Professional Documents
Culture Documents
7255659261465338
7255659261465338
وعليه أتقدم بجزيل الشكر والعرفان ألستاذي المشرف "إسماعيل جبارة" الذي
لم يبخل علي بنصائحه وإرشاداته.
كما اْشكر كل من ساعدني من قريب أو من بعيد على إنجاز هذا العمل وفي
تذليل ما واجهته من صعوبات.
وال يفوتني أن أشكر عمال المكتبة الذين ساهموا في طباعة وكتابة هذه المذكرة.
محمـد
اإلهداء
مقدمــة
يعد المسرح من الفنون اإلنسانية ،التي تعكس البناء الثقافي والوعي الفكري والقيمي لكل شعب من
شعوب العالم ،ويعتبر ال مسرح إحدى الفنون المعبرة عن األفراح واألحزان ،والمرتبط بعادات وتقاليد كل
مجتمع إنساني.
وإذا عدنا بذاكرة التاريخ إلى بلدنا الجزائر بحثا عن تلك التجارب الفنية التي سجلت حضورها في تاريخ
الساحة األدبية والفنية الجزائرية ،يجذب انتباهنا ظاهرة حديثة ،وهي ظاهرة التجريب التي عرفها المسرح
الجزائري ،والتي ستكون موضوع دراستنا.
ويعود سبب اختياري لهذا الموضوع لكوني مولعا بهذا الفن اإلنساني ،و بظاهرة التجريب التي مست
مستوياته ،النصية ،العرضية ،واإلخراجية وأحدثت ثورة على السائد والمتوارث ولقد وقع اختياري على
المسرح الجزائري والذي ركزت عليه أكثر في جانبي التطبيقي.
ولقد راودتني عدة أسئلة حول ظاهرة التجريب في المسرح ،ومنها :ما هو التجريب المسرحي ،وما هي
أشكاله ،وكيف دخلت وهيمنت الظاهرة على مستويات المسرح العالمي والمسرح الجزائري بالخصوص؟
وحاولت أن أجد أجوبة لهذه األسئلة وأخرى ،من خالل الخطة التالية:
قسمت البحث إلى مقدمة ومدخل وثالثة فصول وخاتمة ،تعرضت في المدخل إلى التعريف بهذا الفن -
المسرح -معجميا ومصطلحيا ،دون أن أنسى التعرض إلى العناصر التي ينبني عليها هذا الفن ،وكما
طرحت ضمنه تساؤالت عن نشأة هذا الفن في األدب الجزائري.
في الفصل األول تحدثت فيه عن ظاهرة التجريب ومنهجها ،كما تحدثت عن موضوع التجريب في
المسرح ،أما في الجزء الثاني من الفصل األول فتعرضت إلى أشكال التجريب في المسرح ،من التجريب
على مستوى النص ،والتجريب على مستوى العرض واإلخراج.
أما في الفصل الثا ني فتطرقت إلى ظاهرة التجريب في المسرح العالمي ،وقسمته إلى جزئيين ،في
الجزء األول أظهرت فيه ظاهرة التجريب في المسرح الغربي وأخذت المسرح االنجليزي و الفرنسي
كنموذج لذلك ،وفي الجزء الثاني أظهرت التجريب فوق أعتق خشبتين مسرحيتين عربيتين ،والمسرح
اللبناني والمسرح المصري ،وأظهرت التجريب لديهما.
وفي الفصل األخير وهو الفصل التطبيقي ،فتطرقت فيه إلى ظاهرة التجريب في المسرح الجزائري
،من خالل تطبيقي للمنهج التجريبي على مسرحياته،ففي الجزء األول خصصته إلظهار التجريب في
المسرح الهاوي من خالل اختياري لمسرحية "هرمونيا" كنموذج تطبيقي لذلك و حاولت أن اظهر
مستويات التجريب عند الهواة قدر اإلمكان من خاللها ،وبعدها تطرقت إلى ظاهرة التجريب عند
المحترفين أو المسرح الجزائري المحترف،و ذلك من خالل اختياري مسرحية "القراب والصالحين"
وهي إحدى مسرحيات المسرح الجزائري ،لمؤلفها "ولد عبد الرحمان كاكي".
في الجزء الثاني من الفصل التطبيقي ،خصصته لعميد من أعمدة المسرح الجزائري ورائد من رواد
التجريب فيها ،وهو "عبد القادر علولة" من خالل إظهار آلية التجريب في مسرحيته الشهيرة "األقوال"،
من خالل إظهار التجريب في مستوياتها النصية و العرضية واإلخراجية وختمت بحثي هذا بخاتمة كانت
حوصلة للنتائج التي خلصت إليها.
واعتمدت في بحثي هذا غلى منهجين ،منهج تاريخي ارتكزت عليه في الفصل التمهيدي حيث تتبعت
مراحل نشأة وتطور فن المسرح ،وفي الفصل الثاني واصلت تتبعي لمراحل ظهور التجريب المسرحي
عند الغرب وعند العرب ،واعتمدت المنهج التجريبي في الفصل الثالث وهو الفصل التطبيقي الذي طبقت
فيه المنهج التجريبي في المسرح الجزائري.
ولعل أهم ما اعترض طريقي ،قلة المصادر والمراجع في مكتبة مركزنا الجامعي بالبويرة إن لم البالغ
وأقول أنها منعدمة ،خاصة تلك التي تتعلق بالمسرح عامة والمسرح الجزائري خاصة ،لكنني استطعت أن
اْذلل تلك العقبات والعراقيل ،باستنادي إلى مجموعة من المصادر والمراجع ،مثل :مسرحيات علولة اللثام،
الجواد لعبد القادر علولة ،وأربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر لبعلي حفناوي... األقوال ،ا ْ
وإلى غير ذلك من المصادر والمراجع هذا ولي األمل أن يدفعني بحثي هذا إلى التطلع إلى أفاق أبعد
ودراسات أوسع وأن أفيد واستفيد من خالل هذا البحث ،مع الشكر الجزيل إلى كل من قدم لي يد المساعدة
واْخص بالذكر أستاذي المشرف د.إسماعيل جبارة ،الذي منح لي من وقته الكثير وتوجيهه الوفير ،دون
أن أنسى زمالئي وبالخصوص عائلتي التي شجعتني على تقديم األحسن والجيد في بحثي ،واْشكر كل من
ساعدني في بحثي من أول خطوة إلى أخر خطوة فيه ،فشكرا لكل هؤالء.
مدخـــل:
ما اهتم به أدبنا الجزائري المعاصر في نهضته الحديثة فن المسرح و الذي يعد فنا دخيال على من أهم
أدبنا ،وقد جاء كتحصيل حاصل لنضج الذهينة األدبية بفعل ظهور الصحافة وتطور حركة الطباعة و
الفكر الثقافي.
وتمتد ج ذور المسرحية إلى ماقبل الميالد وبالضبط الى العهد الفرعوني والبابلي واإلغريقي القديم ثم
الروماني ،فكان الوازع الخرافي و الديني هو الغالب عليها.
وقبل أن نتطرق إلى نشأة و تطور فن المسر ح و األشواط التي قطعها ليصل الى أدبنا المعاصر علينا
اإلجابة عن بعض التساؤالت التي تأرق فضولنا ،و من بينها :ماهو هذا الفن الجديد؟ وماذا يمثل ألدبنا
العربي الحديث؟ وهل أصبح جزاءا منه؟ و كيف استطاع أن يقتحم صفحات جرائدنا و كتبنا و يسلب
عقول الجماهير و هو الدخيل علينا؟
وسنحاول فيما بعد أن نجد لهذه التساؤالت و أخرى أجوبة .
-1نشأة المسرح:
ا-عند اليونان:
كان اإلغريق القدامى أول من عرف المسرحية وذلك بعد تقديم عروضهم تقربا لآللهة ففي بداية األمر
تنكر الممثلين و لبسوا األقنعة وتقمصوا ما يؤدونه من شخصيات ،وما إن جاء القرن 6ق.م حتى أصبحت
مثل هذه االحتفاالت تقام لآللهة ديونيوس.
وأولى النماذج و الطرز المسرحية تعود الى القرنين 5و 6ق.م حيث شهد اإلغريق أعظم شعراء
الدراما وأفضل من أجدها وهم أسخيلوس(525-456ق.م) ،سوفوكليس (490-406ق.م)،
يوربيديس(480-406ق.م) (.)1
ومن هنا نشأت أولى بذور الدراما ،و التي تطورت مع مرور الوقت.
ب-عند الرومان:
لم يكن الرومان على اطالع بهذا الفن الجديد-المسرح-إال بعد الحركة التوسعية لإلمبراطورية الرومانية
و ما صاحبها من إطالع على األداب اليونانية ،و كان ذلك في منتصف القرن.3ق.م فكان في معظمه تقليدا
أو تحويرا لبعض التجارب اإلغريقية ،ولكن ليس معناه أن الرومان لم يقدموا إسهامات ،إذا أن لذوقهم
()2
الخاص أثره.
وكان في العصر الروماني تطور الشكل المعماري المسرح الى منصة في الوسط ومدرجات دائرية
حولها مبنية من الحجارة ،يجلس عليها المشاهد و تضاء بالمشاعل أيضا أو في الليالي المقمرة(.)3
ج -المسرح في العصور الوسطى:
شهدت العصور الوسطى المسرحية الدينية و التي سيطرت عليها الكنيسة وضيقت حديثها .فكانت لغتها
لغة الدين و الكنيسة و التي تأثرت بالمسرحيات من خالل العروض الرومانية التي وصلتها ،فبدأت بتقديم
عروض دينية مسيحية و أخرى ساخرة فجة و التي تستهدف إرضاء العامة من المشاهدين.
وفي أواخر القرن . 5م أحس رجال الكنيسة أن تلك العروض الفجة تهدد مكانة الكنيسة وتعاليمها فبدأ
المسرح منذ تلك الفترة الزم نية يخرج عن نفوذ الكنيسة و بدأت العواصم األوروبية تعرف جديد المسرح
المستقل عن الكنيسة(.)4
كان المسرح اإلنجليزي في العصور الوسطى منقسما الى حقبتين زمنيتين وهما عصر ألتيدور (-1485
)1558و عصر اليزابيت األولى ( )1588-1603وغلب عليها أيضا الدين والكنيسة.
( )1شكري عبد الوهاب ،تاريخ و تطور العمارة المسرحية ،مؤسسة حورس الدولية للنشر و التوزيع144 ،ش ،طيبة
سبورتينح-اإلسكندرية ،2008 ،ص ،ص.48،41
( )2نفس المرجع ،ص.94
( )1قاجة جمعة ،المدارس المسرحية و طرق احراجها منذ اإلغريق حتى العصر الحاضر ،نور للطباعة و النشر و
التوزيع ،سورية ،دمشق،ط ،1،2006ص.28
( )2د.أحمد زلط ،مدخل الى علوم المسرح ،دار المسرح ،دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر اإلسكندرية ،ط ،2001 ،1ص،
ص.40،39،
زار انجلترا المعماري بيتسرو توريجنو والرسام هانز هولبين باإلضافة الى مجموعة من المثقفين
المرموقين أمثال :دينكوليت ووليم جروسن ،وقد اهتموا بالعلوم اإلنسانية والكالسيكية فكان المسرح أنذاك
مزدهرا.
ومن أهم وأشهر كتاب عصر أليتيودور()1485-1558
-1جون سكلتون(.)1460-1529
-2جون راستيل(.)1475-1538
-3هنري ميرادال(.)1490-1594
-4جون هيود(.)1497-1580
()5
-5نيكوالس أودال (.)1565-1556
أما في العصر اإلليزابتي األول( )1558-1603تعددت موضوعات المسرحيات
و تنوعت و انقسمت ما بين ملهاة و مأساة و برع بعد زمن و جيز الكثير من المؤلفين الذين احترفوا الكتابة
المسرحية و هم خريجي أكسفورد و كامبريدج و من بينهم:
-1جون ليلي(.)1554-1606
-2جورج يبكي(.)1558-1597
-3توماس لودج( .)1597-1625
-4روبرت جرين( .)1560-1592
-5توماس ناشي(.)1567-1601
وغيرهم ممن أجادوا و أسهموا بأقالمهم الذهبية في الكتابة المسرحية آنذاك.
وجاء ملهم المسرح اإلنجليزي أنذاك و هو وليام شكسبير ( )1564-1616و الذي تفنن وأبرع في كتاباته
()6
المسرحية ومعظمها كانت أثناء سنواته األولى ( )1599-1508من احترافه.
أما مسرح العصور الوسطى في فرنسا فقد امتاز بالدراما التي اختلفت كثيرا عن مثيالتها في الدول
األوروبية المجاورة لها ،إال أن لغة الدين المسيحية كانت هي السائدة وذلك من خالل النشاطات الدير
والقساوسة الذين كانوا وقتها يلعبون أدوار المريمات والمالئكة.
في الفترة الممتدة مابين القرن الثاني عشر والسادس عشر طور الشعراء مادتهم الشعرية بالتأكيد على
القدسية ،بأن جعلوا العناصر الدنيوية تتسلل الى المقدسات ،فلم يكن من الصعب تحويل الحكايات الرمزية
والمغزى األخالقي في قصص العهد القديم إلى شكل مسرحي يقدم للجماهير وكانت بذلك عدة مسرحيات
ومنها:
مسرحية أدم (.)1140-1174
مسرحية سان نيكوالس (.)1200
مسرحية العريس (.)1100
مسرحية معجزة تيوفيل و غيرها...
وكانت مسرحيات ذات طابع ديني وبصيغة دنيوية واقعية من أجل إرضاء العموم من المشاهدين.
وأشهر كتاب المسرحية الدينية:
( )3شكري عبد الوهاب ،تاريخ و تطور العمارة المسرحية ،مؤسسة حورس الدولية للنشر و التوزيع 144 ،ش ،طيبة،
سبوتينج-اإلسكندرية،2008 ،ص،ص.169،168،
( )1نفس المرجع ،ص،ص.180،181،
( )1عبد الوهاب شكري،المرجع نفسه ص،ص،ص،ص،ص،ص،ص235،224،223،222،220،219،215
كانت الدراما اإلنجليزية التي تفنن فيها "وليام شكسبير" ( )1564-1616و"بن جونسون" تعد نقلة
إبداعية في النص المسرحي سواءا على الشخصيات أو الموضوعات و حتى األفكار واألهداف ،ما مهد
للمسرح المعاصر الحديث.
وظلت فرنسا و إيطاليا و انجلترا تتنافس فيما بينها إلثراء المسرح وعلومه وفنونه ومقاره من أجل
إشباع رغبات الجمهور المتعطش و كما ظل رواد المسرح وجمهوره الوفي يشجعون ذلك طيلة القرون
()8
الثالثة األولى من عصر النهضة(ق،16ق،17ق.)18
ومع مرور الوقت و تطور المسرح أصبحت هناك مدارس تهتم بهذا الفن الجديد الذي سلب عقول
الناس ،وكان ذلك خالصة أو عصارة ما قام به مجموعة من رواد المسرح من أمثال:فولتير ،موليير،
راسين ،كورني ،جولدوني ،و شكسبير ،وبن جونسون ،و سترندبرج وكلود يل ،وأونيل ،وبكيت ،و فيليه،
() 9
و أبسن ،وبريخت وتشيكوف و غيرهم...
