Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 44

‫الجمهوريــة الجزائريــة الديموقراطيـــة الشعبيـــة‬

‫وزارة التعليــم العالــي والبحـث العلمــي‬


‫المركز الجامعي آكلي محند أولحاج‬
‫البويـــرة‬
‫معهــد اآلداب واللغــات‬
‫قسـم اللغـة واألدب العربــي‬

‫التجريــب فـي المســـرح‬


‫الجزائـــري‬
‫‪" -‬عبد القادر علولة" نموذجا‪-‬‬
‫مذكــرة الستكمال متطلبات شهــادة الليسانـــــس‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد‪:‬‬

‫* جبارة إسماعيل‬ ‫‪ -‬بوجملين محمد‬

‫السنة الجامعية‪2011/2010 :‬‬


‫بســم هللا الرحــمن الرحـــــيم‬
‫ربنا لك الحمد كما ينبغي لجالل وجهك وعظيم سلطانك‪ ،‬نشكر هللا تعالى‬
‫ونحمده على ما من علينا بتوفيقه في إنجاز هذا العمل المتواضع الذي يمثل‬
‫ثمرة جهدي واْشكره‪ ،‬وكما يقال من ال يشكر الناس ال يشكر هللا‪.‬‬

‫وعليه أتقدم بجزيل الشكر والعرفان ألستاذي المشرف "إسماعيل جبارة" الذي‬
‫لم يبخل علي بنصائحه وإرشاداته‪.‬‬

‫كما اْشكر كل من ساعدني من قريب أو من بعيد على إنجاز هذا العمل وفي‬
‫تذليل ما واجهته من صعوبات‪.‬‬
‫وال يفوتني أن أشكر عمال المكتبة الذين ساهموا في طباعة وكتابة هذه المذكرة‪.‬‬

‫محمـد‬
‫اإلهداء‬

‫بقلـب صادق خاشـع أنحنـي أمــام ربـي العظيــم‬


‫خلقنـي ووهبنـي العلـم وأفاض علـي النعـم‬
‫إلى أعـز وأغلـى ما أملـك في الدنيـا‬
‫أنحنـي أمام الثنائـي المبجـل الذي قدستـه رسائـل السمـاء‬
‫أمـي الغاليـة‬
‫أبـي الحبيـب‬
‫إلـى أعـز النـاس إخوتـي وأخواتـي‬
‫إلــى من أتمنى أن أوفق معها في حياتي و كانت مؤنستي في أفراحي و أحزاني‬
‫"مريم ‪.‬ع"‬
‫إلــى مشرفـي وأستـاذي إسماعيـل جبـارة‬
‫أهدي هذا العمـل‬

‫مقدمــة‬
‫يعد المسرح من الفنون اإلنسانية‪ ،‬التي تعكس البناء الثقافي والوعي الفكري والقيمي لكل شعب من‬
‫شعوب العالم‪ ،‬ويعتبر ال مسرح إحدى الفنون المعبرة عن األفراح واألحزان‪ ،‬والمرتبط بعادات وتقاليد كل‬
‫مجتمع إنساني‪.‬‬
‫وإذا عدنا بذاكرة التاريخ إلى بلدنا الجزائر بحثا عن تلك التجارب الفنية التي سجلت حضورها في تاريخ‬
‫الساحة األدبية والفنية الجزائرية‪ ،‬يجذب انتباهنا ظاهرة حديثة‪ ،‬وهي ظاهرة التجريب التي عرفها المسرح‬
‫الجزائري‪ ،‬والتي ستكون موضوع دراستنا‪.‬‬
‫ويعود سبب اختياري لهذا الموضوع لكوني مولعا بهذا الفن اإلنساني‪ ،‬و بظاهرة التجريب التي مست‬
‫مستوياته‪ ،‬النصية ‪ ،‬العرضية‪ ،‬واإلخراجية وأحدثت ثورة على السائد والمتوارث ولقد وقع اختياري على‬
‫المسرح الجزائري والذي ركزت عليه أكثر في جانبي التطبيقي‪.‬‬
‫ولقد راودتني عدة أسئلة حول ظاهرة التجريب في المسرح‪ ،‬ومنها‪ :‬ما هو التجريب المسرحي‪ ،‬وما هي‬
‫أشكاله‪ ،‬وكيف دخلت وهيمنت الظاهرة على مستويات المسرح العالمي والمسرح الجزائري بالخصوص؟‬
‫وحاولت أن أجد أجوبة لهذه األسئلة وأخرى‪ ،‬من خالل الخطة التالية‪:‬‬
‫قسمت البحث إلى مقدمة ومدخل وثالثة فصول وخاتمة‪ ،‬تعرضت في المدخل إلى التعريف بهذا الفن ‪-‬‬
‫المسرح‪ -‬معجميا ومصطلحيا‪ ،‬دون أن أنسى التعرض إلى العناصر التي ينبني عليها هذا الفن‪ ،‬وكما‬
‫طرحت ضمنه تساؤالت عن نشأة هذا الفن في األدب الجزائري‪.‬‬
‫في الفصل األول تحدثت فيه عن ظاهرة التجريب ومنهجها‪ ،‬كما تحدثت عن موضوع التجريب في‬
‫المسرح‪ ،‬أما في الجزء الثاني من الفصل األول فتعرضت إلى أشكال التجريب في المسرح‪ ،‬من التجريب‬
‫على مستوى النص‪ ،‬والتجريب على مستوى العرض واإلخراج‪.‬‬
‫أما في الفصل الثا ني فتطرقت إلى ظاهرة التجريب في المسرح العالمي‪ ،‬وقسمته إلى جزئيين‪ ،‬في‬
‫الجزء األول أظهرت فيه ظاهرة التجريب في المسرح الغربي وأخذت المسرح االنجليزي و الفرنسي‬
‫كنموذج لذلك‪ ،‬وفي الجزء الثاني أظهرت التجريب فوق أعتق خشبتين مسرحيتين عربيتين‪ ،‬والمسرح‬
‫اللبناني والمسرح المصري‪ ،‬وأظهرت التجريب لديهما‪.‬‬
‫وفي الفصل األخير وهو الفصل التطبيقي‪ ،‬فتطرقت فيه إلى ظاهرة التجريب في المسرح الجزائري‬
‫‪،‬من خالل تطبيقي للمنهج التجريبي على مسرحياته‪،‬ففي الجزء األول خصصته إلظهار التجريب في‬
‫المسرح الهاوي من خالل اختياري لمسرحية "هرمونيا" كنموذج تطبيقي لذلك و حاولت أن اظهر‬
‫مستويات التجريب عند الهواة قدر اإلمكان من خاللها‪ ،‬وبعدها تطرقت إلى ظاهرة التجريب عند‬
‫المحترفين أو المسرح الجزائري المحترف‪،‬و ذلك من خالل اختياري مسرحية "القراب والصالحين"‬
‫وهي إحدى مسرحيات المسرح الجزائري‪ ،‬لمؤلفها "ولد عبد الرحمان كاكي"‪.‬‬
‫في الجزء الثاني من الفصل التطبيقي‪ ،‬خصصته لعميد من أعمدة المسرح الجزائري ورائد من رواد‬
‫التجريب فيها‪ ،‬وهو "عبد القادر علولة" من خالل إظهار آلية التجريب في مسرحيته الشهيرة "األقوال"‪،‬‬
‫من خالل إظهار التجريب في مستوياتها النصية و العرضية واإلخراجية وختمت بحثي هذا بخاتمة كانت‬
‫حوصلة للنتائج التي خلصت إليها‪.‬‬
‫واعتمدت في بحثي هذا غلى منهجين‪ ،‬منهج تاريخي ارتكزت عليه في الفصل التمهيدي حيث تتبعت‬
‫مراحل نشأة وتطور فن المسرح‪ ،‬وفي الفصل الثاني واصلت تتبعي لمراحل ظهور التجريب المسرحي‬
‫عند الغرب وعند العرب ‪ ،‬واعتمدت المنهج التجريبي في الفصل الثالث وهو الفصل التطبيقي الذي طبقت‬
‫فيه المنهج التجريبي في المسرح الجزائري‪.‬‬
‫ولعل أهم ما اعترض طريقي‪ ،‬قلة المصادر والمراجع في مكتبة مركزنا الجامعي بالبويرة إن لم البالغ‬
‫وأقول أنها منعدمة‪ ،‬خاصة تلك التي تتعلق بالمسرح عامة والمسرح الجزائري خاصة‪ ،‬لكنني استطعت أن‬
‫اْذلل تلك العقبات والعراقيل‪ ،‬باستنادي إلى مجموعة من المصادر والمراجع‪ ،‬مثل‪ :‬مسرحيات علولة اللثام‪،‬‬
‫الجواد لعبد القادر علولة ‪ ،‬وأربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر لبعلي حفناوي‪...‬‬ ‫األقوال‪ ،‬ا ْ‬
‫وإلى غير ذلك من المصادر والمراجع هذا ولي األمل أن يدفعني بحثي هذا إلى التطلع إلى أفاق أبعد‬
‫ودراسات أوسع وأن أفيد واستفيد من خالل هذا البحث‪ ،‬مع الشكر الجزيل إلى كل من قدم لي يد المساعدة‬
‫واْخص بالذكر أستاذي المشرف د‪.‬إسماعيل جبارة‪ ،‬الذي منح لي من وقته الكثير وتوجيهه الوفير‪ ،‬دون‬
‫أن أنسى زمالئي وبالخصوص عائلتي التي شجعتني على تقديم األحسن والجيد في بحثي‪ ،‬واْشكر كل من‬
‫ساعدني في بحثي من أول خطوة إلى أخر خطوة فيه‪ ،‬فشكرا لكل هؤالء‪.‬‬
‫مدخـــل‪:‬‬
‫ما اهتم به أدبنا الجزائري المعاصر في نهضته الحديثة فن المسرح و الذي يعد فنا دخيال على من أهم‬
‫أدبنا‪ ،‬وقد جاء كتحصيل حاصل لنضج الذهينة األدبية بفعل ظهور الصحافة وتطور حركة الطباعة و‬
‫الفكر الثقافي‪.‬‬
‫وتمتد ج ذور المسرحية إلى ماقبل الميالد وبالضبط الى العهد الفرعوني والبابلي واإلغريقي القديم ثم‬
‫الروماني‪ ،‬فكان الوازع الخرافي و الديني هو الغالب عليها‪.‬‬
‫وقبل أن نتطرق إلى نشأة و تطور فن المسر ح و األشواط التي قطعها ليصل الى أدبنا المعاصر علينا‬
‫اإلجابة عن بعض التساؤالت التي تأرق فضولنا‪ ،‬و من بينها‪ :‬ماهو هذا الفن الجديد؟ وماذا يمثل ألدبنا‬
‫العربي الحديث؟ وهل أصبح جزاءا منه؟ و كيف استطاع أن يقتحم صفحات جرائدنا و كتبنا و يسلب‬
‫عقول الجماهير و هو الدخيل علينا؟‬
‫وسنحاول فيما بعد أن نجد لهذه التساؤالت و أخرى أجوبة ‪.‬‬
‫‪ -1‬نشأة المسرح‪:‬‬
‫ا‪-‬عند اليونان‪:‬‬
‫كان اإلغريق القدامى أول من عرف المسرحية وذلك بعد تقديم عروضهم تقربا لآللهة ففي بداية األمر‬
‫تنكر الممثلين و لبسوا األقنعة وتقمصوا ما يؤدونه من شخصيات‪ ،‬وما إن جاء القرن ‪ 6‬ق‪.‬م حتى أصبحت‬
‫مثل هذه االحتفاالت تقام لآللهة ديونيوس‪.‬‬
‫وأولى النماذج و الطرز المسرحية تعود الى القرنين ‪ 5‬و‪ 6‬ق‪.‬م حيث شهد اإلغريق أعظم شعراء‬
‫الدراما وأفضل من أجدها وهم أسخيلوس(‪525-456‬ق‪.‬م)‪ ،‬سوفوكليس (‪490-406‬ق‪.‬م)‪،‬‬
‫يوربيديس(‪480-406‬ق‪.‬م) (‪.)1‬‬
‫ومن هنا نشأت أولى بذور الدراما‪ ،‬و التي تطورت مع مرور الوقت‪.‬‬
‫ب‪-‬عند الرومان‪:‬‬
‫لم يكن الرومان على اطالع بهذا الفن الجديد‪-‬المسرح‪-‬إال بعد الحركة التوسعية لإلمبراطورية الرومانية‬
‫و ما صاحبها من إطالع على األداب اليونانية‪ ،‬و كان ذلك في منتصف القرن‪.3‬ق‪.‬م فكان في معظمه تقليدا‬
‫أو تحويرا لبعض التجارب اإلغريقية‪ ،‬ولكن ليس معناه أن الرومان لم يقدموا إسهامات‪ ،‬إذا أن لذوقهم‬
‫(‪)2‬‬
‫الخاص أثره‪.‬‬
‫وكان في العصر الروماني تطور الشكل المعماري المسرح الى منصة في الوسط ومدرجات دائرية‬
‫حولها مبنية من الحجارة‪ ،‬يجلس عليها المشاهد و تضاء بالمشاعل أيضا أو في الليالي المقمرة(‪.)3‬‬
‫ج‪ -‬المسرح في العصور الوسطى‪:‬‬
‫شهدت العصور الوسطى المسرحية الدينية و التي سيطرت عليها الكنيسة وضيقت حديثها‪ .‬فكانت لغتها‬
‫لغة الدين و الكنيسة و التي تأثرت بالمسرحيات من خالل العروض الرومانية التي وصلتها‪ ،‬فبدأت بتقديم‬
‫عروض دينية مسيحية و أخرى ساخرة فجة و التي تستهدف إرضاء العامة من المشاهدين‪.‬‬
‫وفي أواخر القرن ‪. 5‬م أحس رجال الكنيسة أن تلك العروض الفجة تهدد مكانة الكنيسة وتعاليمها فبدأ‬
‫المسرح منذ تلك الفترة الزم نية يخرج عن نفوذ الكنيسة و بدأت العواصم األوروبية تعرف جديد المسرح‬
‫المستقل عن الكنيسة(‪.)4‬‬
‫كان المسرح اإلنجليزي في العصور الوسطى منقسما الى حقبتين زمنيتين وهما عصر ألتيدور (‪-1485‬‬
‫‪ )1558‬و عصر اليزابيت األولى (‪ )1588-1603‬وغلب عليها أيضا الدين والكنيسة‪.‬‬

‫(‪ )1‬شكري عبد الوهاب ‪ ،‬تاريخ و تطور العمارة المسرحية‪ ،‬مؤسسة حورس الدولية للنشر و التوزيع‪144 ،‬ش‪ ،‬طيبة‬
‫سبورتينح‪-‬اإلسكندرية‪ ،2008 ،‬ص‪ ،‬ص‪.48،41‬‬
‫(‪ )2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫(‪ )1‬قاجة جمعة‪ ،‬المدارس المسرحية و طرق احراجها منذ اإلغريق حتى العصر الحاضر‪ ،‬نور للطباعة و النشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬سورية‪ ،‬دمشق‪،‬ط‪ ،1،2006‬ص‪.28‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬أحمد زلط ‪،‬مدخل الى علوم المسرح‪ ،‬دار المسرح‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر اإلسكندرية‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص‪،‬‬
‫ص‪.40،39،‬‬
‫زار انجلترا المعماري بيتسرو توريجنو والرسام هانز هولبين باإلضافة الى مجموعة من المثقفين‬
‫المرموقين أمثال‪ :‬دينكوليت ووليم جروسن‪ ،‬وقد اهتموا بالعلوم اإلنسانية والكالسيكية فكان المسرح أنذاك‬
‫مزدهرا‪.‬‬
‫ومن أهم وأشهر كتاب عصر أليتيودور(‪)1485-1558‬‬
‫‪ -1‬جون سكلتون(‪.)1460-1529‬‬
‫‪ -2‬جون راستيل(‪.)1475-1538‬‬
‫‪-3‬هنري ميرادال(‪.)1490-1594‬‬
‫‪ -4‬جون هيود(‪.)1497-1580‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ -5‬نيكوالس أودال (‪.)1565-1556‬‬
‫أما في العصر اإلليزابتي األول(‪ )1558-1603‬تعددت موضوعات المسرحيات‬
‫و تنوعت و انقسمت ما بين ملهاة و مأساة و برع بعد زمن و جيز الكثير من المؤلفين الذين احترفوا الكتابة‬
‫المسرحية و هم خريجي أكسفورد و كامبريدج و من بينهم‪:‬‬
‫‪ -1‬جون ليلي(‪.)1554-1606‬‬
‫‪ -2‬جورج يبكي(‪.)1558-1597‬‬
‫‪ -3‬توماس لودج( ‪.)1597-1625‬‬
‫‪-4‬روبرت جرين( ‪.)1560-1592‬‬
‫‪ -5‬توماس ناشي(‪.)1567-1601‬‬
‫وغيرهم ممن أجادوا و أسهموا بأقالمهم الذهبية في الكتابة المسرحية آنذاك‪.‬‬
‫وجاء ملهم المسرح اإلنجليزي أنذاك و هو وليام شكسبير (‪ )1564-1616‬و الذي تفنن وأبرع في كتاباته‬
‫(‪)6‬‬
‫المسرحية ومعظمها كانت أثناء سنواته األولى (‪ )1599-1508‬من احترافه‪.‬‬
‫أما مسرح العصور الوسطى في فرنسا فقد امتاز بالدراما التي اختلفت كثيرا عن مثيالتها في الدول‬
‫األوروبية المجاورة لها‪ ،‬إال أن لغة الدين المسيحية كانت هي السائدة وذلك من خالل النشاطات الدير‬
‫والقساوسة الذين كانوا وقتها يلعبون أدوار المريمات والمالئكة‪.‬‬
‫في الفترة الممتدة مابين القرن الثاني عشر والسادس عشر طور الشعراء مادتهم الشعرية بالتأكيد على‬
‫القدسية ‪ ،‬بأن جعلوا العناصر الدنيوية تتسلل الى المقدسات‪ ،‬فلم يكن من الصعب تحويل الحكايات الرمزية‬
‫والمغزى األخالقي في قصص العهد القديم إلى شكل مسرحي يقدم للجماهير وكانت بذلك عدة مسرحيات‬
‫ومنها‪:‬‬
‫مسرحية أدم (‪.)1140-1174‬‬
‫مسرحية سان نيكوالس (‪.)1200‬‬
‫مسرحية العريس (‪.)1100‬‬
‫مسرحية معجزة تيوفيل و غيرها‪...‬‬
‫وكانت مسرحيات ذات طابع ديني وبصيغة دنيوية واقعية من أجل إرضاء العموم من المشاهدين‪.‬‬
‫وأشهر كتاب المسرحية الدينية‪:‬‬

‫‪ -1‬جان بوديل (‪.)1165-1210‬‬


‫(‪)7‬‬
‫‪ -2‬روتيبوف‪.‬‬
‫ولقد خطى المسرح الفرنس ي خطوات عمالقة نحو النهضة بفضل موهبة مؤلفيه من أمثال جودويل و‬
‫جارنير و التي حققها فيما بعد كورني وراسين‪.‬‬
‫د‪ -‬المسرح في عصر النهضة‪:‬‬
‫لقد شهد المسرح في أعقاب عصر النهضة في أوروبا تطورا ملحوظا مواكبا لفترة تحول تاريخية مع‬
‫نهاية العصور الوسطى مثل عنصري‪ :‬اإلضاءة‪ ،‬المناظر‪.‬‬

‫(‪ )3‬شكري عبد الوهاب‪ ،‬تاريخ و تطور العمارة المسرحية‪ ،‬مؤسسة حورس الدولية للنشر و التوزيع ‪144 ،‬ش‪ ،‬طيبة‪،‬‬
‫سبوتينج‪-‬اإلسكندرية‪،2008 ،‬ص‪،‬ص‪.169،168،‬‬
‫(‪ )1‬نفس المرجع ‪،‬ص‪،‬ص‪.180،181،‬‬
‫(‪ )1‬عبد الوهاب شكري‪،‬المرجع نفسه ص‪،‬ص‪،‬ص‪،‬ص‪،‬ص‪،‬ص‪،‬ص‪235،224،223،222،220،219،215‬‬
‫كانت الدراما اإلنجليزية التي تفنن فيها "وليام شكسبير" (‪ )1564-1616‬و"بن جونسون" تعد نقلة‬
‫إبداعية في النص المسرحي سواءا على الشخصيات أو الموضوعات و حتى األفكار واألهداف‪ ،‬ما مهد‬
‫للمسرح المعاصر الحديث‪.‬‬
‫وظلت فرنسا و إيطاليا و انجلترا تتنافس فيما بينها إلثراء المسرح وعلومه وفنونه ومقاره من أجل‬
‫إشباع رغبات الجمهور المتعطش و كما ظل رواد المسرح وجمهوره الوفي يشجعون ذلك طيلة القرون‬
‫(‪)8‬‬
‫الثالثة األولى من عصر النهضة(ق‪،16‬ق‪،17‬ق‪.)18‬‬
‫ومع مرور الوقت و تطور المسرح أصبحت هناك مدارس تهتم بهذا الفن الجديد الذي سلب عقول‬
‫الناس‪ ،‬وكان ذلك خالصة أو عصارة ما قام به مجموعة من رواد المسرح من أمثال‪:‬فولتير‪ ،‬موليير‪،‬‬
‫راسين‪ ،‬كورني‪ ،‬جولدوني‪ ،‬و شكسبير‪ ،‬وبن جونسون‪ ،‬و سترندبرج وكلود يل‪ ،‬وأونيل‪ ،‬وبكيت‪ ،‬و فيليه‪،‬‬
‫(‪) 9‬‬
‫و أبسن‪ ،‬وبريخت وتشيكوف و غيرهم‪...‬‬
‫وظهرت بذلك أولى المدارس المسرحية ‪ ،‬أال و هي المدرسة الكالسكية و التي قادها أرسطو وهو أول‬
‫من وضع قوانينها في كتابة "الشعر" و كانت الكالسيكية ميهادا لكثير من المدارس األخرى‪ ،‬وكما تلتها‬
‫المدرسة الرومنسية و مذهب العاطفة و اإلحساس التي تتحرك معه األحياء و تستبد بهم أشد مما يستبد بهم‬
‫القضاء والقدر‪ ،‬وكان ل لمسرح الرومنسي إخراج مسرحي خاص به يختلف عن باقي المدارس‪.‬‬
‫وكما ظهرت المدرسة الطبيعية بعد سبيقتها الرومنسية و كان" إميل زوال" (‪ )1840-1902‬و جي دي‬
‫وظهر بذلك‬ ‫موبوسان"(‪")1850-1893‬و "الفرنسي دودسيه"(‪ ")1840-1897‬من أهم روادها‬
‫(‪)10‬‬
‫المذهب الواقعي و تلتها المدرسة الرمزية و كان رائدها "هنريك أبسن" ومسرحه الرمزي الحديث‪.‬‬
‫هـ) المسرح في الوطن العربي‪:‬‬
‫أما المسرح في الوطن العربي فقد ذكر لنا األستاذ"نوردين عمرون" في كتابه" المسار المسرحي في‬
‫الجزائر إلى سنة ‪« 2000‬بأن الشعوب العربية و اإلسالمية عرفت عنصر الدرما في عروض الفرجة‬
‫الفنية‪ ،‬واستمتعوا بالغناء أو ما يسمى اليوم بمسرح األوبر‬
‫أو األوبرات‪ ،‬وأن جميع الفنون تطورت بالتدريج و ليس دفعة واحدة ‪،‬كما أنهم شاهدوا المسرح عن أمم و‬
‫حظارات أخرى في إطار تبادل ثقافي دبلوماسي و أنهم كانوا متفتحين على اإلبداعات اإلنسانية لثقافات‬
‫»(‪)11‬‬
‫األمم و الشعوب األخرى‪...‬‬
‫أما البدايات الفعلية للمسرحية العربية فقد كانت عبارة عن محاوالت بدأ بها الشاب "مارون النقاش" في‬
‫لبنان عام ‪1847‬م في مسرحية "البخ يل" و يمكن القول أن المسرح العربي سبقه فنون تمثيلية شعبية قبل‬
‫أن يستند الى المسرح الغربي‪.‬‬
‫ويلي "مارون النقاش" في ريادة المسرح العربي"أبو خليل القباني" رائد هذا الفن في سوريا‪ ،‬فقد ألف‬
‫فرقة مسرحية‪ ،‬وقدم مسرحية "المرؤة و الوفاء"و التي استمد موضوعها من التاريخ العربي اإلسالمي»‪.‬‬
‫(‪)12‬‬

‫ويمكنا القول بأن فن المسرح ابتدأ في الشام التي كانت تشمل أنذاك سوريا و لبنان‬
‫وفلسطين و األردن إال أن ظروف مصر كانت أكثر مالئمة و حضارة‪ ،‬وبذلك برز"يعقوب صنوع" وقام‬
‫(‪)13‬‬
‫بإقامة أول عرض مسرحي غنائي على خشية المسرح الموسيقي لحديقة األزبكية‪.‬‬
‫وفي أواخر القرن التاسع عشر بدأ" أحمد شوقي" بنشاطه المسرحي و قام بتأليف أول مسرحية له‬
‫بعنوان "علي بك الكبير "عام ‪ 1894‬م ثم أعقبها بمجموعة عن مصنفاته المسرحية من‬
‫"قمبيز"و"كليوباترا""و"مجنون ليلى"‪...‬‬

‫(‪ )2‬أحمد زلط‪ ،‬مدخل الى علوم المسرح‪ ،‬دراسة أدبية فنية‪ ،‬دار الوفاء لدنيا للطباعة و النشر‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬ط‪،2001 ،1‬‬
‫ص‪ ،54-53‬ص‪.56‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫(‪ )1‬أ‪.‬د جمعة قاجة‪ ،‬المدارس المسرحية و طرق اخراجها منذ اإلغريق حتى العصر الحاضر‪ ،‬نور للطباعة و النشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬سورية‪ ،‬دمشق‪،‬ط‪،2007-2006 ،1‬ص‪،‬ص‪.76،23،‬‬
‫(‪ )2‬نوردين عمرون‪ ،‬المسار المسرحي الجزائري الى سنة‪2000‬م‪ ،‬شركة باتنيت‪ ،‬طريق بسكلرة ‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫ط‪،1،2006‬ص‪.31‬‬
‫(‪ )3‬محمد أحمد ربيع ‪ ،‬سالم أحمد الحمداني‪ ،‬دراسات في األدب العربي الحديث‪،‬دار الكندي لنشر و التوزيع ‪،‬‬
‫ج‪،2،2003‬ص‪،‬ص‪.159،158،‬‬
‫(‪ )4‬أحمد زلط‪ ،‬مدخل الى علوم المسرح‪،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر‪،‬ط‪،1،2001‬ص‪،‬ص‪.78،77،‬‬
‫وشهد عام ‪ 1919‬منافسة المؤلفين المسرحيين خاصة بعد دخول توفيق الحكيم وتاله كل من محمود‬
‫تيمور‪ ،‬و يوسف إدريس‪ ،‬و نعمان عاشور و غيرهم‪...‬‬
‫وفي نهاية القرن التاسع عشر ‪ ،‬بدأ الفن المسرحي في الوصول الى جل األقطار العربية‪ ،‬فبعد العراق‬
‫التي أسهم في تحريرها و تأليفها قساوسة و معلمون‪،‬دخل الجزائر ليحتظنه مثقفون و سياسيون إبان الحقبة‬
‫اإلستعمارية و بعدها‪،‬ثم ليتغلغل في دول الخليج فدخل الكويت والسعودية و ليشمل معظم الدول العربية‬
‫مع بدأ األلفية الثالثة‪.‬‬
‫‪-2‬تعريف المسرح‪:‬‬
‫والمسرح‪ « :‬نشاط إبداعي فكري حرفي جماعي من جهة إرساله و هو يحتاج في الوقت نفسه إلى نشاط‬
‫جماعي بشري متلق له‪ ،‬فالمسرح إبداع تعبيري معروض في حالة من األداء الحاضر على متلقين‬
‫حاضرين جسدا و ذهنا و مشاعرا و إداريا»(‪.)14‬‬
‫أ‪ -‬تعريف المسرحية‪:‬‬
‫‪ -‬لغة‪ :‬ورد في لسان العرب البن منظور ‪:‬تسرح‪-‬التسرح‪،‬سرحت الماشية و المسرح بفتح الميم ‪-‬مرعى‬
‫السرح‪ -‬و جمعه المسارح و هو الموضع الذي تسرح إليه الماشية بالغداة(‪.)15‬‬
‫‪ -‬و لقد ورد في كتاب العين للخليل أ حمد‪ :‬يقال تسرح‪ ،‬ومنه سرحنا اإلبل ‪ ،‬وتسرحت االبل تسرحا و‬
‫(‪)16‬‬
‫المسرح مرعى السرح‪.‬‬
‫اصطالحا‪ :‬ولقد وردت في تعريف المسرحية عدة اصطالحات ‪ ،‬والتعريف األسهل هو تعريف الدكتور‬
‫عبد المنعم أبو زيد فيقول"هو عمل درامي مأخوذ من الحياة بروح فنية‪،‬يحتوي على حكاية قصيرة أو‬
‫طوي لة مترابطة األجزاء‪ ،‬يقوم بتمثيلها أشخاص لهم سمات اجتماعية و نفسية خاصة تتناسب مع طبيعة‬
‫الحكي‪ ،‬و تعتمد على لغة الحوار أكثر من السرد في جميع مراحل تطورها ‪،‬و عادة ما تتميز بزمكانية‬
‫(‪)17‬‬
‫مكثفة كما و داللة"‬
‫و للمسرح ركائز أساسية يقوم عليها و هي‪:‬‬

