Download as pptx, pdf, or txt
Download as pptx, pdf, or txt
You are on page 1of 17

‫تاريخ الطب‬

‫‪ ‬في تاريخ الطب‪ ،‬يشار بمصطلح الطب اإلسالمي أو الطب العربي أو طب العرب إلى الطب الذي تطور في لإلسالالعصر الذهبيم‬
‫وكتب بلغة عربية‪ ،‬والتي كانت لغة التواصل المشترك في زمن الحضارة اإلسالمية‪ .‬نشأ الطب اإلسالمي كنتيجة للتفاعل الذي حدث بين‬
‫الطب التقليدي العربي والمؤثرات الخارجية‪ [1].‬كانت الترجمات األولى للنصوص الطبية‪ ،‬عامًال أساسًيا في تكّو ن الطب اإلسالمي‪ .‬كما‬
‫كان للترجمات الالتينية لألعمال العربية أثرها البالغ في تطور الطب في نهاية الوسطى العصور وبداية النهضة عصر‬
‫‪ ‬وفي الوقت الذي كانت فيه الكنيسة الغربية تحرم صناعة الطب‪ ،‬ألن المرض عقاب من هللا ال ينبغي لإلنسان أن يصرفه عمن يستحقه‪،‬‬
‫وهو االعتقاد الذي ظل سائًد ا في الغرب حتى القرن الثاني عشر‪ .‬بدأ المسلمون في القرن التاسع الميالدي في تطوير نظام طبي يعتمد‬
‫على التحليل العلمي‪ .‬ومع الوقت‪ ،‬بدأ الناس يقتنعون بأهمية العلوم الصحية‪ ،‬واجتهد األطباء األوائل في إيجاد سبل العالج‪ .‬أفرز اإلسالم‬
‫في العصور الوسطى بعض أعظم األطباء في التاريخ‪ ،‬الذين طوروا المستشفيات‪ ،‬ومارسوا الجراحة على نطاق واسع‪ ،‬بل ومارس‬
‫النساء الطب‪ ،‬حتى أنه كانت هناك طبيبتان من عائلة ابن زهر خدمتا في بالط الخليفة الموحدي أبو يوسف يعقوب المنصور في القرن‬
‫الثاني عشر الميالدي‪ [5].‬وقد ورد ذكر الطبيبات والقابالت والمرضعات في الكتابات األدبية لتلك الفترة‪.‬‬
‫‪ ‬ويعد الرازي وابن سينا أعظم هؤالء األطباء‪ ،‬وظلت كتبهم تدّرس في المدارس الطبية اإلسالمية‬
‫لفترات طويلة‪ ،‬كما كان لهم وباألخص ابن سينا أثًر ا عظيًم ا على الطب في أوروبا في العصور‬
‫الوسطى‪ .‬في العصور الوسطى‪ ،‬كان المسلمون يصنفون الطب أنه فرع من فروع الفلسفة‬
‫الطبيعية‪ ،‬متأثرين بأفكار أرسطو وجالينوس‪ .‬وقد عرفوا التخصص‪ ،‬فكان منهم أطباء العيون‬
‫ويعرفون بالكحالين‪ ،‬إضافة إلى الجراحين والفصادين والحجامين وأطباء أمراض النساء‬
‫مخطوطة عن تشريح العين لحنين بن إسحق من كتابه المسائل‬
‫في العين‪ ،‬محفوظة في المكتبة الوطنية في القاهرة‪ ،‬ومؤرخة‬
‫منذ عام ‪1200‬م‪.‬‬
‫نشأة الطب اإلسالمي‬

‫‪ ‬كان الطب في الجاهلية طًبا بدائًيا اقتصر على التجارب والتعاويذ المتوارثة بين األفراد‪ .‬وقد اقتصر معظمه على الكي بالنار واستئصال األطراف‬
‫الفاسدة والتداوي بالعسل ومنقوع بعض األعشاب النباتية‪ ،‬واللجوء إلى بعض التعاويذ والتمائم على يد الكهان والعرافين‪ .‬بعد الفتوحات اإلسالمية في‬
‫الشرق‪ ،‬اهتم العرب بأعمال األطباء اإلغريق والرومان القدماء أمثال أبقراط وجالينوس ]‪[9‬وديسقوريدوس التي كان السريان قد نقلوها إلى لغتهم في‬
