬
‫التحليل والرتكيب والتمييز واالختيار والتكيف إزاء املواقف املختلفة(((‪.‬‬
‫وال يبعد املعنى االصطالحي العام عن املعنى اللغوي‪ ،‬فهو‪ :‬رسعة اإلدراك‪ ،‬وحدة‬
‫الفهم(((‪.‬‬

‫‪-3‬تعريف االصطناعي‪:‬‬
‫ِ‬
‫لغة‪ :‬من ََصَنَع‪ََ ،‬ع ََم ُُل الْيَّش�ِْء ُُص ً‬
‫ْنًْعا‪ ،‬واصطنع اليشء اصطنا ًًعا‪ :‬صنعه‪ ،‬وعمله‪ ،‬ملن طلبه(((‪،‬‬
‫واالصطناعي‪ :‬اسم منسوب إىل اصطناع‪ ،‬كل ما كان مصنو ًًعا‪ ،‬غري طبيعي(((ومنه‪ :‬ور ٌٌد‬
‫وقمٌر اصطناعي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫اصطناعي‬
‫واملعنى االصطالحي العام قريب من املعنى اللغوي‪ ،‬واملراد به يف هذه الدراسة‪ :‬كل آلة‬

‫(((معجم اللغة العربية املعارصة‪ ،‬د‪ .‬أمحد خمتار عمر‪ ،296-295/1 ،‬ومقدمة يف احلاسب اآليل وتقنية املعلومات‪ ،‬طارق بن عبد اهلل الشدي‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫(((معجم مقاييس اللغة‪ ،‬أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكريا‪ ،357 /2 ،‬واملعجم الوسيط‪ ،‬أمحد حسن الزيات وآخرون‪ ،‬ص ‪ ،314‬ومعجم اللغة‬
‫العربية املعارصة‪ ،‬د‪ .‬أمحد خمتار عمر‪.818- 817/1 ،‬‬
‫((( التوقيف عىل مهامت التعاريف‪ ،‬زين الدين حممد عبد الرؤوف بن تاج العارفني احلدادي املناوي‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫(((معجم مقاييس اللغة البن فارس‪ ،313 /3 ،‬ولسان العرب‪ ،‬مجال الدين حممد بن مكرم بن منظور املرصي‪.209 /8 ،‬‬
‫(((معجم اللغة العربية املعارصة‪ ،‬د‪ .‬أمحد خمتار عمر‪.1323/2 ،‬‬

‫‪16‬‬
‫(جهاز) يقوم اإلنسان بعملها (صنعها)‪ ،‬عىل وفق وصف مسبق‪.‬‬

‫‪-4‬تعريف تقنية الذكاء االصطناعي‪:‬‬


‫تتحدث املعاجم املعارصة عن مصطلح تقنية الذكاء االصطناعي بأنه‪ :‬قدرة آلة أو‬
‫جهاز ما عىل أداء بعض األنشطة التي حتتاج إىل ذكاء مثل االستدالل الفعيل واالصالح‬
‫الذايت(‪.((1‬‬
‫وعند املربجمني‪ :‬هو العلم املتعلق بصناعة اآلالت وتصميم الربجميات التي تقوم بأنشطة‬
‫ومهام تتطلب ذكا ًًء إذا قام به اإلنسان(‪.((1‬‬
‫ويشري هذا املفهوم إىل األجهزة املربجمة التي حتاكي القدرات الذهنية البرشية ألداء‬
‫املهام‪ ،‬مع إمكانية االستنتاج ملعلومات أو أداء أنامط خارج برجمتها‪.‬‬
‫ويتعلق بالقدرة عىل التفكري الفائق وحتليل البيانات أكثر من تعلقه بشكل معني أو‬
‫وظيفة معينة‪ ،‬وهيدف إىل تعزيز القدرات واملسامهات البرشية بشكل كبري‪ ،‬مما جيعله‬
‫أصاًلا ذا قيمة كبرية من أصول األعامل‪ ،‬عىل وفق اآليت(‪:((1‬‬
‫استخدام القائمني عىل الذكاء االصطناعي يف حتليل املعلومات املهمة‪ ،‬من جمموعة‬
‫كبرية من البيانات النصية؛ لتحسني اجلدولة وصواًلا إىل اختاذ قرارات‪ ،‬بنا ًًء عىل عملية‬
‫حتليل البيانات‪.‬‬
‫استخدام روبوتات املحادثة (الذكاء االصطناعي)؛ لفهم مشكالت العمالء بشكل‬
‫أرسع وتقديم إجابات أكثر كفاءة‪.‬‬
‫ولإلحاطة بطبيعة هذه التقنيات التي هي يف مرحلة التطوير‪ ،‬ال بّدّ من مالحظة بعض‬
‫االنتقادات التي وجهت هلذه التقنية‪ ،‬وعدم إغفاهلا يف تشكيل التصور عنها؛ ليكون‬
‫احلكم عليها أكثر دقة وشمولية‪ ،‬ومنها‪ :‬تشخيص حاالت مترد‪ ،‬أو اخلضوع لتصورات‬
‫الواقع املتداول عرب شبكة اإلنرتنت وإن كانت سلبية أو خاطئة‪ ،‬يف ر ّّدات الفعل السلبية‬
‫(‪((1‬املصدر السابق‪.818/1 ،‬‬
‫(‪((1‬الذكاء االصطناعي‪ :‬ثورة يف تقنيات العرص‪ ،‬د‪ .‬عبد اهلل موسى‪ ،‬د‪ .‬أمحد حبيب‪ ،‬ص ‪.،20‬‬
‫(‪ ((1‬ينظر‪ :‬دراسة بعنوان (الذكاء االصطناعي مالمح وتداعيات هيمنة اآلالت الذكية عىل حياة البرش)‪ ،‬اهياب خليفة‪ ،‬منشورة ضمن سلسلة دراسات‬
‫املستقبل الصادرة عن مركز املستقبل لألبحاث والدراسات املتقدمة – ابو ظبي‪ ،‬عدد ابريل ‪ ،2019‬ص ‪ ،8‬ومقال بعنوان‪( :‬ما هو الذكاء االصطناعي؟)‬
‫عىل موقع ‪ ،oracle‬ينظر الرابط ‪./https://www.oracle.com/ae-ar/artificial-intelligence/what-is-ai‬‬

‫‪17‬‬
‫التي تصدر من بعض أجهزة الذكاء االصطناعي‪ ،‬التي دخلت اخلدمة الفعلية جتاه‬
‫املتعاملني معها‪ ،‬أو الذين تتعامل مع بياناهتم‪ ،‬وتعتمد القرارات بحق أصحاهبا املبنية‬
‫حرًجا للمسؤولني عنها‪ ،‬وحرية‬
‫ً‬ ‫عىل نتائج حتليلها من قبل هذه األجهزة‪ ،‬وقد سببت‬
‫ملربجميها‪ ،‬وكذلك ما يطلق عليه هلوسة الذكاء االصطناعي‪ ،‬إذ تصدر عنه عبارات غري‬
‫مفهومة وال متزنة(‪.((1‬‬

‫ثانًيً ا‪ :‬مفهوم اإلفتاء عبر الذكاء االصطناعي‬


‫‪-1‬تعريف اإلفتاء والفتوى‪:‬‬
‫املسَألة ُُيْفِْتِيه ِإِذا ََأجابه‪،‬‬
‫َ‬ ‫اَألمر‪ََ :‬أباَنَه ََل ُُه‪ ،‬ويِفي‬
‫اإلفتاء‪ ،‬لغة‪ :‬من ََفُت ََُو ََيْفُْتُو ََفتاء‪ ،‬و ََأْفَْتَاه يِفي َ‬
‫ااِلاْسُْم‬
‫ُ‬ ‫كِل من األحكام‪ََ ،‬و‬ ‫وال ََفقي ُُه ُُيفتي أي ََي ََبُنِّي� ُ ا ُُملبهم‪ ،‬وأصل اإلفتاء والفتيا تبيني ا ُُملْشْ ِ‬
‫ال ََف َْتَْوى؛ وال ُُف َْتَْيا‪ََ :‬ما ََأفتى ِبِ ِِه ا َْلَْف ِِقي ُُه(‪ ،((1‬فاإلفتاء هو اإلبانة عن األمر‪ ،‬ورفع اإلشكال‬
‫عنه‪.‬‬
‫وعند الفقهاء‪ :‬هو اإلخبار عن حكم رشعي‪ ،‬ال عىل وجه اإللزام(‪ ،((1‬وفائدة قيد (ال‬
‫عىل وجه اإللزام) لتمييز اإلفتاء عن القضاء؛ ألن فتوى املفتي غري ملزمة للمستفتي‪،‬‬
‫بخالف قضاء القايض فهو ملزم للمحكوم عليه‪.‬‬
‫والفتوى‪ :‬هي احلكم الرشعي الذي يبينه الفقيه‪ ،‬ملن سأله عنه (‪ ،((1‬أو قامت احلاجة‬
‫لبيانه‪.‬‬
‫‪ -2‬تعريف اإلفتاء أو الفتوى عبر الذكاء االصطناعي‬
‫هو‪ :‬حتصيل املستفتي اجلواب عن مسألة رشعية‪ ،‬عرب التواصل مع برجميات أو تطبيقات‬
‫َرُّد يف هذه احلالة بردود وأجوبة بطريقة‬‫حيصُل يف برامج وبوتات (منصات) الذكاء االصطناعي حيث َت ّ‬ ‫ُ‬ ‫(‪ ((1‬يقصد هبلوسة الذكاء االصطناعي‪ :‬ما‬
‫واثقة قد يشعر معها املحاور أهّنه ا صحيحة لكنها يف واقع احلال ليست كذلك‪ ،‬كام أّنّ ردود البوتات عند حاالت اهللوسة هي ردوٌدٌ خمتل ََقة وال وجود هلا‬
‫صَف بـ(االعتالل النفيس أو االعتالل‬ ‫بعٌض من مستخدمي الروبوت من أنه ُُيعاين يف بعض املرات مما ُُو َ‬‫يف بيانات التدريب اخلاصة هبا‪ ،‬وقد اشتكى ٌ‬
‫واقعّية أو صحيحة خالل تبادل الرسائل معه‪ ،‬ينظر‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫باملّرة ووَّلّ د أكاذيب عشوائية تبدو‬
‫االجتامعي حيث ضَّمّ ن روبوت الدردشة معلومات غري صحيحة ّ‬
‫موقع ويكيبيديا‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D9%84%D9%88%D8%B3%D8%A9_(%D8%B0%D9%83%D8%A7%D8%A1_% :‬‬
‫)‪.D8%A7%D8%B5%D8%B7%D9%86%D8%A7%D8%B9%D9%8A‬‬
‫(‪ ((1‬العني‪ ،‬اخلليل بن أمحد الفراهيدي البرصي‪ 137 /8 ،‬وهتذيب اللغة‪ ،‬أبو منصور األزهري‪ ،234/14 ،‬ولسان العرب البن منظور‪-145/15 ،‬‬
‫‪.147‬‬
‫(‪ ((1‬مواهب اجلليل يف رشح خمترص خليل‪ ،‬شمس الدين حممد بن حممد احلطاب الُّرُ عيني املالكي‪.)32/1( ،‬‬
‫(‪ ((1‬معجم لغة الفقهاء‪ ،‬د‪ .‬حممد رواس قلعه جي‪ ،‬وآخرين‪ ،‬ص ‪.339‬‬

‫‪18‬‬
‫رقمية‪ ،‬هلا القدرة عىل التفكري الفائق‪ ،‬وحتليل البيانات‪ ،‬وإعطاء نتيجة حمددة بصورة‬
‫مبارشة أو عرب وسيط متخصص باإلخبار عن احلكم الرشعي‪.‬‬
‫واختصاًرا‪ :‬هو حتصيل املستفتي اجلواب عن مسألة رشعية عرب إحدى تطبيقات تقنية‬
‫ً‬
‫الذكاء االصطناعي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مفهوم تطبيق ‪chat gpt-4‬‬


‫‪ -1‬تعريف تطبيق (‪ :)chat gpt‬هو نظام آيل يتع ّّلم بشكل مستقل من املعلومات التي‬
‫تم تزويدها به مسب ًًقا‪ ،‬ويمكنه انتاج كتابات متطورة وذكية للغاية بعد معاجلته لكميات‬
‫ضخمة من البيانات‪ ،‬والتفاعل مع املستخدمني من خالل املحادثة‪ ،‬بام يف ذلك اإلجابة‬
‫عن األسئلة حتى املعقدة (‪.((1‬‬

‫‪ -2‬مفهوم (‪ :)chat gpt-4‬يقصد به اإلصدار الرابع من سلسلة نامذج ‪ GPT‬املعروفة‪،‬‬


‫وهو برنامج روبويت للمحادثة وتكوين املحتوى اللغوي‪ ،‬ويمثل أحد النامذج اللغوية‬
‫املتقدمة التي تم تطويرها والتي تعتمد عىل تعلم اللغة العميقة‪ ،‬وتوليد عدة أنواع من‬
‫النصوص بشكل آيل‪ ،‬ولقد تم إطالقه بعد إجراء اختبارات معادية داخلية‪ ،‬هتدف إىل‬
‫اكتشاف الثغرات املحتملة يف النموذج وتقليلها ََأ ً‬
‫يًضا بواسطة فرق األبحاث واملحرتفني‬
‫يف الصناعة(‪.((1‬‬

‫(‪ ((1‬نموذج الذكاء االصطناعي (‪ )chat gpt‬وحوار افرتايض حول البناء الشخيص وتطوير الذات‪ ،‬د‪ .‬سيف يوسف السويدي ود‪ .‬ماجد بن حممد‬
‫اجلهني‪ ،‬ص‪ ،23‬وصدرت أول نسخة من التطبيق يف ‪ 30‬نوفمرب عام ‪ ،2022‬من قبل رشكة (‪ )Open AI‬للذكاء االصطناعي يف سان فرانسيسكو‪-‬‬
‫حِّرك التوليدي ا ُُمل َ‬
‫دَّرب‬ ‫كاليفورنيا‪ ،‬ورشكات أخرى‪ ،‬ومعنى كلمة (‪ )GPT‬هي اختصار جلملة (‪ )Generative Pre-training Transformer‬ويقصد به «ا ُُمل ِ‬
‫ُُمسبقا»‪ ،‬وهو تطبيق للدردشة مع الذكاء االصطناعي وتوليد وحتويل النصوص إىل الشكل الذي يعجب املستخدم‪.‬‬
‫(‪ ((1‬ينظر‪ :‬موقع ويكيبيديا (املوسوعة احلرة)‪ ،‬عرب الرابط‪:‬‬
‫‪.https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%8A_%D8%A8%D9%8A_%D8%AA%D9%8A-4‬‬

‫‪19‬‬
‫المبحث االول‪ :‬برمجيات ومواقع إلكترونية لإلفتاء وحكم استفتائها‬
‫سيتم يف هذا املبحث التعرف عىل اخلدمات التي وفرهتا التقنيات احلديثة يف جمال اإلفتاء‪،‬‬
‫من خالل استعراض أهم الربجميات واملواقع اإللكرتونية املتخصصة باإلفتاء‪ ،‬ثم نختمه‬
‫ببيان حكم االستفتاء عرب مواقع الفتوى وضوابطه‪.‬‬

‫المطلب االول‪ :‬برمجيات ومواقع إلكترونية لإلفتاء‬


‫ا‬
‫أواًل‪ :‬برمجيات اإلفتاء‬
‫أنتجت الرشكات والشخصيات املتخصصة بالربجميات عد ًًدا من الربامج اإللكرتونية‬
‫املتعلقة باإلفتاء‪ ،‬ومن أبرز هذه الربامج‪:‬‬
‫‪-1‬برنامج القسام الشرعي(‪ ،((1‬من إعداد املهندس مولود خملص الراوي الذي بدأ‬
‫بإعداده يف عام ‪ ،1987‬ثم صدرت منه إصدارات عدة كان آخرها اإلصدار السادس‬
‫لسنة ‪ ،2015‬ويتعلق بفقه املواريث‪ ،‬واإلجابة عن مسائله‪ ،‬وقد اعتمد من قبل وزارة‬
‫العدل ووزارة االوقاف والشؤون الدينية يف العراق ثم ديوان الوقف السني‪.‬‬
‫‪-2‬برنامج موسوعة المواريث(‪ :((2‬موسوعة شاملة لفقه املواريث مع برنامج دقيق‬
‫ورسيع وسهل االستخدام حلل أية مسألة من مسائل املواريث طب ًًقا لكل املذاهب‬
‫األربعة مع خدمات كثرية ومنوعة وتقنيات بحث قوية‪ ،‬وقد اعتمدته عدد من املحاكم‬
‫الرشعية يف اململكة العربية السعودية‪ ،‬من إنتاج رشكة حرف‪.‬‬
‫‪-3‬برنامج موسوعة الفتاوى االقتصادية(‪ :((2‬وهو من إنتاج رشكة حرف‪ ،‬ويتميز بتقنيات‬
‫متقدمة يف البحث مع دقة النص املدخل‪.‬‬

‫(‪ ((1‬التعريف بالربنامج عىل موقعه عىل شبكة االنرتنت عىل الرابط‪:‬‬
‫‪ .https://sites.google.com/site/mawlood4site/home‬ومصمم الربنامج هو املهندس مولود خملص الراوي‪ ،‬من مواليد بغداد عام ‪ 1958 /‬م‪ ،‬خريج‬
‫اجلامعة التكنولوجية – بغداد‪ ،‬عام‪ ،1979‬وحاصل عىل الدكتوراه يف الفقه وأصوله من كلية اإلمام األعظم‪ ،‬وجماز بعلم الفرائض واملواريث الرشعية‬
‫من والده الشيخ خملص محاد الراوي عام ‪ 1978‬م‪ ،‬خبري باملواريث الرشعية لدى وزارة العدل العراقية‪ ،‬بموجب هوية اخلرباء رقم ‪ 87/‬لسنة ‪1985/‬م‪.‬‬
‫(‪ ((2‬التعريف بالربنامج عرب الرابط االيت‪:‬‬
‫‪..https://rattibha.com/thread/1005471958102732800?lang=ar‬‬
‫(‪ ((2‬التعريف بالربنامج عرب الرابط السابق‪:‬‬
‫‪..https://rattibha.com/thread/1005471958102732800?lang=ar‬‬

‫‪20‬‬
‫‪-4‬برنامج المكتبة الشاملة(‪ :((2‬وتشتمل فيام يتعلق بطبيعة هذه الدراسة عىل‪ :‬الفقه‬
‫احلنفي (‪ )37‬كتا ًًبا‪ ،‬والفقه املالكي (‪ )30‬كتا ًًبا‪ ،‬والفقه الشافعي (‪ )49‬كتا ًًبا‪ ،‬والفقه‬
‫احلنبيل (‪ )41‬كتا ًًبا‪ ،‬فضاًلا عن الفقه العام (‪ )39‬كتا ًًبا‪ ،‬والفتاوى (‪ )55‬كتا ًًبا‪ ،‬والبحوث‬
‫املسائل الفقهية (‪ )234‬كتا ًًبا‪.‬‬
‫ومن مميزاهتا‪ :‬اتقان الربجمة وحداثتها وسالستها‪ ،‬فهرسة الكتب وضغطها تلقائ ًًيا‪،‬‬
‫إضافة الكتب اجلديدة وتنقيح ومراجعة الكتب السابقة‪ ،‬الرسعة الفائقة للبحث‪ ،‬تعدد‬
‫إمكانيات البحث وتصفية النتائج‪ ،‬البحث باللواحق قبل الكلمة أو بعدها او يف أثنائها‪،‬‬
‫جمال البحث الوصفي‪ ،‬البحث املوسع داخل الكتاب‪ ،‬حتديد أي نص يف الشاملة‬
‫وإمكان البحث يف الشاملة أو حمرك البحث جوجل‪.‬‬

‫ثانًيً ا‪ :‬مواقع إلكترونية لإلفتاء‬


‫مع زيادة االهتامم بتوظيف الشبكة الدولية للمعلومات (االنرتنت)‪ ،‬يف جماالت احلياة‬
‫املتنوعة‪ ،‬فقد توجهت بعض املؤسسات الرشعية الرسمية وغري الرسمية‪ ،‬نحو توظيف‬
‫هذه الشبكة بإنشاء مواقع إلكرتونية تقدم خدماهتا يف جمال اإلفتاء واإلجابة عن أسئلة‬
‫املستفتني واستفساراهتم‪.‬‬
‫ومن أبرز املواقع اإللكرتونية التي ختصصت باإلفتاء‪:‬‬
‫(‪((2‬‬
‫‪ -1‬موقع اإلسالم سؤال وجواب‬
‫موقع دعوي‪ ،‬علمي‪ ،‬تربوي‪ ،‬هيدف إىل تقديم االستشارات واإلجابات العلمية‬
‫املؤصلة بشكل واف وميرس‪ ،‬ويقوم باإلرشاف عىل هذه اإلجابات الشيخ حممد صالح‬
‫املنجد‪ ،‬أطلق املوقع يف عام ‪ ،1996‬ويتوفر املوقع بست عرش ََة لغة‪ ،‬منها‪ :‬اإلنجليزية‬
‫والفرنسية واألملانية والصينية والرتكية والفارسية واألردو‪ ،‬واملوقع متاح للمسلمني‬
‫وغريهم‪.‬‬
‫يقوم املوقع بتقديم االستشارات‪ ،‬والرد عىل الفتاوى املوجهة إليه بأسلوب علمي‪،‬‬

‫(‪ ((2‬املكتبة الشاملة –االصدار اجلديد ‪1443‬هـ‪ ،‬اعداد مركز الدراسات اإلسالمية بجامعة أم القرى‪ ،‬ارشاف د‪ .‬أمل بنت عبد اهلل املرشد‪ ،‬رجب‬
‫‪ ،1443‬ص ‪4‬و‪.5‬‬
‫(‪ ((2‬التعريف باملوقع موجود عىل الرابط ‪.https://islamqa.info/ar‬‬

‫‪21‬‬
‫ويتحرى أن تكون اإلجابات مبنية عىل الدليل من القرآن الكريم والسنة النبوية‬
‫الصحيحة ومأخوذة من كالم العلامء من أصحاب املذاهب األربعة‪ :‬اإلمام أيب حنيفة‪،‬‬
‫واإلمام مالك‪ ،‬واإلمام الشافعي‪ ،‬واإلمام أمحد بن حنبل وغريهم من أهل العلم‬
‫املتقدمني واملتأخرين‪ ،‬وقرارات املجامع الفقهية‪ ،‬وطلبة العلم من الباحثني يف خمتلف‬
‫التخصصات الرشعية‪.‬‬
‫ويتم التواصل مع املوقع من خالل أيقونة (أرسل سؤااًلا )‪ ،‬واملوقع من أشهر املواقع‬
‫اإلسالمية يف الرد عىل األسئلة واالستفسارات وتقديم الفتاوى‪.‬‬
‫‪ -2‬موقع إسالم ويب‬
‫(‪((2‬‬

‫موقع إسالمي دعوي تم تأسيسه عام ‪1998‬م‪ ،‬وهو تـابع إلدارة الدعوة واإلرشـاد‬
‫الديني بـوزارة األوقاف والشــؤون اإلسالمية بدولة قطر‪ ،‬ويضم مركز الفتوى‪:‬‬
‫وهو بـوابة علمية دعـويـة كبـيـرة‪ ،‬يعنى باإلجابة عىل األسئلة املتعلقة بعقيدة املسلم‪،‬‬
‫وعبادته‪ ،‬ومعامالته‪ ،‬وأخالقه‪ ،‬وسلوكه‪ ،‬وغري ذلك مما يعرض له يف حياته‪ ،‬مما حيتاج‬
‫إىل معرفة احلكم الرشعي فيه‪.‬‬
‫ويتضمن أقساما عدة‪ ،‬منها‪ :‬مركز الفتوى‪ ،‬الذي ُُيعنى بالر ّّد عىل األسئلة التي تتعلق‬
‫بعقيدة املسلم‪ ،‬وعبادته‪ ،‬ومعامالته‪ ،‬وأخالقه‪ ،‬وسلوكه إىل غري ذلك من األمور التي‬
‫ترتبط بحياة اإلنسان‪.‬‬
‫ويقدم خدمات متعددة فيام يتعلق بالفتوى‪ ،‬حتت زوايا عدة‪ ،‬منها‪ :‬اطرح سؤالك‬
‫للفتوى‪ :‬وفيها سيتم اإلجابة عليه يف أقرب وقت‪ ،‬يمكنك متابعة الفتوى والبحث عنها‬
‫ٍ‬
‫ساعٍة‬ ‫ِ‬
‫رأِس ُُكِّلّ‬ ‫استقباُل األسئ ََل ِِة عىل‬
‫ُ‬ ‫برقم السؤال‪ ،‬وزاوية الفتاوى احلية‪ :‬وفيها يتم‬
‫بتوقيت مكة‪« :‬بسقف حمدد لكل ساعة»‪.‬‬
‫ومنهجية اإلفتاء املتبعة يف املركز الفتوى‪ :‬ال ختتلف عام قرره أهل العلم من ضوابط‬
‫الفتوى املعروفة عندهم‪ ،‬واملتمثلة يف االعتامد عىل األدلة الرشعية‪« :‬الكتاب والسنة‬
‫واإلمجاع والقياس»‪ ،‬وإن كان ثمة اختالف بني أهل العلم فإننا نتحرى القول األقوى‬
‫دلياًلا ‪ ،‬وما عليه املحققون من أهل العلم يف املسألة بحسب علمنا‪ ،‬وال نتتبع رخص‬

‫(‪ ((2‬التعريف باملوقع موجود عىل الرابط (‪.)www.islamweb.net‬‬

‫‪22‬‬
‫املذاهب وسقطات العلامء‪ ،‬وإضافة ملا سبق فإننا نبذل الوسع يف مراعاتنا لسالمة‬
‫االستدالل ومقاصد الرشع‪ ،‬ومالبسات الواقع وتغري احلال‪ ،‬ونختم ذلك كله بذكر‬
‫الرأي الذي يرتجح لدينا‪ ،‬بام ال خيرج عن أقوال األئمة املعتربين‪.‬‬

‫‪ -3‬موقع دار اإلفتاء المصرية‬ ‫(‪((2‬‬

‫يتضمن املوقع‪ :‬الفتاوى اإللكرتونية‪ ،‬إذ يقوم السائل بالدخول إىل املوقع اإللكرتوين‬
‫لدار اإلفتاء املرصية عىل شبكة املعلومات الدولية (اإلنرتنت)‪ ،‬ثم يتجه إىل قسم طلب‬
‫الفتوى‪ ،‬فيكتب عنوان موضوع سؤاله (الصالة – احلج‪ ...‬إلخ)‪ ،‬ثم يكتب بريده‬
‫اإللكرتوين‪ ،‬ثم يكتب سؤاله ويرسله‪ ،‬وبعد إرسال سؤاله يعطيه املوقع رقام رسًّيً ا خاًّصً ا‬
‫بالسؤال‪ ،‬وعىل السائل االحتفاظ هبذا الرقم حتى يدخل ويرى إجابته‪ ،‬ثم يقوم أحد‬
‫أمناء الفتوى املختصني بالرد عىل الفتاوى اإللكرتونية‪ ،‬باإلجابة عىل السؤال وإرساله‬
‫إىل الربيد اإللكرتوين اخلاص بالسائل‪ ،‬وبعد مدة يسرية من إرسال السؤال يدخل‬
‫السائل مرة أخرى إىل موقع الدار عىل شبكة املعلومات قسم االستعالم عن فتوى‬
‫ويضع رقم سؤاله حتى يرى اإلجابة‪ ،‬أو يدخل إىل عنوان بريده اإللكرتوين اخلاص به‬
‫جيد اإلجابة قد ُُأرسلت إليه‪.‬‬
‫‪ -4‬موقع دار اإلفتاء األردنية‬ ‫(‪((2‬‬

‫حيتوي املوقع عىل خدمة فتاوى املوقع اإللكرتوين ‪ -‬دائرة اإلفتاء‪ ،‬وتتم فيه اإلجابة عىل‬
‫األسئلة املوجهة إىل املوقع عرب قسم (أرسل سؤالك)‪.‬‬
‫وتنقسم إىل قسمني‪:‬‬
‫‪1 .‬الفتاوى البحثية‪ :‬يتوسع فيها اجلواب بذكر األدلة الرشعية‪ ،‬وتوثيق أقوال الفقهاء‪،‬‬
‫ورشح االختالف إن وجد‪.‬‬
‫‪2 .‬الفتاوى املخترصة‪ :‬يتم فيها عرض اجلواب بصورة خمترصة موجزة‪ ،‬يقترص فيها‬
‫عىل ذكر احلكم الرشعي وتعليله بأقرص عبارة‪.‬‬

‫(‪ ((2‬التعريف باملوقع موجود عىل الرابط‪.https://dar-alifta.org/Home/ViewRelease?ID=34‬‬


‫(‪ ((2‬التعريف باملوقع موجود عىل الرابط‪.‬‬
‫‪h t t p s : / / p o r t a l . j o r d a n . g o v. j o / w p s / p o r t a l / H o m e / G o v e r n m e n t E n t i t i e s / A g e n c i e s / A g e n c y / G e n e r a l % 2 0 I f t a % 2 0‬‬
‫‪)Department?nameEntity=General%20Ifta%20Department&entityType=otherEntity‬‬

‫‪23‬‬
‫إجراءات تقديم الفتوى‪:‬‬
‫‪ -‬إرسال السؤال عىل العنوان اإللكرتوين ‪www.aliftaa.jo‬‬
‫‪ -‬تعبئة البيانات الرضورة (االسم‪ ،‬الربيد اإللكرتوين‪ ،‬السؤال)‪.‬‬
‫‪ -‬يتم حتويل السؤال إىل مديرية املوقع اإللكرتوين‪.‬‬
‫‪ -‬يتم اإلجابة عن السؤال من قبل اللجنة املختصة بإجابة أسئلة اإلفتاء اإللكرتوين‪.‬‬
‫‪ -‬إذا احتاجت الفتوى إىل املزيد من البحث والتدقيق‪ ،‬أو تم حتويلها إىل جلان الفتوى أو‬
‫جملس اإلفتاء‪ ،‬يتم إشعار املستفتي بذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬موقع فتاوى البوابة اإلسالمية‬
‫(‪((2‬‬

‫ينتمي هذا املوقع لوزارة األوقاف والشئون اإلسالمية يف دولة الكويت‪ ،‬وأهم ما يميزه‬
‫أن الفتاوى به مقسمة بحسب األبواب بحيث يسهل استخدامه‪ ،‬والرجوع إىل الفتوى‬
‫عند احلاجة‪ ،‬وتشتمل تلك األبواب عىل فتاوى يف‪ :‬العقائد‪ ،‬واألطعمة واملرشوبات‬
‫واللباس‪ ،‬واآلداب واألخالق‪ ،‬واملعامالت‪ ،‬والعبادات‪ ،‬إىل غري ذلك من أبواب‬
‫الفتاوى‪.‬‬
‫ومتّر الفتوى‬
‫وهي خدمة عاملية تستقبل الفتاوى (‪ )24‬ساعة عىل مدار األسبوع‪ّ ،‬‬
‫بمراحل عدة‪ :‬تبدأ من دخول املستفتي إىل موقع اهليئة أو تطبيق اهليئة‪ ،‬فيدخل سؤاله‬
‫وبعض املعلومات الشخصية التي حيتاجها املفتي وأمهها الربيد اإللكرتوين الذي ترسل‬
‫ليمّر باملراحل‬
‫عربه رسالة ترحيب تتضمن رقم السؤال الذي يدخل إىل لوحة التحكم ّ‬
‫التالية‪ :‬التوزيع‪ ،‬التحرير‪ ،‬املراجعة الرشعية‪ ،‬االعتامد‪ ،‬التدقيق‪ ،‬النرش‪ ،‬األرشيف‪.‬‬
‫‪ -6‬موقع الفتاوى اإللكترونية للهيئة العامة للشؤون اإلسالمية واألوقاف في االمارات(‪:((2‬‬
‫وتعّدّ من أشمل اخلدمات التي يقدمها املركز الرسمي لإلفتاء حيث إهنا خدمة عاملية‬
‫تستقبل الفتاوى (‪ )24‬ساعة عىل مدار األسبوع‪.‬‬
‫ومتر الفتوى بمراحل عدة‪ :‬تبدأ من دخول املستفتي إىل موقع اهليئة أو تطبيق اهليئة‪،‬‬
‫فيدخل سؤاله وبعض املعلومات الشخصية التي حيتاجها املفتي وأمهها الربيد‬

‫(‪ ((2‬التعريف باملوقع موجود عىل الرابط (‪.)https://www.awqaf.gov.ae/ar/efatwa‬‬


‫(‪ ((2‬التعريف باملوقع وخدماته عرب الرابط‪.https://www.awqaf.gov.ae/ar/service-fatwaongaiaewebsite :‬‬

‫‪24‬‬
‫اإللكرتوين الذي ترسل عربه رسالة ترحيب تتضمن رقم السؤال الذي يدخل إىل لوحة‬
‫التحكم ليمر باملراحل التالية‪ :‬التوزيع‪ ،‬التحرير‪ ،‬املراجعة الرشعية‪ ،‬االعتامد‪ ،‬التدقيق‪،‬‬
‫النرش‪ ،‬األرشيف‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حكم االعتماد على الفتوى عبر المواقع اإللكترونية وضوابطه‬
‫سنبني يف هذا املطلب احلكم الرشعي يف اعتامد املستفتي عىل الفتوى التي حيصل عليها‬
‫من موقع افتائي إلكرتوين‪ ،‬نعقبه بتحديد أهم الضوابط املتعلقة هبذا النوع من االستفتاء‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حكم االعتماد على الفتوى عبر المواقع اإللكترونية‬
‫من املسائل املستجدة التي أفرزهتا التقنيات احلديثة يف احلياة املعارصة‪ ،‬اإلفتاء اإللكرتوين‪،‬‬
‫وعّدّ بعض املفتني‪ :‬إن وجود الفتاوى عىل (اإلنرتنت) يتيح فرصة للعلامء األفاضل أن‬
‫يوصلوا أصواهتم وعلمهم هبذه الواسطة احلديثة إىل جهات مل يكن بإمكاهنم الوصول‬
‫إليها ساب ًًقا‪ ،‬وجيب أن تغتنم هذه الفرصة(‪.((2‬‬
‫ولعل السؤال الذي يطرح نفسه‪ :‬ما حكم االعتامد عىل الفتاوى عرب املواقع اإللكرتونية؟‬
‫وما ضوابطه؟ وسنحاول اإلجابة عنهام يف هذا املطلب‪.‬‬
‫إن مواقع اإلفتاء عىل شبكة االنرتنت عىل نوعني‪ :‬معلومة اجلهة أو جمهولة اجلهة‪،‬‬
‫واحلكم عىل جواز االعتامد عىل هذين النوعني هو تفريع وامتداد للحكم عىل استفتاء‬
‫املفتي املعلوم واملجهول‪ ،‬وقد ذهب مجهور الفقهاء إىل جواز االعتامد عىل فتوى من‬
‫علم حاله واستفاض اخلرب‪ ،‬واشتهر بكونه أهاًلا للفتوى‪ ،‬أو شهد له العلامء املعتربون‬
‫بأهليته‪.‬‬
‫«َوجيوز استفتاء من استفاض َكَونه ََأهال ل َ‬
‫ْلَْف َْتَْوى‪ََ ..،‬وجيوز‬ ‫قال اإلمام النووي رمحه اهلل‪َ :‬‬
‫ْشُْهور ا �ََمْلْذُْكُور بأهليته»(‪.((3‬‬
‫استفتاء من أخرب ا �ََمْل ُ‬
‫وقال ابن ْمَح�ْدان رمحه اهلل‪« :‬جيوز ََل ُُه استفتاء من َت َََواتر ََبني الَّنَاس ََخريه‪ ،‬واستفتاء من فهم‬

‫(‪((2‬املفتي العام السابق الدكتور نوح عيل سلامن‪ ،‬من فتوى له عىل موقع دار اإلفتاء االردنية‪ ،‬بعنوان‪ :‬انتشار الفتاوى عىل اإلنرتنت‪ ،‬رقم الفتوى‪:‬‬
‫‪،667‬التاريخ‪.2010-04-27 :‬‬
‫(‪((3‬آداب الفتوى واملفتي واملستفتي‪ ،‬أبو زكريا حميي الدين حييى بن رشف النووي‪ ،‬ص ‪.72‬‬

‫‪25‬‬
‫ََأنه أهل ل َ‬
‫ْلَْف َْتَْوى»(‪.((3‬‬
‫وأما جمهول احلال‪ ،‬فقد ذهب مجهور الفقهاء واألصوليني إىل القول بمنع استفتاء جمهول‬
‫احلال‪ ،‬قال اإلمام الغزايل رمحه اهلل‪« :‬إن املفتي املجهول الذي ال يدرى أنه بلغ رتبة‬
‫االجتهاد أم ال‪ ،‬ال جيوز للعامي قبول قوله‪ ،‬وكذلك إذا مل يدر أنه عامل أم ال‪ ،‬بل سلموا‬
‫أنه لو مل تعرف عدالته وفسقه فال يقبل»(‪.((3‬‬
‫وقال الزركيش رمحه اهلل‪« :‬وإنام يسأل من عرف علمه وعدالته‪ ،‬بأن يراه منتص ًًبا لذلك‪،‬‬
‫والناس متفقون عىل سؤاله والرجوع إليه‪ ،‬وال جيوز ملن عرف بضد ذلك إمجا ًًعا‪ ،‬واحلق‬
‫منع ذلك ممن جهل حاله»(‪.((3‬‬
‫وقال اجلالل املحيل رمحه اهلل‪« :‬وأما يف اإلفتاء باملعنى املتعارف فيشرتط أن يظن املستفتي‬
‫علم املفتي وعدالته‪ ،‬إما باألخبار أو بأن رواه منتص ًًبا للفتوى‪ ،‬والناس متفقون عىل‬
‫سؤاله وتعظيمه‪ ،‬فإذا ظن عدم علمه أو عدم عدالته أو كليهام فال يستفتيه اتفا ًًقا‪ ،‬وأما‬
‫إذا كان جمهول العلم واجلهل ففيه خالف‪ ،‬واملختار امتناع االستفتاء عنه»(‪.((3‬‬
‫ْكِْر ِإِْنْ ُُك ُْنُْتْمْ اَلا ََت َ‬
‫ْعَْل ُُم َ‬
‫وَن)‬ ‫الِّذ ِ‬ ‫واستدلوا عىل ذلك بقول اهلل تعاىل‪ََ ( :‬ف َ‬
‫اْسَْأ ُُلوا ََأ َ‬
‫ْهَْل ِ‬
‫(النحل‪ ،)43:‬قال البيضاوي رمحه اهلل‪« :‬تدل هذه اآلية عىل وجوب املراجعة إىل العلامء‬
‫فيام ال يعلم»(‪ ،((3‬وال تتحقق املراجعة إال ملن عرف هبذا الشأن وشاع ذكره‪ ،‬حتى أمكن‬
‫كَّل من ُُيْذَْك َُُر بعلم»(‪ ،((3‬وقال أبو‬ ‫الزّجاج رمحه اهلل‪« :‬اسألوا َ‬ ‫مراجعته وسؤاله‪ََ ،‬ق َاَل ّ‬
‫وحتقيٍق ليع ّّلموكم ذلك»(‪ ،((3‬وجمهول احلال ال‬ ‫ٍ‬ ‫ذكُر بعلم‬ ‫السعود رمحه اهلل‪ّ :‬‬
‫«كّل من ُُي ُ‬
‫يتحقق فيه كونه من أهل الذكر فال يسئل وال يراجع‪ ،‬واملجهول ال يوثق بفتواه لكونه‬
‫ال يعلم أهليته وعدالته‪.‬‬
‫وكان منهج كبار األئمة ممن بلغوا رتبة االجتهاد املطلق‪ ،‬أهنم ما تصدروا للفتوى حتى‬
‫شهد هلم بذلك أهل العلم ممن سبقوهم‪ ،‬فهذا اإلمام مالك رمحه اهلل يقول‪« :‬ما ََأْفَْت ُ‬
‫َْيُْت‬

‫احلّراين احلنبيل‪ ،‬ص ‪.68‬‬


‫(‪((3‬صفة الفتوى واملفتي واملستفتي‪ ،‬أبو عبد اهلل أمحد بن محدان ّ‬
‫(‪ ((3‬املستصفى‪ ،‬أبو حامد حممد بن حممد الغزايل‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫(‪ ((3‬البحر املحيط يف أصول الفقه‪ ،‬بدر الدين حممد بن عبد اهلل بن هبادر الزركيش‪.368/8( ،‬‬
‫(‪ ((3‬حاشية العطار عىل رشح اجلالل املحيل عىل مجع اجلوامع‪ ،‬حسن بن حممد بن حممود العطار الشافعي‪ ،‬ج‪.434 /2‬‬
‫(‪ ((3‬تفسري البيضاوي‪ ،‬نارص الدين عبد اهلل بن عمر البيضاوي‪.227 /3 ،‬‬
‫(‪ ((3‬معاين القرآن وإعرابه‪ ،‬إبراهيم بن الرسي بن سهل‪ ،‬أبو إسحاق الزجاج‪.201 /3 ،‬‬
‫(‪ ((3‬إرشاد العقل السليم إىل مزايا الكتاب الكريم‪ ،‬أبو السعود العامدي‪.116 /5 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫وَن أيِّني ٌ‬
‫أْهٌْل لذلك»(‪.((3‬‬ ‫ََحَّتَى ََش ِِهَدَ يِلي ََس ُ‬
‫ْبُْع َ‬
‫واختياَر من يصلح‬‫َ‬ ‫َف عىل املفتني‪،‬‬ ‫التعّر َ‬
‫وألجل ذلك جعل العلامء من مهامت اإلمام ّ‬
‫واحلجَر عىل من ال يصلح هلا‪ ،‬بمشورة العلامء املعتربين‪ ،‬قال اخلطيب البغدادي‬ ‫َ‬ ‫للفتيا‪،‬‬
‫رمحه اهلل‪« :‬ينبغي إلمام املسلمني أن يتصفح أحوال املفتني‪ ،‬فمن كان يصلح للفتوى‬
‫أقره عليها‪ ،‬ومن مل يكن من أهلها منعه منها‪ ..،‬والطريق لإلمام إىل معرفة حال من يريد‬
‫ويعّول‬
‫نصبه للفتوى أن يسأل عنه أهل العلم يف وقته‪ ،‬واملشهورين من فقهاء عرصه‪ّ ،‬‬
‫عىل ما خيربونه من أمره»(‪.((3‬‬
‫يصلُح للفتيا أن يسأل علامء وقته‪ ،‬ويعتمد‬ ‫ُ‬ ‫وقال النووي‪« :‬و ََط ِِريق ِ‬
‫اِإلمام إىل معرفة من‬
‫إخبار املوثوق هبم» (‪.((4‬‬
‫ينّصبون للفتوى يف املدينة وبمكة يف أيام املوسم (احلج)‬ ‫ولذلك كان اخللفاء من بني أمية ّ‬
‫قو ًًما يعينوهنم‪ ،‬ويأمرون بأن ال يستفتى غريهم(‪ ،((4‬نقل ابن كثري رمحه اهلل يف ترمجة عطاء‬
‫إّن بني أمية كانوا يأمرون يف احلج مناد ًًيا يصيح‪ :‬ال يفتي الناس‬ ‫بن أيب رباح رمحه اهلل‪ّ :‬‬
‫َِجيح‪ ،‬وجاء يف ترمجة اإلمام‬ ‫إال عطاء بن أيب رباح‪ ،‬فإن مل يكن عطاء فعبد اهلل بن أيب َن ِ‬
‫مالك‪ ،‬عن ابن وهب قال‪ :‬سمعت مناد ًًيا ينادي باملدينة‪ :‬أال ال يفتي الناس إال مالك بن‬
‫أنس‪ ،‬وابن أيب ذئب(‪.((4‬‬
‫وعدم العناية بذلك يراه بعض العلامء من األمور اخلطرية التي ظهرت يف الدين‪ ،‬فقد‬
‫بكى ربيعة الرأي‪ ،‬وقال عن سبب بكائه‪« :‬استفتي من ال علم له‪ ،‬وظهر يف اإلسالم أمر‬
‫عظيم‪ ،‬ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من الرساق»(‪.((4‬‬
‫وهذا احلكم حيمل عىل مواقع الفتوى؛ ألهنا شخصيات اعتبارية‪ ،‬وعليه‪ :‬فَت َِنِزل منزلة‬
‫األشخاص فيام ذكرناه من تفصيل‪ ،‬بني من علمت أهليته للفتوى فيجوز الرجوع إليه‬
‫وطلب الفتوى منه‪ ،‬ومن جهل حاله فال جيوز استفتاؤه‪.‬‬
‫شخٍص ما‪ ،‬يف شأن الفتوى‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وبناء عليه فال جيوز للعامي االعتامد عىل موقع إلكرتوين‪ ،‬أو‬
‫(‪ ((3‬تعظيم الفتيا‪ ،‬مجال الدين أبو الفرج عبد الرمحن بن عيل ابن اجلوزي‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫(‪ ((3‬الفقيه واملتفقه‪ ،‬أبو بكر أمحد بن عيل بن ثابت اخلطيب البغدادي‪.325/2 ،‬‬
‫(‪ ((4‬آداب الفتوى للمفتي واملستفتي االمام النووي (ص‪.)17‬‬
‫(‪ ((4‬الفقيه واملتفقه للخطيب البغدادي‪.324 /2 ،‬‬
‫(‪ ((4‬البداية والنهاية‪ ،‬البن كثري‪ 307 /9 ،‬و‪ 534 /10‬عىل التوايل‪.‬‬
‫(‪ ((4‬أدب املفتي واملستفتي‪ ،‬عثامن بن عبد الرمحن‪ ،‬أبو عمرو ابن الصالح‪ ،‬ص ‪.85‬‬

‫‪27‬‬
‫إال بأحد أمرين‪:‬‬
‫‪-‬الشهرة‪ ،‬واستفاضة اخلرب بكونه معتمدا للفتوى وأهلية القائمني عليه‪.‬‬
‫‪-‬تزكية أهل العلم املشهود هلم باألهلية‪ ،‬فإن حصل له ذلك‪ ،‬فال حرج عليه يف االعتامد‬
‫عليه‪ ،‬وإال فال(‪.((4‬‬
‫وهذا احلكم ينطبق عىل الفتاوى اإللكرتونية سواء املرئية أو املسموعة أو املكتوبة‪ ،‬فمثلام‬
‫جتوز مشافهة املفتي إذا ُُع ِِرف حاله ومرتبته جيوز أخذ الفتوى بالكتابة عنه‪ ،‬يقول ابن‬
‫القيم رمحه اهلل‪« :‬جيوز له ‪-‬أي املقلد‪ -‬العمل بخط املفتي‪ ،‬وإن مل يسمع الفتوى من‬
‫لفظه‪ ،‬إذا عرف أنه خطه أو أعلمه به من يسكن إىل قوله»(‪.((4‬‬
‫ثانًيً ا‪ :‬ضوابط اإلفتاء في المواقع اإللكترونية‬
‫منحًرصا بشخص املستفتي أو بيئة حمددة‪ ،‬وإنام هو إفتاء عام‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫إّن اإلفتاء اإللكرتوين ليس‬
‫ال يعرف حدو ًًدا جغرافية حتّدّ ه‪ ،‬وال قيو ًًدا رسمية تقيده‪ ،‬وفضاؤه واسع ومجهوره عام‪،‬‬
‫أضعاٌف مضاعفة عن عدد املستفتني‪ ،‬ولذا ال بّدّ من مراعاة الضوابط التي‬
‫ٌ‬ ‫واملتابعون له‬
‫أيًضا‪ ،‬وللمفتني‬
‫حتقق مقاصد اإلفتاء وأهدافه‪ ،‬وحتفظ للفتوى هيبتها ومنزلتها وخطرها ً‬
‫مكانتهم ومنزلتهم‪ ،‬ولعل من أبرز الضوابط ما يأيت(‪:((4‬‬
‫‪-‬استكامل األهلية العلمية املؤهلة لإلفتاء للقائمني عىل مواقع اإلفتاء‪.‬‬
‫‪-‬احلرص عىل التواصل مع العلامء والسيام يف بلدان املستفتني‪ ،‬وينبغي عرض املسائل‬
‫بني أيدهيم‪ ،‬والرجوع إليهم فيام يستشكل من املسائل‪ ،‬أو توجيه السائل للرجوع‬
‫إىل علامء بلده والسيام إن تعلق احلكم باملصلحة أو العرف‪.‬‬
‫‪-‬االطالع املتواصل عىل أحوال املجتمع وواقع الناس ومشاكلهم ملواكبتها يف أثناء‬
‫اإلفتاء‪ ،‬مما يعزز التصور والتوصل إىل حلول رشعية واقعية‪ ،‬وجتنب احللول املثالية‬
‫واخليالية والشاذة‪.‬‬
‫‪-‬اإلفتاء ليس قضا ًء؛ لذا ينبغي جتنب احلكم عىل املسائل العينية التي فيها خصومة؛‬
‫(‪ ((4‬ينظر‪ :‬فتوى بعنوان حكم أخذ الفتوى من املواقع اإللكرتونية مع عدم العلم باملفتني فيها ومدى أهليتهم للفتوى‪ ،‬موقع اإلسالم ويب‪ ،‬تاريخ‬
‫النرش‪ :‬الثالثاء ‪ 19‬صفر ‪ 1434‬هـ ‪ 2013-1-1 -‬م‪ ،‬رقم الفتوى‪195005 :‬وفتوى بعنوان (رشوط اعتامد العامي للفتوى من املواقع اإللكرتونية)‪،‬‬
‫موقع اإلسالم ويب‪ ،‬تاريخ النرش‪ :‬األحد ‪ 23‬رجب ‪ 1439‬هـ ‪ 2018-4-8 -‬م‪ ،‬رقم الفتوى‪.374410 :‬‬
‫(‪ ((4‬إعالم املوقعني عن رب العاملني‪ ،‬حممد بن أيب بكر ابن قيم اجلوزية‪.204/4 ،‬‬
‫(‪ ((4‬للتوسع‪ ،‬ينظر‪ :‬مقدمة كتابنا‪ :‬فتاوى دار السالم‪ ،‬وكتابنا‪ :‬ترشيد اخلالف الفقهي يف وسائل االعالم (اإلفتاء انموذجا)‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫لعدم االستامع للطرفني وعدم التوسع يف القضايا التي تثري فتنة واضطرابا‪ ،‬وإن كان‬
‫وال بدّ فتصحب بام يقيدها من بيان‪ ،‬أو إحالته وإرشاده إىل أهل العلم املعتربين يف‬
‫بلد السائل‪.‬‬
‫‪-‬مراعاة التيسري عند اإلفتاء واحلرص عىل رفع احلرج عن الناس‪ ،‬من غري تسويف‬
‫أو تعطيل لألحكام‪.‬‬
‫‪-‬احلرص عىل ذكر الدليل اجليل من الكتاب والسنة وبقية األدلة املعتربة؛ ألن النفس‬
‫تطمئن إليه‪ ،‬من غري توسع أو تنطع أو تكلف‪ ،‬ويفضل اإلشارة إىل مصادر الفتوى‬
‫من الكتب املعتربة‪ ،‬زيادة يف التوثيق‪.‬‬
‫‪-‬عدم التعصب ملذهب‪ ،‬مع مراعاة املذهب الشائع يف بلد املستفتي‪ ،‬وإذا كان اخلالف‬
‫ضعيفا فاالقتصار عىل ذكر الراجح‪ ،‬وإن كان اخلالف يف املسألة قو ًّيا فيمكن ذكر‬
‫حائرا؛ ألنه يطلب إجابة‬ ‫القولني مع احلرص عىل الرتجيح حتى ال يبقى املستفتي ً‬
‫واحدة وحمددة عن سؤاله‪.‬‬
‫‪-‬التأكيد عىل أن اختالف اجلواب من قبل املفتني املؤهلني يف املسألة الواحدة‪ ،‬يدخل‬
‫يف التنوع الفقهي املحمود‪ ،‬إذ يوفر مساحة للتيسري ورفع احلرج‪ ،‬ويتحمل املفتي‬
‫مسؤولية جوابه وقد برأت ذمة املستفتي بأي اجلوابني أخذ‪ ،‬بعد حتريه للحكم‬
‫واضحا صاد ًقا يف‬
‫ً‬ ‫الرشعي وسؤاله للمفتني الثقات‪ ،‬مع تنبيه املستفتي‪ :‬أن يكون‬
‫سؤاله واستفساره ؛ ألن املفتي جييب عام تعرب عنه‪ ،‬وإن كنت ال تعلم أو غري متأكد‬
‫من احلكم فاسأل قبل أن تفعل‪ ،‬واسترش قبل أن تبادر؛ ألن املعاجلة الرشعية قبل‬
‫وقوع الفعل أهون بعد وقوعه‪ ،‬واالرشاد إىل املخارج الرشعية أفضل من عواقب‬
‫الترصفات التي تغلب مفسدهتا املصلحة‪ ،‬وبعد ذلك عليك بام يطمئن إليه قلبك‬
‫َّاس َو َأ ْفت َْو َك)(‪.((4‬‬ ‫السليم‪ ،‬وهذا يدخل يف باب (اس َت ْف ِ‬
‫ت َق ْل َب َك‪َ ،‬وإِ ْن َأ ْفت َ‬
‫َاك الن ُ‬ ‫ْ‬
‫اَل‪ََ :‬ن ََعْمْ ‪ََ .‬ف ََج ََم ََع ََأ ََن ِ‬
‫اِم ََلُهُ ََف ََج ََع ََل‬ ‫ْثِْم) ََف ََق َ‬ ‫َْسَْأ ُُلِنِي َعَ ْنْ اْلِّْرِب�ّ ََو � ِ‬
‫اِإْل ِ‬ ‫ْئَْت َت َ‬
‫(ِج َ‬ ‫(‪ ((4‬وأصله حديث وابصة بن معبد ريض اهلل عنه أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قال له‪ِ :‬‬
‫ْثُْم ََما ََح َ‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اْطَْم َ‬ ‫اَلاَث ََمَّرّ ٍ‬
‫ْفَْس ََك) ََث َ‬ ‫َْفِْت ََق َْلَْب ََك ََواْسَْت ِ‬
‫وُل‪ََ ( :‬يا ََواِبِ ََص ُُة اْسَْت ِ‬
‫ْدِْري‪ََ ،‬و ََي ُُق ُ‬ ‫ََي ُ‬
‫ْنُْك ُُت ِهِب�ِ َّنّ يِفي ََص ِ‬
‫َّدَّد يِفي‬ ‫ِ‬
‫الَّنّْفِْس‪ََ ،‬وَت َََر َ‬ ‫اَك يِفي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اِإْل‬ ‫َو‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫الَّنّْفُْس‬
‫ُ‬ ‫ْيِْه‬ ‫َل‬ ‫ِإ‬ ‫َّنّْتْ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َم‬
‫َ‬ ‫ْلُّْرِب�‬
‫اٍت (ا ّ‬ ‫َْفِْت ََن َ‬
‫َْوَْك)‪ ،‬رواه اإلمام أمحد‪ ،533 /29 ،‬حديث (‪ )18006‬وقد حسنه النووي واملنذري‪ ،‬وقال األلباين‪ :‬حسن لغريه‪ .‬صحيح‬ ‫َّنّاُس ََو ََأْفَْت َ‬ ‫َّصّْدِْر‪ََ ،‬وِإِْنْ ََأْفَْت َ‬
‫َاَك ال ُ‬ ‫ال ِ‬
‫الرتغيب والرتهيب‪ ،151 /2 ،‬واملراد من احلديث أن املسلم قد يستفتي أحًدً ا يف أمر فيفتيه بأنه حالل‪ ،‬ولكن يقع يف نفسه حرج من فعله‪ ،‬فينبغي عليه‬
‫تركه عماًلا بام دله عليه قلبه‪ ،‬قال الشيخ حممد بن صالح العثيمني رمحه اهلل‪« :‬فالذي يستفتي قلبه ويعمل بام أفتاه به هو صاحب القلب السليم‪ ،‬ال القلب‬
‫املريض‪ ،‬فإن صاحب القلب املريض لو استفتى قلبه عن املوبقات والكبائر ألفتاه أهنا حالل ال شبهة فيه! ينظر‪ :‬رشح رياض الصاحلني‪ ،‬البن عثيمني‪،‬‬
‫(‪.)284/2‬‬

‫‪29‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حكم االستفتاء عبر الذكاء االصطناعي وضوابطه‬
‫ال بّدّ بعد حتديــد مفهوم اإلفتاء عرب الذكـــاء االصطناعي بيــان حكـــم االستفتاء‬
‫وضوابطه‪.‬‬
‫ولعله من املستحسن التمهيد ببيان احلكم الرشعي الستخدام تقنية الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫ونقول‪ :‬من القواعد الفقهية املقررة عند أكثر الفقهاء‪« :‬إن األصل يف األشياء‪ :‬احلل‪،‬‬
‫واإلباحة‪ ،‬حتى يأيت دليل عىل حتريمها»(‪ ،((4‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهلل‪:‬‬
‫«لست أعلم خالف أحد من العلامء السالفني‪ :‬يف أن ما مل جيئ دليل بتحريمه فهو مطلق‬
‫نّص عىل ذلك كثري ممن تكلم يف أصول الفقه وفروعه»(‪.((4‬‬ ‫غري حمجور‪ ،‬وقد ّ‬
‫فِق ََه هذه القاعدة‪ ،‬استغنى هبا عن تكلف السؤال عن كل مستحدث‬ ‫واملسلم إذا ِ‬
‫بخصوصه‪ ،‬مما يعلم الناس أنه ليس حمر ًًما بذاته‪ ،‬وإنام تعرض احلرمة يف أوجه استعامله‬
‫‪-‬كعامة األمور التقنية‪ ،‬ومنها‪ :‬الذكاء االصطناعي‪.((5(-‬‬
‫وعليه فاألصل يف استخدام التقنيات احلديثة االباحة‪ ،‬وال يدخلها التحريم إال إذا‬
‫كانت وسيلة ملحظور رش ًًعا؛ ألن للوسائل حكم املقاصد‪ ،‬فام ال يتم الواجب إال به فهو‬
‫واجب‪ ،‬وما ال يتم املسنون إال به فهو مسنون‪ ،‬وطرق احلرام واملكروهات تابعة هلا‪،‬‬
‫ووسيلة املباح مباحة(‪.((5‬‬
‫قال ابن القيم رمحه اهلل‪« :‬ملا كانت املقاصد ال يتوصل إليها إال بأسباب وطرق ُتُفيض‬
‫إليها كانت طرقها وأسباهبا تابعة هلا معتربة هبا‪ ،‬فوسائل املحرمات واملعايص يف كراهتها‬
‫واملنع منها بحسب إفضائها إىل غاياهتا وارتباطاهتا هبا‪ ،‬ووسائل الطاعات والقربات‬
‫يف حمبتها واإلذن فيها بحسب إفضائها إىل غايتها‪ ،‬فوسيلة املقصود تابعة للمقصود‪،‬‬
‫وكالمها مقصود‪ ،‬لكنه مقصود قصد الغايات‪ ،‬وهي مقصودة قصد الوسائل»(‪.((5‬‬

‫ِ‬
‫الُّنُْعْاَماِن‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم‬ ‫ِب ََأْيِب�ْ ََحِنِ َْيَْف ََة‬
‫ْشَْبا ُُه ََوالَّن َََظاِئِ ُُر َعَ ىَلى َمَْذَْهَ ِ‬ ‫(‪ ((4‬األشباه والنظائر‪ ،‬جالل الدين عبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي‪ ،‬ص ‪�َ ،60‬‬
‫واَأْل َ‬
‫ابن نجيم املرصي‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫(‪ ((4‬جمموع الفتاوى‪ ،‬شيخ اإلسالم ابن تيمية‪.538 /21 ،‬‬
‫(‪ ((5‬فتوى بعنوان هل الذكاء االصطناعي حرام؟ تاريخ النرش‪ :‬األربعاء ‪ 25‬ربيع اآلخر ‪1440‬هـ ‪2019 /1/2 -‬م‪ ،‬رقم الفتوى‪ ،389512 :‬مركز‬
‫الفتوى يف موقع اإلسالم ويب‪.)/https://www.islamweb.net/ar/fatwa/389512 ،‬‬
‫(‪ ((5‬القواعد واألصول اجلامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة‪ :‬البن سعدي‪ ،‬ص ‪.297‬‬
‫(‪ ((5‬إعالم املوقعني عن رب العاملني‪ ،‬البن قيم اجلوزية‪.135 /3 ،‬‬

‫‪30‬‬
‫المطلب االول‪ :‬حكم االستفتاء االفتراضي عبر تقنية الذكاء االصطناعي‬
‫ألن مسألة الفتوى عرب الذكاء االصطناعي من املستجدات لذا سيتم معاجلة بيان حكمها‬
‫من خالل اآليت‪:‬‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬التكييف الفقهي لتوظيف الذكاء االصطناعي في تقديم الفتوى‬
‫الذكاء االصطناعي هو سلوك وخصائص معينة تتسم هبا الربامج احلاسوبية‪ ،‬جتعلها‬
‫حتاكي القدرات الذهنية البرشية وأنامط عملها‪ ،‬ومن أهم هذه اخلاصيات القدرة عىل‬
‫التعلم واالستنتاج وردة الفعل عىل أوضاع مل تربمج يف اآللة‪.‬‬
‫ويتمثل عمل تطبيق الذكاء االصطناعي يف اإلفتاء‪ :‬االحاطة بمتعلقات ما يدخل إليه‬
‫من سؤال من قبل املستفتي‪ ،‬ويتم معاجلتها عىل وفق املدخالت يف ذاكرته من نصوص‬
‫رشعية ومادة فقهية وأصولية مصنفة بحسب املذاهب ومدونات إفتائية‪ ،‬بحسب‬
‫األحكام الرشعية واألبواب الفقهية‪ ،‬وعىل وفق معادالت االرتباط املنطقي التي زود‬
‫هبا؛ ليقوم العقل اإللكرتوين من خالهلا بإخراج اجلواب املتوافق معها‪.‬‬
‫إن ما يقدمه تطبيق الذكاء االصطناعي يف الفتاوى يندرج ضمن باب إعانة املفتي‪ ،‬ملن‬
‫يستفتيه أو يطلب استشارته يف متعلقات احلكم الرشعي‪ ،‬والسيام االحاطة بأقوال من‬
‫سبق يف مسألة الفتوى‪.‬‬
‫ثانًيً ا‪ :‬حكم استخدام الذكاء االصطناعي في تقديم الفتوى‬
‫يمكن تفصيل توظيف الذكاء االصطناعي يف تقديم الفتوى بحسب اآليت‪:‬‬
‫‪-‬جيوز االعتامد عىل خمرجات الذكاء االصطناعي يف املسائل الرشعية التي تقوم عىل‬
‫العمليات احلسابية كالزكاة واملواريث واملسائل الثابتة التي ال تتغري بتغري الزمان‬
‫واملكان واألحوال‪ ،‬واملحددة التي سبق اإلفتاء هبا وال حتتاج إىل نظر واستنباط‬
‫واستفصال‪ ،‬وهذا متيرس اآلن سواء باستخدام الربامج املتوفرة أو بالتعامل مع‬
‫حمركات البحث (غوغل) وغريها‪ ،‬حيث يكتب الباحث سؤاله او أهم فقرة فيه‪،‬‬
‫وخترج له خيارات حتيله إىل مواقع (إفتائية أو علمية وحتى صفحات شخصية‬
‫ملؤسسات رشعية أو علامء أو غريهم) تعالج هذه املسألة بصورة كلية أو قريبة منها‪،‬‬

‫‪31‬‬
‫وهنا يكون التعامل بني املستفتي (العامي) أو املتحري عن اإلجابة (كطالب علم أو‬
‫عامل بقصد االحاطة باجلواب او تقليل جهد البحث) وجهاز الذكاء االصطناعي‬
‫مبارشة‪.‬‬
‫‪-‬جيوز استعانة املفتي بمخرجات الذكاء االصطناعي يف املسائل الرشعية املستجدة‬
‫أو التي تتطلب مراعاة حال املستفتي عنها‪ ،‬بام ال يدرك إال باالستفصال وإعامل‬
‫املشاعر أو الرتجيح الذي يعتمد الفهم‪ ،‬وهنا تكون الدائرة تضم املستفتي واملفتي‬
‫وجهاز الذكاء االصطناعي‪ ،‬وغاية توظيف الذكاء االصطناعي سعة االطالع‬
‫ورسعة اإلحاطة واإلملام باملسألة بالنسبة للمفتي‪ ،‬واختزال اجلهد والوقت يف‬
‫اإلجابة بالنسبة للمفتي واملستفتي معا‪.‬‬
‫ًثً‬
‫ثال ا‪ :‬أدلة مشروعية توظيف الذكاء االصطناعي في تقديم الفتوى‬
‫يمكن تقسيم أدلة مرشوعية توظيف الذكاء االصطناعي يف مسلكني‪:‬‬
‫(َوَما ََأْرَْسْلَْنَا ِِمْنْ َرُس ٍ‬
‫وٍل‬ ‫َ ُ‬ ‫األول‪ :‬النصوص التي تدل عىل مراعاة لغة العرص‪ :‬كقوله تعاىل‪َ َ َ :‬‬
‫ْوِْم ِِه أي‪ :‬ب ُُلغتهم‪ِ ،‬لِ ُُي ََبَنِّي�َ‬ ‫ْوِْم ِِه ِلُِيَب َ ُهَل� )‪( ،‬سورة إبراهيم‪ )4 :‬ومعنى ِبِ ِِل ِ‬
‫ساِن ََق ِ‬ ‫اِن ََق ِ‬
‫ِإِاَّلا ِبِ ِِلَس ِ‬
‫ُ ََنِّي� ُْمْ‬ ‫َ‬
‫ُهَل� ُْمْ أي‪ :‬الذي ُُأرسل به فيفهمونه عنه‪ ،‬وهو املقصد من إرسال املرسلني‪ ،‬وتشري اآلية‬
‫إىل مراعاة التطور التقني يف أدوات التواصل وتوظيفه لتسهيل الدعوة والتعليم ومنها‬
‫اإلفتاء‪ ،‬فلكل عرص أدواته وأساليبه ولغته‪ ،‬ومع سنة اهلل تعاىل يف تطور املجتمعات‬
‫شّك لسنة‬ ‫فإّن هذه األدوات واألساليب ختضع بال ّ‬ ‫وحركة التغيري فيها والتجديد ّ‬
‫التطور‪ ،‬وهذا يميل عىل القائمني عىل الدعوة والتعليم والتوجيه رضورة توظيف التطور‬
‫التقني يف وسائل التواصل واالتصال‪ ،‬وحيذر من جتاهل هذا التطور أو حماربته وإال‬
‫أغرقنا طوفانه‪.‬‬
‫كام تشري اآلية إىل أن اجليل اإلسالمي املعارص واألجيال القادمة (بكل صنوفها ومنها‬
‫أهل اإلفتاء)‪ ،‬حظها عظيم يف وسائل االتصال والتواصل‪ ،‬إن هي أقبلت عليها إقبال‬
‫من يتحرى التقرب إىل اهلل بكل وسيلة متاحة‪ ،‬وتكيف معها تكييف من يأخذ هبذه اآلية‬
‫فقًها يرتمجه إىل قاعدة تواصلية‪ :‬كل مسلم مكلف بمخاطبة جيله بلسان عرصه‪ ،‬ومنها‬ ‫ً‬
‫توظيف الذكاء االصطناعي يف الدعوة واإلفتاء‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الثاين‪ :‬النصوص الرشعية التي تدل عىل االستعانة بغري البرش يف تلقي املعرفة ممن‬
‫أحاط هبا علاًما ‪ ،‬ومن قبل من يستطيع التواصل معها حقيقة ويملك القدرة عىل التلقي‬
‫والتخاطب‪ ،‬مع احلرص عىل التثبت‪ ،‬قبل بناء األحكام التكليفية عليها‪:‬‬
‫ْلَْغ ِاِئِبِ َ‬
‫َني * ُأَل� ُ ََع ِِّذ ََبَّنَ ُُه ََع ََذا ًًبا‬ ‫َاَن ِِم ََن ا َ‬ ‫(َو ََت ََف ََّقَدَ ال ََّط � ََرْي ََف ََق َاَل ََما َيِل� َ اَلا ََأ ََرى �اُهْل ُ ُ‬
‫ْدُْهَدَ ََأْمْ َك َ‬ ‫قال تعاىل‪َ :‬‬
‫ْطُْت ِبِاَما ْمَل�ْ ِحُت� ِْطْ ِبِ ِِه‬
‫يٍد ََف ََق َاَل ََأ ََح ُ‬ ‫ََث ََغَرْي َب ِِع ٍ‬
‫ٍني * ََف ََمَك َ � َ َ‬ ‫ْذَْب ََحَّنَ ُُه ََأْوْ ََل ََيْأِْتِ ََيِّنِي ِبِ ُُس َ‬
‫ْلَْط ٍ‬
‫اٍن ُُمِبِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ََشِديًدً ا ََأْوْ َأَل� َ َ‬
‫ْمَت�ِْلُكُُه َو ُُأوِتَِي ِِم ُك ُِِّل ْيَش ٍ‬ ‫ْدُْت اْمَْر ََأ ًًة ِ‬ ‫ََو ِِجْئُْت ََُك ِِمْنْ ََس ََبٍإٍ ِبَِنَ ََبٍإٍ ََي ِِق ٍ‬
‫�ٍْء ََوَهَل� َا ََعْرْ ٌٌش‬ ‫ُ ْمْ َ َْتْ ْنْ‬ ‫ٍني * ِإِيِّني ََو ََج ُ َ‬
‫ْمِْس ِِم ُد ِ‬ ‫وَن ِلِ َ‬ ‫ِ‬
‫اُن ََأْعْاَماُهَل� ُْمْ‬
‫ْيَْط ُ‬
‫الَّش َ‬ ‫وِن اِهَّلل�ِ ََو ََز ََّي ََن ُهَل� ُ ُُم َ‬ ‫لَّش ِ ْنْ ُ‬ ‫ْسُْجُدُ َ‬ ‫ْوَْم ََها ََي ُ‬ ‫يٌم * ََو ََجْدَْهُت� َا ََو ََق َ‬ ‫ََعِظ ٌ‬
‫اَخْلْبَْء يِفي الَّساَماَو ِ‬ ‫ْسُْجُدُ وا ِهَّلِل��ِ ا ََّل ِِذي ِ‬ ‫الَّسِبِ ِ‬
‫اِت‬ ‫َ َ‬ ‫ْخُي�ِْر ُُج � َ َ‬ ‫وَن * ََأاَّلا ََي ُ‬ ‫يِل ََف ُُهْمْ اَلا ْهَي�َْتَُدُ َ‬ ‫ََف ََصَّدَ ُُهْمْ ََع ِِن َ‬
‫ْلَْعِظِي ِِم * ََق َاَل‬ ‫ْلَْع ِ‬
‫ْرِْش ا َ‬ ‫ُوَن * اُهَّلل�ُ اَلا ِإِ ََل ََه ِإِاَّلا ُُه ََو ََرُّبُ ا َ‬
‫وَن َوَما ُت ِ‬
‫ُْعِْلُن َ‬ ‫ْخُت�ُْف َ َ َ‬ ‫ْعَْل ُُم ََما ُ‬ ‫ََو �اَأْلَ ِ‬
‫ْرِْض ََو ََي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُْنَْت ِِمَن اْلَْك ِ‬
‫اْذَْهْبْ ِبِِك ََتايِبي ََه ََذا ََف ََأْلِْقْهْ ِإِ ََل ِْيِْهْمْ ُُث ََّم َت َََو ََّل ََع ُ‬
‫ْنُْهْمْ‬ ‫َني * َ‬ ‫َاِذِبِ َ‬ ‫ْقَْت ََأْمْ ُك َ َ‬ ‫ْنُْظ ُُر ََأ ََصَدَ َ‬ ‫ََسَنَ ُ‬
‫ْرِْج ُُع َ‬ ‫ْنُْظ َما ََذا ََي ِ‬
‫وَن(‪( .‬سورة النمل‪)28-20 :‬‬ ‫ََفا ُْرْ َ‬
‫وجه الداللة‪ :‬تفاعل نبي اهلل سليامن عليه السالم مع املعلومات املنقولة من قبل طائر‬
‫اهلدهد‪ ،‬والتي مل حيط هبا سليامن عليه السالم علاًما بحسب قدرته البرشية‪ ،‬واختاذ‬
‫خطوات عملية للتحقق منها ومن ثم معاجلة املوقف من حمتواها‪ ،‬وقد متتع اهلدهد‬
‫بقدرة مجع املعلومات وختزينها وحتليلها وإعطاء نتيجة‪ ،‬كام متتع نبي اهلل سليامن بالقدرة‬
‫عىل التحدث وفهم لغة التخاطب مع الطري واحليوان‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ََ ) :‬و ََق َاَل ََيا ََأَهُّي� َا‬
‫َاُس ُُع ِِّلْمَْنَا ََمْنِْطِ ََق ال ََّط � ِِرْي( (سورة النمل‪ )16 :‬قال القرطبي رمحه اهلل‪« :‬فهمنا من‬ ‫الَّن ُ‬
‫أصوات الطري املعاين التي يف نفوسها»(‪ ،((5‬وقال ابن كثري رمحه اهلل‪« :‬وكان يعرف لغة‬
‫أيًضا‪ ،‬وهذا يشء مل يعطه أحد من البرش»(‪.((5‬‬ ‫الطري واحليوان ً‬
‫ِ‬
‫ْخَْرْجَْنَا ُُهَل� ْمْ ََدا ََّب ًًة ِم ََن َ�‬
‫اَأْل ِ‬ ‫(َوِإِ ََذا ََو ََق ََع ا َْلَْق ُ‬
‫ْوُْل ََع ََل ِ‬
‫ْرِْض ُُتَكَ ِِّل ُُم ُُهْمْ ََأ ََّن الَّن َ‬
‫َاَس‬ ‫ْيِْهْمْ ََأ َ‬ ‫‪-‬قال تعاىل‪َ :‬‬
‫ُوَن) (سورة النمل‪ ،)82 :‬وروي عن عيل ريض اهلل عنه‪« :‬تكلمهم‬ ‫وِقُن َ‬ ‫َكَاُنُوا ِبِآَياِتَِنَا اَلا ُي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كال ًًما أي‪ :‬ختاطبهم خماطبة»(‪ ،((5‬ونقل القرطبي‪« :‬وقيل‪ :‬تكلمهم بلسان ذلق فتقول‬
‫بصوت يسمعه عن قرب وبعد َ‬
‫«أَّن الناس كانوا بآياتنا ال يوقنون» أي بخروجي‪ ،‬ألن‬

‫(‪ ((5‬تفسري القرطبي(اجلامع ألحكام القرآن)‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن أيب بكر القرطبي‪.165 /13 ،‬‬
‫(‪ ((5‬تفسري ابن كثري(تفسري القرآن العظيم)‪ ،‬أبو الفداء إسامعيل بن عمر بن كثري القريش الدمشقي‪.182/6 ،‬‬
‫(‪ ((5‬تفسري ابن كثري‪.211/6 ،‬‬

‫‪33‬‬
‫خروجها من اآليات»(‪ ،((5‬ويف حديث متيم الداري ريض اهلل عنه‪ ،‬وفيه‪ََ ( :‬فَدَ ََخ ُُلوا‬
‫َْثَْر ِِة َ‬
‫الَّش ََع ِِر‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وَن ََما ُُق ُُب ُُل ُُه ِمْنْ ُُد ُُب ِِرِه‪ِ ،‬مْنْ َك َ‬ ‫ْدُْر َ‬‫الَّش ََع ِِر‪ ،‬اَلا ََي ُ‬ ‫ُب َكَِثِ ُُري َ‬ ‫اَجْل ِِز َيَر ََة ََف ََل ِِق ََي ُْتُْهْمْ ََدا ََّب ٌٌة ََأ َ‬
‫ْهَْل ُ‬ ‫�َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَس ُُة؟ ََقا ََلْتْ ‪ََ :‬أَهُّي� َا ا َْلَْق ُ‬
‫ْوُْم‬ ‫اَس ُُة‪ََ ،‬قا ُُلوا‪ََ :‬و ََما � َ‬
‫اَجْل ََّس َ‬ ‫ََف ََقا ُُلوا‪ََ :‬و َْيَْلِك ََما ََأْنِْت؟ ََف ََقا ََلْتْ ‪ََ :‬أَنَا � َ‬
‫اَجْل ََّس َ‬
‫ْنَْط ََلْقَْنَا َرِس� َ ا ًًعا‪،‬‬
‫ْشَْو ِاِق‪ََ ..،‬ق َاَل‪ََ :‬فا َ‬ ‫الَّر ُُج ِِل يِفي الَّدَ ِْيِْر‪ََ ،‬فِإِ ََّن ُُه إىل ََخِرَب� ِ ُُكْمْ ِبِ �اَأْلَ َ‬ ‫ْنَْطِل ُُقوا إىل ََه ََذا َ‬
‫ا َِ‬
‫ََحَّتَى ََد ََخْلَْنَا الَّدَ َْيَْر)(‪.((5‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬إقرار النبي صىل اهلل عليه وسلم التخاطب مع دابة وتصديق ما جاءت به‬
‫من معلومات‪ ،‬وما تبع ذلك من أفعال تكليفية بناء عليها‪ ،‬وقام بتبليغه للناس‪ ،‬وهذه‬
‫املسألة من فرعيات اإليامن ومناطها التصديق والتسليم هبا‪ ،‬ومها من األحكام التكليفية‬
‫املتعلقة باإليامن‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪-‬عن عبد اهلل بن جعفر ريض اهلل عنهام قال‪ََ ( :‬د ََخ ََل الَّنَِبُِّيُ ََصىَّلى ُ‬
‫اُهلل ََع ََلْيِْه ََو ََس ََّل ََم ََي ً‬
‫ْوًْما‬
‫َاِض ٌٌح ََل ُُه‪ََ ،‬ف ََلاَّما ََر ََأى الَّنَِبِ ََّي ََصىَّلى اُهللُ ََع ََل ِْيِْه ََو ََس ََّل ََم‪ََ ،‬ح ََّن‬ ‫اِر‪ََ ،‬فِإِ ََذا ِفِ ِيِه َن ِ‬‫ْنَْص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ََحاِئ ًًطا ِل ََر ُُج ٍٍل ِم ََن �اَأْلَ َ‬
‫وُل اِهَّلل�ِ ََصىَّلى اُهللُ ََع ََل ِْيِْه ََو ََس ََّل ََم‪ََ ،‬ف ََم ََس ََح ِِذ َْفَْرا ُُه ََوَرَس� َ ا ََت ُُه‪ََ ،‬ف ََس ََك ََن‬ ‫ََو ََذ ََر ََفْتْ ََعْيَْنَا ُُه‪ََ ،‬فَن َََز ََل ََر ُُس ُ‬
‫اِر‪ََ ،‬ف ََق َاَل‪ََ :‬أَنَا‪ََ ،‬ف ََق َاَل‪ََ « :‬أال ََتَّت َِِقي اَهَّلل�َ‬ ‫ْنَْص ِ‬‫اٌّب ِم ََن �اَأْلَ َ‬
‫اَجْلَم ِِل؟» ََفَجاَء ََش ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ََف ََق َاَل‪ََ « :‬مْنْ ََرُّبُ ََه ََذا � َ َ‬
‫َاَك ِإَِّيَل� َو ََز ََعَم ََأَّن َََك ِجُت� ِيُعُه َوُت ِ‬ ‫يَم ِِة ا ََّلِتِي ََم ََّلَك َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُْدِْئ ُُب ُُه»)(‪ ،((5‬قال‬ ‫ُُ َ‬ ‫اَها‪ََ ،‬فِإِ ََّن ُُه ََشَك َ َ َ َ‬ ‫ََك اُهَّلل�ُ ِإِ ََّي َ‬ ‫يِفي ََهِذِه ا َْلَْب ِِه َ‬
‫الزرقاين رمحه اهلل‪« :‬شكا إ ََّيل» بالنطق‪ ،‬أو بفهمه من فعله املذكور‪ ،‬وكل معجزة»(‪.((5‬‬
‫‪-‬عن أيب سعيد اخلدري ريض اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬عدا الذئب عىل شاة‪ ،‬فأخذها فطلبه الراعي‪،‬‬
‫فانتزعها منه‪ ،‬فأقعى الذئب عىل ذنبه‪ ،‬قال‪ :‬أال تتقي اهلل‪ ،‬تنزع مني رز ًًقا ساقه اهلل إيل‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا عجبي ذئب مقع عىل ذنبه‪ ،‬يكلمني كالم اإلنس‪ ،‬فقال الذئب‪ :‬أال أخربك‬
‫بأعجب من ذلك؟ حممد ََصىَّلى اُهللُ ََع ََل ِْيِْه ََو ََس ََّل ََم بيثرب خيرب الناس بأنباء ما قد سبق‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فأقبل الراعي يسوق غنمه‪ ،‬حتى دخل املدينة‪ ،‬فزواها إىل زاوية من زواياها‪ ،‬ثم أتى‬
‫رسول اهلل ََصىَّلى اُهللُ ََع ََل ِْيِْه ََو ََس ََّل ََم فأخربه‪ ،‬فأمر رسول اهلل ََصىَّلى اُهللُ ََع ََل ِْيِْه ََو ََس ََّل ََم فنودي‬
‫الصالة جامعة‪ ،‬ثم خرج‪ ،‬فقال للراعي‪« :‬أخربهم» فأخربهم‪ ،‬فقال رسول اهلل ََصىَّلى‬

‫(‪ ((5‬تفسري القرطبي‪.238 /13 ،‬‬


‫(‪ ((5‬رواه مسلم‪ ،‬ج‪ ،2262/4‬حديث رقم ‪.2942‬‬
‫(‪((5‬رواه أبو داود‪ ،23 /3 ،‬حديث (‪ )2549‬وأمحد‪ ،‬ج‪ ،281 /3‬حديث (‪ ،)1754‬واحلاكم يف املستدرك ‪ ،109 /2‬حديث رقم ‪ ،2485‬وقال‪ :‬هذا‬
‫حديث صحيح اإلسناد ووافقه الذهبي‪ ،‬ومعنى تدئبه‪( :‬تتعبه)‬
‫(‪((5‬رشح الزرقاين عىل املواهب اللدنية باملنح املحمدية‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن عبد الباقي الزرقاين املالكي‪.)543 /6( ،‬‬

‫‪34‬‬
‫اُهللُ ََع ََل ِْيِْه ََو ََس ََّل ََم‪« :‬صدق والذي نفيس بيده‪ ،‬ال تقوم الساعة حتى يكلم السباع اإلنس‪،‬‬
‫ويكلم الرجل عذبة سوطه‪ ،‬ورشاك نعله‪ ،‬وخيربه فخذه بام أحدث أهله بعده»‪-((6(.‬‬
‫عن يعىل بن مرة ريض اهلل عنه قال‪ :‬ثالثة أشياء رأيتهن من رسول اهلل صىل اهلل عليه‬
‫وسلم‪ :‬بينا نحن نسري معه إذ مررنا ببعري يسنى عليه‪ ،‬فلام رآه البعري جرجر ووضع‬
‫جرانه‪ ،‬فوقف عليه النبي صىل اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقال‪« :‬أين صاحب هذا البعري؟» فجاء‪،‬‬
‫فقال‪ِ« :‬بِعنيه» فقال‪ :‬ال‪ ،‬بل أهبه لك‪ ،‬فقال‪« :‬ال‪ ،‬بعنيه» قال‪ :‬ال‪ ،‬بل هنبه لك‪ ،‬وإنه‬
‫ألهل بيت ما هلم معيشة غريه‪ ،‬قال‪« :‬أما إذ ذكرت هذا من أمره‪ ،‬فإنه شكا كثرة العمل‪،‬‬
‫وقلة العلف‪ ،‬فأحسنوا إليه»‪ ،‬قال‪ :‬ثم رسنا فنزلنا منزاًلا ‪ ،‬فنام النبي صىل اهلل عليه وسلم‬
‫فجاءت شجرة تشق األرض‪ ،‬حتى غشيته‪ ،‬ثم رجعت إىل مكاهنا‪ ،‬فلام استيقظ ذكرت‬
‫له‪ ،‬فقال‪« :‬هي شجرة استأذنت رهبا يف أن تسلم عىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫فأذن هلا»(‪.((6‬‬
‫اُهلل ََع ََل ِ‬
‫ْيِْه ََو ََس ََّل ََم‪ِ« :‬إِيِّني‬ ‫وُل اِهللِ ََصىَّلى ُ‬ ‫اَل ََر ُُس ُ‬ ‫اَل‪ََ :‬ق َ‬ ‫ْبِْن ََس ُُم ََر ََة ريض اهلل عنه‪ََ ،‬ق َ‬ ‫‪َ-‬عْنْ ََجاِبِ ِِر ِ‬ ‫َ‬
‫ِّيِل�‬ ‫ْبَْع ََث ِإِيِّني َأَل� َ ِ‬ ‫ُف ََح ََج ًًرا ِبِ ََم ََّك ََة َك َ‬ ‫َأَل� َ ِ‬
‫اآْلآَن» ‪ ،‬وروي ََعْنْ ََع ِ‬
‫َ (‪((6‬‬
‫ْعِْر ُُف ُُه‬ ‫َاَن ُُي ََس ِِّل ُُم ََعَّيَل� َ ََق َْبَْل ََأْنْ ُُأ َ‬ ‫ْعِْر ُ‬
‫ُْنُْت ََم ََع الَّنَِبِ ِِّي ََصىَّلى اُهَّلل�ُ ََع ََل ِْيِْه ََو ََس ََّل ََم ِبِ ََم ََّك ََة ََف ََخ ََرْجَْنَا‬‫ٍب ريض اهلل عنه‪ََ ،‬ق َاَل‪ُ :‬ك ُ‬ ‫ْبِْن ََأيِبي ََطاِلِ ٍ‬
‫ِ‬
‫ْعِْض َنََو ِ‬
‫وَل‬‫ْيَْك ََيا ََر ُُس َ‬ ‫َال ُُم ََع ََل َ‬ ‫الَّس َ‬‫وُل‪َ :‬‬ ‫ْقَْب ََل ُُه ََج ََب ٌٌل ََوَالَ ََش ََج ٌٌر ِإَِّالَ ََو ُُه ََو ََي ُُق ُ‬ ‫اِح َيَها ََفاَما ا َ‬
‫ْسَْت َ‬ ‫يِفي ََب ِ َ‬
‫اِهَّلل�ِ(‪.((6‬‬
‫اَع ُُة‬
‫الَّس َ‬
‫وُم َ‬ ‫اَل‪« :‬اَلا َت َُُق ُ‬‫وَل اِهللِ صىل اهلل عليه وسلم‪ََ ،‬ق َ‬ ‫‪َ-‬عْنْ َأَيِبي ُُه ََر َْيَْر ََة ريض اهلل عنه‪ََ ،‬أ ََّن ََر ُُس َ‬ ‫َ‬
‫اَحْل ََج ِِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْقُْت ُُلُهُم ا �ُُمْل ِ‬ ‫َحَّتَى ُي ََقاِتِ ََل ا �ُُمْل ِ‬
‫وَن ََحَّتَى ْخَي�َْتَِبِ ََئ ا َْلَْي ُُهوِدُّيُ ِمْنْ ََو ََراِء � َ‬ ‫ْسِْل ُُم َ‬ ‫وَن ا َْلَْي ُُهو ََد‪ََ ،‬ف ََي ُ ُ ُ‬
‫ْسِْل ُُم َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اَحْل ََج ُُر ََأ ِِو َ‬ ‫الَّش ََج ِِر‪ََ ،‬ف ََي ُُق ُ‬
‫الَّش ََج ُُر‪ََ :‬يا ُُمْسِْل ُُم ََيا َعَْبَْدَ اِهللِ ََه ََذا ُهَي� ُوِد ٌٌّي ََخْلِْفي‪ََ ،‬ف ََت ََع َاَل ََفا ُْقُْت ُ‬
‫ْلُْه‪،‬‬ ‫وُل � َ‬ ‫ََو َ‬
‫ْرَْقَدَ ‪ََ ،‬فِإِ ََّن ُُه ِمْنْ ََش ََج ِِر ا َْلَْي ُُهوِد»(‪ ،((6‬قال ابن بطال رمحه اهلل يف رشحه‪ :‬وفيه جواز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإِاَّلا ا َ‬
‫ْلَْغ َ‬
‫خماطبة من ال يسمع اخلطاب‪ ،‬وخماطبة من قد جيوز منه االستامع يو ًًما ما(‪.((6‬‬

‫(‪((6‬أخرجه االمام أمحد يف مسنده‪ ،‬ج‪ ،315 /18‬حديث رقم (‪ ،)11792‬واحلاكم يف مستدركه‪ ،‬ج‪ ،514 /4‬حديث رقم‪ ،8444 ،‬وقال‪ :‬هذا حديث‬
‫صحيح عىل رشط مسلم‪ ،‬ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫(‪((6‬أخرجه أمحد‪ ،106 /29 ،‬حديث رقم (‪ )17565‬وضعفه الشيخ شعيب وله شواهد‪.‬‬
‫(‪((6‬أخرجه مسلم‪ ،‬ج‪ ،1782 /4‬حديث رقم (‪.)2277‬‬
‫(‪((6‬أخرجه الرتمذي‪ ،593/5 ،‬حديث ‪ ،3626‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب‪ ،‬وضعفه الضياء يف املختارة‪.135 /2 ،‬‬
‫(‪((6‬أخرجه البخاري‪ ،‬ج‪ ،42 /4‬حديث رقم (‪ )2926‬ومسلم‪ ،‬ج‪ ،2239 /4‬حديث رقم (‪ )2922‬واللفظ له‪.‬‬
‫(‪((6‬رشح صحيح البخاري البن بطال‪.108 /5 ،‬‬

‫‪35‬‬
‫ووجه الداللة من هذه األحاديث‪ :‬إن الدواب من غري البرش واجلامدات تكلم الناس‬
‫ويأخذون بقوهلا‪ ،‬وتبنى أحكام تكليفية عىل إثرها‪ ،‬مما يدل عىل اعتبارها واألخذ هبا عند‬
‫من حيسن التعامل معها وفهم خمرجاهتا‪ ،‬وأجهزة الذكاء االصطناعي تقوم هبذا الدور‪،‬‬
‫وقد أخرب عليه الصالة والسالم عن انتشارها يف املستقبل وتيرس التعامل معها‪ ،‬ويصبح‬
‫التعامل معها مألو ًًفا‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضوابط توظيف الذكاء االصطناعي في صناعة الفتوى وتأثيراته‬
‫ما من حكم يف مستجد يتنوع التعامل معه‪ ،‬إال واحتاج إىل ضوابط تضبط التعامل معه‪،‬‬
‫عىل وفق مقتضيات احلكم الرشعي‪ ،‬وترفع اللبس عن متعلقاهتا وتراعي تنوعها‪.‬‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬ضوابط توظيف الذكاء االصطناعي في صناعة الفتوى‬
‫‪1 .‬يمكن ألجهزة الذكاء االصطناعي أن تستقل باإلجابة يف املواضع اآلتية‪ :‬املسائل‬
‫التي تعتمد احلساب كالزكاة واملواريث‪ ،‬واملسائل املحددة والتي تتطابق مع أسئلة‬
‫سبق إدخال بيانات إىل اجلهاز تتضمن أجوبة حمددة عنها‪.‬‬
‫‪2 .‬ينبغي وضع خيارات أمام املستفتي عند إدخاله لبياناته‪ ،‬أو كان يف املسألة تفصيل‬
‫او أحوال جيب مراعاهتا كالعمر واجلنس واحلالة العرضية من مرض أو سفر أو‬
‫غضب‪ ،‬أو العمد أو السهو‪ ،‬وهكذا لتكون اإلجابة أكثر دقة وأقرب إىل حال‬
‫السائل وطبيعة احلكم‪.‬‬
‫‪3 .‬ال يمكن ألجهزة الذكاء االصطناعي أن تستقل باإلجابة‪ ،‬وإنام تكون عامل مساعد‬
‫تعني املفتي يف حترير األجوبة عنها‪ ،‬وتكون يف املواضع التي حتتاج إىل فقه التنزيل‪،‬‬
‫ومنها‪:‬‬
‫‪-‬اجلواب الذي يتطلب إعامل النظر يف فهم نصوص رشعية بسبب األلفاظ‬
‫املشرتكة فيها‪.‬‬
‫‪-‬التحقق من درجة احلديث التي اختلف فيها أهل احلديث أو املسكوت عنها‪.‬‬
‫‪-‬احلاجة إىل اجلمع والرتجيح بني األدلة والسيام يف االستحسان وتعارض‬
‫املصالح‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪-‬اعتامد اجلواب عىل العرف واختالف الظروف واألحوال‪.‬‬
‫‪-‬التي تتطلب مراعاة فقه الواقع أو التوقع (اعتبار املآالت)‪.‬‬
‫‪-‬عند احلاجة إىل االستفصال أو عند نقص املعلومات أو حتايل املستفتي عند‬
‫تقديم سؤاله‪.‬‬
‫‪-‬احلاجة إىل التكييف الفقهي إن كانت املسألة تتعلق بنازلة طارئة‪.‬‬
‫‪4 .‬إن استطاعت بعض األجهزة من خالل تطور تقنيتها معاجلة بعض هذه احلاالت‪،‬‬
‫تصورا عن هذه املواضع‪ ،‬يمكن حينها اعتامدها‬ ‫ً‬ ‫والسيام عند إدراج خيارات تعطي‬
‫يف اإلجابة املبارشة عن املسائل املتعلقة هبا‪.‬‬
‫‪5 .‬ال بدّ من املراجعات الدورية ملخرجات تقنية الذكاء االصطناعي يف اإلفتاء‪ ،‬من‬
‫قبل بعض العلامء‪ ،‬الحتاملية تعرض التقنية خللل أو جتاوزه يف ردة فعله بام خيالف‬
‫أهلية إصدار الفتوى التي متت برجمته عىل ضوئها‪ ،‬لتداركه‪ ،‬أو إعادة برجمة اجلهاز‪،‬‬
‫لضبط عمله أو إخراجه من اخلدمة‪.‬‬
‫ثانًيً ا‪ :‬تأثير توظيف الذكاء االصطناعي في تقديم الفتوى‪.‬‬
‫هنالك تأثريات إجيابية وأخرى سلبية‪ ،‬يف هذا التوظيف‪ ،‬وبياهنا من أجل وضع خطة‬
‫لتعزيز اإلجيايب ومعاجلة السلبي‪ ،‬لنحقق بذلك مقصد ترشيع اإلفتاء‪.‬‬
‫ولعل من أهم إجيابيات توظيف الذكاء االصطناعي يف تقديم الفتاوى‪ ،‬اآليت‪:‬‬
‫‪1 .‬التيسري عىل املفتني بتهيئة أقرب األجوبة عن املسألة التي يستفتى فيها‪.‬‬
‫‪2 .‬الرسعة يف اإلجابة عن أسئلة املستفتني‪.‬‬
‫‪3 .‬تقليل التكلفة واجلهد عىل طريف االستفتاء‪ ،‬لعدم احلاجة إىل التنقل وحضور جملس‬
‫اإلفتاء‪.‬‬
‫‪4 .‬إمكانية اإلجابة عن عدد كبري من االستفتاءات واألسئلة يف وقت واحد‪.‬‬
‫‪5 .‬تفرغ املفتني لدراسة النوازل واملستجدات وعدم االنشغال باإلجابة عن األسئلة‬
‫التقليدية‪.‬‬
‫‪6 .‬توظيف اخلصائص النافعة للتقنيات يف الدعوة والتعليم واإلفتاء كالرسعة والسعة‬
‫واإلحاطة والدقة يف اإلجابة‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ومن سلبياهتا‪:‬‬
‫‪1 .‬اتكال الناس عليها وتقليل دور العلامء يف اإلفتاء والدعوة واالصالح‪.‬‬
‫‪2 .‬احتاملية حصول اخلطأ واخللل بإدخال البيانات أو عند معاجلتها‪ ،‬مما يؤثر عىل دقة‬
‫اإلجابة‪.‬‬
‫‪3 .‬تقليل اجلانب الرتبوي يف اإلفتاء‪.‬‬
‫‪4 .‬التحكم يف إدخال املعلومات مما يتيح الفرصة إلدخال معلومات غري دقيقة‪ ،‬تتسبب‬
‫يف صدور فتوى موجهة أو مسيسة أو مسيئة لإلسالم‪ ،‬أو تسبب فوىض يف اإلفتاء‬
‫وانتشار الفتاوى الشاذة واملضطربة‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تجربة اإلفتاء عبر تطبيق ‪chat gpt-4‬‬

‫المطلب االول‪ :‬نماذج ميدانية لإلفتاء عبر تطبيقات الذكاء االصطناعي‬


‫مع نزول جائحة كورونا عىل العامل أمجع‪ ،‬وفرض االلتزام باإلجراءات االحرتازية؛‬
‫مما قيد حركة األفراد واملؤسسات‪ ،‬وأعطى مساحة واسعة للتعامل والتواصل عرب‬
‫شّجع بعض املؤسسات إىل توظيف تقنية الذكاء االصطناعي يف‬ ‫التقنيات احلديثة‪ ،‬مما ّ‬
‫جمال الفتوى‪ ،‬ولو ضمن دائرة حمدودة‪ ،‬ولعل من أبرز هذه التطبيقات امليدانية‪:‬‬
‫ا‬
‫اواًل‪ :‬وحدة الذكاء االصطناعي في تقديم الفتوى – األزهر الشريف في مصر‬
‫يف عام ‪2020‬م‪ ،‬استحدث مركز األزهر العاملي للفتوى اإللكرتونية وحدة الذكاء‬
‫االصطناعي لتحليل الفتاوى وتصنيفها(‪.((6‬‬
‫وتعمل هذه الوحدة‪ ،‬عىل تطوير ودعم نظم الفتوى اإللكرتونية؛ وذلك باستخدام‬
‫تقنيات الذكاء االصطناعي املختلفة يف حتليل وتصنيف الفتوى اإللكرتونية‪ ،‬وتلقى‬
‫املركز (‪ )677‬ألف سؤال خالل عام واحد‪ ،‬يف كل فروع الفقه من عبادات‪ ،‬ومعامالت‪،‬‬
‫وأحوال شخصية‪ ،‬ويف الفكر واألديان‪ ،‬وما يعرض للجمهور من شبهات‪.‬‬
‫(‪((6‬مقال بعنوان‪« :‬األزهر للفتوى» يستحدث وحدة للذكاء االصطناعي لتحليل الفتاوى وتصنيفها‪ ،‬أمحد بدراوي‪ ،‬موقع جريدة الرشوق‪ ،‬نرش يف‪:‬‬
‫األربعاء ‪ 1‬يناير ‪،2020‬‬
‫‪)https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=01012020&id=6b0b2d71-38df-4824-849a-b48fec051fe5‬‬

‫‪38‬‬
‫ثانًيً ا‪ :‬مشروع اإلفتاء االفتراضي ‪ -‬دبي‬
‫أطلقت دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي يف ديب‪ ،‬مرشوع «اإلفتاء االفرتايض»‪،‬‬
‫وترشف عليه مؤسسة ديب للمستقبل‪ ،‬هبدف ترسيخ مكانة ديب منارة للمعرفة بام فيها‬
‫العلوم الرشعية‪ ،‬ويعترب املرشوع األول من نوعه ومل تستخدمه أي جهة من قبل‪.‬‬
‫وهيدف املرشوع إىل توفري خدمات افرتاضية للفتوى يمكن احلصول عليها يف أي‬
‫وقت ومكان‪ ،‬من خالل جتميع مكتبة للفتاوى حول شتى الشؤون احلياتية‪ ،‬واستخدام‬
‫تقنيات الذكاء االصطناعي وحتليل البيانات الضخمة لتمكني املسلم من احلصول عىل‬
‫(‪((6‬‬
‫آراء رشعية سليمة مع إمكانية إضافة لغات أكثر من العربية واإلنجليزية مستقباًلا ‪..‬‬
‫ًثً‬
‫ثال ا‪« :‬روبوت الفتوى» في موسم الحج‪ -‬السعودية‬
‫مع األخذ باإلجراءات االحرتازية يف موسم احلج‪ ،‬تم إطالق خدمة «روبوت الفتوى‬
‫اآليل» بمساجد املشاعر املقدسة‪ ،‬ومقر احلمالت يف عام ‪2021‬م‪ ،‬بغية حتقيق التواصل‬
‫املرئي عن ُُبعد بني السائل واملفتي عىل مدار ‪ 24‬ساعة‪ ،‬وتقديم التوعية واإلرشاد‬
‫التي حيتاجها احلجاج طيلة املوسم‪ ،‬من خالل نظام حتكم آيل وفق مسارات مربجمة‬
‫ومستشعرات حركة حساسة(‪.((6‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نماذج من اإلفتاء بمسائل التعامالت المالية عبر تطبيق (‪)chat gpt-4‬‬
‫قام الباحث بإعداد جمموعة من األسئلة تتعلق بالتعامالت املالية التقليدية واملعارصة‪،‬‬
‫وتم توجيهها عرب تطبيق (‪ )chat gpt-4‬وتلقي أجوبتها‪ ،‬وقام بتحليلها وفق اخلطوات‬
‫اإلجرائية اآلتية‪:‬‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬صيغ األسئلة‬
‫س‪ :1‬يل أعامل مع بعض الدوائر احلكومية‪ ،‬وإذا مل يأخذ املوظف رشوة فإنه يعطل‬
‫أعاميل‪ ،‬فهل جيوز يل أن أعطيه رشوة؟‪.‬‬
‫(‪((6‬موقع االمارات اليوم‪ ،‬مقال بعنوان «إسالمية ديب» تو ّّفر فتاوى رشعية بالذكاء االصطناعي‪ ،‬لوجيه سباعي‪ ،‬تاريخ النرش ‪ 8‬مارس (آذار) ‪،2020‬‬
‫عرب الرابط‪:‬‬
‫‪.https://www.emaratalyoum.com/local-section/other/2020-03-28-1.1325918‬‬
‫(‪((6‬من روبوت الفتوى إىل «توكلنا»‪ ..‬الذكاء االصطناعي يتنافس خلدمة احلجاج‪ ،‬العني اإلخبارية الثالثاء ‪20/7/2021‬‬
‫(‪)https://al-ain.com/article/artificial-intelligence-techniques-make-it-easier‬‬

‫‪39‬‬
‫س‪ :2‬لدي أخت مدرسة يف مدرسة خارج الرياض‪ ،‬حاولت أن أنقلها للرياض ولكني‬
‫شخًصا مااًلا لكي ينقلها يل‪ .‬فهل ّ‬
‫عّيل حرج؟‬ ‫ً‬ ‫مل أستطع‪ ،‬ولقد اضطررت إىل أن أعطي‬
‫س‪ :3‬إن زوجها يعمل يف البنك وتسأل هل املعاش ‪ -‬الراتب ‪ -‬حالل أم حرام؟ وهل‬
‫وضع األموال يف البنوك بدون أخذ الفائدة جيوز أم ال؟‬
‫مبلًغا من صديق يل بالدوالر‪ ،‬ورددت له املبلغ بالريـال السعودي عىل‬ ‫س‪ :4‬اقرتضت ً‬
‫دفعات بنفس قيمة املبلغ يف ذلك الوقت فام حكم ذلك؟‪.‬‬
‫س‪ :5‬كيف يتم توزيع إجيار منزل األب املتوىف؟ بعد الوفاة تم تأجري املنزل من قبل‬
‫الورثة‪ ،‬حيث إن الورثة الرشعيني حسب الفريضة الرشعية أخوان وأخت واحدة‪.‬‬
‫عقاًرا؟‬
‫وهل يعترب منزل الوالد ً‬
‫س‪ :6‬الرجاء حساب املرياث بناء عىل املعلومات التالية‪:‬‬
‫‪-‬للميت ورثة من الرجال‪( :‬أخ شقيق) العدد ‪1‬‬
‫‪-‬للميت ورثة من النساء‪( :‬بنت) العدد ‪ ،3‬و(زوجة) العدد ‪ ،1‬و(أخت شقيقة) العدد ‪4‬‬
‫س‪ :7‬تويف وله زوجة وله ابن وبنت وأم وأب‪ ،‬كيف يتم تقسيم املنزل املوروث‬
‫والسيارة؟‬
‫س‪ :8‬إذا اشرتك رجالن‪ :‬واحد باألرض فقط‪ ،‬واآلخر بالزراعة والسقي‪ ،‬وإن وجد‬
‫واملصاريف األخرى‪:‬‬
‫‪-1‬هل خيرج األول العرش أو نصف العرش إن كان املحصول مسق ًًيا‪ ،‬وهو مع العلم‬
‫أنه ال هيمه إن كانت املصاريف كثرية أو قليلة‪ ،‬فهو ال يدفع‪ ،‬فمسامهته باألرض فقط‪.‬‬
‫‪-2‬إذا كانت األرض تسقى عند انعدام املطر‪ ،‬وعند وجوده ال تسقى ( يعني مسقية‬
‫ثالث أو أربع مرات ) فام احلد الذي يعرف به إذا فيه العرش أو نصفه؟‪.‬‬
‫‪ -3‬بالنسبة لصاحب األرض هل جيوز إخراج الزكاة ماال بعد بيع املحصول‪ ،‬أم جيب‬
‫إخراجها من املحصول‪ ،‬علام أن رشيكه سيعطيه نصيبه نقدا بعد البيع؟‪.‬‬
‫س‪ :9‬أود أن أعرف ماذا يقول اإلسالم أو العلامء يف االستثامر يف األسهم عرب اإلنرتنت‬
‫والتي تدفع نسبة مئوية يوم ًًيا أو شهر ًًيا عىل األموال املستثمرة؟‪.‬‬
‫س‪ :10‬ما احلكم الرشعي يف بيع ورشاء العقارات يف العامل االفرتايض (امليتافريس)؟‬

‫‪40‬‬
‫س‪ :11‬ما احلكم الرشعي يف التعامل بالعمالت اإللكرتونية املشفرة (البتكوين‬
‫وغريها)؟‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص االسئلة الموجهة‬
‫‪ -1‬تم تقسيم االسئلة من حيث موضوع الفتوى إلى أنواع عدة من المعامالت المالية‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪-‬سؤالن يتعلقان بدفع الرشوة (ملوقعني إفتائيني خمتلفني)‪.‬‬
‫‪-‬سؤال يتعلق بمرشوعية الراتب من العمل يف املصارف الربوية‪ ،‬ووضع األموال‬
‫يف هذه املصارف‪.‬‬
‫‪-‬وسؤال عن تسديد القرض بعملة أخرى‪.‬‬
‫‪-‬وسؤال عن توزيع اجيار عقار يعود للورثة‪.‬‬
‫‪-‬وسؤالن عن حساب املرياث ملسألتني حمددتني‪.‬‬
‫‪-‬وسؤال عن الزكاة لرشيكني يف أرض زراعية‪.‬‬
‫‪-‬وسؤال عن االستثامر يف األسهم عرب االنرتنت‪.‬‬
‫‪-‬وسؤال عن بيع العقارات االفرتاضية (ميتافريس)‪.‬‬
‫‪-‬وسؤال عن التعامل بالعمالت اإللكرتونية املشفرة املعامة (البتكوين وغريها)‪.‬‬
‫‪ -2‬تقسيمها من حيث طبيعة اإلجابة عنها إلى اآلتي‪:‬‬
‫‪-‬تم اختيار االسئلة (‪ )9-1‬بنصها من مواقع اإلفتاء املعتمدة (إسالم ويب‪-‬‬
‫واإلسالم سؤال وجواب)‪ ،‬ملعرفة مدى مطابقة جواب تطبيق ‪ ،chat gpt-4‬مع‬
‫األجوبة املثبتة يف هذه املواقع‪ ،‬وملعرفة هل يعتمد الذكاء االصطناعي عىل ما‬
‫ينرش يف مواقع االنرتنت‪.‬‬
‫‪-‬تم اختيار السؤالني (‪ )11-10‬عن تعامالت مالية معارصة من صياغة الباحث‬
‫وهنالك كتابات بحثية بشأهنا ومها (التجارة بالعقارات االفرتاضية والعمالت‬
‫املشفرة)‪.‬‬
‫‪ -3‬ألجل دراسة مدى ثبات االجوبة‪ ،‬تم إعادة توجيه األسئلة نفسها عبر التطبيق نفسه‬
‫ولكن من حسابين مختلفين‪ ،‬وخالل مدة (‪ )7‬أيام‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ثالثا‪ :‬تحليل أجوبة تطبيق ‪chat gpt-4‬‬
‫‪ -1‬تحليل األجوبة االولى(‪:((6‬‬
‫كانت األجوبة بلغة رشعية‪ ،‬وتضمنت اآليت‪:‬‬
‫‪-‬أعطى احلكم الرشعي يف (‪ )9‬مسائل وتوقف يف مسألتني (املعارصتني)‪.‬‬
‫ِ‬
‫يستوف اجلواب يف‬ ‫‪-‬فصل احلكم مع ذكر تعدد األقوال يف (‪ )4‬مسائل‪ ،‬ومل‬
‫مسألتني‪.‬‬
‫‪-‬ذكر األدلة الرشعية يف (‪ )3‬مسائل‪.‬‬
‫‪-‬ختم (‪ )9‬مسائل بتوجيه املستفتي بمراجعة عامل ديني او خمتص بالفقه اإلسالمي‬
‫ويف املسألتني املعارصتني أرشد إىل استشارة علامء الفقه املعارصين‪.‬‬
‫‪-‬ختم (‪ )4‬مسائل بمخارج رشعية وتوجيهات تربوية والسيام مسائل دفع الرشوة‬
‫واالستثامر والعمالت املشفرة‪.‬‬
‫‪-‬مل ينقل اجلواب لألسئلة التي أجوبتها موجودة عىل مواقع إلكرتونية‬
‫‪-‬أخطأ يف مسألتي اإلرث‪ :‬واحدة بالتقسيم اإلرثي والثانية باألرقام احلسابية(‪.((7‬‬
‫‪-‬مل يذكر يف مجيع األجوبة أي مذهب من املذاهب الفقهية وال اسم فقيه أو عامل‪.‬‬
‫‪ -2‬تحليل األجوبة الثانية(‪:((7‬‬
‫‪-‬كانت بعض األجوبة بلغة قانونية‪ ،‬وبعضها مجعت بني الرشع والقانون لتضمن‬
‫السؤال طلب احلكم الرشعي‪ ،‬وأخرى بلغة رشعية‪.‬‬
‫حكاًم قانون ًيا يف (‪ )3‬مسائل ومجع بني الرشع والقانون يف (‪ )3‬مسائل‬ ‫‪-‬أعطى ً‬
‫وحكاًم رشع ًيا يف (‪ )2‬مسألتني‪.‬‬‫ً‬
‫حكاًم جاز ًما يف (‪ )3‬مسائل وهي املسائل املعارصة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪-‬مل يعط ً‬
‫نصا أو ً‬
‫دلياًل رشع ًيا يف مجيع األجوبة‪.‬‬ ‫‪-‬مل يذكر ً‬
‫‪-‬مل يذكر يف األجوبة مجيعها أي مذهب من املذاهب الفقهية وال اسم فقيه أو عامل‬
‫(‪ ((6‬تم االختبار األول بتاريخ ‪.2023 /9 /23‬‬
‫(‪((7‬وهذا يتوافق مع املخاوف التي بينها املتخصصون يف جمال الذكاء االصطناعي‪ :‬فهنالك قلق من أن النص الناتج عن الذكاء االصطناعي قد ال‬
‫يكون دقيقا أو قد حيتوي عىل أخطاء‪ ،‬وال يقدم االصدار احلايل من ‪ CHATGPT‬أي تقييم لدقة املحتوى‪ .‬ينظر‪ :‬نموذج الذكاء االصطناعي ‪CHATGPT‬‬
‫للسويدي واجلهني‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫(‪((7‬تم االختبار الثاين بتاريخ ‪.2023 /9 /30‬‬

‫‪42‬‬
‫أو قانون حمدد‪.‬‬
‫‪-‬أخطأ يف مسألتي اإلرث‪ ،‬حيث أعطى لالبن النصف وللبنت النصف وحرم‬
‫األم واألب‪ ،‬ويف الثانية‪ :‬أعطى لألخ الشقيق الثمن وللبنت السدس ولألخت‬
‫الشقيقة السدس ومل يراع عدد البنات واألخوات الشقيقات‪.‬‬
‫‪-‬ومل يكن دقي ًقا يف توزيع اجيار العقار العائد للورثة وتركه لالتفاق بينهم أو لتنظيم‬
‫القانون‪.‬‬
‫‪-‬أرشد إىل استشارة حمامي أو خبري قانوين يف (‪ )4‬مسائل‪ ،‬وإىل علامء الدين يف (‪)4‬‬
‫أيضا‪.‬‬‫مسائل ً‬
‫الخاتمة‬
‫يف هناية مطاف هذه الرحلة البحثية املوجزة توصلنا إىل اآليت‪:‬‬
‫إن توظيف التقنيات والربجميات يدخل يف باب تسخري اهلل تعاىل املوجودات‬ ‫‪ّ -‬‬
‫يف األرض والسامء‪ ،‬خلدمة اإلنسان وتيسري تلبية احتياجاته املادية واملعرفية‪،‬‬
‫والسعي لتوظيفها يف حتصيل املعارف‪.‬‬
‫‪-‬املقصود باإلفتاء االفرتايض عرب تقنية الذكاء االصطناعي‪ ،‬هو‪ :‬حتصيل املستفتي‬
‫اجلواب عن مسألة رشعية عرب التواصل مع برجميات أو تطبيقات رقمية هلا‬
‫القدرة عىل التفكري الفائق‪ ،‬وحتليل البيانات وإعطاء نتيجة حمددة بصورة مبارشة‬
‫أو عرب وسيط متخصص باإلخبار عن احلكم الرشعي‪.‬‬
‫إن مرشوعية توظيف أجهزة الذكاء االصطناعي تستند إىل النصوص الرشعية يف‬ ‫‪ّ -‬‬
‫التعاطي املعريف مع غري البرش واالعتداد هبا يف بناء أحكام تكليفية‪.‬‬
‫‪-‬وهذه املرشوعية تدعو الدول اإلسالمية إىل بذل مزيد من العناية بامتالك ناصية‬
‫علم الربجميات والتطبيقيات اإللكرتونية‪.‬‬
‫‪-‬يمكن اعتامد املستفتي عىل التعامل مع أجهزة الذكاء االصطناعي يف تلقي اإلجابة‬
‫عن املسائل التي ال تتطلب فقه التنزيل والنظر واالستفصال ومراعاة احلال‪.‬‬
‫‪-‬يمكن للمفتي االستعانة بأجهزة الذكاء االصطناعي يف االحاطة باملسألة التي‬
‫اختزااًل للوقت واجلهد‪ ،‬وقد يعتمد اجلواب إن كان مستوف ًيا أو‬‫ً‬ ‫تعرض عليه؛‬

‫‪43‬‬
‫تفصياًل أو ً‬
‫تنزياًل حلالة خاصة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫البناء عليه إن تطلب‬
‫‪-‬استطاعت بعض املؤسسات اإلفتائية توظيف تقنية الذكاء االصطناعي يف تقديم‬
‫الفتاوى واألجوبة الرشعية والسيام بعد جائحة فايروس كورونا‪.‬‬
‫‪-‬يف اجلانب التطبيقي مل تكن بعض أجوبة تطبيق (‪ )chat gpt-4‬صحيحة وبعضها‬
‫غري مستوفية للسؤال‪ ،‬وأخطأ يف مسائل املواريث‪ ،‬ومل تكن األجوبة موحدة عند‬
‫إعادة توجيه األسئلة نفسها إليه بعد مدة‪ ،‬وتباينت طبيعة أجوبته مرة بلغة رشعية‬
‫وأخرى بلغة قانونية‪ ،‬ونصح باستشارة فقهاء وخرباء بالقانون‪.‬‬
‫‪-‬بسبب عدم الدقة يف أجوبته الرشعية‪ ،‬ال يمكن االعتامد كل ًيا من قبل املستفتني‬
‫عىل خمرجات هذا التطبيق يف هذه املرحلة يف اإلفتاء الرشعي‪ ،‬ويمكن حاليا‬
‫اإلفادة منه من قبل املفتني املؤهلني وطالب العلم املتقنني‪.‬‬
‫‪ -‬توصية املجامع الفقهية ودور اإلفتاء املعتمدة برضورة توظيف التقنيات‬
‫املعارصة يف تسهيل عملها‪ ،‬وجعل مراكز لتطوير مهارات املفتني والعاملني فيها‬
‫يف جمال التعامل مع هذه التقنيات‪.‬‬
‫‪-‬توصية كليات التكنولوجيا يف دولنا العربية واإلسالمية إىل تبني مشاريع تطبيقية‬
‫يف تصميم برامج تقنية يف جمال اإلفتاء وتعليم العلوم الرشعية‪ ،‬واتقاهنا‪.‬‬
‫‪-‬التوصية بالسعي اجلاد لتصميم وبرجمة تطبيق (‪ )chat‬خاص باألحكام الرشعية‪،‬‬
‫وتتم برجمته وتغذية ذاكرته باملصادر الرشعية وموسوعات اإلفتاء وبرامج‬
‫وختصصا يف اإلفتاء الرشعي‪ ،‬ويمكن‬ ‫ً‬ ‫املواريث والزكاة لتكون خمرجاته أكثر دقة‬
‫أن تكون متخصصة بباب واحد من الفقه والسيام باملالية واملرصفية اإلسالمية‪.‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪..‬‬

‫‪44‬‬
‫الملحق‪ :‬نماذج من أجوبة (‪)CHAT GPT-4( )1‬‬

‫‪45‬‬
46
‫نماذج من أجوبة (‪)CHAT GPT-4( )2‬‬
‫س‪ :1‬يل أعامل مع بعض الدوائر احلكومية‪ ،‬وإذا مل يأخذ املوظف رشوة فإنه يعطل‬
‫أعاميل‪ ،‬فهل جيوز يل أن أعطيه رشوة ؟‪.‬‬

‫س‪ :3‬إن زوجها يعمل يف البنك وتسأل هل املعاش ‪ -‬الراتب ‪ -‬حالل أم حرام؟ وهل‬
‫وضع األموال يف البنوك بدون أخذ الفائدة جيوز أم ال؟‬

‫س ‪ :7‬تويف وله زوجة وله ابن وبنت وأم وأب‪ ،‬كيف يتم تقسيم املنزل املوروث‬
‫والسيارة ؟‬

‫‪47‬‬
‫س‪ :10‬ما احلكم الرشعي يف بيع ورشاء العقارات يف العامل االفرتايض (امليتافريس)؟‬

‫‪48‬‬
‫المصادر والمراجع‬

‫الكتب‬
‫‪1‬آداب الفتوى واملفتي واملستفتي‪ ،‬أبو زكريا حميي الدين حييى بن رشف النووي‬ ‫‪.‬‬
‫(املتوىف‪676 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬بسام عبد الوهاب اجلايب‪ ،‬دار الفكر – دمشق‪ ،‬ط‪/1‬‬
‫‪.1988‬‬
‫‪2‬إرشاد العقل السليم إىل مزايا الكتاب الكريم‪ ،‬أبو السعود العامدي حممد بن‬ ‫‪.‬‬
‫حممد بن مصطفى (املتوىف‪982 :‬هـ)‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب – بريوت‪.‬‬
‫‪3‬إعالم املوقعني عن رب العاملني‪ ،‬حممد بن أيب بكر ابن قيم اجلوزية (املتوىف‪:‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪751‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبد السالم إبراهيم‪ ،‬دار الكتب العلمية – بريوت‪،‬‬
‫ط‪1411 /1‬هـ ‪1991 -‬م‪.‬‬
‫‪4‬البحث اإلعالمي‪ ،‬د‪ .‬السيد أمحد مصطفى‪ ،‬مكتبة الفالح‪ -‬الكويت‪ ،‬ط‪/ 2‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪5‬البحر املحيط يف أصول الفقه‪ ،‬بدر الدين حممد بن عبد اهلل بن هبادر الزركيش‬ ‫‪.‬‬
‫(املتوىف‪794 :‬هـ)‪ ،‬دار الكتبي‪ ،‬ط‪1414 /1‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫‪6‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬حممد مرتىض الزبيدي(ت‪1205‬هـ)‪،‬‬ ‫‪.‬‬
‫جمموعة حمققني‪ ،‬احياء الرتاث‪ ،‬مطبعة حكومة الكويت‪ ،‬ط‪.2‬‬
‫‪7‬تفسري ابن كثري(تفسري القرآن العظيم)‪ ،‬أبو الفداء إسامعيل بن عمر بن كثري‬ ‫‪.‬‬
‫القريش الدمشقي (ت‪ 774‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬سامي بن حممد سالمة‪ ،‬دار طيبة للنرش‬
‫والتوزيع‪ -‬الرياض‪ ،‬ط‪1420 /2‬هـ ‪ 1999 -‬م‪.‬‬
‫‪8‬تفسري البيضاوي (أنوار التنزيل وأرسار التأويل)‪ ،‬نارص الدين عبد اهلل بن عمر‬ ‫‪.‬‬
‫بن حممد البيضاوي (املتوىف‪685 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبد الرمحن املرعشيل‪ ،‬دار‬
‫إحياء الرتاث العريب – بريوت‪ ،‬ط‪ 1418 /1‬هـ‪.‬‬
‫‪9‬تفسري القرطبي(اجلامع ألحكام القرآن)‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن أيب‬ ‫‪.‬‬
‫بكر القرطبي (ت ‪ 671‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬هشام سمري البخاري‪ ،‬دار عامل الكتب ‪-‬‬

‫‪49‬‬
‫الرياض ط‪ 1423 /1‬هـ‪ 2003 -‬م‪.‬‬
‫ ‪10.‬هتذيب اللغة‪ ،‬أبو منصور حممد بن أمحد األزهري اهلروي‪( ،‬املتوىف‪370 :‬هـ)‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد عوض مرعب‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب – بريوت‪ ،‬ط‪2001 /1‬م‪.‬‬
‫ ‪11.‬التوقيف عىل مهامت التعاريف‪ ،‬زين الدين حممد عبد الرؤوف بن تاج العارفني‬
‫احلدادي املناوي (املتوىف‪1031 :‬هـ)‪ ،‬عامل الكتب ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ط‪1990 /1‬م‪.‬‬
‫ ‪12.‬الذكاء االصطناعي‪ :‬ثورة يف تقنيات العرص‪ ،‬د‪ .‬عبد اهلل موسى‪ ،‬د‪ .‬أمحد حبيب‪،‬‬
‫املجموعة العربية للتدريب والنرش‪ -‬القاهرة‪ ،‬ط‪.2019 /1‬‬
‫ ‪13.‬سنن أيب داود‪ ،‬أبو داود سليامن بن األشعث بن إسحاق بن بشري بن شداد بن‬
‫عمرو الس ِجستاين (ت‪275‬هـ)‪ ،‬حتقيق شعيب األرنؤوط ‪ -‬حمَمد ِ‬
‫كامل قره‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ْ‬
‫بليل‪ ،‬دار الرسالة العاملية‪ ،‬ط‪ 1430 ،1‬هـ ‪ 2009 -‬م‪.‬‬
‫ ‪14.‬رشح رياض الصاحلني‪ ،‬الشيخ حممد بن صالح العثيمني‪ ،‬دار الوطن – الرياض‪،‬‬
‫طبعة ‪.1426‬‬
‫ ‪15.‬رشح الزرقاين عىل املواهب اللدنية باملنح املحمدية‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن عبد‬
‫الباقي الزرقاين املالكي (املتوىف‪1122 :‬هـ)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ -‬بريوت‪ ،‬ط‪/1‬‬
‫‪1996‬م‪.‬‬
‫ ‪16.‬صحيح البخاري (اجلامع املسند الصحيح املخترص من أمور رسول اهلل وسننه‬
‫وأيامه)‪ ،‬حممد بن إسامعيل أبو عبداهلل البخاري اجلعفي (ت‪256‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫مصطفى ديب البغا‪ ،‬دار ابن كثري‪ ،‬والياممة – بريوت‪ ،‬ط‪1987 – 1407 /3‬م‪.‬‬
‫ ‪17.‬صحيح مسلم (اجلامع الصحيح املخترص بنقل عدل عن عدل إىل رسول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وسلم)‪ ،‬أبو احلسني مسلم بن احلجاج بن مسلم القشريي‬
‫النيسابوري (ت‪261‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار اجليل ودار األفاق‬
‫اجلديدة بريوت‪.‬‬
‫احلراين احلنبيل‬
‫ ‪18.‬صفة الفتوى واملفتي واملستفتي‪ ،‬أبو عبد اهلل أمحد بن محدان ّ‬
‫(املتوىف‪695 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد نارص الدين األلباين‪ ،‬املكتب اإلسالمي –‬
‫بريوت‪ ،‬ط‪.1397 /3‬‬

‫‪50‬‬
‫ ‪19.‬العني‪ ،‬اخلليل بن أمحد الفراهيدي البرصي (املتوىف‪170 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬د مهدي‬
‫املخزومي‪ ،‬د إبراهيم السامرائي‪ ،‬دار ومكتبة اهلالل‪-‬القاهرة‪.‬‬
‫ ‪20.‬لسان العرب‪ ،‬مجال الدين حممد بن مكرم بن منظور املرصي (ت‪711‬هـ)‪ ،‬دار‬
‫الفكر ودار صادر – بريوت‪ ،‬د‪ .‬ط – د‪ .‬ت‪.‬‬
‫ ‪21.‬املستدرك عىل الصحيحني‪ ،‬أبو عبد اهلل احلاكم حممد بن عبد اهلل بن حممد بن‬
‫محدويه بن نُعيم بن احلكم الضبي الطهامين النيسابوري املعروف بابن البيع (ت‬
‫‪405‬هـ)‪ ،‬تعليق اإلمام الذهبي شمس الدين أبوعبد اهلل حممد بن أمحد بن عثامن‬
‫بن َقا ْيامز(ت ‪748‬هـ‪ ،)،‬حتقيق‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية –‬
‫بريوت ط‪.1990 – 1411 /1‬‬
‫ ‪22.‬املستصفى‪ ،‬أبو حامد حممد بن حممد الغزايل (املتوىف‪505 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبد‬
‫السالم عبد الشايف‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1413 /1‬هـ ‪1993 -‬م‪.‬‬
‫ ‪23.‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل(‪241‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وآخرون‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ -‬بريوت‪ ،‬ط‪1420 /2‬هـ‪1999 ،‬م‪.‬‬
‫ ‪24.‬معاين القرآن وإعرابه‪ ،‬إبراهيم بن الرسي بن سهل‪ ،‬أبو إسحاق الزجاج (املتوىف‪:‬‬
‫‪311‬هـ)‪ ،‬عامل الكتب – بريوت‪ ،‬ط‪ 1408 /1‬هـ ‪ 1988 -‬م‪.201 /3 ،‬‬
‫ ‪25.‬معجم اللغة العربية املعارصة‪ ،‬د‪ .‬أمحد خمتار عمر‪ ،‬عامل الكتب‪ -‬القاهرة‪ ،‬ط‪/1‬‬
‫‪.818- 817/1 ،2008‬‬
‫ ‪26.‬املعجم الوسيط‪ ،‬أمحد حسن الزيات وآخرون‪ ،‬دار الدعوة‪ -‬اسطنبول‪ ،‬طبعة‬
‫‪.1989‬‬
‫ ‪27.‬معجم لغة الفقهاء‪ ،‬د‪ .‬حممد رواس قلعه جي‪ ،‬د‪ .‬حامد صادق قنيبي‪ ،‬ود‪ .‬قطب‬
‫مصطفى سانو‪ ،‬دار النفائس‪ -‬بريوت‪ ،‬ط‪2006 /2‬م‪.‬‬
‫ ‪28.‬معجم مصطلحات الدعوة واإلعالم اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬طه الزيدي‪ ،‬عامن – دار‬
‫النفائس‪ ،‬ط‪.2010 /1‬‬
‫ ‪29.‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكريا (ت‪395‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫أنس حممد الشامي‪ ،‬دار احلديث – القاهرة‪ ،‬ط‪2008/1‬م‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫ ‪30.‬مقدمة يف احلاسب اآليل وتقنية املعلومات‪ ،‬طارق بن عبد اهلل الشدي‪ ،‬دار الوطن‬
‫للنرش‪ -‬الرياض‪ ،‬ط‪1416 /2‬هـ‬
‫ ‪31.‬املكتبة الشاملة –االصدار اجلديد ‪1443‬هـ‪ ،‬اعداد مركز الدراسات اإلسالمية‬
‫بجامعة أم القرى‪ ،‬ارشاف د‪ .‬أمل بنت عبد اهلل املرشد‪ ،‬رجب ‪.1443‬‬
‫ ‪32.‬مواهب اجلليل يف رشح خمترص خليل‪ ،‬شمس الدين حممد بن حممد بن عبد‬
‫الرعيني املالكي (املتوىف‪954 :‬هـ)‪ ،‬دار‬
‫الرمحن املغريب‪ ،‬املعروف باحلطاب ُّ‬
‫الفكر‪ -‬بريوت‪ ،‬ط‪1992 /3‬م‪.‬‬
‫ ‪33.‬مؤمتر الفتوى واسترشاف املستقبل جامعة القصيم‪ -‬جمموعة ابحاث – نسخة‬
‫إلكرتونية‪.‬‬
‫ ‪34.‬نموذج الذكاء االصطناعي (‪ )chat gpt‬وحوار افرتايض حول البناء الشخيص‬
‫وتطوير الذات‪ ،‬د‪ .‬سيف يوسف السويدي ود‪ .‬ماجد بن حممد اجلهني‪،‬‬
‫اصدارات منصة اريد العلمية‪ ،‬دار االصالة للنرش والتوزيع‪ -‬اسطنبول‪ ،‬ط‪/1‬‬
‫‪.2023‬‬
‫املجالت‪:‬‬
‫‪1 .‬جملة دراسات املستقبل الصادرة عن مركز املستقبل لألبحاث والدراسات‬
‫املتقدمة‪.‬‬
‫‪2 .‬جملة الوعي اإلسالمي‪.‬‬
‫‪3 .‬جملة كلية الرشيعة والقانون‪ -‬دقهلية‪.‬‬
‫المواقع والصفحات اإللكترونية‬
‫‪1 .‬صفحة فيس بوك رشكة الرتاث للربجميات‪https://www.facebook.com/ :‬‬
‫‪alturath.centre‬‬
‫‪2‬موقع العني اإلخبارية‪/https://al-ain.com :‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪3‬موقع رشكة اوركل‪./https://www.oracle.com :‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪4‬موقع اإلسالم سؤال وجواب‪.https://islamqa.info/ar :‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪5‬موقع اإلسالم ويب (‪.)www.islamweb.net‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪52‬‬
/https://www.emaratalyoum.com :‫موقع االمارات اليوم‬6 .
/https://www.shorouknews.com :‫موقع جريدة الرشوق‬7 .
.https://dar-alifta.org :‫موقع دار اإلفتاء االردنية‬8 .
.rattibha.com :‫موقع رابطة‬9 .
/https://ar.wikipedia.org )‫موقع ويكيبيديا (املوسوعة احلرة‬10.