‫‪ -1‬النص المسرحي‪:‬‬
‫(‪)18‬‬
‫والنص‪ :‬مؤلف محدد المعالم ألف ليخاطب جمهور ا بقصد التأثير عليه أو تسليته بمتعات جمالية‪.‬‬
‫والنص بالنسبة إلى المبدع الفنان شبه مقدس إن لم يكن مقدسا و اليكمن السبب في الطبيعة اإلنتقالية‬
‫للنصوص‪،‬و انما في ذلك الوالء األعمى للكلمة و للكتاب الذي يقف ورائها‪.‬‬
‫فالنص هو المبتدأ أو المنتهى‪ ،‬وعليه يجب أن يكون العرض المسرحي خادما له و عليه أيضا‪ ،‬وربما‬
‫(‪.)19‬على المخرج أن يكون مترجما أو مجسدا له حرفيا ولكل مشهد‬
‫في‬ ‫وهو شاء أم أبى –النص‪ -‬له دورة اإلجتماعي الذي يظهر شجاعة أو يخفي خوفا لكنه‬
‫الحال تين موجود و يجب على الناقد أن يبرز لنا بوضوح‪ ،‬ألن رد النص الى اإلجتماعي يكشف عن نوع‬
‫(‪)20‬‬
‫الرموز‪ ،‬و عن نوع الشخصيات التي قد تبدو لنا األن غربية أو بال هوية‬
‫‪ -2‬العرض المسرحي‪:‬‬
‫العرض المسرحي عبارة عن مجموعة من األحداث الدالة التي يقوم الجمهور بتفسيرها حسب معارفه‪،‬‬
‫من قبل المبدعين‪ ،‬علما أن هذه المدونات تحمل دالالت ‪codes‬و تحكمه في المدونات المستعملة‬
‫ثقافي(‪.)21‬‬

‫(‪ )1‬أبو الحسن سالم‪ ،‬حيرة النص بين الترجمة و االقتباس و اإلعداد و التأليف‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر‪،2007 ،‬‬
‫ص‪.22‬‬
‫(‪ )2‬ابن منظور‪ ،‬لسان عرب‪ ،‬ج‪-4‬دار البيضاء‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،95-96 ،1‬ص‪.487‬‬
‫(‪ )3‬أحمد الفراهيدي‪،‬كتاب العين‪،‬ج‪،2‬تج‪،‬عبد الحميد العنداوي‪،‬دار الكتاب العلمية‪،‬بيروت لبنان‪،2003/2002‬ص‪.232‬‬
‫(‪ )4‬عبد المنعم أبو زيد‪ ،‬الخطاب الدرامي في المسرح الحديث‪ ،‬قسم الدراسات األدبية‪ ،‬دار العلوم‪،‬الفيوم‪ ،‬القاهرة‪،‬ص‪.65‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬مدحت جيار‪،‬البحث عن النص في المسرح العربي‪ ،‬دار النشر للجامعات المصرية ‪،‬ط‪1416،1‬ه‪1995،‬م‪،‬ص‪.29‬‬
‫)‪ (2‬د‪.‬نديم معال محمد‪ ،‬في المسرح في العرض المسرحي‪ ...‬النص المسرحي‪...‬قضايا نقدية‪ ،‬مركز اإلسكندرية للكتاب‪،‬‬
‫ط‪ ،2003 ،1‬ص‪.40‬‬
‫)‪ (3‬مدحت جيار‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫)‪ (4‬مخلوف بوكروح‪ ،‬التلقي و المشاهدة في المسرح‪ ،‬مؤسسة فنون و ثقافة لوالية الجزائر ‪،2004،‬ص‪.56‬‬
‫فالعرض المسرحي عابر مثل اإلنسان يحيا مرة و يموت و اليمكن تكراره فهو يتغير في ملمسه و مذاقه‬
‫و أثره من ليلة الى ليلة‪ ،‬وحتى و لو كان عرضا لنفس النص الدرامي بنفس المخرج و الممثلين‪ ،‬وقبل‬
‫إختراع أجهزة التسجيل كان الناقد هو الوحيد القادر على حفظ ذكرى هذه العروض و لو حتى بالوصف‪،‬‬
‫وكانت هذه العروض المفقودة ستحيا بهذا الوصف في ذاكرة المسرح و في الذكرى حياة(‪.) 22‬‬

‫ولذلك فإن فحص تفاصيل العرض‪،‬و السعي المحموم إلى مطابقة الواقع بطريقة "فوتوغرافية" بدأ من‬
‫األداء إلى األزياء و الديكور و اإلضاءة إلى المشاهد الجماعية‪ ،‬وكان يرمي إلى تعزيز الوضع بأن‬
‫مايجري على خشبة المسرح ‪ ،‬هو الحياة الحقيقية(‪.)23‬‬
‫‪ -3‬اإلخراج‪:‬‬
‫واإلخراج المسرحي هي أن يجعل المخرج من النص المسرحي المكتوب عمال حيا فوق المنصة‪،‬‬
‫فالمخرج يختار الممثلين و الديكور واإلكسسوار و يصمم اإلضاءة و الظالل ويرتب حركة الممثلين فوق‬
‫المنصة‪ ،‬بحيث تبرز هذه الحركة المسرحية و معانيها‪ ،‬وهو بالنسبة للمثلين كقائد األوركسترا الذي يضبط‬
‫اإليقاع و طبقات الصوت ودرجات انفعاالتهم وخطواتهم مقتربين أو مبتعدين بحيث يعبرون جماعة عن‬
‫النص المسرحي في حدود الفهم والتفسير الذي انتهى إليها المخرج(‪.) 24‬‬
‫وأما عن عناصر اإلخراج فهي‪:‬‬
‫‪ -1‬التشكيالت‪ :‬وهي ترتيب عناصر الممثلين على خشية المسرح‪.‬‬
‫‪ -2‬الحركات‪ :‬تشمل تنقل الممثلين على خشبة المسرح من مكان إلى مكان‪.‬‬
‫‪ -3‬الشغل‪ :‬يقصد بكل حركة أو عدة حركات تحمل فكرة معينة يعدها المتفرجون بطريقة شعورية‪.‬‬
‫‪ -4‬األصوات‪ :‬تشمل نبرات الكالم و الموسقى و المؤثرات الصوتية‪.‬‬
‫‪ -5‬التوقيت‪ :‬ويشمل – ضبط‪ :‬إشارة البدء ( المفاتيح)‪.‬‬
‫‪ -‬ضبط ‪:‬التوافق الزمني لحدود شيئين أو أكثر معا‪.‬‬
‫‪ -‬الخطو‪ :‬و هو تحديد السرعة االزمة ألداء كل جزء من أجزاء‬
‫المسرحية‪.‬‬
‫‪ -6‬المناظر‪ :‬والمناظر الخلفية التي تمثل المسرحية أمامها‪.‬‬
‫‪ -7‬الملحقات‪ :‬وتشمل – األثاث‪.‬‬
‫‪ -‬الزخرفة‪.‬‬
‫‪ -‬الملحقات اليدوية‪.‬‬
‫‪ -8‬المالبس‪ :‬وهي ما يرتديه الممثلين على خشبة المسرح‪.‬‬
‫‪ -9‬المكياج‪ :‬وهي المساحيق التي يضعها الممثل بحسب الدور الذي يقوم به‪.‬‬
‫‪ -10‬اإلضاءة‪ :‬وهي اإلنارة القوية أو الضعيفة بحسب المشهد‪.‬‬
‫‪ -11‬التصميم‪ :‬يجب تصميم كل عنصر من عناصر اإلخراج أو اتمامه وتكميله ‪.‬‬
‫‪ -12‬التنفيذ‪ :‬يقوم الممثلون بطبيعة الحال بتنفيذ تشكيالت الحركة وخطواتها وكذا حركات الشغل‪،‬‬
‫والقاء الحوار‪ ،‬وعمليات التوقيت‪ ،‬أما الملحقات والمالبس‪ ،‬واإلضاءة فيقوم بها جماعات يطلق عليهم‬
‫المحترفون(‪.)25‬‬
‫الدراما و أقسامها‪:‬‬
‫ا‪-‬تعريف الدراما‪:‬‬
‫معنى كلمة دراما باليونانية «وهي الفظة المرادفة للمسرحية والحدث أو الفعل ولدلك تبنى المسرحية‬
‫على جملة أحداث يرتبط بعضها ببعض ارتباطا حيويا أو عضويا‪ ،‬بحيث تسير في حلقات متتابعة حتى‬
‫تؤدي الى نتيجة يتطلب الكمال الفني أن تؤخذ من نفس السابقة وهذه االحداث خارجية أو داخلية‪ ،‬فاألولى‬

‫)‪ (5‬د‪.‬نهاد صليحة‪ ،‬المسرح بين النص و العرض‪ ،‬مهرجان القراءة للجميع ‪-99‬مكتبة األسرة‪-‬ص‪.16‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬نديم معال محمد‪ ،‬في المسرح في العرض المسرحي‪...‬النص المسرحي‪...‬قضايا نقدية‪ ،‬مركز اإلسكندرية للكتاب ط‪،1‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪.72‬‬
‫(‪ )2‬قاجة جمعة‪ ،‬المدارس المسرحية و طرق اخراجها منذ اإلغريق حتى العصر الحاضر‪ ،‬نور للطباعة و النشر و‬
‫الدراسات‪،‬ط‪،1،2006،2007‬ص‪.258‬‬
‫(‪ )1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪،‬ص‪،‬ص‪.269،268،207‬‬
‫هي التي تؤثر في الشخصيات و الثانية هي ما يألتيه في المسرحية بتجاوبهم مع األحداث الخارجية أو‬
‫نفورهم منها»(‪.)26‬‬
‫كما أتفق على أنها «اصطالح يطلق على أي موقف أدبي ينطوي صراع و يتضمن تحليالته‪ ،‬عن‬
‫طريق افتراض وجود شخصين على األقل‪ ،‬وأنها مجموعة من المسرحيات تتشابه في األسلوب أو‬
‫المضمون ‪ ،‬وهي شكل من أشكال الفن القائم على تصور الفنان لقصة تدور شخصيات تتورط في أحداث‬
‫معينة‪ ،‬والفن الدرامي هو الذي تكون فيه الكلمات وسيلة للتعبير عن أفكار األشخاص الذين تخيلهم‬
‫الكاتب»(‪.)27‬‬
‫ا‪-‬أقسام الدراما‪:‬‬
‫في كتابه "الشعر" الى قسمين‪ Drama :‬ويقسم "أرسطو" الدراما‬
‫‪-1‬التراجيديا‪" :‬المأساة"‪:‬‬
‫وأصل المأساة عند اإلغريق يكمن في أغاني الديثراميوش و هي كما صنفها "د ‪ .‬ثروت" عكاشة‬
‫على شكل ‪ choures‬عرض يؤديه خمسون مغنيا يرقصون في شكل دائري بيمنا تصطف الجوقة المنشدة‬
‫مربع ينشدون نشيدا جماعيا تمجيدا إلله الخمر ديونيوس الملقب بديثرامبوس أي المولود مرتين احتفاءا‬
‫بأعياده‪.‬‬
‫ويعرف أرسطو المأساة فيقول«هي محاكاة األفعال النبيلة الكاملة و هي لها طول معلوم وتؤدي بلغة‬
‫ذات ألوان من الزينة تختلف با ختالف أجزاء المأساة‪ ،‬وتتم هذه المحاكاة بواسطة أشخاص يمثلونها و ليس‬
‫‪catharsis‬بواسطة الحكاية‪ ،‬وهي تثير في نفوس المتفرجين الرعب والرأفة وبهذا تؤدي إلى التطهير أو‬
‫أي التطهير النفسي من أدران انفعالتها»(‪.)28‬‬
‫‪ -2‬الكوميديا‪":‬الملهاة"‬
‫ولقد سلكت الملهاة نفس سبيل التطور الذي سلكته المأساة اذا أنها استمدت و جودها من شعائر أو‬
‫و قد ارتبطت أيضا باإلله ديونيوس وكانت ‪COMOS‬مسرحيات صامتة غير محتشمة صاحبت الكوموس‬
‫الملهاة بما تع رفه من مرح وفكاهة ونقد سخرية تبعث عن الموضوعات المضحكة والماجنة‪.‬‬
‫وتنقسم الملهاة إلى ملهاة قديمة يمثلها أريستوفانيس بأعماله‪ ،‬ثم تلتها مرحلة اخرى عرفت باسم الملهاة‬
‫(‪)29‬‬
‫الوسطية و هي عبارة عن محاكاة ساخرة و تهكمية‪.‬‬
‫‪-1‬الهيكل المسرحي‪:‬‬
‫من خصائص الفن المسرحي مجموعة من العناصر و األسس‪ ،‬وهو ما يميزه عن باقي الفنون و التي‬
‫تتمثل في‪ :‬خشبة المسرح‪ ،‬الممثلون‪ ،‬النص المسرحي‪ ،‬البناء الدرامي و المؤثرات‪.‬‬
‫ا‪-‬خشبة المسرح‪:‬‬
‫و هو مكان األحداث‪ ،‬يكون محصورا أو محدودا‪ ،‬تنحصر فيه الرؤية و المشاهدة‪ ،‬ويتحرك فيه‬
‫الممثلون‪.‬‬
‫ب‪-‬الممثلون‪:‬‬
‫وهم مجموعة من االشخاص الموهوبين يقدمون بتجسيد النص المكتوب من خالل أدوار تتناسب و‬
‫قدراتهم‪ ،‬فعن طريقهم يتصل المؤلف بالجمهور‪.‬‬
‫ج‪ -‬البناء الدرامي‪:‬‬
‫هو مجموعة أحداث تتصارع و تتعقد فيما بينها لتصنع دهشة و فرجة الجمهور و تكون المسرحية‬
‫سريعة ألن زمن العرض محدد‪.‬‬

‫(‪ )2‬محمد غنيمي هالل ‪ ،‬المقارن ‪ ،‬دار النهضة مصر للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬القاهلرة‪ ،1998 ،‬ص‪.134‬‬
‫(‪ )3‬فايز ترجيني‪ ،‬الدراما و مذهب األدب‪ ،‬المؤسسة الوطنية الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪،1988‬ص‪.67‬‬
‫(‪ )1‬أ‪.‬د جمعة قاجة‪ ،‬المدارس المسرؤحية و طرق اخراجها منذ اإلغريق حتى العصر الحاضر ‪ ،‬نور للطباعة و النشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬سورية‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،2007-،2006 ،1‬ص‪.23‬‬
‫(‪ )2‬شكري عبد الوهاب‪ ،‬تاريخ و تطور العمارة المسرحية‪،‬مؤسسة حور الدولية للنشر و التوزيع‪144،‬ش‪ ،‬طيبة‪،‬سبورتنيج‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪،2008،‬ص‪.45‬‬
‫د‪ -‬المؤثرات‪:‬‬
‫وهنا نتحدث عن الديكور و المناظر (السينوغرافيا) و اإلضاءة و المالبس المناسبة لنوع و طبيعة العرض‬
‫(‪)30‬‬
‫التمثيلي‪ ،‬كما تحقق التواصل مع الجمهور و التأثير فيه‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬التجريب وأشكاله‬


‫المبحث األول‪ :‬مفهوم التجريب و منهجه‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التجريب في المسرح‬
‫أ – مفهوم التجريب في المسرح‬
‫ب – موضوع التجريب في المسرح‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أشكال التجريب المسرحي‬
‫أ – التجريب في النص‬
‫ب – التجريب في العرض‬
‫ج – التجريب في اإلخراج‬

‫(‪ )1‬عبد هللا سرور ‪،‬النشر األدبي الحديث‪ ،‬البيطاش‪ ،‬سانتر و التوزيع‪ ،‬القاهرة‪،2005،‬ص‪،‬ص‪.102،101،‬‬
‫‪ -1‬مفهوم التجريب‪:‬‬
‫إن مفهوم التجريب و تحديد معناه الدقيق ما زال لحد اآلن سؤاال قائما«ألن التجريب أصبح‬ ‫يخترق‬
‫(‪)31‬‬
‫في كل مرة عوالم جديدة و يحدث ثورة على األشكال و األشياء المألوفة‪».‬‬
‫"التجريب" في النهاية القرن التاسع عشر وبدايات ‪ EXPERIMENTAL‬وتشكل مفهوم التجريب‪/‬‬
‫‪ ،‬الحداثة في ‪LA MODERNITE‬القرن العشرين‪ ،‬وقد ظهر هذا المفهوم في البدء مقترنا بمفهوم‬
‫الفنون وخصوصا الرسم والنحت بعد أن تالشت أخر المدارس الجمالية التي فرضت قواعد ثابتة‪ .‬و بعد‬
‫أن تأثرت الحركة الفنية بالتطور الثقافي الهائل في القرن العشرين و شهدت نوعا من البحث الذي تبلور‬
‫في اتجاهات و مدارس فنية كالمستقبلية و البنائية و التكعيبية والدادائية و السريالية و الرمزية و‬
‫(‪)32‬‬
‫غيرها‪...‬‬
‫« فكانت شريعته االستجابة لرغبات ليست محددة بعد‪ ،‬و التجاهات لم تندمج بعد في الممارسة المعرفية‬
‫(‪«...)3‬و ال أمكنت السيطرة عليها‪.‬فالنص ليس جواب عن سؤال‪ ،‬بل هو سؤال عن جواب لم يطرح بعد‬
‫المنهج التجريبي‪:‬‬
‫والم نهج التجريبي من المناهج البارزة حديثا و الضاربة في عمق التاريخ « فمنذ ظهور اإلنسان تميز‬
‫بسعيه لتجديد كل قديم و مألوف و أصبحت هذه السمات اإلنسانية التجريب واختبار المواد لمعرفة الصالح‬
‫(‪)4‬‬
‫والمناسب له‪ ،‬فكانت بداية لخطوات منهج تجريبي‪».‬‬
‫« و يعتمد المنهج التجريبي على أساس التحكم في مجموعة من المتغيرات التابعة وأخرى مستقلة‬
‫موضع للدراسة و قياس ما يطرأ على هذه المتغيرات التابعة حتى تغير نتيجة ارتباطها بالمتغيرات‬
‫المستقلة‪.‬ويمكن أن يعتمد المنهج التجريبي على بعض المناهج األخرى منها المنهج الفلسفي و المنهج‬
‫التنبؤي والمنهج االجتماعي»(‪ . )5‬كما أنه يطبق على العلوم االجتماعية و اإلنسانية كاآلداب والفنون‪،‬مثال‬
‫ذلك ما طبق في المسرح من تجريب صريح‪،‬ولكن بصيغة أخرى مختلفة عن أصوله و تطبيقاته العلمية‪.‬‬
‫ولقد طبق المنهج التجريبي في المسرح لتجاور األلوف وكسر االعتيادي‪ ،‬وتحطيم كل القواعد والسنن‬
‫الثابتة‪ ،‬وبعبارة أخرى فالمنهج التجريبي في المسرح هو الثورة على تلك التقاليد التي سنها اليونانيون‪،‬‬
‫واختراق للقواعد التي ضبطها وحددها "أرسطو"لفن المسرح في كتابه"فن الشعر"‪.‬‬
‫‪-2‬التجريب في المسرح‪:‬‬
‫عرف المسرح الحديث ظاهرة إبداعية فنية‪ ،‬اقترنت بمفهوم التجديد والحداثة‪ ،‬أال وهو التجريب‪ ،‬والذي‬
‫أخذ منحى تصاعديا و كليا في فن المسرح‪.‬‬
‫أ‪ -‬مفهوم التجريب في المسرح‪:‬‬
‫لقد حاولت الندوة التي أقيمت بالقاهرة بمناسبة"المسرح التجريبي" أن تحدد مفهوم التجريب في‬
‫المسرح من خالل مداخالت نقاد و باحثين و أصحاب اإلختصاص‪.‬‬
‫وحاول الناقد اللبناني"بول شاوول" إعطاء خصوصية للتجريب كفن قائم بحد ذاته وبالتالي يجب فصله‬
‫عن باقي عناصر المسرح األخرى‪ .‬أما الناقدة المسرحية"نهاد صليحة" فربطت التجريب في الوطن‬
‫العربي باألوضاع السياسية و اإلجتماعية التي تأثر في الفنان وعقله‪.‬‬
‫وأما المخرج العراقي "جواد األسدي" في مداخلته فقد ربط التجريب بمفهوم التدجين في ظل‬
‫الواقع‪.‬فالتجريب في الوطن العربي يمشي ضد الكليشهات الموجودة‪،‬و عقل الفنان مصادر من قبل السلطة‬
‫و السلطة ليست سياسية فقط بل إجتماعية و حرية التعبير‪...‬‬
‫أما "روجيف غسان" رائد المسرح الحكواتي في لبنان‪ ،‬فيرى أن المسرح التجريبي ملهم وضروري‪،‬‬
‫ي جديد هو الذي يفرض‬ ‫والمسرح امتداد للحياة و يمارس الحياة‪ ،‬وهذه الممارسة فنية‪ ،‬فيها كل يوم ش ْ‬
‫(‪) 33‬‬
‫البحث عن الشكل جديد للتعبير وهذا في حد ذاته تجريب‪.‬‬

‫(‪ )1‬ح فناوي بعلي‪ ،‬أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر‪ ،‬منشورات إتحاد الكتاب‬
‫(‪)2‬الجزائريين‪،‬ط‪،2002،1‬ص‪.347‬‬
‫ماري إلياس و حنان قصاب‪ ،‬المعجم المسرحي‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬بيروت‪،‬لبنان‪،‬ط‪،1997،1‬ص‪.118‬‬
‫(‪)3‬جان دو فينو‪،‬سوسيو لوجية المسرح‪،‬ترجمة حافظ الجمالي منشورات وزارة الثقافة و اإلرشاد القومي‪،‬ص‪.401‬‬
‫(‪ )4‬مايكل فاندين هوفيا‪،‬المسرح التجريبي و مفهوم الالتحدد‪،‬ترجمة سامح فكري –مجلة فصول‪-‬مجلد‬
‫(‪)5‬مصطفى محموداْبو‬ ‫‪13‬عدد‪4‬شتاء‪،1995،‬ص‪. 54‬‬
‫بكر‪،‬احمد عبد هللا‪،‬مناهج البحث العلمي‪،‬الدار الجامعية‪،‬ط‪،1،2007‬ص‪.61‬‬
‫(‪ )1‬حفناوي بعلي‪ ،‬أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين ‪ ،‬دار‬
‫الهومة‪،‬ط‪،2002 ، 1‬ص‪.347‬‬
‫وما الشك فيه أن مفهوم التجريب في مجال المسرح‪،‬قد اتخذ معان عديدة و ذلك أن كل التيارات التي‬
‫ظهرت منذ مطلع القرن العشرين على تعداد أشكالها واتجاهاتها كانت تهدف الى ابتكار أشكال تعبيرية‬
‫جديدة‪ ،‬و الدعوة إلى تجاوز المسرح القديم والتمرد عليه‪.‬لكن كلمة تجريب في المسرح في الوقت الراهن‬
‫تدل على نوع محدد من المسرح له خصائ ص و أساليبه‪ ،‬والمسرح التجريبي الحديث ظاهرة عالمية ال‬
‫يخص بلد دون آخر فهو منتشر تقريبا في جميع دول العالم و« يعرف المسرح التجريبي بأنه المسرح الذي‬
‫يحاول أن يقدم في المجال اإلخراج أو النص الدرامي أو اإلضاءة أو الديكور‪...‬الخ أسلوبا جديدا يتجاوز‬
‫الشكل التقليدي ال يقصد تحقيق نجاح تجاري‪ ،‬ولكن بغية الوصول إلى الحقيقة الفنية‪.‬و عادة ما يتحقق هذا‬
‫التجاوز عن طريق معرضة الواقع والخروج إلى منطقة الخيال والمبالغة في الخروج في بعض‬
‫(‪)34‬‬
‫األحيان»‬
‫ب‪ -‬موضوع التجريب في المسرح‪:‬‬
‫أما بخصوص موضوع التجريب في المسرح فقد عرفت الساحة المسرحية العربية نقاشا حادا حول‬
‫موضوع التجريب‪ ،‬فأبدى البعض تخوفه بدعوى أن التجريب خرق وتجاوز يهدد التقاليد والقواعد‪،‬ويرون‬
‫ضرورة الحفاظ على النقاء الثقافي كحماية التمايز و الخصوصية الثقافية و من هنا جاء التأصيل العربي‬
‫يبشر بميال شكل مسرحي عربي مغاير للمسرح الغربي‪ ،‬وراح يبحث عن ظواهر جنينية للمسرح و‬
‫تظاهرت شعبية‪ ،‬فرصد فنون الفرجة في التراث العربي كمحاولة لرفضها لتقليد المسرح الغربي تأكيدا‬
‫لهوية المسرح العربي المنشود و هم بذلك يرفضون التبعية للغرب‪"،‬وفي حين يرى دعاة التجريب في‬
‫المسرح بأنه حالة من اإلبداع المست مر يبحث عن جديد و يحاول أن يتجاوز الصيغ المقيدة ويراهن على‬
‫التحول وتجدد أدواته الكتشاف مجاالت جديدة للتفكير والتعبير‪ .‬وإذا كان التجريب يحتفي بالتنوع و‬
‫اإلختالف فانه الينفي األشكال السابقة عليها‪ ،‬و انما يجدد الرؤى و ينوع األساليبن إنه اختيار مستمر‬
‫لألفكار واألشكال واألدوات‪ ،‬وهذا انطالقا من أن التمايز الثقافي ال ينفي التفاعل مع الثقافات األخرى‪،‬‬
‫ويرون أن هذا تثاقفا وليس تبعية‪.)35(".‬‬
‫وألن موضوع التجريب أيضا هو ذلك الفن الذي ولد من العمل وفي الفن نلمس تلك المتعة الجمالية‪،‬و‬
‫التي ارتبطت بالحاجة اإلنسانية‪ ،‬فكانت حواس اإلنسان الخارجية البصر‪ ،‬الشم‪ ،‬السمع‪ ،‬اللمس‪ ،‬الذوق‪ ،‬قد‬
‫تهذبت من خالل النشاط العلمي‪ ،‬فانتقل بها الى ثراء الحاالت الشعورية واألحاسيس اإلنسانية‪.‬‬
‫« فالمعاناة الجمالية و الشعور الجمالي مالزم لإلنسان في كل إيماءة و كل حركة و كل عمل يقوم به‬
‫وفي كل وقع لل حياة عليه‪ ،‬وتجد تلك المعاناة وذلك الشعور تجسيدهما في االعمال الفنية فكانت هذه‬
‫المحاوالت ارتقاء بالتجريب المتصل بالحاجة المباشرة الى أن يكون تشكال ذا صبغة جمالية‪.)36(».‬‬
‫كما أن موضوعه هو ذلك الغنى بالمضمون و األهداف و الفقر من اإلكسسوارات‪،‬فهو يخاطب عقل‬
‫وذهن المتفرج و بعبارة أخرى ‪ «:‬نحن نشخص لك الحالة ‪،‬نريد أن نكشف لك جوهرها (ال نريد لك ان‬
‫(‪)37‬‬
‫تنسى أننا نشخص )هكذا يقول المسرح التجريبي لمتفرجه»‬
‫‪ -2‬أشكال التجريب في المسرح‪:‬‬
‫وتكمن العالقة التي تجمع بين التجريب و المسرح في أن له أشكاال و أوجه متعددة تتوزع على‬
‫مستويات الفن المسرحين‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اْ– التجريب في النص‪:‬‬
‫مهما كانت أهمية دور المخرج و الممثل المسرحي ‪،‬فإن النص يبقى المادة األولى التي بدونها اليمكن‬
‫وجود هذا النوع من المشاهد‪.‬‬
‫ونص مسرحي جيد يجب أن يترك المخرج و للمثلين هامشا لإلبداع وكم من مسرحيات تبدو لنا عند‬
‫ا لقراءة طرفة فنية أصيلة‪،‬كانت فاشلة أو أنها لم تعرف سوى القليل من النجاح ‪،‬رغم إجادة الممثلين‬
‫لألدوار« فالمخرج أو رئيس الغرفة عندما يريد أن يختار نصا مسرحيا ‪،‬فهو يحاول إرضاء جمهور معين‪،‬‬
‫جمهور عصره‪ ،‬فهو يريد إخراج نص جديد و لكن على أن يكون كثير األختالف عما اعتاد رؤيته في‬