وظهرت بذلك أولى المدارس المسرحية ،أال و هي المدرسة الكالسكية و التي قادها أرسطو وهو أول
من وضع قوانينها في كتابة "الشعر" و كانت الكالسيكية ميهادا لكثير من المدارس األخرى ،وكما تلتها
المدرسة الرومنسية و مذهب العاطفة و اإلحساس التي تتحرك معه األحياء و تستبد بهم أشد مما يستبد بهم
القضاء والقدر ،وكان ل لمسرح الرومنسي إخراج مسرحي خاص به يختلف عن باقي المدارس.
وكما ظهرت المدرسة الطبيعية بعد سبيقتها الرومنسية و كان" إميل زوال" ( )1840-1902و جي دي
وظهر بذلك موبوسان"(")1850-1893و "الفرنسي دودسيه"( ")1840-1897من أهم روادها
()10
المذهب الواقعي و تلتها المدرسة الرمزية و كان رائدها "هنريك أبسن" ومسرحه الرمزي الحديث.
هـ) المسرح في الوطن العربي:
أما المسرح في الوطن العربي فقد ذكر لنا األستاذ"نوردين عمرون" في كتابه" المسار المسرحي في
الجزائر إلى سنة « 2000بأن الشعوب العربية و اإلسالمية عرفت عنصر الدرما في عروض الفرجة
الفنية ،واستمتعوا بالغناء أو ما يسمى اليوم بمسرح األوبر
أو األوبرات ،وأن جميع الفنون تطورت بالتدريج و ليس دفعة واحدة ،كما أنهم شاهدوا المسرح عن أمم و
حظارات أخرى في إطار تبادل ثقافي دبلوماسي و أنهم كانوا متفتحين على اإلبداعات اإلنسانية لثقافات
»()11
األمم و الشعوب األخرى...
أما البدايات الفعلية للمسرحية العربية فقد كانت عبارة عن محاوالت بدأ بها الشاب "مارون النقاش" في
لبنان عام 1847م في مسرحية "البخ يل" و يمكن القول أن المسرح العربي سبقه فنون تمثيلية شعبية قبل
أن يستند الى المسرح الغربي.
ويلي "مارون النقاش" في ريادة المسرح العربي"أبو خليل القباني" رائد هذا الفن في سوريا ،فقد ألف
فرقة مسرحية ،وقدم مسرحية "المرؤة و الوفاء"و التي استمد موضوعها من التاريخ العربي اإلسالمي».
()12
ويمكنا القول بأن فن المسرح ابتدأ في الشام التي كانت تشمل أنذاك سوريا و لبنان
وفلسطين و األردن إال أن ظروف مصر كانت أكثر مالئمة و حضارة ،وبذلك برز"يعقوب صنوع" وقام
()13
بإقامة أول عرض مسرحي غنائي على خشية المسرح الموسيقي لحديقة األزبكية.
وفي أواخر القرن التاسع عشر بدأ" أحمد شوقي" بنشاطه المسرحي و قام بتأليف أول مسرحية له
بعنوان "علي بك الكبير "عام 1894م ثم أعقبها بمجموعة عن مصنفاته المسرحية من
"قمبيز"و"كليوباترا""و"مجنون ليلى"...
( )2أحمد زلط ،مدخل الى علوم المسرح ،دراسة أدبية فنية ،دار الوفاء لدنيا للطباعة و النشر ،اإلسكندرية ،ط،2001 ،1
ص ،54-53ص.56
( )3المرجع نفسه ،ص.62
( )1أ.د جمعة قاجة ،المدارس المسرحية و طرق اخراجها منذ اإلغريق حتى العصر الحاضر ،نور للطباعة و النشر و
التوزيع ،سورية ،دمشق،ط،2007-2006 ،1ص،ص.76،23،
( )2نوردين عمرون ،المسار المسرحي الجزائري الى سنة2000م ،شركة باتنيت ،طريق بسكلرة ،باتنة ،الجزائر،
ط،1،2006ص.31
( )3محمد أحمد ربيع ،سالم أحمد الحمداني ،دراسات في األدب العربي الحديث،دار الكندي لنشر و التوزيع ،
ج،2،2003ص،ص.159،158،
( )4أحمد زلط ،مدخل الى علوم المسرح،دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر،ط،1،2001ص،ص.78،77،
وشهد عام 1919منافسة المؤلفين المسرحيين خاصة بعد دخول توفيق الحكيم وتاله كل من محمود
تيمور ،و يوسف إدريس ،و نعمان عاشور و غيرهم...
وفي نهاية القرن التاسع عشر ،بدأ الفن المسرحي في الوصول الى جل األقطار العربية ،فبعد العراق
التي أسهم في تحريرها و تأليفها قساوسة و معلمون،دخل الجزائر ليحتظنه مثقفون و سياسيون إبان الحقبة
اإلستعمارية و بعدها،ثم ليتغلغل في دول الخليج فدخل الكويت والسعودية و ليشمل معظم الدول العربية
مع بدأ األلفية الثالثة.
-2تعريف المسرح:
والمسرح « :نشاط إبداعي فكري حرفي جماعي من جهة إرساله و هو يحتاج في الوقت نفسه إلى نشاط
جماعي بشري متلق له ،فالمسرح إبداع تعبيري معروض في حالة من األداء الحاضر على متلقين
حاضرين جسدا و ذهنا و مشاعرا و إداريا»(.)14
أ -تعريف المسرحية:
-لغة :ورد في لسان العرب البن منظور :تسرح-التسرح،سرحت الماشية و المسرح بفتح الميم -مرعى
السرح -و جمعه المسارح و هو الموضع الذي تسرح إليه الماشية بالغداة(.)15
-و لقد ورد في كتاب العين للخليل أ حمد :يقال تسرح ،ومنه سرحنا اإلبل ،وتسرحت االبل تسرحا و
()16
المسرح مرعى السرح.
اصطالحا :ولقد وردت في تعريف المسرحية عدة اصطالحات ،والتعريف األسهل هو تعريف الدكتور
عبد المنعم أبو زيد فيقول"هو عمل درامي مأخوذ من الحياة بروح فنية،يحتوي على حكاية قصيرة أو
طوي لة مترابطة األجزاء ،يقوم بتمثيلها أشخاص لهم سمات اجتماعية و نفسية خاصة تتناسب مع طبيعة
الحكي ،و تعتمد على لغة الحوار أكثر من السرد في جميع مراحل تطورها ،و عادة ما تتميز بزمكانية
()17
مكثفة كما و داللة"
و للمسرح ركائز أساسية يقوم عليها و هي:
-1النص المسرحي:
()18
والنص :مؤلف محدد المعالم ألف ليخاطب جمهور ا بقصد التأثير عليه أو تسليته بمتعات جمالية.
والنص بالنسبة إلى المبدع الفنان شبه مقدس إن لم يكن مقدسا و اليكمن السبب في الطبيعة اإلنتقالية
للنصوص،و انما في ذلك الوالء األعمى للكلمة و للكتاب الذي يقف ورائها.
فالنص هو المبتدأ أو المنتهى ،وعليه يجب أن يكون العرض المسرحي خادما له و عليه أيضا ،وربما
(.)19على المخرج أن يكون مترجما أو مجسدا له حرفيا ولكل مشهد
في وهو شاء أم أبى –النص -له دورة اإلجتماعي الذي يظهر شجاعة أو يخفي خوفا لكنه
الحال تين موجود و يجب على الناقد أن يبرز لنا بوضوح ،ألن رد النص الى اإلجتماعي يكشف عن نوع
()20
الرموز ،و عن نوع الشخصيات التي قد تبدو لنا األن غربية أو بال هوية
-2العرض المسرحي:
العرض المسرحي عبارة عن مجموعة من األحداث الدالة التي يقوم الجمهور بتفسيرها حسب معارفه،
من قبل المبدعين ،علما أن هذه المدونات تحمل دالالت codesو تحكمه في المدونات المستعملة
ثقافي(.)21
( )1أبو الحسن سالم ،حيرة النص بين الترجمة و االقتباس و اإلعداد و التأليف ،دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر،2007 ،
ص.22
( )2ابن منظور ،لسان عرب ،ج-4دار البيضاء ،بيروت ،لبنان ،ط ،95-96 ،1ص.487
( )3أحمد الفراهيدي،كتاب العين،ج،2تج،عبد الحميد العنداوي،دار الكتاب العلمية،بيروت لبنان،2003/2002ص.232
( )4عبد المنعم أبو زيد ،الخطاب الدرامي في المسرح الحديث ،قسم الدراسات األدبية ،دار العلوم،الفيوم ،القاهرة،ص.65
( )1د.مدحت جيار،البحث عن النص في المسرح العربي ،دار النشر للجامعات المصرية ،ط1416،1ه1995،م،ص.29
) (2د.نديم معال محمد ،في المسرح في العرض المسرحي ...النص المسرحي...قضايا نقدية ،مركز اإلسكندرية للكتاب،
ط ،2003 ،1ص.40
) (3مدحت جيار،المرجع السابق ،ص.65
) (4مخلوف بوكروح ،التلقي و المشاهدة في المسرح ،مؤسسة فنون و ثقافة لوالية الجزائر ،2004،ص.56
فالعرض المسرحي عابر مثل اإلنسان يحيا مرة و يموت و اليمكن تكراره فهو يتغير في ملمسه و مذاقه
و أثره من ليلة الى ليلة ،وحتى و لو كان عرضا لنفس النص الدرامي بنفس المخرج و الممثلين ،وقبل
إختراع أجهزة التسجيل كان الناقد هو الوحيد القادر على حفظ ذكرى هذه العروض و لو حتى بالوصف،
وكانت هذه العروض المفقودة ستحيا بهذا الوصف في ذاكرة المسرح و في الذكرى حياة(.) 22
ولذلك فإن فحص تفاصيل العرض،و السعي المحموم إلى مطابقة الواقع بطريقة "فوتوغرافية" بدأ من
األداء إلى األزياء و الديكور و اإلضاءة إلى المشاهد الجماعية ،وكان يرمي إلى تعزيز الوضع بأن
مايجري على خشبة المسرح ،هو الحياة الحقيقية(.)23
-3اإلخراج:
واإلخراج المسرحي هي أن يجعل المخرج من النص المسرحي المكتوب عمال حيا فوق المنصة،
فالمخرج يختار الممثلين و الديكور واإلكسسوار و يصمم اإلضاءة و الظالل ويرتب حركة الممثلين فوق
المنصة ،بحيث تبرز هذه الحركة المسرحية و معانيها ،وهو بالنسبة للمثلين كقائد األوركسترا الذي يضبط
اإليقاع و طبقات الصوت ودرجات انفعاالتهم وخطواتهم مقتربين أو مبتعدين بحيث يعبرون جماعة عن
النص المسرحي في حدود الفهم والتفسير الذي انتهى إليها المخرج(.) 24
وأما عن عناصر اإلخراج فهي:
-1التشكيالت :وهي ترتيب عناصر الممثلين على خشية المسرح.
-2الحركات :تشمل تنقل الممثلين على خشبة المسرح من مكان إلى مكان.
-3الشغل :يقصد بكل حركة أو عدة حركات تحمل فكرة معينة يعدها المتفرجون بطريقة شعورية.
-4األصوات :تشمل نبرات الكالم و الموسقى و المؤثرات الصوتية.
-5التوقيت :ويشمل – ضبط :إشارة البدء ( المفاتيح).
-ضبط :التوافق الزمني لحدود شيئين أو أكثر معا.
-الخطو :و هو تحديد السرعة االزمة ألداء كل جزء من أجزاء
المسرحية.
-6المناظر :والمناظر الخلفية التي تمثل المسرحية أمامها.
-7الملحقات :وتشمل – األثاث.
-الزخرفة.
-الملحقات اليدوية.
-8المالبس :وهي ما يرتديه الممثلين على خشبة المسرح.
-9المكياج :وهي المساحيق التي يضعها الممثل بحسب الدور الذي يقوم به.
-10اإلضاءة :وهي اإلنارة القوية أو الضعيفة بحسب المشهد.
-11التصميم :يجب تصميم كل عنصر من عناصر اإلخراج أو اتمامه وتكميله .
-12التنفيذ :يقوم الممثلون بطبيعة الحال بتنفيذ تشكيالت الحركة وخطواتها وكذا حركات الشغل،
والقاء الحوار ،وعمليات التوقيت ،أما الملحقات والمالبس ،واإلضاءة فيقوم بها جماعات يطلق عليهم
المحترفون(.)25
الدراما و أقسامها:
ا-تعريف الدراما:
معنى كلمة دراما باليونانية «وهي الفظة المرادفة للمسرحية والحدث أو الفعل ولدلك تبنى المسرحية
على جملة أحداث يرتبط بعضها ببعض ارتباطا حيويا أو عضويا ،بحيث تسير في حلقات متتابعة حتى
تؤدي الى نتيجة يتطلب الكمال الفني أن تؤخذ من نفس السابقة وهذه االحداث خارجية أو داخلية ،فاألولى
) (5د.نهاد صليحة ،المسرح بين النص و العرض ،مهرجان القراءة للجميع -99مكتبة األسرة-ص.16
( )1د.نديم معال محمد ،في المسرح في العرض المسرحي...النص المسرحي...قضايا نقدية ،مركز اإلسكندرية للكتاب ط،1
،2003ص.72
( )2قاجة جمعة ،المدارس المسرحية و طرق اخراجها منذ اإلغريق حتى العصر الحاضر ،نور للطباعة و النشر و
الدراسات،ط،1،2006،2007ص.258
( )1المرجع السابق ،ص،ص،ص.269،268،207
هي التي تؤثر في الشخصيات و الثانية هي ما يألتيه في المسرحية بتجاوبهم مع األحداث الخارجية أو
نفورهم منها»(.)26
كما أتفق على أنها «اصطالح يطلق على أي موقف أدبي ينطوي صراع و يتضمن تحليالته ،عن
طريق افتراض وجود شخصين على األقل ،وأنها مجموعة من المسرحيات تتشابه في األسلوب أو
المضمون ،وهي شكل من أشكال الفن القائم على تصور الفنان لقصة تدور شخصيات تتورط في أحداث
معينة ،والفن الدرامي هو الذي تكون فيه الكلمات وسيلة للتعبير عن أفكار األشخاص الذين تخيلهم
الكاتب»(.)27
ا-أقسام الدراما:
في كتابه "الشعر" الى قسمين Drama :ويقسم "أرسطو" الدراما
-1التراجيديا" :المأساة":
وأصل المأساة عند اإلغريق يكمن في أغاني الديثراميوش و هي كما صنفها "د .ثروت" عكاشة
على شكل chouresعرض يؤديه خمسون مغنيا يرقصون في شكل دائري بيمنا تصطف الجوقة المنشدة
مربع ينشدون نشيدا جماعيا تمجيدا إلله الخمر ديونيوس الملقب بديثرامبوس أي المولود مرتين احتفاءا
بأعياده.