53
‫دور تقنية (‪)ChatGPT-4‬‬
‫فــي صناعــــة الــفتـــــوى‬
‫إعداد‪ /‬د‪.‬مراد بوضاية‬
‫عضو هيئة التدريس – كلية الرشيعة – جامعة قطر‬
‫ملخص البحث‬
‫هتدف هذه الورقة إىل بيان حقيقة تقنية (‪ )ChatGPT-4‬وحتديد أثرها ودورها يف صناعة‬
‫الفتوى من خالل حماور ثالث هي مباحث الورقة‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬حقيقة وآلية عمل تقنية (‪)ChatGPT-4‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬قياس مدى كفاءة (‪ )ChatGPT-4‬يف اجلواب عن االستفسارات الرشعية‬
‫املبحث الثالث‪ :‬مرتبة (‪ )ChatGPT-4‬يف صناعة الفتوى‬
‫وملعاجلة ذلك ُُو ّّظف املنهجني الوصفي والتحلييل لكفاءة املنهجني يف عرض املفاهيم‬
‫وتقريرها ومن ثم حتريرها‪.‬‬
‫وقد خلصت الورقة إىل عدد من النتائج أمهها أن تقنية (‪ )ChatGPT-4‬غري قادة عىل‬
‫جتسيد دور املفتي العتبارات عدة من أمهها عدم ِِكفاية املدخالت وضعف املحتوى‬
‫العريب‪.‬‬
‫ومن أهم التوصيات‪ :‬رضورة عقد رشاكات مع اجلهات املختصة الستحداث برنامج‬
‫يف الفتوى ويف العلوم الرشعية‪.‬‬ ‫رديف يتم من خالله االستفادة من تقنية ‪ChatGPT‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ ChatGPT :‬ـ الفتوى ـ إسالم ويب ـ اإلسالم سؤال وجواب‪.‬‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫مقدمة‬
‫احلمد هلل والصالة والسالم عىل رسول اهلل وآله وصحبه أمجعني‪ ،‬وبعد؛‬
‫فتقنية ‪ ChatGPT‬من بني تطبيقات الذكاء االصطناعي التي حظيت باهـتامم اخلـــاص‬
‫والعــام‪ ،‬لدخوهلا يف كافة جماالت احلياة وعديد التخصصات العلمية‪ ،‬ومن بني‬
‫املجاالت املعنية هبذه التقنية الفتاوى واألحكام الرشعية‪ ،‬وهذه الورقة البحثية تأيت‬
‫لتحديد دور تقنية ‪ ChatGPT‬يف صناعة الفتوى‪ .‬ملا للفتوى من مكانة وأثر يف حياة الفرد‬
‫واملجتمع‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫تتمحور إشكالية البحث حول السؤال اجلوهري والرئيس اآليت‪:‬‬
‫ما مدى قدرة ‪ ChatGPT‬عىل القيام بدور املفتي؟‬

‫الهدف الرئيس من الورقة‪:‬‬


‫ـ بيان مرتبة وحمل ‪ ChatGPT‬يف فضاء اإلفتاء‪.‬‬
‫ّ‬
‫الّدراسات السابقة‪:‬‬
‫مل أقف ‪ -‬يف حدود اطالعي – عىل دراسة تناولت موضوع البحث بنفس الطريقة املقررة‬
‫يف هذه الورقة‪ ،‬ولكن هناك دراسات كثرية عن ‪ ChatGPT‬بسياقات متنوعة ذات صلة‬
‫أّي دراسة‪ ،‬ال ّّلهم إال‬
‫بقضايا مالية وقانونية‪ ،‬أما جانب الفتوى الرشعية فلم أقف عىل ّ‬
‫ما كتبه الدكتور عمر بن إبراهيم املحيميد يف بحثه املوسوم بـ‪ :‬الذكاء االصطناعي وأثره‬
‫يف صناعة الفتوى‪ ،‬وهو بحث ق ّّيم يف بابه‪ ،‬والدكتور أيمن بن سليم العويف يف دراسته‬
‫املوسومة‪ :‬الذكاء االصطناعي وأثره يف جمال البحث العلمي يف علم احلديث النبوي‬
‫أنموذًجا «دراسة وصفية»‪.‬‬
‫ً‬ ‫برنامج ‪ChatGPT‬‬

‫هيكل البحث‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬حقيقته ‪ )ChatGPT‬وآلية عمله‬
‫املطلب األول‪ :‬حقيقة (‪)ChatGPT‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬آلية عمل (‪)ChatGPT 4‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬قياس مدى كفاءة (‪ )ChatGPT 4‬يف اجلواب عن االستفسارات الرشعية‬
‫املطلب األول‪ :‬املحاورة التأصيلية‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املحاورة التطبيقية‬
‫املبحث الثالث‪ :‬مرتبة (‪ )ChatGPT 4‬يف صناعة الفتوى‬

‫هذا واهلل املوفق‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬حقيقة (‪ )ChatGPT‬وآلية عمله‬

‫المطلب األول‪ :‬حقيقة (‪)ChatGPT‬‬


‫لفظة‪ )ChatGPT( :‬مركبة من مقطعني‪:‬‬
‫وتعني‪ :‬املحادثة‬ ‫األول‪Chat:‬‬
‫أما ال ّّثاين فلفظة‪ GPT :‬وهي اختصار لـ (‪)generative pre-trained transformer‬‬
‫ومعناها‪ :‬حمول توليدي مدرب مسب ًًقا‪.‬‬
‫(‪Generative artificial‬‬ ‫وهذه التقنية من النامذج تسمى بالذكاء االصطناعي التوليدي‬
‫‪ ،)intelligence‬إذ تعتمد عىل بنية املحوالت التوليدية بحيث تتعلم كيفية بناء املعلومات‬
‫اجلديدة من البيانات السابقة‪ ،‬سواء كان نصا أم صورة أم نحومها(((‪.‬‬
‫املدّربة مسبقا (‪ )GPT‬اخلاصة بـ‪OpenAI :‬؛ هو‪:‬‬
‫ومن إصدارات املحوالت الّتّوليدية ّ‬
‫(‪ )GPT 4‬الذي أطلقته الرشكة يف مارس ‪2023‬م‪ ،‬وقد سبقه اإلصدار األول عام ‪2018‬‬
‫والثاين (‪2019 )GPT 2‬م‪ ،‬والثالث (‪ )GPT 3‬عام ‪2020‬م‪.‬‬
‫واإلصدار الرابع (‪ - )4GPT‬كام تقول الرشكة املصممة له‪ : -‬يفوق اإلصدارات‬
‫السابقة من حيث الدقة وحتسني األداء‪ ،‬إذ منحته تقنية التعلم العميق القدرة الكبرية‬
‫عىل فهم وإنشاء النصوص وحتليلها ومن ثم إعطاء استنتاجات وقرارات حتاكي صنيع‬
‫اإلنسان(((‪.‬‬
‫وقد عرفته الرشكة املصممة له (‪ )OpenAI‬بأّنّه‪:‬‬
‫«نموذج كبري ومتعدد الوسائط يقبل مدخالت كافة النصوص والصور ومن ثم يقوم‬
‫بإنشاء خمرجات نصية»(((‪.‬‬
‫واعرتفت رشكة (‪ )OpenAI‬بأنه أقل قدرة من البرش يف عديد املسارات ولكنها أشارت‬
‫إىل أّنّه حيقق أدا ًًء أعىل يف املؤرشات املهنية واألكاديمية‪ ،‬وذكرت يف موقعها بعض‬
‫((( ينظر‪. https://ar.martech.zone/acronym/gpt :‬‬
‫((( املصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬ينظر املوقع الرسمي للرشكة‪.)https://openai.com/research/gpt-4( :‬‬

‫‪58‬‬
‫املحددات التي تعني عىل التصور الصحيح ملاهيته(((‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آلية عمل (‪)ChatGPT 4‬‬


‫أفضل طريقة عملية ملعرفة آلية عمل (‪ )ChatGPT 4‬هو طرح السؤال عىل نفس‬
‫الربنامج لنرى مدى قدرته عىل التعريف بنفسه وحتديد طريقة عمله‪ ،‬وقد تم طرح‬
‫السؤال اآليت(((‪:‬‬

‫ما آلية عملك؟‬


‫فكان جواب (‪ )ChatGPT 4‬كاآلتي(((‪:‬‬
‫«آلية عميل تعتمد عىل نامذج الذكاء االصطناعي التي تدربت عليها رشكة ‪ OpenAI‬أنا‬
‫مبني عىل تقنية‪:‬‬
‫(‪ ،GPT )generative pre-trained transformer‬وهي تقنية تستخدم شبكات عصبية‬
‫عميقة لفهم اللغة الطبيعية وإنتاج نصوص مقنعة وذات صلة مما يطلب منها‪ .‬إليك‬
‫نظرة عامة عىل كيفية عميل‪:‬‬

‫‪1‬ـ التدريب المسبق‪:‬‬


‫يتم تدريبي عىل كميات هائلة من الّنّصوص من االنرتنت خالل هذه العملية أتعلم‬
‫اللغة‪ ،‬البنية النحوية‪ ،‬املعلومات العامة‪ ،‬وأنامط النصوص املختلفة‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ التعلم العميق‪:‬‬


‫استخدم شبكات عصبية عميقة لفهم السياق والعالقات بني الكلامت واجلمل‪ ،‬هذا‬
‫يسمح بإنتاج ردود تبدو طبيعية ومتسقة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ التوليد‪:‬‬
‫عندما تطرح سؤاال أو طلبا استخدم ما تعلمته لتوليد إجابة مفصلة‪ ،‬أقوم بتحليل‬
‫((( ينظر املصدر نفسه‪.‬‬
‫((( اجلواب من إصدار (‪ ،)TPG 4‬ينظر امللحق (‪.)1‬‬
‫((( مل أتدخل يف صياغة جوابه بأي شكل من أشكال‪ ،‬فهو بحرفه ولفظه‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الطلب وأبحث يف قاعدة املعارف التي تعلمتها لتقديم رد يتوافق مع ما يطلب‬

‫‪ 4‬ـ التحديث المستمر‪:‬‬


‫عىل الرغم من أين ال أتعلم أو أحدث معلومات يف الوقت الفعيل‪ ،‬فإن ‪ OpenAI‬تواصل‬
‫حتديث النامذج والبيانات التي أتدرب عليها مما يسمح يل بتحسني األداء والدقة‬

‫‪ 5‬ـ التفاعلية‪:‬‬
‫أستطيع التفاعل مع املستخدمني بطريقة تبادلية حيث يمكنني اإلجابة عىل األسئلة‬
‫وإنشاء نصوص‪ ،‬وترمجة اللغات‪ ،‬والقيام بمهام خمتلفة استنادا إىل الطلبات‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ السياسات والقواعد‪:‬‬


‫أتبع جمموعة من السياسات والقواعد لضامن تقديم معلومات مفيدة ومسؤولة مع‬
‫احلفاظ عىل خصوصية وأمان املستخدمني‪.‬‬
‫هذه اآللية جتعلني قادرا عىل مساعدتك يف جمموعة واسعة من املواضيع واملهام بشكل‬
‫فعال»‪.‬‬
‫فحاصل آلية عمل (‪ )ChatGPT 4‬يتمثل أساسا يف معاجلة اللغات الطبيعية باستخدام‬
‫خوارزميات تقنية الّتّعلم العميق من خالل خطوات إجرائية‪:‬‬
‫تبدأ بتلقي االستفسار (املدخالت النصية ونحوها) وحتليله وفق سياقه ونوعه‪ ،‬بناء عىل‬
‫البيانات املخزنة التي تدرب عليها‪ ،‬وهي املصدر األساس ملعلوماته بضميمة التفاعل‬
‫مع املستخدمني‪.‬‬
‫وانتهاء بتوليد وإنتاج إجابات من البيانات السابقة متسقة تتناسب مع املطلوب من‬
‫االستفسار(((‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬قياس مدى كفاءة (‪ )ChatGPT 4‬في الجواب عن االستفسارات الشرعية‬
‫أّن تقنية (‪ )ChatGPT 4‬مبنية عىل استخدام شبكات عصبية عميقة لفهم ال ّّلغة‬ ‫تقدم ّ‬
‫الطبيعية وتوليد إجابات من البيانات السابقة متسقة مع املطلوب من االستفسار‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬فريق الذكاء االصطناعي بمخترب التطوير التقني بدائرة اخلدمات الرقمي‪ ،‬دليل استخدام برنامج الذكاء االصطناعي ‪ - ChatGPT4‬نسخ(‪)A‬‬
‫فئة القيادات اإلدارية والتنفيذية‪ ،‬سلطنة عامن وزارة الرتبية والتعليم‪ ،‬املديرية العامة لتقنية املعلومات‪ ،‬مايو ‪ 2023‬م) ص‪.2 :‬‬

‫‪60‬‬
‫فهو من تطبيقات الذكاء االصطناعي التوليدي التي هلا القدرة عىل صنع القرار بناء عىل‬
‫الكم اهلائل من املدخالت(((‪.‬‬
‫وملا كان الغرض بيان مدى قدرة (‪ )ChatGPT 4‬عىل تقمص دور املفتي كان البد من‬
‫قياس كفاءته يف اإلجابة عن األسئلة الرشعية‪.‬‬
‫وأفضل سبيل لقياس كفاءته هو حماورته مبارشة ملا تقدم يف بيان آلية عمله من أنه‬
‫يستخدم التعلم العميق والنهج التوليدي والتفاعل مع املستخدمني وهذه اخلواص‬
‫جمتمعة تؤهله لإلجابة عن األسئلة يف شتى املوضوعات بحسب البيانات املدرب عليها‬
‫مسبقا‪ ،‬وتتيح حماورته بشكل مبارش‪.‬‬
‫وللقيام هبذه املحاورة عقدت مطلبني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬تأصييل يف الفتوى‪ ،‬وأسئلة هذا املطلب تتعلق بمعنى الفتوى وحكمها ورشطها‬
‫وما يتصل به‪.‬‬
‫واآلخر‪ :‬تطبيقي ملوازنة أجوبته بأجوبة مواقع يف الشبكة العنكبوتية من خالل طرح‬
‫نفس السؤال يف ذات املوضوع‪.‬‬
‫وهذه املحاورة جمرد مؤرش مساعدة لقياس رتبة الكفاءة لدى ‪.ChatGPT‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المحاورة التأصيلية‬


‫هذه املحاورة هتدف لقياس مدى تطابق أجوبة (‪ )ChatGPT 4‬يف اجلانب التأصييل مع‬
‫املقرر يف كتب الفتوى‪ ،‬علام بأنني أورد نص أجوبة (‪ )ChatGPT 4‬بلفظه وحرفه دون‬
‫أدنى تدخل‪ ،‬ويف املالحق سأضع بعض النامذج‪ ،‬وهذا أوان الرشوع يف املحاورة‪:‬‬
‫الّسؤال ّ‬
‫األّول‪ :‬ما معنى الفتوى في الفقه اإلسالمي؟‪.‬‬ ‫ـ ّ‬
‫نص جواب‪.ChatGPT 4 :‬‬
‫«يف الفقه اإلسالمي‪ُُ ،‬يشري مصطلح «الفتوى» إىل اإلجابة عىل استفسار ديني أو سؤال‬
‫رشعي يطرحه فرد مسلم‪ .‬تكون الفتوى إعالًنًا رسم ًًيا يصدرها عامل دين مؤهل أو فقيه‪،‬‬
‫يقدم فيها رأ ًًيا دين ًًيا أو حكاًما رشع ًًيا بنا ًًء عىل النصوص الدينية والقوانني الرشعية»‪.‬‬

‫((( ينظر‪ :‬جامعة امللك عبدالعزيز ‪ ،‬مفاهيم حول الذكاء االصطناعي (سلسلة إثراءات‪ ،‬اإلصدار األول‪2441 ،‬هـ‪ )2202،‬ص‪.61،‬‬

‫‪61‬‬
‫هذا التوضيح ملصطلح الفتوى مقارب جدا ملا هو يف كتب الفقه واألصول(((‪ ،‬وإن مل‬
‫يكن تعريفا حديا بحيث حيقق داللة الفتوى اصطالحا‪ ،‬فهو بالتعبري الدقيق مفهوم ال‬
‫تعريف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الّسؤال الّثاني‪ :‬ما حكم الفتوى في الفقه اإلسالمي؟‪.‬‬
‫نص جواب‪.ChatGPT 4 :‬‬
‫«يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬ال يوجد «حكم» حمدد للفتوى ذاهتا‪ .‬الفتوى هي جمرد رأي ديني‬
‫أو إجابة رشعية ُتُصدرها شخصية دينية مؤهلة‪ ،‬مثل عامل دين أو فقيه‪ ،‬استنا ًًدا إىل األدلة‬
‫الرشعية والنصوص الدينية»‪.‬‬
‫وهذا اجلواب جمانب ملقصود السؤال وهلذا أعدت السؤال بصيغة أخرى وهي‪:‬‬
‫ما احلكم الرّشر عي للفتوى؟‬
‫فجاء جوابه عاما ليس فيه بيان للحكم الرشعي للفتوى وإنام وصفها بالصحة أو‬
‫الّشخص الذي‬ ‫الرفض أو كوهنا مرشوطة بحال معنّين عىل حّدّ تعبريه ثم أكّدّ عىل ّ‬
‫أّن ّ‬
‫يصدر الفتوى ينبغي أن يكون مؤهال‬
‫وهذا اجلواب والذي قبله موافق لطريقته يف التعاطي مع األسئلة عموما فهو غالبا ما‬
‫ُُيعنى بذكر املعاين العامة إال إذا ُُوجه توجيها حمددا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الّسؤال الّثالث‪ :‬هل باإلمكان أن تعمل كفتي؟‬
‫نص جواب‪.ChatGPT 4 :‬‬
‫«أنا هنا لتقديم املعلومات واملساعدة بنا ًًء عىل ما تم تدريبي عليه واملعلومات املتاحة لدي‬
‫حتى تاريخ آخر حتديث يف أبريل ‪ .2023‬ومع ذلك‪ ،‬جيب مالحظة أنني لست إنساًنًا وال‬
‫أملك القدرة عىل فهم أو تفسري النصوص الدينية بالطريقة التي يفعلها العلامء أو املفتون‬
‫املتخصصون يف الرشيعة اإلسالمية‪ .‬يمكنني تقديم معلومات عامة ومبادئ أساسية‬
‫متعلقة باإلسالم وف ًًقا ملا هو متاح يف املصادر املفتوحة‪ ،‬لكن ال ينبغي اعتبار ذلك بدي ً‬
‫ًال‬
‫عن استشارة عامل دين متخصص للحصول عىل إجابات دقيقة ومفصلة تتعلق بالفتاوى‬
‫أو التفسريات الدينية»‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬حممد يرسي إبراهيم‪ ،‬الفتوى أمهيتها ضوابطها أثارها (بحث مقدم لنيل جائز نايف بن عبد العزيز العاملية للسنة النبوية والدراسات اإلسالمية‬
‫املعارصة‪ ،‬الدورة الثالثة‪ ،‬ط‪ )2007/1:‬ص‪.29-26:‬‬

‫‪62‬‬
‫أّن املخرجات لديه مردها إىل كم ّّية‬ ‫ويوّضح ّ‬
‫ّ‬ ‫هذا اجلواب حيدد وظيفته ومرتبته‪،‬‬
‫ّرصح بأّنّه غري قادر عىل القيام بدور املفتي‪ّ ،‬‬
‫ألّن ما تم تدريبه عليه‬ ‫املدخالت ود ّّقتها‪ ،‬لذا ّ‬
‫واملعلومات املتاحة لديه ال متّكّنه من الّتّعاطي مع الّنّصوص الرّشر عية بالطريقة واملنهج‬
‫املقّرر يف أصول الفتوى‪ ،‬فجوابه فيه مراعاة خلصوصية مقام اإلفتاء‪ ،‬ولكنه استدرك بأن‬ ‫ّ‬
‫وظيفته األساس املساعدة يف تقديم معلومات عامة ومبادئ أساسية متعلقة باإلسالم‬
‫وفق البيانات املخزنة لديه‪.‬‬
‫الّرابع‪ :‬ما هي شروط اإلفتاء في اإلسالم؟‬ ‫ّ‬
‫الّسؤال ّ‬
‫جواب‪:ChatGPT 4 :‬‬
‫«يف اإلسالم‪ ،‬اإلفتاء هو عملية إصدار الفتوى‪ ،‬وهي رأي قانوين أو توجيه يف مسألة‬
‫دينية‪ .‬رشوط اإلفتاء مهمة لضامن أن يكون الرأي الذي ُُيقدم مبن ًًيا عىل فهم عميق‬
‫وصحيح للرشيعة اإلسالمية‪ .‬هناك عدة رشوط جيب توافرها يف املفتي‪ ،‬وتشمل اآليت»‬
‫ـ ثم رسدها ـ (‪.((1‬‬
‫وما ذكره من رشوط أغلبه صحيح مقرر يف كتب أصول الفتوى لكنه أدرج بعض‬
‫اآلداب كام فاته ذكر بعض الرشوط وهي املتفق عليها (اإلسالم والبلوغ والعقل)‪.‬‬
‫الّسؤال الخامس‪ :‬وهل هذه الشروط متوفرة فيك؟‬ ‫ّ‬
‫نص جواب‪:ChatGPT 4 :‬‬
‫«ال‪ ،‬هذه الرشوط ليست متوفرة ّّيف‪ .‬كنموذج لغوي صناعي تم تطويره بواسطة‬
‫‪ ،OpenAI‬أنا أفتقر إىل الوعي الذايت‪ ،‬الفهم العميق للنصوص الدينية‪ ،‬والقدرة عىل‬
‫االجتهاد والتقوى التي هي مطلوبة لإلفتاء يف اإلسالم‪ .‬بينام يمكنني تقديم معلومات‬
‫عامة استنا ًًدا إىل البيانات التي تم تدريبي عليها حتى نقطة معينة يف الزمن‪ ،‬ال يمكنني‬
‫استيعاب معلومات جديدة بعد ذلك الوقت‪ ،‬وال أملك القدرة عىل تفسري األحكام‬
‫الرشعية أو التعامل مع القضايا الفقهية املعقدة بالطريقة التي يفعلها العلامء املسلمون‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬من الرضوري استشارة عامل دين متخصص أو مفتي مؤهل للحصول عىل‬
‫إجابات دقيقة ومفصلة تتعلق بالفتاوى أو التفسريات الدينية»‪.‬‬

‫(‪ ((1‬ينظر امللحق رقم‪.2:‬‬

‫‪63‬‬
‫هذا اجلواب فيه تأكيد جلوابه السابق (السؤال الثالث) واعرتافه بخصوصية مقام‬
‫وأّن وظيفته بحسب ما درب عليه تقديم معلومات‬ ‫اإلفتاء‪ ،‬وأنه ليس مؤهال هلذه الرتبة ّ‬
‫عامة‪ ،‬كام علل عدم القدرة عىل الفتوى فيام يستجد بمحدودية البيانات باعتبار الزمن‪،‬‬
‫حيث ال يمكنه إدراك املسائل بعد آخر حتديث له‪.‬‬
‫الّسادس‪ :‬ما هي شروط الفتوى؟‬ ‫الّسؤال ّ‬
‫ّ‬
‫الّسؤال الرابع‪.‬‬‫هنا كرر ‪ ChatGPT 4‬اجلواب الذي ذكره آنفا يف ّ‬
‫الّسابع‪ :‬أنت ذكرت شروط المفتي ال شروط الفتوى‪ ،‬وسؤالي‬ ‫ُفُنبه إلى ذلك فكان ّ‬
‫الّسؤال ّ‬
‫عن شروط الفتوى فجاء نص جوابه‪.ChatGPT 4 :‬‬
‫«اعتذر عن اخللط بني الرشوط‪ .‬بالنسبة لرشوط الفتوى نفسها‪ ،‬والتي تتعلق بالعملية‬
‫واملحتوى‪ ،‬فهي تشمل العنارص التالية لضامن صحتها ومالءمتها»‪( .‬ثم عددها)(‪.((1‬‬
‫هذا االستدراك واالعتذار احلاصل منه دليل من أدلة اخللط يف األجوبة لديه وعدم‬
‫التفريق بني املصطلحات الدقيقة‪ ،‬وخاصة الرّشر عية‪ ،‬واجلواب من حيث هو‪ :‬ظاهره‬
‫أّن احلصول عىل اجلواب‬ ‫صحيح (أعني األول) ولكنه خمالف ملقصود السائل‪ ،‬مما يعني ّ‬
‫وّجهة وحمّدّ دة ُتُض ّّيق عليه االحتامالت‪،‬‬
‫الّسؤال بصورة ُُم ّ‬
‫املناسب يف حاجة لصياغة ّ‬
‫ولعل هذا من حماذير االعتامد عليه مطلقا يف االستفسارات‪ ،‬كام سيأيت بيانه ال حقا‪،‬‬
‫خاصة أن رشكة (‪ )OpenAI‬املصممة له اعرتفت بوجود مثل هذا األمر‪ ،‬وهي تسعى‬
‫جاهدة إلصالحه ما أمكن(‪.((1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المحاورة التطبيقية‬


‫اهلدف من هذه املحاورة قياس مدى تطابق أجوبة (‪ )ChatGPT 4‬مع أجوبة بعض الربامج‬
‫الّشبكة العنكبوتية من حيث آلية الفتوى نوع ًًا ال ك ًًام‪ ،‬من خالل طرح نفس ّ‬
‫الّسؤال‬ ‫يف ّ‬
‫الذي ُُطرح من قبل للموقع املعنّين مما يعني وجود اجلواب أصالة يف الفضاء الشبكي‪ ،‬وقد‬
‫تقدم أن هذا من مدخالت تقنية (‪ ،)ChatGPT 4‬وهنا أمور بني يدي املحاورة‪:‬‬

‫(‪ ((1‬ينظر‪ :‬امللحق رقم‪.:‬‬


‫(‪ ((1‬ينظر املوقع الرسمي للرشكة‪.)https://openai.com/research/gpt-4( :‬‬

‫‪64‬‬
‫‪1‬ـ اكتفيت بموقعني مها‪ :‬إسالم ويب(‪ ،((1‬واإلسالم سؤال وجواب(‪.((1‬‬
‫‪ 2‬ـ أغلب املسائل هي من باب املعامالت املالية‪.‬‬
‫الّسؤال الذي يطرح عىل (‪ )ChatGPT 4‬هو بحرفه ولفظه املطروح سابقا عىل‬
‫‪3‬ـ ّ‬
‫املوقعني‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أوردت نص جواب (‪ )ChatGPT 4‬بحرفه ولفظه ومل أتدخل يف النص بأي شكل‬
‫من األشكال‪.‬‬
‫الّسؤال وجوابه‬
‫‪ 5‬ـ عىل اهلامش األيرس لكل سؤال أضع (باركود) لالطالع عىل نص ّ‬
‫يف املوقع املحدد واملعني باملوازنة‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ أعلق بعد عرض كل جواب من (‪ )ChatGPT 4‬لبيان مدى حتقق ومطابقة آلية‬
‫الفتوى‪.‬‬
‫الّسؤال ّ‬
‫األّول‪ :‬من موقع إسالم ويب‪:‬‬ ‫ّ‬

‫الّسؤال‪ :‬ما رشعية رشاء البنك سيارة‪ ،‬وتقسيطها يل‪ .‬وذلك ضمن مرشوع قرض‬
‫نص ّ‬
‫السيارة‪ .‬مثل بنك العريب املتحد‪ ،‬أو البنك األهيل املرصى؟‬
‫نص جواب (‪ :)ChatGPT 4‬رشعية رشاء البنك سيارة ومن ثم تقسيطها للعميل ضمن‬
‫ما ُُيعرف بمرشوع قرض «السيارة تعتمد عىل طبيعة العقد وتفاصيله وف ًًقا للرشيعة‬
‫مباًحا رش ًًعا إذا كان يتوافق مع‬
‫اإلسالمية‪ .‬هذا النوع من املعامالت يمكن أن يكون ً‬
‫مبدأ «املرابحة لآلمر بالرشاء» يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬والذي يعترب أحد صيغ التمويل‬
‫اإلسالمي املقبولة‪.‬‬
‫يف صيغة املرابحة الرشعية‪ ،‬يقوم البنك برشاء السيارة بنا ًًء عىل طلب العميل ومن ثم‬
‫يبيعها له بسعر يتضمن هامش ربح متفق عليه مسب ًًقا‪ ،‬مع حتديد جدول زمني للسداد‪.‬‬
‫هناك عدة رشوط جيب توافرها لضامن رشعية هذه املعاملة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ اإلفصاح والشفافية‪ :‬جيب أن يتم اإلفصاح عن كافة تفاصيل املعاملة‪ ،‬بام يف ذلك‬
‫تكلفة السيارة األصلية‪ ،‬هامش الربح للبنك‪ ،‬والسعر اإلمجايل للبيع‪ ،‬وجدول السداد‪.‬‬

‫(‪ ((1‬ينظر‪.https://islamqa.info/en :‬‬


‫(‪ ((1‬ينظر‪.https://islamqa.info/en :‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ 2‬ـ تحديد السعر‪ :‬جيب أن يتم حتديد سعر البيع (سعر الرشاء باإلضافة إىل هامش‬
‫الربح) بشكل واضح وهنائي عند إبرام العقد وال جيوز تغيريه بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الملكية‪ :‬جيب أن يكون البنك مالًكً ا فعل ًًيا للسيارة قبل بيعها للعميل‪ ،‬مما يعني أن‬
‫البنك يتحمل خماطر السلعة حتى متام البيع‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ عدم وجود ربا‪ :‬جيب أن ال حتتوي املعاملة عىل أي شكل من أشكال الربا‪ ،‬سواء‬
‫كان ذلك من خالل زيادة يف السعر عند التأخري يف السداد أو أي شكل آخر من أشكال‬
‫الفائدة‪.‬‬
‫البنوك اإلسالمية وبعض البنوك التقليدية التي تقدم منتجات مالية متوافقة مع الرشيعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬مثل بنك العريب املتحد أو البنك األهيل املرصي‪ ،‬تصمم هذه املعامالت‬
‫بطريقة حترص عىل توافقها مع هذه الرشوط‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يبقى من املهم للعميل التأكد‬
‫من التفاصيل والرشوط املرتبطة بأي معاملة مالية لضامن توافقها مع مبادئه وقيمه‬
‫الشخصية والدينية‪.‬‬
‫للحصول عىل تقييم رشعي دقيق ملعاملة حمددة‪ُُ ،‬ينصح بالتشاور مع عامل دين متخصص‬
‫يف الفقه املايل اإلسالمي أو االستعانة باملشورة القانونية من مستشارين متخصصني يف‬
‫التمويل اإلسالمي»‪.‬‬
‫التعليق‪:‬‬
‫يف جواب ‪ ChatGPT 4‬متهيد للحكم بقوله‪ :‬احلكم يعتمد عىل طبيعة العقد‪ ،‬وهذا يف‬
‫حمله‪ ،‬وهو نفس التمهيد للحكم املذكور يف إسالم ويب‪ ،‬ولكن ‪ ChatGPT 4‬مل حيدد يف‬
‫اجلواب مناط احلكم املرتتب عىل مثل هذه الصيغة بام يفيد املستفتي ليتحقق له العمل‬
‫الّسائل‪ ،‬وإنام عدل عنه إىل فرض احتامل‪ ،‬وهو أن‬
‫بمقتىض اجلواب الذي هو املقصود ّ‬
‫تكون مباحة إذا اعتربت من املرابحة ثم اسرتسل يف بيان حقيقة بيع املرابحة ورشوطها‪.‬‬
‫وهذا خروج عن مقصود السؤال ومطلبه‪ّ ،‬‬
‫ألّن املستفتي يريد رفع اإلشكال الذي عرض‬
‫ّ‬
‫فكأّن املستفتي «إذا‬ ‫له‪ ،‬وقصده معرفة حكم الرشع يف املسألة للعمل بمقتضاه(‪،((1‬‬

‫(‪ ((1‬ينظر‪ :‬ابن القيم‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن أيب بكر ابن قيم اجلوزية‪ ،‬إعالم املوقعني عن رب العاملني‪ ،‬حتقيق مشهور بن حسن وغريه (دار ابن اجلوزي‪،‬‬
‫السعودية‪ ،‬ط‪1423/‬هـ) ج‪،6‬ص‪.76:‬‬

‫‪66‬‬
‫عرض نازلته عىل املفتي‪ ،‬يقول له أخرجني عن هواي ودلني عىل اتباع احلق»(‪ ،((1‬ويف‬
‫صيغة اجلواب أعاله ال يتحقق ذلك‪ .‬أما موقع إسالم ويب(‪ ،((1‬فالمس جوابه حاجة‬
‫السائل‪ ،‬حيث حّدّ د له حمل اجلواز املرشوط للعقد أي مناط اجلواز يف بيع التقسيط وهو‬
‫ملك البنك للسيارة أوال‪ ،‬ومن ثم بيعها له بالتقسيط دون اشرتاط غرامة تأخري‪ ،‬فهذه‬
‫اإلجابة حمققة ملقصود املستفتي بحيث جتعله ُُمدركا ملحل اجلواز من عدمه‪ ،‬ومتكّنّه من‬
‫العمل بمقتىض احلكم الرشعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الّسؤال الّثاني‪ :‬موقع‪ :‬اإلسالم سؤال وجواب‪.‬‬
‫الّسؤال‪ :‬أعمل بمؤسسة عمومية‪ ،‬قامت اخلدمات بعقد صفقة بني بنك السالم‬
‫نص ّ‬
‫ورشكة لبيع السيارات‪ ،‬فعرض علينا البنك خدماته بأننا ندفع له (‪ ،)%30‬وما تبقى من‬
‫قيمة السيارة يقسم عىل مخس سنوات‪ ،‬برشط كل سنة هناك نسبة تقدر بـ (‪ )%5‬من ثمن‬
‫السيارة‪ ،‬فسؤايل‪ :‬هل هذه املعاملة جائزة أم ال‪ ،‬واملعاملة تسمى تيسري بيع بالتقسيط؟‬
‫نص جواب‪.)ChatGPT 4( :‬‬
‫«لإلجابة عىل سؤالك حول جواز هذه املعاملة من الناحية الرشعية‪ ،‬يتوجب النظر يف‬
‫بعض األمور املهمة وفق ًًا للفقه اإلسالمي‪ ،‬خاص ًًة فيام يتعلق بمعامالت البيع والرشاء‬
‫والتقسيط‪ .‬املعاملة التي ذكرهتا تتضمن البيع بالتقسيط مع إضافة نسبة معينة كربح أو‬
‫فائدة سنوي ًًا‪.‬‬
‫يف اإلسالم‪ ،‬جيب أن تكون الرشوط واألحكام املتعلقة باملعامالت املالية واضحة‬
‫وحمددة منذ بداية االتفاق لتجنب الغرر (الغموض واخلداع) والربا (الفائدة أو الزيادة‬
‫املحرمة)‪ .‬الربا حمرم بشكل قاطع يف اإلسالم ويشمل أي نوع من الزيادة يف الدين مقابل‬
‫تأخري الدفع أو زيادة يف القيمة دون مقابل حقيقي أو خدمة‪.‬‬
‫البيع بالتقسيط يف حد ذاته مباح رشع ًًا إذا تم حتديد قيمة السلعة واألقساط ومدة السداد‬
‫بشكل واضح منذ البداية دون زيادة تتعلق بتأخري السداد‪ .‬مع ذلك‪ ،‬الزيادة السنوية‬

‫(‪ ((1‬الشاطبي‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي‪ ،‬املوافقات‪ ،‬حتقيق مشهور بن حسن تقديم‪ :‬بكر بن عبد اهلل أبو زيد (دار ابن عفان‪،‬‬
‫ط‪1417/1:‬هـ) ج‪ 5‬ص‪.97:‬‬
‫(‪ ((1‬ينظر‪ :‬الباركود أعاله املقابل للسؤال‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫بنسبة (‪ )%5‬التي ذكرهتا تثري بعض األسئلة‪ ،‬فإذا كانت هذه الزيادة تعترب فائدة عىل‬
‫املبلغ املتبقي وليست حمددة مسبق ًًا كجزء من القيمة اإلمجالية للسلعة يف بداية االتفاق‪،‬‬
‫فقد يرى بعض العلامء أن هذا يشكل نوع ًًا من الربا‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬هناك تفاصيل وظروف قد ختتلف فيها األحكام‪ ،‬والفقه اإلسالمي فيه‬
‫اجتهادات متعددة تعتمد عىل فهم النصوص الرشعية واملقاصد اإلسالمية‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫ُُينصح بالتشاور مع عامل دين موثوق به أو مؤسسة فقهية خمتصة لتقييم املعاملة بنا ًًء عىل‬
‫تفاصيلها الدقيقة ومدى توافقها مع الرشيعة اإلسالمية‪.‬‬
‫يف هناية املطاف‪ ،‬األهم هو احلرص عىل أن تكون املعامالت املالية واضحة‪ ،‬حمددة‪،‬‬
‫وخالية من الغرر والربا لضامن التوافق مع األحكام الرشعية»‪.‬‬
‫التعليق‪:‬‬
‫هذا اجلواب غري حمرر فيه نوع غموض وعدم وضوح بل خروج عن قصد‬
‫السائل‪ّ ،‬‬
‫ألّن اجلواب املقرتح من (‪ )ChatGPT 4‬يرتك السائل يف حرية من أمره‬
‫وال يمكنه من اختاذ قرار اإلقدام أو اإلحجام‪ ،‬إذ اجلواب عام مل حيدد له حكام‬
‫رشعيا حمررا وواضحا يبني عليه ااملستفتي قراره‪ ،‬وهو قصده من السؤال‪ ،‬ولذا‬
‫قرر العلامء أنه جيب عىل املفتي أن يبنّين احلكم بياًنًا مزياًلا لإلشكال متضمًنًا‬
‫(‪((1‬‬
‫لفصل اخلطاب كاف ًًيا يف حصول املقصود بحيث ال حيتاج معه إىل غريه»‬
‫أوال بعدم الفصل وحترير أصل اجلواب وثانيا )‪ ، (ChatGPT 4‬وهذا بخالف ما قرره‬
‫بإحالة املستفتي إىل أهل االختصاص‪ ،‬فلم يزل عنه اإلشكال‪ .‬وبالعكس متاما فإن‬
‫)‪(19‬‬
‫فيه توجيه اجلواب للغرض املقصود من جواب موقع اإلسالم جواب وسؤال‬
‫الفتوى وهو إعالم املستفتي باحلكم بام حيقق له العمل بمقتضاه‪ ،‬حيث بني له ّ‬
‫بأّن احلكم‬
‫يف هذه الصورة ال حرج فيه برشوط حددها بوضوح‪ ،‬واملستفتي بعد حتديد مناط احلكم‬
‫ورشط العمل مل يبق له سوى التحقق من الرشوط ليعمل بمقتىض اجلواز املقرر أو يرتك‬
‫املعاملة لفقدان الرشوط أو أحدها‪.‬‬

‫(‪ ((1‬ابن القيم‪ ،‬إعالم املوقعني ج‪،6‬ص‪.76:‬‬


‫(‪ ((1‬ينظر‪ :‬الباركود أعاله املقابل للسؤال‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الّسؤال الّثالث‪ :‬من موقع إسالم ويب‪.‬‬
‫نص ّ‬
‫الّسؤال‪ :‬أعمل عىل اإلنرتنت‪ ،‬فمن الطبيعي أن يكون تعاميل مع بنوك إلكرتونية‪.‬‬
‫املشكلة يف سحب املال عندي يف بلدي فمن أجل السحب ال بد من توافر بطاقة من‬
‫نوع فيزا‪ ،‬وحساب بنكي‪ ،‬فقمت بفتح حساب بنكي يف بنك ربوي؛ ألستفيد من خدمة‬
‫البطاقة‪ ،‬وللعلم عند التحويل هلذا البنك يصل املبلغ فورا‪ ،‬ويكون قابال لالستعامل‪،‬‬
‫ومن دون أي عمولة‪ .‬هنالك بنكان إسالميان متاحان‪ ،‬األول يأخذ عمولة‪ ،‬وعادة‬
‫تكون املدة من ‪ 3‬إىل ‪ 6‬أيام عمل؛ لتحصيل املبلغ‪ ،‬واآلخر يأخذ عمولة أكرب‪ ،‬ويكون‬
‫الوقت طويال مثل األول‪ .‬فام احلل مع البنك الربوي؟ هل أبقى أم ماذا؟ علام بأن‬
‫اإلجراءات يف البنوك اإلسالمية فيها نوع من التعقيد‪.‬‬
‫نص جواب‪.)ChatGPT 4( :‬‬
‫«تعاملك مع البنوك اإللكرتونية ومواجهة القيود املتعلقة بسحب األموال يف بلدك‬
‫يضعك يف وضع يتطلب النظر يف اخليارات املتاحة بام يتامشى مع مبادئك والرشيعة‬
‫اإلسالمية‪ .‬العمل مع بنك ربوي قد يكون مصدر قلق رشعي لك‪ ،‬وتفضيل البنوك‬
‫اإلسالمية يعكس حرصك عىل اتباع التعاليم اإلسالمية يف املعامالت املالية‪.‬‬
‫احللول املمكنة ملوقفك تتطلب التوازن بني اجلوانب العملية وااللتزام الديني‪ ،‬وهنا‬
‫بعض االقرتاحات‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ التحويل الداخلي‪ :‬إذا كان لديك أشخاص ثقة يمكنهم استقبال األموال يف‬
‫حساباهتم البنكية اإلسالمية ومن ثم تسليمها لك نقد ًًا أو عرب طرق أخرى‪ ،‬قد يكون‬
‫ًال أفضل‪.‬‬‫هذا خيار ًًا مؤقت ًًا حتى جتد ح ً‬
‫‪ 2‬ـ استشارة علمية‪ :‬البحث عن فتوى أو استشارة علامء دين متخصصني يف املعامالت‬
‫املالية اإلسالمية قد يوفر لك منظور ًًا رشعي ًًا واضح ًًا حول التعامل مع بنك ربوي يف‬
‫حالتك اخلاصة‪ .‬قد يرون أن هناك استثناءات جتيز استخدام البنك الربوي يف ظروف‬
‫معينة نظر ًًا للرضورة أو عدم توفر بدائل عملية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ استكشاف بنوك إسالمية دولية‪ :‬قد جتد بنوًكً ا إسالمية دولية تقدم خدمات إلكرتونية‬
‫وبطاقات فيزا يمكن‬

‫‪69‬‬
‫استخدامها يف بلدك‪ ،‬وقد توفر رشوط ًًا أفضل من البنوك املحلية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ التواصل مع البنوك اإلسالمية‪ :‬حماولة التفاوض مع البنوك اإلسالمية املحلية لربام‬
‫حتسني رشوط اخلدمة أو تقليل‬
‫العموالت ومدة التحويل بنا ًًء عىل حجم التحويالت أو االلتزام بعالقة طويلة األمد‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ التكنولوجيا المالية اإلسالمية‪ :‬البحث عن حلول التكنولوجيا املالية اإلسالمية‬
‫(‪ )Fintech‬التي تقدم خدمات‬
‫مالية متوافقة مع الرشيعة وقد تقدم بدائل عملية للتحديات التي تواجهها‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ التبرع بالفائدة الربوية‪ :‬إذا مل جتد بدائل عملية واضطررت للتعامل مع البنك الربوي‪،‬‬
‫فكر يف التربع بأي فوائد ربوية حتصل عليها من البنك إىل اجلمعيات اخلريية دون انتظار‬
‫أجر مقابل ذلك‪ ،‬كطريقة لتطهري األموال وفق ًًا لتوجيهات بعض العلامء‪.‬‬
‫من املهم مالحظة أن هذه االقرتاحات جيب أن ُتُفحص وُتُطبق بنا ًًء عىل توجيهات‬
‫رشعية واضحة من مصادر موثوقة وخمتصة يف الفقه اإلسالمي املايل»‪.‬‬
‫التعليق‪:‬‬
‫صيغة جواب (‪ )ChatGPT 4‬أقرب ما تكون للنصح واإلرشاد وتقديم بعض احللول‬
‫واملقرتحات؛ وهذا املسلك التوجيهي من مقتضيات الفتوى وقد قرر العلامء ّ‬
‫أّن من فقه‬
‫املفتي إذا «سأله املستفتي عن يشء فمنعه منه‪ ،‬وكانت حاجته ملحة وتدعوه إليه أن يدله‬
‫عىل ما هو عوض له منه»(‪((2‬؛ ويشهد هلذا املسلك قولهﷺ‪»:‬ما بعث اهَّلله من نبي إال كان‬
‫ح ًًقا عليه أن يدل أ ََّمته عىل خري ما يعلمه هلم‪ ،‬وينهاهم عن رش ما يعلمه هلم»(‪ ،((2‬ولكن‬
‫هذا يتحقق بعد حترير مقتىض الفتوى من حيث اجلواز أو املنع‪ ،‬وليس األمر كذلك يف‬
‫جواب (‪ )ChatGPT 4‬ألّنّه أطلق ومل حيرر مناط احلكم عىل جهة اخلصوص بالّنّسبة‬
‫للسائل وما تالبسه قضيته من اخلصوصيات‪.‬‬
‫أما موقع إسالم ويب(‪ ((2‬فجزم باحلكم دون تردد وهو منع التعامل مع البنوك الربوية‬

‫(‪ ((2‬ينظر‪ :‬ابن القيم‪ ،‬إعالم املوقعني ج‪،6‬ص‪.46:‬‬


‫(‪ ((2‬مسلم‪ ،‬أبو احلسني مسلم بن احلجاج القشريي النيسابوري‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي (مطبعة عيسى البايب احللبي ورشكاه‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط‪1374/1:‬هـ) يف (اإلمارة) باب وجوب الوفاء ببيعة اخللفاء األول فاألول رقم احلدي‪.1844 :‬‬
‫(‪ ((2‬ينظر‪ :‬الباركود أعاله املقابل للسؤال‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫مطل ًًقا‪ ،‬ما مل تدع إىل ذلك حاجة معتربة؛ ثم بنّين ّ‬
‫بأّن احلاجة هنا منتفية لتوفر اخلدمة التي‬
‫يريدها السائل يف البنوك اإلسالمية‪ ،‬وهذا احلكم من حيث األصل‪.‬‬
‫الّسؤال باعتبار خصوص احلالة املذكورة أي‪ :‬تنزيل احلكم اجلزئي‬ ‫وّجه اجلواب ملناط ّ‬‫ثم ّ‬
‫عىل حمل جزئي؛ فنصوا عىل أهنا قد تنزل منزلة احلاجة املعتربة يف بعض األحيان‪ ،‬ورتبوا‬
‫عىل ذلك احلكم ِبِعد ِِم لزوم غلق احلساب املفتوح من قبل السائل حتقيقا للمناط اخلاص‬
‫بالعدول عن االقتضاء األصيل إىل االقتضاء التبعي اعتبار ًًا باحلاجة‪ ،‬ولكن رشيطة أن‬
‫ال يكون فيه فائدة ربوية‪ ،‬وبطاقته البنكية (الفيزا) ليس فيها رشط ربوي‪ ،‬مع توجيهه‬
‫لرضورة سحب ماله أوال بأول؛ جتنبا النتفاع البنك به يف معامالت حمرمة‪.‬‬
‫الّشأن يف الفتوى الوضوح والتحرير وحتقيق مناط احلكم‪ ،‬بام ال يدع للمستفتي‬ ‫وهذا ّ‬
‫أدنى التباس أو إشكال فيام يعرض للمستفتي‪.‬‬
‫الّسؤال الرابع‪ :‬موقع اإلسالم سؤال وجواب‪.‬‬ ‫ّ‬
‫نص ّ‬
‫الّسؤال‪ :‬أقوم حالي ًًا بإنشاء متجر إلكرتوين‪ ،‬وسيكون بإذن اهلل استقبال املبالغ غالب ًًا‬
‫عن طريق احلواالت البنكية‪ ،‬فهل جيوز فتح حسابات جارية يف مجيع البنوك‪ ،‬بام فيها‬
‫الربوية‪ ،‬وذلك للتسهيل عىل العمالء‪ ،‬حيث إن كل عميل غالب ًًا يكون له بنك‪ ،‬واحلوالة‬
‫إذا كانت إىل نفس البنك يكون التحويل أرسع ‪ ،‬أما إذا كان من بنك إىل بنك آخر‪،‬‬
‫فإن التحويل قد يأخذ ‪ 24‬ساعة باإلضافة إىل استقطاع رسوم من املرسل ‪ .‬فأنوي بإذن‬
‫اهلل فتح حسابات وإعطاء العميل احلساب املناسب بحسب بنكه‪ ،‬وإن شاء اهلل سوف‬
‫أسحب املبالغ بعد حتويلها وأحفظها يف البنوك التي عرف عنها أهنا إسالمية؟‬
‫نص جواب‪.)ChatGPT 4( :‬‬
‫إنشاء متجر إلكرتوين والسعي لتسهيل عملية الدفع للعمالء من خالل توفري خيارات‬
‫متعددة للحواالت البنكية هو أمر يعكس الرغبة يف توفري جتربة رشاء ممتازة لعمالئك‪.‬‬
‫فيام يتعلق بفتح حسابات جارية يف البنوك‪ ،‬بام يف ذلك البنوك الربوية‪ ،‬لتسهيل العمليات‬
‫املالية لعمالئك‪ ،‬هناك عدة جوانب جيب النظر فيها من منظور إسالمي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الضرورة والحاجة‪ :‬يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬قد ُتُتاح استثناءات لبعض املعامالت بنا ًًء‬
‫عىل مبدأ الرضورة أو احلاجة املاسة‪ ،‬وذلك يف حالة عدم وجود بدائل متاحة تتوافق متا ًًما‬

‫‪71‬‬
‫مع الرشيعة اإلسالمية‪ .‬إذا كان فتح حسابات يف البنوك الربوية ُُيعد رضور ًًيا لتسهيل‬
‫عمليات الدفع لعمالئك وال يوجد بديل عميل يقدم نفس مستوى الكفاءة والتسهيل‪،‬‬
‫فقد ينظر البعض إىل هذا اإلجراء عىل أنه مقبول بنا ًًء عىل الرضورة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ التطهير‪ :‬يف حالة التعامل مع البنوك الربوية‪ ،‬ينصح بعض العلامء بتطهري أي فوائد‬
‫ربوية حمتملة قد ترتاكم عىل احلسابات من خالل التربع هبا ألغراض خريية دون انتظار‬
‫ٍ‬
‫وخاٍل من‬ ‫ثواب مقابل هذا التربع‪ ،‬للتأكد من أن املال املستخدم يف أعاملك نظيف‬
‫الشبهات‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ البحث عن البدائل‪ :‬حتى وإن كانت هناك حاجة لفتح حسابات يف بنوك ربوية‪،‬‬
‫ُُيفضل دائاًما البحث عن بدائل إسالمية قد تكون متاحة ومناسبة الحتياجات عملك‪.‬‬
‫كام ذكرت‪ ،‬االنتقال باألموال إىل البنوك اإلسالمية بعد استالمها ُُيعد خطوة جيدة يف‬
‫هذا االجتاه‪.‬‬
‫نظًرا لتعقيدات الفقه اإلسالمي وتفاوت اآلراء الفقهية‪ُُ ،‬ينصح‬ ‫‪ 4‬ـ االستشارة الشرعية‪ً :‬‬
‫دائاًما باالستشارة املبارشة مع علامء دين متخصصني يف املعامالت املالية اإلسالمية‬
‫للحصول عىل رأي رشعي حمدد يتناسب مع ظروفك اخلاصة‪.‬‬
‫أيًضا احلفاظ عىل مستوى من الشفافية مع عمالئك‬ ‫‪ 5‬ـ الشفافية مع العمالء‪ :‬من املهم ً‬
‫بخصوص الطرق التي يمكنهم من خالهلا الدفع مقابل السلع أو اخلدمات التي تقدمها‪،‬‬
‫مع توفري خيارات متعددة قدر اإلمكان لتلبية احتياجاهتم‪.‬‬
‫يف النهاية‪ ،‬جيب التوازن بني احلاجة إىل تسهيل العمليات التجارية وااللتزام باملبادئ‬
‫الرشعية‪ ،‬مع السعي إلجياد البدائل التي حتقق هذين اهلدفني قدر اإلمكان‪.‬‬
‫التعليق‪:‬‬
‫أسلوب جواب (‪ )ChatGPT 4‬شبيه بصيغة اجلواب السابقة من حيث اإلطالق العام‬
‫الّسائل ببعض املقرتحات والّنّصائح‪ ،‬وإن كانت ‪ -‬أعني املقرتحات ‪ -‬مطلوبة من‬
‫ومّدّ ّ‬
‫الّسؤال بيان احلكم اخلاص من حيث اجلواز والعدم ليعمل‬ ‫حيث اجلملة‪ ،‬غري ّ‬
‫أّن حمل ّ‬
‫املستفتي بمقتضاه‪.‬‬
‫الّسائل إىل خيارات متعددة بعضها ال عالقة له بأصل‬‫واجلواب املذكور فيه إحالة ّ‬

‫‪72‬‬
‫األّول؛ وهو اإلحالة عىل الرضورة‬
‫الّسؤال باعتبار خصوص املسألة؛ وإن كان اخليار ّ‬ ‫ّ‬
‫واحلاجة ‪ -‬باعتبارمها من قواعد االستثناء املعينة عىل تغيري مقتىض احلكم من املنع إىل‬
‫الّسائل بوجه ما إال أّنّه ال يتحقق العمل بمقتضاه‬
‫اإلذن‪ -‬يمكن اعتباره حمققا لقصد ّ‬
‫إال بتنزيل احلكم الرّشر عي املستفاد من إعامهلام بتحقيق مناطه عىل احلالة املذكورة‪ ،‬وهذا‬
‫عمل املفتي؛ فيبقى اخليار نظريا ال يفيد املستفتي يف العمل بمقتضاه‪ ،‬ويف احلقيقة هذا‬
‫شأن أغلب أجوبة (‪ )ChatGPT 4‬إذ تتسم بالعموم واإلطالق وترتك السائل يف حاجة‬
‫ماسة ملراجعة أهل االختصاص مما يقوض دوره يف الفتوى‪.‬‬
‫أما موقع اإلسالم سؤال وجواب(‪((2‬؛ فحّدّ د اجلواب بذكر احلكم األصيل للواقعة‬
‫للّسائل قصده؛ وهو‪ :‬أّنّه ال حرج يف فتح حسابات جارية ـ بدون فائدة‬ ‫املعنية بام حُيح قق ّ‬
‫ـ يف البنوك الربوية‪ ،‬إذا دعت احلاجة إىل ذلك‪ ،‬ومل توجد البنوك اإلسالمية التي تفي‬
‫بحاجة املودع دون مشقة أو حرج‪.‬‬
‫وهذا األسلوب مشابه ملا قرره موقع إسالم ويب يف املسألة اآلنفة لتع ّّلق مناط احلكم يف‬
‫الواقعتني بنفس مأخذ احلكم‪ ،‬مما ّ‬
‫يدّل عىل ّ‬
‫أّن آلية الفتوى إذا كانت ََوفق أصوهلا غالبا‬
‫ما يتحد أسلوب اجلواب وطريقة تنزيل أدلة األحكام وقواعدها عىل وقائعها؛ وهو‬
‫املقصود من وضع األدلة ‪ ،‬وهذا يفتقده (‪ )ChatGPT 4‬كام تقدم غري ّ‬
‫مّرة‪.‬‬ ‫(‪((2‬‬

‫ثم اسرتسل املوقع(‪ - ((2‬بعد تقرير أصل احلكم ‪ -‬يف االستدالل وحتقيق هذا األصل‬
‫وحتديد مقتضياهتا بحسب احلاالت واالعتبارات‪ ،‬بحيث يمّكّن املستفتي من بلوغ‬
‫قصده والعمل بمقتىض احلكم‪.‬‬
‫السؤال الخامس‪ :‬من موقع اإلسالم سؤال وجواب‪:‬‬
‫أّن بعض أهل‬ ‫السؤال‪ :‬ما حكم املسامهة أو املضاربة يف األسهم؟ ويقول‪ :‬مع العلم ّ‬
‫حّرم أسهم مجيع الرشكات‪ ،‬نرجو اإلفادة والتوضيح؟‬ ‫العلم ّ‬
‫نص جواب‪.)ChatGPT 4( :‬‬
‫متحيًصا دقي ًًقا يف ضوء‬
‫ً‬ ‫«املسامهة أو املضاربة يف األسهم تعترب من األمور التي تتطلب‬
‫(‪ ((2‬ينظر‪ :‬الباركود أعاله املقابل للسؤال‪.‬‬
‫(‪ ((2‬ينظر‪ :‬الشاطبي‪ ،‬املوافقات‪ :‬ج‪3‬ص ‪.217‬‬
‫(‪ ((2‬ينظر‪ :‬آل خنني ‪ ،‬عبد اهلل بن حممد‪ ،‬الفتوى يف الرشيعة اإلسالمية‪( ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪2008/1:‬م) ج‪ 2‬ص‪267‬‬

‫‪73‬‬
‫الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬وقد اختلفت آراء العلامء والفقهاء يف هذا املجال بنا ًًء عىل طبيعة‬
‫الرشكات وأنشطتها التجارية وكيفية التعامل مع األسهم‪.‬‬

‫األساس الشرعي للمساهمة في األسهم‪:‬‬


‫ًعً‬
‫المباح شر ا‪ :‬االستثامر يف أسهم الرشكات التي متارس أنشطة مباحة وال تتعامل باحلرام‬
‫أيًضا أن‬
‫رشًعا‪ .‬و ُُيشرتط ً‬
‫مباًحا ً‬
‫(مثل الربا‪ ،‬اخلمر‪ ،‬القامر‪ ،‬وغريها من املحرمات) يعترب ً‬
‫تكون سياسات الرشكة املالية وطريقة توزيع األرباح واخلسائر تتوافق مع الضوابط‬
‫الرشعية‪.‬‬
‫ًعً‬
‫المحرم شر ا‪ :‬االستثامر يف أسهم الرشكات التي تعتمد يف أنشطتها أو متويلها عىل‬
‫معامالت حمرمة رش ًًعا يعترب حمر ًًما‪.‬‬

‫االجتهادات الفقهية‪:‬‬
‫ـ االستثمار المباشر‪ :‬يرى البعض أن االستثامر يف أسهم الرشكات املباحة أنشطتها جيوز‬
‫رش ًًعا‪ ،‬مع األخذ بعني االعتبار للرشوط الرشعية املتعلقة باملعامالت املالية‪.‬‬
‫ـ التطهير‪ :‬يف حالة االستثامر يف رشكات قد تكون لدهيا بعض املعامالت غري املبارشة‬
‫مع الفوائد الربوية أو أنشطة أخرى غري متوافقة متا ًًما مع الرشيعة‪ ،‬ينصح بعض العلامء‬
‫بتطهري نسبة من األرباح بإخراجها كصدقات للتخلص من الشبهات الربوية‪.‬‬
‫ـ مراقبة الشركات‪ :‬يتعني عىل املستثمر املسلم مراقبة الرشكات التي يستثمر فيها بشكل‬
‫دوري للتأكد من استمرار توافق أنشطتها وسياساهتا مع الضوابط الرشعية‪.‬‬

‫أهمية االستشارة‪:‬‬
‫نظًرا لتعقيدات املسائل املالية والفقهية املتعلقة باالستثامر يف األسهم‪ُُ ،‬ينصح دائاًما‬
‫ً‬
‫باالستشارة مع علامء دين متخصصني يف الفقه اإلسالمي املايل واالقتصادي‪ ،‬أو‬
‫االعتامد عىل هيئات الرقابة الرشعية التي تقوم بتقييم الرشكات وتصنيفها من حيث‬
‫اجلواز الرشعي لالستثامر فيها‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫الخالصة‪:‬‬
‫وجود بعض العلامء الذين حرموا أسهم مجيع الرشكات يعكس احلرص عىل جتنب‬
‫الشبهات واملحرمات‪ ،‬لكن الرأي األكثر تفصي ً‬
‫ًال يعتمد عىل طبيعة كل رشكة وأنشطتها‪.‬‬
‫األساس يف احلكم عىل جواز االستثامر يف األسهم هو طبيعة عمل الرشكة وتوافقه مع‬
‫الضوابط الرشعية»‪.‬‬
‫التعليق‪:‬‬
‫الّسؤال ليعمل‬
‫الّسائل معرفة حكم اهَّلله ورسوله يف القضية حمل ّ‬
‫غالبا ما يكون قصد ّ‬
‫الّسائل‪ ،‬خاصة‬
‫بمقتىض احلكم الرشعي ؛ لذا ينبغي للمتصدر للفتوى أن حيقق قصد ّ‬
‫(‪((2‬‬

‫أنه ذكر يف سياق سؤاله حتريم بعض أهل العلم ألسهم مجيع الرشكات‪.‬‬
‫والّسؤال املطروح كان ينبغي أن يكون جوابه حمررا لدى (‪ )ChatGPT 4‬ملا علم من‬ ‫ّ‬
‫الّسؤال ال حيتاج إىل حتقيق مناط احلكم باعتبار األفراد وعىل‬ ‫طبيعة وآلية عمله‪ّ ،‬‬
‫ألّن ّ‬
‫جهة اخلصوص‪.‬‬
‫فإّن جواب (‪ )ChatGPT 4‬هنا قد يكون مقبوال من حيث اجلملة ّ‬
‫إّال أّنّه‬ ‫ومع ذلك ّ‬
‫يكتنفه بعض الغموض والّتّداخل‪ ،‬ووجهه‪ :‬أنه ذكر نوعني من الرّشر كات مع ّ‬
‫أّن‬
‫التقسيم احلارص من حيث نشا ُ‬
‫ُطها‪ :‬ثالثة أنواع؛ اثنتان حمل اتفاق وقد أشار إليهام (‪4‬‬
‫‪ ،)ChatGPT‬وثالثة حمل اختالف وهي الرشكات املختلطة‪ ،‬وهذه مل يرش إليها وإنام ذكر‬
‫األثر املرتتب عليها‪ ،‬عند ذكره ملسألة التطهري‪ .‬كام ّ‬
‫أّن ما ذكره يف بند االستثامر ـ عىل حّدّ‬
‫تعبريه ـ غري واضح قصده منه‪.‬‬
‫ثم أحلق باجلواب قضايا ال حتقق قصد السائل أصالة وإنام تبعا‪.‬‬
‫الّسائل من معرفة احلكم‬ ‫أما موقع اإلسالم سؤال وجواب فجاء جوابه حمققا ملقصود ّ‬
‫الرشعي‪ ،‬واتسم بالوضوح؛ حيث حّدّ د أقسامها باعتبار مناط إيقاع احلكم وهو أصل‬
‫نشاطها واألعامل التي تقوم هبا‪ ،‬فحرصها كام تقدم يف ثالثة أنواع؛ وبعد بيانه حلقيقة‬
‫الّنّوعني حمل االتفاق والّتّمثيل هلام بام حيقق معنامها‪ ،‬أشار إىل الّنّوع ال ّّثالث من الرّشر كات‬

‫(‪ ((2‬ينظر‪ :‬ابن القيم‪ ،‬إعالم املوقعني‪ ،‬ج‪ 6:‬ص‪.37:‬‬

‫‪75‬‬
‫وهي التي يكون أصل عملها مباح‪ ،‬ولكنها تتعامل ببعض املعامالت املحرمة‪ ،‬وهذه‬
‫ورّجح الّتّحريم مستدال‬
‫تسمى‪ :‬الرّشر كات املختلطة ثم أتبع الّتّعريف هبا حكاية اخلالف ّ‬
‫لرتجيحه باألدلة والقواعد الرّشر عية‪ ،‬ومستأنسا بقرارات املجامع الفقهية الدولية ودور‬
‫اإلفتاء يف العامل اإلسالمي‪.‬‬
‫بأّن هناك من يقول بتحريم أسهم مجيع الرشكات‪ ،‬بأنه قول غري‬ ‫الّسائل ّ‬
‫وّجه ما نقله ّ‬
‫ثم ّ‬
‫أّن الرّشر كات من النوع األول املتفق عىل جوازها‪ ،‬قليلة جد ًًا‬
‫صحيح ولعل قائله قصد ّ‬
‫مقارنة بالرشكات من النوعني الثاين والثالث‪.‬‬
‫للّشك أو احلرية يف‬‫للّسائل جمال ّ‬
‫وهذه الصيغة يف اجلواب واضحة جل ّّية ومتقنة ال تدع ّ‬
‫العمل بمقتضاها‪.‬‬
‫السؤال السادس‪ :‬من موقع إسالم ويب‪.‬‬
‫جزاكم اهلل خريا عىل هذا املوقع الرائع‪ :‬أود معرفة حكم أسهم رشكة‪ IBM :‬ـ حيث‬
‫ورثتها عن أيب‪ ،‬فهل هي من املال احلرام أو املختلط؟ وما هي كيفية الترصف فيها؟‪.‬‬
‫نص جواب‪.)ChatGPT 4( :‬‬
‫خًريا عىل كلامتك الطيبة وسؤالك املهم‬
‫جزاك اهلل ً‬
‫حكم االستثامر يف أسهم رشكة معينة مثل ‪ IBM‬يتطلب تقيياًما دقي ًًقا ألنشطة الرشكة‬
‫ومصادر إيراداهتا لتحديد ما إذا كانت تتوافق مع الرشيعة اإلسالمية‪ IBM .‬هي رشكة‬
‫تكنولوجيا املعلومات العاملية التي تقدم جمموعة واسعة من اخلدمات واملنتجات‪ ،‬بام يف‬
‫ذلك احلوسبة السحابية‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬البيانات الكبرية‪ ،‬واخلدمات االستشارية‪،‬‬
‫إىل جانب العتاد اإللكرتوين مثل اخلوادم والتخزين‪.‬‬

‫كيفية التقييم‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تقييم األنشطة‪ :‬جيب تقييم ما إذا كانت الرشكة تقوم بأنشطة تتعارض مع مبادئ‬
‫الرشيعة‪ ،‬مثل التعامل بالربا‪ ،‬اإلنتاج أو البيع ملنتجات حرام مثل اخلمر أو القامر‪ ،‬أو‬
‫غريها من املحرمات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تقييم اإليرادات‪ :‬النظر يف نسبة اإليرادات التي تأيت من املصادر املحرمة إن وجدت‪،‬‬

‫‪76‬‬
‫حيث يتم التغايض عن نسبة ضئيلة من املصادر املحرمة بنا ًًء عىل مبدأ «التيسري» لدى‬
‫بعض الفقهاء‪ ،‬لكن جيب تطهري هذه النسبة من األرباح‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ االستشارة‪ :‬البحث عن تقييامت من هيئات الرقابة الرشعية املعتمدة التي تقوم‬
‫بتحليل وتقييم الرشكات للمستثمرين املسلمني‪.‬‬

‫التصرف في األسهم الموروثة‪:‬‬


‫ـ إذا كانت الشركة مباحة‪ :‬إذا تبني أن الرشكة تعمل ضمن الضوابط الرشعية‪ ،‬فيمكنك‬
‫االحتفاظ باألسهم واالستفادة من األرباح وف ًًقا للرشيعة‪.‬‬
‫ـ إذا كانت الشركة مختلطة أو تعمل في مجاالت محرمة‪ :‬ينصح ببيع األسهم والتخلص‬
‫من اجلزء احلرام من األرباح بالتربع هبا ألغراض خريية دون انتظار ثواب عىل ذلك‪،‬‬
‫كطريقة لتطهري املال‪.‬‬
‫نظًرا لتعقيد القضية واحلاجة إىل معلومات حمددة وحمدثة حول أنشطة ومالية الرشكة‪،‬‬ ‫ً‬
‫ُُينصح بالتواصل مع هيئة فقهية موثوقة أو مستشار رشعي متخصص يف االقتصاد‬
‫اإلسالمي للحصول عىل فتوى أو نصيحة مبنية عىل بيانات دقيقة وحديثة ختص رشكة‬
‫‪.IBM‬‬

‫التعليق‪:‬‬
‫الّسائل قصد من‬ ‫الّسؤال بوجه عام؛ مع ّ‬
‫أّن ّ‬ ‫هنا أيضا تعامل (‪ )ChatGPT 4‬مع ّ‬
‫حمّل اإلشكال‬ ‫سؤاله معرفة احلكم الرّشر عي عىل جهة الّتّعيني بتحديده رصاحة ّ‬
‫(‪((2‬‬
‫ّرصح موقع إسالم ويب‬ ‫ونوعه‪ ،‬وملا كان اجلواب عىل الّتّعيني غري ممكن ّ‬
‫الّسائل إىل ضابط‬ ‫بعدم استطاعته احلكم عىل أسهم تلك الرّشر كة بعينها؛ ولكنه أرشد ّ‬
‫يعرف به ما إذا كانت أسهم الرشكة التي يمتلكها أو يريد املسامهة فيها من الّنّوع املباح‬
‫أم ال‪ ،‬وذلك من خالل الرّشر طني الّتّالني‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون النشاط الذي تزاوله الرشكة مباحا‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن ال تكون الرّشر كة ممن يضع جزءا من مال املسامهني يف البنوك الربوية ألخذ‬
‫(‪ ((2‬ينظر‪ :‬الباركود أعاله املقابل للسؤال‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫فائدة وإضافتها إىل ربح املسامهني‪.‬‬
‫مستندا يف ذلك عىل قرارات املجامع الفقهية الدولية املبنية عىل أصول االستدالل‬
‫ومداركه يف أصول الفتوى‪ ،‬وهذا ما خيلو منه جواب (‪ )ChatGPT 4‬ويفتقده هنا ويف‬
‫غريه من األجوبة‪ ، ،‬إذ غالب أجوبته من باب العموم الذي ال يعرف املستفتي وجه‬
‫الّسؤال(‪.((2‬‬
‫انطباقه عىل الواقعة حمل ّ‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬مرتبة (‪ )ChatGPT 4‬في صناعة الفتوى‬


‫القصد من هذا املبحث بيان دور (‪ )ChatGPT 4‬يف صناعة الفتوى من خالل حتديد رتبته‬
‫يف اإلفتاء‪ ،‬وهذا يتطلب استدعاء بعض املؤرشات التي تقدمت يف املبحثني السابقني‪،‬‬
‫وباألخص ما تعلق بآلية عمله وبعض نامذج األجوبة لتحديد مرتبته يف فضاء اإلفتاء‪.‬‬
‫أما ما يتعلق باملؤرش األول وهو آلية عمله فقد تقدم أن (‪ )ChatGPT 4‬نموذج يستخدم‬
‫خوارزميات تقنية الّتّعلم العميق لفهم اللغة الطبيعية وحتليلها بناء عىل البيانات املخزنة‬
‫التي تدرب عليها‪ ،‬بضميمة التفاعل مع املستخدمني‪ ،‬ومن ثم توليد إجابات تتناسب‬
‫مع املطلوب من االستفسار(‪.((2‬‬
‫وظاهر هذه اآللية قدرته عىل إعطاء احللول وصنع القرارات(‪.((3‬‬
‫وهذا القدر من املفهوم يتقاطع مع مدلول الفتوى بمعناها العام وهو‪« :‬ما خُيخرِبر به املفتي‬
‫جواب ًًا لسؤال‪ ،‬أو بيان ًًا حلكم من األحكام»(‪ .((3‬والفتوى عند التحقيق تنتظم رتبتني(‪:((3‬‬
‫أحدمها‪ :‬احلكم العام املجرد عن التوابع واإلضافات‪.‬‬
‫واألخر‪ :‬احلكم الواقع عىل املحل باعتبار توابعه ولوازمه‪.‬‬
‫وعند قياس مدى كفاءة (‪ )ChatGPT 4‬يف اجلواب عن االستفسارات الرشعية من‬
‫خالل أسئلة حوارية شملت اجلانبني‪ :‬التأصييل والتطبيقي لتنزيل دوره يف إحدى‬
‫الرتبتني‪ّ ،‬‬
‫فإّن أول ما يصادفنا يف احلوار التأصييل‪:‬‬
‫وأّن وظيفته تقترص عىل تقديم معلومات عامة‬ ‫اعرتافه بعدم أهليته لإلفتاء أصال‪ّ ،‬‬
‫(‪ ((2‬ينظر‪ :‬الشاطبي‪ ،‬املوافقات‪ :‬ج‪3‬ص‪.217‬‬
‫(‪ ((2‬ينظر‪ :‬املطلب الثاين من املبحث األول‪.‬‬
‫(‪ ((3‬ينظر‪ :‬جامعة امللك عبدالعزيز ‪ ،‬مفاهيم حول الذكاء االصطناعي‪ ،‬ص‪.16،‬‬
‫(‪ ((3‬الرتكي‪ :‬عبد اهلل بن عبد املحسن‪ ،‬أصول اإلمام أمحد‪( ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬ط‪1410 ،3‬هـ‪1990-‬م)‪ ،‬ص ‪.725‬‬
‫(‪ ((3‬الشاطبي‪ ،‬املوافقات‪.292/3:‬‬

‫‪78‬‬
‫ومبادئ أساسية متعلقة باإلسالم وف ًًقا ملا هو متاح يف املصادر املفتوحة‪.‬‬
‫وأّكّد هذا بنفي حتقق رشوط املفتي فيه‪ ،‬وعدم توفر الفهم العميق لديه للّنّصوص‬
‫الدينية‪ ،‬وعدم القدرة عىل االجتهاد والتقوى التي هي مطلوبة لإلفتاء يف اإلسالم‪،‬‬
‫مؤكدا يف الوقت نفسه وظيفته األساس وهي تقديم معلومات عامة استنا ًًدا إىل البيانات‬
‫التي تم تدريبه عليها حتى نقطة معينة يف الزمن‪.‬‬
‫كام نفى إمكانية النظر يف املستجدات والقدرة عىل التعاطي مع النصوص الرشعية وفق‬
‫هنج العلامء والفقهاء(‪.((3‬‬
‫جتّسد عىل احلقيقة يف املسح التطبيقي من‬ ‫هذا التقرير يف اجلانب التأصييل تأّكّد بل ّ‬
‫خالل ع ّّينة من األسئلة الفقهية يف قضايا املعامالت املالية حيث اتسمت غالب أجوبته‬
‫باآليت(‪:((3‬‬
‫الّسؤال إىل ذكر رشوط أو أحكام عامة عىل شكل مقرتحات وهذه‬ ‫‪1‬ـ العدول عن أصل ّ‬
‫الّسمة هي الغالبة عىل أجوبته‪.‬‬
‫ّ‬
‫الّسؤال‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ التعميم واإلطالق‪ ،‬بذكر األحكام العامة التي ال تالمس خصوصية ّ‬
‫‪ 3‬ـ عدم اجلزم باألحكام وإنام يلقي اجلواب بعدة أوجه مما يوقع املستفرس يف حرية(‪.((3‬‬
‫‪ 4‬ـ أحيانا يلتقط املصطلح أو الكلمة من سؤال املستفتي‪ ،‬وجيري عليه اجلواب‪ ،‬ويفوت‬
‫الّسائل مطلوبه‪.‬‬
‫عىل ّ‬
‫‪ 5‬ــ ُُخلو أجوبته من ذكر األدلة الرشعية بل حتى القواعد الرشعية ُُغفل منها أجوبته(‪.((3‬‬
‫‪ 6‬ـ سمة النصح واإلرشاد هي الطاغية عىل أجوبته‪ ،‬وإن كانت من مقتضيات الفتوى‬
‫لكنها تبعية‪.‬‬
‫الّسامت كافية يف بيان عدم فاعليته يف تقمص دور املفتي استقالال يف كال الرتبتني‪.‬‬ ‫وهذه ّ‬
‫ّ‬ ‫ومما ّ‬
‫يؤّيد هذا الحكم ويؤكده موانع ومحاذير‪ ،‬عّدة من أهمها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬عدم كفاية المحتوى العربي في الفضاء الشبكي‬
‫تقدم أن املخرجات لدى (‪ )ChatGPT 4‬مستندها البيانات املخزنة التي تم تدريبه‬
‫ينظر املطلب األول من املبحث الثاين‪.‬‬ ‫(‪((3‬‬
‫ينظر األجوبة يف املطلب الثاين من املبحث الثاين‪.‬‬ ‫(‪((3‬‬
‫وهو معيب يف الفتوى‪ ،‬ينظر ابن القيم‪ ،‬إعالم املوقعني‪،‬ج‪6‬ص‪.75‬‬ ‫(‪((3‬‬
‫مل أر يف أي جواب من أجوبته نصا رشعيا ـ حسب اطالعي وتتبعي القارص ‪.‬‬ ‫(‪((3‬‬

‫‪79‬‬
‫عليها‪ ،‬وأي نقص فيها يؤثر سلبا عىل درجة ودقة التعلم والتنبؤ الذايت‪ ،‬ألّنّه كلام تم‬
‫توفري بيانات أكرب زادت دقة التنبؤ عىل نحو أفضل(‪.((3‬‬
‫واملحتوى العريب يف الفضاء الشبكي ضعيف جدا من حيث املدخالت إذ ال تتجاوز‬
‫نسبته املئوية‪ ،((3()%0.9( :‬وعليه يكون املحتوى اإلسالمي أشد ضعفا‪ ،‬فإذا كانت‬
‫املدخالت ضعيفة ترتب عىل ذلك نقص يف املخرجات وهذا يعيق أداء (‪)ChatGPT 4‬‬
‫يف الفتوى واالستفسارات الرشعية‪.‬‬

‫‪https://www.isocfoundation.org/2023/05/what-are-the-most-used-languages-on-the-internet/‬‬

‫(‪ ((3‬ينظر‪ :‬منتدى أسبار الدويل‪ ،‬تسخري الذكاء االصطناعي للمستقبل الذي نريده( التقرير الثاين عرش‪ 6-4 ،‬نوفمرب ‪2019‬م) ص‪.9:‬‬
‫(‪ ((3‬ينظر‪ :‬الشكل يف الصفحة التالية‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫ثانيا‪ :‬هناك دراسات علمية حول استخدام (‪ )ChatGPT‬كمستشار مايل أو قانوين‬
‫تؤكد عدم قدرة (‪ )ChatGPT‬عىل اختاذ القرارات احلازمة واجلازمة وإعطاء احللول‬
‫االحرتافية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ دراسة جامعة ستانفورد‪ :‬بعنوان‪ ChatGPT« :‬أداة مفيدة للمعلومات املالية‬
‫العامة»(‪.((3‬‬
‫خلصت الدراسة إىل أن (‪ )ChatGPT‬يمكن أن يكون أداة مفيدة لتوفري معلومات مالية‬
‫عامة‪ ،‬حول االستثامرات والتأمني‪ ،‬غري أنه ال يمكن أن حيل حمل املشورة املالية االحرتافية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ دراسة جامعة كاليفورنيا يف بريكيل‪ ،‬بعنوان‪ :ChatGPT« :‬أداة مفيدة للمعلومات‬
‫القانونية العامة»(‪.((4‬‬
‫تقرر هذه الدراسة أن ‪ ChatGPT‬يمكن أن يكون أداة مفيدة لتوفري معلومات قانونية‬
‫عامة حول حقوق اإلنسان وقوانني العمل‪ .‬ولكنه غري قادر عىل أن حيل حمل املشورة‬
‫القانونية االحرتافية‪.‬‬
‫ومعلوم أن االستشارة املالية والقانونية قرينة االستفسار الرشعي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اعرتفت الرشكة املصممة واملربجمة ‪ OpenAI‬بوجود عيب بالتقنية يطلق عليه‪:‬‬
‫اهللوسة ‪.((4( Hallucinations‬‬
‫واملقصود أن تقنية ‪ ChatGPT‬رغم كفاءهتا وجودهتا معرضة الرتكاب األخطاء الساذجة‬
‫واملنطقية عىل حد تعبريهم أي يكون فيها خمرج النموذج غري صحيح يف الواقع‪ ،‬وهناك‬
‫عدة دراسات يف هذا السياق لبيان مدى خطورهتا هلذا عربت عنها رشكة ‪OpenAI‬‬
‫بـ‪:‬املشكلة احلقيقة؛ وإذا حتقق وجودها وخطورهتا فتضاف لقائمة موانع اعتبار هذه‬
‫التقنية يف اإلفتاء استقالال دون رقابة إرشافية‪.‬‬
‫فهذه بعض املوانع من قيام تقنية (‪ )ChatGPT‬بدور اإلفتاء‪ ،‬ويتأ ّّيد هذا بخصوصية‬
‫الفتوى من حيث حتقيق املناط‪ ،‬ألهنا يف الغالب األعم تستدعي تنزيل حكم جزئي عىل‬
‫حمل جزئي مما يعني استيعاهبا ملراحل متتابعة تشمل‪:‬‬
‫‪(39) Jennifer Hou, Chao Yang, Jennifer Lee.” ChatGPT: A Useful Tool for Public Financial Information” (Journal of Financial Sciences,vo‬‬
‫‪35(2) Stanford University (2023)p234-253.‬‬
‫‪(40) Kenneth Young,Michael Cho,Jennifer Lee” ChatGPT: A Useful Tool for Public Legal Information” Journal of Legal Studies,35(2), Uni-‬‬
‫‪versity of California, Berkeley,(2023)p254-273.‬‬
‫(‪ ((4‬ينظر املوقع الرسمي للرشكة‪.(https://openai.com/research/gpt-4) :‬‬

‫‪81‬‬
‫«أحدها‪ :‬الفهم‪ :‬املتمثل يف إحكام االستدالل بإمتام طلب األدلة ووجوه داللتها‪ ،‬حتى‬
‫حيصل الفهم الصحيح الكاشف عن قصد الشارع من اخلطاب‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬االستنباط؛ وهو استفادة احلكم الرشعي من الّدّ ليل‬
‫ـ ثالثها‪ :‬التنزيل؛ وهو توقيع احلكم الرشعي املستفاد بالّنّص أو باالستنباط بتحقيق‬
‫مناطه عىل العموم أو اخلصوص‪.‬‬
‫جتّسد حقيقة الُبُْعْ د التطبيقي يف التنظري األصويل‪ ،‬احلقيق‬ ‫والفتوى من خالل هذه املراحل ّ‬
‫بإجياد العالقة الطردية بني احلكم املجرد والواقع بظروفه؛ وفق منهج قوامه املزج بني‬
‫احلكم وحكمته أوًالً‪ ،‬وبني التطبيق ومآله ثاني ًًا»(‪.((4‬‬
‫وهذه الرتاتبية يف إنتاج احلكم غري متحققة يف مثل هذه التقنية‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫وبعد فاحلمد هلل عىل التامم والصالة والسالم عىل رسوله وآله وصحبه أمجعني وحيث‬
‫بلغ بنا البحث هذا املقام أود تسجيل أهم النتائج والتوصيات‪،‬‬

‫أوال‪ :‬النتائج‪:‬‬
‫ـ يمتلك الربنامج قدرة عالية يف معاجلة اللغة الطبيعية وحماكاة صنيع البرش من حيث‬
‫الفهم فالتحليل ومن ثم االستنتاج‪.‬‬
‫ـ هو أداة مساعدة لتقديم معلومات عامة ومبادئ أساسية عن موضوعات شتى منها‬
‫اإلسالم وف ًًقا ملا هو متاح يف البيانات املخزنة لديه‪.‬‬
‫ـ ليست له القدرة عىل تقمص دور املفتي العتبارات عدة من أمهها عدم ِِكفاية املدخالت‬
‫وضعف املحتوى العريب‪.‬‬
‫ـ له كفاءة استشارية عالية تصل لرتبة مساعد يف الفتوى ولكن حتت رقابة وإرشاف‬
‫خبري رشعي‪.‬‬
‫ـ احلذر من االسرتسال يف التعامل معه يف القضايا الرشعية لثبوت وحتقق مشكلة‬
‫اهللوسة لديه‪.‬‬

‫(‪ ((4‬مراد بوضاية‪ ،‬مدارك االجتهاد املآيل‪ ،‬جملة العلوم الرشعية‪( ،‬جامعة اإلمام بالرياض‪،‬عدد‪ ،36‬رجب‪1436‬هـ) ص‪.287:‬‬

‫‪82‬‬
‫ثانيا‪ :‬التوصيات‪:‬‬
‫ـ رضورة عقد رشاكات مع اجلهات املختصة الستحداث برنامج رديف يتم من خالله‬
‫االستفادة من تقنية (‪ )ChatGPT‬يف الفتوى ويف العلوم الرشعية‪.‬‬
‫ـ دعم البحث العلمي يف جمال توظيف الذكاء االصطناعي عموما بكل حيثياته بام يكفل‬
‫إجياد حلول اسرتاتيجية لتحديات املالية اإلسالمية‪.‬‬

‫الملحق األول – آلية العمل‬

‫‪83‬‬
‫الملحق الثاني‪ - :‬شروط اإلفتاء‬

‫‪84‬‬
85
‫ثبت المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪-‬جامعة امللك عبدالعزيز ‪ ،‬مفاهيم حول الذكاء االصطناعي (سلسلة إثراءات‪،‬‬
‫اإلصدار األول‪1442 ،‬هـ‪.2022،‬‬
‫‪-‬ابن القيم‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن أيب بكر ابن قيم اجلوزية‪ ،‬إعالم املوقعني عن‬
‫رب العاملني‪ ،‬حتقيق مشهور بن حسن وغريه (دار ابن اجلوزي‪ ،‬السعودية‪،‬‬
‫ط‪1423/‬هـ‬
‫‪-‬آل خنني ‪ ،‬عبد اهلل بن حممد‪ ،‬الفتوى يف الرشيعة اإلسالمية‪( ،‬مكتبة العبيكان‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬ط‪2008/1:‬م‪.‬‬
‫‪-‬الرتكي‪ :‬عبد اهلل بن عبد املحسن‪ ،‬أصول اإلمام أمحد‪( ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬ط‪1410 ،3‬هـ‪1990-‬م)‬
‫‪-‬الشاطبي‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي‪ ،‬املوافقات‪ ،‬حتقيق‬
‫مشهور بن حسن تقديم‪ :‬بكر بن عبد اهلل أبو زيد (دار ابن عفان‪ ،‬ط‪1417/1:‬هـ‪.‬‬
‫‪-‬فريق الذكاء االصطناعي بمخترب التطوير التقني بدائرة اخلدمات الرقمي‪ ،‬دليل‬
‫استخدام برنامج الذكاء االصطناعي ‪ - ChatGPT 4‬نسخ(‪ )A‬فئة القيادات‬
‫اإلدارية والتنفيذية‪ ،‬سلطنة عامن وزارة الرتبية والتعليم‪ ،‬املديرية العامة لتقنية‬
‫املعلومات‪ ،‬مايو ‪2023‬م)‬
‫‪-‬ـ حممد يرسي إبراهيم‪ ،‬الفتوى أمهيتها ضوابطها أثارها (بحث مقدم لنيل جائز‬
‫نايف بن عبد العزيز العاملية للسنة النبوية والدراسات اإلسالمية املعارصة‪،‬‬
‫الدورة الثالثة‪ ،‬ط‪2007/1:‬‬
‫‪-‬مراد بوضاية‪ ،‬مدارك االجتهاد املآيل‪ ،‬جملة العلوم الرشعية‪ ،‬جامعة اإلمام‬
‫بالرياض‪،‬عدد‪ ،36‬رجب‪1436‬هـ‪.‬‬
‫‪-‬مسلم‪ ،‬أبو احلسني مسلم بن احلجاج القشريي النيسابوري‪ ،‬صحيح مسلم‪،‬‬
‫حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي (مطبعة عيسى البايب احللبي ورشكاه‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ط‪1374/1:‬هـ) يف (اإلمارة) باب وجوب الوفاء ببيعة اخللفاء األول فاألول‪.‬‬
‫‪-‬منتدى أسبار الدويل‪ ،‬تسخري الذكاء االصطناعي للمستقبل الذي نريده(‬

‫‪86‬‬
.‫م‬2019 ‫ نوفمرب‬6-4 ،‫التقرير الثاين عرش‬

‫المصادر اإلنجليزية‬
- Jennifer Hou, Chao Yang, Jennifer Lee.” ChatGPT: A Useful Tool for
Public Financial Information” (Journal of Financial Sciences,vo 35(2)
Stanford University (2023)p234-253.
- Kenneth Young,Michael Cho,Jennifer Lee” ChatGPT: A Useful Tool for
Public Legal Information” Journal of Legal Studies,35(2), University of
California, Berkeley,(2023)p254-273.