‫(‪ )1‬ماري إلياس و حنان قصاب‪ ،‬المعجم المسرحي‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1،1997‬ص‪.195‬‬
‫(‪ )2‬ف وزي فهمي‪ ،‬مقدمة منشورة في كتاب هيلين جلبرت وجوان تومكينز‪ ،‬الدراما بعد الكولونيالية‪ ،‬ترجمة‪ :‬سامح‬
‫فكري‪ ،‬القاهرة‪ :‬أكاديمية الفنون‪ ،1998 ،‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )3‬عبد المنعم تليمة‪ ،‬مقدمة في نظرية األدب‪ ،‬دار العودة بيروت‪ ،‬ط‪ ،1983 ،3‬ص‪.10‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬نديم معال محمد‪ ،‬مقاالت نقدية في العرض المسرحي‪،‬دار الفكر الجديد ‪،‬ط‪،1،1990‬ص‪.44-43‬‬
‫الن التجريب هو فتح جديد‪ ،‬وتجاوز لكل طريقة كتابة سبق أن‬ ‫مسرح معين‪،‬وهن يبدأ التأليف في التجريب ْ‬
‫(‪)38‬‬
‫مارسنها أو مورست من غيرنا»‬
‫وهنا يختار رئيس الفرقة المسرحية‪ ،‬ثم يقوم بخطوة حاسمة يمكن أن تكون نتائجها كبيرة بالنسبة إليه‪،‬‬
‫وإلى فرقته على الصعيد من األصعدة‪ « ،‬فإذا وفق اختياره للنص فهو الحظ‪،‬و إذا كان اختياره غير موفق‬
‫فهي الكارثة تقريبا‪ ،‬لذا يمكن أن يحيط نفسه بألف حيطة قبل التورط‪،‬فقد مضى الوقت الذي يكفه إمتالك‬
‫مالبس و ديكوره وممثلين‪،‬أما النص فيأتي في الدرجة األخيرة واليوم ليس األمر كذلك‪ ،‬فالنص المسرحي‬
‫(‪)39‬‬
‫هو الخطوة األولى فكل خلق مسرحي و تجريب ينطلق من النص»‬
‫فمن خصائص المسرح التجريبي تفكيك نصه‪ ،‬وإلغاء سلطته النص أي إخضاع النص األدبي للتجريب‬
‫و التخلص من الفكرة ليقدم حالة فنية و ليس أفكارا أو تجربة حرفية للنص و بالتالي خلق فضاء أوسع‬
‫(‪)40‬‬
‫لألداء عبر صيغة"بلوفونية" ذات داللة معبرة‪..‬‬
‫« و في معظم األحيان نجد أن النصوص المسرحية الترضى المخرج و الممثلين ما دامت وجهة نظر‬
‫الكاتب غير المعتاد على المسرح التجريبي مختلفة عن وجهة نظر رجل المسرح التجريبي الذي يرى‬
‫ويسمع المسرحية بعقله بدال من أن يقرأها‪ ،‬ولذلك ففي العمل التجريبي البد أن نتعامل مع هذا المستوى من‬
‫النصوص بحجة أزمة النص‪،‬فإن ثالث أرباعها أو أربعة أخماسها تكون قد حذفت‪ ،‬وعندئذ تصبح‬
‫الممكنات في النص خاضعة لفحوص عديدة متتابعة ومناقشات غير منتهية‪ ،‬ومن النادر ومهما كانت‬
‫طبيعة النص أن يظل محتفظا بحالته األولى فالتجريبيون يطلبون من المؤلف إجراء تنقيحات تكون قاسية‬
‫(‪)41‬‬
‫أحيانا»‬
‫وهكذا يوضع النص قيد المراجعة ويمكن أن يتعرض لتغيرات عميقة يقوم بها المؤلف حيث يكتب نصا‬
‫يجتزي ويطول وفق لما يشعربه و أحيانا بعد التمثيل عدة مرات فإن تغيرات جديدة تحدث و هنا‬ ‫ْ‬ ‫جديدا‬
‫يكمن سر ا لتجريب في التأليف وتضحي العملية أكثر تعقيدا على عكس ماهو ساري في التأليف عادة‪.‬‬
‫« ففي الكتابة التجريبية تأتي المعاني على أفواه الممثلين تصطرع في سرعة و حيوية‪ ،‬تكاد تقتلع نفوس‬
‫المشاهدين إقتالعا بحيث تطوف بهم داخل نفوس إنسانية تتضارب فيها الرغبات واألفكار تضاربا بالغ‬
‫(‪)42‬‬
‫العنف»‬
‫ب)–التجريب في اإلخراج‪:‬‬
‫إن المخرج في دراسته للنص إن لم تتضح له الفكرة فهو غير قادر على أن يوصل ما لديه من إبداع‬
‫للجمهور‪ ،‬وإذا توصل المخرج إلى ما يرمي اليه المؤلف استطاع بحسه الفني والعلمي أن يوجه الممثلين‬
‫بحيث تلتقى جهودهم كلها حو ل هذا التفسير الذي تشارك في توضيحه أيضا كل عناصر اإلخراج األخرى‬
‫من إضاءة و ديكور و غيرها‪...‬‬
‫«لقد استطلع "ستانيسالفسكي" حال الناس وسلوكهم أكثر مما استطلع المكان ومن ثم فقد تطور أسلوب‬
‫اإلخراج واألداء الواقعي وابتعد بذلك عن المنهج التقليدي القائم على المحاكاة الخارجية للحقيقة‪،‬وتوصل‬
‫بفعل المنهج التجريبي الى اقتناع كامل بأن الممثل اإلنسان هو القلب النابض للنص المسرحي و على‬
‫(‪)43‬‬
‫ضوء ما سبق فقد صاغ ستانيسالفسكي التقنية النفسية كمنهج األداء الممثل»‬
‫وألن التجريب في اإلخراج هو عملية خلق إبداعية‪ ،‬فقد كانت و الزلت مجال للبحث والدراسة من قبل‬
‫نقاد ودارسين‪،‬فالمخرج هو قائد األوركسترا يلونها كيفا يشاء بمفهومه وغالبا ما تكون النتيجة أننا النرى‬
‫على المسرح نص المؤلف بمقدر ما نرى رؤية المخرج لهذا النص‪ « ،‬و إذا أردنا أن نضع أيدينا على أول‬
‫الخيط في عملية الخلق المسرحي‪،‬فالبد لنا أن نغوص أوال في عقل المخرج لمبدع‪ ،‬وهو يكون رؤياه‬
‫للنص و يحول هذه الرؤية إلى جسم موضوعي هو المسرحية التي نراها في النهاية ممثلة»(‪.)44‬‬

‫(‪ )2‬حفناوي بعلي‪ ،‬أربعون عاما على خشبة المسرح الهواة في الجزائر‪،‬منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين‪ ،‬ط‪،2002 ،1‬‬
‫ص‪.363‬‬
‫(‪ )3‬فليب فان تيغم‪ ،‬تقنية المسرح‪،‬ترجمة بهيج شعبان‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬باريس‪ ،‬ط‪،2‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )4‬أن أوبر سفيلد ‪ ،‬حوار حول أزمة مجلة البحرين الثقافية‪،‬العدد‪،32،2002‬ص‪.102‬‬
‫(‪ )1‬حفناوي بعلي ‪ ،‬أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر‪،‬منشورات إتحاد الكتاب الجزائريين‪،‬‬
‫ط‪،1،2002‬ص‪.364‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرحيم مرزوق‪ ،‬عبر الفهامة‪ ،‬المهرجان المسرحي التجريبي‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬يومية النصر‪.1999/12/25،‬‬
‫(‪ )3‬حفناوي بعلي‪ ،‬المرجع نفسه ‪،‬ص‪،‬ص‪.366،367،‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬سمير سرحان‪ ،‬دراسات في األدب المسرحي‪،‬هال للنشر و التوزيع ‪،‬ط‪1،1427‬م‪،2006،‬ص‪.207‬‬
‫إن سطور أية مسرحية ليست سوى التوجيهات الوحيدة التي يحتاجها المخرج القدير عندما يقرأ‬
‫مسرحية ما‪ ،‬فإننا نضع أنفسنا ال شعوريا وغالبا موضع المخرج‪،‬و هذا يعني أن أي قارئ ذكي باستطاعته‬
‫إخراج مسرحية يقرؤها أو التمثيل فيها و في الوقت نفسه فإن قابلية المعرفة بكل مهارات اإلخراج‬
‫المسرحي التعتبر مؤهال للحكم على جودة المسرحية و كل ما يمكن أن يقال هو أن المخرج يضطر الى‬
‫اإلجابة على أسئلة غير منتهية يقتضيها إخراج العمل‪ « ،‬ولذا فإن المخرج التجريبي مطالب أن يطلع في‬
‫حساباته كل اإلجابات على تساؤالت المشاهد أو القارئ‪ ،‬وهنا تصبح عملية اإلخراج أكثر من عملية‬
‫(‪)45‬‬
‫تركيب بين األشياء والوسائل‪ ...‬عملية إبداعية‪»..‬‬
‫ج)‪ -‬التجريب في العرض‪:‬‬
‫ألن التجريب هو محاولة لضخ دماء جديدة في المسرح‪ ،‬واكتشاف أساليب جديدة للتعبير المسرحي‪،‬‬
‫سواء بالكلمة أو الموسقى والسينوغراف‪ ،‬فقد كان العرض المسرحي الحيز األكبر من هذا الشكل الجديد‬
‫والحديث‪ ،‬ولما كان التجريب تمردا‪ ،‬فمن المؤكد أنه إبداع في النهاية و مرادف للتغيير والتطوير‪،‬‬
‫ف اإلنسان بطبيعته يجرب ويخترق عوالم جديدة‪ ،‬والفنان الممثل أكثر الناس ممارسة للتجريب و خاصة‬
‫أثناء أداء العرض‪.‬‬
‫وهنا فقد أنتج المسرح التجريبي بدائل كالمية و أصبح الجسد والحركة واإلشارة واإليماءة لغة مشتركة‬
‫تعبر لوحدها‪ ،‬لذلك تحقق العروض الحركية والبصرية تفوقا على العروض التي تعتمد على النص‪ ،‬فهناك‬
‫مستويات عديدة للتعبير الدرامي‪ ،‬أهمها التعبير بالحركة و الجسد و تكمن قوة هذه العروض في كيفية‬
‫ضبط الجسد باإليقاع و الرقص والحركة بحيث يتم االستغناء كلية على اللغة‪ ،‬ويفسح المجال بالتالي‬
‫لعناصر جديدة تصبح اللغة عبرها بمثابة معادل مرئي يستطيع الكشف عن أفكار الشخصيات‪.‬‬
‫« ويمكن أيضا التجريب في العرض عند استخدام الممثلين لمساحات أخرى ما وراء خشبة المسرح أي‬
‫مساحات أوسع كفضاء مسرحي يعكس الروح العميقة واإلنفتاحية على تميز أكثر أثناء أداء العرض»(‪.)46‬‬
‫وقد تلغى الخشبة المسرحية أحيانا‪ ،‬وقد يكون على الطريق األخر لسان خشبي يمتد الى عمق الصالة‬
‫بمحاذاة الجدار وعلى ما تبقى من مقدمتها حقائب صناديق‪،‬و قد تتحول إلى مقاعد يجلس عليها الممثلون و‬
‫يضعون فيها أشيائهم الخفيفة و البسيطة عند الرحيل‪،‬و هذا على سبيل المثال‪.‬‬
‫«فالعرض التجريبي في المسرح يقتصد في الديكور والمالبس واإلضاءة وكل شيء أن يساعد على سهولة‬
‫الحركة وسرعة التنقل و قد تستعمل أقنعة‪ ،‬وآالت موسيقية خفيفة (إيقاعات خشخشات‪ ،‬دخان‪ ،‬ضباب‪)...‬‬
‫معلقة على الجدران وإضاءة عامة تتغير قليال وأحيانا»(‪.)47‬‬
‫«كما أن السينوغرافيا هي البطلة‪ ،‬فيأتي دور ا لتعبير الجسدي في توصيل الحالة الفنية وكأنها اللغة التي‬
‫تضاف إليها اإلشارات و األدوات المتاحة لمحاكاة المتفرج»(‪.)48‬‬

‫(‪ )2‬س‪.‬داوسن‪ ،‬الدراما و الدرامية‪ ،‬ترجمة جعفر صادق الخليلي‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1980 ،1‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )1‬حفناوي بعلي ‪ ،‬أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين‪ ،‬ط‪،2002 ،1‬‬
‫ص‪.360‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬نديم معال‪ ،‬مقاالت نقدية في العرض المسرحي‪ ،‬دار الفكر الجديد ‪ ،‬ط‪ ،1990 ،1.‬ص‪.43‬‬
‫(‪ )3‬مايكل فاندين هوفيا‪ ،‬المسرح التجريبي و مفهوم الالتحدد‪ ،‬ترجمة سامح فكري‪ -،‬مجلة فصول– مجلد ‪ 13‬عدد ‪ 04‬شتاء‬
‫‪،1995،‬ص‪.34‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬التجريب في المسرح‬
‫المبحث األول‪ :‬التجريب في المسرح الغربي‬
‫أ – التجريب في المسرح اإلنجليزي‬
‫ب – التجريب في المسرح الفرنسي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التجريب في المسرح العربي‬
‫أ – التجريب في المسرح البناني‬
‫ب – التجريب في المسرح المصري‬
‫التجريب في المسرح الغربي‪:‬‬
‫« التجريب في أوروبا‪ ،‬محاولة إلنقاذ المسرح الذي يموت‪ ،‬أو هو محاولة للخروج من الباب المسدود‬
‫الذي يواجه الثقافة البرجوازية‪ ،‬أما بالنسبة لنا فإن مفهوم التجريب يعني البحث عن المسرح أو خلق‬
‫(‪«.)49‬مسرح أصيل و فعال في المناخ االجتماعي‬
‫وبدأت البوادر الفعلية للتجريب المسرحي في أوروبا‪ ،‬وتزامنت مع بزوغ فجر جديد‪ ،‬نتيجة تظافر‬
‫المجهودات الفكرية لدئ الكتاب المسرحيين و بعض المفكريين و كذا تقلص الخطاب الديني‪ ،‬وعندئذ‬
‫انتقلت المسرحية من وظيفة الوعظ المباشرواستخالص النتائج الى طرح التساؤوالت الفلسفية في الواقع و‬
‫إراداته الخيرة‪.‬‬
‫« ومن ثم بدأ التجديد يراود كتاب المسرح‪ ،‬وخاصة حين إشتد التنافس بين الفرق المسرحية‪،‬الحتالل‬
‫موقع اإلعجاب و التقدير و نيل العطاء والرضا‪ ،‬فدخلت المسرحية غمار التجريب أو البحث الحقيقي عن‬
‫(‪)50‬‬
‫إمكانية تطويرها‪ ،‬استجابة للمتطلبات الظرفية»‬
‫وفيما بعد سنظهر بعض من فعل التجريب فوق أعتق خشبتين مسرحتين غربيتين‪ ،‬أال وهما‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المسرح اإلنجليزي‪.‬‬
‫ب‪ -‬المسرح الفرنسي‪.‬‬
‫أ‪ -‬التجريب في المسرح اإلنجليزي‪:‬‬
‫« إن المالمح األولى لتجلي مفهوم التجريب في المسرح اإلنجليزي كانت في بادئ األمر بعد أن ابتعدت‬
‫الدراما اإلنجليزية عن الدين والكنيسة(كما حدث في جل أوروبا) وامتزاجها بالتراث من ناحية أخرى‪.‬وبداْ‬
‫االنفصال عن الكنيسة بعد صدور قرار يحرم العروض المسرحية داخل الكنيسة ونتيجة لهذا انتقلت‬
‫(‪. )3‬‬
‫العروض المسرحية من الكنيسة إلى الساحات الشعبية أثناء المهرجانات و المناسبات الدينية» ‪.‬‬
‫ويمكننا ا لقول بأن مفهوم التجريب في المسرح اإلنجليزي قد تبلور حاصة في الفترة اإلليزابتية الممتدة‬
‫ما بين(‪ ) 1558-1603‬والتي تعكس تطور فن المسرح في انجلترا ‪ ،‬خاصة مع ما جاء به الثالثي العمالق‬
‫«وإذا نظرنا نظرة‬ ‫من تجديد وهم( كريستوفر مارلو‪ ،‬بن جونسون‪ ،‬وشكسبير)‪.‬‬
‫سريعة الى نتاج المسرح في عصر الملكة إليزابت‪ ،‬أي الى مسرح في الفترة الممتدة من القرن السادس‬
‫عشر الى القرن السابع عشر سوف يدهش لكم التنوع و التجريب الذي احتوته هذه الفترة فالى جانب عدد‬
‫هائل من التراجيديات المتنوعة‪،‬سيجد الكوميديا الرومنسية الشعبية‪ ،‬وكوميديا األمزجة التي تأثرت‬
‫بنظريات علم النفس التي سادت ذلك العصر و التي أبدع فيها (بن جونسون) والمسرحية السياسية الساخرة‬
‫التي كانت عادة تنتهي بالقاء كاتبها في السجن تهدف الى اصالح المجتمع الى جانب هذا و ذاك ‪،‬ظهر في‬
‫المسرح اإلليزابتي نوع من الكومديا التي يمكن وصفها بأنها كوميديا و اقعية حيادية‪...‬تلك التي تعرف‬
‫باسم كوميديا المدينة»(‪ )51‬وفيما يلي سنظهر بعض من التجريب المسرحي أعظم المسرحيين اإلنجليز‬
‫وأشهرهم‪ ،‬أال وهو "وليام شكسبير"‪.‬‬
‫* تجربة واليام شكسبير"‪"1616-1564‬‬
‫أعظم الشعراء والكتاب المسرحيي ن اإلنجليز‪ ،‬ومن أبرز الشخصيات في األدب العالمي إن لم يكن‬
‫أبرزها على اإلطالق‪ ،‬يصعب تحديد عبقريته بمعيار بعينه من معايير النقد األدبي‪،‬إن كانت حكمه التي‬
‫وضعها على لسان شخصيات رواياته خالدة في كل زمان‪.‬هناك تكهنات و روايات عديدة عن حقيقة‬
‫شخصية التي يكتنفها الغم وض و اإلبهام‪ ،‬و عن حياته التي التي اليعرف عنها إال القدر اليسير‪ ،‬والثابت‬
‫أن أباه كان رجال له مكانته في المجتمع‪ ،‬وكانت أمه من عائلة ميسورة الحال‪ ،‬وقيل إنه بلغ حدا من‬
‫التعليم‪ ،‬مكنه من التدريس في بلدته سترات فورد ‪-‬أون فون‪ -‬التي يوجد بها اآلن مسرح سمي باسمه يقوم‬
‫بالتمثيل على خشبته أكبر الممثلين المتخصصين في رواياته‪.‬‬
‫وقد كان شكسبير رجل زمانه على الرغم من عالمية فنه‪ ،‬إذ تأثر إلى حد بعيد بمعاصريه من كتاب‬
‫المسرح مثل" توماس كيد" وكريستوفر مارلو" فخاطب مثلهم الذوق الشعبي في عصره‪ ،‬وهو الذوق الذي‬
‫كان يهوى المشاهد ال هزلية ذات الطابع المكشوف التي كانت تتخلل المسرحيات التراجيدية لتخفف من حدة‬
‫وقعها‪.‬‬

‫(‪ )1‬سعد هللا ووس‪ ،‬دفاتر مسرحية‪ ،‬مجلة المسرح التجريبي‪ ،‬القاهرة‪،‬ع‪،8،1993‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )2‬عبد الكريم جدري‪ ،‬نماذج من المسرح األوروبي الحديث‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين‪ ،‬ط‪،1‬ص‪.86-85،‬‬
‫ص‪ ، .11‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ،‬أضواء على المسرح االنجليزي ‪ ،‬نهاد صليحة )‪(3‬‬
‫(‪ )1‬نهاد صليحة‪ ،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪25‬‬
‫هذا و قد كان لشكسبير أثره الكبير في آداب جميع األمم على اإلطالق وتأثر به جميع الكتاب‬
‫والشعراء واألدباء في كل بلد ان العالم‪ ،‬وفي كل العصور في القرن السابع عشر و الثامن عشر والتاسع‬
‫عشر خاصة‪ ،‬ومن روائعه‪:‬‬
‫‪ -‬الملك ليز‪.‬‬
‫‪ -‬هاملت‪.‬‬
‫‪ -‬عطيل‪.‬‬
‫‪ -‬كليوبترا‪.‬‬
‫(‪) 52‬‬
‫‪ -‬روميو و جوليت‬
‫وسنتطرق فيما يلي إلى مسرحية من مسرحياته الشهيرة ‪ ،‬أالوهي "هاملت"‪،‬إلظهار بعض من التجريب‬
‫والتنويع فيها‪.‬‬
‫وأول ما نالحظه من تجريب قام به"وليام شكسبير" هي مسرحيته"هاملت" و التي تندرج ضمن ما‬
‫يسمى بتراجيديا االنتقام ‪« ،‬يظهر حينما يستخدم هذا اللون المسرحي‪-‬تراجيديا اإلنتقام‪ -‬استخداما ساخرا‬
‫خلطه من أساسه حين وضع في قلب مسرحيته بطال سلبيا يختلف جذريا عن صورة المنتقم التقليدي‬
‫المتعطش للدماء‪ ،‬و الذي تسيطر الرغبة في االنتقام على كل حواسه» (‪ )1‬والمعروف عن الخاص والعام‬
‫بأن اإلنتقام يأتي كرد فعل عن ظلم أو قهر فيأتي المنتقم متعطشا للنيل من ظالمه‪ ،‬وهذا بحسب القصص و‬
‫الروايات القديمة و الحديثة‪.‬‬
‫وعلى عكس البيئة التقليدية لمسرحية اإلنتقام ال يشرع البطل في خطة محكمة أو تدبير سلسلة من‬
‫األحابيل و الحيل لتحقيق هدفه‪،‬بل يكتفي بالتظاهر بالجنون واإلستغراق في التأمالت الفلسفية‬
‫و اليستيقظ إلى حين و صول الفرقة المسرحية في الفصل الثاني‪«...‬مما يجعلنا نشعر أن محاولة التيقن‬
‫هذه ليست سوى حيلة نفسية أخرى يلجأ إليها هاملت ليؤجل فعل االنتقام‪ ،‬وكأنه منتقم رغم أنفه‪ ،‬وكأنه‬
‫يرفض أن يلعب الدور المرسوم له في الدراما الدائرة من حوله إن هاملت يرفض أن يلعب دور المنتقم‬
‫وأن يأخذ بمقاليد الحبكة في يده حتى قرب منتصف المسرحية حين تحول المسرحية مسارها تماما فينقلب‬
‫الملك كلودياس من الضحية المتوقعة أي المفعول به المتوقع إلى دور الضحية و المفعول به»(‪.)53‬‬
‫وما تبادل أدوار الفاعل و المفعول به في معالجة "شكسبير" لترا جديا االنتقام إال ليفجر بيتها الداخلية‬
‫التقليدية ‪ ،‬مولدا بنية دراميه جديدة‪.‬‬
‫وهذا كله على سبيل التغيير و التجريب الذي قام به "وليام" على مستوى البنية الداخلية للمسرحية"‪.‬‬
‫من ناحية أخرى نستشف ناحية من التجريب‪ ،‬الذي أبدعه"وليام شكسبير" وذلك بعدما أخضع المسرح‬
‫للعلم‪ ،‬وهذا سبيل من سبل التجريب الحديثة‪ « ،‬فهاملت يطمع الى معرفة الحقيقة المرة والتي أسفرت عن‬
‫موت أبيه وتولي أو اغتصاب عمه العرش‪ ،‬و هنا قام الدليل التجريبي في فكرهاملت و بحثه منذ البداية‬
‫عن الحقيقة‪ ،‬خاصة وقفه المندهشة إزاء التناقض الذي الحظه على مسلك أمه وعمه على األسلوب‬
‫تجريبي اإلستنتاجي الذي يبدأ بدراسة الكل ثم يستنتج نتائج منطقية تسري الى أجزاء و ذلك مطابق لمنهج‬
‫ديكارت(‪ )1596-1650‬الذي يقوم على دراسة المبادئ والقواعد العامة فيطبقها على األجزاء‪ ،‬اي ينطلق‬
‫(‬
‫)‪3.‬في بحثه من االستنتاج العام إلى االستنتاج الخاص»‬
‫ثم إنه بدا االستماع إلى القصة كلها من أبيه ثم بدأ بتحقيق صحة القصة والتحقيق من صدقها جزاءا‬
‫فجزءا و مطابقة النتيجة الكلية للقصة على كل جزء منها‪.‬‬
‫« وهو بعد ذلك يواصل البحث بالمنهج التجريبي اإلستنتاجي نفسه حيث يجري تجربته النهائية بعرض‬
‫الحدث كله بواسطة إعادة تمثيل حادثه مقتل أبيه على يد عمه وأمه كما رواها شبح الملك القتيل على‬
‫اعتبار أن الرواية الشبح هي استنتاج عام استنتجه هاملت ليكشف عن طريق تأثير العرض كله على عمه‬
‫وأمه مدى مطابقة الجزء الكلي‪ ،‬وقد تحقق له ذلك وطابق لمنطوق الجزئي بالمنطوق الكلي»(‪.)54‬‬