‫مدرسة جنديسابور التي فروا إليها هرًبا من اضطهاد األباطرة البيزنطيين للمذهب النسطوري الذي اعتنقوه‬
‫‪ ‬ومع بداية العصر العباسي‪ ،‬تطور األمر بعدما بدأ العرب في نقل العلوم الطبية من مصادرها اليونانية مباشرة‪ ،‬بعدما عرفوا ما في الترجمات السريانية‬
‫من ضعف على أيدي بعض األطباء الذين حذقوا اليونانية كآل بختيشوع وحنين بن إسحاق‪ .‬ومع الوقت‪ ،‬انتشرت ممارسة مهنة الطب حتى أنه بلغ عدد‬
‫األطباء في بغداد وحدها في زمن الخليفة العباسي المقتدر باهلل أكثر من ‪ 860‬طبيب‪ ،‬بل ظهرت المصنفات التي تصنف األطباء بحسب الفترة الزمنية‬
‫التي عاشوا فيها أو بحسب المناطق التي استوطنوها‪ ،‬ولعل أهمها كتابي "طبقات األطباء والحكماء" البن جلجل و"عيون األنباء في طبقات األطباء‬
‫البن أبي أصيبعة‬
‫الكتب الطبية‬

‫‪ ‬كان كتاب فردوس الحكمة الذي كتبه ابن ربن الطبري في سبع مجلدات عام ‪ 860‬م تقريًبا‪ ،‬أولى الموسوعات الطبية [بالعربية كان‬
‫الطبري من الرواد في علم تنشئة الطفل‪ ،‬الذي أّك د فيه الروابط القوية بين علم النفس والطب‪ ،‬والحاجة للعالج النفسي واإلرشاد عند‬
‫معالجة المرضى‪ .‬كما ناقشت موسوعته أثر ساسروتا وتشانكيا في الطب‪ ،‬بما في ذلك العالج النفسي‪.‬‬
‫‪ ‬كتب محمد بن زكريا الرازي كتابه الحاوي في الطب في القرن التاسع الميالدي‪ ،‬كما كان لكتبه الجامع الكبير شهرته الخاصة‪ ،‬لما سجله‬
‫فيه الرازي من حاالت سريرية عالجها الرازي بنفسه‪ ،‬وقدم فيه تسجيالت مفيدة جًد ا عن أمراض مختلفة‪ .‬وقد نشره في ‪ 23‬مجلد‪ ،‬كل‬
‫منها تشرح أجزاء من الجسد أو أمراض معينة‪ ،‬صنفها وجمعها بحسب فهمه‪ [18].‬وقد ظلت معظم الجامعات األوروبية تستخدم كتاب‬
‫الحاوي كمرجع طبي هام حتى القرن السابع عشر‬
‫‪ ‬كما كتب الرازي كتابه المنصوري الذي كتبه لحاكم الرّي منصور بن إسحاق بن أحمد‪ ،‬والذي كان يحتوي على عشر مقاالت تعتمد في‬
‫األساس على العلوم اإلغريقية‪ ،‬اعتمد عليه طالب الطب لقرون‬
‫‪ ‬للرازي كتاب آخر اسمه طب الملوك‪ ،‬الذي تناول فيه كيفية العالج والوقاية من األمراض والعلل من خالل اتباع النظم الغذائية‪ .‬ويعتقد‬
‫أنه كتب هذا الكتاب لعلية القوم الذين كان يعرف عنهم نهمهم‪ ،‬وغالًبا ما كانوا يصابون بأمراض المعدة‪ .‬ومن األعمال األخرى‪ ،‬أطروحة‬
‫في أسباب الزكام في فصل الربيع‪ ،‬التي شرح فيها الرازي أسباب اإلصابة بالزكام عند استنشاق الورود في فصل الربيع‬
‫‪ ‬ما كان لكتاب كامل الصناعة الطبية المعروف بالكتاب الملكي لعلي بن العباس المجوسي‪ ،‬الذي يعده بعض العلماء مؤسس علم وظائف األعضاء‬
‫التشريحية والذي احتوى على عشرين مقالة عن النظريات الطبية‪ ،‬واألغذية الصحية واألعشاب الطبية‪ ،‬وطب النساء‪ .‬كما يعد من أوائل الكتب الطبية‬
‫التي أفردت قسًم ا للحديث عن الجلدية األمراض‬
