‫الفصل األول‬

‫تاريخ دولة اإلمارات العربية المتحدة‬

 ‫محاور الفصل‪:‬‬
‫‪ - 1‬الجذور التاريخية‪.‬‬
‫‪ - 2‬األصول العربية واإلسالمية‪.‬‬
‫‪ - 3‬أحمد بن ماجد‪.‬‬
‫‪ - / 4‬التوسع األوروبي في المحيط الهندي ‪:‬‬
‫النفوذ البرتغالي ‪.‬‬
‫النفوذ البريطاني ‪.‬‬
‫‪ - 5‬حلف القواسم‪.‬‬
‫‪ - 6‬الحمالت العسكرية البريطانية ‪.‬‬
‫‪ - 7‬المعاهدات البريطانية‪.‬‬
‫‪ - 8‬حلف بني ياس‪.‬‬
‫‪ - 9‬اإلدارة البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية ‪.‬‬
‫‪ - 10‬جهود جامعة الدول العربية‪.‬‬
‫‪ - 11‬المحاوالت االتحادية بعد القرار البريطاني الخاص باالنسحاب في منطقة الخليج العربي ‪.‬‬
‫‪ - 12‬قيام دولة اإلمارات العربية المتحدة (االتحاد السداسي‪ -‬االتحاد السباعي)‬
 ‫كم تتوقع ُعمر أرض االمارات؟‬
https://www.youtube.com/watch?v=xz-g
 ‫الجذور التاريخية‬
‫أوالً ‪ :‬العصر البرونزي‬
‫ِحقبة جبل حفيت (‪ 3200-2500‬ق‪.‬م)‬
‫الحقبة بذلك نسبة للمدافن التي ُعثر عليها في منطقة جبل حفيت بمدينة العين‪ ،‬وهي عبارة عن مدافن جماعية صغيرة يُق ّدر تاريخها مع‬‫ُس ّميت هذه ِ‬
‫انتشار صناعة النّ حاس التي شهدتها المنطقة في تلك الفترة‪ ،‬وأهمها‪ :‬مدافن جبل حفيت‪ ،‬ومستوطنة آثار هيلي‪ ،‬وآثار جبل امليح وجبل البحيص‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ِ :‬حقبة أ ّم النّار (‪ 2000‬إلى ‪ 2500‬ق‪.‬م)‬
‫الحقبة‪ :‬آثار ومدافن ّأمالنّار‪ ،‬ومنطقة‬
‫وأهم المواقع األثريّة لهذه ِ‬
‫ّ‬ ‫بحقبة ّأمالنّار نسبة إلى المدافن واآلثار التي ُعثر عليها في جزيرة ّأمالنّار‪،‬‬
‫ُس ّميت ِ‬
‫ّ‬
‫حيوي في حركة المالحة‬ ‫ً‬
‫مرفأ تجارياً‪ ،‬قام بدور‬ ‫هيلي‪ ،‬ومنطقة شمل‪ ،‬ومدينة كلباء‪ ،‬والبدية بالفجيرة‪ .‬ويرجّح علماء اآلثار ّأن منطقة ّأمالنّار كانت‬
‫والتجارة خالل الفترة ما بين(‪ 2700 -2200‬ق‪.‬م)‪.‬‬
 ‫الحقبة‬
‫وأه ّم ما يم ّيز هذه ِ‬
‫‪ -1 ‬اكتشاف معدن النّ حاس الذي ساهمت صناعته في استقرار سكان المنطقة‪ ،‬وتطوير صناعة التعدين (صهر معدن النّحاس وتصديره)‬
‫‪ -2‬إرساء دعائم مجتمع منظّم يقوم على ال ّزراعة‪ ،‬ويعتمد على أساليب الرَّيّ م ّما مهّد لظهور نظام األفالج‪.‬‬
‫ُ يستَ َدلمن اآلثار الكثيفة فيمدافن ّأم النّار وهيلي ّأن السّكان قاموا بتصدير النّحاس واستيراد الخزف والفخار‪ ،‬وذلكعبر ميناء تجاري كان يقع على ساحل إمارة ‪3-‬‬
‫‪ .‬أبوظبي‬
‫‪ .‬تدل الصخور الضخمة المستخدمة لبناء مدافن الهيلي في العينعلى قيام مجتمع مزدهر ‪4-‬‬
‫‪ .‬استخدم س ّكان ّأم النّار النسيج‪ ،‬وعرفوا صناعة األدوات المعدنية ‪5-‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ثالثاً ‪ :‬من حقبة وادي سوق إلى العصر الحديدي حوالي(‪ 2000 – 300‬ق‪.‬م)‬

‫‪،‬أخذت هذه الحقبة تسميتها من أحد المواقع الكائنة في وادي سوق‪ ،‬بين العين وساحل ُعمان في صحار‬
‫وأهم المواقع األثرية لهذه الحقبة‪ :‬آثار القطارة وقرن بنت سعود بمدينة العين‪ ،‬منطقة ّ‬
‫خت وغليلة برأس الخيمة‪ ،‬ومنطقة البثنة وقدفع في الفجيرة‪،‬‬
‫‪.‬والقصيص في دبي‬
‫‪ :‬وأهم ما يميز هذه الحقبة‬
‫‪ -1‬االكتشافات األثرية ال ّدالة على استمرارية حركة التجارة الخارجية‪.‬‬
‫‪ -2‬بداية االهتمام بصيد األسماك واللؤلؤ على سواحل مدينة أبوظبي‪.‬‬
‫‪ -3‬تغير مراسم الدفن والطقوس الدينية‪ ،‬وأنواع الفخاريات المستعملة فيها‪ ،‬وطرق تصميم القبور‪.‬‬
 ‫‪ -4‬انتشار معدن الذهب واكتشاف قالئد صغيرة متقنة الصنع مصنوعة من الذهب والفضة على هيئة ماعز أو حيوانات خرافية‪ ،‬في سلسلة من خرزات‬
‫مستديرة من العقيق في مدافن القطارة‪ ،‬ونماذج مشابهة لها في مدافن البدية بالفجيرة وشمل برأس الخيمة‪.‬‬
‫‪ -5‬انتشار واسع الستخدام الحراب والسكاكين أو السيوف الصغيرة مع أغلفتها‪ ،‬وظهور استخدام رؤوس السهام واألواني المصنوعة من الحجارة والفخار‬
‫والبرونز‪.‬‬
‫‪ -6‬وجود مستوطنات بشرية في مناطق مختلفة من إمارة دبي وسواحل الشارقة وأم القيوين ورأس الخيمة ‪.‬‬
‫‪ -7‬طو ُل قام ِة السّكان حسبما أشارت الدراسات‪.‬‬
‫‪ -8‬انتشار واسع للمباني في اإلمارات التي توفرت فيها المياه والزراعة‪ ،‬مثل المبنى الكبير الذي تم اكتشافه في المليحة‪.‬‬
‫ت ال ّزراعيّة كالحبوب‪.‬‬ ‫‪ -9‬تط ّور نظام ال ّر ّ‬
‫ي‪ ،‬ووجود بقايا من المنتجا ِ‬
 ‫رابعا‪ :‬حقبة العصر الحديدي ((‪ 1300‬ق‪.‬م‬
‫◦ بدأت حقبة العصر الحديدي في اإلمارات في حوالي ‪ 1300‬ق‪.‬م حيث بدأ ينتشر استخدام معدن‬
‫الحديد‪ ،‬كما شهد نظام األفالج تط ّورًا ملحوظًا وانتشرت رقعة استخدامه حيث عثر على أول‬
‫األفالج في منطقة الهيلي واآلخر من منطقة المدام بالشارقة‪ ،‬إضافة إلى قرن بنت سعود بالعين‪.‬‬
‫وأهم ما يميز هذه الحقبة ‪:‬‬
‫ٌ‬
‫اكتشاف يشير إلى ظهور نوع من الكتابة أو األختام‬ ‫أختام مصنوع ٍة من الحجارة‪ ،‬وهو‬
‫ٍ‬ ‫‪ -1‬استخدام‬
‫التي يتم استخدامها ألغراض سياسية أو اقتصاديّة‪.‬‬
‫وأوان فخاريّ ٍة تزينها رسومات مختلفة في‬
‫ٍ‬ ‫ثعابين برونزي ٍة صغيرة‪،‬‬
‫َ‬ ‫تماثيل على هيئة‬
‫ٍ‬ ‫‪ -2‬اكتشاف‬
‫مناطق مختلفة‪ ،‬منها‪ :‬جبل البحيص ومنطقة القصيص بالقرب من مطار دبي‪ ،‬وهي تشير إلى‬
‫المعتقدات الدينية التي آمن بها أهل المنطقة في العصر الحديد ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ت جديد ٍة في استغالل األراضي‬
‫بشكل ملحو ٍظ في هذه الحقبة‪ ،‬واستخدامهم تقنيا ٍ‬
‫ٍ‬ ‫‪ -3‬تكاثر السكان‬
‫وفي حياتهم اليومية‪.‬‬
‫ت مع جنوب الجزيرة العربيّة‪ ،‬وحدوث هجرات كبيرة من اليمن إلى الخليج العربي‬
‫‪ -4‬إقامة عالقا ٍ‬
 ‫خامسا‪ :‬حقبة ساروق الحديد ‪ 300 -1000‬ق‪.‬م‬

‫يقع جنوب مدينة دبي‪ ،‬بمسافة ‪ 70‬كم وعن قرية الفقع مسافة ‪ 40‬كم تقريبًا‪ ،‬وتبلغ مساحته‬
‫الركن‬
‫َ‬ ‫متر مربع‪ ،‬وهو جز ٌء من منطقة صحراويّة تمثل‬
‫متر ونصف كيلو ٍ‬
‫حدود كيلو ٍ‬
‫الجنوب ّي الشرق ّي من صحراء الربع الخالي في الجزيرة العربية‪.‬‬

‫اكتشافه‪ :‬اكتَ َش َ‬
‫ف الموقع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عام ‪ 2002‬م في أثناء‬
‫إحدى جوالته في المنطقة‪ ،‬حيث الحظ سموه أن الكثبان لها اتجاه مختلف عن باقي اتجاهات‬
‫الكثبان الرملية في المنطقة‪ ،‬كما الحظ سموه كذلك انتشار خبث الحديد على سطح المنطقة‪.‬‬

‫‪https://www.youtube.com/watch?v=iZxQUAUspPQ‬‬
‫‪ ‬‬
‫أهم اآلثار في الموقع‪:‬‬
‫(الصناعات المعدنية) وتشمل‪:‬‬
‫األسلحة ومنها سيوف حديدية وبرونزية ‪ -‬خناجر ‪ -‬نصال فؤوس ‪ -‬رماح ‪ -‬رؤوس سهام)‪.‬‬
‫األواني‪ :‬كؤوس صغيرة ‪ -‬أكواب مختلفة األحجام واألشكال ‪ -‬طاسات كبيرة ‪ -‬موازين ‪ -‬مشابك ‪-‬‬
‫سنانير صيد للسمك مختلفة األحجام ‪ -‬مقاشط‬
‫الفخار‪ :‬حيث تم اكتشاف العديد من األواني الفخارية مختلفة األحجام واألشكال تعود إلى عصور‬
‫مختلفة‪ ،‬منها آنية فخارية تعتبر هي األقدم وتحمل رس ًما لسمكة‪ ،‬اكتُشفت في الموقع وترجع للعصر‬
‫أوان كبيرة للتخزين مزيّنة باألفاعي‪ ،‬وجرار صغيرة وأخرى ذات مقابض‬
‫ٍ‬ ‫البرونزي‪ ،‬كما ُعثر على‬
‫عديدة‪ ،‬تعود كلّها إلى العصر الحديد ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫الحلي في ساروق الحديد بتنوعها‪ ،‬سواء في ال ّشكل أو المواد المستخدمة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الحل ّي‪ P‬واألص‪P‬داف‪ :‬تميّزت‬
‫ومن ذلك‪ :‬أساور من المعادن بعضها مزخرف ‪ -‬خواتم من البرونز والنّحاس ‪ -‬خالخيل من البرونز‬
‫ُظن أنّها كانت تستخدم لتزيين أرجل الجمال ‪ -‬عقود من الخرز المصنوع‬ ‫بدا بعضها ثقياًل ج ًدا‪ ،‬مما ي ُّ‬
‫من أحجار كريمة وشبه كريمة‪ ،‬مثل‪ :‬العقيق األحمر واألبيض‪ ،‬واليشب‪ ،‬واألماتيست‪ ،‬والخزف‪،‬‬
‫والالزورد‪ ،‬والكريستال الطبيعي – داّل يات من الحجر الصابوني وأحجار مختلفة أخرى‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫الرخام‪ ،‬وااللبستر‪ ،‬والفخار‪.‬‬
 ‫ّ‬
‫الذهب‪ :‬تم الكشف عن المئات من القطع الذهبية في ساروق الحديد تعكس براعة الصائغ‪ ،‬مثل‪ :‬حبات خرز‬
‫صغير من ّ‬
‫الذهب‪ ،‬وقطع ٍة تحمل رس ًما لغزا ٍل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لثعبان‬
‫ٍ‬ ‫ونموذج‬
‫ٍ‬ ‫دقيقة الصناعة‪ ،‬وخواتم رائعة التفاصيل‪،‬‬
‫ثور ربما استُخدمت لتزيين الشعر‪ ،‬هذا إلى جانب العثور على العديد من الخيوط‬
‫وقطع على هيئة قرني ٍ‬
‫ٍ‬
‫الذهبية التي كانت على مايبدو تُستخدم في صناعة تلك القطع‪.‬‬

‫األختام‪ :‬تم الكشف عن ‪ 42‬خت ًما في ساروق الحديد مصنوعة من مواد مختلفة (حجر صابوني ‪ -‬خزف ‪-‬‬
‫صدف ‪ -‬حجر طيني ‪ -‬عقيق ‪ -‬حجر الثعبان ‪ -‬ذهب)‪،‬‬