:‫المواقع االلكترونية‬
- https://ar.martech.zone/acronym/gpt
- https://openai.com/research/gpt-4
- https://islamqa.info/en.
- https://islamqa.info/en.
- https://www.isocfoundation.org/2023/05/what-are-the-most-used-
languages-on-the-internet/

87
‫االلتزامات العقدية‬
‫فــي تقنية الروبو (‪)ROBO‬‬
‫د‪.‬أمحد سعد عيل الربعي‬
‫أستاذ الفقه املقارن املشارك بجامعة األزهر‬
‫وعضو هيئة التدريس بكلية الرشيعة والقانون‪ ،‬جامعة حائل‬
‫‪ -1‬المقدمة‪:‬‬
‫احلمد هلل وحده‪ ،‬والصالة والسالم عىل من ال نبي بعده‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فإن مشاريع الذكاء االصطناعي وتطبيقاته املتنوعة قد أحرزت يف اآلونة األخرية تقّدّ ًًما‬
‫تفّو ًًقا بال ًًغا عىل األشخاص الطبيعيني يف‬ ‫ملحو ًًظا يف العديد من املجاالت‪ ،‬وأثبتت ّ‬
‫منافًسا قوًّيً ا للبرش‬
‫ً‬ ‫الكثري من الوظائف واملهام‪ ،‬حتى صار الذكا ُُء االصطناعُّيُ اليو ََم‬
‫قريٍب ال‬‫ٍ‬ ‫يف االستئثار بالوظائف واالستحواذ عىل املهن واألعامل التي كانت إىل ٍ‬
‫وقٍت‬
‫كامِل العقل واإلدراك‪ ،‬وبات العاُمل ُ اليوم خيشى‬ ‫ِ‬ ‫طبيعٍّي‬ ‫ٍ‬
‫إنساٍن‬ ‫ُُيْمْ ك ُُن أن تتأَّتَى إاَّلا من‬
‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫كبريٍة من البرش‬ ‫عىل املستقبل الوظيفي واملهني للماليني من البرش‪ ،‬ويرت ََّقب وجوَد ٍ‬
‫طبقٍة‬ ‫َ‬
‫عديمة العمل (‪ )Useless class‬بسبب هذا الذكاء االصطناعي وخوارزمياته(((‪.‬‬
‫االصطناعَّي اليو ََم ‪-‬مدفو ًًعا بالتقنيات األخرى التي ترتكز عليها‬
‫َ‬ ‫لقد شاهدنا الذكا ََء‬
‫الثور ُُة الصناعي ُُة الرابع ُُة كالبيانات الضخمة وإنرتنت األشياء واحلوسبة السحابية‪...‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وغريها من التقنيات‪ -‬شاهدناه ُُيقِّدِ م لنا روبوتاٍت وخوارزمياٍت ذك ََّي ًًة (‪Autonomous‬‬
‫ِ‬
‫املحيطِة هبا‪ ،‬والتفاعل معها‪ ،‬واختاذ القرارات املستق ّّلة‬ ‫ِ‬
‫البيئِة‬ ‫‪ )systems‬قادر ًًة عىل فهم‬
‫بشأهنا بعيًدً ا عن سيطرة اإلنسان وحتّكّمه‪.‬‬
‫من هذه األنظمة الذكي ُُة التي ّ‬
‫تّم االعتام ُُد عليها بكثرة يف جمال التجارة اإللكرتونية‪،‬‬
‫روبوتات املعامالت والتجارة (‪ ،)Transaction Agents‬أو «الوكالء األذكياء»‬
‫وربوتاٌت مستق ََّلة يتم استخدامها من‬
‫ٌ‬ ‫خوارزمياٌت ٌ‬
‫ذكيٌة‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ ،)Intelligent Agents‬وهي‬
‫قبل الرشكات التجارية الكربى إلدارة منظومة التجارة اإللكرتونية بأكملها بد ًًءا من‬
‫وحتصيِل ثمِنِه‪ ،‬حتى ح ََّلت هذه اخلوارزميات يف‬
‫ِ‬ ‫وتسويِقه‪ ،‬وانتهاًء ِ‬
‫ببيِعه‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫عرض املنتج‬
‫األمُر الذي‬
‫ُ‬ ‫باب املعامالت التجارية والعقود اإللكرتونية َ‬
‫حمَّل األشخاص الطبيعيني‪،‬‬
‫ِ‬
‫العقوِد املربمة بواسطة هذه الروبوتات‪ ،‬ومدى‬ ‫ٍ‬
‫تساؤالٍت عَّدَ ة عن مدى مرشوعية‬ ‫أثار‬
‫حتّمل الذمم لاللتزامات العقدية الناشئة عن هذه العقود‪ ،‬وما هي الذمم التي ستتحمل‬ ‫ّ‬
‫ذمُم أصحاب الرشكات واملستخدمني الذين أطلقوا هذه‬ ‫هذه االلتزامات أصاًلا ؟!‪ ،‬أهي ُ‬
‫ذمُم الروبوتات‬‫الروبوتات للعمل وسمحوا هلا بإبرام العقود وإمتام املعامالت؟ أو هي ُ‬
‫((( خماطر الذكاء االصطناعي عىل األمن ومستقبل العمل‪ ،‬أوسندي أوسوبا‪ ،‬ويليام ويلرس‪ ،‬مؤسسة ‪ ،RAND‬كاليفورنيا‪ ،2017 ،‬ص ‪ 8‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ِ‬
‫الروبوِت‪،‬‬ ‫التي تو ََّلت إبراَم هذه العقود؟! وإذا كانت هذه االلتزامات ُمتحَّمل ًًة يف ِ‬
‫ذمِة‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫فهل للروبوت ذ ََّم ٌٌة مال ّّية ؟!‪ ،‬وهل يستقيم من وجهة نظر الفقه اإلسالمي أن يكون‬
‫صالٌح‬ ‫ِ‬
‫األساِس‬ ‫الروبوُت يف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلنساِن اآلدمي عموما‪ -‬ذم ٌٌة؟!‪ ،‬وهل‬ ‫ِ‬
‫للجامداِت –أو لغري‬
‫ٌ‬
‫ريٌة تو ََّلدت‬
‫من وجهة نظر الفقه اإلسالمي إلبرام العقود وتنفيذ الصفقات؟!‪ ،‬أسئل ٌٌة كث ٌ‬
‫الروبوتاُت للعمل يف جمال التجارة اإللكرتونية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ْطِْل ََقت هذه‬ ‫النظِر الفقهي منذ أن ُُأ ِ‬
‫ِ‬ ‫يف‬
‫ِ‬
‫االجتهاِد الفقهي‬ ‫وُس ِِمح هلا بإبرام العقود وإمتام الصفقات‪ ،‬وال بّدّ أن يكون هلا إجاب ٌٌة يف‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫كِّل حاٍل ملزمون رش ًًعا وقضا ًًء بتحميل املسؤوليِة املدن ََّية الناشئة‬ ‫ٍ‬ ‫املعارص؛ ألننا عىل ِ‬
‫ٍ‬
‫مسؤوٍل‪ُُ ،‬يْلْ ز ُُم رش ًًعا باإليفاء‬ ‫ٍ‬
‫لشخٍص‬ ‫ِ‬
‫العقوِد‬ ‫عن اإلخالل بااللتزامات العْقْ د ّّية يف هذه‬
‫وبالتعويِض عن األرضار التي قد تنشأ عن اإلخالل هبا؛ ألنه ال‬ ‫ِ‬ ‫هبذه االلتزامات‪،‬‬
‫تتحّملها‪،‬‬ ‫العباِد املالّي ِِة عاري ًًة عن ٍ‬
‫ذمٍة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حقوُق‬ ‫يتصَّو ُُر أبًدً ا يف الرشيعة اإلسالمية أن تبقى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫بحاميِة الدين‪ ،‬وحمفوظ ٌٌة يف الرشيعة اإلسالمية‬ ‫ِ‬ ‫حقوٌق حمم ََّي ٌٌة عىل الدوام يف اإلسالم‬
‫ٌ‬ ‫فهي‬
‫ِ‬
‫واملشاححِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الضيِق‬ ‫ِ‬
‫بحفِظ الشارع‪ ،‬ومبني ٌٌة يف الرش ِِع عىل‬

‫‪ -2‬أهداف الدراسة‪:‬‬
‫هدفت هذه الورقة إىل عدة أمور هامة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أواًلا ‪ :‬إلقاء الضوء عىل تقنيات الذكاء االصطناعي املستخدمة يف جمال التجارة‬
‫اإللكرتونية‪.‬‬
‫عرٌض لتقنية الروبو (‪ )Robo‬ودورها يف إنشاء العقود اإللكرتونية وتنفيذها‪.‬‬
‫ثان ًًيا‪ٌ :‬‬
‫ثال ًًثا‪ :‬بيان مدى مرشوعية العقود اإللكرتونية املربمة هبذه التقنيات‪.‬‬
‫راب ًًعا‪ :‬حتديد ّ‬
‫حمّل املسؤولية العْقْ د ََّية الناشئة عن العقود املربمة هبذه التقنية‪.‬‬

‫‪ -3‬أسباب الدراسة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بجملٍة من األسباب‪ ،‬أمهها ما ييل‪:‬‬ ‫جاءت هذه الدراسة مدفوع ًًة‬
‫أواًلا ‪ :‬تلبية الدعوة الكريمة املوجهة من اللجنة العلمية املنظمة ملؤمتر الدوحة العارش‬
‫للامل اإلسالمي لالستكتاب العلمي يف هذه املسألة‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫وواجُب‬
‫ُ‬ ‫املهّمة يف أبواب العقود واملعامالت‪،‬‬ ‫ثان ًًيا‪ :‬هذه املسألة من النوازل الفقهية ّ‬
‫ِ‬
‫الرشعيِة هلذه النوازل‬ ‫ِ‬
‫الفقهيِة واألحكا ِِم‬ ‫ِ‬
‫التكييفاِت‬ ‫والنظَر يف‬ ‫َ‬
‫البحَث‬ ‫ِ‬
‫الوْقِْت يستلز ُُم‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫املسائُل مع ََّطل ًًة عن األحكام‪.‬‬ ‫واملستجدات‪ ،‬حتى ال تبقى هذه‬
‫املرونِة التي يتمتع هبا الفقه اإلسالمي ومدى استيعابه ألحكام تلك‬ ‫ِ‬ ‫ثال ًًثا‪ :‬إبراز مدى‬
‫البعِض حول مجود الفقه اإلسالمي وعدم‬ ‫ِ‬ ‫شاُع من‬
‫يرّوج و ُُي ُ‬
‫املستجدات‪ ،‬عىل عكس ما ّ‬
‫ِ‬
‫أحكاِمه للتطبيق املعارص‪.‬‬ ‫صالحية‬
‫خَّص اهلل تعاىل هبا الرشيع ََة اإلسالمي ََة‪ ،‬وجعلها مواكب ًًة‬ ‫ِ‬
‫الّسعِة التي َ‬ ‫راب ًًعا‪ :‬إظهار مدى ّ‬
‫ٍ‬
‫وحادثٍة‬ ‫ٍ‬
‫مسألٍة‬ ‫ِ‬
‫وقواعِدها الك ّّل ّّية‪ ،‬حتى صار لكل‬ ‫ٍ‬
‫ومكاٍن؛ بنصوصها العامة‬ ‫ٍ‬
‫زماٍن‬ ‫ّ‬
‫لكّل‬
‫ِ‬
‫األرِض‬ ‫العصوُر‪ ،‬ما دام يف‬ ‫ُ‬
‫الزماُن وامتَّدَ ت‬ ‫وجواٌب‪ ،‬مهام ب ُُعد‬ ‫حكٌم‬ ‫ِ‬
‫رشيعِة اإلسال ِِم‬ ‫يف‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫تنزُل عىل املسلمني إال وهلا يف دين اهلل تعاىل‬ ‫ٍ‬
‫بحّجة؛ فإن املعتقد أنه ما من نازلٍة ُ‬ ‫قائٌم هلل ّ‬ ‫ٌ‬
‫حكٌم ومْعَْت َََصم‪.‬‬
‫ٌ‬

‫‪ -4‬إشكالية الدراسة‪:‬‬
‫ِ‬
‫املتعاِقَدَ ْيْ ن يف تقنية الروبو (‪ ،)Robo‬فمنذ أن بدأت‬ ‫ِ‬
‫طبيعِة‬ ‫تكمن إشكالية الدراسة يف‬
‫قليلٍة مضت‪ ،‬كانت العقو ُُد اإللكرتونية فيها جتري‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫سنواٍت‬ ‫التجارة اإللكرتونية وحتى‬
‫تطَّور واختلف اختال ًًفا‬
‫األمَر َ‬
‫َ‬ ‫ريُد بيانه‪ ،‬لكن‬ ‫ٍ‬
‫أشخاٍص طبيع ِِّيني عىل النحو الذي س ُ‬ ‫بني‬
‫احلاُل ساب ًًقا‪ ،‬فأصبحت أغلب عقود التجارة اإللكرتونية اليوم‬ ‫جذرًّيً ا عام كان عليه ُ‬
‫حمّل األشخاص الطبيعيني يف مجي ِِع مراحل العقد؛‬ ‫ُتَُدَ ُاُر بواسطة الروبوتات التي ح ََّلت ّ‬
‫طرُف‬
‫ُ‬ ‫فصارت الروبوتات هي التي تعرض السلع وتتوىَّلى تسويقها يف حالة ما إذا كان‬
‫العقِد هو التاجر أو مو ِِّفر اخلدمة‪ ،‬وأضحت الروبوتات هي التي تتوىَّلى البحث عن‬ ‫ِ‬
‫قراًرا بالرشاء‪،‬‬
‫السلعة وتستعرض مواصفاهتا وثمنها‪ ،‬وتقارن بينها وبني مثيالهتا وتتخذ ً‬
‫ِ‬
‫مستهِلًكًا‪ ،‬وربام كانت هذه الروبوتات قادر ًًة عىل‬ ‫ِ‬
‫العقِد‬ ‫وذلك يف حالة ما إذا كان طرف‬
‫الدخول يف مزايدات عىل السلع ومفاوضات عىل األسعار؛ لتنتهي يف النهاية إىل اختاذ‬
‫قراٍر ببيع السلعة أو برشائها‪ ،‬وتربم العقد بناء عىل هذا القرار‪ ،‬وتتوىل تنفيذه وتنفيذ‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫كاملٍة‬ ‫عملية دفع الثمن وقبضه؛ كُّلُ ذلك نياب ًًة عن األشخاص الطبيعيني‪ ،‬وباستقاللية‬

‫‪92‬‬
‫عقٍد إلكرتوين‬‫األمِر أمام ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عن حتّكّمهم (‪ ،)Fully Autonomous‬حتى رصنا يف هناية‬
‫شخًصا‬ ‫وشخٍص طبيعي إذا كان املستهلك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫روبوٍت‬ ‫ٍ‬
‫وروبوٍت‪ ،‬أو بني‬ ‫ٍ‬
‫روبوٍت‬ ‫ُُأ ِْبِْرم بني‬
‫ً‬
‫طبيع ًًيا‪.‬‬
‫شخًصا‬
‫ً‬ ‫حمّل اإلشكال؛ ألن الروبوت يف هذه التقنية‪ ،‬ال يمكن أبًدً ا أن نعتربه‬ ‫وهنا يكمن ّ‬
‫‪-‬أيًضا‪ -‬أن نعتربه وسي ًًطا إلكرتون ًًيا عادًّيً ا أو آل ًًة صاَّما ء؛ ألنه هو من‬ ‫ً‬ ‫طبيعيا‪ ،‬وال يمكن‬
‫يتخُذ القرار بالبيع أو الرشاء يف هذه املعامالت‪ ،‬وهو من ُُيرْبر م العقَدَ وين ّّف ُُذه نياب ًًة عن‬ ‫ُ‬
‫سلطاٌن عليه أو حتّكّم يف مجيع مراحل العقد‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫ملستخدِمه‬ ‫مستخِد ِِمه؛ من غري أن يكون‬ ‫ِ‬
‫السؤاُل حمُّلُ الدراسة عن «االلتزامات العْقْ د ّّية» الناشئة عن هذه العقود‪ ،‬وعن‬ ‫ُ‬ ‫وهنا ير ُُد‬
‫لِة هلا‪ ،‬أهي «ذمة» الروبوت باعتباره هو الذي اختذ قرار إبرام العقد وتنفيذه‬ ‫الذمة املتحِّم ِ‬
‫ِ‬
‫سيظّل مستخِد ُُمه هو املسؤول عن هذه االلتزامات رغم‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دون حتك ٍٍم من ُمُْسْ تْخِْدِميه؟ أو‬
‫العقِد وتنفيذه دون سيطرِتِه؟!‪ .‬هذا ما ستحاول الدراس ُُة اإلجابة‬ ‫ِ‬ ‫تويِّلي الروبوت إبرا ََم‬
‫عليه من منظور الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫َْ‬
‫الَعْقد ََّية‪:‬‬ ‫‪ -5‬االلتزامات‬
‫بأمٍر ما‪ ،‬سواء التزمه بإلزا ِِم ِ‬
‫نفِسه‬ ‫ِ‬
‫اإلنساِن ٍ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالميِة يعني‪ :‬التزا ََم‬ ‫ِ‬
‫الرشيعِة‬ ‫االلتزا ُُم يف‬
‫واالتفاقاُت التي تتو ََّلد منها‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وباختياِره وإرادته‪ ،‬أو التزمه بإلزا ٍٍم من الشار ِِع(((‪ ،‬فالعقو ُُد‬
‫ِ‬
‫واختياِره‪،‬‬ ‫نفِسه بإرادِتِه‬
‫اإلنساُن عىل ِ‬‫ُ‬ ‫التزاماٌت أوجبها‬
‫ٌ‬ ‫التزاماٌت بني األشخاص‪ ،‬هي‬ ‫ٌ‬
‫َ‬
‫اإلنساَن وإن‬ ‫الشارُع هبا‬ ‫التزاماٌت ألز ََم‬
‫ٌ‬ ‫والتعويُض عن الَرَّض� َ ر ‪-‬مثاًلا ‪-‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وضامُن املت ََلفاِت‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫مل تكن له إراد ٌٌة يف االلتزام هبا‪.‬‬
‫الغرُض‬
‫ُ‬ ‫رابطٍة قانون ََّي ٍٍة تنشأ بني شخصني‪ ،‬يكون‬
‫ٍ‬ ‫وااللتزا ُُم عند القانونيني‪ :‬هو عبار ٌٌة عن‬
‫ِ‬
‫لآلخِر‬ ‫امللتِز ُُم)‬ ‫لشخٍص منهام‪ ،‬وذلك بالتزا ِِم ِ‬
‫أحِدمها (وهو املدي ُُن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫منفعٍة‬ ‫َ‬
‫حتصيَل‬ ‫منه‬
‫ويعرُف هذا‬
‫ُ‬ ‫االمتناَع عن عمل(((‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بعمٍل أو‬ ‫القياَم‬ ‫(وهو الدائُن املْلْ تَزُم له) إعطاَء ٍ‬
‫يشٍء أو‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الدائِن‬ ‫باحلّق الشخيص أو حق الدائن ََّية(((؛ ألننا إذا نظرنا إليه من جهة‬ ‫االلتزا ُُم عندهم ّ‬
‫((( احلق والذمة وتأثري املوت فيهام‪ ،‬الشيخ عيل اخلفيف ص ‪ ،227‬االلتزامات يف الرشع اإلسالمي‪ ،‬أمحد بك إبراهيم ص ‪.21‬‬
‫((( نظرية العقد‪ ،‬للسنهوري ‪ 1/1‬وما بعدها‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬للصدة ص ‪ 284‬وما بعدها‪.‬‬
‫الدائُن بمقتضاها‬
‫ُ‬ ‫وخيَّو ُُل‬
‫َ‬ ‫ًا‪،‬‬
‫ًن‬‫مدي‬ ‫واآلخُر‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ًا‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫داِئ‬ ‫مها‬ ‫أحُدُ‬ ‫هبا‬ ‫رابطٍة قانون ََّي ٍٍة بني شخصنْين ‪ُ ،‬‬
‫يصُري‬ ‫ٍ‬ ‫((( احلق الشخيص هو نوٌعٌ من أنواع احلقوق املالية تنشأ عن‬
‫يشٍء أو بالقيام بعمٍلٍ أو باالمتناع عن عمل (املدخل إىل القانون‪ ،‬د‪ .‬حسن كرية ص ‪.)467‬‬ ‫مطالب ََة املديِنِ بإعطاء ٍ‬

‫‪93‬‬
‫الشخِص ِ‬
‫امللتِزم (املدين)‬ ‫ِ‬ ‫شخٌّيص له‪ ،‬وإن نظرنا إليه من جهة‬ ‫حٌّق‬ ‫ِ‬
‫(صاحِب احلّقّ ) فهو ٌ‬
‫ٌ‬
‫فهو التزام(((‪.‬‬
‫‪ 5.1‬مصادر االلتزامات في الشريعة اإلسالمية‪:‬‬
‫بأِّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرشيعِة أنه ال إلزام بغري التزام؛ ألن األصل عندنا براء ُُة ِ‬
‫الِّذ ََمم من املطالبِة ِ‬ ‫قاعد ُُة‬
‫ُ‬
‫«األصُل‬ ‫ومْلِْزم‪ ،‬قال الباجي ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬ت ‪474‬هـ)‪:‬‬ ‫ٍب ِ‬ ‫سبٍب رشعٍّي ِ‬
‫موِج ٍ‬ ‫التزا ٍٍم دون ٍ‬
‫ٍ‬
‫الدليُل عىل إشغاهلا بالرشع»(((‪ .‬وقال‬ ‫ُ‬ ‫استصحاُب ذلك حتى َ‬
‫يدَّل‬ ‫ُ‬ ‫فيجُب‬
‫ُ‬ ‫براء ُُة الذمة‪،‬‬
‫ُب‪ ،‬هذا هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذمِة حتى يتح ََّق ََق‬ ‫ُ‬
‫املوِج ُ‬ ‫«األصُل براء ُُة‬ ‫القرايف ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬ت ‪684‬هـ)‪:‬‬
‫املجمُع عليها»(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫القاعد ُُة الرشعي ُُة‬
‫ومتنِّو ََع ٌٌة ال‬ ‫ريٌة‬ ‫ِ‬
‫الرشيعِة كث ٌ‬ ‫الّذمم بالديون وااللتزامات عندنا يف‬ ‫ِ‬
‫اشتغاِل ّ‬ ‫باُت‬
‫وِج ُ‬‫وُم ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ومتطّورة‪ ،‬ال سيام ما نشأ منها بإرادة‬ ‫ّ‬ ‫حُرصها بأعياهنا؛ رضور ََة كوهنا متجِّدِ د ًًة‬ ‫ُ‬ ‫يمك ُُن‬
‫فصوُر ذلك ‪-‬من غري‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫واجٍب للغري‪،‬‬ ‫بحٍّق ما ٍٍّيل‬ ‫اإلنسان واختياره‪ ،‬أو بسب إرْضر ِاِره ٍ‬
‫والوقائُع نازلة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫احلوادُث ترتى‬ ‫ُ‬ ‫شّك‪ -‬متنو ِِّع ٌٌة ومتعِّدِ د ٌٌة ما دامت‬ ‫ّ‬
‫مصادِر هذه االلتزامات‪ ،‬وهي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالنظِر إىل‬ ‫حِرص االلتزامات عندنا ال يتأَّتَى إاَّلا‬ ‫ِ‬ ‫وطريُق‬
‫ُ‬
‫املصادُر يف الرشيعة اإلسالمية ثالثة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫األسباُب الرشعي ُُة التي أنشأهتا‪ ،‬وهذه‬
‫ُ‬
‫كثًريا ما ألزمنا‬
‫الشارَع ً‬
‫َ‬ ‫الرشُع عندنا مصدر االلتزام؛ ألن‬
‫ُ‬ ‫(الرشُع)‪ :‬فقد يكون‬
‫ُ‬ ‫األول‪:‬‬
‫ِ‬
‫والزكواِت وغريها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الواجبِة‬ ‫ٍ‬
‫الزمٍة؛ كالنفقات‬ ‫بحقوٍق مال ّّي ٍٍة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بإلزاماٍت شغلت ذممنا‬
‫الضامُن الْرشْ عُّيُ املتو ََّلُدُ‬
‫ُ‬ ‫مصدُر االلتزا ِِم عندنا هو‬
‫ُ‬ ‫والثاين‪( :‬الضامن الرشعي)‪ :‬قد يكون‬
‫التسبّب‪،‬‬ ‫حّق‪ ،‬سواء وقع ذلك باملبارشة أو‬ ‫ِ‬
‫اإلرضاِر به بغري ّ‬ ‫ِ‬
‫الغِري أو‬ ‫إتالِف ِ‬
‫ماِل‬ ‫ِ‬ ‫من‬
‫ّ‬
‫ُب عليه ح ََّقا مال ََّيا للغري‪ .‬وقد يكون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫فينشُأ حينئٍذ التزاٌم يف ذَّمِة اإلنساِن (الضامن) ِ‬‫ُ‬
‫يوِج ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫نفِسه‪ ،‬سواء‬ ‫نفِسه أو ما دون ِ‬ ‫الضامُن الرشع متو ََّلًدً ا من اجلناية عىل اإلنسان يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫هذا‬
‫ُّيُ‬
‫حينئٍذ عىل اجلاين التزا ٌٌم ما ٌٌّيل‬‫ٍ‬ ‫تعَّذر فيه القصاص‪ ،‬فينشأ‬ ‫كانت اجلناي ُُة خطأ أو عمًدً ا َ‬
‫للمجني عليه يتم ََّثل يف الديات وأروش اجلنايات واحلكومات‪.‬‬
‫((( نظرية العقد‪ ،‬للسنهوري ‪ 1 /1‬وما بعدها‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬للصدة ص ‪ 284‬وما بعدها‪ ،‬املدخل إىل القانون‪ ،‬كرية ص ‪ ،469‬أحكام االلتزام‬
‫واإلثبات‪ ،‬د‪ .‬سمري تناغو ص ‪.219‬‬
‫((( املنتقى رشح املوطأ ‪.187/2‬‬
‫((( الفروق للقرايف ‪.38/3‬‬

‫‪94‬‬
‫ُ‬
‫الضامُن‪،‬‬ ‫«أسباُب الضامن ثالث ٌٌة‪ ،‬فمتى ُُو ِِجد واحٌدٌ منها‪ََ ،‬و ََج َ‬
‫َب‬ ‫ُ‬ ‫قال القرايف –رمحه اهلل‪:-‬‬
‫التفويُت مبارشًةً؛ كإحراق الثوب‬ ‫ُ‬ ‫ومتى مل يوجد واحٌدٌ منها‪ ،‬مل جيب الضامن‪ ،‬أحدها‪:‬‬
‫التسبُب لإلتالف؛ كحفر ٍ‬
‫بئٍر يف موض ٍٍع‬ ‫ُ‬ ‫وقتل احليوان وأكل الطعام ونحو ذلك‪ ،‬وثانيها‪:‬‬
‫مل يؤذن فيه‪ ،‬ووضع السموم يف األطعمة‪ ،‬ووقود النار بقرب الزرع ونحو ذلك مما شأنه‬
‫كيِد الغاصب»(((‪.‬‬ ‫اليِد غري املؤمتنة؛‪ِ ...‬‬
‫يف العادة أن يفيض غالًبا لإلتالف‪ ،‬وثالثها‪ :‬وضُع ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫عقٍد أو تُّرصٍُفٍ‬
‫بسبِب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪-‬أيًضا‪-‬‬
‫ً‬ ‫وثالث املصادر‪ :‬هو (العقد)‪ :‬فااللتزا ُُم عندنا قد ينشأ‬
‫جيُب عليه الوفا ُُء به؛ وهذا‬ ‫ُ‬
‫اإلنساُن بإرادته واختياره‪ ،‬فنتج عنه التزا ٌٌم ُ‬ ‫مرشو ٍٍع بارشه‬
‫ما يعرف بـ «االلتزامات العْقْ د ََّية» وذلك كالتزام البائع يف عقد البيع بتسلي ِِم املبي ِِع‬
‫الوكيِل يف عقد الوكالة بالترصف يف‬ ‫ِ‬ ‫للمشرتي‪ ،‬والتزام املشرتي بتسليم الثمن‪ ،‬وكالتزام‬
‫مطلقٍة أو مق ََّيدة‪ ،‬وكالتزام الواقف يف الوقف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بوكالٍة‬ ‫إطار ما ُُوِّكِل فيه‪ ،‬سواء كان موَّكَال‬
‫بجائزٍة أو خص ٍٍم‬ ‫ٍ‬ ‫نفَسه‬ ‫ِ‬
‫نفَسه به‪ ،‬وكالتزام من ألزم َ‬ ‫باإليفاء بام أوجبه عىل نفِسه وألزم َ‬
‫يشٍء ما‪ ،‬وهكذا يف سائر العقود والترصفات املرشوعة‪ ،‬وما‬ ‫بعمِل ٍ‬
‫ِ‬ ‫معنَّين يعطيه ملن قام‬
‫رشوٍط ْرشْ ع ََّية معتربة‪( .‬وباجلملة فإن‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫االتفاُق عليه فيها من‬ ‫تقتضيه هذه العقو ُُد وما تم‬
‫التزاماٌت عْقْ د ََّي ٌٌة رشعي ٌٌة‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عقٍد مرشو ٍٍع وما ورد فيه من رشوٍط معتربٍة‪ ،‬هي‬ ‫مقتىض أِّي ٍ‬
‫ِ‬
‫جيُب عىل املدين الوفا ُُء هبا للدائن)‪.‬‬
‫ُ‬
‫مصدًرا جلميع االلتزامات عندنا‪ ،‬جلاز لك ذلك‬ ‫ً‬ ‫الرشَع وحده‬ ‫َ‬ ‫وإن شئت أن َ‬
‫جتعَل‬
‫الضامِن بإلزا ِِم الْرشِْعِ؛ يف قول‬ ‫ِ‬ ‫وجَب عىل‬ ‫الرشعَّي‬ ‫َ‬
‫الضامَن‬ ‫باملبارشِة أو بالواسطة؛ ألن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ْيُْكْمْ } [البقرة‪،]194 :‬‬ ‫ْيُْكْمْ ََفاْعَْتَُدُ ْوْ ا ََع ََل ِْيِْه ِبِ ِِم ِ‬
‫ْثِْل ََما اْعَْتََدَ ى ََع ََل ُ‬ ‫اهلل تعاىل‪ََ { :‬ف ََم ِِن اْعَْتََدَ ى ََع ََل ُ‬
‫االلتزاماُت العْقْ د ََّي ُُة يف العقود‬ ‫بإناٍء»(((‪ .‬وكذا‬ ‫وقول النبي ﷺ‪« :‬طعاٌم بطعا ٍٍم‪ ،‬وإناٌء ٍ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫امللتِز ِِم بإجياب الشارع؛ لقول اهلل تعاىل‪ََ { :‬يا ََأَهُّي� َا ا ََّلِذي ََن آ ََمُنُوا‬ ‫املديِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫املرشوعِة وجبت عىل‬ ‫ِ‬
‫وِد} [املائدة‪ ،]1 :‬وقول النبي ﷺ‪« :‬املسلمون عىل رشوطهم»(‪.((1‬‬ ‫ْوُْفوا ِبِاْلُْع ُُق ِ‬
‫ََأ ُ‬
‫ُ‬

‫((( الفروق ‪.69،68/4‬‬


‫((( أخرجه الرتمذي يف سننه من حديث أنس‪ ،‬يف أبواب األحكام عن رسول اهلل ﷺ‪ /‬باب‪ :‬ما جاء فيمن يكرس له اليشء‪ ،‬ما حيكم له من مال الكارس؟‬
‫ح رقم (‪ )1359‬وقال‪« :‬حديث حسن صحيح»‪.‬‬
‫(‪ ((1‬أخرجه أبو داود يف سننه من حديث أيب هريرة‪ ،‬كتاب‪ :‬األقضية‪ /‬باب يف الصلح ح رقم (‪ ،)3594‬قال ابن حجر يف تغليق التعليق [‪:]281/3‬‬
‫«روي من حديث أيب هريرة وعمرو بن عوف وأنس بن مالك ورافع بن خديج وعبد اهلل بن عمر وغريهم‪ ،‬وكلها فيها مقال‪ ،‬لكن حديث أيب هريرة‬
‫أمثلها»‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ 5.2‬العقد في الشريعة اإلسالمية باعتباره مصدًرً ا لاللتزام‪:‬‬
‫�ِ‬
‫الناجتِنْي من‬ ‫ِ‬
‫للداللِة عىل اإللزام وااللتزام‬ ‫ِ‬
‫فقهاِء املسلمني‪-‬‬ ‫ِ‬
‫‪-‬باتفاِق‬ ‫يطلُق ُ‬
‫لفُظ «العقد»‬ ‫ُ‬
‫وقبوٍل متواِفِ ََقنْين عىل‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إجياٍب‬ ‫ِ‬
‫ارتباِط‬ ‫اتفاٍق بينهام قائ ٍٍم عىل‬ ‫ِ‬
‫إنشاِء ٍ‬ ‫توافق إرادتني أو أكثر عىل‬
‫وعَّرف فقهاؤنا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫األثَر املطلوب ‪َ ،‬‬ ‫جملٍس واحٍد عىل الوجِه الذي ينتج َ‬ ‫حمّل العقد‪ ،‬يف‬
‫(‪((1‬‬

‫ْظِْه ُُر أثره يف‬ ‫باآلخِر عىل ٍ‬


‫وجٍه مرشو ٍٍع ُُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقبوِل‬ ‫ِ‬
‫اإلجياِب‬ ‫«تعُّلُُق ٍ‬
‫كٍّل من‬ ‫ُ‬ ‫«االنعقاد» بأنه‪:‬‬
‫مجيَع عقود املعاوضات والرشكات والتوثيقات والوكاالت‬ ‫املحل»(‪ ،((1‬ويشمل ذلك َ‬
‫وعقود االستحفاظ واإلرفاق وغريها من العقود املتعددة األطراف التي تستلزم وجود‬
‫عاِقَدَ ْيْ ن أو أكثر‪.‬‬ ‫ِ‬

‫والنذوِر ونحوها‪ -‬فقد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫واأليامِن‬ ‫ِ‬
‫‪-‬كالوقوِف‬ ‫ٍ‬
‫واحٍد‬ ‫ٍ‬
‫طرٍف‬ ‫أما االلتزامات الصادر ُُة من‬
‫ٍ‬
‫تّرصفاٍت؟‪.‬‬ ‫اختلف الفقه اإلسالمي يف تسميتها عقو ًًدا أو ّ‬
‫فقهاِء اإلسالم إىل إدراجها يف مفهوم العقود؛ اعتامًدا منهم عىل الِّس ِ‬
‫عِة‬ ‫ِ‬ ‫فامل مجاع ٌٌة من‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫املفهومِة من داللة لفظة «العقد»؛ فإهنا وضعت يف اللغة للداللة عىل التأكيد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لغويِة‬ ‫اُّلُ‬
‫فارٍس ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬ت ‪395‬هـ)‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫واإلحكا ِِم‪ ،‬واإللزام وااللتزام‪ ،‬حتى قال ابن‬
‫فروُع‬
‫ُ‬ ‫ترجُع‬
‫ُ‬ ‫وٍق‪ ،‬وإليه‬ ‫وِشَّدَ ِِة ُُو ُُث ٍ‬
‫أصٌل واحٌدٌ يدُّلُ عىل ََشٍّدٍ ‪ِ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫والداُل‬ ‫والقاُف‬
‫ُ‬ ‫«العُني‬
‫ُ‬
‫نفَسه‪،‬‬ ‫اإلنساُن وأْلْ زم به َ‬
‫ُ‬ ‫كّل ما أَّكَ َدَ ه‬ ‫الباِب كلها»(‪ .((1‬وهذا يقتيض أن يشمل العقُدُ ّ‬ ‫ِ‬
‫اجلصاُص ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬ت‬ ‫طرٍف آخر أو مل يتو ََّقف‪ ،‬فقال‬ ‫ٍ‬ ‫قبوٍل من‬ ‫ٍ‬ ‫سواء تو ََّقف عىل‬
‫ُ‬
‫غِريه فع ََله عىل ِ‬
‫وجِه‬ ‫يعِقُدُ عىل ِ‬ ‫أمٍر يفع ُُله هو‪ ،‬أو ِ‬ ‫‪370‬هـ)‪« :‬العقُدُ ‪ :‬ما يعقُدُ ه العاقُدُ عىل ٍ‬
‫اعتباراٌت‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫الرشعِّي‬
‫ِ‬ ‫إلزاِم ِِه إ ََّياه»(‪ ،((1‬وقال الزركيش ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬ت ‪794‬هـ)‪« :‬وللعقد‬ ‫ِ‬
‫وعدِمه‪ -‬ينقسم إىل رضبني‪ :‬عقٌدٌ ينفر ُُد به العاقد‪ ،‬وعقٌدٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االستقالِل به‬ ‫ِ‬
‫‪-‬باعتباِر‬ ‫األول‬
‫متعاِقَدَ ْيْ ن»(‪ ،((1‬وإىل هذا مال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬ت‬ ‫ِ‬ ‫ال ُُبَّدَ فيه من‬

‫(‪ ((1‬اهلداية مع رشح فتح القدير ‪ 255/6‬وما بعدها‪ ،‬مواهب اجلليل ‪ 13/6‬وما بعدها‪ ،‬املجموع ‪ 169/9‬وما بعدها‪ ،‬الروض املربع‪ ،‬للبهويت‬
‫‪.24،23/2‬‬
‫(‪ ((1‬العناية للبابريت ‪ ،248/6‬جملة األحكام العدلية (مادة ‪.)104‬‬
‫(‪((1‬مقاييس اللغة‪ ،‬البن فارس‪ ،‬مادة (عقد) ‪.67/4‬‬
‫(‪ ((1‬أحكام القرآن‪ ،‬للجصاص ‪.285/3‬‬
‫(‪ ((1‬املنثور للزركيش ‪.397/2‬‬

‫‪96‬‬
‫‪728‬هـ) يف رسالته يف «العقود»(‪.((1‬‬
‫قَرصه عىل توافق إرادتني أو‬
‫الرشعَّي» بام يفيد َ‬ ‫َ‬ ‫لكن مجاع ًًة من الفقهاء َ‬
‫عَّرفوا «العقَدَ‬
‫أكثر‪ ،‬فقال الرسخيس ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬ت ‪490‬هـ)‪« :‬العقُدُ هو‪ُ :‬‬
‫ربُط اإلجياب بالقبول‬
‫وجٍه ينعقد أحُدُ مها باآلخر حكاًما »(‪ ،((1‬وقال الشيخ حممد بن عرفة الدسوقي ‪-‬رمحه‬ ‫عىل ٍ‬
‫ٍ‬
‫وقبوٍل»(‪.((1‬‬ ‫ٍ‬
‫إجياٍب‬ ‫اهلل‪( -‬ت ‪1230‬هـ) يف «حاشيته»‪« :‬العقو ُُد هي كُّلُ ما يتو ََّق ُ‬
‫ُف عىل‬
‫وإىل هذا االجتاه مال الفق ُُه القانوُّينُ الذي َفَّرق بني الترصفات املبنية عىل توافق اإلراداتني‬
‫فسَّمى األوىل منهام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من طرفني أو أكثر‪ ،‬وبني الترصفاِت احلاصلِة باإلرادة املنفردة‪َ ،‬‬
‫وسَّمى الثاني ََة منهام «ترص ًًفا باإلرادة املنفردة»(‪ .((1‬وعندي أن هذا االجتاه يف‬ ‫«عقو ًًدا»‪َ ،‬‬
‫نظًرا التساع دائرة املعامالت املالية‬ ‫الفقهني اإلسالمي والقانوين هو األوىل بالرتجيح؛ ً‬
‫نسّم ََيها عقو ًًدا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫لتّرصفاٍت ال يمكن لنا يف عرفنا املعارص أن ّ‬ ‫يف عرصنا احلارض‪ ،‬وشموهلا ّ‬
‫النصوُص الرشعي ُُة يف‬‫ُ‬ ‫ٌرب ما دامت‬‫والعرُف معت ٌ‬
‫ُ‬ ‫والعاد ُُة يف الرشيعة اإلسالمية حمَّك َََم ٌٌة‪،‬‬
‫عرِض السلعة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تسميِة‬ ‫ْعِْوزة؛ فال سبيل فيام نحن فيه ‪-‬عىل سبيل املثال‪ -‬إىل‬ ‫ِ‬
‫املسألِة ُُم ِ‬
‫املستهِلك‪ ،‬وال سبيل إىل تسمية التسويق‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بقبوٍل من‬ ‫املتاجر اإللكرتونية «عقًدً ا» ما مل يرتبط‬
‫املستهِلك‪ ،‬وال إىل تسمية «افتتاح املزايدة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بقبوٍل من‬ ‫الذكي «عْقًْدً ا» ما مل يرتبط هو اآلخر‬
‫جهِة ِ‬
‫املزاِيد» «عقًدً ا»‬ ‫عىل الثمن» يف عقود املزايدات «عقًدً ا»‪ ،‬وال «التقّدّ م بالعطاء من ِ‬
‫احلاُل يف املناقصات وباقي الترصفات‪ .‬ويبقى‬ ‫املزاِيد‪ ،‬وكذا ُ‬ ‫رُس ّّو العطاء عىل ِ‬ ‫ما مل يتم ُ‬
‫ِ‬
‫املسألِة لفظًّيًا غري مؤ ِِّثر‪.‬‬ ‫اخلالُف يف‬
‫ُ‬

‫ْ‬
‫‪ 5.3‬شرط ثبوت االلتزامات العْقد ََّية في الشريعة اإلسالمية‪:‬‬

‫األمُر‪ ،‬فإن االلتزامات العْقْ د ََّية الناجتة عن العقود والترصفات ال يمكن أبًدً ا‬ ‫ُ‬ ‫أًّيً ا كان‬
‫للتّرصف‪،‬‬‫ّ‬ ‫أهٍل‬ ‫ٍ‬
‫شخٍص ٍ‬ ‫صادًرا من‬
‫ً‬ ‫التُّرصُُف‬
‫ُ‬ ‫أن تثبت يف الرشيعة إاَّلا إذا كان العقُدُ أو‬
‫بتّرصفاِتِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ًحلا لالعتداِد ّ‬
‫الشخِص بأهليِة أداٍء جتعله صا ً‬ ‫التّرصف هنا‪( :‬متُّتُع‬
‫ّ‬ ‫ونعني بأهلية‬

‫(‪ ((1‬العقود ص ‪ 19‬وما بعدها‪.‬‬


‫(‪ ((1‬أصول الرسخيس ‪.198/1‬‬
‫(‪ ((1‬حاشية الدسوقي ‪.5/3‬‬
‫(‪ ((1‬نظرية العقد واإلرادة املنفردة‪ ،‬د‪ .‬عبد الفتاح عبد الباقي ص ‪.33‬‬

‫‪97‬‬
‫ِ‬
‫األداِء صالحي ُُة‬ ‫يف نظر الرشع)‪ .‬قال السعد التفتازاين –رمحه اهلل‪( -‬ت ‪793‬هـ)‪« :‬أهلي ُُة‬
‫الفعِل منه عىل ٍ‬
‫وجٍه ُيُْعْ تُّدُ به رش ًًعا»(‪.((2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لصدوِر‬ ‫املحكو ِِم عليه‬
‫ٌ‬
‫ورشٌط‬ ‫لنفاِذها‪،‬‬‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫ورشٌط‬ ‫والتّرصفات‬ ‫رشٌط لصحة ممارسة العقود‬ ‫ٌ‬ ‫وهذه األهلي ُُة عندنا‬
‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫تّرصف‪ ،‬وال تثبت هذه األهلية يف الرشيعة إاَّلا‬ ‫ِ‬
‫إلنساٍن‬ ‫لتحّمل املسؤول ََّيِة العْقْ د ََّية يف أي ّ‬ ‫ّ‬
‫ٌف‪ ،‬فضاًلا عن أن‬ ‫تّرص ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يصّح منه ّ‬
‫ّ‬ ‫تصَّو ُُر عندنا بحاٍل أن‬‫العقِل ال ُُي َ‬ ‫مُممِّيز‪ ،‬ففاقُدُ‬
‫عاقٍل و ِ‬
‫العْقِْد ّّية‪ ،‬ومن أجل هذا أمجع فقهاؤنا ‪-‬رمحهم اهلل‪ -‬عىل عدم‬ ‫ِ‬ ‫يكون أهاًلا لاللتزامات‬
‫والصبِّي غري املم ِِّيز؛ النعدام أهلية األداء فيهام(‪.((2‬‬ ‫عقوِد املجنون‬‫ِ‬ ‫صحة‬
‫ِ‬
‫«العقُل» رش ًًطا يف حتصيل هذه األهلية عند فقهاء اإلسالم‪ ،‬فإن رشط «اآلدمية»‬‫ُ‬ ‫وإذا كان‬
‫تصُّوُُره إاَّلا يف آدمي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عندهم الزم؛ ألن العقل ال يمك ُُن‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫‪ 5.4‬محّل ثبوت االلتزامات العْقد ََّية في الشريعة اإلسالمية (الذمة في اآلدميين)‪:‬‬
‫ِ‬
‫والتمِي ُيُز رش ًًطا الز ًًما لصحة إبرام العقود ونفاذها‪ ،‬فإن االلتزامات التي‬ ‫ُ‬
‫العقُل‬ ‫إذا كان‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تنتُج عن هذه العقود ‪-‬حال انعقادها من ٍ‬
‫أهٍل هلا‪ -‬تستلز ُُم عند الفقهاِء وجو ََد «ذ ََّمٍة» يف‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫العاِقد تكون ا‬
‫حماًّل هلذه اإللزامات وااللتزامات‪.‬‬
‫رشعٌّي مقَّدَ ٌٌر يف ّ‬
‫املحّل يقبل اإللزام وااللتزام»(‪ ،((2‬قال‬ ‫ٌ‬ ‫«أمٌر‬
‫عَّرفها الفقهاء‪ٌ :‬‬ ‫والذم ُُة كام َ‬
‫حمٍّل دون ٍ‬
‫حمٍّل‪ ،‬ويقيض بارتفاعها بعد‬ ‫الشارُع يف ٍ‬
‫ُ‬ ‫القرايف‪« :‬الذم ُُة صف ٌٌة رشعي ٌٌة يقِّدِ ُُرها‬
‫ثبوهتا يف امليت ونحوه»(‪.((2‬‬
‫وقد اصطلح األصوليون عىل تسميتها بـ «أهلية الوجوب»‪ ،‬وهي «صالحية اإلنسان‬
‫املرشوعِة له‪ ،‬وعليه»(‪ ،((2‬ومناط هذه األهلية يف الرشيعة صف ُُة «اآلدم ّّي ِِة»‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقوِق‬ ‫ِ‬
‫لوجوِب‬
‫فيصُري هبا‬ ‫ٍ‬
‫إنساٍن منذ والدته إىل أن يموت‪،‬‬ ‫يف اإلنسان؛ بحيث تثبت عندهم كامل ًًة ِ‬
‫لكِّل‬
‫ُ‬
‫ًحلا لثبوت احلقوق له (اإللزامات)‪ ،‬ووجوب الواجبات عليه (االلتزامات)‪ ،‬وتثبت‬
‫صا ً‬

‫(‪ ((2‬رشح التلويح عىل التوضيح ‪.321/2‬‬


‫(‪ ((2‬بدائع الصنائع ‪ ،135/5‬مواهب اجلليل ‪ ،242/4‬املجموع للنووي ‪ ،159 ،149/9‬رشح منتهى اإلرادات ‪.7/2‬‬
‫(‪ ((2‬غمز عيون البصائر ‪ ،6/4‬وينظر‪ :‬القرايف يف الفروق ‪.33/3‬‬
‫(‪ ((2‬نفائس األصول ‪.3548/8‬‬
‫(‪ ((2‬التقرير والتحبري‪ ،‬البن احلاج ‪ 164/2‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1403‬هـ ‪1983‬م‪ ،‬رشح التلويح عىل التوضيح‪ ،‬لسعد‬
‫الدين التفتازاين ‪ 321/2‬ط‪ .‬مكتبة صبيح بمرص‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫احلقوِق عليه‪،‬‬‫ِ‬ ‫نظًرا لعدم صالحيته لوجوب‬ ‫ٍ‬
‫عندهم غري مكتملٍة للجنني يف بطن أمه؛ ً‬
‫وصالحيته فقط لثبوت بعض احلقوق له ‪-‬كاإلرث والنسب ونحومها‪.((2(-‬‬
‫مجيُع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وملا كانت الذم ُُة عندنا وعا ًًء مقَّدَ ًًرا يف اآلدمي جيمع َ‬
‫كَّل حقوِقه والتزاماِته‪ ،‬صارت ُ‬
‫ِ‬
‫احلقوِق املال ََّية املقَّدَ رة فيها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الثابتِة يف الذمة مضمون ًًة بجميع‬ ‫ِ‬
‫والديوِن‬ ‫ِ‬
‫االلتزاماِت املال ََّية‬
‫ِ‬
‫احلقوِق املقَّدَ رة فيها‪ ،‬كانت «ذ ََّم ًًة‬ ‫ُ‬
‫والديوُن املقَّدَ ر ُُة يف الذمة عىل‬ ‫االلتزاماُت‬
‫ُ‬ ‫فإذا زادت‬
‫احلقوُق فيها عىل الديون وااللتزامات‪ ،‬كانت «ذم ًًة دائن ًًة»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مدين ًًة»‪ ،‬وإذا زادت‬
‫هذا‪ ،‬ومل ُُيَت َََص ََّور عند فقهاء اإلسالم قدياًما أن تثبت هذه الذمة (أهلية الوجوب) لغري‬
‫ُّبَُك ِِمن‬ ‫﴿َوِإِْذْ ََأ ََخ ََذ ََر َ‬
‫اآلدميني؛ ألهنا العهد الذي أخذه اهلل تعاىل عىل بني آدم يف قوله‪َ :‬‬
‫ْسُْت ِبِ ََر ِِّب ُُكْمْ ََقا ُُلوا ََبٰىَل� ٰ ََش ِِهْدَْنَا﴾‬ ‫ْشَْهَدَ ُُهْمْ ََعٰىَل� ٰ ََأن ُُف ِِس ِِهْمْ ََأ ََل ُ‬ ‫َبِنِي آَدَم ِِمن ُُظُه ِ ِ‬
‫وِرِهْمْ ُُذ ِِّر ََّيَت َُُهْمْ ََو ََأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫أمانُة التكليف التي ك ََّلف اهلل تعاىل هبا اإلنسان يف قوله‪ِ﴿ :‬إَِّنَا‬ ‫[األعراف‪ ،]172 :‬وألهنا ُ‬
‫ْقَْن ِِم َْنَْها ََوَمَح� َ ََل ََها‬ ‫َنْي ََأن ْحَي ِ‬
‫�ِْمْلَْن َََها ََو ََأ َ‬
‫ْشَْف َ‬ ‫اِجْل ََب ِ‬
‫اِل ََف ََأ ََب � َ‬ ‫ْرِْض ََو �ِ‬
‫اِت ََو �اَأْلَ ِ‬‫ََعَرْضَْنَا �اَأْلََما ََن ََة ََعىَلى الَّساَماَو ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مجيَع خطابات الشارع بام حتمله من أحكام رشعية‬ ‫اُن﴾ [األحزاب‪ ،]72 :‬وألن َ‬ ‫نَس ُ‬ ‫�ِ‬
‫اِإْل َ‬
‫يقِد ُُر عىل فهم خطاب الشارع‬ ‫اإلنساِن اآلدمي‪ ،‬فهو وحده من ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتكليفاٍت موجه ٌٌة إىل‬ ‫ٍ‬
‫اٍن ََأ َْلَْزْمَْنَا ُُه ََط ِاِئ ََر ُُه يِفي ُُعُن ُِِق ِِه ََوُن ِ‬
‫ُْخِْر ُُج ََل ُُه‬ ‫وتنفيذ حك ِِم اهلل تعاىل فيه‪ ،‬قال تعاىل‪َ{ :‬وُك ََُّل ِإِنَس ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وًرا} [اإلرساء‪ ،]10 :‬قال يف «كشف األرسار»‪« :‬أي‪ :‬ألزمناه‬ ‫نُش ً‬ ‫اْلِْق ََيا ََم ِِة ِِكَتَا ًًبا ََي َ‬
‫ْلَْقا ُُه ََم ُ‬ ‫َيْوَْم ِ‬
‫َ َ‬
‫ما طار له من عمله‪ ...،‬وقوله‪( :‬يف عنقه) عبارة عن اللزوم‪ ،‬يقال ملن التزم شيئا‪ :‬يقلده‬
‫طوَق احلاممة‪ ،‬ويقول الرجل آلخر‪ :‬جعلت هذا األمر يف عنقك‪ ،‬إذا ألزمه إياه»(‪،((2‬‬ ‫َ‬
‫الصبِّي حتى‬ ‫ثالثٍة‪ :‬عن النائ ِِم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن‬ ‫ٍ‬ ‫القلُم عن‬ ‫وقال النبي ﷺ‪« :‬رفع‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫واحلساُب إنام يكون‬
‫ُ‬ ‫حيتلم‪ ،‬وعن املجنون حتى يعقل»(‪« ،((2‬واملراد بالقلم‪ :‬احلساب‪،‬‬
‫بعد لزوم األداء‪َ ،‬‬
‫فدَّل أن ذلك ال يثبت إال باألهلية الكاملة‪ ،‬وهي اعتدال احلال بالبلو ِِغ‬
‫عن ٍ‬
‫عقٍل»(‪.((2‬‬
‫‪-‬أيًضا‪-‬‬
‫املتصّور أبًدً ا عند فقهاء اإلسالم أن تثبت هذه األهلية ً‬
‫ّ‬ ‫ومن أجل هذا مل يكن من‬

‫(‪ ((2‬أصول الرسخيس ‪.333/2‬‬


‫(‪ ((2‬كشف األرسار ‪.239/4‬‬
‫(‪ ((2‬أخرجه الرتمذي يف سننه‪ ،‬كتاب‪ :‬أبواب احلدود‪ /‬باب‪ :‬ما جاء فيمن ال جيب عليه احلد‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن غريب‪.‬‬
‫(‪ ((2‬كشف األرسار ‪.249/4‬‬

‫‪99‬‬
‫لغري اآلدميني(‪((2‬؛ حتى قال الغزايل ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬ت ‪505‬هـ)‪« :‬أما أهلية ثبوت‬
‫األحكام يف الذ ََّمة‪ ،‬فمستفا ٌٌد من اإلنسان ََّية»(‪ ،((3‬وقال ابن أمري حاج (ت ‪879‬هـ)‪:‬‬
‫العقِل بدون هذا‬ ‫ِ‬ ‫ثبوُت‬ ‫بالذَّمة‪ ،‬حتى لو فرض‬ ‫ِ‬
‫الوصِف املسمى‬ ‫مبنٌّي عىل‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫«الوجوُب ٌ‬
‫ُ‬
‫الوجوُب له وعليه‪ ،‬واحلاصل أن هذا‬ ‫غِري آدمي‪ ،‬مل يثبت‬ ‫ٍ‬
‫َِب يف حيواٍن ِ‬
‫ُ‬ ‫الوصف بأن رِّك َ‬
‫ِ‬
‫اإلنساِن أهاًلا للوجوب له وعليه‪ ،‬والعقل‬ ‫ِ‬
‫السبِب لكون‬ ‫الوصف ‪-‬يعني الذمة‪ -‬بمنزلة‬
‫حمَّل أمانِتِه‪،‬‬
‫بمنزلة الرشط»(‪ .((3‬وقال السعد التفتازاين‪« :‬إذا خلق اهلل تعاىل اإلنسان َ‬
‫أكرمه بالعقل والذ ََّمة‪ ،‬حتى صار أهاًلا لوجوب احلقوق له وعليه‪ ،‬وثبت له حقوق‬
‫العصمة واحلرية واملالك ََّية»(‪.((3‬‬
‫مّر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويف ضوء هذا تأسست أحكا ُُم االلتزاماِت واملعامالِت يف الفقه اإلسالمي عىل ّ‬
‫العصوِر إىل أن وصلنا إىل عرص الثورات الصناعية يف العرص احلديث‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪ -6‬االلتزامات العقدية في الشخصية االعتبارية‪:‬‬


‫ٌ‬
‫رشٌط‬ ‫ُ‬
‫والعقُل ا ُُمل ََم ِِّي ُُز‬ ‫سار الفق ُُه اإلسالمي يف مجيع مراحله التارخيية عىل قاعدة‪« :‬اآلدمي ُُة‬
‫ونفاِذ االلتزامات العْقْ د ََّية»‪ ،‬إىل أن وصلنا إىل عرص الثورة الصناعية األوىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لصحِة‬
‫ٍ‬
‫صناعيٍة كربى‬ ‫املحَّرك البخاري يف عام ‪1775‬م وما صحبه من مشاريع‬ ‫عقب اخرتاع َ‬
‫تعتمد عىل املاكينات واآلالت البخارية يف التصنيع والتشغيل والنقل التجاري أكثر من‬
‫ِ‬
‫األخِري من‬ ‫اعتامدها عىل العنرص البرشي‪ ،‬ثم تلتها الثور ُُة الصناعي ُُة الثاني ُُة ‪-‬يف الثلث‬
‫القرن التاس ِِع عرش‪ -‬عقب ظهور املحركات الكهربائية وحمطات توليد الكهرباء‪ّ ،‬‬
‫ليحّل‬
‫املحِّرك البخاري يف تشغيل املاكينات واآلالت وتسيري الناقالت‬ ‫املحِّر ُُك الكهربائي َ‬
‫حمَّل ِ‬ ‫ِ‬
‫وتعامالٍت جتارَّيٍةٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وقطارات البضائع‪ ،‬األمر الذي أدى إىل ظهور هنضٍة صناعيٍة كبرية‪،‬‬
‫َ‬
‫اقتصاديٍة ضخمة مل يعهدها العاُمل ُ من قبل‪ .‬وقد صاحب هذه النهضة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وأنشطٍة‬ ‫واسعة‪،‬‬
‫أمواٍل ضخمة لتشييد املصانع الكربى واملشاريع‬ ‫ٍ‬ ‫حاَّج ُُة املجتم ِِع إىل جتميع رؤوس‬
‫َ‬

‫(‪ ((2‬أصول البزدوي مع كشف األرسار ‪ 237/4‬وما بعدها‪ ،‬أصول الرسخيس ‪ ،333/2‬رشح التلويح عىل التوضيح ‪ ،231/2‬التقرير والتحبري عىل‬
‫حترير ابن اهلامم‪ ،‬البن أمري حاج ‪ 164/2‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ((3‬املستصفى‪ ،‬للغزايل ص ‪.67‬‬
‫(‪ ((3‬التقرير والتحبري ‪.164/2‬‬
‫(‪ ((3‬رشح التلويح ‪321/2‬‬

‫‪100‬‬
‫شخٌص واحٌدٌ أو جمموعة‬ ‫ٌ‬ ‫االقتصادية العمالقة التي ال يستطيع أن يفي بتمويلها‬
‫ٍ‬
‫«رشكاٍت جتارية مسامهة» تتكَّتَل‬ ‫أشخاص معدودين‪ ،‬فتو ََّلدت يف املجتمع فكر ُُة إنشاء‬
‫رؤوُس أموال مجاعات األفراد املسامهني؛ لإليفاء هبذه احلاجة املجتمعية املفروضة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فيها‬
‫معّوقات تأسيس هذه الرشكات حينذاك مسألة «االلتزامات العْقْ د ََّية» التي‬ ‫وكان من ّ‬
‫ِ‬
‫املطالبِة إىل ذمم‬ ‫املكِّونني هلذه الرشكات‪ ،‬فكان الق ُُلق من امتداد‬ ‫ِ‬
‫متتّدّ إىل ذمم األفراِد ِ‬
‫اخلاّصة‬ ‫ِ‬
‫الستيفاِء االلتزامات العْقْ د ََّية من أمواهلم‬ ‫أصحاب الرشكات واملسامهني فيها‬
‫ّ‬
‫حال تعثر الرشكات أو إفالسها وعجزها عن اإليفاء بالتزاماهتا‪ -‬كان ذلك عائ ًًقا‬
‫قوًّيً ا حال دون إقبال األفراد عىل عقد هذه الرشاكات‪ ،‬أضف إىل ذلك صعوبة إبرام‬
‫العقود وتنفيذ املعامالت يف تلك الرشكات الكربى؛ لصعوبة التعامل القانوين مع ّ‬
‫كّل‬
‫شخٍص عىل حدة من هذا العدد الكبري من األفراد املسامهني‪ ،‬األمر الذي دفع الفقه‬ ‫ٍ‬
‫القانوين الغريب وقتها إىل التفكري يف إضفاء صفة «الذ ََّمة» عىل هذه الرشكات وجمموعات‬
‫ٍ‬
‫املكِّونني هلا؛ بحيث تصري هبذه‬ ‫األفراد واألموال؛ لتصري صاحب ََة ذم ٍٍم منفصلٍة عن ذمم ِ‬
‫ٍ‬
‫بمعزٍل تا ٍٍّم عن ذمم‬ ‫الذمة أهاًلا لإللزام وااللتزام‪ ،‬وأهاًلا لوجوب احلقوق هلا وعليها‪،‬‬
‫أصحاهبا‪ ،‬وكذا إضفاء صفة «الصالحية وأهلية األداء» عىل هذه الكيانات؛ لالعتداد‬
‫ومعامالٍت وما ينتج عنها من «التزامات عْقْ د ََّية»‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عقوٍد‬ ‫بام ترب ُُمه من‬
‫وبالفعل ُُمِنِ ََحت هذه الرشكات وجمموعات األشخاص واألموال يف القوانني الغربية‬
‫وقوانني دولنا العربية واإلسالمية صفة «الشخصية القانونية» التي كانت قبل ذلك ال‬
‫نُح إاَّلا لألشخاص الطبيعيني من اآلدميني‪ ،‬وعرفت هذه الشخصية باسم «الشخصية‬ ‫ْمُت�ْ ُ‬
‫متييًزا هلا عن «الشخصية الطبيعية» لإلنسان‪ ،‬وصار هذا‬ ‫االعتبارية» أو «املعنوية» ً‬
‫الشخُص املعنوُّيُ يتمَّتَع بجميع احلقوق التي يتمتع هبا الشخص الطبيعي باستثناء ما‬ ‫ُ‬
‫كان منها مالز ًًما لصفة اإلنسانية(‪ ،((3‬فصار هلا بمقتىض هذه الشخصية موط ٌٌن ووجو ٌٌد‬
‫املكِّونني هلا‪ ،‬وصار هلا ذ ََّم ٌٌة مال ََّي ٌٌة مستق ََّلة عن ذمم ِ‬
‫مكِّونيها‪ ،‬وأهلي ُُة‬ ‫مستقٌل عن األفراد ِ‬ ‫ٌ‬
‫أنِشئت من أجله‪ ،‬وصار هلا‬ ‫أداٍء تؤهلها لتنفيذ املعامالت يف احلدود والنطاق الذي ِ‬ ‫ٍ‬
‫ونائٌب من األشخاص الطبيعيني يم ِِّثلها يف التعبري عن‬
‫ٌ‬ ‫حٌّق يف التقايض والدعاوي‪،‬‬
‫ٌ‬

‫(‪((3‬كحقوق األرسة واحلقوق الشخصية املعروفة بحقوق اإلنسان‪ ،‬كاحلق يف احلياة واحلق يف احلرية واحلق يف السالمة البدنية‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫مفروٌض‬
‫ٌ‬ ‫واقٌع‬
‫متييًزا)‪ ،‬ولكنه ٌ‬
‫إرادهتا(‪( .((3‬وإن كانت يف حقيقة األمر ال متتلك إراد ًًة وال ً‬
‫وحاج ُُة جمتم ٍٍع البَّدَ من مسايرهتا والتك ّّيف معها‪.‬‬
‫القوانُني من االعرتاف‬
‫ُ‬ ‫أَّسست له‬
‫واسٌع إزاء صحة ما َ‬‫ٌ‬ ‫القانوِّين ٌ‬
‫جدٌل‬ ‫ِ‬ ‫لقد ساد يف الفقه‬
‫ِ‬
‫االنقالِب‬ ‫نظًرا ملا انطوت عليه الفكر ُُة من‬
‫بالشخصية القانونية لألشخاص االعتباريني؛ ً‬
‫عىل املألوف‪ ،‬وخرق القواعد والنظريات القانونية التي تأسست عىل فكرة أن اإلنسان‬
‫وحَدَ ه هو الكائن املتمتع بـ «الشخصية القانونية» يف هذا الوجود‪ ،‬وأنه بمفرده هو‬
‫حٍّق وإلزا ٍٍم والتزام‪ ،‬وأن ما عداه‬ ‫صاحَب ٍ‬
‫َ‬ ‫الصالُح بفطرته وطبيعة خلقته ألن يكون‬ ‫ُ‬
‫اجلدُل بني أصحاب‬ ‫ُ‬ ‫احلّق» هلذا اإلنسان‪ ،‬فنشأ‬
‫«حمّل ّ‬‫فهو من قبيل «األشياء» التي هي ّ‬
‫صاحُب‬
‫ُ‬ ‫«املذهب الشخيص» يف تعريف «احلّقّ » الذين يرون أن اإلنسان وحده هو‬
‫احلِّق دون ما سواه من الكائنات؛ باعتباره صاحب العقل واإلرادة‪ ،‬وبني غريهم‬ ‫ِ‬
‫من أصحاب «املذهب املوضوعي» يف تعريف «احلق»‪ ،‬الذين يرون أن املصلح ََة هي‬
‫«احلّق» ألي ٍ‬
‫كائٍن آخر‬ ‫ّ‬ ‫أساُس احلق‪ ،‬وأن حاجة املجتمع ومصلحته إذا اقتضت منح‬ ‫ُ‬
‫غري اإلنسان‪ ،‬جاز للقانون ذلك(‪ ،((3‬وظهرت ما سميت عند القانونيني باسم‪« :‬النظرية‬
‫ٍ‬
‫قانونيٍة‪ ،‬باعتباره‬ ‫ٍ‬
‫كشخصيٍة‬ ‫اخليالية» أو «املجاز ََّية» التي ال تؤمن إاَّلا بالكائن البرشي‬
‫تَّم فعله من منح‬ ‫وروًحا وإراد ًًة تؤهله لذلك‪ ،‬وأن ما َ‬
‫ً‬ ‫هو وحده من مَن َََحه اُهللُ جسًدً ا‬
‫ِ‬
‫هذه الشخصية القانونية والذ ََّمة املاليِة هلذه الرشكات وجمموعات األفراد واألموال‪،‬‬
‫ِ‬
‫احلقيقِة مطل ًًقا‪ ،‬فكأن‬ ‫رضٌب من رضوب املجاز واالفرتاض‪ ،‬وليس من باب‬ ‫ما هو إال‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫حقيقِة األمر؛‬ ‫املِّرش ََع افرتض الصالحي ََة يف هذه الكيانات‪ ،‬دون أن يكون هلا صالحي ٌٌة يف‬ ‫ِ‬
‫ألنه ال أهلية وال شخصية يف احلقيقة إال لإلنسان‪ ،‬بينام عارضهم أصحاب «النظرية‬
‫احلقيقية» الذين رأْوْ ا أنه ال تالزم بني صفة «الشخصية» وصفة «اإلنسانية»‪ ،‬وأنه وإن‬
‫كانت صفة «اإلنسان» ال تطلق إاّلا عىل اآلدميني‪ ،‬فإن صفة «الشخصية» تطلق عىل‬
‫صالٍح من وجهة نظر القانون الكتساب احلقوق وحتُّمُ ل االلتزامات‪ ،‬أًّيً ا كان‬ ‫ٍ‬ ‫أِّي ٍ‬
‫كائٍن‬ ‫ِ‬
‫نوع هذا الكائن وصفُتُه‪ ،‬وأن القانون هو الذي يمنح هذه الصالحية وفق ما تقتضيه‬
‫(‪ ((3‬أصول القانون للصَّدَ ة ص ‪ 442‬وما بعدها‪ ،‬املدخل إىل القانون ‪ 617‬وما بعدها‪،‬‬
‫(‪ ((3‬أصول القانون ص ‪ 435‬وما بعدها‪ ،‬املدخل إىل القانون‪ ،‬كرية ‪ 513‬وما بعدها‪ ،‬نظرية احلق بني الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي ص ‪ 21‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫حاجة املجتمع ومصلحته‪ ،‬وقد استطاعت هذه النظرية األخرية أن تتغلب وتسود يف‬
‫مجيع األوساط القانونية منذ مطلع القرن املايض وحتى اآلن‪ ،‬حتى صار باإلمكان عند‬
‫أِّي ٍ‬
‫كائٍن له قيم ٌٌة اجتامعي ٌٌة بالنظر إىل ما يتع ََّلق‬ ‫القانونيني إضفاء صفة «الشخصية» عىل ِ‬
‫به من مصالح إنسانية(‪.((3‬‬
‫والنقاُش إىل الفقه اإلسالمي يف القرن املايض؛ بسب خْرْ ق «فكرة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اجلدُل‬ ‫انجَّر هذا‬
‫لقد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املؤّصلِة عند الفقهاء يف هذا السياق‪ ،‬وبدا للوهلِة األوىل‬ ‫الشخصية االعتبارية» للقواعد ّ‬
‫رفُض هذه الفكرة يف الفقه اإلسالمي؛ لعدم ورود ما ُُي ََس ََّمى عند الفقهاء بـ «الشخصية‬ ‫ُ‬
‫االعتبارية»‪ ،‬وألن فقهاءنا ‪-‬رمحهم اهلل‪ -‬ملا تك ََّلموا يف أحكام الرشكات مل جيعلوا هلا ذًممًا‬
‫حمَّمل ًًة يف‬
‫مال ََّي ًًة منفصل ًًة عن ذمم الرشكاء‪ ،‬وإنام جعلوا الرشك ََة يف انعقادها والتزاماهتا َ‬
‫ذم ِِم ِ‬
‫مكِّونيها من الرشكاء‪.‬‬
‫الظاهرِّي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اجلموِد والنظر‬ ‫ٍ‬
‫حينئٍذ وقف عند هذا احلِّدِ من‬ ‫ولو أن الفقه اإلسالمي احلديث‬
‫ِ‬
‫عثرٍة إزاء هذه النهضة التي شاهدنا أثرها اليوم‪ ،‬والتي تأسست ‪-‬من غري‬ ‫ُجل ِِعل حجر ٍ‬
‫ُ‬
‫شك‪ -‬عىل هذه الشخصيات االعتبارية املتمثلة يف الرشكات التجارية الكربى واملصانع‬
‫العمالقة واملؤسسات واجلمعيات ومجاعات األفراد العاملة يف شتى مناحي احلياة‪،‬‬
‫نصوِص الفقه اإلسالمي‬ ‫ِ‬ ‫بعمٍق ٍ‬
‫وتأٍّن يف‬ ‫ٍ‬ ‫كثًريا من الفقهاء يف البحث‬
‫األمر الذي دفع ً‬
‫املوروِث؛ لعلمهم بأن الفقهاء القدامى ‪-‬رمحهم اهلل‪ -‬قد قاموا بواجب وقتهم‪ ،‬ولو‬ ‫ِ‬
‫التطوراِت الجتهدوا يف ختريج أحكامها بام يعود عىل اإلنسانية بالنفع‬ ‫ِ‬ ‫عارصوا هذه‬
‫واملصلحة‪ ،‬ولعلمهم بأن الفقه اإلسالمي وإن خال رصاح ًًة عن التنصيص عىل هذه‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الشخصية االعتبارية‪ ،‬إال أنه مل ُ‬
‫ْخيُْل من تطبيقاٍت جزئيٍة يمكن أن تكون أصاًلا َ‬
‫خُتخَّر ُُج‬
‫وأحكاِمه ما يمكن‬ ‫ِ‬ ‫عليه هذه الفكرة‪ ،‬فراح هؤالء الفقهاء يلتمسون من نصوص الفقه‬
‫ختريج مسألة «الشخصية االعتبارية» عليه‪ ،‬وما يمكن أن يكون أصاًلا ُم ِ‬
‫ْسِْع ًًفا هلم يف‬ ‫ُ‬
‫نِّصهم عىل كون «الذمة» ال تكون إال‬ ‫هذا التخريج‪ ،‬فوجدوا أن الفقهاء القدامى رغم ِ‬
‫خَّر ُُجوا أحكا ًًما يف بعض األبواب الفقهية ال يمكن أن تستقيم‬ ‫حٍّي‪ ،‬إال أهنم َ‬
‫آلدمٍّي ٍ‬
‫ٍ‬

‫(‪ ((3‬أصول القانون للصَّدَ ة ص ‪ 435‬وما بعدها‪ ،‬مفهوم الشخصية املعنوية بني احلقيقة واخليال ص ‪ 193‬وما بعدها‪ ،‬الشخصية االعتبارية يف الفقه‬
‫اإلسالمي ص‪ 53‬وما بعدها‪ ،‬الشخصية االعتبارية يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬حممد طموم ص ‪ 115‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫هلم إاَّلا باالعرتاِف بوجود ذمٍة منفصلٍة لغري اآلدميني يف بعض األحيان وإن مل ُُي ِ‬
‫ِّرصحوا‬
‫وارَث له‪ ،‬إاَّلا إذا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وارُث من ال‬ ‫بذلك‪ ،‬وإال فكيف يستقيم كالمهم يف بيت املال وأنه‬
‫كانت له ذ ََّم ٌٌة منفصل ٌٌة؟!‪ ،‬وكيف يستقيم كالمهم يف وجوب النفقة عىل بيت املال ِ‬
‫لكِّل‬
‫تتحَّمل اإللزام وااللتزام؟!‪ ،‬وكيف تستقيم‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫فقٍري ال عائل له‪ ،‬إال إذا كانت له ذ ََّم ٌٌة مالي ٌٌة‬
‫صَّح‪ -‬يزول‬ ‫ِ‬
‫أحكا ُُم الوقِف وقد نص فقهاء احلنفية ومن وافقهم عىل أن الوقف ‪-‬إذا َ‬
‫وخيرُج من ذمته وال يدخل يف ذمة املوقوف عليه وال يملك رقبته(‪،((3‬‬ ‫ُ‬ ‫عن ملك الواقف‬
‫وذمٍة مستق ّّل ٍٍة عن ذمم‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وجوٍد‬ ‫القوُل إال إذا اعتربنا الوقف ذا‬ ‫ُ‬ ‫فال يمكن أن يستقيم هذا‬
‫الواقفني وذمم املوقوف عليهم‪.‬‬
‫وكذا كيف يستقيم قوهلم بأنه جيوز لناظر الوقف أن يستدين عىل الوقف للمصلحة‪،‬‬
‫‪-‬أيًضا‪ -‬إال إذا افرتضنا أن‬
‫يتصَّور ذلك ً‬
‫َ‬ ‫وأن يشرتي للوقف بالنسيئة واألجل(‪ ،((3‬فال‬
‫ِ‬
‫الوقِف وذمم املوقوف عليهم(‪ ....((3‬إىل غري‬ ‫للوقف ذ ََّم ًًة مال ّّي ًًة مستق ََّل ًًة عن ذمة ناظر‬
‫ذلك من النصوص الفقهية التي أسعفت الفقه اإلسالمي احلديث يف هذا املقام(‪.((4‬‬

‫‪ -7‬االلتزامات العقدية في معامالت التجارة اإللكترونية‪:‬‬


‫‪ 7.1‬االلتزامات العقدية في العقود اإللكترونية التقليد ََّية‪:‬‬
‫احلواسيُب ااملتصل ُُة بشبكة اإلنرتنت‪ ،‬والتي‬
‫ُ‬ ‫األخِري من القرن املايض ظهرت‬ ‫ِ‬ ‫يف الثلث‬
‫أثُرها عىل مجيع مناحي احلياة‪ ،‬ومجي ُُعنا شاهٌدٌ عىل هذه‬
‫انعكَس ُ‬
‫َ‬ ‫قادت ثور ًًة صناعي ًًة ثالث ًًة‬
‫الثورة الرقم ََّية التي أحدثتها هذه التقنيات‪.‬‬
‫حتّو ٌٌل يف مجيع األنشطة التجارية واالقتصادية‪ ،‬فنمت‬
‫الرقمَّي ّ‬
‫َ‬ ‫التحّو ََل‬
‫ّ‬ ‫صاحب هذا‬
‫الوقُف‪ ...‬خرج من ملك الواقف ومل يدخل يف ملك املوقوف عليه؛ ألنه لو دخل يف ملك املوقوف‬ ‫ُ‬ ‫(‪ ((3‬قال املرغيناين يف [اهلداية ‪« :]16/3‬إذا صح‬
‫بيُعه كسائر أمالكه‪ ،‬وألنه لو ملكه ملا انتقل عنه برشط املالك األول؛ كسائر أمالكه»‪.‬‬ ‫عليه ال يتوقف عليه‪ ،‬بل ينفذ ُ‬
‫(‪ ((3‬جممع الضامنات ص ‪ ،326‬اإلنصاف للمرداوي ‪.460/16‬‬
‫إشكاٍل عند الفقهاء هلذا السبب‪ .‬قال ابن نجيم رمحه اهلل‪« :‬االستدانة ألجل العامرة حيث مل يكن غلة‪ :‬قال‬ ‫ٍ‬ ‫(‪ ((3‬كانت مسألة االستدانة عىل الوقف َ‬
‫حمَّل‬
‫يعِّم ُُرها‪ ،‬فليس له أن يستدين عليها؛ ألن الدين ال جيب ابتداء إاَّلا يف الذمة‪،‬‬‫ِ‬ ‫ما‬ ‫م‬ ‫ِّي‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫يِد‬ ‫يف‬ ‫وليس‬ ‫العامرة‬ ‫ُ‬
‫الصدقُة إىل‬ ‫يف الذخرية‪ :‬قال هالل‪ :‬إذا احتاجت‬
‫وديٌن جيب عليه ال يملك‬ ‫الديُن باستدانة الق ِِّيم إاَّلا عليه‪ٌ ،‬‬
‫ُ‬ ‫وليس للوقف ذمة‪ ،‬والفقراء وإن كانت هلم ذمة إال أهنم لكثرهتم ال تتصور مطالبتهم‪ ،‬فال يثبت‬
‫القياُس فيام فيه رضورٌةٌ‪ ،‬نحو أن يكون يف أرض الوقف زرٌعٌ يأكله‬ ‫ُ‬ ‫غلٍة هي عىل الفقراء‪ .‬وعن الفقيه أيب جعفر‪ :‬أن القياس هذا‪ ،‬لكن يرتك‬ ‫قضاءه من ٍ‬
‫االستدانُة؛ ألن القياس يرتك للرضورة»‪[ .‬البحر الرائق ‪.]227،226/5‬‬ ‫ُ‬ ‫النفقِة جلمع الزرع‪ ،‬أو طالبه السلطان باخلراج‪ ،‬جاز له‬‫ِ‬ ‫اجلراُدُ ‪ ،‬وحيتاج إىل‬
‫(‪ ((4‬ينظر‪ :‬املدخل الفقهي للشيخ الزرقا ‪ 272/3‬وما بعدها‪ ،‬الرشكات يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬عبد العزيز اخلياط ‪ 208/1‬وما بعدها‪ ،‬الشخصية‬
‫االعتبارية يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬حممد طموم ص ‪ 122‬وما بعدها‪ ،‬الشخصية االعتبارية الشخصية االعتبارية يف الفقه اإلسالمي ص ‪ 109‬وما‬
‫بعدها‪ ،‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ ،‬د‪ .‬وهبة الزحييل ‪ ،2842 /4‬الترشيع اجلنائي اإلسالمي‪ ،‬عبد القادر عودة ‪.394،393 /1‬‬

‫‪104‬‬
‫ِ‬
‫وعملياِت‬ ‫ٍ‬
‫أنشطٍة‬ ‫بشكٍل واسٍعٍ‪ ،‬وشَّكَلت جمموع ًًة متكامل ًًة من‬ ‫ٍ‬ ‫التجار ُُة اإللكرتوني ُُة‬
‫واخلدماِت عرب الوسائل اإللكرتونية املتنوعة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وتسويٍق وبي ِِع السل ِِع‬ ‫إنتاٍج وتوزي ٍٍع‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫املألوفِة عند‬ ‫حتّو ٌٌل يف صورة عقود املعامالت‪ ،‬من الصورة التقليدية‬ ‫وصاحب ذلك ّ‬
‫ِ‬ ‫تتّم عرب املشافهة أو املعاطاة أو الكتابة أو اإلشارة ِ‬
‫املْفِْهمِة من‬ ‫الفقهاء‪ ،‬والتي كانت ّ‬
‫ٍ‬
‫اتصاٍل عن بعد‬ ‫«عقوٍد إلكرتونية» ُُت م ُُك ِِّلًيا أو جزئًيا من خالل ِ‬
‫تقنيِة‬ ‫ٍ‬ ‫األخرس(‪ ،((4‬إىل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫رْبر‬
‫اإلجياِب والقبول من خالل‬ ‫ِ‬ ‫التعبُري عن‬ ‫ويتّم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫متزامٍن للمتعاِقَدَ ْيْ ن‪ّ ،‬‬ ‫حضوٍر ما ِِّدي‬ ‫دون‬
‫هذه الوسائط اإللكرتونية املتنوعة‪.‬‬
‫املعاُرص ‪-‬منذ ظهور هذه العقود‪ -‬يف تكييف أحكامها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وقد اجتهد الفق ُُه اإلسالمُّيُ‬
‫ِ‬
‫الرأُي الفقهُّيُ عىل كوهنا امتدا ًًدا للعقوِد التقليدية املعروفة عند الفقهاء‪ ،‬وأهنا ال‬ ‫واستقّر‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أطراُف العقِد عن الرضا واإلرادة‪ ،‬فالتعبري ههنا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ختتلف عنها إاَّلا يف الوسيلِة التي يعرِّبر هبا‬
‫اتصاٍل جديدة‪ ،‬سواء كانت كهربائية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وسيٍط إلكرتوين يتم ََّثل يف تقنية‬ ‫ٍ‬ ‫يت عن ُب ٍ‬
‫ْعٍْد عرب‬ ‫ُ‬ ‫ُّمُ‬
‫ُ‬
‫االتصاُل‬ ‫أو كهرومغناطيسية‪ ،‬أو وسيل ًًة برصية‪ ،‬أو ضوئية‪ ،‬أو رقمي ًًة‪ ،‬ويتم من خالهلا‬
‫بالقبوِل عىل الوجه املعترب‬ ‫ِ‬ ‫اإلجياُب‬ ‫افرتاٍّيض يرتبط فيه‬ ‫جملِس ٍ‬
‫عقٍد‬ ‫ِ‬ ‫بني أطراف العقد يف‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫رش ًًعا يف توليد اإللزامات وااللتزامات(‪.((4‬‬
‫ِ‬
‫بأسعاِرها‬ ‫واخلدماِت عىل هذه الوسائط اإللكرتونية‬ ‫ِ‬ ‫عرِضه للسل ِِع‬ ‫اخلدمِة بمجَّرد ِ‬‫ِ‬ ‫فمو ِِّفر‬
‫َ‬
‫بمجَّرد الضغط‬ ‫ِ‬
‫واملستهِل ُُك‬ ‫ِ‬
‫(موِج ًًبا)‪،‬‬ ‫الرافعِة للجهالة عنها‪ُ ،‬عُّدّ يف نظر الفقه‬ ‫ِ‬ ‫وأوصافها‬
‫َ‬
‫عىل أيقونة الرشاء وتقديم بيانات الدفع اإللكرتوين من ِِق ََب ِِله‪ ،‬عَّدَ يف نظر الفقه (قاباًلا )‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املعاوضِة‬ ‫(االلتزاماُت العْقْ د ََّية) يف ذمم أطراِفه‪ .‬وهذا ُ‬
‫نظُري‬ ‫ُ‬ ‫ليتَّم بذلك العقُدُ وتنشأ‬ ‫َ‬
‫بمجَّرد‬ ‫ِ‬
‫مجهوُر الفقهاِء عىل جوازها ؛ ألن العقَدَ فيها ُُأْبِْر ََم‬ ‫ِ‬ ‫نَّص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫(‪((4‬‬
‫ُ‬ ‫والفعِل التي َ‬ ‫باملعاطاِة‬
‫ٍظ‪ ،‬قال الربزيل رمحه اهلل (ت‬ ‫واملعاطاِة دون تل ّّف ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالفعِل‬ ‫والقبوِل من الطرفني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العرِض‬
‫(‪ ((4‬هذه هي الوسائل األربع التي عرفها الفقهاء قديام يف إنشاء العقود‪ ،‬ومنها ما اتفقوا عىل صحة االنعقاد به‪ ،‬ومنهم ما اختلفوا فيه [ينظر يف ذلك‪:‬‬
‫ِ‬
‫التقليِد ََّية وتقنية (البلوك تشني) والعقود الذك ََّية‪ :‬دراسة فقهية مقارنة]‪.‬‬ ‫بحثنا بعنوان‪ :‬إنشاء عقود املعامالت وتنفيذها بني الطرق‬
‫(‪ ((4‬ينظر‪ :‬إجراء العقود بوسائل االتصال احلديثة‪ ،‬د‪ .‬عيل حميى الدين القرة داغي‪ ،‬جملة جممع الفقه اإلسالمي‪ ،‬العدد (‪ -)6‬اجلزء (‪،963-922 :)2‬‬
‫إجراء العقود بوسائل االتصال احلديثة‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم فاضل الدبو‪ ،‬جملة جممع الفقه اإلسالمي‪ ،‬العدد (‪ ،)6‬اجلزء (‪ ،876-831 :)2‬قرار جممع الفقه‬
‫اإلسالمي رقم ‪ )6/3( 62‬بشأن إجراء العقود بآالت االتصال احلديثة‪ ،‬دورة مؤمتره السادس بجدة ‪ 23-17‬شعبان ‪1410‬هـ املوافق ‪ 20-14‬مارس‬
‫‪1990‬م‪ .‬أشكال التعبري عن اإلرادة يف العقد اإللكرتوين بني الرشيعة والقانون‪ ،‬د‪ .‬حممد فاروق صالح البدري ص ‪ 544‬وما بعدها‪ ،‬الرتايض يف العقد‬
‫اإللكرتوين‪ ،‬حممد بونبات ص ‪ 139‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ((4‬وهو مذهب احلنفية واملالكية واحلنابلة يف املسألة ‪-‬خالفا للشافعية‪[ -‬بدائع الصنائع ‪ ،134/5‬مواهب اجلليل ‪ ،228/4‬املغني البن قدامة‬
‫‪ ،418/3‬رشح منتهى اإلرادات ‪.]6/2‬‬

‫‪105‬‬
‫رجٌل‬ ‫ٍ‬
‫بعرشٍة‪ ،‬فهي له‪ ،‬فأتاه ٌ‬ ‫عَر ََض ٌ‬
‫رجٌل سلعَتَه للبيع وقال‪ :‬من أتاين‬ ‫‪803‬هـ)‪« :‬لو َ‬
‫بذلك إن سمع كالمه أو بلغه‪ -‬فالبيع الز ٌٌم‪ ،‬وليس للبائع من ُُعه»(‪.((4‬‬
‫إشكاٌل يف نظر الفقه اإلسالمي حول هذه «العقود اإللكرتونية»‬ ‫ٌ‬ ‫وهكذا مل يكن ثمة‬
‫الصفِة الطبيعية أو‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األشخاِص ذوي‬ ‫ٍ‬
‫أطراٍف من‬ ‫تتّم بني‬
‫يف هذه املرحلة؛ ألهنا كانت ّ‬
‫ِ‬
‫االعتبارية ممن هلم صالحي ُُة اإللزام وااللتزام يف نظر الفقه والقانون؛ فمو ِِّفر اخلدمِة يف‬
‫ٍ‬
‫ترخيٍص‬ ‫بمزاولِة النشاط إال بعد حصوله عىل‬‫ِ‬ ‫ْسَْم ُُح له‬
‫عقود التجارة اإللكرتونية ال ُُي َ‬
‫ٍ‬
‫لشخٍص‬ ‫باملزاولة‪ ،‬وبمقتىض قوانني التجارة اإللكرتونية فإن هذا الرتخيص ال يمنح إال‬
‫ِ‬
‫بالشخصيِة االعتبارية التي‬ ‫ٍ‬
‫لرشكٍة تتمتع‬ ‫األهليِة من األشخاص الطبيعيني‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كامِل‬
‫شخًصا اعتبارًّيً ا‪،‬‬ ‫‪-‬أيًضا‪ -‬إما أن يكون‬‫ً‬ ‫ِ‬
‫املستهِل ُُك‬ ‫تؤِّهلها لاللتزامات العْقْ د ََّية‪ ،‬وكذا‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫غالُب الظن فيه أنه جائز الترصف؛ ألن وسائل الدفع اإللكرتوين‬ ‫ُ‬ ‫شخًصا طبيعًّيًا‬
‫ً‬ ‫أو‬
‫واحلسابات البنكية التي يتم السداد من خالهلا تستلزم األهلي ََة والتمييز؛ رضورة أهنا ال‬
‫أهٍل لإللزام وااللتزام‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫لشخٍص بال ٍٍغ ٍ‬ ‫متنح من جانب املؤسسات املالية إال‬

‫‪ -7.2‬االلتزامات العقدية في العقود اإللكترونية المبرمة بواسطة الروبوتات‪:‬‬


‫رابعٍة يقودها الذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬ ‫ٍ‬ ‫انتقل العاُمل من ثورته الصناعية الثالثة إىل ٍ‬
‫ثورٍة‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫البالُغ عىل مستقبل العامل يف السنوات‬ ‫األثُر‬
‫املدعوم بالعديد من التقنيات التي سيكون هلا ُ‬
‫القادمة‪.‬‬
‫من األنشطة التي تأ ََّثرت بالذكاء االصطناعي تأ ّّث ًًرا ملحو ًًظا‪ ،‬األنشط ُُة االقتصادية‬
‫والتجارية يف املعامالت اإللكرتونية؛ فاإلقبال املتزايد عىل التجارة اإللكرتونية من قبل‬
‫العمالِت املشفرة‪ ،‬وتطور أنظمة الدفع اإللكرتوين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وظهوُر‬ ‫عْرًْضا وطل ًًبا‪،‬‬
‫األشخاص ً‬
‫ُ‬
‫كِّم السل ِِع املعروضة واخلدمات‪،‬‬ ‫وزيادة املتاجر واملنصات اإللكرتونية‪ ،‬وتضاعف ِ‬
‫وتراكم البيانات الضخمة (‪ )Big Data‬يو ًًما بعد يوم‪ ،‬والتقدم املستمر يف كفاءة الذكاء‬
‫االصطناعي وتقنياته‪ -‬دفع إىل فكرة االستفادة من الذكاء االصطناعي يف جمال التجارة‬
‫تنوُب عن األشخاص‬ ‫ُ‬ ‫وبرجمياٍت ذك ََّي ٍٍة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫روبوتاٍت‬ ‫اإللكرتونية‪ ،‬من خالل تصمي ِِم‬

‫(‪ ((4‬حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري ‪.4/3‬‬

‫‪106‬‬
‫ٍ‬
‫بأعامٍل‬ ‫تفويُضهم يف القيا ِِم‬
‫ُ‬ ‫الطبيعني يف أداء املها ِِّم والوظائف عىل شبكة اإلنرتنت‪ ،‬ويتم‬
‫فصّم ُُموا تلك الروبوتات الذك ََّية التي عرفت‬ ‫ٍ‬ ‫كانت إىل ٍ‬
‫حكًرا عىل اإلنسان؛ ّ‬
‫قريٍب ً‬ ‫وقٍت‬
‫باسم‪« :‬الوكالء األذكياء» (‪ ،)Intelligent Agents‬وسُّمُ وها بـ‪« :‬الوكالء» ألن فكرة‬
‫«الوكيل الذكي» من الروبوتات تقوم عىل فكرة «الوكيل البرشي» الذي يترصف نياب ًًة‬
‫عن موِّك ِِِله بمقتىض عقد الوكالة املمنوح إليه(‪ ،((4‬وهؤالء الوكالء عبار ٌٌة عن «برجميات‬
‫بمهاّم عىل شبكة اإلنرتنت كان من املفرتض أن يقوم هبا‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )Softwares‬قادرة عىل القيام‬
‫ِ‬
‫الوقُت الكايف ألدائها»(‪ .((4‬فهي عبارة عن «مساِعد‬ ‫ُ‬ ‫الشخُص الطبيعي‪ ،‬إذا كان لديه‬
‫ُ‬
‫مستخِد ِِمه؛‬
‫ِ‬ ‫افرتاّيض مثَّبت يف النظام احلاسويب‪ِ ،‬‬
‫يمِكُنُه القيا ُُم ِ‬
‫بكِّل أنواع املها ِِّم نياب ًًة عن‬ ‫ّ َ‬
‫كقراءة الربيد اإللكرتوين‪ ،‬وفلرتته‪ ،‬وترتيبه يف قوائم خمتلفة‪ ،‬والر ِِّد التلقائي عىل بعض‬
‫الرسائل وف ًًقا ملا َت َّّم برجمُتُه عليه‪ ،‬أو يقوم بتصنيف األخبار املعروضة يومًّيًا يف املواقع‬
‫مستخِد ِِمه‪ ،‬أو القيام بإجراء حجوزات‬ ‫ِ‬ ‫واملجالت االلكرتونية الختيار املقاالت التي ُُهت ّّم‬
‫ملستخِد ِِمه‪ ...‬إىل غري ذلك من األعامل التي ُ‬
‫توكُل إليه»(‪.((4‬‬ ‫ِ‬ ‫الفنادق والطريان‬
‫عِّرفت هذه الروبوتات الوكالء بالنظر إىل خصائصها التي تتمتع هبا بأهنا‪« :‬أنظمة‬ ‫وقد ِ‬
‫حاسوبية قائمة عىل الربجميات تتمتع باخلصائص التالية‪:‬‬
‫• االستقاللية (‪ :)autonomy‬فهم وكالء يعملون ويسيطرون عىل ترصفاهتم دون‬
‫تدخل مبارش من البرش أو غريهم‪.‬‬
‫• القدرة على التواصل (‪ :)social ability‬فهم قادرون عىل التواصل مع غريهم من‬
‫أيًضا‪ -‬عرب ٍ‬
‫لغٍة من لغات التواصل اخلاصة هبم‪.‬‬ ‫الوكالء ‪-‬وربام مع البرش ً‬
‫األذكياُء بيئَتَهم‬
‫ُ‬ ‫الوكالُء‬
‫ُ‬ ‫• التفاعل والقدرة على رد الفعل (‪ :)reactivity‬حيث يدرك‬
‫جيًدً ا ويمكنهم االستجابة يف الوقت املناسب للتغريات التي حتدث فيها‪ ،‬وهلم القدرة‬
‫عىل اختاذ القرار لتحقيق األهداف املوكلة إليهم»(‪.((4‬‬
‫أهِّم الوكالء األذكياء والروبوتات العاملة يف جمال التجارة اإللكرتونية‪« :‬وكالء‬
‫من ِ‬

‫(‪ ((4‬ثورة الربامج الذكية عىل شبكة اإلنرتنت‪ ،‬د‪ .‬سامح زينهم عبد اجلواد ص ‪.2‬‬
‫‪(46) Agency, Contract and Intelligent Software Agents, Stuart R Cross, Page 177.‬‬
‫‪(47) Intelligent Agents and the Information Requirements of the Directives on Distance Selling and E-commerce, Arno R Rooder and Marten‬‬
‫‪B Voulon, Page 278.‬‬
‫‪(48) Intelligent Agents: Theory and Practice, Michael Wooldridge and Nicholas R. Jennings, page 4.‬‬

‫‪107‬‬
‫وبرجمياٌت ذكي ٌٌة ُُص ِِّم ََمت‬
‫ٌ‬ ‫روبوتاٌت‬
‫ٌ‬ ‫املعامالت» (‪ ،((4( )Transaction Agents‬وهي‬
‫واملتعاقِدين يف تعاقداهتم وصفقاهتم اإللكرتونية عرب اإلنرتنت‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتمثيِل املستثمرين‬
‫وتنوُب عن مستخدميها يف إبرام العقود اإللكرتونية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وقد انترشت هذه الروبوتات بكثرة يف إجراء الصفقات والتداوالت يف األسواق‬
‫املالية نياب ًًة عن مستخدميها من املستثمرين واملؤسسات املالية؛ لقدرهتا وكفاءهتا يف مجع‬
‫البيانات وحتليلها‪ ،‬ومراقبة حركة األسعار واجتاهات األسواق‪ ،‬وحتديد وقت الرشاء‬
‫ثّم تنفيذ التداوالت وإجراء الصفقات‪.‬‬ ‫ووقت البيع؛ اعتام ًًدا عىل هذه التحليالت‪ ،‬ومن ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن هذه الروبوتات ما له القدرة عىل تنفيذ الصفقة باستقاللية كاملة عن مستخِدِمه‪.‬‬
‫وكذا يف جمال التجارة اإللكرتونية وتسويق اخلدمات واملنتجات صارت هذه الروبوتات‬
‫تتوىل «تنفيذ العقد يف كامل مراحله»‪ ،‬فباتت هي من تقوم بعمليات التسويق الذكي‪،‬‬
‫واإلعالن عن السلع واخلدمات‪ ،‬وعرضها والرتويج لبيعها‪ ،‬والبحث عن عمالء‬
‫بسعٍر أرخص‪ ،‬وربام تقوم بالدخول يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أفضٍل‬ ‫منتٍج‬‫ٍ‬ ‫ومستهلكني‪ ،‬والبحث عن‬
‫السعِر يف مواقع املزادات اإللكرتونية نياب ًًة عن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ومزايداٍت عىل‬ ‫مفاوضات عىل السلعة‪،‬‬
‫مستخدميها من األشخاص الطبيعيني أو االعتباريني‪ ،‬ويف النهاية إبرام العقود‪ ،‬ودفع‬
‫مستخِد ِِميها من األشخاص(‪.((5‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫كاملٍة عن‬ ‫ٍ‬
‫باستقالليٍة‬ ‫الثمن أو استالمه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التسويِق األمثل جمر ُُد إنشاِء موق ٍٍع إلكرتوين‬ ‫مزِّودي اخلدمة‪ ،‬مل ََي ُُعْدْ من‬ ‫ففي جانب ِ‬
‫املستهِل ِِكني إليه‪ ،‬مل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولوِج‬ ‫لعرِض املنتجات واخلدمات وانتظار‬ ‫ِ‬ ‫متجٍر افرتايض‬‫ٍ‬ ‫أو‬
‫الكِّم الضخم من املنتجات والبيانات املوجودة‬ ‫ِ‬ ‫ظِّل هذا‬ ‫ََت ُُعْدْ هذه الطريق ُُة كافي ًًة يف ِ‬
‫عىل شبكة اإلنرتنت‪ ،‬ومن أجل هذا جلأت معظم الرشكات واملواقع التجارية إىل‬
‫وتسويِقها يف مواقع اإلنرتنت املختلفة من خالل «الوكالء األذكياء»‬ ‫ِ‬ ‫عرض منتجاهتا‬
‫أو «وكالء البيع» (‪)Seller Bots‬؛ حيث يتم تزويُدُ هذه الروبوتات ببيانات السلع‬
‫ِ‬
‫وتسويِقها يف املواقع التجارية‬ ‫ِ‬
‫بعرِضها‬ ‫ومواصفاهتا وخصائصها وأسعارها؛ لتقوم‬
‫املسَّج ِِلني يف تلك املواقع عرب‬ ‫ِ‬
‫ومراسلِة املستهلكني‬ ‫املختلفة عىل شبكة اإلنرتنت‪،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫معرفِة‬ ‫بريدهم اإللكرتوين‪ ،‬وتقديم العروض الرتوجيية هلم لبيع هذه املنتجات‪ ،‬بعد‬
‫‪(49) Agency, Contract and Intelligent Software Agents, page 177.‬‬
‫‪(50) Software Agents in Electronic Commerce, Ananta Charan Ojha, page 10.‬‬

‫‪108‬‬
‫الذكّي بجمعها‬ ‫ُ‬
‫الوكيُل‬ ‫ميوهلم الرشائية من خالل عمليات ِ‬
‫رشاِئهم السابقة‪ ،‬والتي يقو ُُم‬
‫ّ‬
‫قبوِل أحد‬‫ِ‬ ‫وحتليلها وتصنيفها؛ لالستفادة منها يف عمليات التسويق الذكي‪ ،‬وبمجرد‬
‫رشاِء السلعة باختيارها والضغط‬ ‫ِ‬ ‫املستهلكني بعرض الوكيل الذكي وموافقِتِه عىل‬
‫املستهِلك‪ ،‬وبيع السلعة‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الوكيُل الذكُّيُ مبارش ًًة إلبرام العقد مع هذا‬ ‫عليها‪ ،‬يتحرك‬
‫بخصِمه إلكرتونًّيًا من حساب املشرتي‪ ،‬ويتم كُّلُ ذلك نياب ًًة‬ ‫ِ‬ ‫له‪ ،‬وقبول ثمِنِها املدفو ِِع‬
‫البيُع له من قبل الروبوت‪ ،‬فيصري‬ ‫تَّم‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ودوَن علِمه باملستهلك الذي َ‬ ‫مستخدِمه‬ ‫عن‬
‫شخٍص معنوي‪ -‬يصري كأنه‬ ‫ٍ‬ ‫طبيعٌّي أو ٌ‬
‫ممثٌل عن‬ ‫شخٌص‬ ‫ِ‬
‫املستهِل ُُك يف هذه احلالة‪ -‬وهو‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫«وكيٍل ذكي»‬‫ٍ‬ ‫املستهلُك هو اآلخر باستخدام‬‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫روبوٍت‪ ،‬وقد يقوم‬ ‫تعاقد واشرتى من‬
‫للتسّوق والرشاء عرب‬
‫ّ‬ ‫املصَّممة‬
‫َ‬ ‫يف عملية الرشاء‪ ،‬من خالل برنامج من الربامج الذك ََّية‬
‫ِ‬
‫املستخِدم بالسلعة التي يريد‬ ‫الشبكة (وكالء التسوق) ‪ ،Shopping Bots‬حيث يزودها‬
‫رشاءها‪ ،‬ومواصفاهتا‪ ،‬والسعر األعىل الذي ال يريد جتاوزه يف عملية الرشاء؛ لتقوم هذه‬
‫الروبوتات والربجميات الذكية بالبحث يف املتاجر عن السلعة املطلوبة‪ ،‬واالتصال مع‬
‫ِ‬
‫ومقارنِة األسعار‪ ،‬واختيار األفضل واألرخص سعرا‪،‬‬ ‫غريها من الوكالء األذكياء‪،‬‬
‫زَّودها املستخد ُُم‬
‫ومن ثم التعاقد عليها ورشائها‪ ،‬ودفع ثمنها من بطاقة االئتامن التي َ‬
‫ِ‬
‫(وكيِل التاجر الذكي‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫روبوٍت وروبوت‬ ‫تَّم بني‬
‫ببياناهتا‪ ،‬فيصري العقُدُ يف هذه احلالة قد َ‬
‫ِ‬
‫املستهِلك الذكي)(‪.((5‬‬ ‫ِ‬
‫ووكيِل‬
‫(‪Intilligent Agents‬‬ ‫وثمة أنظم ٌٌة مربجم ٌٌة عىل الدخول يف عملية تفاوض عىل السلعة‬
‫ِ‬
‫وكيِل البائع حول‬ ‫ٍ‬
‫تفاوٍض مع‬ ‫ُ‬
‫وكيُل املشرتي الدخول يف‬ ‫يستطيُع‬
‫ُ‬ ‫‪ )Negotiators‬بحيث‬
‫سعر السلعة‪ ،‬ومن ثم اختاذ القرار بإبرام العقد بعد انتهاء عملية التفاوض‪ ،‬وتوجُدُ‬
‫مصَّمم ٌٌة للدخول يف املزايدات اإللكرتونية (وكالء املزادات) (‪Auction‬‬
‫روبوتاٌت أخرى َ‬
‫ٌ‬
‫‪ ،)Agents‬حيث يمكنها بيع أو رشاء السلعة عن طريق املزايدة عىل سعرها يف املواقع‬
‫اإللكرتونية التي تَّتَبع نظام البيع باملزايدة‪ ،‬مثل موقع ‪ Ebay‬الشهري‪ ،‬أو موقع ‪Onsale‬‬
‫مستخِد ِِمه أن‬
‫ِ‬ ‫أو غريمها(‪ ،((5‬فيستطيع الوكيل الذكي عند دخوله يف هذه املواقع باس ِِم‬
‫(‪ ((5‬استخدام الوكيل الذكي يف التجارة اإللكرتونية‪ ،‬د‪ .‬أمحد قاسم فرج ص ‪ 33‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ((5‬ثورة الربامج الذكية عىل شبكة اإلنرتنت ص ‪ 8‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫مزايداٍت حقيق ََّي ٍٍة مع األشخاص الطبيعيني‪ ،‬أو مع غريه من الوكالء األذكياء‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫يدخَل يف‬
‫يقَّل‬ ‫ٍ‬
‫سلعٍة عىل أاَّلا َ‬ ‫مستخِد ِِمه بببيع‬
‫ِ‬ ‫اآلخرين‪ ،‬فمثاًلا ‪ :‬لو أن وكياًلا ذكًّيًا مو ََّكاًلا من قبل‬
‫سعٍر حمَّدَ د‪ ،‬فإن هذا الوكيل يستطيع دخول مواقع املزادات اإللكرتونية‪،‬‬ ‫ثم ُُن البي ِِع عن ٍ‬
‫وعرض بيانات سلعِتِه فيها‪ ،‬وإعالن بداية املزاد‪ ،‬ويتلقى العروض‪ ،‬وير ّّد عليها‪،‬‬
‫ويقدم تفاصيل أكثر عن سلعته لطلب الزيادة يف سعرها‪ ،‬ويف النهاية يقوم برتتيب‬
‫أفضِلها‪ ،‬حتى صار الوكال ُُء األذكياء يف التجارة‬ ‫ِ‬ ‫العروض التي تلقاها‪ ،‬ويربم العقَدَ مع‬
‫فمستخِد ُُم الوكيل الذكي يف‬ ‫ِ‬ ‫االلكرتونية اليو ََم يشبهون الوكال ََء الطبيعني من البرش؛‬
‫التجارة اإللكرتونية كأنه وَّكَله نياب ًًة عنه يف إبرام العقود وإمتام الصفقات‪ ،‬كام لو وَّكَل‬
‫شخًصا طبيعًّيًا يف ذلك بمقتىض عقد الوكالة الرشعي‪.‬‬ ‫ً‬
‫هذه «االستقالل ََّية» يف إبرام العقود من جانب الوكالء األذكياء‪ ،‬و ََّلدت جداًلا عمي ًًقا‬
‫يف الفقه القانوين الغريب –وامتّدّ أثره إىل الفقه العريب‪ -‬عن طبيعة العقود املرْبر مة‬
‫تتحَّمل‬ ‫َ‬ ‫بواسطة تلك الروبوتات‪ ،‬وعن ماهية أطراف هذه العقود‪ ،‬وعن «الذ ََّمة» التي‬
‫«االلتزامات العْقْ د ََّية» الناجتة عن هذه العقود‪ ،‬واألساس القانوين «للمسؤول ََّية العْقْ د ََّية»‬
‫حال اإلخالل بتلك االلتزامات؛ ألنه يف حقيقة األمر ال يمكن أبًدً ا أن نعترب هذه‬
‫يتّم من خالهلا إبرا ُُم العقود بني األشخاص‬ ‫جمَّرد وسائط إلكرتونية ّ‬ ‫الروبوتات الذك ََّية َ‬
‫وااللتزاماُت‬
‫ُ‬ ‫من ذوي الصفة الطبيعية أو االعتبارية؛ بحيث تتجه املسؤول ََّي ُُة العْقْ د ََّي ُُة‬
‫األمُر يف العقود اإللكرتونية التقليد ََّية‬ ‫ُ‬ ‫إىل ذمم هؤالء األشخاص؛ ألنه وإن استقام هذا‬
‫عادٍّي كاهلاتف أو اإليميل أو‬ ‫ٍ‬ ‫التي جتري بني األشخاص من خالل وسيط إلكرتوين‬
‫احلاسوب أو نحو ذلك‪ -‬فإن األمر ال يستقيم ههنا أبدا؛ ألن هؤالء الوكالء األذكياء‬
‫يتّرصفون من أجل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪-‬وإن كان مأذوًنًا هلم من قبل املستخِدم بإبرام العقِد ابتدا ًًء‪ -‬إال أهنم ّ‬
‫ٍ‬
‫قراراٍت‬ ‫املستخِدم وحتّكّمه‪ ،‬وقد يتخذون‬ ‫ِ‬ ‫املهّمة باستقالل ََّي ٍٍة تا ََّمة عن سيطرة‬
‫إمتام هذه ّ‬
‫أمٌر ال يدعم أبًدً ا‬ ‫ِ‬
‫بناء عىل تفاعلهم مع البيئة املحيطة‪ ،‬ال يعلم املستخِد ُُم عنها شيئا‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫فكرة إلزام مستخدمي هذه الروبوتات باملسؤولية العْقْ د ََّية التي قد تتو ََّلد عن اإلخالل‬
‫مستخِد ََمه ‪-‬يف حقيقة‬ ‫ِ‬ ‫بالتزامات العقد أو األرضار املحتملة أثناء عمل الروبوت‪ ،‬ألن‬
‫مباًرشا هلذه األرضار أو متس ِِّب ًًبا فيها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫األمر‪ -‬مل يكن‬

‫‪110‬‬
‫ِ‬
‫ونفاِذ هذه العقود‪ ،‬إاَّلا أهنا ما زالت قائم ًًة عىل‬ ‫ورغم اعرتاف مجيع القوانني املدن ََّية بصحة‬
‫ناقلٍة إلجياب الشخص الطبيعي‬ ‫ٍ‬ ‫فكرة اعتبار «الوكيل الذكي» جمرد وسيلة إلكرتونية‬
‫ِ‬
‫أطراِف العقد من‬ ‫مجيُع االلتزامات العْقْ د ََّية يف هذه العقود إىل‬ ‫ِ‬
‫تتوَّجه ُ‬
‫وقبوِله‪ ،‬بحيث َ‬
‫وتتوَّجه املسؤول ََّي ُُة العْقْ د ََّية إليهم حال اإلخالل‬
‫َ‬ ‫األشخاص الطبيعيني أو االعتباريني‪،‬‬
‫تسُري عليه قوانيننا املدنية‬
‫هبذه االلتزامات وفق الضوابط املعمول هبا يف القانون‪ ،‬وهذا ما ُ‬
‫وقوانني التجارة اإللكرتونية حتى اآلن(‪.((5‬‬
‫الوضَع احلايل يف تعامل القوانني مع‬
‫َ‬ ‫عارَض هذا‬
‫َ‬ ‫عريًضا يف الفقه الغريب‬
‫ً‬ ‫اجتاًها‬
‫ً‬ ‫لكن‬
‫هذه الروبوتات‪ ،‬ورأى أن هذه العقود ُُأ ِْبِْر ََمت بمقتىض عقد «الوكالة» «‪»Agency‬؛ ألن‬
‫«االلتزاماُت‬
‫ُ‬ ‫تتوَّجه‬
‫تَّرصف الوكيل اإلنساين‪ ،‬وبالتايل ينبغي أن َ‬ ‫تَّرصف فيها َ‬ ‫الروبوت َ‬
‫ِ‬ ‫الروبوُت وفق ِ‬
‫الوكالِة املأذون له فيها‪،‬‬ ‫إطاِر‬ ‫ُ‬ ‫العْقْ د ََّي ُُة» فيها إىل ذمم املوِّكِلني إن أْبْ َ‬
‫رمَها‬
‫فإن خرج عن حدود ما وِّكِل فيه فإن املسؤول ََّية متتُّدُ إىل (ذمة الروبوت) من خالل‬
‫صناديق تأمني تكون خمصصة هلذا الغرض‪ ،‬أو من خالل وسائل أخرى مقرتحة‪.‬‬
‫أصحاُب هذا‬
‫ُ‬ ‫التكييُف ال يتامشى مع القوانني املعمول هبا اآلن‪ ،‬نادى‬ ‫ُ‬ ‫وملا كان هذا‬
‫االجتاه برضورة منح هذه الروبوتات «شخصي ًًة قانون ََّي ًًة» يصريون هبا أهاًلا إلبرام‬
‫العقود ونفاذ الترصفات‪ ،‬وأهاًلا لإللزامات وااللتزامات(‪ ،((5‬وتزايدت الدعوات مع‬
‫انتشار روبوتات ذكية وأنظمة مستقلة أخرى بارشت عملها يف العديد من املجاالت؛‬
‫كالروبوتات الطبية واملركبات املستقلة (‪ )AV‬وغريها من األنظمة املستقلة‪ ،‬األمر الذي‬
‫دعا وبشدة إىل البحث يف حتديد «املسؤولية» عن األرضار الناجتة عن هذه الروبوتات‬
‫املستق ََّلة‪ ،‬والتي مل ي ُُعْدْ جيدي التعامل معها بمقتىض النظريات التقليدية املعروفة؛ ألهنا‬
‫فَمْنْ سيكون مسؤواًلا عن الرضر‬ ‫ِ‬ ‫كياناٌت ذكي ٌٌة‬
‫تترصُف خارج سيطرة مستخدِميها‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫النايشء عن هذه الكيانات؟!(‪.((5‬‬
‫ٍ‬
‫يشٍء يقو ُُم به الروبوت هو‬ ‫«أَّي‬
‫أصحاُب هذا االجتاه أن التفكري بطريقة أن‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫يرى‬
‫(‪ ((5‬استخدام الوكيل الذكي يف التجارة اإللكرتونية‪ :‬دراسة قانونية مقارنة يف إطار ماهيته ونفاذ ترصفاته ص ‪ 19‬وما بعدها‪.‬‬
‫وينظر‪ -‬باإلنجليزية‪:-‬‬
‫‪Law and Intelligent Software Agents: Marrige or Just Summer Fling?, Emad Abdel Rahim Dahyat, pp 178 - 210.‬‬
‫‪(54) Agency, Contract and Intelligent Software Agents, page 178, Rights for Autonomous Artificial Agents, Samir Chopra, page 38-40,‬‬
‫‪Artificial agents among us: Should we recognize them as agents proper?, Migle Laukyte, pp 1-18.‬‬
‫‪(55) Responsible Machines: The Opportunities and Challenges of Artificial Autonomous Agents, David J. Gunkel, pp 71- 84, Law and‬‬
‫‪Intelligent Software Agents: Marrige or Just Summer Fling?, pp 211-216.‬‬

‫‪111‬‬
‫نتيج ُُة الربجمة‪ ،‬وأن اآلل ََة ال تفعل فقط إال ما هي مربجم ٌٌة عليه للقيام به‪ُُ -‬يعترب «تبسي ًًطا‬
‫مفر ًًطا»(‪ ،((5‬ويرون أن النظريات التقليدية إلسناد املسؤولية‪ ،‬القائمة عىل اإلمهال يف‬
‫«حراسة اليشء»‪ ،‬واملستمدة من التقصري يف العناية املناسبة والرقابة الواجبة لألشياء‪،‬‬
‫ال تتوافق متا ًًما مع هذه اآلالت التي ال يمكن التنبؤ بسلوكها؛ إذ ال يملك أحٌدٌ السيطر ََة‬
‫الكافي ََة عىل عملها‪ ،‬حتى أصبحت مسألة عدم القدرة عىل التنبؤ بسلوكها‪ ،‬من أكرب‬
‫التحديات التي تواجهها املباديء القانونية احلال ََّية املنظمة ألحكام املسؤولية(‪.((5‬‬
‫كام يرى أصحاب هذا االجتاه أننا لو ألزمنا الرشكات املطورة هلذه الروبوتات بضامن‬
‫الرضر الناشئ عن هذه الروبوتات حال تشغيلها‪ -‬ألحجمت الرشكات عن تصميمها‬
‫خو ًًفا من املساءلة‪ ،‬وألصبح ذلك عقب ًًة أمام تطور هذه التكنولوجيا النافعة للبرشية‪،‬‬
‫وكذا لو ألزمنا املربجممني أو املش ِِّغلني بذلك لتع ََّطل سري هذه التقنيات‪ ،‬ومن أجل هذا‬
‫بدأ التفكري يف منح هذه الروبوتات «شخصي ًًة قانوني ًًة» يمكن تسميتها بـ‪« :‬الشخصية‬
‫اإللكرتونية» أو «االفرتاضية» (‪ )E- personhood‬متتلك بموجبها «ذم ًًة مالي ًًة» مستق ََّل ًًة‬
‫حماًّل لإللزام‬ ‫مصِّم ِِميها ومالكيها ومش ِِّغليها‪ ،‬يمكن من خالهلا أن تكون ا‬ ‫ِ‬ ‫عن ذمم‬
‫وااللتزام‪ ،‬ومسؤول ًًة عن األرضار التي حتدثها‪ ،‬وقادر ًًة عىل التعويض عنها من ذ ََّمِتِها‬
‫ِ‬
‫لتمُّلُِك ما جتنيه من أرباح‪ ،‬لتنتقل بذلك من مرتبة «الشيئية» إىل مرتبة‬ ‫املستقلة‪ ،‬وصاحل ًًة‬
‫«الشخصية»‪ ،‬ويستدعي ذلك رضورة أن تكون هذه الروبوتات مسجل ًًة يف إحدى‬
‫قانوٌّين من األشخاص‬
‫ٌ‬ ‫اهليئات التي يمكن إنشاؤها هلذا الغرض‪ ،‬وأن يكون هلا ٌ‬
‫ممثٌل‬
‫الطبيعيني ينوب عنها يف التقايض واال ِِّد ََعاء هلا وعليها‪ ...‬إىل غري ذلك من األحكام التي‬
‫يمكن للقوانني أن تنظمها فيام بعد(‪.((5‬‬
‫مقرتًحا لـ «قواعد القانون املدين املتعلقة‬
‫ً‬ ‫وقد أصدر الربملان األورويب يف عام ‪2017‬م‬
‫بالروبوتات»‪ ،‬ورأى فيه أنه‪« :‬يف املرحلة احلالية عىل األقل‪ ،‬جيب أن تقع املسؤولي ُُة‬
‫‪(56) Guidelines on Regulating Robotics: Regulating Emerging Robotic Technologies in Europe: Robotics facing Law and Ethics (RoboLaw),‬‬
‫‪Collaborative project, 2014, page 23.‬‬
‫‪(57) previous source, page 24.‬‬
‫‪(58) Guidelines on Regulating Robotics: Regulating Emerging Robotic Technologies in Europe: Robotics facing Law and Ethics (RoboLaw),‬‬
‫‪page 24, Towards a Legal Definition of Machine Intelligence: The Argument for Artificial Personhood in the Age of Deep Learning, Argyro‬‬
‫‪Karanasiou And Dimitris Pinotsis, pp 1-12.‬‬
‫وينظر بالعربية‪ :‬املركز القانوين لإلنسآلة (‪« :)Robots‬الشخصية واملسؤولية‪ :‬دراسة تأصيلية مقارنة»‪ :‬قراءة يف القواعد األوروبية للقانون املدين‬
‫لإلنسآلة لعام ‪2017‬م‪ ،‬د‪ .‬حممد عرفان اخلطيب ص ‪ 105‬وما بعدها‪ ،‬نظرية الشخصية االفرتاضية للروبوت وفق املنهج اإلنساين‪ ،‬مهام القويص‪ ،‬ص‬
‫‪ 25‬وما بعدها‪ ،‬املسؤولية املدنية عن األرضار التي يسببها الروبوت ص ‪.744‬‬

‫‪112‬‬
‫عىل عاتق اإلنسان وليس الروبوت» « “‪notes that at least at the present stage the‬‬
‫‪ ،((5(»”responsibility must lie with a human and not a robot‬إال أنه اعترب أن «اإلطار‬
‫اجليُل اجلديُدُ من الروبوتات‪،‬‬ ‫الرضِر الذي يسببه ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتغطيِة‬ ‫القانوين احلا ََّيل لن يكون كاف ًًيا‬
‫معينٍة من عدم‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫درجٍة‬ ‫بقدراِت التكُّيُف والتعُّلُ م التي تنطوي عىل‬‫ِ‬ ‫بقدر ما يمكن جتهيزه‬
‫بشكٍل مستقل من‬ ‫ٍ‬ ‫القدرة عىل التنبؤ يف سلوكهم؛ وذلك ألن تلك الروبوتات ست ََت ََع ََّلم‬
‫فريدٍة وغري متوقعة»(‪ ،((6‬األمر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بطريقٍة‬ ‫خربهتا املتغرية اخلاصة هبا‪ ،‬وتتفاعل مع بيئتها‬
‫حمدٍد للروبوتات يف‬ ‫ٍ‬ ‫الذي دعا الربملان إىل التوصية عىل املدى الطويل بإنشاء وض ٍٍع‬
‫ٍ‬
‫حمددٍة‬ ‫ٍ‬
‫والتزاماٍت‬ ‫ٍ‬
‫حقوٍق‬ ‫ٍ‬
‫«أشخاٍص إلكرتون ِِّيني»(‪ ،((6‬ووضع‬ ‫املستقبل ومعاملتها كـ‬
‫ٍ‬
‫قراراٍت مستقل ًًة‪ ،‬أو تتفاعل‬ ‫هلم‪ ،‬يتم تطبيقها عىل احلاالت التي تتخذ فيها الروبوتات‬
‫معروٍف حال ًًيا يف األنظمة القانونية اآلن‪ ،‬لكنه من‬ ‫ٍ‬ ‫وضٌع غري‬ ‫أطراٍف ٍ‬
‫ثالثٍة‪ ،‬وهو‬ ‫ٍ‬ ‫فيها مع‬
‫ٌ‬
‫املمكن تطبيقه يف املستقبل(‪.((6‬‬
‫قصوٍر يف اإلطار القانوين احلايل‬ ‫ٍ‬ ‫وأشارت قواعد القانون األورويب إىل أن ثمة أوجه‬
‫املتعلق باملسؤولية التعاقدية يف حال إبرام العقود وتنفيذها هبذه الربجميات‪ ،‬ورأت أن‬
‫ٍ‬
‫قانونيٍة جديد ًًة‬ ‫القواعد التقليدية احلال ََّية غري قابلة للتطبيق‪ ،‬وأننا بحاجة إىل تطوير قواعد‬
‫مؤخًرا‪ ،‬والتي يتم‬‫ً‬ ‫وفعال ًًة تواكب هذه التطورات واالبتكارات التكنولوجية التي نشأت‬
‫يدّل عىل أن املجتمع العاملي‬ ‫استخدامها يف سوق التجارة اإللكرتونية(‪ .((6‬األمر الذي ّ‬
‫ماٍض بقوة نحو إعطاء هذه الكيانات صفة «الشخصية القانونية»‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫‪ -8‬موقف الدراسة من المسألة في ضوء الفقه اإلسالمي‪:‬‬


‫ترى الدراس ُُة أن األمر يستقيم قط ًًعا من منظور الفقه اإلسالمي إذا اعتربنا أن هذه‬
‫تتوَّجه مجيع‬ ‫ِ‬
‫املتعاِقَدَ ْيْ ن‪ ،‬بحيث‬ ‫الروبوتات جمرد وسائط إلكرتونية ناقلة إلرادة‬
‫َ‬
‫االلتزامات العْقْ د ََّية إىل ذمم مستخدمي هذه الروبوتات –كام هو واقع القوانني املدنية‬
‫ٍ‬
‫وحينئٍذ فال حاجة للقول بمنح هذه الروبوتات «ذ ََّمة مال ََّية» أو «أهلية‬ ‫احلاكمة اآلن‪،-‬‬
‫‪(59) Civil Law Rules on Robotics, European Parliament resolution of 16 February 2017, Liability, Article No 56.‬‬
‫‪(60) Civil Law Rules on Robotics,General principles, Article (AI).‬‬
‫‪(61) Civil Law Rules on Robotics, Liability, Article No 59.‬‬
‫‪(62) A law on robotics and artificial intelligence in the EU, Aída Ponce Del Castillo, page 6,7.‬‬
‫وينظر بالعربية‪ :‬نظرية الشخصية االفرتاضية للروبوت وفق املنهج اإلنساين ص‪ ،21‬إشكالية الشخصية اإللكرتونية للروبوت ص‪.45‬‬
‫‪(63) Civil Law Rules on Robotics, General principles, Article (AG).‬‬

‫‪113‬‬
‫أداء» ُن ََُص ِِّحح هبا عقودهم وترصفاهتم‪ ،‬وسيرسي عليها من األحكام الفقهية ما يرسي‬
‫عىل غريها من اآلالت والعجاموات من احليوانات التي جعلتها الرشيع ُُة اإلسالمي ُُة‬
‫للحِّق‪ ،‬كاالمتالك واالستغالل والترصف‬ ‫ِ‬ ‫أموااًلا مملوك ًًة لإلنسان‪ ،‬و»أشياء» ا‬
‫حماًّل‬
‫َ‬
‫ضامَن ما‬ ‫حلراسِة اإلنسان ورقابِتِه‪ ،‬باعتباره هو من سيتحمل‬‫ِ‬ ‫‪-‬أيًضا‪-‬‬
‫ً‬ ‫ونحوه‪ ،‬ا‬
‫وحماًّل‬
‫وفَّرط يف رقابتها‪ ،‬وفق ما هو‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وإرضاٍر بالغري إن هو قرَّصر يف حراسِتها َ‬ ‫إتالٍف‬ ‫أحدثته من‬
‫مقرٌّر عند الفقهاء يف باب «الضامن»‪.‬‬
‫ٌ‬
‫التكييَف ال يتوافق أبًدً ا مع طبيعة هذه الروبوتات املستقلة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫لكن الدراس ََة ترى أن هذا‬
‫ْحُت�ِْر ُُزه هذه الروبوتات يف‬ ‫املستمّر الذي ِ‬
‫ّ‬ ‫التطّور‬
‫ّ‬ ‫تكييٌف لن يصمَدَ طوياًلا أمام‬
‫ٌ‬ ‫وأنه‬
‫أدائها املبني عىل الذكاء املتقِّدِ م والتع ّّلم اآليل واالستقاللية يف الفعل ورد الفعل واختاذ‬
‫طبيعٍّي‪ ،‬وإن مل يكن إنساًنًا برشًّيً ا‪،‬‬ ‫َب ٍ‬
‫عقٍل‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫القرارات؛ فالوكيل الذكي وإن مل يكن صاِح َ‬
‫إال أنه يملك من الذكاء االصطناعي ما جيعله َمُم� َ ِِّي ًًزا ِ‬
‫مدِرًكًا‪ ،‬قاصًدً ا ملا يفعله‪ ،‬معًرِّب� ً ا عن‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫البَرش الطبيعيني‪ ،‬ومن أجل‬ ‫ويفوُق يف إبرا ِِم عقوِد التجارة اإللكرتونية َ‬ ‫إرادته وترصفاته‪،‬‬
‫هذا فإن الدراسة ترى أنه ال مانع من وجهة نظر الفقه اإلسالمي ‪-‬إن وجدنا أنفسنا‬
‫نَح هذه الروبوتات «أهلية وجوب»‬ ‫مضطرين ملواكبة احلالة العاملية السائدة‪ -‬أن ْمُت�ْ َ‬
‫حماًّل لإللزام وااللتزام‪ ،‬و «أهلية أداء» تكون هبا أهاًلا إلبرام العقود‬ ‫(ذَّمة) تكون هبا ا‬‫َ‬
‫التعامُل به مع األشخاص االعتباريني‪ ،‬حتى‬ ‫ُ‬ ‫تَّم‬
‫ونفاذ الترصفات‪ ،‬عىل النحو الذي َ‬
‫تِرْبمها هذه الروبوتات‪ ،‬ويمكن لنا‬ ‫تستقيم أمر هذه العقود واملعامالت التجارية التي � ِ‬
‫ختريُج أحكامها عىل «أحكام العبد املأذون له يف التجارة» املنصوص عليها يف‬ ‫ٍ‬
‫حينئٍذ‬
‫ُ‬
‫الفقه اإلسالمي‪.‬‬

‫الرّق قبل اإلسالم كان حال ًًة اجتامع ّّي ًًة سائدة‪ ،‬ونظا ًًما قانونًّيًا اصطلح العاُمل ُ‬ ‫فمعلو ٌٌم أن ّ‬
‫حٍّق من حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫عليه رغم بشاعته ومناهضته للفطرة؛ ملا فيه من سلب أهم ٍ‬
‫كَّرم اهلل تعاىل هبا اآلدميني‪ ،‬والنزول به إىل مرتبة «األشياء‬ ‫وهو «اإلنسانية واآلدمية» التي َ‬
‫واألموال اململوكة»‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مناهضٍة للفطرة‬ ‫ِ‬
‫االجتامعيِة السائدة ملا تنطوي عليه من‬ ‫ِ‬
‫احلالِة‬ ‫يْرَْض اإلسال ُُم ّ‬
‫قّط هبذه‬ ‫مل َ‬
‫ومصادمٍة للقواعد‪ ،‬فعارضت الرشيع ُُة اإلسالمي ُُة هذا النظام بشتى السبل والوسائل‪،‬‬ ‫ٍ‬

‫‪114‬‬
‫الرقيَق من مرتبة‬ ‫َ‬ ‫اآلخُرون‪ ،‬فنقلت‬ ‫ُ‬ ‫كثًريا من أحكامه التي اصطلح عليها‬ ‫وعَّدَ لت ً‬
‫اعتباًرا بصفة «اإلنسانية» التي م ََّيزه اهلل تعاىل هبا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫«الشيئية» إىل مرتبة «الشخصية»؛‬
‫ففي احلديث عن أيب هريرة ‪-‬ريض اهلل عنه‪ -‬أنه رأى رجاًلا يركب داب ًًة وخلفه عبده‬
‫روِحك»(‪ ،((6‬وأجرت الرشيع ُُة‬ ‫مثُل ِ‬ ‫وروُحه ُ‬ ‫جيري‪ ،‬فقال له‪« :‬اِمحِْلْ ه خل ََف ََك‪ ،‬فإنه أخوك‪،‬‬
‫ُ‬
‫الدائِن ملديِنِه إن هو‬ ‫ِ‬ ‫الرِّق التي كانت سائدة‪ ،‬فمنعت اسرتقاق‬ ‫مصادِر ِ‬‫ِ‬ ‫تعدياًلا شاماًلا عىل‬
‫َرْس ٍٍة ََفَنَِظِ ََر ٌٌة‬ ‫{َوِإِْنْ َك َ‬
‫َاَن ُُذو ُُع � َ‬ ‫عجز عن السداد‪ ،‬وألزمته بإمهاله حتى يورس‪ ،‬فقال تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الوالِد‬ ‫بيَع‬‫احلِّر‪ ،‬أو َ‬ ‫القرسَّي لإلنسان ِ‬ ‫َ‬ ‫ِإِىَلى َمَْيَْرَس� َ ٍة} [البقرة‪َ ،]280 :‬‬
‫وحَّرمت االستعبا ََد‬
‫جَّل وعال يف احلديث‬ ‫لولِده ابتغا ََء املال ونحوه‪ ،‬فقال النبي ﷺ فيام يرويه عن رب العزة َ‬ ‫ِ‬
‫ورجٌل باع حًّرً ا فأكل‬ ‫ٌ‬ ‫رجٌل أعطى يب ثم ََغَدَ ر‪،‬‬ ‫القديس‪« :‬ثالث ٌٌة أنا خصمهم يوم القيامة‪ٌ :‬‬
‫ُْبِْق الرشيع ُُة إاَّلا عىل‬ ‫أجَره»(‪ ،((6‬ومل ُت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫أجًريا فاستوىف منه ومل ُُيْعِْط َ‬‫ورجٌل استأجر ً‬ ‫ثمَنَه‪،‬‬
‫للرّق من باب املعاملِة باملثل‪ ،‬وهو االسرتقاق يف احلرب‪ ،‬وإاَّلا لو منعت هذا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫منب ٍٍع واحٍد ّ‬
‫املسلُمون يف احلروب وال ََيْسِْرَت� ِ ُّقُ ون‪ ،‬ومع ذلك ح ََّثت‬ ‫ُ‬ ‫ْسَْرت ََّق‬
‫األمُر إىل أن ُُي َ‬ ‫ُ‬ ‫الباب آلل‬
‫امرٍئ مسل ٍٍم أعتق امر ًًءا‬ ‫ٍ‬ ‫الرشيع ُُة عىل عتق هؤالء العبيد وحتريرهم‪ ،‬فقال النبي ﷺ‪« :‬أيام‬
‫ِ‬
‫{َوا ََّلِذ َ‬
‫ْيَْن‬ ‫مسلاًما ‪ ،‬كان فكاَكَه من النار»(‪ ،((6‬وأمر اهلل تعاىل بمكاتبتهم عند طلبهم‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫ُوُه ِّمْنْ َّم ِ‬ ‫ْيْاَماُن ُُك ََفَكَاِتُِبوُه ِإِْنْ ََع ِِل ُ ِ‬ ‫اْلِْكَت َّمِم�‬
‫وَن ِ‬
‫اِل اِهَّلل�ِ‬ ‫ْمُْتْمْ ِف ِيِهْمْ ََخ � ًًرْيا ََوآُت ُ ْمْ ِ َ‬ ‫ُ ُ ْمْ‬ ‫َاَب َا ََم ََل ََكْتْ ََأ ُ ْمْ‬ ‫َ‬ ‫ََي َْبَْت ُُغ َ‬
‫مفروًضا من الزكاة‬ ‫ً‬ ‫الرشيعُة هلؤالء املكاَتَِبِني سهاًما‬ ‫ُ‬ ‫ا ََّل ِِذي آَتَا ُُكْمْ } [النور‪ ،]33:‬وجعلت‬
‫دَّل عليه قوله تعاىل يف مصارف‬ ‫الواجبة حتى ُُي ََعاُنُوا به عىل أداء أقساط املكاتبة‪ ،‬كام َ‬
‫الرشيعُة العتَقَ كفار ًًة يف مجيع‬ ‫ُ‬ ‫اِب‪ ...‬اآلية} [التوبة‪ ،]60 :‬وجعلت‬ ‫الِّر ََق ِ‬‫{َويِفي ِ‬
‫الزكاة‪َ :‬‬
‫الكفارات الواجبة‪ ،‬وجعلت ََه َ‬
‫ْزَْله جًّدً ا ً‬
‫نافًذا‪ ،‬واعتربته مقصًدً ا رشعًّيًا من مقاصدها‬
‫التي بنى الفقهاء يف ضوئها األحكام‪ -‬كام هو غري ٍ‬
‫خاٍف عىل متتبع‪.-‬‬
‫ِ‬
‫املفروضِة بام يناسبها من‬ ‫جاء فقها ُُء اإلسال ِِم وتعاملوا مع هذه احلالة االجتامع ََّية‬
‫األحكام وإن كانت عىل غري مقتىض القياس‪ ،‬ور ََّت ُُبوا يف الفقه اإلسالمي أحكا ًًما‬

