Professional Documents
Culture Documents
علمية العلوم الانسانية-1
علمية العلوم الانسانية-1
العل''وم االنس''انية مجموع''ة من العل''وم ال''تي تتخ''ذ اإلنس''ان وظ''واهره كموض''وع للدراس''ة في مختل''ف ج''وانب وج''وده النفس''ية واالجتماعي''ة
واالقتص'ادية والسياس'ية ..وهي حديث'ة النش'أة مقارن'ة م'ع العل'وم الطبيعي'ة الحق'ة ،نش'أت خالل الق'رنين 19و 20م ،بع'د ف'ترة طويل'ة ظلت خالله'ا
تحت وص'اية الفلس'فة وموض'وعا لتأمالته'ا المج'ردة ،فأص'بح االهتم'ام باإلنس'ان م'ع ه'ذه العل'وم ينص'ب اساس'ا ح'ول اعتب'اره ظ'اهرة قابل'ة للدراس'ة
العلمي'ة من خالل رص'د مجم'وع الس'لوكات وردود األفع'ال الخارجي'ة القابل'ة للمالحظ'ة ثم تأطيره'ا داخ'ل نم'اذج نظري'ة ،اال ان ه'ذا الت'أخر أف'رز
الكث'ير من االش'كاالت النظري'ة والمنهجي'ة واالبس'تمولوجية ح'ول ش'روط علمي'ة العل'وم االنس'انية السوس'يولوجيا والس'يكولوجيا نموذج'ا بحكم
خصوص'يتها ( ظ'واهر واعي'ة متغ'يرة ذاتي'ة ) اذا م'ا قيس'ت بتل'ك المحقق'ة في العل'وم البيولوجي'ة الحق'ة وتقاطعاته'ا م'ع االبس'تمولوجيا باعتباره'ا
احدى مجاالتها من جهة اخرى.
نشأ علم االجتماع في المجتمع األوربي كرد فعل تجاه األزمات االجتماعية والثورات الفكرية والسياسة التي سادت المجتمع التقليدي في أوربا الغربية
في القرن التاسع عشر .ودفعت العلماء إلى البحث في أسباب التفكك الذي أصاب المجتمع ،والصراعات األیدیولوجیة العميقة ،هذه الضرورة الداخلية
ساهمت بشكل او بآخر في تحديد مواضيعه واهدافه؛ من تحليل الظواهر االجتماعية مع اميل دوركايم ،واستكشاف القوانين المؤطرة له استاتيكيا وديناميكيا
مع اوغست كونت في فرنسا ..وبحث العوامل المتحكمة في المجتمع بين البنية التحتية والفوقية لدى كارل ماركس ومدى فاعلية الفعل االجتماعي مع ماكس
فيبر في المانيا عالوة على المدارس الالحقة كفرانكفورت وشيكاغو ،وعلم االجتماع ليس بمعزل عن العلوم االخرى التي ترتبط بما هو أبستمولوجي
ف"تاريخ العلوم مختبرا لالبستمولوجيا اي تقوم بتحقيق فرضياتها ونتائجها"
ان العالقة بين اإلبستيمولوجيا التي تعد "دراسة نقدية لمبادئ مختلف العلوم وفرضياتها ونتائجها ،بهدف تحديد أصلها المنطقي وبيان قيمتها
الموضوعية " والعلوم االجتماعية عالقة جدلية تبادلية ،لذا كان النقد اإلبستمولوجي للمعرفة االجتماعية يسمح بتوفير المبررات الضرورية للمعرفة التي
تعالجها وفق تصورات منهجية تشكل في النهاية البنية التأسيسية لمعرفة اجتماعية ،فإذا كانت هذه الوظيفة االبستمولوجية في داخل النسق المعرفي للعلوم
االجتماعية ،فإن هذه األخيرة تمد التفكير اإلبستمولوجي بالبعد االجتماعي في عملية إنتاج المعرفة انطالقا من المبادئ واالحكام التي تصل اليها خالل
ممارستها للفعل السوسيولوجي داخل المجتمع.
