Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫تفسير حكم التحكيم في القانون اليمني‬

‫تفسير حكم التحكيم في القانون اليمني‬

‫تفسير حكم التحكيم في القانون اليمني‬


‫أ‪.‬د‪ /‬عبدالمؤمن شجاع الدين‬
‫األستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء‬

‫قد يكتشف اطراف حكم التحكيم بعد استالمهم لنسخ من حكم التحكيم ان هناك كلمة أو عبارة غامضة في‬
‫منطوق الحكم تحتمل أكثر من معنى يترتب على غموضها عرقلة تنفيذ الحكم لعدم فهم الكلمة أو العبارة‬
‫الغامضة في منطوق حكم التحكيم ‪ ،‬وفي هذه الحالة اجاز قانون التحكيم اليمني للخصوم اطراف حكم التحكيم‬
‫تقديم طلب تفسير الحكم إلى المحكم الذي اصدره ‪ ،‬وقد حدد قانون التحكيم اليمني شروطا لتفسير حكم التحكيم‬

‫‪ ،‬فاذ لم يتم التقيد بهذه الشروط فان التفسير باطال أو منعدما ‪ ،‬حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية‬
‫بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ ‪2010-6-13‬م في الطعن رقم (‪ ،)41119‬وقد ورد ضمن أسباب الحكم‬
‫المشار إليه‪(( :‬وبإطالع الدائرة على األوراق مشتمالت الملف تجد الدائرة أن‪ :‬الطاعن ينعي على القرار المطعون‬
‫فيه مخالفته للقانون موضحًا عدم صحة قرار التفسير الصادر عن المحكمين بخصوص األشياء المحكوم بها‪ ،‬وذكر‬
‫الطاعن أنه قد دفع بإنعدام قرارالتفسير أمام محكمة االستئناف إال أنها لم تفصل في الدفع))‪ ،‬وسيكون تعليقنا‬
‫على هذا الحكم حسبما هو مبين في األوجه اآلتية‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬ماهية تفسير حكم المحكم‪:‬‬

‫هو بيان المعنى المراد بالعبارات أو الكلمات التي يشوبها الغموض الواردة في منطوق حكم التحكيم‪ ،‬بإعتبار ان‬
‫منطوق الحكم هو الحكم ذاته ‪ ،‬وهو نتيجة الحكم وهو الجزء الذي يتم تنفيذه إختيار ًا او جبر ًا‪ ،‬غير أنه إذا ورد ضمن‬
‫منطوق الحكم فقرة تقضي بأن أسباب الحكم تعد جزءًا ال يتجزأ من المنطوق فأنه ينبغي تفسير العبارات أو‬
‫الكلمات الغامضة الواردة في أسباب الحكم المتصلة بمنطوقه‪ ،‬والمقصود بالغموض في بعض كلمات أو‬
‫عبارات منطوق الحكم أن تكون الكلمة أو العبارة غير مفهومة عند قراءتها أو أنها تحتمل أكثر من معنى أو انه‬
‫يحدث الخالف بين األشخاص في فهمها عند مطالعتها ‪ ،‬ويترتب على عرقلة اجراءات تنفيذ الحكم أو تعطيلها‪.‬‬

‫اما إذا كانت كلمات وعبارات منطوق الحكم واضحة فال يجوز طلب تفسير الحكم ألن الطلب في هذه الحالة يكون‬
‫بمثابة طلب تعديل للحكم ‪ ،‬كما يكون التفسير في هذه الحالة فضاء جديد منعدم النه صدر بعد النتهاء والية‬
‫المحكم‪( .‬نظرية األحكام‪ ،‬أستاذنا المرحوم األستاذ الدكتور أحمد أبو الوفاء‪ ،‬ص‪.)705‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬تفسير حكم التحكيم وشروطه وفقًا للمادة (‪)52‬‬