‫وفيها أختام اسطوانية من بالد الرافدين‪ ،‬وأختام من مصر القديمة على هيئة عجل‪ ،‬وأختام تحمل تأثيرات من‬
‫حضارة دلمون‪ .‬ويدل اكتشاف أختام من حضارات مختلفة في الموقع على وجود عالقات تجارية ببالد‬
‫النهرين ودلمون ومصر القديمة‪ ،‬كما ّ‬
‫أن اكتشاف العقيق بمختلف أنواعه يشير إلى وجود تبادل تجاري مع‬
‫السند في الهند‪ ،‬وكذا الحجر الصابوني وخام النّحاس اللذان بال ش ّ‬
‫ك كانا من سلطنة عمان‪ .‬كما ت ّم الكشف عن‬
‫بعض األخشاب لشجر الزيتون مما يؤكد على أنّه كانت هناك صالت تجارية مع سكان شرق البحر األبيض‬
‫المتوسط (سوريا ولبنان حاليًا)‬
 ‫سادسا‪ :‬فترة ما قبل اإلسالم( حوالي ‪ 300‬ق‪.‬م إلى ‪ 630‬م(‬

‫تأثرت هذه الفترة التي سبقت ظهور اإلسالم بالتط ّورات اإلقليميّة التي شهدتها منطقة الخليج العربي‬
‫والجزيرة العربية‪ ،‬حيث امتد النفوذ الروماني إلى بالد الشام ومصر‪ ،‬ونشأت عالقات تجارية ساهمت في‬
‫تط ّور حركة المالحة في البحر األحمر والمحيط الهندي وكذلك الخليج العربي‪.‬‬

‫وكان النتشار النقود المسكوكة دورًا مهما في تط ّور النّظام اإلداري المحلي في منطقة اإلمارات‪.‬‬

‫وأهم ما يميز هذه الحقبة‪:‬‬

‫اهتمام سكان اإلمارات بصناعة األسلحة وبناء المباني المكونة من طابقين‪ ،‬وسك النقود المحليّة‪ ،‬مما يدل‬
‫على معرفتهم بعض النّظم اإلداريّة المتط ّورة‪.‬‬
‫ملوك أو قاد ٍة‬
‫ٍ‬ ‫بوضوح ّ‬
‫أن الكتابة أصبحت متداولة ومعروفة وقتها‪ ،‬حيث تضمنت أسماء‬ ‫ٍ‬ ‫ت تُظ ِهر‬
‫‪-2‬اكتشاف عمال ٍ‬
‫محليين‪ ،‬وأسماء اآللهة المعروفة آنذاك‪.‬‬

‫‪-3‬نقوش أشارت إلى أن اللغة اآلرامية وجدت طريقها بين سكان المنطقة‪ ،‬وانتشرت بعد ظهور المسيحية‪.‬‬

‫‪ -4‬آثار تم اكتشافها في جزيرة دلما والجزر األخرى إلمارة أبو ظبي دلّت على ازدهار تلك المنطقة في تلك الحقبة‪.‬‬

‫‪ -5‬مدافن اكتُشفت في اإلمارات تعود لهذه الحقبة التي سبقت اإلسالم‪ ،‬أه ّمها ال ّدير المسيحي في جزيرة صير بني‬
‫ياس‪ ،‬والذي د ّل على وصول المسيحية إلى هذه المنطقة‪.‬‬

‫‪ -6‬الدور الها ّم الذي مثّلته مدن المناطق الشرقيّة من اإلمارات في حركة المالحة والتجارة قبل اإلسالم‪ ،‬وبخاصة‬
‫منطقة دبا‪.‬‬
 ‫األصول العربية واإلسالمية‬
‫لقد ارتبط سكان عمان بأصول عربية عريقة حيث ّ‬
‫أن السواد األعظم من أهل عمان يرتبطون بهجرتين‬
‫عربيتين كبيرتين وفدتا إلى المنطقة في فترة ما قبل التاريخ‪ ،‬وأول هذه الهجرات وفدت منذ زمن سحيق‪،‬‬
‫وأتت من قلب الجزيرة العربية ويتنسب هؤالء إلى قبائل نزار ويعرفون بالنزاريين‪ .‬أما الهجرة الثانية فقد‬
‫وفدت من الجنوب الغربي للجزيرة العربية وقبل بزوغ نور اإلسالم ببضعة قرون‪ ،‬وارتبطت هذه الهجرة‬
‫بانهيار سد مأرب عام ‪ 120‬ق‪.‬م‪ ،‬ويُعرف هؤالء بالقحطانيين‪ .‬كما وفدت إلى عمان جماعات أخرى من‬
‫داخل الجزيرة العربية واستوطنتها‪ ،‬مثل‪ :‬بني سعد‪ ،‬وبني عبد القيس‪ ،‬وبني تميم‪ ،‬وغيرهم‪ .‬وكانوا يمارسون‬
‫جميع الشعائر الدينية واالجتماعية السائدة آنذاك‪.‬‬

‫وبعد ظهور اإلسالم في الجزيرة العربية كان األزد هم حكام عمان‪ ،‬وفي السنة السادسة للهجرة وبعد عقد‬
‫صلح الحديبية بعث الرسول –صلى هللا عليه وسلم‪ -‬برسله للملوك واألمراء يدعوهم إلى اإلسالم‪ .‬فبعث‬
‫عمرو بن العاص‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬إلى عمان؛ ليهدي قومها إلى اإلسالم‪ ،‬وذلك في عهد الملِ َكين جيفر وأخيه‬
‫الجلَن ِدي األزدي‪ ،‬وكانا من قبيلة األزد‪ ،‬فرحّ با به وأعلنا ال ّدخول في اإلسالم مع قو ِمهما‬
‫عبد البني َ‬
‫وقبل وفاة الرسول‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أرسل عرب الخليج ع ّدة وفادات إلى المدينة المن ّورة أه ّمها‪ :‬وفادة عبد القيس‪ ،‬ووفادة أزد عمان‪،‬‬
‫وهناك التقوا الرسول – صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وأخذوا منه تعاليم ال ّدين اإلسالمي الجديد‪.‬‬

‫وفي عهد أبي بكر الصّديق – رضي هللا عنه – استم ّر جيفر وعبد على ملكهما في عمان حتى توفيا‪.‬‬

‫وتولى السلطة من بعدهما عباد بن عباد الجلندي في عهد الخليفة عثمان بن عفان ‪ -‬رضي هللا عنه‪ -‬حيث ّ‬
‫ظل في الحكم حتى عهد علي بن‬
‫أبي طالب ‪-‬كرم هللا وجهه‪.-‬‬

‫وبعد وفاة الرسول صلى هللا وعليه وسلم‪ ،‬ظهرت بعض حركات التمرّد في شرقي الجزيرة العربية‪ ،‬وقام الخليفة أبو بكر الصّديق‪-‬رضي‬
‫هللا عنه‪ -‬بإرسال جيشين‪:‬‬

‫األول‪ :‬بقيادة العالء بن الحضرمي‪ ،‬ووجهته منطقة اإلحساء والبحرين‪.‬‬

‫وتمالقضاء على حركات التمرّد‪ ،‬كما ّتمإعادة توحيد‬

‫والثان‪P‬ي‪ :‬بقيادة حذيف‪P‬ة ب‪P‬ن محص‪P‬ن وعرفج‪P‬ة البارق‪P‬ي‪ ،‬ووجهته عمان وبالد المهرة‪ّ ،‬‬
‫الجزيرة العربية‪.‬‬
‫وخالل حركة الفتح اإلسالمي األولى‪ ،‬انطلقت الجيوش العربية من جزيرة العرب نحو جبهتي الشام‬
‫والعراق‪ ،‬وعل‪P‬ى جبه‪P‬ة العراق كان لعرب الخلي‪P‬ج دو ٌر ك‪P‬بي ٌر ف‪P‬ي المعارك التي خاضها المسلمون ضد‬
‫الدولة الساسانية‪ ،‬وخاصة معركتي القادسية ونهاوند‪.‬‬

‫وبعد فتح العراق‪ ،‬اتخذت الجيوش اإلسالمية قواعد عسكرية لها في هذا اإلقليم‪ ،‬حيث أمر الخليفة‬
‫عمر بن الخطاب القادة المسلمين ببناء كلٍّ من البصرة والكوفة‪ ،‬ومن هاتين المدينتين انطلقت‬
‫الجيوش العربية لفتح بقية أرجاء اإلمبراطورية الساسانية‪ ،‬كما قطعت جيوش خليجية أخرى البحر‬
‫لتنضمإلى‬
‫ّ‬ ‫عن طريق موانئ شرقي الجزيرة العربية‪ ،‬ووصلت إلى الضفة الشرقية للخليج العربي‬
‫الجيوش القادمة من البصرة‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫وف‪P‬ي العص‪P‬ر األموي ظلّ‪P‬ت منطق‪P‬ة الخلي‪P‬ج العرب‪P‬ي تابعة للسلطة األمويّة في ال ّشام‪ ،‬وشارك أهلها في األحداث السياسية آنذاك‪ّ ،‬ثم في‬
‫كثيرة أثّرت سلبًا على‬
‫ً‬ ‫التط ّورات التي تبعتها‪ ،‬وخالل فترة العصر العباسي (‪750‬هـ ‪1258 -‬م) شهدت منطقة الخليج العربي أحداثا ً‬
‫األوضاع السياسية واالقتصادية‪ ،‬ومن هذه األحداث حركتي‪ :‬الزنج والقرامطة‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 496‬هـ‪ 1103 /‬م تمكن عبد هللا بن علي العيوني من القضاء على القرامطة‪ ،‬وتأس‪P‬يس إمارة عربي‪P‬ة ف‪P‬ي منطقة شرق‬
‫الجزيرة العربية اس‪P‬تمرت قرابة قرن ونصف من الزمن‪ ،‬وقد نافس بنو عامر العيونيين في حكم المناطق الداخليّة إلقليم البحرين‪ ،‬وتم ّكنوا‬
‫في النهاية من إسقاط اإلمارة العيونية‪ ،‬وأنشأوا اإلمارة األولى لهم‪ ،‬وهي إمارة بني عصفور التي استمرت قرابة قرن ونصف من الزمان‪.‬‬

‫وبعد سقوطها تم ّكن فرع آخر من بني عامر من إنشاء اإلمارة الثانية لبني عامر‪ ،‬وهي إمارة بني جبر( العقيلية) التي استمرت قرابة‬
‫قرن ونصف من الزمان‪ ،‬ثم قضى عليها البرتغاليون‪.‬‬

‫استمرار حركة ّالتجارة والمالحة على طول سواحل اإلمارات‪ ،‬حيث كشفت اآلثار عن وجود كميات كبيرة من الخزف والفخار الصيني‬
‫ذي اللون األزرق‪ ،‬واألواني المستوردة من شرق آسيا‪.‬‬
 ‫أهم ما يميز الحقبة اإلسالمية‬

‫كمركز تجاريٍّ في مطلع القرن الرابع عشر‪،‬‬

‫ٍ‬ ‫‪ ‬بروز جلفار الواقعة بين منطقتي الندود والمطاف برأس الخيمة‬
‫وتزامن ذلك مع قيام مملكة هرمز العربيّة على الضفة المقابلة للخليج العربي‪ ،‬وقيامها بدور كبير ومهم في حركة‬
‫التجارة العالمية آنذاك‪.‬‬

‫ضا في أوائل القرن السادس عشر وبحسب وصف المؤلف البرتغالي (دوراتي باربوزا) لها ّ‬
‫بأن سكانها‬ ‫تميّز جلفار أي ً‬
‫وأن فيها أيضا ً مركز صيد يجري فيه جمع الآللىء‪.‬‬
‫جديرون بك ّل تقدير‪ ،‬وأنّهم ماّل حون بارعون‪ ،‬وتجار جملة كذلك‪ّ ،‬‬

‫تع ّرض المناطق الشماليّة والشرقيّة لإلمارات لحركة استيطان خالل تلك الحقبة‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل المكتشفات‬
‫األثريّة التي ظهرت خالل عملية المسح اآلثاري للحصون واألبراج‪ ،‬والتي فاق عددها السبعين مبنًى‪ ،‬تعود جميعها‬
‫إلى تلك الحقبة التي سبقت قدوم البرتغاليين‪.‬‬
‫حصن البثنة الذي يُع ّد من أقدم الحصون في الدولة‪ ،‬ويقع على طريق وادي حام‪ ،‬وقلعة الفجيرة بآثارها التي تنتمي لتلك الفترة أيضًا‪،‬‬
‫والكثير من الحصون الصغيرة واألبراج على طول الساحل الشرقي لإلمارات‪ ،‬والتي ّتم تشييدها ألغراض دفاعية ولحماية المناطق‬
‫الزراعيّة‪.‬‬

‫مسجد البدية الذي يقع على جانب الطّريق ما بين خورفكان ودبا‪ ،‬والذي يتألف من أربع قباب قديمة‪ ،‬ويُع ّد أقدم مسجد في المنطقة‪ ،‬إذ ال‬
‫يُعرف متى ّتم بناؤه على وجه التحديد‪ ،‬ولكن يرجّح أنّه ُشيّد في أواخر القرن الخامس عشر‪ ،‬وهو ال يزال قائ ًما مستخدما ً في الدولة حتّى‬
‫اآلن‪.‬‬
‫ق‬
‫كمركز لتجارة القوافل‪ ،‬ومفتر ٍ‬
‫ٍ‬ ‫مدينة العين التي حافظت طوال فترة العصور اإلسالمية على أهميتها‬
‫رئيس للثروة الزراعيّة؛ وذلك لوفرة المياه فيها واستخدام نظام األفالج‬
‫ٍ‬ ‫در‬
‫للطرق الصحراويّة‪ ،‬ومص ٍ‬
‫المتط ّور‪ ،‬وقد أشارت كتب التاريخ اإلسالم ّي إلى منطقتي ( حفيت وتوام) وما يتوفر فيهما من واحات‬
‫ومنتجات زراعيّة يتم تصديرها إلى المناطق المجاورة‪ ،‬وهو ما أ ّكدته المكتشفات األثرية في مناطق متفرقة‬
‫ّات تعود جميعها إلى العصور‬
‫ملونة‪ ،‬وخزفي ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وأوان‬
‫ٍ‬ ‫قديمة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫أدوات منزلي ٍّة‬
‫ٍ‬ ‫من منطقة العين‪ ،‬والتي تمثّلت في‬
‫اإلسالمية المختلفة‪.‬‬