تتقاطع االبستمولوجيا مع السوسيولوجيا في علم اجتماع المعرفة باعتباره فرع جديد من فروع علم
االجتماع العام ظهر في المانيا مطلع القرن 20مع ابحاث كارل مانهايم وهذا العلم "يمكن اعتباره نظرية من
جانب ،وسوسيولوجيا من جانب ثان ،وهي بصفتها نظرية تحاول ان تحلل العالقة بين المعرفة والوجود ،لكن
بصفتها بحثا تاريخيا سوسيولوجيا تحاول ان تتعقب االشكال التي اتخذتها هذه العالقة خالل التطور الفكري
للبشرية" ،وكارل مانهايم يعتبر من االوائل الذين اسسوا لهذا المبحث االجتماعي الذي يحدد المعرفة
االجتماعية كرؤية جديدة مع التحول االبستمولوجي الى علم االجتماع المعرفي الذي يبحث العالقة بين المجتمع
والمعرفة ،علم اجتماع المعرفة جاء في المعجم النقدي لعلم االجتماع انه استطاع معالجة المعرفة بأسس
معاصرة ليفتح المجال امام علماء االجتماع للبرهنة على الخلفية االجتماعية للمعرفة وتبريرها ويصبح برنامجا
يتمثل في جملة من االسئلة والتوجهات المنهجية غرضها دراسة المحددات االجتماعية للمعرفة والسيما
المعرفة العلمية ،انه عبارة عن بحث منهجي ابستمولوجي يهدف الى تتبع العوامل التي تتحكم في تشكيل
المعرفة بمختلف اشكالها ،سواء أكانت علمية او ما قبل علمية مثل االيديولوجيات والمعتقدات ،ويحدد القوانين
التي تتحكم في كل مظهر من مظاهر المعرفة االجتماعية باعتبارها ظاهرة اجتماعية ال تبتعد عن فعالية
المجتمع بقدر ما تبتعد عن الذات المفكرة المنعزلة عن كيانها االجتماعي "..وهذا العلم انما تتحدد مهمته
االبستمولوجية في" تمكين علماء االجتماع من تحقيق الموضوعية التي عجز عنها االبستمولوجيين االوائل
واالبتعاد عن النقد االيديولوجي ألنه ضرب من الذاتية عكس النقد االبستمولوجي الذي يحصره مانهايم ضمن
مهام علم االجتماع المعرفي لفهم البنية العامة لتفكير المجتمع".
اعتماد المنهج الوضعي للوصول الى قوانين علمية وتفسير الظواهر انطالقا من
المالحظة "علم االجتماع يدرس قوانين الظواهر االجتماعية كما تبحث الرياضة عن
قوانين الظواهر الهندسية ،ومعنى ذلك انه ليس بين هذه العلوم المتباعدة من اوجه
خالف اال تلك التي تنشأ عن اختالف الظواهر التي يدرسها كل علم" .اخضاع الظواهر
االجتماعية لمبدأ الحتمية على غرار الظواهر الطبيعية .
اوغست كونت
ضرورة دراس'ة الظ'واهر االجتماعي'ة باعتباره'ا "ك'ل ض'رب من الس'لوك ثابت'ا ك'ان او غ'ير ث'ابت يمكن ان يباش'ر نوع'ا من القه'ر
الخ'ارجي على األف'راد ،وهي ك'ل س'لوك يعم في المجتم'ع بأس'ره وك'ان ذا وج'ود خ'اص مس'تقل عن الص'ور ال'تي يتش'كل به'ا في
الحاالت الفردية"دراسة علمية .
-تشيء الوقائع االجتماعية اي جعلها خارجية مستقلة عن الذات.
-التحرر بصفة مطردة من كل فكرة مسبقة .
-خصائص الظاهرة االجتماعية :خارجية ،قاهرة ،مستقلة ،تلقائية ،منتشرة.
قد تجس''دت ه''ذه الرؤي''ة العلمي''ة في دراس''ته ح''ول االنتح''ار .وف''ق المقارب''ة الوض''عية للسوس''يولوجيا موض''وعها(الظ''واهر
االجتماعي''ة) ،ومنهجه''ا( الوض''عي التفس''يري)،وغايته''ا( اكتش''اف الق''وانين المتحكم''ة في ه''ذه الظ''واهر ).مما يجع''ل من
السوسيولوجيا علما قائما معرفيا وابستمولوجيا.
اميل دوركايم
علمية علم االجتماع
أكد اميل دور كايم على ضرورة النظر إلى الظواهر االجتماعية بطريقة
موضوعية من خالل تسليط الضوء على الخصائص الواقعية للظاهرة .
لن يتحقق ذلك إال إذا اعتمد العالم على املدركات الحسية املوضوعية كما
يفعل ذلك العالم أثناء معالجته للظاهرة الطبيعية فهو ال يتأثر بالطقس بقدر
ما يركز اهتمامه على النتائج التي يسجلها التيرمومتر
اميل دوركايم
ابيستمولوجيا علم النفس
جرت العادة بأن ُيعرف علم النفس «بأنه ذلك العلم الذي يدرس السلوك اإلنساني في بعده الظاهر المتمثل في
األفعال التي يمارسها الكائن ،أوفى بعده الباطن المتمثل في عمليات التذكر واإلدراك والتفكير والتخيل» .