‫من قانون التحكيم اليمني‪:‬‬

‫اجاز القانون طلب تفسير حكم التحكيم حتى يمكن فهم المراد من الكلمات الغامضة عند تنفيذ الحكم حتى اليقع‬

‫الخالف بين اطراف حكم التحكيم عند تنفيذ الحكم فينجم عن ذلك تعطيل أو عرقلة اجراءات تنفيذ الحكم‪ ،‬ويتم‬
‫توجيه طلب تفسير حكم التحكيم إلى هيئة التحكيم التي اصدرته ألنها االدرى بالمراد بالكلمات الغامضة‪.‬‬

‫وبخالف قانون المرافعات فقد نظم قانون التحكيم اليمني تصحيح حكم التحكيم وتفسيره في مادة واحدة‪ ،‬وفي‬
‫هذا الشأن نصت المادة (‪ )52‬تحكيم على أنه (يجوز ألي من الطرفين أن يطلب من لجنة التحكيم خالل الثالثين يوما‬

‫التالية لتسليم حكم التحكيم تصحيح ما يكون قد وقع في الحكم من أخطاء كتابية أو حسابية أو أي أخطاء مماثلة‬
‫كما يجوز ألي من الطرفين أن يطلب من اللجنة تفسير أي عبارات أو جمل أو اجراء من الحكم وبشرط اخطار‬

‫الطرف اآلخر بالطلب وإذا رأت اللجنة أن التصحيح أو التفسير المطلوب له ما يبرره فعليها اصدار التصحيح أو‬
‫التفسير كتابة خالل الثالثين يوما التالية لتسليم الطلب ويعتبر التفسير جزءا من حكم التحكيم)‪.‬‬

‫وقد تضمن النص السابق شروط تفسير حكم التحكيم ‪ ،‬ويمكن تلخيصها على النحو اآلتي‪:‬‬

‫الشرط األول‪ :‬أن يتقدم أحد أطراف حكم التحكيم بطلب تفسير حكم التحكيم‪ :‬فال يجوز لهيئة التحكيم أو المحكم‬
‫أن يتصدى من تلقاء نفسه لتفسير الحكم حتى لو كان هناك غموض في كلمات أو عبارات منطوق الحكم‪ ،‬ألن هيئة‬
‫التحكيم تستنفد واليتها بالنطق بالحكم ‪ ،‬فال يحق لها بعد ذلك أن تقوم بأي تعديل أو تصحيح أو تفسير إال بناًء‬

‫على طلب من أطراف الحكم‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أن يتم تقديم طلب تفسير الحكم خالل الثالثين يومًا إلستالم الطالب لنسخة الحكم‪ :‬وقد نص‬
‫قانون التحكيم اليمني على هذا الشرط مع أن قانون المرافعات لم يشترط ميعادًا معينًا لتقديم طلب تفسير حكم‬

‫المحكمة‪ ،‬فقد اقتضت الطبيعة الخاصة للتحكيم تحديد هذا الميعاد‪ ،‬ألن والية المحكم بنظر الخصومة والية‬
‫إستثنائية ومؤقتة‪ ،‬فليس لديه سجالت أو ارشيف او موظفين يتولون إستقبال طلبات التفسير في أي وقت‬

‫وتقديمها إلى المحكم للبت فيها‪.‬‬

‫الشرط الثالث‪ :‬أن يشتمل طلب التفسير على تحديد العبارة أو الكلمة الغامضة المطلوب تفسيرها‪ ،‬فال يقبل‬

‫طلب التفسير إذا لم يكن كذلك لجهالته والن محل التفسير يقتصر على الكلمة أو العبارة الغامضة دون غيرها‪،‬‬
‫فطلب التفسير الذي اليتضمن تحديد الكلمة أو العبارة الغامضة المطلوب تفسيرها يعني أنه طلب عام بتفسير‬