‫(‪ ((6‬أخرجه ابن أيب شيبة يف مصنفه‪ ،‬كتاب‪ :‬األدب‪ /‬باب‪ :‬الغالم يشتد خلف الرجل وهو راكب‪.‬‬
‫(‪ ((6‬أخرجه البخاري يف صحيحه من حديث أيب هريرة‪ ،‬كتاب‪ :‬البيوع‪ /‬باب‪ :‬إثم من باع حرا‪.‬‬
‫(‪ ((6‬أخرجه الرتمذي يف سننه عن أيب أمامة وغريه من الصحابة‪ ،‬يف أبواب النذور واأليامن عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم‪ /‬باب‪ :‬باب ما جاء يف‬
‫فضل من أعتق‪ ،‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه‪ ،‬وأخرج له طرقا أخرى‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫ِ‬
‫املوضوعِة لألشخاص األحرار؛‬ ‫بعَض اليشء عن األحكام‬ ‫ِ‬
‫العبيِد تتغاير َ‬ ‫خاص ًًة هبؤالء‬
‫وذلك جر ًًيا منهم مع العرف االجتامعي السائد وإن مل يكن يف أنفسهم راضني به‪ ،‬أو‬
‫اجتامعٌّي اضطرهم لتأسيس تلك األحكام‪ ،‬كام وجدنا أنفسنا‬
‫ٌ‬ ‫واقٌع‬
‫مشِّجعني له‪ ،‬لكنه ٌ‬ ‫ِ‬
‫مؤَّخ ًًرا مضطرين لتخريج أحكام «الشخصية االعتبارية»‪ ،‬وكام سنجد أنفسنا يف‬ ‫َ‬
‫القريب مضطرين لتخريج أحكا ٍٍم «للشخصية اإللكرتونية» التي يتجه العاُمل ُ ملنحها هلذه‬
‫الروبوتات‪.‬‬
‫إن «العبيد» كانت هلم يف الفقه اإلسالمي طبيع ٌٌة خاصة‪ ،‬مل يصلوا هبا إىل مرتبة‬
‫ِ‬
‫لألشخاِص األحرار‪ ،‬ومل ينزلوا هبا إىل مرتبة «الشيئية»‬ ‫«الشخصية الكاملة» كام هي ٌ‬
‫ثابتٌة‬
‫إنساٌن حيمل صفة «اإلنسانية» و«اآلدمية» ولكن العامل حينذاك تعارف‬ ‫ٌ‬ ‫بالكلية؛ فالعبُدُ‬
‫عىل وضعه يف مرتبة «الشيئية» واعتربوه من قبيل «األموال اململوكة»‪ ،‬ومن أجل هذا‬
‫نص الفقهاء رمحهم اهلل عىل أن الرقيق فيه معنى «اآلدمية»؛ بدليل كونه مكل ًًفا باألحكام‬
‫وروِد ِ‬
‫امللِك‬ ‫ِ‬ ‫‪-‬أيًضا‪ -‬معنى «املالية» أو «الشيئية»؛ بدليل‬
‫الرشعية من غري خالف‪ ،‬وفيه ً‬
‫ٍ‬
‫وجوٍب» و «ذم ًًة مالي ًًة» صاحل ًًة‬ ‫عليه من غري خالف(‪ ،((6‬وبناء عىل ذلك منحوه «أهلي ََة‬
‫أداٍء» متكنه من صحة إبرام العقود‬ ‫واكتساِب احلقوق‪ ،‬ومنحوه «أهلي ََة ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الواجباِت‬ ‫لتحمل‬
‫بالرِّق الذي هو واحٌدٌ من أهم العوارض التي‬ ‫ِ‬ ‫واملعامالت‪ ،‬لكن أهليته هذه عورضت‬
‫تطرأ عىل أهلية اإلنسان‪ ،‬فتوجب له أحكا ًًما ختُّصُ ه‪ ،‬كغريه من عوارض األهلية املعروفة‬
‫ٍ‬
‫متوسطٍة» بني مرتبة «الشيئية»‬ ‫ٍ‬
‫«مرتبٍة‬ ‫يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬حتى صار العبد بذلك يف‬
‫واحليواناِت وسائر األموال واملمتلكات‪ ،‬وبني مرتبة «الشخصية»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلامداِت‬ ‫وهي مرتبة‬
‫أو مرتبة «اإلنسانية» املمنوحة لألشخاص الطبيعيني‪ ،‬وهذه املرتبة املتوسط ُُة هي التي‬
‫تقرتحها الدراس ُُة لتخريج أحكام روبوتات التجارة اإللكرتونية‪ ،‬بحيث نعتربها من‬
‫ِ‬
‫امللِك عليها وجواز‬ ‫قبيل «األشياء» ونضعها يف مرتبة «الشيئية» من حيث جريان‬
‫بيعها ورشائها؛ كغريها من األموال املنقولة‪ ،‬ونضعها يف مرتبة «الشخصية» يف جانب‬
‫ِ‬
‫مستخدِميهاا‪ ،‬والتي حتتاج إىل‬ ‫املعامالت املالية والعقود التجارية التي تربمها وكال ًًة عن‬
‫قياًسا عىل العبد املأذون له يف التجارة من س ِِّي ِِده‪ ،‬فاألصل أن‬
‫نو ٍٍع من «أهلية األداء»؛ ً‬
‫(‪ ((6‬اهلداية مع رشح فتح القدير ‪.355/10‬‬

‫‪116‬‬
‫مملوٌك لسيده‪ ،‬فال تقع‬ ‫ٌ‬ ‫رقيٌق‬
‫حمجوٌر عليه يف التجارات واملعامالت املالية؛ ألنه ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫العبد‬
‫للامِل وهو يف‬ ‫صحيٍح؛ ألنه ال يتصور منه أن يكون مالًكًا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫املعامالت املالية منه عىل ٍ‬
‫وجٍه‬
‫ديوٌن تلزمه وقد تباع رقبُتُه‬ ‫ٌ‬ ‫مملوٌك‪ ،‬وألن التعامالت التجارية قد ينتج عنها‬‫ٌ‬ ‫نفِسه ٌ‬
‫ماٌل‬ ‫ِ‬
‫حمجوًرا عليه وممنو ًًعا‬
‫ً‬ ‫فيها‪ ،‬األمر الذي سيؤ ِِّثر قط ًًعا عىل سيده ومواله‪َ ،‬‬
‫فناَس ََبه أن يكون‬
‫من التجارة واملعامالت؛ حلق س ِِّيده فيه‪ ،‬قال الرسخيس ‪-‬رمحه اهلل‪« :-‬وإنام ينعدم ِ‬
‫بالرِّق‬
‫بالرِّق مااًلا مملوًكًا‪،-‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ملالكيِة املال؛ ألنه يصري به مملوًكًا مااًلا ‪-‬أي يصري العبُدُ‬ ‫األهلي ُُة‬
‫للامِل منافاٌةٌ»(‪ ،((6‬لكن ملا كان العبُدُ بصفته اإلنسانية‬ ‫وبني كونه مملوًكًا مااًلا وكونه مالًكًا ِ‬
‫نَّص‬ ‫ِ‬
‫العاقلِة أهاًلا ألداء املعامالت املالية‪ ،‬ا‬
‫وحماًّل للذمة الصاحلة لإللزامات وااللتزامات‪َ ،‬‬
‫بمجّرد إذن‬ ‫ّ‬ ‫الفقهاء ‪-‬رمحهم اهلل‪ -‬عىل جواز رفع احلجر عن العبد يف معامالته املالية‬
‫سيده له فيها؛ واعتربوا اإلذن من السيد فًّكًا للحجر الذي كان موضو ًًعا عليه‪ ،‬واتفقوا‬
‫ِ‬
‫التجارِة باإلمجاع(‪،((6‬‬ ‫عبِده بالبيع والرشاء‪ ،‬واإلذن له يف‬‫توكيَل ِ‬
‫َ‬ ‫عىل أنه جيوز للسيد‬
‫ويعترب هذا اإلذن عند الفقهاء فًّكًا للحجر الذي كان مرضو ًًبا عليه من قبل الشارع؛ ألن‬
‫ٍ‬
‫ضامناٍت ومسؤوليات ََعْقْ د ََّية‬ ‫رًضا مسب ًًقا منه بام سيقع عىل عبده من‬
‫اإلذن من السيد يعّدّ ً‬
‫تقتضيها املعامالت والعقود‪.‬‬
‫وقد اتفق مجهور الفقهاء من األئمة الثالثة ‪-‬أيب حنيفة ومالك والشافعي‪ -‬ومن وافقهم‪،‬‬
‫ِ‬
‫وعقوِده‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املأذوِن‬ ‫ِ‬
‫العبِد‬ ‫عىل أن مجيع «االلتزامات العْقْ د ََّية» التي تنشأ من معامالت‬
‫جُع بجميع الديون وااللتزامات عىل‬ ‫تصُّحُ جائز ًًة عليه يف ذ ََّمته‪ ،‬ال يف ذمة سيده‪ ،‬فْرُي�ْ ُ‬
‫ماِلِه وكْسِْبِه(‪ ،((7‬قال ابن القاسم ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬ت ‪191‬هـ)‪« :‬من خىَّلى بني عبِده وبني‬
‫ِ‬
‫الناَس به من مجيع أنواع التجارات»(‪.((7‬‬ ‫التجارة‪ ،‬جتر فيام شاء‪ ،‬ولزم ذ ََّمَتَه ما داين َ‬
‫ِ‬
‫َب‬ ‫وقال اللخمُّيُ ‪-‬رمحه اهلل‪( -‬ت ‪478‬هـ)‪« :‬إذا أذن السيُدُ لعبده يف التجارة‪ ،‬ثم ُُطِل َ‬
‫استحقاٍق‪ ،‬كانت عهد ُُة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بعيٍب أو‬ ‫بثمِن ما اشرتى‪ ،‬أو أدركته ِتِ ََبا ََع ٌٌة فيام باع أو اشرتى‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫بيشٍء‪،‬‬ ‫ذلك متعلق ًًة باملال الذي يف يديه وبذَّمِتِه إن مل ُي ِ‬
‫وِف ما يف يديه‪ ،‬وال ُُي َْتَْب ُُع السيُدُ منه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫(‪ ((6‬املبسوط للرسخيس ‪ ،2/25‬املقدمات املمهدات ‪.339/2‬‬


‫(‪ ((6‬بدائع الصنائع ‪ ،192/7‬اجلامع ملسائل املدونة ‪ ،157/18‬املهذب يف فقه اإلمام الشافعي ‪ ،235/2‬اهلداية عىل مذهب اإلمام أمحد ص ‪.276‬‬
‫(‪ ((7‬املبسوط ‪ ،48/25‬التبرصة للخمي ‪ ،3256/7‬البيان للعمراين ‪،240/7‬‬
‫(‪ ((7‬اجلامع ملسائل املدونة ‪.157/18‬‬

‫‪117‬‬
‫لنفِسه‪ ،‬وإن كان جتره ِ‬
‫لسيِده جرى عىل حك ِِم الوكيل»(‪.((7‬‬ ‫وهذا إذا كان جتره ِ‬
‫ِ‬
‫العبِد وكس ُُبه بديون الغرماء إذا زادات عليه‬ ‫واختلفوا ‪-‬رمحهم اهلل‪ -‬فيام لو مل ِ‬
‫يِف ُ‬
‫ماُل‬
‫الديون وااللتزامات‪ ،‬فهل تستوىف بقية الديون هذه من رقبته‪ ،‬أو تبقى يف ذمته إىل أن‬
‫كسٌب أو يعتق؟!‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫يتحصل له‬
‫حينئٍذ من رقبِتِه‪ ،‬فيباع العبُدُ عندهم‬
‫ٍ‬ ‫فذهب فقهاء احلنفية إىل القول باستيفاء الديون‬
‫لوفاء ديون الغرماء؛ إاَّلا أن أراد سيُدُ ه أن يفد ََيه بقضاء ديونه‪ ،‬فله ذلك(‪.((7‬‬
‫تنتقُل إىل رقبِتِه‪ ،‬وال‬
‫بقيِة الديون يف ذ ّّمِتِه وال ُ‬
‫القوِل ببقاء ِ‬
‫ِ‬ ‫وذهب املالكية والشافعية إىل‬
‫كسٌب أو يعتق ويورس‪ ،‬فيقيض‬ ‫إىل ِ‬
‫ذمِة س ِِّيده‪ ،‬وتبقى هكذا يف ذمة العبد إىل أن يصري له‬
‫ٌ‬
‫ما عليه من الديون(‪.((7‬‬
‫اجلمهوَر يف املسألة‪ ،‬ورأْوْ ا ‪-‬يف معتمد مذهبهم‪ -‬أن‬ ‫َ‬ ‫بينام خالف فقها ُُء احلنابل ُُة‬
‫وُعَّدَ ذلك من‬
‫ذمِة س ِِّيده‪ُ ،‬‬‫املأذوِن تتوَّجه إىل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العبِد‬ ‫«االلتزامات العْقْ د ََّية» يف معامالت‬
‫َ‬
‫مفردات مذهبهم(‪ ،((7‬ففي مسائل أيب يعقوب املروزي (ت ‪251‬هـ) عن اإلمام أمحد أنه‬
‫سئل عن «العبد املأذون له يف التجارة إذا ركبه الدين؟‪ ،‬فقال‪ :‬إذا ُُأ ِِذ ََن له‪ ،‬فعىل السيد»(‪،((7‬‬
‫ملَز ًًما هبذه الديون وااللتزامات؛ ألنه‬ ‫ِ‬
‫باإلذِن له بالتجارة صار َ‬ ‫ووَّج ُُهوا ذلك بأن س ِِّيَدَ ه‬
‫َ‬
‫غَّر الناس بإذنه ‪.‬‬
‫(‪((7‬‬
‫َ‬
‫أَّسس له مجهور الفقهاء يف هذه املسألة يمكن أن يكون مستنًدً ا لنا يف‬‫وإنني أرى أن ما َ‬
‫ختريج أحكام املعامالت التي جترهيا هذه الروبوتات‪ ،‬حال اجتاه العامل إىل منحها صفة‬
‫الشخصية القانونية‪ ،‬واهلل تعاىل وأعلم‪.‬‬

‫(‪ ((7‬التبرصة ‪.3256/7‬‬


‫(‪ ((7‬األصل ‪ ،536/8‬املبسوط ‪.48/25‬‬
‫(‪ ((7‬اجلامع من مسائل املدونة ‪ ،182/18‬البيان للعمراين ‪.240/7‬‬
‫(‪ ((7‬اإلنصاف للمرداوي ‪ 420/13‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ((7‬مسائل اإلمام أمحد وإسحاق بن راهوية ‪.2675/6‬‬
‫(‪ ((7‬رشح منتهى اإلرادات ‪.182/2‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ -9‬الخاتمة‪:‬‬
‫بعد استعراض املسألة من جوانبها املختلفة‪ ،‬يمكن لنا اخلروج يف هذه الدراسة‬
‫بمجموعة من النتائج‪ ،‬أبرزها ما ييل‪:‬‬
‫أواًلا ‪ :‬األصل يف الرشيعة اإلسالمية أن األهلية بنوعيها ‪-‬أهلية الوجوب واألداء‪ -‬ال‬
‫حماًّل للحقوق املالية فحسب‪،‬‬ ‫آدمٍّي؛ ألن الذمة يف نظر الرشيعة ليست ا‬ ‫ٍ‬
‫تكون إال إلنساٍن ٍ‬
‫أيًضا جلميع التكليفات واألحكام الرشعية االعتقادية والعمل ََّية التي هي‬ ‫حمٌّل ً‬‫وإنام هي ٌ‬
‫خالًصا‪ ،‬وهي هبذا االعتبار ال تصلح إاَّلا لآلدميني من غري شك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حٌّق هلل تعاىل‬ ‫ٌ‬
‫نصوُص العلامء الوارد ُُة يف قرص الذمة واألهلية عىل اإلنسان إنام نشأت من كون‬ ‫ُ‬ ‫ثان ًًيا‪:‬‬
‫الذمة عندنا وعا ًًء جلميع احلقوق والواجبات‪ ،‬بام فيها حقوق اهلل تعاىل اخلالصة‪.‬‬
‫رِة يف الذمم‪ ،‬يمكن لنا يف الفقه‬ ‫احلقوِق املالَّية وااللتزامات املقَّدَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جانِب‬ ‫ثال ًًثا‪ :‬بالنظر إىل‬
‫َ‬
‫نتصَّور وجود «ذ ََّم ٍٍة» لغري اآلدميني عىل سبيل الفرض والتقدير؛ حتى‬ ‫َ‬ ‫اإلسالمي أن‬
‫تستقيم األحكام وتنتظم املعامالت وقت احلاجة؛ وذلك كافرتاض تقديرها يف الوقف‬
‫وبيت املال ونحومها‪.‬‬
‫تأسيًسا عىل‬ ‫ِ‬
‫واألمواِل ذم ًًة وأهلي ًًة؛‬ ‫ِ‬
‫األشخاِص‬ ‫ِ‬
‫مجاعاِت‬ ‫راب ًًعا‪ :‬منح الفقها ُُء املحدثون‬
‫ً‬
‫االفرتاض والتقدير السابق‪.‬‬
‫–أيًضا‪ -‬منح الروبوتات ووكالء التجارة‬ ‫ً‬ ‫خامًسا‪ :‬يمكن لنا يف الفقه اإلسالمي‬ ‫ً‬
‫أيًضا‪ ،‬ويمكن لنا‬ ‫تأسيًسا عىل هذا االفرتاض والتقدير ً‬ ‫ً‬ ‫اإللكرتونية أهلي ًًة وذم ًًة مال ََّي ًًة؛‬
‫املأذوِن يف الفقه اإلسالمي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ختريج األحكام يف ذلك عىل أحكام العبد‬
‫أؤِّصل‬
‫أردُت فيه أن ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأخًريا‪ :‬فإن هذه الدراس ََة وما ورد فيها مت ِِّثل رأ ًًيا فقهًّيًا لصاحِبِه‪،‬‬ ‫ً‬
‫أنفَسهم يف‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫النقاِش والنظر‪ ،‬وسيجد الفقها ُُء َ‬ ‫بقَّوٍة عىل دائرة‬ ‫نفَسها َ‬ ‫ستفرُض َ‬ ‫ُ‬ ‫ملسألٍة أراها‬
‫القريب العاجل مضطرين لتخريج أحكامها‪ ،‬عىل النحو الذي اضطرهم ساب ًًقا لتخريج‬
‫وفتٌح لباب‬
‫ٌ‬ ‫أحكام الشخصية االعتبارية‪ ،‬وهذه الورقة ما هي إاَّلا حماول ٌٌة عىل الطريق‪،‬‬
‫اجلامعّي‪ ،‬واهلل تعاىل أسأل أن يلهمنا الصواب يف القول‬ ‫ّ‬ ‫النظر‪ ،‬ودعو ٌٌة للبحث الفقهي‬
‫والعمل؛ إنه سبحانه نعم املوىل ونعم النصري‪ ،‬وصىل اهلل عىل سيدنا حممد وعىل آله‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪-‬إجراء العقود بوسائل االتصال احلديثة‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم فاضل الدبو‪ ،‬جملة جممع الفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬الدورة السادسة‪ ،‬العدد (‪ ،)6‬اجلزء (‪ ،)2‬سنة ‪1410‬هـ ‪1990‬م‪-831 :‬‬
‫‪.876‬‬
‫‪-‬إجراء العقود بوسائل االتصال احلديثة‪ ،‬د‪ .‬عيل حميى الدين القرة داغي‪ ،‬جملة جممع‬
‫الفقه اإلسالمي‪ ،‬الدورة السادسة‪ ،‬العدد (‪ ،)6‬اجلزء (‪ ،)2‬سنة ‪1410‬هـ ‪1990‬م‪:‬‬
‫‪.963-922‬‬
‫‪-‬أحكام االلتزام واإلثبات‪ ،‬د‪ .‬سمري تناغو‪ ،‬ط‪ .‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪2009‬م‪.‬‬
‫‪-‬أحكام القرآن‪ ،‬للجصاص‪ ،‬ط‪ .‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬سنة ‪1405‬هـ‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد الصادق قمحاوي‪.‬‬
‫‪-‬استخدام الوكيل الذكي يف التجارة اإللكرتونية‪ :‬دراسة قانونية مقارنة يف إطار ماهيته‬
‫ونفاذ ترصفاته‪ ،‬د‪ .‬أمحد قاسم فرج‪ ،‬بحث منشور بمجلة املفكر‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة حممد خيرض بسكرة‪ ،‬عدد ‪ ،16‬ديسمرب ‪2017‬م‪.‬‬
‫‪-‬أشكال التعبري عن اإلرادة يف العقد اإللكرتوين بني الرشيعة والقانون‪ ،‬د‪ .‬حممد فاروق‬
‫صالح البدري‪ ،‬بحث منشور بمجلة جامعة األنبار للعلوم اإلسالمية‪ ،‬مج ‪ ،4‬ع‪:13‬‬
‫‪2013‬م‪.‬‬
‫‪-‬إشكالية الشخصية اإللكرتونية القانونية للروبوت‪ ،‬حممد املناصري‪ ،‬بحث منشور‬
‫باملجلة العربية للعلوم ونرش األبحاث‪ ،‬مج‪ ،6‬ع‪ ،1‬مارس ‪2020‬م‪.‬‬
‫‪-‬األصل‪ ،‬ملحمد بن احلسن الشيباين‪ ،‬حتقيق‪ :‬أبو الوفا األفغاين‪ ،‬ط‪ .‬إدارة القرآن والعلوم‬
‫اإلسالمية‪ ،‬كراتيش‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬أصول الرسخيس‪ ،‬لإلمام الرسخيس‪ ،‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬سنة ‪1440‬هـ‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬أبو الوفا األفغاين‪.‬‬
‫‪-‬أصول القانون‪ ،‬د‪ .‬عبد املنعم فرج الصدة‪ ،‬ط‪ .‬مطبعة مصطفى البايب احللبي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬

‫‪120‬‬
‫‪1965‬م‪.‬‬
‫‪-‬االلتزامات يف الرشع اإلسالمي‪ ،‬أمحد بك إبراهيم‪ ،‬ط‪ .‬املكتبة األزهرية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪2013‬م‪.‬‬
‫ِ‬
‫التقليد َّية وتقنية (البلوك تشني) والعقود‬ ‫‪-‬إنشاء عقود املعامالت وتنفيذها بني الطرق‬
‫الذك َّية‪ :‬دراسة فقهية مقارنة]‪.‬‬
‫للم ْرداوي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬عبد اهلل بن عبد املحسن‬
‫‪-‬اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف‪َ ،‬‬
‫الرتكي‪ ،‬د‪ .‬عبد الفتاح حممد احللو‪ ،‬ط‪ .‬هجر للطباعة والنرش‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪1415‬هـ ‪1995‬م‪.‬‬
‫‪-‬البحر الرائق رشح كنز الدقائق‪ ،‬البن نجيم‪ ،‬ط‪ .‬دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬بدائع الصنائع يف ترتيب الرشائع‪ ،‬للكاساين‪ ،‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬سنة ‪1406‬هـ ‪1986‬م‪.‬‬
‫‪-‬البيان يف مذهب اإلمام الشافعي‪ ،‬للعمراين‪ ،‬حتقيق‪ :‬قاسم حممد النوري‪ ،‬ط‪ .‬دار‬
‫املنهاج‪ ،‬جدة‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1421‬هـ ‪2000‬م‪.‬‬
‫‪-‬التبرصة‪ ،‬للخمي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬أمحد عبد الكريم نجيب‪ ،‬ط‪ .‬وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬قطر‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1432‬هـ ‪2011‬م‪.‬‬
‫‪-‬الرتايض يف العقد اإللكرتوين‪ ،‬حممد بن أمحد بونبات‪ ،‬حليمة بن حفو‪ ،‬بحث منشور‬
‫بمجلة األمالك‪ ،‬عدد ‪ ،6‬سنة ‪2009‬م‪.‬‬
‫‪-‬الترشيع اجلنائي اإلسالمي مقارنا بالقانون الوضعي‪ ،‬عبد القادر عودة‪ ،‬ط‪ .‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة عرش سنة ‪1415‬هـ ‪1994‬م‪.‬‬
‫‪-‬تغليق التعليق عىل صحيح البخاري‪ ،‬البن حجر العسقالين‪ ،‬حتقيق‪ :‬سعيد عبد الرمحن‬
‫موسى‪ ،‬ط‪ .‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬عامن‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫‪-‬التقرير والتحبري‪ ،‬البن احلاج‪ ،‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1403‬هـ‬
‫‪1983‬م‪.‬‬
‫‪-‬ثورة الربامج الذكية عىل شبكة اإلنرتنت‪ ،‬د‪ .‬سامح زينهم عبد اجلواد‪ ،‬بحث منشور‬

‫‪121‬‬
‫ضمن أعامل مؤمتر استخدام تقنيات رفع أداء حمركات البحث يف دعم املواقع العربية‬
‫وورشة عمل أرسار التسويق اإللكرتوين يف استخدام حمركات البحث‪ ،‬املنظمة العربية‬
‫للتنمية اإلدارية‪ ،‬جامعة الدول العربية‪ ،‬سنة ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪-‬اجلامع ملسائل املدونة‪ ،‬أليب بكر حممد بن عبد اهلل التميمي الصقيل‪ ،‬ط‪ .‬معهد البحوث‬
‫العلمية وإحياء الرتاث اإلسالمي‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬توزيع‪ :‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪1434‬هـ ‪2013‬م‪.‬‬
‫‪-‬حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري‪ ،‬الشيخ حممد بن عرفة الدسوقي‪ ،‬ط‪ .‬دار الفكر‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬احلق والذمة وتأثري املوت فيهام‪ ،‬الشيخ عيل اخلفيف‪ ،‬ط‪ .‬دار الفكر العريب‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪2010‬م‪.‬‬
‫‪-‬الروض املربع رشح زاد املستقنع‪ ،‬للبهويت‪ ،‬ط‪ .‬مكتبة الرياض احلديثة‪ ،‬الرياض‪ ،‬سنة‬
‫‪1390‬هـ‪.‬‬
‫‪-‬سنن أيب داود‪ ،‬أبو داود السجستاين‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪ ،‬ط‪ .‬املكتبة‬
‫العرصية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بريوت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬سنن الرتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى الرتمذي‪ ،‬حتقيق وتعليق‪ :‬أمحد حممد شاكر‪ ،‬وحممد‬
‫فؤاد عبد الباقي‪ ،‬وإبراهيم عطوة عوض‪ ،‬ط‪ .‬مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احللبي‪،‬‬
‫مرص‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1395‬هـ ‪1975‬م‪.‬‬
‫‪-‬الشخصية االعتبارية الشخصية االعتبارية يف الفقه اإلسالمي‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬د‪ .‬أمحد‬
‫عيل عبد اهلل‪ ،‬ط‪ .‬اهليئة العليا للرقابة الرشعية عىل املصارف واملؤسسات املالية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية سنة ‪2016‬م‪.‬‬
‫‪-‬الشخصية االعتبارية يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬حممد طموم‪ ،‬بحث منشور بمجلة‬
‫احلقوق والرشيعة‪ ،‬كلية احلقوق والرشيعة‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬مج ‪ ،2‬ع‪ :1‬يناير‬
‫‪1978‬م‪.‬‬
‫‪-‬رشح التلويح عىل التوضيح‪ ،‬لسعد الدين التفتازاين‪ ،‬ط‪ .‬مكتبة صبيح بمرص‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫‪-‬رشح منتهى اإلرادات املسمى بدقائق أويل النهى برشح املنتهى‪ ،‬للبهويت‪ ،‬ط‪ .‬عامل‬
‫الكتب‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1414‬هـ ‪1993‬م‪.‬‬
‫‪-‬الرشكات يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬عبد العزيز اخلياط‪ ،‬ط‪ .‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة الرابعة ‪1994‬م‪.‬‬
‫‪-‬صحيح البخاري‪ ،‬حممد بن إسامعيل البخاري‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد زهري بن نارص النارص‪،‬‬
‫ط‪ .‬دار طوق النجاة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪1422‬هـ‬
‫‪-‬العقود‪ ،‬للشيخ ابن تيمية‪ ،‬ط‪ .‬دار السنة املحمدية للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬العناية رشح اهلداية‪ ،‬البابريت‪ ،‬ط‪ .‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬غمز عيون البصائر يف رشح األشباه والنظائر‪ ،‬للحموي‪ ،‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1985‬م‪.‬‬
‫‪-‬الفروق‪ ،‬للقرايف‪ ،‬ط‪ .‬عامل الكتب‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ ،‬د‪ .‬وهبة الزحييل‪ ،‬ط‪ .‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الثانية عرش‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬قرار جممع الفقه اإلسالمي رقم ‪ )6/3( 62‬بشأن إجراء العقود بآالت االتصال‬
‫احلديثة‪ ،‬دورة مؤمتره السادس بجدة‪ ،‬شعبان ‪1410‬هـ املوافق ‪ 20-14‬مارس‬
‫‪1990‬م‪.‬‬
‫‪-‬كشف األرسار رشح أصول البزدوي‪ ،‬عبد العزيز البخاري‪ ،‬ط‪ .‬دار الكتاب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬جملة األحكام العدلية مع رشح درر احلكام لعيل حيدر‪ ،‬تعريب‪ :‬فهمي احلسيني‪ ،‬ط‪.‬‬
‫دار اجليل‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1991‬م‪.‬‬
‫‪-‬جممع الضامنات‪ ،‬للبغدادي‪ ،‬ط‪ .‬دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬املجموع رشح املهذب‪ ،‬للنووي‪ ،‬ط‪ .‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬خماطر الذكاء االصطناعي عىل األمن ومستقبل العمل‪ ،‬أوسندي أوسوبا‪ ،‬ويليام‬
‫ويلرس‪ ،‬مؤسسة ‪ ،RAND‬كاليفورنيا‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫‪-‬املدخل الفقهي للشيخ مصطفى الزرقا‪ ،‬ط‪ .‬دار الفكر ‪1968‬م‪.‬‬
‫‪-‬املدخل إىل القانون‪ ،‬د‪ .‬حسن كرية‪ ،‬ط‪ .‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬املركز القانوين لإلنسآلة (‪ :)Robots‬الشخصية واملسؤولية‪ :‬دراسة تأصيلية مقارنة‪:‬‬
‫قراءة يف القواعد األوروبية للقانون املدين لإلنسآلة لعام ‪2017‬م‪ ،‬د‪ .‬حممد عرفان‬
‫اخلطيب‪.‬‬
‫‪-‬مسائل اإلمام أمحد وإسحاق بن راهوية‪ ،‬للكوسج‪ ،‬أيب يعقوب املروزي‪ ،‬ط‪ .‬عامدة‬
‫البحث العلمي‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة‪ ،‬الطبعة األوىل ‪2002‬م‪.‬‬
‫‪-‬املستصفى‪ ،‬لإلمام الغزايل‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبد السالم عبد الشايف‪ ،‬ط‪ .‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل سنة ‪1413‬هـ ‪1993‬م‪.‬‬
‫‪-‬املسؤولية املدنية عن األرضار التي يسببها الروبوت‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬الكرار حبيب‬
‫جهلول‪ ،‬وحسام عبيس عودة‪ ،‬جملة الطرق التعليمية والعلوم االجتامعية‪ ،‬مج‪،)5(6‬‬
‫مايو ‪2019‬م‪.‬‬
‫‪-‬املغني البن قدامة‪ ،‬ط‪ .‬مكتبة القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬مفهوم الشخصية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ ،‬بحث منشور‬
‫بمجلة العلوم القانونية واالقتصادية‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة عني شمس‪ ،‬مج ‪ ،12‬ع‪:1‬‬
‫يناير ‪1970‬م‪.‬‬
‫‪-‬مقاييس اللغة‪ ،‬البن فارس‪ ،‬ط‪ .‬احتاد الكتاب العرب‪ ،‬سنة ‪1423‬هـ ‪2002‬م‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫عبد السالم هارون‪.‬‬
‫‪-‬املقدمات املمهدات‪ ،‬أبو الوليد بن رشد‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حممد حجي‪ ،‬ط‪ .‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1408‬هـ ‪1988‬م‪.‬‬
‫‪-‬املنتقى رشح املوطأ‪ ،‬أبو الوليد الباجي‪ ،‬ط‪ .‬مطبعة السعادة‪ ،‬مرص‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪1332‬هـ‪.‬‬
‫‪-‬املنثور يف القواعد الفقهية‪ ،‬بدر الدين الزركيش‪ ،‬ط‪ .‬وزارة األوقاف الكويتية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪1405 ،‬هـ ‪1985 -‬م‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪-‬املهذب يف فقه اإلمام الشافعي‪ ،‬أليب إسحاق الشريازي‪ ،‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬مواهب اجلليل يف رشح خمترص خليل‪ ،‬للحطاب‪ ،‬ط‪ .‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سنة‬
‫‪1412‬هـ ‪1992‬م‪.‬‬
‫‪-‬نظرية احلق بني الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬د‪ .‬أمحد حممود اخلويل‪ ،‬ط‪ .‬دار‬
‫السالم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األوىل سنة ‪2003‬م‪.‬‬
‫‪-‬نظرية الشخصية االفرتاضية للروبوت وفق املنهج اإلنساين‪ :‬دراسة تأصيلية حتليلية‬
‫استرشافية يف القانون املدين الكويتي واألورويب‪ ،‬مهام القويص‪ ،‬بحث منشور بمجلة‬
‫جيل األبحاث القانونية املعمقة‪ -‬مركز جيل البحث العلمي‪ -‬ع ‪ -35‬سبتمرب ‪2019‬م‬
‫‪-‬نظرية العقد واإلرادة املنفردة‪ ،‬د‪ .‬عبد الفتاح عبد الباقي‪ ،‬ط‪ .‬مطبعة هنضة مرص‪ ،‬سنة‬
‫‪1984‬م‪.‬‬
‫‪-‬نظرية العقد‪ ،‬لألستاذ عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬ط‪ .‬منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪1998‬م‪.‬‬
‫‪-‬نفائس األصول يف رشح املحصول‪ ،‬القرايف‪ ،‬حتقيق‪ :‬عادل أمحد عبد املوجود‪ ،‬عيل‬
‫حممد معوض‪ ،‬ط‪ .‬مكتبة نزار مصطفى الباز‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1416‬هـ ‪1995‬م‪.‬‬
‫‪-‬اهلداية رشح بداية املبتدي‪ ،‬للمرغيناين‬
‫‪-‬اهلداية يف رشح بداية املبتدي‪ ،‬املرغيناين‪ ،‬حتقيق‪ :‬طالل يوسف‪ ،‬ط‪ .‬دار إحياء الرتاث‬
‫العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪-‬اهلداية عىل مذهب اإلمام أمحد‪ ،‬أبو اخلطاب الكلوذاين‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد اللطيف مهيم‪،‬‬
‫وماهر ياسني الفحل‪ ،‬ط‪ .‬مؤسسة غراس للنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1425‬هـ‬
‫‪2004‬م‪.‬‬
‫‪-‬فتح القدير البن اهلامم رشح اهلداية للمرغيناين‪ ،‬ط‪ .‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪125‬‬
:‫المراجع باللغة اإلنجليزية‬
- A law on robotics and artificial intelligence in the EU, Aída Ponce Del Castillo,
(2017), Foresight Uonit, European Trade Union Institute.
- Agency, Contract and Intelligent Software Agents, Stuart R Cross. (2003).
International Review of Law, Computers & Technology, UK. Volume 17, No. 2.
- Artificial agents among us: Should we recognize them as agents proper?, Migle
Laukyte, (2016), Springer Science+Business Media.
- Civil Law Rules on Robotics, European Parliament resolution of 16 February
2017.
- Guidelines on Regulating Robotics: Regulating Emerging Robotic Technologies
in Europe: Robotics facing Law and Ethics (RoboLaw), (2014), Collaborative
project.
- Intelligent Agents and the Information Requirements of the Directives on
Distance Selling and E-commerce, Arno R Rooder and Marten B Voulon. (2002).
International Review of Law, Computers & Technology, UK, Volume 16, No. 3.
- Intelligent Agents: Theory and Practice, Michael Wooldridge and Nicholas R.
Jennings. (1995). (Cambridge University Press)-Vol. 10, Iss: 02.
- Law and Intelligent Software Agents: Marrige or Just Summer Fling?, Emad Abdel
Rahim Dahyat, Journal of Current Issues in Media and Telecommunications,
Volume 9, Number 2/3.
- Responsible Machines: The Opportunities and Challenges of Artificial
Autonomous Agents, (2016), David J. Gunkel, In: The Digital Nexus: Identity,
Agency, and Political Engagment, AU press.
- Rights for Autonomous Artificial Agents, Samir Chopra, (2010), communications
of the ACM, Vol. 53, No. 8.
- Software Agents in Electronic Commerce, Ananta Charan Ojha, (2008), The
ICFAI University Journal of Information Technology, India.
- Towards a Legal Definition of Machine Intelligence: The Argument for Artificial

126
Personhood in the Age of Deep Learning, Argyro Karanasiou And Dimitris
Pinotsis, (2017), ICAIL , London, United Kingdom.

127
‫حصر وتوثيق األوقاف اإلسالمية‬
‫من خالل تقنية الذكاء االصطناعي‬
‫د‪ .‬صالح النشاط‬
‫أستاذ بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتامعية املحمدية‬
‫جامعة احلسن الثاين الدار البيضاء ‪ -‬املغرب‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫هيدف البحث يف «حرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية من خالل تقنية الذكاء االصطناعي»‬
‫إىل بيان أمهية إدماج تقنية الذكاء االصطناعي يف خدمة قطاع األوقاف‪ ،‬وكسب رهان‬
‫وخصوًصا يف جمال حرص وتوثيق‬
‫ً‬ ‫االستفادة من خدمات األنظمة الذكية املعلوماتية‪،‬‬
‫األوقاف اإلسالمية‪ ،‬وحتديد اخلريطة الوقفية‪ ،‬وحمتوياهتا وإمكاناهتا؛ عىل اعتبار أن من‬
‫بني أكرب التحديات التي تعرفها املنظومة الوقفية يف أغلب الدول التي تتعامل بالوقف‬
‫اإلسالمي؛ هو وجود صعوبات وإشكاالت عملية يف حتديد طبيعة وهوية األوقاف؛‬
‫فرًصا‬
‫وخصوًصا القديمة منها‪ ،‬واجلهات الواقفة واملوقوف عليها‪ ،‬وهو ما ُُيفوت ً‬ ‫ً‬
‫وإمكانات يف جمال االقتصاد والتمويل اإلسالميني‪ ،‬وتنمية األصول الوقفية‪.‬‬
‫وإذا كان املسلمون‪ ،‬قدياًما وحدي ًًثا‪ ،‬قد اجتهدوا يف الوقف‪ ،‬وتنافسوا فيام بينهم يف وقف‬
‫جزء من أمواهلم طل ًًبا لألجر واملنفعة؛ حتى جتمعت ثروة وقفية شملت خمتلف املجاالت‬
‫واالهتاممات‪ ،‬فإن طريقة تدبري هذه الثروة الوقفية‪ ،‬يف واقعنا املعارص‪ ،‬مازالت حتتاج‬
‫إىل اجتهاد فقهي أوسع‪ ،‬وانفتاح أكثر عىل خمتلف التجارب املقارنة‪ ،‬وإىل االستفادة من‬
‫اخلربة التقنية واملعلوماتية‪ ،‬والتي وصلت اليوم إىل الذكاء االصطناعي بخوارزمياته‪،‬‬
‫وتقنياته الالمتناهية‪.‬‬
‫وعليه يكون تطرق هذا البحث إىل الذكاء االصطناعي؛ باعتباره تقنية لتطوير احلياة‬
‫وأنامط التدبري نحو األحسن؛ ذلك أن قطاع األوقاف وكل منتجات التمويل اإلسالمي‬
‫تعمل من أجل دراسة كيفية تدريب األجهزة واآلالت لتقوم بأشياء بشكل أفضل مما‬
‫يفعلها اإلنسان يف الوقت احلارض‪ ،‬لذلك فهو ذكاء مع إضافة كل القدرات التي يتميز‬
‫هبا اإلنسان لآللة‪.‬‬
‫وتتجىل املشكلة العلمية التي يطرحها هذا البحث يف مدى إسهام الذكاء االصطناعي‬
‫يف تقديم خدمات للقطاع الوقفي‪ ،‬ودعم مردوديته وعوائده؛ ومن أبرزها حرص‬
‫وتوثيق األوقاف اإلسالمية‪ ،‬والتي سُتُـفيض إىل ضبط املمتلكات واألصول الوقفية‪،‬‬
‫حًرصا وتوثي ًًقا وإثباًتًا‪ ،‬هبدف استدامة مردوديته ونامء عوائده لفائدة املجتمع ورشائحه‬
‫ً‬
‫وقضاياه‪ ،‬وتشجيع األفراد واملؤسسات عىل الوقف والتحبيس‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫وأما من جهة املنهج الذي سيعتمده الباحث‪ ،‬فهناك املنهج الوظيفي يف بعده النسقي‪،‬‬
‫لكونه أقدر عىل معاجلة البحث وظيف ًًيا يف تفاعالته النسقية مع مدخالت وخمرجات‬
‫املنظومة الوقفية‪ .‬وملعاجلة خمتلف القضايا املدروسة يف هذا البحث‪ ،‬سيتم تقسيم هذا‬
‫األخري إىل مبحثني‪ ،‬املبحث األول‪ :‬سيتناول الذكاء االصطناعي وأمهيته يف حرص‬
‫وتوثيق األوقاف اإلسالمية‪ ،‬ويف املبحث الثاين‪ ،‬سيخصص جلرد متطلبات الذكاء‬
‫االصطناعي يف حرص وتوثيق األوقاف‪.‬‬
‫الكلمات الرئيسية‪ :‬حرص وتوثيق األوقاف‪ /‬اخلوارزميات الذكية‪ /‬التفاعلية‪ /‬اخلريطة‬
‫الوقفية‬

‫‪131‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الذكاء االصطناعي وأهميته في حصر وتوثيق األوقاف اإلسالمية‬
‫يعترب الذكاء االصطناعي من التقنيات احلديثة التي ميزت عامل اإلنرتنت‪ ،‬عىل اعتبار أن‬
‫شبكة املعلومات العاملية تعد من أهم االبتكارات التي توصل إليها العقل البرشي منذ‬
‫أواخر القرن املايض‪ ،‬حيث أزالت احلدود اجلغرافية بني الدول‪ ،‬وساعدت يف حتويل‬
‫العامل إىل فضاء صغري‪ ،‬ويف هذا السياق ظهرت وتطورت التجارة اإللكرتونية‪ ،‬وأصبح‬
‫اإلنرتنت من أهم الوسائل التي يتم من خالهلا إبرام العقود اإللكرتونية‪ ،‬ويتبادل‬
‫من خالل أنظمة الدفع اإللكرتوين املرتبطة به اآلالف بل املاليني من الناس سلعهم‬
‫ومنافعهم املختلفة(((‪.‬‬
‫ويف جمال األوقاف اإلسالمية‪ ،‬تتعدد التحديات املطروحة‪ ،‬واإلشكاالت امللحوظة عىل‬
‫مستوى تدبري القطاع الوقفي‪ ،‬وهو األمر الذي بات يؤكد عىل رضورة االنفتاح عىل العامل‬
‫وخصوًصا تقنية الذكاء االصطناعي‪ ،‬والذي تعد من أبرز الوسائل‬
‫ً‬ ‫الرقمي واملعلومايت‪،‬‬
‫املؤثرة يف سلوك األفراد واجلامعات‪ ،‬واالنتقال إىل عرص الفضاءات الذكية‪ ،‬والتي تقوم‬
‫عىل ثالثة أركان وهي‪ :‬تطوير نوعية احلياة وتقديم خدمات مصممة للمواطن؛ وتعزيز‬
‫التنمية املستدامة والزيادة يف اإلنتاجية؛ والعمل عىل التنمية االقتصادية‪ ،‬بحيث تبقى‬
‫املدينة رافعة أساسية يف تطوير خدمات وأنشطة جديدة وإنشاء الرشكات املبتكرة(((‪.‬‬
‫وتعمل الثقافة الوقفية عىل رضورة تغيري الصورة النمطية التي تولدت عن قطاع‬
‫األوقاف؛ وهي اخلطوة األوىل لتجديد الوعي بالوقف وتطوير مؤسساته وبخاصة‬
‫احلكومية منها وحيتاج هذا التغيري إىل خطة تفصيلية تستهدف تصحيح االنطباعات‬
‫اخلاطئة‪ ،‬بعد رصدها وحتديدها بدقة‪ ،‬وغرس املعاين واإلدراكات الصحيحة حملها(((‪.‬‬
‫إن تناول هذا املبحث‪ ،‬يقتيض الوقوف عند تعريف الذكاء االصطناعي وبيان أمهيته يف‬
‫حرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية يف املطلب األول‪ ،‬يف حني سيخصص املطلب الثاين‬
‫للحديث عن فوائد ومقاصد الذكاء االصطناعي يف حرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية‪.‬‬

‫((( صالح الدين عامر‪ ،‬أنظمة الدفع اإللكرتوين املعارص غري االئتامين يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬أطروحة دكتوراة‪ ،‬كلية الرشيعة والقانون‪ ،‬جامعة أم درمان‬
‫اإلسالمية السودان‪ ،‬العام اجلامعي‪ 1433 :‬هـ ‪ 2012 /‬م‪ ،‬ص‪.61 :‬‬
‫‪(2) Stamatina Th. Rassia Panos M. Pardalos, Cities for Smart Environmental and Energy Futures, Impacts on Architecture and Technology,‬‬
‫‪Springer-Verlag Berlin Heidelberg, 2014, page11.‬‬
‫((( البيومي غانم ابراهيم‪ ،‬جتديد الوعي بنظام الوقف اإلسالمي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار البشري للثقافة والعلوم للنرش والتوزيع‪1437 ،‬هـ‪2016/‬م‪ ،‬ص‪.371:‬‬

‫‪132‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الذكاء االصطناعي وبيان أهميته في حصر وتوثيق األوقاف اإلسالمية‬
‫دخل اإلنرتنت حيز االستخدام عىل نطاق واسع‪ ،‬من قبل العلامء والباحثني عام ‪1993‬م‬
‫وذلك بظهور شبكة الويب العاملية‪ ،‬ومنذ ذلك احلني‪ ،‬أصبحت شبكة اإلنرتنت جز ًًء‬
‫مهام من نظامنا اليومي(((‪ ،‬يف مقابل أصبحت األدوات التقليدية يف التواصل ضعيفة‬
‫وخصوًصا مع القوة‬
‫ً‬ ‫الفعالية‪ ،‬مقارنة مع التقارب الرقمي وتدفق املعلومات العاملية‪،‬‬
‫التجارية لرشكات التواصل العاملية(((‪ ،‬ويف ظل «تنامي مواقع التواصل االجتامعي‬
‫وسيطرهتا عىل أغلب أوقات وأنشطة املستخدمني‪ ،‬فإهنا صارت تعترب من أهم الوسائل‬
‫التي تكون املجتمعات االفرتاضية»(((‪ .‬فضاًلا عن االستعامل املكثف للهواتف الذكية‬
‫ولشبكات التواصل االجتامعي إىل جانب ظهور املالية الرقمية والبيانات الضخمة‬
‫(‪ )Big Data‬وتطور املنصات اإللكرتونية وإحداث خدمات تعتمد عىل التكنولوجيا‬
‫الرقمية كلها جتليات هلذه الثورة الصناعية اجلديد(((‪.‬‬
‫ولبيان مضامني هذا املطلب‪ ،‬سيتم تناول الداللة اللغوية واالصطالحية لكل من الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬وحرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية‪.‬‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬الذكاء االصطناعي وحصر وتوثيق األوقاف؛ داللة واصطالًحً ا‬
‫سيتم تناول املصطلحات التي يتكون منها عنوان هذا البحث‪ ،‬وبيان داللتها اللغوية‬
‫واالصطالحية‪ ،‬وذلك عىل الشكل اآليت‪:‬‬

‫‪1‬ـ الذكاء االصطناعي‬


‫الذكاء لغة من كلمة ذكو‪ ،‬ويقال الَّذّ ّ‬
‫كُّي‪ ،‬وقلب ذكٌّيّ ‪ ،‬وصبي ذكٌّيّ ‪ ،‬إذا كان رسيع‬
‫وأذكيُت احلرب‪ :‬أوقدهتا(((‪ .‬وفيه ذكاء‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الفطنة‪ََ ..‬ذ ِِكي ََيْذَْكَى ََذكاء‪ ،‬وذكا يذكو ذكا ًًء‪..‬‬
‫‪(4) Norman J.Medoff, and Barbara K.Kaye, Electronic Media: Then, Now, and Later, Third Edition, Routledge2017, page190.‬‬
‫‪(5) Eli M. Noam , Who Owns the World’s Media? Media Concentration and Ownership around the World, Oxford University Press 2016,‬‬
‫‪page1340.‬‬
‫((( أمحني عبد احلكيم‪ ،‬اهلويات االفرتاضية يف املجتمعات العربية‪ ،‬أي دور ملواقع التواصل االجتامعي يف تشكيل اهلوية؟ الطبعة األوىل‪ ،‬مطبعة األمنية‪،‬‬
‫منشورات دار األمان‪ ،‬الرباط‪2017 ،‬م‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫((( اجلواهري عبد اللطيف (وايل بنك املغرب)‪ ،‬التحول الرقمي فرص وخماطر التكنولوجيا املالية‪ ،‬تنفيذ برنامج بايل للتكنولوجيا املالية‪ ،‬كلمة يف اجللسة‬
‫االفتتاحية للمؤمتر اإلقليمي إلفريقيا والرشق األوسط الذي نظمه بنك املغرب برشاكة مع صندوق النقد الدويل حول التحول الرقمي وتنفيذ برنامج بايل‬
‫للتكنولوجيا املالية‪ ،‬يوم ‪2019/3/13‬م‪ ،‬بالرباط‪ ،‬ص‪ .3:‬كلمة منشورة عىل املوقع الرسمي لبنك املغرب‪/http://www.bkam.ma .‬‬
‫((( الفراهيدي أبو عبد الرمحن‪ ،‬كتاب العني‪ ،‬حتقيق مهدي املخزومي‪ ،‬وإبراهيم السامرائي‪ ،‬دار ومكتبة اهلالل‪ ،‬ج‪ ،5/‬ص‪.399 :‬‬

‫‪133‬‬
‫فطنة وتوقد‪ .‬وقد ذكا يذكو‪ ،‬وذكي يذكى‪ ،‬وذكو فالن بعد البالدة‪ ،‬ورجل ذكٌّيّ ‪ ،‬وقلب‬
‫ذكي‪ ،‬وقوم أذكياء‪ .‬وذكا املسك ذكاء‪ ،‬ومسك ذكٌّيّ ‪ :‬أذفر(((‪.‬‬
‫يف‪َ ‬صَن َََع‪ ،‬وهو ما كان مصنو ًًعا‪،‬‬ ‫وأما كلمة «اصطناعي»‪ ،‬فهي من فعل اصطنع‪ ،‬مبالغة َ‬
‫بشكل غري طبيعي‪ ،‬وفيه حماكاة لليشء الطبيعي‪ ،‬وتقليد له‪ ،‬و»الصانع من الصناع ماهر‬
‫يف صناعته وصنعته‪ ،‬واستصنعته كذا‪ ،‬ورجل صنع‪ :‬ماهر‪ ...‬ويقال‪ :‬فالن صنيعتك‬
‫ومصطنعك‪ ،‬واصطنعتك لنفيس‪ .‬واصطنعت عنده صنيعة‪ .‬وصنع اهلل تعاىل لك‪.‬‬
‫وفالن مصنوع له‪ .‬وقد تصنع فالن‪ .‬واختذ مصنعة للامء وصنع ًًا ومصانع وأصناع ًًا‪،‬‬
‫وتتخذون مصانع‪ :‬قصور ًًا ومدائن(‪.((1‬‬
‫ْصَْطَنَْعُْت ََُك ِلَِنَْفْيِسي »(‪ ،((1‬أي اخرتتك إلقامة حجتي‪،‬‬ ‫«َوا َ‬ ‫واصطنعتك‪ :‬من قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫وٍس»(‪ /((1‬وهي‬‫ْنَْع ََة ََل ُُب ٍ‬
‫«َو ََعَّلّْمَْنَا ُُه ََص َ‬
‫وجعلتك بيني وبني خلقي‪ .‬وصنعة‪ ،‬من قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫وَن»(‪،((1‬املصانع هي‬ ‫ْخَت�ُْلُدُ َ‬ ‫وَن ََم ََصاِنِ ََع ََل ََع ُ‬
‫َّلُّكْمْ ُ‬ ‫الدروع‪ .‬ومصانع يف قوله تعاىل‪َ« :‬وَت ِ‬
‫ََّتِّخ ُُذ َ‬ ‫َ‬
‫األبنية التي يتخذها الناس منازل(‪.((1‬‬
‫«َوْرْ د اصطناعي»‪،‬‬
‫وأما بخصوص كلمة «الذكاء االصطناعي»‪ ،‬فهي عىل غرار كلمة‪َ :‬‬
‫و«قمر اصطناعي»‪ ،‬و«تنفس اصطناعي»‪ ،..‬فهي تطلق عىل حماكاة الذكاء البرشي‬
‫وتقليده‪.‬‬
‫وعموما توجد صعوبات يف حتديد تعريف متفق عليه للذكاء االصطناعي‪ ،‬ولكن‬
‫بصورة عامة يمكن تعريفه بأنه جمال من جماالت علوم احلاسب يركز عىل بناء أنظمة‬
‫قادرة عىل أداء مهام تتطلب عادة ذكا ًًء برشي ًًا‪ ،‬مثل‪ :‬التعلم واالستدالل والتطوير الذايت‪.‬‬
‫ويطلق عليه أيض ًًا «ذكاء اآللة»‪ ،‬وبالنظر إىل تطبيقاته احلديثة القائمة عىل البيانات‪ ،‬يمكن‬
‫تعريفه أيض ًًا بأنه أنظمة حاسوبية تستخدم تقنيات قادرة عىل مجع البيانات واستخدامها‬

‫((( الــزخمرشي جار اهلل أبو القاسم‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬حتقيق حممد باسل عيون السود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪1419‬هـ‪1998/‬م‪ ،‬ج‪ /1‬ص‪.315 :‬‬
‫(‪ ((1‬الزخمرشي‪ ،‬جار اهلل‪ ،‬أساس البالغة‪( ،‬مرجع سابق)‪ ،‬ج‪ /1‬ص‪.560 :‬‬
‫(‪ ((1‬سورة طه‪ /‬اآلية‪.41‬‬
‫(‪ ((1‬سورة األنبياء‪ /‬اآلية‪.80‬‬
‫(‪ ((1‬سورة الشعراء‪ /‬اآلية ‪.129‬‬
‫(‪ ((1‬اجلمل حسن عز الدين‪ ،‬معجم وتفسري لغوي لكلامت القرآن‪ ،‬اهليئة املرصية العامة للكتاب‪ ،‬مرص‪ ،‬الطبعة األوىل‪2008 ،‬م‪ ،‬ج‪/2‬ص‪.457:‬‬

‫‪134‬‬
‫للتنبؤ أو التوصية أو اختاذ القرار‪ ،‬واختيار أفضل إجراء لتحقيق أهداف حمددة(‪.((1‬‬
‫وعليه‪ ،‬فمن املمكن وضع تعريف للذكاء االصطناعي عىل أنه طريقة لصنع حاسوب‪،‬‬
‫أو روبوت يتم التحكم فيه بواسطة الكمبيوتر‪ ،‬أو برنامج يفكر بذكاء‪ ،‬بنفس الطريقة‬
‫التي يفكر هبا البرش األذكياء‪ .‬أو أن الذكاء االصطناعي هو علم صنع اآلالت التي‬
‫تقوم بأشياء تتطلب ذكاء إذا قام هبا اإلنسان‪ ...‬وبالتايل فالذكاء االصطناعي هو نظام‬
‫علمي يشتمل عىل طرق التصنيع واهلندسة ملا يسمى باألجهزة والربامج الذكية واهلدف‬
‫من الذكاء االصطناعي هو إنتاج آالت مستقلة قادرة عىل أداء املهام املعقدة باستخدام‬
‫عمليات انعكاسية مماثلة لتلك التي لدى البرش(‪.((1‬‬

‫‪2‬ـ حصر وتوثيق األوقاف اإلسالمية‬


‫‪ -‬كلمة حصر‪:‬‬
‫رِصر‬ ‫وحَيحرِصر‬
‫ًرْصا‪ ،‬فهو حا ‪ ،‬واملفعول ْحَم�ْصور‪ ،‬حرَصر‬ ‫‪ََ ،‬ح � ً‬ ‫هي مشتقة من فعل حَرَص� َ حَيحرُصر‬
‫املّيض ألمر‪ ..‬وهناك‬‫ّ‬ ‫اخلوُف‪ :‬منعه من‬ ‫ُ‬ ‫املرُض أو‬ ‫ضَّيَّق عليه وأحاط به حرَصر ه ُ‬ ‫خَص‪َ :‬‬ ‫الَّشّ َ‬
‫ْرَْص ٍٍد»(‪،((1‬‬
‫ْقُْعُدُ وا ُهَل� ُْمْ ُُكَّلّ ََم َ‬
‫وُهْمْ ََوا ُ‬ ‫«َو ُُخ ُُذ ُ‬
‫وُهْمْ ََواْحُْرُص� ُ ُ‬ ‫معنى حبسه‪ :‬من قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫املوضوَع‪ :‬حَّدّ د جوانبه‪ ،‬وحرَصر العبار ََة بني قوسني‪:‬‬ ‫َ‬ ‫يَّشيَء‪ََ :‬حَّدّ ه وقرصه حرَصر‬
‫وحرَصر ال َ‬
‫وضعها بينهام(‪.((1‬‬
‫وذكر ابن كثري يف تفسريه لقوله تعاىل‪«:‬واحرصوهم واقعدوا هلم كل مرصد»‪ ،‬أي‪ :‬ال‬
‫تكتفوا بمجرد وجدانكم هلم‪ ،‬بل اقصدوهم باحلصار يف معاقلهم وحصوهنم‪ ،‬والرصد‬
‫يف طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع(‪ ،((1‬وقد ذكر اإلمام الطربي يف‬
‫ْرِص�ُْت من كذا‬
‫ُ‬ ‫وَح‬
‫تفسريه لكلمة «وحصورا» يعني بذلك‪ :‬ممتن ًًعا من مجاع النساء‪َ ..‬‬
‫أْحْرَصر ‪ ،‬إذا امتنع منه‪ .‬ومنه قوهلم‪ََ :‬حَرِص� َ فالن يف قراءته‪ ،‬إذا امتنع من القراءة فلم يقدر‬
‫الناَس ومنعهم إياهم الترصف‪ ...‬وأصل مجيع‬ ‫العدّو»‪ََ ،‬حْبْسهم َ‬ ‫ّ‬ ‫ُرْص‬
‫«َح � ُ‬
‫عليها‪ .‬وكذلك َ‬
‫(‪ ((1‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي ‪ ،SDAIA‬التقنيـات احلـديثة املعتمدة عىل البيانات والذكـــاء االصطناعي‪ ،‬يناير ‪2023‬م‪ ،‬ص‪.16:‬‬
‫(‪ ((1‬موسى عبد اهلل‪ ،‬وبالل أمحد‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬املجموعة العربية للتدريب والنرش‪ ،‬دار الكتب املرصية‪ ،‬القاهرة‪2019 ،‬م‪ ،‬ص‪.20 :‬‬
‫(‪ ((1‬سورة التوبة‪ /‬اآلية‪.5‬‬
‫(‪ ((1‬خمتار أمحد عبد احلميد‪ ،‬معجم اللغة العربية املعارصة‪ ،‬دار النرش عامل الكتب‪ ،‬الطبعة األوىل‪1429 ،‬هـ‪2008/‬م‪ ،‬ج‪ /1‬ص‪.506 :‬‬
‫(‪ ((1‬ابن كثري أبو الفداء إسامعيل‪ ،‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حسني شمس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬منشورات حممد عيل‬
‫بيضون بريوت‪1419 ،‬هـ‪ ،‬ج‪/4‬ص‪.98:‬‬

‫‪135‬‬
‫ذلك واحد‪ ،‬وهو املنع واحلبس(‪.((2‬‬
‫كام يدخل يف هذا املنحى كلمة العد واحلساب‪ ،‬يف قوله تعاىل‪« :‬ا ََّل ِِذي َمَج� َ ََع ََمااًلا‬
‫ََوَعََّدَ ََد ُُه»(‪ ،((2‬ومعناه‪:‬‏ أحصاه وحافظ عىل عدده‪ ،‬وأن ال ينتقص‪ ،‬فمنعه من اخلريات‬
‫ونفقة الرب(‪ ،((2‬كام أنه يدل عىل التكثري‪ ،‬وهو مجع اليشء بعد اليشء وتعديده مرة بعد‬
‫أخرى(‪.((2‬‬
‫‪ -‬كلمة توثيق‪:‬‬
‫أصل كلمة توثيق من فعل وثق‪ ،‬ويقال‪ :‬أرض ََوثي ََقة‪َ :‬كَِثِ ََرية ال ُُعْشْ ب ََمْوْ ثوق ََهبا‪ََ ،‬و ِِهي‬
‫اَأْلْخْ ذ بالثقة‪ ،‬واجلميع‬ ‫إحكاُمه ََو َ�‬ ‫والَوثيقة يِفي َ�‬
‫اَأْلمر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِمثل ِ‬
‫ُ‬ ‫الَوِثيخة ََوِهي ُُدوهنا(‪َ .((2‬‬
‫َ‬
‫الَوثائق‪ .‬واِملِيثاق ِِمن ا ُُملواثقة وا ُُملعاهدة‪ ،‬ومن ُُه ا ََملْوِْثِق(‪ .((2‬ومنه كلمة التوثيق بمعنى‪:‬‬ ‫َ‬
‫التقوية والتثبيت واإلحكام والربط‪ .‬والتوثيق‪ ،‬هو إحكام اليشء وشده وربطه بقوة فال‬
‫ينفلت وال ينقلب‪ ،‬والوثاق أو الوثيقة تربط بني املتعاقدين أو تشد أحدمها ملا تعهد به‬
‫والتزمه‪ ،‬فال يستطيع الرجوع فيه كام ال يستطيع األسري التف ّّلت من قيده وأرسه‪ ،‬فيطمئن‬
‫املتعاقدان عىل مصاحلهام ويضعاهنا يف ائتامن وحييطاهنا بكل ثقة ويثبتاهنا تثبيتا(‪.((2‬‬
‫اَق»(‪ ،((2‬الوثاق اسم من‬ ‫اْلَْو ََث َ‬
‫قال اإلمام القرطبي يف تفسريه لقوله تعاىل‪ََ « :‬ف ُُشُّدُ وا َ‬
‫اإليثاق‪ ،‬وقد يكون مصدرا‪ ،‬يقال‪ :‬أوثقته إيثاقا ووثاقا وأما الوثاق (بالكرس) فهو اسم‬
‫اليشء الذي يوثق به كالرباط؛ وقال اجلوهري‪ :‬وأوثقه يف الوثاق أي شده(‪.((2‬‬
‫والتوثيق يف اصطالح الفقهاء‪ :‬إثبات العقود والترصفات وااللتزامات عىل وجه حيتج‬
‫به أمام القضاء‪ .‬وأما علم التوثيق‪ :‬فهو علم يبحث عن كيفية إثبات العقود والترصفات‬
‫(‪ ((2‬الطربي‪ ،‬ابن جرير‪ ،‬تفسري الطربي جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار هجر للطباعة‬
‫والنرش والتوزيع واإلعالن ‪ ،2001/1422‬ج‪ /5‬ص‪.376 :‬‬
‫(‪ ((2‬سورة اهلمزة‪ /‬اآلية‪.2‬‬
‫(‪ ((2‬ابن عطية األندليس‪ ،‬املحرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية قطر‪1436 ،‬هـ‪2015/‬م‪،‬‬
‫ج‪/10:‬ص‪.377:‬‬
‫(‪ ((2‬صديق خان حممد‪ ،‬فتح البيان يف مقاصد القرآن‪ ،‬توزيع املكتبة العرصية للطباعة والنرش‪ََ ،‬صيَدَ ا‪ََ ،‬بريوت‪1412 ،‬هـ‪1992/‬م‪ ،‬ج‪/15:‬ص‪.382:‬‬
‫(‪ ((2‬األزهري أبو منصور‪ ،‬هتذيب اللغة‪ ،‬حتقيق حممد عوض مرعب‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪2001 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،9/‬ص‪.205:‬‬
‫(‪ ((2‬األزهري أبو منصور‪ ،‬هتذيب اللغة‪( ،‬مرجع سابق)‪ ،‬ج‪ ،9/‬ص‪.206:‬‬
‫(‪ ((2‬العلمي احلراق‪ ،‬التوثيق العديل بني الفقه املالكي والتقنني املغريب وتطبيقاته يف مدونة األرسة‪ ،‬مطبعة دار السالم للطباعة والنرش‪ ،‬الرباط‪-‬الطبعة‪،‬‬
‫‪ 2013‬ج‪ ،2/‬ص‪.23:‬‬
‫(‪ ((2‬سورة حممد‪ /‬اآلية‪.4‬‬
‫(‪ ((2‬القرطبي أبو عبد اهلل‪ ،‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬الربدوين أمحد وأطفيش إبراهيم‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الكتب املرصية‪ ،‬القاهرة‪1384 ،‬هـ‪/‬‬
‫‪1964‬م‪ ،‬ج‪/16‬ص‪.226 :‬‬

‫‪136‬‬
‫عىل وجه يصح االحتجاج والتمسك به‪ .‬وحمل علم التوثيق العقود نفسها وااللتزامات‬
‫وسائر الترصفات التي يراد إثباهتا يف حمرر أو صك‪ ،‬واألثر الذي يثبت يف حمل علم‬
‫التوثيق حفظ احلقوق وصيانتها‪ ،‬واكتساب هذه العقود وااللتزامات والترصفات التي‬
‫حررت هبا وثيقة؛ صفة اإللزام والصالحية لالحتجاج هبا واإلثبات أمام القضاء(‪.((2‬‬

‫‪ -‬األوقاف اإلسالمية‪:‬‬
‫تدل كلمة «الوقف» يف اللغة عىل احلبس واملنع والسكون والسكوت واإلدامة‪ ،‬قال‬
‫ْفُْت الكلم ََة ََوْقْ ف ًًا‪،‬‬
‫وقفُت الدابة وو ََق ُ‬
‫ُ‬ ‫مصدُر قولك‪:‬‬‫ُ‬ ‫الَوْقْ ف‪:‬‬
‫األزهري‪« :‬قال الليث َ‬
‫قلَت‬ ‫ِ‬
‫الرجَل عىل كلمِة َ‬ ‫َ‬ ‫قلَت‪ :‬وقفت ُُو ُُقوف ًًا‪ .‬وإذا و ّّق َ‬
‫ْفَْت‬ ‫وهذا جُمج ِ‬
‫اِوز‪ ،‬فِإِذا كان الزم ًًا َ‬
‫و ََّقفُتُه توقيف ًًا»(‪ ،((3‬و«وقف الدار‪ :‬حبسها»(‪ .((3‬وذكرت املوسوعة الفقهية الكويتية أن‬
‫وقفُت الدار وقفا‪ :‬حبسُتُها يف سبيل اهلل‪ ،‬ومنها املنع‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫من معاين الوقف «احلبس‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫يقال‪ :‬وقفت الرجل عن اليشء وقفا‪ :‬منعته عنه‪ ،‬ومنها السكون‪ ،‬يقال‪ :‬وقفت الدابة‬
‫تقف وقفا ووقوفا‪ :‬سكنت»(‪.((3‬‬
‫وأما يف االصطالح‪ ،‬فالوقف هو احلبس؛ وله «ثالث ألفاظ‪ :‬احلبس‪ ،‬والوقف‪،‬‬
‫والصدقة»(‪ ،((3‬ومعناه هو حبس العني املوقوفة‪ ،‬وأصل املال املتصدق به‪ ،‬وتسبيل‬
‫ثمرته وعائده لفائدة املوقوف عليهم‪ ،‬فهو «حتبيس األصل وتسبيل الثمرة»‪ ،‬مصدا ًًقا‬
‫أرًضا‪« :‬إن شئت‬ ‫لقول النبيﷺ لعمر بن اخلطاب ريض اهلل عنه ملا أصاب بخيرب ً‬
‫ح ّّبست أصلها وتصدقت هبا»(‪.((3(怀(3‬‬
‫وقد عرف الفقهاء الوقف يف االصطالح بتعريفات متعددة؛ من أمهها‪ :‬ما قاله احلنفية يف‬
‫الوقف كونه‪« :‬حبس العني عىل ملك الواقف والتصدق باملنفعة»(‪ ،((3‬وعرفه ابن عرفة‬

‫(‪ ((2‬األمانة العامة لألوقاف مدونة أحكام الوقف الفقهية‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة األوىل‪1439 ،‬هـ‪ 2017/‬م‪ ،‬ج‪/3‬ص‪.141 :‬‬
‫(‪ ((3‬األزهري أبو منصور‪ ،‬هتذيب اللغة‪( ،‬مرجع سابق)‪ ،‬ج‪/9:‬ص‪.333:‬‬
‫(‪ ((3‬الفريوز آبادي‪ ،‬القاموس املحيط‪ ،‬الطبعة الثامنة‪ ،‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنرش والتوزيع بريوت‪1426 ،‬هـ‪2005/‬م‪ .‬ص‪.860:‬‬
‫(‪ ((3‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬املوسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار السالسل‪ ،‬الكويت‪1427 ،‬هـ‪2006/‬م‪ .‬ج‪/44:‬ص‪.108:‬‬
‫(‪ ((3‬التلمساين أبو إسحاق‪ ،‬اللمع يف الفقه املالكي‪ ،‬حتقيق‪ :‬رشيف املريس‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬القاهرة‪1432 ،‬هـ‪2011/‬م‪ ،‬ص‪.284:‬‬
‫(‪ ((3‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬باب‪ :‬الرشوط يف الوقف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬نرش وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬قطر‪1436 ،‬هـ‪2015/‬م‪،‬‬
‫ج‪/3:‬ص‪.357:‬‬
‫(‪ ((3‬النسائي‪ ،‬السنن الكربى‪ ،‬حتقيق‪ :‬شلبي حسن‪ ،‬كتاب‪ :‬األحباس‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪1421 ،‬هـ‪2001/‬م‪ ،‬ج‪/6:‬ص‪.139:‬‬
‫(‪ ((3‬أبو الربكات النسفي‪ ،‬كنز الدقائق يف الفقه احلنفي كتاب الوقف‪ ،‬حتقيق‪ :‬بكداش سائد‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية بريوت‪،‬‬
‫‪1432‬هـ‪2011/‬م‪ ،‬ص‪.403:‬‬

‫‪137‬‬
‫أحد أئمة املالكية بأنه‪« :‬إعطاء منفعة يشء مدة وجوده الزما بقاؤه يف ملك معطيه‪،‬‬
‫ولو تقديرا‪ ،‬فتخرج عطية الذوات والعارية والعمرى والعبد املخدم حياته»(‪ ،((3‬وعرفه‬
‫الشافعية‪ :‬حبس مال يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه عىل مرصف مباح‪ ،‬وأما الوقف‬
‫عند احلنابلة فهو حتبيس مالك مطلق الترصف ماله املنتفع به‪ ،‬مع بقاء عينه بقطع ترصفه‬
‫حتبيًسا يرصف ريعه إىل جهة بر‪ ،‬تقر ًًبا إىل اهلل‬
‫ً‬ ‫وغريه يف رقبته بنوع من أنواع الترصفات‪،‬‬
‫سبحانه وتعاىل(‪.((3‬‬
‫الوقف واحلبس لفظان مرتادفان‪ ،‬والفقهاء يعربون أحيانا بالوقف وأحيانا باحلبس‪ ،‬إال‬
‫أن التعبري بالوقف عندهم أقوى(‪((3‬؛ ومن خالل هذا املعنى‪ ،‬مل تضع مدونة األوقاف‬
‫الوقَف بأنه‬
‫َ‬ ‫املغربية(‪ ((4‬متييزا بني اللفظني‪ ،‬بحيث عرفت املادة األوىل من هذه املدونة‬
‫َس أص ُُله بصفة مؤبدة أو مؤقتة‪ ،‬وخصصت منفعته لفائدة جهة بر وإحسان‬ ‫«كل مال ُُحِبِ َ‬
‫عامة أو خاصة‪ .‬ويتم إنشاؤه بعقد‪ ،‬أو بوصية‪ ،‬أو بقوة القانون»‪.‬‬

‫ثانًيً ا‪ :‬أهمية حصر وتوثيق األوقاف اإلسالمية‬


‫عرف تاريخ األوقاف مراحل عديدة ضاعت فيها العديد من احلقوق الوقفية‪ ،‬وهو ما‬
‫«نتج عنه ضياع الكثري من األوقاف التي استحال اإلدالء برسوم حتبيسها كاملة التوثيق‪،‬‬
‫تامة األركان والرشوط»(‪ ،((4‬وهو ما جعل عددا من األوقاف جمهوال‪ ،‬وغري مثبت‪ ،‬يف‬
‫مقابل تراجع عوائد األوقاف املعروفة‪ ،‬وذلك بفعل عدة أسباب؛ من أبرزها‪ :‬ضعف‬
‫القدرة يف إثبات األصول الوقفية‪ ،‬وتسوية وضعيتها القانونية‪.‬‬

‫‪1‬ـ إثبات األصول الوقفية وتوثيقها‬


‫تعترب عملية إثبات األصول الوقفية وحرصها وتوثيقها مدخاًلا أساس ًًيا الكتساب هذه‬

‫(‪ ((3‬ابن عرفة أبو عبد اهلل‪ ،‬املخترص الفقهي البن عرفة‪ ،‬حتقيق‪ :‬حافظ عبد الرمحن‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬مؤسسة خلف أمحد اخلبتور لألعامل اخلريية‪،‬‬
‫‪1435‬هـ‪2014/‬م‪ ،‬ج‪/9:‬ص‪.429:‬‬
‫(‪ ((3‬الشيباين عبد القادر وضويان إبراهيم‪ ،‬املعتمد يف فقه اإلمام أمحد‪ ،‬الطبعة الثانية‪1414 ،‬هـ‪1994/‬م‪ ،‬ج‪/2:‬ص‪.5:‬‬
‫(‪ ((3‬اجليدي عمر‪ ،‬العرف والعمل يف املذهب املالكي‪ ،‬مطبعة فضالة املحمدية‪1404 ،‬هـ‪1984/‬م‪ ،‬ص‪.466:‬‬
‫(‪ ((4‬صدرت مدونة األوقاف املغربية بمقتىض الظهري الرشيف رقم‪ 1.09.236‬بتاريخ ‪ 8‬ربيع األول ‪1431‬ه ‪2010/2/23‬م واملنشورة بـ اجلريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 5847‬بتاريخ فاتح رجب ‪1431‬هـ ‪2010/6/14‬م‪ ،‬ص‪.3154:‬‬
‫(‪ ((4‬اصبيحي عبد الرزاق‪ ،‬دراسة قانونية لعرش قضايا إشكالية يف مدونة األوقاف املغربية‪ ،‬ومقارنتها ببعض الترشيعات العربية‪ ،‬صص‪ ،48/15‬جملة‬
‫أوقاف‪ ،‬عدد ‪ ،22‬س‪1433 ،13:‬هـ‪2012/‬م‪ ،‬ص‪.33:‬‬

‫‪138‬‬
‫األوقاف الشخصية االعتبارية‪ ،‬والوجود الرشعي والقانوين‪ ،‬حيث ينظر القضاء يف‬
‫النزاعات الوقفية املعروضة عليه‪ ،‬ويعمل وفق املقتضيات القانونية اجلاري هبا العمل‬
‫عىل إثبات األصول الوقفية ورسم كينونتها وتسوية وضعيتها القانونية‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫محاية هذه األصــول وخمتلف أنواع األوقاف من كل االعتداءات املادية التي تتعرض‬
‫هلــا‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد‪ ،‬وسعت املادة (‪ )48‬من مدونة األوقاف املغربية دائرة اإلثبات يف حق‬
‫األوقاف‪ ،‬بالتنصيص عىل أنه‪« :‬يمكن إثبات الوقف بجميع وسائل اإلثبات‪ .‬وتعترب‬
‫احلواالت احلبسية حجة عىل أن األمالك املضمنة هبا موقوفة إىل أن يثبت العكس»(‪.((4‬‬
‫كام أن املادة العارشة من القانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪ 2021‬بشأن الوقف بدولة قطر‪ ،‬ألزمت‬
‫اإلدارة املختصة بمسك سجل ُتُدون فيه البيانات املتعلقة هبوية الواقف‪ ،‬والناظر‪،‬‬
‫واملوقوف عليهم أو أوليائهم يف الوقف األهيل‪ ،‬وغريه من السجالت املقررة قانون ًًا‪.‬‬
‫وتتوىل اإلدارة املختصة حتديث هذه السجالت باستمرار(‪.((4‬‬
‫وإذا كان القضاء يعتمد عىل كل الوسائل يف إثبات واقعة التحبيس‪ ،‬من قبيل‪ :‬رسم‬
‫التحبيس أو اإلقرار الرصيح واملشهود عليه؛ سواء كان قضائ ًًيا أو غري قضائي؛ كأن‬
‫يصدر عن الشخص بخط يده‪ ،‬أو بخط غريه لكن موقع من لدنه‪ ،‬وشهادة عدلني‪ ،‬أو‬
‫عدل واحد‪ ،‬والسامع‪ ،‬واحلوالة احلبسية املدىل هبا إذا مل يوجد ما يعارضها‪ ،‬وكل ما من‬
‫شأنه أن يثبت الوقف‪ ،‬فإن املصلحة العامة من وراء ذلك تقتيض التيسري يف توسيع أبواب‬
‫قبول كل الوسائل التي من شأهنا إثبات الوقف؛ وأخذا بام اتفقت عليه املذاهب الفقهية‬
‫األربعة عىل «أن الوقف إذا كان عىل جهة غري حمصورة (أي‪ :‬غري حمددة وال معينة) مثل‬
‫طالب العلم والفقراء واملساكني‪ ،‬أو كان عىل جهة ال يتصور منها صدور القبول عنها‪:‬‬
‫املساجد والقناطر واملقابر فإن الوقف ينشأ باإليقاع وليس بالعقد»(‪ ،((4‬وهو ما يعني أن‬
‫الرشيعة اإلسالمية وسعت من مداخل إثبات األوقاف وتسوية أوضاعها‪.‬‬

‫(‪ ((4‬مدونة األوقاف املغربية‪( ،‬ملرجع سابق)‪.‬‬


‫(‪ ((4‬اجلريدة الرسمية القطرية‪ :‬العدد‪ 10:‬تاريخ النرش ‪2021/8/8‬م‪.‬‬
‫(‪ ((4‬عكرمة سعيد صربي‪ ،‬الوقف اإلسالمي بني النظرية والتطبيق‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النفائس للنرش والتوزيع‪ ،‬األردن‪1432 ،‬هـ‪2011/‬م‪،‬‬
‫ص‪.149:‬‬

‫‪139‬‬
‫‪2‬ـ تسوية الوضعية القانونية لألوقاف اإلسالمية‬
‫إن تتبع االجتهادات القضائية يف املادة الوقفية‪ ،‬يربز أمهية املجهودات التي يبذهلا‬
‫القايض من أجل محاية األصول الوقفية‪ ،‬وتسوية وضعيتها القانونية‪ ،‬وهي اإلجراءات‬
‫التي تعمل بمقتضاها اإلدارة الوقفية يف حتفيظ األمالك الوقفية غري املحفظة‪ ،‬وتوفري‬
‫االعتامدات املالية الالزمة لذلك وفق برنامج سنوي حمدد‪ ،‬لتطهريها من كافة التعرضات‬
‫والنزاعات‪ ،‬ومحايتها من كل اعتداء أو ترام من قبل الغري‪ ،‬إضافة إىل القيام بتصفية مجيع‬
‫النزاعات العقارية العالقة‪ ،‬سواء أمام املحاكم املختصة أو بالرتايض مع األطراف التي‬
‫تدعي ملكيتها‪ ،‬وذلك لتتمكن من الترصف يف هذه األمالك بكيفية قانونية‪.‬‬
‫كام يعترب حتيني األمالك الوقفية وتسوية وضعيتها القانونية أمام القضاء‪ ،‬من الضوابط‬
‫اإلجرائية لتدبري األوقاف‪ ،‬وتنمية عوائدها االستثامرية‪ ،‬وهذا يفرتض أن تتوفر اإلدارة‬
‫الوقفية عىل سجالت ملسك حمتويات األمالك الوقفية‪ ،‬ألن من خالهلا يمكن التعرف‬
‫عىل الوضعية القانونية لألمالك العقارية التي تترصف فيها؛ أو التي توجد يف حيازهتا‪،‬‬
‫وتقّوم مردوديتها‪ ،‬كام متكنها من وضع خطة لتدبريها وتسوية وضعيتها القانونية‬ ‫ّ‬
‫واملحافظة عليها‪.‬‬
‫وتكون اإلدارة الوقفية مطالبة بإعطاء األمهية لضبط البيانات الواردة يف سجالت‬
‫حمتويات أمالكها وحتيينها يف ضوء املعطيات الواردة يف جداول اإلحصاء املرفقة‬
‫بمحارض تسليم السلط والوثائق وسندات ملكية هذه األمالك واملعاينة امليدانية بالتعاون‬
‫مع املصالح التقنية املختصة‪ .‬غري أن إعداد سجل حمتويات األمالك وحده ال يكفي‪ ،‬إذ‬
‫ينبغي حتيني البيانات الواردة فيه بكيفية منتظمة يف ضوء املستجدات والتغيريات التي‬
‫هتم هذه األمالك‪.‬‬
‫كام يعترب التحفيظ أو الشهر العقاري أحد اإلجراءات القانونية الرامية إىل محاية‬
‫املمتلكات الوقفية‪ ،‬وقد دأبت خمتلف اإلدارات الوقفية يف أغلب دول العامل اإلسالمي‬
‫عىل العمل بمقتضيات مسطرة الشهر والتحفيظ العقاري‪ ،‬وذلك من خالل تعميم نظام‬
‫التحفيظ العقاري عىل املمتلكات الوقفية‪ ،‬بطريقة تدرجيية ومنتظمة قصد تطهريها من‬
‫كافة التعرضات والنزاعات‪ ،‬ومحايتها من كل اعتداء أو ترام من قبل الغري‪ ،‬إضافة إىل‬

‫‪140‬‬
‫القيام بتصفية مجيع النزاعات العقارية العالقة‪ ،‬سواء أمام املحاكم املختصة أو بالرتايض‬
‫مع األطراف التي تدعي ملكيتها‪ ،‬وذلك لتتمكن من الترصف يف هذه األمالك بكيفية‬
‫قانونية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬فوائد ومقاصد الذكاء االصطناعي في حصر وتوثيق األوقاف اإلسالمية‬
‫يتجىل اهلدف األساس من الذكاء االصطناعي يف متكني أجهزة الكمبيوتر من تنفيذ‬
‫املهام التي يستطيع العقل تنفيذها‪ .‬عاد ًًة ما ُُيطلق عىل بعض تلك املهام‪ ،‬مثل التفكري‬
‫صفة «الذكاء»‪ .‬وبعضها مثل الرؤية ال ُُيطلق عليه ذلك الوصف ولكن مجيعها ال‬
‫خيلو من مهارات نفسية متكن اإلنسان واحليوان من الوصول إىل أهدافهام‪ ،‬ومن تلك‬
‫املهارات اإلدراك احليس‪ ،‬والربط بني األفكار والتنبؤ‪ ،‬والتخطيط‪ ،‬والتحكم احلركي‪.‬‬
‫ال ينطوي الذكاء عىل بعد واحد‪ ،‬ولكنه مساحة غنية بالتنظيم‪ ،‬وتضم قدرات متنوعة‬
‫ملعاجلة املعلومات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يستخدم الذكاء االصطناعي العديد من التقنيات املختلفة‬
‫التي تنفذ العديد من املهام املختلفة(‪.((4‬‬
‫وتبعا ألمهية حاجة حرص األوقاف وتوثيقها إىل خدمات الذكاء االصطناعي‪ ،‬سيتم‬
‫ختصيص هذا املطلب للحديث عن الفوائد املرجوة من ورائها‪ ،‬واملقاصد املؤطرة هلذه‬
‫العملية‪.‬‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬فوائد إعمال الذكاء االصطناعي في حصر وتوثيق األوقاف اإلسالمية‬
‫حتقق تقنية الذكاء االصطناعي التي حتاكي الذكاء البرشي عدة فوائد وفرص لفائدة‬
‫واستثامًرا‪ ،‬حيث يعمل الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫ً‬ ‫حًرصا وتوثي ًًقا وصيانة‬
‫ً‬ ‫األوقاف اإلسالمية‪،‬‬
‫وبحكم قدراته وإمكاناته‪ ،‬عىل حفظ املال الوقفي وصيانته‪ ،‬ومحاية أصوله‪ ،‬وذلك‬
‫بفضل البيانات واملعلومات التي توفرها هذه التقنية‪ ،‬والرسعة واجلودة يف ختزينها‬
‫وحفظها ومسكها‪ ..‬وهذا يعترب أحد مصادر القوة لألوقاف اإلسالمية يف هذا املجال؛‬
‫فـ «إصالح األموال واستثامرها يف هذا الزمان هو أساس القوة‪ ،‬فقوة الدول عىل قدر‬
‫ثروهتا‪ ،‬فاألمة التي تقرص يف توفري الثروة هي التي تلقي بأيدهيا إىل التهلكة»(‪.((4‬‬
‫(‪ ((4‬مارجريت إيه بودين‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬ترمجة سند أمحد إبراهيم‪ ،‬نرش هنداوي ‪2022‬م‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫(‪ ((4‬رشيد رضا حممد‪ ،‬تفسري القرآن احلكيم تفسري املنار‪ ،‬نرش اهليئة املرصية العامة للكتاب ‪ ،1990‬ج‪/2:‬ص‪.172:‬‬

‫‪141‬‬
‫وعليه‪ ،‬تسهم تقنية الذكاء االصطناعي يف جمال حرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية‪ ،‬يف‬
‫حتقيق جمموعة من الفوائد‪ُُ ،‬يذكر منها‪:‬‬
‫‪1‬ـ حماية األوقاف من االستنزاف واالندثار‬
‫إن فائدة حرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية تكمن يف ضبط اخلريطة الوقفية‪ ،‬ومعرفة‬
‫مكوناهتا‪ ،‬ومراجعها‪ ،‬وبالتايل حتديد بطاقة هوية خاصة بكل وقف‪ ،‬فيصبح معروفا هبا‪،‬‬
‫إىل درجة أن الوقف يعد عالمة هوية دالة عىل حضارة جمتمع‪،‬‬
‫وتتلخص دواعي محاية األوقاف يف رضورة احلد من استنزافها واندثارها‪ ،‬حيث‬
‫تربز املشكلة احلقيقية يف كون هذا الفقد القرسي للوقف كان نتيجة ألسباب كثرية‪،‬‬
‫ومتداخلة‪ .‬وقد تكون ممتدة عرب عصور متوالية‪ ،‬مما جيعل من الصعوبة إعادته مرة من‬
‫خالل حلول جزئية أو حمدودة(‪.((4‬‬
‫فمن خالل وثائق الوقف‪ ،‬ويف التجربة الكويتية‪ ،‬يمكن «التعرف عىل مكونات مدينة‬
‫الكويت كاألحياء والشوارع واملساجد واألسواق‪ ،‬يضاف إىل ذلك ذكر األسامء املحلية‬
‫املعروفة بشهرهتا بني السكان‪ ،‬مع حتديد اجلهات واملسافات واألحجام الخ‪ .‬كل ذلك‬
‫يعطي صورة أولية عن تركيب املدينة وتوابعها خارج السور التي اتسمت بكل صفات‬
‫املدن العربية اإلسالمية»(‪ .((4‬إن هذا الدور الذي تقدمه الوثائق الوقفية كفيل بتحديد‬
‫الشخصية االعتبارية واهلوية احلضارية للوقف خلدمة املجتمع واإلنسان‪ ،‬وحتى ال‬
‫تستباح حرمته‪ ،‬ويتعرض لالستنزاف واالندثار‪.‬‬
‫تتعرض األمالك الوقفية إىل العديد من االعتداءات الناجتة إما عن عدم معرفة هذه‬
‫األمالك‪ ،‬أو عن الرتاخي يف محايتها واملحافظة عليها‪ ،‬مما يؤدي إىل ترامي الغري واالعتداء‬
‫عليها‪ ،‬واندثارها‪ ،‬وبالتايل التسبب يف حرمان الرأسامل الوقفي من عوائد مالية تدرها‬
‫تلك األمالك‪.‬‬
‫وقد ذكرت مدونة أحكام الوقف الفقهية الكويتية جمموعة من الفوائد اهلادفة إىل محاية‬
‫األوقاف‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬‬
‫(‪ ((4‬السدحان عبد اهلل‪ ،‬االندثار القرسي لألوقاف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مطبوعات اإلدارة العامة لألوقاف دولة قطر‪1433 ،‬هـ‪2012/‬م‪ ،‬ص‪.7:‬‬
‫(‪ ((4‬املنيس وليد عبداهلل‪ ،‬اخلصائص العامة لوثائق الوقف الكويتية‪ ،‬حتليل عام‪ ،‬األمانة العامة لألوقاف‪ ،‬جممع دسامن‪ ،‬الكويت‪ ،‬مجادى اآلخرة‬
‫‪1416‬هـ‪ ،‬نوفمرب ‪1995‬م‪ ،‬ص‪.16 :‬‬

‫‪142‬‬
‫‪-‬توثيق الوقف وسيلة لصيانته وحفظه من الضياع‪ ،‬واالدعاء من الغري‪ ،‬وتأكيد احلق‬
‫فيه وتقويته؛ بمنع االعتداء عليه‪ ،‬فالتوثيق يقطع األطامع املتجه لالستيالء عليه‪ ،‬أو‬
‫إنكار وقفيته‪ ،‬أو ادعاء ملكيته‪.‬‬
‫‪-‬منع املنازعات يف ملكية الوقف‪ :‬ألن طول الزمن‪ ،‬وكثرة املوقوف عليهم‪ ،‬وتعدد‬
‫النظار‪ ،‬كثريا ما يؤدي للنزاع واالختالف وتعدد وجهات النظر والدعاوى يف‬
‫رشوطه وتفاصيله فتكون الوثيقة مرجعا يعمل بمقتضاها عند النزاع‪.‬‬
‫‪-‬التحرز عن الفساد والبطالن يف حتديد الوقف وحدوده ووصفه الدقيق‪ ،‬فعندما‬
‫يتحرر الوقف يف وثيقة أمام موثق عامل بالتوثيق واألحكام‪ ،‬أو أمام شهود‪ ،‬فيتم‬
‫ناقصا‪ ،‬ليكون مواف ًقا للرشوط‬ ‫ً‬ ‫التنبيه عن اخللل فيه‪ ،‬وعام يفسده‪ ،‬أو جيعله‬
‫الرشعية(‪.((4‬‬
‫كام حددت املادة اخلامسة من املرسوم امللكي رقم (م‪ )11/‬بتاريخ ‪ 1437 / 2 / 26‬املتعلق‬
‫بنظام هيئة األوقاف باململكة العربية السعودية‪ /‬جمموعة من املهام التي تضطلع هبا هيئة‬
‫األوقاف منها؛ تسجيل مجيع األوقاف يف اململكة بعد توثيقها‪ ،‬وحرص مجيع األموال‬
‫املوقوفة‪ ،‬وبناء قاعدة معلومات عامة عنها‪.‬‬
‫وخصوًصا األوقاف العقارية‪ ،‬برزت‬
‫ً‬ ‫وبسبب عدم حرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية‪،‬‬
‫عدة مظاهر الستنزاف الرصيد العقاري الوقفي واندثاره‪ ،‬وهو ما بات يستخدم يف‬
‫وخصوًصا األمالك غري املوثقة‬
‫ً‬ ‫تلبية حاجيات الطلب العمومي عىل العقار الوقفي‪،‬‬
‫وجمهولة اهلوية؛ مما شجع ظاهرة الرتامي عىل األمالك الوقفية‪ ،‬واالعتداء املادي عليها‬
‫مما يعرضها لالستنزاف‪ ،‬وهيدد كينونتها اخلريية‪.‬‬
‫‪2‬ـ تطهير األوقاف من الحقوق العرفية‬
‫تقتيض عملية حرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية تطهريها من احلقوق العرفية التي‬
‫ترتبت عليها‪ ،‬فمن بني أكرب املعيقات التي كانت تعرتض توثيق األوقاف اإلسالمية‬
‫هو تراكم عدة حقوق عرفية عليها من قبل عدة أشخاص منتفعني هبا‪ ،‬األمر الذي‬
‫كان يؤثر سل ًًبا يف مردودية األوقاف‪ ،‬ويعيق االستثامر فيها‪ ،‬وتنمية عوائدها‪ .‬ذلك أنه‬
‫(‪ ((4‬األمانة العامة لألوقاف‪ ،‬مدونة أحكام الوقف الفقهية‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة األوىل‪1439 ،‬هـ‪2017/‬م‪ ،‬ج‪/3‬ص‪.147:‬‬

‫‪143‬‬
‫«حينمـا تكثر األمالك احلبسية‪ ،‬ويتسع نطاقها‪ ،‬يكلف املكرتون إنقا ًًذا هلـا برتميمها‬
‫وإصالحها والبنـاء أو الغرس ملدة طويلة عليهـا مقابل انتفاعهم هبا‪ ،‬عىل رشط أن يأتوا‬
‫باإلصالح الالزم إلحيائهـا‪ ،‬أو يبنوا عليها‪ ،‬أو حيفروا اآلبار‪ ،‬ويغرسوا األشجـار‪ ،‬وما‬
‫إىل ذلك»(‪ ،((5‬وذلك يف مقابل استفادهتم من ترتيبهم حلقوق عىل هذه األمالك الوقفية‬
‫جزاء قيامهم باإلصالح والرتميم‪ ،‬والنتيجة التي حصلت هو أنه « ََقـل ا ُُملح ِِّبسون‪ ،‬وكثر‬
‫املرتامـون الطامعون‪ ،‬وعظمت غبطة املشرتكني مع األحباس يف االستبداد باجلميع‪،‬‬
‫وحمو اسم احلبسية منها يف مقابل النزر الضئيـل من املال‪ ،‬وفتحت أمامهم أبواب عقود‬
‫الزينـة واجللسة واملفتاح بحق وبغري حق‪ ،‬وأبواب عقود اجلزاء عىل التبقية‪ ،‬التي أتت‬
‫عىل البقيـة الباقية‪ ،‬وباءت األحباس فيهـا بصفقة املغبون‪ ،‬وقضية االستغراق التي ال‬
‫مربر هلا رشعا غري جمهولة‪ ،‬ثم أتت مشكلة املناقلـة التي رخص فيها املتأخرون برشوط‬
‫قلمـا توجد‪ ...‬فنخـر جسم األحباس جلهـل بعض النظار‪ ،‬وتساهـل القضاة والعدول‬
‫يف تطبيق رشوط تلك املناقلة‪ ،‬وتلتهـا مصيبة البيع عىل ما فيه من خـالف»(‪.((5‬‬
‫ونظرا لتأثر مردودية هذه األوقاف من كثرة هذه احلقوق العرفية‪ ،‬فقد سعت جمموعة‬
‫من الترشيعات الوقفية إىل احلد من هذه الظاهرة‪ ،‬ومن بينها مدونة األوقاف املغربية‪،‬‬
‫حيث نصت املادة ‪ 103‬من مدونة األوقاف املغربية بشكل واضح عىل أنه «ال جيوز إنشاء‬
‫أي حق من احلقوق العرفية من زينة أو جلسة أو جزاء أو مفتاح أو استئجار أو غبطة أو‬
‫عرف أو حالوة أو غريها عىل أي ملك من أمالك األوقاف العامة»(‪ .((5‬يف املقابل‪ ،‬بينت‬
‫األسباب النقضاء احلقوق العرفية املنشأة عىل األمالك الوقفية العامة بمقتىض املادة ‪105‬‬
‫من املدونة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪-‬هالك البناءات أو املنشآت أو األغراس املقامة عىل هذه األمالك والعائدة إىل‬
‫صاحب احلق العريف؛‬
‫‪-‬عدم أداء صاحب احلق العريف الوجيبة الكرائية ملدة سنتني متتاليتني‪ .‬ويف هذه احلالة‬
‫تسرتد األوقاف املحل بمنافعه‪ ،‬ويمنح صاحب احلق األسبقية يف كرائه‪.‬‬

‫(‪ ((5‬بنعبد اهلل حممد‪ ،‬ناظر الوقف‪ ،‬جملة دعوة احلق‪ ،‬عدد ‪ 267‬صفر ‪1408‬هـ شتنرب‪-‬أكتوبر ‪1987‬م‪.‬‬
‫(‪ ((5‬بنعبد اهلل حممد‪ ،‬ناظر الوقف‪( ،‬مرجع سابق)‪.‬‬
‫(‪ ((5‬مدونة األوقاف املغربية‪( ،‬مرجع سابق)‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫كام حددت املادة ‪ 106‬من مدونة األوقاف ثالثة طرق لتصفية احلقوق العرفية املنشأة عىل‬
‫األوقاف العامة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪-‬رشاء إدارة األوقاف للحق العريف املرتتب لفائدة الغري؛‬
‫‪-‬رشاء صاحب احلق العريف لرقبة امللك الوقفي؛‬
‫‪-‬بيع الرقبة واحلق العريف معا عن طريق املزاد‪ ،‬وال يلجأ إىل هذه الطريقة إال يف حالة‬
‫تعذر التصفية بالطريقتني السابقتني‪ .‬ويف هذه احلالة األخرية‪ ،‬حيق إلدارة األوقاف‬
‫ثم لصاحب احلق العريف عىل وجه الرتتيب ضم الرقبة واحلق املنشأ عليها رشيطة‬
‫زيادة نسبة عرشة يف املائة عىل الثمن الذي رسا به املزاد‪.‬‬
‫إن تعدد هذه احلقوق العرفية (والتي كان هلا ما يربرها يف وقت انشائها)‪ ،‬مل يعد مسايرا‬
‫للواقع املعارص لألوقاف‪ ،‬من حيث إن الفرص واإلمكانات التي أبانت عليها الثورة‬
‫املعلوماتية‪ ،‬وأنظمة الذكاء االصطناعي باستطاعتها أن ترشد استعامل األموال الوقفية‪،‬‬
‫وحتقق مقاصدها الرشعية‪.‬‬
‫ثانًيً ا‪ :‬مقاصد إعمال الذكاء االصطناعي في حصر وتوثيق األوقاف اإلسالمية‬
‫يدخل إعامل الذكاء االصطناعي يف إطار النظر املقاصدي مع اخلربة امليدانية يف معاجلة‬
‫املستجدات والنوازل الفقهية‪ ،‬ذلك أن االقتصار عىل النصوص لوحدها يف سياق‬
‫معزول عن الواقع ومستجداته لن يكرس إال مزيدا من القصور‪.‬‬
‫إن حاجة قطاع األوقاف إىل هذا النظر املقاصدي من شأنه أن يقدم عدة إجابات عن‬
‫سؤال تدبري الوقف يف ظل هذه الثورة املعلوماتية‪ ،‬ومن أبرزها ما ييل‪:‬‬
‫‪1‬ـ مراعاة مصلحة األوقاف اإلسالمية‬
‫إن إعامل تقنية الذكاء االصطناعي يف حرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية يعد مؤرشا عىل‬
‫مدى صدقية اإلدارة الوقفية يف مراعاة مصلحة األوقاف اإلسالمية‪،‬‬
‫وهذا االعتبار املصلحي خيدم موضوع قطاع الوقف‪ ،‬بحكم أن مدار الوقف هو البحث‬
‫عن مصلحة املوقوف‪ ،‬واملوقوف عليه معا‪ ،‬ويرسي عليهام مقتىض املصلحة كام حددها‬
‫علامء مقاصد الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬وهي يف قسمني(‪:((5‬‬
‫(‪ ((5‬ابن عاشور‪ ،‬مقاصد الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬حتقيق ابن اخلوجة حممد‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬قطر ‪1425‬هـ‪2004/‬م‪ ،‬ج‪/3:‬ص‪.202:‬‬

‫‪145‬‬
‫ـ مصلحة عامة‪ :‬وهي ما فيه صالح عموم األمة أو اجلمهور‪ ،‬وال التفات منه إىل أحوال‬
‫األفراد إال من حيث إهنم أجزاء من جمموع األمة‪.‬‬
‫ـ مصلحة خاصة‪ :‬وهي ما فيه نفع اآلحاد باعتبار صدور األفعال من آحادهم ليحصل‬
‫بإصالحهم صالح املجتمع املركب منهم‪ .‬فااللتفات فيه ابتداء إىل األفراد‪ ،‬وأما العموم‬
‫فحاصل تبعا‪ .‬وهو بعض ما جاء به الترشيع القرآين‪ ،‬ومعظم ما جاء يف السنة من‬
‫الترشيع‪ .‬وهذا مثل حفظ املال من الرسف باحلجر عىل السفيه مدة سفهه‪ ،‬فذلك نفع‬
‫لصاحب املال ليجده عند رشده أو جيده وارثه من بعده وليس نفعا للجمهور‪.‬‬
‫ويتجىل اعتبار مقصد مراعاة هذه املصلحة من خالل املظاهر التالية(‪:((5‬‬
‫أثر املصلحة يف تغيري عني املوقوف باملعاوضة والتعويض واإلبدال واالستبدال واملناقلة‪.‬‬
‫مراعاة املصلحة يف منح جهات غري موقوف عليها من غلة ووفر وقف آخر عىل سبيل‬
‫السلف واستثامر غلته لتنميته‪.‬‬
‫‪-‬تغيري معامل الوقف للمصلحة‪.‬‬
‫‪-‬الترصف يف الوقف باملصلحة مراعاة لقصد الواقف املقدر بعد موته‪.‬‬
‫وتدخل مراعاة مصلحة املال الوقفي يف إطار تدبري وتقدير حاجات الناس‪ ،‬والسعي‬
‫عىل مصاحلهم املختلفة‪ ،‬حتى تستقيم احلياة يف إطار قيم التضامن والرتاحم والتساكن‪،‬‬
‫وهذا يستوجب حتفيز األفراد واهليئات عىل الوقف؛ مادام اإلدارة الوقفية تتعهد بصيانة‬
‫األوقاف وتنمية عوائدها‪.‬‬

‫‪2‬ـ صيانة األصل الوقفي وتنمية عوائده‬


‫إن من أبرز مقاصد إعامل األنظمة الذكية يف حرص وتوثيق األوقاف‪ ،‬صيانة األصل‬
‫الوقفي وحتديد هويته هبدف عامرته وتنميته‪ ،‬بحيث يتوقف االنتفاع عىل بقاء األصل‬
‫حمفو ًًظا ومصاًنًا‪ .‬وهذا املقصد يدخل ضمن املقاصد األصلية للرشيعة اإلسالمية يف‬
‫حفظها لـلمصالح‪ ،‬الرضورية وغريها‪ ،‬وهي عىل وجهني‪ ،‬يكمل أحدمها اآلخر‪ ،‬ومها‪:‬‬
‫‪-‬حفظها من جانب الوجود‪ ،‬أي برشع ما حيقق وجودها وتثبيتها‪ ،‬ويرعاه‪.‬‬

‫(‪ ((5‬بن بيه املحفوظ عبد اهلل بن الشيخ‪ ،‬إعامل املصلحة يف الوقف‪ ،‬سبيل االستثامر الناجح لألوقاف ومضاعفة أجور الواقفني‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬مؤسسة‬
‫الريان للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬بريوت‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪.21:‬‬

‫‪146‬‬
‫‪-‬حفظها من جانب العدم‪ ،‬أي بإبعاد ما يؤدي إىل إزالتها‪ ،‬أو إفسادها‪ ،‬أو تعطيلها‪،‬‬
‫سواء كان واق ًعا أو متوق ًعا»(‪.((5‬‬
‫خصوًصا إذا كان الرأسامل‬
‫ً‬ ‫وتزداد أمهية األنظمة الذكية يف صيانة األصول الوقفية‪،‬‬
‫الوقفي عبارة عن دور ومصانع وآالت وحمركات‪ ،‬وكل ما يدخل يف حكمها؛‬
‫فصيانتها من املنظور االقتصادي والتسويقي‪ ،‬تتجىل يف جمموعة من االعتبارات‪،‬‬
‫يذكر منها(‪:((5‬‬
‫‪-‬املحافظة عىل اآلالت من التلف والعطب‪ ،‬ومتديد عمرها االفرتايض ملدة أطول؛‬
‫‪-‬ضامن استمرارية األجهزة يف األداء احلسن‪ ،‬والعطاء املطرد؛‬
‫‪-‬تأمني وقوع أعطاب مفاجئة وغري متوقعة‪ ،‬والتي تكون غال ًبا مكلفة‪ ،‬ومؤثرة بصفة‬
‫مبارشة يف معدالت اإلنتاج؛‬
‫‪-‬تقليص احتامالت التسبب يف كوارث بيئية‪ ،‬أو صحية‪ ،‬أو التسبب يف أزمات‬
‫اقتصادية ومالية مهلكة؛‬
‫‪-‬ارتفاع معدالت األرباح الصافية‪ ،‬ورسعة مراكمة األموال‪ ،‬وهذا يعني إنعاش‬
‫االقتصاد بتوظيف واستثامر تلك العائدات يف مشاريع ذات أبعاد نفعية‪ ،‬واجتامعية‬
‫وتنموية‪.‬‬
‫كام تعمل تقنية الذكاء االصطناعي عىل توفري احلد األدنى من األمن االستثامري‪،‬‬
‫وخصوًصا يف جمال استثامر النقود املوقوفة‪ ،‬حيث يشرتط «مراعاة أخذ احلذر واحليطة‬ ‫ً‬
‫والبحث عن كل الضامنات الرشعية التي يغلب عىل الظن نجاح االستثامر معها‪ ،‬مع‬
‫مراعاة الطرق الفنية والوسائل احلديثة املمكنة ودراسة اجلدوى االقتصادية واحلرص‬
‫عىل اختيار أهل اخلربة واإلخالص فيمن يعهد إليهم االستثامر»(‪.((5‬‬
‫وخُمخَرجات‪،‬‬
‫وإذا كان كل نظام يعمل بالذكاء االصطناعي حيتاج إىل أجهزة مدخالت َ‬
‫حتى ولو كانت لوحة مفاتيح وشاشة‪ .‬وجمموعة معدات تتصل بربنامج الذكاء‬
‫االصطناعي بأجهزة الكمبيوتر تلك‪ ،‬وحُيح دث تغيريات يف الواجهات العاملية‪ ،‬وكذلك‬
‫(‪ ((5‬الريسوين أمحد‪ ،‬نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطبي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الدار العاملية للكتاب اإلسالمي‪1412 ،‬هـ‪1992/‬م‪ ،‬ص‪.126:‬‬
‫(‪ ((5‬متكل مصطفى‪ ،‬عقود الصيانة يف الفقه اإلسالمي وتطبيقاهتا املعارصة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة القايض عياض‪،‬‬
‫مراكش‪2011 ،‬م‪2012/‬م‪ ،‬ص‪.41:‬‬
‫(‪ ((5‬قانة الطاهر‪ ،‬املصارف اإلسالمية ودورها يف رفع الكفاءة االنتاجية للملكية الوقفية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار اخلليج عامن‪ ،‬األردن‪2018 ،‬م‪ ،‬ص‪.185:‬‬

‫‪147‬‬
‫يعالج املعلومات داخل ًًيا(‪ ،((5‬فإن هناك العديد من املتطلبات التدبريية والتقنية لتمكني‬
‫الذكاء االصطناعي من أداء وظيفته يف حرص وتوثيق األوقاف‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬متطلبات الذكاء االصطناعي في حصر وتوثيق األوقاف‬


‫تطور عامل اإلنرتنت وذلك بتطور ذكاء البرش‪ ،‬حيث تم العمل بربوتوكول ‪،TCP/IP‬‬
‫معياًرا لالتصاالت‪ ،‬و‪ HTTP‬الذي أتاح تصفح الويب‪ ،‬و‪ ،SMTP‬الذي كان‬
‫ً‬ ‫الذي أنشأ‬
‫متاًحا ليس فقط‬
‫يسلم الربيد اإللكرتوين‪ .‬حيث جعلت هذه الربوتوكوالت اإلنرتنت ً‬
‫للباحثني‪ ،‬بل للجميع‪ ،‬وعىل عدد متزايد من األجهزة‪ ،‬بام يف ذلك أجهزة الكمبيوتر‬
‫واألجهزة اللوحية واهلواتف الذكية الالحقة‪ .‬لقد غرّير تطور اإلنرتنت احلياة إىل األبد‪،‬‬
‫إذ أصبحت اآلن كميات كبرية جًدً ا من املعلومات واخلدمات متاحة يف متناول أي‬
‫شخص‪ ،‬ومعظمها جماًنًا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن استخدام معظم املنتجات أو اخلدمات عرب‬
‫اإلنرتنت يتطلب وجود شخص أو كيان‪ُُ ،‬يعرف باسم طرف ثالث‪ ،‬ليكون بمثابة‬
‫حارس بوابة موثوق به(‪.((5‬‬
‫وعموما‪ ،‬يتطلب الذكاء االصطناعي جمموعة من املتطلبات‪ ،‬من أجل «تصميم برامج‬
‫وتطبيقات الذكاء االصطناعي من خالل دراسة كيف يفكر العقل البرشي‪ ،‬وكيف‬
‫يتعلم اإلنسان ويقرر‪ ،‬ويعمل أثناء حماولة حل مشكلة‪ ،‬ومن ثم استخدام نتائج هذه‬
‫الدراسة كأساس لتطوير الربجميات واألنظمة الذكية»(‪ ،((6‬وعليه سيتم تناول املتطلبات‬
‫التدبريية يف املطلب األول‪ ،‬واملتطلبات التقنية للذكاء االصطناعي يف املطلب الثاين‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المتطلبات التدبيرية للذكاء االصطناعي‬


‫تتضمن املتطلبات التدبريية للذكاء االصطناعي كل اإلجراءات واملؤرشات الرامية‬
‫إىل إبراز البعد التدبريي يف إدارة القطاع الوقفي‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬وضع املعلومات رهن‬
‫إشارة كل من له احلق يف ذلك‪ ،‬حيث يعد جمال الشفافية أو جمال التدفق اإلعالمي «أحد‬

‫(‪ ((5‬مارجريت إيه بودين‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪( ،‬مرجع سابق)‪ ،‬ص‪.14:‬‬


‫‪(59)Lorne Lantz and Daniel Cawrey, Mastering Blockchain. Published by O’Reilly Media .First Edition United States of America.2021 .P1‬‬
‫(‪ ((6‬موسى عبد اهلل‪ ،‬وبالل أمحد‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪( ،‬مرجع سابق)‪ ،‬ص‪.20 :‬‬

‫‪148‬‬
‫أهم وأبرز املجاالت التي يمكن لإلدارة أن تستغلها لتحسني عالقتها بجمهورها»(‪،((6‬‬
‫وذلك هبدف شفافية املعلومات املتعلقة بتدبري مالية األوقاف؛ إيرا ًًدا وإنفا ًًقا‪ ،‬وجودة‬
‫معامالهتا اإلدارية وحساباهتا املالية‪ ،‬حتى تسهل عملية التقويم واملتابعة واملراقبة؛ وهي‬
‫من جهة أخرى تعني «الوضوح التام يف اختاذ القرارات ورسم اخلطط والسياسات‪،‬‬
‫وعرضها عىل اجلهات املعنية»(‪ ((6‬إضافة إىل الوضوح يف علنية اإلجراءات والوسائل‬
‫واألهداف املرسومة‪ .‬ويف االنقياد التام للمرجعيات القانونية والترشيعية والتنظيمية‬
‫اجلاري هبا العمل‪.‬‬
‫ويمكن إمجال هذه املتطلبات فيام ييل‪:‬‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬حوكمة تدبير األوقاف اإلسالمية‬
‫إن إعامل الذكاء االصطناعي يف حرض وتوثيق األوقاف اإلسالمية يعرب عن مدى جتذر‬
‫فكرة احلوكمة يف التدبري العمومي لقطاع األوقاف‪ ،‬وهي التي تعد إحدى العالمات‬
‫الدالة عىل النجاعة واجلودة يف التخطيط والتنفيذ والتقييم‪ ،‬ففي قطاع تدبري األوقاف‬
‫يبقى سؤال احلوكمة مطروحا؛ وهو اجلامع ملا تفرق من اإلشكاالت العملية امللحوظة‬
‫يف هذا املجال؛ حتى ولو كانت الترشيعات الوقفية وإدارة األوقاف خمتلفة عن التدبري‬
‫العمومي‪.‬‬
‫‪1‬ـ أهمية التخطيط الوقفي‬
‫تكمن أمهية التخطيط لقطاع األوقاف‪ ،‬يف وجود العديد من الفرص املتاحة واإلمكانيات‬
‫واملناسبات التي هتدر‪ ،‬وتضيع وتستنزف‪ ،‬وهي حتتاج إىل رؤية كاملة‪ ،‬وخطة واضحة؛‬
‫هبدف صناعة السياسة الوقفية الكفيلة باختاذ املبادرات من أجل استثامر اإلمكانات‬
‫الوقفية وتوظيفها قصد تنمية عوائدها والزيادة يف أصوهلا‪ .‬استفادة من جتارب عدة‬
‫دول‪ ،‬والتي استثمرت يف هذا القطاع الوقفي اخلريي‪ ،‬بالتخطيط واالستثامر الكامل‬
‫ملختلف الفرص الوقفية واخلريية املتاحة‪.‬‬
‫وتتجىل أمهية التخطيط يف الكشف عن الفرص املتاحة وحتديد الئحة املخاطر املحدقة‬
‫(‪ ((6‬يعقويب عامد‪ ،‬إسهام تقنيات اإلعالم واالتصال يف حتسني العالقة بني اإلدارة واملواطنني‪ ،‬أطروحة دكتوراه يف القانون العام‪ ،‬جامعة حممد األول‪،‬‬
‫وجدة‪ /‬املغرب‪2005 ،‬م‪2006/‬م‪ ،‬ص‪.18:‬‬
‫(‪ ((6‬الراشدي سعيد‪ ،‬اإلدارة بالشفافية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار كنوز املعرفة للنرش والتوزيع‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.15:‬‬

