Professional Documents
Culture Documents
الزواج في مصر القديمة
الزواج في مصر القديمة
الزواج في مصر القديمة
/إعداد
إن الزواج في مصر القديمة يمثل رباًطا مقدًس ا يجمع بين المرأة والرجل فقد قدس المصري القديم الزواج،
وحفظ للمرأة المصرية جميع حقوقها الزوجية.
"أحبب زوجتك كما يليق بها ،قدم لها الطعام والمالبس ،وأسعد قلبها ما حييت"
دعوة حكيم من مصر القديمة إلعالء شأن المرأة في القلوب ،تأكيدا على دورها الذي لم يكن أقل من دور
الرجل الذي اتخذها شريكة له في جميع شؤون حياته ،فأصبحت معلما بارزا في بناء حضارة تليدة ٌك تب لها
األبدية.
فطن المصريون القدماء إلى أهمية الترابط األسري ،لذا شجعوا الزواج المبكر بمجرد بلوغ الشاب والفتاة
السن الذي يسمح بالزواج وتحمل المسؤولية ،حفاظا على نسيج المجتمع وتماسكه.
سن الزواج لدى المصريين
القدماء
كان سن الزواج لدى النساء عند المصريين القدماء هو 14عاًم ا تقريًبا ،وأحيانًا
كانت النساء يتزوجن في عمر أقل من ذلك مثل عمر 12سنة ،أما الرجال فكانوا
يتزوجون عادة في أواخر سن المراهقة ،أو أوائل العشرينات من العمر ،وعادة إذا
كان الزوج أكبر عمرًا فهذا يعني أن هذا الزواج هو الزواج الثاني له بعد وفاة أو
طالق زوجتها.
اتفاقات الزواج
وأشار الباحثون إلى أن المهر كان ُيسمى بـ"شبن سحمة" ،أو "هبة البكر" ،وهو صداق يتناسب مع
مستواهما وعصرهما ،سواء كان معجال أو مؤجال ،وتدخل الزوجة بيت الزوجية بمنقوالت مناسبة تسمى "نكتون
إرحمة" أو "نكتون سحمة" ،تمثل أمتعتها أو جهازها الذي تحتفظ بملكيته الخاصة ،ويحق لها استرداده إذا ما
وعقب االتفاق على شروط الزواج تقدم دبلة الخطوبة المصنوعة من الذهب ،والتي كان يطلق عليها
"حلقة البعث" ،وكانت ترتديها العروس في اليد الُيمنى وُتنقل بعد الزواج إلى اليد اليسرى ،وهو ما يتبع في مصر
إلى اآلن.
مراسم الزواج لدى المصريين القدماء
لم يكن لدى قدماء المصريين مراسم محددة للزواج ،وإنما كان الزواج يتم ببساطة عبر انتقال المرأة
للعيش مع زوجها في منزله بعد إخبار والديها او وجود قرار من والديها بخصوص ذلك ،ونقل جميع
ممتلكاتها ،ومالبسها إلى هناك ،وبمجرد بدء حياتهما معًا في بيت واحد فإنهما سيعتبران في المجتمع
وترتدي العروس في ذلك اليوم الذي تنتقل فيه من بيت والدها إلى بيت زوجها فستانًا طويًال مصنوعًا
من الكتان ،كما تضع شبكة على رأسها ،وترتدي أجمل ما لديها من مجوهرات للتباهي بها أمام زوجها.
إمكانية الطالق في حال الخالف
خالفًا لمعظم المجتمعات القديمة التي كانت تمنع وتعارض الطالق؛ إذ كانت الزوجات يعاملن على أنهّن سلع أو ممتلكات،
كان قدماء المصريين يسمحون بالطالق وانفصال الزوجين عن بعضهما البعض في حال وجود سبب يدعو إلى ذلك ،كانت
العالقة الزوجية تنتهي في حالة االتفاق على الطالق أو وفاة أحد الزوجين.
وكانت أسباب الطالق -التي أشارت إليها الوثائق المصرية هي :حدوث شقاق مستمر وكراهية بين الطرفين ،أو عدم
وعلى الرغم من أن المجتمع منح الزوج حق معاقبة الزوجة ،إال أنه اشترط عدم اإلضرار بها أو سّبها .وكان الزوج يتعهد
أمام القضاة بعدم إهانة زوجته وإال عوقب بمئة ضربة أو جلدة.
أسباب الطالق
حث األدب المصري الرجل على احترام المرأة وحرمتها ،حتى لو لم تكن زوجته ،تفاديا لالنفالت األخالقي
الذي قد يقود إلى خيانة زوجية ربما تفضي إلى الطالق إن كان متزوجا ،كهذا المقتطف من تعاليم "بتاح
حتب":
"إن كنت ترغب في المحافظة على سالم منزل تزوره ،سواء منزل عظيم ،أو منزل أخ ،أو منزل صديق ،أو
أي منزل تدخله ،تجنب أن تقترب من النساء ،فإن المكان الذي هن فيه ال يصلح ،فآالف الرجال
تتبعوا هذه المخلوقات الجميلة ،لكنهم تحطموا بسببها ،وخدعتهم أجسادهن الرقيقة ،التي أصبحت أكثر
لم يكن مسموحًا بزواج األقارب بين المصريين القدماء خالفًا لالعتقاد السائد إال بين األسر الحاكمة التي ُس مح فيها
بالزواج بين االخ وأخته أو األب وابنته ،حيث أثارت قضية "زواج الملك بابنته" في عصر الدولة الحديثة تحديدا،
وفي عهد ثالثة من أعظم ملوك الفترة هم "أمنحوتب الثالث" و "أمنحتب الرابع (أخناتون)" و"رعمسيس الثاني"،
جدال تاريخيا بسبب إطالق لقب "حمت سنو ورت (زوجة الملك العظيمة)" على بنات بعينهن لهؤالء الملوك دون
بقية األميرات.