‫‪ ‬ومن الكتب الهامة أيًضا كتاب القانون في الطب الذي انقسم إلى خمس مجلدات ‪ :‬احتوى المجلد األول على خالصة وافية للمبادئ الطبية‪ ،‬والثاني مرجع‬
‫لألدوية المخدرة‪ ،‬والثالث يصف أمراض األعضاء كل على حدة‪ ،‬والرابع يناقش األمراض التقليدية وبه قسم للتدابير الصحية الوقائية‪ ،‬والخامس به‬
‫وصفات لألدوية المجمعة‪ .‬لذا‪ ،‬فقد كان للقانون تأثيره الكبير في المدارس الطبية والمؤلفين الطبيين المتأخرىن‪.‬‬
‫‪ ‬اهتم األطباء المسلمون أيًض ا بما يعرف اآلن الطب الوقائي ‪ ،‬وكانت لهم كتب تهتم بكيفية الحفاظ على الصحة‪ ،‬عن طريق الحفاظ على نظافة البيئة‬
‫المحيطة وسبل التغذية السليمة‪ ،‬وممارسة الرياضة للحفاظ على الجسم‪ .‬لعل أشهرها كتاب تقويم الصحة البن بطالن الذي كانت له شعبيته في أوروبا‬
‫العصور الوسطى‪ ،‬وبه يدلل على تأثير الثقافة العربية على بدايات الحضارة األوروبية الحديثة‪.‬‬
‫‪ ‬إضافة إلى الكتب التي تناولت مواضيح طبية أخرى مثل صحة المسنين ككتاب طب المشايخ الجزار البن‪ ،‬واضطرابات النوم ككتاب لنسيان وطرق‬
‫تقوية الذاكرة البن الجزار أيًضا‪.‬‬
‫‪ ‬وقد استفادت أوروبا من الترجمات للكتب الطبية اإلسالمية على يد مترجمين أمثال جيراردو الكريموني الذي ترجم جزء الجراحة من كتاب التصريف‬
‫لمن عجز عن التأليف للزهراوي إلى الالتينية‪ ،‬واستخدم من حينها في كليات الطب األوروبية لقرون‪ ،‬وظلوا يصدرون منه الطبعات حتى نحو عام‬
‫‪ 1770‬كما ترجم قسطنطين األفريقي كتاب زاد المسافر وقوت الحاضر البن الجزار وكتاب القانون في الطب البن سينا وكتاب الجامع الكبير للرازي‪.‬‬
‫‪ ‬وقد ظلت بعض المؤلفات الطبية للمسلمين ككتاب القانون في الطب البن سينا والحاوي في الطب للرازي والتصريف لمن عجز عن التأليف للزهراوي‪،‬‬
‫تدرس في جامعات أوروبا حتى القرن الثامن عشر‪.‬‬
‫‪ ‬كما قدم المسلمون أعماًال في مجال األخالقيات الطبية‪ ،‬ويعد كتاب أدب الطبيب للرهاوي أقدم األعمال العربية في مجال أخالقيات الطب الذي اعتمد فيه‬
‫على أعمال أبقراط وجالينوس‪ .‬وقد وصف الرهاوي في كتابه األطباء بأنهم "رعاة الروح والجسد"‪ ،‬وكتب فيه عشرين فصًال في مختلف العناوين‬
‫المرتبطة باألخالقيات الطبية‪ .‬كما اهتم الرازي أيًض ا باألخالقيات الطبية‪ ،‬والتي كتب فيها كتاًبا بعنوان أخالق الطبيب‪ .‬في هذا الكتاب‪ ،‬كتب الرازي عن‬
‫أهمية الحالة المعنوية للمريض‪ .‬كما اعتقد أنه ليس فقط من الضروري للطبيب أن يكون حاذًقا في مجاله‪ ،‬بل يجب أن يكون نموذًج ا يحتذى به‪ .‬انقسمت‬
‫أفكاره حول األخالقيات الطبية إلى ثالث مفاهيم‪ :‬مسؤولية الطبيب عن مرضاه‪ ،‬ومسؤوليته أمام نفسه‪ ،‬إضافة إلى مسؤولية المريض أمام الطبيب‪.‬‬
‫أشهر األطباء المسلمين‬

‫‪ ‬اشتهر الكثير من األطباء المسلمين‪ ،‬وكانت لهم اسهاماتهم المتميزة التي أعلت من مكانتهم‪ ،‬كأبي بكر الرازي الذي أطلق عليه "جالينوس العرب" لما‬