‫جزيرة دلما ودورها الها ّم خالل تلك الحقبة التاريخية التي سبقت قدوم البرتغاليين‪ ،‬فقد مثّلت المركز البحر ّ‬
‫ي‬
‫األساس ّي للغوص على اللؤلؤ‪ ،‬ويؤكد ذلك ما ذكره البكري ّأن أشهر مغاصات اللؤلؤ في الخليج كانت في‬
‫( المناطق الواقعة بين قطر وعمان)‪ ،‬وهي إشارة واضحة إلى سواحل اإلمارات‪ ،‬وخاصة أبوظبي‪ ،‬وهذا ما‬
‫وخزفيات تعود إلى تلك الحقبة التاريخية‪ ،‬كما أ ّكدته أيضًا‬
‫ٍ‬ ‫ملونة‬
‫ٍ‬ ‫أوان‬
‫ٍ‬ ‫أ ّكدته المكتشفات األثرية أيضًا‪ ،‬من‬
‫سجالت األرشيف البريطاني فيما بعد‪.‬‬
‫المدن التي تميّزت بها المنطقة‪ ،‬والتي ذكرها الرحالة البندقي (بالبي‪ ) Balbi‬في عام ‪1580‬م‪ ،‬إثر زيارته لمنطقة الخليج العرب ّي‪ ،‬ويُع ّد ما كتبه في‬
‫القرن السادس عشر من أقدم ما وصلنا من معلومات عن أسماء تلك المدن والمناطق الواقعة على الساحل العربي للخليج‪ ،‬ويهمنا مما ذكر مدن‬
‫سواحل منطقة اإلمارات‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫(‪ )Daas‬جزيرة داس‪.‬‬
‫(‪ )Emegorcenon‬جزيرة أم قرنين‪.‬‬
‫(‪ )Anzevie‬جزيرة أرزنة‪.‬‬
‫‪ ) )Zerecho‬جزيرة زركوه ‪.‬‬
‫‪ ))Delmephialmas‬جزيرة دلما‪.‬‬
‫(‪ )Sirbeiast‬جزيرة صير بني ياس‪.‬‬
‫(‪ )Aldanna‬جبل الظنة‪.‬‬
‫بوظبي‬
‫‪.‬‬ ‫ي وقد يكونهو أقدم إشار ٍة أل‬
‫‪ ))Qirqishan –Cheriza‬خور قرقشان‪ ،‬ويقع في الجنوب الغربيمن جزيرة أبوظب ‪،‬‬
‫(‪ ) Dibei‬وهي ُدب ّي‪.‬‬
‫‪ ) )Sarba‬وهي الشارقة‪.‬‬
‫(‪ )Agiman‬وهي عجمان‪.‬‬
‫(‪ )Emegovien‬وهي أم القيوين‪.‬‬
 ‫أحمد بن ماجد (أمير البحر)‬

‫عاش أحم‪P‬د ب‪P‬ن ماج‪P‬د المالح العرب‪P‬ي الخليج‪P‬ي ف‪P‬ي القرن الخام‪P‬س عش‪P‬ر الميالدي‪ ،‬وقضى معظم أيام‬
‫حياته متنقال بين موانئ ومرافئ الخليج العربي وبحر العرب والبحر األحمر‪ ،‬وسواحل إفريقيا الشرقية‬
‫وسواحل الهند والصين‪ .‬كان عال ًم‪P‬ا بالفل‪P‬ك وبف‪P‬ن المالح‪P‬ة‪ ،‬درّس قياسات النجوم ومواقعها وأعاد التحقيق‬
‫والتدقيق فيما كتب في هذا المجال‪ ،‬وعكف على دراس‪P‬ة كت‪P‬ب بطليموس وغيره من جغرافيي اليونان‪ ،‬ثم‬
‫أتى على كتب الجغرافيين العرب‪ ،‬وأل ّم بما جاء فيها من دقائق األمور وتفاصيلها‪ .‬شرع في تصنيف علم‬
‫جديد هو عل‪P‬م المالح‪P‬ة البحري‪P‬ة‪ ،‬وطبق فيه أصول علم الفلك‪ ،‬فصارت مالحته فلكية‪ :‬بيّن مواقع النجوم‪،‬‬
‫ومنازل القمر‪ ،‬وطريقة االهتداء بها في البحر‪ ،‬وتواريخ طلوعها وغروبها محسوبةً بالسّنة الشمسيّة‪.‬‬

‫وله مص‪P‬نفاتٌ في هذا العلم منها‪ :‬كتاب) الفوائد في أصول علم البحر والقواعد‪ 1489‬م)‪ ،‬وكتاب (الفصول‬
‫قصيدة يصل عدد أبياتها إلى ‪ 4603‬بيتًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫(وكتاب )الملل(‪ ،‬كما وصلت عدد األراجيز والقصائد إلى ‪34‬‬
‫‪ ‬‬

‫كما رس‪P‬م الكثي‪P‬ر م‪P‬ن الخرائ‪P‬ط البحري‪P‬ة‪ ،‬وقام بالعديد من الرّحالت إلى شرق إفريقيا والهند وشرق آسيا‬
‫والصين‪ .‬وانتشرت تص‪P‬انيف اب‪P‬ن ماج‪P‬د انتشاراً واس‪P‬عا ً في القرنين السادس عشر والسابع عشر‪ ،‬تُرجم‬
‫الكثي ُر منها إلى ع ّدة لغات شرقية وأوربية‪ :‬كالتركيّة والرّوسيّة واالنجليزيّة والفرنسيّة والبرتغاليّة‪.‬‬

‫ويُع ّد كتاب‪P‬ه ( الفوائ‪P‬د ف‪P‬ي أص‪P‬ول عل‪P‬م البح‪P‬ر والقواع‪P‬د ( م‪P‬ن أه‪P‬م مؤلفات اب‪P‬ن ماج‪P‬د‪ ،‬ومن أهم الكتب تداواًل‬
‫وخاصة المستشرقون بال ّدرس والتمحيص خالل‬
‫ّ‬ ‫في فترة الكشوف الجغرافية‪ ،‬حيث تناوله الباحثون‪،‬‬
‫العصر الحديث؛ وبهذا يصبح ابن ماجد أول مؤلفي المرشدات المالحية في العصور الحديثة‪.‬‬
‫التوسع األوروبي في المحيط الهندي‬

‫‪ -1‬النّفوذ البرتغالي‪:‬‬

‫تُع ّد البرتغال من أوائل الدّول األوروبيّة التي استطاعت الوصول إلى سواحل المحيط‬
‫الهندي‪ ،‬بعد أن تمكنت من اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح عام ‪1498‬م عن طريق‬
‫رحلة فاسكو داجاما‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 1507‬م وصل (‪ )Vasco da Gama‬إلى سواحل الخليج العربي بقيادة‬
‫(الفونسودي البوكرك )‪ ،‬وهاجم مملكة هرمز العربية إاّل أنّه انسحب وعاد إلى‬
‫محاصرتها مرة أخرى عام ‪ 1515‬م‪ ،‬وتمكن من االستيالء عليها وعلى جميع السواحل‬
‫الجنوبية للخليج العربي‪ .‬وقد مثّل ذلك بداية عهد السيطرة االستعمارية على المحيط‬
‫الهندي والخليج العربي‪ ،‬وفي السنوات التالية عزز البرتغاليون وجودهم في الخليج‬
‫وأقاموا لهم حاميات ع ّدة‪ ،‬وأحكموا سيطرتهم على حركة المالحة في المنطقة‪ ،‬وأصبحوا‬
‫أسياد الخليج إلى نهاية القرن السادس عشر الميالدي‪.‬‬
 ‫ومع مطلع القرن السابع عشر الميالدي أخذ النفوذ البرتغالي يضعف وينحسر بشكل‬
‫عدة من أهمها‪:‬‬
‫تدريجي‪ ،‬وذلك ألسباب ّ‬
‫‪ -1‬انضمام البرتغال إلى االتحاد اإلسباني عام ‪1580‬م‪ ،‬وكان اهتمام األسبان آنذاك موجها ً إلى‬
‫تواجدهم في أمريكا‪ ،‬ودخول البرتغال في الحروب التي كانت قائمة بين إسبانيا وهولندا‪.‬‬
‫اليعربي‪.‬‬ ‫‪ -2‬المقاومة العربية التي واجهها البرتغاليون في الخليج بقيادة ناصر بن مرشد‬
‫‪ -3‬التنافس األوروبي‪-‬األوروبي‪ ،‬ووصول الهولنديين والبريطانيين والفرنسيين إلى سواحل‬
‫المحيط الهندي‪ ،‬ودخولهم في صراع مع البرتغاليين‪.‬‬
 ‫النفوذ البريطاني‪:‬‬
‫ف‪P‬ي عام ‪1600‬م أس‪P‬ست شرك‪P‬ة الهن‪P‬د الشرقيّ‪P‬ة البريطانيّ‪P‬ة‪ ،‬فكان من نتائجها توسع النفوذ البريطاني نحو‬
‫الخليج العربي والتقاء مصالح بريطانيا مع مصالح الفرس‪ ،‬مما ترتب عليه أن شن الطرفان هجوما ً على‬
‫هرمز عام ‪1622‬م‪ ،‬وتمكنوا من إلحاق الهزيمة بالجيوش البرتغالية‪ ،‬كما تعاون اإلنجليز مع الهولنديين‬
‫ونجحوا عام ‪ 1625‬م من إلحاق هزيمة أخرى باألسطول البرتغالي في جنوب الخليج العربي‪ ،‬وفي الوقت‬
‫نفسة تمكن اليعاربة بقيادة ناصر بن مرشد وحلفائه من إلحاق هزائم متتالية بالبرتغاليين والسيطرة على‬
‫جميع مراكزهم العسكرية على طول سواحل ُعمان‪ ،‬حيث تم تحرير صحار عام ‪1643‬م‪ ،‬وتحرير مسقط‬
‫عام ‪1650‬م ‪ ،‬ثم واصل تحرير بقية المدن والمناطق التي كان يسيطر عليها البرتغاليون‪ ،‬واستمروا في‬
‫مطاردتهم إلى الهند وامتدت المعارك إلى سواحل إفريقيا‪.‬‬

‫ي من إحكام قبضتهم على جميع سواحل ُعمان‪ ،‬ثم امتد‬

‫ي القو ّ‬
‫واستطاع اليعاربة بفض‪P‬ل أسطولهم البحر ّ‬
‫نفوذهم ليشمل سواحل شرق إفريقيا‪ ،‬حيث بلغ سلطان اليعاربة ذروته زمن بلعرب بن سلطان بن سيف‬
‫ّ‬
‫وإداريمتط ّور‪ ،‬واقتصا ٍد قويٍّ‬ ‫ياسي‬
‫بنظام س ٍّ‬
‫ٍ‬ ‫اليعربي‪ ،‬الذي جعل دولة اليعاربة مزدهرة قوية‪ ،‬تتمتع‬
‫يعتمد على حركة المالحة والتجارة بين إفريقيا وسواحل الهند والخليج العربي‪.‬‬
‫وخالل النّص‪P‬ف األول م‪P‬ن القرن الثام‪P‬ن عش‪P‬ر أخذت دولة اليعاربة في التفكك وأصابها الضعف بسبب الفتن والحروب‪ ،‬فبعد وفاة اإلمام سلطان بن سيف اليعربي‬
‫عام ‪ 1718‬م ‪ ،‬لم يرض بعض العمانيين بتعيين ابنه سيف بن سلطان بسبب حداثة سنه‪ ،‬وأدى هذا الخالف إلى انقسام دولة اليعاربة إلى كتلتين سياسيتين هما‪:‬‬

‫‪ -1‬الغفارية‪ .‬بزعامة محمد بن ناصر الغافري الذي اتخذ من الرستاق مقراً له‪.‬‬

‫‪ -2‬الهناوية‪ .‬بزعامة خلف بن مبارك الهنائي الذي اتخذ من مسقط مقراً له‪.‬‬

‫ووقعت الحرب بن الطرفين عام ‪1728‬م ‪ ،‬قتل فيها القائدان؛ مما أدى إلى إضعاف سلطة اليعاربة وانتهاء حكمهم‪ .‬وكان من نتائج تلك الحرب األهلية إعادة تشكيل‬
‫التحالفات القبلية وفقا ً للظروف والتطورات السياسية‪ .‬وقد استغل الفرس بقيادة نادر شاه األوضاع التي كانت تم ّر بها دولة اليعاربة آنذاك وحاولوا السيطرة على‬
‫مسقط‪ ،‬ثم توغل جيشهم في المناطق ال ّداخلية ووصل إلى منطقة البريمي‪ ،‬وقام بتدمير القالع والحصون‪ ،‬إال أن الفرس ‪ ،‬واجهوا مقاومة شرسة من أهالي المنطقة‬
‫مما دفعهم إلى االنسحاب والعودة إلى إيران‪ ،‬ثم قاموا بمحاولة ثانية عام ‪1738‬م ولم تنجح محاوالتهم وتم طردهم نهائيا ً عام ‪1743‬م‪.‬‬

‫وعندها تمكن أحمد بن سعيد من توحيد المقاومة العمانية والسيطرة على صحار ومنطقة الباطنة‪ .‬وفي عام ‪1749‬م تم‪P‬ت مبايعت‪P‬ه باإلمام‪P‬ة فكان‪P‬ت بداي‪P‬ة عه‪P‬د جديد‬
‫ف‪P‬ي عُمان‪ ،‬وفي تلك الفترة نفسها انفصل القس‪P‬م الشمال‪P‬ي من س‪P‬احل عمان(اإلمارات العربي‪P‬ة المتحدة حاليا) وأخذت نواة قوى قبلية جديدة تظهر في المنطقة أهمها‪:‬‬
‫القواسم وحلف بني ياس ‪.‬‬
 ‫حلف القواسم‬