‫‪149‬‬
‫باألوقاف‪ ،‬فضال عن رسم خارطة طريق تبني األهداف واإلجراءات واإلمكانات‬
‫والعوائد املحتملة‪ ،‬ودرجة املخاطرة املحتملة‪.‬‬
‫وأخًذا بعني االعتبار خمتلف التحوالت اجلارية يف القطاع الوقفي يف أغلب دول العامل‪،‬‬ ‫ً‬
‫والقيمة املضافة التي أبان عليها الوقف لفائدة التنمية االجتامعية واالقتصادية والبيئية‪،‬‬
‫تم التنصيص وألول مرة باملغرب‪ ،‬عىل تقييد تدبري األوقاف العامة برضورة التوفر‬
‫عىل «اسرتاتيجية»‪ ،‬وكان ذلك من خالل تعديالت مدونة األوقاف لعام ‪2019‬م‪ ،‬يف‬
‫مادهتا الثانية املكررة‪ ،‬والتي نصت عىل أن تدبري األوقاف العامة جيب أن يكون وفق‬
‫اسرتاتيجية تعدها إدارة األوقاف تستند إىل جرد عام ومفصل للممتلكات الوقفية‪،‬‬
‫وتقوم عىل ما ييل(‪:((6‬‬
‫‪-‬حتديد لألهداف املراد بلوغها ضامنًا حلامية الوقف وتنميته وتثمينه واحلفاظ عليه‬
‫ومراعاة مقاصده؛‬
‫‪-‬حتديد الوسائل الكفيلة بتحقيق األهداف املذكورة وتنفيذ مضامني هذه‬
‫االسرتاتيجية؛‬
‫‪-‬وضع جدول زمني دقيق لتنفيذ مضامني هذه االسرتاتيجية؛‬
‫‪-‬إقرار منظومة احلكامة الواجب اعتامدها من أجل تنفيذ سليم هلذه االسرتاتيجية‪ ،‬بام‬
‫يستلزم ذلك من حتديث ألساليب تدبري الوقف‪ ،‬وحتسني طرائق استغالله‪ ،‬وحتديد‬
‫ملهام خمتلف املتدخلني والتزاماهتم‪.‬‬
‫وبناء عىل أمهية هذه العنارص يف بناء اسرتاتيجية وقفية لتحديد توجهات السياسة‬
‫العمومية الوقفية؛ يمكن للذكاء االصطناعي أن يسهم يف حتديد معامل التخطيط الوقفي‪،‬‬
‫الذي هو أحد مداخل بناء هذه االسرتاتيجية‪ ،‬دور يف حتقيق ما ييل‪:‬‬
‫‪-‬توفري درجة عالية من احتامل حتقيق أهداف املشاريع االستثامرية الوقفية‪ ،‬وذلك يف‬
‫ضوء مؤرشات قابلة للقياس يف حتديد مستويات اإلنجاز وفق ما تم التخطيط له‪.‬‬
‫‪-‬حتديد اجتاه التوقعات ودرجة املخاطرة‪ :‬وذلك من حيث درجة االنتعاش ودرجة‬
‫االنكامش (التفاؤل والتشاؤم)‪ ،‬وهي أيضا من العوامل املؤثرة يف قرار االستثامر‬

‫(‪ ((6‬اجلريدة الرسمية‪ ،‬املغرب‪ ،‬عدد ‪ 6759‬بتاريخ ‪2019/3/11‬م‪ ،‬ص‪.1380:‬‬

‫‪150‬‬
‫وحجمه‪ ،‬من خالل تأثريها املبارش عىل تقديرات املستثمرين ملا سيؤول إليه‬
‫االستثامر يف جمال معني(‪.((6‬‬
‫‪-‬استرشاف حجم التدفقات املالية للمشاريع االستثامرية؛ وذلك من حيث التنبؤ‬
‫هبذه التدفقات عىل مدى عمر املرشوع؛ وإمكانية تقييمها ومقارنتها بالتكاليف‬
‫احلالية هبدف تشكيل استثامر معياري؛ يمكن القياس عليه يف املشاريع الناجحة(‪.((6‬‬
‫ويف إطار تعميم منهجية التخطيط االسرتاتيجي‪ ،‬يتعني عىل إدارة األوقاف إعداد خمطط‬
‫تنموي حيدد برامج املشاريع ذات األولوية‪ ،‬والتي تعتزم إنجازها واملوارد املادية الالزمة‬
‫لذلك يف إطار مقاربة تنموية حديثة؛ تتوخى إدخال املنهج التشاركي يف إعداد هذا‬
‫املخطط‪ .‬وحتضري ما يتطلب ذلك من إعداد الدراسات‪ ،‬ودراسات اجلدوى‪ ،‬والوثائق‬
‫وإجراء خربات قياسية للشأن الوقفي‪ ،‬وغريها من الوسائل‪.‬‬
‫وإذا كانت عملية التخطيط تؤرش عىل وجود تفكري منظم ومرتب من أجل القيام‬
‫بعمل ما‪ ،‬والذي يتطلب إمكانات برشية ومادية رضورية قصد تنفيذ العمل وفق ما‬
‫تم التخطيط له زمانا ومكانا ومنهجا‪ .‬فإن الغاية منها هو منع حدوث املفاجأة غري‬
‫املرغوب فيها يف املستقبل‪ ،‬بمعنى صياغة واسترشاف املستقبل مستعين ًًا باستقراء املايض‬
‫واحلارض وحتليل املتغريات واملستجدات‪.‬‬
‫‪2‬ـ الكفاءة التنظيمية الوقفية‬
‫يرتكز بعد احلوكمة يف تدبري األوقاف عىل مفهوم الكفاءة‪ ،‬والتي تعرف بكوهنا عمل‬
‫األشياء بشكل صحيح‪ ،‬فـ»املنظمة تصبح ذات كفاءة عالية حينام تقوم باستثامر مواردها‬
‫املتاحة يف املجاالت التي تعطي أكرب املردودات»(‪.((6‬‬
‫وترتبط بفكرة الكفاءة التنظيمية الوقفية ثالثة أهداف وهي‪« :‬رفع الكفاءة االنتاجية‬
‫بتعظيم اإليرادات وضغط النفقات اإلدارية واالستثامرية‪ ،‬ومحاية أصول األمالك‬
‫الوقفية‪ ،‬وتقليل الفساد يف اإلدارة ويف التوزيع عىل األغراض إىل أدنى مستوى ممكن(‪.((6‬‬
‫(‪ ((6‬الفاتح حممد بشري‪ ،‬متويل ومؤسسات مالية‪ ،‬دار اجلنان للنرش والتوزيع‪ ،‬عامن‪2014 ،‬م‪ ،‬ص‪.237:‬‬
‫‪(65) E.V.K. FITZGERALD, Public sector investment planning for developing contries, Higher and Further Education Division , MACMIL-‬‬
‫‪LAN PUBLISHERS LTD, London, p6.‬‬
‫(‪ ((6‬الركايب كاظم‪ ،‬اإلدارة االسرتاتيجية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار وائل للنرش والتوزيع‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.318:‬‬
‫(‪ ((6‬قحف منذر‪ ،‬الوقف اإلسالمي‪ ،‬تطوره‪ ،‬إدارته‪ ،‬تنميته‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار الفكر املعارص بريوت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪1421،‬هـ‪2000/‬م‪،‬‬
‫ص‪.311:‬‬

‫‪151‬‬
‫ومن جتليات هذه الكفاءة‪ ،‬هو أن احلديث عن حوكمة تدبري القطاع الوقفي يستحرض‬
‫عدة قضايا تتمركز يف جمملها حول فلسفة التدبري وآليات تسيري القطاع الوقفي؛ ومدى‬
‫توافر السياسة العمومية الوقفية‪ ،‬والكفاءة التنظيمية لإلدارة الوقفية‪ ،‬حيث يعد حرص‬
‫األوقاف وتوثيق أصوهلا‪ ،‬قضية مركزية وأساسية يف منظومة احلوكمة الوقفية‪ ،‬والتي‬
‫عليها تتأسس بقية القضايا األخرى‪ ،‬فبدون تسجيل األوقاف وتوثيق رسومها وتدوين‬
‫بياناهتا ومعرفة اجلهات املتدخلة فيها (الواقف‪ ،‬والوقف‪ ،‬واملوقوف عليه‪ ،‬وصيغة‬
‫الوقف) ال يمكن احلديث عن حوكمة وقفية قادرة عىل ترشيد إدارة األوقاف‪ ،‬ومحايتها‬
‫من االستنزاف واالندثار‪ ،‬وجتويد مردودية أصوهلا الوقفية‪.‬‬
‫من مقتضيات احلوكمة الوقفية‪ ،‬تفعيل آلية الرقابة واالفتحاص الداخيل واخلارجي‪،‬‬
‫ووضع منهجية عامة يف إدارة املشاريع االستثامرية وتقويمها‪ ،‬والعمل بالتخطيط‬
‫االسرتاتيجي لصيانة األصول الوقفية‪ ،‬وتوثيقها‪ ،‬وذلك من أجل رفع مردودية مشاريع‬
‫االستثامرية‪.‬‬
‫وقد ألزمت املادة ‪ 41‬من القانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪ 2021‬بشأن الوقف بدولة قطر‬
‫الناظَر‪ /‬اجلهة املكلفة بتدبري الوقف من رضورة‪« :‬احلصول عىل معلومات وافية‬
‫َ‬
‫ودقيقة وحديثة حول هوية الواقف‪ ،‬واملوقوف علـيهم أو فئاهتم أو أوليائهم أو الرقباء‬
‫حال وجودهم‪ ،‬أو أي شخص طبيعي آخر يامرس رقابة أو سيطرة فعلية وهنائية عىل‬
‫الوقف بأي وسيلة كانت مبارشة أو غري مبارشة واحلصول عىل معلومات أساسية‬
‫حول الوكالء و ُُمقّدّ مي خدمات االستثامر والرضيبة والتدقيق واملحاسبة للوقف‪ .‬وعىل‬
‫الناظر االحتفاظ باملعلومات والقيام بتحديثها يف التوقيتات املناسبة‪ ،‬وكذلك االحتفاظ‬
‫هبا ملدة ال تقل عن مخس سنوات تبدأ من تاريخ انتهاء عالقته بالوقف‪ .‬وعىل اإلدارة‬
‫املختصة التأكد من التزام الناظر بالواجبات املنصوص عليها يف هذه املادة وأي قرارات‬
‫أو تعليامت أو قواعد أو إرشادات أو توصيات تصدر بشأن إنشاء الوقف ونظارته‪.‬‬
‫وتتوىل اإلدارة املختصة يف هذا الشأن‪ ،‬التعاون مع السلطات املختصة يف الدولة‪ ،‬وجيوز‬
‫هلا‪ ،‬بالتنسيق مع وزارة اخلارجية‪ ،‬التعاون مع الدول األجنبية‪ ،‬وفق ًًا للقوانني واللوائح‬

‫‪152‬‬
‫املعمول هبا(‪.((6‬‬
‫ومن التجارب املهمة يف هذا الصدد‪ ،‬يذكر مرشوع حرص األوقاف ودوره يف احلفاظ‬
‫عىل األوقاف وتنميتها وتطويرها وتنفيذ مصارفها حسب رشوط الواقفني‪ ،‬والذي‬
‫يفتح آفا ًًقا جديدة إلدارة وتطوير أعيان األوقاف‪ .‬كام أن مرشوع حرص أعيان األوقاف‬
‫سيدعم قدرات اهليئة يف التخطيط واالستثامر والتنمية‪ ،‬وسيطور من إمكانات العاملني‬
‫فيها؛ حيث سيمدهم باخلربات الالزمة ملعرفة آليات وطرق حرص األوقاف‪ ،‬باإلضافة‬
‫إىل املساعدة عىل اختاذ القرارات املتعلقة هبا‪ ،‬كام سيسهم يف إنشاء خارطة جغرافية تفاعلية‬
‫توّضح توزيع األوقاف عىل مستوى اململكة‪ ،‬باإلضافة إىل هتيئة األرضية املناسبة لبناء‬ ‫ّ‬
‫أصول التوجهات االسرتاتيجية بعيدة املدى(‪ ،((6‬وهذه تعترب مؤرشات دالة عىل مدى‬
‫أمهية االنفتاح عىل تنمية القدرات اإللكرتونية والتقنيات الذكية‪.‬‬

‫ثانًيً ا‪ :‬تنمية القدرات اإللكترونية والذكية‬


‫مع اتساع االستعامل اليومي للخدمات اإللكرتونية والتواصل االجتامعي عرب شبكات‬
‫األنرتنيت‪ ،‬بات لزاما عىل اإلدارة الوقفية أن تكسب رهان التعامل اإلجيايب مع‬
‫االنرتنيت‪ ،‬وذلك عن طريق انفتاحها عىل العامل االفرتايض الذي بات يعد من أبرز‬
‫الوسائل املؤثرة يف سلوك األفراد واجلامعات‪ ،‬واالنتقال إىل عرص املدن الذكية‪ ،‬والتي‬
‫تقوم عىل ثالثة أركان(‪ ،((7‬وهي‪ :‬تطوير نوعية احلياة وتقديم خدمات مصممة للمواطن؛‬
‫وتعزيز التنمية املستدامة والزيادة يف اإلنتاجية؛ والعمل عىل التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪1‬ـ حماية البيانات من االختراق‬
‫تتطلب محاية البيانات واملعطيات املتعلقة بحرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية تقوية‬
‫قدرات اإلدارة اإللكرتونية‪ ،‬وختصيص فريق تقني مؤهل‪ ،‬قادر عىل حتيني املعطيات‪،‬‬
‫ووضع كل املعلومات والوثائق رهن إشارة الواقفني واملوقوف عليهم‪ ،‬واجلمهور‪،‬‬
‫مع أخذ احليطة يف توفري األمن املعلوميايت‪ ،‬واليقظة الذكية للتصدي لكل حماوالت‬
‫االخرتاق واالعتداء عىل حرمة هذه البيانات واملعطيات‪.‬‬
‫(‪ ((6‬اجلريدة الرسمية القطرية‪ :‬العدد‪( ،10‬مرجع سابق)‪.‬‬
‫(‪((6‬املوقع الرسمي اإللكرتوين للهيئة العامة لألوقاف ‪https://www.awqaf.gov.sa/ar/media-center‬‬
‫‪(70) Stamatina Th. , Cities for Smart Environmental and Energy Futures, op. cit. p11.‬‬

‫‪153‬‬
‫وتعد البيانات واملعلومات التي توفرها تقنية الذكاء االصطناعي لفائدة األوقاف‬
‫اإلسالمية‪ ،‬من أبرز خمرجات هذه التقنية‪ ،‬وعليه يتقرر توفري ضامنات حلاميتها وصيانتها‪،‬‬
‫حتى ال تتعرض لالخرتاق والعبث بحرمتها‪ ،‬حيث تعمل اجلرائم اإللكرتونية‬
‫باعتبارها‪ ،‬إحدى أدوات القرصنة‪ ،‬عىل اقتحام اخلوادم وأنظمة الكمبيوتر لألفراد أو‬
‫الرشكات أو احلكومات من أجل احلصول عىل املعلومات‪ ،‬فالقرصنة أداة لشبكات‬
‫اجلريمة املنظمة التي تستخدمها لرسقة البيانات لالبتزاز واملساومة‪ ،‬أو لالستفادة بطرق‬
‫مالية أخرى(‪ ،((7‬فاألنظمة الذكية تقوم عىل نظام التشفري للبيانات واستخدام األرقام‬
‫الرسية(‪.((7‬‬
‫ويعد االخرتاق اإللكرتوين‪ ،‬والذي يتم عن طريق ترسيب البيانات الرئيسة والرموز‬
‫اخلاصة بربامج شبكة اإلنرتنت‪ ،‬عملية تتم من أي مكان يف العامل دون احلاجة إىل وجود‬
‫شخص املخرتق يف الدولة التي اخرتقت فيها املواقع فالبعد اجلغرايف ال أمهية له يف احلد‬
‫من االخرتاقات اإللكرتونية وال تزال نسبة كبرية من االخرتاقات مل تكتشف بعد بسبب‬
‫التعقيد الذي يتصف به نظام تشغيل احلاسب اآليل»(‪.((7‬‬
‫إن عملية االخرتاق اإللكرتوين تتم عن طريق ترسيب البيانات الرئيسة والرموز اخلاصة‬
‫بربامج شبكة اإلنرتنت‪ ،‬وهي عملية تتم من أي مكان يف العامل دون احلاجة إىل وجود‬
‫شخص املخرتق يف الدولة التي اخرتقت فيها املواقع فالبعد اجلغرايف ال أمهية له يف احلد‬
‫من االخرتاقات اإللكرتونية وال تزال نسبة كبرية من االخرتاقات مل تكتشف بعد بسبب‬
‫التعقيد الذي يتصف به نظام تشغيل احلاسب اآليل(‪.((7‬‬
‫ومع التوجه املتنامي نحو تقنية املعلومات‪ ،‬تربز بوضوح احلاجة امللحة إىل إجياد أنظمة‬
‫لضبط التعامالت اإللكرتونية بشتى صورها‪ ،‬فعىل الرغم من حمدودية ما أنجز يف هذا‬
‫السياق؛ فإن اجلهات التي تضطلع هبذه املهام تعاين من البطء يف إنجاز هذه األنظمة‬
‫لكثرة اجلهات املمثلة يف جلان الصياغة‪ ،‬وتعدد اجلهات املرجعية التي تقوم بمراجعة‬
‫‪(71) Hanna Samir Kassab Jonathan D. Rosen, ILLicit Markets, Organized Crime and Global Security, Palgrave Macmillan, Springer Interna-‬‬
‫‪tional Publishing 2019. P157‬‬
‫(‪ ((7‬صالح الدين عامر‪ ،‬أنظمة الدفع اإللكرتوين‪( ،‬مرجع سابق)‪ ،‬ص‪.69 :‬‬
‫(‪ ((7‬املزروعي موزة‪ ،‬االخرتاقات اإللكرتونية خطر كيف نواجهه‪ ،‬جملة آفاق اقتصادية‪ ،‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬عدد‪ ،9‬سبتمرب ‪2000‬م‪ ،‬ص‪.54:‬‬
‫(‪ ((7‬املزروعي موزة‪ ،‬االخرتاقات اإللكرتونية‪( ،‬مرجع سابق)‪ ،‬ص‪.54‬‬

‫‪154‬‬
‫األنظمة واعتامدها‪ ،‬لذا فال بد من إعداد األنظمة الالزمة لتحقيق االستفادة القصوى‬
‫من تقنية املعلومات‪ ،‬ومحاية املتعاملني من املخاطر التي تنطوي عليها تلك التقنيات(‪.((7‬‬

‫‪2‬ـ المراقبة الداخلية‬


‫تقوم املقاربة املتبعة يف هذا الصدد عىل األخذ بعني االعتبار إدماج املراقبة الداخلية‬
‫يف نظام املعلوميات خاصة عىل مستوى آليات األمان الرضورية‪ ،‬ويتم تقييم نظام‬
‫املعلومات من خالل النقاط اآلتية(‪:((7‬‬
‫ـ تنظيم وقيادة النظام املعلوميايت‪ :‬وذلك من حيث وجود خمطط مديري للمعلوميات‪،‬‬
‫والذي يتضمن قيادة النظام املعلوميايت‪ ،‬وسياسة االقتناء املتعلقة باملعلوميات‪ ،‬ثم وجود‬
‫وثائق تبني وضعية تنظيم هذه النظم املعلومياتية‪ ،‬وحتديد بنيتها وتنظيم وظيفتها الذي‬
‫حيدد اهليكل اإلداري واملهام وإعداد املوظفني وتكوين ومراكز الكفاءات ومالءمة‬
‫املوظفني عىل مستوى الكفاءات وتعدد االختصاصات والتحكم يف املهام‪.‬‬
‫ـ تدبري النظام املعلوميايت ووضع املشاريع اجلديدة‪ :‬ويشمل عىل تنظيم املشاريع ال سيام‬
‫املساطر والفرق املكلفة باملشاريع‪ ،‬والتوفر عىل وثائق مصادق عليها متعلقة بفحص‬
‫املشاريع املعلوماتية (دفاتر التحمالت وتقارير حول االختبارات التقنية والوظيفية‬
‫والتصديق عىل التطبيقات املعلوماتية)‪.‬‬
‫ـ التحكم يف إنتاج املعلوميات‪ ،‬وذلك من خالل الطابع العميل لإلمكانيات التي‬
‫توفرها التطبيقات املعلومياتية عىل مستوى التحكم فيها عىل صعيد التشغيل والتكييف‬
‫املعلوميايت والتواصل فيام بينها وتدفق املعلومات‪ ،‬ووجود مساطر الستغالل املعاجلات‬
‫املعلومياتية واإلرشاف عليها‪ .‬إضافة اىل جودة اخلدمة املقدمة‪ ،‬ومؤرشاهتا يف ذلك‪:‬‬
‫رفض املعطيات واملدة الزمنية غري العادية لإلجابة والتوقفات املؤقتة للخدمة وغريها‪.‬‬
‫ـ األمن املعلومايت واستمرارية االستغالل‪ ،‬ويتم تقييم هذا اجلانب من خالل وجود‬
‫مساطر متعلقة باألمن املادي واملنطقي‪ ،‬وذلك عرب تأمني الولوج وتدبري الصالحيات‬

‫(‪ ((7‬السند عبد الرمحن‪ ،‬مكافحة وسائل اإلرهاب اإللكرتوين‪ ،‬حكمها يف اإلسالم وطرق مكافحتها‪ ،‬املؤمتر العاملي عن موقف اإلسالم من اإلرهاب‪،‬‬
‫جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪1425 ،‬هـ‪2004 /‬م‪ .‬ص‪.24:‬‬
‫(‪ ((7‬قرار لوزير االقتصاد واملالية رقم‪ 2292.08‬الصادر يف‪ ،2008/12/19‬بتحديد النظام املرجعي الفتحاص الكفاءة التدبريية للمصالح اآلمرة‬
‫بالرصف‪ ،‬اجلريدة الرسمية‪ /‬املغرب‪ ،‬عدد ‪ 5705‬بتاريخ‪ ،2009/2/2‬ص‪.354:‬‬

‫‪155‬‬
‫وتعقب العمليات والتتبع اخلاص بالعمليات احلساسة‪ .‬ووضع منظومة تؤمن‬
‫استمرارية االستغالل باحلفظ االحتياطي واستعادة املعطيات ووجود خمطط لإلنقاذ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المتطلبات التقنية للذكاء االصطناعي‬


‫يتناول هذا املطلب بعض املتطلبات التقنية إلعامل تقنية الذكاء االصطناعي يف حرص‬
‫وتوثيق األوقاف اإلسالمية‪ ،‬ونكر من ذلك‪ ،‬وضع قاعدة بيانات وآليات التحليل‪،‬‬
‫والقراءة والتفسري‪ ،‬وذلك من خالل خوارزميات ذكية تسهل هذه العملية‪.‬‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬قاعدة البيانات وآليات التحليل‬
‫تعمل قاعدة اعتامد البيانات واملعطيات الرقمية الذكية عىل حتديد هوية األموال‬
‫واألصول الوقفية‪ ،‬ويدخل يف ذلك حتى األصول املعنوية‪ ،‬والتي تتخذ «شكل حمتوى‬
‫رقم ًًيا‪ ،‬وعىل هذا فليس الوقف الرقمي إال صورة من صور استغالل احلق املعنوي‬
‫املوقوف‪ ،‬سواء أمكن استغالل احلق املعنوي بطرق أخرى غري رقمية‪ ،‬أو مل يمكن‬
‫استغالله إال يف العامل الرقمي»(‪ ،((7‬عليه يمكن حتديد ما ييل‪:‬‬
‫‪1‬ـ نظام قاعدة البيانات الموزعة‬
‫عاد ًًة ما تتضمن معاجلة الذكاء االصطناعي أجهزة مدخالت وخمرجات داخلية‪،‬‬
‫بحيث متّكّن األجهزة االفرتاضية املتنوعة داخل النظام بأكمله من التفاعل بعضها مع‬
‫بعض(‪.((7‬‬
‫ومن التجارب التي يتعني ذكرها ما قامت به اهليئة العامة لألوقاف باململكة العربية‬
‫السعودية من إطالق مرشوع حرص أعيان األوقاف يف خمتلف مناطق اململكة‪ ،‬وقد‬
‫قامت بتوقيع اتفاقية مع إحدى الرشكات املتخصصة يف هذا املجال‪ ،‬حيث هتدف‬
‫االتفاقية إىل بناء قاعدة بيانات إلكرتونية شاملة عن األوقاف يف اململكة‪ ،‬وتشتمل عىل‬
‫ثالثة مراحل رئيسية موزعة حسب مناطق اململكة املختلفة؛ هبدف حرص األوقاف يف‬
‫اململكة ومجع معلومات شاملة عنها وتقييمها‪ .‬ويتعلق األمر بحرص أعيان األوقاف‪،‬‬
‫أراٍض جتارية‪ ،‬وأخرى سكنية وزراعية‪ ،‬وشقق‪ ،‬ووحدات سكنية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫والتي تتنوع بني‬
‫(‪ ((7‬الشايع سهيل‪ ،‬األوقاف الرقمية وأحكامها الفقهية‪ ،‬مؤسسة ساعي لتطوير األوقاف‪ ،‬الرياض‪1438 ،‬هـ‪2017/‬م‪ ،‬ص‪.32:‬‬
‫(‪ ((7‬مارجريت إيه بودين‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪( ،‬مرجع سابق)‪ ،‬ص‪.14:‬‬

‫‪156‬‬
‫ومراكز جتارية؛ وسيتم تصنيف األوقاف وفق نوعها وموقعها‪ ،‬مش ً‬
‫ريًا إىل أنه بدأ العمل‬
‫يف الرتتيب ملرشوع حرص األوقاف خارج اململكة وأن هناك تنسيق حول هذا املوضوع‬
‫مع اجلهات ذات العالقة(‪.((7‬‬
‫ويعد تصميم نظام قاعدة البيانات املوزعة أمرا أساسيا يف إعامل تقنية لذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫فقاعدة البيانات تطبيقا تلخص عمليات معاجلة البيانات يف النظام‪ ،‬وذلك أمام النمو‬
‫اهلائل يف قدرات توليد البيانات‪ ،‬وتواجه قواعد البيانات متطلبات قياس البيانات‬
‫واحلوسبة عىل نطاق يمكن معاجلته من خالل القياس الرأيس فقط‪ .‬كام يعد القياس‬
‫العمودي أسلو ًًبا يشري إىل التحسينات يف إمكانيات النظام الذي يستضيف تطبيق قاعدة‬
‫بيانات(‪.((8‬‬
‫ويرجح أن يعمل هذا النظام يف جمال األوقاف اإلسالمية عىل جتزئة البيانات املحصورة‬
‫واملوثقة حول األصول الوقفية‪ ،‬والتي يتم تطبيقها عىل نظام قواعد البيانات العالئقية‬
‫لتقسيم العالقات بني مواقع الشبكات‪ .‬كام يعمل عىل ختصيص البيانات‪ ،‬من خالل‬
‫ختزين كل جزء يف املوقع‪ ،‬مع االنتباه إىل كيفية تدبري تكرار البيانات بشكل حيسن أداء‬
‫النظام برمته‪.‬‬
‫ويمكن اعتبار سلسلة الكتل (البلوك تشني ‪ )blockchain‬نسخة حمسنة من تصميم نظام‬
‫قاعدة البيانات املوزعة مع بعض القيود اإلضافية‪ .‬حيث توفر قاعدة البيانات مجيع‬
‫عمليات األربع (اإلنشاء والقراءة والتحديث واحلذف)‪ ،‬بينام تدعم تقنية سلسلة الكتل‬
‫فقط عمليات اإلنشاء والقراءة‪ .‬كام يمكن يف املقابل حتقيق عملية التحديث فيها من‬
‫أيًضا متاحة‪ ،‬ولن تتمكن‬ ‫خالل إحلاق القيم اجلديدة‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬ستظل القيم القديمة ً‬
‫القيم املحدثة اجلديدة من استبدال القيم القديمة(‪.((8‬‬
‫وتعمل سلسلة الكتل من خالل مشاركة املعلومات بشكل شفاف‪ ،‬وختزن قاعدة‬
‫بيانات سلسلة الكتل البيانات يف كتل مرتبطة ببعضها يف سلسلة‪ .‬وتعد البيانات متسقة‬
‫زمن ًًيا ألنه ال يمكن حذف السلسلة أو تعديلها من دون توافق مع الشبكة‪ .‬كام يستخدم‬
‫(‪ ((7‬املوقع الرسمي اإللكرتوين للهيئة العامة لألوقاف ‪https://www.awqaf.gov.sa/ar/media-center‬‬
‫‪(80)Anwer Al-Dulaimi and others, Blockchains, Empowering Technologies and Industrial Applications, The Institute of Electrical and Electro-‬‬
‫‪nics Engineers, Inc, Published by John Wiley & Sons, Inc., Hoboken, New Jersey 2023, p93.‬‬
‫‪(81)Anwer Al-Dulaimi and others, Blockchains, op.cit, p93.‬‬

‫‪157‬‬
‫أسلوب القياس األفقي يف عقد حوسبة متعددة لتوزيع احلمل احلسايب عرب أجهزة‬
‫متعددة‪ .‬بحيث يعد تنفيذ هنج القياس األفقي أبسط نسب ًًيا بالنسبة للتطبيقات عديمة‬
‫احلالة التي تتطلب فقط موازنة حتميل احلساب عرب العقد احلسابية املختلفة(‪.((8‬‬
‫ويبقى التحدي األبرز هو مدى قدرة الذكاء االصطناعي عىل توفري األمان للمتعاملني‪،‬‬
‫من خالل هذه التقنيات‪ ،‬فعندما يتم نقل القيمة من العنارص املادية إىل قاعدة البيانات‪،‬‬
‫جيب أن يكون هناك عنرص الثقة بني األطراف املتعددة املعنية(‪.((8‬‬
‫‪2‬ـ آليات التحليل‬
‫إن تقنية الذكاء االصطناعي تسهل وضع مؤرشات التحليل والتفسري يف كل اخلطوات‬
‫واإلجراءات التي تفتحها مسطرة حرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية‪ ،‬ذلك أنه من‬
‫مساًرا مستقبل ًًيا لألوقاف‪،‬‬
‫ً‬ ‫خالل البيانات التي يتم جتميعها وتصنيفها يمكن أن ترسم‬
‫وحتدد منهجية عملية لقراءة خمتلف الوثائق الوقفية املثبتة هلوية الوقف‪ ،‬إىل جانب‬
‫القدرة االستباقية لفهم سلوك الواقفني واملوقوف عليهم‪.‬‬
‫ويمكن استحضار احلديث عن تقنية التعلم العميق‪ ،‬التي هي شكل من أشكال الذكاء‬
‫االصطناعي مستمد من التعلم اآليل‪ ،‬وترتكز عىل جمموعة من اخلوارزميات تشمل‬
‫عدة تقنيات كالشبكات العصبية االصطناعية والتي حتاكي اخلاليا العصبية يف جسم‬
‫اإلنسان‪ .‬والتي استوحت الشبكات العصبية االصطناعية مبدأها من خالل طريقة‬
‫عمل الدماغ البرشي فهي تتكون من عدة خاليا عصبية اصطناعية مرتبطة ببعضها‬
‫البعض‪ ،‬كلام زاد عددها كلام كانت الشبكة أعمق(‪.((8‬‬
‫إن قدرة الذكـــاء االصطـــناعي عــىل حماكـــاة اإلنســـان يف تفكريه قد فـــاق‬
‫كل املؤرشات املوضوعة من قبل األدوات التقليدية يف فهم سلوم الواقف واملوقوف‬
‫عليه‪ ،‬والغاية من وراء ذلك هو متكني هذه األدوات لتقنية احلديثة عىل اإلبداع يف جعل‬
‫األوقاف تتكلم وتتحدث عن نفسها‪ ،‬وتدافع عن نفسها ضد كل اعتداء أو استنزاف‬
‫أو اندثار‪.‬‬

‫‪(82)Anwer Al-Dulaimi and others, Blockchains, Empowering , op. cit. 2023, p93.‬‬
‫‪(83)Lorne Lantz and Daniel Cawrey , Mastering Blockchain. op. cit. p2‬‬
‫(‪ ((8‬موسى عبد اهلل‪ ،‬وبالل أمحد‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬املجموعة العربية للتدريب والنرش‪ ،‬دار الكتب املرصية‪ ،‬القاهرة‪ ،2019 ،‬ص‪.25 :‬‬

‫‪158‬‬
‫ثانًيً ا‪ :‬خوارزميات الذكاء االصطناعي‬
‫ينظر إىل اخلوارزميات عىل أهنا أرسع وأفضل وأقوى من البرش‪ ،‬فالبرش عرضة لألخطاء‬
‫والفوىض وتقلب املزاج‪ .‬أما اخلوارزميات فتعمل بشكل متعارض مع بعضها البعض‪،‬‬
‫وتصبح الثقافة اخلوارزمية موق ًًعا يؤدي فيه عدم توافقها إىل طريق مسدود باإلضافة إىل‬
‫نقاط انقطاع منتجة‪ .‬إن اخلوارزميات ليست األوىل‪ ،‬ومن املرجح أال تكون األخرية‬
‫من بني االبتكارات التكنولوجية التي هتدف إىل تسخري الثقافة وترويضها وحساهبا‬
‫والتنبؤ هبا‪ .‬إهنا جزء من سلسلة نسب أكرب لتقنيات القياس الكمي التي ظهرت يف‬
‫القرن التاسع عرش مع ختصصات مثل علم فراسة الدماغ والقياسات البرشية‪ .‬إهنم‬
‫ًال عن‬ ‫ٍ‬
‫متساٍو يف التحول الثقايف نحو اختزال الناس إىل أرقام‪ ،‬فض ً‬ ‫يستثمرون بشكل‬
‫رفع املنطق الثنائي للحوسبة والرقمنة‪ .‬لذلك‪ ،‬يف تتبع التطور األحدث للحوسبة‪ ،‬من‬
‫املهم استكشاف الطرق التي متيز هبا الثقافة اخلوارزمية عام ظهر يف أوائل العقد األول‬
‫من القرن احلادي والعرشين باسم «الثقافة الرقمية»(‪.((8‬‬
‫‪1‬ـ خوارزميات التصنيف‬
‫وتعد خوارزميات التصنيف إحدى خوارزميات الذكاء االصطناعي‪ ،‬والتي تقوم‬
‫بتصنيف وحتليل البيانات وفق مصفوفة من النامذج املعدة سلفا‪ ،‬ووفق تقنيات الرصد‬
‫والتحليل واستقراء االحتامالت املمكن حدوثها‪ ،‬حيث تعمل هذه اخلوارزميات عىل‬
‫إدخال املعطيات املتعلقة بالوقف‪ ،‬وحتديد صنف بمعايري معينة‪ ..‬ويف ضوء ذلك يتم‬
‫افرتاض كل االحتامالت املتوقعة بخصوص هذا الوقف‪ ،‬عىل سبيل املثال‪ ،‬عائده‬
‫وريعه‪ ،‬وتقسيمه عىل املنتفعني به‪ ،‬والتغريات املحتمل حدوثها عىل بنية املنتفعني به‪،‬‬
‫وكذا العمر االفرتايض للوقف‪ ،‬وإسهامه املحتمل يف التمويل اإلسالمي للمرشوعات‬
‫التنموية‪ ،‬وتعتمد هذه اخلوارزميات يف تنبؤاهتا عىل بيانات سابقة تستخدمها للقيام‬
‫بالتنبؤ‪.‬‬
‫وتعمل اخلوارزميات وفق رموز وشفرات يتم حتديدها مسب ًًقا‪ ،‬وتراعي ذلك خصوصية‬
‫األوقاف اإلسالمية‪ ،‬واإلشكاالت امللحوظة عىل مستوى حرصها وتوثيقها‪ ،‬بحيث‬
‫‪(85) Stefka Hristova, Soonkwan Hong, and Jennifer Daryl Slack, Algorithmic Culture How Big Data and Artificial Intelligence Are Transfor-‬‬
‫‪ming Everyday Life, Published by Lexington Books , The Rowman & Littlefield Publishing 2021, p2.‬‬

‫‪159‬‬
‫يتم تصميمها ملحاكاة اإلدراك البرشي‪ ،‬وطبيعة املعلومات واحلكم واختيار القرار‪،‬‬
‫وذلك من خالل جمموعة من املسارات‪ ،‬من أبرزها‪ :‬املسار اخلوارزمي املناسب‪ ،‬ومسار‬
‫الدليل اخلوارزمي احلاكم‪ ،‬واملسار اخلوارزمي التحلييل‪ ،‬واملسار اخلوارزمي التعدييل‪،‬‬
‫واملسار اخلوارزمي املبني عىل القيمة‪.‬‬
‫ففي تناول الذكاء االصطناعي لقطاع األوقاف‪ ،‬يرجح أن تكون التصنيفات شاملة‬
‫لنوع وطبيعة وثيقة تأسيس الوقف‪ ،‬ونوعية الوقف‪ ،‬واجلهة الواقفة‪ ،‬واجلهة ملوقوف‬
‫عليها‪ ،‬ونوعية وقيمة العائد املتوقع منه‪ ،‬كام يمكن إحداث تصنيف متعلق بالصور‪،‬‬
‫والتواريخ‪ ،‬واجلهة املكلفة بتدبريه وإدارته‪.‬‬
‫‪2‬ـ الخوارزميات التكيفية‬
‫تعترب التقنيات الذكية هي أساس عامل املعلومات‪ ،‬حيث يتم إحداث كائنات مماثلة‬
‫حتاول التكيف مع بيئة جديدة‪ ،‬والتي تشمل مزجيا من املكونات التناظرية والرقمية‪.‬‬
‫وعليه تعد اخلوارزميات التكيفية نوعا من اخلوارزميات التي تعمل عىل التكيف مع‬
‫البيانات‪ ،‬وإظهار قدرة ومرونة يف تعديل االستجابات البيانات املعاجلة وفق ًًا لكيفية‬
‫تغري بيئتها‪ ،‬عىل النقيض من اخلوارزميات احلتمية‪ ،‬ذلك أهنا خوارزميات تقوم بتغيري‬
‫سلوكها وقت تشغيلها‪ ،‬استناد ًًا إىل املعلومات املتوفرة‪ ،‬وعىل معايري ومصفوفة من‬
‫امليزات املحددة سلفا‪.‬‬
‫ويف جمال األوقاف اإلسالمية‪ ،‬تعطى أولوية خاصة للخوارزميات لتتكيف مع‬
‫خصوصية الوقف وصفته الدينية‪ ،‬وقابلية األفراد واهليئات لإلقبال عليه‪ .‬وهذا ما‬
‫سيجعل هذا املجال يبتعد عن عملية التالعب اخلوارزمي‪ ،‬وهي ظاهرة مكثفة ومنترشة‬
‫يف كل مكان يف الثقافة اخلوارزمية‪ .‬عند حتويل كائن ما إىل شكل رقمي‪ ،‬تتم عمليتان‬
‫مهمتان‪ :‬أوًالً‪ ،‬يتم أخذ عينات من املستند عىل فرتات منتظمة إلنشاء شبكة من وحدات‬
‫«البكسل» لتمثيل صورة رقمية؛ وثاني ًًا‪ ،‬يتم تعيني قيمة عددية لكل عينة‪ .‬هذه التقنية‬
‫هي بطبيعتها رسم خرائط‪ ،‬حيث يتم اختزال الواقع التناظري املستمر إىل جمموعة من‬
‫اإلحداثيات املوضوعة عىل شبكة ثابتة مكان ًًيا‪ .‬يف هذه املرحلة‪ُُ ،‬يفهم الواقع عىل أنه‬
‫مستمر؛ بينام الكائن الرقمي عبارة عن جمموعة من اإلحداثيات‪ .‬وهذه العملية‪ ،‬يتم‬

‫‪160‬‬
‫عكسها الح ًًقا وتنعكس مرة أخرى(‪.((8‬‬
‫وتظهر أمهية إعامل اخلوارزميات التكيفية للذكاء االصطناعي يف حرص وتوثيق األوقاف‬
‫اإلسالمية من خالل نوعية األصول الوقفية‪ ،‬ففي حالة «األوقاف املعنوية» تربز بعض‬
‫الصعوبات يف قدرة هذه اخلوارزميات عىل التكيف بخالف األوقاف املادية؛ العقارية‬
‫واملنقولة‪ ،‬ويف جتربة اململكة املغربية‪ ،‬نصت املادة ‪ 16‬من مدونة األوقاف عىل أنه‪« :‬جيوز‬
‫وقف العقار واملنقول وسائر احلقوق األخرى»‪ ،‬وهذا يؤكد انفتاح مدونة األوقاف عىل‬
‫عدة صيغ يمكن اعتامدها دون أن تثري أي إشكال رشعي‪ ،‬أو تنظيمي‪ ،‬وقد ذهب‬
‫املعيار الرشعي للوقف إىل أنه «جيــوز وقــف احلقوق املعنويــة املباحــة؛ كوقف حق‬
‫التأليف‪ ،‬أو براءة االخرتاع للتصدق بريعها أو منفعتها»(‪((8‬ـ والتكيف املطلوب هو‬
‫تقدير خصوصية هذا النوع من األوقاف والتي بدأت تفرض نفسها بقوة وسط مجهور‬
‫الواقفني‪ ،‬ومن أبرزها‪:‬‬
‫ـ وقف حقوق المؤلف‪ ،‬وحق املؤلف مصطلح قانوين‪ ،‬وهو حق يطلق عىل احلقوق‬
‫املمنوحة للمؤلف يف إنتاجه األديب والعلمي والفني‪ ،‬وتشمل هذه احلقوق مجيع‬
‫اإلنتاجات املعتربة يف التأليف‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬ومنها‪ :‬الكتب واملوسيقى واللوحات الزيتية‬
‫واملنحوتات واألفالم والربامج احلاسوبية وقواعد البيانات واإلعالنات واخلرائط‬
‫اجلغرافية والرسوم التقنية‪...‬ومادامت هلذه احلقوق عوائد مالية‪ ،‬فيمكن حتبيسها لفائدة‬
‫مشاريع استثامرية وقفية‪.‬‬
‫ـ وقف براءة االختراع‪ ،‬وهي سند امللكية الصناعية الذي حيمي االبتكار التقني‪ .‬وتدخل‬
‫يف إطار محاية امللكية الصناعية عىل املستوى الوطني‪.‬‬
‫سلَع أو خدمات رشكة‬ ‫ـ وقف العالمات التجارية‪ ،‬والعالمة التجارية هي إشارة متيز َ‬
‫عن سلع أو خدمات سائر الرشكات‪ ،‬وهي التي يستخدمها التجار يف متييز املنتجات‬
‫التي يقومون ببيعها بعد رشائها سواء من تاجر اجلملة‪ ،‬أو من املنتج مبارشة برصف‬
‫النظر عن مصدرها‪ ،‬فالعالمة التجارية تشري إىل مصدر البيع‪ ،‬ويشعر املستهلكون‬

‫‪(86) Stefka Hristova, Algorithmic Culture op.cité,.p30‬‬


‫(‪ ((8‬املعيار الرشعي للوقف‪( ،‬رقم‪ ،)60‬تاريخ اإلصدار ‪2019/3/7‬م‪ ،‬هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسالمية(‪ ،)AAOIFI‬رشكة‬
‫إدارة استثامر املستقبل املحدودة‪ ،‬الرياض‪1441 ،‬هـ‪ ،‬ص‪.1396 :‬‬

‫‪161‬‬
‫باالطمئنان للسلع التي حتملها عالمة متيزها عن غريها من مثيالهتا التي ال حتمل أية‬
‫إشارة أو عالمة متيزها(‪.((8‬‬

‫(‪ ((8‬الغويري عبد اهلل سليامن‪ ،‬العالمة التجارية ومحايتها‪ ،‬دار الفالح للنرش والتوزيع‪ ،‬األردن‪2008 ،‬م‪ ،‬ص‪.92:‬‬

‫‪162‬‬
‫الخاتمة‬
‫إن اهتامم اإلدارة الوقفية وانفتاحها عىل أحدث التطبيقات والتقنيات الذكية سيسهم‬
‫يف حتقيق دورة استئنافية جديدة لقطاع األوقاف‪ ،‬وذلك من حيث اسهام إدماج الذكاء‬
‫االصطناعي يف حرص وتوثيق األوقاف هبدف حوكمة تدبري القطاع الوقفي‪ ،‬وتنمية‬
‫أصوله وتنويع عوائده‪ ،‬وتشجيع وحتفيز الواقفني‪ ،‬وبناء الثقة املؤسساتية‪ ،‬وتوسيع‬
‫قاعدة الشفافية بني إدارة الوقف واملتعاملني معها‪ .‬كام يمكن إدماج الوقف بكافة‬
‫أنواعه‪ ،‬وحرص وضعيته وتوثيقه يف إطار الوقف العام واملشرتك‪ ،‬إىل جانب تعزيز‬
‫التفاعلية والتواصلية‪ ،‬ومتكني اإلدارة الوقفية من احلضور يف عامل اإلنرتنيت‪ ،‬وخمتلف‬
‫املساحات والتطبيقات الذكية لتحقيق القرب بني األوقاف واملتعاملني معها‪.‬‬
‫ونظرا ألمهية منافع األصول الوقفية‪ ،‬وخصوصا‪ ،‬األصول املعنوية‪ ،‬يف حتصيل عوائد‬
‫مالية‪ ،‬إال أن االستثامر فيها تتخللها فكرة املخاطرة؛ من شأهنا أن توقف هذه املنافع‪،‬‬
‫وتقطع عائدها‪ ،‬ويدخل يف ذلك «انتهاء الزمن املحدد قانونا حلامية احلقوق املوقوفة‪،‬‬
‫كحق التأليف وحق االخرتاع‪ ،‬وتعرض األسهم التجارية إىل انخفاض قيمتها‪ ،‬أو‬
‫منافسة السلع التي هلا عالمة جتارية وتدين جودهتا‪.‬‬
‫إن االهتامم هبذه الصيغ اجلديدة وإدراجها يف املنظومة االستثامرية الوقفية ليعد عالمة‬
‫مشجعة لكل رشائح املجتمع واملؤسسات العامة واخلاصة والرشكات واملقاوالت يف‬
‫اإلقبال عىل التحبيس‪ ،‬فضال عن انخراط الدولة ومؤسساهتا يف تقوية األصول الوقفية‬
‫املوجهة لالستثامر‪.‬‬
‫إن حقيقة الرهانات املطروحة اليوم أمام السيل اجلارف الراغب يف استنزاف األصول‬
‫الوقفية والقضاء عليها‪ ،‬حتتم اإلرساع بالدخول إىل ورش الذكاء االصطناعي؛ لقدرته‬
‫اخلارقة عىل تثبيت وتوثيق األصول الوقفية‪ ،‬حتى ال متتد إليها أيادي املعتدين عليها‪،‬‬
‫واملستنزفني خلرياهتا ومنافعها‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫الئحة المراجع‬
‫‪1 .‬ابن عاشور الطاهر‪ ،‬مقاصد الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬حتقيق ابن اخلوجة حممد‪،‬‬
‫وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬قطر ‪1425‬هـ‪2004/‬م‪.‬‬
‫‪2 .‬ابن عرفة أبو عبد اهلل‪ ،‬املخترص الفقهي البن عرفة‪ ،‬حتقيق‪ :‬حافظ عبد‬
‫الرمحن‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬مؤسسة خلف أمحد اخلبتور لألعامل اخلريية‪،‬‬
‫‪1435‬هـ‪2014/‬م‪.‬‬
‫‪3 .‬ابن عطية األندليس‪ ،‬املحرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية قطر‪1436 ،‬هـ‪2015/‬م‪.‬‬
‫‪4 .‬ابن كثري أبو الفداء إسامعيل‪ ،‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حسني شمس‬
‫الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬منشورات حممد عيل بيضون‪،‬‬
‫بريوت‪1419 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪5 .‬أبو الربكات النسفي‪ ،‬كنز الدقائق يف الفقه احلنفي كتاب الوقف‪ ،‬حتقيق‪ :‬بكداش‬
‫سائد‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية بريوت‪1432 ،‬هـ‪2011/‬م‪.‬‬
‫‪6 .‬أمحني عبد احلكيم‪ ،‬اهلويات االفرتاضية يف املجتمعات العربية‪ ،‬أي دور‬
‫ملواقع التواصل االجتامعي يف تشكيل اهلوية؟ الطبعة األوىل‪ ،‬مطبعة األمنية‪،‬‬
‫منشورات دار األمان‪ ،‬الرباط‪2017 ،‬م‪.‬‬
‫‪7 .‬األزهري أبو منصور‪ ،‬هتذيب اللغة‪ ،‬حتقيق حممد عوض مرعب‪ ،‬دار إحياء‬
‫الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪8 .‬اصبيحي عبد الرزاق‪ ،‬دراسة قانونية لعرش قضايا إشكالية يف مدونة األوقاف‬
‫املغربية‪ ،‬ومقارنتها ببعض الترشيعات العربية‪( ،‬صص‪ ،)48/15‬جملة أوقاف‪،‬‬
‫عدد ‪ ،22‬السنة ‪1433 ،13‬هـ‪2012/‬م‪.‬‬
‫‪9 .‬األمانة العامة لألوقاف مدونة أحكام الوقف الفقهية‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪ 1439‬هـ‪ 2017/‬م‪.‬‬
‫ ‪10.‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬نرش وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬قطر‪1436 ،‬هـ‪2015/‬م‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫ ‪11.‬بن بيه املحفوظ عبد اهلل بن الشيخ‪ ،‬إعامل املصلحة يف الوقف‪ ،‬سبيل االستثامر‬
‫الناجح لألوقاف ومضاعفة أجور الواقفني‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬مؤسسة الريان‬
‫للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬بريوت‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫ ‪12.‬بنعبد اهلل حممد‪ ،‬ناظر الوقف‪ ،‬جملة دعوة احلق‪ ،‬عدد ‪ 267‬صفر ‪1408‬هـ‬
‫شتنرب‪-‬أكتوبر ‪1987‬م‪.‬‬
‫ ‪13.‬البيومي غانم ابراهيم‪ ،‬جتديد الوعي بنظام الوقف اإلسالمي‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫دار البشري للثقافة والعلوم للنرش والتوزيع‪1437 ،‬هـ‪2016/‬م‪.‬‬
‫ ‪14.‬التلمساين أبو إسحاق‪ ،‬اللمع يف الفقه املالكي‪ ،‬حتقيق‪ :‬رشيف املريس‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪ ،‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬القاهرة‪1432 ،‬هـ‪2011/‬م‪.‬‬
‫ ‪15.‬اجلمل حسن عز الدين‪ ،‬معجم وتفسري لغوي لكلامت القرآن‪ ،‬اهليئة املرصية‬
‫العامة للكتاب‪ ،‬مرص‪ ،‬الطبعة األوىل‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫ ‪16.‬اجلواهري عبد اللطيف (وايل بنك املغرب)‪ ،‬التحول الرقمي فرص وخماطر‬
‫الـــتكنولوجيا املالية‪ ،‬تنفيذ برنامج بايل للتكنولوجيا املالية”‪ ،‬كلمة يف اجللسة‬
‫االفتتاحية للمؤمتر اإلقليمي إلفريقيا والرشق األوسط الذي نظمه بنك‬
‫املغرب برشاكة مع صندوق النقد الدويل حول التحول الرقمي وتنفيذ برنامج‬
‫بايل للتكنولوجيا املالية‪ ،‬يوم ‪2019/3/13‬م‪ ،‬بالرباط‪ ،‬ص‪ .3:‬كلمة منشورة‬
‫عىل املوقع الرسمي لبنك املغرب‪/http://www.bkam.ma .‬‬
‫ ‪17.‬اجليدي عمر‪ ،‬العرف والعمل يف املذهب املالكي‪ ،‬مطبعة فضالة املحمدية‪،‬‬
‫‪1404‬هـ‪1984/‬م‪.‬‬
‫ ‪18.‬الراشدي سعيد‪ ،‬اإلدارة بالشفافية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار كنوز املعرفة للنرش‬
‫والتوزيع‪2007 ،‬م‪.‬‬
‫ ‪19.‬رشيد رضا حممد‪ ،‬تفسري القرآن احلكيم تفسري املنار‪ ،‬نرش اهليئة املرصية العامة‬
‫للكتاب ‪.1990‬‬
‫ ‪20.‬الركايب كاظم‪ ،‬اإلدارة االسرتاتيجية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار وائل للنرش والتوزيع‪،‬‬
‫‪2004‬م‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫ ‪21.‬الريسوين أمحد‪ ،‬نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطبي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الدار‬
‫العاملية للكتاب اإلسالمي‪1412 ،‬هـ‪1992/‬م‪.‬‬
‫ ‪22.‬الزخمرشي جار اهلل أبو القاسم‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬حتقيق حممد باسل عيون السود‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪1419 ،‬هـ‪1998/‬م‪.‬‬
‫ ‪23.‬السدحان عبد اهلل‪ ،‬االندثار القرسي لألوقاف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مطبوعات‬
‫اإلدارة العامة لألوقاف دولة قطر‪1433 ،‬هـ‪2012/‬م‪.‬‬
‫ ‪24.‬السند عبد الرمحن‪ ،‬مكافحة وسائل اإلرهاب اإللكرتوين‪ ،‬حكمها يف اإلسالم‬
‫وطرق مكافحتها‪ ،‬املؤمتر العاملي عن موقف اإلسالم من اإلرهاب‪ ،‬جامعة‬
‫اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪1425 ،‬هـ‪2004 /‬م‪.‬‬
‫ ‪25.‬الشايع سهيل‪ ،‬األوقاف الرقمية وأحكامها الفقهية‪ ،‬مؤسسة ساعي لتطوير‬
‫األوقاف‪ ،‬الرياض‪1438 ،‬هـ‪2017/‬م‪.‬‬
‫ ‪26.‬الشيباين عبد القادر وضويان إبراهيم‪ ،‬املعتمد يف فقه اإلمام أمحد‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪1414 ،‬هـ‪1994/‬م‪.‬‬
‫ ‪27.‬صديق خان حممد‪ ،‬فتح البيان يف مقاصد القرآن‪ ،‬توزيع املكتبة العرصية للطباعة‬
‫والنرش‪َ ،‬صيدَ ا‪َ ،‬بريوت‪1412 ،‬هـ‪1992/‬م‪.‬‬
‫ ‪28.‬صالح الدين عامر‪ ،‬أنظمة الدفع اإللكرتوين املعارص غري االئتامين يف الفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬أطروحة دكتوراة‪ ،‬كلية الرشيعة والقانون‪ ،‬جامعة أم درمان‬
‫اإلسالمية السودان‪ ،‬العام اجلامعي‪ 1433 :‬هـ ‪ 2012 /‬م‪.‬‬
‫ ‪29.‬الطربي‪ ،‬ابن جرير‪ ،‬تفسري الطربي جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار هجر للطباعة والنرش‬
‫والتوزيع واإلعالن ‪.2001/1422‬‬
‫ ‪30.‬عكرمة سعيد صربي‪ ،‬الوقف اإلسالمي بني النظرية والتطبيق‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫دار النفائس للنرش والتوزيع‪ ،‬األردن‪1432 ،‬هـ‪2011/‬م‪.‬‬
‫ ‪31.‬العلمي احلراق‪ ،‬التوثيق العديل بني الفقه املالكي والتقنني املغريب وتطبيقاته يف‬
‫مدونة األرسة‪ ،‬مطبعة دار السالم للطباعة والنرش‪ ،‬الرباط‪-‬الطبعة‪.2013 ،‬‬

‫‪166‬‬
‫ ‪32.‬الغويري عبد اهلل سليامن‪ ،‬العالمة التجارية ومحايتها‪ ،‬دار الفالح للنرش‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫ ‪33.‬الفاتح حممد بشري‪ ،‬متويل ومؤسسات مالية‪ ،‬دار اجلنان للنرش والتوزيع‪ ،‬عامن‪،‬‬
‫‪2014‬م‪.‬‬
‫ ‪34.‬الفراهيدي أبو عبد الرمحن‪ ،‬كتاب العني‪ ،‬حتقيق مهدي املخزومي‪ ،‬وإبراهيم‬
‫السامرائي‪ ،‬دار ومكتبة اهلالل‪.‬‬
‫ ‪35.‬الفريوزآبادي‪ ،‬القاموس املحيط‪ ،‬الطبعة الثامنة‪ ،‬مؤسسة الرسالة للطباعة‬
‫والنرش والتوزيع بريوت‪1426 ،‬هـ‪2005/‬م‪.‬‬
‫ ‪36.‬قانة الطاهر‪ ،‬املصارف اإلسالمية ودورها يف رفع الكفاءة االنتاجية للملكية‬
‫الوقفية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار اخلليج عامن‪ ،‬األردن‪2018 ،‬م‪.‬‬
‫ ‪37.‬القانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪ 2021‬بشأن الوقف بدولة قطر‪ ،‬اجلريدة الرسمية‬
‫القطرية‪ :‬العدد‪ 10:‬تاريخ النرش ‪2021/8/8‬م‪.‬‬
‫ ‪38.‬قحف منذر‪ ،‬الوقف اإلسالمي‪ ،‬تطوره‪ ،‬إدارته‪ ،‬تنميته‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار‬
‫الفكر املعارص بريوت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪1421،‬هـ‪2000/‬م‪.‬‬
‫ ‪39.‬القرطبي أبو عبد اهلل‪ ،‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬الربدوين أمحد وأطفيش‬
‫إبراهيم‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الكتب املرصية‪ ،‬القاهرة‪1384 ،‬هـ‪1964 /‬م‪.‬‬
‫ ‪40.‬مارجريت إيه بودين‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬ترمجة سند أمحد إبراهيم‪ ،‬نرش‬
‫هنداوي ‪2022‬م‪.‬‬
‫ ‪41.‬متكل مصطفى‪ ،‬عقود الصيانة يف الفقه اإلسالمي وتطبيقاهتا املعارصة‪،‬‬
‫أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة القايض عياض‪،‬‬
‫مراكش‪2011 ،‬م‪2012/‬م‪.‬‬
‫ ‪42.‬خمتار أمحد عبد احلميد‪ ،‬معجم اللغة العربية املعارصة‪ ،‬دار النرش عامل الكتب‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪1429 ،‬هـ‪2008/‬م‪.‬‬
‫ ‪43.‬املزروعي موزة‪ ،‬االخرتاقات اإللكرتونية خطر كيف نواجهه‪ ،‬جملة آفاق‬
‫اقتصادية‪ ،‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬عدد‪ ،9‬سبتمرب ‪2000‬م‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫ ‪44.‬املعيار الرشعي للوقف‪( ،‬رقم‪ ،)60‬تاريخ اإلصدار ‪2019/3/7‬م‪ ،‬هيئة‬
‫املحاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسالمية(‪ ،)AAOIFI‬رشكة إدارة‬
‫استثامر املستقبل املحدودة‪ ،‬الرياض‪1441 ،‬هـ‪.‬‬
‫ ‪45.‬املنيس وليد عبداهلل‪ ،‬اخلصائص العامة لوثائق الوقف الكويتية‪ ،‬حتليل عام‪،‬‬
‫األمانة العامة لألوقاف‪ ،‬جممع دسامن‪ ،‬الكويت‪ ،‬مجادى اآلخرة ‪ 1416‬هـ‪،‬‬
‫نوفمرب ‪1995‬م‪.‬‬
‫ ‪46.‬موسى عبد اهلل‪ ،‬وبالل أمحد‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬املجموعة‬
‫العربية للتدريب والنرش‪ ،‬دار الكتب املرصية‪ ،‬القاهرة‪2019 ،‬م‪.‬‬
‫ ‪47.‬النسائي‪ ،‬السنن الكربى‪ ،‬حتقيق‪ :‬شلبي حسن‪ ،‬كتاب‪ :‬األحباس‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪1421 ،‬هـ‪2001/‬م‪،‬‬
‫ ‪48.‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي ‪ ،SDAIA‬التقنيـات احلـديثة‬
‫املعتمدة عىل البيانات والذكـــاء االصطـنـــاعي‪ ،‬يناير‬
‫ ‪49.‬اهليئة العامة لألوقاف املوقع الرسمي اإللكرتوين ‪https://www.awqaf.gov.‬‬
‫‪sa/ar/media-center‬‬
‫ ‪50.‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬املوسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬دار السالسل‪ ،‬الكويت‪1427 ،‬هـ‪2006/‬م‪.‬‬
‫ ‪51.‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬مدونة األوقاف املغربية‪ ،‬اجلريدة‬
‫الرسمية املغربية‪ ،‬عدد‪ 5847‬بتاريخ فاتح رجب ‪1431‬هـ ‪2010/6/14‬م‪.‬‬
‫ ‪52.‬يعقويب عامد‪ ،‬إسهام تقنيات اإلعالم واالتصال يف حتسني العالقة بني اإلدارة‬
‫واملواطنني‪ ،‬أطروحة دكتوراه يف القانون العام‪ ،‬جامعة حممد األول‪ ،‬وجدة‪/‬‬
‫املغرب‪2005 ،‬م‪2006/‬م‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫مراجع بلغة أجنبية‬
1. Anwer Al-Dulaimi and others, Blockchains, Empowering Technologies
and Industrial Applications, The Institute of Electrical and Electronics
Engineers, Inc, Published by John Wiley & Sons, Inc., Hoboken, New
Jersey 2023.
2. E.V.K. FITZGERALD, Public sector investment planning for developing
contries, Higher and Further Education Division , MACMILLAN
PUBLISHERS LTD, London.
3. Eli M. Noam , Who Owns the World’s Media? Media Concentration and
Ownership around the World, Oxford University Press 2016.
4. Hanna Samir Kassab Jonathan D. Rosen, ILLicit Markets, Organized
Crime and Global Security, Palgrave Macmillan, Springer International
Publishing 2019.
5. Lorne Lantz and Daniel Cawrey, Mastering Blockchain. Published by
O’Reilly Media .First Edition United States of America.2021.
6. Norman J.Medoff, and Barbara K.Kaye, Electronic Media: Then, Now,
and Later, Third Edition, Routledge2017.
7. Stamatina Th. Rassia Panos M. Pardalos, Cities for Smart Environmental
and Energy Futures, Impacts on Architecture and Technology, Springer-
Verlag Berlin Heidelberg, 2014.
8. Stefka Hristova, Soonkwan Hong, and Jennifer Daryl Slack, Algorithmic
Culture How Big Data and Artificial Intelligence Are Transforming
Everyday Life, Published by Lexington Books , The Rowman & Littlefield
Publishing 2021.

169
‫تطوير املنتجات املالية اإلسالمية من خالل تقنية‬
‫معاجلة اللغة الطبيعية‪ :‬الفرص والتحديات‬
‫د‪ .‬فضل عبد الكريم البشري‬
‫أستاذ االقتصاد والتمويل اإلسالمي املشارك‬
‫جامعة امللك عبد العزيز‪ -‬معهد االقتصاد اإلسالمي‬
‫المستخلص‪:‬‬
‫هيدف هذا البحث إىل استخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية (‪Natural Language )NLP‬‬
‫‪ :Processing‬يف تطوير املنتجات املالية اإلسالمية ؛وألجل حتقيق اهلدف تم الرتكيز‬
‫عىل املحاور الرئيسة ؛ كتاريخ تطور تقنية معاجلة اللغة واستخدامها يف قطاع التمويل‪،‬‬
‫وتطوير املنتجات املالية اإلسالمية عرب هذه التقنية‪ ،‬واألدوات والربامج املطلوب‬
‫توافرها لتطبيقها‪ ،‬واستخدامها يف حتسني التواصل مع العمالء‪ ،‬ورفع مستوى التعليم‬
‫والتوعية بمنتجات التمويل اإلسالمي لفهمها بشكل أفضل‪ ،‬وحتسني اإلفصاح املايل‬
‫والترشيعات املتعلقة هبذه املنتجات‪ .‬كام يتناول البحث بالتحليل والدراسة استخدام‬
‫هذه التقنية يف حتليل النصوص الرشعية والفتاوى‪ ،‬وحتويلها إىل بيانات قابلة للتحليل‬
‫للتأكد عن مدى تطابق وتوافر األحكام الرشعية يف هذه املنتجات‪ ،‬واستعراض الفرص‬
‫املتاحة الستغالهلا‪ ،‬والتحديات التي تواجه استخدامها‪ .‬وتستخدم الدراسة املنهج‬
‫االستقرائي لتتبع كيفية تطوير هذه املنتجات املالية عرب هذه التقنية‪ ،‬وحتليلها للوصول‬
‫إىل نتائج يمكن تعميمها‪ .‬وقد خلص البحث إىل جمموعة من التوصيات أمهها‪ :‬رضورة‬
‫استخدام تقنية (‪ )NLP‬يف تطوير املنتجات املالية اإلسالمية؛ وحتسني تسويقها‪ ،‬وتوفري‬
‫التدريب والتعليم املناسب للموظفني يف املؤسسات املالية اإلسالمية الستخدامها‬
‫بشكل فعال‪.‬‬
‫الكلمات الدالة‪ :‬تطوير املنتجات املالية اإلسالمية‪ ،‬تقنية اللغة الطبيعية (‪،)NLP‬‬
‫التواصل مع العمالء‪ ،‬حتليل النصوص الرشعية‪ ،‬اإلفصاح املايل‪.‬‬

‫‪172‬‬
Enhancing Islamic Financial Products through Natural
Language Processing Opportunities and Challenges

Abstract:
This research focuses on harnessing the power of Natural Language Processing
(NLP) technology to advance Islamic financial products. It explores various
significant aspects, including the historical evolution and application of NLP
in the finance sector. The primary objective is to enhance Islamic financial
products by leveraging this technology. The study investigates the use of NLP in
analyzing legal texts and fatwas, to transforming into analyzable data to ensure
compliance with Shariah principles. Additionally, it provides a comprehensive
overview of the available opportunities for utilizing NLP in Islamic finance, as
well as the challenges that may arise during its implementation. Employing an
inductive methodology, the research tracks the development of these financial
products through NLP technology and derives generalizable findings. The
study concludes with several recommendations, emphasizing the importance
of employing NLP in the development of Islamic financial products,
improving their marketing strategies, and providing appropriate training and
education for employees in Islamic financial institutions to effectively harness
the potential of this technology.
Keywords: Islamic financial product development, Natural Language
Processing (NLP), Customer engagement, Analysis of legal texts, financial
disclosure.

173
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬اإلطار العام للبحث‬
‫‪ 1-1‬المقدمة‬
‫لئن تعددت معاين تطوير املنتجات املالية وتشعبت مفاهيمها‪ ،‬يظل االبتكار واإلبداع‬
‫أبرز هذه املعاين‪ ،‬ويرى االقتصادي األمريكي احلائز عىل جائزة نوبل يف االقتصاد يف‬
‫‪1997‬م روبرت مريتون أن الذي يعول عليه يف قياس االبتكار املايل هو تأثريه عىل فعالية‬
‫النظام املايل؛ وليس حداثته‪ ،‬وأن قوة اهلندسة املالية ال جيب أن تعرف بنامذجها الرياضية‬
‫املعقدة‪ ،‬وإنام من خالل ما تضيفه من مرونة إدارية واقتصادية تقدمها ملستخدميها‪،‬‬
‫وبذلك يكون االبتكار املايل وثيق الصلة بجمهور عريض وليس بفئة معينة (رضوان‪،‬‬
‫‪2005‬م‪ ،‬ص ‪)83‬‬
‫ُُيعد تصميم وتطوير املنتجات املالية واحًدً ا من أهم التحديات التي تواجه صناعة‬
‫اخلدمات املالية اإلسالمية خاصة يف ظل توسعها وانتشارها حول العامل‪ .‬ولعل ما‬
‫طرحته هذه املؤسسات املالية من منتجات جديدة المست رغبات العمالء‪ ،‬وحققت‬
‫رئيًسا يف هذا االنتشار‪ .‬وحُيح مد لبعض املؤسسات املعنية‬
‫جز ًًء من أشواقهم كان سب ًًبا ً‬
‫بصناعة اخلدمات املالية اإلسالمية أهنا فطنت ألمهية تطوير هذه املنتجات منذ وقت‬
‫باكر‪ ،‬فعقدت له املؤمترات والندوات العلمية‪ ،‬واستنهضت مهم الباحثني‪ ،‬واملهتمني‬
‫للبحث والتأليف‪ .‬وخري شاهد عىل هذا القول اجلهود املقدرة للبنك اإلسالمي للتنمية‬
‫مركًزا لتطوير‬
‫الذي يعد من أوىل املؤسسات الداعمة هلذا التوجه بشكل كبري‪ ،‬حيث أنشأ ً‬
‫املنتجات املالية اإلسالمية‪.‬‬
‫وعىل الرغم من تلك اجلهود وغريها؛ فام زال األمر عص ًًيا عىل املطورين املاليني‪ ،‬وحيتاج‬
‫إىل تضافر جهود املؤسسات املعنية بتطوير الصناعة املالية‪ ،‬كام حيتاج يف الوقت نفسه‬
‫إىل جهود الباحثني إلعداد بحوث جادة ورصينة‪ ،‬ودراسات معمقة‪ ،‬عىل الرغم من‬
‫الصعوبات اجلمة التي حتيط هبذا احلقل من املعرفة‪ ،‬الناجتة من حاجته لإلملام بعدة‬
‫ختصصات جتمع بني اهلندسة املالية والقانون واملحاسبة والعلوم الرشعية‪ ،‬مما يعقد من‬
‫مهمة املهندسني املاليني‪.‬‬
‫يقتيض تطوير منتجات مالية إسالمية حزمة من املتطلبات؛ أبرزها رضورة االستفادة‬

‫‪174‬‬
‫من التقنية املالية واألفكار والتقنيات اجلديدة‪ ،‬وتدريب وتأهيل مهندسني ماليني؛‬
‫وتزويدهم بجرعات عالية من الفقه واالقتصاد‪ ،‬إضافة إىل دراسات ترصد وحتلل‬
‫البحوث العلمية التي تناولت هذا احلقل من املعرفة؛ لإلفادة منها يف رسم معامل املستقبل‬
‫هلذه املنتجات‪.‬‬
‫ويف هذا الســــياق‪ ،‬يمكن لقطاع املال اإلسالمي أن يستفيد يف عملية التطوير‬
‫بشكل كبري من الذكـــــاء االصطناعي من خــــــالل تقنية معاجلة اللغة الطبيعــية‬
‫(‪ ،)NLP( )Natural Language Processing‬وهي تقنية متّكّن احلاسوب من تفسري‪ ‬لغة‬
‫البرش‪ ،‬ومتتاز بقدرهتا عىل استخالص املعلومات واملفاهيم من النصوص والبيانات‬
‫اللغوية وتصنيفها‪ ،‬واستخراج املعلومات منها‪ ،‬وتوليفها وترمجتها وحتويلها إىل تنسيق‬
‫يمكن احلاسوب من التعامل معها‪.‬‬
‫ال شك أن استخدام هذه التقنية يتيح للمؤسسات املالية اإلسالمية استخالص املعرفة‬
‫واملعلومات من النصوص والبيانات بشكل فعال‪ ،‬مما يفتح آفا ًًقا جديدة لالبتكار‬
‫والتطوير يف هذا القطاع املتنامي‪ ،‬ويساعد املصارف واملؤسسات املالية اإلسالمية من‬
‫فهم احتياجات العمالء‪ ،‬وتقديم املشورة املالية‪ ،‬واالستجابة لالستفسارات‪ ،‬وتقديم‬
‫الدعم بطريقة رسيعة وفعالة؛ مما يسهم يف تطوير منتجات مالية جديدة‪.‬‬

‫‪ 2 -1‬مشكلة البحث‬
‫هناك ارتباط وثيق بني التقنية املالية واملال‪ ،‬فهام املحركان األساسيان للنمو يف القطاع‬
‫املايل‪ ،‬إذ تشري العديد من كتب العلوم املالية والبحوث املنشورة هبذا الصدد؛ إىل أن‬
‫التقنية املالية وختفيف القيود التنظيمية يقومان بدور رئيس يف نمو هذا القطاع احليوي‬
‫الذي يتبوأ مكانة بارزة ضمن أولويات رشكات التقنية املالية؛ السيام يف جمال املعلومات‬
‫واالتصاالت‪ ،‬مما جيعل البنوك والرشكات ختصص له مبالغ مقدرة ضمن ميزانياهتا‪.‬‬
‫(أديتيا ناراين‪ ،2016 ،‬ص‪.)20 .‬‬
‫يشهد العرص احلديث تزايد اعتامد الذكاء االصطناعي يف تطوير نظم احلياة يف‬
‫القطاعات املختلفة‪ ،‬املالية‪ ،‬والصحية‪ ،‬والتعليمية‪ ،‬والعسكرية‪ ،‬وغريها‪ .‬وقد بدأت‬

‫‪175‬‬
‫يف اآلونة األخرية كربيات رشكات التقنية املالية املتعددة اجلنسيات يف العديد من دول‬
‫العامل تستخدمه يف منتجاهتا؛ وعىل نطاق واسع‪ ،‬وأصبحت قوة احلوسبة كبرية بام‬
‫يكفي لتشغيل خوارزميات معقدة للغاية‪ ،‬عالوة عىل التعامل مع البيانات الضخمة‪.‬‬
‫كام ظهرت العديد من التقنيات احلديثة‪ ،‬كتقنية معاجلة اللغة الطبيعية (‪ ،)NLP‬وتقنية‬
‫التعلم العميق (‪ ،)Deep Learning‬وتقنية تعلم اآللة (‪ )Machine Learning‬وغريها‪.‬‬
‫وُتُعد تقنية (‪ )NLP‬من بني التقنيات احلديثة التي تساهم يف تطوير املنتجات واخلدمات‬
‫املالية اإلسالمية‪ ،‬وحتسني التنبؤ املايل وإدارة املخاطر‪ ،‬عالوة عىل حتسني عمليات‬
‫اإلفصاح املايل‪ ،‬وحتليل النصوص القانونية والرشعية‪ ،‬مصحو ًًبا ذلك بفهم احتياجات‬
‫السوق‪ ،‬وحتليل اجتاهات وميول العمالء‪.‬‬
‫وعىل الرغم من كل املزايا التي توفرها هذه التقنية؛ إال أهنا تواجه العديد من التحديات‪،‬‬
‫منها‪ :‬صعوبة التعامل مع اللغة العربية وفهمها بشكل صحيح‪ ،‬يف ضوء اخلصائص‬
‫املتعددة هلا؛ من ألفاظ وتراكيب ورصف ونحو وأدب‪ ،‬عالوة عىل ذلك يتطلب‬
‫استخدام هذه التقنية؛ وضع معايري دقيقة لالمتثال الرشعي‪ ،‬ويتعني ضامن التزام‬
‫النامذج واألدوات املستخدمة يف حتليل النصوص واختاذ القرارات باألصول الرشعية؛‬
‫إضافة إىل رضورة توفر بيانات كثرية للتدريب عليها واالستفادة منها‪ ،‬وهي غري متوفرة‬
‫يف صناعة اخلدمات املالية اإلسالمية يف الوقت احلارض‪ ،‬بل هناك نقص فيها‪.‬‬
‫وللوقوف عىل الفوائد املتحققة للمصارف اإلسالمية عرب استخدام تقنية معاجلة‬
‫اللغة الطبيعية‪ ،‬جاءت هذه الدراسة للكشف عن اجلوانب املختلفة يف هذا املوضوع‪،‬‬
‫وحماولة رسم معامل تطوير املنتجات املالية اإلسالمية الذي حيقق الكفاءة االقتصادية‬
‫والرشعية‪ ،‬ويمتاز يف الوقت نفسه باجلودة العالية التي متكنه من الصمود واملنافسة يف‬
‫السوق املرصيف؛ خاصة يف ظل التنافسية الكبرية من املؤسسات املالية التقليدية‪ .‬مضا ًًفا‬
‫إىل ذلك كله يتناول البحث بالعرض والتحليل الفرص املتاحة لإلفادة من هذه التقنية‪،‬‬
‫والتحديات التي تواجه استخدامها وذلك من خالل اإلجابة عن السؤال الرئيس التايل‪:‬‬
‫‪-‬كيف يمكن استخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية (‪ )NLP‬يف حتسني تطوير‬
‫املنتجات املالية اإلسالمية؟‬

‫‪176‬‬
‫‪-‬ومن السؤال الرئيس تتفرع األسئلة التالية‪:‬‬
‫‪-‬ما هي طرق تطوير املنتجات املالية اإلسالمية باستخدام تقنية معاجلة اللغة‬
‫الطبيعية (‪)NLP‬؟‬
‫‪-‬وما هي الفرص املتاحة الستخدامها‪ ،‬والتحديات التي تواجهها؟‬
‫‪-‬وما هي الفوائد املحتملة الستخدام هذه التقنية يف تطوير املنتجات املالية‬
‫اإلسالمية؟‬

‫‪ 3 -1‬أهداف البحث‬
‫هيدف هذا البحث إىل استكشاف فوائد وتطبيقات تقنية معاجلة اللغة الطبيعية (‪)NLP‬‬
‫يف تطوير املنتجات واخلدمات املالية اإلسالمية‪ .‬ومن أجل حتقيق هذا اهلدف؛ يركز‬
‫البحث عىل حتسني عملية التطوير هبذه التقنية‪ ،‬وحتديد احتياجات العمالء وتفضيالهتم‪،‬‬
‫واالستجابة لالستفسارات بشكل أكثر دقة‪ .‬باإلضافة إىل ذلك يتناول البحث بيان‬
‫فائدهتا يف حتسني عمليات اإلفصاح املايل للمؤسسات املالية اإلسالمية‪ ،‬والوقوف عىل‬
‫الفرص املتاحة الستغالهلا‪ ،‬وجماهبة التحديات التي تواجه استخدامها‪.‬‬

‫‪ 4 -1‬أهمية البحث ومنهجيته واالستفادة منه‬


‫تنبع أمهية هذه الدراسة يف مضموهنا‪ ،‬وإضافتها العلمية للدراسات السابقة‪ ،‬وحماولة‬
‫تأسيسها لرؤية جديدة حتدد مالمح اإلفادة من تقنية معاجلة اللغة الطبيعية يف تعزيز‬
‫تطوير منتجات وخدمات صناعة املال اإلسالمي‪ ،‬من حتليل البيانات اللغوية‪ ،‬وفهم‬
‫تفضيالت واحتياجات العمالء بشكل أفضل وغري ذلك‪.‬‬
‫وتعتمد الدراسة عىل منهجية استقرائية لتتبع وحتليل تطور املنتجات املالية اإلسالمية‬
‫باستخدام هذه التقنية‪ ،‬ويأمل الباحث أن تستفيد من هذه الدراسة عدة جهات منها‪:‬‬
‫املؤسسات املالية اإلسالمية‪ ،‬واجلهات املعنية بتطوير هذه الصناعة‪.‬‬

‫‪ 5- 1‬الدراسات السابقة‬
‫الدراسات التي تناولت هذا املوضوع قليل ٌٌة جًدً ا‪ ،‬وهي عىل قلتها تنحرص يف اللغة‬

‫‪177‬‬
‫االنجليزية دون العربية‪ ،‬إذ املتاح منها يف القسم العريب يتناول بعض اجلوانب ذات‬
‫الصلة باملوضوع‪ ،‬كاستخدامات الذكاء االصطناعي يف قطاع املال‪ ،‬وال يتعرض إىل‬
‫استخدام معاجلة تقنية اللغة الطبيعية يف تطوير املنتجات املالية اإلسالمية‪ ،‬لذلك ُتُعد‬
‫هذه الدراسة من بواكري الدراسات يف هذا املجال بحسب علم الباحث املتواضع‪ ،‬ومن‬
‫هذه الدراسات ما ييل‪:‬‬

‫‪ 1/5/1‬الدراسات العربية‬
‫دراسة بوسنة وحسناوي‪ )2021( .‬وعنواهنا‪ :‬استخدامات الذكاء االصطناعي يف‬
‫العمليات البنكية‪ :‬دراسة حالة بنك اخلارجي اجلزائر‪ ،‬وهي رسالة ماجستري مقدمة‬
‫يف جامعة حممد البشري االبراهيمي كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري‪.‬‬
‫هدفت الدراسة إىل إلقاء الضوء عىل األمهية التي يتمتع هبا الذكاء االصطناعي ورضورة‬
‫االهتامم به والسعي إىل استخدامه واالستفادة منه قدر اإلمكان‪ ،‬باإلضافة إىل إبراز الدور‬
‫الفعال الذي يقوم به يف العمليات البنكية‪ .‬وتوصلت الدراسة إىل أن وجود التقنيات‬
‫احلديثة يساعد البنوك عىل تطوير أدائها من خالل حتسني جودة العمليات البنكية‪.‬‬
‫دراسة مقاليت‪ ،‬والزواوي‪ )2021( .‬بعنوان‪ :‬أثر التكنولوجيا املالية عىل أداء البنوك‪:‬‬
‫أنموذًجا‪ .‬وهي مذكرة مقدمة لنيل درجة املاجستري يف معهد‬
‫ً‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‬
‫العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري‪ .‬هدفت هذه الدراسة إىل تسليط الضوء‬
‫عىل املصطلح احلديث يف عامل االقتصاد واملال وهو التقنية املالية‪ ،‬وحماولة إظهار العالقة‬
‫بني البنوك ورشكات التقنية املالية وامليزة التنافسية فيام بينهم‪ ،‬والتعرف عىل خمتلف‬
‫قطاعاهتا‪.‬‬
‫دراسة دياب‪ )2022( .‬بعنوان‪ :‬دور الذكاء االصطناعي يف حتسني أداء اخلدمات املرصفية‪،‬‬
‫وهي بحث منشور يف املجلة العربية للمعلوماتية وأمن املعلومات‪ .‬هدفت الدراسة إىل‬
‫التعرف عىل دور الذكاء االصطناعي يف أداء اخلدمات املرصفية‪ .‬وتوصل البحث إىل‬
‫أن تطبيق الذكاء االصطناعي يف اخلدمات املرصفية ساعد عىل تطوير أداء املصارف‪،‬‬
‫وحتسني جودة اخلدمة املرصفية‪ ،‬من حيث التحكم يف التكاليف‪ ،‬وختفيف املخاطر‪،‬‬

‫‪178‬‬
‫وزيادة اإليرادات‪ .‬كام بينت الدراسة أن بنك نارص االجتامعي استخدم اسرتاتيجيات‬
‫الذكاء االصطناعي وتوظيفها يف خمتلف اخلدمات املرصفية لتحقيق رضا العمالء‪.‬‬
‫وقد أوصت الباحثة بأمهية تطبيق املزيد من برامج وتطبيقات الذكاء االصطناعي يف‬
‫اخلدمات املرصفية املتنوعة‪.‬‬

‫‪ 2/5/1‬الدراسات اإلنجليزية‪:‬‬
‫دراسة ‪ Siti Rohaya Mat Rahim‬وآخرون‪ )2018( .‬بعنوان ‪Artificial Intelligence,‬‬

‫‪ Smart Contract and Islamic Finance‬وهي منشورة يف جملة ‪Social Science; Vol.‬‬

‫‪..14, No. 2; 2018 Artificial Intelligence, Smart Contract and Islamic Finance‬‬
‫هدفت الدراسة إىل تقييم عمليات الذكاء االصطناعي واستخدامه يف العقود الذكية‪،‬‬
‫وتناولت الدراسة جانبني مهمني يف قضايا التقنية املالية احلديثة يف التمويل اإلسالمي‬
‫املرتبطة بالذكاء االصطناعي والعقود الذكية‪ .‬كام قام الباحث بعقد مقارنة بني العقود‬
‫العادية والعقود الذكية‪ .‬وتوصلت الدراسة إىل أن استخدام الذكاء االصطناعي يف‬
‫العقود سوف يكون له تأثري كبري يف تطوير عقود الصناعة املالية اإلسالمية‪ ،‬مما يسهم يف‬
‫تطوير صناعة التمويل اإلسالمي‪.‬‬
‫دراسة ‪ Hanan Qudah‬وآخرون‪ )2023( .‬بعنوان ‪Islamic Finance in the Era of‬‬

‫‪ ،Financial Technology:‬وهي منشورة‬ ‫‪Bibliometric Review of Future Trends‬‬

‫يف جملة ‪ .international Journal of Financial Studies. 2023, 11, 76 -‬هدفت هذه‬
‫الدراسة إىل مسح األدبيات التي تناولت استخدام التقنية املالية يف التمويل اإلسالمي‪،‬‬
‫وحتديد الفجوة العلمية التي يمكن تناوهلا يف الدراسات العلمية املستقبلية يف هذا‬
‫منشوًرا يف التمويل اإلسالمي والتقنية املالية خالل‬
‫ً‬ ‫الشأن‪ .‬حيث تم حتليل ‪ 918‬بح ًًثا‬
‫الفرتة ‪ 2022 - 1999‬وكان من نتائج الدراسة اقرتاح مسارات بحثية مستقبلية‪ ،‬هي‪:‬‬
‫الشمول املايل وحوكمة الرشكات يف التقنية املالية اإلسالمية‪ .‬وتكنولوجيا املعلومات‬
‫وخدمات التمويل اإلسالمي املستقبلية‪ .‬وحتول التمويل اإلسالمي من خالل التقنيات‬
‫احلديثة‪ ،‬والتمويل اإلسالمي كقوة نامية يف العرص الرقمي‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫‪Artificial Intelligence‬‬ ‫دراسة ‪ Othman bin Abdullah‬وآخرون (‪ )2022‬بعنوان‬
‫‪ .(AI) Application In Islamic Finance: A Review Of Business Use Cases‬وهي‬
‫ورقة منشورة ضمن مؤمتر ‪ .International Seminar on Science‬هدفت الدراسة إىل‬
‫استعراض حاالت استخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي املستخدمة يف املؤسسات‬
‫املالية اإلسالمية حول العامل‪ .‬استخدمت الدراسة منهجية حتليل املحتوى يف استعراض‬
‫تقارير التقنية املالية اإلسالمية واألخبار ذات الصلة‪ .‬وتوصلت إىل جمموعة من النتائج‬
‫من أمهها‪ :‬أن املؤسسات املالية اإلسالمية حول العامل قد قامت بدمج االبتكارات‬
‫الرقمية القائمة عىل الذكاء االصطناعي يف العمليات العامة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن تطبيقات‬
‫الذكاء االصطناعي يف جانب االمتثال للرشيعة اإلسالمية ما تزال حمدودة‪ .‬وأكدت‬
‫الدراسة عىل أمهية التعاون بني األكاديميني والعاملني يف صناعة التمويل اإلسالمي‬
‫أمًرا بالغ األمهية إلطالق إمكانات تطبيقات‬
‫من الرشعيني ومهنديس التقنيات إذ ُُيعد ً‬
‫الذكاء االصطناعي واستخدامه يف التمويل اإلسالمي‪.‬‬
‫دراسة)‪ Shahnawaz Khan, Mustafa Raza Rabbani (2021‬بعنوان ‪Artificial‬‬

‫‪Intelligence and (NLP) -Based Chatbot for Islamic Banking and Finance‬‬

‫‪International Journal of Information Retrieval‬‬ ‫وهي منشورة يف ‪Research‬‬


‫‪ .(IJIRR) 11(3) September 2021‬ركزت الدراسة إىل إبراز الدور املتنامي الستخدام‬
‫الذكاء االصطناعي يف الصناعة املرصفية وكيفية تغيريه لطريقة عمل البنوك واملؤسسات‬
‫املالية‪ .‬وقد توصلت الدراسة إىل أمهية استخدام روبوت حمادثة يعتمد عىل الذكاء‬
‫االصطناعي واستخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية (‪ ،)NLP‬لتقديم املشورة لعمالء‬
‫املصارف واملؤسسات املالية اإلسالمية‪ ،‬عالوة عىل استخدام برنامج دردشة مقرتح؛‬
‫وهو برنامج آيل من شأنه أن يساعد العمالء يف احلصول عىل استشارات مالية إسالمية‪.‬‬
‫كام أكدت الدراسة عىل أمهية استخدام التقنيات املالية القائمة عىل االبتكارات املتوافقة‬
‫مع الرشيعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫‪ 3/5/1‬التعليق على الدراسات السابقة‬
‫بالنظر إىل الدراسات املذكورة‪ ،‬يالحظ أهنا تتناول موضوعات خمتلفة تتعلق بتطوير‬
‫املنتجات املالية اإلسالمية باستخدام الذكاء االصطناعي بصفة عامة‪ ،‬من خالل حتسني‬
‫اخلدمات املرصفية (دراستي بوسنة وحسناوي‪ ،‬ورهيام دياب)‪ .‬أما دراسة مقاليت‬
‫والزواوي؛ فهي عامة وركزت عىل معرفة أثر التقنيات املالية احلديثة عىل أداء البنوك‪،‬‬
‫وهي تتفق يف أهدافها العامة مع دراسة ‪ Othman bin Abdullah‬وآخرون‪ ،‬إذ نحت‬
‫الدراستان منحى عا ًًما‪ ،‬وتناولتا موضوعات عامة‪ ،‬وهي جوانب مهمة وال شك‪ ،‬إال‬
‫أهنا مل تالمس موضوع هذه الدراسة بصورة مبارشة‪ ،‬يف تطوير املنتجات‪.‬‬
‫‪Shahnawaz Khan‬‬ ‫يف حني تناولت دراستا ‪ Siti Rohaya Mat Rahim‬وآخرون‪ ،‬و‬
‫جوانب معينة‪ ،‬فاألوىل تناولت أثر استخدام الذكاء‬ ‫‪Mustafa Raza Rabbani‬‬
‫االصطناعي يف عقود التمويل اإلسالمي‪ ،‬بينام تناولت الثانية استخدام روبوت حمادثة‬
‫يعتمد عىل الذكاء االصطناعي واستخدام معاجلة اللغة الطبيعية (‪ .)NLP‬وُتُعد الدراسة‬
‫الثانية هي أقرب إىل الدراسة احلالية‪ ،‬وتتفق معها يف جوانب كثرية من ذلك‪ :‬استخدام‬
‫الروبوت يف معاجلة اللغة وأمهية استخدام التقنيات احلديثة يف تطوير املنتجات املالية‬
‫اإلسالمية‪ .‬وعىل الرغم من تلك العمومية يف الدراسات السابقة‪ ،‬إال أهنا كانت مفيدة‬
‫للدراسة احلالية‪ ،‬حيث أظهرت بعض الفجوات العلمية التي يمكن أن تسهم فيها هذه‬
‫الدراسة‪.‬‬

‫‪ 6 -1‬مصطلحات الدراسة‬
‫اختصاًرا بـ (‪ )AI‬وهو جمـال‬
‫ً‬ ‫الذكاء االصطناعي (‪ Artificial Intelligence‬‏) ويعرف‬
‫مـن جمـاالت علـوم احلاسـب يركـز علـى بناء أنظمـة بشـرية قادرة عىل أداء مهام‬
‫أيًضا‬
‫تتطلب عادة ذكا ًًء برش ًًيا مثل‪ :‬التعلم‪ ،‬واالستدالل‪ ،‬والتطوير الذايت‪ .‬ويطلق عليه ً‬
‫ذكاء اآللة‪( .‬سدايا‪ ،2022 ،‬ص‪.)42‬‬
‫واصطالًحا ال يوجد له تعريف حمدد متفق عليه‪ ،‬وهناك تعريفات كثرية تدور كلها‬
‫ً‬
‫حول وصفه بأنه سلوك وخصائص معينة تتسم هبا الربامج احلاسوبية‪ ،‬جتعلها حتاكي‬

‫‪181‬‬
‫القدرات الذهنية عند البرش يف التفكري واالستكشـاف وهو فرع من التعلم اآليل يعتمد‬
‫عىل نموذج الرياضيات‪ ،‬وهو مزيج من عدة ختصصات فرعية غال ًًبا ما تستخدم بالتبادل‬
‫لتشمل جمموعة واسعة من التقنيات (العتوم‪ ،1433 ،‬ص‪.)166‬‬
‫التعلم العميق (‪ :)DLMs‬هو جمموعة فرعية من التعلم اآليل (‪ ،)ML‬حيث تعمل‬
‫خوارزميات الشبكات العصبية االصطناعية مثل الدماغ البرشي من كميات كبرية من‬
‫البيانات‪.https://2u.pw/2mwGDvj .‬‬
‫معاجلة اللغات الطبيعية فرع من فروع الذكاء االصطناعي هيتم بفهم أو توليد اللغة� ‬
‫سواء كانت عىل شكل نص أو كالم (سدايا‪ ،2022 ،‬ص‪.)88‬‬
‫التعلم اآليل ‪ )Learning Machine( :‬هو جمموعة من األساليب والتقنيات التي تعتمد‬
‫عىل البيانات واخلوارزميات لتحسني أداء النظام عىل مهمة حمددة‪ .‬وهـو جـزء مهـم‬
‫مـن الـذكاء االصطناعي‪ ،‬وأحـد فروعه الذي يعنى بجعل احلاسوب قادرا عىل التعلم‬
‫مـن تلقـاء نفسه من اخلربات والتجارب السابقة‪( .‬حللح‪ ،2020 ،‬ص‪.)65‬‬
‫‪ :)Learning‬هو نوع من التعلم اآليل يستخدم الشبكات‬ ‫(‪Deep‬‬ ‫التعلم العميق‪،‬‬
‫العصبية العميقة لتحليل البيانات واستخراج التمثيالت (‪ )Visualization‬األكثر‬
‫جتريًدً ا للبيانات‪ .‬وهــو طريقــة حديثــة لبنــاء وتدريــب واســتخدام الشــبكات‬
‫العصبيــة‪( .‬حللح‪ ،2020 ،‬ص‪.)66‬‬

‫ثانًيً ا‪ :‬السياق التاريخي لتطور معالجة اللغة الطبيعية (‪)NLP‬‬


‫ُتُعد اللغة أساس التواصل البرشي منذ األذل‪ ،‬ويعترب أي تطور فيها عالمة فارقة يف‬
‫تاريخ املجتمعات البرشية‪ .‬وقدياًما مل تكن كلمة (لغة) تعني من حيث املعنى واملفهوم ما‬
‫نظًرا ملا أصاهبا من تطور كبري يف معانيها ودالالهتا‬
‫تدل عليه الكلمة يف الوقت احلارض‪ً ،‬‬
‫وتشعب فروعها‪ .‬وكان العرب يعربون عن أفكارهم بكلمة أخرى هي (اللسان)‪،‬‬
‫كوهنـا تعد الكلمة املشرتكة باللفظ واملعنى يف معظم اللغات السامية (الطائي‪،2009 ،‬‬
‫ص‪.)196.‬‬

‫‪182‬‬
‫‪ 1- 2‬تعريف اللغة‬
‫ُ‬
‫وأصُل‬ ‫واللغة هي جمموعة الرموز التي يمكن دجمها واستخدامها لنقل املعلومات‪.‬‬
‫كلمة لغة مشتقة من اللغو‪ ،‬واللغـو‪ :‬مـاال يعتـد بـه مـن كالم وغـريه‪ ،‬وال يصـل منـه‬
‫علـى فائـدة وال نفـع‪( ،‬مصطفى وآخرون‪ ،‬ص‪ .)138‬وورد يف لسان العرب بأن اللغة‬
‫أصـلها ُُلْغْ ـو ََة‪ ٍ ٍ،‬كَكَرةٍ‪ ٍ،‬و ُُق ََلة (ابن منظور‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ .)252‬وهناك ََمن يرى أن كلمة ُُلغة‬
‫هي تعريب لكلمة (‪ ) Lagos‬لوغوس اإلغريقية اليونانية‪ ،‬وتقاب ُُلها يف العربية كلمة ُُل ََغة‪.‬‬
‫وعىل رأي هذا الفريق؛ فإن كلمة لغة ليست عربية األصل‪( .‬ظاظا‪ ،1990 ،‬ص ‪.)120‬‬
‫صواٌت ُُيعرِّبر هبا كل قوم‬
‫ٌ‬ ‫ويف تعريف ملنتدى جممع اللغة العربية عىل االنرتنت‪ ،‬فالُّلُ غة ََأ‬
‫عن ََأ ِ‬
‫غراِضهم‪ ،‬وهي ُُفْعْ ل ٌٌة من ََل ََغْوْ ت ََأي تك ََّلمت‪)https://cutt.us/hFlNQ( .‬‬
‫واللغة الطبيعية هي اللغة التي يستخدمها األشخاص يف التواصل اليومي‪ ،‬وهي عبارة‬
‫عن جمموعة من الكلامت والقواعد النحوية والرصفية والرتكيبية التي يتفاهم هبا األفراد‪.‬‬
‫أما معاجلة اللغة الطبيعية (‪ )NLP‬فتشري إىل فرع الذكاء االصطناعي‪ ،‬الذي هيتم‬
‫بمنح احلواسيب القدرة عىل فهم النصوص والكلامت املنطوقة بالطريقة نفسها التي‬
‫يمكن للبرش فهمها‪( .‬سدايا‪ ،2022 ،‬ص‪ .)88‬و ُُيعد فهم النصوص هو املرحلة األوىل‬
‫يف هذه التقنية‪ .‬تليها املرحلة الثانية؛ وهي توليد اللغة؛ سواء كان التوليد صوت ًًيا أو‬
‫نص ًًيا‪ .‬وهتدف معاجلة اللغة إىل متكني احلواسيب من فهم ومعاجلة اللغة البرشية التي‬
‫(‪Oracle‬‬ ‫حتتوي عىل عنارص مثل املفردات‪ ،‬والقواعد النحوية‪ ،‬والداللية‪ ،‬والسياقية‬
‫‪ )Database‬ويتم استخدام تقنية (‪ )NLP‬لتحليل وتفسري هذه العنارص بطريقة قريبة من‬
‫كيفية تعامل البرش مع اللغة‪( .‬ديانا ماينارد وآخرون‪.)2019 ،‬‬
‫ويتكون جمال معاجلة اللغة من جمموعة واسعة من التقنيات والنامذج احلاسوبية التي‬
‫تعتمد عىل تكامل اللغويات احلسابية واإلحصائية‪ ،‬وتعلم اآللة‪ ،‬والتعلم العميق‪.‬‬
‫حيث تستخدم اللغويات احلسابية قواعد وقوانني قائمة عىل اللغة لفهم تراكيب اجلمل‬
‫والقواعد النحوية والداللية عرب نامذج رياضية حتليلية تستند إىل البيانات لفهم وتفسري‬
‫اللغة‪ ،‬بحيث متكن هذه التقنيات احلواسيب من معاجلة اللغة البرشية يف شكل بيانات‬

‫‪183‬‬
‫نصية أو صوتية‪ ،‬وفهم معناها الكامل‪ ،‬بام يف ذلك نية املتحدث أو الكاتب ومشاعره‪.‬‬
‫(‪.)https://cutt.us/iCOtI‬‬

‫‪ -2/2‬وضع النماذج الرياضية للغة والتفكير‬


‫تطوًرا مهاًما يف القرن السابع عرش امليالدي‪ ،‬حيث‬
‫ً‬ ‫شهدت جماالت الفلسفة والعلوم‬
‫بذل العديد من الفالسفة جهو ًًدا مضنية يف وضع نامذج رياضية لغوية‪ .‬ومن بني هؤالء‬
‫الفالسفة البارزين الفيلسوف وعامل الرياضيات الفرنيس رينيه ديكارت (‪)1650-1596‬‬
‫الذي كان مهتاًما بتطوير نامذج رياضية للغة والتفكري البرشي يف عمله (مبادئ الفلسفة)‪.‬‬
‫وقام بتطوير نظريته الشهرية للتمثيل الريايض للمفاهيم الفلسفية‪ ،‬حيث استخدم اجلرب‬
‫واهلندسة التحليلية يف تصوير األفكار واملفاهيم‪ ،‬وقدم نامذج رياضية للتفكري اإلنساين‬
‫وتقديم األدلة الرياضية للحقائق الفلسفية‪( .‬اخلويل‪.)2008 ،‬‬
‫ومن الفالسفة الذين اهتموا كذلك بتطوير نامذج رياضية للغة واملفاهيم الفلسفية يف‬
‫أعامله الفيلسوف والريايض األملاين غوتفريد اليبنتز (‪ ،)1716-1646‬حيث قدم نامذج‬
‫رياضية للعقل واللغة والتفكري‪ .‬وقدم نظريته الشهرية للرموز اللغوية‪ ،‬باستخدام الرموز‬
‫الرياضية والرموز اللغوية للتعبري عن املفاهيم وحتليل العالقات اللغوية واملنطقية‪.‬‬
‫ومل تكن جهود هذين العاملني حمصورة يف وضع النامذج الرياضية للغة فحسب‪ ،‬بل‬
‫أيًضا إىل املجاالت الفلسفية األخرى؛ مثل املنطق‪ ،‬والعقل‪ ،‬واملعرفة‪ .‬وكان‬
‫امتدت ً‬
‫من نتاج ذلك أن تأثرت العديد من النظريات واملفاهيم اللغوية والفلسفية احلديثة‬
‫بأفكارمها‪ ،‬وما زالت هذه النظريات تقوم بدور مهم يف جمال علوم اللغة والفلسفة حتى‬
‫اليوم‪.‬‬
‫وبفضل النامذج الرياضية قدمت هذه التقنيات قواعد وأسس اجلرب الرمزي‪ ،‬الذي‬
‫يستخدم الرموز الرياضية لتمثيل العالقات والعمليات اللغوية والرياضية‪ .‬واهلندسة‬
‫التحليلية‪ :‬التي تعتمد عىل استخدام األرقام والرموز الرياضية لتمثيل الكائنات‬
‫واألشكال اهلندسية لتحليل العالقات اهلندسية‪ ،‬وحساب املسافات‪ ،‬والزوايا‪،‬‬
‫واألبعاد‪ ،‬والنمذجة الرياضية‪ .‬وُتُستخدم هذه النامذج يف جماالت مثل معاجلة اللغة‬

‫‪184‬‬
‫الطبيعية‪ ،‬وحتليل النصوص‪ ،‬وفهم اللغة وتعلم اللغة اآليل‪ ،‬وغري ذلك كثري‪.‬‬

‫‪ 3/2‬البدايات الباكرة إلى التطورات الحديثة في استخدام تقنية (‪)NLP‬‬


‫تطوًرا ملحو ًًظا عىل مر السنني؛ ففي الثالثينيات من‬
‫ً‬ ‫شهدت معاجلة اللغة الطبيعية‬
‫القرن املايض ويف أوج الثورة الصناعية وبداية االخرتاعات احلديثة‪ ،‬تشجع الباحثون‬
‫من أجل حماولة التوصل إىل آلة تستطيع ترمجة الكالم بني اللغتني الفرنسية واإلنجليزية‪،‬‬
‫وتم الرتكيز عىل استخدام القواعد والقوانني اللغوية إلنشاء نامذج تعتمد عىل املعرفة‬
‫البرشية‪ .‬ومع ذلك؛ كانت هذه النامذج حمدودة يف قدرهتا عىل التعامل مع التنوع‬
‫والتعقيد اللغوي‪ .‬ولكن مل تؤت هذه املحاولة الثامر املرجوة منها‪ .‬ثم تواىل البحث‬
‫واجتهد العلامء فبدأت الرؤية تظهر شي ًًئا فشي ًًئا عرب عدة مراحل وفق التايل‪:‬‬
‫‪2/3/1‬الفرتة املبكرة (‪ :)1980-1950‬حيث تركزت األبحاث يف هذه الفرتة عىل تطوير‬
‫نامذج وقواعد وقواميس ترمجة آلية لتحويل النصوص من لغة واحدة إىل أخرى‪ .‬وتم‬
‫استخدام القواعد القائمة عىل املعرفة والتمثيل اللغوي يف تلك الفرتة‪ .‬ففي عام ‪،1950‬‬
‫من خالل سؤال هل تستطيع اآللة التفكري؟ فكانت اإلجابة عبارة عن دراسة نرشت يف‬
‫النسخة ‪ 236‬من جملة «‪ »Mind‬البحثية التي تأسست عام ‪( .1876‬أبوعرقوب‪.)2023 ،‬‬
‫ثم قدم العامل الريايض واملخرتع الربيطاين آالن تورنج ماكارثور وزميله آرثر صموئيل‬
‫إنجاًزا مهاًما يف تاريخ‬
‫ً‬ ‫أول برنامج لرتمجة اللغة الطبيعية باستخدام احلاسوب‪ ،‬و ُُيعد ذلك‬
‫معاجلة اللغة الطبيعية‪ .‬كام كانت بداية التجربة الشهرية جلورج تاون مع ‪ IBM‬يف عام‬
‫‪ 1950‬إذ كانت تقوم بالرتمجة اآللية التلقائية لـ ‪ 60‬مجلة من اللغة الروسية إىل اللغة‬
‫اإلنجليزية والعكس‪.‬‬
‫ويف ستينات القرن العرشين قام العديد من علامء اللغة ويف مقدمتهم نعوم تشومسكي‬
‫بإنجازات كبرية يف جمال نظرية اللغة) أرسياندي‪ ،2014،‬ص ‪ .)14‬وبعد ست سنوات‬
‫من سؤال العامل تورينغ؛ استضاف عامل احلاسوب األمريكي‪ ،‬مارفن مينسكي‪ ،‬وأستاذ‬
‫الرياضيات األمريكي‪ ،‬جون مكارثي‪ ،‬مرشوع كلية دارمتوث البحثي الصيفي حول‬
‫الذكاء االصطناعي (‪ )DSRPAI‬يف نيو هامبشري بالواليات املتحدة‪ .‬ويف تلك املناسبة‬

‫‪185‬‬
‫صيغت كلمة الذكاء االصطناعي واستخدمت رسم ًًيا‪( .‬الرومي والقحطاين‪،2023 ،‬‬
‫ص ‪.)268‬‬
‫ويف عام ‪ ،1966‬ابتكر عامل احلاسوب األملاين‪ ،‬جوزيف وايزنباوم‪ ،‬يف معهد ماساتشوستس‬
‫للتكنولوجيا‪ ،‬برنامج إليزا املستوحاة من إليزا دوليتل‪ ،‬يف مرسحية بجامليون للكاتب‬
‫املرسحي جورج برنارد شو عام ‪ ،1913‬وهو أول تقنية تسمح بمحادثة بني البرش واآللة‪.‬‬
‫وهو أول روبوت حمادثة يعمل بالذكاء االصطناعي‪ ،‬وقد أطلق عليه اسم (‪.)chatbot‬‬
‫(أبوعرقوب‪.)2023 ،‬‬
‫ويف هناية الستينيات وأوائل السبعينيات‪ ،‬عمل جيمس غرايسون وتريي وينج عىل‬
‫تطوير نظام ‪ ،SHRDLU‬وهو نظام يستخدم لغة طبيعية للتفاعل مع الروبوتات وتنفيذ‬
‫األوامر‪ .‬و ُُيعد هذا العمل رائًدً ا يف جمال معاجلة اللغة الطبيعية وفهم اللغة البرشية‪.‬‬
‫‪2/3/2‬الفترة المتوسطة (‪ :)2000-1980‬يف هذه الفرتة‪ ،‬تركزت األبحاث عىل استخدام‬
‫اإلحصاءات والتعلم اآليل يف جمال معاجلة اللغة الطبيعية عرب تطوير نامذج تعتمد عىل‬
‫اإلحصاءات والتحليل اللغوي للنصوص‪ .‬حيث أصبح من املمكن تطوير نظم تعرف‬
‫وتصنيف الكلامت واجلمل واستخالص املعلومات من النصوص‪.‬‬
‫ففي عام ‪ ،1986‬قدم فريق من الباحثني بقيادة كارنيجي ميلون يف جامعة كارنيجي‬
‫ميلون نظام ‪( EMI‬إنجليزي إىل اإليطايل) لرتمجة اجلمل اإلنجليزية إىل اإليطالية‪ .‬وكان‬
‫هذا النظام أحد أوائل النظم الذكية التي تستخدم تقنيات التعلم اآليل يف معاجلة اللغة‬
‫الطبيعية‪ .‬ويف فرتة التسعينيات‪ ،‬قدم الباحثون إريك بريل وفريقه نظام ‪ ،WordNet‬وهو‬
‫قاعدة بيانات لكلامت اللغة اإلنجليزية وعالقاهتا املعنوية‪( .‬بوسنة وحسناوي‪،2021 ،‬‬
‫ص‪.)7‬‬
‫‪ 3/3/2‬الفترة الحديثة (منذ ‪ 2000‬وحتى اآلن‪ :‬حيث شهدت تقنية معاجلة اللغة الطبيعية‬
‫تقد ًًما هائ ً‬
‫ًال بفضل التطورات التقنية وزيادة توفر البيانات اللغوية‪ .‬وتم تطوير نامذج‬
‫تعتمد عىل الشبكات العصبية االصطناعية‪ ،‬وتقنيات التعلم العميق‪ ،‬مما أدى إىل حتقيق‬
‫نتائج متقدمة يف التعرف عىل الكالم‪ ،‬وترمجة اللغة‪ ،‬وحتليل وتوليد النصوص‪.‬‬
‫وتوسع يف اآلونة األخرية تطبيق واستخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية يف العديد‬

‫‪186‬‬
‫من املجاالت والصناعات‪ ،‬بام يف ذلك االتصاالت‪ ،‬والتجارة اإللكرتونية‪ ،‬والرعاية‬
‫الصحية‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والرتمجة‪ ،‬والروبوتات الذكية‪ .)Oracle 2023( .‬ففي عام ‪،2006‬‬
‫قدمت جوجل خدمة ترمجة آلية أطلق عليها ‪ ،Google Translate‬استخدمت فيها نامذج‬
‫معاجلة اللغة الطبيعية‪ ،‬وتقنيات التعلم اآليل لتحقيق ترمجة تلقائية بني اللغات املختلفة‪.‬‬
‫وحال ًًيا أعلنت رشكة غوغل عن دعمها ‪ 13‬لغة إضافية ضمن خدمة الرتمجة الفورية‬
‫التابعة هلا ‪ ،Google Translate‬ليصل العدد اإلمجايل للغات املدعومة إىل ‪ 103‬لغة‪ ،‬تغطي‬
‫حالي ًًا حوايل ‪ %99‬من مستخدمي شبكة اإلنرتنت (‪.)https://2u.pw/pMUqYeC‬‬

‫‪ 4 -2‬استخدامات تقنية معالجة اللغة الطبيعية‬


‫شهدت تقنية معاجلة اللغة الطبيعية يف السنوات األخرية‪ ،‬تطورات كبرية‪ ،‬وتستخدم‬
‫حال ًًيا يف العديد من التطبيقات والصناعات املختلفة‪ ،‬ومن بني أهم استخداماهتا يف‬
‫حمركات البحث‪ ،‬ويف حتسني جتربة املستخدمني‪ ،‬وحتسني الرتمجة اآللية بشكل كبري‪،‬‬
‫وجعلها أكثر دقة‪ ،‬ويف فهم املعاين والتعبريات اللغوية‪ .‬وكذلك تستخدم يف معاجلة‬
‫النصوص وفهمها وتصنيفها‪ ،‬واستخراج املعلومات منها‪ ،‬والتحقق من النحو‬
‫والرصف واإلمالء والقواعد اللغوية األخرى‪ .‬وهناك نوعان رئيسان من املنهجيات‬
‫املتبعة يف مهام املعاجلة اللغوية‪ :‬أحدمها منهجيةً ً قائمة عىل املعرفة‪ ،‬واألخرى منهجية‬
‫مبنية عىل التعلم (ديانا ماينارد وآخرون‪ ،2019 ،‬ص‪.)39‬‬
‫كام تستخدم هذه التقنية يف تطوير أنظمة التعرف عىل الصوت والنطق‪ ،‬وحتسني دقتها‬
‫وفعاليتها يف التعرف عىل أوامر املستخدمني وحتويلها إىل نص مكتوب‪ .‬كام أهنا متِّكِن‬
‫األجهزة من فهم أوامر املستخدمني والرد عليها بشكل طبيعي ودقيق‪ .‬كام هو يف‬
‫تطبيقات املساعد الصويت؛ مثل ‪ Siri‬من أبل‪ ،‬و‪ ،Google Assistant‬و‪ Alexa‬من أمازون‬
‫يف جتربة املستخدم يف تطبيقات البحث الصويت‪ ،‬والدردشة اآللية‪ ،‬وتطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي األخرى‪( .‬البادي والعبيدي‪ ،2023 ،‬ص‪.)395‬‬
‫وتتيح هذه التقنية إمكانية التعامل مع خمتلف اللغات‪ ،‬كاإلنجليزية التي تعد من أكثر‬
‫اللغات شيو ًًعا يف استخدام هذه التقنية‪ .‬وكذلك اللغة الصينية‪ :‬التي تعد من أكثر‬

‫‪187‬‬
‫انتشاًرا يف العامل عىل الرغم من تعقيدها والرموز املستخدمة فيها‪ .‬واللغة‬
‫ً‬ ‫اللغات‬
‫نظًرا لتنوع‬
‫اإلسبانية‪ ،‬عالوة عىل اللغة العربية‪ :‬التي تزخر بالعديد من اخلصائص ً‬
‫األساليب املستخدمة يف الكتابة والنطق‪ .‬عالوة عىل ‪ -‬الفرنسية‪ :‬والروسية واليابانية‪.‬‬
‫ويمكن كذلك استخدام تقنية معاجلة اللغات الطبيعية (‪ )NLP‬يف حتويل النصوص من‬
‫اللغة العربية الفصحى إىل اللهجات العربية املختلفة‪ .‬ولكن ُُيعد هذا التحويل حتد ًًيا‬
‫نظًرا لتعدد فروع اللغة العربية وتنوعها‪ .‬عالوة عىل اختالف اللهجات العربية‬
‫كبًريا ً‬
‫ً‬
‫عن اللغة العربية الفصحى يف النطق‪ ،‬واملفردات‪ ،‬والقواعد النحوية‪ ،‬والرصفية‪.‬‬
‫ولذلك يتطلب حتويل النصوص من اللغة العربية الفصحى إىل اللهجات العربية‬
‫املختلفة استخدام تقنيات متطورة للتعرف عىل الكلامت والتعابري اللغوية املستخدمة‬
‫يف اللهجات العربية‪ ،‬وحتويلها إىل النسق اللغوي الذي يتناسب مع اللهجة املستهدفة‪.‬‬
‫(سوسن‪ ،2022 ،‬ص‪.)64‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬البد من االنتباه إىل أن التحويل من اللغة العربية الفصحى إىل اللهجات‬
‫العربية املختلفة حيتاج إىل دراسة لغوية وثقافية شاملة‪ ،‬باإلضافة إىل تدقيق يدوي‬
‫للنتائج املستخرجة من األنظمة اآللية‪ .‬مع مراعاة أن اللهجات العربية املختلفة هلا تباين‬
‫كبري يف املفردات والتعابري والنحو والرصف‪ ،‬وبالتايل ال بد من حتديد اللهجة املستهدفة‬
‫وتدريب النظام اآليل للتعرف عليها‪ ،‬وحتويل النصوص بشكل دقيق‪.‬‬
‫وحدي ًًثا ظهرت تقنيات حديثة يمكن أن تكون مفيدة وفعالة يف تطوير منتجات التمويل‬
‫اإلسالمي وتستخدم فيها تقنية معاجلة اللغة الطبيعية بشكل واضح‪ ،‬وهي كالتايل‪:‬‬
‫‪ّ 1/4/ 2‬‬
‫تقنّية الدردشة اآللية (‪)Chatbot‬‬
‫تقن ّّية الدردشة اآللية (‪ )Chatbot‬هي تقنية تستخدم لتطوير برامج حاسوبية تتفاعل مع‬
‫املستخدمني بطريقة شبيهة بالدردشة البرشية‪ .‬ويتم فيها استخدام الذكاء االصطناعي؛‬
‫وحتليل اللغة الطبيعية‪ ،‬وتقنيات اآللة للتحكم‪ ،‬وتقديم الردود واملعلومات‪( .‬عبد‬
‫الغني‪ ،2022 ،‬ص ‪.)273‬‬
‫وتعتمد هذه التقنية عىل جمموعة من القواعد واملنطق والبيانات لفهم وحتليل استفسارات‬

‫‪188‬‬
‫املستخدمني وتقديم اإلجابات املناسبة‪ .‬ويتم تدريب هذه األنظمة باستخدام جمموعة‬
‫كبرية من البيانات عن املحادثات السابقة والسياقات املختلفة لتعزيز قدرهتا عىل‬
‫التفاعل‪ ،‬وتقديم ردود ذكية‪ .‬وتستخدم يف جمموعة متنوعة من التطبيقات والصناعات‪.‬‬
‫(مصطفى‪ ،2021 ،‬ص‪.)266‬‬
‫فمن بني أمثلة استخداماهتا يف خدمة العمالء منصات الدردشة املختلفة‪ ،‬إذ يمكن‬
‫للروبوت التفاعل مع العمالء‪ ،‬والرد عىل استفساراهتم‪ ،‬وتقديم املعلومات حول‬
‫املنتجات أو اخلدمات‪ ،‬وحل املشكالت البسيطة‪ ،‬والتسويق واملبيعات‪ ،‬وتوجيه‬
‫العمالء املحتملني وتقديم املشورة‪ ،‬واملساعدة يف عمليات الرشاء‪ .‬ويمكن أن يتفاعل‬
‫عروًضا‬
‫ً‬ ‫الروبوت مع العمالء‪ ،‬ويوفر معلومات حول املنتجات أو اخلدمات‪ ،‬ويقدم‬
‫خاصة‪ ،‬وجييب عن األسئلة حول األسعار واملزايا‪( .‬عزي‪ ،2021 ،‬ص‪.)550‬‬
‫ونظًرا لتلك املزايا؛ فقد استخدمته بنوك عاملية لتحسني جتربة العمالء‪ ،‬منها بنك أمريكا‬
‫ً‬
‫(‪ :)Bank of America‬الذي يستخدم ‪ Erica‬عرب الذكاء االصطناعي وتقنية (‪)NLP‬؛‬
‫لتوفري معلومات حول احلسابات املرصفية والتحويالت واملرصوفات وغريها من‬
‫اخلدمات املرصفية‪ .‬ويستطيع العمالء التواصل مع ‪ Erica‬من خالل التطبيق املرصيف‬
‫للبنك‪ .‬واستخدمه كذلك بنك جي يب مورجان (‪ :)JPMorgan‬الذي يستخدم تقنية‬
‫‪ Finn AI‬لتوفري خدمات الدردشة واملساعدة الذكية لعمالئه‪ .‬حيث يمكن للعمالء‬
‫االستفسار عن حساباهتم املرصفية‪ ،‬وإجراء التحويالت واالستفسار عن األرصدة‬
‫وغريها من اخلدمات املرصفية عرب )‪Finn AI. (https://2u.pw/qFqQsIF‬‬
‫‪ Eno :)Capital‬وهو روبوت الدردشة الذكي‬ ‫(‪One‬‬ ‫كام استخدمه بنك كابيتال ون‬
‫اخلاص هبذا البنك‪ .‬إذ يوفر ‪ Eno‬مساعدة يف إدارة احلسابات املرصفية ومراقبة األنشطة‬
‫املرصفية وتنبيهات األمان واالستفسارات العامة‪ .‬ويتم استخدام ‪ Eno‬عرب التطبيق‬
‫املرصيف للبنك‪)https://www.capitalone.com( .‬‬
‫وكذلك تستخدم رشكة أي يب إم (‪ ،Amelia :)IBM‬وهي منصة ذكاء اصطناعي‬
‫تستخدم يف جمموعة متنوعة من الصناعات بام يف ذلك القطاع املرصيف‪ .‬وتعتمد ‪Amelia‬‬
‫عىل تقنية معاجلة اللغة الطبيعية والتعلم اآليل لتوفري خدمات الدردشة واالستجابة‬

