Professional Documents
Culture Documents
الأسلوب في تراث علماء العرب
الأسلوب في تراث علماء العرب
واألوصاف ,فإذا وجدت أحدهما أشد تقصّيا لها ,وأحسن تخلصا إلى دقائق معانيها ,وأكثر
إصابة فيها حكمت لقوله بالسبق ,وقضيت له بالتبريز على صاحبه ,ولم تبال باختالف
"مقاصدهم وتباين الطرق بهم فيها
الباقالني ( :ت 403هـ )
الباقالني ربط بين األسلوب والنوع األدبي
": إن نظم القرآن على تصرف وجوهه ,وتباين مذاهبه ,خارج عن
المعهود من نظام جميع كالمهم ,ومباين المألوف من ترتيب خطابهم ,
وله أسلوب يختص به ويتميز في تصرفه عن أساليب الكالم المعتاد ,
وذلك أن الطرق التي يتقيد بها الكالم البديع المنظوم تنقسم إلى أعريض
الشعر على اختالف أنواعه ,ثم إلى أنواع الكالم الموزون غير المقفى ,
ثم إلى أصناف الكالم المعّد ل المسّجع ,ثم إلى معّد ل موزون غير مسّجع ,
ثم إال ما يرسل إرساال فتطلب فيه اإلصابة واإلفادة ,وإفهام المعاني
المعترضة على وجه بديع وترتيب لطيف . . .وقد علمنا أن القرآن خارج
عن هذه الوجوه ,و ومباين لهذه الطرق"
اإلمام عبدالقاهر الجرجاني ( ت 471:هـ)
األسلوب عند اإلمام عبدالقاهر هو :الضرب من النظم والطريقة فيه ,
حيث يقول " :واعلم أن االحتذاء عند الشعراء وأهل العلم بالشعر وتقديره
وتمييزه أن يبتدئ الشاعر في معنى له وغرض أسلوبا – واألسلوب هو
الضرب من النظم والطريقة فيه – فيعمد شاعر آخر إلى ذلك
األسلوب ,فيجيء به في شعره ,فيشبه بمن يقطع من أديمه نعال على مثال
نعل قد قطعها صاحبها ,فيقال :قد احتذى على مثاله".
اإلمام عبدالقاهر الجرجاني ( ت 471:هـ)
اإلمام يربط األسلوب بطريقة أداء المعنى على وجه معين عن طريق
التمثيل حيث يقول" :وإن كان مما مضى إال أن األسلوب غيره ,وهو أن
المعنى إذا أتاك ممثال فهو في األكثر ينجلي لك بعد أن يحوجك إلى طلبه
بالفكرة ,وتحريك الخاطر له ,والهمة في طلبه ,وما كان منه ألطف ,
كان امتناعه عليك أكثر ,وإباؤه أظهر ,واحتياجه أشد"
ربط األسلوب بالخصائص التعبيرية في حديثه عن "قلب التشبيه" مما
يؤكد ارتباط األسلوب عنده بأنماط األداء في تركيب العبارة.
اإلمام عبدالقاهر الجرجاني ( ت 471:هـ)
فيعلق على قول محمد بن وهب :
وجُه الخليفة حين ُيمَتدح وبدا الصباُح كأن ُغ رّته
حيث يقول :
واعلم أن هذا الدعوى ] جعل الفرع أصال [ وإن كنت تراها تشبه قولهم ":
ال ُيدرى َأَو ْج هه أنور أم الصبح ؟ وغرته أضوأ أم البدر ؟ وقولهم إذا
أفرطوا :نور الصباح يخفي في ضوء وجهه ,أو نور الشمس مسروق من
جبينه ,وما جرى في هذه األسلوب من وجوه اإلغراق والمبالغة ,فإن في
"الطريقة األولى خالبة وشيء من السحر
الزمخشري ( :ت 538 :هـ)
يربط بين معنى األسلوب والخصائص األسلوبية ,أو بين األسلوب والطاقة
الكامنة فيه
في حديثه عن أسلوب االلتفات في قوله تعالى (( :اْلَحْم ُد ِهَّلِل َر ِّب اْلَع اَلِم يَن ()2
الَّرْح َمِن الَّر ِح يِم (َ )3م اِلِك َيْو ِم الِّد يِن (ِ )4إَّياَك َنْع ُبُد َو ِإَّياَك َنْسَتِع يُن (. )) )5
حيث يقول " :فإن قلت ِل عَد ل عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب ,قلت :هذا يسمى
َم
االلتفات في علم البيان ,قد يكون من الغيبة إلى الخطاب ,ومن الخطاب إلى الغيبة
,ومن الغيبة إلى التكلم كقوله تعالى َ(( :ح َّتى ِإَذ ا ُكْنُتْم ِفي اْلُفْلِك َو َجَر ْيَن ِبِهْم ))