ويعرف أرسطو المأساة فيقول«هي محاكاة األفعال النبيلة الكاملة و هي لها طول معلوم وتؤدي بلغة
ذات ألوان من الزينة تختلف با ختالف أجزاء المأساة ،وتتم هذه المحاكاة بواسطة أشخاص يمثلونها و ليس
catharsisبواسطة الحكاية ،وهي تثير في نفوس المتفرجين الرعب والرأفة وبهذا تؤدي إلى التطهير أو
أي التطهير النفسي من أدران انفعالتها»(.)28
-2الكوميديا":الملهاة"
ولقد سلكت الملهاة نفس سبيل التطور الذي سلكته المأساة اذا أنها استمدت و جودها من شعائر أو
و قد ارتبطت أيضا باإلله ديونيوس وكانت COMOSمسرحيات صامتة غير محتشمة صاحبت الكوموس
الملهاة بما تع رفه من مرح وفكاهة ونقد سخرية تبعث عن الموضوعات المضحكة والماجنة.
وتنقسم الملهاة إلى ملهاة قديمة يمثلها أريستوفانيس بأعماله ،ثم تلتها مرحلة اخرى عرفت باسم الملهاة
()29
الوسطية و هي عبارة عن محاكاة ساخرة و تهكمية.
-1الهيكل المسرحي:
من خصائص الفن المسرحي مجموعة من العناصر و األسس ،وهو ما يميزه عن باقي الفنون و التي
تتمثل في :خشبة المسرح ،الممثلون ،النص المسرحي ،البناء الدرامي و المؤثرات.
ا-خشبة المسرح:
و هو مكان األحداث ،يكون محصورا أو محدودا ،تنحصر فيه الرؤية و المشاهدة ،ويتحرك فيه
الممثلون.
ب-الممثلون:
وهم مجموعة من االشخاص الموهوبين يقدمون بتجسيد النص المكتوب من خالل أدوار تتناسب و
قدراتهم ،فعن طريقهم يتصل المؤلف بالجمهور.
ج -البناء الدرامي:
هو مجموعة أحداث تتصارع و تتعقد فيما بينها لتصنع دهشة و فرجة الجمهور و تكون المسرحية
سريعة ألن زمن العرض محدد.
( )2محمد غنيمي هالل ،المقارن ،دار النهضة مصر للطباعة و النشر و التوزيع ،القاهلرة ،1998 ،ص.134
( )3فايز ترجيني ،الدراما و مذهب األدب ،المؤسسة الوطنية الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ،بيروت ،ط،1
،1988ص.67
( )1أ.د جمعة قاجة ،المدارس المسرؤحية و طرق اخراجها منذ اإلغريق حتى العصر الحاضر ،نور للطباعة و النشر و
التوزيع ،سورية ،دمشق ،ط،2007-،2006 ،1ص.23
( )2شكري عبد الوهاب ،تاريخ و تطور العمارة المسرحية،مؤسسة حور الدولية للنشر و التوزيع144،ش ،طيبة،سبورتنيج،
اإلسكندرية،2008،ص.45
د -المؤثرات:
وهنا نتحدث عن الديكور و المناظر (السينوغرافيا) و اإلضاءة و المالبس المناسبة لنوع و طبيعة العرض
()30
التمثيلي ،كما تحقق التواصل مع الجمهور و التأثير فيه.
( )1عبد هللا سرور ،النشر األدبي الحديث ،البيطاش ،سانتر و التوزيع ،القاهرة،2005،ص،ص.102،101،
-1مفهوم التجريب:
إن مفهوم التجريب و تحديد معناه الدقيق ما زال لحد اآلن سؤاال قائما«ألن التجريب أصبح يخترق
()31
في كل مرة عوالم جديدة و يحدث ثورة على األشكال و األشياء المألوفة».
"التجريب" في النهاية القرن التاسع عشر وبدايات EXPERIMENTALوتشكل مفهوم التجريب/
،الحداثة في LA MODERNITEالقرن العشرين ،وقد ظهر هذا المفهوم في البدء مقترنا بمفهوم
الفنون وخصوصا الرسم والنحت بعد أن تالشت أخر المدارس الجمالية التي فرضت قواعد ثابتة .و بعد
أن تأثرت الحركة الفنية بالتطور الثقافي الهائل في القرن العشرين و شهدت نوعا من البحث الذي تبلور
في اتجاهات و مدارس فنية كالمستقبلية و البنائية و التكعيبية والدادائية و السريالية و الرمزية و
()32
غيرها...
« فكانت شريعته االستجابة لرغبات ليست محددة بعد ،و التجاهات لم تندمج بعد في الممارسة المعرفية
(«...)3و ال أمكنت السيطرة عليها.فالنص ليس جواب عن سؤال ،بل هو سؤال عن جواب لم يطرح بعد
المنهج التجريبي:
والم نهج التجريبي من المناهج البارزة حديثا و الضاربة في عمق التاريخ « فمنذ ظهور اإلنسان تميز
بسعيه لتجديد كل قديم و مألوف و أصبحت هذه السمات اإلنسانية التجريب واختبار المواد لمعرفة الصالح
()4
والمناسب له ،فكانت بداية لخطوات منهج تجريبي».
« و يعتمد المنهج التجريبي على أساس التحكم في مجموعة من المتغيرات التابعة وأخرى مستقلة
موضع للدراسة و قياس ما يطرأ على هذه المتغيرات التابعة حتى تغير نتيجة ارتباطها بالمتغيرات
المستقلة.ويمكن أن يعتمد المنهج التجريبي على بعض المناهج األخرى منها المنهج الفلسفي و المنهج
التنبؤي والمنهج االجتماعي»( . )5كما أنه يطبق على العلوم االجتماعية و اإلنسانية كاآلداب والفنون،مثال
ذلك ما طبق في المسرح من تجريب صريح،ولكن بصيغة أخرى مختلفة عن أصوله و تطبيقاته العلمية.
ولقد طبق المنهج التجريبي في المسرح لتجاور األلوف وكسر االعتيادي ،وتحطيم كل القواعد والسنن
الثابتة ،وبعبارة أخرى فالمنهج التجريبي في المسرح هو الثورة على تلك التقاليد التي سنها اليونانيون،
واختراق للقواعد التي ضبطها وحددها "أرسطو"لفن المسرح في كتابه"فن الشعر".
-2التجريب في المسرح:
عرف المسرح الحديث ظاهرة إبداعية فنية ،اقترنت بمفهوم التجديد والحداثة ،أال وهو التجريب ،والذي
أخذ منحى تصاعديا و كليا في فن المسرح.
أ -مفهوم التجريب في المسرح:
لقد حاولت الندوة التي أقيمت بالقاهرة بمناسبة"المسرح التجريبي" أن تحدد مفهوم التجريب في
المسرح من خالل مداخالت نقاد و باحثين و أصحاب اإلختصاص.
وحاول الناقد اللبناني"بول شاوول" إعطاء خصوصية للتجريب كفن قائم بحد ذاته وبالتالي يجب فصله
عن باقي عناصر المسرح األخرى .أما الناقدة المسرحية"نهاد صليحة" فربطت التجريب في الوطن
العربي باألوضاع السياسية و اإلجتماعية التي تأثر في الفنان وعقله.
وأما المخرج العراقي "جواد األسدي" في مداخلته فقد ربط التجريب بمفهوم التدجين في ظل
الواقع.فالتجريب في الوطن العربي يمشي ضد الكليشهات الموجودة،و عقل الفنان مصادر من قبل السلطة
و السلطة ليست سياسية فقط بل إجتماعية و حرية التعبير...
أما "روجيف غسان" رائد المسرح الحكواتي في لبنان ،فيرى أن المسرح التجريبي ملهم وضروري،
ي جديد هو الذي يفرض والمسرح امتداد للحياة و يمارس الحياة ،وهذه الممارسة فنية ،فيها كل يوم ش ْ
() 33
البحث عن الشكل جديد للتعبير وهذا في حد ذاته تجريب.
( )1ح فناوي بعلي ،أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر ،منشورات إتحاد الكتاب
()2الجزائريين،ط،2002،1ص.347
ماري إلياس و حنان قصاب ،المعجم المسرحي ،مكتبة لبنان ناشرون ،بيروت،لبنان،ط،1997،1ص.118
()3جان دو فينو،سوسيو لوجية المسرح،ترجمة حافظ الجمالي منشورات وزارة الثقافة و اإلرشاد القومي،ص.401
( )4مايكل فاندين هوفيا،المسرح التجريبي و مفهوم الالتحدد،ترجمة سامح فكري –مجلة فصول-مجلد
()5مصطفى محموداْبو 13عدد4شتاء،1995،ص. 54
بكر،احمد عبد هللا،مناهج البحث العلمي،الدار الجامعية،ط،1،2007ص.61
( )1حفناوي بعلي ،أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر ،منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين ،دار
الهومة،ط،2002 ، 1ص.347
وما الشك فيه أن مفهوم التجريب في مجال المسرح،قد اتخذ معان عديدة و ذلك أن كل التيارات التي
ظهرت منذ مطلع القرن العشرين على تعداد أشكالها واتجاهاتها كانت تهدف الى ابتكار أشكال تعبيرية
جديدة ،و الدعوة إلى تجاوز المسرح القديم والتمرد عليه.لكن كلمة تجريب في المسرح في الوقت الراهن
تدل على نوع محدد من المسرح له خصائ ص و أساليبه ،والمسرح التجريبي الحديث ظاهرة عالمية ال
يخص بلد دون آخر فهو منتشر تقريبا في جميع دول العالم و« يعرف المسرح التجريبي بأنه المسرح الذي
يحاول أن يقدم في المجال اإلخراج أو النص الدرامي أو اإلضاءة أو الديكور...الخ أسلوبا جديدا يتجاوز
الشكل التقليدي ال يقصد تحقيق نجاح تجاري ،ولكن بغية الوصول إلى الحقيقة الفنية.و عادة ما يتحقق هذا
التجاوز عن طريق معرضة الواقع والخروج إلى منطقة الخيال والمبالغة في الخروج في بعض
()34
األحيان»
ب -موضوع التجريب في المسرح:
أما بخصوص موضوع التجريب في المسرح فقد عرفت الساحة المسرحية العربية نقاشا حادا حول
موضوع التجريب ،فأبدى البعض تخوفه بدعوى أن التجريب خرق وتجاوز يهدد التقاليد والقواعد،ويرون
ضرورة الحفاظ على النقاء الثقافي كحماية التمايز و الخصوصية الثقافية و من هنا جاء التأصيل العربي
يبشر بميال شكل مسرحي عربي مغاير للمسرح الغربي ،وراح يبحث عن ظواهر جنينية للمسرح و
تظاهرت شعبية ،فرصد فنون الفرجة في التراث العربي كمحاولة لرفضها لتقليد المسرح الغربي تأكيدا
لهوية المسرح العربي المنشود و هم بذلك يرفضون التبعية للغرب"،وفي حين يرى دعاة التجريب في
المسرح بأنه حالة من اإلبداع المست مر يبحث عن جديد و يحاول أن يتجاوز الصيغ المقيدة ويراهن على
التحول وتجدد أدواته الكتشاف مجاالت جديدة للتفكير والتعبير .وإذا كان التجريب يحتفي بالتنوع و
اإلختالف فانه الينفي األشكال السابقة عليها ،و انما يجدد الرؤى و ينوع األساليبن إنه اختيار مستمر
لألفكار واألشكال واألدوات ،وهذا انطالقا من أن التمايز الثقافي ال ينفي التفاعل مع الثقافات األخرى،
ويرون أن هذا تثاقفا وليس تبعية.)35(".
وألن موضوع التجريب أيضا هو ذلك الفن الذي ولد من العمل وفي الفن نلمس تلك المتعة الجمالية،و
التي ارتبطت بالحاجة اإلنسانية ،فكانت حواس اإلنسان الخارجية البصر ،الشم ،السمع ،اللمس ،الذوق ،قد
تهذبت من خالل النشاط العلمي ،فانتقل بها الى ثراء الحاالت الشعورية واألحاسيس اإلنسانية.
« فالمعاناة الجمالية و الشعور الجمالي مالزم لإلنسان في كل إيماءة و كل حركة و كل عمل يقوم به
وفي كل وقع لل حياة عليه ،وتجد تلك المعاناة وذلك الشعور تجسيدهما في االعمال الفنية فكانت هذه
المحاوالت ارتقاء بالتجريب المتصل بالحاجة المباشرة الى أن يكون تشكال ذا صبغة جمالية.)36(».
كما أن موضوعه هو ذلك الغنى بالمضمون و األهداف و الفقر من اإلكسسوارات،فهو يخاطب عقل
وذهن المتفرج و بعبارة أخرى «:نحن نشخص لك الحالة ،نريد أن نكشف لك جوهرها (ال نريد لك ان
()37
تنسى أننا نشخص )هكذا يقول المسرح التجريبي لمتفرجه»
-2أشكال التجريب في المسرح:
وتكمن العالقة التي تجمع بين التجريب و المسرح في أن له أشكاال و أوجه متعددة تتوزع على
مستويات الفن المسرحين ،وهي:
اْ– التجريب في النص:
مهما كانت أهمية دور المخرج و الممثل المسرحي ،فإن النص يبقى المادة األولى التي بدونها اليمكن
وجود هذا النوع من المشاهد.
ونص مسرحي جيد يجب أن يترك المخرج و للمثلين هامشا لإلبداع وكم من مسرحيات تبدو لنا عند
ا لقراءة طرفة فنية أصيلة،كانت فاشلة أو أنها لم تعرف سوى القليل من النجاح ،رغم إجادة الممثلين
لألدوار« فالمخرج أو رئيس الغرفة عندما يريد أن يختار نصا مسرحيا ،فهو يحاول إرضاء جمهور معين،
جمهور عصره ،فهو يريد إخراج نص جديد و لكن على أن يكون كثير األختالف عما اعتاد رؤيته في
( )1ماري إلياس و حنان قصاب ،المعجم المسرحي ،مكتبة لبنان ناشرون،بيروت ،لبنان ،ط ،1،1997ص.195
( )2ف وزي فهمي ،مقدمة منشورة في كتاب هيلين جلبرت وجوان تومكينز ،الدراما بعد الكولونيالية ،ترجمة :سامح
فكري ،القاهرة :أكاديمية الفنون ،1998 ،ص.17
( )3عبد المنعم تليمة ،مقدمة في نظرية األدب ،دار العودة بيروت ،ط ،1983 ،3ص.10
( )1د.نديم معال محمد ،مقاالت نقدية في العرض المسرحي،دار الفكر الجديد ،ط،1،1990ص.44-43
الن التجريب هو فتح جديد ،وتجاوز لكل طريقة كتابة سبق أن مسرح معين،وهن يبدأ التأليف في التجريب ْ
()38
مارسنها أو مورست من غيرنا»
وهنا يختار رئيس الفرقة المسرحية ،ثم يقوم بخطوة حاسمة يمكن أن تكون نتائجها كبيرة بالنسبة إليه،
وإلى فرقته على الصعيد من األصعدة « ،فإذا وفق اختياره للنص فهو الحظ،و إذا كان اختياره غير موفق
فهي الكارثة تقريبا ،لذا يمكن أن يحيط نفسه بألف حيطة قبل التورط،فقد مضى الوقت الذي يكفه إمتالك
مالبس و ديكوره وممثلين،أما النص فيأتي في الدرجة األخيرة واليوم ليس األمر كذلك ،فالنص المسرحي
()39
هو الخطوة األولى فكل خلق مسرحي و تجريب ينطلق من النص»
فمن خصائص المسرح التجريبي تفكيك نصه ،وإلغاء سلطته النص أي إخضاع النص األدبي للتجريب
و التخلص من الفكرة ليقدم حالة فنية و ليس أفكارا أو تجربة حرفية للنص و بالتالي خلق فضاء أوسع
()40
لألداء عبر صيغة"بلوفونية" ذات داللة معبرة..
