Professional Documents
Culture Documents
شواطئ
شواطئ
ال ذنب للبريد في تأخر رسائلنا إليهم .إنها فقط لعبة عمر ..و وقت
و أجرب النسيان على طريقتهن الغبية لماذا إلى اآلن يا سيدي ،أقف أمام حقيقة
فافتح أبواب أحالمي إلى رجل آخر الفراق ..عاجزة عن استيعابها؟
أمنحه حبك و يمنحني نسيانك؟ عاجزة عن فك رموزها ،و فهم طالسمها ،و التأقلم
هل آن األوان ألن أسير على الطريق مع تفاصيلها؟
وحدي ،و أن أفرح وحدي على الرغم من أنني أعيش في أعماق أعماق
و أن أحزن وحدي ..و أن أشتاق وحدي ..و تفاصيلها؟
أال يكون معي تحت المطر سواي؟ لماذا أحتاج إلى المزيد من الوقت ..و الكثير من
هل آن األوان ألن أصارحك بأنني أحببتك العمر ..و الكثير من القوة ..و الكثير من العقل ..و
في النصف األول من العالقة الكثير من النضج ،حتى أتمكن من إغالق أبواب
كما لم أحب شيئا ً في حياتي الحكاية ،بقفل الفراق؟
و بكيتك في النصف األخير الحكاية التي كنت أنت بطلها الخرافي الذي
كما لم أبكي شيئا ً في حياتي؟ ..ظننت ذات لحظة حالمة ،و أنك شيء مختلف
هل آن األوان ألن أعترف لك بأن شيء ال يشبهه إال هو ..شيء ال ينال الفراق منه..
إحساسي الحقيقي ..و حلمي الحقيقي و ال يقضي الواقع عليه؟
و انكساري العظيم ..و فشلي األكبر ..و فهل كان لزاما ً علي أن أختنق برائحة الحب
هزيمتي الكبرى ..كانت أنت؟ الميت أعماقي كي أتجرأ على إعالن نبأ الوفاة؟
هلـ آن األوان ألن ألِ َدك و أضع جنين حبك فها قد انتهينا و ..ها أنذا أعترف رسميا ً و أفسح
النائم في رحم قلبي؟ للفراق في حياتي و أعماقي كل األمكنة الممكنة
فمنذ سنوات و انا حبلى بحبك ..أما لهذا فهل آن األوان ألن أفتح الدفاتر ،و أمسح أطفال
الحمل من والدة؟ دفاتري ،و أشطب تواريخ ذكرياتي
هل آن األوان ألن أتصرف بتحضر غبي.. و امزق الصفحات الحالمة ،و أُطعم نيران الواقع
فأترك على عتبة بابك باقة ورد أخيرة تاريخي؟
و رسالة تقول (( شكرا ً على الخذالن ))؟ هل آن األوان ألن أنسلخ من رومانسيتي ،و أكفر
بالورد أألحمر
و أسخر من قصائد العشق ،و أقذف الحب بأبشع
:و بعد أن أرعبنا الواقع األلفاظ؟
ما عدت أراك في منامي هل آن األوان ألن أتخلص من ميراث حبك..
بقاياك المؤلمة ..كتاباتك ..مسجاتك ..رسائلك
..ترى
الزرقاء ..و أقدمها إلى عاشقة مازال لديها قدرة
هل استوعب عقلي الباطن واقع فراقك
الشوق و الحب؟
أسرع من عقلي الظاهر
هل آن األوان ألن أتحول إلى امرأة خائنة
لماذا أتيت؟
رأيتك تتسلسل إلى عالمي أكثر من مرة ..فأي ريح جاءت بك
إلي؟
َّ
هل جئت تبحث عن عطر شبابك بي أوراقي؟ هل جئت تختبر قوة ذاكرتي بك؟
هل جئت تجس نبض إحساسي بك بعد هذا العمر ،و هذا الفراق ،و هذا الغياب؟
هل جئت تزور ضريح الحـكاية في أعماقي ،و تترك وردك األبيض عليه؟
هل جئت تزيل غبار صورتك المعلقة في غرفة أعماقي منذ ليل الفراق األسود؟
هل جئت باحثا ً عن الطفلة التي كبرت بين يديك حباً ،و تعلمت منك اللعبة األولى ،و
اللهفة األولى ،و الكذبة األولى ،و الدهشة األولى ،و الخطيئة األولى؟
هل جئت باحثا ً عن مراهقة الثامن عشرة التي نزفت في عينيها أروع رسائلك ،و اصدق
مشاعرك ،و بللت ذقنك خلفها بأصدق دموعك؟
هل جئت باحثا ً عنن الفارسة التي علمتها الخيل و الليل ،و وضعت يدك في يدها ،و أنت