‫‪189‬‬
‫لالستفسارات املرصفية املختلفة‪ .‬وعىل الرغم من تلك املزايا فال ختلو هذه الدردشة من‬
‫بعض اإلشكاليات‪)https://amelia.ai( .‬‬

‫تقنية الدردشة اآللية‪ :‬بين التعقيد والتطور‬


‫عىل الرغم من تقدم تقنية الدردشة اآللية‪ ،‬إال أهنا ماتزال تعاين من بعض اإلشكاليات‪،‬‬
‫مثل فهم اللغة العامية واللهجات املختلفة‪ ،‬وصعوبة التعامل مع االستفسارات املعقدة‬
‫وغري املتوقعة‪ .‬كام أهنا بحاجة إىل اهتامم بقضايا األمان واخلصوصية لضامن محاية بيانات‬
‫املستخدمني‪ .‬ومن بني اإلشكاالت كذلك فهم اللغة الطبيعية املعقدة‪ ،‬فاللغة البرشية‬
‫تتضمن العديد من القواعد واالصطالحات والتعابري‪ .‬وقد يواجه ربوت الدردشة‬
‫اآللية صعوبة يف فهم اللغة املنطوقة بشكل صحيح وتفسري معانيها املختلفة‪.‬‬
‫كذلك من اإلشكاالت يف هذه التقنية صعوبة التعامل مع السياق‪ .‬فالدردشة البرشية‬
‫تتميز بالقدرة عىل فهم السياق وتوجيه احلوار بنا ًًء عىل املعلومات السابقة؛ والتعامل مع‬
‫األخطاء‪ ،‬فقد يقوم املستخدمون بكتابة أو طرح أسئلة غري واضحة أو ضبابية‪ ،‬لذلك‬
‫يتعني عىل الدردشة اآللية أن تكون قادرة عىل التعامل مع هذه األخطاء وحتديد نية‬
‫املستخدم وتقديم إجابات منطقية‪.‬‬

‫‪ 2/3/2‬تقنية الفنتك (‪)Fintech‬‬


‫عالوة عىل تقنية الدردشة اآللية‪ ،‬فهناك تقنيات يمكن استخدامها يف تطوير املنتجات‬
‫املالية اإلسالمية‪ ،‬من ذلك التقنية املالية املبتكرة (‪ )Fintech‬التي تعمل عىل توفري حلول‬
‫مالية مبتكرة باستخدام التقنيات احلديثة‪ .‬مثل التمويل التشاركي (‪،)Crowdfunding‬‬
‫‪ )Digital‬التي توفر خيارات الدفع الرقمي‬ ‫(‪Payments‬‬ ‫وتقنية املدفوعات الرقمية‬
‫للعمالء‪ ،‬وتقنية التأمني التكافيل (‪ .)Takaful‬التي توفر حلواًلا تأمينية متوافقة مع‬
‫الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬وتقنية التعلم اآليل والذكاء االصطناعي التي يمكن استخدامها يف‬
‫حتليل البيانات املالية والتنبؤ بالسلوك املايل وحتسني عمليات صنع القرار املايل‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫‪ 5/2‬استخدامات تقنية معالجة اللغة الطبيعية في قطاع البنوك‬
‫يأيت االهتامم بتقنية معاجلة اللغة يف ظل الضغوط التنافسية احلادة التي تفرضها التغريات‬
‫اجلذرية التي يشهدها العامل‪ ،‬إضافة إىل ترابط أسواق التمويل الدولية بفضل ثورة‬
‫االتصاالت وتكنولوجيا املعلومات‪ .‬وتبقى املنافسة غري متكافئة بالنسبة للخدمات‬
‫املرصفية واملالية اإلسالمية إذا مل تتمكن من تطوير منتجات جديدة متتاز باملرونة‬
‫والقبول الكبري‪.‬‬
‫فاستخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية (‪ )NLP‬يف بنوك ومؤسسات مالية أدى إىل‬
‫عدة آثار مالية إجيابية من ذلك‪ :‬حتسني جتربة العمالء عن طريق فهم واستيعاب‬
‫االستفسارات والطلبات بشكل أكثر دقة‪ ،‬مما يقلل من احلاجة إىل تدخل البرش‪ ،‬وزيادة‬
‫الكفاءة التشغيلية املرتبطة بتوظيف وتدريب موظفي خدمة العمالء إذ يمكن عرب هذه‬
‫التقنية التفاعل والتواصل الفعال مع العمالء بطريقة آلية‪( .‬بوزب وسحنون‪،2019 ،‬‬
‫ص‪)160‬‬
‫كام متكن هذه التقنية من حتليل البيانات اللغوية والنصية بشكل فعال‪ ،‬مما يسمح هلا‬
‫باالستفادة من البيانات الكبرية واستخراج األفكار واملعلومات القيمة‪ .‬مما يمكن البنوك‬
‫توجًها اسرتاتيج ًًيا‪ ،‬وبالتايل حتقيق أداء مال ًًيا أفضل‪ .‬عالوة‬
‫ً‬ ‫من اختاذ قرارات أعمق وأكثر‬
‫عىل ذلك يمكن عرب هذه التقنية الكشف عن االحتيال واألمان من خالل حتليل ومراقبة‬
‫سلوك العمالء والتحقق من األمان املايل‪.‬‬
‫أما عن آثار تطبيق هذه التقنية يف توفري التكاليف وزيادة ايرادات ا لبنوك وغريها؛ فال‬
‫توجد إحصاءات منشورة هبذا اخلصوص حسب علم الباحث املتواضع؛ ولكن هناك‬
‫تقارير أولية تشري إىل هذه املعاين‪ ،‬من ذلك تقرير رشكة ‪ Gartner‬الصادر يف عام ‪2019‬‬
‫الذي يشري إىل أن استخدام تقنية (‪ )NLP‬يف خدمات العمالء أدى إىل حتقيق توفري يف‬
‫التكاليف ترتاوح بني ‪ ٪15‬إىل ‪.)https://www.gartner.com/en( .٪70‬‬
‫كام أجريت دراسة من قبل رشكة ‪ Deloitte‬يف عام ‪ 2018‬أشارت إىل أن البنوك التي‬
‫تستخدم تقنية (‪ )NLP‬يف خدمات العمالء شهدت زيادة بنسبة ‪ ٪20‬يف معدل‬
‫االستجابة للعمالء وتقليل بنسبة ‪ ٪15‬يف وقت االستجابة‪)https://cutt.us/3DKBC( .‬‬

‫‪191‬‬
‫كام أن هناك تقرير من رشكة ‪ Accenture‬صادر يف عام ‪ 2019‬أشار إىل أن استخدام تقنية‬
‫(‪ )NLP‬يف جمال خدمة العمالء أدى إىل زيادة إيرادات البنوك بنسبة ترتاوح بني ‪ ٪3‬إىل‬
‫‪ .٪5‬ويف تقرير صادر عن رشكة ‪ Juniper Research‬يف عام ‪ ،2018‬توقع أن توفر تقنية‬
‫(‪ )NLP‬للبنوك تكاليف بقيمة حوايل ‪ 7.3‬مليار دوالر بحلول عام (‪https://cutt. 2023‬‬
‫‪.) us/u7v7a‬‬
‫ًثً‬
‫ثال ا‪ :‬تطوير المنتجات المالية اإلسالمية عبر تقنية (‪)NLP‬‬
‫ُُيعد تطوير املنتجات املالية اإلسالمية من أصعب األمور التي تواجه املصارف‬
‫واملؤسسات املالية اإلسالمية منذ نشأهتا وحتى الوقت احلارض‪ ،‬وللحد من هذه‬
‫الصعوبات والتخفيف منها ينبغي االستفادة من التقنيات احلديثة يف تطوير املنتجات‬
‫املالية اإلسالمية عرب التقنيات احلديثة التي من بينها تقنية معاجلة اللغة الطبيعية‪.‬‬
‫وهناك خصائص ومواصفات ينبغي مراعاهتا يف عملية التطوير عرب هذه التقنية احلديثة‪،‬‬
‫رئيًسا يف‬
‫ومرتكًزا ً‬
‫ً‬ ‫وأوهلا دراسة السوق‪ ،‬فقد أصبحت دراسة السوق متطل ًًبا مهاًما ‪،‬‬
‫تقديم منتجات مالية منافسة تريض رغبات العمالء‪ ،‬لذلك ينبغي فهم رغباهتم ومعرفة‬
‫متطلباهتم‪ ،‬ويمكن االستفادة من التقنيات احلديثة يف حتسني األداء‪ ،‬وتقليل التكاليف‪،‬‬
‫وزيادة املرونة‪ ،‬وحتسني االستدامة‪( .‬بلوايف والبشري‪ ،2019 ،‬ص‪.)14‬‬
‫وحيتاج التطوير الناجح إىل التنسيق والتنظيم اجليدين جلميع العمليات املشاركة يف‬
‫التطوير‪ ،‬بد ًًءا من ختطيط املرشوع إىل التصميم واالختبارات‪ .‬مع مراعاة التوازن بني‬
‫التكلفة واجلودة‪ .‬وينبغي إجراء اختبارات وجتارب متعددة للمنتج للتأكد من أنه‬
‫يلبي املواصفات واملتطلبات املطلوبة‪ .‬وقد تشمل هذه االختبارات اختبارات األداء‬
‫واالستقرار واملوثوقية واختبارات املستخدمني‪ .‬وجيب أن يتم تطوير اسرتاتيجية تسويق‬
‫فعالة للمنتج لزيادة وعي العمالء به وتشجيعهم عىل الرشاء‪( .‬بلوايف والبشري‪،2019 ،‬‬
‫ص‪.)15‬‬

‫‪ 1/3‬خطوات تطوير المنتجات المالية اإلسالمية عبر تقنية (‪)NLP‬‬


‫يتطلب تطوير املنتجات املالية اإلسالمية عرب تقنية معاجلة اللغة الطبيعية جمموعة من‬

‫‪192‬‬
‫اخلطوات العملية املحددة‪ ،‬وجيب أن يتم تنفيذ كل خطوة بعناية وف ًًقا للمتطلبات‬
‫الرشعية وتطبيقات املالية اإلسالمية املعتمدة لضامن االمتثال الرشعي‪ ،‬لتقديم منتجات‬
‫ذات جودة عالية وموثوقة واخلطوات هي‪:‬‬
‫‪1.‬حتديد االحتياجات واملتطلبات اخلاصة باملنتجات املالية اإلسالمية بدقة‪ ،‬ويتطلب‬
‫ذلك الفهم العميق للمفاهيم اإلسالمية‪ ،‬والقواعد التي حتكمها‪ ،‬وحتليل النصوص‬
‫الرشعية عرب األنظمة الذكية‪ ،‬مثل األحكام الرشعية والفتاوى‪ ،‬واستخالص‬
‫املعلومات الرئيسية منها‪ ،‬وحتويلها إىل قواعد بيانات تُستخدم يف التطوير‪.‬‬
‫‪2.‬مجع وتنظيم البيانات املوثوقة واملنظمة من مصادر خمتلفة‪ ،‬كاملصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫واملؤسسات املالية اإلسالمية األخرى‪ ،‬واملواقع اإللكرتونية املتخصصة‪ ،‬وتصنيفها‬
‫ومعاجلتها للتأكد من صالحيتها لالستخدام يف نامذج معاجلة اللغة الطبيعية‪.‬‬
‫وإزالة البيانات املكررة‪ ،‬ومعاجلة القيم املفقودة‪ ،‬وتنسيق البيانات بطريقة مناسبة‬
‫أيضا مراجعة‬
‫للتحليل‪ ،‬ومن ذلك استخدامها لتحليل التقارير املالية‪ .‬كام جيب ً‬
‫البيانات للتأكد من توافقها مع األطر الرشعية‪ ،‬وحتديد األصول املخالفة للرشيعة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪3.‬تطوير نامذج التعلم اآليل املناسبة لتحليل البيانات املالية اإلسالمية عرب استخدام‬
‫تقنيات خمتلفة مثل‪ :‬تعلم اآللة‪ ،‬والشبكات العصبية االصطناعية‪ ،‬ويتضمن ذلك‬
‫حتويل البيانات املالية اإلسالمية إىل تنسيق مناسب للمعاجلة واستخدامها يف‬
‫تدريب النامذج‪.‬‬
‫‪4.‬استخراج املعلومات الرئيسية من النصوص املالية‪ ،‬مثل األرقام والتواريخ‬
‫واملفردات املتعلقة باملنتجات املالية اإلسالمية‪ .‬ويمكن استخدام هذه املعلومات‬
‫يف حتليل البيانات واختاذ القرارات‪ .‬كام يمكن استخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية‬
‫ٍ‬
‫مكتوب من خالل حتليل املحادثات اهلاتفية مع‬ ‫لتحويل الكالم املنطوق إىل ٍ‬
‫نص‬
‫العمالء‪ ،‬أو حتليل املحتوى الصويت للفيديوهات التعليمية املتعلقة هبذه املنتجات‪.‬‬
‫عالوة عىل متكني التفاعل اللغوي بني املستخدم والنظام الذكي‪ .‬إذ يمكن هذا‬
‫التفاعل املستخدمني من طرح األسئلة واالستفسارات‪ ،‬واحلصول عىل إجابات‬

‫‪193‬‬
‫فورية ومفهومة عن هذه املنتجات‪( .‬السهو‪)mozn.ws/89844 ،2023،‬‬
‫‪5.‬اختبار وتقييم النامذج املطورة لضامن كفاءهتا ودقتها يف حتليل املنتجات املالية‬
‫اإلسالمية‪ .‬ويتضمن ذلك استخدام جمموعة من البيانات التجريبية املستقلة‬
‫الختبار أداء النامذج‪ ،‬وقياس مدى قدرهتا عىل التعامل مع سيناريوهات خمتلفة‪.‬‬
‫وحتسني إجراءات املراجعة الرشعية؛ واملوافقة عليها من قبل هيئات خمتصة وعلامء‬
‫رشعيني‪ .‬وتطويرها بشكل مستمر‪ .‬واختبارها عمل ًيا يف عدة تطبيقات وتقييمها‬
‫عرب عدد من املؤرشات‪( .‬بلوايف والبشري‪ ،2019 ،‬ص‪.)11‬‬

‫‪ 2/3‬األدوات والبرامج المتخصصة التي يجب توافرها لتطبيق تقنية (‪)NLP‬‬


‫باإلضافة إىل األدوات والربامج املتخصصة يف تقنية (‪ ،)NLP‬هناك بعض التقنيات‬
‫األساسية التي جيب توافرها لتطبيقها يف املنتجات املالية اإلسالمية‪ ،‬ومن بينها‪:‬‬
‫‪ .‬أتقنيات حتويل النصوص من تنسيقات خمتلفة إىل تنسيقات يمكن حتليلها بسهولة‪،‬‬
‫مثل حتويل النصوص من صيغ ‪ PDF‬و‪ DOC‬إىل صيغ قابلة للتحليل‪ ،‬مثل ‪TXT‬‬

‫أو ‪ .XML‬وتقنيات التحليل اللغوي التي تستخدم لتحليل النصوص‪ ،‬وحتديد‬


‫اجلمل والكلامت واألسامء‪ ،‬وحتليل النحو‪ ،‬والرصف‪ ،‬واملعنى‪ .‬عالوة عىل تقنيات‬
‫التصنيف اللغوي لتحديد معاين معينة‪ ،‬مثل تصنيف النصوص إىل فئات خمتلفة‪،‬‬
‫مثل التصنيف اللغوي للتعليقات عىل وسائل التواصل االجتامعي‪( .‬وازن‪ .‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫ص ‪.)170‬‬
‫‪.‬بتقنية التعلم اآليل التي تستخدم لتدريب نامذج (‪ )NLP‬وحتسني دقة التحليل‪،‬‬
‫وتشمل عدة تقنيات مثل‪ :‬التعلم العميق‪ ،‬والشبكات العصبونية االصطناعية‪.‬‬
‫وتقنيات االستخراج الذكي للبيانات التي تستخدم الستخراج املعلومات املالية‬
‫املهمة من النصوص‪ ،‬كاألرقام والتواريخ واألسامء واملؤرشات املالية‪.‬‬
‫‪ .‬جتقنية الرتمجة اآللية التي تستخدم لرتمجة النصوص املالية إىل لغات خمتلفة‪ ،‬مما ُيمكن‬
‫املؤسسات املالية اإلسالمية من التعامل مع العمالء والرشكاء الدوليني بكفاءة‬
‫عالية‪( .‬السهو‪natural-language-processing )mozn.ws/89844 ،‬‬

‫‪194‬‬
‫و ُُيعد اجلمع بني هذه التقنيات املتخصصة يف تقنية (‪ )NLP‬وتطوير األدوات والربامج‬
‫املناسبة رضور ًًيا لتحقيق الفرص‪ ،‬وتفادي املخاطر املحتملة‪ .‬لذلك يتعني عىل‬
‫املؤسسات املالية اإلسالمية أن تدفع للتعاون مع اخلرباء يف جمال معاجلة اللغة الطبيعية‬
‫والفقهاء العاملني يف قطاع املال اإلسالمي؛ لتحقيق أقىص استفادة من هذه التقنيات‬
‫وحتسني اخلدمات املقدمة للعمالء بطرق عديدة؛ من خالل التواصل مع املؤسسات‬
‫املالية اإلسالمية عرب الدردشة احلية‪ ،‬أو الربيد اإللكرتوين‪ ،‬أو التطبيقات املحمولة‪.‬‬

‫‪ 3-3‬استخدام تقنية (‪ )NLP‬في التواصل مع عمالء المؤسسات المالية اإلسالمية‬


‫يمكن أن يؤثر استخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية يف املنتجات املالية اإلسالمية‬
‫بشكل إجيايب عىل جتربة املستخدم وتواصل العمالء بطرق عديدة من خالل توفري‬
‫خدمة العمالء املحسنة؛ بحيث يمكن تطوير نامذج لغوية تستطيع فهم استفسارات‬
‫العمالء بشكل أكثر دقة‪ ،‬وتوفري إجابات رسيعة وشاملة‪ .‬ويمكن للعمالء التواصل‬
‫مع املؤسسة املالية اإلسالمية عرب الدردشة احلية أو الربيد اإللكرتوين‪ ،‬أو التطبيقات‬
‫املحمولة للحصول عىل مساعدة فورية بشأن املنتجات واخلدمات املالية اإلسالمية‪.‬‬
‫(بوزب وسحنون‪ ،2019 ،‬ص‪)161‬‬
‫كام يمكن عرب هذه التقنية حتليل توجهات واحتياجات العمالء من خالل التفاعل معهم‬
‫واستخدام حتليالت اللغة لفهم أهدافهم وتفضيالهتم بنا ًًء عىل هذه املعلومات‪ ،‬كام‬
‫يمكن ختصيص منتجات وخدمات مالية مثل‪ :‬القروض وحسابات التوفري وخيارات‬
‫االستثامر لتلبية احتياجاهتم الرشعية واملالية‪( .‬بوزب وسحنون‪ ،2019 ،‬ص‪)161‬‬
‫وعرب هذه التقنية يمكن تبسيط اإلجراءات املالية اإلسالمية‪ ،‬وتوفري جتربة مستخدم‬
‫سلسة وسهلة‪ .‬عىل سبيل املثال‪ ،‬يمكن للنامذج اللغوية حتليل وثائق املالية اإلسالمية؛‬
‫وتوجيه العمالء خالل عمليات فتح احلسابات‪ ،‬أو تقديم طلبات القروض بطرق‬
‫مبسطة ومفهومة‪.‬‬
‫كام تتيح هذه التقنية مراقبة وإدارة املخاطر من خالل مراقبة النصوص؛ وحتليل البيانات‬
‫املالية للكشف عن املخاطر املحتملة يف املنتجات املالية اإلسالمية‪ .‬كام يمكن تقديم‬

‫‪195‬‬
‫معلومات الختاذ إجراءات وقائية ولتوفري حتذيرات مبكرة للعمالء وتعزيز شفافية‬
‫املنتجات املالية‪.‬‬
‫وباستخدام هذه التقنية يمكن حتقيق جتربة مستخدم حمسنة وتعزيز التواصل بني‬
‫املؤسسات املالية اإلسالمية وعمالئها‪ .‬ومن خالل ذلك التواصل الفعال‪ ،‬يمكن تعزيز‬
‫الثقة وكسب رضا العمالء‪ ،‬من خالل توفري جتربة تفاعلية متعددة اللغات‪ ،‬حيث يمكن‬
‫للعمالء التواصل بلغتهم املفضلة‪ ،‬واحلصول عىل إجابات وتوجيهات دقيقة بشكل‬
‫مبارش‪ .‬عالوة عىل ذلك يمكن حتليل ردود العمالء وتعليقاهتم عىل املنتجات املالية‬
‫اإلسالمية ملعرفة مستوى الرضا‪ .‬ويمكن استخدام هذه الردود يف حتسني التصميم‬
‫واألداء وتلبية توقعات العمالء بشكل أفضل‪.‬‬

‫‪ 4 -3‬استخدام تقنية (‪ )NLP‬في تحليل النصوص الشرعية في المنتجات المالية اإلسالمية‬


‫ما زال استخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية يف حتليل النصوص الرشعية املرتبطة‬
‫باملنتجات املالية اإلسالمية قيد البحث والتطوير‪ ،‬وما تزال هناك حاجة إىل عمل إضايف‬
‫لتحقيق الدقة واملوثوقية الكاملة يف هذا املجال‪ .‬وعىل الرغم من ذلك فإن استخدام‬
‫هذه التقنية يف هذا اجلانب يمكن أن يوفر العديد من الفوائد املحتملة‪ ،‬ومن بينها ما ييل‪:‬‬
‫‪ .‬أتسهيل وترسيع عملية حتليل النصوص الرشعية املتعلقة هبذه املنتجات بشكل‬
‫شامل وشمويل‪ .‬فهذه التقنية تستطيع استخالص املعلومات واملفاهيم الرئيسية‬
‫من النصوص‪ ،‬وحتليل العالقات بني الكلامت واجلمل واملفاهيم‪ .‬وبالتايل‪ ،‬يمكنها‬
‫توفري نظرة عامة وشاملة حول النصوص واملعلومات الرشعية املتعلقة هبذه‬
‫املنتجات‪ ،‬وفهم األحكام والضوابط الرشعية هلا بشكل أفضل وأكثر دقة‪ ،‬بدالً من‬
‫االعتامد عىل التحليل اليدوي واملعاجلة البرشية‪ ،‬ويمكن للتقنية أن تقدم أدوات آلية‬
‫الستخراج املعلومات وحتليلها بشكل أكثر فعالية‪.‬‬
‫‪.‬بتسهيل التعامل مع البيانات الضخمة من خالل استخدام أدوات لتحليل وفهم‬
‫البيانات الضخمة املرتبطة باملنتجات املالية اإلسالمية بشكل أكثر فعالية وفعالية‪.‬‬
‫‪ .‬جحتسني خدمة العمالء‪ ،‬فيمكن للتقنية أن تفهم استفسارات العمالء واحتياجاهتم‬

‫‪196‬‬
‫بشكل أفضل‪ ،‬وتوفر إجابات فورية وخمصصة بنا ًء عىل النصوص الرشعية املتعلقة‬
‫باملنتجات املالية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .‬د اكتشاف االحتيال واملخاطر املحتملة يف املنتجات املالية اإلسالمية‪ ،‬من خالل‬
‫حتليل النصوص والبيانات ذات الصلة‪ ،‬وتوفري التحليل التنبؤي هلذه املنتجات‬
‫باستخدام هذه النصوص الرشعية والبيانات املالية‪.‬‬

‫‪ 1-4-3‬استخدام تقنية ‪ NLP‬في تحليل الفتاوى‬


‫يمكن استخدام تقنيات ‪ NLP‬لتحليل التصنيفات املختلفة للفتاوى‪ ،‬مثل تصنيف‬
‫الفتوى حسب املوضوع‪ ،‬وحتليل عدد الفتاوى املصدرة من كل مفتي‪ ،‬وكذلك حتليل‬
‫تصنيف الفتوى حسب اجلنس والعمر واملهنة والتعليم واملنطقة اجلغرافية‪ ،‬واخللفية‬
‫الثقافية للمسألة املطروحة‪ .‬ويمكن استخدام هذه التحليالت لتحديد األنامط الشائعة‬
‫للفتاوى واألحكام الرشعية‪ ،‬وحتديد العوامل التي تؤثر عىل تلك األنامط‪https://2u.( .‬‬

‫‪)pw/iOvQb2G‬‬
‫لتحليل الفتاوى والتعرف عىل الكلامت الرئيسية‬ ‫‪NLP‬‬ ‫ويمكن استخدام تقنيات‬
‫املستخدمة فيها‪ ،‬مثل األحكام الرشعية‪ ،‬واملصطلحات الفقهية‪ ،‬والقواعد الرشعية‪،‬‬
‫وحتليل استخدام هذه الكلامت يف الفتاوى املختلفة‪ ،‬وكذلك حتليل الكلامت الشائعة‬
‫التي يتم استخدامها لوصف املسائل املختلفة‪ .‬ويمكن استخدام هذه التحليالت‬
‫لتحديد الكلامت األكثر استخدام ًًا يف الفتاوى واألحكام الرشعية‪ ،‬وحتديد األنامط‬
‫اللغوية املستخدمة يف الفتاوى الزعاترة‪ )2023 ،‬أثر الذكاء االصطناعي يف صياغة‬
‫الفتوى‪)https://2u.pw/iOvQb2G( .‬‬
‫كام يمكن استخدام تقنيات ‪ NLP‬لتحليل السياق الذي يتم استخدامه يف الفتاوى‪،‬‬
‫مثل حتليل اجلمل والعبارات املستخدمة يف الفتاوى وحتليل معانيها‪ ،‬وحتليل العالقات‬
‫الداللية بني الكلامت واملفاهيم املستخدمة يف الفتاوى‪ .‬ويمكن استخدام هذه‬
‫التحليالت لتحديد مدى وضوح ودقة واستناد الفتوى إىل النصوص الرشعية واألدلة‬
‫الفقهية‪( .‬الزعاترة‪ )2023 ،‬أثر الذكاء االصطناعي يف صياغة الفتوى‪https://2u.pw/( .‬‬

‫‪197‬‬
‫‪)iOvQb2G‬‬

‫وتتيح استخدام تقنيات ‪ NLP‬حتليل األنامط املوجودة يف الفتاوى‪ ،‬مثل حتليل األنامط‬
‫املتكررة لألسئلة‪ ،‬واملسائل التي يتم طرحها يف الفتاوى‪ ،‬وحتليل األنامط املتصلة‬
‫باألحكام الرشعية‪ ،‬واملصطلحات الفقهية‪ ،‬والقواعد الرشعية‪ .‬كام يمكن استخدام‬
‫هذه التقنية يف حتليل االنحياز واملشاعر املوجودة يف الفتاوى‪ ،‬مثل حتليل اللهجة‬
‫واألسلوب املستخدم يف الفتاوى وحتليل املشاعر واملواقف التي يتضمنها النص‬
‫الرشعي‪ .‬ويمكن استخدام هذه التحليالت لتحديد مدى تأثري االنحياز واملشاعر عىل‬
‫الفتاوى واإلجابات الرشعية املقدمة‪ ،‬وحتليل األسباب التي جتعل بعض الفتاوى أكثر‬
‫تأث ً‬
‫ريًا من غريها‪.‬‬
‫وعرب استخدام تقنيات ‪ NLP‬يمكن حتليل جودة الفتاوى واإلجابات الرشعية املقدمة‪،‬‬
‫مثل حتليل مدى دقة ومرونة وشمولية وتفصيل الفتوى‪ ،‬وحتليل عدد األدلة الرشعية‬
‫التي تم استخدامها فيها‪ ،‬وحتليل وجود أخطاء لغوية أو شكلية يف النص الرشعي‪.‬‬

‫‪ 5-3‬استخدام التقنية في تحسين اإلفصاح المالي للمنتجات المالية اإلسالمية‬


‫يف حتسني اإلفصاح املايل للمنتجات املالية‬ ‫‪NLP‬‬ ‫يمكن القول بأن استخدام تقنية‬
‫اإلسالمية يمثل خطوة مهمة يف تعزيز الثقة والشفافية يف هذه املنتجات‪ ،‬وتوفري‬
‫املعلومات املالية الالزمة للمستثمرين والعمالء‪ ،‬وحتسني جودة ودقة املعلومات املالية‬
‫املتعلقة هبذه املنتجات‪ .‬ويمكن أن تساهم هذه التقنية يف العديد من املجاالت‪ ،‬وفق‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ .‬أحتليل النصوص املالية وحتديد املفردات واملصطلحات الرئيسية املتعلقة بمنتجات‬
‫التمويل اإلسالمي وحتليل العالقات بينها‪ .‬وتشمل هذه النصوص معلومات‬
‫متنوعة مثل‪ :‬الرشوط واألحكام واألسعار والتكاليف والعوائد واملخاطر املرتبطة‬
‫باملنتجات املالية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪.‬بتطوير نامذج حتليل النصوص املالية الذكية‪ ،‬وحتديد املفردات واملصطلحات املالية‬
‫الرئيسية‪ ،‬وحتليل العالقات بينها‪ .‬وذلك لتحديد املخاطر املحتملة والتحديات‬

‫‪198‬‬
‫املتعلقة بمنتجات التمويل اإلسالمي‪،‬‬
‫‪ .‬جحتليل البيانات املالية الضخمة؛ التي تشمل معلومات مثل الرشوط واألحكام‬
‫واألسعار والتكاليف والعوائد واملخاطر املرتبطة باملنتجات املالية اإلسالمية‪،‬‬
‫وتقديم تقارير مالية دقيقة وشاملة للمستثمرين واملتداولني‪.‬‬
‫‪ .‬دحتسني الشفافية يف املنتجات املالية اإلسالمية‪ ،‬وذلك بتوضيح املعلومات املالية‬
‫للمستثمرين والعمالء بشكل أفضل‪ ،‬وحتليل البيانات املالية لتقديم تقارير مالية‬
‫شاملة ودقيقة‪.‬‬
‫‪ .‬هحتليل النصوص املالية لتحديد األخطاء اإلمالئية والنحوية يف النص وتصحيحها‪،‬‬
‫مما يساعد عىل حتسني جودة املعلومات املالية وتوفريها بشكل دقيق وصحيح‬
‫للمستثمرين والعمالء‪.‬‬
‫‪ .‬وتوضيح املعلومات املالية للمستثمرين والعمالء بشكل أفضل‪ ،‬وحتليل البيانات‬
‫املالية لتقديم تقارير مالية شاملة ودقيقة يمكن استخدامها لتحسني اإلفصاح املايل؛‬
‫وتعزيز الثقة يف املنتجات املالية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .‬زحتليل النصوص املالية لتحديد األخطاء اإلمالئية والنحوية يف النص؛ وتصحيحها‪،‬‬
‫مما يساعد عىل حتسني جودة املعلومات املالية وتوفريها بشكل دقيق وصحيح‬
‫للمستثمرين والعمالء‪.‬‬
‫وهناك العديد من األمثلة عىل استخدام تقنية ‪ NLP‬يف حتسني اإلفصاح املايل للمنتجات‬
‫املالية اإلسالمية‪ ،‬ومن بني هذه األمثلة‪ :‬رشكة ‪ :SEDCO Capital‬التي قامت بتطوير‬
‫نظام اإلفصاح املايل الذكي باستخدام هذه التقنية‪ ،‬وكذلك بنك الرياض‪ ،‬وبنك قطر‬
‫الوطني‪ ،‬ورشكة بيت التمويل الكويتية‪.‬‬

‫‪ 6/3‬بنوك ومؤسسات مالية إسالمية استخدمت تقنية ‪NLP‬‬


‫هناك العديد من البنوك واملؤسسات املالية اإلسالمية تطبق تقنية معاجلة اللغة الطبيعية‬
‫يف أعامهلا سواء عىل مستوى منطقة اخلليج؛ أو عىل املستوى اإلقليمي والدويل‪ ،‬وهي‬
‫كالتايل‪:‬‬

‫‪199‬‬
‫‪ 1/6/3‬تطبيقات تقنية ‪ NLP‬على مستوى دول الخليج العربية‬
‫هناك العديد من املصارف اإلسالمية والتقليدية استخدمت تقنية معاجلة اللغة الطبيعية‬
‫يف تطبيقاهتا وخدماهتا‪ .‬من بني هذه املصارف مرصف الراجحي يف اململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬حيث قام املرصف بتطوير تطبيق مرصيف ذكي يستخدم تقنية معاجلة اللغة‬
‫الطبيعية لتحسني جتربة العمالء‪ .‬عرب رشكة نيوليب التابعة ملرصف الراجحي التي‬
‫أطلقت حمفظة ‪ urpay‬الرقمية‪ ،‬إضاف ًًة إىل تقديم عدد من املنتجات واخلدمات املالية‪.‬‬
‫(‪)https://2u.pw/Q4OgkGs‬‬
‫وكذلك بنك اإلمارات ديب الوطني‪ ،‬حيث أعلن البنك عن عملية حتول هدفها تسخري‬
‫قوة الذكاء االصطناعي إلحداث تغيري يف عمليات البنك وتعزيز انتاجيته بدعم من‬
‫رشكة مايكروسوفت عرب رشكة «جيت هاب كوبايلوت إكس (‪.)GitHub Copilot X‬‬
‫كام تم إطالق استخدام شات جي يب يت عرب مجيع وحدات األعامل والدعم‪ ،‬كام أن‬
‫البنك استضاف مؤخر ًًا حدث (ماكثون الذكاء االصطناعي اخلالق يف ‪ 9‬يوليو ‪،2023‬‬
‫حيث تعاونت فرق مشرتكة من وحدات األعامل وتكنولوجيا املعلومات يف البنك مع‬
‫خرباء من مايكروسوفت وماكينزي وكوانتوم بالك‪)https://cutt.us/XX0Cq( .‬‬
‫كام أن بنك الرياض يف اململكة العربية السعودية قام بتطوير تطبيق مرصيف ذكي يستخدم‬
‫تقنية (‪ )NLP‬لتحسني جتربة العمالء عرب اخلدمة الصوتية (صوتك يكفي)؛ وتشمل‬
‫خدمة بصمة الصوت وخدمة األوامر الصوتية‪ ،‬وتتيح هذه اخلدمة ملستخدمي هاتف‬
‫الرياض تسجيل الدخول وإمتام املعامالت املرصفية عرب صوهتم فقط‪ .‬وتعمل اخلدمة‬
‫وفق آلية تقوم عىل فهم اللغة الطبيعية واسرتاتيجيات التصحيح واحلوار املتقدمة‪،‬‬
‫وتوجيه املكاملات بحيث يتمكن املتصل من الدخول إىل حسابه عرب هاتف الرياض‪ ،‬من‬
‫خالل التعرف عىل األوامر الصوتية والتفاعل معها آل ًًيا بنظام التفاعل الصويت ‪Speech‬‬

‫‪ ،Recognition‬بعد التسجيل املسبق هبذه اخلدمة‪)https://2u.pw/OyVHrMZ( .‬‬


‫كام أن بنك ديب اإلسالمي يف اإلمارات العربية املتحدة يقدم جمموعة من املنتجات‬
‫‪،)DIB‬‬ ‫إطالق (‪alt‬‬ ‫واخلدمات املالية اإلسالمية من خالل تقنية (‪)NLP‬؛ حيث تم‬

‫‪200‬‬
‫العالمة الرقمية الشاملة التي جتمع كافة العروض والقدرات الرقمية للبنك حتت مظلة‬
‫واحدة‪ .‬وتضم املنصة أكثر من ‪ 135‬خدمة رقمية تتوفر عرب تطبيق بنك ديب اإلسالمي‬
‫للهواتف املتحركة‪ ،‬وتلبي هذه املنصة مجيع االحتياجات املرصفية للمتعاملني‪ ،‬حيث‬
‫تتيح هلم فتح حساب مرصيف يف غضون فرتة قصرية‪ ،‬والتقدم بطلب احلصول عىل متويل‬
‫شخيص أو بطاقات ائتامن‪ ،‬فضاًلا عن حتويل األموال حمل ًًيا أو دول ًًيا‪ ،‬وإجراء املدفوعات‬
‫وغريه‪)https://cutt.us/k8RCr( .‬‬
‫‪ :Ethica‬ومقره الرئييس يف ديب‪،‬‬ ‫‪Institute of Islamic Finance‬‬ ‫وكذلك معهد‬
‫باإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬الذي تأسس يف عام ‪ .2004‬وهو يوفر دورات تعليمية‬
‫وشهادات متخصصة يف املال اإلسالمي والتمويل للطالب واملهنيني‪ ،‬وتستخدم تقنية‬
‫معاجلة اللغة الطبيعية يف تنظيم املحتوى وتطوير املواد التعليمية يف هذا املعهد‪https://( .‬‬
‫‪)ethica.institute‬‬

‫‪ 2/6/3‬تطبيقات على المستوى اإلقليمي‬


‫التي يقع مقرها الرئييس‬ ‫‪Blossom Finance‬‬ ‫وعىل املستوى اإلقليمي نجد رشكة‬
‫يف جاكرتا‪ ،‬بإندونيسيا‪ ،‬التي تأسست يف عام ‪ .2015‬وتعمل يف جمال تقنيات املال‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وتقديم حلول االستثامر املتوافقة مع الرشيعة‪ .‬وتوفر خدمات استشارية‬
‫مالية مبتكرة للمستثمرين‪)https://blossomfinance.com( .‬‬
‫وقد استخدم هذه التقنية كذلك بنك القاهرة‪ -‬مرص الذي ُُيعد واحًدً ا من أكرب البنوك‬
‫يف مرص ويقدم خدمات مالية إسالمية متنوعة‪ .‬وبنك الرشق األوسط املغرب؛ الذي‬
‫ُُيعد واحًدً ا من أبرز البنوك اإلسالمية يف املغرب و‪ :Maybank Islamic Berhad‬الفرع‬
‫اإلسالمي للبنك املاليزي ‪ ،Maybank‬وهو واحد من أكرب البنوك اإلسالمية يف ماليزيا‪،‬‬
‫فقد استخدم تقنية معاجلة اللغة الطبيعية يف تطوير منتجاته املالية اإلسالمية‪ ،‬وكذلك‬
‫بنك ‪ :Bank Muamalat Malaysia‬الذي يعد من البنوك اإلسالمية الرائدة يف ماليزيا‪.‬‬

‫‪ 3/6/3‬تطبيقات على المستوى الدولي‬


‫هناك بنوك عاملية كبرية تستخدم روبوتات الدردشة (‪ )Chatbots‬لتحسني جتربة العمالء‬

‫‪201‬‬
‫وتوفري خدمة فعالة‪ ،‬كام سبق االشارة إىل ذلك‪ ،‬وكذلك هناك رشكات عاملية كرشكة‬
‫‪ :Wahed Invest‬ومقرها الرئييس يف نيويورك‪ ،‬التي تأسست يف عام ‪ ،2015‬وهي ُتُعد‬
‫منصة استثامر رقمية توفر خدمات االستثامر املتوافقة مع الرشيعة اإلسالمية‪ .‬وتعمل‬
‫عىل توفري حلول استثامرية إسالمية مبتكرة باستخدام التكنولوجيا املالية‪ ،‬وتستخدم‬
‫تقنية معاجلة اللغة الطبيعية لتحليل البيانات الرشعية وتقديم استشارات مالية إسالمية‪.‬‬
‫(‪)https://www.wahed.com/global‬‬
‫‪ :Ideal‬ومقرها الرئييس يف سان فرانسيسكو‪ ،‬يف الواليات‬ ‫‪Ratings‬‬ ‫وكذلك رشكة‬
‫املتحدة التي كان تأسيسها يف عام ‪ ،2006‬وهي توفر حلول تقييم وتصنيف األصول‬
‫املالية املتوافقة مع الرشيعة اإلسالمية‪ .‬وتستخدم تقنية معاجلة اللغة الطبيعية لتحليل‬
‫وترمجة الوثائق واملعلومات املالية بام يتوافق مع األحكام الرشعية‪ .‬وتقدم تقارير‬
‫ومعلومات رشعية عن األصول املالية للمستثمرين واملؤسسات املالية املهتمة باالستثامر‬
‫املتوافق مع الرشيعة اإلسالمية‪)https://www.idealratings.com( .‬‬

‫المستخِدمة لتقنية (‪)NLP‬‬


‫ِ‬ ‫‪ 7/3‬مؤشرات تقييم المنتجات المالية اإلسالمية‬
‫يتطلب تقييم املنتجات املالية اإلسالمية املستخدمة لتقنية معاجلة اللغة الطبيعية (‪)NLP‬‬
‫استخدام مؤرشات ومعايري خمتلفة لضامن توافق هذه املنتجات مع الرشيعة اإلسالمية‪،‬‬
‫وتلبية احتياجات العمالء‪ .‬ومن بني هذه املؤرشات واملعايري ما ييل‪:‬‬
‫االمتثال الرشعي‪ :‬يتعني عىل املنتجات املالية اإلسالمية التي تستخدم هذه التقنية‬
‫االمتثال لألحكام الرشعية اإلسالمية‪ ،‬وأن تتميز بالشفافية‪ ،‬وأن تتصف باملشاركة يف‬
‫الربح واخلسارة‪ .‬عالوة عىل ذلك جيب أن تكون هذه املنتجات متكاملة تقن ًًيا ومتوافقة‬
‫مع املعايري الدولية ألمن املعلومات‪ ،‬واحلامية من االخرتاقات واالحتيال‪ ،‬وتوفري أنظمة‬
‫أمنية فعالة ومتقدمة حلامية بيانات العمالء واملعلومات املالية‪ .‬وتطبيق معايري األمان‬
‫الدولية للتأكد من سالمة تقنية (‪ )NLP‬املستخدمة يف تطوير هذه املنتجات‪( .‬السويلم‪،‬‬
‫‪ ،2019‬ص‪)100‬‬
‫ٍ‬
‫متميٍز‪ ،‬وتلبي احتياجات‬ ‫ٍ‬
‫كذلك جيب أن تكون هذه املنتجات قادرة عىل حتقيق أداٍء‬

‫‪202‬‬
‫العمالء‪ ،‬من خالل تقديم حلول مالية مبتكرة ومتكاملة‪ ،‬وأن يتم تقديمها للعمالء‬
‫بالرسعة املطلوبة؛ وبشكل متميز‪ ،‬وأن تكون شفافة وسهلة الفهم‪ ،‬وجيب أن تقدم‬
‫للعمالء معلومات مفصلة حول الرشوط واألحكام والتكاليف املتعلقة بتلك املنتجات‪،‬‬
‫من خالل توفري معلومات واضحة ومفصلة حول اخلدمات املالية املقدمة‪ ،‬والتكاليف‪،‬‬
‫واألحكام‪ ،‬والرشوط‪( .‬السويلم‪ ،2019 ،‬ص‪.)101‬‬
‫عالوة عىل ذلك أن تكون هذه املنتجات قادرة عىل االستجابة الحتياجات العمالء‬
‫ومتطلباهتم وتتميز بمرونة يف التعامل مع العمالء‪ .‬وأن تكون متوافقة مع تكلفة‬
‫اخلدمات املالية اإلسالمية األخرى وبأسعار معقولة ومتاحة للجميع‪ ،‬وأن تكون‬
‫املنتجات مبتكرة وتقدم حلواًلا إبداعية ملشكالت العمالء‪ ،‬وتوفري خدمات مالية تلبي‬
‫ٍ‬
‫بشكٍل أفضل‪ ،‬وحتل مشكالهتم بطرق جديدة ومبتكرة لالستفسارات‬ ‫احتياجاهتم‬
‫املرصفية املختلفة‪.‬‬

‫رابًعً ا‪ :‬الفرص التي توفرها تقنية(‪ )NLP‬في تطوير المنتجات المالية اإلسالمية‬
‫ريٌة‬
‫الفرص والتحديات يف تطوير املنتجات املالية يف القطاع املايل اإلسالمي كث ٌ‬
‫ومتعددٌةٌ‪ ،‬وتنبع أمهية دراستها من ارتباطها بحارض ومستقبل املؤسسات املالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ولرضورة حتديد اجتاهات الطلب عىل منتجات هذه املؤسسات‪ ،‬من حيث‬
‫تطويرها‪ ،‬ووضع سياسات تنفيذها‪ ،‬وحتديد سامهتا القانونية والرشعية‪ ،‬وتقويم كفاءهتا‬
‫االقتصادية؛ عالوة عىل ذلك إلجياد حلول للمشكالت التي تقلل من عدم استغالل‬
‫الفرص املتاحة بالقدر الكايف؛ مصحو ًًبا ذلك كله بوضع اخلطط واالسرتاتيجيات‬
‫اهلادفة إىل مواجهة التحديات‪.‬‬
‫يوفر استخدام تقنية (‪ )NLP‬العديد من الفرص يف تطوير املنتجات املالية اإلسالمية‪،‬‬
‫من ذلك ما ييل‪:‬‬
‫‪ .‬أحتسني جتربة العمالء من خالل حتليل اللغة واملفردات املستخدمة يف تفاعالهتم‪،‬‬
‫إذ تستطيع األنظمة الذكية أن تفهم احتياجات العمالء‪ ،‬كام يمكنها تقديم املشورة‬
‫املالية‪ ،‬واالستجابة لالستفسارات‪ ،‬وتقديم الدعم بطريقة رسيعة وفعالة‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪.‬بفهم احتياجات السوق وتوقعات املستثمرين‪ ،‬وحتليل اجتاهات وميول العمالء‬
‫املالية عرب األنظمة الذكية التي تستطيع حتليل املعطيات املالية واالقتصادية‬
‫واالجتامعية لتحديد الفرص اجلديدة‪ ،‬وحتديد الفجوات يف سوق املنتجات املالية‬
‫اإلسالمية واقرتاح حلول جديدة هلا‪( .‬بلوايف والبشري‪ ،2019 ،‬ص‪)200‬‬
‫‪ .‬ج حتليل األخبار والتقارير املالية والفتاوى الرشعية‪ ،‬وتقديم توصيات استثامرية‬
‫مبنية عىل تلك املعلومات‪ .‬وبالتايل يمكن أن تساعد تقنية (‪ )NLP‬املستثمرين يف‬
‫اختاذ قرارات استثامرية مستنرية ومتوافقة مع الرشيعة‪.‬‬
‫‪ .‬دحتليل العقود واملستندات املالية والتحقق من مدى امتثاهلا للرشيعة‪ .‬وبالتايل‪،‬‬
‫يمكن حتسني الكفاءة والدقة يف عمليات التحقق الرشعي وتقليل املخاطر املحتملة‬
‫املتعلقة بعدم االمتثال‪.‬‬
‫‪ .‬هتطوير حلول توعوية وتعليمية متعلقة باملنتجات املالية اإلسالمية من حيث‬
‫حتليل املصادر التعليمية واملوارد الرشعية‪ ،‬وتقديم معلومات توعوية للعمالء‬
‫واملستثمرين حول املفاهيم واملبادئ الرشعية هلذه املنتجات‪ ،‬وبالتايل تسهم يف‬
‫تعزيز الوعي واملعرفة وزيادة الثقافة املالية للعمالء‪.‬‬
‫‪ .‬وحتليل النصوص املكتوبة واألوامر الصوتية للعمالء وتنفيذ مهام مثل فتح حسابات‬
‫مرصفية‪ ،‬وإجراء عمليات التحويل‪ ،‬وتقديم االستشارات املالية الشخصية‪ .‬وفهم‬
‫وحتليل املحادثات والرسائل النصية والربيد اإللكرتوين‪ ،‬وتقديم ردود ف ّعالة‬
‫وشخصية لالستفسارات العامة واملشكالت التقنية واالستفسارات املالية‪.‬‬
‫‪ .‬زحتليل الرأي ومراقبة السمعة‪ ،‬إذ تستطيع هذه التقنية حتليل وفهم آراء العمالء‬
‫ومراقبة سمعة العالمة التجارية‪ ،‬حيث تستطيع النامذج اللغوية حتليل املقاالت‬
‫واملراجعات واملشاركات عىل وسائل التواصل االجتامعي لفهم مشاعر العمالء‬
‫وتقديم ردود فعل مناسبة‪ ،‬واختاذ إجراءات حتسني اجلودة‪.‬‬
‫‪ .‬حتطوير منتجات مالية جديدة عرب هذه التقنية من خالل حتليل األحكام الرشعية‪،‬‬
‫وتصميم معايري جديدة‪ ،‬مما يساعد يف توسيع نطاق املنتجات املالية اإلسالمية‬
‫وتلبية احتياجات العمالء‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫‪ .‬طتوسيع نطاق اخلدمات املالية اإلسالمية إىل مناطق جديدة والدخول إىل أسواق غري‬
‫مستغلة بشكل كامل‪.‬‬

‫خامًسً ا‪ :‬التحديات التي تواجه استخدام تقنية (‪ )NLP‬في تطوير المنتجات‬


‫المالية اإلسالمية‬
‫عىل الرغم من الفرص الكثرية التي يمكن استغالهلا يف تطوير املنتجات املالية اإلسالمية‬
‫عرب تقنية (‪ ،)NLP‬إال أن هذه التقنية حتمل يف طياهتا العديد من املخاطر والتحديات‬
‫التي يمكن أن تؤثر عىل استخدامها‪ ،‬عالوة عىل التحديات التقنية واملؤسسية التي‬
‫تواجه مؤسسات التمويل اإلسالمي بصفة عامة؛ والتي تزيد من حجم حتديات‬
‫استخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية يف تطوير املنتجات؛ التي تتمثل يف عدم وجود‬
‫موّحد ينظم عمل‬
‫بيانات كافية عن مؤسسات التمويل اإلسالمي ضمن إطار تنظيمي ّ‬
‫هذه املؤسسات‪ ،‬وكل ما هناك وجود أجهزة تنظيمية خمتلفة يف كل دولة هتتم بالرقابة‬
‫واإلرشاف عىل املحيط املحيل فقط‪.‬‬
‫شعوًرا باالنكفاء عىل‬
‫ً‬ ‫وقد ولد هذا التباين نظرة أحادية يف التعامل مع اآلخر‪ ،‬وخلق‬
‫الذات‪ ،‬واستغالل ما هو متاح من امكانيات وموارد وتقنيات دون تبادل املنافع مع‬
‫اآلخرين‪ ،‬وقد فوت هذا الترصف االنكفائي العديد من الفرص‪ ،‬وأضاع الكثري من‬
‫الفوائد‪ ،‬وبدأت هذه املؤسسات املالية اإلسالمية وكأهنا تعيش يف جزر معزولة‪ ،‬بعيدة‬
‫عن تبادل اخلربات واملعلومات واستخدام التقنيات احلديثة‪ ،‬يف وقت تتعاون فيه‬
‫املؤسسات املالية التقليدية بشكل كبري‪( .‬البشري‪ ،2022 ،‬ص ‪.)2‬‬
‫ويف ظل هذه الوضعية؛ ظهرت حاجة ماسة إىل تعاون كبري بني القطاعات املختلفة‬
‫يف هذه املؤسسات‪ ،‬ليس يف جمال التوجه نحو التقنيات احلديثة فحسب‪ ،‬بل للتوجه‬
‫يعّزز الفاعلية واإلنتاجية والشفافية‬
‫نحو العمل املشرتك‪ ،‬ونقل اخلربات والتجارب؛ مما ّ‬
‫ويزيل التباينات اإلقليمية‪ ،‬عرب تطوير نامذج تقنية معاجلة اللغة الطبيعية التي تستوعب‬
‫هذه التباينات اإلقليمية وتكون قادرة عىل توفري جتربة خمصصة ومتناسبة مع كل سوق‪.‬‬
‫ومن التحديات التي تواجه استخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية يف تطوير املنتجات‬

‫‪205‬‬
‫املالية اإلسالمية ما ييل‪:‬‬
‫‪ 1/5‬التحديات اللغوية‪ :‬قد تواجه تقنية معاجلة اللغة الطبيعية صعوبة يف فهم اللغة‬
‫العربية والرشعية املستخدمة يف املؤسسات املالية اإلسالمية‪ .‬فاللغة العربية تتميز‬
‫بخصائص عديدة من نحو وبالغة وقواعد‪( .‬معافة‪ ،2022 ،‬ص‪ ،)14‬باإلضافة إىل‬
‫ذلك؛ فإن فهم املفاهيم الرشعية يف التمويل اإلسالمي يتطلب معرفة خاصة‪ .‬لذلك‬
‫بات من الرضوري تدريب نامذج معاجلة اللغة الطبيعية عىل اللغة العربية‪ ،‬وتعلم‬
‫القواعد واملفاهيم الرشعية اإلسالمية اخلاصة بالتمويل اإلسالمي‪.‬‬
‫عالوة عىل ذلك يتطلب استخدام تقنية (‪ )NLP‬املعاجلة اللغوية للنصوص بلغات‬
‫متعددة‪ ،‬مما يتطلب فهاًما دقي ًًقا للغات والثقافات املختلفة‪ .‬وللتغلب عىل هذا التحدي‬
‫يمكن توفري نامذج تدريب متعددة للنظام لتعلم االختالفات اللغوية املتعلقة باملنتجات‬
‫املالية اإلسالمية يف الدول املختلفة‪ .‬ويمكن تكييف حتليل اللغة وتوليد التوصيات وف ًًقا‬
‫لتلك االختالفات لتلبية احتياجات املستخدمني بدقة‪)https://2u.pw/9xTjn1o( .‬‬

‫‪ 2/5‬التحديات التقنية‪ :‬تتطلب تقنية (‪ )NLP‬مهارات تقنية عالية واستخدام أدوات‬


‫وبرامج متخصصة كام سبق اإلشارة إىل ذلك‪ ،‬ويتطلب ذلك توظيف خرباء يف هذا‬
‫املجال‪ .‬عالوة عىل ذلك‪ ،‬جيب توافر البنية التحتية الالزمة لتطبيق هذه التقنيات‪ ،‬وتوفري‬
‫البيانات الالزمة لتدريب النامذج اللغوية واألدوات والربامج املتخصصة‪ ،‬وتوفري‬
‫التدريب املناسب للعاملني عىل تلك التقنيات‪( .‬وازن‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪)170‬‬
‫‪ 3/5‬التحديات األخالقية‪ :‬يتطلب استخدام تقنية (‪ )NLP‬االلتزام بالمعايير األخالقية‪،‬‬
‫ومحاية البيانات الشخصية واخلصوصية‪ ،‬وااللتزام بالقوانني واللوائح املعمول هبا‪.‬‬
‫وجيب أن تتخذ املؤسسات املالية اإلسالمية إجراءات حلامية البيانات اخلاصة بالعمالء‬
‫وضامن عدم استخدامها بطرق غري مرشوعة‪.‬‬

‫‪ 4/5‬التحديات الشرعية‪:‬‬
‫يتطلب استخدام تقنية (‪ )NLP‬يف تطوير املنتجات املالية اإلسالمية فهاًما دقي ًًقا لألحكام‬
‫الرشعية وحتليلها بعناية‪ ،‬ويستلزم ذلك إزالة بعض أوجه اخلالف يف األحكام التي‬

‫‪206‬‬
‫يمكن جتاوزها للمصلحة العامة‪ ،‬وكذلك جتنب إيراد تعدد التفسريات حتى يمكن‬
‫استيعاهبا من األجهزة‪ ،‬وينبغي أن تكون النامذج اللغوية مدربة عىل جمموعة واسعة من‬
‫املصادر الرشعية وتفسرياهتا املختلفة لتقديم توجيهات دقيقة وشاملة‪.‬‬

‫‪ 5/5‬التحديات األمنية‬
‫من بني التحديات األمنية يف تطبيق تقنية (‪ )NLP‬حفظ الرسية واخلصوصية‪ ،‬مما‬
‫يتعني عىل املؤسسات املالية اإلسالمية ضامن محاية هذه البيانات واحلفاظ عىل رسيتها‬
‫وخصوصيتها بام يتوافق مع معايري األمان واخلصوصية املعرتف هبا‪ .‬عالوة عىل ذلك‬
‫قد يتطلب استخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية الوصول إىل بيانات حساسة تتعلق‬
‫باملعامالت املالية واخلدمات املرصفية‪ ،‬لذلك جيب أن يتم التعامل مع هذه البيانات‬
‫بحرص‪ ،‬وتوفري احلامية املناسبة ملنع الوصول غري املرصح به‪ ،‬مع التأكيد عىل التحقق من‬
‫هوية املستخدم عرب توفري آليات قوية للتحقق من هذه اهلوية‪ ،‬مثل االعتامد عىل العوامل‬
‫املتعددة والتشفري القوي وتقنيات احلامية األخرى‪( .‬اهليئة الوطنية لألمن السيرباين‪،‬‬
‫‪ ،2018‬ص‪.)25‬‬

‫‪ 6/5‬التحديات القانونية والتنظيمية‪:‬‬


‫استخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية يف املنتجات املالية اإلسالمية ينبغي أن يلتزم‬
‫بالقوانني واللوائح املحلية والدولية ذات الصلة‪ .‬فيجب عىل املؤسسات املالية اإلسالمية‬
‫االمتثال بالترشيعات املتعلقة بحامية البيانات واخلصوصية‪ ،‬ومكافحة غسل األموال‪،‬‬
‫ومتويل اإلرهاب‪ ،‬وغريها من املسائل املتعلقة باملنتجات املالية‪( .‬جملس اخلدمات املالية‬
‫اإلسالمية‪ ،2019 ،‬ص‪.)8‬‬
‫كام جيب عىل هذه املؤسسات العمل عىل تنفيذ إجراءات أمنية وخصوصية قوية حلامية‬
‫املستخدمني‪ ،‬وتقديم خدمات مالية إسالمية آمنة وموثوقة‪ .‬وينبغي توظيف متخصصني‬
‫يف أمن املعلومات واخلصوصية لتقييم وتنفيذ السياسات واإلجراءات املناسبة للتعامل‬
‫مع هذه التحديات‪ ،‬وضامن االمتثال للمعايري األمنية والقانونية‪ ،‬وتنفيذ إجراءات‬
‫أمان قوية مثل‪ :‬التشفري والوصول املحدود للبيانات احلساسة‪( .‬اهليئة الوطنية لألمن‬

‫‪207‬‬
‫السيرباين‪ ،2018 ،‬ص‪.)22‬‬
‫كذلك ينبغي تدريب املوظفني عىل قواعد األمان واخلصوصية‪ ،‬ورضورة االمتثال هلا‪،‬‬
‫وإجراء تقييامت أمنية دورية وعمل اختبارات االخرتاق للتحقق من مقاومة النظام‬
‫للهجامت اإللكرتونية‪ ،‬وتطوير سياسات وإجراءات للتعامل مع انتهاك البيانات‬
‫واالستجابة له‪ ،‬والعمل بالتعاون مع اجلهات التنظيمية واملختصة لضامن االمتثال‬
‫للمتطلبات القانونية والتنظيمية‪.‬‬
‫ومن التحديات كذلك؛ عدم توافر بيانات كافية وبجودة عالية عن املالية اإلسالمية‪،‬‬
‫فهذه التقنية تعتمد عىل البيانات للتدريب والتحسني‪ ،‬خاصة يف تلك احلاالت التي‬
‫تتطلب موارد مالية ووقت جلمع وتصنيف البيانات الالزمة‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪،‬‬
‫جيب التأكد من أن البيانات املستخدمة متثل تنو ًًعا كاف ًًيا لتعزيز أداء نامذج معاجلة اللغة‬
‫الطبيعية‪.‬‬

‫‪ 7/5‬التحديات الثقافية واالجتماعية‪:‬‬


‫جيب مراعاة التحديات الثقافية واالجتامعية املرتبطة بتطبيق تقنية معاجلة اللغة الطبيعية‬
‫يف املؤسسات املالية اإلسالمية‪ ،‬فقد تكون هناك اعتبارات خاصة بالرشعية اإلسالمية‬
‫وتفضيالت العمالء الدينية والثقافية‪ ،‬وقد يتطلب ذلك تعديل وختصيص النامذج‬
‫واألنظمة لضامن االمتثال للمعايري والقوانني الرشعية وتوفري جتربة مالئمة للعمالء‬
‫املاليني‪.‬‬

‫‪ 8/5‬تجاوز تحديات تقنية (‪ )NLP‬في تطوير المنتجات المالية اإلسالمية‬


‫عىل الرغم من كل تلك التحديات‪ ،‬يمكن ملؤسسات التمويل اإلسالمي أن تستخدم‬
‫تقنية (‪)NLP‬وتتفاعل معها‪ ،‬وتسعى جاهدة الختيار املفيد منها بحكمة وروية‪ ،‬ويمكن‬
‫هلذه املؤسسات التعاون لبناء قواعد بيانات موثوقة‪ ،‬ودعم وتعزيز البحث العلمي يف‬
‫جمال تطوير املنتجات املالية اإلسالمية‪ ،‬والتفاهم املشرتك لدخول األسواق املالية‪ ،‬كام‬
‫يمكن إنشاء وتأسيس منصات مشرتكة يف جمال التوعية والتعليم يف التمويل اإلسالمي‪.‬‬
‫(البشري‪ ،2022 ،‬ص‪.)3‬‬

‫‪208‬‬
‫عالوة عىل ذلك البد من التخطيط اجليد‪ ،‬والتعاون بني اخلرباء يف جمايل التمويل‬
‫اإلسالمي ومعاجلة اللغة الطبيعية‪ ،‬وينبغي أن يتم العمل عىل تطوير البحث واالبتكار‬
‫يف جمال تقنية (‪ .)NLP‬وحتقيق تقدم يف استخدام التقنيات اللغوية يف املؤسسات املالية‬
‫اإلسالمية‪ .‬وضامن تفهم دقيق للمفاهيم واألحكام الرشعية املتعلقة باملنتجات املالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬باإلضافة إىل ذلك أمهية استخدام تقنيات التعلم العميق والتدريب عىل‬
‫البيانات املتاحة لتحسني أداء النامذج وزيادة قدرهتا عىل التعامل مع تفاصيل هذه‬
‫املنتجات بدقة‪ ،‬بجانب التحديث والتطوير املستمر لألنظمة‪.‬‬

‫‪ 9/5‬المخاطر التي تواجه تطبيق تقنية(‪)NLP‬‬


‫هناك العديد من املخاطر ينبغي مراعاهتا عند استخدام تقنية معاجلة اللغة الطبيعية‪،‬‬
‫لذلك جيب أن تكون املؤسسات املالية اإلسالمية حذرة ومتيقظة هلذه املخاطر املتوقعة‬
‫عند استخدام هذه التقنية وتطبيق اإلجراءات الالزمة لتفادهيا وحتسني خدمات العمالء‬
‫وحتقيق أقىص استفادة من هذه التقنيات‪.‬‬
‫وجيب عىل املؤسسات املالية اإلسالمية التعرف عىل املخاطر املحتملة املتعلقة باستخدام‬
‫تقنيات (‪ ،)NLP‬عن طريق إجراء حتليل املخاطر وحتديد أنواعها‪ ،‬كاملخاطر اللغوية‬
‫التي تنشأ من عدم الدقة واالعتامدية للتحليل اللغوي‪( ،‬بودربالة‪ ،2021 ،‬ص‪،)266‬‬
‫حيث يمكن أن يؤدي تفسري النصوص بشكل خاطئ إىل اختاذ قرارات خاطئة‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إىل خسائر مالية‪.‬‬
‫عالوة عىل ذلك؛ فهناك املخاطر األمنية املتعلقة باخرتاق البيانات املالية واملعلومات‬
‫الشخصية للعمالء‪ ،‬واهلجامت بانتحال الشخصية‪ ،‬والربامج الضارة‪( ،‬املجلس‬
‫العام للبنوك اإلسالمية‪ ،)2020 ،‬إضافة إىل املخاطر الرشعية‪ :‬حيث يمكن أن يؤدي‬
‫استخدام تقنية (‪)NLP‬بطرق غري رشعية إىل جتاوزات رشعية‪ .‬مضا ًًفا إىل ذلك املخاطر‬
‫املتعلقة باملصطلحات الرشعية‪ ،‬فاستخدام مصطلحات غري دقيقة يؤدي إىل فهم خاطئ‬
‫للمفاهيم الرشعية‪ .‬إضافة إىل ذلك فهناك املخاطر املتعلقة بتحليل النصوص‪ ،‬فيجب‬
‫التأكد من دقة حتليل النصوص وتفسريها بشكل صحيح‪ ،‬حيث يمكن أن يؤدي تفسري‬

‫‪209‬‬
‫النصوص بشكل خاطئ إىل اختاذ قرارات خاطئة‪ ،‬وجتاوزات رشعية‪.‬‬
‫كام أن هناك خماطر متعلقة بالتقنية‪ ،‬فالتقنيات القديمة تؤدي إىل التأخر يف حتليل‬
‫النصوص‪ ،‬وخسارة فرص األعامل‪ ،‬لذلك جيب االلتزام باملعايري التقنية املناسبة‪،‬‬
‫وضامن حتديث األدوات والربامج املستخدمة بشكل دوري‪.‬‬
‫ولتجنب هذه املخاطر واحلد منها؛ ينبغي للمؤسسات املالية اإلسالمية التعاون مع‬
‫الفقهاء واملطورين املاليني لتطوير تقنيات متوافقة مع األحكام الرشعية واملعايري‬
‫الدولية‪ .‬كام جيب عليها توفري التدريب والتوعية الالزمة للموظفني والعمالء‪ ،‬باألحكام‬
‫الرشعية‪ ،‬واملصطلحات اخلاصة باملنتجات املالية اإلسالمية‪ ،‬وتطبيق إجراءات احلامية‬
‫الالزمة للبيانات الشخصية واحلفاظ عىل خصوصية العمالء‪.‬‬
‫كام جيب حتديد وتوثيق اإلجراءات الوقائية وإجراءات االستجابة‪ ،‬وتطبيقها بشكل‬
‫دوري لضامن تقليل املخاطر وتفادهيا بشكل فعال‪ .‬مع رضورة االلتزام باملعايري‬
‫الدولية املتعلقة بحامية البيانات الشخصية والتقنيات احلديثة‪ ،‬من ذلك االتفاقية‬
‫(‪The Council of Europe،‬‬ ‫األوروبية حلامية حقوق اإلنسان واحلريات األساسية‪،‬‬
‫‪ )p11‬واالتفاقية الدولية حلقوق املدنيني والسياسيني‪ ،‬واملعايري الدولية حلامية البيانات‬
‫الشخصية الصادرة عن املنظمة الدولية للمعايري (‪)ISO‬‬

‫سادًسً ا‪ :‬النتائج والتوصيات‬


‫توصلت الدراسة إىل العديد من النتائج والتوصيات وفق التايل‪:‬‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬النتائج‬
‫يمكن أن تسهم تقنية معاجلة اللغة الطبيعية (‪ )NLP‬يف العديد من املجاالت يف املصارف‬
‫اإلسالمية من ذلك ما ييل‪:‬‬
‫‪1 .‬تطوير املنتجات املالية اإلسالمية بشكل كبري‪ .‬وحتسني تطوير هذه املنتجات وتوفري‬
‫خدمات أفضل للعمالء‪ ،‬وتعزيز فهم املستهلكني للمنتجات املالية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪2 .‬حتسني فهم املستثمرين للمنتجات املالية اإلسالمية‪ ،‬وحتسني قدرهتم عىل اختاذ‬
‫القرارات املالية الصحيحة‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫‪ 3 .‬تساعد تقنية (‪ )NLP‬يف توسيع وعي العاملني يف جمال املنتجات املالية اإلسالمية‬
‫بشأن مفاهيمها وقواعدها من خالل حتليل النصوص واملقاالت والوثائق ذات‬
‫الصلة هبذه املنتجات؛ واستخالص املعلومات املهمة منها‪.‬‬
‫‪4 .‬تقدم تقنية (‪ )NLP‬خدمة ذاتية للعمالء من خالل تطوير نظم تفاعلية تعتمد عىل‬
‫الذكاء االصطناعي بحيث يستطيع العمالء االستفسار عن املنتجات واخلدمات‬
‫واحلصول عىل إجابات فورية ودقيقة باستخدام واجهة حمادثة آلية‪.‬‬
‫‪5 .‬يمكن استخدام هذه التقنية يف تقديم خدمات مالية شخصية عرب حتليل بيانات‬
‫العمالء وتقديم نصائح وتوجيهات مالية فردية وف ًقا للمبادئ اإلسالمية‪.‬‬
‫‪6 .‬تساهم هذه التقنية يف حتسني عمليات اختاذ القرار‪ ،‬ويمكن استخدام تقنية (‪)NLP‬‬
‫لتحليل البيانات املالية واالقتصادية ذات الصلة وتقديم تقارير وحتاليل تفصيلية‪.‬‬
‫‪ 7 .‬يمكن عرب هذه التقنية دعم التعلم اآليل والتحليل التنبؤي من خالل لتطوير نامذج‬
‫تعلم آيل وحتليل التنبؤات املالية‪ .‬ويمكن هلذه النامذج أن تساعد يف معرفة توقع‬
‫االجتاهات املالية‪ ،‬وحتسني أداء املنتجات املالية اإلسالمية عىل املدى الطويل‪.‬‬
‫‪8 .‬تساهم هذه التقنية يف تسهيل االمتثال الرشعي من خالل معاجلة الوثائق املتعلقة‬
‫باملنتجات املالية اإلسالمية والتحقق من مدى امتثاهلا لألحكام الرشعية‪ ،‬ويمكن‬
‫أن يؤدي ذلك إىل تسهيل عمليات املراجعة والتدقيق وضامن االمتثال الرشعي‬
‫للمنتجات املالية‪.‬‬

‫ثانًيً ا‪ :‬التوصيات‬
‫(أ) التوصيات العلمية‬
‫هناك العديد من املوضوعات التي حتتاج إىل دراسات من الباحثني املتخصصني يف‬
‫االقتصاد والتمويل اإلسالمي وطالب الدراسات العليا إلجراء دراسات حول تقنية‬
‫(‪)NLP‬لتحديد الفوائد الكامنة فيها للمؤسسات املالية اإلسالمية من ذلك ما ييل‪:‬‬
‫•حتليل حمتوى الصكوك اإلسالمية باستخدام هذه التقنية‪ :‬دراسة حالة يف كل‬
‫الدول املهتمة بصناعة اخلدمات املالية االسالمية‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫•تأثري الرتويج اإلعالمي عىل استخدام املنتجات املالية اإلسالمية‪ :‬دراسة حالة‬
‫باستخدام تقنية (‪)NLP‬‬
‫•استخدام تقنية (‪ )NLP‬يف دراسة تأثري العوامل الثقافية والدينية الدافعة الختيار‬
‫املنتجات املالية اإلسالمية‪.‬‬
‫•تأثري استخدام تقنية (‪)NLP‬عىل حتسني جودة املنتجات املالية اإلسالمية‪ :‬دراسة‬
‫جتريبية لبنك إسالمي يف دول خمتارة‬

‫(ب) التوصيات العملية‬


‫•رضورة التعاون والرشاكات مع املؤسسات املالية‪ ،‬ورشكات تقنية (‪)NLP‬‬
‫املتخصصة يف تطوير املنتجات املالية اإلسالمية لتحقيق االبتكار وتبادل املعرفة‬
‫وتطوير حلول مبتكرة لتلبية احتياجات السوق‪.‬‬
‫•رضورة االهتامم بتدريب العاملني يف املؤسسات املالية اإلسالمية‪ ،‬واالرتقاء ببناء‬
‫القدرات واملعرفة الالزمة لتطبيق تقنية (‪ )NLP‬بفعالية يف تطوير هذه املنتجات‪.‬‬
‫•أمهية التواصل مع العمالء وحتليل بياناهتم االجتامعية‪ ،‬ورصد تفاعالهتم يف‬
‫وسائل التواصل االجتامعي لفهم احتياجات السوق؛ وتوجيه جهود التسويق‪.‬‬
‫•تعزيز التعليم املايل اإلسالمي لتطوير وتوفري حمتوى تعليمي مايل إسالمي قيم‪،‬‬
‫يساعد العمالء عىل فهم املفاهيم املالية اإلسالمية واالستفادة القصوى من‬
‫املنتجات املالية اإلسالمية عرب التقنيات احلديثة‪.‬‬

‫المراجع‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬المراجع العربية‬
‫‪-‬ابـن منظـور‪ ،‬أبـو الفضـل مجـال الديـن حممـد بـن مكـرم(‪711‬هـ)‪ ،‬لسـان‬
‫العـرب‪ ،‬ط‪ ،)1414( 3‬دار صـادر‪ ،‬بـريوت‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫‪-‬أبو عرقوب‪ ،‬حممد‪ )2023( ،‬متى عرف البرش الذكاء االصطناعي؟ حقائق عن‬
‫أصل الفكرة حممد أبوعرقوب واشنطن‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫‪-‬أديتيا ناراين‪ ،)2016( ،‬التكنولوجيا املالية اجلديدة تكنولوجيا واعدة حتمل يف‬
‫طياهتا خماطر مسترتة‪ ،‬جملة التمويل والتنمية‪ ،‬صندوق النقد الدويل‪.‬‬
‫‪-‬ارسياندي (‪ )2014‬تعليم اللغة العربية يف ضوء نظرية يف ضوء نظرية الفطرة‬
‫اللغوية لنعوم تشومسكي رسالة ماجستري جامعة موالنا مالك إبراهيم احلكومية‬
‫بأندونيسيا‪.‬‬
‫‪-‬االحتاد األوريب‪( ،‬د‪.‬ت) االتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان معدلة بالربوتوكولني‬
‫رقم ‪ 11‬و‪ 14،‬سرتاسبورغ‪.‬‬
‫‪-‬البادي‪ ،‬هند‪ ،‬والعبيدي‪ ،‬رنا‪ )2023( .‬قياس أثر توفر موارد البيانات عىل جودة‬
‫عمل تقنيات معاجلة اللغات الطبيعية‪ :‬دراسة حتليلية ملوارد البيانات باستخدام‬
‫خدمة ‪ Siri‬كنموذج املجلة العربية للنرش العلمي اإلصدار السادس العدد ‪.60‬‬
‫‪-‬الربنامج الوطني للذكاء االصطناعي‪ .)2020( .‬دليل الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫األمارات العربية املتحدة‪.‬‬
‫‪-‬البشري‪ ،‬فضل عبد الكريم (‪ )2022‬دراسة حتليلية للكتابات اخلاصة بتطوير املنتجات‬
‫املالية اإلسالمية مقدمة إىل عامدة البحث العلمي‪ ،‬جامعة امللك عبد العزيز – جدة‪.‬‬
‫‪-‬الرومي أمحد‪ ،‬والقحطاين‪ ،‬هند‪ ،)2023( ،‬مهارات توظيف الذكاء االصطناعي يف‬
‫حتسني نواتج التعلم لدى طالب املرحلة الثانوية يف ضوء التجارب العاملية‪ .‬جملة‬
‫العلوم الرتبوية جملد ‪ 1‬العدد ‪ 1444 )33‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪،‬‬
‫الرياض‪.‬‬
‫‪-‬الزعاترة‪ ،‬موسى‪ )2023( .‬أثر الذكاء االصطناعي يف صياغة الفتوى ‪https://2u.‬‬
‫‪ pw/iOvQb2G‬تاريخ االسرتداد ‪ 2023/10/11‬الساعة السابعة مسا ًء والدقيقة‬
‫التاسعة والعرشين‪.‬‬
‫‪-‬السويلم‪ ،‬سامي إبراهيم‪ )2019( .‬قواعد منهجية ومعامل أساسية يف تطوير املنتجات‬
‫املالية‪ ،‬ضمن كتاب تطوير املنتجات املالية اإلسالمية‪ ،‬مكرز النرش العلمي‪ ،‬جامعة‬
‫امللك عبد العزيز‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ -‬السهو‪ ،‬إرساء بنت منصور‪ ،)2023( .‬معاجلة اللغة الطبيعية وطرق توظيفها‬
‫بذكاء يف أعامل (‪ )NLP‬منظمتك عىل الرابط ‪ mozn.ws/89844‬تاريخ االسرتداد‬

‫‪213‬‬
‫‪ 2023/10/10‬الساعة السابعة مساء‪.‬‬
‫‪-‬الطائي‪ ،‬حاتم علو‪ )2009( .‬نشأة اللغة وأمهيتها‪ ،‬جملة دراسات تربوية‪ ،‬العدد‬
‫السادس‪.‬‬
‫‪-‬العتوم‪ ،‬عدنان يوسف‪ )1433( .‬علم النفس املعريف‪ :‬النظرية والتطبيق‪ ،‬دار املسرية‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬عامن – األردن‪.‬‬
‫‪-‬املجلس العام للبنوك واملؤسسات املالية اإلسالمية‪ ))2022 .‬ما بعد التحول‬
‫الرقمي‪ :‬التكنولوجيا املالية وجتربة العمالء ‪-‬االستبيان العاميل للمرصفيني‬
‫اإلسالميني‪.‬‬
‫‪-‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي (سدايا) ‪ ،2022‬معجم البيانات‬
‫والذكاء االصطناعي ‪ -‬انجليزي عريب‪.‬‬
‫‪-‬اهليئة الوطنية لألمن السيرباين‪ ،)2018( .‬الضوابط األساسية لألمن السيرباين‪،‬‬
‫اململكة العربية السعودية‬
‫‪-‬بلوايف‪ ،‬أمحد‪ ،‬وفضل البشري (‪ )2019‬كتاب تطوير املنتجات املالية اإلسالمية‪ ،‬مركز‬
‫النرش العلمي‪ ،‬جامعة امللك عبد العزيز‪ .‬جدة‪.‬‬
‫‪ -‬بودربالة‪ ،‬مزاري‪ ،)2021( .‬اللغة العربية يف وسائل التواصل االجتامعي بني‬
‫االستالب اللغوي الثقايف واملستقبل املأمول‪ ،‬جملة دراسات معارصة‪ ،‬املجلد ‪،5‬‬
‫العدد‪ ،2‬جامعة خمرب الدراسات النقدية واألدبية املعارصة جامعة أمحد بن حييى‬
‫الونرشييس‪.‬‬
‫‪-‬بوزب وسحنون‪ ،)2019( .‬الذكاء االصطناعي وتطبيقاته يف القطاع املرصيف‪ ،‬قراءة‬
‫يف التجربة اهلندية مع دراسة حالة بنك ‪ ،HDFC‬ضمن كتاب تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي كتوجه حديث لتعزيز تنافسية منظامت األعامل‪ ،‬املركز الديمقراطي‬
‫العريب للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬برلني ‪ -‬أملانيا‪.‬‬
‫‪-‬بوسنة‪ ،‬خولة‪ ،‬وحسناوي‪ ،‬سمرية‪ ،)2021( .‬استخدامات الذكاء االصطناعي يف‬
‫العمليات البنكية‪ :‬دراسة حالة بنك اخلارجي اجلزائر‪ ،‬رسالة ماجستري مقدمة يف‬
‫جامعة حممد البشري االبراهيمي كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري‪.‬‬
‫اجلزائر‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫‪ -‬دياب‪ ،‬رهيام حممود‪ ،)2022( .‬دور الذكاء االصطناعي يف حتسني أداء اخلدمات‬
‫املرصفية‪ ،‬املجلة العربية للمعلوماتية وأمن املعلومات‪ .‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬ديانا ماينارد وآخرون‪ )2019( .‬معاجلة اللغات الطبيعية للويب الداليل‪ .‬ترمجة‬
‫خالد بن عبد الرمحن امليامن‬
‫‪ -‬رضوان‪ ،‬سمري عبد احلميد‪ )2005( .‬املشتقات املالية ودورها يف إدارة املخاطر‬
‫ودور اهلندسة املالية يف صناعة ادواهتاط‪ ،1‬دار النرش للجامعات مرص‪.‬‬
‫‪ -‬سوسن‪ ،‬معافة (‪ )2022‬تقنيات معاجلة اللغة العربية آليا دراسة مقارنة لنامذج من‬
‫املحلالت الرصفية العربية رسالة دكتوراة كلية اآلداب واللغات جامعة ‪ 8‬مايو‬
‫‪ 1945‬قاملة‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬
‫‪ -‬ظاظا‪ ،‬حسن‪ )1990( .‬اللسان واإلنسان مدخل إىل معرفة اللغة‪ ،‬دار القلم ‪-‬‬
‫دمشق‪ ،‬ط ‪.2‬‬
‫‪-‬عبد الغني‪ ،‬سمرية أمحد فهمي‪ ،)2023( .‬روبوتات الدردشة ‪CHATBOTS‬‬
‫واستخداماهتا يف مؤسسات املعلومات‪ :‬دراسة استكشافية حتليلية املجلة العلمية‬
‫للمكتبات والوثائق واملعلومات؛ مج‪ 5،.‬ع‪.15 .‬‬
‫‪-‬عـزي‪ ،‬عبيـر إبراهيم‪ .)2021( .‬العوامـل املـؤثرة فـي تبنـي اسـتخدام روبـوت‬
‫املحادثـة ‪ Chatbots‬وأنظمـة الـذكاء االصطناعي ‪Intelligence Artificial‬‬
‫وعالقتها بإدارة العالقات مع العميل‪ .‬املجلة املرصية لبحوث الـرأي العـام‪.‬‬
‫‪-‬حللح‪ ،‬حممد‪ ،)2022( .‬مدخل إىل الذكاء االصطناعي وتعلم اآللة‪ ،‬حترير مجيل‬
‫بيلوين‪ ،‬أكاديمية حسوب‬
‫‪-‬جملس اخلدمات املالية اإلسالمية‪ ،)2019( ،‬خماطر غسل األموال ومتويل اإلرهاب‬
‫يف املرصفية اإلسالمية ورقة عمل مشرتكة بني جملس اخلدمات املالية اإلسالمية‬
‫وصندوق النقد العريب‪ ،‬رقم ‪.12‬‬
‫‪ -‬مصطفـى‪ ،‬إبراهيـم وآخرون‪( .‬د‪ .‬ت) املعجـم الوسـيط‪ ،‬اسـتانبول‪ ،‬املكتبـة‬
‫اإلسـالمية للطباعـة والنشـر‪.‬‬
‫‪-‬مصطفى‪ ،‬والء حييى‪ )2021( .‬فاعلية تقنية الشات بوت‪ ،‬روبوتات املحادثة‬
‫باملؤسسات الصحية يف التوعية الصحية بفريوس كورونا املستجد‪ ،‬جملة البحوث‬

‫‪215‬‬
،‫ اجلامعة احلديثة للتكنولوجيا واملعلومات‬- ‫ كلية اإلعالم‬،‫اإلعالمية جامعة األزهر‬
.1‫ ج‬،‫ يوليو‬58 ‫العدد‬
‫ أثر التكنولوجيا املالية عىل أداء‬،)2021( .‫ وبوبغل‬.‫ والزواوي‬.‫ شعيب‬،‫مقاليت‬-
‫أنموذجا معهد العلوم االقتصادية والتجارية‬ً ‫البنوك اإلمارات العربية املتحدة‬
.‫ اجلزائر‬،‫وعلوم التسيري‬
.‫ ما املقصود بمعاجلة اللغة الطبيعية؟‬Oracle .)2023( :‫منصة‬-
‫ العراق كلية‬،‫ت) ترمجة عالء طعيمة‬.‫ (د‬،‫ تعلم اآللة وعلم البيانات‬.‫ ميالد‬،‫وازن‬-
.‫علوم احلاسوب وتكنولوجيا املعلومات جامعة القادسية‬

:‫ المراجع االنجليزية‬:‫ثانًيً ا‬
- Hanan Qudah). (2023) (Islamic Finance In The Era Of Financial Technology:
Bibliometric Review Of Future Trends - international journal of financial studies
2023, 11, 76
- Bin Abdullah, O., Bin Shaharuddin, A., Wahid, M. A., & bin Harun, M. S. (2022).
Artificial Intelligence (Ai) Application in Islamic Finance: A Review of Business
Use Cases.
- Shahnawaz Khan, Mustafa Raza Rabbani (2021 (Artificial Intelligence and
NLP -based chatbot for Islamic banking and finance international journal of
information retrieval research (ijirr) 11(3) September 2021. 1
- Siti Rohaya Mat. (2018) Artificial Intelligence, Smart Contract and Islamic
Finance Social Science; vol. 14, no. 2; 2018 artificial intelligence, smart

ً‫ًث‬
‫ المواقع اإللكترونية‬:‫ثال ا‬
‫تاريخ االسرتداد‬ ‫موقع الباحثون السوريون عىل الرابط‬-
https://cutt.us/RYeT3

.‫ الساعة العارشة مساء‬2023/10/5


https://cutt.us/hFlNQ .‫موقع منتدى جممع اللغة العربية عىل االنرتنت عىل الرابط‬-

.‫ الساعة اخلامسة مساء‬2023/10/1 ‫تاريخ االسرتداد‬


‫ تاريخ االسرتداد‬https://cutt.us/iCOtI .‫ عىل الرابط‬Oracle Cloud ‫موقع منصة‬-
.‫ الساعة اخلامسة مساء‬2023/9/3

216
‫‪2023/10/2‬‬ ‫تاريخ االسرتداد‬ ‫‪https://2u.pw/pMUqYeC‬‬ ‫‪-‬موقع العربية عىل الرابط‬
‫الساعة اخلامسة والدقيقة ‪ 20‬مساء‪.‬‬
‫‪-‬موقع رشكة ‪ Gartner‬عىل الرابط ‪ https://www.gartner.com/en‬تاريخ االسرتداد‬
‫‪ 2023/9/3‬الساعة السادسة مساء‪.‬‬
‫‪-‬موقع رشكة ‪ Deloitte‬عىل الرابط ‪ https://cutt.us/3DKBC‬تاريخ االسرتداد ‪2023/9/4‬‬

‫الساعة الثامنة ومخس دقائق مساء‪.‬‬


‫‪-‬موقع رشكة ‪ Accenture‬عىل الرابط‪https://cutt.us/u7v7a .‬‬

‫‪ -‬موقع مرصف الراجحي‪ https://2u.pw/Q4OgkGs .‬تاريخ االسرتداد ‪2023/10/5‬‬


‫صباحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫الساعة العارشة‬
‫‪-‬موقع بنك الرياض ‪https://2u.pw/OyVHrMZ‬‬

‫‪-‬موقع بنك اإلمارات ديب الوطني ‪ https://cutt.us/XX0Cq‬تاريخ االسرتداد‬


‫صباحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ /2023/9/29‬الساعة العرشة والدقيقة ‪30‬‬
‫‪ -‬موقع بنك ديب اإلسالمي عىل الرابط ‪ https://cutt.us/k8RCr‬تاريخ االسرتداد‬
‫‪ 2023/9/29‬الساعة احلادية عرشة مسا ًء والدقيقة ‪.30‬‬
‫‪-‬موقع معهد ‪ Ethica Institute of Islamic Finance‬عىل الرابط ‪https://ethica.institute‬‬

‫تاريخ االسرتداد ‪ 2023/9/30‬الساعة الواحدة ً‬


‫ظهرا‪.‬‬
‫‪-‬موقع رشكة ‪ wahed‬عىل الرابط ‪ https://www.wahed.com/global‬تاريخ االسرتداد‬
‫‪ 2023/10/1‬الساعة السابعة والدقيقة ‪ 30‬مساء‪.‬‬
‫‪ -‬موقع رشكة ايديل ريتنج عىل الرابط ‪ https://www.idealratings.com‬تاريخ‬
‫صباحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫االسرتداد ‪ 2023/10/2‬الساعة العارشة‬
‫‪-‬موقع بنك كابيتال ون عىل الرابط ‪ https://www.capitalone.com‬تاريخ االسرتداد‬
‫‪ 2023/10/3‬الساعة العارشة و‪ 5‬دقائق مساء‪.‬‬
‫‪-‬موقع بنك جي يب مورجان (‪ :)JPMorgan‬عىل الرابط ‪ https://2u.pw/qFqQsIF‬تاريخ‬
‫صباحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫االسرتداد ‪ 2023/10/2‬الساعة احلادية عرش‬

‫‪217‬‬
‫إمكانات الذكاء االصطناعي‬
‫فــي إدارة واستثمار الوقف‬
‫أ‪.‬د‪ .‬اسامة عبد املجيد العاين‬
‫كلية الفارايب اجلامعة – بغداد‬
‫ملخص‬
‫أحدث الذكاء االصطناعي (‪ )AI‬ثورة يف خمتلف الصناعات‪ ،‬وخاصة يف قطاعات‬
‫اخلدمات مثل التمويل‪ .‬جتري غالبية عمليات صنع القرار حال ًًيا من خالل برامج الذكاء‬
‫االصطناعي املتنوعة‪ ،‬بام يضمن درجة أعىل من الدقة‪ .‬وبالتايل‪ ،‬فإنه تم مراقبة وحتليل‬
‫وتصنيف حتركات السوق العاملية واالستثامرات وتداول األسهم يف مجيع أنحاء العامل‬
‫من خالل الذكاء االصطناعي‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬واجهت مؤسسة الوقف العديد‬
‫من التحديات يف العقود األخرية‪ ،‬ال سيام يف جماالت اإلدارة واالستثامر واالستدامة‬
‫وغريها‪ .‬وهذا يستلزم البحث عن حلول إلحيائها واستعادة أمهيتها التارخيية‪.‬‬
‫هيدف هذا البحث إىل معرفة الكيفية التي متكن تطبيقات الذكاء االصطناعي من تعزيز‬
‫إدارة واستثامر واستدامة مؤسسات الوقف‪ .‬لذا تم صياغة سؤال البحث عىل النحو‬
‫التايل‪« :‬كيف يمكن لتطبيق الذكاء االصطناعي‪ ،‬من أن يسهم يف تطوير كفاءة مؤسسات‬
‫الوقف‪ ،‬سواء يف اإلدارة أو االستثامر‪ ،‬بام يضمن استدامتها؟»‪ .‬أما فرضية البحث فقد‬
‫أشارت إىل أن تطبيق الذكاء االصطناعي يمكن أن يسهم يف حتسني كفاءة مؤسسات‬
‫الوقف من حيث اإلدارة واالستثامر واالستدامة‪ .‬ولتحقيق اهلدف وإثبات الفرضية‪،‬‬
‫متحور البحث حول حمورين رئيسيني بعد املقدمة‪ .‬تناول املحور األول تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي يف إدارة واستثامر الوقف‪ .‬وبالنظر إىل االعتبارات األخالقية والقانونية‬
‫والرشعية املرتبطة بتطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬اقرتح املحور الثاين مبادئ توجيهية‬
‫ملعاجلة هذه املخاوف‪ .‬وبينت النتائج التي تم احلصول عليها دور تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي يف تطوير إدارة واستثامر املؤسسات الوقفية‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬إدارة واستثامر الوقف‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬الضوابط الرشعية‬
‫والقانونية‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫المقدمة‬
‫تغًريا هائاًلا ‪ ،‬اتسع ليمتد إىل كل جوانب احلياة ودقائقها‪،‬‬
‫أحدثت الثورة الصناعية الرابعة ً‬
‫حتى غدت خمرجات هذه الثورة تتطور يو ًًما بعد آخر‪ .‬من خمرجات هذه الثورة كان‬
‫الذكاء االصطناعي (‪ ،)AI‬الذي أحدث انقال ًًبا يف خمتلف الصناعات‪ ،‬سيام القطاعات‬
‫اخلدمية ومنها املالية‪ ،‬فباتت عملية اختاذ القرار عىل وفق الذكاء االصطناعي تتم برباجمها‬
‫التي ضمنت دقة القرار بنسبة أكرب‪ .‬لذا أضحت حركة األسواق‪ ،‬واالستثامرات وتداول‬
‫األسهم يف كل بقاع العامل رشقها وغرهبا‪ ،‬ترصد وتبوب وحتلل وتصنف يف كبسة زر‪.‬‬
‫عىل اجلانب اآلخر‪ ،‬يعاين الوقف ما عاناه املجتمع من ختلف وجهل وتراجع‪ ،‬بعد‬
‫ممارسته لدور مهم يف حياة املجتمع اقتصاد ًًيا واجتامع ًًيا وغريها يف السابق‪ ،‬إال أن بوادر‬
‫هنوضه التي شهدت صحوة يف العقود األخرية‪ ،‬تبرش بنجاحات واعدة‪ .‬صورة األوقاف‬
‫املعارصة يف عاملنا اإلسالمي‪ ،‬تشري إىل أن القطاع يعاين الكثري من التحديات‪ ،‬يف جمال‬
‫اإلدارة واالستثامر واالستدامة وغريها‪ ،‬مما حيتم البحث عن إجياد حلول للنهوض به‪،‬‬
‫والعودة إىل ما كان عليه يف غابر الزمان‪.‬‬
‫يمكن أن متتد آثار الذكاء االصطناعي إىل إدارة واستثامر األوقاف (اإلسالمية)‪ ،‬لذا‬
‫يمكن صياغة مشكلة البحث يف التساؤل اآليت‪:‬‬
‫واستثامُرا‬
‫ُ‬ ‫كيف يمكن لتطبيقات الذكاء االصطناعي أن تنهض باملؤسسة الوقفية إدار ًًة‬
‫واستدام ًًة؟‬
‫وبالتايل‪ ،‬هيدف البحث إىل استكشاف ما يمكن أن يوفره الذكاء االصطناعي من سبل‬
‫متنوعة يمكن أن يعزز هبا إدارة واستثامر األوقاف‪.‬‬
‫ينطلق البحث من فرضية فحواها‪ :‬يمكن لتطبيقات الذكاء االصطناعي أن تسهم يف‬
‫واستثامًرا وحترص عىل استدامتها‪.‬‬
‫ً‬ ‫تطوير كفاءة املؤسسة الوقفية إدار ًًة‬
‫ولتحقيق هدف البحث وإثبات فرضيته‪ ،‬سيشتمل البحث عىل حمورين من بعد املقدمة‪،‬‬
‫يتناول املحور األول تطبيقات الذكاء االصطناعي يف إدارة واستثامر الوقف‪ ،‬وحيث‬
‫إن تطبيقات الذكاء االصطناعي ال ختلو من حتديات واعتبارات أخالقية ورشعية‬
‫وقانونية‪ ،‬كان ال بد من اقرتاح ضوابط له‪ ،‬وهذا ما تم بحثه يف املبحث الثاين‪ ،‬ومن ثم‬

‫‪221‬‬
‫تم الوصول إىل نتائج يمكن أن تسهم يف تطوير إدارة واستثامر الوقف من خالل الذكاء‬
‫االصطناعي‪.‬‬
‫وحيث أن املوضوع حديث نسب ًًيا‪ُُ ،‬يتوقع أن يسهم البحث يف تعزيز وتوفري إطار نظري‬
‫يف جمال إدارة واستثامر الوقف من خالل الذكاء االصطناعي‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تطبيقات الذكاء االصطناعي في إدارة واستثمار الوقف‬


‫ال بد من إيضاح املفاهيم األساسية للمتغريات املتعلقة بالبحث‪ ،‬لذا سيتم التطرق إىل‬
‫الوقف ومن ثم الذكاء االصطناعي‪ ،‬ومن ثم التعريج عىل بعض أدواته‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تحديد اإلطار المفاهيمي‬


‫أوال – مفهوم الوقف وتحدياته‬
‫‪ -1‬مفهوم الوقف‬
‫يُل ا َ�َمْل َْنَْف ََع ِِة»‪ ،‬وكذلك قاله ابن‬
‫ْصِْل ََوَتَْسِْبِ ُ‬ ‫يُس َ�‬
‫اَأْل ِ‬ ‫«ُه ََو ْحَت�ِْبِ ُ‬
‫ذكر احلنابلة((( بأن الوقف‪ُ :‬‬
‫أيًضا(((‪ .‬وانسجا ًًما مع تزايد احلاجة إىل األموال املوقوفة‬ ‫قدامة(((‪ ،‬ونقله املرداوي ً‬
‫وتنامي دورها يف احلياة االقتصادية‪ ،‬يرى الباحث أن تعريف الوقف جيب أن يشتمل‬
‫عىل مجيع أنواع الوقف وعىل مجيع رشوطه‪ ،‬ويقصد بذلك اآليت‪( :‬احلبس املؤبد أو‬
‫املؤقت للامل‪ ،‬بنية االنتفاع منه أو من غلته عىل وجوه الرب عامة كانت أو خاصة)(((‪.‬‬
‫وللوقف أركان أربعة‪ ،‬ويف هذا السياق يقول اخلريش‪( ،‬وأركان الوقف أربعة‪ :‬العني‬
‫(((‬
‫املوقوفة والصيغة والواقف واملوقوف عليه)‬
‫(((‬
‫‪ -2‬تحديات المؤسسات الوقفية في الظرف الراهن‬
‫رصد مركز األوقاف بغرفة الرياض أبرز التحديات التي تواجه قطاع األوقاف يف اململكة‬
‫((( احلجاوي يف اإلقناع يف فقه اإلمام أمحد (‪)2/3‬‬
‫((( ابن قدامة يف الرشح الكبري (‪)185/6‬‬
‫((( املرداوي أيضا يف اإلنصاف (‪)3/7‬‬
‫((( اسامة عبد املجيد العاين‪ ،‬صناديق الوقف االستثامري‪ ،‬دراسة فقهية اقتصادية‪ ،‬دار البشائر االسالمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪ ،2010 ،1‬ص ‪22‬‬
‫((( اخلريش‪،‬د‪.‬ت‪ ،.‬ج‪/7‬ص‪78‬‬
‫‪(6) https://www.al-jazirah.com/2021/20211001/tn1.htm‬‬
‫تاريخ االقتباس ‪ ،2023 /8 /17‬جريدة اجلزيرة‪ ،‬الرياض‪2021 /10 /1 ،‬‬

‫‪222‬‬
‫العربية السعودية‪ ،‬والتي يمكن تعميمها عىل التجربة الوقفية يف عاملنا اإلسالمي‪ .‬ومن‬
‫أبرز التحديات التي تم رصدها‪ ،‬اآليت‪:‬‬
‫ا‬
‫أواًل‪ -‬تحديات األوقاف المتعلقة باألنظمة واللوائح والتعليمات‪ :‬والتي تتمثل يف الفجوة‬
‫الترشيعية املتعلقة بتأخر صدور أنظمة األوقاف؛ ومن ثم الضبابية وعدم الوضوح يف‬
‫بعض األنظمة واللوائح والتعليامت املتعلقة باألوقاف‪ ،‬ومنها الضبابية يف تعليامت‬
‫املوافقة عىل إنشاء الصناديق االستثامرية الوقفية‪.‬‬
‫ثانًيً ا‪ :‬تحديات األوقاف المتعلقة بعمليات التمويل واالستثمار‪ :‬وتتمثل بـندرة الربامج‬
‫واملنتجات والقنوات االستثامرية لألوقاف؛ وضعف استيعاب احللول واملنتجات‬
‫واألدوات املالية التقنية احلديثة يف قطاع األوقاف‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬منصات التمويل‬
‫اجلامهريي‪ ،‬بمختلف منتجاهتا‪ ،‬وتقنية البلوكتشني؛ وغياب اسرتاتيجيات االستثامر‬
‫املسؤول واملستدام للقطاع الوقفي‪.‬‬
‫ًثً‬
‫ثال ا‪ :‬التحديات المتعلقة باألوقاف المتعثرة (والمنقطعة)‪ :‬وجود احلاجة إىل وضع‬
‫إسرتاتيجية للنهوض باألوقاف املتعثرة‪ ،‬ومعاجلة التحديات التي تؤدي إىل تعثر‬
‫األوقاف‪.‬‬
‫رابًعً ا‪ :‬تحديات األوقاف المتعلقة بالمنتجات الوقفية‪ :‬تواجه الصناديق االستثامرية‬
‫الوقفية‪ ،‬جمموعة من التحديات‪ ،‬ومنها عىل سبيل املثال‪ :‬ضعف الوعي لدى أفراد‬
‫املجتمع‪ ،‬ورجال األعامل بحقيقة الصناديق االستثامرية الوقفية وأمهيتها‪ ،‬وعدم قدرة‬
‫كثري من اجلمعيات اخلريية عىل االستقالل بتأسيس الصناديق االستثامرية الوقفية ماليا‪.‬‬
‫خامًسً ا‪ :‬تحديات األوقاف اإلدارية واإلجرائية‪ :‬إذ تفتقر األوقاف إىل وجود قاعدة بيانات‬
‫ختصها‪ ،‬توضح عدد الوحدات الوقفية‪ ،‬وحجمها‪ ،‬وجماالت عملها‪ ،‬ونطاقها اجلغرايف؛‬
‫وضعف التحول الرقمي يف إدارة وتشغيل األوقاف؛ باإلضافة إىل حتدي فرز األوقاف؛‬
‫وغري ذلك‪.‬‬
‫سادًسً ا‪ :‬تحديات األوقاف المتعلقة بالممارسات العامة‪ :‬واملتمثلة بغياب وجود ضوابط‬
‫للتفريق بني األوقاف املوقوفة بأعياهنا واملوقوفة بأقيامها من حيث اإللزام باملحافظة‬
‫عىل األصل املوقوف بعينه‪ ،‬وعدم استبداله إال بموافقة القضاء بخالف املوقوفة بأقيامها‬

‫‪223‬‬
‫والتي يكون األصل فيها املرونة والتقليب واالستثامر كحصص الرشكات وأسهمها؛‬
‫والصياغة الضعيفة للصكوك القديمة وصعوبة تسجيلها يف املوقع اإللكرتوين للهيئة‬
‫العامة لألوقاف؛ االفتقار إىل وجود أنظمة للرشاكات بني األوقاف‪ ،‬إضافة إىل رشاكة‬
‫األوقاف مع القطاعني العام واخلاص‪.‬‬
‫ثانًيً ا‪ :‬مفهوم الذكاء االصطناعي وأهميته‬
‫‪ -1‬مفهوم الذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫يعود ميالد الذكاء االصطناعي احلقيقي ابتداء إىل مؤمتر تأسيس االبحاث‬
‫(((‬
‫عام ‪1956‬م يف كلية دارت موث ‪ Dartmouth College‬وذلك من قبل‬
‫(جون مكارث ومارفن مني سكي‪ ،‬وألن نويل‪ ،‬وآرثر صموئيل وهربت سيئون) الذين‬
‫متكنوا من حل املشكالت يف اجلرب وإثبات النظريات املنطقية والناطقة باللغة االنجليزية‪.‬‬
‫حاول مكارثي مكتشف مصطلح (الذكاء االصطناعي) عام ‪ 5591‬حتديد املفهوم بكونه‬
‫«علم وهندسة صنع اآلالت الذكية»‪ ،‬أما بارتو ستون» فقد عرف الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫منهاًجا‬
‫ً‬ ‫بأنه هيدف إىل توضيح واستيعاب األسس احلاسوبية لغرض انتاج آلة تسلك‬
‫ذكيا‪ ،‬ألن هدفه األخري هو بناء نظام متكامل يتصف بالذكاء والقابلية عىل التعلم وبناء‬
‫أنظمة يتصف نظامها بالذكاء حتى لو كان القائم هبا إنسانا(((‪.‬‬
‫اختلف الباحثون يف وضع مفهوم حمدد هلذا العلم وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬فإن املحاوالت‬
‫مل تنقطع يف رسم معامل هذا املصطلح‪ ،‬فهو «العلم الذي هيتم بدراسة وتصميم وبرجمة‬
‫احلاسبات لغرض حتقيق املهام واألعامل التي حتتاج من البرش عادة استخدام ذكاءه‬
‫للقيام هبا»(((‪.‬‬
‫‪ -2‬أهمية الذكاء االصطناعي‬
‫تربز أمهية الذكاء االصطناعي من خالل دوره يف إعادة ترتيب مصفوفة الفكر االجتامعي‬
‫بصورة عامة(‪ .((1‬األمر الذي يلقي بظالله عىل اجلانب الترشيعي أيضا‪ ،‬وذلك من منطلق‬
‫((( غنيم ‪ ،‬امحد حممد (‪ )2020‬الذكاء االصطناعي ثورة جديدة يف اإلدارة املعارصة‪ ،‬ط‪ 1،‬املكتبة العرصية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ص‪16.‬‬
‫‪(8) Barto A , G, , Sutoon , R.S ( 2006) Neurolike adaptive elements that can solve difficuit learning control proplems , IEE Transactions on‬‬
‫‪systems. Man and cybernetics smc13‬‬
‫((( عبد النور ‪ ،‬عادل ( ‪ ، )2005‬مدخل اىل عامل الذكاء االصطناعي ‪ ،‬مدينة امللك عبد العزيز للعلوم التقنية ‪ ،‬السعودية ‪ ،‬ص‪7.‬‬
‫(‪ ((1‬رشا حممد صائم أمحد (‪ ،)2022‬تطبيقات اإلدارة للذكاء االصطناعي يف إختاذ القرارت اإلدارية‪ ،،‬ص ‪19‬‬

‫‪224‬‬
‫أن مفهوم القاعدة الرشعية بحد ذاته قد يكون ثابًتًا أو متغريا‪ ،‬وبالتايل فإن املتغري منها‬
‫سيلقي بظالله عىل الوقف وصواًلا اىل حل منازعاته سواء كان يف العالقة بني أطراف‬
‫الوقف‪ ،‬فضاًلا عن أمور هلا عالقة باملنظومة الترشيعية بشكل عام‪ ،‬من حيث حفظ أصل‬
‫مروًرا باختيار القرار اإلداري املالئم‪ ،‬أو السعي لزيادة‬ ‫ً‬ ‫الوقف ابتداء‪ ،‬ثم تطوير إدارته‬
‫متويله‪ ،‬وانتهاء بمعاجلة املخاطر الذي قد تواجهه من حيث الوجود أو فيام خيصه من‬
‫تعامالت مالية‪.‬‬
‫يمكن لتوظيف الذكاء االصطناعي وتقنياته يف جمال العمل الوقفي أْنْ ُُيسهم يف تطويره‬
‫يمكُن للذكاء االصطناعي أن يقود‬ ‫ُ‬ ‫كبًريا؛ فوفقا ملؤسسة (‪)Charities Aid‬‬ ‫تطويًرا ً‬
‫ً‬
‫إلحداث ثورة حقيقية يف جمال العطاء والعمل اخلريي‪ .‬يقول رودري ديفيس الكاتب‬
‫يف موقع (‪ )CAF‬اإللكرتوين‪ :‬إنه من املمكن دعم قطاع العمل اخلريي لسلوك برشي‬
‫املشورِة اآللية والدائمة التي يمكن أن ُتُو ّّفرها هذه التكنولوجيا والتي‬ ‫ِ‬ ‫رئييس من خالل‬
‫ِب الفعلية الستخدام تقنية‬ ‫اِر ِ‬ ‫حتفزهم عىل تقديمها‪ ،‬يف ضوء األد ََّل ِِة الَّدَ اَم ِ‬
‫غِة والَّت َََج ِ‬ ‫َ‬
‫حلّث األفراد عىل دعم املشكالت املتعلقة هبذا القطاع ‪.‬‬
‫(‪((1‬‬ ‫روبوتات الدردشة(‪ّ )chatbots‬‬
‫لذلك فإن الذكاء االصطناعي‪ ،‬والذي يدعم إمكانية التفكري وحتليل البيانات واختاذ‬
‫القرارات والتعامل مع العديد من املواقف‪ ،‬ستكون وسيلة مناسبة لألوقاف لتقلل‬
‫فرص احلاجة الفعلية جلامعي التربعات من األشخاص الطبيعيني بكل ما يواجهونه من‬
‫أعباء‪ ،‬وعىل الرغم من أمهية هذه األمور فإهنا تعترب أبسط األعامل التي يمكن للذكاء‬
‫االصطناعي القيام هبا‪ .‬واجلدير باإلشارة إىل أن القطاع غري الربحي (وبضمنه الوقف)‬
‫يعد األبطأ يف تبنيه للتغريات التقنية(‪.((1‬‬

‫(‪ ((1‬عبداهلل معيوف اجلعيد‪ ،‬أمهية الذكاء االصطناعي يف العمل الدعوي واخلريي‪ ، http://saaid.org/Doat/aljuaid/23.htm ،‬ص ‪5‬‬
‫(‪ ((1‬سامل بن فائز العلياين‪ ،‬الذكاء االصطناعي والبيانات يف القطاع غري الربحي‪ ،‬عرض مقدم إىل‪ :‬مؤمتر حلول تقنية القطاع غري الربحي لعام ‪2018‬م‬
‫“دور التقنية يف الرتشيد املايل”‪ ،‬تنظيم‪ :‬وزارة االتصاالت وتقنية املعلومات‪ ،‬خالل الفرتة‪ 12-11 :‬شعبان ‪1439‬هـ املوافق ‪ 28-27‬ابريل ‪2018‬م‪،‬‬
‫اململكة العربية السعودية‪ ،‬حلول ‪2018‬‬

‫‪225‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬من أدوات الذكاء االصطناعي المستخدمة في تحليل البيانات‬
‫واتخاذ القرارات‬
‫سيتم التطرق يف هذا املطلب إىل بعض األدوات التي يعتقد أهنا ستسهم يف تطوير إدارة‬
‫ومتويل واستثامر الوقف‪.‬‬
‫ا‬
‫أواًل‪ :‬تشات جي بي تي ‪Chat GPT‬‬
‫النشأة والمفهوم‬
‫ويقصد به ‪ Chat Generative Pre-trained transformer‬املحرك التوليدي املدرب‬
‫سابقا‪ ،‬وتقنية نشأت جي يب يت ‪ Chat GPT‬هي تقنية قدمتها رشكة أبحاث الذكاء‬
‫االصطناعي (أوبن أيه آي ‪ )Open Al‬بمدينة سان فرانسيسكو‪ ،‬ومن بني مموليها رشكة‬
‫مايكروسوفت و إيلون ماسك‪ .‬وتشات جي يب يت عبارة عن روبوت أو برنامج يعمل‬
‫باستخدام الذكاء االصطناعي‪ ،‬فهو يتحاور مع املستخدم وجييب عىل ما يطرح عليه من‬
‫أسئلة بشكل مفصل‪ ،‬ويتذكر كل ما طرح عليه من قبل من أسئلة خالل احلوار الذي‬
‫يتم وكأنه بني شخصني‪.‬‬
‫يسمح الربنامج للمستخدم بتصحيحه إذا ما أخطأ‪ ،‬ويعتذر عن تلك األخطاء‪ ،‬وقد‬
‫طورت الرشكة ذلك النموذج باستخدام كميات هائلة من املعلومات املتاحة عىل شبكة‬
‫اإلنرتنت وغريها من املصادر العامة‪ ،‬بام يف ذلك حوارات وحمادثات بني البرش‪ .‬بحيث‬
‫نصوًصا أشبه بالنصوص البرشية من خالل تعلم خوارزميات تقوم‬ ‫ً‬ ‫يستطيع أن ينتج‬
‫بتحليل عدد هائل من البيانات‪ .‬ويعمل بصورة تشبه الدماغ البرشي(‪.((1‬‬
‫يتميز تشات جي يب يت عن غريه من برامج الدردشة يف قدرته الفائقة والفورية عىل رشح‬
‫مفاهيم معقدة بكلامت بسيطة‪ ،‬وبإنتاج حمتوى من األلف إىل الياء بدون االقتباس املبارش‬
‫من مصادر أخرى‪ ،‬وال يتصل الربنامج بشبكة اإلنرتنت‪ ،‬مع إن تغذيته متت ببيانات‬
‫متاحة عليها‪ ،‬و تتعدد استخدامات تشات جي يب يت‪ ،‬وتشمل الكثري من املجاالت‬
‫من رشح مفاهيم علمية معقدة إىل كتابة كودات (رموز رقمية) تستخدم يف الربجمة إىل‬
‫(‪ ((1‬سوزان صالح حممد(‪ ،)2023‬استخدام شات جي يب يت كأحد تطبيقات الذكاء االصطناعي يف دعم العلملية التعليمية‪،‬‬
‫‪ https://hexatimess.com/articles-view.php?id=154‬ص‪8‬‬

‫‪226‬‬
‫إنشاء مقاالت وقصائد وقصص بأي اسلوب يريده املستخدم‪ ،‬وعن أي موضوع حتدده‬
‫له(‪.((1‬‬
‫ويراد بالتشات جي يب يت‪ ،‬تطور من تطورات الذكاء االصطناعي العديدة يعتمد‬
‫عىل حماكاة استجابة البرش لألسئلة ومجع املعلومات‪ ،‬بل ويتفوق عىل البرش يف رسعة‬
‫االستجابة وما يمتلكه من الكم اهلائل من املصادر واملعلومات(‪.((1‬‬

‫استخدامات الشات جي بي تي‬


‫لربنامج الشات جي يب يت استخدامات كثرية‪ ،‬وعىل قدر تعلق الربنامج بموضوع‬
‫البحث‪ ،‬فإن الربنامج يمكن أن يسهم يف إنشاء املحتوى بام يف ذلك كتابة نصوص‬
‫إبداعية واحلصول عىل نسخة أفضل من النصوص اخلاصة فيام يتعلق بنرش ثقافة الوقف؛‬
‫كام يمكن احلصول عىل نصائح حول العالقات فيام بني أصحاب املصلحة يف املؤسسة‬
‫الوقفية؛ كام يوفر نموذج الذكاء االصطناعي (‪ )GPT Chat‬إنشاء املحتوى بلغات‬
‫متعددة يف الوقت نفسه‪ ،‬وهو ما يتيح لنظار الوقف واملسوقني كتابة حمتوى يستهدف‬
‫املتربعني بلغات خمتلفة بأفضل طريقة ممكنة؛ كام يعترب ‪ Chat GPT‬رفي ًًقا مثال ًًيا للدردشة‬
‫عىل عكس روبوتات الدردشة األخرى التي كانت توفر الدردشة افرتاض ًًيا اعتام ًًدا عىل‬
‫الذكاء الصناعي(‪.((1‬‬
‫يرى(‪ )Mallow‬أن الشات جي يب يت يمكن أن يسهم يف(‪ :((1‬توفري إجابات رسيعة‬
‫ودقيقة ملا يطلبونه من أسئلة واستفسارات ألصحاب العالقة؛ زيادة احلافز واملشاركة يف‬
‫االنخراط‪ ،‬حيث يمكن أن يساعد عىل ذلك من خالل توفري الدعم والتوجيه املناسبني‬
‫إلبقاء املنخرطني عىل املسار الصحيح له يف التعلم وحتقيق األهداف؛ إذ يسهل عىل‬
‫املنخرطني احلصول عىل املساعدة والدعم التي حيتاجوهنا يف أي وقت لتحقيق النجاح‬
‫والتفوق يف أعامهلم‪.‬‬

‫(‪ ((1‬سمية نرص(‪ ،)2023‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬ماه تشات جي يب يت‪« ،‬الذي وصفه ماسك» بأنه جيد بشكل خميف‪ ،‬متاح عىل املوقع الذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫ما هو «تشات جي يب يت» الذي وصفه ماسك بأنه «جيد بشكل خميف» ؟ ‪ - BBC News‬عريب‬
‫(‪ ((1‬سوزان صالح حممد‪ ،‬مصدر سابق ص‪9‬‬
‫(‪ ((1‬حممد سيد (‪ ،)2023‬ماهو ‪Chat G P T‬؟ كيف نستخدمه؟ كيف نستفيد منه؟ ‪/https://tech-echo.com/2022/12/what-is-chatgpt-how-work-use-benfits‬‬
‫‪(17) Jack Mallow(2023): Chat GPT for students: How AI chat bots Are Revolutionizing Education, from: https://elearningindustry.com/Chat GPT-for-‬‬
‫‪students-how-ai-chatbots-are-revolutionizing-education‬‬