« و في معظم األحيان نجد أن النصوص المسرحية الترضى المخرج و الممثلين ما دامت وجهة نظر
الكاتب غير المعتاد على المسرح التجريبي مختلفة عن وجهة نظر رجل المسرح التجريبي الذي يرى
ويسمع المسرحية بعقله بدال من أن يقرأها ،ولذلك ففي العمل التجريبي البد أن نتعامل مع هذا المستوى من
النصوص بحجة أزمة النص،فإن ثالث أرباعها أو أربعة أخماسها تكون قد حذفت ،وعندئذ تصبح
الممكنات في النص خاضعة لفحوص عديدة متتابعة ومناقشات غير منتهية ،ومن النادر ومهما كانت
طبيعة النص أن يظل محتفظا بحالته األولى فالتجريبيون يطلبون من المؤلف إجراء تنقيحات تكون قاسية
()41
أحيانا»
وهكذا يوضع النص قيد المراجعة ويمكن أن يتعرض لتغيرات عميقة يقوم بها المؤلف حيث يكتب نصا
يجتزي ويطول وفق لما يشعربه و أحيانا بعد التمثيل عدة مرات فإن تغيرات جديدة تحدث و هنا ْ جديدا
يكمن سر ا لتجريب في التأليف وتضحي العملية أكثر تعقيدا على عكس ماهو ساري في التأليف عادة.
« ففي الكتابة التجريبية تأتي المعاني على أفواه الممثلين تصطرع في سرعة و حيوية ،تكاد تقتلع نفوس
المشاهدين إقتالعا بحيث تطوف بهم داخل نفوس إنسانية تتضارب فيها الرغبات واألفكار تضاربا بالغ
()42
العنف»
ب)–التجريب في اإلخراج:
إن المخرج في دراسته للنص إن لم تتضح له الفكرة فهو غير قادر على أن يوصل ما لديه من إبداع
للجمهور ،وإذا توصل المخرج إلى ما يرمي اليه المؤلف استطاع بحسه الفني والعلمي أن يوجه الممثلين
بحيث تلتقى جهودهم كلها حو ل هذا التفسير الذي تشارك في توضيحه أيضا كل عناصر اإلخراج األخرى
من إضاءة و ديكور و غيرها...
«لقد استطلع "ستانيسالفسكي" حال الناس وسلوكهم أكثر مما استطلع المكان ومن ثم فقد تطور أسلوب
اإلخراج واألداء الواقعي وابتعد بذلك عن المنهج التقليدي القائم على المحاكاة الخارجية للحقيقة،وتوصل
بفعل المنهج التجريبي الى اقتناع كامل بأن الممثل اإلنسان هو القلب النابض للنص المسرحي و على
()43
ضوء ما سبق فقد صاغ ستانيسالفسكي التقنية النفسية كمنهج األداء الممثل»
وألن التجريب في اإلخراج هو عملية خلق إبداعية ،فقد كانت و الزلت مجال للبحث والدراسة من قبل
نقاد ودارسين،فالمخرج هو قائد األوركسترا يلونها كيفا يشاء بمفهومه وغالبا ما تكون النتيجة أننا النرى
على المسرح نص المؤلف بمقدر ما نرى رؤية المخرج لهذا النص « ،و إذا أردنا أن نضع أيدينا على أول
الخيط في عملية الخلق المسرحي،فالبد لنا أن نغوص أوال في عقل المخرج لمبدع ،وهو يكون رؤياه
للنص و يحول هذه الرؤية إلى جسم موضوعي هو المسرحية التي نراها في النهاية ممثلة»(.)44
( )2حفناوي بعلي ،أربعون عاما على خشبة المسرح الهواة في الجزائر،منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين ،ط،2002 ،1
ص.363
( )3فليب فان تيغم ،تقنية المسرح،ترجمة بهيج شعبان ،منشورات عويدات ،لبنان ،بيروت ،باريس ،ط،2ص.9
( )4أن أوبر سفيلد ،حوار حول أزمة مجلة البحرين الثقافية،العدد،32،2002ص.102
( )1حفناوي بعلي ،أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر،منشورات إتحاد الكتاب الجزائريين،
ط،1،2002ص.364
( )2عبد الرحيم مرزوق ،عبر الفهامة ،المهرجان المسرحي التجريبي ،قسنطينة ،يومية النصر.1999/12/25،
( )3حفناوي بعلي ،المرجع نفسه ،ص،ص.366،367،
( )1د.سمير سرحان ،دراسات في األدب المسرحي،هال للنشر و التوزيع ،ط1،1427م،2006،ص.207
إن سطور أية مسرحية ليست سوى التوجيهات الوحيدة التي يحتاجها المخرج القدير عندما يقرأ
مسرحية ما ،فإننا نضع أنفسنا ال شعوريا وغالبا موضع المخرج،و هذا يعني أن أي قارئ ذكي باستطاعته
إخراج مسرحية يقرؤها أو التمثيل فيها و في الوقت نفسه فإن قابلية المعرفة بكل مهارات اإلخراج
المسرحي التعتبر مؤهال للحكم على جودة المسرحية و كل ما يمكن أن يقال هو أن المخرج يضطر الى
اإلجابة على أسئلة غير منتهية يقتضيها إخراج العمل « ،ولذا فإن المخرج التجريبي مطالب أن يطلع في
حساباته كل اإلجابات على تساؤالت المشاهد أو القارئ ،وهنا تصبح عملية اإلخراج أكثر من عملية
()45
تركيب بين األشياء والوسائل ...عملية إبداعية»..
ج) -التجريب في العرض:
ألن التجريب هو محاولة لضخ دماء جديدة في المسرح ،واكتشاف أساليب جديدة للتعبير المسرحي،
سواء بالكلمة أو الموسقى والسينوغراف ،فقد كان العرض المسرحي الحيز األكبر من هذا الشكل الجديد
والحديث ،ولما كان التجريب تمردا ،فمن المؤكد أنه إبداع في النهاية و مرادف للتغيير والتطوير،
ف اإلنسان بطبيعته يجرب ويخترق عوالم جديدة ،والفنان الممثل أكثر الناس ممارسة للتجريب و خاصة
أثناء أداء العرض.
وهنا فقد أنتج المسرح التجريبي بدائل كالمية و أصبح الجسد والحركة واإلشارة واإليماءة لغة مشتركة
تعبر لوحدها ،لذلك تحقق العروض الحركية والبصرية تفوقا على العروض التي تعتمد على النص ،فهناك
مستويات عديدة للتعبير الدرامي ،أهمها التعبير بالحركة و الجسد و تكمن قوة هذه العروض في كيفية
ضبط الجسد باإليقاع و الرقص والحركة بحيث يتم االستغناء كلية على اللغة ،ويفسح المجال بالتالي
لعناصر جديدة تصبح اللغة عبرها بمثابة معادل مرئي يستطيع الكشف عن أفكار الشخصيات.
« ويمكن أيضا التجريب في العرض عند استخدام الممثلين لمساحات أخرى ما وراء خشبة المسرح أي
مساحات أوسع كفضاء مسرحي يعكس الروح العميقة واإلنفتاحية على تميز أكثر أثناء أداء العرض»(.)46
وقد تلغى الخشبة المسرحية أحيانا ،وقد يكون على الطريق األخر لسان خشبي يمتد الى عمق الصالة
بمحاذاة الجدار وعلى ما تبقى من مقدمتها حقائب صناديق،و قد تتحول إلى مقاعد يجلس عليها الممثلون و
يضعون فيها أشيائهم الخفيفة و البسيطة عند الرحيل،و هذا على سبيل المثال.
«فالعرض التجريبي في المسرح يقتصد في الديكور والمالبس واإلضاءة وكل شيء أن يساعد على سهولة
الحركة وسرعة التنقل و قد تستعمل أقنعة ،وآالت موسيقية خفيفة (إيقاعات خشخشات ،دخان ،ضباب)...
معلقة على الجدران وإضاءة عامة تتغير قليال وأحيانا»(.)47
«كما أن السينوغرافيا هي البطلة ،فيأتي دور ا لتعبير الجسدي في توصيل الحالة الفنية وكأنها اللغة التي
تضاف إليها اإلشارات و األدوات المتاحة لمحاكاة المتفرج»(.)48
( )2س.داوسن ،الدراما و الدرامية ،ترجمة جعفر صادق الخليلي ،منشورات عويدات ،بيروت ،ط ،1980 ،1ص.17
( )1حفناوي بعلي ،أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر ،منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين ،ط،2002 ،1
ص.360
( )2د.نديم معال ،مقاالت نقدية في العرض المسرحي ،دار الفكر الجديد ،ط ،1990 ،1.ص.43
( )3مايكل فاندين هوفيا ،المسرح التجريبي و مفهوم الالتحدد ،ترجمة سامح فكري -،مجلة فصول– مجلد 13عدد 04شتاء
،1995،ص.34
الفصل الثاني :التجريب في المسرح
المبحث األول :التجريب في المسرح الغربي
أ – التجريب في المسرح اإلنجليزي
ب – التجريب في المسرح الفرنسي
المبحث الثاني :التجريب في المسرح العربي
أ – التجريب في المسرح البناني
ب – التجريب في المسرح المصري
التجريب في المسرح الغربي:
« التجريب في أوروبا ،محاولة إلنقاذ المسرح الذي يموت ،أو هو محاولة للخروج من الباب المسدود
الذي يواجه الثقافة البرجوازية ،أما بالنسبة لنا فإن مفهوم التجريب يعني البحث عن المسرح أو خلق
(«.)49مسرح أصيل و فعال في المناخ االجتماعي
وبدأت البوادر الفعلية للتجريب المسرحي في أوروبا ،وتزامنت مع بزوغ فجر جديد ،نتيجة تظافر
المجهودات الفكرية لدئ الكتاب المسرحيين و بعض المفكريين و كذا تقلص الخطاب الديني ،وعندئذ
انتقلت المسرحية من وظيفة الوعظ المباشرواستخالص النتائج الى طرح التساؤوالت الفلسفية في الواقع و
إراداته الخيرة.
« ومن ثم بدأ التجديد يراود كتاب المسرح ،وخاصة حين إشتد التنافس بين الفرق المسرحية،الحتالل
موقع اإلعجاب و التقدير و نيل العطاء والرضا ،فدخلت المسرحية غمار التجريب أو البحث الحقيقي عن
()50
إمكانية تطويرها ،استجابة للمتطلبات الظرفية»
وفيما بعد سنظهر بعض من فعل التجريب فوق أعتق خشبتين مسرحتين غربيتين ،أال وهما:
أ -المسرح اإلنجليزي.
ب -المسرح الفرنسي.
أ -التجريب في المسرح اإلنجليزي:
« إن المالمح األولى لتجلي مفهوم التجريب في المسرح اإلنجليزي كانت في بادئ األمر بعد أن ابتعدت
الدراما اإلنجليزية عن الدين والكنيسة(كما حدث في جل أوروبا) وامتزاجها بالتراث من ناحية أخرى.وبداْ
االنفصال عن الكنيسة بعد صدور قرار يحرم العروض المسرحية داخل الكنيسة ونتيجة لهذا انتقلت
(. )3
العروض المسرحية من الكنيسة إلى الساحات الشعبية أثناء المهرجانات و المناسبات الدينية» .
ويمكننا ا لقول بأن مفهوم التجريب في المسرح اإلنجليزي قد تبلور حاصة في الفترة اإلليزابتية الممتدة
ما بين( ) 1558-1603والتي تعكس تطور فن المسرح في انجلترا ،خاصة مع ما جاء به الثالثي العمالق
«وإذا نظرنا نظرة من تجديد وهم( كريستوفر مارلو ،بن جونسون ،وشكسبير).
سريعة الى نتاج المسرح في عصر الملكة إليزابت ،أي الى مسرح في الفترة الممتدة من القرن السادس
عشر الى القرن السابع عشر سوف يدهش لكم التنوع و التجريب الذي احتوته هذه الفترة فالى جانب عدد
هائل من التراجيديات المتنوعة،سيجد الكوميديا الرومنسية الشعبية ،وكوميديا األمزجة التي تأثرت
بنظريات علم النفس التي سادت ذلك العصر و التي أبدع فيها (بن جونسون) والمسرحية السياسية الساخرة
التي كانت عادة تنتهي بالقاء كاتبها في السجن تهدف الى اصالح المجتمع الى جانب هذا و ذاك ،ظهر في
المسرح اإلليزابتي نوع من الكومديا التي يمكن وصفها بأنها كوميديا و اقعية حيادية...تلك التي تعرف
باسم كوميديا المدينة»( )51وفيما يلي سنظهر بعض من التجريب المسرحي أعظم المسرحيين اإلنجليز
وأشهرهم ،أال وهو "وليام شكسبير".
* تجربة واليام شكسبير""1616-1564
أعظم الشعراء والكتاب المسرحيي ن اإلنجليز ،ومن أبرز الشخصيات في األدب العالمي إن لم يكن
أبرزها على اإلطالق ،يصعب تحديد عبقريته بمعيار بعينه من معايير النقد األدبي،إن كانت حكمه التي
وضعها على لسان شخصيات رواياته خالدة في كل زمان.هناك تكهنات و روايات عديدة عن حقيقة
شخصية التي يكتنفها الغم وض و اإلبهام ،و عن حياته التي التي اليعرف عنها إال القدر اليسير ،والثابت
أن أباه كان رجال له مكانته في المجتمع ،وكانت أمه من عائلة ميسورة الحال ،وقيل إنه بلغ حدا من
التعليم ،مكنه من التدريس في بلدته سترات فورد -أون فون -التي يوجد بها اآلن مسرح سمي باسمه يقوم
بالتمثيل على خشبته أكبر الممثلين المتخصصين في رواياته.
وقد كان شكسبير رجل زمانه على الرغم من عالمية فنه ،إذ تأثر إلى حد بعيد بمعاصريه من كتاب
المسرح مثل" توماس كيد" وكريستوفر مارلو" فخاطب مثلهم الذوق الشعبي في عصره ،وهو الذوق الذي
كان يهوى المشاهد ال هزلية ذات الطابع المكشوف التي كانت تتخلل المسرحيات التراجيدية لتخفف من حدة
وقعها.
( )1سعد هللا ووس ،دفاتر مسرحية ،مجلة المسرح التجريبي ،القاهرة،ع،8،1993ص.9
( )2عبد الكريم جدري ،نماذج من المسرح األوروبي الحديث ،منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين ،ط،1ص.86-85،
ص ، .11الهيئة المصرية العامة للكتاب ،أضواء على المسرح االنجليزي ،نهاد صليحة )(3
( )1نهاد صليحة ،المرجع نفسه،ص25
هذا و قد كان لشكسبير أثره الكبير في آداب جميع األمم على اإلطالق وتأثر به جميع الكتاب
والشعراء واألدباء في كل بلد ان العالم ،وفي كل العصور في القرن السابع عشر و الثامن عشر والتاسع
عشر خاصة ،ومن روائعه:
-الملك ليز.