أما بخصوص االبستمولوجيا فقد عرفها أندري الالند في معجمه الفلسفي «بأنها تلك الدراسة النقدية لمبادئ
مختلف العلوم وفروضها ونتائجها بهدف تحديد أصلها المنطقي»
يتضح من خالل هذا التعريف الذي قدمه أندري الالند في معجمه الفلسفي لمفهوم االبستمولوجيا ،أنه ركز على
الجانب المنطقي فقط ،وأغفل أمرا مهما حسب بياجي وهو الجانب السيكولوجي .ونحن قمنا بذكر هذا التعريف
ليكون بمثابة مدخل نميز من خالله بين التعريف الذي وضعه الالند ،والتعريف الذي سيضعه جون بياجي فيما
بعد ,لكن قبل كل شيء دعونا نقف عند جون بياجي وهو يسرد لنا تطور مفهوم االبستمولوجيا ،حيث يقول
«كانت االبستمولوجيا قديما تعتبر شعبة من شعب الفلسفة غير أن هناك نوعين من األحداث الجديدة يشهدان
اليوم بهذا النزوع نحو االستقالل»
• هو أن العلوم المتقدمة خاصة الطبيعة والحقة تؤسس
ابستمولوجيتها الخاصة بواسطة أبحاث تنتمي إلى هذه
الحدث األول العلوم نفسها ،مثال تتم معالجة مشكالت أسس الرياضيات
من لدن الرياضيين أنفسهم والذي يدمجون اعتبارات من
طبيعة منطقية وأخرى تاريخية وسيكولوجية.
رأى بياجي أن الخطأ الذي ارتكبه الفالسفة في موضوع المعرفة ,والذي جعل أراءهم فيها تبقى
عقيمة و غير مواكبة للتطور هو أنهم كانوا ينظرون إلى المعرفة كواقعة نهائية كاملة وليس كعملية
تطور ونمو ,ولم تسلم من هذه الظاهرة حتى العلوم األخرى.
لذلك قد «تبلورت عند جون بياجي فكرة الربط بين علم النفس و المعرفة وعبر عنها
باالبستمولوجية التكوينية بوصفها دراسة المعرفة استنادا إلى تاريخها و تكوينها االجتماعي و الى
االصول السيكولوجية لألفكار و العمليات التي تعتمد عليها بصفة خاصة .عن طريق تحليل و
اكتشاف البنى و العالقات التي تؤلف الذكاء و التفكير و تفسير كيفية تكوين المفاهيم و نمو
المعارف»
بالتالي ان مهمة االبيستمولوجيا في نظر بياجيه هي البحث عن الجدور المتباينة للمعارف المختلفة أي البحث عن االشكاالت االولية لهذه المعارف وتتبع
تطورها من المستوى الذي يليه الى ان تصل الى المستوى الذي اصبحت عليه ,وبلوغ هذا المقصد ينبغي أن تعتمد المنهج المالئم لدراسة النشأة و التكوين
وهو ( المنهج التكويني) .ونجده يعرف االبيستمولوجيا التكوينية في كتابه المعنون باالبيستمولوجيا التكوينية بوصفها "دراسة المعرفة بوصفها محاولة
لتوضيح المعرفة العلمية استنادا الى تاريخها و الى تكوينها االجتماعي و الى االصول السيكولوجية لألفكار و العمليات التي تعتمد عليها بصفة خاصة ,ومن
ثم فإن بياجيه عندما اراد أن يدرس تطور التفكير عند األطفال فقد ربطه بتطور المعرفة االنسانية منذ والدة البشر فالتفكير الفردي يأخذ نفس المسار الذي
".اتخذه التفكير االنساني عبر العصور
إذان فاالبيستمولوجيا التكوينية تستلزم النظر في المعرفة من زاوية تطورها في الزمان اي بوصفها عملية تطور ونمو متصلة يستعصى فيها بلوغ بدايتها
األولى أو نهايتها األخيرة وبعبارة اخرى البد من النظر الى المعرفة ,أي المعرفة من الناحية المنهجية بوصفها نتيجة لمعرفة سابقة بالنسبة الى معرفة أكثر
تقدما " .فعلم االبيستمولوجيا التكوينية يهتم بدراسة تطور المعرفة و المنطق عند الطفل .وبدراسة االنباءات الذهنية الديناميكية والتي تنمو و تتكامل عبر
مراحل زمنية .فيحاول بياجيه أن يتتبع المراحل المختلفة لنمو المعرفة أو الذكاء انطالقا من األشكال المعرفية البسيطة الى األشكال العليا المتكاملة منقبا عن
جدور تلك المعرفة معتمدا في ابحاثه " الطريقة العيادية" وهي تعتمد بدورها على المالحظة و المقابلة المباشرة بحيث تراعي فيها العقوبة في سلوك الطفل و
"تصرفاته
ا
ان مسألة االبيستمولوجية التكوينية هي مسألة نمو المعارف عند الطفل كما عند الراشد ألنها تعني االنتقال من معرفة فقيرة أو أقل صدقا الى
.معرفة أكثر غنى ,لذلك ارتأى بياجي أنه لمعرفة كيفية اكتساب االنسان للمعرفة وكيفية نموها ينبغي تتبع النمو المعرفي لألطفال منذ ميالدهم
:لذلك نجد بياجي يقسم ابستمولوجية التكوينية الى فرعين
الفر • يبحث في مبادئ العلوم ويهدف الى تقويمها بغية تفسير التطور الفكري لإلنسان وصوال
ع الى وضع رؤيا مستقبلية لهذا التطور الذي يهدف الى تفسير الظواهر المعرفية.