‫تشكل حلف القواسم من القبائل العربية التي أقامت في المنطقة الواقعة بين رأس مسندم ودبي‬
‫ودانت بالوالء لشيخ القواسم‪ ،‬الذي اتخ‪P‬ذ م‪P‬ن رأ‪P‬س الخيم‪P‬ة مقراً له‪ .‬اعتمد القواسم في اقتصادهم‬
‫على البحر‪ ،‬حيث مارسوا فيه نشاطهم المالحي والتجاري‪ ،‬وكانوا يقومون برحالت بحريّة إلى‬
‫الهند وشرق إفريقيا‪.‬‬

‫ش ّك‪P‬ل القواس‪P‬م ف‪P‬ي النّص‪P‬ف الثان‪P‬ي م‪P‬ن القرن الثام‪P‬ن عش‪P‬ر الميالدي أكبر ق ّوة عربيّة في المنطقة‪،‬‬
‫وامتد نفوذهم ليشمل عدة مدن في الساحل الشرقي للخليج العربي‪ ،‬وبفضل ق ّوتهم البحرية تحكم‬
‫القواسم بمضيق هُرمز وأصبحوا أصحاب السلطة العليا فيه‪ ،‬حيث كانت التجارة البحرية تشكل‬
‫المصدر الرئيس القتصادهم ومواردهم المالية‪ ،‬وكانت تجارتهم مع الهند تحظى بأهمية كبيرة‪،‬‬
‫وكانوا ينظرون لإلنجليز الذين عال شأنهم في تلك الفترة بأنّهم منافسون‪ ،‬ويشكلون خطراً على‬
‫عالقاتهم التجارية‪ ،‬وعلى حركة المالحة في المحيط الهندي‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫فبعد أن أحكم اإلنجليز سيطرتهم على موانئ الهند‪ ،‬أخذوا يطالبون السفن التجاريّة التي تتردد على هذه الموانئ بتصاريح إنكليزية‪ ،‬تمهيداً‬
‫لبسط سلطتهم المطلقة على حركة المالحة في المحيط الهندي والمناطق المجاورة له؛ لذلك اعتبر اإلنجليز القواسم ق ّوةً منافسةً لهم‪ ،‬فعملوا على‬
‫ي في المحيط الهندي‪ ،‬وأخذت شركة الهند الشرقيّة التع ّمد في اختالق الذرائع وتوجيه التّهم إلى القواسم في األحداث‬
‫الح ّد من نشاطهم البحر ّ‬
‫وروج اإلنجليز الشائعات التي اتّهموا من خاللها سفن القواسم بمهاجمة السفن التجاريّة البريطانية‪،‬‬
‫البحريّة التي كانت تقع في المحيط الهندي‪ّ .‬‬
‫وكان هدف بريطانيا هو تعزيز سيطرتها على حركة المالحة في المحيط الهندي والسعي للسيطرة على منطقة الخليج العربي‪.‬‬

‫وفي هذا ال ّ‬
‫صدد‪ ،‬قامت شركة الهند الشرقيّة البريطانيّة بعقد اتفاقيات تجارية مع ك ٍّل من‪:‬‬

‫‪ -1‬سلطان مسقط عام ‪1798‬م‪ ،‬شملت ع ّدة بنود كان من أه ّمها‪ :‬إبعاد الفرنسيين من جميع أراضي ُعمان‪ ،‬وتقديم المساعدة لإلنجليز في حالة‬
‫وقوع حرب في المنطقة‪.‬‬

‫‪ -2‬إيران عام ‪1801‬م‪ ،‬وضمنوا من خاللها تعزيز وجودهم في الخليج العربي وإبعاد خطر الفرنسيين عن المنطقة‪.‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫الحمالت العسكرية البريطانية‬
‫ورغم هذا النّجاح الذي حققته بريطانيا في الوصول إلى مياه الخليج الدافئة م‪P‬ع نهاي‪P‬ة القرن الثام‪P‬ن عشر الميالدي‪،‬‬
‫القوي المسيطر على حركة التّجارة في الخليج‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫شديدة من قبل القواسم‪ ،‬حيث استمر نفوذهم‬ ‫ً‬
‫مقاومة‬ ‫فإنّها واجهت‬
‫بيعي أالّ يتّفق هذا التط ّور مع مصالح السلطة البريطانية التي استمرت في التّطلّع إلى السيطرة‬
‫العربي‪ ،‬وكان من الط ّ‬
‫على طرق التجارة ومنطقة الخليج العربي‪ .‬ولذا قررت استخدام الق ّوة ض ّد القواسم‪ ،‬فقامت بما يلي‪:‬‬

‫حملة ‪1805‬م‪:‬‬

‫الذي عهدت فيه إلى المقيم البريطاني ديفيد ستون والقبطان قائد الطراد مورنيغتون بالتوجه إلى الخليج العربي‪،‬‬
‫وديفيد روس قائد السفينة الحربية الملكية والقبطان غيلمور ( ‪ )Gilmour‬لمهاجمة سفن القواسم‪ .‬وتمكنت الحملة من‬
‫السيطرة على بعض الجزر والمواقع في جنوب الخليج العربي في ‪ 1805‬م‪.‬‬

‫وبعد ذلك جرت محادثات بين القواسم واإلنجليز انتهت بتوقيع اتفاقيّة في فبراير عام ‪1806‬م ‪ ،‬تض ّمنت ع ّدة بنود‬
‫عالجت بصورة عا ّم ة األوضاع في منطقة الخليج العربي‪ ،‬واستتباب األمن وحماية السفن والممتلكات البريطانيّة‪.‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫حملة ‪:1809‬‬

‫استغل اإلنجليز بعض األحداث التي وقعت في مياه الخليج العربي لتبرير سعيهم للهيمنة وفرض السيطرة على المنطقة‪ ،‬وللقضاء على ق ّوة القواسم؛‬
‫حملة عسكري ٍة في سبتمبر عام ‪1809‬م‪ ،‬هدفها الرئيسي الهجوم على رأس الخيمة وحرق جميع السفن الراسية في‬
‫ٍ‬ ‫فاتّخذت بريطانيا قراراً بإرسال‬
‫الميناء وتدميرها‪.‬‬

‫المدفعيالذي استخدمه‬
‫ّ‬ ‫مقاومة باسلةً من القواسم وأهالي المنطقة‪ ،‬إاّل أن األسلحة النّارية والقصف‬
‫ً‬ ‫بدأت المعركة فجر ‪ 12‬نوفمبر ‪1809‬م‪ ،‬وواجهت‬
‫اإلنجليز تسببا في وقوع خسائر فادحة في صفوف القواسم‪ ،‬ورغم ما حققته الحملة البريطانية من انتصار عسكري فإنّها فشلت في تحقيق جميع أهدافها‪،‬‬
‫حيث تمكن القواسم من إعادة تنظيم صفوفهم وت ّم إنقاذ القسم األكبر من أسطولهم البحري‪.‬‬
 ‫وف‪P‬ي عام ‪1814‬م عق‪P‬د القواس‪P‬م والس‪P‬لطات البريطانيّ‪P‬ة متمثل ًة‪ P‬بشرك‪P‬ة الهن‪P‬د الشرقي‪P‬ة اتفاقي‪P‬ة ّ‬
‫نصت مقدمتها على‬
‫رغبة الطرفين في إقامة عالقات صداقة‪ ،‬وأكدت بنودها على إحالل السّالم في المنطقة‪ ،‬إذ تعهّد ك ٌّل من الطّرفين‬
‫باحترام علم الطّرف اآلخر‪ ،‬وكفل له حرية التجارة وفتح الموانئ لجميع السّفن‪ ،‬إاّل ّأنهذه االتفاقية لم تستمر‬
‫طويالً بسبب السّياسة المتش ّددة التي اتبعها الحاكم البريطاني الجديد لبومباي‪ ،‬وت ّم التّخطيط الستخدام الق ّوة بذريعة‬
‫ّ‬
‫أن السّلم لم يستم ّر‪ ،‬ولكن في الواقع كان الهدف من وراء ذلك السّيطرة على منطقة الخليج العربي‪.‬‬

‫وبناء على تعليمات الحاكم العام للهند‪ ،‬أصدرت حكومة بومباي أوامرها إلى الممثّل ّ‬
‫السياسي البريطان ّي في‬ ‫ً‬
‫العراق الكابتن روبرت تايلر‪ ،‬بإعداد تقرير مفصل عن موانئ القواسم والقبائل المتحالفة معهم وعن ق ّوتهم‬
‫البحريّة‪ ،‬وقد رفع تايلور هذا التقرير في صيف عام‪1818‬م‪ ،‬وبدا واضحا ً أن سلطات الهند البريطانيّة أخذت في‬
‫لح عل‪P‬ى معاق‪P‬ل القواس‪P‬م لتدمير ق ّوتهم البحريّة على الرغم من المحاوالت التي قام بها القواسم‬
‫اإلعداد لهجو ٍم‪ P‬مس‪ٍ P‬‬
‫للتقرب من الحكومة البريطانية‪ ،‬والتأكيد على رغبتهم في التو ّ‬
‫صل إلى اتفاقية سالم مع بريطانيا‪.‬‬
 ‫حملة ‪1819‬م‪:‬‬
‫بدأ الهجوم على إمارة رأس الخيمة في يوم ‪ 3‬ديسمبر ‪ 1819‬م‪ ،‬وقد دافع القواسم وأهالي المنطقة دفاعا ً كبيراً رغم الخسائر الفادحة في األرواح‪،‬‬
‫الصمود عدة أيام‪ ،‬إاّل ّأن النّقص الكبير في الذخيرة وكثافة نيران المهاجمين أجبرتهم على االستسالم بشروط‪ .‬وجرت المفاوضات بين‬
‫واستطاعوا ّ‬
‫الطرفين للوصول إلى تسوية سياسيّة‪ ،‬بدأت بإطالق سراح شيخ رأس الخيمة حسن بن رحمة وبقيّة القادة والزعماء‪.‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫المعاهدات البريطان ّية‬

‫المعاهدة العامة ‪ 1820‬م‪:‬‬

‫بعد أن استطاعت حملة ‪ 1819‬م من تحطيم ق ّوة القواسم البحرية والقضاء عليها‪ ،‬لم تنسحب الق ّوات‬
‫الساحل كما حدث في الحملتين السابقتين ( ‪1805‬م و ‪1809‬م)‪ ،‬وإنّما أنزلت جنودها على‬
‫البريطانيّة من ّ‬
‫السّاحل وأنشأت لها ع ّدة حاميات‪ ،‬ومن ثَ َّم قامت بريطانيا بتوقيع ع ّدة معاهدات انفراديّة (اتفاقية أولية)‪.‬‬
‫البريطانية الكابتن ج‪.‬بيرنت تومسون أحد ضباط الحملة‬
‫باللغة العربيةم‪1820‬ومترجم الحملة وكاتب اتفاقية‬ ‫جرى التفاوض بين قائد الحملة وعد ٍد من شيوخ اإلمارات في مق ّدمتهم شيخ القواسم سلطان بن صقر‪،‬‬
‫وشيخ أبو ظبي شخبوط بن ذياب‪ ،‬وشيخ رأس الخيمة حسن بن رحمة‪ ،‬وت ّم التّوقيع على اتفاقيّة أ ّوليّة نصّت‬
‫على‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يتعهد القواسم بتسليم السّفن الحربيّة‪ ،‬واالحتفاظ بمراكب الصّيد فقط‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتعهد اإلنجليز بعدم دخول أحياء القبائل العربية بغية تخريبها‪.‬‬
‫‪ -3‬أن ير ّد العرب ما لديهم من أسرى الرعايا البريطانيين‪.‬‬
 ‫بعد ذلك ت ّم توقيع معاهدة ‪ 1820‬م خالل الفترة ما بين ‪ 8‬يناير إلى ‪ 15‬مارس مع جميع شيوخ إمارات السّاحل‪،‬‬

‫وعرفت باسم (المعاهدة العا ّمة)‪ ،‬وقد ش ّكلت تحوالً كبيراً في تاريخ المنطقة‪ ،‬وأصبحت األساس الذي استندت عليه بريطانيا فيما بعد في سيطرتها‬
‫السّياسيّة واالقتصاديّة على كامل منطقة الخليج العربي‪ .‬وقد تض ّمنت المعاهدة العامة ‪ 11‬مادةً‪ ،‬وكان من أه ّم نتائجها‪:‬‬

‫‪-1‬الإعطاء السلطة البريطانية ح ّ‬

‫ق الفصل في جميع المنازعات التي تحدث في الخليج العربي‪.‬‬

‫‪ -2‬تعيين مقيم بريطاني‪.‬‬

‫‪-3‬إقامة قاعدة حربيّة دائمة في المنطقة‪.‬‬

‫بكلما يحدث‪ ،‬وكان يش ّكل‬

‫وكيل سياس ّي ف‪P‬ي الشارق‪P‬ة مه ّمته رفع تقارير مفصل ٍة إلى المقيم البريطاني في الخليج العربي ّ‬
‫ٍ‬ ‫وفي عام ‪ 1823‬م ت ّم تعيين‬
‫حلقة الوصل بين شيوخ اإلمارات والسّلطة البريطانيّة‪.‬‬
 ‫الهدنة البحريّة األولى عام ‪1835‬م‪:‬‬

‫في عام ‪1835‬م اقترح المقيم البريطاني في الخليج هينل (‪ )Hennell‬على حكام المنطقة عقد‬
‫اتفاقية هدنة بحرية مؤقتة‪ ،‬تهدف إلى حفظ األمن والسّلم في البحر‪ ،‬ومما جاء في االتفاقية‪:‬‬
‫" تتوقف األعمال العدوانية في البحر لمدة ‪ 6‬أشهر" ثم جعل الهدنة سنة كاملة‪ ،‬وظلّت هذه‬
‫التعهّدات تُ َج ّدد سنويًا مع المقيم السّياسي حتى عام ‪1843‬م‪.‬‬

‫الهدنة البحريّة الثانيّة لمدة عشر سنوات ‪ 1843‬م‪:‬‬

‫وفي عام ‪1843‬م ّتماالتفاق على توقيع معاهدة الهدنة البحريّة لمدة عشر سنوات بحضور‬