-هاملت.
-عطيل.
-كليوبترا.
() 52
-روميو و جوليت
وسنتطرق فيما يلي إلى مسرحية من مسرحياته الشهيرة ،أالوهي "هاملت"،إلظهار بعض من التجريب
والتنويع فيها.
وأول ما نالحظه من تجريب قام به"وليام شكسبير" هي مسرحيته"هاملت" و التي تندرج ضمن ما
يسمى بتراجيديا االنتقام « ،يظهر حينما يستخدم هذا اللون المسرحي-تراجيديا اإلنتقام -استخداما ساخرا
خلطه من أساسه حين وضع في قلب مسرحيته بطال سلبيا يختلف جذريا عن صورة المنتقم التقليدي
المتعطش للدماء ،و الذي تسيطر الرغبة في االنتقام على كل حواسه» ( )1والمعروف عن الخاص والعام
بأن اإلنتقام يأتي كرد فعل عن ظلم أو قهر فيأتي المنتقم متعطشا للنيل من ظالمه ،وهذا بحسب القصص و
الروايات القديمة و الحديثة.
وعلى عكس البيئة التقليدية لمسرحية اإلنتقام ال يشرع البطل في خطة محكمة أو تدبير سلسلة من
األحابيل و الحيل لتحقيق هدفه،بل يكتفي بالتظاهر بالجنون واإلستغراق في التأمالت الفلسفية
و اليستيقظ إلى حين و صول الفرقة المسرحية في الفصل الثاني«...مما يجعلنا نشعر أن محاولة التيقن
هذه ليست سوى حيلة نفسية أخرى يلجأ إليها هاملت ليؤجل فعل االنتقام ،وكأنه منتقم رغم أنفه ،وكأنه
يرفض أن يلعب الدور المرسوم له في الدراما الدائرة من حوله إن هاملت يرفض أن يلعب دور المنتقم
وأن يأخذ بمقاليد الحبكة في يده حتى قرب منتصف المسرحية حين تحول المسرحية مسارها تماما فينقلب
الملك كلودياس من الضحية المتوقعة أي المفعول به المتوقع إلى دور الضحية و المفعول به»(.)53
وما تبادل أدوار الفاعل و المفعول به في معالجة "شكسبير" لترا جديا االنتقام إال ليفجر بيتها الداخلية
التقليدية ،مولدا بنية دراميه جديدة.
وهذا كله على سبيل التغيير و التجريب الذي قام به "وليام" على مستوى البنية الداخلية للمسرحية".
من ناحية أخرى نستشف ناحية من التجريب ،الذي أبدعه"وليام شكسبير" وذلك بعدما أخضع المسرح
للعلم ،وهذا سبيل من سبل التجريب الحديثة « ،فهاملت يطمع الى معرفة الحقيقة المرة والتي أسفرت عن
موت أبيه وتولي أو اغتصاب عمه العرش ،و هنا قام الدليل التجريبي في فكرهاملت و بحثه منذ البداية
عن الحقيقة ،خاصة وقفه المندهشة إزاء التناقض الذي الحظه على مسلك أمه وعمه على األسلوب
تجريبي اإلستنتاجي الذي يبدأ بدراسة الكل ثم يستنتج نتائج منطقية تسري الى أجزاء و ذلك مطابق لمنهج
ديكارت( )1596-1650الذي يقوم على دراسة المبادئ والقواعد العامة فيطبقها على األجزاء ،اي ينطلق
(
)3.في بحثه من االستنتاج العام إلى االستنتاج الخاص»
ثم إنه بدا االستماع إلى القصة كلها من أبيه ثم بدأ بتحقيق صحة القصة والتحقيق من صدقها جزاءا
فجزءا و مطابقة النتيجة الكلية للقصة على كل جزء منها.
« وهو بعد ذلك يواصل البحث بالمنهج التجريبي اإلستنتاجي نفسه حيث يجري تجربته النهائية بعرض
الحدث كله بواسطة إعادة تمثيل حادثه مقتل أبيه على يد عمه وأمه كما رواها شبح الملك القتيل على
اعتبار أن الرواية الشبح هي استنتاج عام استنتجه هاملت ليكشف عن طريق تأثير العرض كله على عمه
وأمه مدى مطابقة الجزء الكلي ،وقد تحقق له ذلك وطابق لمنطوق الجزئي بالمنطوق الكلي»(.)54
( )1وليم شكسبير ،روائع شكسبير" كليوبترا" دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان،ط،1990 ،1ص.4-3
( )2نهاد صليحة .نفس المرجع،ص.88
( )3نهاد صليحة،نفس المرجع،ص.89
( )4نهاد صليحة ،نفس المرجع،ص.94
) (1أبو الحسن سالم ،فنون العرض المسرحي ومناهج البحث ،دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر،2004،ص.147-146،
« فتبدو الشخصية الرئيسية فيها شخصية شكسبيرية حقا بضخامة حركتها النفسية و ضخامة الواعث
التي تحركها...فاإلنسان ليس كائنا بسيطا وعبقرية شكسبير تتجلى أكثر ما تتجلى في أنه يقدم لنا اإلنسان
بكل ما فيه من تعقيد و تركيب وبكل ما يحيط به من ظالل وأنوار.)55( »..
وهذا هو بعض التجريب الذي قدمه "شكسبير" للمسرح العالمي عموما و المسرح اإلنجليزي خصوصا
،حيث أنه جدد في المسرح ،وأخضعه للعلم والفلسفة ،وتظهر لنا شخصياته المسرحية "شكسبيرية" لحد
بعيد و هو ما يعكس خلود مسرحه في كل مكان و زمان.
ب -التجريب في المسرح الفرنسي:
منذ تأسيس األكاديمية الفرنسية سنة 1629م أمست الكالسيكية منهجا تقيميا لألعمال الفكرية وأتت في
امتدادها ثورة على الثقافات القرون الوسطى (الخرافية والدينية) ،وكان في ذلك المسرحية الفرنسية دورا
في التحديث وتكوين الحداثة من جراء ما اعتمده األكاديميون من مقاييس مركزة على عدد من النظريات
في التراث المسرحي( األغريقي-روماني) في مجال النص و قولبة األحداث دراميا.
وصارت الكالسكية وقتها منبعا لإلبداع المسرحي الفر نسي في التعامل مع األفكار وعالقتها بقضايا
العصر.
« وانطالقا من هذه اإلعتبارات و تلك انتعشت المسرحية الفرنسية في مركباتها األدبية والفنية بشكل
جعلها تستقطب الجمهور الواسع ،لما كان لها من دور في التأثير على العاطفة والفكر ومن خالل
صياغيتها في سياق تصوري ألزمات و تصورات الضحايا من الطبقة اإلجتماعية األكثر حرمانا،..
وبانتهاج المسرحيين الفرنسيين التحرر من القواعد الكالسكية خاصة بعد تغلغل أصناف ( التراجي-
كوميدي) ومسرحيات العباءة والسيق ،وكذا بعض الكوميديات كالكوميديا السلوكية وكوميديا الطباع
وكوميديا الدسيسة والكوميديا العاطفة بقوة كمنموذج بديل عن الكالسكية والتي وجدت صدى لدى
الجمهور الفرنسي» (.)56
وبالرغم من تلك الخطوات التحديثية التي دخلت على المسرحية الفرنسية بقى االدباء الفرنسيين
متمسكين بنماذج (راسين،كورناي،موليير) والذين خطوا أولى الخطوات نحو التجريب والتحديث
المسرحي في الساحة الفنية الفرنسية.
* تجربة" موليير" ()1622-1673
« جان باتيست بوكالن -هو االسم الحقيقي ألعظم كاتب مسرحي عرفته الحركة المسرحية الفرنسية في
شخص "موليير" ولد في 15جانفي سنة 1622م ،كان أبوه تاجرا ومتعهدا للتوريدات في القصر
المالكي ،ماتت أمه وهو في العاشرة من عمره ،أدخله أبوه كلية كليرمون و يقال أنه اتصل بالفيلسوف
"جاسندي" ،وأخذ عنه الكثير من أرائه الحرة.
ألحقه أبوه بالخدمة في القصر الملكي ،وقام لويس الثالث عشر برحلة عام 1642م الى الجنوب
،التي كانت تحترف التمثيل و BEJARTورافقه"موليير" نيابة عن أبيه وهنا تعرف على أسرة بيجار
من ثم حدثت شراكة بينه-موليير-و أسرة بيجار،فدخل بذلك عالم الفن من بابه الواسع.
كانت جل أعماله من صنف الكوميديا الراقصة و بعض التراجديات الممزوجة بالرقص ،ومن أهم أعماله.
-المشدود عام 1655م ،وكان لنجاحها تأثيره على "موليير".
-كاره البشر،لم تلق نفس نجاح مسرحية المشدود.
-طرطوق و كانت عام 1664م.
-مدرسة الزوجات عام 1661م.
-الطبيب رغما عنه عام 1666م.
()57
-المتحذلقات المثيرات للسخرية».
ومسرحية المتحذلقات المثيرات للسخرية "تحوي كما كبيرا من التجريب لذا سنحاول إظهاره بعض
منه ،من خالل التطرق إليها بإسهاب.
) (2جمعة قاجة ،المدارس المسرحية و طرق إخراجها ،نور للطباعة والنشر الدراسات ،ط ،2006،2007 ،1ص.54
) (1عبد الكريم جدري ،نماذج من المسرح األوربي الحديث ،منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين ،ط ،2002 ،1ص.109
( )1عبد الوهاب شكري،تاريخ و تطور العمارة المسرحية ،مؤسسة حورس الدولية للنشر و التوزيع144،ش ،طيبة،
سبورتينج-اإلسكندرية،2008،ص.377
ومسرحية" المتحذلقات المثيرات للسخرية" تندرج ضمن نوع الملهات أو الكوميديا التي برع فيها
"مولير " و قد حقق بها نجاحا غير عادي و ذلك نتيجة لما قام به"موليير" من تحديث وتجديد على مستوى
النص و العرض.
فالقصة في هذا النمط المسرحي مبنية دراميا على فغالية تناقض المواقف واألوضاع الدرامية المتباينة
في قالب يتسم بعمق الحركة الدرامية المركزة على اختالف سلوك وأمزجة الشخصيات،الختالف طباعها
ومأربها مع مجرى األحداث التي زجت فيها،بفعل أطماعها وطموحاتها داخل عالم ،التعقيد فيه مرتبط
بالتأزم التدريجي واختالف مصائر الشخصيات.
« وما يميز ما قدمه" موليير" في هذه المسرحية ،تقدمه مثال لنماذج شخصيات مقتبسة من الواقع إلى
جانب التأثير المباشر على المتفرجين والدفع بهم الى تحليل الحقائق السيكولوجية الخاطئة وكيفية مواجهة
ي عن علوم الطباع واألخالق النصب واالحتيال والغرور ،وفي نفس الوقت الذي تمدهم فيه بعض الش ْ
()58
واإلجتماع وكل ما يتعلق بالعالقات الفردية والجماعية للتصدي إلى اآلفات االجتماعية» .
وكما سبق ذكره فقد حقق "موليير" بهذه المسرحية نجاحا غير عادي ،خاصة أنه انتهج سبيل التغيير
والتجريب فيها ،ويتجلى ذلك في:
« -عدم تمسكه بقواعد الفكرة األساسية و العرف المسرحي في مجال الملهاة ،واستخدم بدل ذلك
األهجوة المعاصرة.
-انتقل من المحاكاة الساخرة (الباروديا) الى النقد الالذع الذي ال يعرف أي انضباط.
-بنى ملهاته على العالقات بين الشخصيات ،وأرسى هذا البناء على قاعدة أخالقية.
()59
-اضفى على الملهاة األسلوب األنيق و السخرية الهزلية و استبعد الخشونة»
وهذا ملخص ذلك التنويع والتجريب الذي قام به "موليير" على خشبة المسرح الفرنسي والي الزال
صداه راسخا في نفوس وعقول المؤلفين والفنانين المسرحيين الفرنسيين الى حد االن.
كما ظهر أيضا مسرح "حسن عالء الدين" الذي اشتهر بقلب"شوشو" وهو المؤسس األول للمسرح
المسرح الهزليla biche.الشعبي في لبنان ،وقد ترجم نصوص"فارس يواكيم" عن البيش
()66
وعلى الضفة األخرى من الحالة المسرحية في لبنان ظهرت مسارح الشانسونية»
ب -التجريب في المسرح المصري:
إن الحديث عن التجريب في المسرح المصري يقودنا الى الحديث عما قدمه رائد التمثيل بها مصر،
وهو "يعقوب صنوع" « ،الذي نجح في إقامة أول عرض مسرحي غنائي فوق خشبة مسرح األزبكية،
والذي يؤرخ له"د"محمد يوسف الى عام 1870وكان هو المؤلف والمخرج بها وكل شئي فيها»(.)67
ولقد استخدم كل حيلة فنية وقعت له الستنباط الضحك في مسرحية واستخدام النكات اللفظية
والجنسية،كما استعمل الهزل و الفكاهة الراقية ،فقدم تهريجا كما قدم أفكارا كما استخدام أشكال المسرحية
وألن تجربة"يعقوب الموروثة استخداما عميقا و خالقا ينتسب الى وجدان هذه األمة انتسابا عميقا.
صنوع" كانت جديدة على الجمهور،فقد حاول أن يقيم عرضا مميزا ليجذب انتباه الجمهور الذي لم يكن
على دراية ومعرفة كبيرة بفن المسرح،فاستعمل كل مايمكن إستعماله.
« ودأب "صنوع" بعد ذلك في مسرحياته على نقد الجاليات األجنبية كسخرية الذعة،وأظهر رجال
أسماه"جون بول" على المسرح ونقد اإلنجليز في شخصه كما كشف المستور على الواقع اإلجتماعي
والسياسي عبر نصوص مسرحياته،وذلك من خالل نقده"للخدوي إسماعيل" نفسه
وحاشيته و غيرهم ،وهو ما أثار حفيظة الحكام و األجانب عليه»( ،)68فكانت هذه البدايات األولى لفعل
التجريب فوق خشبة المسرح المصري.
( )1فؤاد رشيد ،تاريخ المسرح العربي ،الهيئة العامة لقصور الثقافة ،القاهرة ،2006 ،ص.21
( )2على الراعي ،المرجع السابق ،ص.70
( )1اْحمد زلط ،المرجع السابق ،ص ،ص.80 ،79
( )2علي الراعي ،المسرح في الوطن العربي ،عالم المعرفة ،الكويت ،ص.77
كتب للمسرح كل من شوقي وعزيز أباظة ومحمود تيمور ،وبعد الثورة أخذ كتاب المسرح يظهرون واحد
تلو األخر في صف متنوع األلوان المسرحية والتجارب كأنهم كانوا على ميعاد» (.)72
ولم تفعل الثورة هذا وحسب ،بل أخذت تنشئ األجهزة الفنية التي تعين على حسن اإلخراج بالنسبة
لألعمال و كان من أوائل هذه األجهزة وزارة كاملة للفنون استحدثتها الثورة باسم وزارة اإلرشاد القومي"
وسارت بعد ذلك قدما في طريق توسيع رقعة الفنون المسرحية ،وبفضل هذا التشجيع قامت فرق مسرحية
وفرق للرقص الشعبي وقامت بذلك التجارب بأنواعها المختلفة على خشبة المسرح المصري.