‫قّد مه من مؤلفات وإنجازات في الطب‪ ،‬كما يعتبره البعض أبو الطب اإلسالمي‪ ،‬وأعظم األطباء في العالم اإلسالمي‪ ،‬باإلضافة إلى شهرته كطبيب‪ ،‬فقد‬
‫كان الرازي عالًم ا موسوعًيا‪ ،‬له مائتي مصنف نصفها في الطب‪ .‬ويعد الرازي أول من أرجع سبب اإلصابة ببعض األمراض إلى أسباب وراثية‬
‫‪ ‬وقد كان الرازي "أول األطباء المسلمين في العصور الوسطى ممارسة للطب بطريقة شاملة وموسوعية‪ ،‬متفوًقا على جالينوس نفسه‪ ...‬وقد اشتهر‬
‫الرازي بأنه أول من وصف وفّر ق بين مرضي الجدري والحصبة على نحو دقيق"‪.‬‬
‫‪ ‬لمع منهم أيًضا الزهراوي الذي عّد ه الغرب "أبو الجراحة الحديثة"‪ ،‬وابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى‪ .‬الجزار وابن صاحب كتاب زاد‬
‫المسافر وقوت الحاضر‪.‬‬
‫‪ ‬لمع منهم أيًض ا الطبيب والفيلسوف المسلم ابن سينا ألعماله العلمية‪ ،‬وباألخص لكتاباته في الطب‪ .‬كما اشتهر ابن سينا لكتابيه القانون في الطب وهو‬
‫األشهر‪ ،‬وكتاب الشفاء‪ .‬وقد غطت أعماله األخرى مواضيع حول أدوية القلب‪ ،‬وعالج أمراض الكلى‪.‬‬
‫إنجازات المسلمين في الطب‬
‫التشريح وعلم وظائف األعضاء‬
‫‪ ‬كان البن النفيس فضًال كبيًر ا في تقدم علم التشريح وعلم وظائف األعضاء‪ ،‬ولكن من غير المؤكد إنه توصل إلى‬
‫ما توصل إليه عن طريق تشريح اإلنسان‪ ،‬الستنكاف ابن النفيس ممارسة التشريح لتعارضه مع الشريعة وشفقته‬
‫على أجساد البشر‪.‬‬
‫‪ ‬يعتقد أن األطباء اإلغريق قد عرفوا مسارات الدم في أجساد البشر‪ .‬إال أنه كان هناك تساؤل حول كيفية تدفق الدم‬
‫من البطين األيمن للقلب إلى البطين األيسر‪ ،‬قبل أن يتم ضخ الدم إلى باقي الجسم‪ .‬وقد ذكر جالينوس في القرن‬
‫الثاني الميالدي‪ ،‬أن الدم يصل إلى البطين األيسر عبر مسارات غير مرئية في الحاجز البطيني‪ .‬وفي القرن الثالث‬
‫عشر الميالدي‪ ،‬اعتبر ابن النفيس أن فرضية جالينوس تلك خاطئة‪ ،‬بعد أن اكتشف أن الحاجز البطيني ال يمكن‬
‫اختراقها‪ ،‬وليس به أي نوع من المقاطع غير المرئية‪ ،‬مما يفند افتراض جالينوس‪ .‬بدًال عن ذلك‪ ،‬اكتشف ابن‬
‫النفيس أن انتقال الدم من البطين األيمن إلى البطين األيسر يتم عن طريق الرئتين‪ ،‬وهو ما عرف باسم‬
‫الدورة الدموية الصغرى‪ .‬غير أن كتاباته عن هذا االكتشاف لم تكتشف إال في القرن العشرين‪ ،‬وكان ويليام هارفي‬
‫قد اكتشف تلك النظرية بصورة مستقلة بعد ابن النفيس بقرون‪.‬‬
‫‪ ‬كما وصف ابن أبي األشعث وظائف المعدة على أسد حي‪ ،‬في كتابه الغادي والمغتدي‪ .‬حيث كتب ‪:‬‬
‫‪ ‬عندما يدخل الطعام المعدة‪ ،‬خاصة عندما تكون ممتلئة‪ ،‬تتسع المعدة وتتمدد طبقاتها‪ ...‬الناظر للمعدة يراها صغيرة إلى حد ما‪ ،‬لذا فقد شرعت في صب إبريق بعد إبريق‬