‫صورة اتفاقية (السالم البحري) بين بريطانيا و كافة شيوخ الخليج‬

‫المقيم البريطاني هينل‪ ،‬وقد وقّع عليها الشيخ خليفة بن شخبوط حاكم أبوظبي‪ ،‬والشيخ سلطان‬
‫بن صقر شيخ القواسم‪ ،‬والشيخ مكتوم بن بطي حاكم دبي‪ ،‬والشيخ عبد العزيز بن راشد حاكم‬
‫عجمان‪.‬‬
 ‫صلح الدّائمة ‪1853‬م‪:‬‬
‫معاهدة ال ّ‬

‫وفي مايو ‪1853‬م ت ّم االتفاق على توقيع معاهدة السالم الدائم في البحر‪ ،‬وكان من نتائجها‪:‬‬

‫‪-1‬إحكام بريطانيا سيطرتها على الخليج العربي‪.‬‬

‫‪ -2‬وزيادة تدخلها في الشؤون الداخلية لإلمارات‪.‬‬

‫‪ -3‬إطالق اسم “السّاحل المتصالح” أو “السّاحل المهادن” على المنطقة‪.‬‬

‫‪ -4‬منع القواسم من ممارسة نشاطهم البحري بحريّة واستقالل تام‪.‬‬

‫‪ -5‬تراجع حركة التجارة ونقص حا ّد في الواردات واألموال‪.‬‬

‫‪ -6‬تدمير شامل لجميع مراكب القواسم‪.‬‬

‫في عام ‪1858‬م ت ّم إلغاء شركة الهند الشرقيّة‪ ،‬وتأسيس وزارة شئون الهند التي أصبحت مسؤولة عن كامل إرث الشركة‪ ،‬واشتمل ذلك اإلدارة البريطانية‬
‫في الخليج العربي‪ ،‬وجرى رفع منصب المقيم البريطاني إلى مرتبة المقيم السّياسي البريطاني‪ ،‬أي “الحاكم العام للخليج”‪ ،‬وصار ممثّلوه في الخليج يحملون‬
‫لقب “الوكالء السّياسيين البريطانيين”‪ ،‬ويتبعون إداريا ً الحاكم العام ونائب الملكة فكتوريا (ملكة بريطانيا العظمى) في الهند‪.‬‬
 ‫المعاهدة المانعة األبدية ‪1892‬م‪:‬‬

‫في أواخر القرن التاسع عشر الميالدي ظهرت قوى عظمى منافسة لبريطانيا في المنطقة‪ ،‬حيث حاول األلمان‬
‫والفرنسيون بناء عالقات تعاون مع حكام الخليج العربي‪ .‬كما حاولت الدولة العثمانيّة م ّد نفوذها إلى جنوب‬
‫الخليج العرب ّي‪ ،‬فسارعت بريطانيا إلى عقد اتفاقيّة جديدة معهم عرفت باسم (المعاهدة المانعة ‪1892‬م)‪ ،‬التي‪:‬‬
‫(تع ّهد فيها الح ّكام عن أنفسهم وع ّمن يخلفهم بأن ال يدخلوا في أي اتفاقيات مع أي دولة غير بريطانيا‪).‬‬
‫سيطرة على الشؤون الخارجيّة لإلمارات وأصبحت الممثّل‬
‫وبموجب هذه االتفاقيّة استطاعت بريطانيا ال ّ‬
‫ال ّرسمي لهم في المحافل الدّوليّة‪.‬‬

‫وقد حاول بعض الح ّكام التّص ّدي لهذه الضغوط‪ ،‬وبخاص‪P‬ة حاكم أبو ظبي الشيخ زايد بن خليفة (‪1855‬م‪-‬‬
‫وبانتهاء الحرب العالميّة األولى وصل‬ ‫‪1909‬م)‪ ،‬حيث نجح في‪:‬‬
‫النفوذ البريطاني أقصى درجة له‪،‬‬ ‫‪ -1‬توطيد اإلدارة الداخليّة لإلمارة وتنظيم السّلطة في جميع مناطقها‪.‬‬
‫كلمنافس‬
‫حيث استطاع القضاء على ّ‬
‫‪-2‬اتّساع نفوذه ليصل إلى اإلمارات األخرى‪.‬‬
‫له خالل فترة ما بين الحربين‬
‫‪ -3‬محاولته توحيد جميع اإلمارات تحت زعامته‪ ،‬وأقامة عالقات قويّة مع ال ّدول المجاورة‪.‬‬
‫العالميتين‪.‬‬
 ‫نتائج ظهور ال ّنفط‬
‫‪ ‬‬
‫كان الكتشاف النّفط دو ٌر مه ٌّم في‪:‬‬
‫‪-1‬التطور السريع والمذهل في حركة الطيران‪.‬‬
‫‪-2‬التوسع في استخدام المركبات‪.‬‬
‫‪-3‬اهتمام بريطانيا بامتيازات النّفط‪.‬‬
‫‪-4‬إقامة خط جوي يربط لندن بمستعمراتها في الشرق األوسط والهند والشرق األقصى‪.‬‬

‫‪ -5‬توقيع اتفاقية الطيران الجوي في يوليو ‪1932‬م‪ ،‬بين الشيخ سلطان بن صقر القاسمي‪ -‬حاكم‬
‫الشارقة والحكومة البريطانية‪.‬‬
‫‪ -6‬فتح مطارات في ك ّل من جزيرة صير بني ياس ‪1935‬م‪ ،‬وفي دبي ورأس الخيمة ‪1937‬م‪.‬‬
‫إنشاء شركة تطوير بترول السّاحل المتصالح المحدودة بين عام ّي ‪1939 -1936‬م‪.‬‬
‫ق التّنقيب عن النّفط لمدة ‪ 75‬عا ًما‪ ،‬حتى ال تنافسها شركة أخرى‪  .‬‬
‫حصول بريطانيا على ح ّ‬
‫‪ ‬‬
 ‫وفي خالل الحرب العالميّة الثانيّة‬

‫محاوالت قد تقوم بها ألمانيا للوصول إلى المنطقة‪ ،‬وح ّددت‬

‫ٍ‬ ‫ش ّددت بريطانيا قبضتها على منطقة الخليج العربي‪ ،‬لمنع أي ِّة‬
‫ال ّدول التي يمكن استيراد السّلع منها‪ ،‬وكان لهذه اإلجراءات آثارها السّلبية على اقتصاد المنطقة‪ ،‬حيث أ ّدت إلى انهيار‬
‫ّ‬
‫وظل األمر كذلك حتى انتهاء الحرب‪.‬‬ ‫وتدهور األوضاع االقتصاديّة‪ ،‬وتوقّف شركات النّفط عن التّنقيب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تجارة اللؤلؤ‪،‬‬
‫وبع‪P‬د الحرب العالميّ‪P‬ة الثانيّ‪P‬ة نقل البريطانيون مقرّهم من بوشهر على السّاحل اإليراني إلى البحرين عام ‪1946‬م‪ .‬كما ّ‬
‫أن‬
‫استقالل الهند عام ‪1947‬م أ ّدى إلى إلغاء حكومة الهند‪ ،‬وأصبحت شؤون الخليج تُدار من قبل وزارة الخارجيّة البريطانيّة‪.‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫حلف بني ياس‬

‫تُع ّد قبيلة بني ياس إحدى القبائل الرئيسة في شبة الجزيرة العربيّة‪ ،‬وتعود أول إشارة لها عام ‪1580‬م حين ذكرها‬
‫الرّحالة ( بالبي) الذي زار المنطقة في تلك الفترة وذكر جزيرة صير بني ياس‪ .‬كما ذكرها المؤرخ العماني (عبدهللا بن‬
‫خلفان بن قيصر ) في كتابه عن ( سيرة اإلمام ناصر بن مرشد اليعربي)‪ ،‬حيث أشار فيه إلى جزيرة بني ياس ومناطق‬
‫نفوذهم في بادية الظفرة وواحات ليوا‪ ،‬ووصفهم " بأنّهم أولو ال ّش ّدة والعزم والبأس"‪ ،‬وكانت تربطهم عالقات قوية‬
‫بالهالليين من بني جبر ح ّكام اإلحساء آنذاك‪ ،‬األمر الذي يؤ ّكد مكانة بني ياس ونفوذهم‪ ،‬ووجودهم في المنطقة قبل ذلك‬
‫التاريخ بزمن طويل‪.‬‬

‫تولى قيادتهم آل بو فالح بزعامة آل نهيان وأيضا أال بو فالسة‪ ،‬الذين استقر غالبيتهم في دبي ‪1833‬م ومنهم آل مكتوم‬
‫ح ّكام دبي‪ .‬وف‪P‬ي عه‪P‬د الشي‪P‬خ شخبوط ب‪P‬ن ذياب (‪1816 -1793‬م) أص‪P‬بحت جزيرة‪ P‬أبوظ‪P‬بي مق ًرا رئي ًس‪P‬ا لبني ياس‪،‬‬
‫وأقيم حصن بني ياس ‪1795‬م في أبوظبي وط ّورت أبراجه‪ .‬وقد كانت الظّفرة وليوا المق ّر الرئيس للقبيلة حيث أقاموا‬
‫فيهما حصونًا ع ّدة التزال آثارها باقية حتى اليوم‪ .‬وقد كان بعض فروع القبلية يتنقّلون بين المناطق ال ّداخلية والمناطق‬
‫السّاحلية‪.‬‬
‫وبعد اكتشاف المياة العذبة عام ‪1761‬م في جزيرة أبوظبي‪ ،‬استقر بعض فروع القبيلة في هذه الجزيرة‪ ،‬وذلك زمن الشيخ ذياب بن عيسى الذي‬
‫اتخذ منها مقرا دائما له‪ ،‬وبدأ بممارسة سلطاته السّياسية واإلداريّة‪.‬‬

‫‪ -1‬الشيخ شخبوط بن ذياب(‪1816 -1793‬م) ‪ ،‬و أهم االنجازات في عهده‪:‬‬

‫أصبحت جزيرة أبوظبي في عهده العاصمة والمق ّر الرئيس لقبيلة بني ياس‪ ،‬كما اتّخذها مقره الدائم عام ‪1795‬م‪ ،‬حيث بنى في جزيرة أبوظبي‬
‫األساسي المبن ّي من الطّين‪ ،‬ليكون موقعًا حصينًا لحراسة مدخل الجزيرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قصره وط ّور برجه‬

‫شهدت إمارة أبوظبي في ّ‬

‫ظل حكم الشيخ شخبوط نموا سريعًا‪ ،‬حيث توجه أهلها نحو البحر‪ ،‬ومارسوا صيد السمك والغوص على اللؤلؤ‪ ،‬ونشطت‬
‫حركة المالحة وازدهرت تجارة اللؤلؤ‪ ،‬وقد أشار ال ّرحالة (بوكينكهام) الذي زار أبوظبي (‪1816‬م) ّ‬
‫بأن جزيرة أبوظبي مكان تمارس فيها التجارة‪.‬‬

‫ي مه ٍّم في المنطقة‪ ،‬واتّسع نشاطها البحري‪ ،‬إذ أخذت أعداد سفن‬

‫ياسي واقتصاد ّ‬
‫أصبحت إمارة أبوظ‪P‬بي من‪P‬ذ مطل‪P‬ع القرن التاس‪P‬ع عش‪P‬ر ذات نفو ٍذ س ّ‬
‫كبير وملحوظ‪ ،‬فنمت تجارة اللؤلؤ وتوسعت‪ ،‬ورافق ذلك تحسن في وسائل المواصالت مع الهند‪ .‬وسرعان ما أصبحت‬
‫بشكل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫الغوص في االزدياد‬
‫جزيرة دلما المركز الرئيس في جنوب الخليج العربي لتجارة اللؤلؤ‪ ،‬حتّى أخذ التّجار يفدون إليها من جميع المناطق المجاورة ومن الهند‪.‬‬
‫وقامت منطق‪P‬ة العي‪P‬ن خالل هذه الفترة بدور مه‪P‬م في تزوي‪P‬د جزيرة أبوظبي بالفاكهة والخضروات والتمور والحبوب‪ ،‬إذ كانت‬
‫أهم المراكز االقتصادية في المنطقة‪ ،‬فمنذ القدم كانت العين ملتقى القوافل‪ ،‬ومكانا ً يقضي فيه شيوخ آل نهيان فترة‬
‫تُع ّد أحد ّ‬
‫الصيف لنقاوة هوائها ووفرة مياهها وكثرة خيراتها‪ ،‬وقد كانت ومازالت تمثل امتدا ًدا طبيعيًا واستراتيجيًا ألبوظبي العاصمة‬
‫شرقًا‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للظفرة وليوا في المناطق الغربية‪ .‬ولقد لعبت العالقات الطيّبة التي ربطت قبائل أبوظبي‪ ،‬والّتي‬
‫مهًم في تعزيز الوحدة ّ‬
‫السياسيّة للقبيلة‪ ،‬وتعزيز مكانة قبيلة بني ياس وآل نهيان في القيادة‬ ‫ا ًّّ‬ ‫بُنيت على الو ّد واإلخاء‪ ،‬دورًا‬
‫وال ّريادة‪.‬‬

‫وفي عهد الشيخ شخبوط بن ذياب شهدت العالقات الخارجية ألبوظبي انفتاحا ً ملموسا ً على دول الجوار وبخاصة ُعمان؛ حيث‬
‫ٌ‬
‫ملحوظ في حركة التّجارة‪ ،‬كما أصبح ميناء أبوظبي في مطلع القرن التاسع عشر مرك ًزا‬ ‫ٌ‬
‫تبادل‬ ‫توطّدت العالقات وحدث‬
‫للبواخر والسّفن التجارية‪.‬‬
‫قوة إقليم ّية على ساحل الخليج العربي‪:‬‬
‫تحول أبوظبي إلى ّ‬
‫أسباب ّ‬
‫‪ -1‬استمرار زعامة آل بو فالح بقيادة آل نهيان‪ ،‬التي اعتمدت على تأييد سائر قبائل أبوظبي ووالئها القو ّ‬
‫ي‬
‫وإخالصها عند اندالع الحروب‪.‬‬

