Professional Documents
Culture Documents
مهم 1
مهم 1
عناصر املحاضرة :تمهيد /ترجمة ابن رشد /ابن رشد بين العقالنية والفلسفة إلاسالمية
تمهيد:
ً
يعد ابن رشد واحدا من أشهر علماء قرطبة وبالد املسلمين في العصور الوسطى؛ كما أنه
َتر َك في الثقافة ألاوروبية بصمة ال يمكن أنكارها ،فهو صاحب الدور ّ
الفعال واملؤثر على العلوم
الدينية ألاوروبية واملعرفة الفلسفية.
وقد جايل ابن ُرشد العصر الذهبي لإلسالم في قرطبة ،هذه الفترة الزمنية التي أنتجت
والفكر أمثال ابن رشد ،الذين قاموا بإحداث طفرة الحساب ،الفلك ِ للعالم عباقرة العلومِ ،
فكرية غير مسبوقة في تاريخ البشرية ،طفرة لم تحدث بهذا الشكل في أي مكان حول العالم
قبل تلك الفترة.
ترجمة ابن رشد:-
هو دمحم بن رشد املعروف بأبي الوليد آخر املفكرين العقالنيين في العصر إلاسالمي ،والذي
هوجم واتهم بالهرطقة والكفر بدين إلاسالم بسبب أرائه الرائدة في الفلسفة ضمن كنف الدين
إلاسالمي أو املسيحي في العصور الوسطى.
ُ
هذا الشخص املميز؛ ذ ِك َر في العديد من الكتب الفلسفية ُليعترف بتأثير أرائه الفردية،
وتحفيزها لقيام عصر النهضة الغربي ُليعرف كواحد من أبرز املعلمين في الحضارة الغربية.
ولألمانة التاريخية؛ فقد كان كل من ابن سينا وابن رشد يعتبران املعلمين العظيمين في
وعمال به انتشر والقى صداه في البالد إلاسالمية واستمر ألاخذ
الفلسفة الغربية؛ فكل ما قااله ِ
به في عصر النهضة ألاوروبي.
لقد قامت فلسفة ابن رشد على التعامل مع التقليد الديني إلاسالمي املتشدد الذي كان
ً
سائدا على امتداد البالد إلاسالمية ،حيث حاول أن يمزج بين جوهر العقيدة إلاسالمية وبين
التفكير العقلي وأن يثبت أنهما متكامالن في ضوء التراث الفلسفي اليوناني الذي أتيح له في تلك
الفترة.
ُ َّ َّ َ
نق ِِلت وترجمت إلى مجلدات ُ
ٍ تعليقات وأر ٍاء ضمن
ٍ ك َتب ابن ُرشد كل ش يء فكر فيه من
ً ُّ
والتعمق في محتواها غربيا ألامر الذي العبرية والالتينية ،والتي سرعان ما تم التعليق عليها ِ
يوضح أثر أبي الوليد.
ً ً ً
وبالفعل تم اعتبار كتابات أرسطو وابن رشد بترجمتها الالتينية منهجا تعليميا متكامال حيث تم
ً ً
تعليمها في مناهج نابولي (جنوب إيطاليا) الدراسية ،وانتقلت منها لتتم مناقشتها أكاديميا في
جامعات باريس وبولونيا وكلية بادوفا التي أصبحت مدرسة تعلم فكر ابن ُرشد الفلسفية
ُ
وتصبح ساحة للبناء عليه.
ابن رشد بين العقالنية والفلسفة إلاسالمية
ُ
الفالسفة املسلمين الذين سبقوه؛ توجه ابن رشد إلى مناقشة أن الوحي إلاسالمي أو ِ ل كك
ُّ ُّ
الديني بشكل عام ال بد من أن يسترشد بالتفكر العقلي ،واعتبر أن التفكر في هللا وفي أسرار
الخلق؛ يعتبر أحد أشكال العبادة بل هو أنبلها والذي يقوم على ِإعمال العقل.
معمقة في كتاب “تهافت التهافت” الذي ُعرف به خالل ر ِ ّده على طروحات الفقيه وبدراسة َّ
الكبير أبي حامد العزالي – هذا لكتاب املشهور واملعروف بشكل كبير-يظهر لنا ابن ُرشد مناظرة
ّ رائعة ّ
توفي قبل والدة ابن تجسد الخالف والنزاع الذي لم ينحصر بينه وبين الغزالي( الذي ِ ِ
َ َ ً ّ
جسد أيضا ال ِنزاع الفكري الذي كان دائرا وشغ َل ًُ رشد) فحسب؛ بل َّ
العقول خالل القرون
الوسطى.
ُ ُ كل ش يء ُ فمن جهة كان يعتقد الغزالي أن َّ
بتدخل إلهي
ٍ ويحدث يحدث نتيجة إلرادة إلهية،
يطرح أهمية ألي سبب ثانوي يكمن خلف أي أمر ،وكان ألامر مستمر ،أي أن أبا حامد لم َ
ُ ً
ولكنه يعتقد مختلفا لدى ابن ُرشد في جوهره فهو يؤمن بأن إلارادة إلالهية هي وراء كل ش يء،
مالحظته من حدوث ألاشياء ُ الفعال والجوهري الذي يتم ألجله ألامر ويمكن “بأن إنكار السبب ّ
َّ
… هو إنكار لكل ألاشياء املعروفة ،ألامر الذي يعني أننا ال يمكننا أن نتعلم من أي ش يء في
العالم أو نعرف الغاية منه”.
في الوقت الذي انتهى فيه املفكرون الغربيون من إعادة اكتشاف أرسطو وفلسفته عبر ما
َ ُ
غني لشخص قام وصل من كتابات ابن رشد املترجمة ،فقد وجدوا أنفسهم أمام مخزو ٍن فكر ٍي ٍ
ّ ً
باملعلق
باستيعاب وهضم الفلسفة منذ نشأتها ،بل قام أيضا بتطويرها حتى زمنهم ،فسموه ِ
العظيم وتأثروا بكل ما وصل إليهم منه.
في الواقع حتى الفالسفة وعلماء الالهوت الغربيين انقسموا فريقين وذلك عندما اطلعوا على
نتاج ابن ُرشد الفكري :املجموعة ألاولى تتمثل بالليبراليين الذي قاموا باتباع منهج ابن رشد
ً
وتأييده وسمو فيما بعد بالرشديين “أفروستينن” تبعا ألسم مدرسة ابن رشد وكان على رأسهم
فيلسوف القرن الثالث عشر سيغر برابانت.
ُ
بينما املجموعة الثانية تتضمن الرهبان الفرنسيس كان املحافظين وهم ناهضوا فكر وفلسفة
الرشدية وكان على رأسهم الراهب توما ألاكويني والذي هو من ُزعماء رهبان الدومينكان.
في الواقع؛ كان الخالف الدائر يحتشد ويتمحور حول كل من القضايا الفلسفية ،العملية
َّ
والتجريدية امليتافيزيقية ،ولكن مع كل هذه الخالفات؛ إال أنه حتى املعارضين لفلسفة ابن
ً ّ
رشد لم يتمكنوا من التخلي التام عن تأثيره فقد كان فهمهم ألرسطو مشروطا بما كتبته أبو
الوليد.