« ومنذ أوائل الستينات أخذ مبعوثوا الوزارة من الفنيين والموسيقيين يغدون تباعا إلى بالدهم حاملين
معلم مكتسباتهم الفنية ،واضحين إياها في خدمة هذه النهضة الفنية الشاملة،وكان على رأسهم"سعد أردش"
"وكرم مطاوع" اللذان أسهما إسهاما مرموقا في دعم الحركة المسرحية ،األول تقدم بمشروع مسرح
التجارب الف نية الذي اطلق عليه اسم مسرح الجيب .والذي قاد الحركة الفنية المسرحية في حقل التجارب،
وتوالت بعد ذلك العديد من التجارب المسرحية المصرية»(.)73
( )1عبد القادر جغلول ،االستعمار و الصراعات الثقافية،ترجمة سليم قسطون ،بيروت،دار الحداثة،1984،ص.6
( )2عبد القادر علولة،من مسرحيات علولة،وزارة الثقافة-الجزائر،2009،ص.16
( )1د.ادريس قرقوة ،التراث في المسرح الجزائري ،مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر،ج،1ص. 112
اإلعتراف الضمني بمقدرتهم الفنية ،وما عدا ذلك فإن النجد شيئا ذا بال ،فهم يتساوون جميعا من حيث
()77
كونهم ينتجون أعماال مسرحية تتفاوت بين الجودة والرداءة.
« ويدعى الهواة في كل بقعة من بقاع األرض أنهم المجدودون دائما و أن قرائحهم كانت والتزال مهبط
الوحي الفني والمصدر الذي تنبعث عنه مختلف االضواء واأللوان التي يسري ويصطبغ بها الفن وأنه إذا
كان المحترفين فضل المباشرة واالستكمال فإن للهواة وحدهم فضل السبق و الخلق األول»(.)78
لقد برزت إلى الوجود الكثير من فرق مسرح الهواة بغالبية المدن الكبرى الجزائرية ويمكن أن نذكر
على سبيل المثال فرقة المسرح الشعبي ،صوت النضال حاليا ،فرقة الفصول األربعة ،مسرح البحر ،فرقة
البحر ،فرقة الكلمة فن الخشبة ،البيان بسيدي بلعباس ،فرقة الشباب ،فرقة المسرح الوطني لغرب الجزائر،
جمعية أمل ابن سينا للمسرح الحر ،كلوبترا بوهران ،فرقة السعدية ،جمعية اإلشارة ،الخشبة الزرقاء
بمستغانم ،القوالة بغليزان ،والخلدونية بالشلف ،فرقة الفنون الشعبية ،النهضة المنايلية ،لبرج منايل
بومرداس ،فرقة محمد اليزيد ،القافلة وغيرها بالجزائر العاصمة(.)79
« وظهرت فعالية هذا الفن في مجال العمل الثقافي الوطني ،وفي المؤسسات والمنظمات الجماهيرية،
وهكذا أثريت حركة الهواة بعدة روافد من المسرح العمالي والمسرح المدرسين والمسرح الجامعي
والمسرح الجوال ،واستمدت حيويتها من مختلف الفعاليات الثقافية ،وبذلك نمت اتجاهات التأليف وتنوعت
()80
.النصوص المسرحية»
وأشاعت حركة الهواة في األوساط الشعبية فنشطت في روافد تصب في نهر التجريب والتحديث.
وفيما يلي سنتطرق لمسرحية من المسرحيات التجربية لفرقة من فرق الهواة الجزائرية ،وهي فرقة
القضاء الحي للمسرح التجربي بسيدي بلعباس ،وهي للكتاب والمخرج "بوجمعة مختار" وهي تجربة
مسرحية رائدة ،أال و هي مسرحية "هرمونيا".
"
-1ملخص مسرحية"هرمونيا
تقوم على الحركات التعبيرية دون الكلمة أي توصيل المعاني إلى الجمهور عن «وهي مسرحية تجريبية
طريق الحركات الجسدية فقط ،و الكاتب" بوجمعة مختار" يصور حقبة زمنية معينة من التاريخ اإلنساني
عندما كان اإلنسان البدائي فيها يصارع من أجل البقاء كما تروي أيضا عبر لوحات فنية رائعة ،الطرق
التي اكتشفها اإلنسان البدائي من أجل كسب قوته ،وهذه المسرحية تعتبر عمال متميزا بالنظر الى طرحها
لموضوعات ذات شكل تجريبي لم تكن مألوفة في مسرحنا على العموم ،وفي مسرح الهواة على
()81
الخصوص»
من هذا المنطلق نستطيع القول بأن هرمونيا تعتبر من التجارب المسرحية الرائدة والمتميزة على خشبة
المسرح الجزائري عموما.
وتتوزع المسرحية-هرمونيا -على خمس لوحات فنية ،في كل لوحة يطرح الكاتب"بوجمعة مختار"
تصورا لحقبة من الزمن عاشها اإلنساني البدائي.
في اللوحة األولى من المسرحية يتعرض الكاتب لتفكير الرجل أو اإلنسان البدائي ومنطقه ،هذا المنطق
األسطوري الذي يحقق اهدافا عملية إجتماعية تقتصر في تحقيقها أدوات البدائيين ومعارفهم وخبراتهم.
في اللوحة الثانية ،يبرز الكاتب أهمية الحركة والرقص في تحقيق الرغبة اإلنسانية واتباع طموحه
الفني ،وأهمية اللغة في اإلتصال ونقل الخبرات عبر األجيال البشرية بواسطة حركة الفعل اإلنساني ،كما
"بوجمعة مختار" خطى خطوة متقدمة تجسد اللوحة اإللتحام بين البشر في النشاط االجتماعي.
على الطريق البحث اإلبداعي من أجل مسرح تجريبي ينطلق من الناس وينتهي الى الناس ،لكن هذا
المسرح يعود إلى تحوير الحركة وتعزيز المنظور الفرجوي عند الجمهور.
في اللوحة الثالثة تبرز أهمية اللغة وقوة الكلمة في التواصل البشري ودورهما في كل تلك الموازنة
الرمزية والممارسة الفنية تقوم بدور أساسي إذ أن التعبير كالتصوير والتشكيل والتمثيل قوة سحرية
يصطنعها اإلنسان في عالقته بعالمه االجتماعي الطبيعي.
( )1ينظر :شكري عبد الوهاب ،النص المسرحي دراسة تحليلية و تاريخية لفن الكتابة المسرحية ،المكتب العربي الحديث،
اإلسكندرية ،ط ،1997 ،1ص.77
( )2د.إدريس قرقوة ،المرجع السابق،ص. 296
( )1د.إدريس قرقوة،المرجع السابق ،ص.297
( )2عبد الرحمان زيدان،أسئلة المسرح العربي،دار الثقافة للنشر و التوزيع،الدار البيضاء،ط،1987،1ص.362
()3د.ادريس قرقوة،المرجع السابق،ص.298
« إن التجريب في عرض مسرحية "هرمونيا" بمختلف عن عرض مسرحيات الهواة التجريبيين" ففي
المسرحية الممثل هو سيد الخشبة ،يمثل يتقن دوره الى أبعد حدود اللغة الجسدية ،في الوقت نفسه يتمسك
بعالمه الداخلي ،فلفة الجسد تلقى على الممثل مهاما إضافية وضعية ألنها تطالبه باإليماءة تحديدا بديال عن
()3
اللغة الكالمية المنطوقة وهذا ما يعرف بالتعبير اإليمائي»
وهنا فالممثلين كانوا محترفين الى أقصى درجة ،فمسرحية "هرمونيا" كان تتطلب المهارة واالحترافية
التي ساعدت على نجاح المسرحية التي ارتكزت على اإليماءات الجسدية.
وساعد في عرض الممثلين الجماليات الفنية المتمثلة في السينوغرافيا والمتميزة بتنافر الظالل تحت
الفضاء الفني المتولد بإيقاعات رتمية وموسيقى خفيفة.
« فتدخل المجموعة الفنية"الممثلون" باستعراض في النار ،الشخصيات األربع تنظر الى اإلمام في
حركات بطيئية متسائلة في حيرة مستفسرة عن القوة النار و دورها في الحياة .الطقس اإلحتفالي القديم
لقبائل التوارق حول النار ودورها في الحياة وظفه المؤلف واعاد إليه الحياة عبر فرجة مسرحية ،والنار
في مسرحية إنما ترمز إلى القوة»(. )85
فالمسرحية تحقق فعل التناسق واالنسجام الشرط الضروري للمسرح الممسرح الميمي كما أنها مطعمة
بالقوس والممارسات القريبة إلى األديان البدائية ،وهذا ما زادها تألقا ونجاحا ،حيث تتعرض إلى طفولة
اإلنسان األول بكل بدائية وصراعه ضد الطبيعة من أجل البقاء ،فنظام الحركات يمثل مشاهد من عالم فجر
. (.)86
الوجود اإلنساني وإن شابتها شعارات من عصرنا التكنولوجي.
«و الجدير بالمالحظة أن المسرحية كان خطابها رمزي مسيطرا عليها ،لذلك تتطلب جمهورا مسرحيا
()87
وله القدرة على التأويل وملما بألف باء العلوم اإلنسانية»
كما وظفت الحلقة في العرض المسرحي فمن خلف الخشبة تخرج المجموعة الفنية في حركات
كوليغرافية مجسدة اليد العاملة في الزراعة ،ثم يخرج إلى األرض شخصيات أخرى تنقلب إلى الظهر
()88
بصورة موحدة»
فبوجمعة مختار في النص المشهدي لهرمونيا حاول من خالل اعتماده على التشكيل الحركي اكتشاف
واقع جديد يجعل الممثل الفرد ينعكس في المجموع ،كما ينعكس المجموع على الفرد وقد يكون ذلك شكال
من اشكال الحوار الحضاري الذي سعى الى تحقيقيه بوجمعة مختار عبر التجريب.
« فالعرض المسرحي هو نتاج ثالثة قوى
المؤدي و الفضاء المسرحي و الزمن و قد إستبعدنا النص المكتوب ألن العرض اإليمائي يعتمد على
الصورة و يستبعد النص المكتوب»(.)89
فجاء العرض متميزا ،تميز الممثلين الذين أدوا ما عليهم من تشكيالت حركية وتعابير جسدية" ألن
الحركة و تشكيل الجسد في المسرح ال يعطي صورة فقط ،وإنما أيضا يحكي حكاية مهما كانت بسيطة،
وهذه الحكاية تطورت تضمن التسلسل الزماني والمكاني الدرامين في مسرحية هرمونيا والتعبير الجسدي
في الدراما هو جزء من كل ،هو جزء من الصورة أو المشهد وجزء من الحكاية أو التسلسل في الزمن،
لذالك فهو العنصر الذي يحمل ويؤطر مختلف العناصر المسرحية ،هذا الجسد في العرض المسرحي ليس
فقط حركة وتشكيل وإنما تعبير ،والتعبير الجسدي في العرض المسرحي هو نقل للفكر واالنفعاالت
والعواطف واألحاسيس على المستوى العاطفي وعلى المستولى الذهني عبر أداة هي الجسد،فالتعبير
الجسدي إذن يعطي للمسرح طقسة ضرورية و هامة إنه مرادف للكلمة( النص المكتوب) وليس بديال
عنها.
ويمكن أن نحلل هذا العرض المسرحي كالتالي:
(.)90
حركي +موسيقى ومتممات مسرحية بسيطة= عرض هرمونيا » « مشخص+فعل
في األخير نستطيع القول بأن المسرح عند "بوجمعة مختار" تعبير وليس نصا حيث سعى الفنان إلى
التخل ص من عقدة أزمة النص المسرحي ليس من خالل العودة إلى التراث الجزائري القديم فحسب،بل
( )2جواد أألسدي ،نقطة ضوء حول المسرح ،نشر الستار العدد-04المهرجان الوطني الثاني للمسرح المحترف ،الجزائر
من 13-02أكتوبر ،1986ص.03
( )1نوردين عمرون ،المرجع السابق ،ص.249
( )1د .إدريس قرقوة ،التراث في المسرح الجزائري ،مكتبة الرشاد للنشر و الطباعةو التوزيع ،الجزائر ،ج ،1ص،367
ص.368
( )2حفناوى بعلي ،أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر ،منشورات إتحاد الكتاب الجزائريين ،ط،2002 ،1
ص.214
وكما هو معروف فاالقتباس أو التحرير هي إحدى المصادر أو المنابع التي اعتمدها المسرح الجزائري
في تجاربه المسرحيةنوخاصة كاكي الذي كان من أوائل المسرحين التجربيين على خشبة المسرح
الجزائري.
لقد وظف عبد الرحمان كاكي الحكاية الشعبية «،ذلك على اعتبار أن لنا تراثا قصصيا ذا طبيعة
مسرحية ،يصدر عن الخيال المسرحي ،وفهم متميز لمطالب المشاهد،و الموقف و الشخصية...وسائر
عناصر البناء المسرحي،غير أنه كتب بأسلوب الحكاية(وليس الحوار) ألن الحكي كان األسلوب المستقر و
الممكن»(.)99
فلقد حاول كاكي االحتفاظ بحبكة المسرحية ،واستعمال عناصر الدراما البريشتية المستهدفة في
المسرحية في شكل الحلقة والقراقوز المتجذرة في التقاليد الشعبية ،استخدمه في مسرحياته على سبيل
االتصال الوثيق بالجمهور،عبر لغة متحررة من التقنيات الدقيقة وقد نجح "كاكي" من السيطرة على معجم
اللغة المحكية العامية و الدارجة مستغال جماليات البالغة الشعبية«،و مطوعا الفصحى لالقتراب بها إلى
لغة ثالثة و هي بينهما لغة وسطية،عاد الى االدب الشعبي الذي يستغرق مظاهر الحياة الشعبية،قديمها و
حديثها و مستقبلها،وهو أبقاها على الزمن»(.)100
وعلى ضوء ما سبق،فهذا االقتباس و اإلستيحاء الذي قام به عبد الرحمان كاكي إضافة إلى توظيفه التراث
الشعبي،وعناصر الدراما البريشتية بعناصرها،ما هي إال سبل إنتهجها "كاكي" في تجربته على مستوى
نص مسرحية "القراب و الصالحين".
-2التجريب على مستوى العرض:
أما على مستوى العرض فقد إتخذ"عبد الرحمان كاكي" من اسلوب األغنية الفردية في شخص "سليمان
،لجذب الجمهور وشد انتباهه منذ القراب و الجماعة في شخوص الكورس أو الجوقة المكونة من جماعتين
الوهلة األولى للعرض ،لتحقيق إندماج المتفرج مع العرض المسرحي ثم خروج"القراب" من وسط
الجمهور ،وهذا التوظيف التقني و الفني ،ما هو في الحقيقة إال محاولة كسر اإليهام عند الجمهور من
البداية األولى للمسرحية ،و إشراكه في العملية المسرحية ،وشد انتباهه حتى يكون مشاهدا ايجابيا يتفاعل
()101
مع العرض ،ال مشاهدا صامتا،خامال..