‫‪ -2‬تأسيس الشيخ شخبوط بن ذياب لسياسة مستقلة مبنية على احترام العالقات الخارجية والتبادل التجاري‬
‫والو ّد وحماية المصالح المشتركة‪.‬‬

‫‪ -3‬اتخاذ أبوظبي منذ عهد شخبوط بن ذياب عاصمة اإلمارة لموقعها االستراتيجي‪.‬‬

‫‪ -4‬تح ّم ل شيخ أبوظبي المسؤولية أمام اإلنجليز في حال اندالع أيّة خالفات مخالفة لالتفاقيات مع اإلنجليز‪.‬‬

‫حرص الشيخ شخبوط بن ذياب وخلفائه من بعده على إقامة عالقات و ّديّة مع البريطانيين‪ ،‬حيث أدركوا ّ‬
‫أن‬
‫بريطانيا هي الق ّو ة الوحيدة في المنطقة التي يمكن الرجوع إليها والتعاون معها‪ .‬وقد ش ّكلت هذه السّياسة التي‬
‫انتهجها الشيخ شخبوط بن ذياب في عالقاته الخارجيّة‪ ،‬القائمة على االحترام المتبادل مع الدول المجاور‪P‬ة‬
‫والقوى الكبرى‪ ،‬أساسًا سار عليه خلَفَه فيما بعد‪.‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫يعهده‪2- P‬‬
‫‪ :‬لا‪PP‬شيخ طحنون ب‪PP‬ن ش‪P‬خبوط (‪ )1833 -1818‬وأهم‪ P‬ا‪P‬إلنجازات ف‪PPP‬‬

‫عمل الشيخ طحنون في بداية عهده على توطيد الحكم في إمارة أبوظبي‪ ،‬وتزامن ذلك مع توقيع ح ّكام‬
‫اإلمارات والخليج العربي على المعاهدة العامة عام ‪1820‬م‪ .‬كما حرص على ّ‬
‫حلالخالفات التي‬
‫كانت تحدث مع القوى المجاورة بالطّرق ّ‬
‫السلمية والمفاوضات؛ إذ كان يرسل مبعوثيه إلى القادة‬
‫والح ّكام اآلخرين بغرض تقريب وجهات النّظر‪ ،‬واإلبقاء على عالقات الو ّد التي تربط بين جميع‬
‫أبناء القبائل‪.‬‬

‫الصعيد ال ّداخلي حرص الشيخ طحنون على تحسين األوضاع االقتصاديّة‪ ،‬وش ّجع أبناء إمارة‬
‫وعلى ّ‬
‫أبوظبي على استغالل الموارد البحريّة الغنية وبخاصة اللؤلؤ‪ ،‬فبلغ أسطول أبوظبي البحري في‬
‫عهده حوالى ‪ 300‬سفينة من مختلف األشكال‪ .‬فشهدت أبوظبي في عهده انتعاشا ً اقتصاديا ً كبيراً‪،‬‬
‫وأسهم ذلك في ازدهار صناعة السفن‪ ،‬وقد وصف الشيخ طحنون بأنه “ شخصيّة محبّة للمغامرة‪،‬‬
‫يتمتع بالق ّوة والنّفوذ‪ ،‬ولديه ق ّوة نظاميّة من ‪ 400‬شخص مسلّحة ومجهّزة جيّ ًدا”‪.‬‬
 ‫يعهده‪3- P‬‬
‫‪ :‬لا‪PP‬شيخ خ‪P‬ليفة ب‪PP‬ن ش‪P‬خبوط (‪ ،)1845 -1833‬وأهم‪ P‬ا‪P‬إلنجازات ف‪PPP‬‬

‫عقد ح ّكام المنطقة في عهد الشيخ خليفة بن شخبوط سلسلة من اتفاقيات السالم البحرية‬
‫المتتالية بين عامي ‪ 1835‬م و ‪ 1843‬م‪ ،‬مما ساهم في ازدياد حركة التّجارة واتساعها‪،‬‬
‫وازدهار مهنة الغوص على اللؤلؤ على سواحل إمارة أبوظبي‪ .‬إذ وصل عدد مراكب صيد‬
‫اللؤلؤ في عهده عام ‪1840‬م إلى ‪ 217‬مركباً‪ ،‬وقد أسهم ذلك في ازدياد أعداد األثرياء من‬
‫التّجار‪ ،‬كما ازداد حجم الموارد والمواد المستوردة من الخارج وخاصة المواد الغذائية‬
‫والمالبس‪ ،‬وازداد كذلك عدد سكان جزيرة أبوظبي‪.‬‬

‫أشادت السلطات البريطانيّة آنذاك بمكانة الشيخ خليفة حيث جاء في أحد هذه التقارير أنّه‬
‫ً‬
‫واحدة‪ P‬م‪P‬ن أقوى المجتمعات البحريّ‪P‬ة والبريّ‪P‬ة في‬ ‫“ ببس‪P‬الته وحزم‪P‬ه وحكمت‪P‬ه جع‪P‬ل منه‪P‬ا‬
‫الخليج”‪ ،‬وبذلك ساد األمن واالستقرار في جميع أرجاء المنطقة‪.‬‬
 ‫يعهده‪4- P‬‬
‫‪ :‬لا‪PP‬شيخ س‪P‬عيد ب‪PP‬نطحنون(‪1855 -1845‬م) وأهم‪ P‬ا‪P‬إلنجازات ف‪PPP‬‬

‫تولى الشيخ سعيد بن طحنون السلطة وهو في بداية العشرينيات من عمره‪،‬‬

‫‪-‬كان على دراية عالية بالسّياسة‪.‬‬

‫‪ -‬وكان على معرفة بشؤون الحكم‪.‬‬

‫‪ُ -‬عرف بحنكته وقدرته الدبلوماسيّة‪.‬‬

‫‪ -‬كان يتمتع بصفات القائد ال ّشجاع‪ ،‬الجريء في اتخاذ القرار‪.‬‬

‫دعم‬
‫كل ٍ‬‫الصفات التي تميز بها الشيخ سعيد بن طحنون‪ ،‬ومنحته ّ‬
‫وقد قدرت السلطة البريطانية في الخليج تلك ّ‬
‫ومساند ٍة لمواجهة التّحديات التي صادفته‪ .‬ورغم صغر سنّه لعب دو ًرا مه ًّما في السّياسة اإلقليميّة‪ ،‬وحقّق نجاحا ً‬
‫بارزاً في التّوصّ ل إلى معاهدات السّالم الدائمة التي ُوقّعت خالل فترة حكمه‪.‬‬
 ‫يعهده‪5- P‬‬
‫‪ :‬لا‪PP‬شيخ زايد ب‪PP‬ن خ‪P‬ليفة (زايد ا‪P‬ألول) (‪1909 -1855‬م) وأهم‪ P‬ا‪P‬إلنجازات ف‪PPP‬‬

‫كان يتمتع بق ّوة ال ّشخصيّة وبُعد النّظر‪ ،‬والحكمة‪ ،‬وال ّدبلوماسيّة في إدارة األزمات‪ ،‬وقد ساعده ذلك في كسب ثقة‬
‫اإلنجليز الذين ارتبط معهم بمعاهدة سالم‪ .‬ونال حُبّ شعبه الذي أثبتته سنوات حكمه األربع والخمسين الناجحة‪.‬‬
‫عمل الشيخ زايد بن خليفة ( زايد األول) على تحقيق الوحدة والتماسك بين جميع أبناء المنطقة وح ّكامها‪ ،‬وذلك من‬
‫ّ‬
‫دوري لمناقشة الشؤون الداخلية‪ ،‬وتوحيد‬ ‫خالل دعوته لشيوخ القبائل وح ّكام اإلمارات إلى التّواصل واالجتماع بشكل‬
‫مواقفهم تجاه القضايا الخارجيّة‪ .‬وكان حريصا على توطيد عالقات التّعاون مع جيرانه‪ ،‬وكانت عالقته مع سلطان‬
‫ُعمان متميّزة وأخويّة‪.‬‬
‫نعمت إمارة أبوظبي في عهده بالهدوء واالستقرار‪ ،‬وشهدت انتعاشاً اقتصادياً كبيراً‪ ،‬وبلغ عدد سفن الغوص على‬
‫اللؤلؤ أكثر من ‪ 400‬سفينة‪ .‬ولحماية هذه اإلنجازات عمل الشيخ زايد على بناء ق ّوة عسكريّة متف ّوقة‪ ،‬استطاع من‬
‫الساحل والمناطق ال ّداخليّة لإلمارات‪ .‬كما بنى قلعة الجاهلي في‬
‫خاللها فرض األمن واالستقرار في جميع إمارات ّ‬
‫العين عام ‪1898‬م‪ ،‬لتكون مق ًّرا لحكمه وإلدارة شؤون المنطقة‪.‬‬
‫بادر في عام ‪1896‬م إلى بناء عالقات دبلوماسيّة مع فرنسا‪ ،‬وكانت خططه الطّموحة تهدف إلى تحقيق الوحدة بين‬
‫جميع اإلمارات‪ ،‬بهدف الح ّد من التّدخل البريطاني في قضايا المنطقة‪ ،‬وللتّخلّص من المعاهدات التي تخدم بنو ُدها‬
‫المصالح البريطانيّة‪.‬‬
‫وخلّ‪P‬ف الشي‪P‬خ زاي‪P‬د ب‪P‬ن خليف‪P‬ة أربع ًة‪ P‬م‪P‬ن أبنائ‪P‬ه خالل الفترة م‪P‬ا بي‪P‬ن ‪1909‬م إل‪P‬ى ‪1928‬م‪ ،‬وه‪P‬م‪ :‬طحنون ب‪P‬ن زاي‪P‬د‪ ،‬وحمدان بن‬
‫زايد‪ ،‬وسلطان بن زايد‪ ،‬وصقر بن زايد‪ ،‬وشهدت المنطقة خالل هذه الفترة ع ّدة إنجازات إقليميّة كان من أبرزها‪:‬‬

‫‪ -1‬توقيع معاهدة بين إمارات السّاحل والحكومة البريطانيّة في شأن تنظيم صيد اللؤلؤ‪.‬‬

‫‪ -2‬الحفاظ على العالقات قويّةً بين أبوظبي والقوى المجاورة وبخاصة سلطنة ُعمان‪.‬‬

‫واألخوة بين جميع اإلمارات‪ ،‬وح ّل المشكالت والنّزاعات بالطّرق السّلميّة‪ ،‬والتنسيق المتبادل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬استمرار عالقات التّعاون‬
 ‫‪ -6‬الشيخ شخبوط بن سلطان (‪1966 -1928‬م ) و أهم اإلنجازات في عهده‪:‬‬

‫تولى الشيخ شخبوط بن سلطان الحكم في وقت شهد االقتصاد العالمي تدهوراً ك ً‬
‫بيرا كان له آثاره السّلبية على‬
‫اإلمارات والمنطقة‪ ،‬وقد رافق ذلك ظهور اللؤلؤ الصناعي وانتشاره في األسواق‪ ،‬فتسبّب في انهيار تجارة‬
‫التوصل إلى اتّفا ٍ‬
‫ق‬ ‫ّ‬ ‫اللؤلؤ في الخليج العربي‪ ،‬وقد عانت أبوظبي كثيراً خالل تلك الفترة‪ .‬وفي يناير ‪1939‬م تم‬
‫ُمنح بموجبه الشيخ شخبوط بن سلطان امتيازاً لشركة التط ّور البترولية للتّنقيب عن النّفط في أبوظبي‪ ،‬إاّل ّ‬
‫إن‬
‫اندالع الحرب العالميّة الثانيّة تسبّب في توقّف العمل‪ ،‬وكان لذلك آثاره السيّئة على اقتصاد إمارات السّاحل‪.‬‬

‫بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانيّة‪ ،‬عادت شركات البترول العالمية‪ ،‬وذلك في عام ‪1949‬م‪ ،‬وبدأ العمل إلقامة‬
‫ميناء للسفن ومهبط للطائرات‪ ،‬وت ّم إنشاء المباني الحديثة ورصف الطرق للسيارات‪.‬‬
 ‫وقّع ال ّشيخ شخبوط بن سلطان في عام ‪1950‬م امتياز الرّصيف القا ّري مع شركة بترول أمريكيّة مستقلّة‪ ،‬إاّل ّ‬
‫إن الحكومة البريطانيّة لم تكن لتسمح بمثل هذا‬
‫االمتياز أن يستمر‪ .‬وقد تسبّبت قضيّة التنقيب عن النّفط في ظهور خالفات بين دول المنطقة‪ ،‬أ ّدت إلى مفاوضات لرسم الحدود استمرت فترةً طويلة من‬
‫ال ّزمن‪ .‬وفي يوليو ‪1962‬م غادرت أول شحن ٍة من البترول سواحل جزيرة داس‪ ،‬وكان ذلك بدايةً النتعاش اقتصاد اإلمارة‪ ،‬وبدأت حركة التنميّة‪ ،‬وت ّم‬
‫إعداد خط ٍة لتطوير أبوظبي‪ ،‬شملت‪:‬‬
‫‪-1‬إنشاء محطة لتحلية المياه‪.‬‬
‫‪-2‬إنشاء المدارس‪.‬‬
‫‪-3‬إنشاء محطة للكهرباء‪.‬‬
‫‪-4‬رصف الطّرق‪.‬‬
‫‪-5‬توفير الخدمات الصّحيّة‪ ،‬وت ّم تبعًا لها إنشاء أول مستشفى في مدينة العين في عام ‪1966‬م‪.‬‬