‫(‪ )1‬وليم شكسبير‪ ،‬روائع شكسبير" كليوبترا" دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪،‬ط‪،1990 ،1‬ص‪.4-3‬‬
‫(‪ )2‬نهاد صليحة‪ .‬نفس المرجع‪،‬ص‪.88‬‬
‫(‪ )3‬نهاد صليحة‪،‬نفس المرجع‪،‬ص‪.89‬‬
‫(‪ )4‬نهاد صليحة‪ ،‬نفس المرجع‪،‬ص‪.94‬‬
‫)‪ (1‬أبو الحسن سالم‪ ،‬فنون العرض المسرحي ومناهج البحث‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر‪،2004،‬ص‪.147-146،‬‬
‫« فتبدو الشخصية الرئيسية فيها شخصية شكسبيرية حقا بضخامة حركتها النفسية و ضخامة الواعث‬
‫التي تحركها‪...‬فاإلنسان ليس كائنا بسيطا وعبقرية شكسبير تتجلى أكثر ما تتجلى في أنه يقدم لنا اإلنسان‬
‫بكل ما فيه من تعقيد و تركيب وبكل ما يحيط به من ظالل وأنوار‪.)55( »..‬‬
‫وهذا هو بعض التجريب الذي قدمه "شكسبير" للمسرح العالمي عموما و المسرح اإلنجليزي خصوصا‬
‫‪ ،‬حيث أنه جدد في المسرح ‪ ،‬وأخضعه للعلم والفلسفة‪ ،‬وتظهر لنا شخصياته المسرحية "شكسبيرية" لحد‬
‫بعيد و هو ما يعكس خلود مسرحه في كل مكان و زمان‪.‬‬
‫ب‪ -‬التجريب في المسرح الفرنسي‪:‬‬
‫منذ تأسيس األكاديمية الفرنسية سنة ‪1629‬م أمست الكالسيكية منهجا تقيميا لألعمال الفكرية وأتت في‬
‫امتدادها ثورة على الثقافات القرون الوسطى (الخرافية والدينية)‪ ،‬وكان في ذلك المسرحية الفرنسية دورا‬
‫في التحديث وتكوين الحداثة من جراء ما اعتمده األكاديميون من مقاييس مركزة على عدد من النظريات‬
‫في التراث المسرحي( األغريقي‪-‬روماني) في مجال النص و قولبة األحداث دراميا‪.‬‬
‫وصارت الكالسكية وقتها منبعا لإلبداع المسرحي الفر نسي في التعامل مع األفكار وعالقتها بقضايا‬
‫العصر‪.‬‬
‫« وانطالقا من هذه اإلعتبارات و تلك انتعشت المسرحية الفرنسية في مركباتها األدبية والفنية بشكل‬
‫جعلها تستقطب الجمهور الواسع‪ ،‬لما كان لها من دور في التأثير على العاطفة والفكر ومن خالل‬
‫صياغيتها في سياق تصوري ألزمات و تصورات الضحايا من الطبقة اإلجتماعية األكثر حرمانا‪،..‬‬
‫وبانتهاج المسرحيين الفرنسيين التحرر من القواعد الكالسكية خاصة بعد تغلغل أصناف ( التراجي‪-‬‬
‫كوميدي) ومسرحيات العباءة والسيق‪ ،‬وكذا بعض الكوميديات كالكوميديا السلوكية وكوميديا الطباع‬
‫وكوميديا الدسيسة والكوميديا العاطفة بقوة كمنموذج بديل عن الكالسكية والتي وجدت صدى لدى‬
‫الجمهور الفرنسي» (‪.)56‬‬
‫وبالرغم من تلك الخطوات التحديثية التي دخلت على المسرحية الفرنسية بقى االدباء الفرنسيين‬
‫متمسكين بنماذج (راسين‪،‬كورناي‪،‬موليير) والذين خطوا أولى الخطوات نحو التجريب والتحديث‬
‫المسرحي في الساحة الفنية الفرنسية‪.‬‬
‫* تجربة" موليير" (‪)1622-1673‬‬
‫« جان باتيست بوكالن‪ -‬هو االسم الحقيقي ألعظم كاتب مسرحي عرفته الحركة المسرحية الفرنسية في‬
‫شخص "موليير" ولد في ‪ 15‬جانفي سنة ‪1622‬م‪ ،‬كان أبوه تاجرا ومتعهدا للتوريدات في القصر‬
‫المالكي‪ ،‬ماتت أمه وهو في العاشرة من عمره‪ ،‬أدخله أبوه كلية كليرمون و يقال أنه اتصل بالفيلسوف‬
‫"جاسندي"‪ ،‬وأخذ عنه الكثير من أرائه الحرة‪.‬‬
‫ألحقه أبوه بالخدمة في القصر الملكي‪ ،‬وقام لويس الثالث عشر برحلة عام ‪1642‬م الى الجنوب‬
‫‪ ،‬التي كانت تحترف التمثيل و ‪ BEJART‬ورافقه"موليير" نيابة عن أبيه وهنا تعرف على أسرة بيجار‬
‫من ثم حدثت شراكة بينه‪-‬موليير‪-‬و أسرة بيجار‪،‬فدخل بذلك عالم الفن من بابه الواسع‪.‬‬
‫كانت جل أعماله من صنف الكوميديا الراقصة و بعض التراجديات الممزوجة بالرقص‪ ،‬ومن أهم أعماله‪.‬‬
‫‪ -‬المشدود عام ‪1655‬م‪ ،‬وكان لنجاحها تأثيره على "موليير"‪.‬‬
‫‪ -‬كاره البشر‪،‬لم تلق نفس نجاح مسرحية المشدود‪.‬‬
‫‪ -‬طرطوق و كانت عام ‪1664‬م‪.‬‬
‫‪ -‬مدرسة الزوجات عام ‪1661‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الطبيب رغما عنه عام ‪1666‬م‪.‬‬
‫(‪)57‬‬
‫‪ -‬المتحذلقات المثيرات للسخرية»‪.‬‬
‫ومسرحية المتحذلقات المثيرات للسخرية "تحوي كما كبيرا من التجريب لذا سنحاول إظهاره بعض‬
‫منه‪ ،‬من خالل التطرق إليها بإسهاب‪.‬‬

‫)‪ (2‬جمعة قاجة‪ ،‬المدارس المسرحية و طرق إخراجها‪ ،‬نور للطباعة والنشر الدراسات‪ ،‬ط‪ ،2006،2007 ،1‬ص‪.54‬‬
‫)‪ (1‬عبد الكريم جدري‪ ،‬نماذج من المسرح األوربي الحديث‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين‪ ،‬ط‪ ،2002 ،1‬ص‪.109‬‬
‫(‪ )1‬عبد الوهاب شكري‪،‬تاريخ و تطور العمارة المسرحية‪ ،‬مؤسسة حورس الدولية للنشر و التوزيع‪144،‬ش‪ ،‬طيبة‪،‬‬
‫سبورتينج‪-‬اإلسكندرية‪،2008،‬ص‪.377‬‬
‫ومسرحية" المتحذلقات المثيرات للسخرية" تندرج ضمن نوع الملهات أو الكوميديا التي برع فيها‬
‫"مولير " و قد حقق بها نجاحا غير عادي و ذلك نتيجة لما قام به"موليير" من تحديث وتجديد على مستوى‬
‫النص و العرض‪.‬‬
‫فالقصة في هذا النمط المسرحي مبنية دراميا على فغالية تناقض المواقف واألوضاع الدرامية المتباينة‬
‫في قالب يتسم بعمق الحركة الدرامية المركزة على اختالف سلوك وأمزجة الشخصيات‪،‬الختالف طباعها‬
‫ومأربها مع مجرى األحداث التي زجت فيها‪،‬بفعل أطماعها وطموحاتها داخل عالم‪ ،‬التعقيد فيه مرتبط‬
‫بالتأزم التدريجي واختالف مصائر الشخصيات‪.‬‬
‫« وما يميز ما قدمه" موليير" في هذه المسرحية‪ ،‬تقدمه مثال لنماذج شخصيات مقتبسة من الواقع إلى‬
‫جانب التأثير المباشر على المتفرجين والدفع بهم الى تحليل الحقائق السيكولوجية الخاطئة وكيفية مواجهة‬
‫ي عن علوم الطباع واألخالق‬ ‫النصب واالحتيال والغرور‪ ،‬وفي نفس الوقت الذي تمدهم فيه بعض الش ْ‬
‫(‪)58‬‬
‫واإلجتماع وكل ما يتعلق بالعالقات الفردية والجماعية للتصدي إلى اآلفات االجتماعية» ‪.‬‬
‫وكما سبق ذكره فقد حقق "موليير" بهذه المسرحية نجاحا غير عادي ‪،‬خاصة أنه انتهج سبيل التغيير‬
‫والتجريب فيها‪ ،‬ويتجلى ذلك في‪:‬‬
‫«‪ -‬عدم تمسكه بقواعد الفكرة األساسية و العرف المسرحي في مجال الملهاة‪ ،‬واستخدم بدل ذلك‬
‫األهجوة المعاصرة‪.‬‬
‫‪ -‬انتقل من المحاكاة الساخرة (الباروديا) الى النقد الالذع الذي ال يعرف أي انضباط‪.‬‬
‫‪ -‬بنى ملهاته على العالقات بين الشخصيات‪ ،‬وأرسى هذا البناء على قاعدة أخالقية‪.‬‬
‫(‪)59‬‬
‫‪ -‬اضفى على الملهاة األسلوب األنيق و السخرية الهزلية و استبعد الخشونة»‬
‫وهذا ملخص ذلك التنويع والتجريب الذي قام به "موليير" على خشبة المسرح الفرنسي والي الزال‬
‫صداه راسخا في نفوس وعقول المؤلفين والفنانين المسرحيين الفرنسيين الى حد االن‪.‬‬

‫‪-2‬التجريب في المسرح العربي‪:‬‬


‫بعدما تعرف العرب إلى المسرح‪ ،‬وبعد مضي حوالي ثمانين عاما على نشأته‪ ،‬إتسعت دائرته لتدخل‬
‫التأسيس في مرحلة العشرينات والثالثينات واألربعينيات‪ ،‬وقد ظهرت ذلك من خالل انعكاس المستجدات‬
‫السياسية واالقتصادية إثر الحربين العالميتين‪ ،‬األولى والثانية على الواقع الثقافي والفكري في العالم‬
‫العربي‪ ،‬وتأثيرات الفكر اإلشتراكي في األدب والشعر من جهة أخرى‪.‬‬
‫« كما برزت تيارات فكرية وفنية حديثة‪ ،‬أدخلت النتاج الفكري العربي في مفهوم الحداثة والسيما المسرح‬
‫ثم أدخلت هذه التأثيرات التطور في المفهوم الحداثي على مكونات المسرح العربي عامة‪ ،‬وعلى األفكار‬
‫‪ ،‬و أدى ذلك إلى بزوغ فجر التجريب بأشكاله )‪ (1‬والقضايا التي تعبر عن حاجيات الناس و قضايا هم»‬
‫على خشبة المسرح العربي‪.‬‬
‫« وقد طرح الباحث "أجينوباربا" قضية رفض فكرة النمط الموحد لشكل التعبير المسرحي‪ ،‬ودعا الى‬
‫ضرورة البحث عن مساحة التنوع من خالل الفرجة الشعبية‪ ،‬ويوكد "باربا" أنه بإمكان المسرح العربي‬
‫أن ينفتح أمام تجارب المسارح األخرى ليس بغرض مزج األساليب المختلفة في األداء‪ ،‬بل للبحث عن‬
‫المبادئ األساسية عبر التجارب نفسها‪.‬‬
‫وفي مثل هذه الحالة فإ ن اإلنفتاح أمام التنوع ال يعني بالضرورة السقوط في دعوى التوفيقية وفوضى‬
‫اللغات المختلفة‪ ،‬فذلك يجنب المسرح خطر العزلة‪،‬ذلك أن المسارح تتشابه في مبادئها وليس في عروضها‬
‫و أدائها» (‪.)2‬‬
‫« وفي هذا الصدد يعي سعد هللا و نوس و هو باحث وناقد مسرحي سوري أن ينبثق التجريب من مناخنا‬
‫اإلجتماعي و السياسي الراهن حتى نستطيع الحكم عليه باألصالة أما اذا كان مجرد صدى لتجارب‬

‫(‪ )2‬عبد الكريم جدري‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.164-163‬‬


‫(‪ )3‬عبد الوهاب شكري‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.406‬‬
‫المسرح الغربي‪ ،‬فلن يكون أكثر من عبث يستهلك جهدنا ووقتنا وال يعود علينا في أخر المطاف‬
‫بفائدة‪،‬فحينما يتم نقل التجريب الغربي على سبيل التقليد مع تجاوز القدرة والخصوصية و المعطى الثقافي‬
‫والتاريخي و البيئي واإلجتماعي فإن التجريب يكون عبثا» (‪.)60‬‬
‫وفيما يلي ‪ ،‬سنظهر بعض من التنوع و التجريب فوق أعتق خشبتين مسرحيتين عربيتين أال وهما ‪:‬‬

‫ب‪-‬المسرح المصري‪ .‬اْ‪-‬المسرح اللبناني‪.‬‬


‫وسنحاول إظهار ما قام به المسرحيون العرب‪،‬من أجل النهوض بالمسرح العربي ومواكبة العصر‪ ،‬بعد‬
‫أن سبقنا الغرب الى ما يعرف حاليا بالمسرح التجريبي وأشكاله‪.‬‬
‫أ‪ -‬التجريب في المسرح اللبناني‪:‬‬
‫بدأت المالمح األولى للتجريب المسرحي في لبنان عام ‪ ،1848‬عندما جاء به "مارون النقاش" بحلة‬
‫ذهبية إفرنجية‪ ،‬متوغال فيه إعداد و تأليفا و إخراجا‪.‬‬
‫« وبدأت الحركة المسرحية بالنشاط في لبنان حتى عامي ‪ ،1947-1946‬لتتقلص ويتم عرض مسرحية‬
‫واحدة في السنة و مع مرور الوقت بدأت الفرق المسرحية بالتأسيس وكانت أعمال هذه الفرق تقدم على‬
‫المسرح التياترو الكبير‪ ،‬ومسرح فاروق ومسرح الكريستال» (‪.)61‬‬
‫ففي بداية األمر لم تكن الفرق المسرحية متحمسة للظهور فوق خشبات المسارح إال أنه بعد زمن وجيز‬
‫وبعدما بدأت الفرق المسرحية تسمع صدى المسرح األوروبي‪ ،‬بدأت بالتنافس على الظهور وإعطاء وجه‬
‫مميز يليق بصورة الفنان العربي‪.‬‬
‫« و قد أدى هذا ا لتراكم اإلبداعي في المسرح في مرحلة السيتنات‪ ،‬أي مرحلة المنعطف حيث كثرت‬
‫القضايا تحت تأثير الوتيرة التي يسيرها التطور في العالم ‪،‬مما يضاعف مهام المثقف والسيما المسرحي‬
‫الذي يتمتع بحساسية مميزة تجاه كل هذه التطورات لذلك خضع المسرح البناني خاصة و العربي عامة‬
‫بدوره للشروط والتفاعالت في بروز اتجاهات و تيارات فنية صاغتها الرؤية الحديثة في مجال الشعر‬
‫والرواية‪ ،‬فعرف المسرح اللبناني المذاهب الفنية(الرمزية و السريالية و العبثية) ‪ ،‬كما عرف اتجاهات‬
‫متنوعة للتمثيل‪ :‬ستانسالفسكي‬
‫و بريشت وغرتوفسكي» (‪.)62‬‬
‫وعلى ضوء ما سبق نستطيع القول أن ثقافة المسرح اللبناني ومعرفته بأشكال التمثيل والمذاهب الفنية‪،‬‬
‫ساعدته دون شك في خطو أولى الخطوات نحو الحداثة والتجديد فوق خشبة مسرحه‪ ،‬وبالتالي الوقوع في‬
‫فضاء التجريب الذي يعتبر األسلوب الجديد في المسرح‪.‬‬
‫لننظر على كل حال في الساحة المسرحية اللبنانية عام ‪ ،1960‬يقول غسان سالمة ‪ «،‬وفي ذلك العام‬
‫أخذ فريق من المغامرين المسرحيين في لبنان يتجمعون في فرقتين أو ثالث كي يقضوا قضاءا مبرما على‬
‫ظاهرة هواة المدارس‪ ،‬ومحبي إلقاء المواعظ األخالقية في المسرح و يحالوا خلق لون فني جديد يمكن أن‬
‫يتوافق مع ثقاف ة لم تعرف قط فن المسرح‪ ،‬وكان على رأس هؤوالء الرواد المغامرين اناس قضوا خمس‬
‫عشرة سنة في التنقيب المسرحي في كل اإلتجاهات"أبو دبس" إلتحق بفن جروتوسكي‪ ،‬وانطوان ملتقى"‬
‫إقترض فنه من البرازيل و كوبا ورومانيا و الصين‪ ،‬غير أن هوؤالء الرواد مالبثوا أن زحم عليهم الطريق‬
‫تالميذ كانوا يتلقون الفن منهم و أخذوا يحلون محلهم من أمثال "جيبار‪،‬وكرباج"وغيرهما‪...‬اعتنقوا‬
‫المسرح ديانة لهم‪،‬و دخل الساحة أيضا مخرجون كثيرون‪،‬قد اكتنزوا العلم و الخبرة في كل عواصم ‪،‬مثل‬
‫موسكو"شداراوي" وباريس"نعيم" وستراسبورغ" روجيه عساف» (‪.)63‬‬
‫وهكذا أصبح المسرح البناني في مرحلة الستينات‪ ،‬ميدانا للمعاني األساسية التي شغلت الناس لتفجير لغة‬
‫القضايا واألسئلة الكبرى التي طرحت وخاصة أنه استنهض الهمة‪ ،‬لمواجهة التحدي والمعيار الجديد إذا‬
‫أفاد من خصوصية األوضاع السياسية والديموغرافية والثقافية في البالد ومن هنا بدأ المنهج التجريبي‬

‫(‪ )1‬وطفاء حمادي‪،‬الخطاب المسرحي في العالم العربي‪،‬المركز الثقافي العربي‪،‬ط‪،2007،1‬ص‪. 56‬‬


‫(‪ )2‬فوزي فهمي ‪،‬مقدمة منشورة في كتاب أدريان بيج ‪،‬موت المؤلف‪،‬ترجمة نهاد صليحة‪،‬القاهرة‪،1995،‬ص‪.13‬‬
‫(‪ )3‬رأفت الدويري‪،‬المسرح العربي المعاصر ما بين التراث و الحداثة‪،‬مجلة فصول‪،‬ع‪،1،1995‬ص‪.7‬‬
‫(‪ )1‬وطفاء حمادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫(‪ )2‬وطفاء حمادي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫(‪ )1‬علي الراعي‪ ،‬المسرح في الوطن العربي‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،‬ص‪.205‬‬
‫بالتجلي على خشبة المسرح اللبناني‪ ،‬وخاصة لما أعد المسرحيون اللبنانيون النظر في المنطلقات المبدئية‪،‬‬
‫على مستوى النص والتمثيل والمكان المسرحي وفضائه‪:‬‬
‫« فعلى مستوى النص تداخلت عملية اإلقتباس واإلعداد مع تجربة التأليف المسرحي المحلي فبرزت‬
‫ترجمات واقتباسات "أدونيس" و"أنيس الحاج" وظهرت نصوص مسرحية محلية ألفها"عصام محفوظ"‬
‫و"أسامة العارف " و"أنطوان معلوف" كما بدأت عملية البحث عن شكل اخر للكتابة المسرحية‪،‬تجسد في‬
‫التأليف الجماعي عبر" محترف بيروت للمسرح" الذي أسسته نضال األشقر و"رجيه عساف"‪.‬‬
‫كذلك قامت تجربة "جالل خوري" الذي رسخ مفهوم العالقة مع مسرح "بريشت" فاقتبس بعض‬
‫نصوصه‪ ،‬وتنوعت الترجمات بين التراجديا اليونانية و تيارات الوجودية و العبث و الالمعقول‪ ،‬وبين‬
‫االتجاه الواقعي (غوغول) واالتجاه الرومنسي(كالبيست)‪.‬‬
‫وأما على المستوى التمثيل أو العرض‪ ،‬فقد عرف المسرح البناني التخصص الذي زاد في ترسيخ‬
‫المسرح البناني و تطوره السيما بعدما افتتح معهد الفنون الجميلة الذي أسسه"أنطوان ملتقى" ومسرحيون‬
‫آخرون وقد ساهم هذا المعهد في تعريف الطالب في قسم التمثيل على تيارات التمثيل و اتجاهات في‬
‫المسرح‪،‬فعرف لطالب منهج ستانسالفسكي" وغرو توفسكي" و "ميرهولد" و غيرهم من مؤسسين‬
‫(‪)64‬‬
‫االتجاهات التمثلية في المسرح‪".‬‬
‫وبهذا جاءت معظم عروضه ثمرة اإلرتجال الجماعي وهو اإلتجاه الفني الذي اتخذه وسيلة للخلق‪« ،‬‬
‫وبهذه الطريقة أعاد"حماتي" صياغة "مجادالون" وفعل الشيئ ذاته "عصام محفوظ" في "كارت بالنش"‬
‫و"أزار" كما فعلها أيضا كل من"ت‪.‬حيدر"في مرجانه‪،‬وكأنه تعدى مرحلة التجريب وأخذ يتطلع إلى‬
‫صيغة مسرحية جديدة‪،‬تقوم على أساس من الروح الورشة وتفيد من الصعوبات و الخالفات الداخلية في‬
‫(‪)65‬‬
‫المختبر منذ األيام األولى إلنشائه»‬
‫فكانت المسرحية اللبنانية في أو ج عطائها من حيث الكم والنوع وحتى األسلوب‪ ،‬والذي تعدى األسلوب‬
‫« وبهذا‬ ‫المتعارف عليه والتقاليد القديمة‪ ،‬ليقدم وليبحث عن الجديد والمميز‪.‬‬
‫التجديد وال‬
‫المسرح الثقاف‬
‫مسرح كركال‬

‫كما ظهر أيضا مسرح "حسن عالء الدين" الذي اشتهر بقلب"شوشو" وهو المؤسس األول للمسرح‬
‫المسرح الهزلي‪la biche.‬الشعبي في لبنان‪ ،‬وقد ترجم نصوص"فارس يواكيم" عن البيش‬
‫(‪)66‬‬
‫وعلى الضفة األخرى من الحالة المسرحية في لبنان ظهرت مسارح الشانسونية»‬
‫ب‪ -‬التجريب في المسرح المصري‪:‬‬
‫إن الحديث عن التجريب في المسرح المصري يقودنا الى الحديث عما قدمه رائد التمثيل بها مصر‪،‬‬
‫وهو "يعقوب صنوع"‪ « ،‬الذي نجح في إقامة أول عرض مسرحي غنائي فوق خشبة مسرح األزبكية‪،‬‬
‫والذي يؤرخ له"د"محمد يوسف الى عام ‪ 1870‬وكان هو المؤلف والمخرج بها وكل شئي فيها»(‪.)67‬‬
‫ولقد استخدم كل حيلة فنية وقعت له الستنباط الضحك في مسرحية واستخدام النكات اللفظية‬
‫والجنسية‪،‬كما استعمل الهزل و الفكاهة الراقية ‪،‬فقدم تهريجا كما قدم أفكارا كما استخدام أشكال المسرحية‬
‫وألن تجربة"يعقوب‬ ‫الموروثة استخداما عميقا و خالقا ينتسب الى وجدان هذه األمة انتسابا عميقا‪.‬‬
‫صنوع" كانت جديدة على الجمهور‪،‬فقد حاول أن يقيم عرضا مميزا ليجذب انتباه الجمهور الذي لم يكن‬
‫على دراية ومعرفة كبيرة بفن المسرح‪،‬فاستعمل كل مايمكن إستعماله‪.‬‬
‫« ودأب "صنوع" بعد ذلك في مسرحياته على نقد الجاليات األجنبية كسخرية الذعة‪،‬وأظهر رجال‬
‫أسماه"جون بول" على المسرح ونقد اإلنجليز في شخصه كما كشف المستور على الواقع اإلجتماعي‬
‫والسياسي عبر نصوص مسرحياته‪،‬وذلك من خالل نقده"للخدوي إسماعيل" نفسه‬
‫وحاشيته و غيرهم‪ ،‬وهو ما أثار حفيظة الحكام و األجانب عليه»(‪ ،)68‬فكانت هذه البدايات األولى لفعل‬
‫التجريب فوق خشبة المسرح المصري‪.‬‬

‫(‪ )2‬وطفاء حمادي‪ ،‬المسرح السابق‪،‬ص‪.61-60‬‬


‫(‪ )1‬على الراعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.206‬‬
‫(‪ )2‬وطفاء حمادي‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.62‬‬
‫(‪ )3‬اْحمد زلط‪ ،‬مدخل إلى علوم المسرح‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص‪.78‬‬
‫وسبق ظهور الكاتب المحلي في مصر إرهاصات كثيرة تكاتفت كلها على ظهوره‪ ،‬ففي ميدان التأليف‬
‫خرجت للناس في عام ‪ 1894‬م أول مسرحية مصرية تتخذ شكل الميلودراما اإلجتماعية‬
‫والتاريخ المتخيل لإلشارة إلى أوضاع كانت تسود مصر إبان الكتابة المصرية‪ « ،‬وكان اسم المسرحية هو‬
‫"صدق اإلخاء" واسم مؤلفها هو "إسماعيل عاصم"‪ ،‬وهي تسعى إلى تبصير األغنياء بمضار الترف و‬
‫تبديد الثروات و تناقض في فصلها الرابع أمور مملكة ما‪ ،‬واضح تماما انها مصر –مناقشة عصرية‬
‫جريئة‪ ، -‬تتصدى للحرية والتعليم وحق تكوين األحزاب‪ ،‬كما تشير المسرحية في موضع اخر الى توعية‬
‫المصريين إلى حقوقهم‪.‬‬
‫ثم توالى ظهور المسرحيات اإلجتماعية في مصر من بعد‪،‬فقد أخرج"فرج أنطوان" مسرحيته المعروفة‪:‬‬
‫مصر الجديد‪،‬و مصر القديمة عام ‪ ، 1913‬وهذا كما ظهر شخص"إبراهيم رمزي" الذي كتب عددا من‬
‫(‪)69‬‬
‫المسرحيات التاريخية و اإلجتماعية والغنائية‪،‬وكلها أشكال حداثية تجريبية عرفها المسرح المصري» ‪.‬‬
‫ومن ثم بدأت الجهود المصرية الحكومية و األهلية في إنشاء المسارح في القاهرة وتنافس االفراد‬
‫بجهودهم الفردية فظهرت الفرق المسرحية و الغنائية‪،‬ومن بينها برزت على الترتيب المجهودات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬مسرح(تياترو) اسكندر فرج‪ .‬بالقاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬مسرح( تياترو) زيزينا باإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ -‬دار التمثيل العربي ( سالمة حجازي) باالسكندرية‪.‬‬
‫وهي مجهودات سابقة على مجهودات قباني في مصر وكانت تقوم على األداء التمثيلي لنصوص غربية‬
‫مترجمة أو غنائية باإلشتراك مع الجوقة‪ ،‬وكانت العروض تقدم بالغناء أحيانا وتاله مجهود"جورج‬
‫األبيض" وهو أول من طور المسرح وقدم التراجيديات على أصول المسرح الغربي و قواعده‪،‬وجذب الى‬
‫فرقته اعتبارا من عام ‪ 1912‬م الممثلين الكبار وكل محترف وهاو يومئذ من المشاهير‪ ،‬وقدم "جورج‬
‫أبيض"العديد من المسرحيات (المترجمة و المؤلفة) وفي أخر مجهوداته والعتالل صحته أدمج فرقته مع‬
‫الشيخ سالمة حجازي‪ ،‬أسماها( أبيض وحجازي) فكان المسرح الحديث أو التجريبي‪.‬‬
‫كما نذكر مجهود شركة التمثيل العربي وما قام به"عباس عالم" حيث قدمت مسرحيات كوميديا‬
‫(التسلية) والملهاة( الفودفيل) عن رواية مصرية مؤلفة أو مترجمة أو مقتبسة عن أصول فرنسية‪،‬كما‬
‫عرفت الشركة (غنائيات) سالمة حجازي المسرحية‪،‬كما أضافت الشركة الى ادوارها تقديم مقاطع او‬
‫اجزاء (أوبيرالية) على خشبة المسرح(‪.)70‬‬
‫وتوالت المجهودات المسرحية والتجارب الفنية للمؤلفين على غرار ما قدمه "محمد تيمور" و"توفيق‬
‫الحكيم" و"يوسف وهبي" وغيرهم مم ن أحدثوا انقالبا على السائد والمتواث في النص المسرحي‬
‫واستكمل للمسرح العربي في مصر أنواع اطقمه الفنية حيث أخذ الفنان"عزيز عيد" اهتماما كبيرا بفن‬
‫اإلخراج‪ ،‬بوصفه فنا منفصال عن التمثيل أو أدارة الفرق المسرحية و يصف "عزيز عيد أسلوبه في‬
‫اإلخراج فيقول‪ « ،‬كنت أصم م المناظر وأعد المالبس المالئمة لعصر كل رواية‪ ،‬وأنه يجب ان يكون‬
‫طبيعا بعيدا عن التصنع والتكلف و الصراخ و المبالغة في مط الكلمات و تفخيخها‪،‬و أفهمتهم أن إلقاء‬
‫التراجيديا كإلقاء الدراما مع فارق بسيط هو الذوق الفني الذي يطرق بين موعين‪..‬كنت العمود الفقري لهذه‬
‫الفرقة التي احتلت دويا هائال في الوسط الفني في ذاك الوقت» (‪.)71‬‬
‫فلما قامت ثورة يوليو‪ ، 1952‬أخرجت عن الطاقات الحبيسة لدى الجماهير والفنانين معا و الكتاب‪ ،‬لقد‬
‫جاءت الثورة بمناخ مسرحي ممتاز‪ ،‬هو الذي خلق المسرح الناهض في كل مكان ظهر فيه‪ ،‬والذي يشمل‬
‫الماضي بالت حليل‪،‬ونظر إلى الحاضر بجدية وثورية‪،‬وتتطلع الى مستقبل كثير الوعود‪،‬هو الذي يخلق ما‬
‫نسميه باللحظة المسرحية المناسبة‪.‬‬
‫« ولقد التفت نفر من الشباب الذي أمن بالثورة والثقافة الثورية‪ ،‬ووضعوا عواطفهم وأحالمهم‬
‫وأرواحهم وعقولهم في خدمة المسرح المصري‪ ،‬وأخذت تظهر إلى الوجود العالمات المبشرة التي‬
‫ى والتي تشير إلى بدا قيام مسرح عظيم‪ ،‬غني بتجاربه‪،‬وأول هذه العالمات هي‪ :‬قيام المؤلف‬ ‫التخط ْ‬
‫المحلي بأعداد كافية‪ ،‬قبل الثورة عرف المسرح المصري فن إبراهيم رمزي وعرف فن توفيق الحكيم‪،‬كما‬