‫في فمها‪ ...‬الطبقة الداخلية للمعدة المنتفخة أصبح ناعمة كطبقة الغشاء البريتوني الخارجية‪ .‬ثم قطعت المعدة وسمحت للماء بالخروج‪ ،‬فتقلصت المعدة‪ ،‬حتى رأيت فمها‬
‫‪ ‬دّو ن ابن أبي األشعث مالحظاته تلك عام ‪ ،959‬وبعد نحو ‪ 900‬عام‪ ،‬أعاد وليم بومونت وصف تلك الوظائف‪ ،‬مما يجعل ابن أبي األشعث رائًد ا في علم‬
‫وظائف األعضاء التجاربي‪.‬‬
‫‪ ‬ذكر جالينوس في كتابه ‪ ، De ossibus ad tirones‬أن الفك السفلي يتكون من جزأين‪ ،‬وهو ما يمكن إثباته عند طهيه‪ ،‬فإنه ينقسم من عند منتصفه‪.‬‬
‫بينما كان موفق الدين عبد اللطيف البغدادي في زيارة لمصر ‪ ،‬صادف العديد من بقايا الهياكل العظمية ألشخاص لقوا حتفهم من الجوع بالقرب من‬
‫القاهرة‪ .‬فحص البغدادي الهياكل‪ ،‬وتوصل إلى أن الفك السفلي يتكون من قطعة واحدة ال قطعتين كما اعتقد جالينوس‪ .‬كما كتب في كتابه اإلفادة‬
‫واالعتبار في األمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض‬
‫‪ ‬عتقد اإلغريق أن الرؤية تحدث نتيجة انبعاث أشعة من العين تسمح برؤية األشياء‬
‫‪ ‬وفي القرن الحادي عشر‪ ،‬خالف ابن الهيثم تلك النظرية‪ ،‬وأثبت ابن الهيثم خطأها عبر جهاز‬
‫بصري ساعد تشريح ابن الهيثم للعين‪ ،‬على وضع أساس نظريته حول تكون الصورة‪ ،‬والتي‬
‫شرحها عبر إسقاط أشعة الضوء خالل وسطين مختلفي الكثافة‪ ،‬أي أنه أثبت نظريته بالتجارب‬
‫المعملية وفي القرن التالي‪ ،‬ترجم كتابه المناظر إلى الالتينية‪ ،‬وظل يدّر س في العالم اإلسالمي‬
‫وأوروبا على حد سواء‪ ،‬حتى القرن السابع عشر‪.‬‬
‫البصريات وطب العيون‬

‫‪ ‬د لمع األطباء المسلمون في طب وجراحة العيون باألخص‪ ،‬معتمدين على ما خلفه ابن الهيثم في هذا المجال من أعمال ظلت مرجًعا في هذا المجال حتى بداية‬
‫العصر الحديث‪.‬‬
‫‪ ‬درس أيًض ا المسلمون أعين الحيوانات‪ ،‬وعرفوا منها أن حركة مقلة العين سببها انقباض عضالت العين‪ ،‬أما حركة الحدقة فسببها انقباض وانبساط القزحية‪ .‬وقد‬
‫وضع علي بن عيسى الكحال كتاًبا سماه "رسالة في تشريح العين وأمراضها الظاهرة وأمراضها الباطنة"‪ ،‬ترجم إلى الالتينية‪ ،‬وكان له أثره على علم طب‬
‫العيون في أوروبا في العصور الوسطى‪ .‬كما وضع صالح الدين بن يوسف الكحال كتابه "نور العيون وجامع الفنون" الذي يعد أكبر مرجع جامع في أمراض‬
‫العين‪ ،‬واشتمل على وصف العين واإلبصار‪ ،‬وأمراض العين وأسبابها وأعراضها‪ ،‬وكيفية الحفاظ على صحة العين‪ ،‬إضافة إلى األمراض التي تصيب الجفون‬
‫والملتحمة والقرنية والحدقة‪ ،‬واألدوية المستخدمة في عالجها‪.‬‬
‫‪ ‬كان للجراحة أهميتها في عالج أمراض العين المستعصية كالرمد الحبيبي وإعتام عدسة العين‪ .‬ومن المضاعفات الشائعة لمرض الرمد الحبيبي إصابة أنسجة في‬
‫قرنية العين‪ ،‬وقد اعتقد األطباء المسلمون أن تلك اإلصابة هي سبب المرض‪ ،‬لذا لجأوا إلى كحت تلك األنسجة جراحًيا‪ .‬كانوا يقومون بتلك الجراحة عن طريق‬