تسابقها على ظهر الخيل ،و تصرخ ف الفضاء (( أحبك بحجم هذا الفضاء ))؟
هل جئت باحثا ً عن صاحبة الضفائر التي أوصيتها بضفائرها و عطرها و ليلها و حلمها
و ُطهرها و قلبها خيراً؟
هل جئت باحثا ً عن النقية التي أحرقت علية سجائرك ..و كسرت زجاجة خمرك ..و علمتك
الصالة و الصيام و الزكاة ،و حلمت بأن ترافقك إلى بيت الله الحرام؟
هل جئت باحثا ً عن أنثاك التي تركت عطر يديك في يديها ..و خزنت صوتك في أذنيها ..و
،حفرت ملمح وهك في عينيها ،و زرعت أشجار حنينك في ليلها ،حتى امتألت بك
و فاضت؟
هل جئت باحثا ً عن المجنونة التي أهديتها يوما ً مشط شعرك المستخدم ،و فرشاة أسنانك
القديمة ،و قطعة محارم صغيرة مسحـت بها جنينك المراهق يوما ً و ألقيتها بإهمال،
فتلقفتها
هي بحب؟
هل جئت باحثا ً عن اإلحساس الذي ال يموت ،و الحكاية التي ال تتكرر ،و العمر الذي ال
يعود؟
:و بعد أن أرعبنا المساء
!معظمهم بعد األوان يعودون ..و ليتهم ال يفعلون
كم؟
كم xكم xكم xكم ..أنشودة حزينة أُرددها كل ليلة حين أبحث عنك و ال أجدك
تُرى؟
كم ليلة يجب أن أسهر كي أقتنع َّ
بأن الليالي لن تأتي بك؟
وكم صباحا ً يجب أن أستقبل كي أتأكد من أنك لن تشرق مع الصباح مرة أخرى؟
وكم سنة يجب أن أُغمض عيني كي أفتحهما على صوت خطواتك نحوي؟
وكم سنة يجب أن أكتب كي أعل ّمك قواعد القراءة بإحساس؟
وكم سنة يجب أن أبكي كي أتخلص من عادة البكء عند الحديث عنك؟
لوح لك مودعة كي اقتنع بأنك رحلت؟ ُ
وكم سنة يجب أن أ ّ
وكم سنة يجب أن أسبح في اتجاهك كي أقتنع بأنك لست على الضفة األُخرى من النهر؟
وكم سنة يجب أن أُصاب بالجنون كي ال أُعرض عقلي لصدمة واقعـ ال يحتويك؟
وكم سنة يجب أن أتعذب و أحزن كي أفقد شهية الحنين إليك؟
وكم سنة يجب أن أحترق حتى أصف لك طقوس غيابك؟
وكم سنة يجب أن أطير كي أبتعد عن أطاللك و بقاياك؟
وكم سنة يجب أن أناديك كي أقتنع بأنك رجل ال يسمع؟
وكم سنة يجب أن أصرخ كي يصلك نبأ حزني؟
وكم سنة يجب أن أجلس في الظالم كي أتخلص من عقدة الخوف في غيابك؟
وكم سنة يجب أن أكتب في الجمر كي أتخلص من عادة الكتابة إليك؟
وكم سنة يجب أن أُثرثر كي يصلك صوت ألمي في بوضوح؟
وكم سنة يجب أن أتوه في األرض كي تجمعني بك صدفة عابرة؟
وكم سنة يجب أن أفتش في زحامهم كي أعثر على نسخة منك؟
وكم سنة يجب أن أتعلق بحبال الوهم كي أقطع حبل األمل برؤيتك؟
وكم سنة يجب أن أغتسل بمطر الصيف كي أقتنع بأنك سحابة صيف مرت بسالم؟
وكم سنة يجب أن أنام كي أوهم نفسي بأنك مجرد حلم جميل عبر؟
وكم سنة يجب أن أسير فوق الشوك كي أتخلص من عادة البحث عنك بين الطرقات؟
وكم سنة يجب أن أجلد نفسي كي أعذبك تحت جلدي؟
وكم سنة يجب أن أموت كي أقتلك في داخلي؟
وكم سنة يجب أن أتوقف عن الحياة كي أنساك؟
وكم سنة يجب أن أقرأ في الصفحة األخيرة كي أتمكن من استيعاب أن الحكاية الجـميلة،
انتهت بألم؟
البعض يستأذن قبل الرحيل
..بعد سنوات من الحب و الحلم و األمل و المعاناة و الحزن و الفرح و االنتظار
جاءها مستأذنا ً إياها ..الرحيل
و تسـتأذنني الرحيل مني ..فماذا عساي أقول لك؟
و ماذا تنتظر منيـ أن أفعل و أنت تضعنيـ أمام فوهة بركان فراقك؟
صدقـاً؟ ماذا تنتظر مني أن أفعل؟
أن أفتح لك فم قلبي على اتساعه ..و افتح مسـامات حلمي على مدها ..و أقول لك برقـي أميرة شامخة ..ارحل؟