والثابت أن هذا اللقب حملته األميرة "سات آمون" ابنة "أمنحوتب الثالث" ،واألميرتان "مريت آتون" و "عنخ إس
إن با آتون" في عهد أبيهما "أمنحوتب الرابع (أخناتون)" ،واألميرات "نبت عنات" و"مريت آمون" و"نبت تاوي"
في عهد أبيهن الملك "رعمسيس الثاني".
وربما كانت ترجمة اللقب في حد ذاته سببا رئيسيا في جعل البعض يعتقد أن الملك تزوج زواجا رسميا
وفعليا بابنته .لكن بعض العلماء يرون أنه مجرد لقب شرفي تقاسمته األميرات مع أمهاتهن الملكات في
حياتهن.
وكان اللقب بمثابة رتبة تجعل األميرات قادرات على أداء بعض مهام األم الدينية واالجتماعية والسياسية
باإلنابة ،السيما وأن جميع األميرات المذكورات بنات لملكات بارزات ،هن "تي" و"نفرتيتي" و"نفرتاري،
و"است نفرت" ،وجميعهن لهن أبرز دور في الحياة السياسية والدينية في تاريخ مصر القديم في عهد
أعظم ملوك الدولة الحديثة.
قضية زواج الملك بابنته
وربما كانت ترجمة اللقب في حد ذاته سببا رئيسيا في جعل البعض يعتقد أن الملك
لكن بعض العلماء يرون أنه مجرد لقب شرفي تقاسمته األميرات مع أمهاتهن الملكات
في حياتهن .وكان اللقب بمثابة رتبة تجعل األميرات قادرات على أداء بعض مهام األم
كان الزواج لدى المصريين يتطلب وجود منزل أو مسكن خاص يمتلكه الزوج ليعيش به هو
وزوجته منفردين ،إذ كان من غير المعتاد لديهم أن يعيش الرجل والمرأة بعد زواجهما في منزل
والديه أو والدي العروس ،وإنما يجب عليه امتالك منزل ليعيشا بمفردهما هناك ،إذ كان ُيعتبر
ذلك بمثابة أن الرجل غير قادر على إعالة زوجته وأطفاله في المستقبل.
وجود وثائق للزواج تخص المرأة
يبدو أن الزواج في مصر القديمة لم يعرف التوثيق الرسمي كعقد بين طرفين قبل
فترة العصر المتأخر (القرن 11إلى القرن الرابع قبل الميالد) ،بحسب تقسيم
عصور تاريخ مصر القديم.
ويعود أقدم نص يمكن االطالع عليه إلى عام 590قبل الميالد ،كما ُع ثر على عقد
زواج مكتوب بالخط الهيراطيقي في جزيرة الفنتين جنوبي مصر ،يعود إلى عهد
الملك نختنبو الثاني ( 341-359قبل الميالد) ،وهو محفوظ في المتحف المصري
بالقاهرة ،فضال عن عقد زواج مصري آخر مكتوب باللغة اليونانية ،يرجع إلى عام
311قبل الميالد.
تعدد الزوجات
لم تعرف مصر القديمة تعدد الزوجات إال في أضيق الحدود ،على الرغم من عدم وجود نص
صريح يمنعه أو يشجع على ترسيخه ،وأرجع بعض العلماء ذلك إلى أسباب طبقية وربما
اقتصادية ،أسهمت في الحد من انتشار التعدد في المجتمع .ورغم إباحة تعدد الزوجات بين
الملوك والنبالء ،إال أنه كان مقيدا بما يبرره.
تزوج بعض ملوك مصر بأكثر من زوجة ألسباب سياسية ،كالملك "أمنحوتب الثالث" ،األسرة
،18الذي اتخذ إلى جانب زوجته المصرية "تي" زوجات من بابل وميتاني وآشور.
كما تزوج الملك رعمسيس الثاني ،األسرة ،19بخالف زوجتيه المصريتين "نفرتاري" و
"إيزيس نفرت" ،األميرة ابنة ملك الحيثيين "خاتوسيل" بعد معركة قادش ،زواجا سياسيا
يعرف بمصاهرة سالم بين الدولتين ،وأطلق عليها "ماعت نفرو رع".
تظل حضارة مصر القديمة نموذجا لفن الحياة ،تلك الحياة فائقة البساطة برفعة
منزلتها وفلسفتها الفكرية بين حضارات الشرق القديم ،وتطرح اللويت تساؤال عن
أهمية دراسة تاريخ مصر وتقول ":أهي رحلة في مصر القديمة؟ أم هي عودة إلى
أصولنا الحقيقة جميعا؟ ليت قراءة هذه النصوص تجعل مصر الغابرة تحيا من
جديد".