‫" استخدام جهاز يبقي العين مفتوحة خالل الجراحة‪ ،‬ومبضع رقيق جدا لالستئصال" تقنية أخرى كانت تستخدم لعالج مضاعفات الرمد الحبيبي‪ ،‬تسمى "الظفرة" (‬
‫باإلنجليزية‪ ،)pterygium :‬كانت تستخدم إلزالة األجزاء الثالثية الشكل من الملتحمة البصلية على القرنية‪ .‬كانت تلك الجراحة تتم عن طريق رفع الجزء‬
‫المصاب بخطافات صغيرة‪ ،‬ثم القطع بمبضع صغير‪ .‬كانت كلتا الجراحيتين مؤلمتين للغاية للمرضى ومعقدة التنفيذ بالنسبة للطبيب أو مساعديه‪.‬‬
‫‪ ‬اعتقد األطباء المسلمون أن إعتام عدسة العين ناجم عن الغشاء السائل الذي يقع بين العدسة والبؤبؤ‪ .‬تتم الجراحة بإجراء شق صغير في بياض العين بمبضع‪،‬‬
‫وإدخال أنبوب دقيق لدفع إعتام العدسة جانًبا‪ .‬وبعد انتهاء الجراحة‪ ،‬تغسل العين بمحلول ملحي‪ ،‬وتضمد بقطعة من القطن غمست في محلول من زيت الورود‬
‫وبياض البيض‪ .‬كان هناك بعد العملية‪ ،‬كان هناك قلق من أن يعود اإلعتام‪ ،‬من الجانب ليعتلى العدسة مجدًد ا‪ ،‬لذا كان ينصح المرضى بأن يستلقوا على ظهورهم‬
‫أليام بعد الجراحة‪.‬‬
‫الجراحة‬

‫‪ ‬ساهم نمو وانتشار المستشفيات في العالم اإلسالمي قديًم ا في انتشار ممارسة الجراحة‪ ،‬حيث كان األطباء على معرفة بكيفية إجراء العمليات الجراحية‬
‫النتشار الكتابات الطبية التي تشمل وصف لكيفية إجراء تلك الجراحات‪ .‬اتخذ المسلمون من الترجمات للكتابات الطبية القديمة ركيزة لنشر الممارسات‬
‫الجراحية‪ .‬لم يكن األطباء يفضلون إجراء الجراحات لنسب نجاحاتها الضعيفة نسبًيا‪ .‬وقد برع المسلمون في العديد من العمليات الجراحية‪ ،‬كالتجبير‬
‫وشق المثانة والفتق‪ ،‬إضافة إلى الحجامة والكي اللتان كانتا من الوسائل العالجية الشائعة التي استخدمها األطباء المسلمون قديًم ا‪ ،‬وقد كانوا يستخدمونها‬
‫على نطاق واسع لعالج العديد من األمراض‪ .‬كانوا يستخدمون الكي بقضيب معدني إليقاف النزيف من الجروح وحمايتها من العدوى‪ .‬كما عنوا بكتابة‬
‫الكتب الطبية التي تصف العمليات الجراحية وكيفية إجرائها‪ ،‬بل وكانت لهم اختراعاتهم الجراحية‪ ،‬كالتي صنعها الزهراوي ورسمها في كتابه‬
‫"التصريف لمن عجز عن التأليف" والتي تصل إلى ‪ 200‬جراحية أداة‪ ،‬والخيوط الجراحية التي صنعوها من أمعاء القطط والحيوانات األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬أما الحجامة‪ ،‬فكان يستخدم إلزالة األخالط السيئة من جسم المريض‪ .‬كما استخدموا الفصد إلزالة الدم من األوردة مباشرة‪ .‬كانت الحجامة إما "حجامة‬
‫رطبة" تتم عن طريق شق بسيط في الجلد وسحب الدم بواسطة كوب دافئ‪ .‬تتسبب الحرارة والشفط إلى الكوب الزجاجي في خروج الدم إلى سطح الجلد‬