‫‪227‬‬
‫أيًضا(‪ ،((1‬بحسب (‪ )Holmes‬ألن‬ ‫كام يمكن استخدام هذا التطبيق يف جمال التدريب ً‬
‫‪ CHAT GPT‬يمكن أن يقدم إضافة كبرية يف جمال التدريب اإللكرتوين‪ ،‬من خالل‬
‫تفعيل مفهوم التدريب التفاعيل‪ ،‬إذ بإمكان التطبيق اإلجابة عىل أسئلة املتدربني حول‬
‫مواد تدريبية حمددة وتزويدهم بإجابات رسيعة‪ ،‬وكذلك يمكن أن يقدم تدريب خمصص‬
‫مبني عىل االحتياجات الفردية للمتدرب‪ ،‬وإنشاء جتربة تعليمية فردية‪ ،‬يمكن أن تساعد‬
‫املتدربني عىل التعلم الذايت السهل الرسيع‪ ،‬حيث يمكنهم التفاعل مع روبوت الدردشة‬
‫وحتفيًزا يف عملية التدريب‪ ،‬وبذلك يتم تطوير‬
‫ً‬ ‫بكل سهولة وأن يصبحوا أكثر انخرا ًًطا‬
‫املالكات الوقفية بحسب مستوياهتا وختصصاهتا‪ ،‬األمر الذي ينعكس عىل تطوير‬
‫املؤسسة الوقفية‪.‬‬
‫ثانًيً ا‪ :‬روبوتات الدردشة‬
‫المفهوم والنشأة‪:‬‬
‫ُُعرفت بأهنا برجميات تستطيع إجراء حمادثة تفاعلية مع املستخدمني بذكاء حياكي ذكاء‬
‫العنرص البرشي ويتم بناؤها وتصميمها لكي تعمل بشكل مستقل دون تدخل برشي‪،‬‬
‫بحيث جتيب عىل األسئلة التي تطرح عليها وتظهر اإلجابات كأهنا صادرة عن شخص‬
‫حقيقي مع العلم أهنا ال توفر اإلجابات من خالل أجوبة مربجمة مسبقا‪ ،‬بل تعتمد عىل‬
‫معاجلة اللغة الطبيعية للمستخدمني وفهمها والبحث عن إجابة ألسئلتهم يف القاعدة‬
‫املعرفية املتوفرة لدى الروبوت كام أن لدهيا القدرة عىل التفاعل‪ ،‬وتوفري إجابات دقيقة‬
‫كلام تفاعلت مع عدد أكرب من املستخدمني‪.‬‬
‫عرفه (معجم املصطلحات التقنية) بأنه أحد تطبيقات الذكاء االصطناعي التي‬
‫تستخدم معاجلة اللغة الطبيعية للتحدث مع مستخدم برشي سواء بالصوت أو عرب‬
‫الرسائل النصية‪ .‬ويتم استخدامها عامة يف جماالت خدمة العمالء‪ ،‬إذ تتمتع روبوتات‬
‫الدردشة بالعديد من املزايا مقارنة بالعامل البرشي التقليدي مما يمكنها من العمل عىل‬
‫أّي منطقة زمنية‪ ،‬ويمكنها أيضا اضافة أمتتة االستفسارات األكثر‬
‫مدار الساعة ويف ّ‬
‫شيوعا لدى العمالء‪ ،‬ومن األمثلة عىل هذا النوع من الروبوتات سريي لدى أجهزة‬
‫(‪ ((1‬نقال عن سوزان صالح حممد‪ ،‬مصدر سابق ص‪12‬‬

‫‪228‬‬
‫أبل وأمازون ألكسا(‪.((1‬‬
‫(‪((2‬‬
‫أنواع روبوتات الدردشة‬
‫‪1 .‬طريقة التفاعل(‪ )Interaction Mode‬ويقسم إىل الرسائل النصية‪ ،‬أو الصوت‪/‬‬
‫الكالم املنطوق‪ :‬روبوتات الدردشة النصية ويكون فيها التفاعل بني املستخدم‬
‫والربنامج من خالل نصوص مكتوبة‪ ،‬أو روبوتات الدردشة الناطقة وفيها يمكن‬
‫خلق شخصية للروبوت تتفاعل مع املستخدم من خالل وجه وصوت ونصوص‬
‫أيضا‪.‬‬
‫‪2 .‬الربجمة (وتقسم إىل روبوتات دردشة مستندة عىل القواعد‪ /‬مستندة عىل‬
‫خوارزميات التعلم اآليل)‪.‬‬

‫استخدامات روبوتات الدردشة بشكل عام‬


‫أصبحت روبوتات الدردشة جز ًًء ال يتجزأ من إسرتاتيجية العمل لدى كثري من‬
‫املؤسسات ألهنا توفر حلواًلا ملجموعة متنوعة من الصناعات واخلدمات‪ ،‬بد ًًءا من‬
‫تعزيز جتربة املستخدم وحتى أمتتة تكنولوجيا املعلومات للمؤسسات وتقديم خدمات‬
‫الدعم للمستخدمني بكفاءة‪ ،‬مما ساعد عىل دمج استخدام هذه التقنية يف العديد من‬
‫القطاعات مثل خدمة العمالء‪ ،‬واخلدمات املرصفية املالية‪ ،‬ورشكات الطريان‪ ،‬وأحياًنًا‬
‫يمكنها العمل كمستشار شخيص وغريها‪ .‬ووف ًًقا لتقرير صادر عن ‪Grand View‬‬
‫‪ Research‬فإن ما نسبته ‪ %45‬من املستخدمني من خمتلف الصناعات يف مجيع أنحاء‬
‫العامل يستخدمون روبوتات الدردشة كوسيلة االتصال األساسية باملؤسسة‪ ،‬ويتوقع أن‬
‫أرباًحا تقدر بنحو ‪1.25‬مليار دوالر يف السوق العاملية يف عام )‪2020 (21‬؛‬
‫ً‬ ‫ينتج عن هذا‬
‫كام أشار معهد (‪ ((2()Juniper Research‬أن روبوتات الدردشة ستحقق وفورات بقيمة‬
‫‪ 8‬مليارات دوالر يف عام ‪.2022‬‬

‫(‪ ((1‬معجم املصطلحات التقنية‪ )2020( .‬اململكة العربية السعودية‪ .‬وزارة االتصاالت وتكنولوجيا املعلومات‪.‬‬
‫(‪ ((2‬سمرية أمحد فهمي عبد الغني‪ ،‬روبوتات الدردشة ‪ Chatbots‬واستخدامها يف مؤسسات املعلومات‪ :‬دراسة استكشافية حتليلية‪ ،‬املجلة العلمية‬
‫للمكتبات والوثائق واملعلومات‪ ،‬مج ‪ 5‬عد ‪( ،15‬يوليو‪ ،)2023‬ص ‪283‬‬
‫(‪ ((2‬عزي‪ ،‬عبري إبراهيم (‪ )2021‬العوامل املؤثرة يف تبني استخدام روبوت املحادثة ‪ Chatbots‬وأنظمة الذكاء االصطناعي ‪ Artificial Intellegence‬وعالقتها‬
‫بإدارة العالقات مع العميل املجلة املرصية لبحوث الرأي العام‪ .‬ص ص ‪ 575 - 533‬مسرتجع من معجم ‏)‪،http://search.mandumah.com/Record/1180949 20 (3‬‬
‫‪(22) Juniper Research: Experts in Fintech, Telecoms & IoT Markets‬‬

‫‪229‬‬
‫وضع الباحثون تصنيفا ألربعة أغراض لعملية تصميم روبوتات الدردشة يف القطاعات‬
‫املختلفة‪ ،‬لتناسب جماال واسعا من التطبيقات‪ ،‬إال أنه يمكن تشخيص أربعة أغراض‬
‫رئيسة‪ :‬هي يف جمال التعليم والتدريب؛ وتقديم املعلومات يف جمال السياحة واخلدمات؛‬
‫وخدمات صحية لذوي االحتياجات اخلاصة وتكوين الصداقات(‪.((2‬‬
‫وبالتايل يمكن للمؤسسة الوقفية‪ ،‬أن تستفيد من هذه التقنية‪:‬‬
‫‪1 .‬يف جمال برامج التعليم والتدريب للمالكات الوقفية؛‬
‫‪2 .‬يف جمال توفري املعلومات الالزمة ألصحاب العالقة يف أو مع املؤسسة الوقفية؛‬
‫‪3 .‬تقديم اخلدمات الوقفية للمستفيدين من ذوي االحتياجات اخلاصة؛‬
‫‪4 .‬توسيع دائرة املهتمني بالوقف والوصول إىل املتربعني‪.‬‬
‫ومن التطبيقات العملية عىل ذلك‪ ،‬استخدام البنك التشاركي الوقفي الرتكي ذلك عىل‬
‫موقع الرشكة املرصفية عىل الويب‪ ،‬حيث يمكن للعمالء االستفسار عن‪« :‬فرع الرَّصر اف‬
‫املوُضوعات األخرى(‪.((2‬‬‫الِّربح» وغريها من ُ‬ ‫اآليل‪ ،‬سعر الرَّصر ف‪ ،‬التمويل‪ ،‬معَّدَ الت ِ‬
‫كام تستخدمها حكومة ديب يف جمال اإلفتاء االفرتايض(‪.((2‬‬
‫قد ال تتوفر الكثري من البيانات عن املتربعني أو الراغبني يف إيقاف أمواهلم‪ ،‬ولكن من‬
‫خالل استخدام برامج توعوية وتثقيفية‪ ،‬وإشاعة ثقافة الصندوق الوقفي‪ ،‬وتيسري عملية‬
‫الوقف‪ ،‬قد نحصل عىل عدد كبري منهم‪ .‬وبتوفر البيانات واملعلومات عن املتربعني‬
‫(الواقفني) يتم االحتياج إىل طريقة أكثر كفاءة يف معاجلة البيانات والتواصل معهم‪.‬‬
‫تشري جتربة رشكة ‪ Gravyty‬جلمع التربعات عىل حصوهلا عىل بيانات املتربعني من‬
‫رشكة ‪ Salesforce‬من خالل استخدام اخلوارزميات الذكية‪ .‬حيث يتم حتليل البيانات‪،‬‬
‫ومن ثم ترتيب املتربعني حسب األفضلية‪ ،‬ويتوىل الربنامج صياغة وإرسال االيميالت‬
‫إىل املتربعني‪ .‬ومن خالل برنامج روبوتات املحادثة الذكية ‪ Chatbot‬يتم الرد عىل‬
‫استفساراهتم‪ ،‬ومن ثم التواصل املبارش مع كل متربع عىل حدة‪ ،‬وتواصل تقديم‬
‫الدعم طيلة أيام األسبوع وملدة ‪ 24‬ساعة يوميا‪ ،‬ومتابعة املتربعني بوسائل االتصال‬
‫‪(23) Rubin, V.L., Chen, Y. and Thorimbert, L.M. (2010), «Artificially intelligent conversational agents in libraries», Library Hi Tech, Vol. 28 No. 4, pp.‬‬
‫‪496-522. https://doi.org/10.1108/07378831011096196‬‬
‫(‪ ((2‬فارس زاهر‪ ،‬تأثري املنتجات املالية واملرصفية اإلسالمية عىل استثامر الوقف وإلدارهتا‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪331‬‬
‫دّيب)‬
‫(‪ ((2‬راجع ص ‪ 13‬من البحث (جتربة حكومة ّ‬

‫‪230‬‬
‫االجتامعي املختلفة من (واتس‪ ،‬انستغرام‪ ،‬فيس‪..‬الخ)‪ ،‬األمر الذي نجم عنه حتقيق‬
‫أّي استفسار يمكن أن‬‫نتائج إجيابية(‪ .((2‬أما تقنية الدردشة فيمكن أن تسمح بالرد عىل ّ‬
‫يقدمه أصحاب املصلحة حول الوقف‪ ،‬وبالتايل يتم جتنب حدوث اخلطأ‪ ،‬أو اهلدر يف‬
‫اجلهد أو الوقت للحصول عىل اإلجابة املناسبة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الشبكة العصبية‪:‬‬


‫يراد بالشبكة العصبية العلم الذي هيتم باألساليب الرياضية التي يمكن صياغتها‬
‫باالعتامد عىل املحاكاة للخاليا البيولوجية يف الكائنات احلية‪ ،‬إذ تتميز اخلاليا العصبية‬
‫بالرسعة يف معاجلة البيانات كام تتميز بقدرهتا عىل التعلم والتعامل من أنامط خمتلفة من‬
‫البيانات التي قد يكون جز ًًء منها خاطئا‪ ،‬مما جعلها مناسبة لكثري من التطبيقات مثل‬
‫متييز الصور والكالم‪...‬الخ(‪ .((2‬وقد أعطت الشبكة العصبية االصطناعية حلوال ذات‬
‫كفاءة عالية للكثري من التطبيقات يف العديد من املجاالت منها‪( :‬متييز األنامط والتعرف‬
‫عىل الصور؛ القدرة عىل التعرف إىل الصور املشوهة؛ إكامل الصور التي فقدت جز ًًء‬
‫منها؛ عمليات التصنيف إىل العديد من الفئات؛ عمليات التحكم عن بعد‪.((2().‬‬
‫(‪((2‬‬
‫‪ -1‬مكونات الشبكة العصبية‬
‫‪-‬طبقة املدخالت‪ :‬هي الطبقة األوىل يف الشبكات العصبية‪ ،‬وتقوم هذه الطبقة‬
‫باستقبال بيانات املتغريات املستقلة من املصادر املختلفة‪ ،‬وحتتوي عىل عدد‬
‫من النريونات أو العصبونات أو عنارص املعاجلة التي يتوافق عددها مع عدد‬
‫املتغريات املستقلة للمدخالت املراد قياسها‪.‬‬
‫‪-‬الطبقة اخلفية‪ Hidden Layer :‬هي الطبقة التي تيل طبقة املدخالت‪ ،‬وقد حتتوي‬
‫الشبكة العصبية عىل طبقة خفية واحدة أو أكثر‪ ،‬وتقوم هذه الطبقة بتصنيف‬
‫ومتييز وحتليل املدخالت بإعطاء وزن نسبي لكل منها‪ ،‬ثم استخدام الدوال‬
‫(‪ ((2‬سامل بن فائز العلياين‪ ،‬مصدر سابق‬
‫(‪ ((2‬هليب حممد إبراهيم الزبيدي وحنان حامد عيل الدليمي‪ ،‬استخدام الشبكة العصبية االصطناعية نيوكنرتون يف متييز األرقام العربية املكتوبة بدويا‪،‬‬
‫املؤمتر العلمي األول لتقنية املعلومات قسم هندسة الربجميات‪ ،‬كلية علوم احلاسبات والرياضيات جامعة املوصل‪ ،2008 ،‬ص ‪.3‬‬
‫(‪ ((2‬أصالة رقيق‪ ،‬استخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي يف إدارة أنشطة املؤسسة‪ ،‬دراسة حالة جمموعة من املؤسسات االقتصادية‪ ،‬شهادة ماجستري يف‬
‫علوم التيسري‪ ،‬جامعة أم البواقي‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‪41‬‬
‫‪(29) Kapanova, K.G., Dimov, I. and Sellier, J.M., 2018. A genetic approach to automatic neural network architecture optimization. Neural‬‬
‫‪Computing and Applications, 29(5), pp.1481-1492. Khalil, K., Eldash, O., Kumar, A. and Bayoumi, M., 2018. An efficient,‬‬

‫‪231‬‬
‫التحليلية لتعديل هذه األوزان النسبية‪ ،‬بعد مقارنة النتائج احلالية باملستهدفة‪،‬‬
‫لتقليل األخطاء وحتقيق أفضل نتائج‪.‬‬
‫‪-‬طبقة املخرجات‪ :Layer Output‬هي الطبقة النهائية للشبكات العصبية‪ ،‬وحتتوي‬
‫عىل من عنارص املعاجلة التي يتوافق عددها مع عدد متغريات االستجابة‪ ،‬وتقوم‬
‫هذه الطبقة بعرض النتائج التي وصلت إليها من الطبقة السابقة إىل املستخدم‬
‫النهائي‪ ،‬وبالتايل عرض النتائج النهائية للشبكات العصبية‪.‬‬
‫‪-‬األوزان النسبية ‪ :Weights‬تقوم هذه األوزان بتحديد القوة النسبية أو األمهية‬
‫النسبية لكل مدخل من املدخالت وبالتايل حتدد قوة العالقة بني عنارص‬
‫ووحدات املعاجلة ومدى فعالية عقد االتصال‪ ،‬ويمكن تعديل األوزان النسبية‬
‫من خالل التدريب والتعلم‪.‬‬
‫‪-‬دالة التجميع ‪ :Summation Function‬تعد هذه الدالة بمثابة املنشط الداخيل أو‬
‫املحفز للشبكة العصبية‪ ،‬حيث تقوم بحساب األوزان النسبية للمدخالت وذلك‬
‫برضب كل مدخل من املدخالت يف وزنه النسبي للحصول عىل املجموع‪.‬‬
‫‪-‬دالة التحويل ‪ :Transfer Function‬يطلق عليها أيضا دالة التنشيط حيث‬
‫تقوم بإجراء املعادالت الرياضية عىل القيم اخلارجة من دالة التجميع وتعديل‬
‫األوزان النسبية باستمرار طوال فرتة تدريب الشبكة‪ ،‬وأكثر دوال تنشيط‬
‫انتشارا هي الدالة اخلطية لتنشيط الشبكات العصبية‪ ،‬ودالة‬
‫ً‬ ‫الشبكات العصبية‬
‫احلد لتنشيط الشبكات العصبية‪ ،‬ودالة سيجمويد لتنشيط الشبكات العصبية‪.‬‬
‫(‪((3‬‬
‫‪ -2‬خصائص الشبكات العصبية‬
‫‪1 .‬القدرة عىل تعلم كيفية القيام بمهام االعتامد عىل البيانات بواسطة التدريب أو‬
‫التجربة األولية‪.‬‬
‫‪2 .‬بإمكاهنا خلق تنظيمها اخلاص‪ ،‬ومتثيل البيانات التي تستلمها إثناء عملية التعلم‪.‬‬
‫‪3 .‬الذاكرة املوزعة حيث تعمل كمضخة ألحجام هائلة من املعلومات ذات العالقة‬
‫(‪ ((3‬األمارة‪ ،‬امحد عبد احلسني‪ ،)2012( ،‬تصميم نظام معلومايت مقرتح لدعم كفاءة الكادر الوسطي باستخدام تقنية الشبكات العصبية‪ ،‬دراسة‬
‫حالة يف جامعة الكوفة‪ ،‬جملة الغزي للعلوم االقتصادية واإلدارية‪ ،‬املجلد ‪ ،9‬العدد ‪ ،27‬ص ‪138‬؛ الياس‪ ،‬بو جعادة و نوة ثالجيية‪ ،)2016( ،‬استخدام‬
‫الشبكات العصبية االصطناعية يف دعم القرارات املالية يف البنوك التجارية‪ ،‬جملة الباحث االقتصادي‪ ،‬العدد ‪ ،6‬ص ‪34‬‬

‫‪232‬‬
‫بعدد كبري من املتغريات املعتمدة‪.‬‬
‫‪4 .‬السلوك الذكي وقدرهتا عىل حتقيق النتائج املناسبة حتى يف احلاالت التي تكون فيها‬
‫هيكلة املعلومات غري جيدة‪.‬‬
‫‪5 .‬املعاجلة املتوازية ألكرب قدر من البيانات‪.‬‬

‫‪ -3‬فوائد استخدام الشبكات العصبية في صناعة الوقف‬


‫‪1 .‬يمكن أن تسهم الشبكات العصبية يف حتديد املؤرشات املالية التي تؤثر عىل خماطر‬
‫االئتامن‪ ،‬للحصول عىل أقل عدد من املؤرشات التي حتقق أفضل فعالية وكفاءة‬
‫للشبكات العصبية يف التنبؤ(‪ .((3‬وبالتايل فإن ذلك سيسهم يف ترشيد القرار‬
‫االستثامري للوقف من خالل التقليل من خماطر االئتامن‪.‬‬
‫‪2 .‬يسهم نظام الشبكات العصبية االصطناعية يف حتسن أداء عملية التدقيق‪ ،‬وتعمل‬
‫تقنية الشبكات العصبية عىل حتسني قدرة املدقق يف التنبؤ باكتشاف وجود أخطاء‬
‫جوهرية عند إعداد التقارير املالية‪ ،‬كام متتاز الشبكات العصيبة االصطناعية بالقدرة‬
‫اهلائلة عىل مجع عدد كبري من البيانات وتشغيلها للوصول اىل احلل األمثل حلل هذه‬
‫املشكالت(‪ .((3‬تسهم هذه امليزة يف حفظ بيانات الوقف‪ ،‬وحتديد األخطاء‪ ،‬وبالتايل‬
‫متكن الناظر أو جملس النظارة من إحكام السيطرة عىل احلسابات املالية للوقف‪،‬‬
‫وكذلك اختاذ القرار املناسب بشأن التقارير املالية‪ ،‬ومعاجلة املشاكل واختيار احلل‬
‫األمثل له‪.‬‬
‫‪3 .‬هنالك أمهية الستخدام الشبكات العصبية يف اكتشاف الغش وحتسني دقة خماطر‬
‫الغش واإلدارة‪ .‬ويعترب استخدام الشبكات العصبية يف التنبؤ بأرصدة أغلبية‬
‫احلسابات جيدة كام هلا القدرة عىل اكتشاف النتائج احلقيقية من املعامالت‬
‫الومهية(‪ .((3‬األمر الذي يسهم يف تصنيف األوقاف بحسب طبيعتها (املجدية من‬
‫(‪ ((3‬حسام عثامن‪ )2022(،‬استخدام الشبكات العصبية متعددة الطبقات يف التنبوء بمخاطر االئتامن ملنشآت األعامل‪ ،‬دراسة تطبيقية‪ ،‬جملة الدراسات‬
‫املالية والتجارية‪ ،‬العدد ‪ ،1‬ص ‪208‬‬
‫(‪ ((3‬زلوم‪ ،‬نضال ‪،‬عمر ‪ ،‬والعبادي ‪ ،‬هيثم ‪،‬ممدوح وهاشم فراس نائل ‪ ،2014‬دعم الرأي املهني للمدقق باستخدام تقنيات البحث عن البيانات يف‬
‫التنبؤ بوجود أخطاء جوهرية يف القوائم املالية‪ ،‬املجلة األردنية يف إدارة االعامل‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪ .2‬ص‪257‬‬
‫(‪ ((3‬مجعة ‪ ،‬أمحد حلمي (‪ ،)2012‬استخدام الشبكات العصبية الصناعية يف اكتشاف األخطاء اجلوهرية يف البيانات املالية‪ ،‬دراسة تطبيقية ‪ ،‬املؤمتر‬
‫العلمي السنوي احلادي عرش‪ ، ،‬ذكاء األعامل واقتصاد املعرفة‪ ،‬كلية االقتصاد والعوم اإلدارية ‪ ،‬جامعة الزيتونة‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪206 ،‬‬

‫‪233‬‬
‫غريها)‪ ،‬باإلضافة إىل حفظ البيانات وجتهيزهيا لصانع القرار الختاذ ما يلزم‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬النظم الخبيرة‪:‬‬


‫تعرف النظم اخلبرية بكوهنا‪ « :‬النظم التي تعتمد عىل اخلربة البرشية النادرة من خالل‬
‫برامج متكاملة ملكننة العمليات التقليدية واالستفادة من املعارف والتجارب البرشية‬
‫يف إعدادها‪ ،‬ويعد عمل هذه اخلربات واملعارف والتجارب قواعد حلل املشاكل واختاذ‬
‫القرارات يف بعض املجاالت املتخصصة مثل املجال الطبي‪ ،‬السيطرة الصناعية‪ ،‬اختاذ‬
‫القرارات وغريها»(‪ .((3‬وتوظف النظم اخلبرية طرق الذكاء االصطناعي يف بيئة حتتاج‬
‫خلربة مسبقة(‪.((3‬‬

‫‪ -1‬بناء النظم الخبيرة‪:‬‬


‫تبنى النظم اخلبرية عادة عىل أساس نمذجة أساليب املشكلة وطرح تفسريات هلا‪،‬‬
‫كاخلبري يف جمال عمله(‪ .((3‬ويتطلب بناء النظام اآليت‪:‬‬
‫‪1 .‬مهندس المعرفة‪ :‬وهو ذلك املهندس الذي يتمتع باخلربة يف جمال الذكاء‬
‫االصطناعي؛‬
‫‪2 .‬خبير المجال‪ :‬وهو ذلك الشخص الذي يتمتع باخلربة يف املجال الذي سوف يعمل‬
‫فيه النظام اخلبري(‪ .((3‬وخبري املجال يف موضوعنا هو املتخصص يف الوقف‪ ،‬سواء‬
‫أكان ناظرا وقفيا‪ ،‬أم خبريا يف إدارة الوقف‪ ،‬وسواء أكانت املعرفة املقدمة من قبله‬
‫تعتمد عىل خربته العملية‪ ،‬أم تنزيال من كتب الفقه املتخصصة‪.‬‬
‫لبيان الكيفية التي تتم هبا اإلعانة عىل تأسيس الوقف مثال عن طريق النظم اخلبرية يف‬
‫الذكاء االصطناعي ال بد من بيان مراحل بنائها والتي من خالهلا سيتم بنائها‪ ،‬ويمكن‬

‫(‪ ((3‬عالء عبد الرزاق الساملي وآخرون‪ ،‬نظم دعم القرارات‪ ،‬دار وائل للنرش‪ ،‬ط‪ ،1‬عامن‪ ،2010 ،‬ص ‪250‬‬
‫(‪ ((3‬املحميد‪ ،‬عمر بن ابراهيم بن حممد‪،)2022( ،‬الذكاء االصطناعي وأثره يف صناعة الفتوى‪ ،‬جملة اجلمعية الفقهية‪ ،‬ع ‪ ،57‬ص‪ 563 ،‬مسرتجع من‬
‫‪Record/com.mandumah.search//:http/1277206‬‬

‫(‪ ((3‬عز الدين غازي‪ ،‬الذكاء االصطناعي ‪ :‬هل هو تكنولوجيا رمزية؟ جملة فكر العلوم االنسانية واالجتامعية‪ ،‬العدد ‪ ،2007 ،6‬فاس – املغرب‪،‬‬
‫ص ‪73-72‬‬
‫(‪ ((3‬خالد منصور الشعيبي‪ ،‬األنظمة اخلبرية‪ ،‬استخداماهتا وفوائدها الفعلية املتوقعة‪ ،‬املجلة العربية للعلوم اإلدارية‪ ،‬مج ‪ ،7‬العدد ‪ ،3‬مايو ‪،2000‬‬
‫ص ‪260‬‬

‫‪234‬‬
‫بياهنا باختصار كاآليت(‪:((3‬‬
‫•مرحلة انطالق املرشوع وتعترب املرحلة األوىل وفيه حتدد املشكلة‪ ،‬ويتم تقديم‬
‫املساعدات املطلوبة‪ ،‬وتقييم احللول البديلة‪ ،‬والتحقق من النظام اخلبري باعتباره‬
‫حال أمثل‪.‬‬
‫•حتليل وتصميم النظام وفيه خطة التصميم والتطوير‪ ،‬ومصادر املعرفة و موارد‬
‫احلساب ودراسة اجلدوى وحتليل التكلفة يف ضوء املنفعة‪.‬‬
‫•النمذجة‪ :‬وفيه بناء نموذج صغري‪ ،‬واختبار وحتسني وتوسيع نطاق النموذج‪،‬‬
‫وجدوى التحليل والعرض‪.‬‬
‫•تطوير النظام وفيه بناء قاعدة املعرفة واختبارها وتعديلها عند احلاجة لذلك‪،‬‬
‫أيضا‪ُ :‬خطة التكامل مع النظام‪.‬‬ ‫وفيه ً‬
‫•التنفيذ وفيه قبول املستخدم للنّظام اخلبري‪ ،‬وحتميل النظام‪ ،‬وعرض طريقة‬
‫تشغيله‪ ،‬والتدريب والتأمني والتوثيق واالختبار‪.‬‬
‫•ما بعد التنفيذ وفيه التشغيل والصيانة والتحديث»‪ ،‬والتقييم الدوري‪ .‬وتعتمد‬
‫هذه األنظمة ‪ -‬األنظمة اخلبرية يف عملها عىل القواعد‪ -‬قاعدة املعرفة‪.-‬‬
‫إجياد (قاعد املعرفة) يتم عن طريق اكتساب املعرفة من اخلرباء‪ .‬وذلك باستخالص‬
‫املعرفة من اخلبري أو من مصدر من مصادر املعرفة(‪ ،((3‬وحتويلها إىل قاعدة للمعرفة‪،‬‬
‫وهي من أصعب املراحل التي تواجه بناء النظام اخلبري‪.‬‬
‫يتطلب إنشاء قاعدة املعرفة‪ ،‬مجع احلقائق العلمية عن املوضوع ابتدا ًًء‪ ،‬ثم مناقشة اخلبري‬
‫بمعرفته املكتسبة من جتربته ونشاطه‪ ،‬وينبغي أن تراجع هذه املناقشة ملرات عديدة‪ .‬ثم‬
‫تندمج القواعد عرب قاعدة بيانات خاصة‪ ،‬وهذه القاعدة تسمى بقواعد املعرفة‪.‬‬
‫وتعرف القواعد احلاكمة للنظام اخلبري بكوهنا حزمة من الربجميات تدعى آلة االستدالل‬
‫التي تعمل عىل استغالل قواعد املعرفة‪ ،‬بطريقة من الطرق التي تؤدي باالستدالل‬
‫حول مشكلة مطروحة‪ ،‬بحسب حمتوى قاعدة احلقائق‪ ،‬وآلة االستدالل هذه حتتوي عىل‬
‫خوارزم للتصفية‪ ،‬يقوم بفحص عن طريق الوقائع املوجودة يف قاعدة احلقائق‪ ،‬وهذا‬
‫(‪ ((3‬املحميد‪ ،‬عمر بن ابراهيم بن حممد‪ ،)2022( ،‬الذكاء االصطناعي وأثره يف صناعة الفتوى‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪565‬‬
‫(‪ ((3‬حممد فهمي طلبة وآخرون‪ ،‬احلاسب والذكاء االصطناعي‪ ،‬جمموعة كتب دلتا‪ ،‬ص‪42‬‬

‫‪235‬‬
‫النظام للتصفية يعتمد عىل منطق القضايا ومنطق املحموالت لبحث احلقائق والقيام‬
‫باالستدالل‪ .‬فمثال‪ :‬إذا أخطر النظام اخلبري بأن الفصل اجلغرايف هو فصل الشتاء‪ ،‬وأن‬
‫الشجر حيمل أوراقا فإنه يستنتج أن الشجر من النوع الدائم اخلرضة‪ .‬بعدها حياول‬
‫تطبيق القاعدة عىل األشجار اخلرضاء بالبحث يف قاعدة املعرفة‪ ،‬عن شكل األوراق‬
‫والثامر‪ ،‬وهكذا‪ ،‬إىل أن يتوصل إىل النتيجة‪ .‬فنظم اخلربة تق ّّلد عملية تفكري اخلرباء يف‬
‫حل املشكالت الصعبة(‪.((4‬‬
‫تعالج برامج الذكاء االصطناعي واألنظمة اخلبرية الكثري من املشكالت عن طريق‬
‫رشح وتفسري ومعاجلة البيانات من قاعدة املعرفة(‪.((4‬‬
‫ولنجاح الذكاء االصطناعي ونظم اخلربة‪ ،‬ال بد من توفر عدد من العوامل‪:‬‬
‫‪1 .‬ال بد أن يكون مستوى املعرفة عاليا‪.‬‬
‫‪2 .‬وجود خبري يتمتع باملهارة الفائقة‪.‬‬
‫‪3 .‬حتديد املشكلة‪.‬‬
‫‪4 .‬البد أن تكون املشكلة نوعية صعبة مهمة‪ ،‬وال تكون عددية(‪.((4‬‬
‫متتاز األنظمة اخلبرية بقدرهتا عىل حل املشكلة‪ ،‬بل بعض األحيان‪ ،‬تقوم األنظمة‬
‫اخلبرية بحل املشكلة التي ال يستطيع اخلرباء البرشيون ح ََّلها‪ ،‬أو التوصل إىل حلول‬
‫مل يأخذها اخلبري البرشي بعني االعتبار؛ وتتوىل النظم اخلبرية رشح النتيجة‪ ،‬وتفسري‬
‫أّي حلول تتوصل إليها‪ ،‬مع توضيح طريقة الوصول إليها؛ باإلضافة إىل االستجابة‬ ‫ّ‬
‫لألسئلة البسيطة واملعقدة يف حدود التطبيق؛ والقدرة عىل جتنب املعرفة غري الكاملة‬
‫وغري الدقيقة؛ وعىل الرغم من أن التعلم ليس سمة رئيسة يف النظم اخلبرية ‪ -‬لكنها‬
‫قادرة مع التطوير عىل التعلم‪ ،‬وحماولة حماكاة البرش يف ذلك(‪.((4‬‬
‫يعد إجياد اخلبري احلقيقي والفعيل‪ ،‬والذي يمكن االعتامد عليه من أبرز الصعوبات‬
‫التي تواجه بناء نظام اخلربة‪ ،‬ويكمن ذلك يف أن عدم توفر اخلربة الكافية لدى اخلبري يف‬
‫املجال املطلوب‪ .‬أو وجود أكثر من خبري‪ ،‬لك ََّن آراءهم متناقضة للتساؤل املطروح نفسه‬
‫املحميد‪ ،‬عمر بن ابراهيم بن حممد‪ ،)2022( ،‬الذكاء االصطناعي وأثره يف صناعة الفتوى‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪566‬‬ ‫(‪((4‬‬
‫عز الدين غازي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪73-72‬‬ ‫(‪((4‬‬
‫وفاء عايض اجلميعي‪ ،‬استخدام نظم اخلربة يف تطوير إدارة اجلامعات السعودية‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة ام القرى‪1426 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪73‬‬ ‫(‪((4‬‬
‫عبد اهلل موسى و أمحد حبيب بالل‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬ثورة يف تقنيات العرص‪ ،‬املجموعة العربية للتدريب والنرش‪ ،2019 ،‬ص ‪194-193‬‬ ‫(‪((4‬‬

‫‪236‬‬
‫أمًرا يف غاية الصعوبة! لكن يمكن أن ُتُتفادى‬
‫أمامهم‪ ،‬فيجعل حتديد الرأي األصوب ً‬
‫هذه الصعوبة يف الفتوى‪ ،‬من خالل إدخال آراء خبري معتمد‪ ،‬أو من خالل إدخال‬
‫معلومات قانون األوقاف يف البلد‪ .‬ومن األمثلة الشائعة يف إجابة الذكاء االصطناعي‬
‫عىل االسئلة‪ ،‬ومدى صحة اإلجابات‪ ،‬نظام جيل واتسن(‪ .((4‬وهبذا يتضح بأن الذكاء‬
‫االصطناعي قادر عىل استقبال األسئلة‪ ،‬وحتليلها‪ ،‬وإعطاء اإلجابة الصحيحة‪ ،‬أو‬
‫التوقف عنها عند عدم فهم السؤال‪ ،‬أو عدم توفر اإلجابة الصحيحة(‪.((4‬‬

‫‪ -2‬فوائد استخدام النظم الخبيرة في صناعة الوقف‬


‫‪1 .‬تقليل إمكانية الفهم اخلاطئ؛ وذلك من خالل عدة طرق من ابرزها التكرار‪،‬‬
‫وإعادة اخلطوات مرة أخرى‪.‬‬
‫‪2 .‬تقليل نسبة خطأ التأسيس‪.‬‬
‫‪3 .‬تقليل التكلفة املاد َّية‪ ،‬عن طريق الذكاء االصطناعي‪ ،‬الذي ال حيتاج إالّ إىل‬
‫حتميل التطبيق مرة واحدة‪.‬‬
‫‪4 .‬إمكانية االستفسار مرات عديدة دون كلل أو تعب أو اعتذار من أصحاب‬
‫املصلحة أو إنزعاج‪.‬‬
‫‪5 .‬إمكانية التّأكد مرات أخرى من خالل إعادة خطوات التأسيس‪ ،‬دون الوقوع‬
‫بإحراج‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬استخدام (برمجيات) الذكاء االصطناعي في إدارة وظائف الوقف واتخاذ‬


‫القرار المناسب‬
‫تستخدم اإلدارة احلديثة الربجميات (كواحد من أساليب الذكاء االصطناعي) يف إنجاز‬
‫مهامها وحتسني أدائها ورفع إنتاجيتها‪ .‬تتنوع هذه الربجميات وتدخل يف تفاصيل العمل‬
‫اإلداري مثل(التخطيط للمرشوع؛ جدولة املهام؛ ختصيص املوارد؛ ضبط القوائم‬
‫والكشوفات املالية؛ إدارة الوقت‪.....‬ألخ)‪.‬‬
‫حيث يوفر الذكاء االصطناعي أنظمة للمستخدم‪ ،‬سواء أكانت داخل املنظمة – ‪On‬‬

‫(‪ ((4‬ملزيد من التفاصيل‪ ،‬يراجع املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪313-312‬‬


‫(‪ ((4‬املحميد‪ ،‬عمر بن ابراهيم بن حممد‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪577‬‬

‫‪237‬‬
‫‪premise‬؛ أم عىل السحابة)‪ .‬ويمكن استخدامها (فرديا‪ ،‬أو تشاركيا‪ ،‬أو تكامليا)‪.‬‬
‫ويتباين حجم هذه األنظمة ما بني البسيط أو املتوسط‪ ،‬أو املتقدم(‪.((4‬‬
‫وقد أثبتت التجربة أن أنظمة إدارة واملشاريع تسهم يف حتسني األداء داخل املنظمة‪،‬‬
‫فبحسب دراسة حالة عىل منظمة تصنيع عاملية‪ ،‬خ ّّلص الباحثون إىل أن تبني أدوات‬
‫إدارة املشاريع يف املنظمة كان له أثر إجيايب عىل زيادة مستوى نضج إدارة املشاريع يف‬
‫املنظمة(‪.((4‬‬
‫كام أتضح بأن استخدام أنظمة إدارة املشاريع تؤدي إىل رفع إنتاجية املنظمة‪ّ ،‬‬
‫دّل عىل‬
‫ذلك جتربة منظمة ‪ Shelter‬غري الربحية الربيطانية‪ .‬فقد تأخر انطالق مشاريع مجع‬
‫التربعات بسبب عدم وجود وسيلة جلدولة املهام وضامن سري العمل داخل املنظمة‪.‬‬
‫ويف الوقت نفسه واجه قسم النرش والتحرير ضغ ًًطا بسبب كثرة املشاريع املطلوب‬
‫تسليمها‪ .‬فتمثل احلل يف تقييم الوضع ودراسة واختبار احللول املمكنة‪ ،‬ومن ثم اختیار‬
‫نظام إدارة مشاريع‪ .‬نجم عن ذلك ازدياد عدد املشاريع املقفلة يف الوقت املحدد ‪%40‬‬
‫خالل ‪ 3‬شهور(‪.((4‬‬
‫وبالتايل فإنه من املمكن إستخدام هذه الربجميات ( األنظمة) من أجل رفع كفاءة إدراة‬
‫الوقف وحتسني إنتاجيته‪ ،‬وذلك من خالل إختيار الربامج املالئمة للوقف بحسب‬
‫حجمه وعدد املوظفني العاملني فيه‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬استخدام الذكاء االصطناعي لتحليل السوق وفرص االستثمار في الوقف‬


‫حيتاج الوقف بكل صوره إىل تعظيم الريع و تدنية التكاليف بام ال خيل برشوط الوقف‪،‬‬
‫سواء أكان الوقف منقوال أم غري منقول‪ ،‬عقارا أم نقدا‪ ،‬دائام أم مؤقتا‪...‬ألخ‪ .‬ومع أن‬
‫هذه املهمة يضطلع هبا عادة ناظر الوقف (سواء أكان فردا أم جملس نظارة)‪ ،‬إّالّ أن ما‬
‫وصلت إليه العلوم بشكل عام وبضمنها الذكاء االصطناعي‪ ،‬باتت حتتم عىل الناظر‬
‫(‪ ((4‬تركي الشمري‪ ،‬أنظمة إدارة املهام واملشاريع ومسامهتها يف حتسني األداء ورفع االنتاجية‪ ،‬عرض مقدم إىل‪ :‬مؤمتر حلول تقنية القطاع غري الربحي‬
‫لعام ‪2018‬م «دور التقنية يف الرتشيد املايل»‪ ،‬تنظيم‪ :‬وزارة االتصاالت وتقنية املعلومات‪ ،‬خالل الفرتة‪ 12-11 :‬شعبان ‪1439‬هـ املوافق ‪28-27‬‬
‫ابريل ‪2018‬م‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬حلول ‪2018‬‬
‫‪(47) Preradović, D. M., Lj S. Mićić, and C. Barz. «Software for improving the quality of project management, a case study: international‬‬
‫‪manufacturer of electrical equipment.» In IOP Conference Series: Materials Science and Engineering, vol. 200, no. 1, p. 012044. IOP Publi-‬‬
‫‪shing, 2017‬‬
‫(‪ ((4‬تركي الشمري‪ ،‬أنظمة إدارة املهام واملشاريع ومسامهتها يف حتسني األداء ورفع االنتاجية‪ ،‬مصدر سابق‬

‫‪238‬‬
‫األخذ باألسباب التي ترتقي بمهمته وحتقق املرجو منها بام خيدم الوقف واألطراف‬
‫املتعلقة به‪.‬‬
‫يستخدم الذكاء االصطناعي (‪ )AI‬أوجه عدة عادة‪ ،‬لتحليل السوق واستغالل فرص‬
‫االستثامر الربحية‪.‬‬
‫ّ‬
‫إّن تطبيق أوجه الذكاء االصطناعي يف الوقف‪ ،‬ليست باملسألة السهلة‪ ،‬فهي حتتاج إىل‬
‫أشخاص أكفاء ذوي دراية يف الوقف‪ ،‬يتمكنون من مجع البيانات إبتداء‪ ،‬وحتويلها إىل‬
‫أرقام‪ ،‬ومن ثم تبويبها‪ ،‬وحماكاهتا عىل واقع السوق‪ .‬وهذا يتطلب توفري األموال الالزمة‬
‫واختيار األشخاص املناسبني‪ .‬لذا ينبغي تكييف هذه األساليب بام خيدم الوقف‪ ،‬رشيطة‬
‫أن ال يتقاطع مع رشط لواقف‪ ،‬أو أن يرض بموقوف عليهم‪ ،‬أو أن يكون مدعاة لتضييع‬
‫الوقف‪.‬‬
‫حيتم استخدام الذكاء االصطناعي يف جمال االستثامر وجود خرباء متخصصني يف جما ّّيل‬
‫االستثامر والذكاء االصطناعي لضامن االستفادة القصوى من هذه التقنيات وتقليل‬
‫املخاطر‪ .‬كام ينبغي االعتامد عىل البيانات اجليدة والواقعية للحصول عىل حتليل دقيق‬
‫لواقع الوقف واستثامراته‪ .‬ويرى الباحث إن ذلك يتطلب اآليت‪:‬‬
‫‪1 .‬مجع البيانات‪ :‬يستخدم ‪ AI‬جلمع البيانات املتعلقة باألوقاف من مصادر متعددة‬
‫مثل إدارات األوقاف‪ ،‬سواء كانت عىل شكل وزارات أم هيئات‪ ،‬ووضعها يف‬
‫قاعدة بيانات منتظمة‪.‬‬
‫‪2 .‬تنقية البيانات‪ :‬استخدام تقنيات ‪ AI‬لتنقية وتصفية البيانات للتخلص من‬
‫األخطاء والتكرارات وضامن دقة البيانات‪ ،‬فيام خيص األوقاف القائمة أو‬
‫املندثرة‪.‬‬
‫‪3 .‬توقع األسعار‪ :‬تستخدم نامذج التعلم العميق (‪ )Deep Learning‬وتقنيات التنبؤ‬
‫لتوقع حركات‬
‫‪4 .‬األسعار يف السوق‪ ،‬ويمكن ذلك فيام خيص األوقاف املنوي استبداهلا‪ ،‬أو أسهم‬
‫الوقف النقدي‪.‬‬
‫‪5 .‬حتليل معادن البيانات‪ :‬كام تستخدم تقنيات معاجلة اللغة الطبيعية (‪ )NLP‬لفهم‬

‫‪239‬‬
‫ما تقوله التقارير واألخبار عن واقع األسواق‪ ،‬واستخراج املعلومات اهلامة‬
‫منها‪.‬‬
‫‪6 .‬إدارة املخاطر‪ :‬تقييم املخاطر‪ :‬يستخدم ‪ AI‬لتقدير مستوى املخاطر املرتبطة‬
‫بمختلف االستثامرات واختاذ إجراءات حتسني إدارة املخاطر‪.‬‬
‫إّن استخدام أساليب الذكاء االصطناعي آنفة الذكر‪ ،‬يمكن أن يسهم يف تقليل املخاطر‬‫ّ‬
‫من خالل توزيع املحفظة االستثامرية بشكل تلقائي باستخدام تقنيات ‪ AI‬للمساعدة يف‬
‫حتقيق توازن أفضل بني األسهم فيام خيص الوقف النقدي‪ ،‬ويتابع تنبوء حركة األسهم‪،‬‬
‫األمر الذي جينب حمفظة الوقف االستثامرية أية خسائر حمتملة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حاالت نجاح إلدارة األوقاف واستثمارها من خالل تقنيات‬


‫الذكاء االصطناعي‬
‫سيتم التطرق يف هذا املطلب إىل استعراض جتارب بعض من الدول العربية واإلسالمية‬
‫يف جمال الوقف من خالل استخدامها للتطور التكنولوجي وآليات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪ -1‬تجربة حكومة ّ‬
‫دبّي‪:‬‬
‫مساًرا خدم ًًيا تصاعد ًًيا فائق اجلودة‪ ،‬وفق املعايري‬
‫ً‬ ‫ّيب أن تبني لنفسها‬
‫استطاعت حكومة د ّ‬
‫العاملية‪ ،‬منذ انطالقتها إىل يومنا هذا‪ ،‬حيث تم تعميم‪ :‬نطاق اخلدمات الذكية عىل خمتلف‬
‫مؤسسات ودوائر حكومة ديب؛ ليشمل خمتلف األعامل واخلدمات املقدمة إىل اجلمهور‬
‫زيادة إىل اإلجراءات الداخلية اخلاصة بتنظيم عمل شؤون املوظفني املتعلقة بمختلف‬
‫املجاالت بام يف ذلك األرشفة والتوثيقات الرقمية والتي إنعكست بدورها عىل جودة‬
‫اخلدمات املقدمة بشكل عام‪ ،‬ملا مثلته من مرونة ورسعة يف التنفيذ من خالل آليات‬
‫ونوافذ التطبيقات الذكية(‪.((4‬‬
‫ّيب النسخة األوىل التجريبية من‬ ‫كام أطلقت دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي يف د ّ‬
‫مرشوع «اإلفتاء االفرتايض» وهي مبادرة أوىل من نوعها عىل مستوى العامل اإلسالمي‪،‬‬
‫تقدم فيها خدمات اإلفتاء للسائلني باستخدام تقنيات متطورة تشمل الذكاء االصطناعي‬

‫دّيب‬
‫(‪ ((4‬موقع دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي حكومة ّ‬

‫‪240‬‬
‫والتفاعل(‪.((5‬‬
‫ُ‬
‫‪ -2‬تجربة سلطنة ُعمان‪:‬‬
‫عىل مستوى العمل الوقفي املؤسيس يف منطقة اخلليج أطلقت وزارة األوقاف والشؤون‬
‫الدينية يف سلطنة عامن مطلع العام ‪2022‬م مرشوع (الوقف اإللكرتوين) الذي يقوم‬
‫عىل تقديم مخس خدمات تصب يف توثيق األمالك ضمن الربامج اإللكرتونية الساعية‬
‫إىل تبسيط اإلجراءات‪ ،‬وتوثيق أمالك الوقف وممتلكاهتا ومعامالهتا بكافة حمافظات‬
‫سلطنة عامن‪ .‬والغرض من هذا النظام إتباع تيسري عدد من اخلدمات التي تدخل يف‬
‫تسهيل اإلجراءات املتعلقة باألوقاف وخدمة الصالح العام‪ ،‬إذ يتضمن النظام الذي‬
‫مؤخًرا يف السلطنة؛ جمموعة خدمات منها خدمات األوقاف والوكالء‬
‫ً‬ ‫تم اإلعالن عنه‬
‫وحتتوي عىل خدمة طلبات الوكالء‪.‬‬
‫(‪((5‬‬
‫نموذج بناء النظام الخبير‬

‫جفلة العامري‪ ،‬الوقف اخلريي يف العرص الرقمي‪ ،‬املستودع الدعوي الرقمي‪https://dawa.center/file/4260 ،‬‬
‫(‪((5‬‬
‫(‪ ((5‬تم تصميم النموذج باالستعانة باملحميد‪ ،‬عمر بن ابراهيم بن حممد‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪580‬‬

‫‪241‬‬
‫الرشعية وطلبات اخلدمات العامة‪ ،‬إضافة إىل خدمة املسامهات الوقفية وخدمة التقييم‬
‫اخلارجي‪ ،‬وخدمات الترصف باألوقاف واملزايدة اإللكرتونية‪ ،‬وخدمات اجلمهور‬
‫التي تتضمن مسامهتي وطلب وكالة وطلب عروض مزايدة‪ ،‬وخدمات إدارة األصول‬
‫الوقفية وخدمة املوقوف والوكاالت والوكالء‪ ،‬وال شك فإن هذه اإلجراءات اجلديدة‬
‫الرقمية ستسهم يف إنجاز املعامالت إلكرتونيا زيادة إىل ما ستوفره من قاعدة بيانات‬
‫موثقة‪ ،‬يسهل فيها احلصول عىل املعلومات‪ ،‬وأرشفة الوثائق اخلاصة بكل أموال‬
‫الوقف(‪.((5‬‬

‫‪ -3‬تجربة دولة الكويت‪:‬‬


‫حرصت األمانة العامة لألوقاف يف الكويت عىل تسخري التكنولوجيا والذكاء‬
‫االصطناعي خلدمة الوقف من خالل تنفيذها للمشاريع التكنولوجية التي ختدم الوقف‬
‫يف الكويت والعامل اإلسالمي ومنها‪ :‬الكشاف اجلامع ألدبيات الوقف‪ ،‬ومكتبة علوم‬
‫الوقف ومعجم تراجم أعالم الوقف‪ ،‬وقاموس مصطلحات الوقف‪ ،‬ومرشوع أطلس‬
‫أوقاف الكويت‪ ،‬باإلضافة اىل التوثيق الذي يدخل يف أساسيات عملها كحجج ووثائق‪.‬‬
‫كام قدمت األمانة العامة لألوقاف إصدارات (كتب وجمالت علمية) وقفية حمكمة تثري‬
‫املكتبة الوقفية اإلسالمية‪ ،‬وختدم عموم الباحثني واملهتمني واملعنيني بشؤون الوقف‬
‫والعمل اخلريي سواء كانوا أفرا ًًدا أم مؤسسات وهيئات داخل الكويت وخارجها‪ .‬وتم‬
‫حتميل هذه اإلصدارات إلكرتونيا عىل املوقع اإللكرتوين لألمانة العامة لألوقاف(‪.((5‬‬
‫كام أوجدت األمانة فكرة التُّربُ ع الوقفي عن طريق قنوات الدفع والتعامل اإللكرتوين‬
‫لتوفري املناخ املالئم ملختلف فئات املجتمع ورشائحه‪ ،‬ومن قنوات الدفع والتعامل‬
‫املستخدمة حلِّدِ الساعة(‪( :((5‬جهاز نقاط البيع املتنقلة (‪)Pos/mPOS‬؛ التطبيقات البنكية‬
‫يف اهلواتف اجلوالة؛ اخلدمة املرصفية عرب اإلنرتنت (‪)Online‬؛ خدمة الوقف عن طريق‬
‫الرسائل القصرية (‪.((5(»)SMS‬‬

‫(‪ ((5‬ابراهيم عبد اللطيف العبيدي‪ ،‬التوثيق الرقمي وأمهيته يف حفظ احلقوق ص ‪104-103‬‬
‫‪(53) https://www.aljarida.com/articles/1624436050012435600‬‬
‫(‪ ((5‬ينظر‪« :‬طرق تقديم الوقف» األمانة العامة لألوقاف الكويتية‪ 07 ،‬ايلول ‪.2023‬‬
‫(‪ ((5‬ينظر‪ :‬التُّربُ عات األلكرتونية‪ ،‬خالد الغامدي وآخرون‪65-64 ،‬؛«طرق تقديم الوقف»‪ ،‬األمانة العامة لألوقاف الكويتية‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫‪ -4‬تجربة ماليزيا‪:‬‬
‫بقصد تفعيل الدور التنموي للوقف يف ماليزيا قامت باالستفادة من تكنولوجيا البلوك‬
‫تشني ومنصات التمويل اجلامعي يف متويل وإدارة استثامرات مؤسساهتا الوقفية‪ .‬ويف‬
‫هذا الصدد قامت رشكة فنتريا بإطالق منصة متويلية مجاعية لتمويل وإدارة االستثامرات‬
‫الوقفية يف ماليزيا حيث تقوم املنصة بالعمل عىل األوقاف املسجلة فقط من قبل وزارة‬
‫أو هيئة األوقاف يف الدولة‪ ،‬وال يمكن إدراج الوقف الذري أو الوقف املدار من قبل‬
‫مؤسسات خريية غري حكومية‪ ،‬والغاية من ذلك تكمن يف حماولة تقليل املشاكل التي‬
‫تنجم عن إدراج أوقاف قد يكون هلا مشاكل عائلية أو قضائية(‪.((5‬‬

‫‪ -5‬تجربة المملكة العربية السعودية‬


‫يف عام ‪1431‬هـ تم إنشاء اهليئة العامة لألوقاف‪ ،‬والتي متثلت مهامها يف تعزيز دور‬
‫األوقاف يف التنمية االقتصادية واالجتامعية والتكافل االجتامعي؛ اإلرشاف الرقايب‬
‫عىل أعامل الَنَظارة؛ املوافقة عىل طلبات إنشاء األوقاف العامة واملشرتكة التي ّمُت� ّول عن‬
‫طريق مجع التربعات؛ وتسجيل مجيع األوقاف يف اململكة‪ ،‬ويتم ذلك باستخدام أحدث‬
‫(‪.((5‬‬
‫التقنيات الرقمية‬
‫اعتمدت جتربة األوقاف يف اململكة الوقف الرقمي الذي يمثل شكال من األشكال‬
‫احلديثة لتطبيقات الذكاء االصطناعي‪ ،‬ويقصد بالوقف الرقمي‪ :‬التربع بمنتج إلكرتوين‬
‫مباح‪ ،‬يمكن االنتفاع به‪ ،‬مع بقاء أصله‪ ،‬عىل جهة بر(‪ .((5‬هناك عدة تطبيقات يف هذا‬
‫املجال يف اململكة‪ ،‬منها وقف الشبكة الوقفية ‪ fekhweb.com‬حيث صنف بأنه املرشوع‬
‫العاملي األول يف الفقه وأصوله إلكرتون ًًيا(‪ .((5‬ومنها أيضا وقف الربامج اإللكرتونية‬
‫كاملكتبة الشاملة‪ ،‬وهي عبارة عن مكتبة وقفية خريية إلكرتونية رقمية َّجمَانية للبحث‬

‫نموذًجا‪ ،‬جملة‬
‫ً‬ ‫(‪ ((5‬حممد جعفر هني‪ ،‬حممد يدو‪ ،‬دور وأمهية استخدام تقنية البلوك تشني يف تطوير القطاع الوقفي منصة ‪ Finterra Waqf Chain‬بامليزيا‬
‫االقتصاد اجلديد‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪ ،2021 ،1‬ص‪335‬‬
‫‪(57) https://www.awqaf.gov.sa/ar/‬‬
‫(‪ ((5‬سليامن بن حممد النجران‪ ،‬الوقف الرقمي مقاصده وجماالته‪ ،‬جملة دراسات اسالمية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬املجلد ‪ 16‬العدد ‪ ،2021 ،2‬ص‪14‬‬
‫(‪ ((5‬عبد احلميد الكراين‪ ،‬الضوابط الفقهية املتعلقة بالوقف األلكرتوين‪ ،‬الشبكة الفقهة إنموذجا‪ ،‬جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الرشعية‪ ،‬الدد ‪،188‬‬
‫ص ‪325‬‬

‫‪243‬‬
‫يف العلم الرشعي(‪ ،((6‬ومنها أيضا برنامج جوامع الكلم‪ ،‬وهو برنامج إلكرتوين وقفي‬
‫أنشئ ملساعدة الطلبة والباحثني يف ختريج األحاديث وتضم أكثر من ‪ 0041‬مصدرا‬
‫حديثيا(‪.((6‬‬
‫كام أطلقت اهليئة العامة لألوقاف منصة «وقفي» كإحدى مبادرات التحول الرقمي‬
‫للهيئة لتفعيل املشاركة املجتمعية يف دعم األوقاف والقطاع غري الربحي وتوفري‬
‫خيارات دفع إلكرتونيه آمنة عرب املنصة‪ ،‬ومتكن املانح من اإلسهام الكامل أو اجلزئي يف‬
‫دعم املرشوعات ومتويلها بشكل رقمي(‪.((6‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التحديات واالعتبارات األخالقية والقانونية للذكاء االصطناعي‬


‫التغري الرسيع الذي طرأ عىل اجلانب اإلداري واالستثامري يف املجاالت كافة‪ ،‬ال بد أن‬
‫يصاحبه أفعاال غري مسؤولة من أطراف خمتلفة وألغراض شتى‪ .‬حياول هذا املبحث‪،‬‬
‫إيضاح أبرز خماطر الذكاء االصطناعي‪ ،‬ثم التعريج عىل التحديات واملعوقات التي‬
‫تنجم من استخدام تلك الربامج‪ ،‬ومن ثم حماولة اقرتاح معايري تسهم يف ضبط العالقة‬
‫ما بني استخدام برامج الذكاء االصطناعي والوقف‪ ،‬دون انتهاك لنص رشعي أو رشط‬
‫وقفي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مخاطر الذكاء االصطناعي‬


‫عىل الرغم من إجيابيات الذكاء االصطناعي عىل حياة الفرد‪ ،‬املتمثلة يف زيادة فاعليته‬
‫وتسهيل حياته اليومية‪ ،‬إال أن هناك بعض املخاطر املتوقعة عىل مجيع مناحي احلياة‪ ،‬لعل‬
‫(‪((6‬‬
‫أبرزها‪:‬‬

‫(‪« ((6‬املكتبة الشاملة»‪ ،‬املكتبة الشاملة‪ 30 ،‬آذار ‪2019‬؛ «الوقف اإللكرتوين ودوره يف جودة التعليم الرشعي»‪ ،‬مهاوات ‪ -‬ببوش‪7 ،‬‬
‫(‪ ((6‬ينظر‪« :‬برنامج جوامع الكلم»‪ ،‬موقع «‪ islamhouse”، 30‬ترشين األول ‪.2019‬‬
‫‪(62) https://www.awqaf.gov.sa/ar/‬‬
‫(‪ ((6‬فايق عوضني‪ ،‬استخدامات تقنيات الذكاء االصطناعى بني املرشوعية وعدم املرشوعية اجلزء األول «ماهية الذكاء االصطناعى وجماالت‬
‫استخداماته األمنية»‪ ،‬املجلة اجلنائية القومية‪ ،‬املجلد ‪ ،65‬العدد ‪ ،1‬مارس ‪ ،2022‬ص ‪14‬؛ معهد الدراسات املرصفية‪ ،‬إضاءات‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫السلسلة ‪ ،13‬العدد‪ ،4‬دولة الكويت‪ ،‬مارس‪ ،2021 ،‬ص ‪10‬؛ مراد بو ضاية‪ ،‬الضوابط واملعايري الرشعية لالبتكار والذكاء االصطناعي يف املالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬بحوث مؤمتر الدوحة السادس للامل اإلسالمية ( التمويل اإلسالمي يف عامل متحول)‪ ،‬سلسلة اصدارات رشكة بيت املشورة لالستشارات‬
‫املالية رقم (‪ ،2020 /2/25 ،)6‬ص ‪128‬‬

‫‪244‬‬
‫‪1‬فقدان الوظائف؛ وزيادة الفارق يف الدخل بني طبقات املجتمع(‪((6‬؛‬ ‫‪.‬‬
‫‪2‬سباق تسلح عاملي باستخدام الذكاء االصطناعي؛‬ ‫‪.‬‬
‫‪ 3‬انعدام اخلصوصية الشخصية؛ حيث إن هذه األدوات التقنية اجلديدة تشرتط عىل‬ ‫‪.‬‬
‫املستخدم تزويدها بالبيانات لقاء توفري خدمات مقننة(‪((6‬؛‬
‫‪4‬عدم وعي أنظمة الذكاء االصطناعي باألخالقيات والقيم البرشية؛‬ ‫‪.‬‬
‫‪5‬عدم قدرة أنظمة الذكاء االصطناعي عىل تغيري نظام عملها وتطويره يف حال تلقيها‬ ‫‪.‬‬
‫البيانات نفسها يف كل مرة‪ ،‬وهذا األمر قد جيعلها عديمة الفائدة يف مرحلة معينة؛‬
‫‪6‬غالبا ما تذكر برامج الذكاء االصطناعي ما خييل مسؤوليتها متعللة بأن املعلومات‬ ‫‪.‬‬
‫والتقارير وحمتواها غري موجهة إىل عامة الناس يف شتى البلدان(‪.((6‬‬
‫‪7‬االستخدام اخلاطئ لتكنولوجيا الذكاء االصطناعي من خالل إمكانية تزييف‬ ‫‪.‬‬
‫مقاطع فيديو‪ ،‬وصور عىل مستوى عال ونرش أخبار وإشاعات غري صحيحة عىل‬
‫منصات التواصل االجتامعي‪.‬‬

‫ويمكن تفادي بعضا من تلك املخاطر من خالل اآليت(‪:((6‬‬

‫•االلتزام بالقوانني املحلية واخلارجية‪.‬‬


‫•االلتزام باألحكام الرشعية‪.‬‬
‫•توافر أسس وإجراءات حلل النزاع الناجم عن التشغيل‪ ،‬وإمكانية الوصول إىل‬
‫برامج حللول تأخذ يف االعتبار املتطلبات الرشعية والقانونية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحديات ومعوقات الذكاء االصطناعي في إدارة واستثمار الوقف‪.‬‬


‫ال يمكن للمخاطر العامة للذكاء االصطناعي‪ ،‬ان تكون بمعزل عن الوقف‪ ،‬ذلك ألن‬

‫‪http://Ail00 Stanford/2016 report. 2016‬‬ ‫(‪ ((6‬تقريـر عـن املخـاطر احلقيقيـة للـذكاء االصـطناعى – هـارفرد بيـزنس ريفيـو العربيـة‪ ،‬ىفـ ينـاير‪.‬‬
‫‪.Accessed: January 20, 2020‬‬

‫(‪ ((6‬دهشان‪ ،‬حييى ابراهيم حممد متويل ( اكتوبر ‪ ،)2022‬جرائم الذكاء االصطناعي وآليات مكافحتها‪ ،‬روح القوانني‪ ،‬جامعة طنطا‪ ،‬املجلد ‪ ،34‬العدد‬
‫‪ ،100‬اجلزء األول‪ ،‬ص‪54‬‬
‫(‪ ((6‬عبد الستار أبو غدة‪ ،‬منصات التداول ( األحكام الرشعية واآلثار االقتصادية)‪ ،‬بحوث مؤمتر الدوحة السادس للامل اإلسالمية ( التمويل‬
‫اإلسالمي يف عامل متحول)‪ ،‬سلسلة اصدارات رشكة بيت املشورة لالستشارات املالية رقم (‪ ،2020 /2/25 ،)6‬ص ‪47‬‬
‫(‪ ((6‬عبد الستار أبو غدة‪ ،‬منصات التداول (األحكام الرشعية واآلثار االقتصادية)‪ ،‬بحوث مؤمتر الدوحة السادس للامل اإلسالمية ( التمويل‬
‫اإلسالمي يف عامل متحول)‪ ،‬سلسلة اصدارات رشكة بيت املشورة لالستشارات املالية رقم (‪ ،2020 /2/25 ،)6‬ص ‪47‬‬

‫‪245‬‬
‫فقدان الوظائف‪ ،‬وزيادة الفوارق وانتهاك اخلصوصية‪ ،‬يمكن أن تنطبق عليه‪ .‬فاألنظمة‬
‫احلديثة املتعلقة بالبيانات يمكن أن تستغني عن عدد ال بأس به من املوظفني‪ ،‬وهذا‬
‫بدوره سيزيد من أعداد العاطلني عن العمل‪.‬‬
‫عىل اجلانب اآلخر‪ ،‬يرى آخرون أن الذكاء االصطناعي سوف يوفر جماالت جديدة‬
‫للعمل مل تكن متواجدة من قبل ومجيعها مرتبط بالتقدم التكنولوجي مثل حتليل‬
‫البيانات‪ ،‬أسواق التطبيقات‪ ،‬انرتنت االشياء‪ ،‬التعلم اآليل‪ ،‬احلوسبة السحابية‪ ،‬التجارة‬
‫اإللكرتونية‪ ،‬تكنولوجيا الواقع املعزز‪ ،‬تقنيات التشفري‪ ،‬تقنية املواد اجلديدة‪ ،‬سلسلة‬
‫الكتل‪ ،‬الطباعة ثالثية األبعاد‪ ،‬الروبوتات الثابتة‪ ،‬احلوسبة الكمية‪ ،‬الروبوتات األرضية‪،‬‬
‫التكنولوجيا احلديثة‪ ،‬الروبوتات اجلوية وحتت املاء‪ ،‬ومن خالل توقعات رشكة ‪PWC‬‬
‫نجد أن الذكاء االصطناعي من املمكن أن يضيف ‪ 51.7‬تريليون دوالر إىل االقتصاد‬
‫العاملي بحلول عام ‪ 2030‬وأن يساهم يف الرشق االوسط بزيادة النمو السنوي بنسبة‬
‫ترتاوح ما بني )‪ .20 –34%(68‬وأن من أبرز أنواع الوظائف املستحدثة هي(‪:((6‬‬
‫أ ‪ -‬عامل البيانات‪ :‬أحد األمثلة عىل الوظيفة التي تم إنشاؤها حديثا هو وظيفة عامل‬
‫البيانات‪ ،‬وتتمثل املهمة يف تنظيم كميات ضخمة من البيانات وحتليلها‪ ،‬وهذا يشمل‬
‫البحث يف كل من البيانات واهليكل أو األصل الستكامل جمموعة البيانات غري الكاملة‬
‫أو إنشاء روابط بني جمموعات البيانات املجردة‪.‬‬
‫ب‪ -‬العمل اجلامعي‪ :‬حيث يعترب ذو أمهية متزايدة‪ ،‬حيث يقدم أصحاب العمل اجلامعي‬
‫مهاراهتم من خالل أجهزة الكمبيوتر عىل منصات اإلنرتنت‪ ،‬فالعمل اجلامعي هو رمز‬
‫مللف تغيري عامل العمل للعامل ذوي الياقات البيضاء يف اقتصاد الوظائف املؤقتة حيث‬
‫يمكن استخدام املنصات عىل اإلنرتنت ألغراض التسويق واخلدمات‪.‬‬
‫لذا ينبغي النهوض باملالكات الوظيفية من حيث االرتقاء هبم الستيعاب نظم الذكاء‬
‫االصطناعي واكتساب اخلربة للعمل عليها‪ ،‬بام خيدم الوقف واجلهات املرتبطة به من‬
‫أصحاب العالقة‪ ،‬سواء أكانوا جهات إرشافية أم قضائية‪ ،‬أم نظار وحتى املوقوف‬
‫‪(68) Building the Data Economics of the future tomorrow’s Data Economics shaped by the youth of today. pwc Report, the world Government‬‬
‫‪sumit 2019‬‬
‫(‪ ((6‬إيامن حممد خريي طايل‪ ،‬الذكاء االصطناعي وآثاره عىل سوق العمل‪ ،‬جملة الدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬مرص‪ ،‬املجلد ‪ ،8‬العدد ‪ ،4‬ديسمري‬
‫‪ ،2022‬ص‪745‬‬

‫‪246‬‬
‫عليهم بالقدر الذي يضمنون فيه احلفاظ عىل احلقوق‪.‬‬
‫كام أن من شأن تطبيق نظم الذكاء االصطناعي تفاوت الدخول‪ ،‬ذلك أن آثار تقدم‬
‫الذكاء االصطناعي عىل األجور ينعكس من خالل نمو إنتاجية العمل‪ ،‬حيث إن‬
‫األجور تتأثر بابتكار املنتج اجلديد إجيابيا‪ ،‬مما يؤدي بشكل غري متوقع إىل حتسني توزيع‬
‫الدخل وزيادة االيرادات والتوظيف(‪ .((7‬وستكون زيادة اإلنتاج االقتصادي العاملي‬
‫بني ‪ 1,49‬تريليون دوالر إىل ‪ 2,95‬تريليون دوالر(‪.((7‬‬
‫حتتم التطورات املتوقعة عىل إدارات األوقاف‪ ،‬وضع برنامج عمل من أجل إدارة‬
‫نظًرا ألثرها الكبري عىل املجتمع واالقتصاد‪ ،‬كام يتعني عىل هذه‬ ‫التحّول إىل األمتتة ً‬
‫ّ‬
‫اإلدارات أن تقوم بدور مهم يف جماالت خمتلفة منها‪ :‬وضع اسرتاتيجية شاملة العتامد‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬وتطوير نظام تنمية املوارد البرشية وتعزيز أنظمة احلامية االجتامعية لضامن‬
‫استفادة املوقوف عليهم من األمتتة‪ ،‬ودعوة مجيع اجلهات املعنية وحشدها للقيام بدورها‬
‫التحّول املستقبيل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يف‬
‫كام يتوقع يف جمال األوقاف ارتفاع أجور مصممي برامج الذكاء االصطناعي والعاملني‬
‫عليها‪ .‬األمر الذي قد يسهم يف ارتفاع التكاليف وبالتايل تدنية العوائد‪ ،‬إذا ما بقيت‬
‫اإليرادات الوقفية عىل حاهلا‪ ،‬وهذا يتطلب احلرص عىل زيادة كفاءة االستثامرات‬
‫الوقفية من خالل اآليت‪:‬‬
‫‪1 .‬إنشاء قاعدة بيانات ختص حركة االستثامر عىل وجه العموم‪ ،‬وقاعدة بيانات تتعلق‬
‫باالستثامرات الوقفية عىل وجه اخلصوص‪.‬‬
‫‪2 .‬تطوير برامج دراسات اجلدوى االقتصادية‪ ،‬بام يضمن نجاح االستثامرات وتدنية‬
‫املخاطر‪.‬‬
‫‪3 .‬احلرص عىل رفع إنتاجية (عائد‪ ،‬ريع) االستثامرات الوقفية‪ ،‬كي يغطي توقعات‬
‫ارتفاع النفقات‪.‬‬
‫ال يقترص سباق التسلح عىل اجلانب العسكري‪ ،‬بل يتعاده أو يرجع يف أصله إىل اجلانب‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫‪(70) Tomas Gries, wim Naude Artificial intelligence jobs incquality and productivity Does Agregate Demodl matter ? IZA DPNO , 12005‬‬
‫‪November 2018‬‬
‫‪(71) www.WorldBank Group‬‬

‫‪247‬‬
‫وعىل قدر تعلق املوضوع بالبحث‪ ،‬ينبغي االطالع عىل منجزات القطاع اخلريي‪،‬‬
‫وما وصل إليه من أداء اقتصادي متميز وإسهام يف شتى جماالت النشاط االقتصادي‬
‫واالجتامعي واالستفادة من جتربته يف جمال استخدام الذكاء االصطناعي‪ .‬هذا من جهة‪،‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬فأن احلرب قائمة عىل الوقف والسعي إىل تصفيته منذ بداية االستعامر‬
‫الغريب عىل عاملنا اإلسالمي‪ ،‬وحتى من بعد احلكومات الصورية التي جاء هبا االستعامر‬
‫بديال خلروجه‪ ،‬وما أسهمت فيه من تصفية للوقف‪ ،‬حيتم تطوير وتكييف برامج الذكاء‬
‫االصطناعي بام خيدم محاية األوقاف وتطوير وتوسيع استثامراته‪.‬‬
‫يرى الباحث أن انعدام اخلصوصية يف البيانات‪ ،‬يمكن أن يسهم يف اخرتاق األوقاف‪،‬‬
‫والتأثري بالسلب عىل ريع الوقف واستثامراته‪ ،‬ويمكن أن تتم معاجلته من خالل التحوط‬
‫عن طريق برامج األمن السيرباين‪ ،‬بام يضمن احلفاظ عىل معلومات الوقف‪.‬‬
‫عند استخدام برامج الذكاء االصطناعي يف جمال الوقف‪ ،‬ال بّدّ من احلذر من عدم وعي‬
‫أنظمة الذكاء االصطناعي باألخالقيات والقيم البرشية‪ ،‬فهذه األنظمة جتهل األحكام‬
‫الرشعية املناسبة‪ ،‬فهي تنفذ ما ُُصممت ألجله دون النظر إىل ما هو صحيح وخاطئ يف‬
‫تنفيذ املهام‪ ،‬ودون مراعاة لاللتزام بأصل الوقف ورشوطه‪ ،‬أو مراعاة ملصالح األطراف‬
‫ذات العالقة بالوقف‪ ،‬سيام املوقوف عليهم‪.‬‬
‫عىل اجلانب اآلخر تبقى خماطر املسؤولية القانونية‪ ،‬أو ما يسمى بإخالء املسؤولية واحد‬
‫من األخطار التي قد تعصف باألوقاف وتوثيقها‪ .‬كام يمكن أن ال تراعي برامج الذكاء‬
‫االصطناعي اجلوانب والضوابط الرشعية والقانونية‪ ،‬مما خيل بعملية الوقف بمجملها‬
‫وتلحق الرضر بأهدافه وآثاره وحتى أصله‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬القضايا األخالقية والقانونية في استخدام تقنيات الذكاء االصطناعي‬


‫ينبغي عىل الذكاء االصطناعي األخالقي أن يكون شاماًلا وقاباًلا للتفسري وخيدم أهدا ًًفا‬
‫إجيابية يف جمال السلوك البرشي‪ ،‬ويقصد بأخالقيات الذكاء االصطناعي « منظومة‬
‫التقنيات واملبادئ األخالقية التي هتدف إىل اإلعالم بالتطوير واالستخدام املسؤول‬
‫لتكنولوجيا الذكاء االصطناعي»(‪ .((7‬وبذلك تصبح أنظمة الذكاء االصطناعي دافعا‬
‫‪(72) Lawton, “AI Ethics (AI Code of Ethics)”, s.1‬‬

‫‪248‬‬
‫كبريا الستمرارية اخلري يف املجتمع‪ ،‬ما التزمت هبدف احرتام حقوق اإلنسان والتوافق‬
‫مع القيم اإلنسانية‪ .‬وهلذا الغرض‪ ،‬جرى نرش عدد من التعليامت األخالقية يف السنوات‬
‫األخرية‪ ،‬تتضمن توصيات ومبادئ معيارية هتدف إىل تسخري اإلمكانات «التدمريية»‬
‫لتقنيات الذكاء االصطناعي اجلديدة‪ ،‬واالستفادة منها‪ .‬وقد نرشت املفوضية‬
‫األوروبية دليل املبادئ األخالقية ألنظمة الذكاء االصطناع املوثوق هبا يف ‪8‬ابريل‬
‫‪ ،2019‬كام اعتمدت الدول األعضاء باليونسكو أول اتفاقية عاملية بشأن أخالقيات‬
‫الذكاء االصطناعي يف ‪ 24‬نوفمرب ‪ .2021‬كام حددت اهليئة السعودية للبيانات والذكاء‬
‫االصطناعي مبادئ ألخالقيات الذكاء االصطناعي‪ ،‬متثلت(‪( :((7‬بالنزاهة واإلنصاف؛‬
‫اخلصوصية واألمن؛ اإلنسانية؛ املنافع االجتامعية والبيئية؛ املوثوقية والسالمة؛ الشفافية‬
‫والقابلية للتفسري؛ املساءلة واملسؤولية)‪.‬‬
‫يرى الباحث رضورة وجود معايري أخالقية حتكم العالقة ما بني الوقف والذكاء‬
‫االصطناعي ُتُعول يف مرجعيتها إىل اجلانب الرشعي‪ ،‬مما يلزم الفرد التقيد هبا‪ ،‬حتى‬
‫يف حالة غياب الرقيب احليس‪ .‬لذا فإن العالقة ما بني الوقف (املحافظة عىل أصله؛‬
‫ضامن ريعه؛ املحافظة عىل حقوق رشط الوقف‪ ،‬املحافظة عىل حقوق املوقوف عليهم‪،‬‬
‫واستثامره) وبني الذكاء االصطناعي‪ ،‬يمكن أن تعمل يف ضوء املعايري املقرتحة اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬معيار تعظيم النفع وتجنب الضرر‬
‫ُُيظهر هذا املعيار الرتكيز عىل حتقيق التوازن بني حتقيق النفع واملحافظة عىل عدم‬
‫التسبب يف أرضار غري مقبولة‪ .‬كام يساعد هذا املعيار يف توجيه االهتامم نحو العمليات‬
‫والقرارات التي تساهم يف تعزيز املنفعة العامة‪ ،‬مع األخذ يف االعتبار اآلثار السلبية‬
‫املحتملة وجتنبها أو تقليلها إىل احلد األدنى املمكن‪ .‬وتأسيسا عىل ما تقدم فإنه يضبط‬
‫ويوجه الوقف والذكاء االصطناعي إىل‪:‬‬
‫‪1 .‬حتقيق النفع يف مجيع جوانب الوقف وفق مقصود الرشع‪ ،‬ذلك ألن معيار حتقق‬
‫املنفعة متعلق بتحقق مقاصد الرشيعة ألصحاب العالقة فيه‪.‬‬
‫‪2 .‬رفع الرضر أو دفعه‪ ،‬حتى ولوكان غري متعلق مبارشة بوقف حمدد‪ ،‬وقد كفلت‬
‫الكثري من القواعدالرشعية دفع الرضر وإزالته‪.‬‬
‫(‪ ((7‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي‪ ،‬مباديء أخالقيات الذكاء االصطناعي‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،‬أغسطس ‪ ،2022‬ص ‪12-6‬‬

‫‪249‬‬
‫‪ -2‬معيار المشروعية‬
‫واملقصود مرشوعية القرار االستثامري سواء تعلق بأدواته أم بآلياته التمويلية ونحومها‪،‬‬
‫وكذا الشأن بالنسبة الستخدام الذكاء االصطناعي فال بد من موافقته للرشع من حيث‬
‫أصل االستخدام ومآله‪ .‬لذا فإن الوقف والذكاء االصطناعي تعرتهيام األحكام التكليفية‬
‫اخلمسة بحسب احلالة وتقدير أهل االختصاص‪.‬‬

‫‪-3‬معيار النزاهة والعدل‬


‫ويراد هبذ املصطلح الشمول من حيث عدم التمييز بني فئة أو أخرى‪ ،‬أو عرق دون‬
‫ِ‬ ‫ْوٌْم ِِمْنْ ََق ٍ‬ ‫آخر‪ ،‬قال تعاىل ( ََيا ََأَهُّي� َا ا ََّل ِِذي ََن آ ََمُنُوا اَلا ََي َ‬
‫ْوٍْم ََع ََسى ََأْنْ ََيُكُوُنُوا ََخ � ًًرْيا ِم ُْنُْهْمْ‬ ‫ْسَْخْرْ ََق ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْنُْه ََّن)(‪ ،((7‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم‬ ‫ََواَلا ِن ََسا ٌٌء ِمْنْ ِن ََساٍء ََع ََسى ََأْنْ ََي ُُك ََّن ََخ � ًًرْيا ِم ُ‬
‫باِد ِِئ التي‬ ‫أعَظ ِِم ا ََمل ِ‬
‫َاِس من َ‬ ‫ْدُْل بني الَّن ِ‬
‫فالَع ُ‬‫(ال فضل لعريب عىل أعجمي إال بالتقوى(‪َ ،)((7‬‬
‫بُح ِ‬
‫سِن ال ََع ََم ِِل وال ََّتْقْ وى‪.‬‬ ‫ْضَْل ألَح ٍٍد عىل ٍ‬ ‫ْأْهِنه‬
‫أَحٍد إاَّلا ُ‬‫َ‬ ‫أْعْ ىل اإلسال ُُم من ََش ا؛ فال ََف َ َ‬
‫أن من شأن االلتزام هبذا املعيار ضامن حقوق أصحاب املصلحة املتعلقة بالوقف‪ ،‬من‬
‫حيث النظارة والتنفيذ وحقوق املوقوف عليهم‪ ،‬وبالتايل ضامن أن تكون أدوات الذكاء‬
‫االصطناعي املستخدمة مراعية هلذه املسألة وال تفيض إىل إقصاء طرف دون آخر‪.‬‬
‫كّل التعامالت املالية وغري املالية‪،‬‬ ‫ويراد بالنزاهة أيضا مراعاة ضوابط احلالل واحلرام يف ّ‬
‫وبالتايل وجود قواعد عمل واضحة للجهات التنفيذية‪ ،‬متكن اجلهات الرقابية من بسط‬
‫سلطتها عىل (ناظر الوقف)‪ ،‬وتتابع تنفيذ حقوق اجلهات ذات العالقة املتعلقة بالوقف‪،‬‬
‫ومن ثم متابعة العقود املربمة بشأن ديموية الوقف من حيث موافقتها للضوابط الرشعية‬
‫والقانونية السائدة يف مكان الوقف‪ ،‬ويراعى ذلك يف تطبيقات الذكاء االصطناعي‬
‫املستخدمة‪.‬‬

‫(‪((7‬‬
‫‪ -4‬معيار الكفاءة‬
‫ويراد هبذا املعيار حتقق الكفاءة الرشعية يف الوقف ويف تطبيقات الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫(‪ ((7‬جزء من اآلية ‪ ،11‬سورة احلجرات‬
‫(‪ ((7‬أخرجه البيهقي يف شعب اإليامن‪ ،‬وصححه األلباين‬
‫(‪ ((7‬سامي سويلم‪ ،‬صناعة اهلندسة املالية‪ ،‬ص ‪18-17‬‬

‫‪250‬‬
‫وتتحقق يف األول من خالل‪ :‬ضبط وحتقق املصداقية الرشعية من حيث إجياد أصل‬
‫وقفي وأداة متويلية استثامرية موافقة ملقصود الرشع ما أمكن‪ .‬وبإحكام وضبط الكفاءة‬
‫االقتصادية من حيث حتقيق مقاصد املتعاملني بأقل قدر ممكن من التكاليف اإلجرائية‬
‫والتعاقدية‪ .‬وال تعد تطبيقات الذكاء االصطناعي بمعزل عن ذلك‪.‬‬

‫(‪((7‬‬
‫‪ -5‬معيار الواقعية واالستقاللية‬
‫واملقصود به أن يكون املرجو من الوقف ووسيلة وآلية استخدام الذكاء االصطناعي‬
‫واقعية أي‪ :‬ممكنة التطبيق والتفعيل وليست ومهية أو غري قابلة للتطبيق والقياس‬
‫والتفعيل‪ ،‬ألهنا حينئذ تكون يف حكم العدم‪.‬‬
‫كام يوجه الوقف (بكل متعلقاته‪ ،‬أركانه وأهدافه‪ ،‬واجلهات ذات املصلحة) والذكاء‬
‫االصطناعي إىل رضورة االستقاللية بحيث ال حتاكي يف بنائها مفاهيم غري رشعية‬
‫كالنظرة الدنيوية للحياة واألنانية املفرطة وإبعاد األخالق والدين عن مرتكزات الوقف‬
‫اإلسالمي يف املجالني‪.‬‬

‫‪ -6‬معيار الوضوح(‪:((7‬‬
‫يعرُف بالشفافية يف إدارة األموال الوقفية وتسيريها‪ ،‬من خالل‬ ‫ُ‬ ‫ونقصد بالوضوح ما‬
‫اعتامد املؤسسات الوقفية عىل وسائل التوثيق والتسيري اآلمنة‪َ ،‬‬
‫كالَّشخصية املعنوية التي‬
‫املؤَّسسة عن األشخاص‪ ،‬واستعامل التكُنُو ُُلوجيا من أجل مجع املوارد‬ ‫تفصل تُّرصُ ف َ‬
‫ِ‬
‫وتوثيِق األموال املجموعة من‬ ‫والَّرسائل‬ ‫وتوزيع العائدات الوقفية‪ ،‬كالتطبيقات َ‬
‫الَّذكية َ‬
‫خالل احلسابات البنكية الوقفية‪ ،‬مع توفري إمكانات ُُمتابعة الواقفني ألمواهلم الوقفية‪،‬‬
‫وعملية رصِفِها واستثامرها‪ ،‬والَّتَرصيح برأس مال الوقف وأرباحه وخسائره إن‬
‫املجَّسدة واملأ ُُمولة الَّتَجسيد‪ ،‬مع عرض التقارير املالية والفعاليات‬
‫َ‬ ‫وجدت‪ ،‬ومشاريعه‬
‫اخلُصومات وتث ِِّبت احلقوق‬ ‫وِرية‪ ،‬كل هذه الوسائل اإلثباتية ُت ِ‬
‫ُبِعُدُ الُّشُ كوك ومتنع‬ ‫الَّدَ ِ‬
‫ُ‬
‫ومتنع االعتداء‪.‬‬
‫(‪ ((7‬مراد بو ضاية‪ ،‬الضوابط واملعايري الرشعية لالبتكار والذكاء االصطناعي يف املالية اإلسالمية‪ ،‬ص ‪133-132‬‬
‫(‪ ((7‬فارس زاهر‪ ،‬تأثري املنتجات املالية املرصفية اإلسالمية عىل استثامر األوقاف وإدارهتا (البنك التشاركي الوقفي الرتكي نموذجا‪ ،‬اطروحة دكتوراة‪،‬‬
‫مقدمة إىل قسم العلوم اإلسالمية األساسية‪ ،‬معهد العلوم االجتامعية‪ ،‬جامعة صكاريا‪ ،‬تركيا‪ ،2023 ،‬ص ‪198‬‬

‫‪251‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫توصل الباحث إىل اآليت‪:‬‬
‫‪1 .‬أثبت البحث صحة فرضيته‪ ،‬حيث يمكن لتطبيقات الذكاء االصطناعي أن تسهم‬
‫يف معاجلة التحديات التي يعاين منها قطاع الوقف يف عاملنا اإلسالمي‪ ،‬وتسهم يف‬
‫تطوير كفاءة املؤسسة الوقفية إدارة واستثامرا وحترص عىل استدامتها‪ ،‬اتضح ذلك‬
‫من خالل عدد من التجارب العملية الناجحة يف كل من الكويت واململكة العربية‬
‫السعودية ودولة اإلمارات العربية املتحدة وماليزيا وعامن‪.‬‬
‫‪2 .‬توصل البحث إىل نجاح الذكاء االصطناعي يف رصد األموال الالزمة للوقف‪،‬‬
‫وذلك من خالل إجياد وسائل للوصول إىل املتربعني‪ ،‬متكنهم من تقديم مسامهاهتم‬
‫الوقفية بسهولة‪ ،‬من جهة أخرى تسهم يف تطوير اجلانب اإلداري للوقف من خالل‬
‫ما تقدمة من شفافية يف عرض البيانات وبالتايل تسهم يف مراقبة األداء اإلداري‪.‬‬
‫‪3 .‬تسمح تقنية الدردشة بالرد عن أي استفسار يمكن أن يقدمه أصحاب املصلحة‬
‫حول الوقف‪ ،‬وبالتايل يتم جتنب حدوث اخلطأ‪ ،‬أو اهلدر يف اجلهد أو الوقت‬
‫للحصول عىل اإلجابة املناسبة‪.‬‬
‫‪4 .‬تبني أن تطبيقات الذكاء االصطناعي ال ختلو من حتديات واعتبارات أخالقية‬
‫ورشعية وقانونية‪ ،‬ينبغي مراعاهتا‪.‬‬
‫وإذا كان ال بّدّ من توصيات‪ّ ،‬‬
‫فإّن الباحث يقرتح اآليت‪:‬‬
‫‪1‬االلتزام ومراعاة األحكام الرشعية عند استخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪2‬سن الترشيعات والقوانني عىل املستوى الوطني‪ ،‬والسعي للتوصل إىل ترشيع دويل‬ ‫‪.‬‬
‫حيد من املخاطر التي قد تنجم عن تطبيقات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪3‬تأهيل امللكات العاملة يف املؤسسات الوقفية الستيعاب برامج تطبيقات الذكاء‬ ‫‪.‬‬
‫االصطناعي‪ ،‬األمر الذي ينعكس باإلجياب عىل أداء املؤسسات الوقفية‪.‬‬
‫‪4‬توفري أسس وإجراءات حلل مشاكل التشغيل والبطالة املتوقعة من جاء استخدامات‬ ‫‪.‬‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬من خالل توجيه اجلامعات يف العامل اإلسالمي لتدريس الطلبة‬
‫هذا التخصص وتدريس تطبيقاته يف االختصاصات املختلفة‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫المصادر العربية‬
‫‪-‬أمحد‪ ،‬رشا حممد صائم أمحد (‪ ،)2022‬تطبيقات اإلدارة للذكاء االصطناعي يف اختاذ‬
‫القرارات اإلدارية‪ ،‬رسالة ماجستري يف القانون العام‪ ،‬جامعة الرشق األوسط‪،‬‬
‫األردن‪.‬‬
‫‪-‬البيهقي‪ ،‬أمحد بن احلسني بن عيل بن موسى‪ ،‬ابو بكر (‪( ،)1994‬ت‪458 /‬هـ)‪،‬‬
‫السنن الكربى‪ ،‬حتقيق حممد عبد القادر عطا‪ ،‬مكتبة دار الباز‪ ،‬مكة املكرمة‪.‬‬
‫‪-‬اجلعيد‪ ،‬عبد اهلل معيوف‪ ،‬أمهية الذكاء االصطناعي يف العمل الدعوي واخلريي‪،‬‬
‫‪http://saaid.org/Doat/aljuaid/23.htm.‬‬
‫‪-‬احلجاوي (‪ ،)1990‬أبو النجا رشف الدين موسى احلجاوي املقديس (ت ‪ 986‬هـ)‪،‬‬
‫اإلقناع يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬تصحيح وتعليق‪ :‬عبد اللطيف حممد موسى‬
‫السبكي‪ ،‬دار املعرفة بريوت‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫‪-‬اخلريش (د‪.‬ت‪ ،).‬أبو عبد اهلل حممد بن عبد اهلل بن عيل اخلريش املالكي (ت‪/‬‬
‫‪1101‬هـ)‪ ،‬اخلريش عىل خمترص سيدي خليل‪ ،‬وهبامشه حاشية الشيخ عيل العدوي‪،‬‬
‫عيل بن أمحد الصعيدي‪ ،‬دار الفكر للنرش والطباعة والتوزيع‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪-‬رقيق‪ ،‬أصالة (‪ ،)2015‬استخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي يف إدارة أنشطة‬
‫املؤسسة‪ ،‬دراسة حالة جمموعة من املؤسسات االقتصادية‪ ،‬شهادة ماجستري يف‬
‫علوم التيسري‪ ،‬جامعة أم البواقي‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬
‫‪-‬الزبيدي (‪ ،)2008‬هليب حممد إبراهيم وحنان حامد عيل الدليمي‪ ،‬استخدام الشبكة‬
‫العصبية االصطناعية نيوكنرتون يف متييز األرقام العربية املكتوبة بدويا‪ ،‬املؤمتر‬
‫العلمي األول لتقنية املعلومات قسم هندسة الربجميات‪ ،‬كلية علوم احلاسبات‬
‫والرياضيات جامعة املوصل‪.‬‬
‫‪-‬سايس‪ ،‬حازم فضل اهلل (‪ ،)2019‬استخدام تطبيقات البلوكتشني لتطوير األصول‬
‫الوقفية‪ :‬منصة رشكة فينرتا نموذجا‪ ،Journal of Islam in Asia ً،‬املجلد ‪ ،16‬العدد‪3‬‬

‫‪253‬‬
‫‪-‬الساملي (‪ ،)2010‬عالء عبد الرزاق وآخرون‪ ،‬نظم دعم القرارات‪ ،‬دار وائل للنرش‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬عامن‪.‬‬
‫‪-‬السدحان (‪ ،)2012‬عبد اهلل بن نارص‪ ،‬االندثار القرسي لألوقاف‪ :‬املظاهر األسباب‬
‫العالج‪ ،‬مطبوعات اإلدارة العامة لألوقاف‪ ،‬دولة قطر‪ ،‬ط‪.2012 ،2‬‬
‫‪-‬سويلم‪ ،‬سامي بن ابراهيم (‪ ،)2004‬صناعة اهلندسة املالية نظرات يف املنهج‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيت املشورة للتدريب‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫‪-‬الشمري‪ ،‬تركي (‪ )2018‬أنظمة إدارة املهام واملشاريع ومسامهتها يف حتسني األداء‬
‫ورفع االنتاجية‪ ،‬عرض مقدم إىل‪ :‬مؤمتر حلول تقنية القطاع غري الربحي لعام‬
‫‪2018‬م «دور التقنية يف الرتشيد املايل»‪ ،‬تنظيم‪ :‬وزارة االتصاالت وتقنية املعلومات‪،‬‬
‫خالل الفرتة‪ 12-11 :‬شعبان ‪1439‬هـ املوافق ‪ 27-28‬ابريل ‪2018‬م‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية‪.‬‬
‫‪-‬طايل (‪ ،)2022‬إيامن حممد خريي طايل‪ ،‬الذكاء االصطناعي وآثاره عىل سوق‬
‫العمل‪ ،‬جملة الدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬مرص‪ ،‬املجلد ‪ ،8‬العدد ‪ ،4‬ديسمرب‬
‫‪.2022‬‬
‫‪-‬بو ضاية‪ ،‬مراد (‪ ،)2020‬الضوابط واملعايري الرشعية لالبتكار والذكاء االصطناعي‬
‫يف املالية اإلسالمية‪ ،‬بحوث مؤمتر الدوحة السادس للامل اإلسالمية (التمويل‬
‫اإلسالمي يف عامل متحول)‪ ،‬سلسلة اصدارات رشكة بيت املشورة لالستشارات‬
‫املالية رقم (‪)6‬‬
‫‪-‬العاين‪ ،‬اسامة عبد املجيد (‪ ،)2010‬صناديق الوقف االستثامري‪ ،‬دراسة فقهية‬
‫اقتصادية‪ ،‬دار البشائر االسالمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1‬‬
‫‪-‬عبد النور‪ ،‬عادل (‪ ،)2005‬مدخل اىل عامل الذكاء االصطناعي‪ ،‬مدينة امللك عبد‬
‫العزيز للعلوم التقنية‪ ،‬السعودية‬
‫‪-‬العبيدي‪ ،‬ابراهيم عبد اللطيف (‪ ،)2023‬التوثيق الرقمي وأمهيته يف حفظ احلقوق‪-‬‬
‫احلجج الوقفية إنموذجا‪ ،-‬سلسلة أوقاف املستقبل املستديمة‪ ،)4( ،‬دائرة الشؤون‬
‫اإسالمية والعمل اخلريي‪ ،‬حكومة ديب‪ ،‬ط‪1‬‬

‫‪254‬‬
‫‪-‬العلياين‪ ،‬سامل بن فائز (‪ ،)2018‬الذكاء االصطناعي والبيانات يف القطاع غري‬
‫الربحي‪ ،‬عرض مقدم إىل‪ :‬مؤمتر حلول تقنية القطاع غري الربحي لعام ‪2018‬م‬
‫“دور التقنية يف الرتشيد املايل”‪ ،‬تنظيم‪ :‬وزارة االتصاالت وتقنية املعلومات‪،‬‬
‫خالل الفرتة‪ 11-12 :‬شعبان ‪1439‬هـ املوافق ‪ 27-28‬ابريل‪ 2018‬م‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية‬
‫‪-‬عوضني‪ ،‬فايق (‪ ،)2022‬استخدامات تقنيات الذكاء االصطناعى بني املرشوعية‬
‫وعدم املرشوعية اجلزء األول «ماهية الذكاء االصطناعى وجماالت استخداماته‬
‫األمنية»‪ ،‬املجلة اجلنائية القومية‪ ،‬املجلد ‪ ،65‬العدد ‪ ،1‬مارس ‪2022‬‬
‫‪-‬غازي‪ ،‬عز الدين (‪ ،)2007‬الذكاء االصطناعي‪ :‬هل هو تكنولوجيا رمزية؟ جملة‬
‫فكر العلوم االنسانية واالجتامعية‪ ،‬العدد ‪ ،2007 ،6‬فاس – املغرب‬
‫‪-‬أبو غدة‪ ،‬عبد الستار (‪ ،)2020‬منصات التداول ( األحكام الرشعية واآلثار‬
‫االقتصادية)‪ ،‬بحوث مؤمتر الدوحة السادس للامل اإلسالمية ( التمويل اإلسالمي‬
‫يف عامل متحول)‪ ،‬سلسلة اصدارات رشكة بيت املشورة لالستشارات املالية رقم‬
‫(‪)6‬‬
‫‪-‬غنيم‪ ،‬امحد حممد (‪ )2020‬الذكاءاالصطناعي ثورة جديدة يف اإلدارة املعارصة‪،‬‬
‫ط‪ 1،‬املكتبة العرصية‪ ،‬القاهرة‬
‫‪-‬فارس زاهر (‪ ،)2023‬تاثري املنتجات املالية املرصفية اإلسالمية عىل استثامر األوقاف‬
‫وإدارهتا (البنك التشاركي الوقفي الرتكي نموذجا‪ ،‬اطروحة دكتوراة‪ ،‬مقدمة إىل‬
‫قسم العلوم اإلسالمية األساسية‪ ،‬معهد العلوم االجتامعية‪ ،‬جامعة صكاريا‪ ،‬تركيا‬
‫‪-‬فنيش‪ ،‬كوثر (‪ ،)2019‬تطوير املنتج الوقفي من خالل تقنية البلوكتشني‪ :‬دراسة‬
‫حالة جمموعة ‪ ،Finterra‬آفاق علوم اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬مج ‪ 3‬عدد‪2‬‬
‫‪-‬ابن قدامة (‪ ،)1996‬الرشح الكبري‪ ،‬حتقيق حممد رشف الدين خطاب‪ ،‬والسيد حممد‬
‫السيد‪ ،‬دار احلديث‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‬
‫‪-‬املحميد‪ ،‬عمر بن ابراهيم بن حممد‪ ،)2022( ،‬الذكاء االصطناعي وأثره يف صناعة‬
‫الفتوى‪ ،‬جملة اجلمعية الفقهية‪ ،‬ع ‪ ،57‬ص‪ 563 ،‬مسرتجع من ‪1277206/Record/‬‬

‫‪255‬‬
‫‪com.mandumah.search//:http‬‬
‫‪-‬املرداوي (د‪.‬ت‪ ،).‬عيل بن سليامن أبو احلسن (ت‪885 /‬هـ)‪ ،‬اإلنصاف‪ ،‬حتقيق‬
‫حممد حامد الفقي‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‬
‫‪-‬معهد الدراسات املرصفية (‪ ،)2021‬إضاءات‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪ ،‬السلسلة ‪،13‬‬
‫العدد‪ ،4‬دولة الكويت‪ ،‬مارس‪.‬‬
‫‪-‬هـارفرد بيـزنس ريفيـو العربيـة (‪ ،)2016‬تقريـر عـن املخـاطر احلقيقيـة للـذكاء‬
‫االصـطناعى ‪ /‬ينـاير‪.http://Ail00 Stanford/2016 report .‬‬
‫‪-‬هني‪ ،‬حممد جعفر‪ ،‬حممد يدو(‪ ،)2021‬دور وأمهية استخدام تقنية البلوك تشني يف‬
‫نموذجا‪ ،‬جملة االقتصاد‬
‫ً‬ ‫تطوير القطاع الوقفي منصة ‪ Finterra Waqf Chain‬بامليزيا‬
‫اجلديد‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪1‬‬
‫‪-‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي (‪ ،)2022‬مباديء أخالقيات الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،‬أغسطس‬
‫‪-‬وزارة االتصاالت وتكنولوجيا املعلومات اململكة العربية السعودية (‪،)2020‬‬
‫معجم املصطلحات التقنية‪.‬‬
‫‪-‬دهشان‪ ،‬حييى ابراهيم حممد متويل (اكتوبر ‪ ،)2022‬جرائم الذكاء االصطناعي‬
‫وآليات مكافحتها‪ ،‬روح القوانني‪ ،‬جامعة طنطا‪ ،‬املجلد ‪ ،34‬العدد ‪ ،100‬اجلزء‬
‫األول‪.‬‬

‫المصادر االنجليزية‬
‫‪-‬‬ ‫‪A. G. Barto, R. S. Sutton, and C. W. Anderson(1983), “Neuronlike‬‬
‫”‪adaptive elements that can solve difficult learning control problems,‬‬
‫‪IEEE Transactions on Systems, Man, and Cybernetics, vol. SMC-13, pp.‬‬
‫‪834-846, Sept./Oct. 1983.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Boutilier, C., Caragiannis, I., Haber, S., Lu, T., Procaccia, A. & Sheffet,‬‬
‫‪O. (2015). Optimal Social Choice Functions: A Utilitarian View. Artificial‬‬
‫‪Intelligence, Vol.227,pp. 190-213.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪World Government Summit (2019),Building the Data Economies of the‬‬

‫‪256‬‬
future, Tomorrow’s Data Economies Shaped by the Youth of Today, In the
partnership of pwc
- Juniper Research. (2022). Digital Technology Market Research Services.
Juniper Research. https://www.juniperresearch.com/home
- Osondo O, (2021)A first course in artificial intelligence publishers by
Shariga ,U.A.E
- OCED(2019) artificial intelligent in society ,OCED publisher, Paris
- Preradović, D. M., Lj S. Mićić, and C. Barz (2017). “Software for
improving the quality of project management, a case study: international
manufacturer of electrical equipment.” In IOP Conference Series:
Materials Science and Engineering, vol. 200, no. 1, IOP Publishing
- Tomas Gries, Wim Naude(2018) Artificial intelligence jobs Inequality
and productivity: Does Aggregate Demand Matter ?, IZA, DP No. 12005,
November 2018
«islamhouse»‫موقع‬-
‫يب‬
ّ ‫موقع دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي حكومة د‬-
- www.al-jazirah.com
- www.awqaf.gov.sa

257
‫أخالقيات مشاركة البيانات‬
‫بني احلماية واخلصوصية‬
‫د‪ .‬عبد احلنان العيسى‬
‫دكتوراه يف الفقه وأصول الفقه‬
‫دكتوراه يف القانون‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫يتناول البحث‪ ،‬ضمن أخالقيات التمويل اإلسالمي‪ ،‬أخالقيات مشاركة البيانات بني‬
‫احلامية واخلصوصية‪ ،‬والتي تنبع أمهيته من أنه أصبح للبيانات والذكاء االصطناعي يف‬
‫عرصنا احلايل‪ ،‬أمهية كبرية تقوم عليها اقتصاديات الدول واملؤسسات اخلاصة‪ ،‬حيث‬
‫اعتربهتا الدول أصول وطنية ذات قيمة وأثر كبري‪ُ ،‬تُسهم يف عملية اختاذ القرارات‬
‫االسرتاتيجية واسترشاف املستقبل‪ ،‬وإدارة القطاعات اإلنتاجية وحتسني أدائها‪،‬‬
‫«البيانات هي بالفعل وقود اقتصاد املعلومات؛ لكنها تشبه الطاقة الشمسية أكثر من‬
‫كوهنا نفط ًًا‪ ،‬فهي مورد متجدد‪ ،‬يمكن أن يفيد اجلميع يف وقت واحد‪ ،‬بدون أن يتضاءل‬
‫(((‬
‫هو نفسه»‪.‬‬
‫لذلك بدأت الدول يف سن الترشيعات املن ََّظمة هلا‪ ،‬وإنشاء املؤسسات املتخصصة‪،‬‬
‫بجمع وإدارة وحوكمة ومشاركة ومحاية هذه البيانات‪ ،‬فكون البيانات أصبحت سلعة‬
‫يتم إنشاؤها واستخدامها وحتويلها وإعادة استخدامها‪ ،‬عرب األنظمة والتطبيقات‬
‫واألشخاص‪ ،‬لذلك ال بد من اإلدارة الف ََّعالة للمخاطر التجارية والتشغيلية واألخالقية‬
‫واألمنية واخلصوصية‪ ،‬يف كل مرحلة من هذه املراحل‪.‬‬
‫فبني مبدأ البيانات املفتوحة ورسية البيانات‪ ،‬تظهر احلامية واخلصوصية ملشاركة هذه‬
‫البيانات‪ ،‬وحيث أن الصالح العام يف املجال املايل‪ ،‬حيتاج ملشاركة البيانات بدًالً من‬
‫حجبها‪ ،‬ألن توفري البيانات ُُيسهم يف وضع سياسات مبن ََّية عىل معلومات ائتامنية‬
‫صحيحة‪ ،‬والتي يتم جتميعها وحتليلها من خمتلف املزودين ومصادر املعلومات‪،‬‬
‫فتساعد يف التقليل واحلد من املخاطر االئتامنية‪ ،‬بالنسبة للجهات اإلرشافية‪ ،‬وبالنسبة‬
‫للمؤسسات املالية املانحة‪ ،‬فهي ُتُسهم يف حتسني اختاذ القرارات االئتامنية‪ ،‬بنا ًًء عىل‬
‫معرفة السالمة املالية للعمالء‪ ،‬وذلك عرب االمتثال إىل السلوك املهني والوفاء باملعايري‬
‫األخالقية‪.‬‬
‫تتجىل إشكالية البحث باجلواب عىل السؤال الرئييس‪ ،‬ما هي احلدود األخالقية ملشاركة‬
‫((( ديفيد دمينغ‪ ،‬مقال» التوازن بني اخلصوصية ومشاركة البيانات من أجل الصالح العام» مؤسسة نيويورك تايمز ‪ ،2021‬تاريخ االستعراض من املوقع‬
‫عىل الشبكة العنكبوتية‪https://www.aljazeera.net/reyada 2023/12/15 :‬‬

‫‪260‬‬
‫البيانات مع احلفاظ عىل الرسية واخلصوصية ومحاية الصالح العام بآن واحد‪ ،‬وهيدف‬
‫البحث بيان متى تعترب مشاركة البيانات للحفاظ عىل الصالح العام‪ ،‬خرق للحقوق‬
‫الشخصية‪ ،‬خماطر ترسيب هذه البيانات من قبل املؤسسات املؤمتنة عليها‪ ،‬وحدود وقدر‬
‫اإلفصاح عن هذه البيانات‪.‬‬
‫واتبع الباحث يف دراسته املنهج االستقرائي واملقارن والتحلييل‪ ،‬وتم تقسيم البحث‬
‫ملطلبني‪ ،‬املطلب األول بعنوان‪ :‬اإلطار التنظيمي للحامية واخلصوصية‪ ،‬واملطلب الثاين‬
‫بعنوان‪ :‬اإلطار األخالقي ملعاجلة البيانات‪ ،‬واخلامتة‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية (الدالة)‪ :‬مشاركة البيانات‪ ،‬احلامية واخلصوصية‪ ،‬احلوكمة‪ ،‬املبادئ‬
‫األخالقية‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإلطار التنظيمي للحماية والخصوصية‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلطار التشريعي‬


‫ًالً‬
‫أو ‪ -‬التعريفات‪:‬‬
‫تعريف البيانات‪« :‬جمموعة من احلقائق يف صورهتا األولية املنظمة أو يف صورة غري‬
‫من ّّظمة‪ ،‬مثل‪ :‬األرقام أو احلروف أو الصور الثابتة أو التسجيالت املرئية أو التسجيالت‬
‫(((‬
‫الصوتية أو الرموز التعبريية»‪.‬‬
‫تعريف اتفاقية مشاركة البيانات‪« :‬اتفاقية رسمية موقعة بني طرفني – جهة حكومية مع‬
‫أي طرف آخر‪ -‬للموافقة عىل مشاركة البيانات‪ ،‬وفق ًًا لرشوط وأحكام حمددة ومتوافقة‬
‫(((‬
‫مع مبادئ سياسة مشاركة البيانات»‪.‬‬
‫تعريف إدارة البيانات‪« :‬هي التطوير والتنفيذ واإلرشاف عىل اخلطط والسياسات‬
‫والربامج واملامرسات؛ التي تقدم وتتحكم وحتمي وتعزز قيمة الوسومات (هاشتاغ)‪،‬‬
‫(((‬
‫ألصول البيانات واملعلومات طوال دورة حياهتا»‪.‬‬
‫البيانات الشخصية‪« :‬كل بيان مهام كان مصدره أو شكله‪ ،‬من شأنه أن يؤدي إىل معرفة‬
‫الفرد عىل وجه التحديد‪ ،‬أو جيعل التعرف عليه ممكن ًًا بصفة مبارشة أو غري مبارشة‪،‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬االسم‪ ،‬ورقم اهلوية الشخصية‪ ،‬والعناوين وأرقام التواصل وأرقام الرخص‬
‫والسجالت واملمتلكات الشخصية وأرقام احلسابات البنكية‪ ،‬والبطاقات االئتامنية‪،‬‬
‫(((‬
‫وصور الفرد الثابتة واملتحركة‪ ،‬وغري ذلك من البيانات ذات الطابع الشخيص»‪.‬‬
‫البيانات الشخصية‪« :‬بيانات عن الفرد الذي تكون هويته حمددة‪ ،‬أو يمكن حتديدها‬
‫بصورة معقولة‪ ،‬سوا ًًء من خالل هذه البيانات أو عن طريق اجلمع بينها وبني أية بيانات‬
‫(((‬
‫أخرى»‪.‬‬

‫((( مكتب إدارة البيانات الوطنية‪ ،‬ضوابط ومواصفات إدارة البيانات الوطنية وحوكمتها ومحاية البيانات الشخصية‪ ،‬اإلصدار ‪ ،1.5‬يناير‪ ،2021‬اململكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬
‫((( املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫((( داما ( ‪ ،)DAMA‬الدليل الدويل املعياري والقيايس واالسرتشادي إلدارة البيانات وحوكمتها (‪.)DMBOK‬‬
‫((( مكتب إدارة البيانات الوطنية‪ ،‬ضوابط ومواصفات إدارة البيانات الوطنية وحوكمتها ومحاية البيانات الشخصية‪ .‬ص‪.2‬‬
‫((( قانون رقم (‪ )13‬لسنة ‪ 2016‬بشأن محاية خصوصية البيانات الشخصية القطري املادة األوىل‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫البيانات الحساسة‪« :‬كل بيان شخيص يتعلق بأصل الفرد العرقي أو أصله اإلثني‪ ،‬أو‬
‫معتقده الديني أو الفكري أو السيايس‪ ،‬وكذلك البيانات األمنية واجلنائية‪ ،‬أو بيانات‬
‫السامت احليوية التي حتدد اهلوية‪ ،‬أو البيانات الوراثية‪ ،‬أو البيانات الصحية‪ ،‬والبيانات‬
‫(((‬
‫التي تدل عىل الفرد جمهول األبوين أو أحدمها»‪.‬‬
‫المراقب‪« :‬الشخص الطبيعي أو املعنوي الذي يقوم منفرد ًًا أو باالشرتاك مع آخرين‪،‬‬
‫(((‬
‫بتحديد كيفية معاجلة البيانات الشخصية والغرض منها»‪.‬‬
‫المعالج‪« :‬الشخص الطبيعي أو املعنوي الذي يقوم بمعاجلة البيانات الشخصية لصالح‬
‫(((‬
‫املراقب»‪.‬‬
‫معالجة البيانات‪« :‬أي عملية جترى عىل البيانات الشخصية‪ ،‬بأي وسيلة كانت يدوية‬
‫أو آلية ومن ذلك‪ :‬عمليات اجلمع والتسجيل واحلفظ والفهرسة والرتتيب والتنسيق‬
‫والتخزين والتعديل والتحديث والدمج واالسرتجاع واالستعامل واإلفصاح والنقل‬
‫(‪((1‬‬
‫والنرش واملشاركة يف البيانات‪ ،‬أو الربط البيني واحلجب واملسح واإلتالف»‪.‬‬
‫معالجة البيانات الشخصية‪« :‬إجراء عملية أو جمموعة عمليات عىل البيانات الشخصية‪،‬‬
‫كاجلمع واالستالم والتسجيل والتنظيم والتخزين والتهيئة والتعديل واالسرتجاع‬
‫(‪((1‬‬
‫واالستخدام واإلفشاء والنرش والنقل واحلجب والتخلص واملحو واإللغاء»‪.‬‬
‫الغرض المشروع‪« :‬الغرض الذي تتم ألجله معاجلة البيانات الشخصية للفرد‪ ،‬طبق ًًا‬
‫(‪((1‬‬
‫للقانون»‪.‬‬
‫تسرب البيانات الشخصية‪« :‬أي حادثة تؤدي إىل اإلفصاح عن البيانات الشخصية أو‬
‫تلفها أو الوصول غري املرشوع إليها‪ ،‬سواء كان ذلك بقصد أو بغري قصد‪ ،‬وبأي وسيلة‬
‫(‪((1‬‬
‫كانت سوا ًًء آلية أو يدوية»‪.‬‬

‫((( نظام محاية البيانات الشخصية السعودي‪ ،‬ص‪.2‬‬


‫((( قانون رقم (‪ )13‬لسنة ‪ 2016‬بشأن محاية خصوصية البيانات الشخصية القطري‪ ،‬املادة األوىل‪.‬‬
‫((( املرجع نفسه‪ ،‬املادة األوىل‪.‬‬
‫(‪ ((1‬نظام محاية البيانات الشخصية السعودي‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫(‪ ((1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫(‪ ((1‬قانون رقم (‪ )13‬لسنة ‪ 2016‬بشأن محاية خصوصية البيانات الشخصية القطري‪ ،‬املادة األوىل‪.‬‬
‫(‪ ((1‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي‪ ،‬الالئحة التنفيذية لنظام محاية البيانات الشخصية‪ ،‬ص‪.1‬‬

‫‪263‬‬
‫ًاً‬
‫ثاني ‪ -‬تشريعات الحماية والخصوصية‪:‬‬
‫‪-‬قال رئيس رشكة جوجل (‪« )Eric Schmidt‬إذا كان لديك يشء ال تريد أن‬
‫(‪((1‬‬
‫يعرفه أحد‪ ،‬فربام ال ينبغي عليك أن تفعل يف املقام األول»‪.‬‬
‫‪-‬ما هي اخلصوصية‪« :‬اخلصوصية هي التمكني أي أن يمكنك أن تقرر من يعرف‬
‫ماذا عنك ومتى اآلن ويف املستقبل‪ ،‬وأنه يمكنك ممارسة السيطرة عىل النتائج عن‬
‫هذه املعرفة»‪.‬‬ ‫(‪((1‬‬

‫بام أنه يف عرص املاديات‪ ،‬مل ي ُُعد يعول عىل األخالق كث ً‬


‫ريًا‪ ،‬فالبد من س ََّن الترشيعات‬
‫التي تلزم وتن ََّظم اجلوانب األخالقية ملشاركة البيانات‪« ،‬إن اهلل يزع بالسلطان ماال يزع‬
‫بالقرآن»‪ ((1(،‬وذلك لتحقيق هدفني بآن واحد املحافظة عىل اخلصوصية ومحاية الصالح‬
‫العام‪ ،‬ولقد صدرت العديد من القوانني التي تنظم معاجلة البيانات‪ ،‬مثل‪ :‬قانون رقم‬
‫(‪ )13‬لسنة ‪ 2016‬بشأن محاية خصوصية البيانات الشخصية القطري‪ ،‬ونظام محاية‬
‫البيانات الشخصية السعودي‪ ،‬الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪ )19/‬تاريخ ‪،1443‬‬
‫وقانون محاية البيانات الشخصية العامين الصادر باملرسوم السلطاين رقم ‪،2022/6‬‬
‫والقانون االحتادي اإلمارايت حلامية البيانات الشخصية رقم (‪ )45‬لسنة ‪ ،2021‬وقانون‬
‫محاية البيانات الربيطاين لعام ‪.2018‬‬
‫ونَّص قانون محاية خصوصية البيانات الشخصية القطري‪ ،‬عىل عدد من السامت التي‬ ‫َ‬
‫ُتُسهم يف تعزيز احلامية واخلصوصية ملشاركة البيانات‪:‬‬
‫‪1 .‬عدم جواز معاجلة البيانات الشخصية‪ ،‬إال بعد احلصول عىل موافقة الفرد‪ ،‬ما مل‬
‫تكن املعاجلة رضورية لتحقيق غرض مرشوع‪ ،‬والذي جيوز له سحب موافقته‬
‫أو االعرتاض عىل املعاجلة أو طلب تصحيحها أو حذفها‪.‬‬
‫‪2 .‬يتعني عىل كل من املراقب واملعالج‪ ،‬معاجلة البيانات الشخصية بأمانة‬
‫ومرشوعية‪ ،‬واختاذ كافة االحتياطات اإلدارية والفنية واملادية املناسبة حلامية‬
‫‪(14) Inside the Mind of Google, CNBC, 2009.‬‬
‫‪(15) Gry Hasselbalch & Pernille Tranberg.DATA ETHICS - THE NEW COMPETITIVE ADVANTAGE. 1. edition, 2016. ISBN print: 978-‬‬
‫‪.‬ص‪87-7192-017-8 184‬‬
‫(‪ ((1‬ابن كثري‪ .‬أبو الفداء إسامعيل بن عمر بن كثري القريش البرصي ثم الدمشقي (ت ‪ ٧٧٤‬هـ) تفسري القرآن العظيم‪ .‬املحقق‪ :‬حممد حسني شمس‬
‫الدين‪ .‬النارش‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬منشورات حممد عيل بيضون – بريوت‪ .‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪ 1914 -‬هـ (‪.)111/5‬‬