‫(‪ )1‬فؤاد رشيد‪ ،‬تاريخ المسرح العربي‪ ،‬الهيئة العامة لقصور الثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،2006 ،‬ص‪.21‬‬
‫(‪ )2‬على الراعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫(‪ )1‬اْحمد زلط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.80 ،79‬‬
‫(‪ )2‬علي الراعي‪ ،‬المسرح في الوطن العربي‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫كتب للمسرح كل من شوقي وعزيز أباظة ومحمود تيمور ‪ ،‬وبعد الثورة أخذ كتاب المسرح يظهرون واحد‬
‫تلو األخر في صف متنوع األلوان المسرحية والتجارب كأنهم كانوا على ميعاد» (‪.)72‬‬
‫ولم تفعل الثورة هذا وحسب‪ ،‬بل أخذت تنشئ األجهزة الفنية التي تعين على حسن اإلخراج بالنسبة‬
‫لألعمال و كان من أوائل هذه األجهزة وزارة كاملة للفنون استحدثتها الثورة باسم وزارة اإلرشاد القومي"‬
‫وسارت بعد ذلك قدما في طريق توسيع رقعة الفنون المسرحية‪ ،‬وبفضل هذا التشجيع قامت فرق مسرحية‬
‫وفرق للرقص الشعبي وقامت بذلك التجارب بأنواعها المختلفة على خشبة المسرح المصري‪.‬‬
‫« ومنذ أوائل الستينات أخذ مبعوثوا الوزارة من الفنيين والموسيقيين يغدون تباعا إلى بالدهم حاملين‬
‫معلم مكتسباتهم الفنية‪ ،‬واضحين إياها في خدمة هذه النهضة الفنية الشاملة‪،‬وكان على رأسهم"سعد أردش"‬
‫"وكرم مطاوع" اللذان أسهما إسهاما مرموقا في دعم الحركة المسرحية‪ ،‬األول تقدم بمشروع مسرح‬
‫التجارب الف نية الذي اطلق عليه اسم مسرح الجيب‪ .‬والذي قاد الحركة الفنية المسرحية في حقل التجارب‪،‬‬
‫وتوالت بعد ذلك العديد من التجارب المسرحية المصرية»(‪.)73‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التجريب في المسرح الجزائري‬


‫أ – التجريب عند الهواة‬
‫ب – التجريب عند المحترفين‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬التجريب عند عبد القادر علولة‪.‬‬
‫أ – التعريف بالمؤلف‬
‫(‪ )3‬على الراعي‪،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪،‬ص‪.90،99،‬‬
‫(‪ )1‬علي الراعي ‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.92،94‬‬
‫ب – التعريف بالمؤلف(مسرحية األقوال)‬
‫ج‪ -‬ألية التجريب في مسرحية األقوال‬

‫التجريب في المسرح الجزائري‪:‬‬


‫عرفت الجزائر في بداية القرن العشرين مرحلة إعادة بناء المجال الثقافي الجزائري الذي‬
‫فشيئا عمل اإلستعمار على محوه منذ االستقالل‪ ،‬وأسهمت النخبة الثقافية الجديدة التي بدأت تتكون شيئا‬
‫في تأسيس هذا الفلك الثقافي‪ ،‬صادف ذلك ظهور الصحافة و األدب و المسرح‪ ،‬وهذا في إطار أحتل‬
‫المسرح مكانة هامة على الصعيد الثقافي‪ ،‬ويجب اإلشارة إلى أن أهمية المسرح تكمن في أنه شكل مستعار‬
‫شأن الصحافة فهو يتميز بأنه ليس من إنتاج النخبة المثقفة من أجل النخبة فهو ليخاطب جمهورا قائما‬
‫(‪)74‬‬
‫مكونا في المدارس‪،‬فضال عن أنه يأتي في منتصف الطريق بين المكتوب و الشفوي‪.‬‬
‫واستطاع الجزائريون الوصول مباشرة بصفة جماهيرية الى التراث الفني والثقافي العالمي وهكذا‬
‫اكتشفوا الكنوز الهائلة التي حرموا منها طيلة اإلستعمار‪ ،‬و في خضم هذا التطلع العارم الى اإلزدهار‬
‫والتفتح السخي على ثروات المعرفة اإلنسانية‪ ،‬نظمت بالدنا تبادالت وملتقيات دراسية‪ ،‬هكذا استطاع‬
‫الفنانون الدراميون تدريجيا تعميق وشحذ معارفهم في الفن الدرامي‪.‬‬
‫وباكتشافهم في التجربة العالمية تقنيات أخرى لتركيب العرض المسرحي أخذ فنانونا في الوعي‬
‫‪ )lountcharsky‬لوناتشارسكي (‪Piscator‬بمحدودية ممارستهم حيث جلبت انتباههم كتابات‪....‬بسكتور (‬
‫)‪...‬وال ‪ ) Brecht‬خاصة بريخت (‪ ) maïakovskien‬ماياكوفسكيو (‪...)Meyerhold‬ميرهولد (‬
‫زالت إلى يومنا ه ذا تحظى باالهتمام من طرف ممارسي الفن المسرحي‪ ،‬لقد غذت تلك الكتابات التفكير‬
‫والتمحيص في الممارسة وأدى تداول هذه المعارف الجيدة إلى تدعيم الموقف النقدي لفنانينا تجاه‬
‫(‪)75‬‬
‫الممارسات السابقة وكذا رفع المستوى الفني للعروض المسرحية‪.‬‬
‫وفي خضم هذا الحماس‪ ،‬ظهرت التجارب العديدة والمتنوعة لفنانينا وأدبائنا المسرحين‪ ،‬فكان يجب‬
‫إعادة النظر في كل العرض المسرحي جملة وتفصيال البتكار نسق جديد للعرض يواكب الوضعية الجديدة‬
‫للفن المسرح وتطوره‪ ،‬فكانت بوادر التجريب عند الهواة والمحترفين ضرورية خاصة بعد تأثرهم بالنمط‬
‫)‪Brecht.‬الغربي التجريبي الحديث وبالخصوص عند بريخت (‬
‫التجريب عند الهواة‪-1 :‬‬
‫الهواية هي الخطوة األولى نحو اإلحتراف هذا ما تعارف عليه المسرحيون وقد كانت الهواية وال تزال‬
‫في مختلف بلدان العالم المدرسة التي تقدم للمسرح خير رجال‪ ،‬فمبدأ الهواية يقوم على الميل الجارف‬
‫والرغبة الشديدة‪ ،‬وهما كفيالن بجعل الفنان يستهين بالعقبات التي تعترض سبيله والقيود التي تكبل حريته‪،‬‬
‫وبهذا يتناسى ما تفرضه عليه عادات المجتمع وتقاليده بكل جرأة وقوة‪ ،‬فيدوس جميع العوائق والعقبات‬
‫(‪)76‬‬
‫التي تحول دون بلوغ غايته ويمضي بحماس كبير وإرادة ال تفتر محققا ذاته الفنية‪.‬‬
‫وإذا حالنا أن نبحث عن الفروق بين مسرح الهواة و مسرح المحترفين في الجزائر التكاد نجد سوى فرقا‬
‫وتؤمن لهم شيئا من قبيل واحدا ظاهرا‪ ،‬وهو كون المحترفين ينتمون إلى مؤسسة مسرحية ترعاهم‬

‫(‪ )1‬عبد القادر جغلول‪ ،‬االستعمار و الصراعات الثقافية‪،‬ترجمة سليم قسطون‪ ،‬بيروت‪،‬دار الحداثة‪،1984،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )2‬عبد القادر علولة‪،‬من مسرحيات علولة‪،‬وزارة الثقافة‪-‬الجزائر‪،2009،‬ص‪.16‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬ادريس قرقوة‪ ،‬التراث في المسرح الجزائري‪ ،‬مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬ج‪،1‬ص‪. 112‬‬
‫اإلعتراف الضمني بمقدرتهم الفنية‪ ،‬وما عدا ذلك فإن النجد شيئا ذا بال‪ ،‬فهم يتساوون جميعا من حيث‬
‫(‪)77‬‬
‫كونهم ينتجون أعماال مسرحية تتفاوت بين الجودة والرداءة‪.‬‬
‫« ويدعى الهواة في كل بقعة من بقاع األرض أنهم المجدودون دائما و أن قرائحهم كانت والتزال مهبط‬
‫الوحي الفني والمصدر الذي تنبعث عنه مختلف االضواء واأللوان التي يسري ويصطبغ بها الفن وأنه إذا‬
‫كان المحترفين فضل المباشرة واالستكمال فإن للهواة وحدهم فضل السبق و الخلق األول»(‪.)78‬‬
‫لقد برزت إلى الوجود الكثير من فرق مسرح الهواة بغالبية المدن الكبرى الجزائرية ويمكن أن نذكر‬
‫على سبيل المثال فرقة المسرح الشعبي‪ ،‬صوت النضال حاليا‪ ،‬فرقة الفصول األربعة‪ ،‬مسرح البحر‪ ،‬فرقة‬
‫البحر‪ ،‬فرقة الكلمة فن الخشبة‪ ،‬البيان بسيدي بلعباس‪ ،‬فرقة الشباب‪ ،‬فرقة المسرح الوطني لغرب الجزائر‪،‬‬
‫جمعية أمل ابن سينا للمسرح الحر‪ ،‬كلوبترا بوهران‪ ،‬فرقة السعدية‪ ،‬جمعية اإلشارة‪ ،‬الخشبة الزرقاء‬
‫بمستغانم‪ ،‬القوالة بغليزان‪ ،‬والخلدونية بالشلف‪ ،‬فرقة الفنون الشعبية‪ ،‬النهضة المنايلية‪ ،‬لبرج منايل‬
‫بومرداس‪ ،‬فرقة محمد اليزيد‪ ،‬القافلة وغيرها بالجزائر العاصمة(‪.)79‬‬
‫« وظهرت فعالية هذا الفن في مجال العمل الثقافي الوطني‪ ،‬وفي المؤسسات والمنظمات الجماهيرية‪،‬‬
‫وهكذا أثريت حركة الهواة بعدة روافد من المسرح العمالي والمسرح المدرسين والمسرح الجامعي‬
‫والمسرح الجوال‪ ،‬واستمدت حيويتها من مختلف الفعاليات الثقافية‪ ،‬وبذلك نمت اتجاهات التأليف وتنوعت‬
‫(‪)80‬‬
‫‪.‬النصوص المسرحية»‬
‫وأشاعت حركة الهواة في األوساط الشعبية فنشطت في روافد تصب في نهر التجريب والتحديث‪.‬‬
‫وفيما يلي سنتطرق لمسرحية من المسرحيات التجربية لفرقة من فرق الهواة الجزائرية‪ ،‬وهي فرقة‬
‫القضاء الحي للمسرح التجربي بسيدي بلعباس‪ ،‬وهي للكتاب والمخرج "بوجمعة مختار" وهي تجربة‬
‫مسرحية رائدة ‪ ،‬أال و هي مسرحية "هرمونيا"‪.‬‬
‫"‬
‫‪-1‬ملخص مسرحية"هرمونيا‬
‫تقوم على الحركات التعبيرية دون الكلمة أي توصيل المعاني إلى الجمهور عن «وهي مسرحية تجريبية‬
‫طريق الحركات الجسدية فقط‪ ،‬و الكاتب" بوجمعة مختار" يصور حقبة زمنية معينة من التاريخ اإلنساني‬
‫عندما كان اإلنسان البدائي فيها يصارع من أجل البقاء كما تروي أيضا عبر لوحات فنية رائعة‪ ،‬الطرق‬
‫التي اكتشفها اإلنسان البدائي من أجل كسب قوته‪ ،‬وهذه المسرحية تعتبر عمال متميزا بالنظر الى طرحها‬
‫لموضوعات ذات شكل تجريبي لم تكن مألوفة في مسرحنا على العموم‪ ،‬وفي مسرح الهواة على‬
‫(‪)81‬‬
‫الخصوص»‬
‫من هذا المنطلق نستطيع القول بأن هرمونيا تعتبر من التجارب المسرحية الرائدة والمتميزة على خشبة‬
‫المسرح الجزائري عموما‪.‬‬
‫وتتوزع المسرحية‪-‬هرمونيا‪ -‬على خمس لوحات فنية‪ ،‬في كل لوحة يطرح الكاتب"بوجمعة مختار"‬
‫تصورا لحقبة من الزمن عاشها اإلنساني البدائي‪.‬‬
‫في اللوحة األولى من المسرحية يتعرض الكاتب لتفكير الرجل أو اإلنسان البدائي ومنطقه‪ ،‬هذا المنطق‬
‫األسطوري الذي يحقق اهدافا عملية إجتماعية تقتصر في تحقيقها أدوات البدائيين ومعارفهم وخبراتهم‪.‬‬
‫في اللوحة الثانية‪ ،‬يبرز الكاتب أهمية الحركة والرقص في تحقيق الرغبة اإلنسانية واتباع طموحه‬
‫الفني‪ ،‬وأهمية اللغة في اإلتصال ونقل الخبرات عبر األجيال البشرية بواسطة حركة الفعل اإلنساني‪ ،‬كما‬
‫"بوجمعة مختار" خطى خطوة متقدمة‬ ‫تجسد اللوحة اإللتحام بين البشر في النشاط االجتماعي‪.‬‬
‫على الطريق البحث اإلبداعي من أجل مسرح تجريبي ينطلق من الناس وينتهي الى الناس‪ ،‬لكن هذا‬
‫المسرح يعود إلى تحوير الحركة وتعزيز المنظور الفرجوي عند الجمهور‪.‬‬
‫في اللوحة الثالثة تبرز أهمية اللغة وقوة الكلمة في التواصل البشري ودورهما في كل تلك الموازنة‬
‫الرمزية والممارسة الفنية تقوم بدور أساسي إذ أن التعبير كالتصوير والتشكيل والتمثيل قوة سحرية‬
‫يصطنعها اإلنسان في عالقته بعالمه االجتماعي الطبيعي‪.‬‬

‫(‪ )2‬رشيد بوشعير‪،‬قضايا المسرح الجزائري‪،‬يومية النصر‪ 2،‬جانفي‪،1990‬ص‪.8‬‬


‫(‪ )3‬د‪.‬محمد يوسف نجم‪ ،‬المسرحية في األدب العربي الحديث(‪،)1847-1914‬ص‪.117‬‬
‫)‪ (4‬د‪.‬ادريس قرقوة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.114‬‬
‫)‪ (5‬د‪ .‬خفناوي بعلي‪،‬أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة الجزائر‪،‬منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين‪،‬ط‪،1‬‬
‫‪،2002‬ص‪.31‬‬
‫(‪ )1‬حفناوي بعلي‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.269‬‬
‫في اللوحة الرابعة تظهر المسرح ية األشكال الجماعية االسطورية والشعبية في السيطرة على العالم‬
‫وأهمية القوة النفسية الخارقة التي يمتلكها اإلنسان في الخلق والتشكيل والقدرة على تحوير األشياء‬
‫وتحريك السواكن‪.‬‬
‫وفي اللوحة األخيرة من المسرحية تبرز ظروف اإلنتاج المتطورة واإلحتياجات العلمية إلى بروز دور‬
‫التجريب في العلم وضمور النظرة الخرافية والسحرية القديمة‪ ،‬ما أدى إلى تغيير العالقات اإلجتماعية‬
‫ونشأة المجتمع الطبقي و الصراع بين األفراد من جهة وصراع اإلنسان مع الطبيعة وتمكنه في األخير من‬
‫إخضاعها ‪.‬‬
‫‪-‬آلية التجريب في مسرحية "هرمونيا"‪.‬‬
‫‪-1‬التجريب على مستوى النص‪:‬‬
‫التجريب على مستوى نص مسرحية"هرمونيا" مغاير وغير مألوف على مسارحنا على العموم‪ ،‬وفي‬
‫مسرح الهواة على الخصوص‪ ،‬فالنص فيه ال يعتمد على لغة عادية وال يعيرها إهتماما وال بالحوار‬
‫المستهلك‪ ،‬وإنما ينهض في حركته وصراعه الدرامي على اإليماءات والتعابير الجسدية‪.‬‬
‫«ويحدد األستاذ عبد الوهاب شكري" في مصنفه " النص المسرحي دراسة تحليلية وتاريخية"‪ ،‬اللغة‬
‫غير المنطوقة المرئية ب‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلضاءة المسرحية‪.‬‬
‫‪ -2‬اإليماءات الحركية‬
‫‪ -3‬الصورة المجسدة‬
‫‪ -4‬الحركة المسرحية»(‪.)82‬‬
‫«والكاتب و الفنان بوجمعة مختار ينتمي الى اصحاب التجربة في المسرح الجزائري‪ ،‬ضمن ما يعرف‬
‫فيها اتصاله بالناس لدينا بالمسرح التجريبي‪ ،‬الذي يبحث عن لغة مسرحية جديدة‪ ،‬وعن طريقة يكون‬
‫وعالقته بهم أكثر حميمية‪ ،‬فهو يعتمد على الناحية البصرية واإلضاءة والموسيقى والمؤشرات األخرى‪،‬‬
‫حيث يصبح فيها الممثل هو الركيزة األساسية في بناء الصراع وإنهاءه‪ ،‬عبر لغة الجسد واإليماءة الخفيفة‬
‫والرموز األخرى المجملة خالل العرض من المالبس واإلكسسوارات وغيرها مما يعزز مكانة الممثل‬
‫(‪) 83‬‬
‫ودوره على خشبة المسرح»‬
‫وعلى ضوء ما سبق اعتبرت مسرحية "هرمونيا" تجربة رائدة في المجال المسرحي وخاصة عند‬
‫الهواة‪ ،‬وبالخصوص فيما يخص النص المسرحي الذي اعتمد على نص حركي وغير منطوق‪.‬‬
‫«وإذا أمعنا النظر في مسرحية "هرمونيا" لبوجمعة مختار‪ ،‬لوجدناها بالمقارنة مع مسرحياته السابقة‪-‬‬
‫"حراس النقطة"‪"،‬المجهولون" ذات صفة تطورية متجددة في مواضيعها‪ ،‬على الرغم من أن هيكلها يكاد‬
‫يكون واحدا وعلى امتداد الخط‪ ،‬قاعدته األساسية"الطقس" وبكل ماتحمله الكلمة من مضامين أنترولوجية‬
‫من جهة‪ ،‬وفنية جمالية من جهة أخرى‪ ،‬فمسرحية الطقس والبحث عن الدراية احتفالية كانت هي التجربة‬
‫المسرحية من خالل "هرمونيا" و من خالل المسرح التجريبي الذي أب بوجمعة مختار على ممارسته منذ‬
‫منتصف السبيعينات للقرن العشرين‪ ،‬والمسرح التجريبي عمومايكاد يعلن الثورة على المسرح األلوف‬
‫(‪)84‬‬
‫والمتعارف عليه في كل مسرحية من مسرحياته»‬
‫والشاهد هنا‪ ،‬أن نص مسرحية"هرمونيا" تجريبي محض‪ ،‬ألنه أتى بمواضيع غير مألوفة وهي‬
‫مواضيع أنتروبو لوجية تطرق خاللها "بوجمعة مختار" الى تاريخ اإلنسانية والحياة البدائية التي مرت بها‪.‬‬
‫« فالمسرح الجديد كما يراه "أرتو" هو مسرح طقوس شعاره تلعب فيه اإليماءة دورها األساسي في‬
‫(‪)2‬‬
‫عملية التواصل بين األفراد البشرية»‬
‫فمسرحية "هرمو نيا" إذن ليست مستودعا لألفكار والحقائق‪ ،‬وإنما ترتبط الحقيقة فيها والفكرة بتجربة‬
‫الكاتب‪ ،‬وإذا عرفنا جوهر الدراما هو الصراع‪ ،‬كان ذلك تأكيدا لحيوية الحقيقة المسرحية"هرمونيا" وهو‬
‫تجسيد لإليماءات والتعابير الجسدية التي عوضت النص‪.‬‬
‫التجريب على مستوى العرض‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شكري عبد الوهاب‪ ،‬النص المسرحي دراسة تحليلية و تاريخية لفن الكتابة المسرحية‪ ،‬المكتب العربي الحديث‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬ط‪ ،1997 ،1‬ص‪.77‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬إدريس قرقوة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪. 296‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬إدريس قرقوة‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.297‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرحمان زيدان‪،‬أسئلة المسرح العربي‪،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪،‬الدار البيضاء‪،‬ط‪،1987،1‬ص‪.362‬‬
‫(‪)3‬د‪.‬ادريس قرقوة‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.298‬‬
‫« إن التجريب في عرض مسرحية "هرمونيا" بمختلف عن عرض مسرحيات الهواة التجريبيين" ففي‬
‫المسرحية الممثل هو سيد الخشبة‪ ،‬يمثل يتقن دوره الى أبعد حدود اللغة الجسدية‪ ،‬في الوقت نفسه يتمسك‬
‫بعالمه الداخلي‪ ،‬فلفة الجسد تلقى على الممثل مهاما إضافية وضعية ألنها تطالبه باإليماءة تحديدا بديال عن‬
‫(‪)3‬‬
‫اللغة الكالمية المنطوقة وهذا ما يعرف بالتعبير اإليمائي»‬
‫وهنا فالممثلين كانوا محترفين الى أقصى درجة‪ ،‬فمسرحية "هرمونيا" كان تتطلب المهارة واالحترافية‬
‫التي ساعدت على نجاح المسرحية التي ارتكزت على اإليماءات الجسدية‪.‬‬
‫وساعد في عرض الممثلين الجماليات الفنية المتمثلة في السينوغرافيا والمتميزة بتنافر الظالل تحت‬
‫الفضاء الفني المتولد بإيقاعات رتمية وموسيقى خفيفة‪.‬‬
‫« فتدخل المجموعة الفنية"الممثلون" باستعراض في النار‪ ،‬الشخصيات األربع تنظر الى اإلمام في‬
‫حركات بطيئية متسائلة في حيرة مستفسرة عن القوة النار و دورها في الحياة ‪.‬الطقس اإلحتفالي القديم‬
‫لقبائل التوارق حول النار ودورها في الحياة وظفه المؤلف واعاد إليه الحياة عبر فرجة مسرحية‪ ،‬والنار‬
‫في مسرحية إنما ترمز إلى القوة»(‪. )85‬‬
‫فالمسرحية تحقق فعل التناسق واالنسجام الشرط الضروري للمسرح الممسرح الميمي كما أنها مطعمة‬
‫بالقوس والممارسات القريبة إلى األديان البدائية‪ ،‬وهذا ما زادها تألقا ونجاحا‪ ،‬حيث تتعرض إلى طفولة‬
‫اإلنسان األول بكل بدائية وصراعه ضد الطبيعة من أجل البقاء‪ ،‬فنظام الحركات يمثل مشاهد من عالم فجر‬
‫‪.‬‬ ‫(‪.)86‬‬
‫الوجود اإلنساني وإن شابتها شعارات من عصرنا التكنولوجي‪.‬‬
‫«و الجدير بالمالحظة أن المسرحية كان خطابها رمزي مسيطرا عليها‪ ،‬لذلك تتطلب جمهورا مسرحيا‬
‫(‪)87‬‬
‫وله القدرة على التأويل وملما بألف باء العلوم اإلنسانية»‬
‫كما وظفت الحلقة في العرض المسرحي فمن خلف الخشبة تخرج المجموعة الفنية في حركات‬
‫كوليغرافية مجسدة اليد العاملة في الزراعة‪ ،‬ثم يخرج إلى األرض شخصيات أخرى تنقلب إلى الظهر‬
‫(‪)88‬‬
‫بصورة موحدة»‬
‫فبوجمعة مختار في النص المشهدي لهرمونيا حاول من خالل اعتماده على التشكيل الحركي اكتشاف‬
‫واقع جديد يجعل الممثل الفرد ينعكس في المجموع‪ ،‬كما ينعكس المجموع على الفرد وقد يكون ذلك شكال‬
‫من اشكال الحوار الحضاري الذي سعى الى تحقيقيه بوجمعة مختار عبر التجريب‪.‬‬
‫«‬ ‫فالعرض المسرحي هو نتاج ثالثة قوى‬
‫المؤدي و الفضاء المسرحي و الزمن و قد إستبعدنا النص المكتوب ألن العرض اإليمائي يعتمد على‬
‫الصورة و يستبعد النص المكتوب»(‪.)89‬‬
‫فجاء العرض متميزا‪ ،‬تميز الممثلين الذين أدوا ما عليهم من تشكيالت حركية وتعابير جسدية" ألن‬
‫الحركة و تشكيل الجسد في المسرح ال يعطي صورة فقط‪ ،‬وإنما أيضا يحكي حكاية مهما كانت بسيطة‪،‬‬
‫وهذه الحكاية تطورت تضمن التسلسل الزماني والمكاني الدرامين في مسرحية هرمونيا والتعبير الجسدي‬
‫في الدراما هو جزء من كل‪ ،‬هو جزء من الصورة أو المشهد وجزء من الحكاية أو التسلسل في الزمن‪،‬‬
‫لذالك فهو العنصر الذي يحمل ويؤطر مختلف العناصر المسرحية‪ ،‬هذا الجسد في العرض المسرحي ليس‬
‫فقط حركة وتشكيل وإنما تعبير‪ ،‬والتعبير الجسدي في العرض المسرحي هو نقل للفكر واالنفعاالت‬
‫والعواطف واألحاسيس على المستوى العاطفي وعلى المستولى الذهني عبر أداة هي الجسد‪،‬فالتعبير‬
‫الجسدي إذن يعطي للمسرح طقسة ضرورية و هامة إنه مرادف للكلمة( النص المكتوب) وليس بديال‬
‫عنها‪.‬‬
‫ويمكن أن نحلل هذا العرض المسرحي كالتالي‪:‬‬
‫(‪.)90‬‬
‫حركي‪ +‬موسيقى ومتممات مسرحية بسيطة= عرض هرمونيا » « مشخص‪+‬فعل‬
‫في األخير نستطيع القول بأن المسرح عند "بوجمعة مختار" تعبير وليس نصا حيث سعى الفنان إلى‬
‫التخل ص من عقدة أزمة النص المسرحي ليس من خالل العودة إلى التراث الجزائري القديم فحسب‪،‬بل‬

‫(‪ )1‬د‪.‬ادريس قرقوة نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.299‬‬