‫وإزالته‪ .‬أما "الحجامة الجافة" ‪ ،‬فتتم باستخدام الكوب الساخن دون شق الجلد‪ ،‬في مناطق معينة من جسم المريض لتخفيف األلم والحكة‪ ،‬وغيرها من‬
‫األمراض الشائعة‪ .‬كانت تلك العمليات تتسبب أحياًنا في جروح وربما وفاة المريض‪ ،‬نتيجة اإلهمال أثناء الشق‬
‫تشخيص األمراض‬
‫‪ ‬ثبت من مؤلفات األطباء المسلمين‪ ،‬أنهم لم يكونوا حاذقين في تشخيص األمراض فقط‪ ،‬واعتمدوا في ذلك على الفحص الفيزيائي للجسد وجس النبض‬
‫ومراقبة البول‪ ،‬وسؤال المريض عما يشتكي‪ ،‬والتدقيق في لون البشرة‪ ،‬واالطمئنان على الزفير والشهيق‪.‬‬
‫‪ ‬كما برعوا في فن التفريق بين األمراض‪ .‬فعلى سبيل المثال استطاع ابن سينا التفريق بين التهاب السحايا الحاد والثانوي‪ ،‬وبين المغص الكلوي والمعوي‪،‬‬
‫ووصف الرازي بدقة الفارق بين مرضي والحصبةالجدري لتشابه األطوار األولى للمرضين‪ ،‬وسجله في كتابه "رسالة في الجدرى والحصبة"‪ .‬كما‬
‫وصف ابن زهر خراج الحيزوم والتهاب التامور االنسكابي والجاف‪ .‬كما ربط األطباء المسلمين بين شكل األظافر ومرض السل‪ .‬وينسب البن سينا توّصله‬
‫إلى احتمالية انتقال األمراض عبر الهواء‪ ،‬وآرائه الثاقبة حول نسبة بعض األمراض إلى الظروف النفسية‪ ،‬وتوصيته باستخدام الملقط في الوالدات المعقدة‬
‫بسبب الضائقة الجنينية‪ ،‬وتمييزه بين شلل العصب الوجهي الناجم عن مرض في المخ والناجم عن سبب موضعي‪ .،‬ووصفه لعدوى ديدان غينيا والتهاب‬
‫العصب الثالث‪.‬‬
‫‪ ‬وصف المسلمون أيًضا عالج لليرقان والهواء األصفر‪ ،‬واستعملوا األفيون بمقادير مختلفة لعالج الجنون‪ .‬كما وصفوا صب الماء البارد إليقاف النزيف‪،‬‬
‫وعالجوا خلع الكتف برّد ه فجائًيا‪ .‬وأرجعوا سبب مرض البواسير إلى قبض المعدة‪ ،‬ونصحوا بتناول المأكوالت النباتية عالًجا لها‪.‬‬
‫‪ ‬وقد اكتشف ابن سينا مرض اإلنكلستوما وكتب عنها في الباب الخاص بالديدان المعوية في كتابه القانون في الطب‪ ،‬واسماها بالدودة المستديرة‪ .‬كما‬
‫وصف داء الفيل وكيفية انتشاره في الجسم‪ ،‬ومرض النار الفارسية‪ .‬وقد اكتشف ابن ربن الطبري الحشرة المسببة لداء الجرب ووصفها في كتابه "المعالجة‬
‫األبقراطية"‪ .‬كما كان الزهراوي أول من يصف الحمل المنتبذ‪ ،‬إضافة إلى وصفه للطبيعة الوراثية لمرض الناعور‪.‬‬
‫‪ ‬كما اهتموا بالعالج النفسي‪ ،‬فقد قّسم الرازي علم المعالجة إلى قسمين ‪ :‬العالج البدني والعالج الروحاني‪ .‬يختص العالج البدني باألمراض العضوية بينما‬
‫يهتم العالج الروحاني بالنفس ذاتها‪ .‬واعتقد بأنه لكي يفهم الطبيب طبيعة الجسد‪ ،‬فإنه في حاجة ألن يكون على دراية بالمعرفة الطبية والروحانية للجسد‬
‫البيمارستانات‬

‫‪ ‬تطورت المستشفيات في بداية العهد اإلسالمي‪ ،‬وأطلقوا عليها اسم البيمارستان‪ ،‬وهي كلمة فارسية تعني "بيت‬
‫المرضى‪ ".‬نشأت فكرة المستشفيات كأماكن لعالج المرضى على يد الخلفاء األوائل‪ .‬وتعد باحة المسجد النبوي في‬
