Professional Documents
Culture Documents
تفسير حكم التحكيم في القانون اليمني
تفسير حكم التحكيم في القانون اليمني
قد يكتشف اطراف حكم التحكيم بعد استالمهم لنسخ من حكم التحكيم ان هناك كلمة أو عبارة غامضة في
منطوق الحكم تحتمل أكثر من معنى يترتب على غموضها عرقلة تنفيذ الحكم لعدم فهم الكلمة أو العبارة
الغامضة في منطوق حكم التحكيم ،وفي هذه الحالة اجاز قانون التحكيم اليمني للخصوم اطراف حكم التحكيم
تقديم طلب تفسير الحكم إلى المحكم الذي اصدره ،وقد حدد قانون التحكيم اليمني شروطا لتفسير حكم التحكيم
،فاذ لم يتم التقيد بهذه الشروط فان التفسير باطال أو منعدما ،حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية
بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 2010-6-13م في الطعن رقم ( ،)41119وقد ورد ضمن أسباب الحكم
المشار إليه(( :وبإطالع الدائرة على األوراق مشتمالت الملف تجد الدائرة أن :الطاعن ينعي على القرار المطعون
فيه مخالفته للقانون موضحًا عدم صحة قرار التفسير الصادر عن المحكمين بخصوص األشياء المحكوم بها ،وذكر
الطاعن أنه قد دفع بإنعدام قرارالتفسير أمام محكمة االستئناف إال أنها لم تفصل في الدفع)) ،وسيكون تعليقنا
على هذا الحكم حسبما هو مبين في األوجه اآلتية:
هو بيان المعنى المراد بالعبارات أو الكلمات التي يشوبها الغموض الواردة في منطوق حكم التحكيم ،بإعتبار ان
منطوق الحكم هو الحكم ذاته ،وهو نتيجة الحكم وهو الجزء الذي يتم تنفيذه إختيار ًا او جبر ًا ،غير أنه إذا ورد ضمن
منطوق الحكم فقرة تقضي بأن أسباب الحكم تعد جزءًا ال يتجزأ من المنطوق فأنه ينبغي تفسير العبارات أو
الكلمات الغامضة الواردة في أسباب الحكم المتصلة بمنطوقه ،والمقصود بالغموض في بعض كلمات أو
عبارات منطوق الحكم أن تكون الكلمة أو العبارة غير مفهومة عند قراءتها أو أنها تحتمل أكثر من معنى أو انه
يحدث الخالف بين األشخاص في فهمها عند مطالعتها ،ويترتب على عرقلة اجراءات تنفيذ الحكم أو تعطيلها.
اما إذا كانت كلمات وعبارات منطوق الحكم واضحة فال يجوز طلب تفسير الحكم ألن الطلب في هذه الحالة يكون
بمثابة طلب تعديل للحكم ،كما يكون التفسير في هذه الحالة فضاء جديد منعدم النه صدر بعد النتهاء والية
المحكم( .نظرية األحكام ،أستاذنا المرحوم األستاذ الدكتور أحمد أبو الوفاء ،ص.)705
اجاز القانون طلب تفسير حكم التحكيم حتى يمكن فهم المراد من الكلمات الغامضة عند تنفيذ الحكم حتى اليقع
الخالف بين اطراف حكم التحكيم عند تنفيذ الحكم فينجم عن ذلك تعطيل أو عرقلة اجراءات تنفيذ الحكم ،ويتم
توجيه طلب تفسير حكم التحكيم إلى هيئة التحكيم التي اصدرته ألنها االدرى بالمراد بالكلمات الغامضة.
وبخالف قانون المرافعات فقد نظم قانون التحكيم اليمني تصحيح حكم التحكيم وتفسيره في مادة واحدة ،وفي
هذا الشأن نصت المادة ( )52تحكيم على أنه (يجوز ألي من الطرفين أن يطلب من لجنة التحكيم خالل الثالثين يوما
التالية لتسليم حكم التحكيم تصحيح ما يكون قد وقع في الحكم من أخطاء كتابية أو حسابية أو أي أخطاء مماثلة
كما يجوز ألي من الطرفين أن يطلب من اللجنة تفسير أي عبارات أو جمل أو اجراء من الحكم وبشرط اخطار
الطرف اآلخر بالطلب وإذا رأت اللجنة أن التصحيح أو التفسير المطلوب له ما يبرره فعليها اصدار التصحيح أو
التفسير كتابة خالل الثالثين يوما التالية لتسليم الطلب ويعتبر التفسير جزءا من حكم التحكيم).