‫(‪ )2‬بعلى حفناوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.270‬‬
‫(‪ )3‬الحسين الزاوي‪،‬حاالت اإليماء ‪ ،‬يومية الشعب‪ 15،‬أوت ‪،1989‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )4‬د‪.‬ادريس قرقوة‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.303‬‬
‫(‪ )5‬د‪.‬ادريس قرقوة‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.302‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬ادريس قرقوة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 308‬‬
‫حتى الذهاب إلى استثمار التراث العالمي‪،‬فقد أصبح النص عنده إخراجا و تعبيرا‪ ،‬النص صورة على‬
‫الخشبة و بإيماءات الممثل و عند عرضه يتحول الى نص مسرحي قائم بذاته‪.‬‬
‫التجريب على مستوى اإلخراج‪:‬‬
‫إن تميز مسرحية "هرمونيا" ال يقتصر على لغة الصامتة‪ ،‬وعرضها المتكامل التي جسدته الحركات‬
‫التعبيرية‪،‬بل تعداها الى إخراج باهر تناسب وتكامل مع كل جزء من أجزاء المسرحية‪.‬‬
‫وألن بوجمعة مختار اختار التميز و اإلبداع في إخراجه لها‪« ،‬فقد اعتمدت مسرحية" هرمونيا" على‬
‫الحركات والجماليات الفنية في رسم اللوحات دون التعبير عنها بالكالم»(‪ )2‬وكانت لسينوغرافيا واإلضاءة‬
‫والموسيقى الدور الكبير في تشكيل كل حقبة زمنية لكل لوحة من اللوحات المعروضة‪.‬‬
‫«لقد دأب بوجمعة مختار على ممارسة التجريب منذ منتصف السبعينات القرن العشرين والمسرح‬
‫التجريبي ع موما يكاد يعلن الثورة على المسرح المألوف والمتعارف عليه في كل مسرحية من‬
‫مسرحياته‪ ،‬وخاصة في معالجة المكان المسرحي‪ ،‬و ذلك بإلغاء الخشبة والخروج من العلبة االيطالية‪ ،‬ما‬
‫تحمل ه الجدران األربعة من عالقة باردة و جامدة ورسمية مع المتفرج‪،‬فثمة مجال لكسر العالقة التقليدية‬
‫بين المرسل و المتلقي»(‪.)91‬‬
‫في النص ألمشهدي «في الجانب الخلفي المعاش للخشبة أي من خلف الجمهور‪،‬تدخل المجموعة الفنية في‬
‫(‪)92‬‬
‫حركة كوليغرافية في ذهاب وإياب ثالث مرات وتظهر ظاللهم الكبيرة خلقهم‪»....‬‬
‫وما نستطيع أن نستنتجه من حركة كوليغرافية أنها كانت مصحوبة بسينوغرافيا و ديكور تالئم و‬
‫حركات الممثلين ورقصاتهم خاصة أن المسرحية تحمل مضامين أنترولولوجية ‪،‬كما نستطيع أن نسنتج من‬
‫"ظاللهم الكبيرة" أن اإلضاءة أو اإلنارة كانت قوية في ظلمة مالئمة و هو ما أنتج تلك الظالل الكبيرة‪.‬‬
‫وألن مسرحية"هرمونيا تندرج ضمن ما يعرف بالطقس و اإلحتفال ‪،‬فقد كانت المجموعات الكوليغرافية‬
‫المتمثلة في ر قصات الممثلين متميزة بما كانوا يرتدونه من مالبس و ملحقات و مكياج مالئمة لكل حقبة‬
‫من تلك الحقب الزمنية المعروضة‪،‬وهذا كله يندرج ضمن التجريب اإلخراجي لبوجمعة مختار‪.‬‬
‫ما نستطيع أن نختم به في األخير ال يمكن أن نقوله في بضعة أسطر ‪،‬غير أننا نعترف بأن المؤلف و‬
‫المخرج"بوجمعة مختار" قد أبدع من خالل مسرحه التجريبي ‪ ،‬ما يمكن أن يعطى الدفع القوي للمسرح‬
‫الجزائري عامة و مسرح الهواة على وجه الخصوص‪.‬‬

‫التجريب عند المحترفين‪-2‬‬


‫ال يختلف المسرح المحترف عن المسرح الهاوي‪ -‬الهواة‪ -‬إال من حيث الممارسة المسرحية ففي‬
‫المحترف يأخذ عليه الفنان أجرا شهريا أوعينيا على العرض المسرحي المنتج‪،‬وهي عند الهواة هواية‪ ،‬إال‬
‫أن تفرغ المحترفين للمسرح أعطاه ميزة و مستوى خاص لكن هذا ال يعني ان مسرح الهواة يفتقر الى‬
‫المستوى الرفيع واألبعاد الفنية الجمالية وال يفصل بين المسرحين الهواة و المحترف إال األجر والتفرغ‬
‫الذي يفتقدهما االول‪.‬‬
‫«ويجمع النقاد وبعض الدارسين على أن ميالد المسرح الجزائري تم مابين ‪1927-1919‬م أي أن‬
‫البدايات األولى للمسرح المحترف أو مسرح الدولة ظهرت بعد الحرب العالمية األولى‪،‬حيث ظهرت‬
‫الحاجة الى مسرح يعالج الواقع الجزائري و يصطنع اللغة و التمثيل و يهتم بالمسرح أداة للنقد و الكفالة‬
‫(‪.)93‬‬
‫سبيال لترقية الذوق و الشعور»‬
‫وبدأت البدايات األولى للتجريب في المسرح الجزائري المحترف‪،‬وتزامنت مع تأميمه‪-‬المسرح الوطني‪-‬‬
‫و الذي كان يضم أوائل المبدعين الجزائريين المسرحيين‪،‬من أمثال كاتب ياسين‪،‬بودية رويشد‪،‬ولد عبد‬
‫الرحمان فكاكي‪ ،‬وعبد القادر علولة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد كتب المسرحي العراقي"جواد األسدي"قائال‪« :‬مسرح المغرب العربي‪ ،‬مسرح إجتهادي‬
‫يعتمد على البحث بصفة التجريب‪ ،‬وهي صيغة خلق تعتمد على التجريب‪ ،‬وتتشكل سماتها يوما بعد يوم‪،‬‬

‫(‪ )2‬بعلي حفناوي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.270‬‬


‫(‪ )3‬د‪.‬ادريس قرقوة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.297‬‬
‫(‪ )1‬بوجمعة مختار‪ ،‬مسرحية هرمونيا‪ ،‬مخطوط‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬عبد هللا ركيبي ‪،‬تطور النثر الحديث‪،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬الدار العربية للكتاب‪،1983،‬ص‪.216‬‬
‫الطيب ألصديقي‪،‬عبد القادر علولة‪،‬شريف عياد‪،‬كاتب ياسين‪...‬وكلهم يؤكدون أنهم ماضون في بحثهم‬
‫(‪)94‬‬
‫المتواصل إلغناء المسرح العربي بعطاءات مميزة»‬
‫لهذا نجد بعض المخرجين الجزائريين حاولو تجريب حظهم في التجارب والبحوث المسرحية نصا‬
‫وإخراجا و عرضا‪ ..‬بإدخال ودمج الحكواتي في العرض المسرحي بالقوال والمداح كما عرضناهما سابقا‬
‫في عروض الفرجة الفنية‪،‬مثلما فعل عبد الرحمان كاكي و كاتب ياسين‪،‬وتبعهم بعد ذلك عبد القادر علولة‬
‫و كوكبة من المبدعين الجزائريين‪ ،‬وهدفهما خلق نوع مسرحي بشكل يختلف عن المسرح بالمفهوم‬
‫األوروبي‪ ،‬وتبعها بعض المسرحيين المهتمين بالتجربة كما سبق ذكره‪،‬وشهدت الجزائر كثيرا من‬
‫العروض المسرحية وخاصة في مرحلة الثمانيات‪« ،‬حيث نجد الحكواتي والقوال طغى على العروض‬
‫المسرحية‪،‬وعرضت عدة أعمال مسرحية على الجمهور‪،‬تقبلها المتفرجون ولم يرفضوها ألنها تناولت‬
‫(‪)95‬‬
‫مواضيع اجتماعية و اقتصادية‪،‬وتفهموها بأنها بداية مبادرة لتجربة مسرحية في الشكل و النوع»‬
‫فتعددت بذلك التجارب المسرحية وتنوعت‪ ،‬خاصة من حيث استخدام التراث الشعبي و توظيف‬
‫شخصية القوال و المداح وشكل الحلقة‪،‬وذلك لتقديم العملية المسرحية بوجه بسيط يتالئم مع طبيعة‬
‫الجمهور الجزائري التقليدي و المحافظ‪،‬وفي نفس الوقت بصيغة مختلفة تجربية نصا وأداءا وإخراجا‪.‬‬
‫وسنحاول فيما يلي التطرق لواحدة من المسرحيات التجربية التي أبدع في تقديمها المسرح الجزائري‬
‫المحترف‪ ،‬والتي حصل على إثرها على عدة جوائز دولية‪ ،‬أال و هي مسرحية" القراب والصالحين" لعبد‬
‫الرحمان كاكي‪ ،‬أحد مؤسسي المسرح الجزائري المحترف‪.‬‬
‫‪-‬ملخص مسرحية" القراب والصالحين"‪.‬‬
‫مسرحية "القراب والصالحين" استوحاها ولد عبد الرحمان كاكي عن مسرحية "اإلنسان الطيب في‬
‫ستشوان" للكاتب المسرحي األلماني"برتولد بريخت"‪.‬‬
‫«يطرح الكاتب في مسرحيته فكرة الصراع األبدي بين الخير و الشر‪ ،‬النور والظلمة تكون الحكاية‬
‫الشعبية النسيج الذي يجمع عناصر المسرحية تجري أحداث المسرحية في قرية "بن دحان" و التي أصابها‬
‫قحط وجدب كبير‪ ،‬اضطر سكانها إلى مغادرتها‪ ،‬فيهبط من السماء ثالثة أولياء لتفقد أحوال الناس‪ ،‬و أول‬
‫من يلتقونه شخصية سلمان"القراب" فيطلبون منه ضيافتهم‪ ،‬لكنه يعتذر لهم لفقره وفاقته‪ ،‬ويحاول أن‬
‫يطو ق بهم على سكان القرية لضيافتهم لكن بدون جدوى فال أحد قبل ضيافتهم‪ ،‬إال إمراة‬
‫ضريرة"حليمة"التي استقبلتهم وذبحت لهم عنزتها الوحيدة و تحسن ضيافتهم و يكافئها األولياء على‬
‫صنيعها بإرجاع بصرها غليها‪،‬ثم يعيدون إليها عنزتها و يدعون لها بالغنى و المال الكثير‪ ،‬ويطلبون منها‬
‫بناء ثالث قباب كمزارات لألولياء الثالثة سيدي عبد القادر الشرقاوي‪ ،‬وسيدي عبد الرحمان الوسطي‪،‬‬
‫وسيدي بومدين الغربي‪...‬تسعى "حليمة" التي رد عليها بصرها إلى تحقيق أمنية ورغبة األولياء‬
‫الصالحين بأن تبنى مزارة في القرية لألولياء وتوفر الطعام للمساكين و المعوزين بعدما أغناها هللا من‬
‫رزقه‪ ،‬أهالي القرية خلدوا الكسل والخمول وارتادوا الحياة في مزارة األولياء كما توفره لهم من الطعام و‬
‫الشراب ولما تفشل حليمة في وضع اهل القرية بوجوب العمل و ترك حياة الخمول‪ ،‬يعود ابن‬
‫عمها"الصافي" من الغربة‪ ،‬يقرر هذا األخير طرد الناس من المزار ليطلب منهم العمل و عدم الخمول و‬
‫(‪)96‬‬
‫التواكل رافعا شعار"العمل هو الطريق الوحيد للرفاهية و تحقيق العدالة االجتماعية بين البشر»‬
‫‪-‬آلية التجريب في مسرحية "القراب والصالحين"‬
‫‪ -‬التجريب على مستوى النص‪1:‬‬
‫إن مسرحية "القراب والصالحين" هي مسرحية ملحمية بطبيعة الحال كما يتضح من عرضها الذي‬
‫(‪)97‬‬
‫يختلف فيه السرد بالحوار إختالفا فاحرا ال يتقيد بحدود الزمان و المكان‪.‬‬
‫«وهي مسرحي ة استوحاها ولد عبد الرحمان كاكي من مسرحية "اإلنسان الطيب من ستشوان" للكاتب‬
‫المسرحي األلماني"برتولد بريشت" و التي هي في االصل أسطورة صينية قديمة تتنازل نزول ثالثة من‬
‫األلهة الى األرض و محاولة اختبار البشر»(‪.)98‬‬

‫(‪ )2‬جواد أألسدي‪ ،‬نقطة ضوء حول المسرح‪ ،‬نشر الستار العدد‪-04‬المهرجان الوطني الثاني للمسرح المحترف‪ ،‬الجزائر‬
‫من‪ 13-02‬أكتوبر ‪ ،1986‬ص‪.03‬‬
‫(‪ )1‬نوردين عمرون ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.249‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬إدريس قرقوة‪ ،‬التراث في المسرح الجزائري‪ ،‬مكتبة الرشاد للنشر و الطباعةو التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪،367‬‬
‫ص‪.368‬‬
‫(‪ )2‬حفناوى بعلي‪ ،‬أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر‪ ،‬منشورات إتحاد الكتاب الجزائريين‪ ،‬ط‪،2002 ،1‬‬
‫ص‪.214‬‬
‫وكما هو معروف فاالقتباس أو التحرير هي إحدى المصادر أو المنابع التي اعتمدها المسرح الجزائري‬
‫في تجاربه المسرحيةنوخاصة كاكي الذي كان من أوائل المسرحين التجربيين على خشبة المسرح‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫لقد وظف عبد الرحمان كاكي الحكاية الشعبية‪ «،‬ذلك على اعتبار أن لنا تراثا قصصيا ذا طبيعة‬
‫مسرحية‪ ،‬يصدر عن الخيال المسرحي‪ ،‬وفهم متميز لمطالب المشاهد‪،‬و الموقف و الشخصية‪...‬وسائر‬
‫عناصر البناء المسرحي‪،‬غير أنه كتب بأسلوب الحكاية(وليس الحوار) ألن الحكي كان األسلوب المستقر و‬
‫الممكن»(‪.)99‬‬
‫فلقد حاول كاكي االحتفاظ بحبكة المسرحية‪ ،‬واستعمال عناصر الدراما البريشتية المستهدفة في‬
‫المسرحية في شكل الحلقة والقراقوز المتجذرة في التقاليد الشعبية‪ ،‬استخدمه في مسرحياته على سبيل‬
‫االتصال الوثيق بالجمهور‪،‬عبر لغة متحررة من التقنيات الدقيقة وقد نجح "كاكي" من السيطرة على معجم‬
‫اللغة المحكية العامية و الدارجة مستغال جماليات البالغة الشعبية‪«،‬و مطوعا الفصحى لالقتراب بها إلى‬
‫لغة ثالثة و هي بينهما لغة وسطية‪،‬عاد الى االدب الشعبي الذي يستغرق مظاهر الحياة الشعبية‪،‬قديمها و‬
‫حديثها و مستقبلها‪،‬وهو أبقاها على الزمن»(‪.)100‬‬
‫وعلى ضوء ما سبق‪،‬فهذا االقتباس و اإلستيحاء الذي قام به عبد الرحمان كاكي إضافة إلى توظيفه التراث‬
‫الشعبي‪،‬وعناصر الدراما البريشتية بعناصرها‪،‬ما هي إال سبل إنتهجها "كاكي" في تجربته على مستوى‬
‫نص مسرحية "القراب و الصالحين"‪.‬‬
‫‪-2‬التجريب على مستوى العرض‪:‬‬
‫أما على مستوى العرض فقد إتخذ"عبد الرحمان كاكي" من اسلوب األغنية الفردية في شخص "سليمان‬
‫‪،‬لجذب الجمهور وشد انتباهه منذ القراب و الجماعة في شخوص الكورس أو الجوقة المكونة من جماعتين‬
‫الوهلة األولى للعرض ‪ ،‬لتحقيق إندماج المتفرج مع العرض المسرحي ثم خروج"القراب" من وسط‬
‫الجمهور‪ ،‬وهذا التوظيف التقني و الفني‪ ،‬ما هو في الحقيقة إال محاولة كسر اإليهام عند الجمهور من‬
‫البداية األولى للمسرحية‪ ،‬و إشراكه في العملية المسرحية‪ ،‬وشد انتباهه حتى يكون مشاهدا ايجابيا يتفاعل‬
‫(‪)101‬‬
‫مع العرض‪ ،‬ال مشاهدا صامتا‪،‬خامال‪..‬‬
‫«كما وظف "كاكي" المداح كراوي ألحداث المسرحية ‪،‬يقدم هذا الرواي شخوص المسرحية ‪،‬يعلق‬
‫على أفعالها وانفعاالتها فالراوي(المداح) أصبح وسيطا بين المؤلف وشخص المسرحية تنهض بمسؤلية‬
‫خطابها المحدد في الفعل المسرحي‪ ،‬و الراوي في مسرحية"القراب و الصالحين" يقوم بدور السرد و‬
‫(‪) 102‬‬
‫يتحكم في توجيه الخطاب و تحقيقه»‬
‫فقد حاول "عبد الرحمان كاكي" في تجربته في مسرحيتين" القراب و الصالحين" و "ديوان القراقوز"‬
‫و في كثير من لوحاته الفنية و المشاهد من مسرحياته‪ ،‬بإدخال و دمج الحكواتي في العرض المسرحي‬
‫بالقوال و المداح‪،‬كما عرفناها سابقا في عروض الفرجة الفنية‪،‬وذلك لتقريب العملية المسرحية أكثر عند‬
‫عموم الناس و المشاهدين‪.‬‬
‫« كما استخدم "كاكي" عنصرا اخر من خالل توظيف شخصية"الدرويش" لتحقيق نوع من اإلندماج‬
‫بين الجمهور و العرض المسرحي عبر ذلك اإلمتداد الشعبي الطبيعي الذي تحظى به شخصية"الدرويش"‬
‫لدى عموم الناس‪،‬هذه الشخصية الغريبة األطوار الغامضة األفكار والطروحات حينا‪ ،‬المدركة لحقائق‬
‫األشياء‪ ،‬العارفة ببعض الحقائق الخفية و األمور الغيبية حينا أخر»(‪.)103‬‬
‫وكان هذا التنوع في استخدام األغنية الفردية و دمجها مع جماعة الكورس‪،‬إضافة إلى استخدام‬
‫شخصية القوال أو المداح وشخصية "الدرويش" سبيال من سبل التجريب المسرحي على مستوى العرض‬
‫عند "عبد الرحمان "كاكي" في مسرحية" القراب‬ ‫و الصالحين" ‪.‬‬
‫‪-3‬التجريب على مستوى اإلنتاج‪:‬‬

‫)‪ )3‬د‪.‬ا دريس قرقوة‪ ،‬التراث في المسرح الجزائرينمكتبة الرشاد للطباعة و النشر و التوزيع ج‪،1‬الجزائر‪،‬ص‪.367‬‬
‫(‪ )4‬د‪.‬محسن عبد هللا‪ ،‬المسرح المحكي‪ ،‬تأهيل نظري ونصوص من التراث العربي‪ ،‬دار قباء للطباعة و النشر و التوزيع ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ، 2000،‬ص‪.92‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬ادريس قرقوة‪ ،‬مكتبة الرشاد التراث في المسرح الجزائري للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ج‪،1‬ص‪365‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬ادريس قرقوة‪، ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.377‬‬
‫(‪ )3‬د‪.‬ادريس قرقوة‪ ،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.378‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬ادريس قرقوة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.373‬‬
‫« لقد تميزت هذه التجربة بعمل ألسني على مستوى الكلمات المستعملة وعناصر اإلخراج‪،‬فانكبت‬
‫(‪)104‬‬
‫اجتهادات اإلخراج على استعمال الحيز السينوغرافي المستوحى من الحلقة»‬
‫وكما هو معروف فالحلقة و القوال أو المداح ‪،‬كانت من أهم العناصر و األسس التي ارتكزت عليها‬
‫التجارب المسرحية لدى المحترفين خاصة في بداية مشوارهم التجريبي‪،‬باإلضافة الى الحيز السيوغرافي‬
‫و الديكور و اإلضاءة و الموسقى المناسبة‪.‬‬
‫« فتألفت ا لمسرحية من مشاهد قصيرة و مشاهد طويلة‪ ،‬والهدف من المشاهد القصيرة أن تكسر تطور‬
‫الحدث وأن تعلق على الحدث مما يحقق رغبة المسرح الملحمي‪،‬في ان يواجه المتخرج بما يعرضه عليه‬
‫وأن يجعله يفكر في مغزاه‪.‬‬
‫أما المشاهد الطويلة ‪،‬فهي تصور الصراع بين الخير و الشر كما يتمثل في شخصية المرأة‬
‫الطيبة"حليمة"‪ ،‬وتتخلل المشاهد الطويلة أغاني وخطب موجهة توجيها مباشرا‪،‬واألغاني في ظاهرها‬
‫(‪)105‬‬
‫تختلف عن المشاهد التي تصاحبها‪،‬ولكنها بطريق مباشر أو غير مباشر تعلقه جميعا على الحدث» ‪.‬‬
‫فلقد قام الجهاز الفني اإلخراجي بعمل متميز‪،‬تناسب مع طبيعة المسرحية التجريبية‪،‬وهو ما جعلها‬
‫تتصدر الصفحات األولى للجرائد والصحف‪« ،‬في العدد الصادر بتاريخ ‪ 1966/05/28-22‬خصصت‬
‫‪ ،‬مقاال حول المسرحية بعنوان "كاكي‪ :‬يعود من سفاقس ‪Algérie actuel‬صحيفة "الجزائر األحداث‬
‫بالجائزة األولى‪ .‬إستهلت الصحيفة مقالها باإلشارة الى أن المسرح الوطني الجزائري شارك بمسرحية‬
‫القراب والصالحين في مهرجان سفاقس بتونس‪،‬الى جانب مجموعة من الفرق المسرحية من المغرب و‬
‫تونس‪،‬وبعد أن قدمت لمحة عامة عن العروض التي قدمت في هذا المهرجان ذكرت أن "القراب‬
‫والصالحين" نالت الجائزة األولى‪ ...‬ثم أقامت بمقارنة بين مسرحية القراب و الصالحين و المرأة الطيبة‬
‫لبريخت و ذكرت أن "كاكي" وفق مثل "بريخت" في إبراز الجانب الملحمي للمسرحية‪ ،‬وأنهت مقالها‬
‫باإلشارة بالجانب الفني إخراجا وأداءا»(‪.)106‬‬
‫وما نستطيع قوله أن مسرحية" القراب والصالحين" تعتبر إحدى أهم التجارب المسرحية للمسرح‬
‫المحترف الجزائري‪ ،‬وهو ما يعكس نجاحها ‪،‬بعد أن مثلتها عدة فرق مسرحية‪،‬فكانت قمة في التنوع و‬
‫التجريب على كل المستويات‪،‬نصا ‪،‬وأداء وإخراجا‪.‬‬

‫‪-2‬التجريب عند عبد القادر علولة‪:‬‬


‫يعد المؤلف و المخرج "عبد القادر علولة" واحد من أهم المخرجين العرب‪ ،‬والجزائريين الذين عملوا‬
‫على تكييف أفكار "بريثت" وانجازات المسرح الملحمي للجمهور الجزائري من خالل ربطها مع‬
‫المخزون الهائل من التراث والثقافة الشعبية العربية عموما‪ ،‬معتمدا على أهم وسائل التوصيل التي تحقق‬
‫العالقة الفعالة بين الفنان والمشاهد‪،‬ولقد بحث في التراث الجزائري و العربي عن تلك االشكال المقبلة في‬
‫المسرحية أو الدراما وربط ها بمفاهيم المسرح الملحمي حتى تنسجم و متطلبات عرض مسرحي"الحلقة"‬
‫شكال وأداءا وإنتاجية و فرجة‪ ،‬بعد أن توصل من خالل الممارسة العملية إلى قناعة شخصية إن القالب‬
‫األرسطي ليس هو الشكل المالئم الذي يستطيع ان يؤدي به رسالته االجتماعية في البيئة التي يتعامل معها‬
‫وقدم خاللها خمسة أعمال فنية‪،‬من أشهرها ثالثية " األقوال ‪،‬األجواد‪ ،‬للثام" و التي نتخذ إحداها و هي‬
‫"االقوال" موضوع دراستنا‪.‬‬
‫التعريف بالمؤلف‪ ( :‬عبد القادر علولة)‪:‬‬
‫ولد فقيد المسرح في ‪ 8‬يوليو ‪ 1939‬في مدينة الغزوات‪ ،‬وتابع دراسته االبتدائية في المدرسة الصغيرة‬
‫عين البرد غرب وهران‪ ،‬ثم واصل دراسته الثانوية في مدينة سيدي بلعباس و بعد ذلك بوهران‪ ،‬توقف‬
‫عن الدراسة في ‪ 1956‬وبدا يمارس المسرح كهاو مع فرقة" الشباب" بوهران دائما في إطار هذه الفرقة‬
‫وحتى سنة ‪، 1960‬شارك في عدة أدوار تكونية ومثل في مسرحية "خضر اليدين" التي كتبها "محمد‬
‫كرشاي"‪ ،‬و في سنة ‪ 1962‬أخرج في إطار فرقة المجموعة المسرحية الوهرانية مسرحية "األسرى"‬

‫(‪ )2‬بعلي حفناوي‪ ،‬أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر‪ ،‬منشورات إتحاد الكتاب الجزائريين‪ ،‬ط‪،1،2002‬‬
‫ص‪.215‬‬
‫(‪ )3‬بعلي حفناوي‪ ،‬نفس المرجع‪،‬ص‪.214‬‬
‫(‪ )1‬مخلوف بوكروح‪ ،‬الصحافة والمسرح‪ ،‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية‪ ،‬وحدة الرغاية‪ ،‬الجزائر‪ ،2002 ،‬ص‪.58‬‬
‫(‪،)107‬يلتحق علولة سنة‪ 1963‬بالمسرح المحترف لينخرط في فرقة ‪Plaute‬للمؤلف الروماني "بلوت"‬
‫المسرح الوطني الجزائري التي كانت أنذاك تتكون من مصطفى كاتب‪،‬بودينة ورويشد‬
‫من ‪1963‬الى ‪ 1965‬لعب علولة في المسرحيات التالية‪ "،‬اطفال القصبة" "حسان طيرو الحياة حلم‬
‫‪"،‬اليمين"‪"،‬دون حيان"‪" ،‬ورود حمراء"‪" ،‬المرأة الشرسة المدجنة"‪ ،‬وساعد عالل المحب في إخراج هاتين‬
‫المسرحيتين سنة‪،1964‬وفي نفس السنة يقوم علولة بإخراج "الغولة" لرويشد كما يقوم سنة ‪ 1965‬بإخراج‬
‫" السلطان الحائر" لتوفيق الحكيم‪.‬‬
‫قام "عبد القادر علولة" باقتباس إخراج المسرحية"نقود من ذهب" مع من مجموعة من الشباب الممثلين‬
‫الجزائري سنة‪ 1967‬و الذين ال يتجاوز معدل أعمارهم ‪ 22‬سنة وذلك بعد عودته إلى المسرح الوطني‬
‫(‪)108‬‬
‫كان هدف هذه الفرقة هو ممارسة مسرح تجريبي وبحث ونشر التمثيل المسرحي على نطاق واسع‬
‫‪.‬ومن ثم غادر "علولة" المسرح الوطني الجزائري سنة‪ 1968‬لمواصلة دروس مسرحية في جامعة‬
‫الص ربون وجامعة نانسي‪،‬لم تطل إقامته هناك‪ ،‬فقد عاد إلى وهران حيث عينه صديقه" عبد الرحمان‬
‫) يقوم هناك ‪t.n.o.a‬كاكي" مخرجا مسرحيا‪،‬وكان هناك آنذاك مدير المسرح الوطني للغرب الجزائري(‬
‫(‪.)109‬‬
‫بإخراج " نومانس" سنة‪.1968‬‬
‫وهكذا يقدم "علولة" سنة‪1969‬نصه المسرحي األول" العمالق" فيقوم بإخراجه و يمثل فيه شخصيا‪.‬‬
‫واستمر علولة في هذه ال غزارة سواء في التأليف أو اإلقتباس أو اإلخراج ‪،‬الى أن تعرض لإلغتيال‬
‫يومان فقط قبل العيد‪ ،‬الخميس ‪ 10‬مارس ‪ 1994‬على الساعة ‪ 3‬والنصف ليال ليسقط" علولة" برصاص‬
‫الغدر اإلرهابي بعض األمتار أمام منزله (‪.)110‬‬
‫ويمكن أن ندرج أعمال "علولة" في المجال السينمائي و المسرحي كمايلي‪:‬‬
‫‪-‬مثل أدوار عديدة في مسرحيات‪1:‬‬
‫"أوالد القصبة" لعبد الحليم رايس و مصطفى كاتب ‪.1963‬‬
‫" حسان طيرو" لرويشد و مصطفى كاتب‪.1963‬‬
‫" الحياة حلم" لمصطفى كاتب‪.1963‬‬
‫"دون جوان" اقتباس وإخراج مصطفى كاتب ‪.1963‬‬
‫"ورود حمراء لي" لعالل المحب ‪.1964‬‬
‫"ترويض نمرة" إخراج عالل المحب ‪.1964‬‬
‫(‪.)111‬‬
‫"}الكالب" لحاج عمار ‪1965‬‬
‫‪-2‬أخرج بعد ذلك مسرحيات عديدة‪:‬‬
‫" الغولة" كتبها رويشد ‪.1964‬‬
‫" السلطان الحائر" لتوفيق الحكيم ‪1965‬‬
‫" نقود من ذهب" اقتباس من التراث الصيني القديم ‪1967‬‬
‫" نومانس" اقتباس حيمود إبراهيم و محبوب اسطمبولي ‪.1968‬‬
‫‪-3‬ألف واخراج المسرحيات التالية ‪:‬‬
‫"العلف" ‪.1969‬‬
‫"الخبزة" ‪.1970‬‬
‫"حمق سليم" مقتبسة عن يوميات أحمق لجوجول ‪.1972‬‬
‫‪ "1970 .‬حمام ربي‬
‫‪".‬حوت يأكل حوت" ‪ 1975‬ألفها بن محمد‬
‫‪"1980‬القوال"أي األقوال‪.‬‬
‫‪"..‬األجواد" ‪1985‬‬
‫‪".‬اللثام" ‪1989‬‬
‫أرلوكان خادم السيدين" ترجمة لمسرحية " جولدوني" ‪.1993‬‬