‫المدينة المنورة في عهد النبي محمد‪ ،‬أول مستشفى في اإلسالم‪ .‬كان ذلك خالل غزوة الخندق‪ ,‬حيث أمر النبي‬
‫بنصب خيمة ليعالج فيها الجرحى‪ .‬ومع الوقت‪ ،‬وّسع الخلفاء والحكام البيمارستانات لتشمل األطباء والصيادلة‪.‬‬
‫‪ ‬وقد بنى الخليفة األموي الوليد بن عبد الملك أول بيمارستان في دمشق عام ‪ 88‬هـ‪ 707/‬م‪ .‬كان بالبيمارستان طاقم‬
‫من األطباء مدفوعي األجر‪ ،‬كما كان مجهًز ا تجهيًز ا جيًد ا‪ .‬كان يعالج فيه المكفوفين‪ ،‬والمجذومين وغيرهم من‬
‫المعاقين‪ ،‬حيث كان مرضى الجذام يعزلون عن بقية المرضى‪ .‬وقد اعتقد البعض أن البيمارستان ما هو إال مكان‬
‫لعزل المجذومين‪ ،‬ألنهم كانوا يجمعون به‪ .‬أما أول مستشفى إسالمي حقيقي فقد بني في عهد الخليفة الرشيد هارون‬
‫‪ ،‬عندما دعا الخليفة الطبيب جبريل بن بختيشوع لبناء بيمارستان جديد في بغداد‪ .‬حقق هذا البيمارستان شهرته‬
‫سريًع ا‪ ،‬فكان سبًبا في انتشار البيمارستانات في بغداد‪.‬‬
‫مميزات البيمارستانات‬

‫‪ ‬مع تطور البيمارستانات في العهد اإلسالمي‪ ،‬أصبحت هناك مميزات خاصة بها‪ ،‬فقد كانت تعتمد على العلوم ال مكان للكهانة فيها‪ ،‬كما عالجت جميع‬
‫البشر بغض النظر عن عرقه أو دينه أو جنسيته أو جنسه‪ [59].‬وتدل وثائق الوقف اإلسالمي أنه لم يطرد منها أحد أبًد ا‪ ،‬كما كان هدف العاملين األسمى هو‬
‫مساعدة المرضى‪ [60].‬لم يكن هناك وقت محدد بعده يطرد المريض من البيمارستان; حيث تثبت وثائق الوقف أنه كان من الحق المرضى أن يبقوا في‬
‫البيمارستانات حتى يتعافوا تماًم ا كان هناك قسمين متساويين أحدهما للرجال واآلخر للنساء‪ ،‬كان بها أقسام منفصلة لألمراض العقلية واألمراض‬
‫المعدية واألمراض غير المعدية والجراحة والصيدلة وأمراض العيون‪ ،‬ولكل قسم فريق من األطباء والممرضين من نفس الجنس كل بيمارستان به‬
‫قاعة للدروس ومطبخ وصيدلية ومكتبة ومسجد وأحياًن ا كنيسة للمرضى المسيحيين‪ .‬وعادة ما كانت هناك بعض الفقرات الترفيهية والموسيقية للترويح‬
‫عن المرضى‪.‬‬
‫‪ ‬لم تكن البيمارستانات أماكن للعالج فقط‪ ،‬ولكنها كانت بمثابة مدارس طبية لتعليم وتدريب طالب الطب‪ .‬كانت العلوم األساسية تدرس على يد معلمين‬
‫خاصين‪ .‬وقد كانت البيمارستانات اإلسالمية أولى المستشفيات التي تحتفظ بسجالت مكتوبة عن حالة المرضى وعالجهم‪ .‬كان الطالب هم المسئولين عن‬
‫تدوين حالة المرضى‪ ،‬تحت إشراف اإلطباء‪.‬‬
‫‪ ‬خالل عهد الخالفة العباسية‪ ،‬كانت الرخصة الطبية إلزامية‪ .‬ففي عام ‪ 931‬م‪ ،‬علم الخليفة المقتدر بوفاة أحد األشخاص نتيجة خطأ طبي‪ .‬فأمر‬
‫سنان بن ثابت بن قرة بأن يختبر األطباء ويمنع من يرى عدم أهليته منهم‪ .‬ومنذ ذاك الحين‪ ،‬أصبحت االختبارات ضرورية‪ ،‬وال يمارس الطب سوى‬
‫المؤهلين لذلك‪.‬‬

You might also like