وقوله تعالى َ(( :و ُهَّللا اَّلِذ ي َأْر َسَل الِّر َياَح َفُتِثيُر َسَح اًبا َفُس ْقَناُه ِإَلى َبَلٍد َم ِّيٍت َفَأْح َيْيَنا ِبِه
اَألْر َض َبْع َد َم ْو ِتَها َك َذ ِلَك الُّنُش وُر ( )) )9وذلك على عادة افتنانهم في الكالم
وتصرفهم فيه ,وألن الكالم إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب كان ذلك أحسن ,
)) تطرية لنشاط السامع ,وإيقاظا لإلصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد
الزمخشري ( :ت 538 :هـ)
الحسن في قوله تعالى (( :الم (َ )1تْنِز يُل اْلِكَتاِب ال َر ْيَب ِفيِه ِم ْن َر ِّب اْلَع اَلِم يَن
(َ )2أْم َيُقوُلوَن اْفَتَر اُه َبْل ُهَو اْلَح ُّق ِم ْن َر ِّبَك )) حيث يقول:
وهذا أسلوب صحيح محكم ,أثبت -أوال – أن تنـزيله من رب العالمين ",
وأن ذلك ما ال ريب فيه ,ثم أضرب عن ذلك إلى قوله َ (( :أْم َيُقوُلوَن اْفَتَر اُه ))
ألن " أْم " هي المنقطعة الكائنة بمعنى "بل" ,والهمزة إنكار لقولهم وتعجبا
منه لظهور أمره في عجز بلغائهم عن مثل ثالث آيات منه
, ثم أضرب عن اإلنكار إلى إثبات أنه الحق من ربك”
فالزمخشري يستند إلى مناهج البحث البالغي من ناحية ,والتركيب النحوي
من ناحية أخرى ,وأفاد من كل محاوال الوصول إلى أقصى درجة من الرصد
الموضوعي للخصائص األسلوبية رابطا بين التأثير االنفعالي لدى المتلقي
والخصائص التعبيرية في النص األدبي عامة والقرآني خاصة
الفخر الرازي ( ت 606 :هـ)
لم يكتف بالربط بين األسلوب والنوع األدبي ,بل قدم إضافة جديدة في مجال دراسة األسلوب
محاولته للربط بين األسلوب و القائل
" ومن الناس من جعل اإلعجاز في أن أسلوبه مخالف ألسلوب الشعر والخطب والرسائل ,السيما
في مقاطع اآليات مثل (( يعلمون ويؤمنون)) وهو أيضا باطل من خمسة أوجه :
األول :لو كان االبتداء باألسلوب معجزا لكان االبتداء بأسلوب الشعر معجزا.
الثاني :أن االبتداء بأسلوب ال يمنع الغير من اإلتيان بمثله .
الثالث :يلزم أن الذي تعاطاه مسيلمة من الحماقة في "إنا أعطيناك الجماهر فصل لربك وجاهر"
وكذلك "والطاحنات طحنا"في أعلى مراتب الفصاحة .
الرابع :أنه لما فاضلنا بين قوله تعالى َ(( :و َلُك ْم ِفي اْلِقَص اِص َحَياٌة)) وقولهم " :القتل أنفى للقتل" لم
تكن المفاضلة بسبب الوزن ,واإلعجاز إنما يتعلق بما به ظهرت الفضيلة.
الخامس :وهو أن وصف بعض العرب القرآن بأن له لحالوة وإن عليه لطالوة ال يليق باألسلوب"
الخالصة
ابن قتيبة ربط بين تعدد األساليب وطرق العرب في أداء المعنى في نسق
مختلف
ربط بين األسلوب وطرق الصياغة .
ربط بين األسلوب الذي يسلكه الشاعر أو الخطيب وحال السامعين
الخطابي ربط بين األسلوب والغرض الذي يتضمنه النص األدبي
الباقالني ربط بين األسلوب والنوع األدبي
واإلمام عبدالقاهر بين أن األسلوب ضرب من النظم ,وبين أن كل نظم له
خصائصه التي يتميز بها عن غيره . . .وهو بذلك يربط بين األسلوب
وطريقة أداء المعنى
الخالصة
والزمخشري كان يبين الخصائص األسلوبية في طرق التعبير في تحليله
للقرآن الكريم تحليال بالغيا يكشف عن حسن النظم فيه ,وبيان األوجه
الجمالية التعبيرية التي اشتمل عليها .
الرازي لم يكتف بالربط بين األسلوب والنوع األدبي ,وإنما تجاوز ذلك
إلى الربط بين األسلوب والمنشئ