‫(‪ )2‬عبد القادر علولة‪ ،‬من مسرحيات علولة"األقوال‪-‬األجواد‪-‬اللثام" وزارة الثقافة ‪،‬الجزائر‪،2009،‬ص‪.5‬‬
‫(‪ )1‬عبد القادر علولة‪،‬من مسرحيات علولةنوزارة الثقافة‪ -‬الجزائر‪،2009،‬ص‪.2‬‬
‫(‪ )2‬عبد القادر علولة‪ ،‬نفس المرجع ‪،‬ص‪.3‬‬
‫(‪ )3‬عبد القادر علولة‪ ،‬نفس المرجع ‪،‬ص‪.8‬‬
‫(‪ )1‬عبد القادر علولة‪ ،‬نفس المرجع‪،‬ص‪.5‬‬
‫" التفاح" ألفها لفرقة المثلث‪،‬وأخرجها زروقي بو خا ري ‪.1993/92‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪-4‬كتب سيناريوهات‪:‬‬
‫"جورين" إخراج للتلفزيون محمد إفتسان ‪.1972‬‬
‫"جلطي" إخراج للتلفزيون محمد افتسان ‪.19800‬‬
‫اقتبس خمس قصص الكاتب التركي "عزيز نسيت" على شكل مسرحيات لتلفزيون ‪1990‬‬
‫‪.‬ليلة مع مسجون‪.‬‬
‫السلطان و الغربان‪.‬‬
‫الوسام‪..‬‬
‫الشعب فاق‪.‬‬
‫الواجب الوطني‪.‬‬
‫أخرجها للتلفزيون بشير بريش عام ‪.1990‬‬

‫‪-5‬مثل في األدوار التالية‪:‬‬


‫" الكالب" للمخرج هاشمي شريف ‪1969‬‬
‫" الطارف ة" أي الحبل للمخرج هاشمي شريف ‪.1971‬‬
‫" تلمسان" للمخرج محمد بوعماري ‪.1989‬‬
‫(‪)112‬‬
‫"حسان النية" للمخرج غوتي بن دروش ‪1990.‬‬
‫‪-6‬شارك في صياغة و قراة تعاليق االفالم التالية‪:‬‬
‫" بوزيان القلعي" للمخرج حجاج ‪.1983‬‬
‫كم أحبكم" للمخرج عز الدين مدور‪.1985‬‬
‫‪-7‬أخ رج ثالث تمثيليات لإلذاعة و مثل فيها عن مسرحيات من التراث العالمي سوفوكليس‪...‬أرسطو‬
‫فان‪...‬و شكسبير‪.‬وذلك عام ‪.1967‬‬
‫من ‪ 1968‬إلى ‪ .. 1969‬أخرج مع الطلبة عدة مسرحيات من بينها مسرحية " الغول" لمحمد ‪1‬‬
‫(‪.)113‬‬
‫عزيزة‪..‬‬
‫التعريف بالمؤلف " األقوال" ‪1‬‬
‫ألف "عبد القادر علولة" مسرحية األقوال سنة‪ ،1980‬والتي قامت بتمثيلها عدة فرق مسرحية وتندرج‬
‫" األقوال" ضمن الشكل الملحمي و االجتماعي‪ ،‬وتعتمد على القوال و الجوقة التي تكتفي بسرد االحداث و‬
‫التعليق على ماسوف يجري و يحصل فيما بعد‪ ،‬وتعد مسرحية " األقوال" بداية لسلسلة المشهورة"‬
‫األقوال‪ ،‬اللثام و األجواد"‪ .‬وفي هذا الصدد يقول عبد القادر علولة في حوار أجراه معه ‪-‬محمد جليد‪-‬‬
‫أستاذ علم االجتماع بجامعة وهران سنة ‪ ،1985‬فيقول«‪...‬تعتبر األجواد" بالنسبة لي تتمة منطقية و مكملة‬
‫إن صح القول‪،‬للمسرحية السابقة أال وهي " األقوال" إذا يوجد تشابه كبير و تذكيرات كثيرة بين هاتين‬
‫المسرحيتين‪،‬مما يسمح لي إذا ما أردنا التعميق في الموضوع من الحديث عن إرهاصات نوع‬
‫جديد‪.)114(»..‬‬
‫واألقوال" هي مسرحية إجتماعية من ثالث لوحات تتشكل في مضمونها قضية العمال و همومهم و‬
‫نضالهم من أجل تحقيق حقوقهم المشروعة و محاربة الطفيليين من اإلنتهازيين‪ ،‬الذين سعوا لتحطيم أمالهم‬
‫وأحالمهم في النظام اإلشتراكي و حفظه لكرامة العمال‪ ،‬وأيضا في النظام المشترك ألجل الوطن وأن يبقى‬
‫شامخا بين بقية األوطان‪،‬و هنا تلعب الجوقة المسرحية الدور المهم في ربط االحداث و تقديم الشخصيات‬
‫(‪) 115‬‬
‫و التعليق على مايجري في المسرحية من صراعات و مواقف درامية‪.‬‬
‫كما يمكن أن ندرجها – األقوال‪ -‬ضمن مسرح العمال‪ ،‬وهو تجربة حداثية واعية‪ ،‬تعتبر اداة تثقيفية‬
‫هامة ورئيسية في الحياة تلك الطبقة‪،‬يحمل خصوصية الحياة العمالية و نكهة العمال تفرض نوعا من الدقة‬

‫(‪ )1‬عبد القادر علولة ‪ ،‬ص‪.6‬‬


‫(‪ )2‬عبد القادر علولة ‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫(‪ )3‬عبد القادر علولة ‪ ،‬ص‪8‬‬
‫(‪ )4‬عبد القادر علولة ‪ ،‬ص‪.234‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬ادريس قرقوة‪ ،‬التراث في المسرح الجزائري‪ ،‬مكتبة الرشاد للطباعة و النشر و التوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪،‬ج‪،1‬ط‪،1،2009‬ص ‪.165‬‬
‫في استعمال هذه األداة التثقيفي ة المتفهمة لطبيعة الواقع الذي تعيشه الطبقة العاملة و للظروف الصعبة التي‬
‫(‪)116‬‬
‫تحبط بها‪،‬وهي المواضيع التي أدرجها" عبد القادر علولة" في مسرحية األقوال‪.‬‬
‫‪-‬ملخص مسرحية " األقوال"‪.‬‬
‫تتوزع مسرحية " األقوال" على ثالث مواضع و ثاللثة إستهالالت أولية للجوقة يستهل " عبد القادر‬
‫علولة" الموضوع االول بحديث أولي أو استهالل عن قيمة " القول" وأهميته في حياة اإلنسان ‪،‬وذلك من‬
‫خالل قوله‪.‬‬
‫الجوقة « األقوال يالسامع لي‪ ،‬فيها أنواع كثيرة فيها اللي سريعة عظالم ترعظ غواشي هادنة كالزلزلة‬
‫تجعل القوم مفجوعة عجالنة تعفن الخواطر تهيج و تحوزك للفتنة اللي تتموج في طريقها توصل محقنة‬
‫(‪)117‬‬
‫تتسرب تفيض على الخلق و تفرض لمحنة‪»...‬‬
‫ويكرر "علولة" هذا اإلستهالل القولي "للجوقة" على مدار لوحاته المسرحية الثالثة‪،‬ولكن بتغيير‬
‫طفيف فيه و ذلك من خالل ا إلشارة الى الموضوع الذي سيتطرق إليه في عرضه القادم‪.‬‬
‫الموضوع األول‪:‬‬
‫يتناول شخصية"قدور" السواق‪ ،‬هذا العامل البسيط ذو الخبرة الكبيرة في عمله و اإلتقان و الذي ظل‬
‫يزاول نشاطه كسائق عند مدير الشركة(مؤسسة وطنية) منذ خمسة عشرة سنة‪ ،‬والذي كان يدافع عنه لدى‬
‫العمال البسطاء‪ ،‬الذين اتهموه‪ -‬المدير‪ -‬باإلختالس و السرقة و التالعب بأموال المؤسسة وضياع حقوقهم‪-‬‬
‫العمال‪ -‬و هنا يتفطن‪ ،‬و يفيق" السي قدور" السواق من سباته و نومه العميق الذي كلفه سنوات من الغفلة‬
‫و البالهة‪ ،‬و يدرك حقيقة مدير المؤسسة"سي ناصر" و من ثم يصحو ضميره" فيسرع الى التكلم بتقديم‬
‫استقالته‪،‬وينظم إلى إ خوانه العمال المضربين ليدافع معهم عن حقوقهم واحالمهم المشروعة‪ ،‬وبعد حين من‬
‫الزمن ينكشف أمر "سي ناصر" مدير المؤسسة‪ ،‬وينقل من منصبه ويطرد من الشركة بفضل النضال‬
‫الموضوع‪/‬الثاني‪:‬‬ ‫العمالي‪.‬‬
‫«يستهل "عبد القادر علولة" الموضوع الثاني بمقطع يشير فيه الى‬
‫موضوع لوحته الثانية فيقول‪:‬‬
‫"لقوال يالسامع ألي فيها أنواع كثيرة أنسمعوا للغشام مع إبنه مسعود كيف يوصي‪ /‬بعدما خدم طويل قبل‬
‫(‪)118‬‬
‫األجل مدام حاصي‪»...‬‬
‫في لوحته الثانية يتناول فيه شخصية عمالية بسيطة أخرى"غشام" الذي أفنى عمره وشبابه في مصنع‬
‫منذ عهد االحتالل الفرنسي‪ ،‬و من ثم في النجم حيث ظروف العمل غير مالئمة‪ ،‬النتشار الغازات وروائح‬
‫الفحم الكريهة و التي سببت له مرض عضال أقعده الفراش‪،‬مازاد فقره وفقر أسرته البسيطة التي تعاني‬
‫االمرين خاصة بعد مرض"غشام" –األب‪ -‬الغير محظوظ وهنا يحمل األب المريض مسؤولية العائلة‬
‫البنه األكبر ‪-‬مسعود‪ -‬و يوصيه بحمل لواء العمو الذود عنه‪.‬‬
‫و في اللوحة الثالثة‪ :‬تروي هذه اللوحة قصة فتاة عمرها إثناعشرة‬
‫سنة‪،‬مصابة بمرض القلب"زيتونة" بنت بوزيان العساس‪،‬وينصحها األطباء بالسفر الى مكان أخر يكون‬
‫هواءه نقيا و جوه اإلجتماعي افضل من حالة أسرتها البائسة و الفقيرة‪،‬فتسافر الى خالها عبد القطار و التي‬
‫تتوقع منه أن يحسن من حال حالتها المرضية‪ ،‬و يبث األمل في قلبها المريض‪،‬وخالها "الجياللي" الذي‬
‫كانت تزوره في صغرها‪،‬حيث الحياة الجميلة الهادئة و المسكن الواسع و المريح‪،‬والذي ينفق الكثير من‬
‫المال على سعادة عائلته وسعادة"زيتونة"‪ ،‬و لكن ال تجري الرياح بما تشتهي السفن‪،‬ألن "زيتونة"‬
‫تصطدم بالواقع اإلجتماعي المر لخالها و حالته اإلجتماعية المزرية‪،‬وهو ينتظرها بالمحطة ‪،‬بالسيارة‬
‫الجميلة التي كان يمتلكها‪،‬وال المالبس المبهرة التي كانت تتوقعها غير سروال قديم و حذاء مقعور تظهر‬
‫منه جواربه‪ ،‬و هنا تكتشف "زيتونة" حقيقة الوضع من خالها الذي طرده مدير المصنع من العمل الذي‬
‫كان يشتغل فيه مع مجموعة من أخوانه العمال‪،‬ألنهم استنهظو هممهم و طالبوا بحقوقهم محاولين كشف‬
‫المستور و تالعبات المدير و اختالسه لألموال ‪،‬وهنا لم تتحمل "زيتونة" ما رأت و سمعت ‪،‬ألن قلبها‬
‫ضعيف و مريض و هي رهينة االحساس و الشعور‪،‬فلم تتحمل مرأت وتألمت لذلك و ماتت المسكينة و‬
‫قلبها يتقطع الما و حسرة لذلك‪.‬‬

‫(‪ )2‬حفناوي بعلي‪ ،‬أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب‬
‫الجزائريين‪،‬ط‪،3،2002‬ص‪. 37‬‬
‫(‪ )3‬عبد القادر علولة‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪. 23‬‬
‫(‪ )1‬عبد القادر علولة‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.34‬‬
‫آلية التجريب عند "عبد القادر علولة" في مسرحية األقوال‪1:‬‬
‫التجريب على مستوى النص‪1 :‬‬
‫إن نص مسرحية " األقوال" تجريبي محض بعيد كل البعد عن النمط األرسطي القديم و تقاليده‪"،‬خاصة أن‬
‫عبد القادر علولة" متأثر أيما التأثر بالنمط البريختي الملحمي"فالمسرحية إجتماعية من ثالث لوحات‬
‫تتناول في مضمونها قضية طبقة من الشعب و هي طبقة «العمالية فتتطرق غالى همومهم ونضالهم من‬
‫أجل تحقيق حقوقهم المشروعة»(‪.)119‬‬
‫والمسرح كظاهرة اجتماعية يخضع بدوره لكلل ما يصيب المجتمعات من تغيير‪ ،‬وبالتالي فإنه يتأثر‬
‫بعوامل التغيير االجتماعي التي تصيب البنية اال جتماعية بالقدر الذي يساعد على ظهوره ونموه من جهة‪،‬‬
‫و تدهوره وانهياره من جهة أخرى‪ ،‬كما أنه أيضا يؤثر في هذه البنية‪،‬ويساعد على تدعيم التغيير بنقده‬
‫ومن هنا أكتسب صفة الضمير العام للمجتمع"(‪.)120‬‬
‫ومن هذا المنطلق فالكاتب‪ -‬عبد القادر علولة‪ -‬أخضع نص مسرحيته للظروف االجتماعية التي تأثر بها‬
‫و حاول التأثير فيها بشكل ما‪ ،‬و ذلك من خالل مسرحيته "األقوال"‪.‬‬
‫يقول عبد القادر علولة"«‪ ...‬إن األمر يتعلق هنا بمسرح سردي و ليس بمسرح تشخيص الحركة ذي‬
‫النمط األرسطي الذي كان يمارس في أوربا منذ بداية القرن و الذ ي ماسرناه في الجزائر من العشرينات‬
‫الى يومنا هذا ‪،‬فهو إذن مسرح ينهل من حيث الشكل من التراث الثقافي الشعبي والتراث العالمي‪ ،‬كما أنه‬
‫مسرح ينطلق من حيث المضمون من المشاكل اليومية و من المعاش الحقيقي و اليومي لشعبنا»(‪.)121‬‬
‫ر وهنا يفصح "علولة" عن جانب أخر من جوانب التجريب في النص مسرحيته " األقوال"‪ ،‬فعلى‬
‫غرار ما ارتكز عليه من تورية للحياة اليومية و المعاشية لطبقة العمال البسيطة كما سبق ذكره‪،‬فقد وظف‬
‫عبد القادر علولة التراث الشعبي الثقافي‪،‬من خالل استخدام شخصية"القول" أوما يعرف لدينا بالمداح‪،‬ومن‬
‫هنا جاءت تسمية المسرحية"باألقوال"‪.‬‬
‫« ولقد ساد استخدام القوال والمداح في النص و العرض المسرحي‪ ،‬حيث نجد في العروض القوالية‬
‫الحوار السردي يتغلب على الحوار الدرامي أكثر‪ ،‬بمعنى االعتماد على األلقاء اللفظي و ال يعطي أهمية‬
‫لدور الممثل من الناحية التجسيدية و المحاكاة‪،‬بمعنى يلغي فن التمثيل الذي يعتبر أساس العرض‬
‫المسرحي»(‪.)122‬‬
‫جانب أخر من جوانب التجريب على المستوى نص مسرحية" األقوال" نلمحه عندما استخدم‬
‫علولة"الجوقة" التي اكتفت بسرد األحداث و التعليق على ما سوف يجري و يحصل من بعد ذلك"وكان‬
‫الكورس في المسرحية هو حامل ألفكار الكاتب المسرحي‪-‬علولة‪ -‬و نظرته الى المجتمع والى قضايا‬
‫(‪)123‬‬
‫عديدة‪،‬أهمها التسيب و االغتناء بطرق غير مشروعة‪ ،‬على حساب الفئات الكادحة من العمال‪".‬‬
‫وعلى ضوء ما سبق‪ ،‬فالتجريب على مستوى نص مسرحية "األقوال" كان متنوعا ومختلفا من حيث‬
‫المضمون و الشكل‪ ،‬فمن المضمون االجتماعي و توظيفه التراث الشعبي و شخصية‬
‫القوال و دمجه و مجموعة الكورس الذي شخصها لتحمل أفكاره و خواطره‪،‬جاء نص المسرحية تجربيا‬
‫ليعبر عن المسرح علولة التجريبي‪.‬‬
‫التجريب على مستوى العرض‪1 :‬‬
‫مسرحية تجربية لما تحويه من مظاهر التجريب التي احتوتها خاصة أثناء العرض‪ ،‬إن مسرحية األقوال‬
‫فأما فيما يخص البناء العام‪ ،‬فإن المسرحية تضم ثالثة مواضع دراسية تستقطبها ثالث أغنيات‪ ،‬ويستقل‬
‫كل عنصر من عناصر المسرحية بذاته من حيث الموضوع‪.‬‬
‫وأما المظهر األول من التجريب الذي نلحظه اثناء العرض المسرحي هو استخدام عبد القادر‬
‫علولة"للجوقة" أو الكورس‪ ،‬يعرق ‪-‬مجدي وهيبة‪ -‬الجوق‪ ،‬في معجم مصطلحات األدب فيقول"الجوق‬
‫فرقة من الممثلين تقوم بوظيفة التعليق على الحادثة في المسرحية (‪.)124‬‬

‫(‪ )1‬د‪.‬إدريس قرقوة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.165‬‬


‫(‪ )2‬د‪.‬كمال الدين حسين‪ ،‬المسرح و التغيير اإلجتماعي في مصر ‪ ،‬الدار البيضاء البنائية للطباعة و النشر‬
‫و التوزيع‪ ،‬ط‪ ،1992 ،1‬ص‪.15‬‬
‫(‪ )3‬عبد القادر علولة‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.235‬‬
‫(‪ )4‬نوردين عمرون‪ ،‬المسار المسرحي الجزائري إلى سنة ‪ ، 2000‬شركة ياتنيت‪ -‬باتنة‪ -‬الجزائر‪،‬ط‪،1،2006‬ص‪.246‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬إدريس قرقوة ‪ ،‬التراث في المسرح الجزائري ‪ ،‬مكتبة الرشاد للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬ج‪،1‬ص‪.169‬‬
‫(‪ )2‬وهيبة مجدي‪،‬معجم مصطلحات األدب‪،‬مكتبة لبنان‪،1974،‬ص‪.91‬‬
‫« وقد استخدمت الجوقة في المسرح اليوناني القديم‪،‬حيث كانت عنصرا مهما في طقوس عبادة‬
‫ديونسوس»(‪.)125‬‬
‫ولقد استخدم ‪-‬عد القادر علولة‪ -‬الجوقة في مسرحية "االقوال لمعرفته بأنها تعطي عمقا وفاعلية في‬
‫الجمهور ‪،‬أي لتحقيق التفاعل مع المشاهدين‪،‬خاصة وأن مسرح "علولة" هو مسرح تجريبي أي أن‬
‫العرض فيه يرتكز على التفاعل الجمهور معه‪،‬وأحيانا أخرى يقوم باشراكه على نحوما‪.‬‬
‫يقول عبد القادر علولة في حوار أجراه معه ‪-‬محمد جليد‪ -‬أستاذ علم اإلجماع بجامعة وهران‬
‫سنة‪«،1985‬واعتبارا لكل هذا يأتي الفعل المسرحي الجديد الذي أقترحه مستقرا كليا من الكلمة ومن‬
‫الكالم‪،‬ومن سرد و نسق غنائي ‪،‬والى سرد يندرج ضمن أنماط خاصة للنسق المسرحي‪ ،‬وأدعوه إلى‬
‫(‪)126‬‬
‫اإلبداع وإعادة اإلبداع معنا للعرض الخاص طوال تسلسل العرض‪»...‬‬
‫من هنا نستطيع القول بأن الجوقة التي استخدمها "عبد القادر علولة في عرضه‪،‬جاءت عن قصد‪ ،‬بهدف‬
‫التفاعل مع الجمهور‪ ،‬ولكسرا إليهام لدي المتلقي وإشراكه في العرض‪.‬‬
‫«أما بخصوص المشاركة‪ ،‬فتتعدد اآلراء و اإلتجاهات حول هذا الموضوع فتعني المشاركة تفاعل الفرد‬
‫عقليا وانفعاليا في موقف الجماعة بطريقة تشجعه على تحقيق أهداف الجماعة و المشاركة في تحمل‬
‫المسوؤلية و تعني عند البعض‪،‬اهتمام المتخرج بالمسرح وتردده على العروض المسرحية‪،‬عند البعض‬
‫األخر تعني اإلبداعي اللحظي التلقائي الذي يحدث اثناء العرض ‪،‬والمشاركة أو التفاعل في أبسط‬
‫مدلوالتها‪ ،‬فتعني إبداء العناية و اإلهتمام ‪،‬كما تعني عند البعض التقمص الوجداني مع شخصية‪ ،‬مع موقف‬
‫تقمص الجمهور مع بعضه البعض لاللتزام‪،‬االنخراط ‪،‬وتقبل بعض القيم األخالقية السياسية المطروحة في‬
‫العرض وتعني كذلك الحركة اختالط الممثل مع الجمهور‪،‬وهذا لدى بعض األشكال المسرحية الحديثة‪،‬كما‬
‫تعني عند البعض األخر إشراك الجمهور في حين يرى بعضهم أنها تعني إيقاظ قدرته على اإلبداع‬
‫بواسطة عروض تطالب خيال المتفرج»(‪.)127‬‬
‫تبدأ مسرحية "األقوال" باستهالل أوحديث أولي للجوقة عن قيمة القول وأهميته في الحياة‪،‬قوتها‬
‫التأثيرية في الحياة وفي المسار العام لإلنسان وذلك من خالل‪:‬‬
‫«الكورس ‪:‬األقوال ي االسمع لي‪،‬فيها أنواع كثيرة‪،‬اللي سريعة‪،‬عظلم ترعد غواشي هادئة كالزلزال تجعل‬
‫القوم مفجوعة‪،‬عجالنة‪ ،‬تغضي الخواطر تهيج تحوزك للفتنة‪...‬تفيض على الخلق وتفرض المحنة‪.‬‬
‫األقوال ياالسامع لي‪،‬فيها أنواع كثيرة‪،‬فيها اللي مرة دفلة‪،‬سم تكمش كالغفلة‪...‬فيها لي حلوة تروي‪،‬تحمس‬
‫كالرقابة تملي القلوب ثيقة بالزارنة‪،‬تنجي من الحنقة‪...‬توري جهاز الفخات المدرقة»(‪.) 128‬‬
‫تستمر الجوقة في التعظيم من أهمية األقوال واألخبار ووظائفها في المجتمع من خالل تقسيمها إلى‬
‫أقوال نافعة وأقوال ضارة و مهلكة‪ « ،‬في ظل وظيفة الديكور و الموسقى لكل مشهد من مشاهد المسرحية‬
‫(‪)129‬‬
‫وحتى وظيفة الخشبة المسرحية وبإطارها وتجهيزاتها التقنية»‬
‫الكورس « القوال بالسامع لي فيها أنواع كثيرة الي في صالح الغني الطاغي المستغل ولي في صالح‬
‫الكادح‪.‬‬
‫البسيط والعامل‪.‬‬
‫فوالنا اليوم على غشام ولد داود وابنه‪.‬‬
‫فوالنا اليوم على زيتونة بنت بوزيان و العساس‪.‬‬
‫(‪)130‬‬
‫نبدوا بقدور السواق وبخلوه بقول»‬
‫وتبدأ مشاهد من اللوحة األولى واستقالة"قدور السواق"من مهنته و يتكون بذلك ‪،‬ذلك الحوار الشيق و‬
‫الدرا مي بين قدور السواق و المدير "سي ناصر "في ظل سكوت تام للجماهير‪«،‬السي ناصر هاك تقرى‬
‫هذا الرسالة‪...‬رسالة موجهة ليك ياحضرة المدير‪....‬‬
‫أقرى‪ ...‬أقراها ‪..‬رسالة موجهة ليك ياحضرة المدير فيها استقالتي ‪..‬طالب فيها نستقيل من األن‪..‬ما كاله‬
‫تتكلم ياسي ناصر‪..‬اليوم أنا نتكلم‪.)131(»..‬‬