‫حكم التحكيم كامال وذلك اليجوز‪.‬‬

‫الشرط الرابع‪ :‬أن يتم إخطار الطرف اآلخر في حكم التحكيم بطلب التفسير‪ :‬فال يتم البت في طلب التفسير بغياب‬

‫الخصم اآلخر‪ ،‬وقد اشترط قانون المرافعات ذلك في المادة (‪ ،)256‬ألن غموض الكلمة أو العبارة قد يحتاج إلى‬
‫إيضاح من الخصوم الحاضرين مثل اسماء أشخاص أو مساحات أو اسماء حدود اماكن النزاع‪ ،‬إضافة إلى أنه قد‬

‫يكون التفسير محل نزاع بين أطراف الحكم مثلما حدث في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا‪.‬‬

‫الشرط الخامس‪ :‬ان يتم تدوين تفسير الحكم كتابة‪ :‬ووفقًا للمادة (‪ )256‬مرافعات فإن تفسير الحكم يجب أن يتم‬
‫بقرار تصدره هيئة التحكيم وتقوم بالتوقيع عليه ويتم التأشير بموجبه على صورة الحكم المسلمة للخصوم‪.‬‬

‫الشرط السادس‪ :‬يجب أن تصدر هيئة التحكيم قرارها بتفسير حكم التحكيم خالل الثالثين يومًا التالية لتاريخ‬
‫إستالم هيئة التحكيم لطلب التفسير‪ ،‬ولم يرد ذكر هذا الشرط في المادة (‪ )256‬مرافعات‪ ،‬وقد ورد هذا الشرط‬

‫صراحة في المادة (‪ )52‬تحكيم يمني ‪ ،‬حتى يكون قرار التفسير جزءا من حكم التحكيم إذا تم االدعاء ببطالنه الحقا‬
‫فضال عن ان والية المحكم مؤقتة‪.‬‬

‫الشرط السابع‪ :‬ان يكون تفسير حكم التحكيم جزءا من حكم التحكيم غير منفصل عنه‪.‬‬

‫الوجه الرابع‪ :‬مدى جواز إستئناف قرار تفسير حكم التحكيم‬


‫استقالال‪:‬‬

‫قرار تفسير المحكمة للحكم القضائي يخضع لالستئناف وفقًا للمادة (‪ )256‬مرافعات التي نصت على أنه‬

‫(للمحكمة بناًء على طلب الخصوم أن تفسر ما ُغ ض في حكمها بقرار تصدرُه بعد سماع أقوال الخصوم وُيَثبت‬
‫ِم‬
‫القرار على نسخة الحكم األصلية ويوقعه الكاتب وهيئة المحكمة ويؤشر به على الصورة المسلمة للخصوم ويكون‬

‫قرار التفسير قابًال لالستئناف إذا كان الحكم قابًال له أصًال )‪.‬‬

‫اما قانون التحكيم فقد نصت المادة (‪ )52‬السابق ذكرها على أن قرار هيئة التحكيم بتفسير حكم التحكيم يكون جزءًا‬

‫من حكم التحكيم ذاته‪ ،‬ومؤدى ذلك أن قرار هيئة التحكيم بتفسير الحكم يخضع إلجراءات دعوى بطالن حكم‬
‫التحكيم‪ ،‬وأنه ينبغي اإلدعاء ببطالنه مع حكم التحكيم في دعوى واحدة‪ ،‬فاليجوز استئنافه بصورة مستقلة ‪ ،‬وعلى‬

‫هذا األساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا ببطالن الحكم االستئنافي الذي فصل في قرار التفسير وتجاهل دفع‬

‫الطاعن بعدم جواز ذلك بعد انقضاء مدة طويلة على صدور حكم التحكيم و إستالم الخصوم لنسخ منه‪ ،‬والن‬

‫قانون التحكيم قد حدد طريقا وحيدا للتعامل مع حكم التحكيم بعد صدوره وهي دعوى البطالن وليس طريق‬
‫اإلستئناف‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫مقاالت قد تهمك‬

You might also like