‫ُعرف الشيخ شخبوط بن سلطان ‪-‬رحمه هللا ‪-‬بشخصيّته القويّة‪ ،‬وبراعته في إدارة المفاوضات‪ ،‬واستقالليّته في اتّخاذ القرارات‪ ،‬ومعرفته التّا ّمة باألحداث‬
‫والتّط ّورات التي تجري في العالم‪ ،‬وكان مح ّل احترام الجميع لما حظي به من صفات قياديّة بارزة‪ ،‬ورؤية ثاقبة تجاه القضايا واألحداث اإلقليميّة‪،‬‬
‫والتّح ّديات التي عاصرها خالل فترة حكمه‪ ،‬واشتهر بمعرفته الواسعة بجغرافيّة المنطقة‪ ،‬وباألحداث والوقائع التاريخيّة‪ ،‬وبدروب الصّحراء‪ ،‬ومناطق‬
‫انتشار القبائل فيها‪.‬‬
‫يعهده‪7- P‬‬
‫‪ :‬لا‪PP‬شيخ زايد ب‪PP‬ن س‪P‬لطان آ‪P‬ل ن‪P‬هيان( ‪2004 – 1918‬م) و أهم‪ P‬ا‪P‬إلنجازات ف‪PPP‬‬

‫هو زاي‪P‬د ب‪P‬ن س‪P‬لطان ب‪P‬ن زاي‪P‬د ب‪P‬ن خليف‪P‬ة ب‪P‬ن شخبوط ب‪P‬ن ذياب ب‪P‬ن عيس‪P‬ى ب‪P‬ن نهيان بن فالح‬
‫الياس‪P‬ي‪ ،‬ولد عام ‪1918‬م في أبو ظبي في قصر الحصن‪ .‬تولّى والده حكم إمارة أبوظبي من عام‬
‫‪ 1926 – 1922‬وهو األبن الرابع وله ثالثة من األخوة الذكور‪ ،‬هم‪ :‬شخبوط بن سلطان وهزاع‬
‫بن سلطان وخالد بن سلطان‪ .‬وله أخت واحدة‪ .‬والدته هي الشيخة سالمة بنت بطي بن خادم بن‬
‫نهيان آل حامد القبيسي‪.‬‬

‫من‪P‬ذ عام ‪1946‬م أص‪P‬بح الشي‪P‬خ زاي‪P‬د حاكم‪P‬ا للمنطق‪P‬ة الشرقي‪P‬ة‪ ،‬وفي عهده تم افتتاح المدرسة‬
‫طرق ومشفًى طب ّي‪ .‬وعندما تولّى‬
‫ٍ‬ ‫وشبكة‬
‫ِ‬ ‫تجارية‬
‫ٍ‬ ‫ق‬ ‫ّ‬
‫أول سو ٍ‬ ‫وتم إنشاء‬
‫النهيانية عام ‪1959‬م‪ّ ،‬‬
‫الشيخ زايد الحكم في مدينة العين ذاع صيته بين أبناء المنطقة‪ ،‬وزاد حبّهم وإعجابهم به وبقدراته‬
‫في إدارة شؤون المنطقة وحل مشاكل األهالي‪.‬‬
‫لنهضة زراعي ٍّة شهدتها مدينة العين‬
‫ٍ‬ ‫ً‬
‫بداية‬ ‫قام بإصالح األفالج وإعادة بناء القديم منها‪ ،‬شارك بنفسه في عمليات الحفر والبناء‪ ،‬فكانت هذه االنطالقة‬
‫حل مشكلة النزاعات الحدودية‬ ‫ً‬
‫واحة خضراء ومن أجمل مدن المنطقة‪ .‬عمل الشيخ زايد خالل فترة حكمة لمنطقة العين على ّ‬ ‫واشتهرت بها‪ ،‬فأصبحت‬
‫بين إمارة أبوظبي واإلمارات األخرى‪ ،‬كما عمل خالل فترة حكمه بالمنطقة الشرقيّة على حل مشكالت الحدود بين أبوظبي وسلطنة عمان حول والية‬
‫البريمي‪.‬‬
 ‫ٌ‬
‫انطالقة كبيرةٌ نحو االزدهار والتقدم‪ .‬إذ من أجل ذلك أمر الشيخ‬ ‫وفي عام ‪1966‬م تولّى الشيخ زايد زمام الحكم في إمارة أبوظبي‪ ،‬حيث بدأت‬
‫وعم الخير أرجاء اإلمارة وباقي اإلمارات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫زايد بتطوير قطاع النّفط واستخدام أمواله لتنفيذ المشاريع التنمويّة‪ ،‬فتضاعف النّمو االقتصادي‪،‬‬
‫وازدادت شعبية الشيخ زايد‪ ،‬وأخذ الجميع يتطلعون إلى الوحدة وإلى قيادته الحكيمة‪ .‬والفترة ما بين ‪ 1968‬م و ‪1971‬م عمل ّ‬
‫كل ما في وسعه من‬
‫تاريخ جديد‪ ،‬وبناء‬
‫ٍ‬ ‫جهد‪ ،‬واستخدم ك ّل طاقاته ومهاراته وحكمته للتّأليف بين قلوب النّاس والح ّكام‪ ،‬وتهيئة األجواء المناسبة لمشاركتهم في صناعة‬
‫دول ٍة حديث ٍة متكاملة األركان ‪.‬‬
 ‫‪ -8‬الشيخ خليفة بن زايد –آل نهيان (‪) 2004 /2/11‬‬

‫بعد وفاة الشيخ زايد بن سلطان –رحمه هللا‪ -‬تولى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم في إمارة‬
‫أبوظبي‪ ،‬وأصبح رئيسًا لدولة اإلمارات العربية المتحدة في عام ‪2004‬م ‪ ،‬واستمر سموه على النّهج الذي رسمه األب‬
‫المؤسس لدولة اإلمارات العربية المتحدة في سياستها الداخليّة والخارجيّة‪.‬‬

‫وتم تعين صاحب السم ّو الشيخ محمد بن زايد آل نهيّان وليًّا للعهد ونائبا للقائد األعلى للقوات المسلحة بدولة اإلمارات‬
‫العربية المتحدة‪.‬‬
 ‫اإلدارة البريطان ّية في اإلمارات بعد الحرب العالم ّية الثان ّية‬

‫شهدت فترة ما بعد الحرب العالميّة الثانيّة تط ّورات كثيرة على السّاحتين اإلقليميّة والعالميّة‪ ،‬حيث ‪:‬‬
‫‪ -1‬انتشرت حركات التحرر بين شعوب العالم‪ ،‬وأخذت بريطانيا تفقد مستعمراتها تدريجيا ً وأهمها الهند ومصر والعراق‪.‬‬
‫‪ -2‬ظهرت قوى عظمى جديدة‪ ،‬هي‪ :‬الواليات المتّحدة األمريكيّة واالتحاد السوفيتي‪.‬‬
‫ازدادت أهمي‪P‬ة موق‪P‬ع الخلي‪P‬ج العرب‪P‬ي خاص‪P‬ة بع‪P‬د اكتشاف النّف‪P‬ط‪ ،‬حيث أقام الملك عبد العزيز عالقات دبلوماسيّة مع الواليات المتحدة‪ ،‬ومنح‬
‫الشركة العربيّة األمريكيّة للنفط “أرامكو” حقوق التّنقيب عن النّفط‪.‬‬

‫بع‪P‬د اس‪P‬تقالل الهن‪P‬د عام ‪ 1947‬عمدت بريطاني‪P‬ا إل‪P‬ى اتباع س‪P‬ياسة جديدة ف‪P‬ي اإلمارات تمثّل‪P‬ت ف‪P‬ي تشجي‪P‬ع التّنمي‪P‬ة‪ ،‬وذل‪P‬ك من خالل إنشاء عدد‬
‫من المؤسسات كان من أهمها‪:‬‬
 ‫قوة ساحل عُمان‬

‫وهي قوة محليّة صغيرة‪ ،‬تتبع بريطانيا‪ ،‬تقوم على حفظ األمن والسّلم في مختلف مناطق اإلمارات‪ ،‬كما تقوم بحماية‬
‫حل مشاكل الحدود بين اإلمارات‪ ،‬والتي ظهرت نتيجة التّنقيب عن النّفط‪ .‬وبعد‬
‫المسؤولين البريطانيين‪ ،‬وتساهم في ّ‬
‫وتم االستعانة بالجيش العربي في‬ ‫ّ‬
‫خاصة لهذه الق ّوة‪ّ ،‬‬ ‫موافقة الحكومة البريطانيّة في عام ‪1950‬م‪ّ ،‬تماعتماد ميزانيّة‬
‫األردن لتوفير االحتياجات األوليّة إلنشاء هذه الق ّوة‪ ،‬كما ّتم تعيين ضابط بريطاني يُدعى هانكن تورفين‬
‫‪ HankinTurvin‬لقيادتها‪ ،‬بمساعدة ضب ٍّاط أردنيين‪ ،‬واثنين وثالثين مجنّداً أردنيا ً من الرّتب المختلفة‪ ،‬وباقي أفراد‬
‫الق ّوة من أبناء اإلمارات‪.‬‬

‫وتقرر أنّ تُسمى هذه الق ّوة بق ّوة ساحل عُمان ‪ ،‬وأن يكون مركزها في الشارقة‪ ،‬ومركز قيادتها في الخطوط األماميّة‬
‫ّ‬
‫للقوات الجويّة الملكيّة البريطانيّة‪ ،‬وقد رافق إنشاء ق ّوة ساحل ُعمان أو ك ّشافة ساحل ُعمان تشكيل قوات شرط ٍة‬
‫للحفاظ على األمن‪ ،‬وكانت دبي أول من بادر بإنشاء ق ّوة شرطة خا ّص‪P‬ة عام ‪1956‬م‪ ،‬وتلتها أبوظبي ف‪P‬ي عام ‪1957‬م‪،‬‬
‫وقد اعتمدت على ضبّاط بريطانيين من ك ّشافة ساحل ُعمان‪.‬‬
 ‫مجلس اإلمارات المتصالحة(‪)1965-1952‬‬

‫يضمجميع‬
‫ّ‬ ‫وكانت أولى هذه الخطوات رفع مستوى التمثيل ال ّدبلوماسي في اإلمارات‪ ،‬وإعادة تنظيم الهيئات اإلداريّة‪ ،‬ودعم فكرة إقامة اتحاد فيدرالي‬
‫يضم جميع ح ّكام اإلمارات‪ ،‬ويعقد جلساته ّ‬
‫كل ثالثة أشهر لبحث القضايا ذات االهتمام‬ ‫ّ‬ ‫مجلس‬
‫ٍ‬ ‫ح ّكام اإلمارات‪ ،‬واقتُرح في نوفمبر ‪1950‬م تكوين‬
‫المشترك‪ ،‬برئاسة المعتمد السياسي اإلنجليزي في دبي‪ ،‬بهدف دفع عجلة التطوير والبناء لتتماشى مع التغييرات السريعة التي تشهدها المنطقة‪.‬‬

‫م‪P‬ع نهاي‪P‬ة الخمس‪P‬ينيات ازداد االهتمام بالقضايا المطروحة في المجلس‪ ،‬حيث ّتماالتفاق على إنشاء لجان مهمتها وضع خطط تنموية طويلة المدى‬
‫الصحة والتّعليم وال ّزراعة وغيرها‪ .‬وقد أُ ِ‬
‫نشئت لجن‪P‬ة التعلي‪P‬م ف‪P‬ي ماي‪P‬و م‪P‬ن عام ‪1957‬م ‪ ،‬وأرادت بريطانيا من خاللها متابعة األنشطة‬ ‫شملت قطاعي ّ‬
‫التعليميّة في اإلمارات‪ ،‬وكانت قد أُ ِ‬
‫نشئت ع ّدة مدارس بدعم من دولة الكويت‪ ،‬التي كان لها الدور البارز في نشر الوعي الثّقافي بين أبناء اإلمارات‪ ،‬ففي‬
‫عام ‪1953‬م ّتمافتتاح أول مدرس‪P‬ة ف‪P‬ي الشارق‪P‬ة‪ ،‬تبعها افتتاح عدد من المدارس في أبوظبي ودبي وبقية اإلمارات‪ ،‬ولذلك عمدت اإلدارة البريطانيّة إلى‬
‫مراقبة النّشاط السّياسي للمعلمين العرب الذين نشطوا في نشر الفكر القومي العربي بين طالب المنطقة‪ ،‬وفي إطار هذا التوجّه قامت بافتتاح مدرسة‬
‫زراعية في رأس الخيمة عام ‪1957‬م‪ ،‬ومدرسة صناعية في الشارقة عام ‪1958‬م‪.‬‬

‫بشكل تدريج ّي‪ .‬وقد واجهت الّلجنة كثيراً من‬

‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫محل المدرّسين العرب‬ ‫برنامج لتدريب المدرّسين من أبناء اإلمارات‪ ،‬وذلك إلحاللهم‬
‫ٍ‬ ‫كما قامت بتنفيذ‬
‫المشاكل وال ّ‬
‫صعاب‪ ،‬كان من أه ّمها‪ :‬عدم توفر التمويل المادي‪ ،‬وغياب عنصر التنسيق بين اإلمارات‪.‬‬
‫كما ّتم إنشاء لجنة صحيّة في مايو ‪1958‬م‪ ،‬استطاعت هذه اللجنة إنشاء مراكز صحيّة صغيرة في جميع إمارات الدولة‪ ،‬وقامت‬
‫بشكل رسم ّي عام ‪1951‬م‪ ،‬وتولّت حكومة دبي مسؤولية إدارته وتح ّمل‬
‫ٍ‬ ‫باإلشراف على تطوير مس‪P‬تشفى آ‪P‬ل مكتوم ف‪P‬ي دب‪P‬ي‪ ،‬الذي افتتح‬
‫كافّة مصاريفه‪ ،‬وفي عام ‪1952‬م أُطلق عليه اسم مستشفى آل مكتوم‪ ،‬فكان أول مستشفى يق ّدم خدمات صحيّة لكافة اإلمارات‪.‬‬

‫وفي شهر أكتوبر ‪1946‬م تم افتتاح أول بنك في اإلمارات‪ ،‬حيث فتح البنك البريطاني في الشرق األوسط أبوابه في مدينة دبي‪ ،‬وفي عام‬
‫‪1963‬م تأسس بنك دبي الوطني‪ ،‬وتبعه بعد ذلك إنشاء عدد من البنوك في بقيّة اإلمارات‪ ،‬وقد ساعد ذلك في تشجيع االستثمار وساهم في‬
‫نم ّو االقتصاد بشك ٍل متسارع‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 1959‬أُ ِ‬