‫(‪ )3‬د‪.‬إدريس قرقوة التراث في المسرح الجزائري‪،‬مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬الجزائر‪،‬ج‪،1‬ص‪.164‬‬
‫(‪ )4‬عبد القادر علولة‪،‬من مسرحيات علولة‪،‬وزارة الثقافة الجزائر‪،2009،‬ص‪.238‬‬
‫(‪ )1‬مخلوف بوكروح‪ ،‬التلقي و المشاهدة في المسرح‪ ،‬مؤسسة فنون وثقافة لوالية الجزائر ‪،2004،‬ص‪58‬‬
‫(‪ )2‬عبد القادر علولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫(‪ )3‬عبد القادر علولة‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.240‬‬
‫(‪ )1‬عبد القادر علولة‪ ،‬من مسرحيات علولة‪،‬وزارة الثقافة‪،‬الجزائر‪2009،‬ص‪.24‬‬
‫(‪ )2‬عبد القادر علولة‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫« ونظرا ألن األداء المسرحي يرتكز إرتكازا قويا على النص السردي‪،‬فإن الزمن المسرحي أو ما‬
‫اعتدنا على تسميته بوحدة الزمن لم تعد كما كانت‪ ..‬بمعنى أنه في الزمن الذي يستغرقه العرض‬
‫المسرحي‪،‬كما كانت‪ ...‬بمعنى أنه في الزمن الذي يستغرقه العرض المسرحي‪ ،‬كما هو الحال في القصة أو‬
‫وهنا فالجوقة في‬ ‫الرواية‪ ،‬نستطيع أن نقدم عرضا لحياة بكاملها‪.)132(»...‬‬
‫المسرحية تلعب الدور الرئيسي في العرض المسرحي‪ ،‬وهو الجانب المميز في المسرحية و الذي يظهر‬
‫الجانب التجريبي بوضوح‪« ،‬فالج وقة في مسرحية األقوال لم تكن تشارك في سير االحداث أو تطورها‪،‬لم‬
‫تتدخل في الصراع فتحمسه لصالح فئة على االخرى أو لشخصية على شخصية المضادة‪ ،‬فقد أكتفت بسرد‬
‫(‪.)133‬‬
‫االحداث و التعليق على ما سوف يحدث»‬
‫« الكورس‪ :‬قدور السائق سعيد اليوم‪..‬قدور السائق صاحب المدير السابق‪..‬فرحان اليوم قدور اليوم كأنه‬
‫قطع بحور و جبال ووديان‪..‬‬
‫(‪)134‬‬
‫قدور اليوم رجعت له كرامته وصرف من البالء» ‪.‬‬
‫وتمضي اللوحة األولى‪ ،‬ويسدل الستار لتبدأ مشاهد من اللوحة الثانية وقصة "غشام" وابنه مسعود‪،‬‬
‫لنراه على لسان الجوقة ‪:‬‬
‫«القوال يا السامع لي فيها أنواع كثيرة‪.‬‬
‫نسمعوا الغشام مع ابنه المسعود كيف يومي‪.‬‬
‫بعدما خدم طويل قبل األجل ما دامه حامي‪.‬‬
‫لقوال يالسامع لي فيها أنواع كثيرة‪.)135(»..‬‬
‫ثم في موطن حديث الجوقة عن طرد "الغشام" من العمل‪ ،‬تتحدث الجوقة بلسان الطبيبة‪ -‬المهنية‪ -‬وهي‬
‫تروي حكاية الغشام‪.)136(.‬‬
‫وهنا وبمجرد بداية القصة الثانية‪-‬حكاية الغشام وابنه‪-‬و التي تجسدها اللوحة الثانية‪،‬حتى يدب سكون تام‬
‫في قاعة المشاهدة‪.‬‬
‫«الجوق ة‪ :‬خرج مطرود مهدد بالموت ‪،‬ال أجر و الضمان اجتماعي خسروا عليه كلمة وحدة قالتها‬
‫الطيبة‪،‬درسنا القضية و قررنا باش تتوقف على العمل نهائيا‪،‬خصك أتداوي روحك بحيث المرض لي فيك‬
‫خطير جدا الرية أنتاعك مضروبة‪ ،‬عايم عليها المرض»(‪.)137‬‬
‫تقوم الجوقة إيضاحات وتفسير لحقيقة فصل "الغشام" من المصنع بعدما كان قد أفنى حياته خدمة‬
‫للوطن‪ ،‬كما يقال المثل (أكلوه لحما ورموه عظما) كل ذالك حتى يندمج المشاهد أكثر مع العرض ويستنبط‬
‫العبرة مما يحدث‪ ،‬فيبدوا للمتخرج شخص"غشام" المواطن(المغبون) مسلوب الحق و هو رمز للشعب‪-‬‬
‫الطبقة الكادحة‪ -‬المهان و المعرض لطرد و اإلذالل من أناس ال يحملون لهذا الوطن أي حب و مودة و ال‬
‫أية شفقة‪ «،‬و المسرح في الحقيقة أمره رؤية تنويرية إنسانية تدعوا الطبقات اإلجتماعية الى تحمل‬
‫المسؤولية كاملة باختالف األشكال و الصور»(‪.)138‬‬
‫ويتكون ذلك الجو العائلي األبوي حين يجتمع "الغشام" مع ابنه مسعود و هو يشد عضده‪،‬ويسلمه مسؤولية‬
‫العائلة‪ ،‬خاصة بعدما ألم بصحته‪ ،‬وهنا يتفاعل الجمهور مع اللوحة الفنية‪ ،‬ويشعر كل مشاهد ومتخرج‬
‫وكأنه يعيش الحالة المصورة‪ .‬وهو سر المسرح التجريبي والذي يكمن في العرض والذي من خالله –‬
‫العرض‪ -‬يؤثر نفسيا وشعور على المتفرج‪،‬فيحس التفرج وكأنه جزء أو قطعة من المسرحية الممثلة‪.‬‬
‫تسدل الستارة وسط تصفيقات وصفير الجماهير ‪،‬لتعلق عن نهاية قصة "الغشام" وبداية اللوحة الثالثة‪،‬‬
‫(‪)139‬‬
‫«فترسم الجوقة مشهدا أخر من معاناة المواطن البسيط وحكاية الفتاة زينوبة في اللوحة الثالثة‪».‬‬
‫«الجوقة ‪ :‬زينوبة بنت بوزيان العساس في عمرها تناعش سنة قاصفة فالقامة تقول موالت تمن سنين‬
‫وقليلة في الصحة‪،‬درعيها ورجليها أرقاق وإرهاف وجهها ظريف طابعينه عينها كبار‪،‬لونهم قرفي حين‬
‫يزغدوا يتنسكجو حينما تغضب ويبتسموا حين ما تضحك‪..‬‬

‫(‪ )3‬عبد القادر علولة‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.239‬‬


‫(‪ )4‬د‪.‬إدريس قرقوة ‪ ،‬التراث في المسرح الجزائري ‪ ،‬مكتبة الرشاد للطباعة والنشر التوزيع ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ط‪ ،2009،1‬ص‪.168‬‬
‫(‪ )5‬عبد القادر علولة‪،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.25‬‬
‫(‪)1‬عبد القادر علولة‪،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.28‬‬
‫(‪)2‬عبد القادر علولة‪،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.29‬‬
‫(‪)3‬عبد القادر علولة‪،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.40‬‬
‫(‪)4‬برتولد بريشت ‪ ،‬نظرية المسرح الملحمي‪ ،‬ترجمة د‪.‬جميل نصيف‪ ،‬وزارة اإلعالم بغداد ‪،‬ط‪،1،1973‬ص‪.21‬‬
‫(‪)5‬د‪.‬ا دريس قرقوة‪ ،‬التراث في المسرح الجزائري‪ ،‬مكتبة الرشاد للطباعة و النشر و التوزيع ‪،‬ج‪،1‬ط‪،1،2009‬ص‪.173‬‬
‫قالوا ما قالوا على زينوبة بنت بوزيان العساس‪...‬‬
‫(‪) 140‬‬
‫قالوا ما قالوا على بنت موالت القلب الحساس‪»...‬‬
‫وهنا يبدأ العرض الثالث و القصة الحزينة "لزينوبة" البنت المتفوقة في دراستها‪ ،‬والتي تعاني مرضا‬
‫في قلبها‪ ،‬تتوالى المشاهد في جو درامي و ديكور اجتماعي‪ ،‬بحيث يحس الجمهور وكأنه يعيش القصة‬
‫واقعيا‪ ،‬قلبا وقالبا وسواء كان هناك صراع أم ال‪« ،‬فإن الحدث في الدراما البد أن يبني بترتيب تصاعدي‪،‬‬
‫بحيث يتصاعد اهتمام المتفرج مع توالي المشاهد ويتحقق ذلك من خالل الكشف عن جوانب جديدة من‬
‫الشخصيات و األفكار التي تطرحها المسرحية ‪،‬أو زيادة جرعة التشويق بحيث يشعر المتفرج أن اللحظة‬
‫الحاسمة تقترب أكثر فأكثر أو زيادة الشحنة الشعورية»(‪.)141‬‬
‫« والمتف رج في المسرح هو فرد له كيانه الخاص‪،‬ولكنه خالل العرض يصبح جزاء من الحضور‬
‫الجمهور و ما يميز المسرح عن الوسائط األخرى هو حضور الجمهور المادي مما يسمح له بالمشاركة‬
‫في العرض»(‪.)142‬‬
‫من هنا نستطيع أن نستنتج أن الجمهور كان مشدودا بسمعه وبصره وبقلبه لكل لوحة من لوحات‬
‫العرض‪ ،‬بالتصفيق تارة للمواقف الشجاعة الرجولية‪،‬والضحك تارة للمواقف المضحكةنوالحزن و‬
‫السكوت للمواقف الدرامية و الحزينة تارة أخرى‪،‬و هو األمر الذي يعكس نجاح مسرحية "األقوال" و هو‬
‫يقول "عبد القادر ما دفع بعبد القادر علولة"لتأليف تتمات لمسرحية "األقوال‪.‬‬
‫واألجواد" «‪...‬وبصفة ملموسة األقوال "في خضم حواره مع األستاذ ‪-‬محمد جليد‪ -‬حول مسرحية علولة‬
‫أكثر تعتبر "األجواد بالنسبة لي تتمة منطقية ومكملة إن صح القول‪،‬للمسرحية السابقة أال وهي "االقوال"اذ‬
‫يوجد تشابه كبير و تذكيرات كثيرة بين هاتين المسرحيتين‪ ،)143(»..‬و من ثم مسرحية "اللثام" فكانتا ثالثية‬
‫المشهورة"األقوال‪ ،‬االجواد وللثام‪.‬‬

‫‪-3‬التجريب على مستوى اإلخراج ‪:‬‬


‫ألن عبد القادر علولة يعد أهم المخرجين العرب الذين عملوا على تكييف أفكار بريشت وانجازات‬
‫المسرح الملحمي للجمهور الجزائري‪ ،‬من خالل ربطها مع المخزون الهائل من التراث و الثقافة الشعبية‬
‫العربية عموما‪،‬معتمدا على أهم وسائل التوصيل التي تحقق العالقة الفعلية بين الفنان و المشاهد‪،‬ولهذا‬
‫بحث في التراث الجزائري والعربي عن تلك األشكال المقبلة في المسرحية أو الدراما‪،‬وربطها بمفاهيم‬
‫المسرح الملحمي حتى تنسجم و متطلبات عرض مسرحي للجمهور و المجتمع ليس للمجتمع األوروبي‪،‬‬
‫حيث عمل"علولة" على تحقيق مسرح الحلقة لشكال وأداءا و إنتاجية وفرجة بعد أن توصل من خالل‬
‫الممارسة العلمية الى قناعة شخصية ان القالب المسرحي األرسطي ليس هو الشكل المالئم الذي يستطيع‬
‫أن يودي فيه رسالته اإلجتماعية في البيئة التي يتعامل معها‪.‬‬
‫« وألن مسرحية"األقوال"هي أحدى تجاربه الرائدة خاصة من الناحية اإلخراجية‪،‬فقد أبدع علولة من‬
‫خالل تصوراته التقريبية للمشاهد" فجاء استخدام الجوقة في مسرحية"االقوال" كإستمرارية لتوظيفها‬
‫سواء في المسرح الجزائري أو على مستوى العربي و العالمي لكسر اإليهام لدى الملتقى واعتبار النص‪-‬‬
‫(‪)144‬‬
‫الممثل و المتلقي الجمهور كل متكامل ضمن عرض األقوال»‬
‫فقد اشتغل عبد القادر علولة على توظيف التراث في مسرحيته فاكتسبت المسرحية قدرة كبيرة على‬
‫التحاور مع موروثنا الثقافي و الفني من خالل توظيفه لعدة عناصر أضفت جمالية خاصة على‬
‫العرض‪،‬في فضاء التشكيل الحركي وفضاء الكتابة في خروجها من حيز القاعة اإليطالية التي اعاقت‬
‫تطور مسرحيته والتي كان "علولة" باستمرار يحاول توظيف القوال و الحلقة لكسر اإليهام عند المشاهد‪.‬‬
‫« فيمكن للمثل أن يالحظ نفسه بينما هو يمثل‪ ،‬على طريقة المسرح الصيني المتحذلق الى حدما و‬
‫فارغ يستطيع أن يقف في مواجهة المتخرج تماما ‪،‬ويستطيع كما في شخصية"غشام" أن يمثل مع كرسي‬
‫يستطيع أن يباعد وان يتباعد غالى عدة مستويات»‪ ،)145(.‬وهذا يوحي بأن اإلخراج المسرحية جاء ليتم‬

‫(‪ )1‬عبد القادر علولة‪،‬من مسرحيات علولة‪،‬وزارة الثقافة‪،‬الجزائر‪،2009،‬ص‪،57‬ص‪.58‬‬


‫(‪ )2‬سمير سرحان‪ ،‬مبادئ الدراما ‪،‬مركز الشارقة لإلبداع الفكري‪،‬ص‪.51‬‬
‫(‪ )3‬مخلوف بوكروح‪،‬التلقي و المشاهدة في المسرح‪،‬مؤسسة فنون وثقافة لوالية الجزائر‪،2004،‬ص‪43.‬‬
‫(‪ )4‬عبد القادر علولة‪،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.234‬‬
‫(‪ )1‬د‪.‬ادريس قرقوة‪ ،‬التراث في المسرح الجزائري‪ ،‬مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،2009 ،1‬ص‪.173‬‬
‫(‪ )2‬عبد القادر علولة‪ ،‬من مسرحيات علولة‪،‬وزارة الثقافة الجزائر‪،2009،‬ص‪.240‬‬
‫العرض الفني القوي الذي أداه الممثلون‪ « ،‬فكل شئي ينبغي أن يساعد على سهولة الحركة وسرعة التنقل‪،‬‬
‫موسقى خفيفة‪ ،‬ايقاعات‪ ،‬خشخشات‪ ،‬ديكور مالئم وإضاءة عامة تتغير قليال يتقدم منك المشخصون‬
‫(‪)146‬‬
‫المتوزعون في الصالة ليحكوا لك الحكاية األولى‪»...‬‬
‫إن اإلخراج المسرحي الذي جسده "عبد القادر علولة" في مسرحية "األقوال" كان يهدف إلى ترجمة‬
‫النص الى وحدة متجانسة مع كل المؤثرات المرئية والصوتية‪،‬التي تهدف الى إثارة إنفعاالت وأفكار‬
‫المشاهد‪،‬فالحياة التدب جسم النص المسرحي إال إذا تجسد على خشبة المسرح من خالل التصميم داخل‬
‫المبنى أو الفضاء المسرحي‪ ،‬والبد أن التشكيل هو أحد أهم عناصر الخطاب في مسرح"علولة"‪.‬‬

‫الخاتمـة‪:‬‬
‫من خالل بحثي هذا توصلت إلى نتائج كانت عبارة عن حوصلة لما قمت به‪ ،‬من دراسة مكثفة وتتمثل‬
‫في نقاط أساسية وهي كالتالي‪:‬‬

‫(‪ )1‬د‪.‬نديم معال‪،‬مقاالت نقدية في العرض المسرحي‪،‬دار الفكر الجديد‪،‬ط‪،1،1990‬ص‪.43‬‬


‫التجريب ظاهرة عالمية فنية إبداعية‪ ،‬ظهرت نتيجة الرغبة في التطور‪ ،‬وكنتيجة حتمية لتطور الفنون ‪-‬‬
‫مع مرور الوقت‪.‬‬
‫التجريب المسرحي يعكس قوة اإلبداع الخالق في المسرح والذي توصل إليه أهل اختصاصه ومبدعوه‪-.‬‬
‫احتضنتها البلدان العربية نتيجة التثاقف ومواكبة للعصر ‪ .‬إن أصول التجريب هي غربية محضة‪-،‬‬
‫كانت "لبنان" بعدما أتى به الفتى"مارون النقاش" ثم إن أولى البلدان العربية السابقة لفن المسرح‪-،‬‬
‫تلتها"مصر"‪ ،‬لينشر في جل األقطار العربية‪.‬‬
‫تأسست الفرقة الوطنية للمسرح الجزائري مباشرة بعد االستقالل‪ ،‬وأشرف على تسييرها جزائريون ‪-‬‬
‫تحملوا روح المسؤولية بدون خبرة إدارية وفنية‪.‬‬
‫كان النمط السائد في المسرح الجزائري هو األرسطي‪،‬الى غاية الثمانينات أين احتضن النمط الملحمي ‪-‬‬
‫(البريختي)‪.‬‬
‫عرف المسرح الجزائري ظاهرة التجريب بأشكاله منذ بداياته األولى وذلك بعدما أدخل "القوال" ‪-‬‬
‫أو"المداح" وشكل "الحلقة" كما اقتبس نصوصا مسرحية وترجم أخرى‪ ،‬وحاول السير على النهج‬
‫األوروبي الغربي‪.‬‬
‫تطور المسرح الجزائري على يد مبدعين جزائريين‪ ،‬أمثال "كاتب ياسين"و ولد عبد الرحمان "كاكي" ‪-‬‬
‫ورائد التجريب بها"عبد القادر علولة" الذين أعطوا الكثير‪ ،‬وأسهموا من خالل إبداعاتهم في احتراف‬
‫المسرح الجزائري والنصوص به‪.‬‬
‫تعد مسرحية "األقوال" من مسرحيات"علولة" التجريبية‪ ،‬والتي طبقنا عليها المنهج التجريبي وأظهرنا ‪-‬‬
‫من خاللها آلية التجريب‪.‬‬

‫‪ .I‬المصــادر‪:‬‬
‫‪-1 1995 .‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،4‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫الخليل الفراهيدي‪ ،‬كتاب العين‪ ،‬ت ح‪ ،‬عبد الحميد هنداوي‪ ،‬دار الكتاب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪-2 .‬أحمد‬

‫‪ .II‬المراجـــع‪:‬‬
‫‪-12009.‬عبدالقادرعلولة‪ ،‬مسرحيات علولة‪ ،‬األقوال‪ ،‬اللثام‪ ،‬االجواد‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪-2‬أحمد زلط‪ ،‬مدخل إلى علوم المسرح‪ ،‬دراسة أدبية فنية‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪.2011‬االسكندرية‪،‬‬
‫‪-3.1973‬برتولد‪ ،‬بريخت‪،‬نظرية المسرح الملحمي‪ ،‬ت ر‪ ،‬جميل ناصف‪ ،‬دار الحرية بغداد‪ ،‬ط‪،‬‬
‫‪-4‬بعلي حفناوي‪ ،‬أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر‪ ،‬اتحاد الكتاب الجزائريون‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2002.‬‬
‫‪-5‬عبد الوهاب شكري‪ ،‬النص المسرحي دراسة تحليلية لفن الكتابة المسرحية‪ ،‬مكتب العربي الحديث‪،‬‬
‫‪.1997‬االسكندرية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪-61987 .‬عبد هللا ركيبي‪ ،‬تطور النثر الجزائري‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫‪-72005 .‬عبد هللا سرور‪ ،‬النثر العربي الحديث‪ ،‬البيطاش‪ ،‬سانتر والتوزيع‪،‬‬
‫‪-8‬محمد أحمد ربيع ‪ ،‬سالم الحمداني‪ ،‬دراسات في األدب العربي الحديث‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الكندي‪ ،‬للنشر‬
‫والتوزيع ‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2003،‬‬
‫‪.‬المسرحي‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ 1997 ،‬و حنان قصاب‪ ،‬المعجم الياس ‪-9‬ماري‬
‫‪-10‬جان دوفينيو‪ ،‬سوسيولوجيا المسرح‪ ،‬ترجمة حافظ الجمالي‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واإلرشاد‬
‫القومي‪.1976 ،‬‬
‫‪-11‬مايكل فاندين هوفيا‪ ،‬المسرح التجريبي ومفهوم الالتحدد‪ ،‬ترجمة سامح فكري‪ ،‬مجلة فصول مجلد ‪13‬‬
‫عدد ‪ 04‬شتاء‪ ،‬سنة ‪. 1995‬‬
‫‪-122007.‬مصطفى محمود أبو بكر –أحمد عبد هللا‪ ،‬مناهج البحث العلمي ‪،‬الدارالجامعية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪-13‬فوزي فهمي‪ ،‬مقدمة منشورة في كتاب هيلين جلبرت وجوان تومكينز‪ ،‬الدار ما بعد الكولونيالية‬
‫‪.1998‬ترجمة‪،‬سامح فكري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬أكاديمية الفنون‬
‫‪-14.1983‬عبد المنعم تليمة‪ ،‬مقدمة في نظرية األدب‪ ،‬دار العودة بيروت‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪-15.1990‬د‪.‬نديم معال محمد‪ ،‬مقاالت نقدية في العرض المسرحي‪ ،‬دار الفكر الجديد‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪ -16‬فليب فان تيغم‪ ،‬تقنية المسرح‪ ،‬ترجمة بهيج شعبان‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت باريس‪ ،‬ط‪.2‬‬
‫‪ -17‬عبد الكريم جدري‪ ،‬نماذج من المسرح األوربي الحديث‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2002 .‬‬
‫‪-1927 2006،‬د‪.‬سمير سرحان ‪ ،‬دراسات في األدب المسرحي‪ ،‬هال للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪18،1‬‬
‫‪-19‬س‪.‬داوسن‪ ،‬الدراما والدرامية‪ ،‬ترجمة جعفر صادق الخليلي‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪1980 .‬ط‪،1‬‬
‫‪-201993.‬سعد هللا ونوس‪ ،‬دفاتر مسرحية‪ ،‬مجلة المسرح التجريبي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ع‪،8‬‬
‫‪-‬نهاد صليحة‪ ،‬أضواء على المسرح االنجليزي ‪،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪21.‬‬
‫‪-22‬وليم شكسبير‪ ،‬روائع شكسبير"كليوبترا"‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪-23‬أبو الحسن سالم‪ ،‬فنون العرض المسرحي و مناهج البحث‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪2004،‬‬
‫‪-242006.‬جمعة قاجة‪ ،‬المدارس المسرحية وطرق إخراجها‪ ،‬نور للطباعة و النشر والدراسات‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪-252002.‬ان أوبرسفيلد‪ ،‬حوار حول أزمة المسرح ‪ ،‬مجلة البحرين الثقافية‪ ،‬العدد‪،32‬‬
‫‪-26‬عبد الرحيم مرزوق‪ ،‬عبر الفهامة‪ ،‬المهرجان المسرحي التجريبي‪ ،‬قسنطينة يومية‬
‫النصر‪.1999/12/25،‬‬
‫‪-272007‬وطفاء حمادي‪ ،‬الخطاب المسرحي في العالم العربي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪-281995‬رأفت الدويري‪ ،‬المسرح العربي المعاصر مابين التراث والحداثة‪ ،‬مجلة فصول‪ ،‬ع‪،1‬‬
‫‪-29‬علي الراعي‪ ،‬المسرح في الوطن العربي‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫‪-302006.‬فؤاد رشيد‪ ،‬تاريخ المسرح العربي‪ ،‬الهيئة العامة لقصور الثقافة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪-31‬د‪ .‬دريس قرقوة‪ ،‬التراث في المسرح الجزائري‪ ،‬مكتبة الرشاد للطباعة و النشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪،‬ج‪.1‬‬
‫‪ -32‬عبد القادر جغلول‪ ،‬االستعمار والصراعات الثقافية‪ ،‬ترجمة سليم قسطون بيروت‪ ،‬دار الحداثة‪،‬‬
‫‪.1984‬‬
‫‪-33‬د‪.‬رشيد بوشعير‪ ،‬قضايا المسرح الجزائري‪ ،‬يومية النصر‪ ،‬في جانفي ‪.1990‬‬
‫‪-34..1914‬د‪.‬محمديوسف نجم‪ ،‬المسرحية في األدب العربي الحديث‪1847 ،‬‬
‫‪-351987.‬عبد الرحمن زيدان‪ ،‬أسئلة المسرح العربي‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪-36‬حسين الزاوي‪ ،‬حاالت االيماء‪ ،‬يومية الشعب‪15 ،‬أوت‪.1989‬‬
‫‪-37‬جواد األسدي‪ ،‬نقطة ضوء حول المسرح‪ ،‬العدد‪ ،04‬المهرجان الوطني الثاني للمسرح المحترف‪،‬‬
‫الجزاائر‪ ،‬من ‪13-02‬أكتوبر‪.1986 ،‬‬
‫‪-38‬محسن عبد هللا‪ ،‬المسرح المحكي‪ ،‬تأهيل نظري ونصوص من التراث العربي‪ ،‬دار قباء للطباعة‬
‫والنشروالتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.2000،‬‬
‫‪-39‬نور الدين عمرون‪ ،‬المسار المسرحي في الجزائر إلى سنة ‪ ، 2000‬شركة باتنيت –باتنة‪-‬ط‪،1.‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ -40‬مخلوف بوكروح‪ ،‬الصحافة والمسرح‪ ،‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ‪،‬وحدة الرغاية‪.2002 ،‬‬
‫‪-41‬مخلوف بوكروح‪ ،‬التلقي والمشاهدة في المسرح‪ ،‬مؤسسة فنون وثقافة لوالية الجزائر‪2004،‬‬
‫‪ -42‬د‪.‬كمال الدين حسين‪ ،‬المسرح والتغيير االجتماعي‪ ،‬في مصر‪ ،‬الدار البيضاء البنائية للطباعة و النشر‬
‫‪1992.‬والتوزيع‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪-43‬وهيبة مجدي‪ ،‬معجم مصطلحات االدب‪ ،‬مكتبة لبنان‪.1974 ،‬‬
‫‪-44‬سمير سرحان‪ ،‬مبادئ الدراما‪ ،‬مركز الشارقة لالبداع الفكري‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪ -45‬شكري عبد الوهاب‪ ،‬تاريخ و تطور العمارة المسرحية‪ ،‬مؤسسة حورس الدولية للنشر والتوزيع‪144،‬‬
‫ش‪ ،‬طيبة‪ ،‬سبورتيغ‪ ،‬االسكندرية‪.2008 ،‬‬
‫‪ -46‬أبو الحسن سالم‪ ،‬حيرة النص بين الترجمة و اإلعداد و االقتباس و التأليف‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة و‬
‫النشر‪.2007،‬‬
‫‪ -47‬عبد المنعم أبو زيد‪ ،‬الخطاب الدرامي في المسرح الحديث‪،‬قسم الدراسات االدبية‪ ،‬دار العلوم‪ ،‬الفيوم‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪-481416-‬د‪.‬مدحت جيار ‪ ،‬البحث عن النص في المسرح العربي‪ ،‬دار النشر للجامعات المصرية‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪ 1995‬م‪.‬‬
‫‪ -49‬د‪.‬نديم معال‪ ،‬في المسرح‪ ،‬في العرض المسرحي‪...‬النص المسرحي‪...‬قضايا نقدية‪،‬مركز االسكندرية‬
‫‪2003.‬للكتاب‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪-50‬نهاد صليحة‪ ،‬المسرح بين النص و العرض‪ ،‬مهرجان القراءة للجميع‪ ،‬مكتبة االسرة‪.‬‬

‫فهـــرس‬
‫الموضوعات‬
‫إهداء‪.‬‬
‫‪...‬مقدمة‪...........................................‬‬
‫‪..........‬أ‬

‫‪...........04‬المدخل‪..........................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التجريب وأشكاله‪.‬‬
‫‪...........................16‬المبحث األول‪ :‬مفهوم التجريب ومنهجه‪.........................‬‬
‫‪ 17‬المبحث الثاني‪ :‬التجريب في المسرح‪......................................................‬‬
‫ا‪-‬مفهوم التجريب في المسرح‪.......................‬‬ ‫‪..................17‬‬
‫ب‪-‬موضوع التجريب في المسرح‪......................‬‬ ‫‪....................18..‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أشكال التجريب المسرحي‪.‬‬
‫ا‪-‬التجريب في النص‪......................................................‬‬ ‫‪19..‬‬
‫ب‪ -‬التجريب في اإلخراج‪20....................................................‬‬
‫ج‪-‬التجريب في العرض‪21.......................................... ...‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬التجريب في المسرح‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التجريب في المسرح الغربي‪24................................................‬‬
‫ا‪-‬التجريب في المسرح االنجليزي‪24.....................................‬‬
‫ب‪-‬التجريب في المسرح الفرنسي‪27 .........................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التجريب في المسرح العربي‪30...............................................‬‬
‫اْ‪ -‬التجريب في المسرح اللبناني‪31.............................................‬‬
‫ب‪ -‬التجريب في المسرح المصري‪33..........................................‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬التجريب في المسرح الجزائري‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التجريب في المسرح الجزائري‪38.............................................‬‬
‫ا‪-‬التجريب عند الهواة‪38......................................................‬‬
‫ب‪ -‬التجريب عند المحترفين‪46.................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬التجريب عند عبد القادر علولة‪.‬‬
‫ا‪-‬التعريف بالمؤلف(عبد القادر علولة)‪51.... .................................‬‬
‫ب‪-‬التعريف بالمسرحية(األقوال)‪54............................................‬‬
‫ج‪-‬آلية التجريب في مسرحية األقوال‪56.......................................‬‬
‫خاتمة‪65......................................................................... .‬‬
‫‪67‬قائمة المصدر و المراجع‪..................................................................‬‬
‫‪70‬فهرس الموضوعات‪.......................................................................‬‬

You might also like