األو
ل
الفر • يبحث في تطور المعارف عند اإلنسان الفرد منذ الوالدة وحتى بلوغه سن الرشد ويهدف
ع الى تحليل كيفية توصل الطفل الى المعرفة وتفسير عملية التطور الفكري.
الثان
ي
وعليه فإن بياجيه يرى أنه يجب االستفادة من المعطيات السيكولوجية بوصفها عامال
مساعدا إذا ما أردنا أن نفكر في طبيعة المعرفة أو هي أمر ال غنى عنه ,فالواقع أن جميع
االبيستمولوجين يشيرون الى العوامل السيكولوجية في تحليالتهم ,ولكن القسم األعظم من
استشهاداتهم بعلم النفس فهو يقرر ان المبدأ األول الذي تأخذ به االبيستمولوجية التكوينية هو
أن نتعامل مع السيكولوجية تعمال جذريا و يعني هذا أنه عندما تعترضنا مسألة خاصة بواقعة
.سيكولوجية ,فأول ما ينبغي اللجوء اليه هو البحث السيكولوجي
:خالصة
وفي األخير نخلص الى ان علم االجتماع المعرفي يشكل تقاطعا بين
السوسيولوجيا و االبيستمولوجيا في افق مساءلة علمية علم االجتماع ,وكذلك
يمكننا القول بأن االبيستمولوجيا التكوينية تدرس المعارف العلمية باالعتماد
على تاريخها و نشاطها الحالي في علم معين ,ومن جهة اخرى على مظهرها
.المنطقي وعلى تشكيلها النفسي التكويني
:المراجع
فولغين ،فلسفة األنوار ،دار الطليعة،بيروت.1981،
-أحمد اوزي وآخرون،ا لمعجم الفلسفي ،مطبعة النجاح الجديدة.2018،
-عنصر العياشي ،نحو علم اجتماع نقدي :دراسات نظرية وتطبيقية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،ط ،2الجزائر. 2003،
-كارل مانهايم ،األيديولوجيا واليوتوبيا مقدمة الى سوسيولوجيا المعرفة ،ترجمة محمد رجا الديريني ،شركة المكتبات الكويتية ،اكتوبر
.1980
-ناصر معارف ،ابستمولوجية علم االجتماع المعرفي عند كارل مانهايم ،قسم الفلسفة جامعة قسنطينة ،2العدد .2017،13
-اميل دوركايم ،قواعد المنهج في علم اإلجتماع ،ترجمة محمد قاسم والسيد حمود بدويدار المعرفة الجامعة،االسكتدرية.1988،
Jean lardriere la dynamique de la recherche dans les sciences
Émile Durkheim les règles de la méthodologie sociologique seizième édition
أوزي أحمد باعدي الحسين أوالد الفقيهي عبد الواحد ،المعجم الفلسفي ،السحب مطبعة النجاح الجديدة،
الالند أندري ،معجم الفلسفة ،مطبعة فليكس ألكان ،باريس1932
تمحري عبد الرحيم ،علم النفس مدخل ابستمولوجي ،كلية اآلداب و العلوم اإلنسانية تطوان
لعجال سعيدة .االبيستمولوجيا من منظور تكويني .االبيستمولوجيا التكوينية لجون بياجيه أنموذجا .مجلة تاريخ العلوم .العدد العاشر.
ديسمبر 2017
بياجيه جان .االبيستمولوجية التكوينية .دار التكوين .بيروت 2004