وقد تضمن النص السابق شروط تفسير حكم التحكيم ،ويمكن تلخيصها على النحو اآلتي:
الشرط األول :أن يتقدم أحد أطراف حكم التحكيم بطلب تفسير حكم التحكيم :فال يجوز لهيئة التحكيم أو المحكم
أن يتصدى من تلقاء نفسه لتفسير الحكم حتى لو كان هناك غموض في كلمات أو عبارات منطوق الحكم ،ألن هيئة
التحكيم تستنفد واليتها بالنطق بالحكم ،فال يحق لها بعد ذلك أن تقوم بأي تعديل أو تصحيح أو تفسير إال بناًء
الشرط الثاني :أن يتم تقديم طلب تفسير الحكم خالل الثالثين يومًا إلستالم الطالب لنسخة الحكم :وقد نص
قانون التحكيم اليمني على هذا الشرط مع أن قانون المرافعات لم يشترط ميعادًا معينًا لتقديم طلب تفسير حكم
المحكمة ،فقد اقتضت الطبيعة الخاصة للتحكيم تحديد هذا الميعاد ،ألن والية المحكم بنظر الخصومة والية
إستثنائية ومؤقتة ،فليس لديه سجالت أو ارشيف او موظفين يتولون إستقبال طلبات التفسير في أي وقت
الشرط الثالث :أن يشتمل طلب التفسير على تحديد العبارة أو الكلمة الغامضة المطلوب تفسيرها ،فال يقبل
طلب التفسير إذا لم يكن كذلك لجهالته والن محل التفسير يقتصر على الكلمة أو العبارة الغامضة دون غيرها،
فطلب التفسير الذي اليتضمن تحديد الكلمة أو العبارة الغامضة المطلوب تفسيرها يعني أنه طلب عام بتفسير
الشرط الرابع :أن يتم إخطار الطرف اآلخر في حكم التحكيم بطلب التفسير :فال يتم البت في طلب التفسير بغياب
الخصم اآلخر ،وقد اشترط قانون المرافعات ذلك في المادة ( ،)256ألن غموض الكلمة أو العبارة قد يحتاج إلى
إيضاح من الخصوم الحاضرين مثل اسماء أشخاص أو مساحات أو اسماء حدود اماكن النزاع ،إضافة إلى أنه قد
يكون التفسير محل نزاع بين أطراف الحكم مثلما حدث في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا.
الشرط الخامس :ان يتم تدوين تفسير الحكم كتابة :ووفقًا للمادة ( )256مرافعات فإن تفسير الحكم يجب أن يتم
بقرار تصدره هيئة التحكيم وتقوم بالتوقيع عليه ويتم التأشير بموجبه على صورة الحكم المسلمة للخصوم.
الشرط السادس :يجب أن تصدر هيئة التحكيم قرارها بتفسير حكم التحكيم خالل الثالثين يومًا التالية لتاريخ
إستالم هيئة التحكيم لطلب التفسير ،ولم يرد ذكر هذا الشرط في المادة ( )256مرافعات ،وقد ورد هذا الشرط
صراحة في المادة ( )52تحكيم يمني ،حتى يكون قرار التفسير جزءا من حكم التحكيم إذا تم االدعاء ببطالنه الحقا
فضال عن ان والية المحكم مؤقتة.
الشرط السابع :ان يكون تفسير حكم التحكيم جزءا من حكم التحكيم غير منفصل عنه.
قرار تفسير المحكمة للحكم القضائي يخضع لالستئناف وفقًا للمادة ( )256مرافعات التي نصت على أنه
(للمحكمة بناًء على طلب الخصوم أن تفسر ما ُغ ض في حكمها بقرار تصدرُه بعد سماع أقوال الخصوم وُيَثبت
ِم
القرار على نسخة الحكم األصلية ويوقعه الكاتب وهيئة المحكمة ويؤشر به على الصورة المسلمة للخصوم ويكون
قرار التفسير قابًال لالستئناف إذا كان الحكم قابًال له أصًال ).
اما قانون التحكيم فقد نصت المادة ( )52السابق ذكرها على أن قرار هيئة التحكيم بتفسير حكم التحكيم يكون جزءًا
من حكم التحكيم ذاته ،ومؤدى ذلك أن قرار هيئة التحكيم بتفسير الحكم يخضع إلجراءات دعوى بطالن حكم
التحكيم ،وأنه ينبغي اإلدعاء ببطالنه مع حكم التحكيم في دعوى واحدة ،فاليجوز استئنافه بصورة مستقلة ،وعلى
هذا األساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا ببطالن الحكم االستئنافي الذي فصل في قرار التفسير وتجاهل دفع
الطاعن بعدم جواز ذلك بعد انقضاء مدة طويلة على صدور حكم التحكيم و إستالم الخصوم لنسخ منه ،والن
قانون التحكيم قد حدد طريقا وحيدا للتعامل مع حكم التحكيم بعد صدوره وهي دعوى البطالن وليس طريق
اإلستئناف ،وهللا أعلم.
مقاالت قد تهمك