«كما وظف "كاكي" المداح كراوي ألحداث المسرحية ،يقدم هذا الرواي شخوص المسرحية ،يعلق
على أفعالها وانفعاالتها فالراوي(المداح) أصبح وسيطا بين المؤلف وشخص المسرحية تنهض بمسؤلية
خطابها المحدد في الفعل المسرحي ،و الراوي في مسرحية"القراب و الصالحين" يقوم بدور السرد و
() 102
يتحكم في توجيه الخطاب و تحقيقه»
فقد حاول "عبد الرحمان كاكي" في تجربته في مسرحيتين" القراب و الصالحين" و "ديوان القراقوز"
و في كثير من لوحاته الفنية و المشاهد من مسرحياته ،بإدخال و دمج الحكواتي في العرض المسرحي
بالقوال و المداح،كما عرفناها سابقا في عروض الفرجة الفنية،وذلك لتقريب العملية المسرحية أكثر عند
عموم الناس و المشاهدين.
« كما استخدم "كاكي" عنصرا اخر من خالل توظيف شخصية"الدرويش" لتحقيق نوع من اإلندماج
بين الجمهور و العرض المسرحي عبر ذلك اإلمتداد الشعبي الطبيعي الذي تحظى به شخصية"الدرويش"
لدى عموم الناس،هذه الشخصية الغريبة األطوار الغامضة األفكار والطروحات حينا ،المدركة لحقائق
األشياء ،العارفة ببعض الحقائق الخفية و األمور الغيبية حينا أخر»(.)103
وكان هذا التنوع في استخدام األغنية الفردية و دمجها مع جماعة الكورس،إضافة إلى استخدام
شخصية القوال أو المداح وشخصية "الدرويش" سبيال من سبل التجريب المسرحي على مستوى العرض
عند "عبد الرحمان "كاكي" في مسرحية" القراب و الصالحين" .
-3التجريب على مستوى اإلنتاج:
) )3د.ا دريس قرقوة ،التراث في المسرح الجزائرينمكتبة الرشاد للطباعة و النشر و التوزيع ج،1الجزائر،ص.367
( )4د.محسن عبد هللا ،المسرح المحكي ،تأهيل نظري ونصوص من التراث العربي ،دار قباء للطباعة و النشر و التوزيع ،
القاهرة ، 2000،ص.92
( )1د.ادريس قرقوة ،مكتبة الرشاد التراث في المسرح الجزائري للطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر ،ج،1ص365
( )2د.ادريس قرقوة، ،المرجع نفسه ،ص.377
( )3د.ادريس قرقوة ،المرجع نفسه،ص.378
( )1د.ادريس قرقوة ،المرجع السابق ،ص.373
« لقد تميزت هذه التجربة بعمل ألسني على مستوى الكلمات المستعملة وعناصر اإلخراج،فانكبت
()104
اجتهادات اإلخراج على استعمال الحيز السينوغرافي المستوحى من الحلقة»
وكما هو معروف فالحلقة و القوال أو المداح ،كانت من أهم العناصر و األسس التي ارتكزت عليها
التجارب المسرحية لدى المحترفين خاصة في بداية مشوارهم التجريبي،باإلضافة الى الحيز السيوغرافي
و الديكور و اإلضاءة و الموسقى المناسبة.
« فتألفت ا لمسرحية من مشاهد قصيرة و مشاهد طويلة ،والهدف من المشاهد القصيرة أن تكسر تطور
الحدث وأن تعلق على الحدث مما يحقق رغبة المسرح الملحمي،في ان يواجه المتخرج بما يعرضه عليه
وأن يجعله يفكر في مغزاه.
أما المشاهد الطويلة ،فهي تصور الصراع بين الخير و الشر كما يتمثل في شخصية المرأة
الطيبة"حليمة" ،وتتخلل المشاهد الطويلة أغاني وخطب موجهة توجيها مباشرا،واألغاني في ظاهرها
()105
تختلف عن المشاهد التي تصاحبها،ولكنها بطريق مباشر أو غير مباشر تعلقه جميعا على الحدث» .
فلقد قام الجهاز الفني اإلخراجي بعمل متميز،تناسب مع طبيعة المسرحية التجريبية،وهو ما جعلها
تتصدر الصفحات األولى للجرائد والصحف« ،في العدد الصادر بتاريخ 1966/05/28-22خصصت
،مقاال حول المسرحية بعنوان "كاكي :يعود من سفاقس Algérie actuelصحيفة "الجزائر األحداث
بالجائزة األولى .إستهلت الصحيفة مقالها باإلشارة الى أن المسرح الوطني الجزائري شارك بمسرحية
القراب والصالحين في مهرجان سفاقس بتونس،الى جانب مجموعة من الفرق المسرحية من المغرب و
تونس،وبعد أن قدمت لمحة عامة عن العروض التي قدمت في هذا المهرجان ذكرت أن "القراب
والصالحين" نالت الجائزة األولى ...ثم أقامت بمقارنة بين مسرحية القراب و الصالحين و المرأة الطيبة
لبريخت و ذكرت أن "كاكي" وفق مثل "بريخت" في إبراز الجانب الملحمي للمسرحية ،وأنهت مقالها
باإلشارة بالجانب الفني إخراجا وأداءا»(.)106
وما نستطيع قوله أن مسرحية" القراب والصالحين" تعتبر إحدى أهم التجارب المسرحية للمسرح
المحترف الجزائري ،وهو ما يعكس نجاحها ،بعد أن مثلتها عدة فرق مسرحية،فكانت قمة في التنوع و
التجريب على كل المستويات،نصا ،وأداء وإخراجا.
( )2بعلي حفناوي ،أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر ،منشورات إتحاد الكتاب الجزائريين ،ط،1،2002
ص.215
( )3بعلي حفناوي ،نفس المرجع،ص.214
( )1مخلوف بوكروح ،الصحافة والمسرح ،المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ،وحدة الرغاية ،الجزائر ،2002 ،ص.58
(،)107يلتحق علولة سنة 1963بالمسرح المحترف لينخرط في فرقة Plauteللمؤلف الروماني "بلوت"
المسرح الوطني الجزائري التي كانت أنذاك تتكون من مصطفى كاتب،بودينة ورويشد
من 1963الى 1965لعب علولة في المسرحيات التالية "،اطفال القصبة" "حسان طيرو الحياة حلم
"،اليمين""،دون حيان"" ،ورود حمراء"" ،المرأة الشرسة المدجنة" ،وساعد عالل المحب في إخراج هاتين
المسرحيتين سنة،1964وفي نفس السنة يقوم علولة بإخراج "الغولة" لرويشد كما يقوم سنة 1965بإخراج
" السلطان الحائر" لتوفيق الحكيم.
قام "عبد القادر علولة" باقتباس إخراج المسرحية"نقود من ذهب" مع من مجموعة من الشباب الممثلين
الجزائري سنة 1967و الذين ال يتجاوز معدل أعمارهم 22سنة وذلك بعد عودته إلى المسرح الوطني
()108
كان هدف هذه الفرقة هو ممارسة مسرح تجريبي وبحث ونشر التمثيل المسرحي على نطاق واسع
.ومن ثم غادر "علولة" المسرح الوطني الجزائري سنة 1968لمواصلة دروس مسرحية في جامعة
الص ربون وجامعة نانسي،لم تطل إقامته هناك ،فقد عاد إلى وهران حيث عينه صديقه" عبد الرحمان
) يقوم هناك t.n.o.aكاكي" مخرجا مسرحيا،وكان هناك آنذاك مدير المسرح الوطني للغرب الجزائري(
(.)109
بإخراج " نومانس" سنة.1968
وهكذا يقدم "علولة" سنة1969نصه المسرحي األول" العمالق" فيقوم بإخراجه و يمثل فيه شخصيا.
واستمر علولة في هذه ال غزارة سواء في التأليف أو اإلقتباس أو اإلخراج ،الى أن تعرض لإلغتيال
يومان فقط قبل العيد ،الخميس 10مارس 1994على الساعة 3والنصف ليال ليسقط" علولة" برصاص
الغدر اإلرهابي بعض األمتار أمام منزله (.)110
ويمكن أن ندرج أعمال "علولة" في المجال السينمائي و المسرحي كمايلي:
-مثل أدوار عديدة في مسرحيات1:
"أوالد القصبة" لعبد الحليم رايس و مصطفى كاتب .1963
" حسان طيرو" لرويشد و مصطفى كاتب.1963
" الحياة حلم" لمصطفى كاتب.1963
"دون جوان" اقتباس وإخراج مصطفى كاتب .1963
"ورود حمراء لي" لعالل المحب .1964
"ترويض نمرة" إخراج عالل المحب .1964
(.)111
"}الكالب" لحاج عمار 1965
-2أخرج بعد ذلك مسرحيات عديدة:
" الغولة" كتبها رويشد .1964
" السلطان الحائر" لتوفيق الحكيم 1965
" نقود من ذهب" اقتباس من التراث الصيني القديم 1967
" نومانس" اقتباس حيمود إبراهيم و محبوب اسطمبولي .1968
-3ألف واخراج المسرحيات التالية :
"العلف" .1969
"الخبزة" .1970
"حمق سليم" مقتبسة عن يوميات أحمق لجوجول .1972
"1970 .حمام ربي
".حوت يأكل حوت" 1975ألفها بن محمد
"1980القوال"أي األقوال.
"..األجواد" 1985
".اللثام" 1989
أرلوكان خادم السيدين" ترجمة لمسرحية " جولدوني" .1993
( )2عبد القادر علولة ،من مسرحيات علولة"األقوال-األجواد-اللثام" وزارة الثقافة ،الجزائر،2009،ص.5
( )1عبد القادر علولة،من مسرحيات علولةنوزارة الثقافة -الجزائر،2009،ص.2
( )2عبد القادر علولة ،نفس المرجع ،ص.3
( )3عبد القادر علولة ،نفس المرجع ،ص.8
( )1عبد القادر علولة ،نفس المرجع،ص.5
" التفاح" ألفها لفرقة المثلث،وأخرجها زروقي بو خا ري .1993/92
()1
-4كتب سيناريوهات:
"جورين" إخراج للتلفزيون محمد إفتسان .1972
"جلطي" إخراج للتلفزيون محمد افتسان .19800
اقتبس خمس قصص الكاتب التركي "عزيز نسيت" على شكل مسرحيات لتلفزيون 1990
.ليلة مع مسجون.
السلطان و الغربان.
الوسام..
الشعب فاق.
الواجب الوطني.
أخرجها للتلفزيون بشير بريش عام .1990
( )2حفناوي بعلي ،أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر ،منشورات اتحاد الكتاب
الجزائريين،ط،3،2002ص. 37
( )3عبد القادر علولة،المرجع السابق،ص. 23
( )1عبد القادر علولة،المرجع السابق،ص.34
آلية التجريب عند "عبد القادر علولة" في مسرحية األقوال1:
التجريب على مستوى النص1 :
إن نص مسرحية " األقوال" تجريبي محض بعيد كل البعد عن النمط األرسطي القديم و تقاليده"،خاصة أن
عبد القادر علولة" متأثر أيما التأثر بالنمط البريختي الملحمي"فالمسرحية إجتماعية من ثالث لوحات
تتناول في مضمونها قضية طبقة من الشعب و هي طبقة «العمالية فتتطرق غالى همومهم ونضالهم من
أجل تحقيق حقوقهم المشروعة»(.)119
والمسرح كظاهرة اجتماعية يخضع بدوره لكلل ما يصيب المجتمعات من تغيير ،وبالتالي فإنه يتأثر
بعوامل التغيير االجتماعي التي تصيب البنية اال جتماعية بالقدر الذي يساعد على ظهوره ونموه من جهة،
و تدهوره وانهياره من جهة أخرى ،كما أنه أيضا يؤثر في هذه البنية،ويساعد على تدعيم التغيير بنقده
ومن هنا أكتسب صفة الضمير العام للمجتمع"(.)120
ومن هذا المنطلق فالكاتب -عبد القادر علولة -أخضع نص مسرحيته للظروف االجتماعية التي تأثر بها
و حاول التأثير فيها بشكل ما ،و ذلك من خالل مسرحيته "األقوال".
يقول عبد القادر علولة"« ...إن األمر يتعلق هنا بمسرح سردي و ليس بمسرح تشخيص الحركة ذي
النمط األرسطي الذي كان يمارس في أوربا منذ بداية القرن و الذ ي ماسرناه في الجزائر من العشرينات
الى يومنا هذا ،فهو إذن مسرح ينهل من حيث الشكل من التراث الثقافي الشعبي والتراث العالمي ،كما أنه
مسرح ينطلق من حيث المضمون من المشاكل اليومية و من المعاش الحقيقي و اليومي لشعبنا»(.)121
ر وهنا يفصح "علولة" عن جانب أخر من جوانب التجريب في النص مسرحيته " األقوال" ،فعلى
غرار ما ارتكز عليه من تورية للحياة اليومية و المعاشية لطبقة العمال البسيطة كما سبق ذكره،فقد وظف
عبد القادر علولة التراث الشعبي الثقافي،من خالل استخدام شخصية"القول" أوما يعرف لدينا بالمداح،ومن
هنا جاءت تسمية المسرحية"باألقوال".
« ولقد ساد استخدام القوال والمداح في النص و العرض المسرحي ،حيث نجد في العروض القوالية
الحوار السردي يتغلب على الحوار الدرامي أكثر ،بمعنى االعتماد على األلقاء اللفظي و ال يعطي أهمية
لدور الممثل من الناحية التجسيدية و المحاكاة،بمعنى يلغي فن التمثيل الذي يعتبر أساس العرض
المسرحي»(.)122
جانب أخر من جوانب التجريب على المستوى نص مسرحية" األقوال" نلمحه عندما استخدم
علولة"الجوقة" التي اكتفت بسرد األحداث و التعليق على ما سوف يجري و يحصل من بعد ذلك"وكان
الكورس في المسرحية هو حامل ألفكار الكاتب المسرحي-علولة -و نظرته الى المجتمع والى قضايا
()123
عديدة،أهمها التسيب و االغتناء بطرق غير مشروعة ،على حساب الفئات الكادحة من العمال".
وعلى ضوء ما سبق ،فالتجريب على مستوى نص مسرحية "األقوال" كان متنوعا ومختلفا من حيث
المضمون و الشكل ،فمن المضمون االجتماعي و توظيفه التراث الشعبي و شخصية
القوال و دمجه و مجموعة الكورس الذي شخصها لتحمل أفكاره و خواطره،جاء نص المسرحية تجربيا
ليعبر عن المسرح علولة التجريبي.
التجريب على مستوى العرض1 :
مسرحية تجربية لما تحويه من مظاهر التجريب التي احتوتها خاصة أثناء العرض ،إن مسرحية األقوال
فأما فيما يخص البناء العام ،فإن المسرحية تضم ثالثة مواضع دراسية تستقطبها ثالث أغنيات ،ويستقل
كل عنصر من عناصر المسرحية بذاته من حيث الموضوع.