‫‪264‬‬
‫البيانات الشخصية‪ ،‬وإعالم صاحب البيانات باألغراض املرشوعة ملعاجلة‬
‫البيانات الشخصية‪ ،‬وبيان الوصف الشامل والدقيق ألنشطة املعاجلة‪،‬‬
‫ودرجات اإلفصاح عن البيانات الشخصية لألغراض املرشوعة‪ ،‬وعليهم‬
‫إجراء عمليات تدقيق ومراجعة شاملة‪ ،‬عن مدى االلتزام بحامية البيانات‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫‪3 .‬كام جيب عىل املراقب واملعالج‪ ،‬اختاذ االحتياطات الالزمة حلامية البيانات‬
‫الشخصية من الضياع أو التلف أو التعديل أو اإلفشاء‪ ،‬أو الوصول إليها‪،‬‬
‫أو استخدامها بشكل عارض أو غري مرشوع‪ ،‬وبأن تكون تلك االحتياطات‬
‫متناسبة مع طبيعة وأمهية البيانات الشخصية املراد محايتها‪.‬‬
‫‪4 .‬يف حال عدم االلتزام هبذه املعايري‪ ،‬حيق التقدم بشكوى إىل اإلدارة املختصة‪،‬‬
‫حيث ترتاوح العقوبات بني مليون إىل مخسة ماليني ريال قطري‪.‬‬
‫نَّص على اإلعفاء من االلتزام باألحكام اآلنف ذكرها ‪ -‬التي تحافظ على‬ ‫كما أنه َ‬
‫الخصوصية‪ -‬وذلك في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ .‬أمحاية األمن الوطني واملصلحة العامة‪ ،‬واملصالح االقتصادية أو املالية للدولة‪،‬‬
‫منع ًا حلدوث أي جريمة مالية أو غريها‪.‬‬
‫(‪((1‬‬
‫‪ .‬باإلرضار باملصالح التجارية أو املعنوية لشخص آخر‪.‬‬

‫الضوابط القانونية للمعالجة المشروعة للبيانات‪:‬‬


‫‪1 .‬االلتزام بالشفافية‪ ،‬من خالل الكشف عن مجيع معلومات ورشوط اخلدمة‪،‬‬
‫وكيفية طلب تغيريها وإلغائها‪ ،‬مع حتديد هوية مقدم اخلدمة‪ ،‬وكيفية االتصال‬
‫به‪.‬‬
‫‪2 .‬توضيح الغرض من مجع البيانات الشخصية للمستخدم‪ ،‬واألساس القانوين‬
‫ألي إجراء يتم عليها‪ ،‬واستخدام املعلومات للغرض الذي تم مجع البيانات عىل‬
‫أساسه‪.‬‬

‫(‪ ((1‬قانون رقم (‪ )13‬لسنة ‪ 2016‬بشأن محاية خصوصية البيانات الشخصية القطري‪ ،‬املواد من ( ‪.)21-4‬‬

‫‪265‬‬
‫‪3‬االلتزام باحلصول عىل موافقة طالب اخلدمة املسبقة عىل مجع ومعاجلة البيانات‬ ‫‪.‬‬
‫الشخصية‪ ،‬مع وجوب إخطاره يف حال نقل البيانات إىل اخلارج‪ ،‬أو يف حال‬
‫إجراء أي معاجلة للبيانات يف غري األغراض التي تم اجلمع عىل أساسها‪.‬‬
‫‪4‬حتديد اجلهات التي قد يتم الكشف عن البيانات الشخصية هلا‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪5‬يف حال ختزين البيانات الشخصية‪ ،‬جيب االحتفاظ هبا يف الشكل الذي يسمح‬ ‫‪.‬‬
‫بتحديد هوية أصحاب البيانات‪ ،‬مع تقديم معلومات عن الفرتة التي سيتم فيها‬
‫ختزين البيانات خالهلا‪ ،‬ومكان ختزينها‪.‬‬
‫‪6‬االلتزام باستخدام التدابري الفنية والتنظيمية التي تضمن سالمة ورس َّية البيانات‪،‬‬ ‫‪.‬‬
‫وااللتزام بأمن ومحاية املعلومات‪ ،‬وإخطار هيئة االتصاالت عند حدوث أي‬
‫(‪((1‬‬
‫خطر اخرتاق للبيانات‪.‬‬

‫مشاركة البيانات عبر الحدود‪:‬‬


‫تعريف تدفق البيانات عرب احلدود‪ :‬هي «الوصول إىل البيانات الشخصية أو مشاهدهتا‬
‫(‪((1‬‬
‫أو اسرتجاعها أو استخدامها أو ختزينها دون التقيد بحدود الدولة»‪.‬‬
‫تتجىل خطورة مشاركة البيانات االئتامنية عرب احلدود‪ ،‬بمساسها بأخالقية املشاركة التي‬
‫يمكن أن متس نطاق احلامية وخترق مبدأ اخلصوصية‪ ،‬حيث حظر املرشق القطري عىل‬
‫املراقب اختاذ أي قرار أو إجراء من شأنه احلد من تدفق البيانات الشخصية عرب احلدود‪،‬‬
‫إال إذا كانت معاجلة تلك البيانات خمالفة ألحكام هذا القانون‪ ،‬أو كان من شأهنا إحلاق‬
‫(‪((2‬‬
‫رضر جسيم بالبيانات الشخصية أو بخصوصية الفرد‪.‬‬
‫ًال من أعامل معاجلة البيانات الشخصية باملحافظة عىل األرسار‬ ‫يلتزم كل من بارش عم ً‬
‫(‪((2‬‬
‫املتعلقة بالبيانات حتى بعد انتهاء عالقته الوظيفية أو التعاقدية‪.‬‬
‫نَّص عىل قواعد صارمة حلامية البيانات واملحافظة عىل‬ ‫نجد أن املرشع القطري َ‬
‫خصوصيتها‪ ،‬إال أنه أجاز اإلفصاح عنها (خرق اخلصوصية)‪ ،‬يف حدود ضيقة جد ًًا‪،‬‬
‫(‪((1‬هيئة ُُسلطة تنظيم قطاع االتصاالت الكويتية‪ ،‬الالئحة رقم ‪ 21‬لسنة ‪ 21‬بشأن محاية البيانات‪ .‬املنشورة بجريدة الكويت اليوم يف ‪ 4‬أبريل ‪2021‬‬
‫(‪ ((1‬قانون رقم (‪ )13‬لسنة ‪ 2016‬بشأن محاية خصوصية البيانات الشخصية القطري‪ ،‬املادة ‪.1‬‬
‫(‪ ((2‬املرجع نفسه‪ ،‬املادة ‪.15‬‬
‫(‪ ((2‬املرجع نفسه املادة ‪.41‬‬

‫‪266‬‬
‫عندما يكون هذا اإلفصاح‪ ،‬لتوقي أو درء رضر أو منع ًًا حلصول جريمة‪ ،‬لكن رغم‬
‫ذلك يبقى التساؤل قائ ًًام‪ ،‬ما هو حجم وطبيعة اإلفصاح املتوجب‪ ،‬ملنع حصول الرضر‬
‫باملصالح العامة واخلاصة‪ ،‬وبآن واحد حيافظ عىل اخلصوص ََّية‪ ،‬يرى الباحث أن أحكام‬
‫الترشيعات واللوائح – عىل رصامتها‪ -‬هي نصوص جامدة‪ ،‬والذي يعول عليه بشكل‬
‫أكرب يف هذا املجال هو الشخص املؤهل الذي يقوم بمشاركة البيانات‪ ،‬ومن اإلجراءات‬
‫املتبعة يف هذا الشأن تطبيق مبدأ اخلصوصية التفاضلية‪ :‬بام أن اإلنسان يف عاملنا املعارص‪،‬‬
‫مضطر لإلفصاح (مشاركة) عن بياناته الشخصية والرسية‪ ،‬وذلك كمتطلب للحصول‬
‫عىل خدمة أو تنفيذ ًًا ملهمة معينة‪ ،‬فكان ال بد حتقيق التوازن بني مشاركة البيانات‬
‫واحلفاظ عىل اخلصوصية‪ ،‬والذي يتم وفق مفهوم اخلصوصية التفاضلية حيث هدفها‬
‫الوصول إىل بيانات مفصلة ودقيقة‪ ،‬كي تبنى وفقها القرارات‪ ،‬بالتوازي مع بقاء هذه‬
‫البيانات جمهولة املصدر حلامية وضامن خصوصية األفراد‪.‬‬
‫ويظهر لنا حتدي يتجىل بمن له حق اإلطالع عىل البيانات‪ ،‬لتوقي بيع معلوماتنا الشخصية‬
‫إىل أطراف ثالثة‪ ،‬ومشاركة البيانات أو استخدامها لتحقيق مكاسب شخصية‪ ،‬مما‬
‫يتوجب علينا تعزيز الضامنات األخالقية والقانونية لعدم ترسيب البيانات‪.‬‬

‫الالئحة العامة لحماية البيانات في االتحاد األوربي لعام ‪:2016‬‬


‫نصت عىل عدد من املتطلبات للرشكات‪ ،‬التي تعالج البيانات الشخصية للمقيمني‬
‫األوربيني منها‪ :‬الغرامات‪ :‬الغرامات أحدى أنجع الوسائل للمحافظة عىل اخلصوصية‪،‬‬
‫حيث يمكن أن تصل اىل عرشين مليون يورو‪ ،‬املسؤولية‪ :‬تؤكد الالئحة عىل مسؤولية‬
‫مراقب البيانات‪ ،‬موظف محاية البيانات‪ :‬تلتزم الرشكات التي لدهيا معاجلة بيانات‪،‬‬
‫بتعيني مسؤول محاية البيانات‪ ،‬رشوط معاجلة البيانات‪ :‬حيث ال جيوز معاجلة البيانات‬
‫الشخصية‪ ،‬إال لغرض قانوين حمدد‪ ،‬وذو صلة‪ ،‬وباحلد األدنى‪ ،‬ورضورية هلذا الغرض‪،‬‬
‫وال جيوز االحتفاظ هبا إال ملدة املطلوبة حسب الغرض‪ ،‬وجيب حذفها‪ ،‬املوافقة‪ :‬جيب‬
‫احلصول عىل موافقة فعلية رصحية من األشخاص الذين تعالج بيانتهم‪ ،‬فيام يتعلق‬
‫باالستخدام املحدد لبياناهتم‪ ،‬إمكانية نقل البيانات‪ :‬من قبل األفراد‪ ،‬لذا جيب إتاحة‬

‫‪267‬‬
‫البيانات يف شكل يُّمُ كن من نقلها‪ ،‬التنميط‪ :‬حيق لألفراد االعرتاض عىل تصنيف‬
‫بياناهتم‪ ،‬احلد العمري‪ :‬ال يمكن ملن تقل أعامرهم عن ‪ 16‬سنة‪ ،‬املوافقة عىل معاجلة‬
‫بياناهتم‪ ،‬بل جيب احلصول عىل املوافقة من والدهيم‪ ،‬الرقابة الداخلية عىل معاجلة‬
‫البيانات‪ :‬للتأكد من تنفيذها وفق اللوائح‪ ،‬احلق باملسح‪ :‬حيق لألشخاص حمو بياناهتم‬
‫الشخصية‪ ،‬اخلصوصية حسب التصميم‪ ،‬احلق يف معرفة خروقات أمن البيانات‪ ،‬تقييم‬
‫تأثر اخلصوصية‪ :‬يطلب من مراقبي البيانات إعداد تقرير‪ ،‬يق ََّيم التأثري الذي حتدثه‬
‫معاجلة البيانات عىل حقوق األفراد وحرياهتم‪ ،‬تبادل البيانات مع دول خارج االحتاد‬
‫األورويب‪ :‬ال يسمح‪ ،‬بنقل البيانات خارج أوروبا‪ ،‬ما مل يكن لدى بلد الوجهة نفس‬
‫(‪((2‬‬
‫معايري محاية البيانات املعمول هبا‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬السياسات المؤسسية إلدارة مشاركة البيانات‬
‫تتبع اجلهات االئتامنية نظام اعرف عميلك‪ ،‬لدى طلب العميل منحه تسهيالت إئتامنية‪،‬‬
‫لكن بعد أن أصبح استخدام اهلاتف النقال أو احلاسوب‪ ،‬الوسيلة الشائعة يف فتح‬
‫احلسابات البنكية‪ ،‬والتقدم بطلبات التمويل‪ ،‬ولتشعب وكثرة األعامل التي يتعاطاها‬
‫العميل‪ ،‬أصبح من الصعب عىل املسؤول‪ ،‬تقييم موثوقية وشمولية املعلومات التي‬
‫يقدمها‪ ،‬مما يزيد من احتامليات حدوث اخلطر‪ ،‬فتطبيق إجراءات اعرف عميلك التي‬
‫يقوم فيها البنك بمفرده مل تعد تفي بالغرض‪ ،‬لذلك كان ال بد تويل هذا العمل من‬
‫قبل مؤسسات وجهات متخصصة‪ ،‬ترشف وتراقب وتعالج البيانات‪ ،‬من خالل عمل‬
‫مؤسيس يستند إىل قيم ولوائح وسياسات ملزمة‪ ،‬لذلك تم تأسيس مؤسسات حملية‬
‫ودولية‪ ،‬لتقوم هبذا العمل‪ ،‬نستعرض عدد ًًا منها‪:‬‬
‫ًالً‬
‫أو ‪ -‬داما (‪ ((2(:)DAMA‬منظمة عاملية غري ربحية‪ ،‬تعنى بإدارة البيانات‪ ،‬وقد أعدت‬
‫‪ DAMA‬الدليل الدويل املعياري والقيايس واالسرتشادي إلدارة البيانات وحوكمتها‬
‫(‪ ،)DMBOK DAMA‬باإلضافة إىل تقديمها لعدد من الشهادات االحرتافية واملؤمترات‬
‫والدورات التدريبية‪ ،‬والتي تضم مجعيات حملية من كافة أنحاء العامل‪ ،‬يشرتكون يف قيم‬
‫‪(22) Gry Hasselbalch & Pernille Tranberg.DATA ETHICS - THE NEW COMPETITIVE ADVANTAGE. 1. edition, 2016. ISBN print: 978-‬‬
‫‪87-7192 - 017- 8 P.114.‬‬
‫(‪ ((2‬داما‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪https://www.dama.org/cpages/home :2023/12/15‬‬

‫‪268‬‬
‫‪ DAMA‬الدولية ومدونة األخالقيات لتطوير جمتمع إدارة البيانات‪ ،‬يف مجيع أنحاء العامل‬
‫للحصول عىل بيانات أفضل‪.‬‬
‫ًاً‬
‫ثاني ‪ -‬مركز قطر للمعلومات االئتمانية‪ ((2(:‬تأسس بموجب قرار جملس إدارة مرصف‬
‫قطر املركزي رقم (‪ )5‬لسنة ‪ 2008‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬يونيو لعام ‪ ،2008‬يو ّّفر مركز‬
‫قطر للمعلومات االئتامنية‪ ،‬بيانات مالية موثوقة ودقيقة‪ ،‬ختضع ملعايري جودة البيانات‬
‫الدولية‪ ،‬باإلضافة إىل أنه يط ّّبق أفضل ممارسات وإجراءات السالمة من أجل ََّضامن أمن‬
‫ورسية البيانات املنقولة‪ ،‬ويساعد يف إعداد السياسات االئتامنية السليمة‪ ،‬واختاذ القرار‬
‫االئتامين الصحيح والتقليل من خماطر التمويل‪ ،‬بام ينعكس إجياب ًًا عىل االستقرار املايل‬
‫للدولة‪ ،‬فاملركز يقوم بتجميع وحتليل املعلومات االئتامنية عن العمالء من األعضاء‬
‫املشرتكني فيه‪ ،‬ومن مزودي املعلومات‪ ،‬ويتم تبادهلا معهم من خالل التقرير االئتامين‪،‬‬
‫مما يساعدهم يف اختاذ القرارات االئتامنية السليمة‪ ،‬وجيوز لألعضاء احلصول من خالل‬
‫املركز عىل التقرير االئتامين عن أي عميل‪ ،‬وذلك وفق ًًا إلجراءات ولوائح املركز‪ ،‬ومن‬
‫بني املزايا التي يتمتع هبا مركز قطر للمعلومات االئتامنية‪:‬‬
‫‪1 .‬يوفر مركز قطر للمعلومات االئتامنية‪ ،‬تقارير ائتامنية شاملة‪ ،‬تساعد اجلهات‬
‫املقرضة عىل تقييم قدرة األفراد والرشكات عىل السداد‪.‬‬
‫‪2 .‬تقليل خماطر االئتامن‪ :‬من خالل التقارير االئتامنية الصادرة من مركز‬
‫للمقرضني معرفة وفهم التاريخ االئتامين وسلوك‬‫قطر للمعلومات االئتامنية‪ ،‬يمكن ُ‬
‫السداد للمقرتضني بشكل أفضل‪.‬‬
‫‪3 .‬املامرسات االئتامنية العادلة‪ :‬يعمل مركز قطر للمعلومات االئتامنية‪ ،‬عىل تعزيز‬
‫املامرسات االئتامنية العادلة‪ ،‬من خالل توفري معلومات ائتامنية دقيقة وحمدثة‪ ،‬وهذا‬
‫يساعد يف خلق بيئة ائتامنية شفافة وتشجيع االقرتاض واإلقراض العادل‪​​.‬‬
‫ًاً‬
‫ثالث ‪ -‬مركز عمان للمعلومات االئتمانية والمالية‪ :‬تأسس املركز بموجب املرسوم‬
‫السلطاين رقم ‪ ،2019/38‬ويتبع البنك املركزي العامين‪ ،‬والعضوية يف املركز إلزامية‬

‫‪https://www.cb.gov.qa/Arabic/Pages/ :2023/12/16‬‬ ‫(‪ ((2‬مركز قطر للمعلومات االئتامنية‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية‬
‫‪default.aspx‬‬

‫‪269‬‬
‫عىل املصارف واملؤسسات املالية املرخصة‪ ،‬واملؤسسات والرشكات واألشخاص‬
‫الذين يزاولون نشاط ًًا‪ ،‬يتعلق بالتمويل ورشكات التمويل والتأجري‪ ،‬واملؤسسات‬
‫والرشكات اخلاضعة إلرشاف ورقابة وزارة التجارة والصناعة واهليئة العامة لسوق‬
‫املال‪ ،‬ومؤسسات ورشكات اخلدمات العامة للكهرباء واملياه ورشكات االتصاالت‪،‬‬
‫وغريها من اجلهات التي تنشأ لدهيا املعلومات االئتامنية واملالية املتعلقة بالعمالء‪،‬‬
‫كام جيب عىل مزود املعلومات إذا كان جهة حكومية كوزارة اإلسكان‪ ،‬ورشطة عامن‬
‫السلطانية‪ ،‬واألمانة العامة للرضائب‪ ،‬واملحاكم تقديم كل ما يطلبه املركز من معلومات‬
‫أو بيانات تتعلق باحلالة االئتامنية واملالءة املالية للعميل‪ ،‬أو إحصائيات أو غري ذلك مما‬
‫يدخل يف اختصاصه‪.‬‬
‫هيدف املركز إىل إنشاء قاعدة بيانات مركزية للمعلومات االئتامنية واملالية عىل املستوى‬
‫الوطني‪ ،‬وتوفريها لألعضاء الختاذ القرارات االئتامنية‪ ،‬وتقييم املالءة املالية السليمة‬
‫للعمالء املتعاملني معهم‪ ،‬بام يؤدي إىل جودة القروض‪ ،‬وتقليل املخاطر االئتامنية‬
‫َّمحل نظام املركز‪ ،‬مزود املعلومات‪ ،‬املسؤولية عن صحة‬ ‫واملالية‪ ،‬ونسبة التعثر‪ ،‬و َ‬
‫وسالمة هذه املعلومات‪ ،‬واعترب تزويد املركز باملعلومات االئتامنية واملالية املتوفرة لدى‬
‫مزودي املعلومات أو حصول األعضاء عىل التقارير االئتامنية واملالية من املركز؛ وفق ًًا‬
‫ألحكام هذا النظام ال يعد إخالًالً بأي من قواعد الرسية املنصوص عليها يف القانون‬
‫املرصيف‪ ،‬أو يف أي قانون آخر‪.‬‬
‫ومن طرق حماية البيانات التي ً‬
‫نًّص عليها نظام المركز‪:‬‬
‫‪1 .‬تويل البنك املركزي اإلرشاف والرقابة عىل أعامل وأنشطة املركز‪.‬‬
‫‪2 .‬إضفاء طابع الرسية عىل املعلومات االئتامنية واملالية‪ ،‬وعدم جواز اإلفصاح عنها‬
‫إال بنا ًء عىل موافقة مسبقة من العميل‪ ،‬أو إذا كان هذا اإلفصاح مطلوب ًا بموجب‬
‫قانون آخر‪ ،‬أو تنفيذ ًا لقرار قضائي صادر من حمكمة خمتصة‪ ،‬أو بنا ًء عىل إذن من‬
‫البنك املركزي‪.‬‬
‫‪3 .‬التأكيد عىل التزام مزودي املعلومات‪ ،‬بأن تكون املعلومات االئتامنية واملالية التي‬

‫‪270‬‬
‫(‪((2‬‬
‫تقدم للمركز كاملة ودقيقة ومؤيدة باملستندات عن العمالء‪.‬‬
‫ًاً‬
‫رابع ‪ -‬الهيئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي (سدايا)‪ :‬التي أنشئت بموجب‬
‫األمر امللكي رقم (أ‪ )471/‬وتاريخ ‪1440/12/29‬هـ‪ ،‬والتي بدورها أنشئت مكتب‬
‫إدارة البيانات الوطنية‪ ،‬الذي هيدف إىل تطبيق أفضل املامرسات العاملية‪ ،‬إلدارة البيانات‬
‫وحوكمتها‪ ،‬وتعزيز القيمة املستفادة منها يف اختاذ القرارات االسرتاتيجية‪ ،‬واسترشاف‬
‫املستقبل‪ ،‬وحتقيق أعىل مستويات املسؤولية والشفافية‪.‬‬
‫(‪((2‬‬

‫ويرى الباحث إن عمل هذه املؤسسات‪ُُ ،‬يسهم حلد كبري يف توفري البيانات الدقيقة‬
‫والشاملة‪ ،‬التي َّمُت� َكن من اختاذ القرارات االئتامنية الصحيحة‪ ،‬مما يقلل من املخاطر‬
‫وإَّن من أهم ضامنات محاية البيانات وخاص ًًة االئتامنية منها‪ :‬هو تويل‬
‫االئتامنية واملالية‪َ ،‬‬
‫مزّودي‬
‫جهة إرشافية عليا مثل (البنك املركزي)‪ ،‬أعامل الرقابة عىل هذه املراكز‪ ،‬وحتمًّيًل ّ‬
‫املعلومات‪ ،‬املسؤولية عن صحة وسالمة املعلومات‪ ،‬وأن تكون املعلومات االئتامنية‬
‫واملالية عن العمالء مؤ ََّيدة باملستندات‪ ،‬وأن الغاية هي‪ :‬خلق بيئة ائتامنية شفافة‪ ،‬تشجيع‬
‫االقرتاض واإلقراض العادل‪ ،‬التي حتافظ عىل مصالح األفراد وُتُسهم يف االستقرار‬
‫املايل للدولة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ -‬اإلطار األخالقي لمعالجة البيانات‬

‫الفرع األول‪ :‬المبادئ األخالقية لمعالجة البيانات‬

‫ما هي أخالقيات البيانات؟‬


‫تقوم الرشكات األخالقية يف عرص البيانات الضخمة اليوم‪ ،‬بام هو أكثر من جمرد االلتزام‬
‫بترشيعات محاية البيانات‪ ،‬فهم يتبعون روح الترشيع ورؤيته من خالل االستامع عن‬
‫كثب لعمالئهم‪ ،‬إهنم ينفذون سياسات شفافية موثوقة وواضحة إلدارة البيانات‪ ،‬إهنم‬
‫يقومون فقط بمعاجلة البيانات الرضورية وتطوير ثقافات الرشكات‪ ،‬واهلياكل التنظيمية‬
‫(‪ ((2‬مرسوم سلطاين رقم ‪ 2019/38‬بإنشاء مركز عامن للمعلومات االئتامنية واملالية وإصدار نظامه‪ .‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية‬
‫‪/https://qanoon.om :2023/12/15‬‬
‫(‪ ((2‬االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية بتاريخ ‪https://sdaia.gov.sa/ar/default.aspx :2023/12/12‬‬

‫‪271‬‬
‫املدركة للخصوصية‪ ،‬ويقوم البعض بتطوير املنتجات واخلدمات باستخدام اخلصوصية‬
‫(‪((2‬‬
‫حسب التصميم‪.‬‬
‫فتعريف أخالقيات البيانات يف أبسط العبارات‪ ،‬تشري البيانات إىل معلومات واقعية‪،‬‬
‫مثل القياسات أو اإلحصائيات‪ ،‬املستخدمة كأساس لالستدالل أو املناقشة أو احلساب‪،‬‬
‫فأخالقيات البيانات هي‪ :‬معايري السلوك التي تعزز األحكام املناسبة واملساءلة‪ ،‬عند‬
‫احلصول عىل البيانات أو إدارهتا أو استخدامها‪ ،‬هبدف محاية احلريات املدنية‪ ،‬وتقليل‬
‫املخاطر التي يتعرض هلا األفراد واملجتمع‪ ،‬وتعظيم الصالح العام‪.‬‬
‫(‪((2‬‬

‫إن أخالقيات البيانات‪ ،‬تتجىل باملبادئ الكامنة وراء كيفية قيام املؤسسات‪ ،‬بجمع‬
‫البيانات ومحايتها واستخدامها‪ ،‬إنه جمال من جماالت األخالق يرَّكَز عىل االلتزامات‬
‫األخالقية‪ ،‬التي تقع عىل عاتق الكيانات املشرتكة يف معاجلة البيانات‪ ،‬لذا ينبغي‬
‫االستخدام األخالقي ملشاركة البيانات‪ ،‬بحيث تبنى املامرسات والقواعد األخالقية‪،‬‬
‫عىل قيم ومبادئ االستخدام األمثل للبيانات‪ ،‬املتوافقة مع األخالق العامة‪ ،‬ومرتكزات‬
‫املنظومة ال ََع ََقدية واألخالقية يف كل بلد‪ ،‬والتي تستدعي محاية البيانات الشخصية‪ ،‬بام‬
‫يكفل املحافظة عىل خصوصية أصحاب هذه البيانات ومحاية حقوقهم‪ ،‬وتأمني أمن‬
‫البيانات حلاميتها من الوصول أو التعديل أو احلذف غري املرصح به‪ ،‬وأن جتري اجلهات‬
‫املزودة للمعلومات‪ ،‬حتليل دوري (سنوي) لفجوات سياسات وضوابط إدارة البيانات‬
‫وحوكمتها ومحايتها‪.‬‬
‫وبام أنه يتم معاجلة بياناتنا سوا ًًء كنا نعرف أم ال‪ ،‬وهذا‪ ،‬هو سبب شعورنا كام لو كنا‬
‫مراقبني‪ ،‬وللحفاظ عىل القضايا األخالقية لدى حتليل هذه البيانات ينبغي اإلجابة عىل‬
‫ما ييل‪:‬‬
‫أ‪ .‬الصالحية‪ :‬هل البيانات أو النموذج‪َّ ،‬ممَثل ملا يتم قياسه؟‬
‫ب‪ .‬التحيز واإلنصاف‪ :‬هل البيانات منحرفة؟ هل هناك حتيز أو حماباة يف البيانات‪،‬‬
‫وهل كان هناك مبالغة يف تقدير ما يتم قياسه أو التقليل من شأنه؟‬
‫‪(27) Gry Hasselbalch & Pernille Tranberg.DATA ETHICS - THE NEW COMPETITIVE ADVANTAGE. 1. edition, 2016. ISBN print: 978-‬‬
‫‪87-7192-017-8، P.10‬‬
‫(‪ ((2‬اسرتاتيجية البيانات الفيدرالية (إطار أخالقيات البيانات)‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪https://resources. ،2023/12/25‬‬
‫‪data.gov/assets/documents/fds-data-ethics-framework‬‬

‫‪272‬‬
‫ج‪ .‬عدم املرونة‪ :‬هل النموذج (أو البيانات األساسية)‪ ،‬يقنن التحيزات القائمة‪ ،‬وبالتايل‬
‫جيعل من الصعب تغيريها؟‬
‫د‪ .‬الشفافية وقابلية التفسري‪ :‬هل هناك توثيق للعملية؟ هل يمكن لآلخرين فهم كيفية‬
‫عمل النموذج أو اخلوارزمية؟‬
‫هـ‪ .‬اخلصوصية وإخفاء اهلوية‪ :‬هل تكشف البيانات بطريقة ما عن هوية األفراد أو‬
‫(‪((2‬‬
‫اجلامعات؟‬
‫ًالً‬
‫أو ‪ -‬المبادئ الرئيسية لمشاركة البيانات‪:‬‬
‫مبادئ أخالقيات البيانات هي‪ :‬مبادئ توجيهية‪ ،‬وقيم‪ ،‬حتدد االستخدام املسؤول‬
‫واألخالقي للبيانات‪ ،‬وتساعد هذه املبادئ‪ ،‬عىل ضامن التعامل مع البيانات‪ ،‬ومعاجلتها‬
‫واستخدامها بطريقة حترتم اخلصوصية‪ ،‬وتعزز العدالة وتتوافق مع املعايري املجتمعية‪،‬‬
‫ونورد عدد من هذه املبادئ‪:‬‬
‫المبدأ األول‪ -‬تعزيز ثقافة المشاركة‪ :‬عىل مجيع اجلهات احلكومية‪ ،‬مشاركة البيانات‬
‫املَّرة الواحدة) للحصول عىل‬ ‫الرئيسية التي تنتجها‪ ،‬لتحقيق التكامل بينها‪ ،‬وت ََّبني (مبدأ َ‬
‫البيانات من مصدرها الصحيح‪ ،‬واحلد من ازدواجيتها وتعارضها وتعدد مصادرها‪.‬‬
‫المبدأ الثاني‪ -‬مشروعية الغرض‪ :‬أي أن يتم مشاركة البيانات ألغراض مرشوعة‪ ،‬مبن ََّية‬
‫عىل أساس قانوين أو احتياج عميل مربر‪ ،‬هيدف إىل حتقيق مصلحة عامة‪ ،‬دون إحلاق‬
‫الرضر بخصوصية األفراد‪.‬‬
‫َ‬
‫المبدأ الثالث‪ -‬الوصول المَّصرح به‪ :‬أن يكون جلميع األطراف املشاركة يف مشاركة‬
‫البيانات صالحية اإلطالع عليها واستخدامها‪.‬‬
‫المبدأ الرابع‪ -‬الشفافية‪ :‬جيب عىل مجيع األطراف املشاركة يف معاجلة البيانات‪ ،‬إتاحة‬
‫مجيع املعلومات الرضورية لتبادل البيانات‪.‬‬
‫المبدأ الخامس‪ -‬المسؤولية المشتركة‪ :‬أن تكون مجيع األطراف املشاركة يف معاجلة‬
‫البيانات‪ ،‬مسؤولة‪ ،‬مسؤولية مشرتكة عن قرارات مشاركة البيانات ومعاجلتها‪ ،‬وفق ًًا‬
‫(‪ ((2‬سلسلة املذكرات اإلرشادية ملركز البيانات اإلنسانية (‪ )2020‬مسؤولية البيانات يف العمل اإلنساين‪ ،‬مالحظة رقم ‪ :4‬أخالقيات البيانات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪https://data.humdata.org/dataset 2023/12/18‬‬

‫‪273‬‬
‫لألغراض املحددة‪ ،‬وضامن تطبيق الضوابط األمنية‪ ،‬املنصوص عليها يف اتفاقية مشاركة‬
‫البيانات‪ ،‬واألنظمة والترشيعات والسياسات ذات الصلة‪.‬‬
‫المبدأ السادس‪ -‬أمن البيانات‪ :‬أن تقوم مجيع األطراف املشاركة يف مشاركة البيانات‪،‬‬
‫بتطبيق الضوابط األمنية املناسبة حلامية البيانات ومشاركتها يف بيئة آمنة وموثوقة‪.‬‬
‫المبدأ السابع‪ -‬االستخدام األخالقي‪ :‬أن تقوم مجيع األطراف املشاركة يف مشاركة‬
‫البيانات‪ ،‬بتطبيق املامرسات األخالقية‪ ،‬أثناء عملية مشاركة البيانات‪ ،‬لضامن استخدامها‬
‫يف إطار من العدالة والنزاهة واألمانة واالحرتام‪ ،‬وعدم االكتفاء بااللتزام بسياسات‬
‫(‪((3‬‬
‫أمن املعلومات أو االلتزام باملتطلبات التنظيمية والترشيعات ذات العالقة‪.‬‬
‫ًاً‬
‫ثاني ‪ -‬أخالقيات البيانات الضخمة؟‬
‫ُعَّرف البيانات الضخمة‪ :‬عىل أهنا حجم كبري من البيانات املنظمة‪ ،‬مثال‪ :‬األسامء‬ ‫ُت َ‬
‫والعناوين وأرقام بطاقات االئتامن‪ ،‬وحتديد املوقع اجلغرايف‪ ،‬وما إىل ذلك‪ ،‬وغري املنظمة‪،‬‬
‫مثال‪ :‬الصور والصوت والفيديو ومنشورات وسائل التواصل االجتامعي‪.‬‬
‫تعريف جمال أخالقيات البيانات الضخمة‪ :‬أنه حتديد مفاهيم املامرسات الصحيحة‬
‫واخلاطئة‪ ،‬والدفاع عنها والتوصية هبا‪ ،‬عندما يتعلق األمر باستخدام البيانات‪ ،‬مع‬
‫الرتك ََّيز بشكل خاص عىل البيانات الشخصية‪.‬‬
‫هتدف أخالقيات البيانات الضخمة‪ ،‬إىل إنشاء مدونة سلوك أخالقية ومعنوية‬
‫الستخدام البيانات‪ ،‬حيث هناك مخسة جماالت رئيسية‪ ،‬مثرية للقلق يف أخالقيات‬
‫البيانات الضخمة‪ ،‬والتي حتدد إمكان ََّية االستخدام غري األخالقي للبيانات‪:‬‬
‫‪ )1‬الموافقة المستنيرة المسبقة‪ :‬هي أكثر أشكال املوافقة حذر�ا واحرتام ًًا‬
‫وأخالق ًًا‪ ،‬ويتطلب ذلك من جامع البيانات‪ ،‬بذل جهد كبري ملنح املشاركني فه ًًام معقوًالً‬
‫ودقيق ًًا‪ ،‬لكيفية استخدام بياناهتم‪.‬‬
‫ولقد تم إدخال تنقيح عىل معيار املوافقة املستنرية‪ُ ُ ،‬يعرف األول باسم «املوافقة‬
‫الواسعة»‪ ،‬والتي تسمح مسبق ًًا باالستخدامات الثانوية للبيانات‪ ،‬والثاين هو «املوافقة‬

‫(‪ ((3‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي‪ ،‬سياسات حوكمة البيانات الوطنية‪ ،‬اإلصدار األول تاريخ ‪2020/5/5‬م‪ ،‬سياسة مشاركة‬
‫البيانات‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫‪274‬‬
‫املتدرجة»‪ ،‬والتي تعطي املوافقة عىل استخدامات ثانوية حمددة للبيانات‪.‬‬
‫‪ )2‬الخصوصية‪ :‬تتضمن أخالقيات اخلصوصية‪ ،‬العديد من املفاهيم املختلفة مثل‪:‬‬
‫احلرية واالستقاللية واألمن‪ ،‬أي محاية البيانات والكشف عنها ‪.‬ويشكل حجم‬
‫ورسعة البيانات الضخمة‪ ،‬مصدر قلق بالغ هبذا الشأن‪ ،‬ألن العديد من عمليات‬
‫اخلصوصية التقليدية‪ ،‬ال يمكنها محاية البيانات احلساسة‪ ،‬مما أدى إىل زيادة هائلة يف‬
‫اجلرائم اإللكرتونية وترسب البيانات‪.‬حدث أحد األمثلة عىل ترسب كبري للبيانات‪،‬‬
‫الذي تسبب يف فقدان اخلصوصية ألكثر من ‪ 200‬مليون مستخدم لإلنرتنت يف يناير‬
‫‪ .2021‬حيث تعرض موقع تواصل اجتامعي صيني يسمى ‪ Social larks‬الخرتاق‪،‬‬
‫بسبب سلسلة من أخطاء محاية البيانات‪ ،‬التي تضمنت قاعدة بيانات ‪Elastic Search‬‬
‫غري آمنة‪ ،‬حيث متكن أحد املتسللني من الوصول إىل قاعدة البيانات التي تم ختزينها‬
‫واستخالصها‪ ،‬كام أنه هناك مصدر قلق آخر‪ ،‬وهو القوة التحليلية املتزايدة للبيانات‬
‫الضخمة‪ ،‬كيفية أن َيَّؤثر ذلك عىل اخلصوصية‪ ،‬عندما يتم استخراج املعلومات‬
‫املنَّصات الرقمية‪ ،‬إلنشاء صورة كاملة للشخص‪ ،‬دون موافقته‬ ‫الشخصية من خمتلف َ‬
‫الرصحية‪ .‬عىل سبيل املثال‪ :‬إذا تقدم شخص ما للحصول عىل وظيفة‪ ،‬فيمكن احلصول‬
‫عىل معلومات عنه‪ ،‬عرب بصمة البيانات الرقمية اخلاصة به‪ ،‬لتحديد ميوله السياسية‪،‬‬
‫وتوجهه اجلنيس‪ ،‬وحياته االجتامعية‪ ،‬وما إىل ذلك‪ ،‬ويمكن استخدام كل هذه البيانات‪،‬‬
‫كسبب لرفض طلب التوظيف‪ ،‬حتى عىل الرغم من عدم عرض املعلومات للحكم‬
‫عليها من قبل مقدم الطلب‪.‬‬
‫‪ )3‬الملكية‪ :‬عندما نتحدث عن امللكية من حيث البيانات الضخمة‪ ،‬فإننا نبتعد عن الفهم‬
‫التقليدي أو القانوين للكلمة‪ ،‬باعتبارها احلق احلرصي يف استخدام امللكية‪ ،‬وامتالكها‬
‫والترصف فيها‪ ،‬حيث تشري امللكية إىل إعادة توزيع البيانات‪ ،‬وتعديل البيانات‪ ،‬والقدرة‬
‫عىل االستفادة من ابتكارات البيانات‪ ،‬وكون البيانات الضخمة أصبحت متثل أمواًالً‬
‫طائلة يف عامل اليوم‪ ،‬فأن تصنيف البيانات كسلعة‪ ،‬يعني فقدان استقالليتنا وحرياتنا‪،‬‬
‫ونحن نواجه املشكلة األخالقية‪ ،‬املتمثلة يف من يملك البيانات التي ننتجها؛ فإذا كانت‬
‫بياناتنا ليست ملكنا لتعديلها وحتليلها واالستفادة منها برشوطنا‪ ،‬فإننا يف الواقع ال‬

‫‪275‬‬
‫نملكها‪.‬‬
‫‪ )4‬تح ََّيز الخوارزمية والموضوعية‪ :‬بام أنه تم تصميم اخلوارزميات من قبل البرش‪،‬‬
‫متَّحيزون‪ ،‬فأن التح ََّيزات البرشية تصيب التكنولوجيا واخلوارزميات‪ ،‬وتؤثر‬ ‫والبرش َ‬
‫سلب ًًا عىل حياة البرش وحرياهتم‪ ،‬حيث تعرض لنا اخلوارزمية املحتوى الذي من املرجح‬
‫أن نستمتع به أو نتفق معه وتتجاهل الباقي‪.‬‬
‫‪ )5‬االنقسام الكبير في البيانات‪ :‬إن قدرات فهم البيانات الضخمة واستخراجها‪،‬‬
‫حمصورة يف عدد قليل من الرشكات الكربى‪ ،‬مما ختلق فجوة البيانات املزيد من املشاكل‪،‬‬
‫عندما نأخذ يف االعتبار حت ََّيز اخلوارزميات‪ ،‬التي تضع األفراد يف فئات‪ ،‬بنا ًًء عىل جمموعة‬
‫من البيانات التي ال يستطيع األفراد أنفسهم الوصول إليها‪ .‬عىل سبيل املثال‪ :‬يمكن‬
‫لربنامج التنميط أن يضع عالمة عىل شخص ما عىل أنه شخص ذو خطر كبري الرتكاب‬
‫نشاط إجرامي‪ ،‬مما يتسبب يف إيقافه وتفتيشه قانوني ًًا من قبل السلطات أو حتى حرمانه‬
‫من السكن يف مناطق معينة‪ .‬وتعني فجوة البيانات الضخمة أن «فقراء البيانات»‪ ،‬ال‬
‫يستطيعون فهم البيانات أو األساليب املستخدمة الختاذ هذه القرارات املتعلقة هبم‬
‫(‪((3‬‬
‫وبحياهتم‪.‬‬
‫ًاً‬
‫ثالث ‪ -‬أخالقيات البيانات والذكاء االصطناعي‪:‬‬
‫قد اعتمدت رشكة (‪ ((3(،)Novo Nordisk‬جمموعة من مبادئ أخالقيات البيانات‪،‬‬
‫التي تدعم اختاذ القرارات األخالقية عند استخدام البيانات عرب سلسلة القيمة‪ ،‬وتعتمد‬
‫هذه املبادئ عىل مفاهيم راسخة يف اخلصوصية‪ ،‬واألخالقيات احليوية وأخالقيات‬
‫الرعاية الصحية‪ ،‬وحقوق اإلنسان‪ ،‬وأخالقيات العمل‪ ،‬لضامن أننا نعمل مع البيانات‬
‫بطريقة تزيد من الفوائد إىل احلد األقىص‪ ،‬وتقلل الرضر الذي يلحق باألفراد واملجتمع‪،‬‬
‫وتغطي مبادئ أخالقيات البيانات‪ ،‬مجيع أنواع البيانات‪ ،‬التي يتم مجعها وحتليلها‬
‫وختزينها ومشاركتها ومعاجلتها بأي طريقة أخرى‪.‬‬

‫(‪ ((3‬االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ ‪https://blog.hurree.co/the-ethics-of-big-data :2023/12/20‬‬


‫(‪ ((3‬االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ ‪https://www.novonordisk.com/data-privacy-and-user-rights/data-ethics. :2023/12/20‬‬
‫‪html‬‬

‫‪276‬‬
‫وتعترب مبادئ أخالقيات الذكاء االصطناعي ذات صلة‪ ،‬وتنطبق عىل مجيع أشكال‬
‫استخدامات الذكاء االصطناعي‪ ،‬بحيث تشمل أخالقيات البيانات املبادئ التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬االستقالل واحرتام خصوصية األفراد‪ ،‬ومحاية حقوقهم‪ ،‬واحرتام الرسية‪ :‬ينبغي‬
‫مجع البيانات واستخدامها‪ ،‬بطرق تتفق مع نوايا الفرد وفهمه‪ ،‬وينبغي بذل أفضل‬
‫اجلهود لتوعية األفراد بكيفية استخدام بياناهتم‪ ،‬ومنحهم حيثام كان ذلك مناسب ًًا وممكن ًًا‬
‫خيارات‪ ،‬حول من يمكنه الوصول إىل بياناهتم وكيفية استخدامها‪.‬‬
‫‪ )2‬الشفافية‪ :‬جيب أن يكون األفراد قادرين عىل فهم كيفية استخدام بياناهتم الشخصية‪،‬‬
‫وينبغي تقديمهم‪ ،‬بطريقة مناسبة ومفهومة للجمهور املعني‪ ،‬فيام يتعلق بام ييل‪:‬‬
‫•نوع ومدى البيانات التي تم مجعها عنهم‪.‬‬
‫•كيف سوف يتم استخدامها (بام يف ذلك‪ ،‬إىل أقىص حد ممكن‪ ،‬االستخدامات‬
‫الثانوية للبيانات)‪.‬‬
‫•كيفية استخدام التقنيات للمساعدة يف اختاذ القرارات املتعلقة بقواعد البيانات‪.‬‬
‫•كيفية محاية حقوقهم (بام يف ذلك احلق يف اخلصوصية)‪.‬‬
‫•وما هي اإلجراءات التي قد يتخذوهنا ملامرسة حقوقهم‪.‬‬
‫وينبغي رشح القيود املسموح هبا قانون ًًا عىل هذه احلقوق بوضوح‪ ،‬وإتاحة معايري‬
‫وممارسات إدارة البيانات‪ ،‬للمراجعة العامة عند االقتضاء‪.‬‬
‫‪ )3‬جودة البيانات‪ :‬ينبغي استخدام أدق البيانات املتاحة الختاذ القرارات‪ ،‬إذ جيب أن‬
‫يتضمن استخدام البيانات‪ ،‬عمليات لتحديد ومنع وتعويض البيانات‪ ،‬ذات اجلودة‬
‫الرديئة أو غري الكاملة أو غري الدقيقة‪ ،‬إال أنه عندما متثل جودة البيانات أو اكتامهلا أو‬
‫دقتها خماطر التحيز أو األذى للفرد‪ ،‬جيب متابعة وتوثيق عمليات التخفيف من هذه‬
‫املخاطر‪.‬‬
‫شامًال ومنصف ًًا‪ ،‬وإن‬ ‫ً‬ ‫‪ )4‬العدالة وعدم التم ََّييز‪ :‬جيب أن يكون احلصول عىل البيانات‬
‫إرشاك جمموعة متنوعة من أصحاب املصلحة يف صنع القرار‪ ،‬حول استخدام البيانات‬
‫وتطوير التقنيات لالستفادة من البيانات‪ ،‬يمكن أن يبني الثقة ويدعم اجلهود الرامية إىل‬
‫القضاء عىل التحيزات الضارة‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫‪ )5‬األخالق حسب التصميم‪ :‬ينبغي دمج الضوابط ملنع الرضر واملخاطر التي يتعرض‬
‫هلا األفراد يف تصميم بنية معاجلة البيانات‪ ،‬ويشمل ذلك وجود عمليات لتحديد وتقييم‬
‫وختفيف‪ ،‬خماطر التمييز والتح ََّيز املتعمد وغري املتعمد‪ ،‬وانتهاكات اخلصوصية واألمن‪،‬‬
‫وغريها من اآلثار السلبية عىل األفراد‪.‬‬
‫تتضمن محاية اخلصوصية أيض ًًا تطبيق معايري قوية لألمن السيرباين (باإلضافة إىل إخطار‬
‫األفراد عند انتهاك بياناهتم‪ ،‬عندما تعترب املخاطر التي يتعرض هلا الفرد عالية)‪ ،‬وإعداد‬
‫البيانات بشكل مناسب لالستخدام (عىل سبيل املثال‪ ،‬تقنيات إخفاء اهلوية واألسامء‬
‫املستعارة حيثام كان ذلك مناسب ًًا)‪ ،‬وتقييد إعادة حتديد البيانات جمهولة املصدر دون‬
‫إذن‪.‬‬
‫‪ )6‬تبادل البيانات بطريقة مسؤولة‪ :‬جيب أن تستند مشاركة البيانات إىل عمليات‬
‫تأخذ بعني االعتبار‪ ،‬احلقوق الفردية وترتيبها حسب األولوية‪ ،‬ومحايتها بشكل فعال‬
‫ومستمر‪ ،‬وجيب دائ ًًام احلصول عىل البيانات بوسائل مرشوعة‪ ،‬وجيب أن يكون هناك‬
‫أفراد حمددون مسؤولون عن محاية البيانات ورسيتها‪.‬‬
‫وينبغي إعالم األطراف الثالثة هبذه املبادئ ويتوقع منها االلتزام هبا‪ ،‬وباإلضافة إىل‬
‫ذلك‪ ،‬ينبغي ملبادرات التشغيل البيني للبيانات‪ ،‬أن تعطي األولوية ملامرسات تبادل‬
‫البيانات األخالقية واملسؤولة‪ ،‬وأن تتضمنها وتدعمها‪.‬‬
‫‪ )7‬املسؤولية واملساءلة‪ :‬جيب تفعيل مبادئ أخالقيات البيانات من خالل احلوكمة‬
‫الف ََّعالة‪ ،‬واملعايري الواضحة والتدريب وأنشطة املراقبة والعقوبات التأديبية‪ ،‬وجيب أن‬
‫تكون اإلدارة العليا عىل دراية باملبادئ األخالقية‪ ،‬وتضمن تطبيقها يف القرارات‪  ‬املتعلقة‬
‫(‪((3‬‬
‫باستخدام البيانات يف األنشطة اإلسرتاتيجية‪.‬‬
‫ًاً‬
‫رابع ‪ -‬ترس ًًّيخ األخالقيات عند استخدام البيانات‪:‬‬
‫إن وضع حدود حول استخدام البيانات ‪ -‬سوا ًًء كان ذلك من خالل ضامن تصنيف‬
‫البيانات أو اختاذ تدابري وقائية جلمع البيانات‪ ،‬يضمن إمكانية استخدام البيانات بالكامل‬
‫‪ .((3(Novo Nordisk. Data and AI ethics‬االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ ‪https://www.novonordisk.com/data- :2023/12/20‬‬
‫‪privacy-and-user-rights/data-ethics.html‬‬

‫‪278‬‬
‫لصالح املجتمع‪ ،‬ومن أفضل املامرسات يف أخالقيات البيانات‪:‬‬
‫(‪ )1‬ممارسات منظمة التعاون االقتصادي والتنمية (‪Organization for Economic‬‬
‫‪ ((3()Co-operation and Development‬يف أخالقيات البيانات‪:‬‬
‫والتي تقدم عرشة مبادئ توجيهية لتسهيل عمليات أخالقيات البيانات يف القطاع العام‪:‬‬
‫‪1 .‬إدارة البيانات بنزاهة‪ :‬أي عدم إساءة استخدام املوظفني العموميني ملناصبهم‪،‬‬
‫فيام يتعلق بالبيانات املتاحة هلم؛ وعدم مشاركة البيانات أو استخدامها لتحقيق‬
‫مكاسب شخصية‪ ،‬وإدارة البيانات وف ًقا ملتطلبات االمتثال القانوين‪.‬‬
‫‪2 .‬الرتتيبات عىل مستوى احلكومة‪ :‬للوصول إىل البيانات بشكل جدير بالثقة‪،‬‬
‫ومشاركتها واستخدامها‪ ،‬ويشمل ذلك إدراك العواقب املحتملة التي قد يتعنَّيَّ‬
‫عليهم مواجهتها‪ ،‬إذا تم إساءة استخدام البيانات أو سوء إدارهتا عن قصد أو‬
‫عن غري قصد‪ ،‬وكذلك معرفة من جيب التواصل معه يف حالة حدوث خمالفات‪.‬‬
‫‪3 .‬دمج االعتبارات األخالقية املتعلقة بالبيانات‪ :‬يف عمليات صنع القرارات‬
‫احلكومية والتنظيمية والقطاع العام‪ ،‬حيث جيب عىل املسؤولني احلكوميني‪،‬‬
‫االعرتاف بأن التح َّيز البرشي والبيانات غري الكاملة‪ ،‬يمكن أن يكون هلا آثار‬
‫سلبية عىل السياسات القائمة عىل البيانات‪ ،‬وجيب عليهم تنفيذ أخالقيات‬
‫البيانات يف االتفاقيات التعاقدية يف الرشاكات‪.‬‬
‫‪4 .‬مراقبة مدخالت البيانات واالحتفاظ بالسيطرة عليها‪ :‬ال سيام تلك املستخدمة‬
‫لإلبالغ عن تطوير وتدريب أنظمة الذكاء االصطناعي‪ ،‬واعتامد هنج قائم عىل‬
‫املخاطر ألمتتة القرارات‪ ،‬ويشمل ذلك احلفاظ عىل جودة مدخالت البيانات‪،‬‬
‫واإلرشاف عىل أنظمة الذكاء االصطناعي (عىل سبيل املثال‪ ،‬إعداد تقيي‬
‫للمخاطر)‪.‬‬
‫‪5 .‬حتديد الغرض من استخدام البيانات‪ :‬خاصة يف حالة البيانات الشخصية‪،‬‬
‫ويستلزم ذلك التأكد من أن استخدام البيانات مربر‪ ،‬وأن البيانات مناسبة‬
‫للغرض املستخدم‪.‬‬

‫(‪ ((3‬االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ ‪/https://www.oecd.org :2023/12/21‬‬

‫‪279‬‬
‫‪6 .‬حتديد حدود الوصول إىل البيانات ومشاركتها واستخدامها‪ :‬وهنا جيب عىل‬
‫املسؤولني العموميني‪ ،‬أن يسعوا إىل حتديد قواعد إدارة البيانات‪ ،‬والتحقق‬
‫باستمرار مما إذا كانت البيانات تُستخدم يف السياق الذي كان من املفرتض أن‬
‫تستخدم فيه‪.‬‬
‫‪7 .‬الوضوح والشمول واالنفتاح‪ :‬إعطاء األولوية إلرشاك فرق متنوعة للعمل مع‬
‫البيانات؛ للتخفيف من التح َّيزات ونرش سياسات حوكمة البيانات وإدارهتا‪،‬‬
‫لضامن احلفاظ عىل الثقة بني احلكومة واملواطنني‪.‬‬
‫‪8 .‬نرش البيانات املفتوحة وكود املصدر‪ :‬ويف ظل الظروف املناسبة (جمهولة املصدر‪،‬‬
‫وجممعة‪ ،‬وما إىل ذلك) فإن نرش البيانات املفتوحة‪ ،‬وكود املصدر‪ ،‬من املمكن أن‬
‫يعزز مشاركة املواطنني واالبتكار‪ ،‬وجيعل عمل احلكومة أكثر شفافية‪.‬‬
‫‪9 .‬توسيع نطاق سيطرة األفراد واجلامعات عىل بياناهتم‪ :‬ينبغي أن يكون األفراد‬
‫قادرين عىل إعطاء أو سحب املوافقة عىل استخدامها بحرية‪.‬‬
‫ ‪10.‬كن مسؤوالً واستباقي ًا يف إدارة املخاطر‪ :‬تتضمن إدارة املخاطر إجراءات ملعاجلة‬
‫البيانات املزيفة‪ ،‬وتقي َّيم البيانات قيد االستخدام‪ ،‬وإجراء عمليات تدقيق‬
‫منتظمة وعشوائية للبيانات‪ ،‬والتحيل بالشفافية عند حدوث إساءة استخدام‬
‫البيانات أو ترسهبا‪.‬‬
‫(‪ )2‬لوحة أخالقيات البيانات لمعهد البيانات المفتوحة (‪Open Data( )ODI‬‬
‫‪:)Institute‬‬ ‫(‪((3‬‬

‫والتي تعترب أداة لكل من يقوم بجمع البيانات أو مشاركتها أو استخدامها‪ ،‬فهي تساعد‬
‫عىل حتديد وإدارة القضايا األخالقية‪ ،‬أثناء تصميم وتطوير وتسليم ومراجعة املرشوع‬
‫أو املنتج بنا ًًء عىل البيانات‪ ،‬فمن خالل هذه األداة‪ ،‬يمكن للمستخدمني مراجعة كل‬
‫فقاعة للتفكري‪ ،‬يف أسئلة حمددة‪ ،‬والوصول إىل مزيد من اإلرشادات واملوارد‪ ،‬وكتابة‬
‫الوضع احلايل واخلطوات التالية املحتملة لكل جمال‪.‬‬
‫هذه األداة تدعم بشكل ف ََّعال تطوير التوجيه األخالقي للسياق اخلاص بكل معاملة‪،‬‬
‫(‪ ((3‬االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ ‪/https://theodi.org :2023/12/21‬‬

‫‪280‬‬
‫كام توفر أداة مفيدة للمؤسسات لقياس مدى نضجها‪ ،‬فيام يتعلق بأخالقيات البيانات‪،‬‬
‫وتطوير خطط عمل لتحسني ممارساهتا‪ ،‬لذا فإن استثامر الوقت واملوارد لضامن االطالع‬
‫عىل خماطر البيانات‪ ،‬وفهم أخالقيات البيانات‪ ،‬وأن معاجلة البيانات تأخذ يف االعتبار‬
‫(‪((3‬‬
‫الضامنات يف كل مرحلة‪ ،‬أمر بالغ األمهية حلامية حقوق أصحاب البيانات‪.‬‬
‫ًاً‬
‫خامس ‪ -‬المبادئ األخالقية األساسية لمنظمة (‪London Office of )LOTI‬‬
‫‪ :Technology and Innovation‬تعد ( ‪ )LOTI‬فريق االبتكار التابع للحكومة‬
‫املحلية يف لندن‪ ،‬التي تساعد جمالس البلديات عىل استخدام االبتكار والبيانات‬
‫والتكنولوجيا‪ ،‬لتكون مؤسسات عالية األداء‪ ،‬والتي اعتمدت مبادئ أخالقية أساسية‬
‫(‪((3‬‬
‫يف جمال معاجلة البيانات‪ ،‬هي‪:‬‬
‫المسؤولية‪ :‬من أجل ضامن ثقة اجلمهور‪ ،‬جيب أن تكون احلكومات مسؤولة عن‬
‫القرارات التي تعتمد عىل البيانات أو التي تتخذها اخلوارزميات‪ .‬ومن منظور واسع‬
‫للمسؤولية‪ ،‬هو أن هذا املبدأ له معنى‪ :‬تعترب املنظمة مسؤولة (قانوني ًًا)‪ ،‬عن القرارات‬
‫التي يتخذها أفرادها أو اخلوارزميات أو الذكاء االصطناعي‪ ،‬ومن الناحية العملية‪،‬‬
‫تؤثر االعتبارات األخالقية بشكل مفيد عىل إدارة مشاريع البيانات‪ ،‬بحيث يمكن‬
‫تعليق املرشوع أو مراجعته أو منع حدوثه أو إهناؤه ألسباب أخالقية‪ ،‬أما العنرص‬
‫الثالث للمساءلة هو املساءلة الالحقة‪.‬‬
‫الخصوصية‪ :‬كمبدأ أخالقي ختتلف عن اخلصوصية كالتزام قانوين‪ ،‬حيث عاد ًًة تشري‬
‫اخلصوصية إىل كيفية مجع البيانات وختزينها واستخدامها ومشاركتها؛ بطريقة حتافظ‬
‫عىل خصوصية األفراد الذين تم مجع البيانات عنهم‪ ،‬بام يتوافق مع توقعاهتم بشأن‬
‫اخلصوصية‪ ،‬حيث أن االلتزامات القانونية هي جمرد خط األساس الذي جيب عىل‬
‫املنظامت من خالله النظر يف السؤال األكرب‪ :‬كيف ينبغي لنا مجع وختزين واستخدام‬
‫أنواع خمتلفة من البيانات بطريقة أخالقية‪ ،‬فهناك عدد من عنارص اخلصوصية ذات‬
‫الصلة بشكل خاص بأخالقيات البيانات مثل‪:‬‬

‫(‪ ((3‬االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ ‪https://www.datatopolicy.org/considerations/data-ethics :2023/12/21‬‬


‫(‪ ((3‬االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ ‪/https://loti.london/about/approach :2023/12/21‬‬

‫‪281‬‬
‫الموافقة‪ :‬من أجل ضامن احلفاظ عىل اخلصوصية‪ ،‬ال ينبغي استخدام البيانات بطريقة ال‬
‫يوافق عليها صاحب البيانات‪ ،‬ويف حالة عدم احلصول عىل املوافقة‪ ،‬جيب عىل املنظامت‬
‫ضامن مستويات عالية من الشفافية لضامن إمكانية فحص القرار‪.‬‬
‫السيطرة على استخدام البيانات‪ :‬أن يتمتع أصحاب البيانات بمستوى معني من التحكم‬
‫يف كيفية استخدام بياناهتم‪.‬‬
‫حق المواطن في المسح‪ :‬جيب أن يكون للمواطنني احلق يف مسح بياناهتم من قواعد‬
‫البيانات والسجالت املوجودة‪.‬‬
‫حق املواطنني يف تصحيح البيانات‪ :‬إذا كانت إحدى املنظامت حتتفظ ببيانات عن أحد‬
‫املواطنني‪ ،‬فيجب أن يكون ذلك املواطن‪ ،‬قادر ًًا عىل االعرتاض عىل تلك املعلومات‪،‬‬
‫إذا كانت غري دقيقة أو من املحتمل أن تؤدي إىل قرارات ضارة من خالل خوارزمية أو‬
‫وكيل اختاذ القرار التلقائي‪.‬‬
‫الشفافية وقابلية التفسير؛ تشري الشفافية عاد ًًة إىل مستوى االنفتاح والوضوح‪ ،‬فيام يتعلق‬
‫بالقرارات األخالقية‪ ،‬واستخدامات التكنولوجيا داخل املنظمة‪ ،‬وهذا يعني توصيل‬
‫املعلومات الصحيحة بشكل ف ََّعال‪ ،‬والتأكد من أن املعلومات متاحة لآلخرين للوصول‬
‫إليها‪ .‬يمكن أن تشمل أنواع املعلومات أنواع البيانات والتكنولوجيا (مثل كود املصدر)‬
‫والعمليات اجلارية داخل املؤسسات‪.‬‬
‫أما قابلية التفسري فتتعلق بالتأكد من أن القرارات التي يتم اختاذها بنا ًًء عىل البيانات‪،‬‬
‫تكون مفهومة بالطريقة الصحيحة‪ ،‬حيث وصفتها مبادئ الذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫التابعة ملنظمة التعاون االقتصادي والتنمية‪ ،‬بأهنا «متَّكَني األشخاص املتأثرين بنتائج‬
‫نظام الذكاء االصطناعي‪ ،‬من فهم كيفية التوصل إليها”‪ ،‬أي القدرة عىل رشح كيفية‬
‫التوصل إىل قرار باستخدام البيانات‪ ،‬بام يف ذلك القرارات اآللية‪ ،‬باإلضافة إىل أي قرار‬
‫آخر غري قائم عىل البيانات‪ ،‬ويف حدود الشفافية‪ ،‬هناك أيض ًًا تعارض حمتمل مع مبدأ‬
‫اخلصوصية‪ .‬بشكل عام‪ ،‬بحيث ال ينبغي أن ختضع املعلومات احلساسة والشخصية‬
‫ملبدأ الشفافية بنفس الطريقة التي ختضع هبا أنواع البيانات األخرى‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫العدالة وعدم التمي ََّيز‪ :‬أحد املبادئ التي ينتهكها مجع البيانات وختزينها واستخدامها‪ ،‬هو‬
‫العدالة وعدم التمي ََّيز‪ ،‬قد يؤدي التح ََّيز إىل التمييز‪ ،‬والنتائج غري العادلة من استخدام‬
‫البيانات‪ ،‬إذا مل يتم تصميمها ونرشها بالطريقة الصحيحة‪ ،‬لذا جيب معاملة أصحاب‬
‫البيانات بنفس الطريقة بغض النظر عن خلفيتهم‪ ،‬وجيب أن تكون العدالة وعدم‬
‫التمييز‪ ،‬قيمة‪ ،‬تسعى إليها احلكومات التي حتاول حتسني حياة مواطنيها‪.‬‬
‫السالمة واألمن‪ :‬التزام املؤسسة بضامن إدارة املخاطر واألرضار الكبرية املحتملة‪ ،‬النامجة‬
‫عن أنواع خمتلفة من استخدامات البيانات‪ ،‬بشكل ف ََّعال من قبل املؤسسات لضامن عدم‬
‫حدوثها‪ ،‬فالسالمة تعني يف األساس‪ :‬جتنب إحلاق الرضر باستخدام البيانات‪ ،‬أما‬
‫األمن فهو‪ :‬القدرة عىل مقاومة اهلجامت اخلارجية‪ ،‬التي قد هتدد البيانات اخلاصة أو‬
‫تكشف اخلوارزميات احلساسة‪ ،‬التي قد تؤدي بدورها إىل آثار ضارة عىل املواطنني‪.‬‬
‫المسؤولية المهنية‪ :‬هي مسؤولية األفراد أو الفرق التي تدير مشاريع البيانات‪ ،‬إىل‬
‫جانب إنشاء معايري عالية لكيفية إدارة األفراد أو الفرق ملشاريع البيانات بشكل‬
‫أخالقي‪ ،‬فإن حتمل املسؤوليات هبذا املعنى قد يساعد أيض ًًا يف ترسيخ األخالقيات يف‬
‫ثقافة املنظمة بطريقة أكثر تصاعدية‪ ،‬فمن أهم املسؤوليات التي تقع عىل عاتق املهنيني‬
‫الدقة يف عملهم‪ ،‬وقد يتم فهم الدقة كهدف حمدد لتحقيقه‪ ،‬ولكن قد يكون من املفيد‬
‫(‪((3‬‬
‫اعتبارها التزام ًًا مستمر ًًا‪ ،‬بتصميم مشاريع البيانات التي تكون دقيقة قدر اإلمكان‪.‬‬
‫ًاً‬
‫سادس ‪ -‬الثقة الرقمية‪ :‬الثقة هي أساس عالقاتنا يف املجتمع الرقمي‪ ،‬ومعاجلة اخلصوصية‬
‫هي التوازن القائم بني الرشكات واألشخاص‪ .‬ويزعمون أن املشكلة تكمن يف أننا ال‬
‫نفهم اخلصوصية باعتبارها مسألة ثقة‪ ،‬بل باعتبارها مسألة محاية وامتثال وعبء إداري‬
‫فقط‪ .‬بدًالً من أن نكون «متشائمني بشأن اخلصوصية»‪ ،‬جيب أن نكون «متفائلني بشأن‬
‫اخلصوصية» وأن ننظر إىل اخلصوصية كوسيلة لبناء الثقة‪ ،‬وإن الطريقة التي نتعامل‬
‫هبا مع البيانات الشخصية واخلصوصية‪ ،‬هي مؤرش أسايس للثقة‪ .‬الثقة رشط أسايس‬
‫(‪((3‬‬
‫إلقامة عالقة رقمية‪.‬‬
‫(‪ .Data Ethics Principles: Guidance for Boroughs ((3‬االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ ‪https://docs.google.com/ :2023/12/21‬‬
‫‪document/d/1G5lgeAx0yR7Xj3ylivGyWTOVupYyOr8rn3cPMg8Higg/edit#heading=h.tldfvvxo8ul1‬‬
‫‪(39) Gry Hasselbalch & Pernille Tranberg.DATA ETHICS - THE NEW COMPETITIVE ADVANTAGE. 1. edition, 2016. ISBN print: 978-‬‬
‫‪87-7192-017-8، P.58.‬‬

‫‪283‬‬
‫‪ -‬أخالقيات البيانات تسهل الثقة‪ :‬يف عرص البيانات اليوم‪ ،‬نعمل عىل إنشاء نظام ثقة‬
‫جديد إلدارة خماطر البيئة املشبعة بالبيانات‪ ،‬فقد تم تضمني املتطلبات اجلديدة املتعلقة‬
‫بمعاملة الرشكات للبيانات الشخصية يف القوانني‪ ،‬كام تم إنشاء معايري أخالقية عاملية‪،‬‬
‫كام بدأت تظهر أنظمة التحقق للعمالء‪ ،‬وتستجيب الرشكات املتطورة بالفعل هلذه‬
‫املفاوضات العاملية‪ ،‬اجلارية بشأن املعايري واألدوار واحلقوق واملسؤوليات‪ ،‬إهنم يبنون‬
‫(‪((4‬‬
‫الثقة الرقمية لعمالئهم‪.‬‬
‫ًاً‬
‫سابع ‪ -‬مبادئ االستخدام األخالقي لبيانات العمالء في االقتصاد الرقمي‪:‬‬
‫املبدأ األول‪ :‬احرتام الفاعلية البرشية‪ :‬جيب عىل املؤسسات املالية أن حترتم قدرة البرش‬
‫عىل اختاذ خياراهتم احلرة‪ :‬وهذا يعني أنه ال جيوز للمؤسسات املالية تضليل العمالء أو‬
‫التالعب هبم للعمل ضد مصاحلهم اخلاصة‪ ،‬أو تقييد وصول العمالء إىل املعلومات‬
‫بشكل غري مالئم‪.‬‬
‫ما مل تكن هناك مصلحة عامة طاغية لعدم القيام بذلك‪ ،‬جيب أن يكون العمالء قادرين‬
‫عىل معرفة أو التحقق من متى يتعاملون مع الذكاء االصطناعي أو القرارات اآللية‪،‬‬
‫وجيب أن يكون هناك مستوى مناسب من السيطرة البرشية عىل هذه األنظمة‪ ،‬بام يف‬
‫ذلك وسيلة مناسبة للعمالء لالعرتاض عىل القرارات اآللية اهلامة‪.‬‬
‫املبدأ الثاين‪ :‬ضامن املساواة والعدالة‪ :‬جيب عىل املؤسسات املالية أن تعامل عمالئها بشكل‬
‫عادل وحترتم حقوقهم األساسية‪ :‬حتديد وتقييم خماطر التحيز غري العادل والتمييز الذي‬
‫يمكن أن حيدث من خالل البيانات نفسها أو من خالل التحيز البرشي داخل القوى‬
‫العاملة التي تربمج خوارزمية‪ .‬يتضمن تقليل املخاطر إزالة أي خصائص شخصية ال‬
‫يمكن تربير استخدامها بشكل موضوعي‪ ،‬مع إيالء اهتامم خاص للخصائص املحمية‬
‫مثل اجلنس أو العرق‪.‬‬
‫املبدأ الثالث‪ :‬توفري الشفافية‪ :‬جيب عىل املؤسسات املالية معاجلة نتائج البيانات ضمن‬
‫حدود «الصندوق الزجاجي»‪ :‬ستدعم الشفافية وضوح البيانات وإمكانية تفسريها‬
‫‪(40) Gry Hasselbalch & Pernille Tranberg.DATA ETHICS - THE NEW COMPETITIVE ADVANTAGE. 1. edition, 2016. ISBN print: 978-‬‬
‫‪87-7192-017-8،p.55‬‬

‫‪284‬‬
‫والتحقق منها وأي إجراءات يتم اختاذها عىل أساس البيانات‪ .‬جيب أن تكون الرشكات‬
‫قادرة عىل فهم القرارات التي تتخذها وأن تكون قادرة عىل رشح هذه القرارات‬
‫للعمالء واملدققني واجلهات التنظيمية بطريقة مناسبة‪ ،‬عندما يكون من الصعب رشح‬
‫كيفية التوصل إىل القرار بالضبط‪ ،‬جيب عىل الرشكات أن تسعى إىل تقليل خماطر النتائج‬
‫غري العادلة أو غري املتوقعة‪ .‬يمكن أن يشكل االختبار الصارم والشامل‪ ،‬للتأكد من أن‬
‫أساًسا للثقة ستساعد الشفافية مع العميل عىل تعزيز‬
‫اخلوارزمية تعمل كام هو مفرتض‪ً ،‬‬
‫املعرفة بالبيانات واملساعدة يف خلق ثقافة الثقة‪.‬‬
‫املبدأ الرابع‪ :‬رعاية النهج عىل مستوى املنظمة‪ :‬جيب عىل املؤسسات املالية دفع أخالقيات‬
‫البيانات من األعىل والتأكد من اعتامدها عرب وظائف األعامل من خالل دجمها يف أطر‬
‫احلوكمة احلالية اخلاصة هبا بموجب نظام سلوك اخلدمات املالية‪.‬‬
‫املبدأ اخلامس‪ :‬إرساء املساءلة‪ :‬حتتاج املؤسسات املالية إىل إنشاء تسلسل قيادي بشأن‬
‫أخالقيات البيانات‪ ،‬مع مبادئ واضحة للمساءلة‪ :‬حتديد املساءلة والتأكد من فهمها‬
‫واالتفاق عليها من قبل مجيع األطراف عرب سلسلة التوريد‪ .‬سيساعد هذا يف حل أي‬
‫غموض‪ ،‬بام يف ذلك ما يتعلق باملسؤولية‪ ،‬يف حالة ظهور أي مشكالت أو انتهاكات‬
‫أخالقية‪ .‬وينبغي تطبيق نفس املبادئ واحلوكمة واملساءلة عىل األطراف الثالثة كام يتم‬
‫(‪((4‬‬
‫تطبيقها داخل ًًيا‪.‬‬
‫ًاً‬
‫ثامن ‪ -‬مبادئ أخالقيات البيانات الفيدرالية األمريكية‪:‬‬
‫تساعد مبادئ أخالقيات البيانات الفيدرالية‪ ،‬مستخدمي البيانات الفيدرالية عىل اختاذ‬
‫القرارات بشكل أخالقي‪ ،‬وتعزيز املساءلة يف مجيع أنحاء دورة حياة البيانات‪ ،‬حيث‬
‫يتم احلصول عىل البيانات ومعاجلتها ونرشها واستخدامها وختزينها والتخلص منها‪.‬‬
‫بغض النظر عن نوع البيانات أو استخدامها‪ ،‬جيب أن يكون لدى العاملني مع البيانات‬
‫يف القطاع العام‪ ،‬فهم أسايس ملبادئ أخالقيات البيانات‪ .‬وجيب عىل القادة الفيدراليني‬
‫أيض ًًا‪ ،‬تعزيز ثقافة تعتمد عىل أخالقيات البيانات والقيادة بالقدوة‪ ،‬ومبادئ أخالقيات‬
‫(‪ ((4‬مبادئ االستخدام األخالقي لبيانات العمالء يف االقتصاد الرقمي‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪https:// ،2023/12/25‬‬
‫‪www.ukfinance.org.uk/policy-and-guidance/reports-publications/ethical-use-customer-data-digital-economy‬‬

‫‪285‬‬
‫البيانات هي‪:‬‬
‫‪ -1‬االلتزام بالقوانني واللوائح واملامرسات املهنية واملعايري األخالقية املعمول هبا‪.‬‬
‫تعكس القوانني احلالية األخالقيات وتعززها‪ .‬ولذلك‪ ،‬جيب عىل قادة البيانات‬
‫ومستخدمي البيانات االلتزام بجميع السلطات القانونية املعمول هبا‪ .‬ويتم تشجيع قادة‬
‫املنظامت عىل احلفاظ عىل معايري أخالقية حمدثة وشاملة فيام يتعلق باستخدام البيانات‬
‫ويكون املوظفون مسؤولني عن التعلم وتطبيق إرشادات الوكالة بشكل مناسب‪.‬‬
‫‪ -2‬احرتام اجلمهور واألفراد واملجتمعات‪ ،‬حيث هتدف أنشطة البيانات إىل حتقيق‬
‫هدف شامل‪ ،‬يتمثل يف إفادة الصالح العام‪.‬‬
‫‪ -3‬احرتام اخلصوصية والرسية‪ .‬جيب ً‬
‫دائًام محاية اخلصوصية والرسية‪ ،‬بطريقة حترتم‬
‫كرامة وحقوق وحرية أصحاب البيانات‪ ،‬ويف هذا السياق‪ ،‬اخلصوصية هي حالة التحرر‬
‫من التدخل غري املربر يف اخلصوصية التي هي احلياة اخلاصة لألفراد‪ ،‬والرسية هي حالة‬
‫خلو املعلومات اخلاصة بالفرد من الوصول غري املناسب وإساءة االستخدام‪ ،‬حيث‬
‫أن أحد األهداف األساسية حلامية اخلصوصية والرسية‪ ،‬هو تقليل العواقب السلبية‬
‫املحتملة‪ ،‬من خالل التدابري مثل التقييامت الشاملة للمخاطر‪ ،‬وجتنب اإلفصاح‪ ،‬ودعم‬
‫معايري إدارة البيانات‪ ،‬حيث جيب أن تتوافق أنشطة البيانات التي تتضمن اخلصوصية‬
‫الفردية مع مبادئ ممارسات املعلومات العادلة (‪.)FIPPs‬‬
‫‪-4‬الترصف بالصدق والنزاهة والتواضع‪ ،‬حيث ُُيتوقع من مجيع القادة الفيدراليني‬
‫ومستخدمي البيانات‪ ،‬إظهار الصدق والنزاهة يف عملهم مع البيانات‪ ،‬بغض النظر‬
‫عن املسمى الوظيفي أو الدور أو مسؤوليات البيانات‪ ،‬كام جيب عىل القادة الفيدراليني‬
‫ومستخدمي البيانات‪ ،‬عدم القيام بسلوكيات البيانات غري األخالقية أو التغايض‬
‫عنها‪ ،‬فعند مشاركة البيانات والنتائج‪ ،‬جيب عىل املوظفني‪ ،‬اإلبالغ عن املعلومات بدقة‬
‫وتقديم أي قيود عىل البيانات‪ ،‬والتح ََّيزات املعروفة‪ ،‬وطرق التحليل املطبقة‪ ،‬كام جيب‬
‫أيض ًًا إدراك أنه ال توجد جمموعة بيانات يمكنها أن متثل مجيع جوانب شخص أو جمتمع‬
‫أو قضية بشكل كامل‪ ،‬ومن املتوقع أن يتحىل القادة الفيدراليون ومستخدمو البيانات‪،‬‬
‫بالتواضع عند تقديم البيانات‪ ،‬وأن يكونوا منفتحني عىل التعليقات‪ ،‬وأن يدعوا إىل‬

‫‪286‬‬
‫املناقشة مع اجلمهور عندما يكون ذلك ممكن ًًا‪.‬‬
‫‪ -5‬حماسبة النفس واآلخرين‪ ،‬تتطلب املساءلة أن يكون أي شخص حيصل عىل البيانات‬
‫أو يديرها أو يستخدمها عىل دراية بأصحاب املصلحة؛ وأن يكون مسؤوًالً جتاههم‪،‬‬
‫حسب االقتضاء‪ .‬يشمل البقاء حتت املساءلة التعامل املسؤول مع املعلومات الرسية‬
‫واملراقبة‪ ،‬ودعم اتفاقيات استخدام البيانات املربمة مع موفري البيانات‪ ،‬وتقليل مجع‬
‫البيانات‪ ،‬وإبالغ األفراد واملنظامت باالستخدامات املحتملة لبياناهتم‪ ،‬والسامح للعامة‬
‫بالوصول إىل البيانات والنتائج‪ ،‬وتعديلها‪ ،‬حيثام كان ذلك مناسب ًًا‪.‬‬
‫‪ -6‬تعزيز الشفافية‪ :‬يتطلب تعزيز الشفافية إرشاك أصحاب املصلحة من خالل قنوات‬
‫التعليقات التي يسهل الوصول إليها‪ ،‬وتوفري التحديثات يف الوقت املناسب‪ ،‬حول‬
‫التقدم املحرز ونتائج استخدام البيانات‪.‬‬
‫‪-7‬البقاء عىل اطالع بالتطورات يف جماالت إدارة البيانات وعلوم البيانات‪ ،‬حيث توفر‬
‫التكنولوجيات املتقدمة فائدة عظيمة للقطاع العام‪ ،‬ولكن ينبغي نرشها مع االلتزام‬
‫باملساءلة وختفيف املخاطر‪ ،‬يف حني أن استخدام البيانات التقليدية وحتليلها‪ ،‬يمكن‬
‫أن يؤدي إىل التحيز‪ ،‬فإن األنظمة والتقنيات الناشئة تتطلب وعي ًًا ورقابة إضافيني‪،‬‬
‫ألهنا يمكن أن تزيد من فرص التح ََّيز‪ ،‬خاصة وأن األساليب املتقدمة تؤثر عىل مجع‬
‫البيانات وإدارهتا واستخدامها يف املستقبل‪ ،‬باإلضافة إىل ظهور ابتكارات جديدة يف‬
‫البيانات (مثل األنظمة واحللول واألساليب احلسابية) كل يوم‪ ،‬مما يزيد من أمهية القادة‬
‫الفيدراليني واملوظفني‪ ،‬الذين يعملون مع البيانات ملواكبة ابتكارات السوق‪ ،‬ومعرفة‬
‫(‪((4‬‬
‫كيفية استخدام األساليب اجلديدة بشكل أخالقي‪.‬‬
‫إن البقاء رائد ًًا يف أخالقيات البيانات‪ ،‬يتطلب من األفراد والوكاالت واملجتمعات‬
‫املشرتكة‪ ،‬االعرتاف بأن االمتثال القانوين‪ ،‬ال يضمن السلوك األخالقي‪ .‬ولذلك‪ ،‬جيب‬
‫عىل القادة الفيدراليني ومستخدمي البيانات‪ ،‬تبني ثقافة املناقشة املستمرة واملشاركة‬
‫والتعلم‪ ،‬وبدًالً من النظر إىل القضايا من منظور واحد‪ ،‬فإن أفضل طريقة لتحقيق اختاذ‬

‫(‪ ((4‬اسرتاتيجية البيانات الفيدرالية (إطار أخالقيات البيانات)‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪https://resources. ،2023/12/25‬‬
‫‪data.gov/assets/documents/fds-data-ethics-framework‬‬

‫‪287‬‬
‫القرار األخالقي‪ ،‬هي اتباع هنج شمويل وتوسيع السياق لتقييم األثر األكرب الستخدام‬
‫(‪((4‬‬
‫البيانات‪.‬‬
‫‪ -‬الحاالت االستثنائية التي تعتبر فيها مشاركة البيانات غير أخالقية‪:‬‬
‫•عندما تتعارض مشاركة البيانات مع رضورة محاية اهلويات الشخصية‪.‬‬
‫•عندما ال يكون لديك ملكية البيانات‪.‬‬
‫•عندما تكون البيانات حساسة جتاري ًا أو حممية بموجب قوانني املنافسة أو تنظيم‬
‫السوق‪.‬‬
‫•عندما يشكل إصدار البيانات خطر ًا أمني ًا‪.‬‬
‫(‪((4‬‬
‫•عندما تكون قيد النظر يف أي إجراءات قانونية‪.‬‬
‫ويرى الباحث أنه ينبغي كذلك التنبه ألخالقيات مشاركة البيانات بني احلامية والعمومية‬
‫وليس فقط اخلصوصية‪ ،‬والتي تتم من خالل محالت الرتويج لعمل أو تصنيف مؤسسة‬
‫ما‪ ،‬وذلك بالكشف عن البيانات االحتيالية حتت اخلصوصية التفاضلية‪ ،‬ويف هذا املجال‬
‫أشري إىل فوز الطالب شهيل يوسف‪ ،‬من كلية العلوم واهلندسة يف جامعة محد بن خليفة‬
‫بجائزة من جوائز النسخة الرابعة من ورشة العمل حول الربجمة اللغوية العصبية حلرية‬
‫اإلنرتنت ‪ 2019‬والطرق التجريبية للمعاجلة الطبيعية للغات‪ ،‬التي ُُع ِِقدت يف هونج‬
‫كونج‪ ،‬حيث ساهم يف تطوير أفضل األنظمة يف الكشف عن احلمالت الدعائية بالغة‬
‫(‪((4‬‬
‫الدقة القائمة عىل الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫كام يرى الباحث أن عىل األطراف املشاركة يف مشاركة البيانات‪ ،‬عدم االكتفاء بااللتزام‬
‫بسياسات أمن املعلومات أو االلتزام باملتطلبات التنظيمية والترشيعات ذات العالقة يف‬
‫معاجلة البيانات‪ ،‬بل كذلك أن تقوم بتطبيق املامرسات األخالقية‪ ،‬أثناء عملية مشاركة‬
‫البيانات‪ ،‬لضامن استخدامها يف إطار من العدالة والنزاهة واألمانة واالحرتام‪ ،‬وينبغي‬
‫(‪ ((4‬اسرتاتيجية البيانات الفيدرالية (إطار أخالقيات البيانات)‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪https://resources. ،2023/12/25‬‬
‫‪data.gov/assets/documents/fds-data-ethics-framework‬‬
‫‪2023https://authorservices.taylorandfrancis.com/data-sharing/data-sharing-/12/20‬‬ ‫(‪ ((4‬االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ‬
‫‪/ethics‬‬
‫(‪ ((4‬موقع كلية العلوم واهلندسة يف جامعة محد بن خليفة‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪https://www.hbku.edu. 2023/12/16‬‬
‫‪qa/ar/news/cse-propaganda-detection‬‬

‫‪288‬‬
‫عىل األطراف طالبة املعلومات‪ ،‬االلتزام هبذه املبادئ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حوكمة البيانات‪:‬‬


‫ًالً‬
‫أو ‪ -‬التعاريف‪:‬‬
‫حوكمة البيانات‪« :‬أهنا ممارسة السلطة والسيطرة وصنع القرار املشرتك (التخطيط‬
‫(‪((4‬‬
‫واملراقبة والتنفيذ) عىل إدارة أصول البيانات»‪.‬‬
‫حوكمة البيانات‪« :‬هي جمموعة من املامرسات واإلجراءات‪ ،‬التي تساعد عىل ضامن‬
‫إدارة أصول البيانات‪ ،‬بد ًًء من وضع اخلطة املعن ََّية بالبيانات‪ ،‬وتطوير الضوابط‬
‫والسياسات حتى التنفيذ واالمتثال‪ ،‬ويتم حتقيق ذلك من خالل إطار حوكمي‪ ،‬يوضح‬
‫األدوار واملسؤوليات بني ذوي العالقة»‪.‬‬
‫(‪((4‬‬

‫تعريف الحوكمة والمخاطر واالمتثال (‪ :)GRC‬هي طريقة ُُمهيكلة‪ ،‬الغرض منها‬


‫هو توفيق تكنولوجيا املعلومات مع أهداف العمل‪ ،‬ويف الوقت نفسه إدارة املخاطر‪،‬‬
‫واستيفاء متطلبات مجيع اللوائح‪ ،‬وهذه الطريقة تشتمل عىل أدوات وعمليات‪ ،‬هتدف‬
‫إىل توحيد احلوكمة يف املنظمة وإدارة املخاطر فيها‪ ،‬من خالل ابتكاراهتا التكنولوجية‬
‫واعتامدها‪ ،‬وتستخدم الرشكات نموذج احلوكمة واملخاطر واالمتثال (‪)GRC‬‬
‫لتحقيق األهداف التنظيمية بطريقة موثوقة‪ ،‬وإزالة أوجه عدم اليقني‪ ،‬وتلبية متطلبات‬
‫(‪((4‬‬
‫االمتثال‪.‬‬
‫ُ‬
‫وُت ََّعرف الحوكمة‪ :‬بأهنا «جمموعة السياسات أو القواعد أو األطر‪ ،‬التي تستخدمها‬
‫الرشكة لتحقيق أهداف أعامهلا‪ ،‬فتحدد مسؤوليات أصحاب املصلحة الرئيسيني‪ ،‬مثل‬
‫جملس اإلدارة واإلدارة العليا»‪ .‬عىل سبيل املثال‪ ،‬تقّدّ م حوكمة الرشكة الرشيدة الدعم‬
‫(‪((4‬‬
‫لفريقك عن طريق تضمني سياسة املسؤولية االجتامعية للرشكة يف خططها‪.‬‬
‫(‪ ((4‬املرجع نفسه‪ ،‬كتاب (‪.)DMBOK V2‬‬
‫‪ ،1.5‬يناير‪،2021‬‬‫(‪ ((4‬مكتب إدارة البيانات الوطنية‪ ،‬ضوابط ومواصفات إدارة البيانات الوطنية وحوكمتها ومحاية البيانات الشخصية‪ ،‬اإلصدار‬
‫ص‪ ،10‬اململكة العربية السعودية‪.‬‬
‫(‪ ((4‬منظمة االلتزام املفتوح وجمموعة األخالق‪ ،‬ما هي ‪( GRC‬احلوكمة واملخاطر واالمتثال)‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية‬
‫‪/https://aws.amazon.com/ar/what-is/grc :2023/12/19‬‬
‫(‪ ((4‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫وتشمل احلوكمة الرشيدة ما ييل‪ :‬األخالق واملساءلة‪ ،‬شفافية تبادل املعلومات‪،‬‬
‫سياسات حل النزاعات‪ ،‬إدارة املوارد‪.‬‬
‫إدارة المخاطر‪ :‬تواجه الرشكات خُمخ تلف أنواع املخاطر‪ ،‬بام يشمل املخاطر املالية‬
‫والقانونية واإلسرتاتيجية واألمنية‪ّ ،‬‬
‫وإّن اإلدارة السليمة للمخاطر‪ ،‬تساعد الرشكات‬
‫عىل حتديد هذه املخاطر وإجياد طرق ملعاجلتها‪ ،‬وتستخدم الرشكات برنامج إدارة‬
‫املخاطر‪ ،‬للتنبؤ باملشاكل املحتملة‪ ،‬وتقليل اخلسائر‪ .‬عىل سبيل املثال‪ ،‬يمكنك استخدام‬
‫(‪((5‬‬
‫تقييم املخاطر‪ ،‬للعثور عىل ثغرات أمنية يف نظام الكمبيوتر اخلاص بك وإصالحها‪.‬‬
‫و ُُيعرف االمتثال‪“ :‬االمتثال هو فعل تطبيق القواعد والقوانني واللوائح‪ .‬وهو ينطبق‬
‫عىل املتطلبات القانونية والتنظيمية التي تضعها اهليئات الصناعية‪ ،‬وكذلك عىل‬
‫سياسات الرشكة الداخلية”‪ .‬ويف نموذج ‪ ،GRC‬يشمل االمتثال تنفيذ اإلجراءات‪،‬‬
‫لضامن امتثال األنشطة التجارية للوائح ذات الصلة‪ .‬عىل سبيل املثال‪ :‬امتثال مؤسسات‬
‫الرعاية الصحية لقوانني حتمي خصوصية املرىض‪ ،‬مثل قانون إخضاع التأمني الصحي‬
‫(‪((5‬‬
‫لقابلية النقل واملساءلة (‪.)HIPAA‬‬
‫وهيدف مراقبة االمتثال‪ ،‬إىل قياس مدى التزام اجلهات احلكومية واخلاصة كمزود‬
‫باملعلومات‪ ،‬بتطبيق ضوابط إدارة البيانات وحوكمتها بام يتوافق مع األنظمة‬
‫والترشيعات من جهة‪ ،‬و كذلك امتثال اجلهات متلقية املعلومات‪.‬‬
‫لكن ما هو أبعد من االمتثال‪« :‬اخلطوة التالية الوحيدة للرشكات‪ ،‬هي االنتقال من‬
‫عقلية املسؤولية واالمتثال‪ ،‬إىل هنج أكثر أخالقية‪ ،‬حيث يفعل الناس األشياء ألهنا‬
‫تتوافق مع قيمهم «أنا ال أفعل هذا لوضع عالمة يف املربع؛ أنا أفعل هذا ألنني أعتقد أن‬
‫(‪((5‬‬
‫هذا صحيح»‪.‬‬

‫(‪ ((5‬منظمة االلتزام املفتوح وجمموعة األخالق‪ ،‬ما هي ‪( GRC‬احلوكمة واملخاطر واالمتثال)‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية‬
‫‪/https://aws.amazon.com/ar/what-is/grc :2023/12/19‬‬
‫(‪ ((5‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪(52) Gry Hasselbalch & Pernille Tranberg.DATA ETHICS - THE NEW COMPETITIVE ADVANTAGE. 1. edition, 2016. ISBN print: 978-‬‬
‫‪87-7192-017-8 p.119‬‬

‫‪290‬‬
‫ًاً‬
‫ثاني ‪ -‬االلتزام بمعايير الحوكمة وإدارة المخاطر واالمتثال لدى مشاركة البيانات‪:‬‬
‫إن االلتزام بمعايري احلوكمة وإدارة املخاطر واالمتثال بمشاركة البيانات‪ ،‬يمّكّن‬
‫أي منظمة من حتقيق األداء املنضبط‪ ،‬ضمن حدود القوانني واألعراف االجتامعية‪،‬‬
‫واألحوال غري املؤكدة حول املكاسب واملخاطر املحتملة‪ ،‬بحيث يتقن حمرتيف احلوكمة‬
‫واملخاطر واالمتثال‪ ،‬معنى األداء املنضبط واملوثوق ََّية يف حتقيق األهداف‪ ،‬والتعامل‬
‫مع األحوال غري املؤكدة بنزاهة‪ ،‬وبالتايل ال يمكننا فصل إدارة املخاطر واالمتثال‬
‫والسلوكيات األخالقية عن أنشطة السعي نحو األهداف‪ ،‬فكل اجلوانب ينبغي‬
‫أن تكون موائمة وتعمل من خالل قدرات متكاملة متام ًًا‪ ،‬للحوكمة وإدارة املخاطر‬
‫واالمتثال‪.‬‬
‫لجهة التحكم في إطار الحوكمة‪ ،‬الحصول على موافقة صاحب البيانات على معالجة‬
‫بياناته‪ ،‬على أن يشترط في الموافقة ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن تصدر املوافقة بإرادة حرة‪ ،‬وأال تستخدم أي طرق مضللة يف سبيل احلصول‬
‫عليها‪ ،‬وأن يكون احلصول عىل املوافقة‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن تكون أغراض املعاجلة واضحة وحمددة‪ ،‬وأن توضح وتبنّين تلك األغراض إىل‬
‫صاحب البيانات الشخصية عند أو قبل طلب املوافقة‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن تصدر من كامل األهلية‪.‬‬
‫د‪ -‬أن تو ّّثق املوافقة بوسائل تتيح التحقق منها مستقبال‪ ،‬ومن ذلك االحتفاظ بسجالت‬
‫تتضمن موافقة أصحاب البيانات الشخصية عىل عمليات املعاجلة مع بيان وقت‬
‫ووسيلة املوافقة‪.‬‬
‫هـ‪ -‬أن تكون هناك موافقة مستقلة لكل غرض من أغراض املعاجلة‪.‬‬
‫و يشترط أن تكون موافقة صاحب البيانات الشخصية صريحة في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ .‬يف حال تضمنت املعاجلة بيانات حساسة‪.‬‬
‫ب‪ .‬يف حال تضمنت املعاجلة بيانات ائتامنية‪.‬‬
‫ت‪ .‬يف حال كان سيتم اختاذ قرارات مبنية بشكل كامل عىل املعاجلة اآللية للبيانات‬

‫‪291‬‬
‫الشخصية‪.‬‬ ‫(‪((5‬‬

‫وفيام عدا األحوال التي تكون فيها جهة التحكم جهة عامة‪ ،‬جلهة التحكم معاجلة‬
‫البيانات الشخصية لتحقيق مصلحة مرشوعة عىل أن يتوفر فيها ما ييل‪:‬‬
‫أ‪ -‬أال يكون الغرض خمالف ألي من األنظمة يف اململكة‪.‬‬
‫ب‪ -‬املوازنة بني حقوق ومصالح صاحب البيانات الشخصية‪ ،‬واملصلحة املرشوعة‬
‫جلهة التحكم‪ ،‬بحيث ال تؤثر مصالح جهة التحكم عىل حقوق ومصالح صاحب‬
‫البيانات الشخصية‪.‬‬
‫ج‪ -‬أال تتضمن املعاجلة بيانات حساسة‪.‬‬
‫د‪ -‬أن تكون املعاجلة ضمن التوقعات املعقولة لصاحب البيانات الشخصية‪.‬‬
‫‪ - 2‬يعد من املصالح املرشوعة‪ ،‬كشف عمليات االحتيال‪ ،‬ومحاية أمن الشبكة‬
‫واملعلومات‪ ،‬وغري ذلك من املصالح املرشوعة‪ ،‬التي يتحقق فيها ما ورد يف الفقرة ‪1‬‬
‫من هذه املادة‪.‬‬
‫‪ - 3‬عىل جهة التحكم قبل معاجلة البيانات الشخصية ملصلحة مرشوعة؛ إجراء‬
‫وتوثيق وتقويم‪ ،‬للمعاجلة املقرتحة وأثرها عىل حقوق ومصالح أصحاب البيانات‬
‫الشخصية‪.‬‬ ‫(‪((5‬‬

‫‪ -‬عىل اجلهة العامة عند مجعها للبيانات الشخصية من غري صاحبها مبارشة أو معاجلتها‬
‫لغرض آخر غري الذي مجعت من أجله أو طلب اإلفصاح عنها لتحقيق مصلحة عامة‬
‫االلتزام بام ييل‪:‬‬
‫‪ )1‬التأكد من أن ذلك يعد رضوري‪ ،‬لتحقيق مصلحة عامة حمددة بشكل واضح‪.‬‬
‫‪ )2‬أن تتصل املصلحة العامة باالختصاص املقررة هلا‪.‬‬
‫‪ )3‬اختاذ الوسائل املناسبة للحد من األرضار التي قد تنتج عن ذلك‪ ،‬بام يف ذلك وضع‬
‫الضوابط اإلدارية والتقنية الالزمة‪.‬‬
‫(‪((5‬‬
‫‪ )4‬تضمني تلك العمليات يف سجالت أنشطة معاجلة البيانات الشخصية‪.‬‬
‫(‪ ((5‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي‪ ،‬الالئحة التنفيذية لنظام محاية البيانات الشخصية‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫(‪ ((5‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي‪ ،‬الالئحة التنفيذية لنظام محاية البيانات الشخصية‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ ((5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.15‬‬

‫‪292‬‬
‫ًاً‬
‫ثالث ‪ -‬حوكمة معالجة البيانات االئتمانية‪:‬‬
‫البيانات االئتامنية‪« :‬كل بيان شخيص‪ ،‬يتعلق بطلب الفرد احلصول عىل متويل أو حصوله‬
‫عليه‪ ،‬سوا ًًء لغرض شخيص أو عائيل‪ ،‬من جهة متارس التمويل‪ ،‬بام يف ذلك أي بيان‬
‫(‪((5‬‬
‫يتعلق بقدراته عىل احلصول عىل ائتامن أو بقدرته عىل الوفاء به أو بتارخييه االئتامين»‪.‬‬
‫املعلومات االئتامنية واملالية‪« :‬املعلومات والبيانات املتعلقة بااللتزامات املالية ألي‬
‫عميل‪ ،‬ويشمل ذلك معلومات األسامء والعناوين واهلوية‪ ،‬والبيانات املتعلقة بجميع‬
‫مديونياته‪ ،‬وبام يف ذمته من ضامنات‪ ،‬والتسهيالت االئتامنية املمنوحة له‪ ،‬والبيوع‬
‫باألجل املربمة معه‪ ،‬والبيع بالتقسيط‪ ،‬والشيكات املرجتعة‪ ،‬والتأمني‪ ،‬وأي مستحقات‬
‫أخرى عليه‪ ،‬والرشوط والضامنات املتعلقة هبا وآلية تسديدها ومدى التزامه هبا‪ ،‬وكذلك‬
‫املعلومات والبيانات اخلاصة باألحكام والقرارات القضائية الصادرة بحقه فيام يتعلق‬
‫بااللتزامات املالية‪ ،‬ومستحقات اجلهات احلكومية عليه من رضائب ورسوم وإتاوات‬
‫وغرامات‪ ،‬وأي مطالبات أخرى‪ ،‬إضافة إىل املعلومات املتعلقة بودائعه وأرصدته‬
‫ومجيع مصادر دخله‪ ،‬بام يف ذلك معلومات الراتب والوظيفة أو املعاش التقاعدي‪،‬‬
‫(‪((5‬‬
‫واملعلومات املتعلقة بمسامهاته يف مؤسسات أو رشكات جتارية»‪.‬‬
‫خدمات املعلومات االئتامنية واملالية‪« :‬حفظ وحتليل وتنظيم املعلومات االئتامنية‬
‫واملالية‪ ،‬وتقييم جدارة العمالء االئتامنية واملالية‪ ،‬وإعداد تقارير االئتامن بناء عليها‪،‬‬
‫(‪((5‬‬
‫وتزويدها لألعضاء أو العميل صاحب الشأن»‪.‬‬
‫ينبغي عىل جهة التحكم‪ ،‬اختاذ اإلجراءات والوسائل التنظيمية والتقنية والفنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬التي تضمن املحافظة عىل البيانات االئتامنية‪ ،‬من أي استعامل غري مرشوع‪ ،‬أو‬
‫إساءة استخدامها‪ ،‬أو االطالع عليها من غري املرصح هلم‪ ،‬أو استخدامها لغري األغراض‬
‫الذي مُجم عت من أجله‪ ،‬أو ترسهبا‪ ،‬وعليها اختاذ الضوابط واإلجراءات اآلتية‪:‬‬
‫‪ - 1‬ت ََّبني وتطبيق االشرتاطات والضوابط الصادرة من البنك املركزي السعودي‪،‬‬
‫واجلهات األخرى ذوات العالقة‪ ،‬التي تبنَّين مهام ومسؤوليات منسويب املنشآت‪ ،‬التي‬
‫(‪ ((5‬نظام محاية البيانات الشخصية السعودي‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫(‪ ((5‬مرسوم سلطاين رقم ‪ ٢٠١٩ / ٣٨‬بإنشاء مركز عامن للمعلومات االئتامنية واملالية وإصدار نظامه‬
‫(‪ ((5‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫تقدم خدمات املعلومات االئتامنية‪ ،‬ومن تتعاقد معهم من الذين يبارشون عمليات‬
‫معاجلة البيانات االئتامنية‪.‬‬
‫‪ - 2‬تلتزم جهة التحكم باحلصول عىل موافقة صاحب البيانات الشخصية‪ ،‬وإشعاره‬
‫عند وجود أي طلب لإلفصاح عن بياناته االئتامنية‪ ،‬وذلك وفق ما ينص عليه نظام‬
‫(‪((5‬‬
‫املعلومات االئتامنية‪.‬‬
‫وللمحافظة على خصوصية أصحاب البيانات االئتمانية وحماية حقوقهم لدى معالجة‬
‫بياناتهم االئتمانية ينبغي‪:‬‬
‫‪ .‬أاختاذ ما يلزم للتحقق من توافر املوافقة الرصحية من صاحب البيانات الشخصية‬
‫عىل مجع هذه البيانات‪ ،‬أو تغيري الغرض من مجعها أو اإلفصاح عنها أو نرشها وفق‬
‫أحكام النظام ونظام املعلومات االئتامنية‪.‬‬
‫‪.‬بوجوب إشعار صاحب البيانات الشخصية‪ ،‬عند ورود طلب اإلفصاح عن بياناته‬
‫االئتامنية من أي جهة‪.‬‬
‫(‪((6‬‬
‫ًاً‬
‫رابع ‪ -‬حوكمة صحة البيانات المشاركة‪ :‬إن من أهم التحديات األخالقية يف هذا املجال‪،‬‬
‫مدى صحة ودقة البيانات املقدمة من املزودين‪ ،‬ومصادر املعلومات‪ ،‬والتي سوف يبنى‬
‫عليها القرار االئتامين‪ ،‬فهي سيف ذو حدين‪ ،‬فهي سوف تؤدي إما حرمان التمويل‬
‫للمستحق‪ ،‬أو منحه لغري املستحق‪ ،‬لذلك فإن العنرص البرشي يعد احلجر األساس يف‬
‫تعزيز حوكمة صحة البيانات املشاركة‪ ،‬لذلك ينبغي‪:‬‬
‫أوًالً‪ :‬الدقة باختيار األشخاص من ذوي االلتزام األخالقي والعقدي‪ ،‬والعمل عىل‬
‫تأهيلهم يف هذا املجال‪ ،‬وعىل اجلهات أن تضع وتلتزم‪ ،‬بعملية واضحة ملنح موظفيها‬
‫صاحلية الوصول إىل قواعد البيانات‪ ،‬وختصيص األدوار ملوظفي اجلهة‪ ،‬ومنحهم‬
‫صاحلية الوصول بنا ًًء عىل هذه األدوار‪ ،‬وأن حتدد األدوار وفق ًًا لضوابط جمال تصنيف‬
‫البيانات‪.‬‬
‫ثاني ًًا‪ -‬إعالم الشخص املعنوي أو االعتباري (الرشكات) عند وجود أي طلب لإلفصاح‬

‫(‪ ((5‬املرجع نفسه‪ ،‬املادة ‪ ،27‬ص‪.19‬‬


‫(‪ ((6‬نظام محاية البيانات الشخصية السعودي‪ ،‬الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪ )19/‬تاريخ ‪ ،1443‬ص‪ ،10‬املادة ‪.24‬‬

‫‪294‬‬
‫عن بياناته االئتامنية‪ ،‬ومتكينه من اإلطالع عليها قبل تزويد اجلهة طالبة البيانات‪ ،‬وإتاحة‬
‫الفرصة له لالعرتاض عليها‪.‬‬
‫ثالث ًًا‪ -‬التمييز بني نوعني من مشاركة البيانات‪ ،‬األول مشاركة البيانات املفتوحة‪،‬‬
‫ومشاركة البيانات الشخصية ذات احلساسية العالية‪.‬‬
‫ًاً‬
‫رابع ‪ -‬الحصول على البيانات بوسائل مشروعة‪.‬‬
‫خامس ًًا‪ -‬معاجلة البيانات املزيفة‪ ،‬وتقي ََّيم البيانات قيد االستخدام‪ ،‬وإجراء عمليات‬
‫تدقيق منتظمة وعشوائية للبيانات‪.‬‬
‫ًاً‬
‫خامس ‪ -‬حوكمة البيانات القضائية‪:‬‬
‫غالبية قوانني محاية البيانات نصت عىل إلزام القضاء بتزويد مراكز املعلومات بالبيانات‪،‬‬
‫إال أن التزويد البيانات املتوفرة لدى القضاء‪ ،‬وخاصة بيانات الدعوى اجلزائية‪ /‬اجلنائية‪،‬‬
‫سوا ًًء جلهة توقيف الشخص بجرائم خطرية أو جلهة طول أمد الدعاوى الذي يستغرق‬
‫سنوات حتى إصدار حكم هنائي‪ ،‬فيه مساس بحوكمة البيانات كون هذه املعلومات‬
‫غري النهائية‪ ،‬فربام قرار التوقيف أو اإلدانة من املحاكم االبتدائية يتم إلغائه بعد ميض‬
‫عدة سنوات من التقايض‪ ،‬مما يؤدي لعدم اليقني القانوين باإلدانة أو الرباءة‪ ،‬مما يؤثر عىل‬
‫قرار منح أو عدم منح التمويالت‪ ،‬والذي يسهم يف ُتُعر ََّيض املصالح الفردية والعامة‬
‫للخطر‪.‬‬
‫يرى الباحث إن ما نصت عليه الترشيعات واللوائح والسياسات املؤسسية من مبادئ‬
‫ألخالقيات مشاركة البيانات وحوكمتها‪ ،‬تسهم يف محاية معاجلة البيانات وباملحافظة‬
‫عىل اخلصوصية‪ ،‬يف ظل مقتضيات الصالح العام‪ ،‬لكن يبقى التحدي يف املجال املايل‬
‫قائ ًًام‪ ،‬كون املؤسسة مانحة للتمويل تطلب مشاركتها بيانات عمالء معينني‪ ،‬وبالتايل ال‬
‫يمكن إخفاء هوية أصحاب البيانات‪ ،‬فكيف لنا يف هذه احلالة مشاركة البيانات أي‬
‫مشاركة بيانات دقيقة وحساسة تعكس واقع العميل االئتامين‪ ،‬ومحايتها بآن واحد‪ ،‬أي‬
‫تأمني ضامن خصوصية كاف‪ ،‬إن هذا التحدي يمكن التغلب عليه يف حال حسن اختيار‬
‫العنرص البرشي الذي يشعر بأنه مؤمتن عىل هذه البيانات‪.‬‬

‫‪295‬‬
‫الخاتمة‬
‫من أجل ضامن استخدام البيانات بطريقة حترتم احلقوق القيم األخالقية‪ ،‬وتعزز الثقة‬
‫بني الكيانات التي تدير البيانات‪ ،‬وبني األفراد الذين تؤثر عليهم عمليات مجع ومشاركة‬
‫البيانات‪ ،‬جيب تعزيز أخالقية مشاركة البيانات‪ ،‬ولقد توصل البحث إىل النتائج التالية‪:‬‬
‫‪-‬إن توفري البيانات وحتليلها تدعم متخذي القرار‪ ،‬يف اختاذ قرارات ف َّعالة عىل‬
‫املستويات االسرتاتيجية والتشغيلية‪.‬‬
‫‪-‬وإن عدم حجب أو تغييب البيانات الصحيحة‪ُ ،‬يسهم يف احلد من الفساد‪ ،‬والتقليل‬
‫من منح التمويل‪ ،‬استناد ًا للصالت واملصالح بني املوظفني والعمالء‪.‬‬
‫‪-‬يف ظل احلاجة امللحة ملشاركة البيانات‪ ،‬فإن الترشيعات ينبغي أن تتضمن قواعد‬
‫صارمة هلذه املشاركة خاصة عندما يتعلق األمر بالصالح العام‪.‬‬
‫‪-‬من أهم الضامنات األخالقية ملعاجلة البيانات‪ ،‬هو إعالم العميل هبا‪ ،‬وإتاحة حق‬
‫االعرتاض عليها‪.‬‬

‫التوصيات‪ :‬يوصي الباحث‪:‬‬


‫‪-‬تعزيز األحكام اخلاصة بأخالقية معاجلة البيانات يف الترشيعات ذات الصلة‪.‬‬
‫‪-‬زيادة التأهيل يف جمال أخالقية معاجلة البيانات‪ ،‬لكافة العاملني يف معاجلة البيانات‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫المراجع باللغة العربية‬


‫‪-‬ابن كثري‪ .‬أبو الفداء إسامعيل بن عمر بن كثري القريش البرصي ثم الدمشقي (ت ‪774‬‬
‫هـ) تفسري القرآن العظيم‪ .‬املحقق‪ :‬حممد حسني شمس الدين‪ .‬النارش‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬منشورات حممد عيل بيضون – بريوت‪ .‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪ 1419 -‬هـ (‪.)111 /5‬‬
‫‪-‬داما ( ‪ ،)DAMA‬الدليل الدويل املعياري والقيايس واالسرتشادي إلدارة البيانات‬
‫وحوكمتها (‪.)DMBOK‬‬
‫‪-‬قانون رقم (‪ )13‬لسنة ‪ 2016‬بشأن محاية خصوصية البيانات الشخصية القطري‪.‬‬
‫‪-‬مكتب إدارة البيانات الوطنية‪ ،‬ضوابط ومواصفات إدارة البيانات الوطنية وحوكمتها‬
‫ومحاية البيانات الشخصية‪ ،‬اإلصدار ‪ ،1.5‬يناير‪ ،2021‬اململكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪-‬مرسوم سلطاين رقم ‪ 2019 / 38‬بإنشاء مركز عامن للمعلومات االئتامنية واملالية‬
‫وإصدار نظامه‪.‬‬
‫‪-‬نظام محاية البيانات الشخصية السعودي‪ ،‬الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪)19/‬‬
‫تاريخ ‪.1443‬‬
‫‪-‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي‪ ،‬الالئحة التنفيذية لنظام محاية‬
‫البيانات الشخصية‪.‬‬
‫‪-‬اهليئة السعودية للبيانات والذكاء االصطناعي‪ ،‬سياسات حوكمة البيانات الوطنية‪،‬‬
‫اإلصدار األول تاريخ ‪2020/5/5‬م‪ ،‬سياسة مشاركة البيانات‪.‬‬
‫‪-‬هيئة ُسلطة تنظيم قطاع االتصاالت الكويتية‪ ،‬الالئحة رقم ‪ 21‬لسنة ‪ 21‬بشأن محاية‬
‫البيانات‪ .‬املنشورة بجريدة الكويت اليوم يف ‪ 4‬أبريل ‪.2021‬‬

‫المراجع باللغة األجنبية‪:‬‬


‫‪-‬‬ ‫‪Inside the Mind of Google, CNBC, 2009.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Gry Hasselbalch & Pernille Tranberg.DATA ETHICS - THE NEW COMPETITIVE‬‬
‫‪ADVANTAGE. 1. edition, 2016. ISBN print: 978-87-7192-017-8.‬‬

‫‪297‬‬
‫المواقع على الشبكة العنكبوتية‬
‫‪-‬اسرتاتيجية البيانات الفيدرالية (إطار أخالقيات البيانات)‪ ،‬تاريخ االستعراض من‬
‫املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪https://resources.data.gov/assets/،2023/12/25‬‬
‫‪documents/fds-data-ethics-framework‬‬
‫‪-‬داما‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪https:// :2023/12/15‬‬
‫‪www.dama.org/cpages/home‬‬
‫‪-‬ديفيد دمينغ‪ ،‬التوازن بني اخلصوصية ومشاركة البيانات من أجل الصالح العام‪،‬‬
‫‪ 2021/2/24‬مؤسسة نيويورك تايمز ‪ ،2021‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل‬
‫الشبكة العنكبوتية‪https://www.aljazeera.net/reyada 2023/12/15 :‬‬
‫‪-‬سلسلة املذكرات اإلرشادية ملركز البيانات اإلنسانية (‪ )2020‬مسؤولية البيانات يف‬
‫العمل اإلنساين‪ ،‬أخالقيات البيانات اإلنسانية‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل‬
‫الشبكة العنكبوتية ‪https://data.humdata.org/dataset/2048a947- 2023/12/18‬‬
‫‪-5714-4220-905b‬‬
‫‪-‬مركز قطر للمعلومات االئتامنية‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة‬
‫العنكبوتية ‪https://www.cb.gov.qa/Arabic/Pages/default.aspx :2023/12/16‬‬
‫‪-‬مرسوم سلطاين رقم ‪ 2019 / 38‬بإنشاء مركز عامن للمعلومات االئتامنية واملالية‬
‫وإصدار نظامه‪ .‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪:2023/12/15‬‬
‫‪/https://qanoon.om‬‬
‫‪-‬مبادئ االستخدام األخالقي لبيانات العمالء يف االقتصاد الرقمي‪ ،‬تاريخ‬
‫االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪https://www. ،2023/12/25‬‬
‫‪ukfinance.org.uk/policy-and-guidance/reports-publications/ethical-use-‬‬
‫‪customer-data-digital-economy‬‬
‫‪-‬منظمة االلتزام املفتوح وجمموعة األخالق‪ ،‬ما هي ‪( GRC‬احلوكمة واملخاطر‬
‫واالمتثال)‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية ‪:2023/12/19‬‬
‫‪/https://aws.amazon.com/ar/what-is/grc‬‬
‫‪-‬موقع كلية العلوم واهلندسة يف جامعة محد بن خليفة‪ ،‬تاريخ االستعراض من املوقع‬

‫‪298‬‬
2023https://www.hbku.edu.qa/ar/news/cse-/12/16 ‫عىل الشبكة العنكبوتية‬
propaganda-detection
https://sdaia. :2023/12/12 ‫االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ‬-
gov.sa/ar/default.aspx
https://blog. :2023/12/20 ‫االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ‬-
hurree.co/the-ethics-of-big-data
https://www. :2023/12/20 ‫االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ‬-
novonordisk.com/data-privacy-and-user-rights/data-ethics.html
https://www. :2023/12/21 ‫االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ‬-
/oecd.org
https://theodi. :2023/12/21 ‫االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ‬-
/org
https://www. :2023/12/21 ‫االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ‬-
datatopolicy.org/considerations/data-ethics
https://loti. :2023/12/21 ‫االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ‬-
/london/about/approach
‫ االستعراض من املوقع‬.Data Ethics Principles: Guidance for Boroughs-
https://docs.google.com/ :2023/12/21 ‫عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ‬
document/d/1G5lgeAx0yR7Xj3ylivGyWTOVupYyOr8rn3cPMg8Higg/
edit#heading=h.tldfvvxo8ul1
2023https:///12/20 ‫االستعراض من املوقع عىل الشبكة العنكبوتية تاريخ‬-
/authorservices.taylorandfrancis.com/data-sharing/data-sharing-ethics
‫ االستعراض من املوقع عىل الشبكة‬.Novo Nordisk. Data and AI ethics-
https://www.novonordisk.com/data-privacy- :2023/12/20 ‫العنكبوتية تاريخ‬
and-user-rights/data-ethics.html

299
‫الفهرس‬
‫تقــديـــم‪005......................................................................‬‬

‫أهداف املؤمتر‪009...................................................................‬‬

‫مرشوعية اإلفتاء عرب تقنية الذكاء االصطناعي‬


‫مع اختبار لفتاوى التعامالت املالية عرب تطبيق (‪)Chat GPT‬‬
‫د‪ .‬طه أمحد محيد الزيدي ‪011........................................................‬‬

‫دور تقنية (‪ )ChatGPT-4‬فــي صناعة الــفتـوى‬


‫إعداد‪ /‬د‪.‬مراد بوضاية ‪055.........................................................‬‬

‫االلتزامات العقدية فــي تقنية الروبو (‪)ROBO‬‬


‫د‪.‬أمحد سعد عيل الربعي ‪087.......................................................‬‬

‫حرص وتوثيق األوقاف اإلسالمية من خالل تقنية الذكاء االصطناعي‬


‫د‪ .‬صالح النشاط ‪129..............................................................‬‬

‫تطوير املنتجات املالية اإلسالمية من خالل تقنية معاجلة اللغة الطبيعية‪:‬‬


‫الفرص والتحديات‬
‫د‪ .‬فضل عبد الكريم البشري ‪171.....................................................‬‬

‫إمكانات الذكاء االصطناعي فــي إدارة واستثامر الوقف‬


‫أ‪.‬د‪ .‬اسامة عبد املجيد العاين ‪219....................................................‬‬

‫أخالقيات مشاركة البيانات بني احلامية واخلصوصية‬


‫د‪ .‬عبد احلنان العيسى ‪259..........................................................‬‬

‫‪300‬‬

You might also like