‫نشئت شركة كهرباء دبي‪ ،‬وبدأت محركاتها بالعمل في يونيو ‪1961‬م‪ ،‬وتم افتتاح مطار دبي الدّولي عام ‪1960‬م‪.‬‬
 ‫بعثة الجامعة العرب ّية‬

‫من‪P‬ذ منتص‪P‬ف الس‪P‬تينيات بدأت جامع‪P‬ة الدول العربيّ‪P‬ة في إبداء المزيد من االهتمام باإلمارات‪ ،‬بسبب التط ّورات‬
‫اإلقليميّة في المنطقة‪ ،‬وتنامي الق ّوة اإليرانية في الخليج العربي‪ ،‬فت ّم إرسال بعثة برئاسة األمين العام للجامعة وأحد‬
‫مساعديه‪ ،‬وممثلين عن المملكة العربية السعودية والكويت والعراق في أكتوبر عام ‪1964‬م‪ ،‬وقد حظيت البعثة‬
‫مكتب لجامعة ال ّدول العربيّة وصندو ٍ‬
‫ق للتنمية‪ .‬كما أوصت‬ ‫ٍ‬ ‫بير من قبل ح ّكام المنطقة‪ ،‬واقتُراح إنشاء‬
‫باهتمام ك ٍ‬
‫ٍ‬
‫البعثة بإرسال الخبراء والفنيين إلبداء الرّأي والمشورة في شأن تطوير البنى التحتيّة‪ ،‬وللمشاركة في وضع خطة‬
‫شاملة للتنمية في جميع اإلمارات‪.‬‬

‫السياسي البريطاني بدعوة جميع ح ّكام اإلمارات في‬

‫وقد أبدت بريطانيا مخاوفها من عمل البعثة‪ ،‬فقام المعتمد ّ‬
‫مقترحات هدفها تقليص دور الجامعة العربيّة‪ ،‬ولكن مقترحاته لم تحظ بقبول الح ّكام‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫يناير عام ‪1965‬م‪ ،‬وقدم‬
‫يتمإنشاء " مكت‪P‬ب تطوي‪P‬ر اإلمارات" ويكون تابعا ً للمجلس‪ ،‬وقد‬
‫فدعى الجتماع آخر في مارس ‪1965‬م‪ ،‬واقترح أن ّ‬
‫تح ّملت إمارة أبوظبي في عام ‪1965‬م نصف ميزانيّته‪ ،‬وفي عام ‪1969‬م تح ّملت ‪ %90‬من ميزانيّته‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫وقد استطاعت بريطانيا الح ّد من نشاط بعثة الجامعة العربيّة‪ ،‬وتعاملت بحزم مع ممثّليها‪،‬‬
‫وذ َّكرت ح ّكام اإلمارات باتفاقيّ‪P‬ة عام ‪1892‬م‪ ،‬الت‪P‬ي ال تتي‪P‬ح له‪P‬م إقام‪P‬ة عالقات خارجي‪P‬ة إاّل من‬
‫خالل بريطاني‪P‬ا‪ ،‬وأ‪P‬ن فت‪P‬ح مكت‪P‬ب للجامع‪P‬ة العربي‪P‬ة يع ّد مخالف‪P‬ة لبنود تل‪P‬ك االتفاقية‪ .‬ومن جانبها‬
‫رفضت الجامعة العربيّة التّد ّخالت البريطانيّة في شؤون المنطقة‪ ،‬وأصرّت على إنشاء‬
‫صندوق التّنمية‪ ،‬إاّل ّإنقيام حرب ‪1967‬م وما رافقها من نتائج تسبّبت في توقف عمل بعثة‬
‫جامعة ال ّدول العربيّة في اإلمارات‪ ،‬ولم يتم استئنافه إاّل بعد أن أعلنت بريطانيا قرارها‬
‫التاريخي عام ‪1968‬م‪ ،‬المتمثّل في االنسحاب من منطقة الخليج العربي‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫المحاوالت االتحادية بعد القرار البريطاني االنسحاب من منطقة الخليج العربي ( خطوات قيام االتحاد)‬

‫شهدت فترة الستينيات تغييرات سياسيّة واقتصاديّة مه ّمة محليًّا‪ ،‬كان من أه ّمها‪:‬‬
‫‪-1‬انسحاب بريطانيا من جنوب الجزيرة العربيّة عام ‪ 1971‬م‪.‬‬
‫‪-2‬وصول بعثة الجامعة العربيّة إلى المنطقة‪.‬‬

‫تولّى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان زمام المبادرة‪ ،‬وبدأ في إعداد الترتيبات الجديدة‪ ،‬المتمثّلة في‬
‫موح‪P‬د يحقّق‬
‫ّ‬ ‫التّشاور والتّواصل مع ح ّكام وشعب اإلمارات‪ ،‬وبدأ في العمل من أجل تأس‪P‬يس كيان‬
‫لإلمارات حلم الوحدة واالزدهار والعيش الكريم‪.‬‬

‫دخ‪P‬ل حاكم‪P‬ا أبوظ‪P‬بي ودب‪P‬ي ف‪P‬ي اتفاق ثنائ‪P‬ي في منطقة (عرقوب السديرة)‪ ،‬وهي منطقة تتوسط إمارة‬
‫أبوظبي ودبي بالقرب من منطقة السميح بأبوظبي‪ ،‬وأص‪P‬درا بياناً مشتركا ً ف‪P‬ي ‪ 18‬ف‪P‬براير ‪ 1968‬م عن‬
‫تأس‪P‬يس اتحاد بي‪P‬ن اإلمارتي‪P‬ن بعل ٍم‪P‬واحد‪ .‬وأكد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان ّأنهذا االتفاق يفتح‬
‫الطريق أمام جميع اإلمارات األخرى‪ ،‬ومنها قطر والبحرين‪ ،‬لدراسة األمر ومناقشته واالشتراك فيه‪.‬‬
‫وف‪P‬ي الفترة م‪P‬ا ‪ 27-25‬ف‪P‬براير م‪P‬ن عام ‪1968‬م ت‪P‬م عق‪P‬د اجتماع ف‪P‬ي دب‪P‬ي ‪ ،‬حضره جميع ح ّكام‬
‫اإلمارات الس‪P‬بع وقط‪P‬ر والبحري‪P‬ن ‪ ،‬لكن إمارتي قطر والبحرين فضلتا االنسحاب واالستقالل‪ .‬ورأت‬
‫الحكومة البريطانية أن اتحاد اإلمارات يساعد على استقرار المنطقة وأمنها‪ ،‬وأبدت تقديرها الخاص‬
‫ّ‬
‫الريادي في تأسيس اتحاد اإلمارات العربية المتحدة‪،‬‬ ‫للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان لدوره‬
‫ومساهماته القيّمة في دفع مسيرة االتحاد نحو األمام‪.‬‬

‫رح‪P‬ب أمينه‪P‬ا العام بم‪P‬ا حقّق‪P‬ه الشي‪P‬خ زايد‬

‫كما حظي‪P‬ت مبادرة الشي‪P‬خ زاي‪P‬د بدع‪P‬م الجامع‪P‬ة العربي‪P‬ة‪ ،‬فق‪P‬د ّ‬
‫م‪P‬ن إنجا ٍز ك‪P‬بير‪ ،‬وص‪P‬فه بأنّ‪P‬ه وس‪P‬يلة لتعزي‪P‬ز األم‪P‬ن ف‪P‬ي الوط‪P‬ن العرب‪P‬ي‪ ،‬وكان ذلك في‪ 26‬مايو ‪1968‬‬
‫م‪ ،‬ورغم الصعوبات التي واجهها المجلس فإنّه تابع اجتماعه طوال فترة انعقاده‪ ،‬وتم اختيار اللجنة‬
‫ثان في ال ّدوحة برئاسة حاكم قطر‪.‬‬
‫التي أوكل إليها وضع دستور االتحاد الجديد‪ ،‬تبعه اجتماع ٍ‬
‫ف‪P‬ي ‪ 18‬يولي‪P‬و ‪1971‬م أعل‪P‬ن رس‪P‬مياً أ‪P‬ن ح ّكام اإلمارات الس‪P‬ت ‪ -‬عدا رأ‪P‬س الخيم‪P‬ة ‪ -‬اتفقوا عل‪P‬ى تأس‪P‬يس اتحاد سداسي‪ ،‬ووافقوا‬
‫على الدستور المؤقت‪ .‬وفي يوم الخميس الموافق ‪ 2‬ديسمبر اجتمع ح ّكام اإلمارات الست‪:‬‬

‫الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان‪( ،‬حاكم إمارة أبوظبي) رحمه هللا ‪.‬‬

‫الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ‪(،‬حاكم إمارة دبي) رحمه هللا‪.‬‬

‫الشيخ خالد بن محمد القاسمي‪( ،‬حاكم إمارة الشارقة) رحمه هللا‪.‬‬

‫الشيخ راشد بن حميد النعيمي ‪(،‬حاكم عجمان) رحمه هللا‪.‬‬

‫الشيخ أحمد بن راشد المعال ‪ (،‬حاكم إمارة أم القيوين) رحمه هللا‪.‬‬

‫الشيخ محمد بن حمد الشرقي‪( ،‬حاكم إمارة الفجيرة )‪.‬‬

 ‫وكان ذلك في دبي بمق ّر الحاكم على ساحل البحر في منطقة جميرا‪ ،‬وأق ّروا العمل بالدستور المؤقت‪.‬‬

‫وت ّم‪P‬انتخاب المغفور له الشيخ زاي‪P‬د بن س‪P‬لطان‪ ،‬حاك‪P‬م أبوظبي رئيس‪P‬ا ً لالتحاد‪ ،‬والمغفور ل‪P‬ه الشيخ راش‪P‬د ب‪P‬ن س‪P‬عيد‪ ،‬حاكم دبي نائبا ً للرئي‪P‬س‪ ،‬والمغفور له‬
‫الشيخ مكتوم بن راشد رئيسا ً للوزراء‪ ،‬وأطلقت إحدى وعشرون طلقة مدفع معلنةً قيام دولة اإلمارات العربية المتّحدة‪.‬‬

‫ثم وقّع الشيخ زايد بن سلطان في اليوم نفسه معاهدة الصداقة التي أنهت العالقات السّياسية البريطانيّة الخاصة مع ّ‬
‫كلإمارة‪ ،‬وفي صباح اليوم التالي في‬
‫ديسمبر نشرت جريدة االتحاد كلمة الشيخ زايد بن سلطان التي قال فيها‪ “ :‬لقد تطابقت رؤيتنا مع إرادة شعب اإلمارات إلعالن تأسيس اإلمارات العربية‬
‫المتحدة دولةً مستقلةً ذات سيادة تستهدف كل ما في وسعها لتأمين الحياة الكريمة واالستقرار لشعبها”‪.‬‬

‫أُعلن انضمام دولة اإلمارات إلى جامعة الدّول العربية‪ ،‬وفي ‪ 9‬من ديس‪P‬مبر أُعلن انضمام دولة اإلمارات رس‪P‬ميًا إلى األمم المتحدة‪ ،‬بوصفها العض‪P‬و رقم‬
‫‪ 132‬فيها‪ ،‬وفي التاسع من ديسمبر أصدر الشيخ زايد مرسوما ً اتحاديًّا بالتعيين الرّسمي ألول مجلس وزراء‪ ،‬وصدر التشريع الخاص بقوة االتحاد‬
‫ال ّدفاعية في ‪21‬ديسمبر‪ ،‬وتم ح ّل ك ّشافة ُعمان وانض ّم معظم أفرادها إلى ق ّوة دفاع االتحاد‪.‬‬

‫وفي فبراير ‪1972‬م انضم حاكم رأس الخيمة‪ :‬الشيخ صقر بن محمد القاسمي‪-‬رحمه هللا‪ -‬إلى االتحاد‪ ،‬فأصبحت إمارة رأس الخيمة عض ًوا في االتحاد‪،‬‬
‫وت ّم تخصيص ستة مقاعد لها في المجلس الوطني‪.‬‬
 ‫وكانت لقاءات الشيخ زايد بالشعب " ً‬
‫مبدأ أساسيًا في الحكم وديمقراطية الحكم"‪ .‬لقد آمن الشيخ زايد بن سلطان طوال حياته بالفكر الوحدوي‬
‫المبني على أن االتحاد بين اإلمارات يمثل ضرورة ملحّة‪ ،‬لضمان استقرار المنطقة ولتحقيق الرّفاهيّة والحياة الكريمة ألبناء اإلمارات‪ ،‬وأن‬
‫روابط األخوة والمصالح المشتركة بين أبناء اإلمارات حقيقة ثابتة؛ لذلك فقد سعى إلى تحقيق تلك الغايات‪ ،‬فاتّخذ الخطوة األولى التي مهدت‬
‫الطريق لقيام االتحاد‪ ،‬حيث ع ّمق العالقة األخويّة التي جمعت بينه وبين المغفور له الشيخ راشد بن سعيد‪ ،‬فكان عا ًما مه ًما لتذليل الصّعاب‪،‬‬
‫والتّقريب بين وجهات النّظر‪ ،‬ونجح في تأسيس اتحاد اإلمارات الذي أصبح أنموذجًا عربيًا فريداً في العصر الحديث‪.‬‬
‫وفي السابع من أكتوبر ‪1990‬م توفي الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي‪ ،‬ليصبح الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم ( رحمه هللا) حاك ًما إلمارة‬
‫دبي‪ ،‬ونائبًا لرئيس االتحاد‪.‬‬

‫و في الثاني من نوفمبر عام ‪2004‬م توفي الشيخ زايد بن سلطان رئيس الدولة عن عمر يناهز ‪ 86‬عاما‪ .‬كان يوما حزينًا للبالد بمواطنيها ووافديها‬
‫وبكاه كل محبّ لإلنسانية والسالم في العالم‪.‬‬
‫‪.‬رحم اهلل الشيخزايد بن سلطان الذي صنع لنا وطن وهوية‬