وأما المظهر األول من التجريب الذي نلحظه اثناء العرض المسرحي هو استخدام عبد القادر
علولة"للجوقة" أو الكورس ،يعرق -مجدي وهيبة -الجوق ،في معجم مصطلحات األدب فيقول"الجوق
فرقة من الممثلين تقوم بوظيفة التعليق على الحادثة في المسرحية (.)124
( )3د.إدريس قرقوة التراث في المسرح الجزائري،مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع،الجزائر،ج،1ص.164
( )4عبد القادر علولة،من مسرحيات علولة،وزارة الثقافة الجزائر،2009،ص.238
( )1مخلوف بوكروح ،التلقي و المشاهدة في المسرح ،مؤسسة فنون وثقافة لوالية الجزائر ،2004،ص58
( )2عبد القادر علولة ،المرجع السابق ،ص.29
( )3عبد القادر علولة،المرجع السابق ،ص.240
( )1عبد القادر علولة ،من مسرحيات علولة،وزارة الثقافة،الجزائر2009،ص.24
( )2عبد القادر علولة ،المرجع نفسه ،ص.25
« ونظرا ألن األداء المسرحي يرتكز إرتكازا قويا على النص السردي،فإن الزمن المسرحي أو ما
اعتدنا على تسميته بوحدة الزمن لم تعد كما كانت ..بمعنى أنه في الزمن الذي يستغرقه العرض
المسرحي،كما كانت ...بمعنى أنه في الزمن الذي يستغرقه العرض المسرحي ،كما هو الحال في القصة أو
وهنا فالجوقة في الرواية ،نستطيع أن نقدم عرضا لحياة بكاملها.)132(»...
المسرحية تلعب الدور الرئيسي في العرض المسرحي ،وهو الجانب المميز في المسرحية و الذي يظهر
الجانب التجريبي بوضوح« ،فالج وقة في مسرحية األقوال لم تكن تشارك في سير االحداث أو تطورها،لم
تتدخل في الصراع فتحمسه لصالح فئة على االخرى أو لشخصية على شخصية المضادة ،فقد أكتفت بسرد
(.)133
االحداث و التعليق على ما سوف يحدث»
« الكورس :قدور السائق سعيد اليوم..قدور السائق صاحب المدير السابق..فرحان اليوم قدور اليوم كأنه
قطع بحور و جبال ووديان..
()134
قدور اليوم رجعت له كرامته وصرف من البالء» .
وتمضي اللوحة األولى ،ويسدل الستار لتبدأ مشاهد من اللوحة الثانية وقصة "غشام" وابنه مسعود،
لنراه على لسان الجوقة :
«القوال يا السامع لي فيها أنواع كثيرة.
نسمعوا الغشام مع ابنه المسعود كيف يومي.
بعدما خدم طويل قبل األجل ما دامه حامي.
لقوال يالسامع لي فيها أنواع كثيرة.)135(»..
ثم في موطن حديث الجوقة عن طرد "الغشام" من العمل ،تتحدث الجوقة بلسان الطبيبة -المهنية -وهي
تروي حكاية الغشام.)136(.
وهنا وبمجرد بداية القصة الثانية-حكاية الغشام وابنه-و التي تجسدها اللوحة الثانية،حتى يدب سكون تام
في قاعة المشاهدة.
«الجوق ة :خرج مطرود مهدد بالموت ،ال أجر و الضمان اجتماعي خسروا عليه كلمة وحدة قالتها
الطيبة،درسنا القضية و قررنا باش تتوقف على العمل نهائيا،خصك أتداوي روحك بحيث المرض لي فيك
خطير جدا الرية أنتاعك مضروبة ،عايم عليها المرض»(.)137
تقوم الجوقة إيضاحات وتفسير لحقيقة فصل "الغشام" من المصنع بعدما كان قد أفنى حياته خدمة
للوطن ،كما يقال المثل (أكلوه لحما ورموه عظما) كل ذالك حتى يندمج المشاهد أكثر مع العرض ويستنبط
العبرة مما يحدث ،فيبدوا للمتخرج شخص"غشام" المواطن(المغبون) مسلوب الحق و هو رمز للشعب-
الطبقة الكادحة -المهان و المعرض لطرد و اإلذالل من أناس ال يحملون لهذا الوطن أي حب و مودة و ال
أية شفقة «،و المسرح في الحقيقة أمره رؤية تنويرية إنسانية تدعوا الطبقات اإلجتماعية الى تحمل
المسؤولية كاملة باختالف األشكال و الصور»(.)138
ويتكون ذلك الجو العائلي األبوي حين يجتمع "الغشام" مع ابنه مسعود و هو يشد عضده،ويسلمه مسؤولية
العائلة ،خاصة بعدما ألم بصحته ،وهنا يتفاعل الجمهور مع اللوحة الفنية ،ويشعر كل مشاهد ومتخرج
وكأنه يعيش الحالة المصورة .وهو سر المسرح التجريبي والذي يكمن في العرض والذي من خالله –
العرض -يؤثر نفسيا وشعور على المتفرج،فيحس التفرج وكأنه جزء أو قطعة من المسرحية الممثلة.
تسدل الستارة وسط تصفيقات وصفير الجماهير ،لتعلق عن نهاية قصة "الغشام" وبداية اللوحة الثالثة،
()139
«فترسم الجوقة مشهدا أخر من معاناة المواطن البسيط وحكاية الفتاة زينوبة في اللوحة الثالثة».
«الجوقة :زينوبة بنت بوزيان العساس في عمرها تناعش سنة قاصفة فالقامة تقول موالت تمن سنين
وقليلة في الصحة،درعيها ورجليها أرقاق وإرهاف وجهها ظريف طابعينه عينها كبار،لونهم قرفي حين
يزغدوا يتنسكجو حينما تغضب ويبتسموا حين ما تضحك..
الخاتمـة:
من خالل بحثي هذا توصلت إلى نتائج كانت عبارة عن حوصلة لما قمت به ،من دراسة مكثفة وتتمثل
في نقاط أساسية وهي كالتالي:
.Iالمصــادر:
-1 1995 .ابن منظور ،لسان العرب ،ج ،4دار صادر ،بيروت ،لبنان ،ط،1
الخليل الفراهيدي ،كتاب العين ،ت ح ،عبد الحميد هنداوي ،دار الكتاب العلمية ،بيروت ،لبنان-2 .أحمد
.IIالمراجـــع:
-12009.عبدالقادرعلولة ،مسرحيات علولة ،األقوال ،اللثام ،االجواد ،وزارة الثقافة ،الجزائر،
-2أحمد زلط ،مدخل إلى علوم المسرح ،دراسة أدبية فنية ،دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر والتوزيع،
.2011االسكندرية،
-3.1973برتولد ،بريخت،نظرية المسرح الملحمي ،ت ر ،جميل ناصف ،دار الحرية بغداد ،ط،
-4بعلي حفناوي ،أربعون عاما على خشبة مسرح الهواة في الجزائر ،اتحاد الكتاب الجزائريون ،ط،1
2002.
-5عبد الوهاب شكري ،النص المسرحي دراسة تحليلية لفن الكتابة المسرحية ،مكتب العربي الحديث،
.1997االسكندرية ،ط،1
-61987 .عبد هللا ركيبي ،تطور النثر الجزائري ،الدار العربية للكتاب ،تونس،
-72005 .عبد هللا سرور ،النثر العربي الحديث ،البيطاش ،سانتر والتوزيع،
-8محمد أحمد ربيع ،سالم الحمداني ،دراسات في األدب العربي الحديث ،ج ،2دار الكندي ،للنشر
والتوزيع ،األردن ،ط.2003،
.المسرحي ،مكتبة لبنان ناشرون ،بيروت ،لبنان ،ط 1997 ،و حنان قصاب ،المعجم الياس -9ماري
-10جان دوفينيو ،سوسيولوجيا المسرح ،ترجمة حافظ الجمالي ،منشورات وزارة الثقافة واإلرشاد
القومي.1976 ،
-11مايكل فاندين هوفيا ،المسرح التجريبي ومفهوم الالتحدد ،ترجمة سامح فكري ،مجلة فصول مجلد 13
عدد 04شتاء ،سنة . 1995
-122007.مصطفى محمود أبو بكر –أحمد عبد هللا ،مناهج البحث العلمي ،الدارالجامعية ،ط،1
-13فوزي فهمي ،مقدمة منشورة في كتاب هيلين جلبرت وجوان تومكينز ،الدار ما بعد الكولونيالية
.1998ترجمة،سامح فكري ،القاهرة ،أكاديمية الفنون
-14.1983عبد المنعم تليمة ،مقدمة في نظرية األدب ،دار العودة بيروت ،ط،3
-15.1990د.نديم معال محمد ،مقاالت نقدية في العرض المسرحي ،دار الفكر الجديد ،ط،2
-16فليب فان تيغم ،تقنية المسرح ،ترجمة بهيج شعبان ،منشورات عويدات ،لبنان ،بيروت باريس ،ط.2
-17عبد الكريم جدري ،نماذج من المسرح األوربي الحديث ،منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين ،ط،1
2002 .
-1927 2006،د.سمير سرحان ،دراسات في األدب المسرحي ،هال للنشر والتوزيع ،ط18،1
-19س.داوسن ،الدراما والدرامية ،ترجمة جعفر صادق الخليلي ،منشورات عويدات ،بيروت،
1980 .ط،1
-201993.سعد هللا ونوس ،دفاتر مسرحية ،مجلة المسرح التجريبي ،القاهرة ،ع،8
-نهاد صليحة ،أضواء على المسرح االنجليزي ،الهيئة المصرية العامة للكتاب21.
-22وليم شكسبير ،روائع شكسبير"كليوبترا" ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط.1
-23أبو الحسن سالم ،فنون العرض المسرحي و مناهج البحث ،دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر2004،
-242006.جمعة قاجة ،المدارس المسرحية وطرق إخراجها ،نور للطباعة و النشر والدراسات ،ط،1
-252002.ان أوبرسفيلد ،حوار حول أزمة المسرح ،مجلة البحرين الثقافية ،العدد،32
-26عبد الرحيم مرزوق ،عبر الفهامة ،المهرجان المسرحي التجريبي ،قسنطينة يومية
النصر.1999/12/25،
-272007وطفاء حمادي ،الخطاب المسرحي في العالم العربي ،المركز الثقافي العربي ،ط،1
-281995رأفت الدويري ،المسرح العربي المعاصر مابين التراث والحداثة ،مجلة فصول ،ع،1
-29علي الراعي ،المسرح في الوطن العربي ،عالم المعرفة ،الكويت.
-302006.فؤاد رشيد ،تاريخ المسرح العربي ،الهيئة العامة لقصور الثقافة ،القاهرة،
-31د .دريس قرقوة ،التراث في المسرح الجزائري ،مكتبة الرشاد للطباعة و النشر والتوزيع،
الجزائر،ج.1
-32عبد القادر جغلول ،االستعمار والصراعات الثقافية ،ترجمة سليم قسطون بيروت ،دار الحداثة،
.1984
-33د.رشيد بوشعير ،قضايا المسرح الجزائري ،يومية النصر ،في جانفي .1990
-34..1914د.محمديوسف نجم ،المسرحية في األدب العربي الحديث1847 ،
-351987.عبد الرحمن زيدان ،أسئلة المسرح العربي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الدار البيضاء ،ط،1
-36حسين الزاوي ،حاالت االيماء ،يومية الشعب15 ،أوت.1989
-37جواد األسدي ،نقطة ضوء حول المسرح ،العدد ،04المهرجان الوطني الثاني للمسرح المحترف،
الجزاائر ،من 13-02أكتوبر.1986 ،
-38محسن عبد هللا ،المسرح المحكي ،تأهيل نظري ونصوص من التراث العربي ،دار قباء للطباعة
والنشروالتوزيع ،القاهرة.2000،
-39نور الدين عمرون ،المسار المسرحي في الجزائر إلى سنة ، 2000شركة باتنيت –باتنة-ط،1.
.2006
-40مخلوف بوكروح ،الصحافة والمسرح ،المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ،وحدة الرغاية.2002 ،
-41مخلوف بوكروح ،التلقي والمشاهدة في المسرح ،مؤسسة فنون وثقافة لوالية الجزائر2004،
-42د.كمال الدين حسين ،المسرح والتغيير االجتماعي ،في مصر ،الدار البيضاء البنائية للطباعة و النشر
1992.والتوزيع ،ط،1
-43وهيبة مجدي ،معجم مصطلحات االدب ،مكتبة لبنان.1974 ،
-44سمير سرحان ،مبادئ الدراما ،مركز الشارقة لالبداع الفكري ،ص.51
-45شكري عبد الوهاب ،تاريخ و تطور العمارة المسرحية ،مؤسسة حورس الدولية للنشر والتوزيع144،
ش ،طيبة ،سبورتيغ ،االسكندرية.2008 ،
-46أبو الحسن سالم ،حيرة النص بين الترجمة و اإلعداد و االقتباس و التأليف ،دار الوفاء لدنيا الطباعة و
النشر.2007،
-47عبد المنعم أبو زيد ،الخطاب الدرامي في المسرح الحديث،قسم الدراسات االدبية ،دار العلوم ،الفيوم،
القاهرة ،ص.65
-481416-د.مدحت جيار ،البحث عن النص في المسرح العربي ،دار النشر للجامعات المصرية ،ط،2
1995م.
-49د.نديم معال ،في المسرح ،في العرض المسرحي...النص المسرحي...قضايا نقدية،مركز االسكندرية
2003.للكتاب ،ط،1
-50نهاد صليحة ،المسرح بين النص و العرض ،مهرجان القراءة للجميع ،مكتبة االسرة.
فهـــرس
الموضوعات
إهداء.
...مقدمة...........................................
..........أ
...........04المدخل..........................................................................
الفصل األول :التجريب وأشكاله.
...........................16المبحث األول :مفهوم التجريب ومنهجه.........................
17المبحث الثاني :التجريب في المسرح......................................................
ا-مفهوم التجريب في المسرح....................... ..................17
ب-موضوع التجريب في المسرح...................... ....................18..
المبحث الثالث :أشكال التجريب المسرحي.
ا-التجريب في النص...................................................... 19..
ب -التجريب في اإلخراج20....................................................
ج-التجريب في العرض21.......................................... ...
الفصل الثاني :التجريب في المسرح.
المبحث األول :التجريب في المسرح الغربي24................................................
ا-التجريب في المسرح االنجليزي24.....................................
ب-التجريب في المسرح الفرنسي27 .........................................
المبحث الثاني :التجريب في المسرح العربي30...............................................
اْ -التجريب في المسرح اللبناني31.............................................
ب -التجريب في المسرح المصري33..........................................
الفصل الثالث:التجريب في المسرح الجزائري.
المبحث األول :التجريب في المسرح الجزائري38.............................................
ا-التجريب عند الهواة38......................................................
ب -التجريب عند المحترفين46.................................................
المبحث الثاني :التجريب عند عبد القادر علولة.
ا-التعريف بالمؤلف(عبد القادر علولة)51.... .................................
ب-التعريف بالمسرحية(األقوال)54............................................
ج-آلية التجريب في مسرحية األقوال56.......................................
خاتمة65......................................................................... .
67قائمة المصدر و المراجع..................................................................
70فهرس الموضوعات.......................................................................