أن أرتدي لك أجمل ما لدي من الحرير ،و أقف فوق المحطة األخيرة من الحكاية ،و أودعك برومانسية جولييت؟
أن أتزين لك بالكحل العربي ،و العطور الشرقية ،و دخان البخور المشتعل بين أضلعي ،و أرتمي فيـ أحضان الفراق ،و
أقول لك بانكسار العالم ..وداعا ً
أن أقص ضفائري الغجرية التي ربيتها بأدمعي لك ،و أُخبئها في حقائبك كذكرى مجنونة من امرأة أحبتك ذان جنون و
وحشية؟
أن أحمل بيدي باقات الورد البيضاء ،و أضعها فوق رفات الحكاية ،و أنزف القصيدة األخيرة فوق رفـات الحلم الممدد
أمامي ،و أنخرط في بكاء مرير
أن أرتدي قناع الفرح ،و أرسم فوق وجهيوجها ً باسما ً ال يشبهني ،و أزفك إلى الرحيل بقهقهات موسيقى صاخبة؟
أن أشد أوتار قلبي ،و أعزف لك لحن الوداع األخير ،و أغنيـ لك أغاني ما قبل الموتو أتراق فوق بقاياي كالطائر
المجروح؟
أن أضحك و أبكي ..و أبكي و أضحك ..و أجيد دوري في مسرحية سخـيفة ،بطلها الوحيد الفشل المؤلم؟
أن افتح صندوق العمر ،و أذكرك بتفاصيل أيامنا التي كانت ،و طقوس أحالمنا التي هانت ،و أحاول بغباء إعادة الذاكرة
المفقودة إلى قلبك؟
أن أعيد عليك قراءة وعودك و عهودك التي نزفتها لي ذات صدق و وعد ،و أعاتبك ،و أتساءل و أستفسر و أستنكر؟
أن أعيد عليك سيناريو اللحظة األخير بين عاشقين ،و أعدك بوهم المتفارقين أن ال أنساك أبداً ،و أن ال أحب بعدك
أحداً ،و أن أتذكرك إلى األبد؟
أن أمسك بطرف ثوبك باكية و أرجوك أن تؤجل الرحيل يوما ً آخر ،و أن تبقى في أحضان حلمي فترة أطول؟
أن أرفض االستيقاظ ،و أطيل سباتي العميق بك ،و أغمض عيني بشدة ،و أرفض اختراق ضوء الواقع مدينة أحالمي
إلي ،و يجنبنيـ هلع اإلنصات إلى صوت قدميك و أنت ترحل أن أع في أذني وهما ً جددا ً يمنع وصول صوت رحيلك ّ
بعيدا ً عني؟
أن أقف كالبلهاء ،أنظر إلى السماء بذهول ،و أنظر إلى األرض بحـزن ،و أنتظر هزة أرضية تعيدني إلى ذاكرة ما بعد
اللحظة األخيرة؟
أن أضع ما تبقى لي من عمر و أحالم في سلة ملونة ،و أهديك السلة لتلقي بها بجوار قرارك المفاجئ ..الرحيل بعيدا ً
عن أسوار حكايتي؟
أن أضمك إلي برعب أ ُ ّ ٍم توشك علىـ أن تفقد تحت عجالت الواقـع وحيدها التيـ منحته كل شيء ،و أغلىـ شيء ،و
أجمل شيء؟
أن أتراقص فـرحاً ،و أصفق لقرارك الجميل بإعجابي و دهشة ،و أتظاهر بقدرتي العجيبة على التنفس بال أنفاسك و
االستمرار فيـ حياة ال تحتويك؟
أن أفكر أمامك بصوت مرتفع ،و أتساءل :كيف ستشرق الشمس غداً؟ و هل ستشرق؟ و كيف سأزور األطالل وحدي؟ و
أي بقعة أرض ستحتمل بكائي عليها؟
أن أزوي في ركن مظلم ،و أجلس بانكسار يتيم ،و أضعرأسي على ركبتي ،و أنتحب أمام فراقك الحول لي وال قوة؟
أن أتهيأ للذبح الجميل ،بهدوء الحمل الصغير ،و أتجه نحو مقصلة النهاية ،بذهول البريء المقهور؟
أن أفقد ذاكرتي كي أجنب نفسي مأساة مواجهة األشياء و البقايا بعد رحيلك؟
أن أرتمي تحت أقدام قلبك باكية متوسلة أن تبقى كي ال يصاب عمري بالشلل و كي تبقى ببقائك أشياء ال تسير
عجلة العمر إل ّا بها؟
أن أطلق صفارات اإلنذار في أعماقيـ ،و أعلن حالة الطوارئ في داخلي ،وأمنع قلبي من التجول في محطة رحيلك،
كي ال يلمحك و أن تذوب في فم الفراق ،كقطعة ُسكَّر كانت ال تحلو الحياة إ ّال بها؟